#26
| ||
| ||
باعتبار أن العبودية وصفُ العبد، حيثُ إنه يجبُ عليه أن يعبد الله مخلصًا في ذلك؛ لحاجته إلى ربه وفقره إليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ( واعلم أن فقر العبد إلى الله: أن يعبده لا يُشرك به شيئًا، ليس له نظير فيُقاسُ به؛ لكن يُشبه من بعض الوجوه حاجة الجسد إلى الطعام والشراب، وبينهما فروق كثيرة؛ فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، وهي لا صلاحَ لها إلا بإلهها الله الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره. ولو حَصَلَ للعبد لذّات وسرور بغير الله، فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوعٍ إلى نوعٍ، ومن شخص إلى شخص، وأما إلهه فلابد له منه في كل حال، وكل وقت وأينما كان فهو معه ) . وكان هذا النوع من التوحيد هو موضوع دعوة الرسل؛ لأنه الأساسُ الذي تُبنى عليه جميع الأعمال، وبدون تحققه لا تصحُّ جميعُ الأعمال: فإنه إذا لم يتحقق؛ حصل ضده، وهو الشركُ، وقد قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } [النساء/48/ 116]، وقال تعالى: { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [الأنعام/88]، وقال تعالى: { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر/65]. ولأن هذا النوع من التوحيد؛ هو أول الحقوق الواجبة على العبد، كما قال تعالى: { وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [النساء/36] الآية، وقال تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [الإسراء/23] الآية، وقال تعالى: { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [الأنعام/151-153] الآيات.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#27
| ||
| ||
الفصل الثاني: في بيان معنى الشَّهادتين وما وقعَ فيهما من الخطأ وأركانهما وشروطهما ومقتضاهما ونواقضهما أولًا: معنى الشَّهادتين معنى شهادة أن لا إله إلا الله: الاعتقاد والإقرار، أنه لا يستحقُّ العبادةَ إلا الله، والتزام ذلك والعمل به، ( فلا إله ) نفي لاستحقاق من سوى الله للعبادة كائنًا من كان ( إلا الله ) إثباتٌ لاستحقاق الله وحده للعبادة، ومعنى هذه الكلمة إجمالًا: لا معبودَ بحقٍّ إلا الله. وخبر (لا) يجب تقديره: (بحقٍّ) ولا يجوزُ تقديره بموجود؛ لأنّ هذا خلافُ الواقع، فالمعبوداتُ غيرُ الله موجودة بكثرة؛ فيلزم منه أن عبادة هذه الأشياء عبادة لله، وهذا من أبطل الباطل وهو مذهب أهل وحدة الوجود الذين هم أكفر أهل الأرض. وقد فُسّرتْ هذه الكلمةُ بتفسيرات باطلة منها: ( أ ) أن معناه: لا معبودَ إلا الله. وهذا باطلٌ؛ لأن معناه: أن كل معبود بحقّ أو باطل هو الله، كما سبق بيانه قريبًا. ( ب ) أن معناها: لا خالقَ إلا الله. وهذا جزء من معنى هذه الكلمة؛ ولكن ليس هو المقصود؛ لأنه لا يثبت إلا توحيد الربوبية، وهو لا يكفي وهو توحيد المشركين. (جـ) أن معناها: لا حاكميّةَ إلا لله، وهذا أيضًا جزء من معناها، وليس هو المقصود؛ لأنه لا يكفي، لأنه لو أفرد الله بالحاكمية فقط ودعا غير الله أو صرف له شيئًا من العبادة لم يكن موحدًا، وكل هذه تفاسير باطلة أو ناقصة؛ وإنما نبهنا عليها لأنها توجد في بعض الكتب المتداولة. والتفسيرُ الصحيح لهذه الكلمة عند السلف والمحققين: أن يُقالَ: ( لا معبود بحق إلا الله ) كما سبق. 2 ـ ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله: هو الاعتراف باطنًا وظاهرًا أنه عبد الله ورسوله إلى الناس كافة، والعمل بمقتضى ذلك من طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يُعبدَ الله إلا بما شرع.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#28
| ||
| ||
ثانيًا: أركان الشهادتين أ ـ لا إله إلا الله: لها ركنان هما: النفي والإثبات: فالركن الأول: النفي: لا إله: يُبطل الشرك بجميع أنواعه، ويُوجب الكُفرَ بكل ما يعبد من دون الله. والركن الثاني: الإثباتُ: إلا الله: يثبت أنه لا يستحق العبادة إلا الله، ويُوجب العمل بذلك. وقد جاء معنى هذين الركنين في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى: { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ } [البقرة/256]. فقوله: ( من يكفر بالطاغوت ) هو معنى الركن الأول (لا إله) وقوله: ( ويؤمن بالله ) هو معنى الركن الثاني (إلا الله). وكذلك قولُهُ عن إبراهيمَ عليه السلام: { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي } [الزخرف/26، 27]. فقوله: ( إنني براء ) هو معنى النفي في الركن الأول، وقوله: ( إلا الذي فطرني ) هو معنى الإثبات في الركن الثاني. أركان شهادة أن محمدًا رسول الله: لها ركنان هما قولنا: عبدُه ورسوله، وهما ينفيان الإفراطَ والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم فهو عبده ورسوله، وهو أكمل الخلق في هاتين الصفتين الشريفتين، ومعنى العبد هنا: المملوك العابد، أي: أنه بشرٌ مخلوق مما خُلق منه البشر؛ يجري عليه ما يجري عليهم، كما قال تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} [الكهف/110]، وقد وَفَّى صلى الله عليه وسلم العبوديّة حقَّها، ومدحه الله بذلك، قال تعالى: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر/36]، { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ } [الكهف/1]، { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [الإسراء/1]. ومعنى الرسول: المبعوث إلى الناس كافة بالدعوة إلى الله بشيرًا ونذيرًا. وفي الشهادة له بهاتين الصفتين: نفي للإفراط والتفريط في حقه صلى الله عليه وسلم، فإن كثيرًا ممن يدعي أنه من أمته أفرط في حقه، وغلا فيه؛ حتى رفعه فوق مرتبة العبودية إلى مرتبة العبادة له من دون الله؛ فاستغاث به من دون الله، وطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله؛ من قضاء الحاجات وتفريج الكربات. والبعض الآخر جحد رسالته أو فرط في متابعته، واعتمد على الآراء والأقوال المخالفة لما جاء به؛ وتعسَّفَ في تأويل أخباره وأحكامه.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#29
| ||
| ||
ثالثًا: شروط الشهادتين أ ـ شروط لا إله إلا الله لابد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها؛ وهي على سبيل الإجمال: الأول: العلم المنافي للجهل. الثاني: اليقين المنافي للشك. الثالث: القبول المنافي للرد. الرابع: الانقيادُ المنافي للترك. الخامس: الإخلاص المنافي للشرك. السادس: الصدق المنافي للكذب. السابع: المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء.
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ فإن مهمة الرماة الذين يحفظون ظهور المسلمين لم تنته بعد..!! طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله، طوبى للقابضين على الجمر، كلما وهنوا قليلاً تعزوا بصوت النبيِّ صل الله عليه وسلم ينادي فيهم: " لا تبرحوا أماكنكم " ! |
#30
| ||
| ||
نصر رسول الامه الاسلاميه
شكرا جزيرا لكم موضوع في غايه الجمال
|
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
حكمة اليوم"للاخ mohamed_atri ""متجدد" | مؤمن الرشيدي | نور الإسلام - | 76 | 04-03-2014 12:51 AM |
ضع نهاية لكل مشكلة : نقاش عن المشكلات في حياتنا ""متجدد"" | ρяίиĉєśś | الحياة الأسرية | 46 | 12-10-2013 12:55 PM |
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" | mody2trade | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 2 | 05-14-2008 02:37 PM |