الفصل الثالث
آمالٌ متضاربة تخترقُ ثقوب الحياةِ فلا تنبسُ بشيءٍ سوى الشعور بألمِ الخيبةِ
لذا فأنا لا أؤمنُ بالأمل أو أياً يكن ذلك ...
لِكُلِ شيءٍ تفسير و لا يوجد ما يُسمى بالحظِ أو الأشباحِ أو الآمال .
كل هذه مجردُ بِدَعٍ إبتدعتها عقولٌ لا تفقهُ إلا تأليف القصصِ عديمة الجدوى !
و لكن حياتنا غريبةٌ لدرجةِ أن لا قناعةَ فيها صحيحة ...
أعني من يؤمنُ بالأشياء الخيالية تُخيّبُه الحياة
لتُثبتَ لهُ العكس ..
أما من لا يُصدقُ تلك السخافات مثلي تُجبرهُ الحياةُ على التصديق !!
سأروي موقفاً حدثَ لي في الصيفِ الماضي ...
موقفٌ يكتنفهُ الغموض من كل نواحيهِ !
2014/6/7
تنفستُ الصعداءَ داخل السيارةِ التي يقودها أبي ...
نحنُ ذاهبون في رحلة ...
يا للملل ....
إنها أحدُ الرِحل الغبية المعتادة لعائلتنا ...
لقد إستأجرَ لنا والدي مزرعةً ريفية تقعُ في الجنوبِ و على حدِ أقواله هذه الرحلة هي للمتعة و الفائدة ...
أي انه يُريدُ تعليمنا عن الحياةِ الريفية و باقي الترّاهات من هذا القبيل !!
بينما كانت كارول الماكرةُ قد ذهبتْ إلى النادي الصيفي مع صديقاتها و تركتني هنا لأُعاني !!
توقفت السيارةُ عندَ منعطفٍ ما ...
يبدو ان أبي قد أضاع الطريق !!
غضبتُ و صرختُ لهُ بزجرٍ : " كيف لا تستدلُ على المكانِ جيداً قبل أن تُحضرنا إليه بكل طيشٍ هكذا !! "
أسكتتني امي بقولها : " اصمتي آنيبيلّا ! "
فاتجه أبي شمالاً
و هو يقول : " انا متأكدٌ ان هذا هو الطريقُ الصحيح !! "
*
*
وصلنا إلى بيتٍ ريفيٍ مهجور ، قد أبلاهُ الزمن ..
تحيطُ بهِ أسوارٌ سوداءٌ فانيّة
و أزهارٌ ذابلة
و في جانبهِ كوخٌ صغير يُطلق عليه * خُمَّ الدجاجِ *
أما المشتلُ المخصص للزراعة فأقل كلمةٍ تناسبه هي حُطام !
غربانٌ قابعةٌ على ناصيةِ المنزل تُطلِقُ نعيقاً صدّاحاً ....
حسناً لم أستئ أبداً من هذا بالعكس كان هذا هو نمطيَ المُفضلُ
لولا الرائحة الكريهة التي تَعبَقُ بالمكان ...
فتحنا الباب بحذر ..
فخرجت قطةٌ سوداء مهرولةً بسرعة حتى توارت عن الأنظار !!
لم ترضَ أمي البقاء هنا و طلبت من أبي ان نعودَ إلى المنزل
و لكن سيارتنا قد فرغت من الوقود
فأجرى أبي مكالمةً مع أحد شركات سيارات الأُجرى و طلب لنا سيارةً لتأتي و تُقلنا إلى المنزل ......
و لكن يبدو انها ستستغرقُ خمس أو سِت ساعات ...
أمرتنا أمي انا و إليزابيث بعدم التجوال لأنها كانت قلقةً من وجودِ قُطّاعِ طُرقٍ او ما شابه ذلك !!
و لكن شعوري بالملل كان قد فاضَ عن حده
ف أخبرتها أني سأتجول قريباً من هنا فقط لدرءِ ذلك الشعور ....
قادتني خطواتي إلى القسمِ الخلفي من ذلك المنزل
كانت الرائحة العالقةُ في الأجواء تزداد أكثرَ فأكثر !
وقعُ أقدامٍ تعدو بسرعةٍ خلفي ..
استدرتُ لأجد ...
*
*
لا شيء
حسناً ، انا لا أخافُ البقاءَ وحدي و لكن هذا كان غريباً نوعاً ما ....
عدتُ إلى مكانِ تواجد أهلي لكي أجد انهم ليسوا هناك ....
لقد وصل الامرُ لذروتهِ أين ذهبوا الآن ؟؟
حتى أن سيارتنا قد اختفت !!
شعرتُ أن ضربات قلبي تزدادُ شيئاً فشيئاً
أهذا ما يُسمى الشعورَ بالخوف !!؟؟
لم أخفْ قبلاً أبداً لذا كان هذا غريباً عليّ
شعرتُ ان الدنيا قد تمحورت عليّ وحدي مع هذا المنزل ، فقط بمفردنا !!
انفتح باب ذلك المنزلِ الذي مُصدِرّاً صريراً يغزو العقول ....
فأنسلختْ عن الأرضِ فتاةٌ ما ... و انا أعني بقولي أنسلختْ سلخاً لأنها كانت ملتصقة بأرضِ المنزل ....
كانت تمشي بتلوٍ نحوي ...
شعرها الاسود يتدلى على وجهها
و بشرتها بيضاءٌ شاحبة .....
ترتدُ عنها قطراتٌ قانيةٌ من الدماء ...
وصلت إليّ و قد تخدّرَ جسديَّ تماماً و
تمتمتْ و الكلمات تستعصي الخروجَ من فاهها :" دعوني أرقدُ بسلام ، اللبوث فـ...ـي السردابـِ.... صعب ... ، عظامي تؤلمني !"
ثم رفعتْ رأسها إلى السماءِ فسالت من مقلتيها دمعةٌ طغى عليها اللونُ الأحمر !
بعدها ضحِكتْ ضَحِكةً هستيريّة مُرفقةً بإنهمار دموعها .....
أمسكت بيدي و سحبتني بسرعة إلى داخلِ المنزل !!
حاولتُ الصراخَ ، الهرب ، الإفلات و لكن لم يستجب لي جسدي ...
كان يستجيبُ لها فقط !!
فتحت باب السردابِ فكان هناكَ تلفازٌ صغير لا إشارة فيه ، يُصدرُ تشويشاً صاخباً يثقُبُ الاذنينِ !
أومأتْ إلى التلفاز و همستْ في أذني :" دليل .... "
و بدأتْ بتحسسِ وجهي ...
و انا غيرُ قادرةٍ على الحراكِ ...
و لا تزالُ تِلكَ الإبتسامةُ المجنونة تعتلي ثغرها.
لمعَ في مُقلتيها بريق خُبْثٍ و هي تقتربِ مني تدريجياً ...
و من ثمَّ صاحَ في عقلي صوتٌ قائل :" آنيبيلااااااااااا "
فتحتُ عيناي على وسعيهما و أنفاسي تحشرج كما الغريقُ الذي أُنتشلَ على آخر نفس !
و وجهي يتصببُّ عرقاً
تداركتُ نفسي فكنتُ في سيارتنا ..
و وجهُ إليزابيث فوقَ وجهي و هي تقول :" آني أيتها الغبية ، لقد أستغرقتي بالنومِ ستةَ ساعاتٍ لقد وصلت سيارةُ الأُجرى ، سنعود للمنزلِ هيا !! "
أكان ذلك كلَّهُ مجردَ أضغاثِ أحلام !!
ارتفعتُ بجسدي عن مقعدِ السيارة ....
و خرجتُ منها
لقد وصلتْ سيارةُ الأُجرى فعلاً
و قد أتت معها دوريةُ شرطة للتأكد من سلامتنا خوفاً من تواجدِ قُطاعِ طرق !!
كان ذلك الحلمُ قابعاً في روحي
كُنتُ أشعرُ بواقعيتهِ لدرجةٍ تفوق الخيال
فـ
أمسكتُ بيدِ أبي و همستُ له بترجٍ :" أبي أرجوك هلّا طلبتَ من الشرطةِ ان يقوموا بفحصِ سردابِ المنزل رجاءً ..! "
لم يرفضْ لي أبي طلباً من قبل
فسأل رجال الشرطةِ ان ينزلوا و يتفحصوا السرداب ، نزلتُ معهم بالطبع ...
لنجد
جثةً هامدة تخرّ على الأرضِ ل فتاةٍ لم ألقها و لم أألفها من قبل ، انها ليست من قابلتُها في الحُلم
....
ذلك التلفازُ بنفسِ الشكلِ بحلمي و لكنه كان مطفئاً
فضغطتُ على زرهِ
ليشتعِل مُعلِناً عن أطرافِ جريمةِ قتلٍ زاغتْ عن أعيُنِ الشُرطةِ، قد أُرتكبت بحقِّ هذه الفتاة من قِبَلِ رَجُلٍ ما ....
لقد ماتت بطريقةٍ شنيعةٍ وحشية !
لسببٍ يتم جهله حتى الآن ....
و لكنها كانت تملكُ هاتفاً نقالاً قد سجّل كل الأحداث ، تاريخُ موتِ الفتاة كان بنفسِ هذا هذا اليوم و نفسِ الساعةِ التي نِمتُ بها و لكن من السنةِ الماضية ، كانت قد أوصلت هاتفها في آخر لحظاتِ حياتها بالتلفاز عن طريق وصلةٍ كانت تمتلكها ، و كأنها كانت تعلمُ اننا سنأتي و اننا سنُضيّعُ طريقنا و كانت تريدُ منا ان نكتشف هذه الجريمةَ التي لم تُوجه لها الأنظار ...
أُخِرجت جُثتها و تم دفنها بطريقةٍ لائقة في احدِ المقابر ....
وضعتُ لها زهرةً نرجسيّةً بيضاء و تمنيتُ لها ان ترقُد بسلام .....
عدنا إلى منزلنا بعد تلكَ الرحلةِ المحفوفة بالغموض .....
أخبرتني امي أنني قد نمتُ بشكلٍ مُبهَمٍ على الأرض فقام أبي بحملي و وضعني داخل السيّارة ......
....
ما لم أفهمهُ حتى الآن هو ......
من كانت تلك الفتاة و كيف أستطاعت الدخول إلى عقلي ؟؟
و كيفَ أدركتُ ان ذلك الحلم حقيقة ؟
و مالطريقة التي أرغمتنا بها على إضاعة الطريق ؟
لا تفسير لهذا أبداً ....!
***...
سوى أنَها مُجرّدُ خيوطٍ تشابكتْ و تصادمتْ
بعد أنِ إمتدتْ مُطّولاً ....
***
أهذهِ أحدُ ألاعيبِ الحياة لتُرغمني على العزفِ عن قناعتي و ان أُصَّدِقَ بوجود خوارقِ الطبيعة ؟ أم انها مُجرد تهيُئاتٍ أضحتْ حقيقة ؟
لا إجابةَ لهذا حتى الآن !!
-----------
انتهى الفصل
تصنيف الغموض
اعرف ان الفصل سيء
انا نفسي مو مقتنعة بالغموض اللي فيه
بس مَ عرفت أألف أفضل منه
أتمنى يعجبكم
و اذا في اي انتقادات او اقتراحات رجاءً لا تترددوا بكتابتها
و شكراً حب3