الفصل السادس
[ أملي تجسد بهيئة شخص ]
كان يامي واقفا بعيداً عن البقية واضعا طرف السكين الحاد على عنقه و يده ترتجف , الخوف واضح عليه فدموعه لم تتوقف عن الانهمار و هو لا يستطيع طعن نفسه .
يوزان : سيد يامي أرجو...
قاطعه يامي : لا تكمل , قلت لك لو رحلت فسيكون هذا أفضل للجميع .
يوغي : يامي أرجوك توقف , مهما كانت المشكلة كبيرة فهي لا تحل بهذه الطريقة .
التفت للوكاس و قال : أنت قل شيئا , ألست والده ؟!
لوكاس ببرود : في السجلات فقط , أنا لا أعترف به ابناً لي حتى .
يوغي اتسعت عيناه بصدمة : ماذا !!
لوكاس : منذ لحظة ولادته و أنا اعرف أنه ليس ابني , لهذا لم أعامله يوما كابن لي , و بسبب وجوده بيننا قتلت والدته .
آتيم بغضب : أنت ما الذي تتفوه به أمامه ! ألا تملك قلبا ً ؟
لوكاس : والدته هي السبب , خيانتها لي كانت سبب موتها , بالتالي هو كان سبب موت والدته أيضا هو يستحق كل ما يحدث له الآن .
التفت يوغي ليامي فوجده مصدوما أيضا من الكلام الذي يسمعه , عيناه توسعتا و أصبحت حدقته بحجم الخرز .
ضغط على سكينه و جرح بها عنقه فركض يوغي ليوقفه , أمسك يوغي بيد يامي التي بها السكين قائلا : توقف عن هذا , يامي أرجوك توقف لا تؤذي نفسك أكثر .
يامي يصرخ : ابتعد عني , اتركني أمت لا فائدة من حياتي .
يوغي : هذا لي صحيحاً لا تستمع لما يقوله .
يامي و قد انهار على الأرض باكيا : والدتي ماتت بسببي , يوزان كاد أن يفقد حياته بسببي , و أنت ستكون التالي , لا أريد أن أعيش بعد الآن هذا يكفي .
يوغي : أرجوك يامي , كل مشكلة ولها حل .
يامي : لا أريد أن أسبب ألماً لأحد , لما لا يمكنني أن أعيش حياتي كفتى طبيعي ! لما يتحتم علي أن أكون سببا لمعاناة الآخرين !!
استغل يوغي فرصة انهيار يامي و أخذ السكين من يده و رماها بعيدا ثم وضع يده على عنق يامي حيث الجرح , ضغط بأصابعه على الجرح حتى لا ينزف أكثر فاقترب منه ريو و جلس بجانبه .
يوغي : لم يقطع وريده , يمكننا علاجه الجرح سطحي .
يامي : اتركوني أمت , لا تعالجوا شيئا .
لم يستمع ريو لكلامه فقيد يوغي حركة يامي بينما أخرج ريو منديلا من جيبه و مسح الدم عن عنق يامي و قال : يوغي , امسك به هكذا حتى أعود .
يوغي : حسنا .
وضع يوغي يده على الجرح ليوقف النزيف حتى مجيء ريو.
دخل ريو المستشفى ليحضر بعض الضمادات لتضميد الجرح فقال يامي : لما أنتم حريصون على حياتي هكذا ؟
يوغي : لأنه لديك الحق بأن تحيا مثلك مثل جميع البشر , لوجودك في هذه الحياة سبب و لا يمكنك الموت هكذا ببساطة .
يامي : أي حق هذا ؟ وجودي لا يسبب سوى الأذى للجميع .
يوغي : هذا لا يعني أن الجميع يكرهك , مع أني لا أعرف قصة حياتك ولا أعرف شيئا عن معاناتك لكن على الأقل يوزان سيفديك بحياته .
نظر يامي إلى يوزان فوجده قد أمسك لوكاس من ياقته و يتحدث معه و الغضب واضح عليه , لكنه لم يستطع سماع ما يقولونه بسبب أصوات سقوط الصخور بالجبل الذي كان بجانبهم , اهتزت الأرض بقوة فقال آتيم : هل هذا وقته الآن !!
(( اليابان معروفة بكثرة زلازلها و أول اشارة على أن الزلزال قادم هي الاهتزازات الأرضية ))
أمسك بيد لوتس و قال : هيا يجب عليك الخروج , ابتعدي من هنا .
لوتس : ماذا ؟
آتيم : سنلحق بك بعد أن نأتي بيوزان و يامي , تعرفين مكان سيارة أمي صحيح ؟
لوتس : أجل لكن ماذا عنكم ؟
آتيم : سنلحق بك هيا اذهبي .
لوتس : حسنا , انتبهوا على أنفسكم جيدا .
ركضت لوتس إلى المكان الذي أوقفوا فيه سيارة عمتها جين و في تلك اللحظة خرج ريو قائلا : هيا بسرعة لنبتعد من هنا , سيحدث زلزال في هذه المنطقة .
آتيم كان يحاول ففك الجدال بين يوزان المصاب و لوكاس الذي لم يكن يهمه ما يجري , اقترب ريو قائلا : هذا يكفي , ليس وقتاً مناسبا للجدال الآن .
يوزان بغضب يصر على أسنانه : سأقتص منك , صدقني لن أتركك بحالك .
لم يغير لوكاس ملامحه الجامدة و قال : اسمع كلام صديقك , هذا ليس الوقت المناسب للجدال .
أغلق باب السيارة من دون أن يدخل فتحرك السائق مبتعدا , بينما ظهرت إحدى المروحيات من العدم و هبطت خلف لوكاس .
صعد لوكاس على تلك المروحية لكنه لم يغلق الباب بل تشبث بها ولا يزال واقفا , ابتسم بخبث ثم أخرج من جيب سترته جوهرة مصقولة بحجم قبضة يده , كان لها لون بنفسجي مشوب ببعض الحمرة و بداخلها كان هناك شيء كالدخان الأسود .
ما إن رآها يوزان حتى أمسك بعينه اليسرى التي بدأت تؤلمه .
أسند ريو يوزان قائلا : ماذا يحدث لك ؟ , يوزان تكلم !!
لم يستطع يوزان فعل شيء , يبدو أن لتلك الجوهرة تأثيرا سيئا عليه , أما آتيم فكان واقفا فقط يحدق بلمعان الجوهرة و قد نسي كل شيء من حوله , لم يعد يرى سوى تلك الجوهرة .
لاحظ يامي ما يجري فنهض من مكانه راكضا نحو لوكاس .
يوغي : يامي لحظة , عد إلى هنا جرحك!!!
مروحية لوكاس بدأت بالارتفاع عن الأرض إلا أن يامي لم يسمح له لأنه قفز عليه و تعلق بثيابه ليأخذ تلك الجوهرة من يده .
لوكاس بصدمة من تصرف يامي : ماذا تفعل أيها الأحمق !!
يامي : استخدمتني بما يكفي , سلمت نفسي لك ومع ذلك لا تريد ترك يوزان بحاله .
لوكاس : أنت تراجعت وكدت أن تقتل نفسك , هذا يعني أن اتفاقنا قد ألغي .
يامي و قد نجح بأخذ الجوهرة من يد لوكاس : ولايعني هذا أن سأتركك تؤذيه كما تريد , جوهرتك الغالية هذه ستراها قطعاً صغيرة .
لوكاس بغضب: أيها ال........ , أعدها .
كانت المروحية قد ارتفعت ثلاثة أمتارعن الأرض فقال يامي : في أحلامك .
أفلت يامي قميص والده و دفع نفسه ليسقط من المروحية , أراد لوكاس أن يمسك بيد يامي لكن بآخر لحظة أبعد يامي يده ليسقط بعد أن ابتسم بنصر ليغيظ ذلك اللوكاس .
وصل يوغي تحت يامي ليلتقطه قبل أن يسقط متناسيا حجم جسده الصغير فسقط يامي فوق يوغي .
يامي بخوف : يوغي ! كان عليك أن تبتعد .
نهض و ساعد يوغي على النهوض فقال يوغي : أهم شيء أنك بخير .
يامي ابتسم : شكرا لك .
نظر للجوهرة بيده فقطب حاجبيه متذكرا وجه والده و قال : هذه يجب أن تنتهي .
رفعها ليرميها بالأرض و تتحطم لكن قبضة قوية أمسكت يد يامي من الخلف .
التفت يامي خلفه فرأى آتيم و خصلاته الشقراء تغطي وجهه .
يامي بغضب : ماذا تريد ؟! اترك ذراعي .
رفع آتيم رأسه فظهرت عيناه لكنهما لم يكونا بلونهما الطبيعي , بل كانتا بلون خرنوبي و بؤبؤ عينه كان صغيرا جدا بحجم الخرز , و ملامح وجهه لم تكن طبيعية , وكأن آتيم ليس بوعيه .
ضغط على ذراع يامي أكثر قائلا بصوت مرعب : أعطني اياها .
يوغي بخوف من شكل آتيم : آتيم !! , هذا ليس أنت !
تألم يامي و حاول الافلات من قبضة آتيم لكن هيهات , قبضة آتيم أقوى بكثير من يامي .
يامي : هذا يؤلم , أفلتني حالا .
آتيم بصوته المرعب : أعطني أياها .
يامي : ماذا تريد منها ؟
أمسك يوغي بذراع آتيم و أبعدها عن يامي , ثم وقف بينهما مقابلا لآتيم .
يوغي بجدية : آتيم , توقف حالا عن ما تفعل !
مع نهاية جملته بدأت الأرض تحتهم تهتز بشدة .
ريو بخوف : يوغي , يامي آتيم كفاكم عبثاً تعالوا حـ....
سكت حينما رأى تلك الهالة القرمزية تحوم حول آتيم , شعره بدأ بالتطاير و بدأ يفقد لونه تدريجاً ليصبح فضي اللون .
تراجع يوغي و يامي خائفين مما يحدث لآتيم الذي لم يبدو أبدا أنه طبيعي أبدا.
يامي : ماذا يجري له ؟!
يوغي : لا أعرف بصراحة .
انشقت الأرض بين آتيم و بين يوغي و يامي و بسبب الاهتزاز الشديد سقط يامي ويوغي على الأرض .
يوزان صرخ رغم ألم عينه اليسرى : سيد يامي !!
كان سيذهب إليه لكن ريو منعه قائلا : حالك لا تسمح لك بالتحرك , اهدأ .
يوزان بانفعال : كيف تريد مني أن أهدأ و سيد يامي على وشك الموت !!
ريو صرخ وهو يحاول الامسكا بيوزان كي لا يتهور : يوغي , عد سريعاً إلى هنا .
سمعه يوغي و نهض مع يامي ليعودا أدراجهما لكن عامود مصباح الشارع سقط أمامهما مما قطع عليهما الحركة .
الأرض زادت من اهتزازها و ارتفعت المنطقة التي يقف عليها ريو ويوزان بطريقة مائلة مما سبب انزلاقهما للأسفل فسقطا بقرب آتيم الذي جلس على الأرض ليتفادى السقوط .
نهض ريو و أمسك آتيم من كتفيه و هزه ليستفيق قائلا : آتيم , عد لطبيعتك هيا !!
ازدادت الهالة القرمزية حول آتيم مما سبب حروقاً بسيطة بيدي ريو فابتعد عن آتيم .
صرخ يوغي : ريو !! , لا تقترب منه ابتعد بسرعة .
يامي : هل تعتقد أن تحوله هذا بسبب الجوهرة ؟
يوغي : ربما , لا أعلم هذه أول مرة أراه فيها هكذا .
رأى يامي السكين التي جرح بها نفسه و قد كانت على وشك السقوط داخل الشق لكن يامي أمسك بها قبل أن تسقط بثانية .
يوغي : ماذا تفعل ؟
يامي : سأحطمها .
قلب السكين ليمسك بنصلها الحاد و يبدأ بضرب الجوهرة بغمد السكين .
يوغي : هذا خطر .
ضرب يامي الجوهرة الضربة الأولى و لكن لأنه كان ممسكا بنصل السكين فقد جرح يده و سال دمه ليغطي الشقوق التي أصابت الجوهرة , فعادت الجوهرة كما كانت و كأنه لم يصبها خدش واحد .
اتسعت عينا يامي قائلا : ما هذا !!
كانت الجوهرة تضيء مكان الشق الذي حدث فيها بلون خرنوبي حتى التئم الشق تماما و عادت جديدة .
يوغي بصدمة : دمك يصلحها !
لم تدم صدمة يوغي طويلا فالأرض اهتزت من جديد و هذه المرة بشكل أقوى من ذي قبل فبناء المستشفى قد بدأ يتشقق , و انشقت الأرض مجددا لكن بين يوغي و يامي لتنخفض الأرض التي عليها يامي و ترتفع أرض يوغي للأعلى قليلا .
ركض يوغي ليتفقد يامي , نظر للأسفل فوجد يامي على الأرض ممسكاً بمرفقه الأيمن و الواضح أنه تأذى .
يوغي : يامي , أنت بخير ؟
يامي نهض : أعتقد ذلك , لكن ذراعي تؤلمني قليلا .
مد يوغي يده قائلا : امسك بي هيا , تعال لنخرج من هنا .
يامي : يجب أن أدمر هذه أولا .
يوغي : لا يهم هيا تعال .
في هذه الأثناء كان ريو ويوزان قد ابتعدا عن آتيم و اقتربا من يوغي الذي يحاول جاهداً أن يقنع يامي بالصعود لكن يامي مصر على رأيه بتحطيم تلك الجوهرة , ومن جديد بدأ يضربها بغمد السكين لكن لا فائدة , كلما ضربها يسيل دمه على الجوهرة فتعود من جديد .
من بعيد كان آتيم يراقب ما يجري و لم يعد لحاله الطبيعي بعد , التصدعات التي كانت تحدث للجوهرة كانت متزامنة مع أضواء البرق الصغيرة التي كانت تنبعث من هالته القرمزية .
صرخ يوزان : سيد يامي هيا تعال , لا يمكنك البقاء هناك أكثر هذا خطر .
تلفت يامي حوله و بالفعل كان كلام يوزان صحيحا فالأرض التي عليها يامي قد بدأت تتهاوى هي الأخرى .
نهض من مكانه حتى لا يسقط وراء تلك الصخور و تراجع للخلف باتجاه يوزان و يوغي و ريو .
مد يوزان ذراعه قائلا : سيد يامي !!
التفت له يامي وبآخر لحظة رفع يده ليمسك بيد يوزان و تحطمت الأرض تحت يامي مما جعله معلقا , إن أفلت يد يوزان سيسقط داخل الشق العملاق .
وزن يامي لم يكن سهلا على ذراع يوزان اليسرى المصابة , فبسبب الثقل المفاجئ تفتقت الغرز التي كانت بكتف يوزان مما جعل جرحه ينزف من جديد فتلطخت ملابسه بالدم و سالت دمائه لتصل لكفه و تسيل على كف يامي و يتقطر بعض منها على وجه يامي .
يامي بخوف : يوزان , كتفك !!
يوزان ابتسم رغم ألمه : لا يهم , ما يهمني أنك بخير .
يامي هز رأسه بالنفي و الدموع تتجمع بعينيه : لا يمكنني تركك تتعذب .
يوزان : قلت لك , حياتي من دونك لا شيء ان اضطرني الأمر فسأموت معك .
يامي و قد بدأ بالبكاء : لأنك غبي , اتركني أمت أنت لا شأن لك .
يوزان بعناد : أبداً .
أمسك يوغي بذراع يوزان ليخفف الضغط على كتفه قليلا و كذلك فعل ريو .
يوغي : أيها الأحمق , أتظن أنك خلقت على وجه الأرض هكذا بدون سبب !!
اتسعت عينا يامي قائلا : ماذا !!
يوغي : بالتأكيد لوجودك سبب , لم تخلق عبثا , كل نفس تتنفسه و كل نبضة ينبضها قلبك , كل يوم تعيشه له سبب , ولا يمكنك الموت هكذا .
انزلقت يد يامي بسبب دماء يوزان التي سالت حتى وصلت كفه , حاول يوغي الامساك بيد يامي التي انزلقت لكنه لم يستطع فسقط يامي .
آتيم كان يراقب المشهد من بعيد و حينما رأى يامي يسقط للهاوية لمعت عيناه بلونهما الطبيعي و تحرك بسرعة الضوء ليصل ليامي قبل أن يسقط و يمسك به , استخدم أحد الأعمدة التي كانت أسفل الهاوية ليدفع نفسه للأعلى و يخرج من الشق حاملا يامي معه .
بسبب خوف يامي فقد تمسك بآتيم بشدة فسقطت الجوهرة من يده لأسفل الهاوية .
يوغي و ريو ويوزان لم يروا شيئا سوى ضوء قرمزي مر من أمامهم و اختفى يامي معه .تلفتوا حولهم حتى وقع بصر ريو على آتيم الذي هبط على أرض سليمة و يامي بين يديه .
قال بصدمة : انظروا هناك !!
التفت كل من يوغي و يوزان فرأوا آتيم على تلك الأرض السليمة و قد اختفت هالته القرمزية و لون شعره عاد طبيعياً و وضع يامي الذي كان بين يديه أرضاً .
لمعت عينا يوزان بالدموع و نهض من مكانه متجها إلى يامي الذي كان جالسا على الأرض مصدوما مما حدث قبل ثواني , جلس يوزان أمامه و أحاط وجه يامي بيديه قائلا : سيد يامي , أنت بخير ؟
يامي لا يزال مصدوما : أعتقد ذلك .
لم يتمالك يوزان نفسه فاحتضن يامي بقوة وبدأ بالبكاء بينما قال ريو : هذا ليس وقت البكاء يوزان , هيا لنذهب من هنا قبل أن نموت .
مسح يوزان دموعه : حسناً .
آتيم كان قد رفع رأسه للتو و قد عادت عيناه لطبيعتها , قال باستغراب : ما الذي جرى ؟!
أمسكه يوغي من كتفه و قال : لا وقت لهذا , هيا انهض .
نهضوا جميعا و ركضوا مبتعدين عن المكان الذي تدمر , تابعوا طريقهم حتى وصلوا إلى المنطقة الآمنة حيث كانت لوتس تنتظرهم بجانب سيارة عمتها .
لحسن الحظ الزلزال لم يكن بتلك القوة ليحطم المنطقة كلها , فلقد توقف بعد دقائق بسيطة .
لمح آتيم لوتس التي كانت جالسة على الأرض بجانب السيارة دافنة رأسها بين ركبتيها , ملابسها كانت بحالة يرثى لها , فقال بصوت مرتفع لتسمعه لوتس : لــــــــــوتـــــــــــــــــس .
ما إن سمعت لوتس صوت آتيم حتى رفعت رأسها و التفتت ناحيته فرأت آتيم يلوح لها وعلى وجهه تلك الابتسامة الدافئة.
اتسعت ابتسامتها و انتثرت دموعها كاللآلئ ثم ركضت ناحيتهم , توقفت أمامهم قائلة : حمدا لله أنكم بخير جميعاً .
ربت آتيم على رأسها و قال : نحن بخير , ماذا عنك ؟
لوتس : بخير تماما لم أصب بأذى .
آتيم : سعيد لسماع ذلك .
ريو : على كل حال هيا لنذهب لأقرب ملجأ , حال يوزان لا يمكن السكوت عنها .
يامي : منزلي قريب من هنا , يمكننا الذهاب إليه .
يوغي : متأكد أن والدك لن يراقب المكان ؟
يامي : لا تقلق , هو لا يعرف مكانه حتى .
ريو فتح باب السيارة فصعد الجميع , ريو كان يقود بينما لوتس في المقعد الذي بجانب السائق , الثلاثي المتشابه و يوزان كانوا بالخلف .
لحسن الحظ وجدوا علبة اسعافات أولية في سيارة جين فبدأ يوغي بمعالجة جروح يوزان و ربطها بالضماد من دون خياطة فهو حتى الآن لم يتعلم طريقتها .
يامي : هل سيكون بخير ؟
يوغي : لقد أوقفت النزيف حاليا لكن ريو عليك أن تخيط الجرح لأنه بأقل حركة سينفتح من جديد.
يامي : في المنزل لدينا ادوات تفي بالغرض صحيح ؟
يوزان : أجل أعتقد ذلك .
ريو : اذا لا بأس سأخيطه حينما نصل .
التفت يوغي ليامي وقال : ماذا عن جروحك يامي ؟
نظر يامي ليده و قال : إنها مجرد جروح بسيطة .
يوغي : و جرح عنقك ؟
نظر آتيم لجرح عنق يامي و قال : إنه خدش عميق قليلا لكن النزيف توقف .
يامي : بالحقيقة لم استطع طعن نفسي أكثر لقد كان مؤلما .
يوزان : و لا تحاول ذلك ثانية , هذا بالضبط ما يريدك والدك أن تفعله , يريد أن يتخلص منك فقط لذا لا تعطه ما يريد .
يامي : يوزان , هل فعلا أمي قامت بخيانة أبي ؟ هل فعلا أنا السبب في موتها ؟
يوزان : للأسف لا أعلم شيئا عن هذا , لكني متأكد أن والدتك ليست من ذلك النوع , والدتك كانت انسانة رائعة و مسالمة و مخلصة , كانت تحبك كثيراً لكني حقا لا أعلم لما يكرهها والدك .
يوغي : لو كانت والدتك بهذه الصفات التي ذكرها يوزان فوالدك كان يكذب , لذا لا تصدقه .
يامي : لكن ..... , بعيدا عن موضوع والدتي بقائكم معي .....
قاطعه يوغي : لا تقل المزيد , نحن سنكون بخير .
يامي : لكن ...
يوغي : في الواقع أنا لا أعرفك جيداً و لم أقابلك سوى مرتين فقط و لم يتسنى الوقت لنا للحديث مع بعضنا , لكني بطريقة ما شعرت ببعض معاناتك , و أعلم أن ما حدث معك كان قاسيا لكن يجب أن لا تستسلم , تحلى بالأمل قليلاً و سترى الطريق ينير أمامك , وما لا تتوقعه قد يحدث يوما ما .
آتيم : هذا صحيح .
تذكر آتيم شيئا فقال : هيه يوغي , تلك الكلمات الأخيرة أليست من مقولات مايكل ؟
يوغي : أجل , حفظتها عن ظهر قلب , لسبب ما شعرت أن كلامه يلمس شيئا ما بقلبي .
اتسعت عينا يامي حينما سمع حديث آتيم و يوغي الأخير و قال : مايكل ؟! تقصدان مايكل بطل رواية القمر المكتمل ؟!
يوغي و آتيم بحماس : تعرفها ؟!
يامي بارتباك : أ..أجل , قرأتها .
يوغي : أليست مذهلة ؟
آتيم : إنها أفضل رواية في كل العالم .
يوغي : تمت ترجمتها بالانجليزية و كانت تباع في أمريكا .
آتيم : أجل و لاقت أرباحاً كثيرة هناك .
يوغي : لكني سأموت حماساً لأعرف النهاية ولا أحد يعلم لما توقف الكاتب عن الكتابة في الجزء الأخير .
آتيم : إن وجدت ذلك الكاتب سأحلق شعر رأسه و أقتله بيدي هاتين .
تخيل يامي نفسه أصلع الرأس مقتولا في غرفته فانتفض خوفا و قال بارتباك : ربـ..ربما لديه أسبابه , صحيح ؟ لا يمكنك أن تعرف ما الذي جرى له , ربما هو بالمستشفى الآن بين الحياة و الموت , صحيح ؟
آتيم : اذا عليه أن يورث النص لأحد أقاربه ليكمل الرواية , لا أريده أن يموت ويتركنا هكذا من دون أن نعرف النهاية .
يامي همس ليوزان : هيه يوزان , كلمة سر حاسوبي هي اسمك و مسودة الفصل الأخيرة مكتوبة , إن حدث لي شيء ما فأكمل الرواية بدلا عني .
يوزان يهمس : ما الذي تقوله , هو بالتأكيد لن يقتلك لا يعرف أنك الكاتب أصلا .
يامي بنفس حاله : ماذا إن عرف ؟ أنا أقول لك ذلك للاحتياط فقط لا غير .
قال جملته الأخيرة و هو ينظر لآتيم الذي تابع في كتابة مخططاته لقتل الكاتب إن لم يكمل الرواية .
وصلوا لمنزل يامي بعد ربع ساعة تقريبا فدخل الجميع لأن يامي أجبرهم على ذلك فملابسهم كانت بحالة يرثى لها و ريو عليه أن يخيط جرح يوزان .
يامي : آتيم ويوغي سترتديان من ثيابي , ريو سيرتدي من ثياب يوزان .
التفت ليوزان و قال : يوزان , أين تضع ثياب أمي ؟
يوزان : إنها في الخزانة المغلقة في غرفتك , المفتاح في الدرج الأيمن بجانب سريرك .
يامي : حسنا تعالي معي لوتس .
لوتس : لكن مهلا .
أمسك يامي بيدها و سحبها للطابق العلوي قائلا : هيا تعالي , ثيابك متسخة جدا .
فتح باب غرفته و أضاء الأضواء فرأت لوتس الغرفة في قمة الفوضى و قالت : غرفتك تشبه غرفة آتيم كثيرا .
يامي : عذرا على الفوضى لكني خرجت على عجل تلك الليلة .
أخذ يامي المفتاح من الدرج و فتح الخزانة المغلقة و بدأ يبحث عن شيء يناسب مقاس لوتس , بالنهاية أخرج فستانا ذو أكمام قصيرة ياقته على شكل مربع , يصل لنصف ساقيها , لونه كان قريبا من لون عيني لوتس و فيه نقوش جميلة باللون الأخضر الغامق .
مده للوتس و قال : تفضلي , أعتقد أنه مناسب لك .
لوتس : لكن لما تحتفظ بملابس نسائية في خزانتك ؟!
يامي : هذه ثياب والدتي المتوفاة , يمكنك ارتداؤها .
لوتس رفعت يديها و قالت برفض تام : لا يمكنني ذلك , إنها ثياب والدتك .
يامي : لا عليك خذيه , لو كانت والدتي هنا لفعلت نفس الشيء , و أنا أعلم أنها ستكون سعيدة لفعلي هذا .
لوتس : لكن , مهما يكن ....
قاطعها يامي : مهما يكن , إنه أفضل من بقائك بملابس متسخة , استخدمي الحمام على راحتك يوجد بالداخل مناشف و يمكنك غسل شعرك إن أردتي .
أمسكت لوتس بالثياب بعد تردد ثم قالت : شكراً لك يامي , أنت حقا شخص لطيف .
يامي بابتسامة : العفو .
وصف يامي لها مكان الحمام فذهبت بينما أخذ هو بعض الملابس من خزانته ليعطيها ليامي و يوغي , نزل للأسفل فوجد ريو يخيط ليوزان جرح كتفه بحذر .
اقشعر بدن يامي من منظر الجرح فاقترب من آتيم و يامي اللذان كانا يجلسان على الأريكة الفاخرة .
يامي : تفضلا , يمكنكما الاستحمام بعد أن تنتهي لوتس , قد تكون بقياس آتيم لكنها ستبدو كبيرة عليك قليلا يوغي .
يوغي : لا بأس , شكرا لك يامي .
يامي : العفو , لم أفعل شيئا يذكر .
وكز يوغي آتيم بمرفقه حينما رآه صامتا فقال آتيم : ماذا هناك ؟
يوغي : لم تشكر يامي .
يامي : لا داعي لذلك , أنا من عليه أن يشكره لأنقاذي .
آتيم باستغراب : حقاً فعلت ذلك ؟!
يامي : أجل , لقد كنت على وشك الموت لكنك أنقذتني بآخر لحظة .
آتيم : لا أذكر ذلك .
يوغي : حقا لا تتذكر ؟ لقد كنت غريبا جدا , عيناك كانتا مشعتين و هالة قرمزية تكونت حول جسدك , ألا تتذكر شيئا من هذا ؟
آتيم : أبدا , ألم أفقد وعيي ؟ لا أتذكر سوى أن الزلزال قد بدأ و من ثم وجدت نفسي على الأرض ويامي أمامي .
يوغي همس : مجددا ؟! , أيعقل أنه لا يدرك ما يحدث له !
آتيم : بماذا تهمس ؟
يوغي : لا شيء .
آتيم : كنت تهمس قبل قليل , بالتأكيد تتحدث عني .
يوغي : ما أدراك أنت ؟ هل سمعت ما كنت أقوله ؟
آتيم : لم اسمعه لكن اعتقد أنك تتحدث عني .
يوغي : على كل حال اصمت الآن .
آتيم : لما تغير مزاجك فجأة ؟ ماذا بك يوغي ؟
يوغي : لا شيء أنا بخير , يامي تعال لأضمد جراح يديك , مرفقك تأذى أيضاً .
يامي : لكن ..
يوغي: لا تناقشني , هيا تعال .
يامي : آه حسنا .
اقتربا من يوزان وريو و قد انتهى ريو من خياطة جرح يوزان .
يوغي : كيف هو الجرح ريو ؟
ريو : عقمته و خطته لكن لا اعتقد أن يوزان بخير فحرارته مرتفعة و يواجه صعوبة في التنفس , وأيضا ً هنالك آثار جلد قوي على ظهرك , هل والد يامي هو المتسبب بهذا أيضاً ؟
يوزان و قد نهض من على الأريكة ليتفادى الحديث بالموضوع : أنا على ما يرام .
لم يكن يوزان متوازنا فكاد أن يسقط لولا أن ريو أسنده و قال : عليك الذهاب للمستشفى لا يمكنك البقاء على هذه الحال .
يوزان ابتسم و قال : لا عليك سأكون بخير في ثوان , عن اذنك الآن .
ذهب يوزان نحو غرفته و لا يزال مترنحا بمشيته فقال ريو : كيف له أن يكون بخير ؟ لو كان مكانه انسان عادي لفقد وعيه من الألم .
يامي همس : أرجو أن لا يستخدمه مجدداً ..
يوغي سمعه : يستخدم ماذا ؟
يامي انتبه لنفسه : لا لاشيء , هيا ألم تقل أنك ستضمد جراحي ؟!
يوغي : بلى .
يامي : هيا ابدأ , ماذا تنتظر ؟
مع أن يوغي قد شك للحظات بيامي إلا أنه أمسك بيد يامي المصابة و بدأ بتنظيف الجروح بلطف .
,,,,
عند يوزان الذي كان قد وصل لغرفته , أغلق الباب خلفه بالمفتاح و تقدم بخطوات متعبة نحو خزانة صغيرة كانت موجودة بجانب سريره , فتحها بإدخاله الرقم السري المكون من أربعة أحرف .
مد يده داخل الخزانة ليخرج قنينة زجاجية صغيرة مستطيلة الشكل , بداخلها سائل لونه ذهبي مائل للأخضر الفاتح , كان يلمع بطريقة غريبة وكأن بداخله نجوم .
فتح غطاء القنينة و قربها من شفتيه و ارتشف شيئا بسيطا جدا , ما يقارب قطرتين أو ثلاث قطرات فقط .
ما إن دخلت تلك القطرات البسيطة داخل جسده حتى بدأت عينه الذهبية تصدر شعاعاً قويا لدرجة أنه ظهر من تحت الضماد الأبيض الذي يغطيها , جرحه الذي خاطه ريو قبل قليل بدأ يتعافى تدريجيا , الخدوش البسيطة على جسده بدأت تختف , بشرته بدأت تستعيد لونها الطبيعي .
أغلق يوزان القنينة الصغيرة وأعادها لمكانها ثم نهض من مكانه بنشاط و كأنه لم يكن مصابا , يبدو أن لذلك السائل الذهبي تأثيراً ضد الإصابات .
بدل ثيابه ليرتدي قميصا أبيض بأزارير ذهبية و بنطالا أسود اللون و فك الضمادة التي كانت تربط عينه اليسرى و وضع بدلا عنها رقعة للعين , ثم أخذ بعض الثياب المريحة ليعطيها لريو .
خرج من الغرفة و اقترب من ريو قائلا بلطف : شكراً لك سيد ريو على اعتنائك بجرحي .
ريو : لم أفعل سوى واجبي كطبيب , لكن مهلاً لحظة , قبل قليل كنت ستموت من التعب تبدو نشيطاً .
يوزان : حقاً ؟ ربما تتخيل ذلك فحسب .
وضع ريو يده على عنق يوزان و قال : حرارتك طبيعية , و يبدو أن تنفسك أيضا عاد طبيعياً , هل أنت حقا يوزان الذي كان هنا قبل قليل ؟!
يوزان ضحك وقال : أنت فعلا مرح سيد ريو , لا عليك قلت لك أنا بخير تماماً .
مد الثياب لريو وقال : تفضل بدل ثيابك بهذه .
أخذ ريو الملابس من بين يديه و قال : آه شكراً .
اتجه يوزان نحو المطبخ وهو يرفع كم قميصه قائلا : سأعد لكم بعض الوجبات الخفيفة .
ريو همس لنفسه : " كيف لذلك أن يكون ممكناً لقد كاد يموت قبل قليل و نزيفه لم يكن بالشيء السهل و فوق كل هذا تحمل ألم خياطة الجرح بدون أي مخدر و من دون أن يظهر عليه أنه يتألم , هل هذا الرجل بشر حقا ؟!! "
قطع تفكيره العميق صوت لوتس قائلة : آآآه لقد كان حماما منعشاً .
التفت ريو للوتس فوجدها ترتدي ذلك الفستان الذي كان طويلا قليلا عليها و لكن كان جميلا فعلا و كانت ترفع شعرها على شكل كعكة فوق رأسها و الواضح أنها قد غسلته .
جلست بجانب يامي و قالت : شكرا لك يامي .
يامي : لا داعي لتشكريني هذا أقل ما يمكنني فعله لكم .
ريو : لوتس تبدين رائعة في هذا الفستان .
لوتس : شكرا لك على المجاملة ريو .
ريو : لم أكن أجاملك أنت حقا تبدين لطيفة فيه , أليس كذلك آتيم ؟
انتبه آتيم لنفسه للتو وأنه كان يحدق فيها منذ ظهورها فأشاح بنظره لهاتفه على الفور وقال : ل..لا أعلم شيئا , لم أكن أنظر .
ريو : على من تكذب , أنت تحدق بها منذ فترة .
آتيم بإنكار و وجنتاه بدأتا بالاحمرار : لم أفعل .
يوغي : بل كنت تفعل لقد رأيناك , أليس كذلك يامي ؟!
يامي : أجل , ثم لما تنكر ذلك ؟ أليست حبيبتك ؟!
احمر وجه لوتس بالكامل و قالت : لا , الأمر ليس كذلك هو فقط ابن عمتي .
صرخ آتيم بانفعال و وجنتاه محمرتان: ولما أحبها أصلاً , ليس لأننا نسكن بنفس المنزل تقول ذلك , نحن مجرد أقرباء لا أكثر و لا أقل !!
يامي : أعلم ذلك لكن قرابتكما لا تمنع من أن تحبا بعضكما .
لوتس بدأت تلعب بأصابعها قائلة : ق..قلت لك الأمر ليس كذلك , ثم إني لدي شخص أحبه فعلا .
يوغي و يامي بصدمة : حقاً ؟!
صدم آتيم أيضا من كلامها لكنه بقي صامتا ينتظر جوابها فقالت بإحراج : أجل , لدي شخص أحبه لكني لم أخبره بذلك بعد .
يوغي : من يكون ؟
لوتس : اسمه توموي شيراكين عمره عشرون عاما , ابن شريك أبي الجديد بالعمل .
ريو بصدمة : حقا !! , و ما الذي جعلك تحبينه ؟
لوتس بخجل و قد أنزلت رأسها و عادت لتلعب بأصابعها : إنه فتى لطيف و دائما ما يقابلني في حفلات عشاء العمل التي يقيمها أبي , خرجنا مرة لمدينة الملاهي مع بعضنا و في بعض الأحيان كان يزورني ليطمئن على دراستي فهو متفوق بدراسته و قال أنني لو بذلت جهداً أكبر فسيتم قبولي بالجامعة التي يدرس فيها .
بدأت عيناها تلمعان وهي تقول : إنه حقا يهتم لأمري , لهذا أحببته و قد قال لي مرات عديدة أنه لا يمتلك صديقة و أنا هي أول فتاة كانت قد تحدث معها بأريحية تامة .
يامي : يبدو أنك تحبينه كثيراً .
لوتس : ام , أريد أن أخبره أني أحبه لكني حتى الآن لا أزال خائفة من أن يرفضني .
يامي : إن كان فعلاً كما تقولين و أنه قد لمح لك كثيرا من قبل أنه لا يمتلك صديقة فأعتقد أنه ما زالت الفرصة أمامك و لا أعتقد أنه سيرفض .
لوتس : حقا ؟ يجب أن أخبره بأقرب فرصة .
تابع يامي ويوغي و ريو الحديث مع لوتس عن توموي بينما بقي آتيم بعيدا لم يشارك بكلمة , نظرة عينيه كانت مظلمة و كأنه على وشك قتل أحدهم , لم يستمتع بالحديث عن توموي قط وشعر أنه يمقته حتى قبل أن يراه , جلس بعيدا يعبث بهاتفه .
بعد عدة دقائق كان يوزان قد أنهى تحضير الطعام و الجميع قد استحم و بدل ثيابه بأخرى نظيفة , جلس الكل على طاولة الطعام و بدأوا بالأكل .
افتتح يوغي حديثا مع يامي قائلا : يامي , هل حقا أنت ستسكت عن هذا الوضع ؟
يامي : حسنا , أنا لا يمكنني فعل شيء .
يوغي : عليك أن تخبر الشرطة بما يجري , لقد قلت أنه كان يعذبك و كل تلك الندوب على جسدك كانت بسببه , كيف يمكنك أن تسكت على شيء كهذا ؟
يامي : لأني أعرف أبي و أعرف ما سيفعله لو أخبرت الشرطة .
يوغي : هل جربت ؟
هز يامي رأسه بالنفي فقال يوغي : لا تحكم قبل أن تجرب , صدقني لو علمت الشرطة بالأمر فستقبض عليه و سترتاح منه .
يامي : يوغي هل تعرف طريقة عمل المافيا ؟
يوغي : لما تسأل ؟
يامي : إن كنت لا تعرف فسأخبرك , دائما تجارتهم تكون بشكل سري و صفقاتهم تكون بمبالغ طائلة و أحيانا كثيرة الشرطة لا تكون قادرة على الامساك بهم .
يوغي : و ما دخل هذا بموضوعنا ؟
يامي : أبي لديه تجارة من هذا النوع , صحيح أنه مسؤول عن تمويل أكاديمية "ويلس " لكنه بطريقة خفية له بعض المعاملات مع المافيا , تتذكر السبب الذي من أجله كان أبي يقوم بتعذيبي ؟ , يعتقد أن هناك طاقة ما بداخلي و أنه لو أخذ هذه الطاقة و بطريقة ما احتجزها في ياقوتة حمراء فستكون بمثابة جالبة للحظ , ستضمن له الثروة و المال و الجاه .
يوغي : تلك مجرد كذبة , لا يمكن لشيء كهذا أن يجلبها و أنت بنفسك قلت أن لا طاقة بداخلك .
يامي : قلت لك و لكن من سيقنعه هو بذلك ؟ على كل حال لقد صارحني قبل عدة شهور و قال أنه إن لم يستطع اخراج الطاقة بداخلي فسيبيعني للمافيا ليخرج تلك الطاقة شخص آخر غيره و بالنهاية يقتله ليأخذ جالبة الحظ تلك لنفسه .
يوغي بصدمة : كيف له أن يقول شيئا كهذا لابنه ؟!
يامي ابتسم : لا عليك , ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة , بسبب مصارحته تلك لي تركت له المنزل وهربت لأسكن هنا مع يوزان , و ها هو الآن يبحث عني ليعيدني بالقوة و دائما ما يهددني أنه سيقتل كل الأشخاص حولي ليحصل علي .
يوغي : ولهذا لا تستطيع اخبار الشرطة ؟
يامي : ليس لأنهم سيعتبرونني هارباً فقط بل لأنه سيثير ضجة كبيرة و قد يستعمل فريق المافيا الخاص به و ستحدث أشياء كثيرة سيئة لا أريد تخيلها .
أنزل يوغي رأسه و سكت للحظات فقال يامي : آسف لجعلك تكتئب لكنك كنت مصراً على معرفة الحقيقة .
يوغي رفع رأسه و قال بابتسامة : لست مكتئباً إطلاقا .
يامي باستغراب : ماذا ؟!
يوغي : والدك قام بأشياء فظيعة و لا يستحق أن يكون أبا , لكن ليس كل شيء بحياتك سيء , أعني أنت لا تزال تملك يوزان الذي لن يتركك أبدا مهما حدث .
يامي بصدمة : يوغي !!
يوغي ابتسم ببراءة و عيناه البنفسجيتان تلمع أملاً : و لديك نحن , بعد أن تعارفنا و تدخلنا بالمشكلة أصبح حالنا واحد , من يدري والدك قد يسعى خلفنا الآن لكن بالتأكيد نحن لن نستسلم له , سنقاومه بكل قوتنا لأن الحق بصفنا , سنجد نقطة ضعف والدك و سننجح بهزيمته يوما ما .
أمسك بيده الدافئة كف يامي المصاب و قال : لأننا أصدقاء , صحيح ؟
يامي كان مصدوماً من كلام شبيهه يوغي , تلك الحكاية المؤلمة و المأساوية التي سمعها لم تؤثر به بل وجد فيها جوانب مضيئة , وجد فيها بصيص أمل , استطاع بكلماته البسيطة تلك رفع معنويات يامي عالياً .
يوغي : سنبقى معك و بصفك ونساندك للأبد .
شعر يامي بفراشات تحوم في معدته فالتمعت عيناه الحمراوان أملاً وقال بعد أن ابتسم : ام , بالتأكيد .
يوغي : سعيد لسماع ذلك منك .
همس يامي لنفسه وهو يشعر بدفء كف يوغي الناعم : " أمي , لقد وجدت شخصاً يشبهك , وجدت أملي , أمل تجسد على هيئة شخص , شخص لطيف اسمه يوغي " .
انتهى الفصل
رأيكم فيه ؟ ( مفعم بالأمل شوية صح ؟ )
تعليقاتكم على المواقف الحماسية ؟ ( حاولت بقدر ما استطيع إني أحسنهم ما كانوا كذا بالبداية )
بصراحة ما عندي أسألة أكثر من كذا فاكتبو تعليقاتكم على أي شي عجبكم , و إن كان لديكم أي انتقادات أو أسألة فاكتبوها أنا لن أنزعج مها أبدا .
وللعلم , لقد بدأت دراستي الجامعية لذا قد انتظم أكثر بتنزيل الفصول .
في أمان الله متابعيني الأعزاء .