08-16-2015, 10:28 PM
|
|
{الفصل السابِع : ما الحُب حقاً؟}
لا أحَد يَعلَم ماالذي حدَث لذلك الرجُل الذي سَقَطَ أرضاً فجأة ، علي الأقل لا أحَد غَير لاندرين! ، المحليين يُصَدِقون أنّ هذا تأثير اللَعنة لكنَ لاندرين لم يَقبَل بِهذا كَتفسير! لذلك دفع الحشود ومرَ بينَهم ليَفحَص الجُثَة وبالطَبع سُمِحَ لهُ فمن سيمنَع راهِبٌ من رؤية جُثِة رجُل ملعون؟ رُبما يستَطيع إكتِشاف سِر اللَعنة!
بعد دقيقَتين من الفَحص نَهَضَ عن الأرض : عَضِة أفعي سامَة ، لا لعنة!
لكنَ جُملَتهُ لم تملِك الأثَر المنشود بل إزدادَ الناسُ فَزَعاََ! ، ضَرَبَت سيرين جَبهتها وهيّ تسحبُه مِن ذِراعُه : ألم أقرأ عليك اللافِتة؟! إنّ لـ "اللعنة" علاقة بالحيات!
حرَكَ كتفيه بـ "وماذا أفعل؟ لا بُدّ إنها مُجرَد صُدفة" لِتَهمِس بشيء من الحِدَة : طمئِن الناس التي أفزَعتَها ! لا تَنسي إنهم يرونَكَ كراهِبٌ!
إنخَفَضَ لاندرين ليُرَتِل عليه بعضٌ مِما يحفَظ ثُم نَهَض : لقد كُسِرَت اللعنة ، بإمكانِكُم دَفنُه!
بدا الناس أكثر سعادَة فجأة بعدها وأخذُه بعضَهم بالفعل ليتم تجهيزُه للدفن أو الحَرق! لم يَدر المُتَبَع هُنا بينما بَقَت سيرين تُحدِق بِهِ لثانية كمن يقول "لقد أستَغبيت هؤلاء الناس" ليُحرِك كتفيه مرة أُخري بـ "لم أجِد خيار أخَر" ، من المُدهِش كيف أصبحا يتبادلان أطراف الحديث بحركات بسيطة أمام الناس دون التحدُث فِعلاََ !
أقترَبَ مِنهُم عجوزٌ ماداََ يَدُه : أنا الراهِب الأكبر فالمنطقة ، تشرفت بِكُما! من أين أنتُما؟!
صافَحَهُ لاندرين : أنا لاندرين وهذه..
توقف لجُزء من الثانية عن التحدُث ، الرُهبان لا يتزوجون! إلا إن كانوا مُزَيفون! كذلك هُم لا يُسافِرون مع فتيات غريبات مِن زَمن أخر!
تابَع بلا أدني علامة علي الكَذِب : أُختي!
ولِسَبَبِِ ما تَجاهَل سؤالُه عن المنطِقة التي أتيا منها ،أبتسَمَت دون أن تتحدث للعجوز ليدخُل في صُلب الموضوع الذي من أجلُه قَدِم لمُحادَثَتِهما : لقد رأيت ما فعلت للتو! لا بُدّ أن قوَتَك الروحية هائِلة كي تتمكن من فعل هذا! نحتاجُ شخصاََ مِثلك هُنا!
كانَت سيرين تُحاوِل مَنع الضَحِكات من التعالي من حَنجَرَتها ، أي قوة روحية؟! هذا مُزيَف! ، فليدفَع ثَمَن تنكُرُه! هه كان مِن المُمكِن أن يختارَ تنكُراََ أخَر لكنهُ أرادَ مُميزات الراهِب! ، رُبما وقَع في مواقِف كتلك مُسبقاََ؟ من يدري!
طلب الرجُل مِنهُما المكوث لأيام للتحقيق في أمر اللعنة هذا فهوَ لا يستطيع تفويت فُرصِة وجود شخص كلاندرين هُنا! ، فقط لو يعلم الحقيقة!
إنها بلدة غريبة ، عدد سُكانُها ثابِت مُعظَم الوَقت ، الأغراب يموتونَ بِكَثرَة فيها! وحتي السُكان الأصليون لم يسلموا من تلك اللعنة! أجزاء كبيرة منها عُبارَة عن بيوت مهجورة قد ماتَ أصحابُها ، إن سُئِلَت سيرين عن رأيها فستقول إنها تبدو كالمقابر والتي بالمناسبة سيبيتون في أحدها لأيام!
كانَ لاندرين يُنصِت للرجُل بتركيز وهوَ يقُص عليه تاريخ البلدة والحوادِث ليسأل لاندرين بأسلوب لا يتماشي إلا مع مُحَقِق جرائِم من نَوعِِ ما : وجميع ضحايا اللعنة كانوا رِجالاً؟
أومأ الرجُل لتَصيح سيرين فجأة ! : لقد فَهِمت!
تعَجَب العجوز : بهذة السُرعة! ماالذي فهمتيه يا أبنتي؟!
ضَيقَت عيناها : كانوا جميعهم عازِبون ويعيشون وحدَهم ، صحيح؟!
إزداد تعجُب الرجُل : نعم!
نظرَت للاندرين بسعادة كطفل وجَدَ حلوي : هذا المقصود بـ "حية لِحية وفارِس لِفارِس
إن لم يكُن معكَ حية فليس لكَ حارِس"
قضَب لاندرين حاجبيه مُتَمتِماً : "سَتُقتَلُ قَتلاً ليس كأي حادِث
وتَحِل عليكَ لعنِة الحابِس"
فقط ما المقصود بـ "لعنِة الحابِس"!
رَبَتَت سيرين علي كَتِفِه : لا تَقلَق لاندرين! أنا سأحميك!
نظَرَ لها بلا مُبالاة : لا إهانة لكن أنا أستطيع قتل الحيات!
نفخَت وجنتيها : خطَئي!
___
كانَت جالِسَة بتوجُس وحدَها في أحد أركان ذلك البيت ، لاندرين يقوم بعمَلٍ ما فالخارِج لكسب المال ، يُغالِبها النُعاس لكنها لِسبَبٍ ما لم تُرِد النوم وكإنَ ناقوساً داخلياً لديها يَدُقُ مُحَذِراً من خَطَرٍ لا تراه!
|| ساحَة كبيرَة خافِتِة الإضاءَة ، زَيَنَ جانِبيها المرايا ، سارَت سيرين لِأحدهم فرأت مرأة محبوسَة فيها!
تراجَعَت بسُرعة للخلف! لِتَقَع علي الأرض وتري أنّ كُل المرايا مُشابِهة للأولي ، كل مرآة محبوسٌ فيها امرأة مُختَلِفة !
نظرَت أمامها باحِثة عن مخرج فالجهتان مُغلقتان لكنها لم تري إلا مرآة أُخري ضَخمة واقِفَةٌ وحدها! ، لم يحتَج الأمر عبقرياً كي تُدرِك إنّ المرآة الأخيرَة هذه تخُصَها! ، خرَجَ مِن فَمِها بخفوت : يا إلهي أنجِدني!
ما لَبِثَت أن نهضَت ودارَت لِتُقابِل ما كانَ خلفها وبدأت بالركض بأقصي سُرعة لكنها وقعت فجأة أرضاً لِتَجِد حية مُلتَفَة حَول ساقَيها وصَوتٌ غاضِب يصرُخ : كيف تَتحركين؟! كيف تَتكلمين؟! يُفتَرَض أن تكوني مُجَمَدَة بِداخِل المرآة! كيفَ فعلتِ هذا!؟
بدا الأمر لها وكأنَ الحية من تتحدَث فَفزِعَت! أنتَ لا تري حية تتحدَث كُلَ يوم! ، أياََ كان نوع السِحر المُلقي علي هذِه البلدة فهوَ يؤثِر بنصف قوتُه عليها علي ما يبدو لهذا ليست بالفعل بداخِل المرآة! رُبما لأنها مِن زمن أخَر؟!
دوي صَوت كَعب عالٍ.؟ فالمكان لتظهر من الظُلمَة ..؟ أهَذِه سيرين؟!
نطقت الواقِعة علي الأرض بدهشة : مَن؟ أنا؟!
لِتَرُد الأُخري المُقابِلَة لها ناظِرَة للحية : عزيزتي لا تؤذيها قبل أن نعبَث معها! عليّ أن أعتَرِف بأني لم أُقابِل فتاة مِن زَمَن أخَر قَط! سيكونُ من المُمتِع السيطَرَة علي عقلِك! لكن سيأخُذ الأمر بعض الوقت فهوَ.. مُختَلِفاََ عن ما أعتدتُه!
متي ألتفَت كُل تلك الحيات الأُخري حول سيرين؟! لا تستطيع تحريك عضلة واحِدَة!
صاحَت : ماالذي تُريدينَه ؟!
تابَعَت الفتاة ببرود وكأنَ سيرين لم تقُل شيئاََ : بالمُناسَبَة الملابِس في زمانَكُم جميلة!
فحصتها سيرين بعينيها بسُرعة ، كعبٌ عالِِ ، تَنورَة قصيرَة ، قميصٌ كاشف !؟ وكأنها تُحاوِل إرتداء ما لن ترتديه سيرين أبداََ!
جَلَسَت القُرفُصاء أمامَها لِتُمسِك بِذَقنَها : هل يُهِمِك ذلك الشاب المدعو لاندرين؟
لم تملُك إلا أن تجِز علي أسنانُها : أياكِ والأقترابِ منهُ!
نظرَت المُزَيفة لأظافِرها المَطلية بملل : هل ستحمينَهُ مِني؟!
سيرين مُقيدَة تماماََ بين يديها وفحيح الأفاعي يملأ أُذُنيها ، هل تستطيع إلا أن تملُك رَوح التَحدي؟ ، وسَعَت عينيها بإصرار : سأحميه مهما كَلفَني الأمر!
تَذَكرَت كُل تِلك المرات التي أنقَذها فيها ، مِن الغرق ، مِن العِملاق ومِن السقوط مِن مكانِِ مُرتَفِع ، لم تتخَيَل نفسها أبداََ تُحاوِل حمايتُه مِن شيء ما ، كيفَ أنقلب الهرَم بِهذا الشكل لِتُصبِح قِمَتُه بالأرض؟! ||
عادَ لاندرين بِنهاية اليوم ومعهُ طعامٌ جلسا يتناولاه بِهدوء حتي ظهرَت حية!؟ أمسَكَ بِسَيفُه بِسُرعة لكن أوقَفتهُ حركات سيرين الغريبة ، التي رَكَعَت فالأرض وكشَرَت عن أنيابِها! وزمجَرَت زمجَرَة خفيفَة فالحية! لِتَبتَعِد!
نطَقَ بِقلَق : سيرين ، هل أنتِ بخير؟
تمالَكَت نفسها لِتَعتَدِل : نعم! أنا.. لا أعلَم لِماذا فعلتُ هذا!
في صباح اليوم التالي كانا يسيران فالأسواق ، لاندرين يجمع المعلومات مُحاوِلاََ كَشف السِر بينما سيرين قد سارَت بِهدوء كعادَتِها إلي جِوارُه ، شيءٌ واحِدٌ أثار أنتباه لاندرين ، جميع النِساء يتعلقن بأيدي أزواجِهن ويَبتَسِمن وكأنهم نُسَخٌ من امرأة واحِدة! نفس السلوك تقريباََ مُكرَر!
ما خطب تلك المدينة التي يموت فيها الرجال العازِبون وتتصرَف الزوجات بغرابَة؟! هل سيُجدي الأمر إن قَتَل كُل الحيات التي فالمكان؟! هل ستنكَسِر اللعنة؟!
هل بالَغ فالتفكير؟ هل هُنَ مُجرَد زوجات سعيدات؟!
أقتَرَبَت سيرين لِتتعلق بِذراعُه ! ما هَذا؟! حسناََ! الآن يعتَرِفُ لاندرين بوغاريوس أنّ شيئاََ يُسمي اللعناتُ مَوجوداََ! وهذه اللعنة بالتأكيد تؤثِر علي سيرين! لكن هل يجب أن يُخبِرها بِهذا؟! علي الأرجَح ستَجزَع!
يُخبِرها أم لا يُخبِرها هيّ ليسَت هيّ أصلاََ! تأكَد مِن هذا في مُنتَصَف اليَوم ، شيءٌ شريرٌ قد أستحوَذ عليها!
كانَ يجمع أشيائهما مِن ذلك البيت الجنائِزي ، سيرين أو الفتاة التي تُشبِها تُشاهِدُه! : ماذا تفعَل؟!
هل يرُد علي تلك المُزَيفة؟ ، نطَقَ بضيق ملحوظ : سنُغادِر ذلك المكان الملعون!
ردَت بصيحة صغيرة : لا يُمكِنُنا فِعل هذا! ليس قبل أن نُساعِدهُم!
هُنا تشوَش ! ، من هذه؟! سيرين أم ليسَت سيرين؟!
نطق بِبُطء وكأنهُ لا يُصَدِق ما سيقول : من أنتِ؟!
رَدَت بِشَك : سيرين! من سأكون؟!
بالطبع هيّ لن تَعتَرِف لِهذا لم يُرِد أصلاََ سؤالَها! ، لكن رُبما تكون سيرين نفسها فِعلاََ؟! ، أمسَكَ رأسُه لثانية مِن الصُداع.
||كانَت تنظُر للمرآة ، يَدُها علي ذَقنِها بتَفكير بينَما سيرين جالِسَة مُقيَدة عِند قَدميها!، وقد زَيَن وجهها خدوش ولكمات! ، نطقَت بِبُطء : أنهُ مِنهُم! أحد الذين لا يَثِقون بي! لم أظُن أني سأري واحِداََ منهم في أي وقتِِ قريب! أظُنَني كُنتُ مُخطِئة!
لم تفهم سيرين شيئاََ فنطقَت بتساؤل : ماالذي تقصدينُه؟!
لم تَهتَم بالإجابَة عن سؤالِها بل تابَعَت وكأنها تُحَدِث نفسها : نهاية من لا يَثقون بي سيئة! ، يُصابون بالجنون في مُعظَم الأوقات! أو يقتلون زوجاتِهم ويَنتَحِرون! ، لأكون صادِقة يُعجِبني صِدقَهم في حُب زوجاتِهم!
وكأن سيرين بدأت تستوعِب : لكننا لسنا زوجان فِعلاََ أصلاََ!
بَصَقَت بِدماءِِ علي الأرض : هوَ لن يَثِق بِكِ أبداََ! لأنهُ يَثِق بي!!
أخرَجَت المُزيفَة قِطعَة مِن العِلك مِن فَمِها لِتَمُطها أمامَها : لا تَكونِ واثِقة جِداََ! جميع الرِجال يُمكِن أغوائَهم!
نظرَت لها سيرين بِصَدمة ، هل هذه بطاقَتها السرية؟! لكنها تذكرَت جُملة لاندرين "سأُصبِح راهِباََ حقاََ قبل أن أنظُر لك" لتقول بِثقة : أفعلِ ما تشائين! لن يَقَع لكِ أبداََ !
أدخلَت العِلكة بِفَمِها : من لا يُحِب الفتاة الأنثوية؟ من لا يُحِب الزوجة المُطيعَة قليلة الجِدَال؟!||ُ
كانَت ماتزال تتصرَف بغرابَة فاليوم الذي يليه وليس لديه أي دليل! إنها ليسَت هيّ! ، ليس دليل ملموس ، وجَدَ نفسُه فجأة يجوب الأماكِن المهجورَة بسيفُه مُحاوِلاََ القضاء علي الحيات! ، لاندرين لم يشعُر يوماََ كما يشعُر الآن! وكأنهُ لا يَفهم شيئاََ! ، يَبحَث عن الحقيقة في كُل مكان لكنها لا تُريد الظهور لهُ!
عادَ إلي البيت بِتَعَب ، في تلك المدينة شيءٌ يُجَرِدُه مِن طاقتهُ فِعلاََ إلي جانِب ضغط سيرين التي لا تبدو كسيرين علي أعصابُه! وكأنها تُحاوِل إبراز نِقاط ضَعفُه! لم تكُن سيرين يوماََ هكذا ولم يكُن يشعُر بالقُرب مِنها إلا بالقوة!
جلَسَ أرضاََ بصمت لتقول : هل أنتَ مُتعَب؟
ليس لديه الصبر للتحدُث معها الآن ! فأومأ : لم يَبق الكثير ، سأنتهي من تنظيف تلك المدينة من الحيات فالغد!
أبتَسَمَت بسعادَة وهي تقتَرِب لِتُدَلِك كَتِفاه ! : جيد! لأن لديّ خبرٌ سعيد!
أراد إبعادَها! لكنهُ أراد مَعرِفة ما لديها! : حقاََ؟ ما هوَ؟
-أنا لا أُريد الإستمرار فالبَحث عن ذلك العجوز المجنون!
كادَ يَنتَفِض عند سماعُه تلك الجُملة لكنهُ أجبَر جَسَدُه علي الإسترخاء! : لماذا؟
أقتَرَبَت قليلاََ لِتُريح رأسَها علي كَتِفُه! وتَضُمُه مِن الخَلف : لأني لا أُريد العَودَة لِزَمَني! ، أُريد البقاء مَعَك!
أضطَرَب نَبضُه وكأنها ضرَبَت علي وتَراََ حساساََ !
||قالت المُزيفة لسيرين التي تُشاهِد معها كُل ما يجري من خلال المرآة! : أنهُ يُحِبِك!
ظَلَت سيرين صامِتَة كما لو سُكِب عليها ماءٌ بارِد! ، هوَ يتَعامَل الآن مع امرأتان في جَسَدِِ واحِد! لا! امرأة واحِدَة! ،وتلك المرأة ليسَت سيرين! ، سيرين لا تُسَيطِر علي حركة واحِدة! لا تَملِك إلا المُشاهَدَة! ||
قامَ بتجميع قوَتُه ليَنطِق : لا سيرين ، أنتِ لا تُحبِينَني!
من يُحِبُ شَخصاََ لا يُبرِز الضَعفَ فيه! ، من يُحِبُ شخصاََ يُحِبُهُ بِكُل تفاصيلُه! ، لا يُجرِدُه مِن شَخصُه بِقَسوة!
ضَمتهُ بِقوَة أكبَر! لِتَضَع كفها علي قلبُه الذي ينبُض وكأن دِمائُه بَحرٌ عاصِف المَوج لا شَطَ لهُ! ، أخفَت وجهها بالفجوة التي بين كَتفِه وأجهشَت بالبُكاء ! : لماذا لا تُصَدِقني!
هوَ لا يَحتَمِل كُل هذا! ، لم يري يوماََ فتاةََ تبكي! ، هوَ ليس النوع الذي تبكي في حضرَتُه الفتيات! ليسَ بتلك القسوة! لم يكُن يوماََ! وسيرين بالذات لن يحتَمِل بُكاءَها!
يستَطيع القَتل دونَ أن يرمِش ولا يستطيع إحتمال بُكاء فتاة!
مَدَ يدُه لِتُغطي يَدها التي علي صَدرُه : أنا آسِف ، فقط لا تَبكِ!
أبتَسَمَت بِمَكر! للتَقدُم الذي صَنَعتهُ بينَما || كادَت سيرين الحقيقية تضَع رأسها بين يَديها لو لم تكُن مُقيَدَة ! ||
أبتَعَدَت مِن خلفُه لِتُصبِح أمامُه ، نَظَرَت له بعيونَها الدامِعةَ لثانية ثُم بدأت بِدَفعُة بِرقة للخَلف : أتُصَدِقُني الآن؟!
لم يرُد علي سؤالَها لكنهُ سَمَحَ لِنَفسُه أن يُدفَع حتي صارَ مُمَدَداََ علي الأرض! ماذا الآن؟! ماالذي تُريدُه منهُ بالتَحديدِ ؟!!
وضَعَت كِلا كَوعَيها علي جانبيه ليُصبِح مُحاصَراََ بينَ يَديها!
كانَ التَوتُر يَنضَح مِنهُ! فقط كيفَ تَمَكَنَت دُمية صغيرة كسيرين من فِعل كُل تلك الأعاجيب بِه؟! رُبما لأنها ليسَت سيرين!
||أبتَسَمَت المُزَيَفَة بِفَخر : أخبَرتِك ، ما مِن رَجُل لا يُمكِن أغوائُه!
دافَعَت سيرين بِسُرعَة : لا! إنّ لاندرين..!
لاندرين ماذا؟! لا يَبدو شَديد الإعتراض! ، أخفَضَت رأسها ، لا تُريد أن تري هذا! ، ثوانِِ قليلة وتَبَلَلَت وجنتاها بِالدموع||
حَسناََ! هيّ مُخطِئة إن ظَنَت إنهُ أصبَح مُحاصَراََ بهذا الشَكل! لاندرين ليسَ الرَجُل الأعتيادي! ، في حركة سريعة لم تَستَطِع مُجاراتَها أنقلَبَ الوَضع! لكنهُ تأكَد ألا يوقِعها بِقوة حتي لا تتأذي! كُل ما رأتهُ كانَ قلنسوتُه التي تحركت خلفُه لأنهُ لم يكُن يرتديها بعدها عيناهُ تُضِيئَان بقوة ناظِرَتان لَها!
-ماالذي تَفعَل؟!
-أُحاوِل أكتِشاف العُطب الذي أصابِك!
لكن ثواني وأنطفأ ذلك الضوء ، لم يَجِد شَيئاََ!
||عادَت سيرين لمُتابَعِة المَوقِف بعد أن سَبَت نفسها لِفُقدانِها الإيمان بلاندرين لهاتين الثانيَتان! ، ضَحِكَت سيرين الأُخري : أنظُرِ إليكِ! ذلك الأمل الطفولي الذي يَشُع مِنكِ!
رَكَلَت وجه سيرين فجأة ! : تلك الطاقة لا تُجدي نَفعاََ معي! ، إن أستَطَعتِ أخبريه بهذا!
تعالَت ضَحِكاتِها لِتُحاوِل سيرين أغلاق أُذُنيها بلا جدوي! ، هذا عذاب حَقيقي!||
رَفَعَت كَفها لوجهُه بِحنو : ما مِن عُطبِِ بي! أنها أنا! ، سيرين!
شَعَرَ بالعَجز! ، دَمِعَت عيناه بقوة! ، مازالَت كَفُه اليُسري تُطَوِق عُنُقَها لِتُثَبِتها إلي الأرض! ، سَقَطَت دِمعة علي وجنَتَها فَجأة وهوَ يَصرُخ : لا! لَستِ سيرين!
ليَنهَض عن الأرض بَعدَها مُبتَعِداََ!
||رَفَعَت قَبضَتَها لأعلي في تَهليل ! ، مهلاََ متي أصبَحَت يداها حُرَتان؟!
صاحَت بسعادَة ومازالَت الدموع علي وجنتيها : نعم لاندرين! أخبرها إنها ليسَت أنا! ، أنتَ تجعلني أقوي هُنا!
أقترَبَت مِن المُزَيَفَة لِترُد رَكلَتها بِلَكمة قوية أسقَطَتها أرضاََ! : حِرباء!
لكن هذا لم يُعد لسيرين السيطرَة ! ، فقط القليل ||
حاوَلَت جاهِدَة إيقافُة : لا! لاندرين أسمعني!
ليَصيح ! : لا! أصمُتِ أنتِ وأسمعينِ!
كادَت تَنطِق لكن فمها أُغلِق وحدُه عند هذا الأمر! وقد لاحَظ! : أجلسي؟
جَلَسَت بدون أن تَنطِق! : الآن قِفي!
فعلَت كما قال! ، رُبما هيّ مُجرَد صُدَف والأمر لا يستدعي المُبالَغة فالتفكير كما يفعل! ، طريقة واحِدَة للتأكُد : سيرين ...
صَمَت قليلاََ : أرتَدي صَندَلِك ، أنتِ لَستِ طِفلَة لِتَسيرين حافيَة!
أنتَظَر مِنها أن تتذمر! أن تقول لستُ طِفلة! لكن شيئاََ من هذا لم يحدُث!
||نظرَت لها سيرين بإعتزاز : كُنتِ تقولين ”من لا يُحِب الزَوجة المُطيعَة” ؟ ، أظُنُه أكتَشَف آليَتِك للتو!
قَد ساعَدَها كثيراََ! أمَدَها بالكثير من القوة! الآن دَورها! يجب أن تستعيد السيطَرَة علي جَسَدَها! ، لكن كيف؟! ||
___
كان يسير فالشوارِع ليلاََ بِلا هَدَف ، أخرَجَ غضبُه علي ما تبَقي من حيات ، حسناََ! هوَ الآن مُتأكِد أنّ شيئاََ غريباََ يتَطَفَل علي سيرين! لكن كيفَ يُخرِجُه؟!
بعد الدوران حول نفسُه لساعَة لم يَجِد مَفَراََ من العَودَة ، رُبما نامَت؟!
دَخَل البيت بِهدوء كالمُتَسَلِل! ، كانَت سيرين مُستَلقية علي ظَهرَها بالأرض ، حاجِباها مُقَضبان ، جبهَتها تَتَصَبَبُ عَرقاََ ! ، لِسَبَبِِ ما شَعَرَ بالقلَق ليقتَرِب مُتَحَسِساََ جبهتها ، حُمي!! ، هذا ما كانَ يَنقِص كِلاهُما!!
بَلَلَ قِطعِة قُماش وجلَسَ بِجوارِها مُقَرِراََ السَهَر ، فتَحَت عيناها ليَنتَفِض وكأنهُ تم القَبض عليه يَقوم بالسَرِقَة! ، فقط يجب أن يُصبِح في أقصي الأرض الآن! يجب أن يَبتَعِد! لكن ، كانَ في عيناها شيئاََ أوقَفُه! ، هل هذه سيرين؟!
قالت بتعَب وهيّ تمُد يَدَها لوجهُه : لا تَخشي شيئاََ! الخَوف عدو! أنا سأقِف لها! سأحميك!
بدَت لهُ في حالِة هَلوَسة ! كادَت يَدَها تَسقُط فأمسَكَها بِسُرعة! : سيرين ، فقط لِنُغادِر!
-ليس قَبل أن أُحَرِر الجميع! ، الفتيات المحبوسات بالمرايا ! ، فَقَط أحتاج للمزيد من الوَقت وسأستَعيد السيطَرَة علي جسَدي وأُنقِذ الجميع! أنا لن أقِف كمُتَفَرِجَة!!
ماالذي يقولُه رَداََ علي هذا؟! "هذه ليست حربك" ؟! قد جعلتها حربها فقط لأنها تري ما يحدُث! ، هيّ تُكَرِر كَلِماتُه دونَ أن تدري!
هذا ما تفعلُه حين تُحِب شَخصاََ ما! أنتَ تؤمِن بِه ، بِكُل القضايا التي يُدافِع عَنها!
أحلامُنا ، أمانينا ، حُبَنا ، تلك الأشياء هيّ من نَكونُ! هيّ نحنُ حقاََ!
سيرين تؤمِن بِه! هيّ تَثِق فيه! ، الأمر الذي لا يُفَكِران فيه هوَ أنهُ لا يُمكِنَك أن تَثِق بِمَن لا تُحِب!
إذن هل تُحِبَ غَريباََ؟!
لا يستطيع رَدعها الآن! أن يُخبِرها أن تتوقَف! ، قرَبَ كفها مِن شَفتيه ليُقَبِل باطِنُه في صَمت وكأن هذا ردُه الوحيد علي ما تفعَل فهيّ لا تُعاني فقط الحُمي بل تَنتَفِض من وقت لأخَر وكإنَ عِظامُها تَتَحطَم! ، أبتَسَمَت بِشحوب : هيه لا تُقَبِلني! أنا لست الحِرباء!
أبتَسَم هوَ الأخَر بينما ألتمَعَت عيناه بشيء علي غير عادَتِهما فالخلو من المشاعِر : ما كُنت لأُقَبِلها أبداََ! سيرين ، أنتِ المَنشودَة!
لم تَدرِ بِمَ تَشعُر كَونَها المقصودَة!
أبتَسَمَت مرة أُخري : متي كانَت أخِر مرة تدرَبت تدريبَك الغريب ذاك؟! لا أُريدَك أن تَفقِد صَبرَك الذي تتميز بِه لأني لن أرتدي صَندَلي عِند أوَل مرة تُخبِرني فيها بِهذا! ، أذهب للتدرُب بينما.. سأتدَرَب أنا تدريبٌ مِن نَوعِِ أخَر!
هل ذَكرتُ إنها تُزيد مِن قوَتُه؟! ولا تُظهِر إلا قوة الفريق؟!
أستَمَر في تَدريبُه لِما يُقارِب الساعَة ، وكأنهُ يعود لِنَفسُه بِبُطء ويُصبِح في نِطاق الخِدمة من جديد! بعد الهَجر والإغتراب هوَ موجودٌ الآن!
||-كُلَما دافَعتِ كُلَما أزدادَت قوَتي! ألا تَعلَمين أنّ لِكُل فِعل رَدِة فِعل مُساويَة لهُ فالقوَة مُعاكِسَة فالأتِجاه؟! هذا القانون مِن عِلم زَمَنِك!
-لكِن هذا ليس البَحر! إن تَوَقفت عن المُقاوَمَة لَن يَرفَعني الهواء الذي بِرِئَتيّ بل سَتَمحين وجودي بِدَمِِ بارِد! ، خَمِني ماذا؟! أنتِ لَستِ من أخرَجَني للوجود كي تَمحينِ! لِذا لن أتوقَف عن المُقاوَمَة! لِتَكُن جَولَةٌ لكِ! الحربُ لي!
-لن تَشهَدي نِهايِة الحَرب! سَتَكونينَ فالقَتلي! ||
أخرجُه مِن تركيزُه صَوت سيرين ، هل تُحَدِثُه؟
-لا! أبتَعِدي عَنه!
ردَت علي نفسَها : لكن! سَنموت!
-لا! أنتِ ستموتين! لا أنا!
صَرخَت : كِلانا واحِد الآن!
-لا! لن نُصبِح واحِداََ أبداََ! أنا لا أحتاجُ شيئاََ كهذا لأحيا! أنا لستُ مِثلِك!
هدَدَت : سيرين أنتِ تَتَحدين اللعنة! لا مجال للنَصر! ستَموتين مَعي!
-ليَكُن!
ترَجَت : فقَط أخبريه!
حَزَمَت الأمر : إنهُ إنسان! لديه مَشاعِر وأنتِ تؤذينَها! حربَنا لا تُدخليه بِها يا حَيَة!
كانَ مِن الواضِح أنها لا تُحَدِثُه! ، فالواقِع كانا شَخصان يتحدثان! هوَ ليسَ غبياََ! ، كانَت سيرين تجلِس في وضع الجنين مُمسِكة قدميها وكإنها تُحاوِل أحتواء الموقِف قَدر الإمكان! والسيطَرَة عليه!
رفَعَت رأسَها لِتَنظُرَ له : لاندرين! أياََ كان ما ستقولُه لَك لا تُصَدِقها! أنها كاذِبَة!
سَقَطَت رأسها للخلف لِثانيَة بعدها أستَرخَي جسَدَها بِشَكل ملحوظ ونَهضَت ، لم تُحاوِل التَظاهُر بأنها سيرين فقد سَقَطَ قِناعُها وأنتهي الأمر! : تعلم بالفعل من أنا صحيح؟!
أجابَ بِحُنق : ليسَ تحديداََ ، لكنها ليسَت مِعرفة مُشَرِفَة!
وكأنهُ يصيح "لا أعرِفك ولا أُريد أن أفعَل" لكن بطريقة مُهَذَبة!
تابَعَت بِبرود : فقَط أرَدت أن أُخبِرَك إنكَ إن لم تُقَبِلها الآن فإنها ستَموت! ، رفَضَت إخبارَك بِهذا! هيّ تُفَضِل المَوت علي الخِضوع أو إخضاعَك لـ "اللعنة" ! ، بإمكانَك أعتبارُها أوَل وأخِر خِدمة أُقَدِمها لَك! الغباء لا يَليق عَليك كما إنك تُحِبَها وأنا لا أُحِب تَعذيب المُحِبين!
كيف تَفعَل هذا؟! كُل شيء فيها يُغضِبُه ويُفقِدهُ صوابُه! كُل شيء فيها لا يبدو كسيرين! ، هوَ يكرَه كُل شيء فيها!
-فَقَط موتِ أنتِ!
قالَ تِلكَ الجُملَة بِغَضَب لِتَسقُط فجأة! ويَمسِكها قبل أن تَلمِس الأرض ، هيّ تُطيع كُل أمر! كيفَ نسي هذا؟!
ضَرَبَ خديها بِخفة : هيه سيرين ، لم أقصِدكِ أنتِ! لا تَفعلِ بي هَذا!
وَضَعها علي الأرض ليستَمِع لِنَبضها ، يستطيع فِعل هذا دون الأقتِراب لكن هذا فقط إن أستطاع تجميع شِتاتُه! ، لاندرين في هذه اللحظة.. مُجرَد رجُل عادي..!
نبضَها ضعيف! ، هل يستطيع مُساعَدتها تلك المرة كالمرة السابِقة عندما صَرَخ بالمُزيَفة إنها ليست سيرين؟! هل هُناكَ شيء يُمكِنهُ فِعلُه؟!
هل يُقَبِلها كما قالَت الحِرباء؟! لكن سيرين أخبَرتهُ أنها كاذِبَة! ، الأمر قد يبدو لا أكثَر ولا أقل مِن قُبلَة بينما الأمر فالواقِع "أيُحيها أم يَقتُلها" ؟!
ماالذي يُدريه بأن الحِرباء بالفعل كاذِبة؟! "سيرين تُفَضِل الموت علي الخضوع للعنة" ، هذا يبدو بالتأكيد كسيرين!
لكن ماذا إذا كان تقبيلُه لها يُعطي المُزيفَة السيطرَة الدائِمة علي جَسد سيرين؟! ستعيش مَيتَة!
سيرين ترفُض أن تحيا وهيّ ليسَت.. نَفسها!
وضَع جبهتُه علي صَدرَها بِقلِة حيلة : سيرين ، لا تموتِ لأنني لن أستَطيع فِعل شيء لأعادَتِك! أستَطيع إرسال الناس فقط ! ، لستُ الرَب لِأُعيدَهُم! ، عودي وسأترُكِك تأكُلين التوت الذي بالغابَة علي الأرجَح لن يُسبِب لكِ سِوي طَفحاََ جلدياََ! ، عودي وسأترُكِك تسيرين حافية! ، عودي وسأُعطيكِ الحُرية الكامِلَة! لن أمُرِك بشيء أبداََ! من أنا لأمُرِك؟!
توقَف عن التحدُث لا يُسعِفُه التَعبير : عودي.. وسأفعَل أي شيء مِن أجلِك!
إن النَبض يُصبِح أبطأ! ، درجة حرارَتها في هبوط مُستَمِر! ، هوَ لن يَقِف كالمُتفَرِج! ، حمَلَها في ثانيَة بين يَديه ورَكَل باب المَنزِل ليَسقُط أرضاََ!
صاحَ : أخرُجوا مِن منازِلكُم يا جُبناء!
كان الوقت قريبٌ من الفَجر وكُل السُكان علي الأغلَب نائِمون الآن !
لكنهم أستيقظوا علي صُراخُه وتجَمعوا ليُتابِع : بالتأكيد لاحَظتُم! كيف لَكُم ألا تُلاحِظوا؟! جميعُكُم كاذِبون! أنتُم مُتآمِرون في كُل هذا!
كانَت إحداهُن مُختَبِئة خلف زَوجها ناظِرَةََ لِلاندرين وكأنهُ مجنونٌ! فصاح بالرجُل : هل تبدو زَوجَتَك لك طبيعية؟!
أشاحَ الرجُل بِبصرُه بِسُرعة! فنظَر لاندرين لِرجُل أخَر : ماذا عَنك؟! أتُفَضِل النُسخَة الجَديدَة؟!
توقَف عن التحدُث لثانية وكأنهُ لم يعُد يدرِ ما يقول بَعد كُل ما قيل : لم يدخُل الحُب قَلب واحِدٌ مِنكُم! أنتُم لا تَعلَمونَ ما الحُب!!
أن يأت هذا مِن فَمِ راهِبٌ أمرٌ عجيب لكن ليس بأعجَب مِما يعيشون فيه! ، بدأ الناس بالأنفِضاض وكأنهم بعدَما عرفوا لِمَ نادي فيهُم لم يَعودوا يَهتمون!
صاح مرة أُخري : لا! إنتَظِروا! ساعِدوني!... إنها تَحتَضِر!
لكن أحداََ لم يستَمِعَ له! فقَرَر علي عجل الخروج من ذلك المكان بسُرعة! ليَمسِك أحدَهم بِكتفُه فجأة : سأُساعِدَك! أتبَعني!
كانَ رجُلاََ عجوزاََ ، لديهِ لحية رماديَة طويلة ، يتوَكَزُ عصا ، بدأ لاندرين فالسير خلفُه بدون أعتراض واحد لينطِق بعدها بفضول : من أنت؟!
-أنا الأخ الوحيد لكبير الرُهبان ! ، بالمُناسَبة قد أراد أخي أبقاءَك لعدة أيام كي تموت ولا تُخبِر الناس فالبلدَة التي جِئتَ منها! عن ما يحدُث هُنا ، لا أعلَم لِمَ كذبت عن كونَك راهِباََ! لكن ما يحدُث لها الآن دليل كَذِبَك كُنت المقصود!
بِغض النَظَر عن كون زواجَهما مُزَيَفاََ أم حقيقياََ قد دَخلا تلك المدينة زوجان ولا أحد يعلَم كيف سَيخرُجان مِنها!
-لكن لماذا يُريد أخاك العَيش في مدينة ملعونة؟!
-من أجل المال! المحليون يدفعون النقود للرُهبان كي يَحمونَهم من اللعنة!
-لكن ألا يُريدون أن تعود زوجاتُهم كما كُنَ؟!
-لقد أنتَحَر العديدون ..
صمَت العجوز قليلاََ : التَفكير ، يُصبِح فِعلاََ مُحرَماََ أحياناََ إن كانَ سيَدفَعكَ لليأس.. لا يُفتَرَض أن تَقفِز عن حافِة الهاويَة!
تابَع عنهُ لاندرين : لهذا لا يجروء أحدٌ علي الأقتراب مِن تلك الحافَة!
أصبَحا عِندَ فَمِ كَهفِِ ، توقَف العجوز عن السَير : هُنا سينجو كِلاكُما ، أو يموت كِلاكُما أو يموتُ واحِداََ ويَنتَحِر الأخَر!
فَهِم لاندرين أن هذا المكان الذي بِهِ أُنشيء سِحر اللعنَة ، لكن كيف يَكسِرُه؟! لم يَكُن بإمكانُه سؤال الرجُل لأنهُ كانَ قد أختَفي!
وَقَف أمام الكَهف لثانيَة فأنطبعَت أثار قدماه الحافيتَان لأنهُ خرَج من المنزِل فجأة دون أرتداء حِذاءُه ، أضاءَ الطينُ مِن تحَتِهما ! ، لا هذا ليسَ غريباََ البتَة ولا حتي مُرعِباََ!
وضَعَ سيرين بالأرض ليُضيء مِشعَلٌ الظلام الدامِس ، لم يَعُد يتَعَجَب شيئاََ كان لديه شِعور أنهما ليسا وحدَهُما في هذا المَكان!
ماالذي يُفتَرَض بِهِ فِعلُه الآن؟! لم يُطِل التَفكير فقد رأي شيئاََ مكتوبٌ علي الحائِط ، أقتَرَب أكثَر ليقرأ : "الطائِر الحُر هوَ طائِرٌ خارِج القَفَص"
كانَ مُجوفاََ تحت تلك الجُملة كُل حروف اللُغة وفوق صخرَة كبيرة وضِعَت سَلَة بِها نحت تلك الحروف وكأنها تماثيل صَغيرَة ، فهِم أنهُ لُغز وعليهِ حَلُه ، عليهِ أخذ الحروف ووضعها في أماكِنها لكن ما الكِلمة التي من المُفتَرَض أن يُكَوِنها؟!
أمسَكَ حرفٌ بِتَرَدُد ليُضيء المكان بنور أحمَر ، ثانيَة وأنقلَبَ للبُرتُقالي ، الآن أصفَر! ألوان الطَيف السَبع! إنهُ عدٌ تنازُلي!
ماذا يَستَطيع أن يَفعَل بِسبع ثوانِِ؟! هل يُمكِنَك إنقاذ أحدَهم في سَبعِ ثوانِِ؟!!
أرجواني ، أخِر الألوان البارِدَة يُعلِن أن لم يعُد بسيرين حياة! ، أقترَبَ مِنها للتأكُد رُبما يكون مُخطِئاََ! ، لا نَبض! ، لم يَلعَن لاندرين ذكائُه أبداََ قبل ذلك اليوم أو يتَمني أن تكون إستنتاجاتُه خاطِئة!
رَمي بالسَلة بِغَضب! لا يستطيع إستِيعاب فِكرة مَوتَها!
هل هذِه حروف أُخري تحت السَلة؟!
"الطائِر الحُر هوَ طائِرٌ خارِج القفَص!" لم يكُن عليه الأختيار من كُل تلك الحروف كَلِمة! كانَ عليه ترتيب الحروف التي خارِج السَلة والتي عُبارة عن حرف الياء مُكرَر مَرتان ، الراء ، النون والسين !
مهما فَكَرت لا تُنتِج شيئاََ سِوي "سيرين" ! ، أسمُها!
وقد تغيَرَت الفجوات علي الحائِط لِتُناسِب الحروف مؤكِدَة له أن سيرين الطائِر ويجِب أن تُصبِح حُرة! ، وضَع الحروف ، أنتَظَر ، لا ضوء يُضيء ، لا شيء يحدُث! ، هل تأخَر جِداََ؟!
جلَسَ إلي جوارِها بِقَلَق مُنتَظِراََ منها أن تُفاجِئُه وتَنهَض! ، لكن لا شيء! ، هل ماتَتَ فِعلاََ؟! لا تبدو مازِحَة! ، لهُ لم يبدو الأمر مؤكداََ لِسَبَبِِ ما! ، الأعضاء لا تتوقَف فجأة عن العَمل ، لاندرين من زَمَن أخَر! هل يعلَم هذا أصلاََ؟! بالتأكيد لا! إذن من أين يَستَمِد إيمانُه؟! هل هذا إيمان أم مُجرَد إنكار؟!
يُحاوِل بشتي الطُرُق إنعاش قلبَها ، رُبما إدخال الهواء إليها مرة أُخري سيُفيد؟ أو إعادِة الحرارَة؟
سَحَبها كُلَها عَن الأرض لِتُصبِح في حِجرُه ، هوَ لن يَسمَح لها أن تَتَيَبَس!
مُجَرَد فِكرِة أنّ جُثَةٌ بِحُضنُه الآن! تُصيبُه بِنوع من العتَه!
ليس لديهِ سِلاحٌ الآن إلا الدُعاء! ، هوَ ليسَ راهِباََ! ، هوَ فقط لاندرين! أنتَ لا تَكذِب علي الرَب! ، هوَ بالفِعلِ عاجِزٌ ويحتاج مُساعَدَتُه!
||-الآن من هؤلاء؟
-لا أتَذَكَر!
صَفعَتها بِقوَة : فَكِري مرة أُخري! من هؤلاء!
-لا أعرِفهُم! ، هُم بالتأكيد ليسوا أهلي!
-رائِع!
تابَعَت ومازالَتا واقِفَتان أمام المرآة ، سيرين عيونَها جامِدة كالموتي : ومَن هذا؟!
-لا أعرفهُ! ، مهلاََ ! أتذكرُه ولا أتذَكَرُه!
-سيرين أنتِ أفضَل مِن هذا! ، فَكِري!
-هوَ.. صديقٌ! أنا أئتَمِنهُ علي حياتي!
صَفَعتها بِقوة علي الخَد الأخَر : مُخطِئة!
رَفَعَت سيرين رأسها مرة أُخري بلا أحسِاس ، شعرُها مُتناثِر علي وجهها بفوضي ولم تَهتَم لأعادَتُه! : هوَ زوجي.. أنا سأفعل أي شيء يُخبِرني بِفعلُه!
أنهارَت المُزيَفة أرضاََ من التَعَب : سيرين ، كُنتِ وجَعاََ حقيقياََ! لكني أصلَحتِك الآن! عَقلِك كان فوضوياََ ومليء بالدهاليز والأشياء عديمة القيمة! ، ستَعيشين! لكن كجميلة! كونِ سعيدة! وشاكِرَة لهذا!
صمَتَت قليلاََ : الآن أدخُلي إلي المرآة وقِفِ بجوار زَوجِك!
قَضَب لاندرين الذي بالمرآة حاجِباه وصاح : أياكِ!
ألتَفَتَ سيرين للمُزيفة بآلية : أمرَني ألا أفعَل! وأنا.. أفعَل ما يقول فقط!
تَسَمَرَت المُزَيفة في مكانِها! ماالذي يجري؟! إنهُ مُجرَد صورَة كيف لهُ أن يتَحَدَث؟! ماذا تفعَل الآن؟! صَفعَت سيرين! وقد تجمَد عقلها لا تدرِ ماذا تفعل ! هيّ لا تُجيد إلا الضَرب!
فجأة وجدَت نفسها تَرتَمي بالهواء ودوَي صَوتٌ قوي : لا تَصفعيها!
كأن سيرين أستفاقَت من نَومِها : لاندرين! كيفَ.. خرَجت من المرآة؟!
لم يرُد عليها بل أتجه للمُزيفَة ليرفَعها مِن عُنُقِها ويَرمي بِها علي المرآة فتَسقُط أرضاََ وتتحَطَم!
أضاء المكان بقوة بنور أبيض ، همَسَ صوتٌ حَنون : أنت سَمحتِ لي بالدخول ، لأنكِ حُرة! ||
فتَحَت عيناها بِتَعَب ، كانَ أوَل ما رأتهُ عينا لاندرين مُغلقتان بقوة بينما كانَ يُتَمتِم بشيءِِ ما ، نطَقَت ببلاهة : ماالذي حَدَث؟
فتَح عيناه ، رَمَش مرَة ، الثانية! وكأنهُ لا يُصَدِق ما يري : لقد كُنتِ ميتَة لِثلاث دقائِق!
أحمر وجهها عندما لاحظَت أين تَجلِس وأنّ لاندرين لن يستطيع النهوض دون أن تفعَل هيّ إلا إذا أرادَت مِنهُ أن يحملها! ، نهضَت بِسُرعة بينما كانَ عقلُه في حالِة صَدمة تمنعُه من الخَجَل من أي شيء فالوَقت الراهِن! وقد لاحَظَت هذا لِتَمُد يَدَها وتجِذب كفُه لِتُنهِضُه : كانَ عليكَ أن تري نَفسَك! كُنتَ رائِعاََ وأنتَ تقتُل تلك المُزَيفَة!
وكأنما أنصَبَت السَكينَة في قَلبُه ، هذه هيّ سيرين! ، مُجرَد طِفلة مُتَحمِسة : أنا قتلتها؟ تَستَحِق هذا!
قالَت وهيّ تسير معهُ خارِج الكهف : ماذا كانَت علي أي حال!؟
أجاب بعد تفكير : لا فكرة لدي! علي الأغلَب شيطانَة عُمرَها مِئات السنين؟ هُناك الكثير من المخلوقات التي لا نَعلَم عنها شيئاََ!
رُبما هوَ مُحِق؟
لم يَلحَظ أحدَهما أنّ كِلا منهُما مازالَ يُمسِك بيَد الأخَر ، فقط وكإن هذا الطبيعي وهكذا يجب أن تكون الأمور!
___
كانَت سيرين في حالَة من الدَهشة ، صاحَت شابة جميلة فيها مع أبتسامَة : صَدقينِ! أنتِ أسطورَة! لا يوجَد امرآة في تلك المدينة لا تَعرِف من تكونين!
كانَ لاندرين يبتَسِم من مكانِِ بعيد ، سيرين مُحاطَة بِهُم من كُل الجهات! ، الجميع يشكُرنَها! ، حسناََ! ليس الجميع! البَعض تَضرِبن أزواجِهُن! ، الضغينة أمر مُحير! ، لِماذا يحملها هذا ولا يحملها ذاك وقد تعرضا لِنَفس الموقِف؟!
همَسَت لها إحدي الفتيات وهيّ تُشير علي لاندرين : هذا يُحِبِك بِصِدق!
تابَعَت أُخري : لا تخسريه!
فجأة شعَر لاندرين وكأن نظرات الإعجاب أصبَحَت مُحَوَلَة نحوه لكنهُ لم يفهم لماذا!
___
بعد ساعَة من السَير بِالحِصانان ، تساءَل لاندرين : قُلتِ إنها حَدَثَتكِ في أوَل يوم أترُكِك وَحدِك فيه بذلك البيت ، لماذا لم تُخبرِينِ ونُغادِر وَقتها ! كُنا لِنتَمَكَن من الدوران حول المدينة!؟
سرَحَت لثانية : لم أُفَكِر بِهذا وأنا مُقيدَة ويتم تَهديدي بِإيذائَك!
توقفَت لِتُتابِع : كانَ عليّ أن أحميك!
أرتَفَع كِلا حاجِباه بِدَهشَة : لِماذا؟ أنا لستُ مسئولِيَتِك!
جمُدَت في مكانَها تُفَكِر ، هوَ مُحِق ، لا شيء يُجبِرها علي فعل ما فَعَلَت! ، نطقَت بِبُطء : أظُنُني.. فَقَط أرَدت فِعل هذا!
تابَعَت بِمرَح : الإرادَة الحُرَة!
أبتَسَم : نعم ، سيرين أوَل طائِر يَهزِم حَيَة!
دافَعَت عن نَفسِها فجأة : ماذا عَنك؟!
تعجَب : ماذا تقصدين؟!
أخذَت نَفساََ لِتَنطِق بالسؤال الذي تردَد في جَوفها لشهور ولم تجروء علي الإذاعَة بِهِ : لِماذا أنتَ معي؟!
لماذا هوَ معها؟! من أجل إيجاد أجوبَة؟ لأن كِلاهُما سَقَطَت عليه نفس الطاقة؟ لا! قد كانَ هكذا لسنتين قبل أن يُقابِلها! وقد كان يعلم بأمر العجوز المجنون ولم يبحَث عنهُ ! ، هوَ لم يظُن أنّ هُناكَ من هُم مِثلُه أصلاََ!
إذن هوَ معها لأنها مِثلُه؟ لكنهُ لم يهتم قبلاََ حتي وإن كانَ وحيداََ! ، لم يهتم سِوي بإيجاد الحقيقة أينَما كانَت!
شَعَرَت سيرين وكأنها أرتَكَبَت خطَئاََ بهذا السؤال حين أطال الصَمت فأردَفَت وكأنها تَبحَث عِن إجابة معُه لكنها فقط أرادَتهُ أن يتوقَف عن التَفكير! ماذا إن شَعَرَ أنّ لا فائِدَة من تواجُدُه معها؟! ماذا إن تَرَكَها؟! هيّ قريبة جداََ بإمكانِها أن تُكمِل وَحدَها! لكنها لا تُريد تركُه!! : من أجل الصالِح العام؟!
الآن هيّ تُحاوِل التلاعُب بِدوافِعُه! وتبرير الأمور ، ليسَت جيدَة في هذا ! ، ليسَت كالشيطانة التي قابَلاها!
لكنهُ لم يبدو مُستاءاََ بل بدي وكأنهُ أخَذَ ما قالتهُ في عَين الإعتبار! ، هل يفعَل هذا من أجل الصالِح العام؟!
"هه الصالِح العام؟! أتُمازِحني؟! أنتَ تفعَل هذا مِن أجل نَفسَك!"
لاندرين يبحَث عن الحقيقة! ، ليس من البَشَر الذين يكذِبون علي أنفُسهُم! لكنهُ فقط لم يفهم ماالذي يقصِدهُ ضَميرُه بـ "من أجل نَفسَك" ؟!
زَفَرَ ليَنطِق أخيراََ : أظُنُني أنا أيضاََ أفعَل هذا فقط لأني أُريد أن أفعَل هذا!
لا شيء يُجبِرُه علي فِعل ما يَفعَل! ، لا أسباب ، لا مُبَرِرات ، لا دوافِع!
ما الحُب حَقاََ؟! إنهُ الحُريَة!
___
أسبوعان ، خطوتان ، بابان!
بيتُ المَجنونِ لهُ غُرفَتان!
كُلُ شيءِِ فالدُنيا لهُ آوان
وكُلُ إنسانِِ لهُ عُنوان
يجِدهُ حين يتَوَقف عن الدوران في اللا مكان!
مُغامَرِة سيرين علي وشكِ أن تَنتَهي وَتُصبِحُ شيئاََ "كان" !
-أنتهي الفصل السابِع.
َ
|
التعديل الأخير تم بواسطة imaginary light ; 10-07-2015 الساعة 12:29 AM |