مقدار ذات البين عقدة يا ترى .. أم محنة اضطراب في عقل قد أفترى .. ولو تمعن ذلك الحصيف في عمق المقام لأدرك أن أقدامه ما زالت تلامس الثرى .. ومازالت تجول في كنف الأرض ولم تبلغ عنان السماء .. يطال عنقاً بغير لب يشكل السندَ .. فهو مثل برج يفقد الدعم ثم يهوى حين يفترى .. والعين لا تغطي الحواجب مهما طغت فهي ما زالت تحت الحواجب كما نـرى .. فالعلم سلاح يفضح زيف الضلال والظلام بين الورى .. شمس تحجب الجهل وتبرز أهل المقام والعلم والتقوى .. والجهل يخلق جاهلاَ يفقد الحكمة والعقل مهما أدعى ., أحمق يجتهد ليقهر الصحراء دون ماء أو دليل أو زاد من التمر والنوى .. وهنالك من يتسلق جبال المجد والأعالي دون عدة وسند يعاضد للأعلى .. يفقد العلم ويفقد المقام ويفقد الجاه كما يفقد الصيت الذي يبلغه المدى .. فهو مثل صنم من الصلصال يزدان شكلاَ وجمالا ثم يعبد بالهوى .. أو مثل جاهل لا يحمل حرفاَ من الكتاب ثم يسخر من قوم يركعون ويسجدون لله بالتقوى .. يتمادى في التعالي وهو لا يملك من العدة إلا سلاح الجهالة والهبالة والبلادة القصوى .. لا يملك الحق بمؤهل ولكنه يوجد الحق لنفسه بالإدعاء بأنه في ذلك المستوى .. أنفس تتعالى دون وزن أو مقام ثم تفضح الذات عند المحك والامتحان عندما تنادي ويحي أنا .. فهي مثل بالونه في يد طفل يافع يملك قوة الوخز بشوكة لتفنى البالونة في الهواء ولا ترى .. حينها تتساءل الناس جدلاَ أين ذلك الوهم الذي كان قبل لحظات في كف الفتى .. قـد تناثر في الفضاء دون آثار تتساقط فوق الثرى .. وعلة الأنفس أنها لا تعلم ولا تعلم أنها لا تعلم وتلك علة تهلك القلوب بالجوى .. ورياض العلم تزدان بالتواضع رغم العلم والمستوى .. وهوامش الجهل تزدان بكل موبقات القذى .. فعجباَ لأنفس تملك الحق في التيه والتفاخر ومع ذلك تتواضع بالرضا .. وعجباَ لأنفس تفقد الأوزان مهما تعالت بأسلحة الهوى .. أقدام تجتهد لتكون فوق الثريا وهي هزيلة تقبع في أوحال الثرى .. وأقدام مقامها الثريا ولكنها محبوبة ومحبوسة في قلوب الورى .