قصيدة من كتابة الشاعر " المتنبي "
باسم : باد هواك صبرت ام لم تصبرا
~
~
~
~
~
~
بادٍ هَواكَ صَبَرتَ أَم لَم تَصبِرا ... وَبُكاكَ إِن لَم يَجرِ دَمعُكَ أَو جَرى
كَم غَرَّ صَبرُكَ وَاِبتِسامُكَ صاحِباً ... لَمّا رَآكَ وَفي الحَشى مالا يُرى
أَمَرَ الفُؤادُ لِسانَهُ وَجُفونَهُ ... فَكَتَمنَهُ وَكَفى بِجِسمِكَ مُخبِرا
تَعِسَ المَهاري غَيرَ مَهرِيٍّ غَدا ... بِمُصَوَّرٍ لَبِسَ الحَريرَ مُصَوَّرا
نافَستُ فيهِ صورَةً في سِترِهِ ... لَو كُنتُها لَخَفيتُ حَتّى يَظهَرا
لا تَترَبِ الأَيدي المُقيمَةُ فَوقَهُ ... كِسرى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرا
يَقِيانِ في أَحَدِ الهَوادِجِ مُقلَةً ... رَحَلَت فَكانَ لَها فُؤادِيَ مَحجِرا
قَد كُنتُ أَحذَرَ بَينَهُم مِن قَبلِهِ ... لَو كانَ يَنفَعُ حائِناً أَن يَحذَرا
وَلَوِ اِستَطَعتُ إِذِ اِغتَدَت رُوّادُهُم ... لَمَنَعتُ كُلَّ سَحابَةٍ أَن تَقطُرا
فَإِذا السَحابُ أَخو غُرابِ فِراقِهِم ... جَعَلَ الصِياحَ بَبينِهِم أَن يُمطِرا
وَإِذا الحَمائِلُ ما يَخِدنَ بِنَفنَفٍ ... إِلّا شَقَقنَ عَلَيهِ ثَوباً أَخضَرا
يَحمِلنَ مِثلَ الرَوضِ إِلّا أَنَّها ... أَسبى مَهاةً لِلقُلوبِ وَجُؤذُرا
فَبِلَحظِها نَكِرَت قَناتي راحَتي ... ضَعفاً وَأَنكَرَ خاتِمايَ الخِنصِرا
أَعطى الزَمانُ فَما قَبِلتُ عَطائَهُ ... وَأَرادَ لي فَأَرَدتُ أَن أَتَخَيَّرا
أَرَجانَ أَيَّتُها الجِيادُ فَإِنَّهُ ... عَزمي الَّذي يَذَرُ الوَشي مُكَسَّرا