01-30-2016, 03:02 PM
|
|
3 هل الأماني المستحيلة تتحقق ؟!
مُستحيل !! اخترق نور الشمس الحارقة تلك الغرفة ليوقظ بأشعته تلك الفتاة الممتدة وسطها.... أعلنت إستيقاضها ببعض التثاؤب في ثوان... ثم انتبهت لوضعها فهبت مستيقضة ليتبادر في ذهنها فوراً...(( تبا..تأخرت اليوم أيضا ...يبدوا أن طردي سيكون قريبا للغاية)) انقلبت بسرعة لتنهض لكنها تفاجأت بالأرض التي ترتطم بها بقوة؟!... ذاك كان أمرا طبيعيا لأنها ليست فوق سريرها أصلاً...! نهضت لتنظر لما صدمها بتلك الجدران التي لاتكاد تكون واقفة.. لم تستطع التدقيق بشيء لشدة سطوع الشمس الواصل لها من السقف المتصدع،فرفعت يدها مبسوطة فوق عينيها لتعرف أنها في غرفة خشبية متصدعة الجدران ساقطة السقف عوض تلك الغرفة التي رتبتها بالأمس..!! تنقلت في ذلك المنزل الصامت الغريب و هي تنادي والديها و تكرارا و مرارا إلا أنها لاحظت بعد فترة أن لا أحد في هذه الخربة ..! قررت الخروج لتستطلع الأمر الغريب الذي واجهها في أول ساعات الصباح... أوقفها تردد بعد التفاتها لملابس النوم التي كانت ترتديها : يا الهي... لكنَّها صممت و تأهبت بصرامة و تقدَّمت محدثة نفسها : لا خيار آخر لدي على كلِّ حال. خرجت لترى و كأنَّها في حيِّ مختلف ... بدأت تمشي و تمشي بخطى تائهة دون أن تعرف أين تسير و أي طريق و اتجاه يوصلها للمقصد، بل إن الأجواء الغريبة عليها بدأت تطرح الأسئلة في ذهنها سؤالا تلو الآخر حتى شعرت بالفوضى لتقف و تمسك رأسها بيدها لألم اعتراها... ((ماهذا؟!..من غير معقول أن تتغير طوكيو في يوم و ليلة لهذه الدرجة ! )) وقعت عينيها على بائع خضار في ذلك الزقاق، بائع خضار عجوز لم تر مثله من قبل... نهض هو من مكانه مقترباً منها بعدما لاحظ وضعها الغريب نوعا ما : هل أنت بخير يا ابنتي؟ أنزلت يديها و قالت له : هل تعرف أين يقع منزل ريو ماسوي سيدي؟ بدأ بالتفكير لثوانٍ : لا أظنُّ أنني سمعت بهذا الاسم من قبل...هل أنت غريبة عن هذا الحي؟ ((عن هذا الحي!...أشعر و كأني في عالمٍ مختلف .. )) مشت و تركته لتمضي في طريقها المجهول ثانيةً علَّها تجد ما يعيدها لمنزلها أو على الأقل أن يجيب على أسئلتها... التفتت لما جلب الأمل لها و هو الهاتفٍ العمومي الذي قد يخرجها من الدوامة التي وقعت بها... يبدوا مختلفاً عن المعتاد إلاَّ أنها اقتربت منه بأملٍ في اتصال يخرجها من هذا الموقف المبهم.... أخذ ابهامها يتحرَّك فوق حباتِ الأرقام ...رقم منزلها " خاطئ !" رقم والدها...والدتها...منزل هاروكي...هاتف هاروكي...العم هيجي...صديقاتها... كلُّها أرقامٌ خاطئة ..!! " ما الذي يجري هنا ؟ ! . . " ركزَّت قليلاً لقول بعدها غير مصدِّقة:..هل أنا .. ؟ ! أدارت جسدها واضعة يدها تحت فمها بتفكير... ((لحظة...مزحة هاروكي...أتمنى أنَّها كانت كفيلةً بنقله هنا , لكن كيف سأجده ؟ )) مرت فتاتان بجانبها بضحكٍ متعالٍ قليلاً ليشداها للنظر لهما ...كان واضحاً من ملابسهما و حملهما حقائبها أنَّهما متوجهتان نحو مدرسةٍ ثانوية .. فابتسمت مبتهجة.. (( .. المدرسة .. لِمَ لم أفكر بهذا؟ فهي ذاتها التي تخرج منها والدينا .. )) بدأت تجري بخفة حتى استوقفها شابٌ اصطدمت به فجأة... رفعت رأسها قليلاً لتجد عينان صارمتان قد لاحظتها لحظة بقول كلمة " انتبهي " و الذهاب مبتعداً... كانت تلك صدمةً لها لتقف لحظة , لكنَّها تداركت نفسها لتلحق به : هاروكي... مضى الفتى في طريقه دون أن يعيرها اهتماماً و كأنَّه لا يسمعها... وقفت مكانها تنظر له... وجه هاروكي..لكن أن ينساها ... ابتسمت بخفة قائلة : هذا هو العم هيجي بالفعل...لا يتغير. تقدَّمت تجري نحوه صارخة : عفواً...قف لحظة. توقف ببرود ملتفتا خلفه : ماذا؟ قالت له : آسفة , هل تعرف أين تقع مدرسة – ميوزو – الثانوية؟ أنزل عينه بوضوح لملابسها لتشعر بحمرة الخجل و الحرج : ستذهبين ببذلة النوم؟...هل أنت غريبة الأطوار؟ اغتاظت قليلاً لكنَّها أظهرت ابتسامة : أعرف أنَّ هذا غريب , لكن لديَّ ظروفٌ غريبة اليوم. رفع بصره عنها و بدأ يمشي بصمت لتزداد غضباً : أجبني أولاً عمـ... بلعت ريقها قبل أن تكمل .. أسمعها كلمةً أخرى " اتبعيني " تبعته بصمت و رغم هذا الصمت شعرت بالأمان الذي يتملكها بجانبه كشرطيِّ صارم , رغم أنَّه في هذا الوقت الحالي ليس إلا طالباً على ما يبدوا... هي اختارت سؤاله لهذا السبب ..فهي تستطيع أن تسأل أيٍّ كان عن المدرسة لكن العم هيجي يخرجها من ضياعها في هذا الزمن الغير مألوفِ لها... رفعت بصرها قليلاً نحوه لتلاحظ مدى الشبه بينه و بين ابنه...حقًّا يتشابها , تفاحةٌ مقسومةً من النصف .. وقف منتبهاً لها ليراها شاردة : متى سينتهي تحديقك يا فتاة؟..أعرف أنني وسيم..لا أحتاج نظراتك الغريبة. هذه المرَّة لم تتجاهل جملته المتكبِّرة : أنت تشبه صديقي لدرجةٍ كبيرة مما أذهلني...و صديقي ألطف و أجمل منك أيضًا , لا داعي لهذا التبجح . " حقاًّ..و عن المدرسة .. " أشار خلفها ليتم جملته بأنَّهما قد وصلا... شكرته لتدخل : شكراً لك..ساعدتني بالفعل. "أعلم" (( لا مجاملات معه بتاتاً .. )) دخلت تجول بعينيها لترى تجمعٌ ملفت بزاويةِ الساحةِ اليسرى فتوجهت نحوه... " عفواً...عفواً دعوني أمر...لحظة .. " عبرت من ذلك الحشد بصعوبة لترى هاروكي...بالتأكيد هاروكي فمن يشبهه للتو كان خارجا و هو لازال يلبس معطفه الصوفي و بدلته التي كان يرتديها البارحة.... كان غاطاًّ في النوم مسدلاً رأسه على كتفه و أصوات من حوله كانت مختلفة بين معجباتٍ و منتقدين و مستغربين... اقتربت منه لتلاحظ انتقال الأعين منه مستقرَّةً عليها فهي الأغرب الآن... أيُّ شخصٍ في وضعها سيشعر بالحرج و هي ليست مستثناة إلاَّ أنَّها لم تظهر الاهتمام و جلست قربه تحركه حتى يجلس إلاَّ أنَّ كل ما حصل أنَّه تحرَّك ساقطاً عليها لتشتعل و تكاد تقفز من مكانها : هاروكي... هيا استيقظ , هل تسمعني؟ تمتم لها : دعني أنام قليلاً..قليلاً فقط..أكثر..أبي... رفعته لتهز كتفيه بقوَّةٍ و سرعة : قلت استيقظ هاروكي. بدأ يفتح جفنيه قائلاً بنعاس ظاهرٍ عليه : يجب عليَّ أن أجهز نفسي لألا أتأخر في المرورِ على ايريكا.. دقق النظر التي كانت جالسة بوجهٍ أحمر حرجاً بين ذلك الملاً : ما الذي أتى بك لغرفتي ايريكا ؟ ايريكا تأوهت بانزعاج : ألم تفهم بعد؟ .. هل هذا المكان يشبه غرفتك هاروكي؟ انتبه للطلاب الواقفون ينظرون له و قد انفجروا بالضحك من مظهرهما الذي بدى كمسرحيَّةٍ كوميدية...: تذكَّرت. أمسك يد ايريكا.خارجاً بصمت حتى دخلوا إحدى الأزقة الضيِّقة بادئاً حديثه بملامح جمعت الغضب و الانزعاج : يا للسخف .. أنا أنتظرك هنا منذ أربعِ ساعات يا صاحبة الأمنيَةِ الغبية ,و للتو تصلين؟ انفعلت في ردِّها : أتظنُّ أنَّ هذا الوضع يعجبني ؟!... و لا أتصوَّر أنني أجبرتك على السخرية مني بأمنيتك تلك. أشاح بوجهه عنها : هذا لمصلحتك...فهناك من سيفكر بالعودة لزمنك لتتشبثين به كما تشائين. شدَّت على يديها و أدارت جسدها : هل تظنُّ أنني بحاجةٍ لأتشبث بك طلباً في المساعدة ؟ ... كنت أظنُّ أنَّك تودُّ مساعدتي و لو قليلاً , أمَّا الآن فمن المستحسن أن تساعد نفسك لا غير. ابتعدت مبتعدةً عن الزقاق : أنا ذاهبة لأجد حلاًّ لنفسي. حاول أن يلحقها : هي..كنت غاضباً فحسب , إلى أين تذهبين ؟ ! استند على الحائط و ضربة بقبضةِ يده...(( تباً لك هاروكي...أ هذا وقت نفاذِ صبرك؟...يجب أن ألحق بها )) كان تصرُّف هاروكي سيئاً و لكن ردَّة فعل ايريكا بالطبع أسوء فكيف لصديقها أن لا يكون غاضباً و هي جرَّته لمكانٍ مجهول..بل زمانٍ مجهول و ذلك لأمنيةٍ غير منطقيَّة... و هذا سبيلً لا تقدم و لا عودة به على ما يبدوا... كانَ هذا موسم الصَّيف على عكس زمانها فهو موسم الشتاء القارصِ و الثلوج المتراكمة ... كانت تشعر بالحر و العرق الذي يتصبب على وجهها .. فجأة و بدون مقدِّمات سمعت صوتَ ضحكٍ ساخرٍ منها : يبدو أنَّ فتاتنا قد أضاعت غرفةَ نومها. كانَ ذلك صوتُ شابٍ يبدوا عليه أنَّه استفزازي , سخريته جرَّت الفتيانِ الذين معه بالضحك معه و كأنَّها نكتة اليوم ...أرادت أن تتكلَّم لكنَّها لم تفعل لأنَّها مدركةٌ أنَّ موقفها غريب و يجرُّ للسخرية ...خاصَّةً بعد مضي وقت الصباح فأنزلت رأسها و خطت لأقرب زقاق مسدود لتدخله و تجلس تاركةً لنفسها مجالاً للبكاء.... هذه أوَّل مرَّة تشعر بالضياع...لا أحد و لا بيت و لا عائلة... حتى أنها لا تعلم أين تطلق أنفاسها الآن... جلس هاروكي نصف جلسة دون أن يلمس جسده الأرض : هدأتِ؟ قالت بحزن في نبرتها : آسفة. رمقها بنظرته لحظة : أنا لا أمانع أن تتشبثي بي لأكون طريق خلاصك , ليس ذلك فقط...بل أنا أريد أن أكون من تأسين به و تعتمدين عليه... لا أرغب أن أكون محصوراً للحظاتِ راحتك و رخاءك ..كنت غاضباً فحسب , و في حيرة...لا أعرف كيف أخرج مما نحنُ فيه الآن؟ " أنت الأفضل هاروكي...دائما ما تحمل أعباء أخطائي رغم أن لا صلة بك..و الآن قد أبعدتك عن عالمك و مجتمعك و بيتك لأمنيةٍ سخيفة...و كالعادة أراك جانبي ..تؤنسني و تبهجني ... على عكسي أنا فأنا لستُ سوى العبء الذي تتحمَّله , أودُّ لو أكون ذات منفعة لمرة" " هل تريدين أن تؤنسينني ؟ " " هي..قلت لك أني أريد أن أكون ذات فائدة لك و لو لمرة" تحرَّك من تصلُّبه الذي دام فترة : فائدتي أن تؤنسيني و أنسي أن تبهجي قلبي... و بهجتي لن تتحقق إلاَّ بابتسامةٍ تقدِّمينها لي. كفكفت دموعها المنهمرة : ألا تظنَّ أنَّ الوقت غير مناسب لحديثك الفارغ.... نهض بمرح قائلاً : ليس فارغاً ,فهل من أسلوبٍ آخر لإنهاءِ بكاءك ؟ ...أن أمشي و معي فتاةٌ تبكي يشتت ذهني عن التفكير و لن أستطيع أن أجد أيَّ حلٍّ في هذه الحالة. أخرج هاروكي هاتفه من معطفه لتقول ايريكا باستغراب : كيف تحمل معك هاتفك؟ ! أجابها : حسناً...كما ترين أنا لم أغير ملابسي حتى فقد ذهبت منهكاً للمنزل و ارتميت على سريري فوراً. لاحظت ابتسامته الخبيثة و هو ينظر لها : ما الذي تخطط له؟ نهضت واقفة بجانبه و كأنها الفرصة التي كان هاروكي بانتظارها : ابتسمي.... عرفت ما فعل بعدما صرخ : التقطتها...سوف أريها معجبيكِ . رفعت يدها لتلتقط منه الهاتف المحمول لكنَّه رفع يده : لن أسلِّمها. قالت بغيظ : احذفها يا هاروكي...ائتها .. أنزل رأسه قائلاً :ليس جديداً , أنتِ دائماً تتاجرين بصوري ... يجب أن أري معجبيكِ حقيقتك و خاصَّة شعركِ المتطايرِ كالديك. أشاحت بوجهها قليلاً :لا بأس..سوف أردُّها إليك. " لنرى كيف تستطيعين ردَّها" مشت في طريقها :لا أخفي عليك فأنا فكرتُ في تصويرك للحظة. " أممممـ ..هنا أيضاً" " و أنت نائمٌ في المدرسة...كانت ستكون صورةً مميَّزة" " من حسنِ حظي أنَّك لا تملكين هاتفاً" أغلقت عينيها و هي تضحك ضحكةً خفيفة : كنت لطيفاً بالفعل. أتمت بعد لحظة : لأوَّل مرَّة أراك بهذا الشكل ...كالأطفال تماماً. "أهاء .. كانت لقطةً مميزة للتصوير .. " " أظنُّ أني كنت سأخبئها لمن سوف تسرِق إعجابك" " ياه ..." وجه نظره لها مبتسما ابتسامة لطيفة لينزع بعدها معطفه و يلبسها إياه: أظنُّ أنَّكِ لا يجب أن تمشي بهذه الملابسِ أكثر. أظهرت على ملامحها بعض الامتنان : شكراً هاروكي... الآن كلينا غريبين بهذه الملابس الشتوية في موسم الصيف. " هذا أفضل" رفعت إيريكا شعرها لتضعه على كتفها الأيمن تجنُّبا للمضايقة و هي تغلق عينيها استلطافاً لشيءٍ تذكرته : لقد رأيتُ شخصاً لن تتصوَّره هاروكي. " لن أتصوَّره ! " " أهم .. والدك" " أبي..كيف عرفت ؟ " " من حيث أنَّه لا يختلف عنك إلاَّ في الأخلاق...حقاًّ كتفاحةٍ مقسومةٍ من النِّصف إلاَّ أنَّه جافٌّ كما نعرفه و متعجرف و متكبِّرٌ أيضا...لقد أثار غضبي" " يبدوا أنَّكِ تحدَّثتِ معه أيضا" " أه..هو من أوصلني للمدرسة" " دعي عنك التفكير به و دعينا نفكِّر بما سنفعله" " أنت محق..هل لديك فكرة ؟ " " أجل...أن نذهب للمدرسة و نأخذ عناوين بيت أبي و أمك من الملفات لنأخذ بعض النقود لنشتري بعض الملابس و أن ندبِّر أمورنا مؤقتاً" " تقصد أن نسرق يا ابن الشرطي ! " " إنه سلف ... هل لديكِ حلٌّ آخر أم أننا سنبقى على هذا الوضع" خرج صوتُ بطنِ إيريكا معلناً الجوع......غغغغغغـ رفع هاروكي يده ينظر لساعته اليدوية : الساعة الثالثة ظهراً...و أنا جائع أيضاً. أومأت إيريكا برأسها إيجاباً... " لا نقود لدينا و حتى لو كانت لدينا فالعملة مختلفة بالتأكيد . " " ماذا تريدُ أن تفعل الآن ؟ " "دعينا نذهب للمدرسة..." لاحظا بعد فترة من المشي عودة للمدرسة التي تركاها أن الطرق الغير مألوفة أضاعتهما عن طريق المدرسة ليعاودا السؤال حتى يصلا لها... دخلا لمبنى المدرسة الذي حوى ترتيبا مختلفا و ألوان مختلفة كذلك... قالت إيريكا بدهشة : ها هي غرفة المدير هاروكي. وقف بجانبها مدققا بابتسامة عريضة: نايس...غرفة المدير هو فصلنا بعد 19 أو عشرين عاماً... و أن نعلم بذلك قبله...أمر مثير . حاولت إيريكا أن تفتح الباب : إنَّه مقفل. بدأ يبحث عند نوافذ ممراتِ المدرسة : طبيعي. بدأت تدقق إيريكا النظر لما يفعله : ماذا تفعل؟ " أبحث عن سلك أو ما يشبهه" وقف رافعاً من بين النوافذ ذات الطراز القديم سلكاً دقيقاً و تقدَّم ليدخله بفتحة الباب... حاول قليلاً ثم فتحه : انتهى. " ماهر باللصوصية كما يبدوا" " لا أقبل الإهانة .. " دخل اللإثنين و بدأا بالبحث في الدروج و الطاولات التي تقع أعينهم عليها... أخرجا بعض الملفات التي كانت في الدرج العلوي و بدأا البحث... إيريكا : بأيِّ فصلٍ أبحث؟ كان متمعناً بالبحث : الثاني الثانوي على ما أظن فأنت أتيت هنا للعزل بين والديك و هما التقيا في هذا العام. "هل تعرف في أيِّ عام نحن الآن ؟" " أجل , نحن في عام 1995" "أوه...قبل تسعة عشر عامابالضبط , أمي كانت في عمري على هذا المنوال..كيف توصلت لأننا بهذا العام؟" وضع يده فوق رأسه مظهرا الإنزعاج لما تذكره و هو يقول " لقد استيقصت في مكتب سجلات مدنية" وصل أول العاملين في المكتب ليفتح باب المبني ليفاجأ بصبي ممتدا وسط المكتب..... "لص...!" توجه جالسا بجانبه قائلا: أيها الفتى...أيها الفتى ... ترك الصحيفة التي كانت بيده جانبا و أتم بانفعال و هو يحركه: يا لص... لم يسجب له الفتى و أعطاه ظهره ، ليقطب حاجبيه: انهض ياولد و كفاك نوما... هذه ليست غرفة نومك. انقلب هاروكي رافعا يده لتصفع الرجل دون قصد ... انبهر الرجل من الموقف السخيف الذي وقع به فرفع هاروكي من معطفه: انهض قبل أن أوسعك ضربا... فتح هاروكي عينيه ببطء لينتبه لكونه ممسوك بيد شخص مجهول: من هذا القبيح هنا؟ نهض الرجل راميا بهاروكي على الأرض ليستيقظ غير مستوعب الأمر: ما الذي يجري هنا؟ أخذ يلفظ الرجل أنفاسه و هو يشير إليه: السؤال موجه لك أيها الشاب الوقح. نهض ينفض التراب عن نفسه يرى الأشياء الغريبة حوله: لا أفهم لم أتيت بي إلى هنا و فوقها تنعتني بالوقح! بدأ يأخذ أنفاسه ليسيطر على غضبه: تتسلل للصوصية في مكتب سجلات مدني و تتهمني بإختطافك...يجب أن أخبرك أنني من تلقيت الصفع و الإهانة من جانبك... و الآن ، يجب أن تجيب على الشرطة حين تصل لأخذك. قال هو الآخر : لا بأس، تستطيع السؤال عن هيجي نوكامي..إنه والدي. رفع سماعة أقرب طاولة و أخذ يتصل: سأفعل بالتأكيد... ليرى كيف يتعامل معك. انتبه هاروكي للصحيفة الملقاة بجانبه فأخذها فضولا ينظر لها و يصدم......!!! تاريخ إصدار الصحيفة ... ١٤_٦_ ١٩٩٥ .. أدار هاروكي تلك الصحيفة و تصفحها ليتفاجأ بمواضيعها و تاريخها.... ((لا تقل لي... أننا انتقلنا عبر الزمن حقا!.. يا للسخف.. و الصحيفة تبدوا جديدة أيضا..)) نطق مانعا ذاك الاتصال بوضعه أصبعه فوق الهاتف: أنا أعتذر أيها السيد.. نزع الرجل يد هاروكي: و هل تظن أن الإعتذار سيعذر مجيئك للسرقة؟ انحنى هاروكي قائلا: أنا أتوسل أن تعذرني ... كنت طائشا. وضع الرجل سماعة الهاتف بعد استشعاره بصدق كلماته: حسنا، حسنا.. تستطيع الذهاب فأنت لا تستطيع سرقة شيء من هنا على كل حال. انفجرت ايريكا بالضحك : يا الهي.... مأزق حقيقي هاروكي... أتخيل وضعك حينها... شعر بإستفزاز من طرفها فتوجه نحو الملفات: ابحثي و لا تضيعي الوقت , قد يأتي أحدهم. توقفت و بلعت ريقها : لا تخفني هكذا...أن يحضر أحدهم و نحن هنا...سيقضى أمرنا. أعطاها بعض الملفات: أسرعي إذا.. عادت للبحث في ملفات المرحلة الثانية للثانوية دون جدوى .. : لا شيء . أخذ اللفات من يدها و ما برح أن رأى ملف والدتها : أنظري..كاورو ميشيل , عائلة أمك قبل الزواج بوالدك. " بالفعل" دققت النظر و فجأة سحبت الملف من يد هاروكي :أ هذه أمي؟ ! " ما هذا التصرُّف إيريكا؟..أ لهذه الدرجة الصورة سيئة ؟ " أومأت برأسها نفياً... " أثرتِ فضولي " " حسنا .. " " جميلة و تبدوا أصغر سناًّ منك...تتشابهان قليلاً أيضاً" " لا أتخيَّل أنني سأرى أمي بهذا الشكل...طفولية أكثر مني " " آسف لأقول هذا , لكنك لست طفولية رغم تفكيرك الطفولي " " شكراً لهذه الصراحة" " المهم أن نجد العنوان الآن" " لحظة " نزلت بعينها باحثة قليلاً ..: أه .. هذا هو..بقي والدي. " ملفاتُ المتخرجين ... فلقد تخرج والدينا العام الماضي " تمتمت و هي تبحث مشيرةً بإصبعها السبابة : ملفات المتخرجين...ملفات المتخرجين... لم هذا الزمن لا يحفظ الملفات المهمة في الحاسوب؟ ! .. البحث يكون أسهل. " هذا الزمن لا يخلوا من الحواسيب لكن التطور التكنولوجي كان بسيطاً جداً... إنَّ هذه العشرين عاماً بالذات كانت كعشر قرون في تطورها المفاجئ " طال البحث و هما لم يجدا شيئاً سوى ما وصلت له يد هاروكي ... خزانةٍ مغلقة ..: أظنها هنا لكن لا مجال لفتحها. " ياه .. بعد هذا التعب " استدرك الأمر و هو يدير رأسه لها : أمي .. ملف أمي , لا تنسي أنها كانت صديقة أمك المقربة . " أفضل من لا شيء " عاد البحث بالملفاتِ السابقة ليرى هاروكي ملفاً باسم " ليندا جاك " : حصلتُ عليه. تتوقفت يديه للحظة و كأنها كانت خائفة.. خائفة من فتح ذلك الملف الذي يقول له أنه على وشك أن يرى أمه وجها لوجه... خائفة من إدراك الواقع الذي لم يحصل عليه.... خائف من النظر للصورة التي تقول بين طياتها.. " سوف نتلاقى الآن" كانت عينيه المتأججتين كفيلة بإفهام إيريكا ما يشعر به فوضعت يدها فوق يده مواسية دون أن تتحدَّث أو تنطق.. ففي بعض اللحظات الصمت و النظر أفضل مواساة لامثيل لها... فللصمت لغة لا يفهما إلاَّ طالبها حين يحتاجها..... اكتفت بالشد على يديه ليرمش بعينيه امتناناً هو الآخر و يفتح الملف الذي أراه وجه والدته... " لطيفة .. " تغاضى الصورة باحثاً عن العنوان و بعدها أغلق الملف و بدأ بإعادةِ كلِّ شيءٍ كما كان فساعدته ايريكا على ذلك... خرجا ليبحثا عن العناوين التي حصلا عليها و بعد السؤال وُفِّقا للوصول لمنزلِ والدةِ هاروكي... ابتسمت إيريكا و هي تنظر لظاهر ذلك المنزل عاديِّ المظهر : يوم عائلتك هاروكي .. بالبداية العم هيجي و الآن والدتك .. وجهت وجهها له :و الآن ماذا نفعل؟ بدأ يفرك تحت عينيه : لا أعرف. كانت لحظاتُ حيرة بعد كلِّ هذا العناء و قطع هذا الطريق... الآن وقوفٌ بلا نتيجة .. قال هاروكي : ننتظر لليل و ندخل نأخذ ما نحتاجه. وضعت يدها بجانب خصرها : هيي ... وصلت للصوصيةِ حقاً. " و هل لديكِ فكرة ؟ " " كنت أظنُّك قد خطَّطت لكلِّ شيء" قطعهما خروج امرأة يبدوا عليها الهدوء و الرزانة لتضع كيس القمامة و تدخل , لكنَّها حينَ رأتهما واقفين قالت : هل أنتما صديقي ليندا؟ صمت هاروكي ناظراً لجدته التي يبدوا عليها أنَّها في الثلاثين من عمرها... كانت امرأةً شابةً بشعرٍ كستنائي متوسطَ الطول... حاولت إيريكا الردَّ بتلبك : نحن...أقصد أنَّكِ سيدتي... أوقفتها المرأة بجملةٍ مقاطعة : أدخلا... لا تخجلا .. إنَّ ليندا خارجاً لكنها ستصل بعد قليل .. انتظراها حيثما تعود. قالت إيريكا منزلةً رأسها احتراماً : شكراً للطفك لكن نحن... أكمل عنها هاروكي : نحنُ لسنا أصدقاءها لكن نريدُ الحديث معها. استغربت إيريكا جملته المعترضة : هاروكي. دققت المرأة النظر بهاروكي ثم همست شيئاً بصوتٍ غير مسموع... التفتت إليهما ثمَّ قالت : تفضَّلا على كلِّ حال. دخلا و الغربة تخالج إيريكا التي تبعت السيدة بصمت... لكن هاروكي كان يشعر بدفء جدته المعتاد و أنفاس مألوفة تختلط مع أنفاسه... و مع وجود هذه الألفة ...وجد شعور آخر ... شعور بالكاد تستطيع ملامحه إخفائه، فكيف له أن يخفي توتر من مواجهة فتاة الثانوية تلك... الفتاة التي يجب عليها أن تكون أمه... أدخلتهما خطاهما خلف سيدة المنزل لغرفةً منسقة كغرفةِ ضيوف بها أريكاتٍ بإطارٍ قديم بالنسبةِ لهما رغم أنَّها تبدوا ليست قديمة ليجلسا عليها .... كان الفرق بين الزمان واضحٌ في هذا المنزل فلا أجهزة الكترونية كثيرة و طرازِ الأثاثِ و حتى شكل السجادة يختلف عن ما يعيشانِ به ... قالت سيِّدة المنزل بترحيبٍ لطيف : تفضلا و اجلسا .. سوف آتي لكما الآن. ذهبت لتتركهما وحيدين ... جلست إيريكا و هي توجه سؤالها لهاروكي : هل تخطط أن تخبر والدتك؟ جلس هو الآخر بجانبها واضعٌ يديه المتشابكتينِ تحت ذقنه : و هل سوف تصدِّق لو أخبرتها؟ حدَّقت به بتعجب : و ماذا ستقول لها إذاً بعد دخولك منزلها ؟ " لا أعرف... أنتِ فكِّري معي قليلاً " تنهدت : و كأنك تقول أن لا فرق بين وقوفنا خارجاً و بين دخولنا هنا. همس و هو ينظر للظلِّ بدا ظاهرا على الأرض مقتربا: بل هناك. دخلت السيِّدة و بيدها طبقي كعك و بعض الشاي ليبتهج من كلٍّ من إيريكا و هاروكي ... فعلى الأقل سوف يأكلا شيئاً يذهب عنهما الشعور بالضعف... لاحظت السيدة وضع إيريكا الغريب فقالت: عفوا بنيتي، هل هناك مشكلة.. إن هذه الملابس.. أخذت إيريكا طبق الكعك من أمامها قائلة قبل البدء بالأكل: لا تهتمي سيدتي. بدأ هاروكي بشرب فنجان الشاي أولا: عفوا، هل ستتأخر كثيرا؟.. أقصد ... قاطعته: لا أظن.. إنها على وشك المجيء الآن. جلسا بصمت يعلن عدم معرفتهما بما يجب القول.... و بعد عشر دقائق تقريبا بدأت جدة هاروكي شابة المظهر بالحديث: لم تخبراني، ما الذي جاء بكما لرؤية ليندا؟ حينها ابتسما إيريكا بتلبك ظاهر في الحديث: حسنا... وجهت وجهها نحو هاروكي: هل تستطيع توضيح الأمر لها؟ حاول تحاشي إظهار ازعاجه لإلقاءها بالأمر الصعب عليه، لكنه فاجأها بالتحدث فورا : نحن سوف ننتقل لمدرستها، و عندما ذهبنا لاحظنا كثيرا من البحوث و يبدوا أن ابنتك هي أفضل طالبة في الفصل... لذا أتينا لنأخذ منها المساعدة. أبدت ابتسامة حائرة و هي تنظر له: حسنا.. أظنها سوف تفيدكما. كان واضحا أن وجهها يخفي شيئا برؤيتها لهاروكي و كل سكناته و كأنها تعرف من هو أو أنها لاقته من قبل... طرأ صوت على مسامعهم لتنهض منتبهة للخارج: يبدوا أنها وصلت. وقفت لدى باب الغرفة لتنظر إلى ابنتها التي تدخل خالعة حذائها: أهلا ليندا..كيف كان العمل؟ ضيق هاروكي عينيه مدققا على الجملة.."عمل!" سمع الجواب:كان جيدا. أشارت الأم بيدها لليندا لتقترب: حسنا .. تعالي هنا ليندا. اقتربت ليندا لتظهر أمامهم : ماذا هناك أمي؟ نهض هاروكي دون إدراك منه... جسده كان يجره للتقدم لولا أن أمسكت إيريكا بكمه قائلة بصوت خافت: هي..تمالك نفسك. استجاب جسده رغم أن عقله كان يصرخ داخلا..((تلك هي أمي...إنها حقا أمي.. أريد أن أشعر بوجودها أكثر..آمي اقتربي.. اقتربي مني، ها أنا ذا ابنك هاروكي أمي . ...)) لم تكن لجملاته المناشدة لها لتنتهي في داخله ، لكن كان لهأمرا أن يجاري الواقع الذي يقول ... «تلك هي فتاة الثانوية ليندا» في تلك اللحظات كانت ليندا متسمرة وهي تراه أمامها.. لسبب مجهول له و لإيريكا فهي منصدمة من رؤيته... همست أمها بشيء في أذنها لتتدارك نفسها متقدمة نحوهما : مرحبا بكما.. نهضت إيريكا لتتكلم هي بدورها عن الشاب المتسمر جانبا: مرحبا، آسفة لإزعاجك.. لقد أتينا لأخذ مساعدتك في بحوث المدرسة. رمشت ليندا مبدية بعض التعجب: بحوث مدرسية؟!... اه، تقصدون بحث الفيزياء.. لقد انتهى موعد تسليمه الأسبوع الفائت، لابأس..سأقرضهما لكما . جلس هاروكي بعد تداركه للوضع: شكرا لك. حركت ليندا ناظريها لملابس إيريكا : أتيت ببيجامة؟! رفعت يدها لتحك طرف شعرها قليلا: لذلك قصة طويلة لا تهتمي. (( كل من ينظر لي يسأل عن ملابسي... )) أمسكت ليندا بيد إيريكا للتعجب هي مبدية ذلك بإخراجها صوت تعجب خفيف:إه...ماذا هناك؟! ظهرت إبتسامة لطيفة جرت وراءها ابتسامة إبنها الجالس لرؤيته ابتسامة أمه: تعالي معي. تبعتها إيريكا بصمت بداخله بعض الغرابة من جر ليندا لها.... تمنت لو أنها قطرة ماء حوتها الأرض مبتلعة ، فابتسمت إبتسامة إحراج و مجاملة وهي تنظر لتلك الخزانة المفتوحة أمام ناظريها: لاحاجة لهذا عزيزتي..سوف أبدل ملابسي بعد أن أعود. كانت ليندا ممتدة على سريرها البني ذو الفراش الأخضر الباهت بحيث تستطيع تحريك رجليها بمرح: دعك من هذا الكلام الآن.. بصدق، كيف استطعت أن تخرجي بهذه الملابس؟.. إما أن تكوني جريئة جدا.. أو أن هناك ما أجبرك على الخروج هكذا. جلست هي الأخرى على حافة السرير: قلت لا تهتمي لهذا الأمر ، أشكرك حقا... جلست ليندا لتقابل وجهها: لا بأس ... أنا لاأطلب منك تفسير مجيئك ، بل أعيرك بعض ملابسي لحين أراك ثانية... تستطيعين رد هذا اللطف مني في وقت لاحق. حركت يديها نفيا: لكن... تركت سريرها متجهة نحو خزانة الملابس و أخرجت عدة أقمصة و عدة بنطلونات رامية بها فوق السرير: اختاري الأنسب منها، لاتخجلي و اختاري فقط. باتت تنظر إيريكا لتلك الملابس بإحراج شديد، و هذا الإحراج أغلق على تفكيرها سعة التفكير و الإختيار. وضعت ليندا يدها تحت ذقنها و جعلت تحدق بإيريكا ..... ماهي إلا دقائق معدودة حتى تعترض ابتسامة شفتيها لترفع إيريكا و تلتقط أحد الأقمصة البيضاء و بنطالا قصيرا بني اللون: خذي ، إنها تليق بك. رفض هذا اللطف حقا شيئ لا يتصور ، كيف لها أن ترفض لطف هذه الفتاة التي ستخرجها من وضعها المحرج بإصرار منها، لذا مدت يديها و أخذت الملابس بإمتنان: لا أعرف كيف أشكرك. ربتت على كفها بلطف: بمساعدتي في المستقبل ، ألا ترغبين بهذا؟..إنه عرض مغر للصداقة عزيزتي! احتضنتها فورا لتمد ليندا يديها محتظنة لها أيضا: بالتأكيد، سأساعدك متى ما احتجت... يجب أن أكون فخورة لامتلاكي صديقة رائعة مثلك. ابتعدت ليندا : حسنا، إذا.. نادني ليندا، و ما اسمك أنت؟ غمزت غمزة مجيبة: صديقة جديدة اسمها إيريكا. أخرجت بعض الأوراق من أحد الأدراج و فتحت الباب خارجة: سأعطي هذا البحث لصديقك الذي بالأسفل ريثما تبدلين ملابسك و تلحقي بنا. ((أه ، نسيت لم نحن هنا..)) خرجت و أغلقت الباب خلفها لتستوعب إيريكا توا أنها صادقت أم صديقها ، فطلت على شفتيها ابتسامة خفيفة .. (( إنها أفضل أم تستطيع أن تحصل عليها هاروكي...)) لبست ملابسها أو بالمعنى الأصح ملابس ليندا و خرجت لحيث هم جالسون ... كانت الأنضار موجهة لها ما أن دخلت... قالت ليندا بمرح لا يخرجها من حالة الهدوء: ها قد أصبحت فتاة تستحق المديح. جارتها أمها: إنها تليق بك حبيبتي.. أكملت موجهة الكلام لابنتها:.. حسنا فعلت ليندا. أما هاروكي ظل ينظر بصمت ، ملابس ليست على أخر الصيحات أو المشهورة في أيامهم..كانت بسيطة جدا لولا ياقة القميص المشرشرة حتى النصف.. لكن، بها ميزتان..جمال ميرنا الظاهر بين تنسيق تلك الثياب و ملك ليندا لها .. شيئان بارزان أمامه ليستطيع القول أن هذه الثياب كنز له منذ وصوله.... نهض رافعا الأوراق من على الطاولة أمامه: أظن أننا يجب علينا الرحيل الآن، شكرا على الضيافة. " أمك لطيفة.." "أظنني ممتن للمجيء هنا و لو لشيئ واحد" "إنه شيئ عظيم على كل حال" " أهم...شيئ لم أتخيل تصوره" " أنا لازلت أشعر أني في متاهة" " و أنا أشعر أني في حلم " "لك الحق " قطع هذه المحادثة صوت زقزقة بطن إيريكا...: صوت الجوع يقول أنك يقظ هاروكي. انتبه هاروكي لجوعه الذي أخذ منه مأخذ الضعف: إذا، يجب أن نأكل شيئا قبل أن ننتهي من الجوع. عبست لتقول: من أين نأكل و لا نقود لدينا؟ نظر لها نظرة تخفي رمزا ، ثم أخرج بعض النقود من جيبه: لقد أخذت البعض من منزل جدي. صمتت ثم قالت ببرود: أخبرني... عن عرق اللصوصية لديك. إغتاظ و على صوته مستعدا للشجار: أوي..أتعرفين كم مرة أطلق علي اسم اللص اليوم، فتوقفي عن إغاضتي . تنهدت قبل أن تقول: لا بأس ، فعلى الأقل سنسد جوعنا . شدهما منظر مريب على الجانب الآخر للشارع الذي هم واقفان لديه، و كانت الصدمة....... فتاة مدت يدها بخفة في جيب صبي و هما يعبران من بعض... فتحت إيريكا فمها قليلا من المفاجأة ، أما هاروكي نطق و على ملامحه الدهشة: أخبريني عن عرق اللصوصية هذا الآن. "لا أصدق..أمي" عندها تقدم شاب بجانب الشاب المسروق مناديا: ريو.. هل حصلت على شيئ ؟ ((أهذا..أبي؟!)) أدار ريو وجهه لمناديه: هذا أنت هيجي؟... لا ليس إلى الآن، لكني مطمئن أننا سنرى خيطا. ضرب هيجي ظهر صديقه: بالتأكيد.. لا يجب أن نفقد الأمل. صرخ ريو صرخة مرح: لا تضرب بقوة أيها الأبله. اعتدل بوقفته : دعنا نذهب لشرب شيئ يذهب الإرهاق. أجابه بعدما أعاد ملامحه الجافة لطبيعتها: أوافقك. وضع ريو يده في جيبه ليخرج محفظته لكنه يفاجأ.....: محفظتي! رأى هيجي تغير ملامح صديقه: مابها؟ نظر له بعين جانبية: لا أجدها. حاول هيجي تبرير الأمر: لعلك وضعتها في الجيب الآخر. حاول البحث عنها في جيبه الآخر دون جدوى ليتوقف عن الحركة لحظة: تلك الفتاة.. سرقت محفظتي. لم يفهم هيجي سوى سرقة المحفظة: متأكد؟ نظر لصديقه بجدية: أظن، فهي من صدمتني توا. زفر زفرة غيظ : لا بأس.. لم يكن بها الكثير ... صمت ثم أكمل: لكنها بالفعل أغضبتني .. ليتني أراها لأوسعها ضربا. وضع هيجي يده فوق كتف صديقه: ليس من الرجولة أن تضرب فتاة صديقي. مشيا و هما يتحدثان و بقي من يشاهد الموقف مذهولا..... ابتسم هاروكي واضعا ذراعه فوق ركبته و الأخرى في جيبه ليبدوا جالسا: ياعيني، أهذا هو أول لقاء؟! عاطفي للغاية. لم تستطع إيريكا النطق بل ظلت متسمرة مكانها تحاول استيعاب ماجرى في هذا المكان........ قراءة مُمتعة ،، |
التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 02-18-2017 الساعة 01:42 PM |