07-26-2014, 05:20 PM
|
|
البــــارت الأول لم يرق لها يومًا حديث النساء ، والآن هي جالسة في صدر الطاولة تتناول بوظة " الكروكان " التي لم تحبذها يومًا ، ولكن مارثــا قد أجبرتها على التناول لكونها ألذ شيء يمكن للمرء أن يتذوقه
ـ ليلة أمس عاد زوجي في الثانية صباحًا و رائحته تفوح شراب وسجائر
ـ وما الذي يقلق بهذا الأمر ؟
ـ زوجي لا يدخن وهو ملتزم ولا يشرب إلا في المناسبات التي تلحّ بالشرب !
كان شعرهــا الأشقر المصبوغ أقرب من الخيال للعبة تملكها طفلة في الطاولة المقابلة و عيناها قد غطست في بحر من السواد لجعلهم يبرزون مع ذلك لا يمكن الإنكار بأنها تحاول العودة لشبابها الذي قد ولّ منذ عشرين سنة من الآن
ـ أنابيل يكفِ نظرًا للهاتف !
همست مارثــا لأنابيل وقد قرصت فخذها ليجلب لها الألم ، غير كونها الفتاة الوحيدة التي لم تتخط العشرين في الطاولة ولم يكن لها رأي في القدوم إلا أنها مظلومة إن لم تستخدم الهاتف لترفيه ذاتها
ـ أريد العودة للمنزل
همست أنابيل بطريقة لم تتحرك شفتاها بتاتًا
ـ عشر دقائق
اصطنعت مارثا الابتسامة و أنابيل حركت عيناها بكل ملل تُبحر ناظرتًا في طاولات المقهى ، أصدقاء وعشاق و عائلات و مجددًا أصدقاء إلا هي جالسة مع مسنين ...
رُجَّ هاتفها الذي وضع على الطاولة وباغتت بيأس لرّد ، حتى وإن كان المرسل شركة الاتصالات التافهة
فتحت الهاتف وضغطت على الرسالة التي لفت ناظرها العنوان " أرجو الرد ! "
لقد زاد فضولها لكون الرسالة مبعوثة من البريد الإلكتروني ، ضغطت على الزر لتقرأ المحتوى لامحتًا أول ثلاث كلمات قبل أن تسحب مارثا الهاتف من يدهــا
ـ يكفي عنادًا وتناولي البوظة هيــا !
ألّحت مارثا على أنابيل واضعتًا الهاتف في حقيبتها ، مع كون ما فعلته مارثا يعد وقحًا ومنحط إلا أن بالها
قد شُغِل بتلك الكلمات الثلاث ( عزيزي أيًا كنت ... ) ...
بعد أن حوطت الفتاة ذراعيها على وِسط الشاب وسحبه ، وقع كلاهم على الجسر ...
أتسائل لما هذا الجسر لم يمّرَّ به أي عربة نقل ؟ و ربما الجواب هو أن هذه المنطة تخلو من الحياة الإنسانية التي تبعد عنهــا عشرون كيلو متر ، إلا أن ما فعلته تلك الفتاة من سحب لشاب من موته قد جعل جسدها الضئيل يتألم بشدة يعد عملًا بطوليًا
ـ أنت تستحق أفضل من هذا
عيناها الخضراء قد رفرفت بألم تحاول أن ترى وجه اليائس الذي تخلى عن حياته بسهولة ، كما لو أنها قصة خيال ، ( لا يعقل أنِ أنقذت فتًا أشبه بعارضين الأزياء والممثلين ؟ ) كل ما يحوم في بالها الآن هو ذلك السؤال ، ساعد الشاب هذه الفتاة على الوقوف بعد اصطدامهم المؤلم بالجسر
ـ من أنتِ ؟
نظر لها بفضول ، بتشوق وأدرانيلين يسير في عروقه كما لو أنه وجد شيء يثير حماسه من جديد فالغنــاء أصبح مملًا بعد كونه إجبار
ـ لا تشغل بالك في هويتي ، هل أنتِ بخير ؟
كم آلم ذلك السؤال ضميره لمعرفة أنهــا من تلقَ الجزء الأكبر من الاصطدام وكم كان غبيًا بعدم مبادرته بسؤاله عن حالها في البداية ، بل قال "من أنتِ ؟ " يال غبائك ، كان يردد في عقله
طأطأ الشاب رأسه بهدوء ومازال يريد أن يعرف لمــــا هي ؟ لما لم يكن أحد أصدقائه ؟ لما فتاة غريبة من اللامكان قد أتت لتنقذ حياته البائسة هذه
ـ عذرًا على الجلبة التي أحدثتها لكِ
تأسف ، هذا هو الصواب في الموقف هذا ، شعر بالارتياح هذه المرة ، ابتسمت ذات الشعر الاصهب تنظر له بكل براءة
ـ لا داعٍ للإعتذار
ابتسم برقة لردهــا ، لم يلقَ بفتاة مثلها منذ مدة ، ثلاث أم أربع سنوات ؟ لم يعد يتذكر حتى
ـ هيا دعني أُجلب لك سيارة أجرة
ربتت على ظهره وأخذته من الذراع مع كونها خجولة ومنطوية إلا أن فِكرها منطقي
( سنفترق الآن، كلٌ منّا له حياة ولن نصطدم ببعض من جديد ) لذا شعرت بالحماس معه فلن ترى شابًا وسيم مثله في حياتها من جديد
ـ هيــا مضى نصف ساعة ونحن نمشي أخبريني من أنتِ ؟
مع محاولاته الفاشلة بكبت فضوله إلا أنها كانت في قمة الهدوء ولم تحادث بشيء طوال الطريق ربما فقدت الحماس لكونها تعرف ماذا سيحدث بعد أن توقف سيارة الأجرة لشاب
ـ لا يوجد داعٍ لذلك فلن نتقابل من جديد
أفلتت ذراعه وقد ناظرته بهدوء شعره الأسود وعيناه الزرقــاء ، كيف لها أن تكون محظوظة لتلقى شاب مثله ؟
ـ لكنِ أريد رؤيتك أريد مقابلتك !
ألح ينظر لها بجدية ، هل يمزح هذا الشاب ؟ لما أنــا لما أنا الضئلة الصهباء أنابيل يريد أن يصادقني ؟
كل ما مرّ بخاطرها من أفكار وهواجس ، هزت رأسها بنفي وإن حدث الأمر سيكون أشبه بالخيال
ـ آسف ، إن الأمور لا تسري على هذا المنوال هناك قوانين للحياة ففتيات مثلي لا يحصلون على فتيان مثلك؟
أوقفت سيارة أجرة قد مرت من جانبهم وهو لم يفهم كلماتها تلك لم يقتنع بما قالها : فتيات مثلها ؟ ماذا تعني بهذا الكلام الأخرق ؟
ـ لما تذمّين ذاتك ؟
ـ أنــا لا أذمّ ، لكن الأمور هكذا وإن انحرفت فلن تصبح هذه حياة ستكون أشبه بحلم
تفهم الشاب قولها ، تفهم أنها تظن بأن مستواها أقل من مستواه وأنها لا تتصور نفسها مع شاب مثله أيقن هو أن الأمر لن يكون واقعي إن أصبح كلاهما أصدقاء كيف سيفسر للآخرين كيف التقيا ؟
( آه نعم كنت أريد الأنتحار ولكنها أنقذتني ) لا يبدو وَقْعُها بهذا الجمال
ـ لمعلوماتك ، يومــا كنت مثلك ولكن شخصًا جعلني هكذا إعلمي أن شخصًا سيجعلكي مثلي وحينها يمكننا أن نكون أصدقاء
قبّل جبينهــا برقة وابتسم قبل أن يدخل سيارة الأجرة .
عجبًا للمرء ! يفلت حبل حياته بسهولة ومن ثم يتشبث بها لأتفه الأسباب ...
ولكن أتفه الأسباب هي من تجعلنا نحن ! الأسئلة
1. هل يمكنك توقع شخصية انابيل
2. لما اراد الشاب الانتحار ؟
3. ما رايك بمارثــا ؟
4. هل حبكة القصة جميلة ؟
5. آراء /انتقادات ؟ |
__________________
[IMG]file:///C:/Users/user/Pictures/Rula/Images/one.gif[/IMG] |