08-05-2015, 05:21 PM
|
|
{الفصل الخامِس : حتي لا نَنفَصِل!}
كانَ لاندرين مُريحاََ ظهرُه علي شجرَة بينما سيرين تدور حول نفسها في دوائِر! مُمسِكة بِصندلها في يديها وقد مزَقَت فُستان لورانس البُني لينتهي عِند رُكبَتيها نَظراََ لإنها قد تعثَرَت فيه مِراراََ!
صاحَت أخيراََ غَير مُحتَمِلَة : هلا أخبرتَني لِماذا نَحنُ واقِفانِ هُنا بِهذا الشكل؟! ألم تقُل إننا علي حِدود بَلدَة؟! لِماذا لم ندخُلها حتي الآن؟!
أجاب بِهدوء : لا يُمكِنُنا أن ندخُل أي بلدة فقط إن شِئنا! أحتاج إلي جمع بعض المعلومات!
صمَت قليلاََ ليُتابِع وكأنما يُحدِث طِفلاََ : وأرتدي صَندَلِك ستؤذين قَدميكِ.
جَلَست أرضاََ نافِخة وجنتيها وهيّ ترتدي الصندل لِتُكمِل : وما الذي وجدتُه حتي الآن؟
أنزَل القلنسوة عن رأسُه وكأن الحر قد ضايَقُه أو لم يعُد مُحتاجاََ لإخفاء عينيه فقد أنهي بحثُه ! : ليس الكثير, فقط سيحدُث لِكِلانا أشياء سيئة إن تم فَصلَنا.
ردَت بحيرَة : ولِماذا يَفصِلونَنا؟!
هُنا ظهرَت حيرَتُه هوَ : هذا ما لا أفهمُه أيضاََ! أعتقِد إننا لن نفهم إلا إذا حاوَلنا الدخول.
فتَحَ مِعطَفُه مُفكِراََ, أيخلعهُ تماماََ أم يُبقيه إن أراد ألا يبدو كراهِباََ؟
لكنهُ أكتفي بخلع القلنسوة وفتح المعطف.
___
وقفا عِند بوابَة كبيرَة وقد تقدَمَ إليهما شاباََ : من أنتُما؟
ليُجيب لاندرين بصوت خالِِ من المشاعِر : أُدعي لاندرين وهذِه أُختي سيرين.
تعجبت سيرين من قُدرتُه علي الكَذِب بهذِه البراعة لكن بدا لها في صوتُه شيئاََ غريباََ, أو بالأصَح لم يكُن بِصوتُه شيء أصلاََ.
تابَع حارِس البوابَة : ولِماذا جِئتُما إلي هُنا؟
-للبحث عن عمل.
أشار الشاب بتفَهُم : حسناََ, تفَضَل أنت مِن هُنا وهيّ مِن هُنا!
أمسَكَ لاندرين يدها قبل أن تبتعد بسُرعة مُتَبِعَة تعليمات الشاب : لقد كذَبت! إنها عشيقتي! وقد هربنا من أهلينا الذين رفضوا تزويجَنا وجِئنا إليكُم لاجِئين!
رفَعَ الشاب حاجِباََ بإستنكار لثانية بينما أحمر وجه سيرين وكإنها أصبحَت فجأة فتاة سِيئة السُمعة فبدا الحارِس وكأنهُ تفهم : ما أعمارَكُما ؟
-أنا فالثالثة والعشرون وهيّ فالثانية وعشرين.
قال الشاب بإبتسامة : بإمكانِكُم الدخول.
أرسَل شاباََ أمامَهُما كدليل بينما تم أخذ الحِصانان مِنهُما!
لاحظ الدليل نظرات لاندرين التي تَبَعت شامايل وماتشي ليقول : لا تقلق, إنهُما يُقادان إلي إسطَبل بِجوار بيت الضيافَة الذي ستبيتان فيه الليلَة.
لَكِن هذا الجواب لم يُرِح لاندرين وبقي شاعِراََ كمن حُبِس أو وضِع تحت المُراقبَة.
بعد عِدة دقائِق أنقطَع صَندَل سيرين فَخلعتهُ لتسير حافية لكن الأرض كانت ساخِنة لِتعرُضها للشمس لساعات فأخذَت تقفز علي قدمها اليُمني مرة وعلي اليُسري مرة, نظر الدليل لها بِشفقة وللاندرين بإستنكار, لم يفهم لاندرين ماالذي يُفترَض أن يفعلُه لماذا ينظُر لهُ ذلك الشاب بِهذا الشكل؟
توقف لاندرين عن المشي لثانية, من المُفتَرَض إنهُ يُحِبها وهذا لا يتماشي مع لا مُبالاتُه!, أنخفض ليفُك حِبال حِذاءُه ومَدُه لسيرين بإبتسامة : أرتدي هذا!
لم تُفكِر سيرين لثانية برغم إستغرابِها لِلُطفُه المُفاجيء بل أخذت الحِذاء لِترتديه وتَربِط الحِبال علي البنطال الجلدي : أتعلم؟ يبدو أجمل عليّ!
إبتسم لاندرين بينما تحرك عِرق فوق حاجِبُه الأيمَن : بالطَبع!
رفعت سيرين رأسها عن الحِذاء لتري قَفَصان خشبيان بِداخِل أحدِهما فتيات وبالأخر فتيان ويُجَر القفصان فوق عربتان خشبيتان من قبل الحَمير!
تسمرَت قليلاََ رأسها تنظُر للمشهد الذي أمامها وكفاها مازالا علي الحِذاء, لحظة! أي زمن هذا؟! متي كانت تِجارِة العبيد؟!
تشوش عقلها لِتنظُر إلي لاندرين الذي بدا في صدمة أكثر مِنها! , إذن هذا ليس طبيعياََ بالتأكيد!!, تلك البلدة! ماالذي يحدُث فيها بالضبط؟! علي الأقَل هيّ تَعرِف الآن لِماذا سيحدُث لَهما شيئاََ سيئاََ إن إنفَصَلا!
تابَعا السير خلف الدليل ليسأل لاندرين مُحاوِلاََ ألا يبدو مُرتاباََ : هل ستأخُذنا إلي البيت الذي سَنُستَضاف فيه اليوم؟
أجاب الشاب بإبتسامة سعيدة : لا! سأخُذكُم إلي البيت الذي سيتم فيه تجهيز العروس! لمراسِم زِفافَكُما! وإن أردتُما بعدها أن تعودا إلي بلدتكُما فأنتُما أحرار! نحنُ نُريد فقط مُساعَدَتِكُما حتي تستطيعا مواجَهِة أهليكُما مرة أُخري! فقد لجئتُم إلينا!
ظَهر الفزَع جلياََ علي وجه سيرين ليرُد لاندرين : نحنُ نحتاج فقط المكوث ليوم أو إثنان خارج بَلدتَنا! للتظاهُر بإننا قد هربنا منهُم وحين نعود سيُزوِجونا بِلا شَك! ليُداروا الفضيحَة!
أومأت سيرين بِسُرعة ليُتابِع الشاب : ولِمَ التظاهُر؟! الهجوم خير وسيلة لِلدِفاع!
بحَثَ لاندرين بِعقلُه عن حُجة مُقنِعة ليستخدِمها فلم يجِد : مِنطقهُ قوي!
قالها لسيرين لِتدوس علي قَدمُه الحافية بِحِذاءُه!
هُم سيهرُبون بِلا شك! من تلك البلدة المجنونة !, حاوَل إخبار سيرين بأن تتأهب لكنها ليست أحد أفراد فريقُه كي تفهمُه بإشارَة!
___
دق الباب لينفَتِح كاشِفاََ عن فتاتين واحِدة شقراء وأُخري بُنية الشعر جميلتان الشكل باعِثتان للبهجَة.
-ماذا؟ عروس أُخري يا رفاييل؟!
ضَيَقَ لاندرين عيناه, ماذا تقصِد بأُخري أهيّ مُعتادَة هذا؟ إلي هُنا كُن يهرَبن القاصِرات إذن مع أبناء الفلاحين!! لكن هذه ليست مُهمتُه وليس تحقيقُه وهوَ لا يهتم!
ليتزوجوا إن شاءوا!
دخلَت سيرين بتوتُر وهيّ تنظُر خلفها مُنتَظِرة من لاندرين أن يلحَق بِها وبالفِعل فَعَل لِتَدفعهُ الفتاة الشقراء بِكفِها في صدرُه : أنت! ليس هُنا! المنزِل المُجاوِر!
ثُم أغلَقت الباب في وجهُه! لِتَلتَفِت إلي سيرين بإبتسامة لئيمة؟
قالَت بُنية الشعر بصدمة : لدينا الكثير من العمل! لا بُدّ إنك.. أصعب عروس تُقابِلنا!
نظرت سيرين لنفسها بِلا فِهم, ماالذي يجِدانُه خاطِئاََ جِداََ بِها؟!
فُستان مُمَزَق, بِنطال جلدي للخَيل, حِذاء رجالي! طبيعي جِداََ!
من نخدَع؟ لا شيء صحيح بِها!
قالت الشقراء بمرح وعلي وجهها نفس الإبتسامة اللئيمة : هيه تشارا لكِنها خامَة جيدَة!
حكَت تشارا جبهتها مُفكِرة : رُبما أنتِ مُحِقة مالوري!
كانَت سيرين تُراقِب حديثَهُما بِتوَتُر إلي أن زَجا بِها في حمامِِ لا بُدّ إنهُ أغرَب حمام رأتهُ مُذ أتت إلي ذلك الزمن والأقرب شكلاََ إلي شكل الحمام العادي, قد كانَ حتي بِهِ ما يُشبِه حَوض الإستحمام.
وقفت بغرابة لثواني حتي لم تعُد تحتَمِل الإغراء! فهيّ مُتعبة ومُسافِرة مُنذُ يومان!
دقائِق وأصبَحَت فالمياه وسَط أوراق الوِرود الحمراء التي غَطتها تماماََ ولم يظهر مِنها سِوي رأسها الذي أراحَتهُ لِلخَلف وأستَرخَت.
وفجأة فُتِحَت نافِذِة الحمام ليُطِل مِنها لاندرين : ماالذي تفعلينه! يجب أن نهرَب!
لكن ما كان مِنها إلا أن صرخت! ليظهر رفاييل خلفُه ويسحبُه مِن قفاه!, قد سَبَت نفسها بعدها علي هذا! تُري ماالذي يحدُث معهُ الآن؟!
___
-قد فَعلها أخرون! هذا مُمِلٌ حقاََ.
قالَ هذا شابٌ أشقر كانَ جالِساََ مع لاندرين مُحاوِلاََ التخفيف من توتُر لاندرين لكنهُ لم يكُن متوتِراََ من أمر "التلصُص علي العروس" هذا أصلاََ بل كان تفكيرُه مشغولاََ بِفكرة الهرَب!
حين وجد الشاب إنهُ لا فائِدة أعطي لاندرين شيئاََ أخضر اللون ليرُد بِلا أكتراث : ما هذا؟
-عُشب طبي, مُخفف للتوتُر.
تظاهر لاندرين بإنه أكلُه ثُم بصقُه بعدها بدقيقة في رُكنِِ مِن أركان المنزل فأخِر ما يحتاجُه الآن هوَ فُقدَان قوَتُه.. أو أسوء! عقلُه!
أنت لا تأخُذ فقط أي شيء وتضعهُ في فمك! قد يكون مُخدِراََ من نَوعِِ ما!
دخل رفاييل وفي يدُه شيء يبدو كجِلباب أبيض لكن مع أختلاف بسيط فقط كان بِهِ خرَز أزرق علي جانبيه وعلي شكل سبعة عِند العُنُق مشغول يدوياََ وطولُه يصل للرُكبة فقط , معهُ بِنطال بِنفس اللون!
صاح بِسعادَة : هاقَد وصَلَت حُلَة العُرس! بَدِل ثيابَك لا أحد يحضَر مراسِم زِفافُه مُرتدياََ الأسود!
رفاييل لا يعلَم إنّ بِزَمَن سيرين البِذَة السوداء هيّ تحديداََ ما يرتديه صاحِب العُرس!
خَلَع لاندرين مِعطَفُه ثُم القميص الذي بِلا أكمام أو أزرار تحت نظرات الشابين ليَكشِف عن بنيَة غير مألوفَة في أوساط الشباب العاديون, علي الأقل ليس شباب هذا الزمن الخالي مِن المراكِز الرياضية! "أهلاََ! أنا مُغتالٌ قد حَصَل علي أعلي تدريب مُمكِن, الأمير نفسُه قد لا يُجاريني" نعم! هذا تماماََ ما لا يَجب أن يقولُه!
-ماذا؟ كُنت أُساعِد أبي فالحَقل والحِطابَة!
أومأ كِلا مِن رفاييل والشاب الأخَر وكأن ما قالُه أقنَعَهُما.
أدار ظهرُه وأبتَعَد مُتجِهاََ لغُرفَة كي يُكمِل فيها تبديل ثيابُه ساباََ نفسُه علي تلك الفلتَة, دقائِق وكانَ قد خرَج , أبديا رِضَاهُما عن شكلُه بينما بقي فيه شيء من التوتُر كونَهما رُبما يشُكان في أمرُه كما أنشغل تفكيرُه بالفُرصَة الثانية التي قد تسنَح لهُ ولسيرين بالهرب, متي ستوجَد فُرصَة كتلك؟!
أمسَك بِكوب فُخاري بِهِ لَبن ساخِن كانَ موجوداََ علي طاوِلة خشبية وجلس علي كُرسي يرتَشِف مِنهُ, كانَ حُلو مَيز طَعم العسل فيه, أكمل الكوب لتعتريه راحة غريبة, كانَ هُناكَ طعماََ لم يستَطِع التعرُف عليه.
نظر للشاب الأشقر : هيه موريس
-ماذا؟
-هذا لبن بالعسل, صحيح؟
-بالطبع! ماذا سيكون؟
قهقه لاندرين قليلاََ وكأنهُما أصدِقاء عُمر : لا أدري, فقط شعرت لثانية إن طعمُه غريب لكنك مُحق!
تردد موريس قليلاََ : بِهِ نفس العُشب! لكن لا تقلق! إنهُ ليس مُضِراََ!!
لاندرين لا يحتاج إلي إمضاء وقت أكثر في هَذِه البلدة كي يُصبِح لديه "شعور سيء"
ستكون ليلَة طويلَة !
___
دارَت سيرين حَول نَفسها بِسعادَة!, رُبما هوَ زِفاف مُزَيف سَتهرُب مِنه لكن هذا لا يمنع الإستمتاع قليلاََ كونَها بِداخل الفُستان الذي تحلُم بِهِ كُل فتاة!
أبتَسمت تشارا بحنان كأُخت كُبري : تعالِ لِأجدِلَ لَكِ شَعرِك, مالوري أحضرِ لي بعض زهور الليلَك من الخارج.
___
أتت سيرين رغبة خفيفة فالتقيوء, أحشائَها تتقلَب فهيّ الآن بِداخِل الكنيسة وعلي وشك فِعلاََ أن يتم تزويجَها مِن شاب قابَلتهُ مُنذُ يَومين! آه وهوَ مُغتالٌ!
كادَت تَنفَجِر فالضَحِك الهستيري لكن هذا كانَ ليُخيف جميع الحضور, بمُناسَبِة الحضور, من هؤلاء الناس أصلاََ؟!
لَوَحَ لها لاندرين مِن علي بُعد بِسعادَة, رُبما تلك أوَل مرة تراه في شيء غَير الأسوَد وبدون أن يكون جُزء من وجهُه مُختَبِئاََ وأيضاََ أسنانُه ظاهِرَة وكأنُه.. يواجِه صعوبَة في أخفائِها؟
حسناََ! من هَذا وما الذي فعلوه بلاندرين؟!
لم تُطِل التفكير فقد سَحَبَ كهلٌ ما يدها ليسير بِها إلي المذبح, هل يُفتَرَض إنهُ يشغَل مكان أباها الآن؟!
طفلتان تَنثُران الورودَ أمامَهُما, صوت نبضات قلبَها يُصبِح أعلي مع كُل خطوة, طمأنَت نفسها في ثوانِِ بدَت كأعمار أُخري "لا بُدّ إن لاندرين لديه خُطَة" !
وقفا مُتقابلين أمام القِس بينما هوَ يتحدَث عن الزواج والرِباط المُقدَس! كانت سيرين تنظُر للاندرين بإستنجاد بينما بقي مُبتَسِماََ بغرابة!
أقترَبَت مِنهُ لِتهمِس : أفعَل شيئاََ!
هَمَسَ راداََ : لا أستطيع التوقُف عن الإبتسام! لقد أعطوني شيئاََ غريباََ!
-ماالذي تقولُه! هل أنتَ ثَمِل؟!
-لا , أنا لاندرين!
مُبَشِر! هل يكون زواجاََ شرعياََ حتي إن كانَ أحد العروسان شِبه في غير عقلُه؟
لم تجد حَلاََ إلا أن يهرُبا "بعد" المراسِم! حين يترُكوهم!
لم يقُل القِس كُل شيء ليقولا "أقبل" فالنهاية بل جعلَهُما يقولا القَسَم كامِلاََ! مِما أخافَها فِعلاََ, رُبما تطور الأمر فالمُستقبل ليُختَصَر بِكَلِمة واحِدَة؟ أنتهي القسم بالجملة المعهودَة "يُمكِنَك تقبيل العروس" , لم يتحرَك لاندرين!
وكزُه القِس قليلاََ ليقول ببراءَة : أوه أنا من عليه تقبيلَها؟
ضرب القِس جبهتُه ورمي ببصرُه علي موريس متوَعِداََ!
-حسناََ! حسناََ! سأفعَل!
أقترَب مِنها قليلاََ لِتصرُخ فجأة : لا! أنا لن أتزوج في غياب والِدَيّ!
سَحبها لحُضنُه مُخفياََ وجهها في صَدرُه ليكتم صُراخَها ثم أنخفض قليلاََ ليهمس بإبتسامة لا تُناسِب الموقِف : سيقتلونَنا!
ثم أبتعد مُحدِثاََ الحضور : إنها خجولة قليلاََ!
ثم نظر إليها مُنتظِراََ منها تصحيح سلوكَها!, مدَت يَداََ مُرتَعِشَة إلي شَعرها لِتُخرِج مِنهُ زهرَة وتمُدها له, ضَحِك بخفة, حقاََ؟ هل هَذا كُل ما تستطيعين فعلُه لتصحيح الموقف؟
أخَذَ الزَهرَة وقبلها ناظِراََ لسيرين, بالطبع تأثَر الحضور بهذا العرض! هه "خدعناهُم" ! هكذا فكر لاندرين بما بقي عامِلاََ مِن عقلُه لكن حقاََ من خدَعَ مَن؟
___
بجوار الإسطبل في بيت الضيافة, وقفَت سيرين بفُستان لورانس البُني في رُكن بعدما أعادا حُلتا العُرس بالطبع تنظُر في ذهول للاندرين الذي يُحطِم كُل ما هوَ قابِل للتحطيم! تباََ! فقط ماالذي أعطوهُ له!؟
-ليس لديّ أدني فِكرة لِمَ أنا غاضِب! لكني فقط كذلك!
أتجهت إليه بحزم وقد قررت أن تتدخل قبلما يزداد المبلغ الذي سيصبح عليهما دفعُه في مُقابل كُل تلك الأشياء المُحطَمَة!
أمسكَت كتفيه بقوة : تَنَفَس لاندرين! تَنَفَس!
بدأ يُحاوِل تنظيم أنفاسُه معها علي غير المتوقَع فقد شعر جُزء جبان مِنها بإنها سترتدي لكمة في وجهها لفترة قادِمة لكن لم تأتي أية لكمات, بل جلَسَ أرضاََ وكتفيه يَرتَعِشان ليُظهِرا صعوبِة قمع هذا!, أشفَقَت عليه, لا يجب أن ننسي أيضاََ إن لاندرين ليسَ شخصاََ عادياََ فإن كان هذا الشيء يُزيد من الطاقة, فقد.. إزدادَت بلا شَك! بشكل مُرعِب!
أخذت تبحث حولها عن شيء ما لا تدري ما هو, هيّ فقط يجب أن تُساعِدُه! حتي وجدَت دلواََ من الماء!, رَمَت بالمياه عليه بسُرعة ليسترخي بشكل ملحوظ : أفضَل؟
-أعتقِد, سنبيت هُنا الليلة ونُغادِر فالغَد فقد أنتهي ما كُنا نُحاوِل الهرب منهُ.
أومأت بلا كلام مُتَجِهة لرُقعَة مُعينة فالأرض لِتنام , نظرت لهُ بِشَك : لا تقتَرِب مِني!
فهوَ مُجرَد غريب بعد كُل شيء, رُبما لم يُصَدِقها غيرُه لكن هذا لا يعني إنها تَثِق بِه!
رد بسُخرية : هه مَن يرغب بالأقتراب منكِ؟ سأُصبِح راهِباََ فِعلاََ قبل أن أفعل هَذا!
هز هذا ثِقتها بشكل أو بأخر لِتُمسِك بِدلو ثانِِ من الماء وتُفرِغ محتوياتُه عليه!
صاحَ بإستنكار : تباََ لكِ! ما كانَ هذا!
أجابَت وكإنها لم تفعَل شيئاََ : أوه لقد ظننتك مازِلت غاضِباََ, خَطَئي!
بدأت تغُط فالنوم حتي : سيرين؟
لم تلتَفِت : ماذا؟
خرَجَ صَوتُه مهزوزاََ : هل أطفأتِ المِصباح؟
فتَحَت عيناها لِتنظُر للشُعلَة بِداخِل الزُجاج, تمتمت بخفوت وكأنها لا تُريد أن تَنطِق : لا...
هل ما تعتَقِد أنهُ يحدُث يحدُث فِعلاََ؟
قال لاندرين مُطَمئِناََ : لا داعِِ للقلَق!
ليرفَع صوتُه قليلاََ : فقد أُصِبت بالعمي فقَط!!
كانت سيرين تقف إمامُه وكأنها تدرس حالَتُه : حسناََ... ليس العمي تحديداََ هوَ ما أصابَك..
صمتت قليلاََ تُحاوِل التفكير بكيف تُخبِرُه أن كِلتا عيناه تتبادلان الإضاءَة كإشارات المرور, هذه تُضيء ثم تنطفيء لتُضيء الأُخري وهَلُمَ جرا..
همسَت بخفوت لنفسها : قد ضاعَت الهيبة.
صاح بشيء من الطفولية : هيه! لقد سمعت هذا! أنا أعمي لا أصَم!
-مُتأكِدة إنَكَ ستعود لطبيعتَك حين يذهب عنك تأثير ذلك الشيء! أيضاََ يبدو إن الطاقة الكونية لا تتعامل يشكل جيد مع أياََ كان ما شَرِبتُه!
نطق بسُخرية : لاحظت!
بعد ساعة, خَبَطَت علي كَتِفُه بخفة : هيه لاندرين.
-ماذا؟!
-ما كان ذلك الصوت؟!
-لم أسمع شيئاََ!
-ذلك!!
-أوه إنها فقط سلعوة, عودي إلي النَوم!
-ماذا تَظُنَني؟! أنا مِن زَمن أخَر لا بَلهاء! لا يوجَد شيء أسمُه "سَلعوَة" !
-ماذا؟! هل إنقرَضَت في زَمَنِك؟!
-إنها لم توجَد قَط!
-السَلعوَة موجودة صَدَقتِ أم لا!
فجأة قفَزَ شيءٌ مِن النافِذَة علي صَدر لاندرين ليأخُذه ويقع بِهِ! : أخبريني إن هذا ليس ما أظُنُه!
قالت بصدمة : فالواقِع هوَ ليس كذلك! هذا ليسَ سَلعوَة! هذا جريفين!
-ماالذي تقولينَه! الجريفين ليسَ حقيقياََ!
قال هذا وهوَ يدفَع المخلوق عنهُ بِعصا أمسكها مَسكِة الرُمح!
-هيه أنا المُبصِرَة هُنا! أُقسم إنهُ جريفين!
-أتقصدين أني دفعت عن صَدري أسَدٌ وأنا واقِفٌ أمامُه الآن؟!!
-نعم..
صاح : ماالذي مازِلتِ تفعلينه هُنا! أحضري سيفي!
أخذت تركُض فالمكان : أين هوَ؟!
-لا أذكُر! هوَ هُنا في مكانِِ ما!
كانَ يستخدم سمعُه ليتفادي المخلوق ذو الأجنِحة, ويُحرِك العصا بطريقة بدا فيها نوع من العشوائية المُقنَعَة وكأنهُ يُحاوِل إيهام المخلوق بإنهُ يراه.
-وجدتُه!
رمت بِهِ إليه ليلتقطه بيد بينما بقت العصا فالأُخري, قذَفَ بالسيف إليها مجدداََ : أخرجيه من الغمد! أنا لن أستخدمه هكذا!
بالطبع لم تستطع إلتقاطُه وقد وقع أرضاََ وجذبته بسرعة, إنهُ ثقيل نسبياََ لكنها تمكنت من فصلُه عن الغِمد, كانَ نِصف الأسَد قريباََ جداََ من لاندرين! لم يكُن لديها حل أخر سِوي أن تستخدم هيّ السيف! لا وقت!
لم يغرِس السَيف فيه بالكاد أخترَق جلدُه! لكنه بِلا شك ألَمُه ليزأز كُل ذلك الزئير ويرتَفِع عن الأرض بقدميه الخلفيتان!
هبَطَ بنابيه علي كَتِف لاندرين! ما لَبِث أن أبتعَد وطارَ مِن النافِذَة كما أتي!
أمسَكَ لاندرين كَتِفُه بألَم : أنتِ عروس جالِبَة للحَظ السَعيد! لم أعلَم أن هذا الشيء موجوداََ حتي!
بالطبع كانَ ساخِراََ, ردَت بتذمُر : ليس خطَئي إن الطبيعة تكرهك لأنك لستَ طبيعياََ!
-ها؟ أن هكذا مُنذُ سنتان! ولم تُهاجِمني الطبيعة أبداََ! مُتأكِد أني لستُ عدواََ للطبيعة!
أبعدَت يدُه عن كَتِفه : فقط أرِني الجرح!
كانَ عميقاََ لكن هذا لم يكُن ما أخافَها, ما أخافَها إنهُ ألتئَم في ثواني!
-ممم لاندرين هل كانت جروحَك تلتَئِم بسُرعة عادَةََ خلال السنتان؟
-لا, لِماذا؟!
-لا لشيء! فقط أختفي جرحَك للتو! أتظُن أن لهذا عِلاقَة بِلُعاب الجريفين؟!
كانَ ينظُر لِكَتِفِها وهيّ تُحدِثُه, بالطبع! فهوَ لم يكُن يري لكنهُ أبتعَد فجأة ونظر لوجهها : لقد عاد بصري!
رمَشَت مُحاوِلة الأستيعاب : أظُن إن الجريفين كانَ يُحاوِل مُساعَدَتَك! لاا! قد طَعنتُ كائِناََ نبيلاََ!
-مُتأكِد إنهُ يستطيع مُعالَجِة نفسُه!
بالنظر فالأمر, كيف يستطيع شابٌ أعمي وفتاة مُحارَبِة مخلوق أسطوري؟ فقط إن لم يكُن يُريد المُحارَبَة مِن الأساس!؟
-أنا أسعَد عروس فالعالَم!
مازِحة أم ساخِرة أم حتي أستَخدَمَت تلك الجملة لتتعجب من كُل ما حَدَث لا أحَدَ يدري!
بقي لاندرين مُمسِكاََ بالسيف لساعة خشيةََ أن يدخُل مخلوقاََ غريباََ أخر عليهما من تلك البلدَة العجيبة! بينما نامَت سيرين كطفل!
___
تخطيا بوابات البلدة الخلفية, سيرين تسير بجوار لاندرين وهوَ يَسحَب لِجامَي الحِصانان, هُما الآن خارج تلك البلدة رسمياََ!
سرَح فكر سيرين للجريفين لثانية فأقشعر بدَنها, قد كانَ ضخماََ! والدماء! وأقفاص العبيد!!
قفزَت فجأة بسعادَة : خرجنا أحياء!!
قالَ لاندرين بِهدوء مُذَكِراََ ليُخَرِب سعادَتَها : وَمُتزوِجان!! أحياء ومُتزَوِجان!!
-أنتهي الفصل الخامِس.
|
التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 09-22-2015 الساعة 06:38 PM |