09-11-2014, 05:25 PM
|
|
الفصل العاشر<>
أستيقظ مارتن مبكراً على الرغم من نومه في وقت متأخر وجلس يتناول إفطاره وإذا بهاتفه الخلوي يرن كان المتصل صديقة الدكتور إيريك
" أهلا بك دكتور إيريك صباح الخير"
"صباح الخير يا مارتن كيف حالك يا صديقي لم اعد أراك كثيراً أين اختفيت؟"
ضحك مارتن وقال
" هربت منك خوفاً من أن تعطيني حقنة من حقنك القاتلة أنت و زوجتك و أنا أريد الحياة لدي أعمال يجب أن أنهيها"
" لا تخف لن أفقدك الحياة وأنت أعزب دهر"
" هذا كرم منك"
" أسمعني يا صديقي أنا في حاجة إليك و أريد مساعدتك "
"تفضل "
" زوجتي سافرت مع فريق طبي إلى أمريكا وأنا سأقوم بعمليه جراحية لأحد المرضى في الساعة الثامنة وبعدها سأسافر لأنظم إليهم وسأعود بعد ثلاثة أيام أو قد يطول الأمر إلى أسبوع و أريد أن اترك أبني تيمي معك إن كنت تستطيع فلا يمكنني أخذه معي "
"لا مشكلة سأصنع معروفاً لمريضك الذي ستجري له العملية حتى لا يقتله أبنك"
ضحك صديقه وقال
" أنك ترى كل عائلتي قتله "
"يقال ثلثا الولد لخله ومن شابه أباه فما ظلم فماذا تتوقع أن أرى أبنك غير مدمر"
"شكراً لك يا مارتن لن أنسى هذا لك أنت صديق مخلص "
" سأحضر إلى منزلك في السابعة لأخذ تيمي هل يناسبك هذا؟
" تماما . إذا اتفقنا إلى اللقاء "
"إلى اللقاء"
نظر مارتن إلى ساعته بقي أمامه ساعة من الوقت ليأخذ ابن صديقه فجلس يقلب أوراق الصحيفة أما كاثرن التي لم تستطع النوم إلا قبيل الفجر بسبب ذهنها المشغول بوالديها كثيراً وفي السر الذي يخفيه مارتن عنها فلم تستيقظ إلا بعد مضى وقت طويل. أنطلق صوت المنبه منذر لها أنها التاسعة صباحاً تذكرت أن لديها اجتماع مع الموظفين بعد نصف ساعة لبست ملابس رسمية للعمل ورتبت شعرها بعد ذلك تناولت إفطارها بسرعة ثم طلبت سيارة أجرة وذهبت إلى الشركة انتظرت حتى أكتمل عدد الموظفين وقبل أن تدخل طلبت من السكرتيرة أن تتدبر أمر أصلاح عجلت السيارة وأن يحضروها إلى الشركة لتستخدمها في العودة إلى المنزل ثم دخلت غرفة الاجتماع لتبدأ أول يوم في العمل.
أخذ مارتن تيمي الذي عمره خمس سنوات وجلس يلهو معه في الهايدبارك ثم نظر إلى ساعته
" إنها العاشرة والنصف هيا يا تيمي يجب أن اذهب إلى كاثرى "
" أرجوك يا عم مارتن دعنا نلعب معاً"
" ليس ألان لدي موعد مهم "
" إذاً خذني معك"
" هذا بديهي وأين سأبقيك فلا مربية لدي في المنزل ولا خادمة حتى تهتم بك "
" أين سنذهب؟"
" ستعرف في الطريق يا صغيري "
ركب مارتن وتيمي السيارة و اتجها إلى شركة السيد ألبرت أوقف السيارة في الكراج وقبل أن ينزل قال
"تيمي سوف ندخل إلى الشركة وليس منتزه لا للكلام لا للأسئلة ولا لركض في الممرات هذا مكان عمل واضح"
" واضح عم مارتن"
نزل مارتن وهو ممسك بيد تيمي حتى لا يفلت منه ثم دخلا إلى المصعد وطلب تيمي أن يضغط هو الزر ومارتن يأمره أن يخفض صوته ولكن لا فأده تيمي يقفز ويضحك وكأنه في مدينه الألعاب ومارتن لا يريد أن يقسو عليه لأنه لا يزال طفلاً ويعامله بحنان أبوي. طلبوا الطابق الرابع الذي فيه مكتب مدير الشركة . ازدحم المصعد بالناس وهذا ما جعل مارتن يكون في داخل المصعد وعندما فتح باب المصعد في الطابق الثالث أفلت تيمي يده من يد مارتن وأنطلق بين أرجل الناس وخرج من المصعد أراد مارتن اللحاق به لكن الزحام منعه وأغلق باب المصعد متجه إلى الطابق الرابع .سأل مارتن الله إلا يفعل تيمي شيء غبي من مشاكساته. تيمي الصغير أخذ يلهو في الممرات حتى وصل إلى غرفة الاجتماعات لم تره الموظفة الجالسة على مكتبها لتحرس الباب لأنها تنظر إلى نفسها في المرأة وتعدل ماكياجها إضافة إلى أن تيمي طفل وليس طويل. فتح الباب ودخل غرفة الاجتماع و كاثرن تلقي أوامرها الأخيرة على الموظفين رؤساء الأقسام ولم ينتبه أحد منهم إلى الطفل الذي تسلل تحت الطاولة وحبا على ركبتيه إلى أن وصل إلى قدم كاثرن نظر إلى حذائها الأسود اللامع وظهر في رأسه الغريب فكرة مجنونة. صرخ بصوت مرتفع وهو يخرج لها من تحت الطاولة ارتعدت كاثرن قليلاً وحمدت الله أنها لم تصرخ فتفقد شخصيتها المهيبة أما الموظفين نظرت إلى طفل أشقر الشعر أبيض البشرة بعينين زرقاوان وهو يضحك لها بشفتين محمرتين .أمسكت الطفل من يده ونظرت للذين معها وقالت
"ولد من هذا هل يعرفه أحد منكم ؟ "
لم تلقى جواباً من الموجودين وأخبرتهم أن اصطحاب الأطفال إلى الشركة ممنوع دون إذن مسبق منها وحاولت إنهاء الاجتماع بسرعة حتى تنظر في أمر الصبي.أما مارتن فكان قد نزل وبحث في كل مكان فلم يجده ورأى غرفة الاجتماع مفتوحة قليلاً والمرأة مشغولة بزينة شعرها أحس مارتن أنه سيجد ضالته هناك اتجه إلى الباب فقامت الموظفة تمنعه من الدخول
" أرجوك يا سيدي ممنوع الدخول إنها غرفة اجتماع"
"أسمحي لي هناك طفل في الداخل وسيثير الكثير من المتاعب"
"لا أستطيع الآنسة ألبرت أعطتني أوامرها أن لا يدخل أحد أي كان وسأعاقب أن تركتك تتدخل "
كان مارتن يكلم الموظفة و خلف ظهره الباب لم تنتبه كاثرن له عندما خرجت ممسكة بيد الصغير وذهبت إلى مكتبها ولم ينتبه مارتن و لا الموظفة لهما
" أسمعيني يا آنسة لن تعاقبك الآنسة ألبرت أن دخلت فانا صديق لها "
"أرجوك يا سيدي ..."
انتبهت الموظفة أن الاجتماع انتهى فقالت أنه يمكنه الدخول ألان دخل مارتن وأخذ يبحث في داخل الغرفة أما الموظفة فقد استدعتها كاثرن إلى مكتبها لتناقشها في إهمالها لم يجد مارتن تيمي وأسرع إلى مكتب كاثرن .
"قلت لكي ألا يدخل أحد إلى الاجتماع أين كنت عندما دخل هذا الطفل؟"
"آنستي لقد كنت في مكتبي لكنى لم أنتبه "
"خذي الصبي و أعرفي من أتى به إلى الشركة ودعية يأتي إلي حالاً "
"حاضر آنسة ألبرت"
أرادت الموظفة أخذ تيمي لكنها لم تجده وسألت كاثرن عنه نظرت كاثرن حولها وقالت
"قبل قليل كان هنا أين اختفى؟"
بحثت كاثرن تحت المكتب الفخم الكبير وخلف الستائر والموظفة تبحث عند مكتبة الكتب وخلف أشجار الزينة .أثناء ذلك طلب مارتن من السكرتيرة كيم أن تخبر الآنسة ألبرت بقدومه طرقة كيم الباب بلطف ثم دخلت لترى رئيستها تبحث و توبخ الموظفة أرادت أن تخبرها أن السيد روبرتسون هنا ويريد مقابلتها لكن كاثرن كانت غاضبة بسبب الطفل فأوقفتها عن الكلام وأمرتها أن تغلق الباب وتبحث معهما أتهجت كيم لتغلق الباب لكن مارتن كاد ينفذ صبره لفقده أبن صديقه فدخل ونظر إلى كاثرن وبجنبها الموظفة وهو يقول
"مرحبا كاثرى أتيت ..."
رفعت يدها في الهواء بعصبيه وقالت
"أهلا مارتن ليس الآن لدي مشكلة "
كانت كيم تقف خلف مارتن و الموظفة الأخرى تقف بجانب كاثرن أمام مارتن وخلفهما المكتب أرادت أن تتكلم وتقول أن هذا الرجل والد الصبي لكن تيمي خرج من خلفهما وهما تنظران إلى مارتن وأمسك بجاكت كاثرن الأسود وشده صارخاً بقوة ارتعدت كاثرن هذه المرة بوضوح كما تفاجأ جميع من كان في المكتب وأسرع تيمي إلى مارتن وأحتضن ساقه الطويلة وهو يصيح بمرح
"عم مارتن"
أرخى مارتن يديه على الصبي ونظر إلى كاثرن ليبحث عن عذر و عندما رأت كاثرن هذا اتكأت بمؤخرتها على المكتب الذي خلفها وقد قطبت جبينها عاقدة يديها على صدرها وقالت
" هل تعرف هذا الصبي يا مارتن؟ "
" آه أجل أنا أسف على كل الإزعاج الذي سببه تيمي"
ثم دفع رأس الصغير بلطف وقال
"هيا أعتذر للآنسة ألبرت"
ضحك الصغير بطفولة ضحكة جميلة دعت كاثرن إلى الضحك وهو يقول
"أنا أسف آنسة ألبرت"
"أنت مدين لي بتفسير لما حدث"
أمرت كاثرن السكرتيرة كيم والمرأة الأخرى بالانصراف بعد أن نبهت الأخيرة أن الموضوع لم ينتهي بعد و بقيت مع مارتن تسأله عن أمر تيمي فأخبرها انه أبن صديقه الذي سافر إلى أمريكا في عمل ,سألته كيف سيتدبر أمر تيمي فأجاب وهو يجلس على المقعد الجلدي الفاخر مقرباً تيمي منه
" الحقيقة أني لا أعلم ولابد أن أدير أعمال شركتي وتيمي طفل صغير لا يمكنني تركه لوحده وكما رأيت فهو كثر الحركة ويثير المتاعب "
" لا أعلم ولكن أن أردت مساعدتي فأنا مستعدة "
" لديك ما يكفيك كيف كان الاجتماع أتمنى أنه لم يفسده؟"
" أتعرف كنت فعلاً غاضبة من تصرفه عند دخوله الاجتماع و الفوضى التي صنعها في مكتبي لكن ما أن تنظر إلى عيني طفل جميلتين مثلهما حتى ترى الأمل الذي كدنا نفقده "
ألآمل هذا فعلا ما تحتاج أليه فهي تترقب المساء بفارغ الصبر قام مارتن من مكانه وأخذ ورقة من المكتب وقلم وأعطها إلى تيمي ليرسم ثم التفت لها وهي تتجه لتجلس على الكرسي الضخم خلف المكتب وقال
"حسناً لنبدأ العمل "
أزاحت شعرها الأحمر على جانب من رأسها لتخفي ارتجاف يديها و تبدو طبيعية بينما هو يجلس على حافة المكتب مقابل لها وهي تراقبه شعره الطويل الذي لم يقص و ذقنه الغير محلوق وتولد لديها رغبة بأن تمد يدها إلى ذقنه لكنها عنفت نفسها بشده لانجذابها إلى رجل لا يحبها علاوة على أنه يراها متحررة طلبت منه أن يبدأ العمل فبدأ يشرح لها كل ورقة وطريقة العمل وأثناء عرضه لأحدى المسائل لاحظ أنها عقدة حاجبيها بشده وهي تحاول أن تفهم ما أمامها ولم تستطع أن تسأله فهي تتحاشى النظر إلى العينين الرماديتين فقال لها
"ما بك؟ "
رفعت بصرها إليه كان عاقداً حاجبيه وينظر لها بعينين مبتسمتين وفيهما تعبير ناعم وعلى فمه تكشيرة صغيرة جميل تدل على تعاطفه لم تعرف بماذا تجيبه فاعتقد أنها خجلى من أن تقول أنها لم تفهم فتمتم بحنان
"لم تفهمي أليس كذلك؟ "
"آه..أجل"
"لا بائس يمكنني أن أعيد بوضوح أكثر"
وانتبه مارتن إلى جديتها وقوة شخصيتها وذكائها واستيعابها للأمور بسرعة لكنه لم يلاحظ توترها من قربه منها عندما كان يحني رأسه و يتكلم وأنفاسه الدافئة تصطدم بوجنتيها لينظر إلى ورقة سألته عنها وعطره الرجالي ملئ رئتيها مضى عليهما وقت طويل حتى انتهوا من معظم الأوراق.
يا لها من كارثة إن كانت ستعاني كل يوم من وجود مارتن بهذا القرب هي لا تنكر انه كان في غاية اللطف معها لكن عليها أن لا تنسى أنه اخبرها أن لطفه هذا يعود إلى اهتمامه بوالدها وليس بها عليها أن لا تسمح لنفسها بالانجراف مع هذه المشاعر المجنونة فهي ليست مراهقة لابد أن تكافح لتحافظ على ما بقى لها من كرامه عليها أن تعالج قلبها من مرض حبه قبل أن يهلكها قطع عليها أفكارها مارتن وهو يتأمل وجهها المرهق
" هل أنت بخير؟"
يا له من رجل يسأل بكل بساطة ولا يعلم انه سبب متاعبها تمنت لو أنها لم تلتقي به أبداً فحياتها الهادئة انقلبت إلى بحر هادر وسيل جارف من المشاعر المتلاطمة قالت له بتكاسل وهي تقاوم الإرهاق الجسدي والذهني
"أجل شكراً على مساعدتك"
"كان هذا من دواعي سروري"
نظر إلى ساعته أنه وقت الغداء لموظفين الشركة انتبهت إليه فأسأت فهمه وبادرت تقول
"أنا آسفة لقد عطلت أعمالك على ما يبدو؟"
"لا أبداً كنت أفكر إذا كنا نستطيع تناول الغداء في مطعم قريب من هنا "
قالت وهي تفتح أحد المجلدات الضخمة على سطح المكتب
"أنا آسفة حقاً يجب أن أعيد الاطلاع على الملفات ومحاولة رسم خطة للشركة"
لكنه لم يتركها وشانها بل مد يده و أغلق المجلد وألح عليها أن ترافقه هو و تيمي للغداء
"قلت لك أني لا استطيع"
"كما لن تستطيعي مواصلة العمل اليوم أنت مجهدة جداً وهذا واضح على وجهكِ وعينيك يبدو انك لم تنامي الليلة الماضية أليس كذلك؟"
لا تعرف متى فقدت كاثرن جميع أسلحتها وقالت بعفوية
"لم أستطع النوم كنت أفكر بما ستخبرني به هذا المساء فلا تنسى الموعد"
"أنا لم أنسى ولست بحاجة إلى تذكيري هيا لنتناول الغداء معاً فالعمل لن يتضرر حتى لو تركته إلى الغد "
"أنت لم تستسلم بعد؟ "
أقترب منها وغرق في عينيها لثواني ثم قال بهدوء
"أنت تعرفين أن هذا ليس من طبعي"
"اجل اعرف هذا "
"هيا سيكون مفيد لكي فنجان قهوة لذيذ مع وجبة مغذية"
"وأنا أصر على موقفي"
"أذاً سأطلب الغداء هنا و نأكل سوياً"
ومد يده ليطلب من السكرتيرة كيم إحضار وجبة لهما لكن كاثرن لا تحب مثل هذه الفوضى فالمكتب ليس مكان للأكل فقالت
"اعتقد أني سأقبل بما عرضته أولاً "
أبتسم وقال
"شكراً لكي هذا شرف لي"
أخيراً وقف و أبتعد عنها كان تيمي المسكين غارق في الأريكة الجلدية الفخمة يغط في نوم عميق تاركاً رسمه الطفولي البريء على الطاولة الزجاجية لاشك في أنه تعب من جو العمل الممل كما تعبت هي مد مارتن يده القوية إلى وجه الصبي الناعم وأيقظه بلمسة لطيفة وصوت رقيق جعل كاثرن تشك إن كان قلب مارتن يحمل مثل هذه المشاعر الأبوية .خرجت كاثرن قبل مارتن من الغرفة لتتأكد من السكرتيرة أنها اهتمت بوصول سيارتها وطمأنتها كيم أن سيارتها تنتظرها في الكراج . دخلوا إلى المصعد ونزلوا إلى الطابق الرضي ثم اتجهوا إلى الكراج عرض عليها مارتن أن تركب معه في سيارته لكنها أصرت على قيادة سيارتها واللحاق بهما .
توقفوا عند أحد المطاعم القريبة من الشركة مشى مارتن بجانبها وهو ممسك بيد تيمي ولم يزل يحدق في وجنتيها الناعمتين وأنفها المستقيم ثم أنتقل إلى فمها الصغير الممتلئ ثم إلى شعرها الأحمر الملتهب و إلى الجاكت الرسمي الأسود و بنطالها الذي لا يوضح شيء من ساقيها إلا إنهما طويلتان .أدخلت مفاتيحها في حقيبتها و دخلوا إلى المطعم.اتجهوا إلي طاوله قريب من النافذة الزجاجية و جلسوا صامتين حتى أتى النادل وطلبوا الطعام لم يتكلما في غير العمل حتى انتهوا من غدائهم ثم طلب مارتن لنفسه و لكاثرن فنجان قهوة و لتيمي آيس كريم وقليل من الحلوى حذرته كاثرى من تدليل تيمي لأنه سيفسده على والديه لكن مارتن اخبرها أنه يستمتع بسعادة تيمي البريئة لم تناقشه فليس هذا شأنها كما انه لن يسمع نصيحتها بسبب عجرفته ونظرته الملائكية لنفسه شربت فنجانها وهي تستمتع برائحة القهوة الزكية وطعمها اللذيذ فقال مارتن
" تبدين سيدة أعمال بهذه الملابس "
نظرت إلى ملابسها ثم نظرت إليه وقالت
" ألحقيقة أنها تخنقني فتحمل المسؤولية أمر ليس بالسهل "
" أتعلمين يا كاثرى كنت أتوقع انك لا تستطيعين ذلك لكن بعد الذي رأيته منك اليوم أأكد لكي أنك ستنجحين"
" أتمنى ذلك "
" كنت في القرية لا أحب أن أراك تلبسين ملابس عادية وبعد اليوم أتمنى أن أراها عليك دائما فهذه الملابس تجعلك صعبة "
عندما نطق أسم القرية حرك هذا ذكتها لكل مساوئ مارتن فقالت
" صعبة ؟؟ "
" لا تخطئي فهمي أقصد الآن نحن أشبه ما نكون في اجتماع عمل وليس جلسة أصدقاء"
أرادت تعلق على كلماته و أن تقول له أنهما ليس بصديقين وان صداقته لا تجلب لها إلا المتاعب لكن صوت تيمي أوقف الكلمات في حلقها
"عم مارتن أنا أحب الآنسة ألبرت"
نظرا إليه ورأياه وقد لطخ ملابسة بالآيس كريم و الحلوى بينما هما يتحدثان ولم ينتبها له أمسك مارتن رأسه وقال
" يا ألهي ما هذه الورطة "
ضحكت كاثرن منهما وتلاشى غضبها من مارتن فلقد لقي عقابه الآن وهي سعيدة بهذا قالت له مستمتعة بمشاهدته وهو يتأوه
" الأمر بسيط أدخله الحمام وأخلع ملابسه ورمه في الماء ثم أخرجه و أعطه ملابس جديدة"
بادلها الابتسام وقال وهو مستمتع بهذا الحديث
" أنت تقولين ذلك لأني أنا من سأقوم بهذا "
قال تيمي
" لا يا عم مارتن أنا لا أريدك أن تساعدني أنا أريد الآنسة ألبرت"
قال مارتن بمرح
"الحمد الله خرجت من المأزق بأعجوبة"
فتحت كاثرن عينيها بأتساعهما وقالت
"ليس بعد يا مارتن عليك أن تنظف أبن صديقك وتعتني به انه أمانة لديك "
قال تيمي
"ولكني لا أريده أنا أريدك أنت"
نظرت إلى تيمي وهي تحاول أن تنتحل شخصية المربية
"أسمع يا تيمي أنت لم تعد طفلاً صغيراً ليساعدك أحد "
"لكني أريدك أن تأتي معي لنلعب"
" لقد لعبت معي اليوم بما فيه الكفاية أم أنك نسيت"
قال تيمي يتوسل مارتن بدلال أن يقنع كاثرى
"عم مارتن..."
"اترك عمك مارتن وتكلم معي أنا إن كنت تريد مني أن أأتي معك ونلعب معاً فكن مؤدباً و لا تزعج العم مارتن و عندما يخبرني انك أصبحت مهذباً في تصرفاتك أعدك أن أخذك معي في نزهة "
"حقاً يا آنسة ألبرت؟"
" أجل يا صغيري"
لا تعرف لما تفوهت بهذا ووعدت هذا الصبي يبدوا أنها استغرقت في تمثيل دور المربية و نسيت نفسها والأسوأ من ذلك كيف ستتخلص من النظرات الحارقة التي يرمقها بها مارتن فبقيا صامتين و كانت هناك امرأة متقدمة في السن ممسكة بذراع زوجها ليخرجان من المطعم ولفت انتباههما شعر كاثرن الأحمر ووجود سلطة رجولية طاغية في الرجل الذي أمامها قالت المرأة لزوجها وهي تشبع فضولها بنظر إليهما مباشرة ولم تنتبه لقربها منهما
" ألا يبدوان زوجين جميلين أنهما يناسبان بعضهما كثيراً لكن الصبي لا يشبه أحداً من أبويه "
صوت المرأة كان مسموعاً لكليهما أجفلت كاثرن من هذا الكلام ونظرت بسرعة وهي شاحبة الوجه باتجاه المرأة التي جرها زوجها بسرعة وتبسم لكاثرن وكأنه يعتذر لتطفل زوجته اتجهت كاثرن ببصرها إلى مارتن الذي رسم على وجهه ابتسامة عريضة و لاح في عينيه الهزل وهو يقول بسخرية
"صورة جميلة لزوجين ؟"
تصاعد اللون الأحمر إلى وجهها جراء نظرة مارتن الجريئة في وجهها .خافت كاثرن من أن يرى مارتن مشاعرها الملتهبة في عينيها و وجهها فأسرعت بالوقوف وهي تقول
"يجب أن اذهب الآن شكراً على الغداء"
أمسك مارتن بمعصمها بلطف فأثار مشاعر قوية داخلها بهذا الاحتكاك البسيط وقال بصوت أجش
"بهذه السرعة "
لم تعرف ما تقول لتتهرب من هذا المأزق فهي لا تستطيع النظر في عينيه وإلا ستفصح عن ما في قلبها انتقلت ببصرها من اليد القوية الممسكة بمعصمها إلى سيارتها خارج المطعم
"كان يوماً متعباً بنسبة لي وأحتاج إلى أراحة قليلاً "
سحبت يدها لتتخلص منه لكنه لم يتركها مما اضطرها لنظر في عينيه متسائلة لما لم يترك يدها فقال بصوت منخفض لكنه يحمل معاني كثيرة لم تفهمها
"إلى اللقاء كاثرى اعتنى بنفسك"
لا تعرف ماذا حصل لها وكم بقية من الوقت واقفة تنظر إليه وكأن الزمن توقف للحظة انتفضت فجأة على صوت الأطباق التي يجمعها النادل من الطاولة المجاورة و أسرعت تقول وهي تحاول أظهار البرود في صوتها المرتجف
"شكراً لك إلى اللقاء"
هذه المرة استطاعت أن تسحبت يدها والاحتكاك الذي حصل حتى افترقت أصبعهما جعل قلبها يخفق بشدة فأسرعت تمشي وهي تحاول أن تهدأ قلبها وتنظم تنفسها ولفرط سرعتها صدمت بامرأة تدخل المطعم اعتذرت كاثرن لها واتجهت إلى سيارتها أدارت المحرك ولم تستطع أن تنظر إلى داخل المطعم حيث مارتن ثم انطلقت إلى منزلها مشوشة الذهن مرهقة الجسد .لاحظ تيمي أن مارتن لم يبعد نظره عنها حتى ابتعدت فقال
"عم مارتن أنت تحب الآنسة ألبرت"
تفاجأ مارتن من كلام الصغير وخاف أن ينكر فيصل كلامه إلى كاثرن ويتفاقم الوضع الذي يحول أصلاحه فحك ذقنه وقال
"يبدو أن ذقني يحتاج إلى حلاقه أنهي طعامك يجب أن نعود إلى المنزل لنبدل ملابسك وكما قالت لك الآنسة ألبرت أنت ستستحم بنفسك"
"لم أكن أطلبها لنفسي أنما طلبتها لك"
يآل هذه النظرة في عينيه الزرقاوات أنها تنذر مارتن بخطر قريب قال مارتن
"يبدو أنك انتهيت من الغداء"
خرج بتيمي وهو يشعر أنه عاجز أمام هذا الصبي المشاكس وسأل الله من قلبه أن يعود صديقه إيريك في أسرع وقت قبل أن يتسبب له تيمي في فقد كاثرن إلى الأبد فهذا مالا يستطيع تحمله
في المساء تذكر مارتن موعده مع كاثرن لكنه قرر عدم اخذ تيمي معه فقد يسبب له الكثير من المتاعب كما لابد أن ينام الصغير مبكراً وهو لا يعرف كم ستأخذ زيارته من الوقت لبس قميص أصفر باهت اللون لم يخفي عرض كتفيه ولا عضلاته المفتولة و بنطال كحلي ثم تناول سترته الجلدية السوداء و أخذ تيمي في طريقة إلى شقة أخته سارة وطلب منها أن تعتني به إلى حين عودته رحبت سارة ببقاء تيمي معها وسألت مارتن أن لا يهتم به لأنه ستبقيه معها الليلة شكر مارتن لها هذا وأنطلق إلى بيت كاثرن لقد أهدر الكثير من الوقت بسبب تيمي الذي لم يمكنه من مناقشة ألفيا لوقت طويل وسأل نفسه هل من الحكمة أن يخبر كاثرن أم يعتذر عن زيارتها ويخبر السيد ألبرت عن غضب ألفيا ويجنب كاثرن الدخول في هذا الشقاق لكنها أحق منه في أن تعرف فهي ابنتهما وليس هو لاشك في أنها تنتظره الآن .
كاثرى في غرفة الجلوس متكورة في أريكة مخملية بيضاء تقلب صفحات الرواية أمامها وعقلها يفكر لماذا تأخر مارتن أيكون قد غير رأيه وقرر عدم إخبارها أم انه يقرأ قصة لتيمي قبل النوم؟ ابتسمت لمجرد تخيل هذا الفعل من مارتن أخيراً سمعت صوت سيارة تقف إمام منزلها انتظرت حتى طرق الباب فوضعت الكتاب على الطاولة أمامها وذهبت لتفتح له وتقف أمامه وقد حلق ذقنه وقص شعره الذي مع هذا لا يزال طويلاً كان مظهره فاتن بقميصه الأصفر تمنت من الله أن لا يكون تأثيره وأضح عليها و لم تكن تعلم أن مارتن يرى أمامه فتاة باردة تنظر إليه باتهام على تأخره فقال مبتسماً
"أعتذر هل تأخرت كثيراً"
نظرت إلى ساعتها السوداء وقالت
"نصف ساعة تفضل بدخول"
تقدم مارتن إلى ردهة المنزل وأنتظر حتى تغلق الباب وتركها تقوده إلى غرفة الجلوس هادئة على غير عادتها تأملها وهي تدعوه للجلوس على أحد المقاعد الوثيرة من قميصها الأسود المرفوعة أكمامه الطويلة إلى نصف ذراعيها والى البنطال الجينز الأزرق و الحذاء الرياضي الأسود و شعرها الأحمر المرفوع من الجانبين عن وجهها الجميل بأمشاط ذهبية ومنساب خلف ظهرها بنعومة عندما جلس كانت لا تزال واقفة وقالت
" هل تريد شاي أم قهوة؟ "
" لا شكراً لاشيء"
"ليس من الذوق أن تأتي منزلي لأول مرة و لا أقدم لك شيء"
"حسناً قهوة"
ذهبت إلى المطبخ لتحضر القهوة لكليهما و مد مارتن يده إلى الرواية البوليسية التي كانت تقرأها كيف سيبدأ معها وكيف ستكون ردت فعلها نقل بصره في أرجاء الغرفة المشرقة ذات النوافذ الكبيرة خلف الستائر البيضاء الطويلة التي تصل إلى الأرض الخشبية ألامعه و السجادة الفضية الجميلة متداخلة بالونان الأبيض والأسود والتحف الأثرية التي وضعتها على الرف فوق المدفئة الطاولة المستطيلة التي أمامه(بسطحها الزجاجي الأسود ) بزجاجها الأسود وعليها مفاتيح كاثرن سترتها الرمادية مرمية على أريكة بيضاء طويلة بجانب الوسائد الصغيرة الرمادية والبيضاء الطاولات الجانية الصغيرة المكان الجميل المريح وألوانه المتناسقة كله يعبر عن شخصية تلك الفتاة أنها قوية الإرادة واثقة من نفسها و تحب العمل والنظام لاشك في أنها ستكون حكيمة وتتعامل مع الموقف بعقلانيه ولكن عندما دخلت أنذره شعرها الأحمر بطبعها الحاد وجعله يمحو الفكرة من رأسه وضعت الصينية على الطاولة وسألته
"هل تحب أن أضيف لها الحليب "
"أجل شكراً لك"
قدمت له فنجان القهوة وجلست على كرسي بذراعين قريباً منه و فنجان قهوتها بيدها إنها لا تريد أن تشرب منه شيء كل ما تريده هو أن يبدءا الرجل الذي أمامها بالكلام في الموضوع مباشرة كانت على وشك أن تطلب منه هذا لكنها أقرت انه أسلوب فظ مع ضيفها الذي يخفي الكثير قال مارتن وهو يجول ببصره في المكان ثم يستقر عليها
"منزل جميل ومنسق بعناية"
"شكراً لك "
"هل هذا من تصميمك؟"
بالكاد استطاعت أن تبتسم
"أنا لا أصمم الديكور لكني أحب أن أرى ذوقي الخاص في المكان الذي أعيش فيه"
"هل استعنت بمصمم ديكور؟"
"كلا"
رباه لماذا لا يبدءا ويخرج ما في جعبته إنها تحترق لتعرف ما الذي يدور بغموض حولها بينما هو يتكلم وكأنه في زيارة ودية أخفضت بصرها إلى يده فأنتبه أن يده لا تزال تمسك بروايتها وأخطأ فهمها فأبتسم وهو يضع الكتاب على الطاولة
"أسف وجدتها ودفعني حب الاطلاع إلى قرأتها"
لا يمكنها أن تقول كلمة أخرى له هزت رأسها بأرستقراطيه معبرة أنه لا بائس فأكمل يقول
"هل تحبين هذا النوع من الروايات؟ معظم الفتيات يفضلن الرومانسية منها"
وضعت فنجانها من يدها وقالت بهدوء
"أحب الروايات البوليسية وأفلام الرعب ومتابعة الأخبار هل هذا يجيب عن سؤالك أم هي مقابلة شخصية لتعرف إن كانت اهتماماتي اهتمامات فتاة أو رجل؟"
"لا تغضبي كنت اسأل فقط "
نظرت إليه بحدة وقالت ببرود
"أنا لست غاضبة"
وضع فنجان القهوة فحدثت نفسها انه سيتكلم أخيرا فركزت اهتمامها عليه لكنه قال
"أنا لا أعرف أي نوع من القصص أشتري لتيمي"
أخفضت رأسها وهزته بخيبة أمل لماذا يتصرف بسذاجة في حين أنها تعلم تماماً أن شخصية مارتن قوية وجادة رفعت رأسها لتطلب منه أن يدخل في الموضوع لكن أسم تيمي جعلها تقول
"تيمي ؟ هل تركته في البيت لوحده؟"
"لا تركته عند أحد أصدقائي "
لن يقول سارة ولا صديقة وإلا كان مصيره الجلد هذه ثاني كذبة حتى ألان
"حسناً هذا أفضل و ألان تكلم ما هو ألأمر الذي يخفيه والدي عني لا أصدق أنه يعرف سبب الخلاف بينه وبين أمي لأنه اخبرني بذلك"
"بطبع أنه لا يعرف ولكني أريد أن تعيدني أن لا تفعلي شيء دون أن تخبريني به وألا تخبري أباك أو أمك أنك تعرفين "
"هذا متوقف على ألأمر "
"لكن.."
رفعت يدها بإشارة تسكته
"كيف يمكن لي أن أحل المشكلة بينهما وأنا أتظاهر بعدم المعرف هذا أولاً ثانيا أنا أتعامل بشفافية وصراحة وأكره المراوغة والكذب"
صمت لحظة ثم قال وكأنه يختار كلماته
" الشركة ليس عليها ديون وليس هناك من يطالب أباك بديون كما أخبرك"
تركها تستوعب كلماته والقلق ظاهر في عينيها
"ماذا تقصد؟ "
"أقصد أن الذي يهدد الشركة هي أمك"
ظهرت الحيرة على وجهها
"أمي ؟؟ لست افهم؟"
أحس أنها ثابتة فقال
"هل تذكرين اليوم الذي أغمي فيه والدك"
"أجل"
"كان مرهقاً جداً بسبب الخبر الذي تلقاه من محامي السيدة ألبرت"
قالت بنفاذ صبر
"مارتن أنت تمرض أعصابي لست بحاجة إلى المقدمات تكلم بسرعة"
"حسناً في بداء الأمر أخبر المحامي والدك أن السيدة ألبرت تريد حصتها من الشركة "
دفنت وجهها بين يديها وهي تتذكر وجه والدها الحزين وانشغاله الدائم في مكتبه لهذا كان يمنعها من الدخول معه رفعت رأسها وهي تغطي فمها بيدها
"لا أصدق أن أمي تفعل ذلك؟ ولماذا لم يخبرني أبي ؟لا أفهم إذا كان والدي لا يريد مني أن اعرف فلماذا طلب مني العمل في الشركة وهو يعلم أني قد أكتشف الأمر"
"طلب منك ذلك قبل أن يتصل به المحامي ويخبره"
"وهذا ما جعل والدي مشوش الذهن في الأيام الأخيرة "
"ليس هذا هو السبب فقط"
نظرت إليه بستفاهم وقالت
"هل هناك شيء أخر؟"
"أجل هل عرفت سبب الشقاق بينهما"
كلا"
" الم تخبرك أمكِ؟"
زمجرت قائله
" ومن أين لي أن اعرف ؟إن كان أبي لا يخبرني بشيء حتى لا أصدم و أمي تراني طفلة صغيرة مدللـه يبدو أنك تعرف عنهما أكثر مما أعرف؟ "
أجل مارتن يعرف أشياء كثيرة مع أنها ابنتهما ربما لا يريدونها أن تصاب بالحزن لكن هذا ليس عدلا ؟ أنها فرد من ألأسرة وليس مارتن قال معتذراً عن تصرف والديها
" ربما لأني عشت معهما منذ طفولتي بينما أنت في لندن عند الخالة ليزي "
"هذا لا يهم ألان هل قالت لك سبب غضبها؟"
"أذاً أنتي لا تعرفين؟"
لم يكن سؤال بل تقرير هل يتهمها لا فهو يبدو متعاطف معها
" كلا حاولت معها لكن لا فائدة وظللت اضغط عليها بزيارتي المتكررة واتصالاتي اليومية والنتيجة كما هي "
" طيلة فترة غيابها عنكم كنت أتصل بها كابن حتى تثق بي لكنها لم تخبرني بشيء ألبته حتى أتيت لزيارتها اليوم ويبدو أنك أثرت بها كثيراً فقد انهارت ولسرعتها في الكلام استخلصت أن في المشكلة أمراه أثارت الشقاق بينهما "
" امرأة؟! أتعتقد أن أبي يحب امرأة أخرى؟ هذا مستحيل "
"حاولت معرفة المرأة ولم أجد إلا امرأة واحدة"
ارتفع اللون الأحمر ليخضب وجنتيها من الغضب وقالت
"من؟"
"لست متأكداً لكن أن تثبت أخبرتك "
كلام مارتن يدق طبلة أذنها بعنف كيف يمكن لأمها أن تفكر بوالدها أنه يعشق امرأة أخرى ولو لمجرد الشك هل رمت السنوات الطويلة المليئة بالتفاهم والحب خلف ظهرها شاهده مارتن تقطيبه حاجبيها وأراحت رأسها فوق قبضتي يديها تنظر إلى قهوتها السوداء أنها تفكر بجدية وبأسى تشبه والدها تماماً في حزنه وفي طريقة تفكيره وفي تعبير وجهها تمنى لو يضمها بين ذراعيه ويبعد سحابة الأحزان عن وجهها وقلبها التقت عينيه بعينيها وقالت
"هل أخبرت أبي؟"
"كلا ليس بعد"
"هل زرته بعد رحيلي عن القرية؟"
"أجل أنه أسوء حال مما تركته عليه لذلك ترك لي مهمة مساعدتك في الشركة"
"هل هو بخير؟"
"لا تقلقي سيكون بخير أخبرني قبل رحيلي أن أمك أرسلت محاميها ليتفاهم معه بشأن الانفصال"
هنا انهارت كل قواها بعد أن كانت تحاول السيطرة على أعصابها وقالت وهي تحدق فيه
"انفصال؟"
"حاولت أن أقنع والدتك بالتريث إلى حين......كاثرى"
يبدو أنها لم تسمع كلمة مما قال فقد التقطت مفتاحها من الطاولة بسرعة وركضت إلى الخارج ركبت السيارة وأغلقت الباب بعنف وعندما أدارت المحرك كان مارتن قد لحق بها و استقر في المقعد المجاور بجانبها لم تنتظر ريثما يسخن محرك السيارة البارد بل داست بقدمها على الفرامل بقوة حتى سمع صوت صرير العجلات وانطلقت غير مبالية بسرعتها كيف أمكن لأمها أن تفكر بكل هذه الأنانية لم تفكر بوالدها ولا بها ولم تسمح لأحد أن يناقشها في قرارها الخاطئ والأكثر فظاعة أنها قد هجرتهم دون سبب ثم تقول انفصال قالت بصوت مختنق
" لما تفعل هذا بنا ؟"
قال مارتن وهو يشاهد عصبيتها ويدها المتوترة وهي تمسك المقود بعصبية وقد أدرك حجم الغضب في داخلها
" إهدائي يا كاثرى قد تتسببين في وقع حادث لنا "
"من قال لك أن تقفز إلى السيارة"
أدارت المقود بسرعة عند زاوية الشارع ولم تهتم لأصوات التحذير التي انطلقت من منبهات السيارات حمد مارتن الله أن السيارات المارة هذه الليلة قليلة وإلا لوقع لهم حادث شنيع بسبب سرعتها المتهورة وفكر أنه من الغباء محاولة إيقافها فقد تفقد السيطرة على السيارة قال ببرود
"هل تريدين الانتحار؟"
ابتسامه صغيرة بائسة على شفتيها جعلتها تختنق بدموعها تنتحر؟ ربما فحبها ميئوس منه ولا سبيل له وهي و والدها العزيز ضحية لغرور امرأة أجابته بصوت مرتجف
"انتحر؟ ألا توافقني أن الدنيا قذرة؟"
أدار مارتن عينيه الرماديتين لدى سمعه صوتها الأجش ليرى جانب وجهها وأعتصر قلبه لأنه شاهد بريق أول دمعة حارة تسقط بسرعة من عينها و تخط على خدها وطرحت عليه سؤال لم يتوقعه
"لما لم تخبرني قبل الآن؟"
"لم يكن الوقت مناسب"
ضربت بقبضتها المقود بعنف وقالت
"لم يكن الوقت مناسباً؟؟؟؟"
صمتا لفترة ثم قالت من بين أسنانها وهي تغلي من الغضب
"لن أنسى لك هذا يا مارتن أعدك"
فضل مارتن الصمت على أن يجيبها مع أن كلماتها ألمته لكنها في حالة لا تسمح بنقاش أبداً أخيراً وصلا بسلام إلى الفندق الذي تقيم فيه ألفيا خرجت كاثرن من السيارة ولم تهتم إن كانت أوقفتها في مكان غير مسموح به ودخلت إلى ردهة الفندق الفخم مهرولة ومارتن خلفها اتجهت إلى المصعد وطلبته وهي تمسح دموعها الحارة عن وجهها فقال مارتن وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين و وجهها الأحمر
"الأمور لا تحل هكذا يا كاثرى "
لم تكلف نفسها عناء الإجابة بل دخلت داخل المصعد الذي فتح أبوابه للتو. أخذهما المصعد إلى الطابق الثالث عشر وفتح على مصراعيه معلنا و صولهما اندفعت من خارج المصعد فامسك مارتن يدها ليوقفها وقال
"أهداي "
لكنها نفضت يدها من يده وحررتها وهي تقول
"أترك يدي"
ألفيا جالسة على أريكتها وهي قراء مجلة بين يديها وعامل الفندق يضع القهوة التي طلبتها أمامها ثم ينحني باحترام ويقول
"هل تريدين شيء أخر سيدتي؟ "
" كلا شكراً أغلق الباب خلفك"
خرج العامل من عند السيدة ألبرت وكانت يده على وشك أن تغلق الباب لكن فتاة شابة دفعه الباب بخشونة ودخلت ومعها رجل ذو هيبة أراد العامل إيقافهما لكن مارتن أعتذر من وقال أنها مسألة عائلية فتراجع وتركهما .وقفت كاثرن أمام أمها التي بدت عليها الدهشة لزيارتها المفاجئة وهي ترى وجه كاثرن الباكي وقالت
"ما الذي تنوين فعله يا ألفيا"
صدمت الأم من أبنتها الغاضبة و مناداتها باسمها بكل جفاف حتى مارتن نفسه لم يتوقع هذا من كاثرن التي هي نفسه لم تعي هذه الكلمات التي قالتها لكن صورة والدها الحبيب لا تفارق مخيلتها قال مارتن من خلفها معنفاً
"كاثرى إنها أمك "
"أبقى أنت خارج الموضوع "
صرختها التي ملأت المكان جعلت مارتن يتمنى أنه لم يخبرها أنها تزيد الأمور تعقيداً و الأسوأ من هذا أن ألفيا حولت بصرها عن كاثرن إليه وقالت
"هل أخبرتها؟ "
"أجل"
زمجرت كاثرن
"أكنت تودين أن أعلم بعد أن يتم الطلاق؟"
وقفت ألفيا و اقتربت كاثرن وهي تقول
"أجلسي وسنناقش الموضوع بهدوء"
"نناقش؟؟كيف يمكنك أن تشكي للحظة في أن والدي خائن "
"كاثرى إهدائي بابنتي"
و وضعت يدها على كتف كاثرن لتجلسها لكن كاثرن أبعدت يدها وقالت
"أتريدين مني أن إهداء وأستمع لك وأنتي لم تسمعي لأبي"
تحملت ألفيا هذا التصرف المشين من ابنتها وعدت إلى العشرة ثم قالت
"أنت لست طفلة يا كاثي ولا اعتقد أن هذا القرار سيؤثر على حياتك "
"حتماً سيؤثر ثم إنها ليست حياتك وحدك إنها حيات والدي وأنا"
"أنت لا تعرفين ما تقولين؟ "
"بلى أعرف..."
ثم شهقت وهي تبكي وقالت بصوت يثقله الحزن
" أعرف أن امرأة أنانية تركت زوجها دون سبب واضح وهجرته وهو هائم في حبها لكنها ضربت بهذا عرض الحائط لمجرد اتصال من امرأة حاقدة كاذبة..."
سرت قشعريرة على طول ظهر مارتن عندما صفعت ألفيا وجه كاثرن الأحمر وقالت وهي تحبس دموعها و تتألم
"أنت لا تعرفين معنى أن يخونك الرجل الذي أحببته رجل أعطيته قلبك وحياتك ومالك "
انهارت ألفيا على أحد المقاعد القريبة وغطت وجهها بيديها و سمحت لدموعها أن تنسكب في صمت وتنفس عن ألم الشهور الماضية.نظرت كاثرن إلى أمها وهي تتحسس خدها الأحمر الملتهب من صفعتها وقد أفادها هذا لتعود إلى عقلها و تسطير على انفعالاتها تحرك مارتن من مكان وقال لسيدة ألبرت مواسياً
"أرجو أن تصفحي عن ..."
لم تسمح له كاثرن بذلك بل تقدمت بسرعة ووقفت على ركبتيها أمام أمها وأمسكت بيديها وأخذت تقبلها وتقول بصوت منخفض
" أنا آسفة يا أمي لم أكن أقصد إيذاء مشاعرك لقد كنت غاضبة ولم أكن أعرف ماذا افعل أنا آسفة"
لم يعرف مارتن إن كان يستطيع أن يتمالك نفسه أمام هذا المشهد أو النظر إلى عيني كاثرن البائستين وهي تعتذر لأمها التي لا ترد عليها وهي تحاول تخليص يدها من يد أبنتها و تقول بصوت بارد
"ابتعدي عني"
"أرجوك يا أمي سامحيني"
ولكن ألفيا أشاحت بوجهها بعيداً وأمسكت بكتفي كاثرن يدان قويتان توقفانها بثبات و تبعدانها عن أمها أرادت أن تحتج لكن مارتن نظر في عينيها وهز رأسه فاستجابت له وتركته يجلسها على أحد المقعد ثم قال بصوت هادئ خال من أي عاطفة
"سيدة ألبرت ألا ترين أن مع كاثرى الحق في أن تغضب؟ "
فاعترضت أمها بصوت حزين
"لكن ليس لها الحق في أن تقول لي كلام غير مؤدبة"
فتحت كاثرن فمها لتعتذر لكن أشارة من يد مارتن أوقفتها
"اعرف وهي آسفة لهذا لقد كان وقع الخبر عليه كالصاعقة وأنت تعرفين طبعها الحاد"
"لقد أثبتت لي اليوم أنها فتاة سيئة"
"أمي أرجوك لا تقولي هذا "
قال مارتن هذه المرة بحنان وهو ينظر في عيني كاثرن
"بل هي فتاة رائعة تشبه والدها تماماً"
تمزق قلب ألفيا لكلام مارتن انه يذكرها بزوجها وابنتهما ثمرة هذا الزواج فقالت كاثرن
"أمي إننا نحبك أرجوك عودي إلينا"
" لا أستطيع"
"صدقيني يا أمي أن أبي يحبك وهو يتعذب لبعدك عنه"
"أنتِ واهمة والدك يحب امرأة أخرى "
قال مارتن ويديه في جيب بنطاله
"هل أنت واثقة من هذا؟ "
ترددت أليفا في الإجابة ثم قالت
"نعم"
"هل رأيته مع تلك المرأة؟ "
"كلا"
"هل أحسست ببرود في عاطفته نحوك"
قالت بألم
"لا لكن امرأة اتصلت بالمنزل واعتقدت أني توماس فبدأت تتكلم بعذوبة عن سبب تأخره عليها ولم تنتبه أنها مندفعة في الكلام ثم....."
قال مارتن
"ثم ماذا؟ "
"أخبرتها أنني زوجته فارتجف صوت المرأة ثم قالت أنها عشيقته سألتها عن علقتها بزوجي فأخبرتني بعلاقتهما العاطفية وأني أنا العقبة الوحيدة في طريق حبهما"
قال مارتن
"مجرد اتصال ثم نقلت أمتعتك وسافرت دون علم زوجك ورفضت الاتصال به آو السماع إليه"
طريقة مارتن الهادئة أعادت السكينة إلى الجميع وخفف من غضب كاثرن وتوترها كما جعل الأم تدرك خطأها وتعلم أنها تسرعت فقالت تدافع عن نفسها
"لم يكن هذا فقط لقد اتصلت بي المرأة بعد وصولي إلى لندن وشكرت لي تفهمي الحضاري لحبهما فأحسست بطعنة الخيانة قل لي كيف يمكن لها أن تعرف رحيلي أن لم يكن هو من اخبرها هل تستطيع أن تفسر هذا ؟ "
"لما لا تقولي أنها تراقب تحركاتكما وتنصب الفخ لكما حسب الظروف لو كنت مكانك سيدة ألبرت لما تسرعت هل تعلمين أن حالته الصحية تتدهور يوماً بعد يوم بسبب بعدك عنه"
نظرت ألفيا إليه مشككة لا يمكن أن يكون مريضاً لأنها بعيدة عنه أيعقل أن تكون خدعت وآذت زوجها وأبنتها قالت كاثرن
"أمي لقد تغير والدي كثيراً عندما رأيته أصبح قليل الضحك دائم التفكير كثير الهم ودائماً يحدثني عن مشاعره نحوك وانه يفتقدك "
قال مارتن
"هل تعرفين شخصية المرأة التي اتصلت بك؟ "
"كلا ولم اهتم لهذا "
فقالت كاثرن
"أمي اتصلي بأبي "
"مستحيل"
"أرجوك يا أمي تكلمي معه أنه لا يعرف شيء مما تقولين ومؤكد أنه سيدهش أيضاً"
"لا أستطيع"
"حسناً دعيه إذاً يسمع صوتك فقط فهو مشتاق أليك"
هزت ألفيا رأسها وقالت لهما
"شكراً لحضوركما واقدر اهتمامكما وحرصكما لكن في النهاية يظل الأمر متعلقاً بي وحدي "
"أمي ..."
"أسمعيني يا كاثرن أعرف أن هذا صعب عليك لكن اتركيني أفكر وأعدك أني سأتوصل إلى قرار يناسباً جميعاً"
"ولكن أبي..."
"سأفكر بالأمر "
كانت هذا إعلان صريح من ألفيا بانتهاء الزيارة أمسك مارتن بذراع كاثرن و تمنى للمرأة ليلة طيبة وخرج مع كاثرن إلى حيث سيارتها كانت هادئة كنسمة هواء الفجر مشت نحو مقعد القيادة فستوقفها مارتن وقال
"سأقود أنا السيارة تبدين متعبة"
أعطته المفتاح بهدوء واتجهت إلى المقعد الأخر قاد مارتن السيارة بصمت حتى أبتعد عن الفندق ثم قال
"هل أنت بخير؟"
"أجل "
"ما كان لك أن تتصرفي مع أمك بهذه الطريقة الفضّة"
"اعلم وأنا نادمة على هذا"
سكت أمام هذا الاعتراف فقالت وهي تنظر إلى الطريق
"هل تعتقد أنها اقتنعت؟ "
"هذا ما أرجوه"
تأوهت كاثرن بحزن ثم قالت لمارتن
"شكراً لك "
"على؟"
"ما كنت اعرف ماذا سأفعل لولا وجودك عندما رفضت اعتذاري"
أبتسم مارتن بحنان وقال
"أنسي الأمر"
لم يتفوه أي من هما بكلمه حتى أوقف مارتن سيارتها في الكراج واستدار أليها
"كاثرى لا تجعليني اندم أني أخبرتك"
أكتفت كاثرن بصمت فقال
"هل تثقين بي ؟"
"لماذا تسأل؟"
"أريد جوابك فقط هل تثقين بي؟ "
إنها تعلم أنه رجل نبيل يمكن الاعتماد عليه وحبها له يدفعها إلى الوثوق به لكن مخيلتها استعادت صورته مع الفتاه الجميلة وسرعان ما غيرت مشاعرها لكنها لم تغير حقيقة أنها تثق به فقالت بتردد
"أجل "
"إذاً أسترخي وأغمضي عينيك "
"لماذا؟"
"إن كنت تثقين بي فافعلي ما طلبته منك فقط"
أغمضت كاثرن عينيها وهدأت أعصابها واسترخت في مقعدها فشعرت بيد مارتن فوق يدها فتحت عينيها بسرعة و وثبة من مقعدها ونظرت أليه مسترخي في مقعده ومغمضاً عينيه وقد أحس هو بتوترها فقال وهو لا يزال مغمض العينين
"قلت لك أسترخي لكن يبدو أنك لا تثقين بي"
عادت إلى مكانها تحدق في مارتن ففتح عينيه ينظر أليها وضغط بخفة على يدها الممسك بها وقال
"أعدك يا كاثرى أن ينتهي هذا الأمر قريباً "
لهجته الواثقة ويده الدافئة والعينان الرماديتان بنظرته الناعمة وهالة القوة التي تحيط به جعل الطمأنينة تدب في أوصالها وتثق أنها في أمان مع مارتن وأن الأمر سينتهي . |
__________________ آللحن ألآخير + زهرة الوآدي! = ألقابي
التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 05-28-2015 الساعة 07:47 PM |