|
نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
ادب الدنيا والدين في فضل العقل للماوردي / 5 قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ : كُلُّ شَيْءٍ إذَا كَثُرَ رَخُصَ إلَّا الْعَقْلَ فَإِنَّهُ إذَا كَثُرَ غَلَا . وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : إنَّ الْعَاقِلَ مَنْ عَقْلُهُ فِي إرْشَادٍ ، وَمَنْ رَأْيُهُ فِي إمْدَادٍ ، فَقَوْلُهُ سَدِيدٌ ، وَفِعْلُهُ حَمِيدٌ ، وَالْجَاهِلُ مَنْ جَهْلُهُ فِي إغْوَاءٍ ، وَمَنْ هَوَاهُ فِي إغْرَاءٍ ، فَقَوْلُهُ سَقِيمٌ ، وَفِعْلُهُ ذَمِيمٌ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ : كَانَ وَاَللَّهِ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُخْدَعَ ، وَأَعْقَلَ مِنْ أَنْ يُخْدَعَ . وَقَالَ عُمَرُ : لَسْتُ بِالْخِبِّ وَلَا يَخْدَعُنِي الْخِبُّ . وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ صَرَفَ فَضْلَ عَقْلِهِ إلَى الشَّرِّ كَزِيَادٍ ، وَأَشْبَاهِهِ مِنْ الدُّهَاةِ ، هَلْ يُسَمَّى الدَّاهِيَةُ مِنْهُمْ عَاقِلًا أَمْ لَا . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أُسَمِّيهِ عَاقِلًا ؛ لِوُجُودِ الْعَقْلِ مِنْهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : لَا أُسَمِّيهِ عَاقِلًا حَتَّى يَكُونَ خَيِّرًا دَيِّنًا ؛ لِأَنَّ الْخَيْرَ وَالدِّينَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْلِ . وَقَدْ قِيلَ : الْعَاقِلُ مَنْ عَقَلَ عَنْ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ حَتَّى قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَعْقَلِ النَّاسِ أَنَّهُ يَكُونُ مَصْرُوفًا فِي الزُّهَّادِ ؛ لِأَنَّهُمْ انْقَادُوا لِلْعَقْلِ وَلَمْ يَغْتَرُّوا بِالْأَمَلِ . وَرَوَى لُقْمَانُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { يَا عُوَيْمِرُ ازْدَدْ عَقْلًا تَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا . قُلْت : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَمَنْ لِي بِالْعَقْلِ ؟ قَالَ : اجْتَنِبْ مَحَارِمَ اللَّهِ ، وَأَدِّ فَرَائِضَ اللَّهِ تَكُنْ عَاقِلًا ثُمَّ تَنَفَّلَ بِصَالِحَاتِ الْأَعْمَالِ تَزْدَدْ فِي الدُّنْيَا عَقْلًا وَتَزْدَدْ مِنْ رَبِّك قُرْبًا وَبِهِ عِزًّا } . وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ ، وَذَكَرَ أَنَّهَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إن المكارم أخلاق مطهرة ... فالعقل أولها والدين ثانيها والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها والبر سابعها والصبر ثامنها ... والشكر تاسعها واللين عاشيها والنفس تعلم أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها والعين تعلم في عيني محدثها ... من كان من حزبها أو من أعاديها عيناك قد دلتا عيني منك على ... أشياء لولاهما ما كنت تبديها وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَقْلَ الْمُكْتَسَبَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ ؛ لِأَنَّهُ نَتِيجَةٌ مِنْهُ . وَقَدْ يَنْفَكُّ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ عَنْ الْعَقْلِ الْمُكْتَسَبِ فَيَكُونَ صَاحِبُهُ مَسْلُوبَ الْفَضَائِلِ ، مَوْفُورَ الرَّذَائِلِ ، كَالْأَنْوَكِ الَّذِي لَا يَجِدُ لَهُ فَضِيلَةً ، وَالْأَحْمَقُ الَّذِي قَلَّ مَا يَخْلُو مِنْ رَذِيلَةٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْأَحْمَقُ كَالْفَخَّارِ لَا يُرَقَّعُ وَلَا يُشَعَّبُ } . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْأَحْمَقُ أَبْغَضُ خَلْقِ اللَّهِ إلَيْهِ ، إذْ حَرَمَهُ أَعَزَّ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ } . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْحَاجَةُ إلَى الْعَقْلِ أَقْبَحُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْمَالِ ، وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : دَوْلَةُ الْجَاهِلِ عِبْرَةُ الْعَاقِلِ ، وَقَالَ أَنُوشِرْوَانَ لِبَزَرْجَمْهَرَ : أَيُّ الْأَشْيَاءِ خَيْرٌ لِلْمَرْءِ ؟ قَالَ : عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ؟ قَالَ : فَإِخْوَانٌ يَسْتُرُونَ عَيْبَهُ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ؟ قَالَ : فَمَالٌ يَتَحَبَّبُ بِهِ إلَى النَّاسِ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ؟ قَالَ : فَعِيٌّ صَامِتٌ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ؟ قَالَ : فَمَوْتٌ جَارِفٌ . وَقَالَ سَابُورُ بْنُ أَرْدَشِيرَ : الْعَقْلُ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا مَطْبُوعٌ ، وَالْآخَرُ مَسْمُوعٌ . وَلَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِصَاحِبِهِ ، فَأَخَذَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ : رَأَيْتُ الْعَقْلَ نَوْعَيْنِ فَمَسْمُوعٌ وَمَطْبُوعُ وَلَا يَنْفَعُ مَسْمُوعٌ إذَا لَمْ يَكُ مَطْبُوعُ كَمَا لَا تَنْفَعُ الشَّمْسُ وَضَوْءُ الْعَيْنِ مَمْنُوعُ وَقَدْ وَصَفَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ الْعَاقِلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَضَائِلِ ، وَالْأَحْمَقَ بِمَا فِيهِ مِنْ الرَّذَائِلِ ، فَقَالَ : الْعَاقِلُ إذَا وَالَى بَذَلَ فِي الْمَوَدَّةِ نَصْرَهُ ، وَإِذَا عَادَى رَفَعَ عَنْ الظُّلْمِ قَدْرَهُ ، فَيُسْعِدُ مَوَالِيَهُ بِعَقْلِهِ ، وَيَعْتَصِمُ مُعَادِيهِ بِعَدْلِهِ . إنْ أَحْسَنَ إلَى أَحَدٍ تَرَكَ الْمُطَالَبَةَ بِالشُّكْرِ ، وَإِنْ أَسَاءَ إلَيْهِ مُسِيءٌ سَبَّبَ لَهُ أَسْبَابَ الْعُذْرِ ، أَوْ مَنَحَهُ الصَّفْحَ وَالْعَفْوَ . وَالْأَحْمَقُ ضَالٌّ مُضِلٌّ إنْ أُونِسَ تَكَبَّرَ ، وَإِنْ أُوحِشَ تَكْدَرَ ، وَإِنْ اُسْتُنْطِقَ تَخَلَّفَ ، وَإِنْ تُرِكَ تَكَلَّفَ . مُجَالَسَتُهُ مِهْنَةٌ ، وَمُعَاتَبَتُهُ مِحْنَةٌ ، وَمُحَاوَرَتُهُ تَعَرٍّ ، وَمُوَالَاتُهُ تَضُرُّ ، وَمُقَارَبَتُهُ عَمَى ، وَمُقَارَنَتُهُ شَقَا . وَكَانَتْ مُلُوكُ الْفُرْسِ إذَا غَضِبَتْ عَلَى عَاقِلٍ حَبَسَتْهُ مَعَ جَاهِلٍ . وَالْأَحْمَقُ يُسِيءُ إلَى غَيْرِهِ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ فَيُطَالِبُهُ بِالشُّكْرِ ، وَيُحْسِنُ إلَيْهِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فَيُطَالِبُهُ بِالْوَتَرِ . فَمَسَاوِئُ الْأَحْمَقِ لَا تَنْقَضِي وَعُيُوبُهُ لَا تَتَنَاهَى وَلَا يَقِفُ النَّظَرُ مِنْهَا إلَى غَايَةٍ إلَّا لَوَّحَتْ مَا وَرَاءَهَا مِمَّا هُوَ أَدْنَى مِنْهَا ، وَأَرْدَى ، وَأَمَرُّ ، وَأَدْهَى . فَمَا أَكْثَرَ الْعِبْرَ لِمَنْ نَظَرَ ، وَأَنْفَعَهَا لِمَنْ اعتبر والى غد ان شاء الله |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ادب الدنيا والدين في فضل العقل للماوردي / 4 | mohamed_atri | نور الإسلام - | 0 | 02-27-2016 11:23 PM |
ادب الدنيا والدين للماوردي / 1 | mohamed_atri | نور الإسلام - | 1 | 02-27-2016 05:44 PM |
ادب الدنيا والدين للماوردي / 2 | mohamed_atri | نور الإسلام - | 1 | 02-27-2016 05:43 PM |
ادب الدنيا والدين للماوردي / 3 | mohamed_atri | نور الإسلام - | 1 | 02-27-2016 05:42 PM |
المنتقى الثمين من أدب الدنيا والدين | جيمزاوى | تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل | 0 | 10-26-2011 01:43 AM |