هي ليست مختلفه عن البقيه..سوا انها كلما تألمت أكثر.. زاد اتقانها لفن التمثيل..تضحك كما لو أن الأرض قد لا تسع لفرط سعادتها..ولكن..لا احد.. لا احد قط..استطاع تميز فرحها الصادق بين حشد الأبتسامات الزائفه تلك ! تجيد ارتداءالأقنعه..وترقص في حفل الحياه ! ..شربت من كأس التعاسه..حتي أسكرها..وما عاد قلبها يحتمل !..فهجرته.. تركت له مهمته الفسيولوجيه الأساسيه فقط ..الا وهي ضخ الدماء..مع الكذب..مهما كانت تعيسه..لن تُري العالم ذلك الوجه الباكي قط..هي تماماً..مثل المهرج الذي يضحك الجمهور وينشر البهجه..ثم يختلي بنفسه ليبكي بمراره .. لم تكن من النوعا لنشيط..لكنها تظاهرت بذلك..تظاهرت بالحيويه المفرطه..بأنها مشغوله بكل شئ..من دراسه..اجتماعيات..جمعيات خيريه !..واصدقاء تنتهي حدود صدقاتها بهم..عند بوابه الجامعه..كانت وحيده..رغم الذين يحيطون بها .. ..عاديه للغايه..في مظهرها..مشيتها..كلامها وشخصيتها ! ..فقط انيقه بحزنها وغموضها ..كصندوق بلامفتاح...يجعلك تتسائل عما يوجد بداخله .. تعود الي المنزل..بعد يوم طويل..متعب..قضت اخر ساعته في انتظار *مواصلات* لم تأتي..لتقرر السماء ان تمطر بعدها..ولسخريه القدر..يقود احدهم سيارته بسرعه..فيعطيها حمام طين !! ... دخلت بهذاالمنظر..لتجد حفل استقبال في انتظارها..تنهدت..فقد سرد لها عقلها مسبقاً..ما اوشك ان يحدث..فغالباً ستعاتبها والدتهالانها لم تجب علي المئه مكالمه.. تصرخ بأعلي صوتها لتسمع الجيران..انها لم تجب علي الهاتف اللعين ! .. وربما يود والدها ان يفرض هيبته في المنزل.. فتتلقي صفعه..او اثنتين لترمقهما..بنظرات من الكراهيه" الباديه للعيان"...تنهض..تكر حقيبتها علي الدرج..لتصفع باب الغرفه خلفها..بينما تتمني لهما الموت من أعماقها ! .. هي..لم تكن بهذاالسوء ..ولكن الأيام القاسيه..القت بها الي الدرك الأسفل من الكراهيه..صار الحاضر باهت بلا ألوان..والمستقبل..اتمزحون اي مستقبل هذا..وفكره الأنتحار..تداعب خيالها كل يوم ! ..تمسكت بحبل صلاتها..بحبل ايمانها..ان الله معها..وان هجرها العالم..فكانت تهز رأسها كلما روادتها هذه الأفكار السوداء .. لم تبح لأحد من قبل بالحقيقه..بل اكتفت بهمس همومها..لأذن الأرض..علي يقين ان دعواتها ستطرق ابوابالسماء..كلما أحست بأن الدنيا تضيق..تتذكر..بأنها من ابناء ادم..ولم تكن تنتمي يوماً..للأرض..ستبقي متمسكه بخيط امل رفيع..انه ربما..هناك سعاده في اخر النفق .. يطرق بابها بعنف.." المسمي بأخيها الأكبر" ..العشاء..من الأفضل لكي ان تنزلي..او سيأتيوالدي لجرك ! ...كانت تتسائل دوماً...لماذا عناء الجلوس حول طاوله..ان كان الروتين اليومي هو شجار..صراخ...ثم اندلاق ما علي المائده !.. ورغم ذلك..فهي لم تتجرأ قط علي تفويت العشاء..خوفاً من ان تنفذ والدتها تهديدها الدائم لها ..بنزع القفل عن بابها..وهذا قطعاً..اسوأ كوابيسها..فهي لا تجد الهدوء الا في ركن غرفتها..ان تحرم من ذلك الجدار الفاصل..عنهم..هو فكره ..تفزع دواخلها وبشده.. أمسكت بالملعقه بتضجر..بينما نظرت اليهم.. *والدي* ذو ال 55عاماً..شعر أشيب..ملامح جافه..وتجاعيد رسمت شقاء أعوام مضت ! ..صارم وحازم.. فقد تطبع بطباع الجيش..ولديه وهم في دماغه..اننا مجندوه..الذين سيجعلهم يعملون حد الأغماء ! *والدتي* التي تصغره بعشره اعوام..ما تزال جميله..ورده تفتحت للتو..لولا طبقات المكياج المتراكمه علي وجهها..لكانت حقاً مضرب مثل في الجمال ..يقولون انني أخذت من ملامحها..لو كنت شخص اخر..لأعتبرت هذه مجامله..ولكني لا اريد اطلاقاً ان اشبه بشخص لا يتجاوز عمق تفكيره.. " ماذا سأرتدي اليوم ؟!" .. *أخي الأكبر*..ذو ال26 عاماً ..لا يختلف عن شباب العصر الطائش في شئ ..تسريحه غريبه..احذيه ذات الوان لم يسمع بها احد قط..وبنطال ضيق عند القدم ! ..ابتسمت ساخره " ان حجم دماغه لا يتجاوز فتحت كبايته ! " .. لطالما ساعدتها هذه النظره الدونيه..علي اكمال يومها..علها تجد..في الدعس علي صورهم لديها..دافعاً..لتصبح شخصاً أفضل..ولا ينتهي بها الأمر مثلهم ! .. تكمل عشائها علي عجل..تصعد الدرج بسرعه..بينما تحمد ربها كثيراً..ان والدتها تخاف علي طلاء اظافرها من الزوال..فقامت باحضار –حبشيه- ..وهذاما حررها من مهام ما بعد العشاء من - غسيل عده ! -.. تغلق الباب بالمفتاح..لتأخذ نفساً عميقاً..لتلقي بجسدها المنهك علي السرير..يستفزها وميض هاتفها المزعج..تلقي نظره علي شاشته..فترميه ممتعضه ! .. فلم يكن اي من هؤلاء يهمها امره بشئ ! ..-أصدقاء مرحله-..هي تعلم..ذلك..وكذلك هم..فلماذا اذن التظاهراكثر من اللازم .." عدتي الي المنزل بعد ؟! " ..اسكون ذهبت للقمرمثلاً..اكملت سخريتها بينما نهضت من السرير..لتتجه الي حاسوبها.. تفتح الشاشه..لتضئ الغرفه..المعتمه..فهي لا توقد انوارها قط !..فهكذا ان اتت والدتها..ستظنها نائمه !..لا تتعجبوا علي مدي هذه الأعوام..استطاعت ان تبتكر الكثير من الأستراتجيات الفعاله"..لحد التعامل معهم لأقصي حد !.."-فهي لا تراهم سوا تذكرتها نحو الجنه- ستصبر عليهم..الا ان يأتيها الموت..لتحضتنه بذراعين مفتوحتين ! ..ولكن الأن..بعيداً..عن أفكارها السوداويه هذه..ارتسمت علي شفيتها ابتسامه خفيفه... فهذا اللقب..ينتمي لقلم كاتبه..كانت تجد في كلماتها قليل من السعاده..التي تفتقدها في أرض الواقع !..مازالت حتي الأن لا تعلم..لماذا تعشق كتاباتها الي هذا الحد..ربما للغموض الذي دوما يغلفها بتلك النهايات المفتوحه ...وربما ايضاً..لانها تجد شيئاً من شخصيتها منثوراً..علي أبطال قصصها..فما ان تتعلق عيناها..بتلك الشاشه..تلك الكلمات التي كتبت بعنايه..وخيال واسع !..تسبح في أفق اللاوعي..تعيش بجميع حواسها..وفجأه تصطدم بأرض الواقع..حين تقرأ كلمه -النهايه- ..وبجانبها..-وليست النهايات سوا بدايات اخري !- ...تحس في تلك اللحظه ان احدهم سحب من تحت قدميها بساط السعاده..لترتطم بأرض الواقع المرير..تتمني سراً..لو تستطيع ان تدخل احدي هذه القصص..او ان قلم تلك الفتاه..يكتب تفاصيل حياتها بهذه الروعه ! ..ولكن هيهات..كفاك احلاماً يا فتاه – تهمس بها لنفسها..بينما تسارع بفتح صندوق بريدها..لتكتب احدي معلقاتها الطويله...التي تصف فيها بأسهاب..كل احساس لها مع كل كلمه...وكم انها تعشق كلماتها...تعبر عن امتنانها وسعادتها..لبرهه من الزمن..تنسي ارتداء الأقنعه..لتتسلل روحها الطفله..عبر حروفها المفعمه ببرائه حبيسه للحظاتها تلك..وتضغط بعدها علي زر ارسال ! .. تحدق كثيراً بشاشتها..نصف ساعه..ساعه..ساعتين..لا تمل ابداً من انتظار الرد..تلك الجمله الصغيره المقتضبه..كافيه لتنسيها هموم يومها بالكامل ! .. وكما لو ان كاتبتها هذه مثل -سندريلا-..لا تحضر الا عندما توشك الساعه علي الأشاره الي الثانيه عشره منتصف الليل..بالفعل.."كلن"..يأتي الصوت..مالئً فضائتها بالبهجه..لتفحتها بلهفه... " سعيده انها نالت اعجابك..القادمه ستكون بعنوان..- بين الخيال والواقع-..انتظر بلهفه تعليقك عليها ..تحياتي " تقرأها مراراًوتكراراً..تتبسم كالبلهاء..ثم اخيراً تفكر بالخلود الي النوم..بالنسبه اليها..كان هذا مثل حلم تعيشه كل ليله..تعشق الفتيات قلم – دان براون-..اما هي فلم تعشق سوا قلم هو ليس بمختلف عن البقيه..ليس بغامض..ولا وحيد..لم يشتري من الدنيا سوا السعاده..اجتماعي للغايه..مرح..ذو تفاصيل وجه وسيمه ..تتخلها البشاشه واللطف ..يعشق اثنين لا غير في هذا العالم ! .. هاتفه..وهذه التي يمسك بها برقه.. يعشقها مثل قهوته الصباحيه...لا يكتمل يومه بدونها.. يردد دوماً..كلماعاتبه احدهم علي حبها " ومن الحب ما قتل ! ".. يستنشقها ببطأ..بينما يتصاعد دخانها الأسود...مالئ حيزاً ضئيلاً في الفراغ !!.. وسرعان ما ينتهي الأمر بها تحت حذائه... ومره اخري يتسائل..عن سر تلك الغرفه.. التي لا توقد انوارها قط ! ..رغم انه كل تاره واخري..يلمح ظلها من خلف الستائر المخمليه...يبدو انها لفتاه يافعه...لماذا اذن..لا اري ضوئها قط ؟! .. غلفته حيرته ..مع دخان سجائره...ليتنهد... يطفأها علي عجل..ثم يدلف الي الداخل..يقوم بفرقعه اصابعه.. ليستعد لكتابه قطعته الفنيه التاليه ! ..ولكن قبل ذلك..يريد حقنه المورفين الخاصه به..مهلاً..لا تشطحوبتفكيركم بعيداً..فبطلنا هذا لا يتعاطي..سوا .. تعاليق قرائه التي..تجعل يومه يزداد بهجه وجمالاً... منذ الصغر وهو يحلم بأن يصير كاتباً... وفي غمضه عين صارحلمه حقيقه !..تحت اسم مزيف بدأ يكتب..فهو للاسف..يملك اصدقاء..يجيدون تاليف القصص الخياليه ثم تدويره بها ..تخيلو كلما كتب عن فتاه..ولنقل مثلاً اسماها -رؤي- ..."رؤي دي منو ؟؟! "..." من وراانا يا واطي !" ..الخ..تجاوز لتشغيلاتهم الغير مرغوبفيها..كتب اول أسم خطر علي باله...المقتبس من قميصه الذي كان يرتديه ذاك اليوم ولكنه أخطأ خطأً شنيعاً..حين ضغط علي خيار – فتاه- دون قصد..تأخر حين ادرك انه فعل ذلك..امتلأ صندوقه برسائل القراء... نكش شعره..ضحك...ثم قرر ان يترك الأمر علي حاله ..شاب ام فتاه...فالقلم هو القلم ! .. في أيام قليله..تحولت المئه لايك..الي الف..ثم الففين..ثم مئات الألاف !! ..اصبح صندوقه البريدي يفيض بالرسائل...وغروره لا يسع لسعادته ! ..لطالما حطمه الجميع.." فستقتك هذه لاتصلح للكتابه" ..اه كم اريد ان اخبرهم..ان فستقتي هذه..صارت مشهوره للغايه...ولكني سأمتنع عن هذا الأن...فاسمي المزيف ..اضفي الي كتاباتي نوع من الغموض.. وكعادته اليوميه..يقلب عينيه في اكوام الرسائل تلك ..بينما يجيب عليها واحده تلوه الأخري...يعتريه الملل احياناً..ولكن سرعان ما يتذكر..ان هذا الشخص قضي دقائق من وقته يكتب هذا الكلام..من اللائق ان يقضي هو الأخر..نفس الدقائق في الأجابه عنه !.... تشابهت جميعها..مابين " ان قلمك رائع " "انا اعشق كتاباتك " ...الاواحده...لطالما كان لها رونقها الخاص ..تمتاز بأسهاب..وصياغه رتبت حروفها بعنايه..لتصف كل احساس انتابها مع كل مشهد ! ..كان يستمتع بشده..وهو يقرأ في معلقتها هذه..التي سرعان ما تنتهي ..ساحبه بساط السعاده من تحت قدميه..مره اخري..يدفعه الفضول الي دخول حسابها.. ليجده خالي من كل شئ! ..ولا كلمه..كما لو انها لا تدخل هذه الشبكه الأجتماعيه..الا لقراء قصصه ثم الخروج !! .. تنهد بعدها..ليكتب رده الدبلماسي المعتاد..فلطالما كان يترك رسالتها المميزه للنهايه..كتحيله يتلذذ بها بعد انتهاء الوليمه..لذلك يتأخر في الأجابه..وسرعان ما تشير الساعه الي ال12منتصف الليل..ليبدأ قصته الجديده..وكله شوق ولهفه..لقراءه تعليقها في الغد.. اكملها..وقد علت وجهه ابتسامه رضي..بينما القي بجسده المنهك علي الفراش.. ليبدأ لا وعيه يردد غيباً..انت اصبحت..تعشق ثلاثه اشياء في هذا العالم.. "هاتفك..سيجارتك..و..." ...ليداعب التكيف خصل شعره الأسود..وسرعان ما يغرق في نوم عميق .. |