لوّح ستيف لي قبل أن يرحل بسيارة الشرطة خاصته، رائع ! لم أعلم بأن ثانوية مادلين للآداب ... كانت للفتيات ! وليس هذا فقط ، يبدو أن هذه المدرسة لم تعلم بأننا في القرن الواحد والعشرين

انتشر صوت الجرس بعد دقائق من تفحص المبنى الهائل ، حِجاره كانت باللون الأحمر و الأشجار الخضراء وحتى الزهرية أحاطته من جميع الجهات ، لا غنى عن المقاعد الخشبية و الواحات الصغيرة التي تسبح فيها أنواع الطيور المختلفة ، مدرسة نبلاء ، علي الاعتراف بذلك !

ـ ليديـــا بينيت !

التفت لليمين ، وقفت أمامي مرأة في أواخر الستين والتجاعيد قد نال منها ، كانت ترتدي تنورة سوداء تصل لركبتها وقميص أبيض أخفته أسفل السترة الزهرية الباهتة من الغسيل ، شعرها نصف الشائب رفع للأعلى ، وحذائها أقصد جزمتها المصنوعة من المطاط باللون الأصفر جعلني أتأكد مرتين من لونهم

ـ نــ... نعم

أجبتها بهدوء ، ومن ثم أحكمت القبض على حقيبتي الوحيدة

ـ أنــا الآنسة إليزابيث ، سأكون معلمة الآداب و المسيقى لسنتين القادمتين ...

طأطأت رأسي وبقيت أنظر لهــا ، نظرت لي بهدوء و من ثم حركت أقدامها نحو المدرسة ، وقفت أنظر لهــا وهي تبتعد ، كان العديد من الفتيات قد خرجوا من المدرسة ينظرون لي

ـ آنسة بينيت اتبعني !

التفت للآنسة إليزبيث وطفيف الغضب قد سيطر عليهــا ، أمسكت حقيبتي و هرولت نحوهــا ...

صوت الرعد قد احتل الهدوء بيننــا ، لم تلبث ثوانٍ إلا والأمطار قد سقطت علينــا

ـ آنسة بينيت انتبهي لخطواتك !

لقد فات الأوان آنسة إليزيبث ، لقد غمرني الوحل ! ربمــا ارتدائها لجزمتين الصفراوتين كان صائبًا

ـ هيـــا بينيت ، لا نملك اليوم بطوله ! حصة الرياضيات على وشك البدء

وقفت على قدماي بعد تنظيف نفسي من الوحل ، أكره هذه المدرسة منذ الآن

ـ ليديــا ثانوية مادلين للآداب ليست كبقية المدارس، هذه المدرسة نظريتها تعتمد على التعليم الذاتي ومن ثم يأتي دور الاساتذة

بالكاد فهمت ما قالته ، رنين الجرس جعل الفتيات يدّخلن لصفوفهن من جديد ، كان زيّ المدرسة مقرف ، تنورة كحلية اللون تصل لركبة ، قميص أبيض كالعادة ، وإما سترة سوداء واسعة أو " فيست " أسود

ـ آنسة بينيت ، هذه الثانوية تضم فتيات من أمثالك ... ربما مرّوا بما حدث لكي أو حتى أصعب من ذلك ، وأتمنى أن تساعدي الفتيات وبتالي سيساعدونك ، لقد تخرج من مدرستنا عددًا كبير من الطالبات اللواتي بقين صديقات لمدى الدهر

فتحت الآنسة إليزبيث باب المدرسة ومن ثم دخلنــا ، كان البهو في قمة الجمال وسلالم من اليمين والشمــال ، يوجد تحف أثرية و خزائن بطول الحائط معبئة بالجوائز

ـ حسنــا هذا هو مبنى التعليم ، حصة الرياضيات قد مضى منها خمس دقائق ، أتمنى أن تدخلي على هذا الفصل

أشارت الآنسة إليزبيث على الباب الثاني من الجهة اليمنى ، كان الضجيج والفضوى تخرج منه

ـ زميلاتك في السكن هن ، نيكول باين و دانيل مور و جانيت بلاك ، سيكونن مرشدات لكِ حتى تتعرفِ على ارجاء المدرسة

نظرت لحقيبتي المتسخة بالوحل ومن ثم لـ الآنسة إليزيبث ، يــااااه كم أحب لكنتها الإيرلندية

ـ أنــا سآخذ الحقيبة ، والآن للفصل يا آنسة !

طأطأت بسرعة وقد تركت الحقيبة مكانها ، وقفت أمام الباب أتنفس بثقل أحاول التفكير بما خلف الباب ، التفت للخلف لأرى الآنسة إليزبيث تخرج من باب المدرسة والحقيبة بيدهــا ، رفعت يدي بهدوء وعلى وشك الطرق

ـ أهلاااااا يا فتاة

فتح باب الفصل بسرعة وتم سحبي لداخل من قبل فتاة شعرها أسود اللون ربط بظفائر مهملة ، كانت ترتدي الزي المدرسي ولكن السترة لون زهري ... أشبه بملابس الآنسة إليزيبث لكن التنورة كانت أجمل

ـ يـــا فتيــات انظروا

صرخت الفتاة وقد سمحت لنفسها الجلوس على طاولة المعلم ، أين المعلم يا ترى؟

ـ وووو من هذه الفتاة !!!

تقدمت فتاة شقراء بشعرها المجعد المنتشر في كل مكان ، كان لون قميصها أزرق سماوي وأكمامة رفعت للمرفق و ربطة العنق جعلها تتألق من بين فتيات الفصل

ـ اذا ما اسمك ؟

طرحت الفتاة الجالسة على الطاولة سؤالهــا

ـ ليديــا ... ليديــا بينيت

ترددت في القول ومن ثم نزلت الفتاة من على الطاولة و وقفت بقرب الشقراء

ـ آسفة أيتها الكونتيسة

كلتاهمــا انحنيتا أمامي ، قهقهة قليلًا على فعلهم ، لقد أحببت اسمي لكونه عريقًا!

ـ نحن نمزح ، أنــا جانيت. أ. بلاك ، وهذه دانيل مور

أشارت ذات الظفائر لنفسها و لصديقتها الشقراء ، آه جانيت ودانيل هنّ الفتيات اللواتي سأشاركهن بالسكن

ـ آه أنــا معكم في السكن !

قلتها بابتسامة ، فتح الباب مقاطعًا حديثنــا لتدخل فتاة ترتدي بنطال رياضي رمادي اللون وقميص المدرسة الأبيض و سترة خضراء ، يال الهول كم من ألوان يسمح ارتدائها

ـ آنسة نيكول هل من خطب في سريرك ؟ هل كان نومك غير مريح هل أزعجك أحدٌ ما ؟

ركضت جانيت نحو نيكول ثالث فتاة معي في السكن

ـ أرجوكِ جانيت ، كما لو أنكِ لم تلقِ دلوًا من الماء على السرير

قهقه الفصل على كلام نكول الذي تبعته بـ العطاس

ـ آمل أن ضميرك سينام مرتاحًا الليلة ! اذا مرضت لن أسامحك مدى الحياة

أخرجت نيكول منديلًا من جيب البنطال ومسحت أنفها ومن ثم جلست على المقعد بكل تعب

ـ من هذه ؟

أشارت لي بتعب ، لم ألحظ كم بشرتها بيضاء اللون ... لكنه لاقها بطريقة ما

ـ هذه ليديــا ، ستحل محل روز !

صفعت دانيل ظهري بقوة ليسري الألم في جسدي ،ومن ثم حركت نيكول عيناها بضجر

ـ آخ ، آمل أنكِ لست ثرثارة مثلهــا

هززت رأسي بنفي ، ابتسمت نيكول لي ومن ثم وقفت على أقدامها ومدت يدها لي

ـ أنا نيكول باين تشرفنــا

نظرت ليدها مرارًا ، هل قلت يومًا أنِّ مجنونة نظافة ؟

ـ حسنــًا

أرجعت نيكول يدها تشعر بالخجل لرفضي لـ مصافحتهــا

ـ هيــا لندرس!

صرخت دانيل وعمّ المكان الضجيج ، توجهت فتاة نحو السبورة والطبشور بيدها ، كانت طويلة وشعرها أملس ترتدي زي المدرسي بالكامل وبدأت تشرح لمجموعة معينة ، التفت للخلف لأرى ثلاث فتيات حسناوات يبردن أظافرهن ويتناولن العِلكة وهنّ يتحدث عن الرياضيات ، نظرت لليمين مجموعة فتيات يمسكن كتب أعلى من المستوى الذي نتلقاه ويكتبن أرقام على الحائط ... ولليسار رأيت نيكول وجانيت و دانيل يتشاجرن مع مجموعة أخرى من الفتيات على صحة هذه المعادلة .....

هكذا هو التعليم الذاتي اذّا !