عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-13-2016, 01:31 PM
 
سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 7 !!

سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 7
سيرة
سيدّنا عليٍّ بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلام
مِنْ دروسٍ
لفضيلةِ الدكتور : محمد راتب النابلسي
حفظه الله تعالى وبارك فيه وبارك في علمه وعمره آمين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ , والصَّلاة والسَّلام على سيدِّنا مُحمَّدٍ الصَّادقِ الوعدِ الأمينِ , اللهمَّ لا علمَ لنا ، إلا ما علمتنا ، إنكَ أنتَ العليم الحكيم , اللهمَّ علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علماً , وأرنا الحقّ حقّاً , وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً , وارزقنا اجتنابه , واجعلنا مِمَنْ يستمعونَ القول فيتبعونَ أحسنهُ , وأدخلنا برحمتكَ في عبادكَ الصَّالحينَ .
قالَ الإمامُ عليّ : " كونوا مِنْ أبناءِ الآخرةِ ، ولا تكونوا مِنْ أبناءِ الدُّنيا ، ألا وإنَّ الزاهدينَ في الدُّنيا ، قدْ اتخذوا الأرضَ بساطاً ، والترابَ فِراشاً ، والماءَ طيِّباً ، ألا وإنَّ مَنْ اشتاقَ إلى الآخرةِ ـ سلا عنْ الشَّهواتِ ، ومَنْ أشفقَ مِنْ النارِ ـ رجعَ عنْ المُحرّماتِ ، ومَنْ طلبَ الجنةَ ـ سارعَ إلى الطاعاتِ ، ومَنْ زهدَ في الدُّنيا ـ هانتْ عليهِ مصائبها ، ألا وإنَّ للهِ عُبَّاداً ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، حوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً قليلة ـ لعقبى راحةٍ طويلة ، إذا رأيتهم في الليلِ ، رأيتهم صافِّين أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرونَ إلى اللهِ ، في فكاكِ رقابهم ، وأمَّا نهارهم ــ فظماء حلماء ، بررة ، أتقياء ، كأنَّهم القِداح ينظر إليهم الناظر فيقول ــ مرضى ، وما بهم منْ مرضٍ ، ولكنَّ الأمرَ عظيمٌ " .
هذهِ مِنْ أقوالِ سيدّنا عليّ البليغة ، وذات مرّةٍ : رأوهُ يرتدي ثوباً مُرقَّعاً !!!! ، فقالَ : " هذا الثوب ، يصرف عني الزَّهوة ، ويساعدني على الخشوعِ في صلاتي ، وهو قدوةٌ صالحةٌ للناسِ ، كي لا يسرفوا ويتبذخوا ، ثُمَّ تلا قوله تعالى :
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( سورة القصص الآية : 83 ).
هناكَ تعليقٌ على هذهِ القصةِ : ففي العهودِ الغابرةِ ، كانَ مقبولاً مِن المرءِ ، أنْ يكونَ في ثوبهِ رقعة ، أمّا إذا أردنا ، أنْ نُطبِّق هذا الكلامِ ، على أيامِنا هذهِ ، فبعض الناسِ ، أحياناً يرتدي ثيابًا غاليةً ، ثيابًا ثمنها ، فوق دخل معظم الناسِ ، فإذا ارتداها وزها بها ، واختالَ بها على الناسِ ، فقدْ جانبَ سواء السَّبيل ، أمّا إذا ارتدى الثياب المعقولة ، فلا شيءٌ عليهِ .
مِنْ مواعظهِ أيضاً لأهلّ الدُّنيا :
يقول هذا الإمام الجليل : " إنَّ المُضمارَ اليوم وغداً السِّباق ".
الآنَ استعدادٌ ، كأيامِ الامتحاناتِ ، والامتحان : هو الامتحان ، وبعد الامتحانِ ، يُكرَّم المرء أو يُهان ، لذلكَ قالَ سيدُّنا عليّ : " الغِنى والفقر بعد العرضِ على اللهِ ".
ما قيمة الحياةِ الدُّنيا كلّها ــ إذا قيستْ بالأبدِ ؟ صفر ، ما قيمة السِّتين عامًا نعيشها في الدُّنيا ؟ ما قيمة ثمانينَ عامًا ؟ ما قيمة مئتي عام ؟ لا شيء أمام الأبدِ ، فعندما يضحِّي الإنسان بالأبدِ ـ أمام حياة قصيرة ، يكون في عقلهِ خلل ، لقولِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاة والسَّلام :
" أرجحكمْ عقلاً أشدُّكم للهِ حُبَّاً ".( ورد في الأثر ).
قالَ : " إنَّ المُضمارَ اليوم وغداً السِّباق ، ألا وإنكم ، في أيامِ أمل ، مِنْ ورائهِ أجل " .
كُنْتُ في سفري الأخير ، إلى تونس ، وكنا ننتظر إقلاع الطائرةِ ، فالبضاعة تنزل مِنْ الطائرةِ ، ثُمَّ نزلَ صندوقٌ مكتوبٌ : المرحوم فلان ، أُنزِلَ مع البضاعةِ ، فهذا الإنسان ، كانَ شخصًا ــ فأصبحَ بضاعةَ ، أينَ وضعوهُ ؟ مع الشحنِ في الطابقِ السُّفلي ، وليسَ مع الركابِ ، والإنسان يا ترى حينما يتوقف قلبُه ، ما مصيره ؟ يصير خبرًا !!! .
" واعلموا : أنَّ مَلَكَ الموتِ ، قدْ تخطانا ، إلى غيرِنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا "
كنتُ في مدينةٍ اسمها : فاس ، هذهِ عاصمة إسلامية ، في بلادِ المغربِ ، أزقتها ضيِّقةٌ جداً ، أعجبتني لوحة كُتبَ فيها : صَلِّ قبلَ أنْ يُصَلَّى عليكَ , أي : على المسلمِ العاقلِ ، أنْ يدخل المسجد ليُصلَّي ، فإنْ لمْ يدخله ليُصليَّ ، سوفَ يدخلهُ مرّةً : ليُصلَّى عليهِ ثُمَّ قالَ : " فَمَنْ قَصَّرَ في أيامِ أمله ، قبلَ حضور أجلهِ ، فقدْ خابَ عمله " ، مَنْ قصَّر ، في أيامِ أمله ، يعني قصَّرَ ، في معرفةِ اللهِ في الدُّنيا ، قصَّرَ في طاعتهِ ، قصَّرَ في العملِ الصالحِ ، قبلَ حضورِ أجله ، فقدْ خابَ عمله .
" ألا فاعملوا للهِ ، في الرَّغبةِ ، كما تعملونَ لهُ في الرَّهبةِ " ، معظمُ الناسِ عندَ الشِّدةِ يتضرعونَ ، وفي الرَّخاءِ ، لا مشكلةٌ في صحتهِ أبداً ، ولا في بيتهِ ، ولا في أولادهِ ، ولا في دخلهِ ، ولا في عملهِ ، فتجدهُ كسولاً ، لكنْ في الشدَّةِ : يا رب ، يا رب ، الأكمل والأجدى , أنْ تقولَ : يا رب ، وأنتَ صحيحٌ ، أنْ تقولَ : يا رب , وأنتَ غنيٌ ، أنْ تقولَ : يا رب , وأنتَ مُعافى .
" ألا وإني ، لمْ أرَ كالجنةِ ــ نامَ طالبُها ، ولمْ أرَ كالنارِ ــ نامَ هاربُها ، ألا وإنَّ مَنْ لمْ ينفعهُ الحقُّ ، ضرَّهُ الباطلُ " ، ليسَ مِنْ إنسانٍ حيادي تماماً ، إذِ الجنة هنا ، والنار هناكَ ، والإنسانُ بينهما ، فإذا ابتعدَ عنْ الجنةِ ، اقتربَ حُكماً مِنْ النارِ ، والإنسان ، إذا لمْ يلتفتْ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، سيلتفتْ إلى الدُّنيا ، وإنْ لمْ يكنْ عبداً للهِ ، سيكون عبداً لعبدٍ لئيم ، وإنْ لمْ يمتلئ قلبهُ بحبِ الحقِّ ، امتلأَ بحبِ الخلقِ ، نفسكَ ، إنْ لمْ تشغلها بالخيرِ ، شغلتكَ بالشَّرِ ، هذا كلام سيدّنا عليّ .
سيدُّنا عليٌّ طردَ الدنيا مِنْ قلبهِ ولمْ ينسحبْ منها :
لكنْ ، قدْ تتوهمونَ ، أنَّ هذا الإمام الجليل : انسحبَ مِنْ الدُّنيا ، وتركها لأهلِّها ، ولمْ يعتنِ بها ، وكأنهُ عاشَ على هامشِ الحياةِ ، لا ، فالدُّنيا خطيرةٌ جداً ، وهي مزرعة الآخرة .
وعنْ المستورِ رضيَ اللهُ عنهُ , قالَ : كنا عندَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فتذاكروا الدنيا والآخرة , فقالَ بعضهم : " إنّما الدُّنيا بلاغٌ للآخرةِ ، فيها العمل ، وفيها الصَّلاة ، وفيها الزَّكاة " . ( أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ).
استمعوا بعنايةٍ فائقةٍ إلى وصفِ هذا الإمام الجليل للدُّنيا ، قالَ :
" الدُّنيا دار صدقٍ لِمَنْ صدقها ، ودار نجاةٍ ، لِمَنْ فهم عنها ، ودار غنىً وزادٍ ، لِمَنْ تزوَّد منها ، مهبط وحي الله ، ومسجد أنبيائه ، ومتجر أوليائه ، ربحوا فيها الرحمة ، واكتسبوا فيها الجنة " ، فاستمعْ إلى الآية الكريمة تبيَّنْ معناها ، فحينما يدخل أهلّ الإيمان الجنة , يقولونَ : ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( سورة الزمر الآية : 74 ).
لولا أننا كنا في الدُّنيا ، وعرفنا اللهَ في الدنيا ، واستقمنا على أمرهِ في الدنيا ، وتقربنا إليهِ في الدنيا ، وأقبلنا عليهِ في الدنيا ، لما كنا الآنَ في الجنةِ , فإذا كانَ الطبيبُ لامعًا ، ودخلهُ كبيرًا ، وكانَ أيام الدراسةِ ، في الجامعةِ يمقتها , فلولا هذهِ الأيام ، لما كانَ في هذا المقامِ ، ولولا ذلكَ الشقاء ، في نظرِ الكُسالى ، لما كانَ في هذهِ البحبوحةِ , قالَ تعالى :
﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( سورة الزمر الآية : 74 ).
يتبع رجاءاً
جمعها مع التنسيق
عبد الله الراجي لعفوه ورضاه تعالى
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 6 !! abdulsattar58 نور الإسلام - 2 02-13-2016 06:50 PM
سيدنا عليٍّ بن أبي طالب عليهِ السلام -3 abdulsattar58 نور الإسلام - 6 01-10-2016 08:02 PM
سيدنا عليٍّ بن أبي طالب عليهِ السلام -2 abdulsattar58 نور الإسلام - 0 12-24-2015 09:15 PM
حُقُوقُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم Qıoмı❀ نور الإسلام - 35 04-11-2013 03:36 PM


الساعة الآن 02:17 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011