09-27-2015, 03:43 AM
|
|
##
{الفصل الأول : سَقَطَ التاج وسارَ الحِذاء}
تهادَت رَشيقَة ممشوقَة القوام في ثَوبٍ أبيَض ليتَحرَك شَعرُها الكَستنائي الطويل خَلفَها حتي وَصَلَت إلي سَرير لِتَهُزَ جُثةً ما :
" آمالـيا !. أستيقِظي ستتأخرين علي التدريب ! "
خرَجَت يدٌ بيضاء مِن تَحت الغِطاء لِتُبعِدها :
" ليمالا أنا مُتعَبَة من السَفَر كيف لهم ألاّ يُلغونَ التَدريب اليوم؟! "
سَحَبَت ليمالا الغِطاء لِتَكشِف رأساً أسود وعينان بِذات اللون ما لَبثا أن أُغلِقَتا مرة أُخري في وجه الشَمس :
" كُل الأميرات هُناك بالفِعل ! أنتِ الوحيدَة التي ماتزال فالسَرير ! "
جذَبَت الغِطاء مرة أُخري :
" وكأني أهتم لاولئِك المُتعَجرِفات ! لِتَحِل لَعنِة رَع عليهِن جميعاً ! "
___
مِصر تَنقَسِم لِقِسمان بالتمام والكَمال ؛ مِصر العُليا ومِصر السُفلي.
إثنان وأربعون إقليم لِكُل إقليم أُمراءُه وأميراتُه
لكن جميعُهم فالنهاية يخضعون لِمَلِك واحِد !
ذلك المَلِك أصبَح عجوزاً الآن ، يُتَوَقَع موتُه في أي لَحظة !
الشَعب كانَ في حالة من التساؤل عن الطُرُق التي سيستخدمها المَلِك الجديد لِمِصر
فالحُكم
خاصَةً وهُم يعلمون إنّ إبن العجوز الوحيد لا يُجيدُ شيئاً علي الإطلاق!
وجودُه وعدمُه واحِد!
لكن تفاجأ الجميع بذلك الأمر الملكي الغريب
"حضور كُل أُمراء وأميرات الأقاليم الإثنان والأربعين للقَصر في مَنف
" ليَتِم إختيار من يتولي مِنهُم بعدُه !
وكإن المَلِك غبيٌ ينوي رمي بَلَدٍ كامِلة في يَد مُغَفَلٍ !
لكن هل ما فعلُه هذا الخيار الأمثَل أم إنهُ فَتَحَ باب [الصِراع علي السُلطَة] علي مِصرَعيه ؟!
تَسَلَلَت آمالـيا خِشيةً أن يراها أحد ويكتَشِف كم هيّ مُتأخِرَة علي خِطاب المَلِك ! ،
إبتَسَم لها الحُراس بِصَمت مُشَجعين لِترمي ببصرها علي حِشود الأُمراء في جانِب الساحَة الأيمن وعلي الجانِب الأخَر الأميرات.
كانت الساحَة مُمتَلِئَة تقريباً فأتجهت لِرُقعة في نِهايتِها لِتقِف خلف الجميع وتتظاهَر إنها حضرَت الإحتفال بأكملُه !
بل وتوقَعَت أن لا يلحَظ أحدٌ غيابَها فهيّ أميرِة أصغر إقليم ولا أخوة لها أي لا أُمراء
لذلك لا أهمية أصلاً لِحِضورِها مراسم "أختيار وتتويج" المَلِك الجديد
فهوَ بالتأكيد لن يكون هيّ ! ومِصر لا مَلِكات لها !!
رَقَصَ صوت المَلِك العجوز الذي لا تستطيع رؤيته وقد حَجَبُه الحِضور إلي مسامِعها : تلك المرحلة ستكون من أهم المراحِل في حياة مِصر !
وسيذكُرها التاريخ ! لن يتِم توارُث التاج بِدءاً مِن "الآن" !
الأختيار سيَقَع علي "الأصلَح" !
سأل أحد الأُمراء الواقِفون فالصفوف الأولي التي لم تراها أيضاً
" ومن سيختار ذلك "الأصلَح" ؟! "
سَعَلَ المَلِك بِشِدَة لِتَهرَع إبنَتُه إلي جِوارُه بِمنديل أصبَح الآن ملوناً بالأحمَر ليسود الصَمت فالمكان لثوانٍ ، شَعَر الحِضور بالحُزن كالواقِفون بِجنازَة
حتي آمالـيا التي لم تكُن تري شيئاً كانَ ما سَمِعتهُ كفيلاً بِجعلها تَدمَع !.
رَدَ ليُخرِجهُم من أفكارِهم " أردت أن أضع الخيار بأيدي الشَعب ! "
كثُر الهمس بعد تلك الجُملة مِما جَعَل أحد حُراس المَلِك الشخصيين يتَحرَك مِن جوار العرش ليدُق علي الأرض بِعصا في أعلاها أشكال هندسية ذهبية أصدرت صوتاً دوي صداه فالمكان : صمتاً !!
زَفَرَ المَلِك بملل ممزوج بِتَعب : لكني بالطَبع أعلم إن خُطوة كهذِه مُبَكِرٌ جِداً عليها !! لِذا سأختارُه أنا وكُل مَلِك يوشِك علي الرحيل مِن بَعدي يجب أن يفعل المِثل !
نَظَرَ إلي شخصٌ يحمل أوراق بردي واقِفٌ علي يسارُه بِصَمت ليرُد بسُرعة : قُمت بالتَدوين جلالَتَك !!
لأشياء كهذه تُعد وظيفِة الكاتِب من أهم الوظائِف بِمِصر !
أنهي المَلِك خِطابُه : سيتم الإعلان عن المَلِك القادِم في نِهاية اليَوم !
صَفَق وهوَ ينطِق لِصَرفِهم : يُمكِنُكُم الذَهاب إلي تَدريباتِكُم اليومية الآن !
بدأ الجميع بِمُغادَرِة الساحَة ، صَدَمَت إحداهُن كَتِف آمالـيا بِفظاظَة وأخري داسَت علي قَدَمِها ! بينَما إكتَفت واحِدَة بالنظر لها بإزدراء !
لماذا كُل هذا؟! لأن أميرات مِصر كُلما كُن أجمَل كُلما كانَت فُرصتهم بالزواج من صاحِب رُتبة عالية بالبلاط أعلي !! وآمالـيا لم يكُن لديها إخوة يُنافِقونَها مِن أجلهم لهذا لم يعتَبِرنها سِوي مصدراً للإزعاج !!
إن كانَ تنافُس الأُمراء علي مَنصِب المَلِك فإن تنافُس الأميرات علي لقب "زوجتُه" !
لكنها لم تكُن تُريدُ الزواج مِنه أو التنافُس معهُم أو أياً كان !!
هَمَت بالمُغادَرَة أيضاً حتي أوقفها صَوت المَلِك : آماليـا ! أنتظري !
تزايَدَت نظرات الإزدراء ، الظنون تدور في رِؤس بَعضِهن أنهُ بِلا شك سيوَبِخها علي تأخُرها !
بينما عَبَث القلَق في صِدور البَعض الأخَر ؛ غَريزَة الأنثي لديهم تقول أنّ فالأمر شيءٌ لا يُريدونُه!!
لم يعُد بالساحَة شخصٌ إلا آمالـيا والمَلِك بِجانِبُه حارِسُه الشَخصي، أقترَبَت لِتَجلِس بالأرض أمامُه فيضَع يدُه فوق رأسِها الأسود : كيفَ هوَ أبوكِ آمالـيا؟
سَحَبَت يدُه لِتُقَبِلها بإحترام : بخير جلالتكُم أراد المجيء بِنفسُه لكنهُ مُتعَب فآثَرت الحِضور عنه آمَل أن هذا لم يُزعِجَك !
سَعَل لينظُر حارِسُه إليه بِقلَق : سأُحضِرُ الحَكيم !
إنطَلَق بعدها لِتَتبعُه عيون آمالـيا الأبنوسية لثوانٍ حتي يُعيد المَلِك إهتمامِها إليه بِجُملة بسيطة : أنتِ سَتكونينَ زَوجِة المَلِك القادِم!!
ألتَفَتَت إليه بِسُرعة لِتَتَشنَج الأعصاب في عُنُقَها : أنا .. هُناك الأجمَل !
-لكنك قريبة من الناس علي عكسُهم ! هذا سيكون تمهيداً جيداً لإعطاء الشَعب شيء من القرار فالمُستَقبَل!
-لكن .. ! ماذا إن لم نتَفِق؟!
أرادَت السؤال عن هوية ذلك الـ"ملك القادِم"
لكنها تذكرت إنها لا تعرِفُ أحداً من الأساس فبدا الأمرُ غيرَ مُهِماً !
-يُمكِنهُ الزواج من أُخريات ! لكن أنتِ ستكونين الأولي !!
ماذا إن لم ترغب فـ"المُشارَكَة" أفكَرَ في هذا؟! ماذا إن لم تُحِبُه؟!
أخفَضَت رأسَها قليلاً بِقلِة حيلة : جلالتكُم تعلم إن الأميرات يبغَضنني !.
سيُكيدونَ لي كيداً حتي يَذبحني في نِهاية المَطاف ذَبح الشاة !.
صَمتَت لثوانٍ تَستَدرِك : أرجوك !. لا أُريد الدِخول في هكذا مُنافَسَةٍ معهُن!
أنا ... لا أُريدُ أياً من هذا !
مَدَت يداً مُرتَعِشَة إلي رأسِها تنوي سَحب تاج إقليمِها لترميه !
فأمسَكَ يدَها : آمالـيا !! أين أخلاقِك؟!
تَجَمَدَت في مكانِها لِتَرُد : يجب أن أذهب للتَدريب !
نهضَت عن الأرض لِتُتابِع بِثقة مُجيبة عرضُه الذي لم يكُن بالفِعل إلا "أمراً" !
" لِتكُن إرادِة رَع فوق كُل إرادَة ، ليكُن ذلك !! "
مُخطِئون إن ظَنوا إنها ستأخُذ الأوامِر من أياً كان !
مهما بلغ منصِبهُ السياسي مِن إرتفاع !!
___
أمتَدَت قدمٌ جميلة مُزَينَة بالحِنة بأنواع النِقوش لِتَدوس علي ذَيلِ فُستانٍ فتسقُط صاحِبَتُهُ أرضاً !!
نَفَضَت آمالـيا ثوبها وكأنَ غُباراً عَلِقَ فيه عِلماً إن الأرض تكاد تري وجهك فيها لشدة نظافَتها ! ، لم يكُن فعلها هذا إلا تدليساً حتي لا تبكي !
: آسِفة علي تأخُري !
-آمالـيا أجلِسي أمام آلَتِك بِسُرعة !
إتَجهت للجلوس أمام نوع من أنواع الآلات الوتَرية ، أنواع الهَمس تُحيط بِها !
-من هذِه؟ أنا لا أعرِفها!
-أصغر إقليم !
-أوه ذلك العديم القيمة؟! هل لها إخوة؟!
-لا !.
-لِماذا هيّ هُنا؟!
صَفَقَت سيدَة عجوز : أرجو أن يتوقف الهمس !! وأن يُرَكِز الجميع علي العزف !
مر الوقت بِسُرعة ، لم تجرَح آمالـيا إلا إصبعاً واحِداً تلك المرة !
وأنتهي بذلك الإذلال ! كانت الأخيرَة فالخروج نظراً لأنها كان يجب أن تحضر درساً إضافياً !
مهام الأميرة لا تُناسِبها إطلاقاً ! ويا ليتَها لم تولَد أميرَة لأرتاحت وأرتاحَ الحاقِدون !!
سارَت مُتَجِهة لِغُرفَتِها حتي أوقفتها أصوات التهليل ! مُبارَزَة؟ لا بُدّ وإن هذا تدريب الفتيان!!
أرادت التراجُع بعدما أتَضَح لها الاِسم الذي يهتِفن بِهِ الأميرات "هينالي" !
ليسَت مُعجَبَةً بِه لسبَبٍ غامِض ، كُلما أرادَت رؤيتهُ وسيماً لا تري شيئاً !
ماذا إن كانَ أبيض اللَون عكس كُل المصريين؟ فارع الطول ، أملَس الشَعر وواسِع العَينَين؟!
المظهَر ليسَ كُل شيء !!
رُبما يكون هذا "الملِك القادِم" ؟!
لم تُرِد التفكير بِهذا ! جَذَبها بِشدة مُنافِسُه الذي لم يكُن سِوي مُراهِقاً لا يتَخطي الخامِسة عَشر ! لكنهُ كانَ كثير الحركة !
بدا مُستَمتِعاً بالمُبارَزة ، كانَ هذا جلياً في نظرة التحدي التي أرتَسَمت بداخِل عيناه الزُمُرديتان ، من الذي نساه فالشمس حتي أصبَحَت بشرتُه بِهذا اللون؟!
-أحذَر !
أنطلَقَت تلك الصيحة مِنها لا إرادياً بسبب تركيزها الشديد !
كان هذا كل الإعلان اللازم لتوضِح إنها تُشَجِع ذلك الأسمر لا هينالي مُخالِفة كل الحضور !
مما جعل نظرات الفتيات تتحول إليها في غضَب بينَما أنخَفَضَت رأسٌ بُنية لِتنجو من ضربة أكيدٌ كانت لتكون موجِعة !
صاحَ بِمرَح : شُكراً ! أنتِ الأجمل اليَوم !
عادَت نظرات الفتيات إلي المُبارَزَة مصحوبة بِهمس : من ذلك الطِفل أصلاً؟!
-اِسمُه جوسِف !
-هل نادي آمالـيا للتو بالجميلة؟
-يبدو كآنوبيس ! حارِس الجبة ذاك ! هذا فألٌ سيء بالتأكيد !!
ثوانٍ ولم يعُد واقِفاً غيرَها ! ، تَوتَرَت : تابع جوسِف !. أنتَ تُبلي حَسناً !.
أرعبَتها عينا هينالي الواسِعتان لِتُردِف بِسُرعة : أنتَ أيضاً هينالي !!
ياللإحراج !.
أستَدارَت بعدها مُغادِرة ! لا بُدّ إن ليمالا قَلِقة عليها الآن !!
___
أنفَكَت كُل الضفائِر وأرتَمي جسدٌ علي السَرير بِتَعب : أتُصدقين هذا ليمالا؟! الفرعون يريد جعلي كبش فِداء خطتُه الغريبة في إشراك الشعب فالحُكم تلك !
رَدَت بِحكمة : أنا لا أري مانِعاً ! لتكوني زوجِة الملك القادِم ما المُشكِلة في هذا؟! أنتِ لا تُحبينَ أحداً !!
أرتَفَعَت آمالـيا عن السرير بعيون متوَسِعة : لستُ مُتأكِدَة من هذا بعد الآن!
صاحَت وَصيفَتُها بِحماس وهيّ تقفِز إلي جوارِها : مُنذُ متي؟! مَن؟!
أمسَكَت آمالـيا كتفيها لتنظُر في عيناها بإبتسامة حالِمة : مُنذُ اليَومَ ليمالا ! أما عن مَن .. فـ جوسِف .!
تَحوَلَت ملامِح كستنائية الشَعر من الحماس لـ"الملل" في ثانية : ذلك الذي يُشبِه آنوبيس؟ إنهُ فألٌ سيء !
نَفَخَت آمالـيا وجنتيها بِطفولية : لِمَ يقول الجميع ذلك؟ هوَ لا يُشبِه حارِس المقابر ذاكَ أبداً!!
-لكنك كُنتِ لِتَبدين أجمل فاللوحات بِجوار هينالي !
قالت هذا بنبرة حالمة جعلت آمالـيا تَسخَر : تزوجيه أنتِ !!
أعتري ليمالا غضبٌ خفيف : فقط أوتعلمين من جوسِف هذا؟!
من قد يكون؟!
-أنهُ أمير ... إقليمٌ ما .!
زَفرَت ليمالا : إنهُ شقيقُ هينالي الأصغر !. هينالي الذي رفضتيه الصيف الماضي !.
وَقَعَت آمالـيا عن السَرير ! : لا ! لا ! لاااا !!
قَهقَهت ليمالا : كان عليكِ أن ترينَ وجهِك !
نَهضَت آمالـيا عن الأرض بِسعادة : كُنتِ تمزحين ؟!
توجهت النظرات العسلية الجدية للأبنوس السعيد : لا ..
رَمشَت آمالـيا مراتٍ عِدة : ليسا مُتشابِهانٍ حتي .!
رَبَتَت علي كَتِفها ليمالا : لا داعٍ لكُل تلك الجدية ! رَفضك لهينالي لا يعني شيئاً حتي الإخوة يتزوجون في تلك المملكة التي سيسخط عليها رع مُستقبلاً أنا مُتأكِدة !.
دَفعتها آمالـيا عن السَرير مازِحة : أيُفتَرَض أن يُشعرني ذلك بالراحة؟! يفعلون ذلك لِحفظ الدم الملكي ! لكن أنتِ مُحِقة لا تبدو عادة إجتماعية صحيحة علي الإطلاق ! أظُنُها ستندَثِر بسبب رغبة الملك في إخراج الحُكم من يد العائلة الملكية !.
سرحَت ليمالا : إنّ فِرعَوننا .. حكيمٌ فأبنُه ما كانَ ليُبلي حَسناً !
صَمتَت آماليـا تُفكِر : هيه ليمالا .. ذلك الملك القادم كم من العَشيقات سَيتَخِذ عليّ؟!
لم ترُد التي سُئِلَت بل تحولت نظراتها للحُزن علي رفيقَتها التي أنبتها علي حُزنِها ذاك : ليسَ وكأن الأمرَ مآساةٌ ، كُل الملوك يفعلونَ هذا ! من أجل ... إنجاب المزيد من .. الملوك؟
لم تستطع إكمال كلامها دون أن يهتز صوتها ! ، ضَحِكَت ! ثُم بدأت فالبُكاء !
مُخطيء إن ظننت حياة الأميرة المصرية كُلها رفاهية مُقارَنةً بتلك البسيطة التي تُشارِك في أعمال الحقل وقد تَغرَق إن فاضَ النيل !
بعد سِقوط حيطان بَيتِها المبني من الطوب اللبن عليها !!
علي العكس هيّ حياة مُهدَدَة ! خالية من أنواع المُشاركة فالعمل التي يمتاز بِها البُسطاء !.
قد تُقتَل زوجة الملك نفسها في أي لحظة إن أغضَبتهُ .!
مع ذلك يسعين الأميرات لصاحب النفوذ الأعلي بطريقة تُدهِشها !!
ذلك الفرق الوحيد بين أميرة مِصر وأبسط امرأة فيها .!
___
تَنَقَلَ ظِلاً أسوَد في خَفاء بالقصر لينتهي بِه القفز من جوار غُرفة آمالـيا لعرش الفرعون !
-جلالَتك لا أعتقِد إنها كانت فِكرة جيدة !
-جيكاي !. مَن أختارَت؟!
أشتَدَت قبضة ذلك الحارس الوفي في إمساك عصاه : أختارَت طِفلاً .!
أندَهش العجوز : مَن ؟ جوسِف؟!
-نعم ! لهذا أعتقد إنهُ ما كان عليك ترك الأمر لها ! فلتختَرهُ أنت !!
أبتَسَم لحارِسُه : بل هوَ ما أختارَت ! جوسِف مُناسِبٌ جداً !!
صمَت لثانية : وليكُن هينالي الوزير !
حاوَل حارِسُه الإعتراض بشتي الطُرُق لكن لا فائِدة ،الملك لا ينثني عن رأيُه .!
___
-هل أنتِ مُتأكِدَة من هذا؟!
-نعم ! سأتخلي عن اللقب وليختَر الفرعون زوجة أُخري لذلك الملك القادِم !
-إذن أسرعي ! الإعلان عنهُ إقترَب إن تأخرتِ أكثَر ستخسرين فُرصَتِك في إنتِزاع نَفسِك من الأمر وستَغرقين بِفوضي لم تَخُصِك قَط !
-يجب أن أُقابِل الفِرعَون الآن !!
___
الهرَب؟! أهذا الحَل؟!
هذا لا يُدعي هرباً ما تفعلهُ الآن هوَ عَين المواجَهة .!
سارَت بِثِقَة مُقدِمة علي فِعلٍ أحمَق ، يتَحرَك حولَها فُستانُها فُسدُقي اللَون ، لم تنتمي لذلك القَصر علي أي حال !
عليها العَودَة لإقليمها الصَغير !
شيءٌ ما يبدو خاطِئاً ! ، الحُراس ... إنهم لا يبتَسِمون !!
ينحنون بإحترام مُفسحين الطَريقَ لها؟
هل تأخرَت جِداً؟! هل تم الإعلان عن كُل شيء؟!
___
تفاجأت : هينالي؟ ماذا تفعل هُنا؟!
رَمَت ببصرَها علي العصا التي بِيدُه ، أصبح الوَزير؟!
رَدَ بِبرود : ماذا تفعلين أنتِ هُنا؟!!
-جِئت لمُقابَلِة الفرعون !!
-لا بُدّ إن الكهنة قد إنتهوا من تحنيطُه ! حاولي ألاّ تتوهين بالهرَم وأنتِ تبحثينَ عنهُ !
أقشَعَر بَدَنَها ، هل ماتَ بالفِعل؟!
أقترَبَت خطوة : الجديد إذن! أحتاج إلي مُقابَلَتُه!
أشارَ عَليها بالعصا لِتَسقُط أرضاً ! : هينالي ! أجُنِنت؟!!
نَهَضَت من جديد ، كُلما حاوَلَت التقدُم خطوة يعود حِذاءُها وحدُه للخلف ! حتي أوقعها أرضاً .!
___
-ماالذي تقولينُه؟!
صاحَت : الفِرعون مات وهينالي أصبَح الوَزير وقد قامَ بِلَعني !!
-لكن ماذا عن الملك؟!
-لا أعلَم حتي من هوَ!!
حاوَلَت خلع الحِذاء أكثر من مرة ! لكن لا فائِدَة ! الطريقة الوحيدة للوصول إلي حيثُ تُريد هيّ بالسَير فالجهة الأُخري!!
-لا أستَطيع الحياة بهذا الشَكل!! سأذهب إلي المعبد لأري إن كانَ بِمقدور أحدهم مُساعَدَتي ولن أعود أبداً حتي أُسَيطِر علي قَدمايّ !!
___
-فَقَط لِماذا أختارَني الملك؟! لن يَرضَونَ بِطِفلٍ أبداً !!
تعالي الضَجيج أكثَر ! الأبواب علي وَشكِ أن تسقُط !
-جوسِف ! فَقَط أعطِني ثلاثة أشهُر وسأُخرِس الجميع ! لكن الآن يجب أن تهرُب وإلا قتلوك !!
-إلي أين هينالي؟!!
-بابِل !!
ضمُه بِسُرعة بعدها وضَعَ شالٌ طويل حول عُنُقُه ورَفَعَ جُزءٌ مِنهُ علي رأسِه : لا يَجِب أن يَعلَم أحد من تكون جوسِف !
___
شَرَبَت سائِلٌ ما ! : ليمالا هل أنتِ مُتأكِدة إن هذا سيجعلني أتحرَك بِحُرية؟
-لن يُبطِل مفعول التعويذَة كُلياً ! مازلتِ لا تستطيعين خلع الحِذاء ! ثم إن هذا سيعمل ليومٍ واحِد فقط لذا أسرعي فالوصول للمَعبَد .!
ترَدَدَت لِتُتابِع : أيضاً أنا لستُ خبيرة قد لا يكون مفعولُه بالقوة الكافية .!
___
أرتَدَت ملابِس ليمالا ! بالإضافة إلي عباءَة سوداء تُغَطيها من رأسها لِأخمَصِ قَدَمِها !
يُفتَرَض أن تبدو للجميع الآن كخادِمةٍ ما !
أستَمرَت بالرَكض فالممرات بِسُرعة فلا وَقت لديها قد ينتهي مفعول تلك الجُرعة التي صنعتها ليمالا ولم تخرُج من القَصر بعد .!
لم يوقِفها إلا إرتِطامُها بأحد الخَدَم الذي كانَ في عَجَلَةٍ من أمرُه ، يبدو طِفلاً فقط سَقَطَ أرضاً !
أمسَكَت بِكَتِفاه لِتُنهِضهُ بِسُرعة ، لم تَستَطِع رؤية وجهُه لأنهُ كانَ مُغَطي بِشالٍ ! لكن عيناهُ الخضراء بَدَتا مَرعوبَتانِ لِسبَبٍ تجهلُه !
رَبَتَت علي كَتِفُه : تَوَخ الحَذَر المرة المُقبِلة .!
لِتُعاوِد رَكضَها ويُعاوِد خاصَتُه .!
حتي جمُدَت في مكانِها ! كَتِفاهُ كانتا قويتَان؟ هل يُفتَرَض أن يكونَ خادِمٌ بتلك القوة؟!
من كانَ هذا؟!
-إنتهي الفصل الأول. |
التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 10-02-2015 الساعة 06:27 PM |