كانت واقفة أمامه في قصر كبيرة فيه ألاف الأشياء الثمينة
وعيناها محدقة في وجهه .. لا تستطيع التصديق :
- أهذا أنت ؟!
قالتها بنبرة غير مصدقة ما تشاهده أمامها , كادت أن تجزم أنها تعيش في عالم خالي من الواقع
ابتسم بخبث ليقول :
- مرحباُ بكِ في عالمي
هو اتجه إلى طريقه بعد أن تكلم مع يوكي بكلام سري لم تستطع كاثرين سماعه , وهو كله ثقة أنه سيجعلها تندم على ما فعلته بهِ
فتح الباب ودخل إلى مكتبه والشر بادٍ جداُ على وجهه
أما عن كاقرين فقد ظلت واقفة أمام جدها الذي لم يصدق أيضاُ ما يحدث وعلى وجهه علامات الدهشة و الانذهال بكل صوره , أفاق من الدهشة وأمسك كاثرين بين ذراعيه لتستيقظ من شرودها على صوت الخادمة لارا :
- كاثرين السيد يطلبكِ في غرفته
تنهدت بحذر لترفع عينيها اللذان كانا يراقبان الأرض لتجد لارا تنظر لها بابتسامة مشرقة .. إلا أنها شعرت بخطورة الموقف وبدأ الخوف يتسلل تدريجياُ إلى قلبها حتى أصبح يسيطر عليه بالكامل
توجهت هي إلى غرفة تاكومي الفخمة , بغير تصديق
تاكومي الخادم الذي كان يعمل في قصرها أصبح سيدها وهي تعمل عنده !!!
بدأ قلبها يدق بسرعة خارقة حتى خيل لها أنه سيخرج من مكانه في الحال
دقت على بابه البني المحروق , لتظهر بعض السخرية على وجهها تحوله لابتسامة :
- يا لسخرية القدر !
أجاب على دقاتها الهادئة بهدوء أكبر مع القليل من السخرية والبرود في صوته :
- تفضلِ
فتحت الباب ويدها ترتعش للغاية وكأنها سوف تخوض معركة كبرى لتدخل وتتسع عينيها من حجم الغرفة فقد كانت متسعة بشكل غير معقول وقادت نظريها إلى تاكومي الذي يجلس على مكتبه الخاص في الداخل
أكملت سيرها نحوه ببطئ شديد
سيطر الهدوء على الغرفة بمجرد استكان أصوات أقدامها وصوت القلم الذي يكتب به
تاكومي بهدوء ؤفع رأسه إليها .. ليبدأ بإلقاء كلمته أما كاثرين أو بالأحرى سيدته السابقة :
- أنتِ الآن في منزلي , وكل ما هنا هم عائلتي أما أنتي فغير مرحب بكِ هنا , إلا أنني سوف أكون كريماُ مكِ وأجعلكِ تعملين بلقمة عيشك يا .. آنسة كاثرين
بشكل ما أزيح الخوف عن وجهها وتجمع في قلبها وحده , ليكتسح البرود المزيف وجهها الأبيض البراق , قائلة مصطنعة البرود بينما قلبها يرتجف خوفاُ مع بعض الحقد في صوتها :
- تاكومي .. ما الذي تريده ؟؟
بادلها البرود ولكنه ليس مصطنع إنما هو حقيقي مع ابتسامة كبيرة على وجهه :
- الانتفام
تقدمت كاثرين بشكل أخرق ناحية تاكومي , وهي ترتجف بالكامل من داخلها , وبالكاد تستطيع التحرك والوقوف على قدميها , اصطدمت البرود للمرة العاشرة هذا اليوم :
- لماذا , ما الذي فعلته لك ؟
قاطع ذلك النقاش الحاد صوت طرق الباب .. التفت تاكومي إلى الباب ببرود وضيق في ملامحه ناحية الباب ليردف بعدما تنهد :
- تفضل
ليفتح الباب ويظهر رجل يرتدي بزة سوداء وقبعة على رأسه .. يبدو وبشكل ما مثل المحققين :
- سيدي .. هناك اجتماع طارئ في الشركة
صمت ذلك الرجل قليلاُ وسط دهشة كاثرين .. ليجيبه تاكومي :
- حسناُ .. أنا قادم
انحنى ذلك الرجل بخفة وذهب
تقدم وصوت أقامه تقرع على الأرض الخشبية حتى وصل إلى الباب وخلف كاثرين .. ليقول بنبرة افضحت حقده عليها :
- لنا موعد آخر .. الآن إلى عملك
خرجت كاثرين من الغرفة وكلها دهشة وتعجب لما يحدث معها
بدأت كاثرين تأخذ نظرة في أرجاء القصر قائلة :
- يا إلهي .. كم هذا جميل .. أكره أن أقول هذا ولكن هذا القصر أجمل من قصرنا بكثير
- كاثرين .. ما الذي يحدث معكِ ؟؟
التفتت كاثرين إلى الخلف بسرعة لتشاهد قائل تلك العبارة للتو ولم تكن سوى لارا
تجاهلتها كاثرين .. أو بالأحرى لا تستطيع الرد عليها لآن في حالتها هذه هي لا تستطيع الرد البتة !!!
فتحت كاثرين باب غرفتها بهدوء ليصدر ذلك الصوت المزعج من الباب والذي كان أشبه بصوت سجن ستدخل إليه ولن تخؤج أبداً الدهر .
جلست على السرير الذي حمل شتى أنواع الغبار , صرخت بجنون تشكو من حظها التعيس الذي أتى بها إلى هنا .
سمعت صوت شئ مت من النافذة وكأنه صوت لمقص أو شئ من هذا القبيل
التفتت كاثرين ناحية ذلك الصوت الذي في الأسفل عند الحديقة
ظهر عرق الغضب على وجهها وهي تحدث نفسها قائلة وتكاد تنفجر :
- ما الذي يفعله جدي الآن ! .. هل هناك ما ينقصني ؟!
وما لبثت أن قالت هذا .. حتى كادت تقع من النافذة التي استندت عليها لترى جدها من النافذة
لتنزل وتتجه ناحية جدها وصرخت مزمجرة :
- جدي .. ما الذي تفعله .. هل نسيت من نكون ؟؟
ليرد عليها والتعب قد أخذ بثأره منه :
- ابنتي يجب أن نعمل حتى نكسب لقمة العيش
ليبكي بعدها
أما هي فقد ظهر قطرة ماء خلف رأسها وقالت بإحباط شديد :
- جدي أنت لسد فقيراُ لهذه الدرجة
- مرحباُ يا رفاق !
التفتت كاثرين بنفس العلامة التي على وجهها لترى شخصاُ يحرك الهواء شعره الأحمر وهو يبتسم مقفل العينين لذلك لم تستطع رؤيتها .
زمت على شفتيها بضيق فهذا ما كان ينقصها فتاٌ مغفلاٌ يضحك بطريقة حمقاء
قالت ببرود وحاجباها مقطبان :
- من أنت ؟
أكمل هو ضحكته ليقول بهدوء بينما يمشي إليها ومسح على رأسها مع ابتسامته المرحة ليردف :
- أنا ليون صديق تاكومي المقرب .. وأنتِ ؟
نظرت له بمللٍ و برود وإلى يده التي مدها لمصافحتها
إلتفتت وأعطته ظهرها قائلة :
- لست مجبرة على التعريف بنفسي
وأكملت طريقها بينما تركته والفضول والتعجب سوف يقضيان عليه ناحيتها .
وقد عاد جدها للعمل أما ليون فقد أكمل طريقه ناحية القصر
سطى القمر الأبيض الناصع على السماء برمتها .. ليعلن بغروره عن جماله الأخاذ الخاطف للأنفاس
والنجوم تحيط به من جميع النواحي لتأخذ القليل من جماله وتلمع بقوة لعلها تتفوق على لمعانه وجماله .. ولكن يهات فلا شئ يتفوق على لمعان القمر .
وها هو تاكومي الشاب يجلس في غرفته ويضع قدم فوق قدم ويتصفح مجلته ببرود يكتسي وجهه فيرفض الرحيل .
ليسمه طرق الباب الهادئ .. فما إن سمعه حتى قال بنبرة البرود التي تغطي صوته :
- تفضلي يوكي
فتحت الباب لكي يصدر ذلك الصوت الذي يتكرر مراراُ وتكراراُ كلما بفتح أحداُ الباب أو يغلقه .
دلفت إلى الداخل وأغلقت الباب ورائها أكملت سيرها لتجلس أمام مكتبه بابتسامة جميلة قالت :
- أخي .. ماذا فعلت في اجتماع هذا الصباح ؟
رفه وجهه ونظر إليها وكأنه كان يحتاج إلى أحدٍ ما لينقذه من هذه المجلة المملة ليقول :
- لا شئ مهم .. فقد أتى المنتجون الأوربيون وأخذوا يشاهدون الشركة .. وكالعادة وافقوا على أن يكونوا مستثمرون للشركة
اقتربت هي منه لتمسح على رأسه بمرح :
- هذا جيد أخي
أردفت وقد هربت ابتسامتها التي كانت تبرز وجهها الجميل وحلت محلها حزنُ شديد :
- ماذا سوف تفعل لكاثرين ؟
نهض من على الكرسي وابتعد عنها لينظر إلى النافذة ليرى معركة القمر والنجوم على عرش السماء :
- لا أعلم
سألت بالقليل من الفضول :
- ماذا تقصد ؟؟
اعتلت ابتسامة غريبة على وجهه كما لو أن جميع مشاعره قد اجتمعت فيها :
- سوف أجعلها تندم على ما فعلت بي
سمعا طرقات الباب .. فأجابت يوكي بهدوء :
- تفضل
ظهرت امرأة كسى الشعر الأبيض على شعرها الأسود في رأسها وقال بنبرة تأنيب :
- آنسة يوكي .. جاء وقت النوم
أومأت برأسها والتفتت وقالت بابتسامة غزتها اللطافة :
- تصبح على خير أخي
قال بصوت يكاد يسمع كما لو أن أفكاره تسربت للخارج :
- لابد وأن أجعلها تندم
أعادت النظر إليه :
- إيه ؟ هل قلت شيئاُ أخي ؟
هز رأسه نافياُ مع ابتسامة لطيفة نادراُ ما تظهر :
- أحلاماُ سعيد
تحركت من أمامه بمجرد نظقه بهذه الكلمات المجيبة عليها :
- و لك أيضاُ
_
أشرقت الشمس لتعلن عن يوم جديد .. ليس كباقي الأيام بالنسبة لها .. فهو مختلف تماماُ .. فهو أول أيام الشقاء بالنسبة لها أو بالأحرى هذا ما سمته عن يومها .
نهضت من فراشها الذي أصبح الغبار عنوانه أو بالأحرى عنوانها هي .. فكل الغبار الذي على السرير أصبه عليها هي .
اتجهت نحو الخزانة لتفتحها ببطئ والتعاسة والإحباط على وجهها .. أمسكت باللباس الرسمي للخادمات الذي استلمته أمس البارحة
لترميه على السرير وكأنها لا تريده البتة .. بل هي لا تريده فعلاُ
ارتدته بتعاسة لا مثيل لها .. تعيسة هي بشكل لا يصدق .
بالتأكيد لا يوجد أي شئ يسعدها بعد الآن في حياتها .
ارتدته وخرجت من الغرفة بخطى أبطئ من السلحفاة .. لا تريد أن تصل إلى الأسفل إلا في القرن القادم .. تكاد تختنق من تعاستها الحالية والقادمة .
وأخيراُ وبالمشقة المطلقة وصلت إلى الأسفل ودخلت إلى المطبخ لتنظر إلى لارا الواقفة
تعد شاياُ للسيد تاكومي وأخته يوكي
التفتت إليها لارا بعدما لاحظت جلوسها على المنضدة الموضوعة لجلوس الخدم عليها
قالت بغضب بادٍ على ملامحها :
- ولكم ماذا تفعلين ؟؟
حكت كاثرين رأسها ببرود متظاهرة بالتفكير ومن ثم فرقعت أصابعها لتقول بسخرية :
- آه .. أظن أنني جالسة على هذه المنضدة .. صحيح ؟؟
ستقتلها بالتأكيد في نهاية الأمر .. ظهر الانزعاج بوضوح على وجهها .. فقررت تجاهلها فحسب
عادت لعملها بعدما سمعت صوت غليان المياه المراد إعدادها للشاي :
- يفترض بكِ أن تكومِ سعيدة لأن هذا أول يوم لكِ في العمل
قالت بنبرة الأموات التي لا حياة فيها إطلاقاٌ .. حقاَ خالية من أي مشار بشرية :
- حسناَ لكِ ما تريدين
أردفت :
- رائع يا للروعة يومي الأول في هذا العمل .. ما أسعدني !
نظرت لها لارا ببرود والغضب يتدفق داخلها بسرعة 50 كيلو في الساعة
فكلامها السعيد هذا لا يقال بتلك النبرة !
وزعت الشاي على كوبي السيدان .. وقالت ببرود لم يعتده أحدُ منها :
- يبدو أنني سوف أتعب معكِ