عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #201  
قديم 07-30-2016, 12:37 PM
 
الحجز 2
البارت رائع ومميز كالعادة
و ارجوا ان تعذريني عن التأخير في الرد
أظن ان ماندي هي من ستنقذ لونا ربما
وانتظر البارت الجــــاي
في أمان الله
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
  #202  
قديم 08-01-2016, 03:42 PM
 
لااااااااااااااا
اين البارت لقد تاخرتي كثيرا
و اين الردود أيضاً انا مستغربة فالبارت السابق رائع
المهم ارجوا ان لا تتاخري اكثر
الى اللقاء عزيزتي
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
  #203  
قديم 08-01-2016, 03:48 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة المودة مشاهدة المشاركة
سلام عليكم


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

كما يقول أخي، قنابلك لا نهاية لها...لامارك هو مورفان ها!

ظننت أن المفاجآت انتهت...


هههههههههههههه صح لسانه ! الألغام منتشرة في كل زاوية هنا :3

تعرفين ، رغم أن هذا يفسر جمعه للكونت و كوبرا تفسيرا جيدا..إلا أني أرى خدعة!

إما أنه مازال الوقت مبكرا على حضوره و هذا ليس هو،أو أنه تابع لأحدهم..

فلم ظهر أمام أخته و بيكارت ، أقصد..لم أظهر نفسه؟!


لحد هذه اللحظة لم تعرفوا إلا القليل عن شخصية مورفان و كلما عرفتم عنه أكثر ازدتم فهما لطباعه و أصبحتم قادرين على تفسير تصرفاته الغريبة !

و شيئ آخر عن تعليقك، لست بعقلانية تامة لكن ...الخيار الأصوب في هذه المواقف هو التكاتف، و أي تكاتف بينهم!


هذا صحيح إنه الخيار الأصوب كما قلت و الأكثر عقلانية ، لكننا نحن البشر لا نفكر بعقلنا وحده .. و لا نختار الحلول المنطقية دوما ، فالعواطف لها سطوتها المستبدة ايضا !

الكونت، مازال يحمل نقاطا غامضة و منها ما يجره للبعد عنها ...


لا أبالغ إن قلت أنكم لم تعرفوا إلا القليل عنه :3

اعرف انه خطط للتخلص من الخمسة سابقا إنما الإقدام المباشر يقول مدى أهميته بحمايتها..و هي يجب ان تفكر مليا لتعرف ذلك..


هي فكرت في ذلك على أنه رد لمعروفها .. و قد أخطأت طبعا

لا احد ينكر صعوبة مامرت به و لو كانت فتاة ضعيفة لانهارت فعلا...

لكن، هي تخسر نفسها قبلهما ..


هذا صحيح..

و عن تعليقك عن جان، حقا ما قلت و هذا أفضل له... يجب أن يرى فتاة تليق بحزنه...ههههههه


هههههههههههه أجل :3

أه، أكثر ما أعجبني محاورة آدم مع ويندي.

بدأت أعجب به هذا العفريت...خخخخخخ

عفريت طيب منطقي..!


ههههههههههههههه عفريت طيب يا له من وصف دقيق له !

لكن، ويندي اكتشفت شيئا غبيا..انها معجبة بكلارك فقط..و لاتحبه!

الكل عرف مشاعرها لتأتي وتنكرها هي مع نفسها..لو لم يكن شادوا هو كوبرا ربما قلت أنها معجبة به:heee:


هي فعلا لم تكن تحبه ، مشاعرها لم تتعدى الإعجاب لكن الأمر اختلط عليها في البداية لأنها كما قالت لم يسبق أن أحبت رجلا !
هههههههههههههه هذا كان توقع الرومانسيين :3 ويندي و شادو.. الثنائي الوهمي الذي لم و لن يكتب له أن يتحقق خخخخخ

انتهت مقالة اليوم

جانا

أشكرك حقا على الرد البديع ❤❤
و أشكرك ثانية على مواصلتك التفاعل مع الرواية أقدر ذلك منك كل التقدير ❤❤❤


دمت في حفظ الله و رعايته





اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اميرة ماساكي مشاهدة المشاركة
الحجز 2
البارت رائع ومميز كالعادة
و ارجوا ان تعذريني عن التأخير في الرد
أظن ان ماندي هي من ستنقذ لونا ربما
وانتظر البارت الجــــاي
في أمان الله



الرائعة هي أنت غاليتي أشكرك جزيل الشكر ❤❤❤

لا عليك ما من مشكلة ^^

هذا محتمل :3

أتمنى أن ينال فصل اليوم إعجابك و شكرا مرة ثانية على متابعتك و تفاعلك ❤❤❤

وفقك الله لكل ما يحب و يرضى



رد مع اقتباس
  #204  
قديم 08-01-2016, 03:52 PM
 




الفصـل الثاني و الثلاثـون
*الصحوة المتأخرة*





"إن لم يكن في وسعي العيش بكرامتي ، إذن أموت معها"

هذا كان شعارها الأول والأخير.
وفيما هي على هذه الحال تمتمت دون وعي منها بكلمة غير مسموعة :
آسـ..فة...

فامتزجت حروف كلمتها الأليمة بصوت الرصاص القاسي الذي انطلق من المسدس.

شعرت بالألم يتزايد و ينتشر في كل جسمها.
ذراعها المصابة التي لم تتوقف عن النزيف ، رئتاها الثقيلتان ، عنقها حيث كاد ليدر يحطم عظامها .. و قد أثار كل هذا دهشتها !
لأنها ليس من المفترض أن تشعر فهي..

فتحت عينيها في صدمة جراء سقوط جسم ثقيل قرب قدميها ، كان ليدر !
و كان رأسه ينزف بغزارة ، لقد مات !


إذن فتلك الرصاصة التي سمعت صوتها .. لم تكن من إطلاق ليدر ؟!
بالطبع فمسدسه كاتم للصوت ، لكنها لم تنتبه لذلك في البداية ، لأن فكرة الموت شغلت كل تفكيرها !

سحبت قدميها بعيدا عن الجسد الميت ثم أدارت رأسها ببطء و صعوبة كانت خائفة من أن يكون الشخص الواقف عند السلالم هو من تتوقعه .

ارتعشت أطرافها ( لا ، لا أريد أن ينقذني ، لا أريد عوناً منه أو من أي أحد .. كل ما أطلبه هو الراحة والطمأنينة اللتان لم أذق طعمهما طيلة حياتي .. ابتعدوا عني أرجوكم و دعوني أقرر مصيري بنفسي ... لقد حرمت من الحياة التي كنت آملها و أحلم بها في صغري ، و سلب مني حقي في الاختيار ، لذا على الأقل أريد أن أقرر بنفسي كيف أموت.. )

ببطء و قلق أخذت عيناها تتحرك تجاه السلالم ثم .. توقفت .
كانت تحدق مصدومة غير مصدقة في الشخص الذي أنقذ حياتها !
لم تتوقع لبرهة أن يكون هو ..
بعسر شديد و الذهول يطغو على صوتها المنهك غمغمت : "شـ..وانيير ؟!!"


شوانيير و من خلفه أوربان ! اثنان من قادة المنظمة و ألد أعدائها هما من أنقذها !!
هؤلاء من بين جميع الناس ؟!!

ظهرا مختلفين و ليس كما عرفتهما ، شيء ما .. شيء واحد تغير فغير كل كيانهم !

حدجتهما بنظراتها الذاهلة المستنكرة و أخرجت كل ما في رأسها من تساؤلات بكلمة واحدة نطقتها بصعوبة :"لَ.. لماذا ؟!"

للحظات لم يأتها جواب ، ظلت أعينهم مثبتة على الأرض ، و مع كل ثانية تمر تزداد يقينا أنهما لم يعودا كما كانا في السابق.
لم تعد ترى الجبن و المهانة في وجهيهما ، لقد أصبحا أكثر هدوءا و ثقة !

ربت أوربان على كتف شوانير مشجعا فرفع الأخير عينيه إليها وقد وجد كلماته أخيراً : "أنا .. رددت لك معروفك !"

لسبب ما كان يتجنب النظر إلى عينيها .. كان وجهه محمرا و قد لاحظت في صوته حين تكلم بؤساً و أسى عميقين .
ضاقت عيناها و هي تثبتهما عليه باستنكار : "رددت معروفي ؟! ما الذي تتحدث عنه ؟!"


◀ قبل دقائق في صالة الاحتفالات بعد أن غادرتها لونا و تركت أؤلئك الرجال فريسة للخوف و الندم ، رفع دانتون وجهه الذي جفت منه الدماء إلى السقف حيث يأتي صوت القائد وقال : "سيدي القائد ماذا نفعل ؟!"

كان صوته مزعزعا من الرعب و عيناه تجوبان ما حوله في قلق شديد و لم يكن الآخرون أفضل حالا منه.

رد القائد الأعلى بصوته البارد الهادئ : "كما قالت هي .. هذه هي النهاية ، لا شيء يمكن فعله !"

تبادل الرجال نظرات الهلع و هتف دانتون فزعا : "ماذا ؟! كيف يمكن ذلك ؟!"

صاح بالينغر : "لكن أيها القائد لا شك أنك تستطيع مساعدتنا إن أردت ذلك ، فلا شيء يصعب عليك !"

أطلق القائد عبر مكبر الصوت ضحكة عالية تفيض سخرية ثم أردف : "قلت أنها النهاية ولكن نهاية تلك الطفلة و ليس نهايتنا !"

تنهد الرجال في راحة و اطمئنان و قال بالينغر مستفسرا : "ولكن كيف يا سيدي ؟!"

رد القائد بهدوء : "ليدر ! ليدر سيكون في انتظارها !"

اندهش شوانيير : "ألم يمت ؟!"

"لا ، إنه مقاتل شرس لا يرحم وهو مستعد للتضحية بكل ما يملك ليقتل الفتاة المتعجرفة التي أهانته و جعلت منه أضحوكة أمام أتباعها"

" بالحديث عن أتباعها .. إنهن يحاصرون القصر !"

" أنتم أربعة عشر رجلا معظمكم مسلحون و هم لا يستطيعون فعل شيء دون تلك الفتاة ، و حالما تموت سيتفرق جمعهم و ينهار تنظيمهم و لن يكون من الصعب عليكم مواجهتهم ، أم أنكم تفضلون الجلوس مستسلمين وانتظارهم حتى يقتلوكم واحدا تلو الآخر ؟!"

هتف بالينغر : "بالطبع لا ، لن نستسلم أبداً لطفلة الآيون و أتباعها الصغار !"

أيده الآخرون بحماس فعاد القائد يقول : "حسنا إذن هذا جيد "< ثم نادى بصوت عال : "شوانيير !"

أجاب شوانيير بتفاجؤ : "نعم.. سيدي "

" الحق بتلك الفتاة و تأكد من موتها ، أنا لا أشكك بمهارة ليدر و قوته لكن لا يمكننا الجزم بالنتيجة ، لذلك اصعد للطابق الثالث و انظر ماذا يحدث هناك ، و في حال تمكنت الفتاة من ليدر فعليك أنت أن تنجز مهمته و تقتلها ، هل هذا واضح ؟!"

رد شوانيير بارتباك وقد أصابه الذهول : "نـ..نعم ، ولكن يا سيدي لا أحسبني قادرا على مواجهة كوبرا بمفردي فهي قوية للغاية لذلك هل.."

قاطعه القائد بصوته البارد : "حسنا فليذهب أحدكم معه !"

جال شوانيير بعينيه القلقتين بين وجوه زملائه الشاحبة من الخوف باحثا عمن يتطوع لمرافقته ، و قبل أن تبلغ نظراته أوربان هتف الأخير بتوتر : "أنا .. سآتي معك يا شوانيير !"

فوجئ شوانيير و سائر من في القاعة ، فأوربان كان آخر من يتوقع بسبب شخصيته الضعيفة الخنوعة و جبنه الشديد ، غير أن شوانيير لم يستطع الاحتجاج على قدومه معه فهو في حاجة لأي شخص بجانبه ، فعلى الأقل قد يمنحه وجود رجل آخر في مواجهة كوبرا الوقت الكافي للهروب حين يستشعر الهزيمة أمامها !

و رغبة منه في عدم إضاعة أي وقت انطلق شوانيير مسرعا إلى الباب فتبعه أوربان و عبر الاثنان من خلاله إلى الممر.
أخرج شوانيير مسدسه ليتفحصه و يتأكد من عمله وفي الوقت نفسه سأل رفيقه : "مسدسك معك أليس كذلك ؟!"

أجاب أوربان وهو يتحسس القسم الأيسر من سترته : "نعم.."

"جيد يجب أن ننجح في هذه المهمة بأية وسيلة !"


كان يتحدث بحزم يعيبه بعض القلق فالتفت نحو أوربان منتظرا منه التشجيع ففاجأه الأخير بقوله : "كيف حال ابنتك يا شوانيير ؟!"

توقف عن المسير و التفت إليه بتقطبية حادة على جبينه وقال بحدة : "جانيت ؟! ما شأنك بها ؟!"

هز أوربان كتفيه و قابلت عيناه الصغيرتان عينا شوانيير الثاقبتين في هدوء : "لا شيء ، لكنني سمعت أنها تضررت كثيرا في تلك التفجيرات"

قال شوانيير على عجل : "إنها سالمة و لم تصب بأية جروح !"

ثم أدار رأسه للأمام و استأنف سيره فيما ارتسم العبوس والصرامة على وجه أوربان و هو يكمل الخبر عن رفيقه : "لكن منزلها احترق و زوجها مات و أطفالها في حالة حرجة !"

توقف شوانيير للمرة الثانية و استدار نحوه بحنق : "هل يمكنك أن تخبرني ما علاقة كل ذلك بما نحن مقدمون عليه ؟!"

كانت النبرة العدائية جلية في سؤاله الأخير ، أخذ أوربان يتفحص الرجل الطويل الهزيل أمامه بنظرة غريبة يختلط فيها الازدراء و الشفقة ثم رد عليه بهدوء شديد : "ليس هناك علاقة سوى أن الشخص الذي تسعى لقتله هو من أنقذ حياة حفيديك الصغيرين يا شوانيير !!"


تقدم المعني منه بضع خطوات و هو لا يكاد يصدق ما يدخل أذنيه و قد أحكمت الصدمة العنيفة قبضتها على حنجرته مانعة إياه من إخراج صوته.
أما أوربان فأكمل بحزم تعتريه سخرية لاذعة و قد تلاشى عن محياه التوتر و البلادة و عدم الثقة التي لطالما سادت مواقفه و تصرفاته في كل وقت : "بينما يعمل والدها بإخلاص و تفان تحت إمرة الرجل الذي دمر حياتها يهب ألد أعدائه لينقذ ما تبقى منها ! شيء يثير السخرية أليس كذلك يا شوانيير ؟!"


نطق شوانيير بصعوبة و عيناه تكادان تقفزان من محجريهما : "ما .. الذي .."

لكن أوربان لم يسمح له باتمام جملته و دنا منه ثم قال بشراسة : "أخبرني يا شوانيير هل تكلمت مع ابنتك ؟! هل كلفت نفسك عناء السؤال عن حالها و حال طفليها أو التعرف على هوية الشخص الذي ساعدها ؟!"

رد بصوت متهدل متهالك كان يبدو فيه وكأنه تبادل الأدوار مع أوربان : "لقد حاولت .. حاولت الاتصال بها .. صباح اليوم ... لكن هاتفها مغلق طوال الوقت فاتصلت بالمشفى و عرفت منهم كل ما حصل و أن الشرطة .. أتت في اللحظة الأخيرة و أنقذت الطـ..فلين !"

"دعني أصحح لك معلوماتك إذن ! اثنان كانا يرتديان ملابس الشرطة هما من اقتحما المنزل المحترق قبل وصول رجال الإطفاء ، و هما من أخرج الطفلين من بين النيران أحدهما كان محققا فعلا ، لكن الآخر لم يكن ينتمي لأجهزة الشرطة أصلا ! كانت كوبرا ، لونا آيون يا شوانيير !! هل تعرف معنى ذلك ؟! هل تستطيع أن تتخيل رد فعل ابنتك حين تعرف أنك أنت والدها تعمل بل تقود جزءا من الجهة التي تسببت في تلك الكارثة ؟! و أن خصمك هو من مد لها يد العون بينما لم تكن أنت تدري بحالها ؟! قل لي ما الذي ستفعله حينها ؟! كيف ستبرر لها موقفك أو حتى كيف ستكون قادرا على مجرد النظر في عينيها بعدما حدث لها ؟!"


امتلأت عينا شوانيير بالدموع و صاح محاولا الاعتراض : "هذا لا يمكن ! تلك القتاة لن تفعل شيئاً كذلك أنت تكذب يا أوربان و سوف.."

قاطعه أوربان بصوت تجاوز ما لدى رفيقه في الحدة والغضب : "لست أكذب ! تستطيع سؤال ابنتك حين تراها و عندها ستعرف كم كنت أعمى يا شوانيير !"

واصل أوربان طريقه متقدما شوانيير الذي لم يستطع التغلب على حالة الذهول و الصدمة التي أصابته ، لكنه مع ذلك انطلق خلف أوربان بصورة تلقائية !
و بعد أن وصله مشى بمحاذاته و فتح فمه ليلقي بعض كلمات الاحتجاج و عدم التصديق لكن أوربان كان عازما على لومه أكثر فقال بلهجة تعنيف قاسية : "لقد آثرت حضور اجتماع القائد على العودة إلى باريس للوقوف إلى جانب ابنتك الوحيدة في محنتها ، و تتجرأ أن تدعو نفسك أبا بعد ذلك ؟!"


ظل شوانيير فاغرا فاه ولم ينبس بكلمة ، لكن أوربان كان يعرف السبب مسبقا فتكلم بقسوة و شدة : "لأن زوجها لم يكن أكثر من موظف صغير تافه لا قيمة له في نظرك ، و كنت تعتبر موته شيئا رائعاً ، فهو لم يكن كفئا لابنتك و أنت لم تكن موافقا على زواجها من ذلك الرجل على أية حال أليس كذلك ؟! أليس هذا هو سبب عدم تأثرك بما حصل ؟!"


أطرق شوانيير رأسه و تباطأت خطواته حتى توقفت تماماً .. توقف أوربان بدوره واستدار نحو شريكه متجهما يترقب الكلمات التي يريد سماعها منه بعد ذلك الحديث .. غير أن شوانيير رفع رأسه مرة أخرى وفي عينيه تلوح مئات التساؤلات و علامات الاستفهام ، و ما إن تلاقت عيونهما حتى تحدث بسخرية واضحة : "لم أكن أعرف أنك رحيم حي الضمير هكذا يا أوربان لتحاسبني على أخطائي و تنظر إلي بتعال و ازدراء كقديس خال من الذنوب و الخطايا !"

كان قد بدأ يستعيد عجرفته و شخصيته المسيطرة و لم يتريث في مهاجمة أوربان بذات الأسلوب المحتقر الذي حادثه به ، عل ذلك يخفف شيئا من النار التي أشعلها رفيقه و أثار لهيبها في قلبه !

أخفض أوربان رأسه قليلاً و على شفتيه تتشكل ابتسامة صغيرة غامضة : "أنا لم أكن كذلك كما تعرف ، و لكني .. كيف أعبر عن ذلك ؟! حسنا لقد بدأت أصحو .. أصحو من غفلتي يا صديقي هذا هو الأمر !"

عقد شوانيير حاجبيه و تجهم وجهه و قال دون أن تختفي نبرة التهكم في صوته : "و متى بدأت صحوتك ؟! اليوم ؟!"

"بل منذ أكثر من ثلاث سنوات .. حين مات آخر ابن لي و هجرتني زوجتي"

رفع عينيه الحزينتين إلى شوانيير ليجده يحدق فيه باستغراب شديد فقال بأسى مواصلا كلامه : "ربما لا تدري لكني رزقت بثلاثة أبناء ، لم يكن أي منهم يتم الثالثة من عمره حتى يموت ! قال لي الطبيب أني أعاني من علة غريبة تتسبب في ضعف النسل ، و أن واحدا فقط من كل عشرة أطفال من صلبي يمكن أن يعيش ! و لذلك و بعد موت الطفل الثالث لم تعد زوجتي قادرة على الاحتمال أكثر فتركتني و تزوجت برجل آخر .. و غدوت أنا رجلاً وحيداً بائساً . لم أجرؤ على الزواج مجددا ، فلم أرد أن أرى ابنا آخر لي يموت أمام عيني . كنت أحلم بالأبناء و كنت مستعدا لفعل أي شيء و دفع أي مبلغ من المال و لو بلغ كل ثروتي لأحصل على طفل واحد لكن ذلك لم يكن ممكناً بأي حال .. كنت يائسا تماما حتى أني في وقت ما تمنيت لو أن المتسبب في موت أطفالي كان شخصا آخر ، أردت إلقاء اللوم على أحد غيري و صب جام غضبي و عذابي - الذي كنت أقاسيه وحدي كل يوم - فيه ... حينئذ خطرت على بالي صورة .. صورة لطفلة كانت الأكثر دلالا و سعادة في فرنسا و قد أضحت يتيمة و وحيدة في هذه الدنيا القاسية .. و كنت أنا أحد المتسببين في مأساتها .. كانت هذه الفكرة تطعن قلبي بقسوة كلما مرت علي .. لقد حرمت الطفلة من أبويها و كل من تحب و حفرت في ذاكرتها مأساة فظيعة لا يمكن محوها و ها أنا ذا أعاقب على فعلتي بأن أراقب أطفالي يموتون واحدا بعد الآخر أمام ناظري دون أن يسعني فعل شيء غير البكاء والتحسر .. كان ذلك العقاب مؤلما جدا ، لكنه عادل تماما ! و في الوقت الذي قبلت فيه هذه الحقيقة أفقت من غفلتي الطويلة ، و شعرت بألم ثقيل يقبض على صدري بقوة .. لأتعرف للمرة الأولى في حياتي على نداء ضميري المعذب ! و لكن يا للأسف كان الوقت متأخراً للغاية ، فما الذي بوسعي فعله الآن ؟! لقد مات أهل الطفلة كلهم بالفعل ، و خضعت ثروتها بكاملها لسيطرة المنظمة ! كانت عقدة الذنب تستولي علي تماماً و تحرمني من كل حياتي حتى النوم ! كنت أعي تماماً أن الحل الوحيد لإنهاء هذا العذاب هو أن أفصح للطفلة عن كل شيء و أطلب منها الغفران و المسامحة لكني رفضت هذه الفكرة لأن الطفلة - كما كنا نظن جميعنا - فاقدة للذاكرة و كانت تبدو سعيدة و راضية بحياتها الهادئة ، لذلك لم يطاوعني قلبي على إطلاعها على الحقيقة الرهيبة التي أخفيت عنها أكثر من عشر سنين !"


توقف أوربان و قد أرهق ما ذكره ذهنه و لسانه و كان شوانيير يصغي إليه بصبر وقد استغل صمته ليسأل بشك : "أهذا كان السبب الحقيقي لاعتراضك الشديد على قتلها حينما أرسل لنا القائد أمرا بذلك ؟!"

تنهد أوربان بأسى : "لم يكن في استطاعتي طلب الصفح منها وهي لا تعرف شيئاً عن الأمر ، لذلك كان كل ما يمكنني فعله لأجلها هو أن أجعلها تعيش .."

أكمل شوانيير عنه بتجهم : "مدعيا أن موتها سيكون وبالا علينا و سيكبدنا الكثير من الخسائر المالية !"

قال أوربان بحزم : "نعم كان علي قول ذلك فأنا أدرك أكثر من أي شخص آخر مدى أهمية المال بالنسبة لكم و للمنظمة أما المشاعر والعواطف الإنسانية فلا مكان و لا اعتبار لها لديكم"

قال شوانيير : "لكنك - رغم كل حججك المقنعة - فشلت تماما في إقناع القائد بالعدول عن قراره ، خاصة أن دافعه لقتلها هو شكه الذي قارب اليقين بأن تكون ابنة الآيون زعيمة العقارب أو حتى واحدة منهم ، فكل ضحاياهم كانوا إما متورطين - بشكل مباشر أم غير مباشر - في حادثة اغتيال الآيون أو متحالفين مع مرتكبيها !"


زمجر أوربان : "أكاد أقسم أن ذلك لم يكن دافعه لقتلها ! إنه وحش بلا قلب يقتل لأجل القتل فقط و لا يبحث عن أسباب لاقتراف جرائمه !"

حدق فيه شوانيير رافعا حاجبيه بدهشة : "هل تنقلب على القائد يا أوربان ؟!"

تصاعد الدم إلى وجه اوربان البدين ، أراد أن يصرخ لكنه سيطر على أعصابه بصعوبة و تكلم بنبرة جاهد أن تكون هادئة : "أما زلت تدعوه بالقائد بعد كل ذلك ؟!"

أخفض شوانيير رأسه و قد بدا عليه الارتباك و الحيرة ، كان يتخبط في داخله لا يعرف ما يفعل وأين يتجه ..
أما أوربان فقد حسم أمره منذ زمن بعيد و ها هو الآن ينفذ ما كان يخطط للقيام به !

خطا للأمام بشجاعة و تابع كلامه : "أجل أنا أنقلب على من تسميه القائد بل في الواقع لقد انقلبت عليه منذ مدة طويلة !"

تراجع شوانيير للوراء في صدمة : "أوربان .. لا تقل لي أنك كنت متعاونا مع العقارب و كوبرا ضدنا !"
"صحيح ، لكني - لكي أكون دقيقاً - ساعدتهم دون أن يحسوا حتى هم بذلك !!"

حدجه رفيقه المذهول بنظرات استنكار : "كيف ذلك ؟! و لماذا ؟!"

ابتسم أوربان قليلاً : "منذ أول مرة وقعت عيناي فيها على كوبرا علمت - و رغم كل تأكيدات الساحر رانكورت على صدقها و استحقاقها للثقة - أنها قادمة لتدميرنا ! غير أني لم أكن لأفكر دقيقة واحدة أن تكون هي نفسها لونا آيون ! ساعدتها و أدخلتها للمنظمة و عرفتها على كل أسرارنا ، عملائنا و شركائنا دون أن أطلعها أو حتى ألمح لها أني أعطيها كافة المعلومات و الصلاحيات عن قصد و إدراك تام لنواياها الخفية ! أتدري لم ؟! لأني أردت أن أعاقب معكم ! أدركت أن السبيل الوحيد للتخلص من تعذيب الضمير هو تلقي العقوبة على خطيئتي !"

سار نحو شريكه ثم توقف إلى جواره و أدار رأسه نحوه : "هل ستظل واقفا هنا ؟! تحرك هناك عمل علينا القيام به !"

تحركت عينا شوانيير الحائرتين نحوه ببطء : "ما الذي ... سنفعله ؟!"

ربت أوربان على كتف رفيقه ثم وجه وجهه للأمام و قال بتصميم : "الشيء الوحيد الصحيح في حياتنا يا صديقي !"


ثم انطلق مكملا مسيره بجرأة و إقدام مميزين . وقف شوانيير يشاهده وهو يبتعد ... لم يشعر بهكذا حيرة و ضياع في كل سنين حياته .. ماذا يفعل ؟! هل يلحق بأوربان و يصبح عدوا للقائد و المنظمة أم يعود ليبلغ القائد و بقية رفاقه بخيانة أوربان ؟! ما هو التصرف الصحيح ؟! لو وقف في وجه القائد - و هو الرجل القاسي عديم الرحمة - فلن يكون وحده في خطر بل كل عائلته .. مهلا .. لكن القائد بالفعل قد استهدف عائلته وإن كان بشكل غير مباشر .. في الوقت الذي كان شوانيير ما يزال تابعا مخلصاً له !
ارتسمت في خياله صورة ابنته الوحيدة جانيت و هي تجثو على ركبتيها في مقبرة موحشة و تجهش بالبكاء .. ابنته التي طردها من قصره و حرمها من الميراث بعد أن أصرت على الزواج برجل فقير راتب حارس واحد في قصر شوانيير ثلاثة أضعاف ما يتقاضاه ذلك الرجل البائس ! كان شوانيير يمقته من أعماق قلبه و يتمنى لو يستطيع قتله ، لكنه لو فعل ذلك ستعرف ابنته على الفور و هو لا يريد لها أن تكرهه ، كان يأمل أن عقابه القاسي لها و حياة الفقر التي ستعانيها سيدفعانها يوما ما لترك ذلك الرجل و الرجوع إلى قصر أبيها نادمة تطلب عفوه و رضاه ... لكن هذا اليوم لم يأت .. بل كلما سأل عن حال ابنته وجدها غاية في السعادة و السرور و قانعة تماماً بالحياة البسيطة التي تعيشها مع زوجها الفقير !
اليوم ... تحققت أمنيته و مات زوج ابنته .. لكنه لم يكن سعيداً كما تصور نفسه أن يكون .. جانيت على قيد الحياة و لم تصب بخدش .. لكن قلبها قد تمزق لمئات الاشلاء و روحها توشك أن تفارقها و تتركها تهيم تائهة في هذه الدنيا لا هي حية و لا ميتة !

شد على قبضته و قد غلبته إحدى دموعه و جرت على خده الغائر .. لقد أعماه الطمع و الشجع و أوصد الحقد و القسوة عقله عن التفكير فترة طويلة من الزمن ... لكنه الآن يبصر طريقه .. طريق الصواب الذي كان يحجب ظلام قلبه رؤيته ... طريق وعر يحفه الموت من كل جانب .. لكنه سيسير فيه مهما كانت النتيجة و العواقب فهذه هي فرصته الأخيرة للاختيار و لن يسمح لأي شيء في العالم أن يوقفه !

حرر ساقيه من جمود الخوف و التردد و انطلق راكضا خلف أوربان . وجد رفيقه يرفع قدمه على الدرج المؤدي للطابق الثالث حينما سمعوا صوتا لارتطام جسما ما فوقهم !
التفت أوربان نحو رفيقه و أمارات القلق تلوح على وجهه .. و أخرج كل منهما مسدسه و بخطوات صامتة حذرة أخذا يرتقيان الدرج ... كان قلق أوربان و خوفه في تزايد مستمر .. هل فات الأوان يا ترى ؟!

لم يتأخر الجواب كثيراً فقد صعدا السلالم خلال لحظات ثم توقفا أعلاها ليشاهدا ما كان يحصل ..
كان ليدر يقف موليا ظهره لهم و على الأرض أمامه كوبرا في حالة مزرية .. الدماء تسيل من ذراعها و فمها و أنفاسها توشك أن تنقطع .

سمعا ليدر وهو يكلمها بتهكم و شماتة : ما الأمر ؟! ألن تتوسلي لحياتك ؟!
ثم إجابة كوبرا القوية الصامدة : خسئت !

في تلك اللحظة أحس أوربان بالخطر و ضرورة تدخله فرفع مسدسه و صوبه نحو ليدر .. لكن قبل أن يضغط إصبعه على الزناد أمسك شوانيير بذراعه و نظر إليه نظرة حازمة أدرك أوربان مغزاها فأخفض سلاحه و تراجع قليلاً .. تاركا هذه المهمة لرفيقه الذي نفذها بشجاعة و براعة ▶


توتر شوانيير و ضاعت كلماته في حلقه فتقدم أوربان و أجاب عن رفيقه باقتضاب : "الطفلان اللذان أنقذتهما ليلة أمس .. كانا في الحقيقة حفيدا شوانيير من ابنته الوحيدة جانيت !"

اتسعت عيناها المنهكتان و هي توزع نظراتها المتفاجئة بينهما و كان شوانيير يدير وجهه للجهة الأخرى خجلا من النظر إليها ، لكن بعد سماعه كلام أوربان التفت بحدة إليه ثم إلى كوبرا و قال ببعض الدهشة : "ألم تكوني تعرفين ؟!"

قالت كوبرا باستنكار : "أعرف ؟! بالطبع لا !"

"هل أنت نادمة إذن بعد أن علمتي ؟!"

أجفلها هذا السؤال لوهلة .. و لاح شيء من التردد في عينيها ، لكنه اختفى بالسرعة التي ظهر فيها ، قالت بقوة : "قد أندم إن آذيت أحدا ، لكني لا أندم أبداً على أية مساعدة أقدمها حتى لو كان من أقدمها له ابن عدو لي ! بالإضافة إلى هذا .."

وضعت يدها على الجدار و إتكأت عليه لترفع بصعوبة جسدها من الأرض و حتى حين تمكنت من الوقوف على قدميها ظلت متمسكة به خشية السقوط ..
"إن ابنتك و أحفادك لا علاقة لهم بالجرائم التي ارتكبتها أنت ، و أنا لحسن الحظ لم أنحط بعد لمستواكم كي أوذي أشخاصاً أبرياء و أحاسبهم على خطايا غيرهم !"

غلفت كلماتها بعدوانية شديدة و هي ترمي كل منهما بنظرة شرسة ، فما كان رد الرجلين إلا أن يحنيا رأسيهما بصمت و أسى ..

"و ما فعلته لم يكن من أجلك فلا أريد منك شكرا و لا امتنانا !"

تبادل شوانيير و شريكة النظرات الصامتة ثم تكلم الأول عابسا : "النتيجة واحدة بغض النظر عن نيتك ، فأحفادي أحياء الآن بفضلك و لا يسعني إلا شكرك على هذا !"

قالت بقسوة و هي تتفحصه بنظراتها المحتقرة : "حقا ؟! لم أكن أعلم أنك تحب أحفادك و ابنتك إلى هذا الحد و أنت حتى لم تتعب نفسك بالذهاب إليهم و الوقوف إلى جانبهم بعد المصيبة التي حلت بهم ، بل بدلا من ذلك انطلقت كالكلب الأخرق لتلبي نداء قائدك الجبان !"

أخفض شوانيير رأسه بحزن و قد عجز عن الرد .. أما أوربان فتنهد بعمق ثم تحدث بهدوء : "نعم لقد أخطأ هو و كذلك أنا ، نحن نقر بأننا كنا أوغادا و حمقى و لكننا الآن قد صحونا يا .. آنسة آيون !"

حدقت فيه باستهجان : "صحوتم ؟!"

"أجل لقد صحونا من أوهامنا و معتقداتنا الزائفة و استعدنا رشدنا الذي فقدناه زمنا طويلا .. و نحن نقف أمامك الآن ... لنطلب منك الصفح و الغفران آنسة آيون !"

تركت يدها الحائط و قد أفلحت في الوقوف على قدميها وحدها .. و خطت نحو الرجلين بضع خطوات و هي لا تزيح عينيها المدهوشتين عنهما كأنها لا تصدق وجودهما أمامها في موقف كهذا !
لم تكن تلك دهشة صافية بل مزيجا من المشاعر المتضاربة كان الغضب أقواها و أكثرها استبدادا

"تطلبان ماذا ؟!"

في ثوان تبدل حالها و انقلب الجو الذي يحيطها بشكل لا يصدق .. أخذت تدور حولهما و نظراتها تخترق جسديهما كوابل من الإبر و قد جعلها ذلك الحقد و الشراسة في عينيها أقرب ما تكون لحية فتاكة تتقنص اللحظة المناسبة للهجوم على فريستها !
خرست أصواتهما تماماً و لم يجرؤ أي منهما على رفع عينيه إليها ..

"أعد ما قلته يا أوربان فأنا لم أستوعب جيدا ما سمعته !"

نظر أوربان إليها بهدوء ثم أجاب بحذر : "نرجو منك أن تغفري لنا ، نحن .."

قاطعته بحدة و حنق أرغمه على الصمت : "أغفر لكم ؟! أغفر لكم ماذا ؟! أي جريمة بالتحديد تطلبون مسامحتكم عليها ؟! على قتلكم أسرتي بتلك الوحشية و القسوة ؟! أم نهبكم لثروتي و تبديدها على تمويل مخططاتكم الإجرامية ؟! أم على الحياة .. الحياة التي حرمتموني منها و أحلامي البهيجة التي سحقتموها بأقدامكم ؟! <علا صوتها أكثر و ارتفعت رنة الكراهية فيه> لم لا تجيبا ؟! هل أصابكما البكم ؟!"


هذه المرة تكلم شوانيير : "نحن ندرك عظم ما اقترفته أيدينا و سولت لنا أنفسنا فعله ، لكننا .. لا نجد ما نقوله غير الاعتذار و سؤال المغفرة !"

"الاعتذار ؟!"

هدأ صوتها بصورة مفاجئة و سقط الغضب عن محياها ليحل مكانه حزن و ألم عميقين ..

"هل تظن أن بضع كلمات منمقة ستصنع فارقا ؟! هل ستعيد من مات إلى الحياة ؟! هل قولك "آسف" سيعوضني عن كل ما فقدته بسببكم و يمحو كل الآلام التي حفرتها سنين من المعاناة في قلبي ؟!"

رفع أوربان رأسه و الدموع تتلألأ في عينيه : "هل هناك ما يمكننا فعله غير ذلك ؟! إن وجد فقولي و نحن سنقوم به مهما يكن !"

كان في صوته الجاد نبرة ملحة و لم يكن سؤاله مستنكرا بل مستفسرا يلتمس إجابة شافية ..
غير أن كوبرا أجابت مبتسمة بتحسر لا يمكن وصفه : "لا .. لا يوجد ، لقد انتهى الأمر .. انتهى كل شيء ولم يتبق ما يمكن فعله"

نظر شوانيير إلى أوربان بيأس ، لكن الأخير لم يبادله هذه النظرة فما زال في جعبته عرض أخير ربما يكون ناجحاً .

توجه نحو كوبرا ثم مد إليها يده .. يده التي تمسك بالمسدس من مقدمته !
"النفس بالنفس أليس كذلك ؟!"

كان يتحدث بابتسامة راضية بينما يحدق فيه كوبرا و شوانيير باندهاش !

"لقد أتعبني تعذيب الضمير و تجاوز حد الاحتمال لذا لو كان موتي سيجعلك تغفرين لي فسأكون سعيدا به كل السعادة !"

أخذت المسدس من يده بحذر .. و باشرت بفحص كل بوصة منه بدقة شديدة ، فهي لم تنس بعد أن الرجل الواقف أمامها هو عدو لها و ربما كان كل ما قاله و قام به هو و رفيقه ليس أكثر من تمثيلية بارعة.
لم يعر أوربان بالا لنظرة الشك التي ترميه بها بل أكمل قائلا : "لكن هل يمكنني أن أطلب منك شيئا قبل ذلك ؟!"

بدا التوجس في عينيها و صوتها وهي تقول : "ماذا ؟!"

ألقى على شريكه نظر سريعة ثم قال : "أريدك .. أن تصفحي عن حياة شوانيير !"

ارتفع حاجباها و لاح الذهول على وجهها و لكن تفاجؤها لم يكن بقدر شوانيير الذي قال مصدوما : "أو .. أوربان !!"

"لقد خسرت جانيت زوجها و قد يلحق به طفلاها أيضا ً.. ربما لا يكون شوانيير أبا مثاليا كوالدك لكنه يظل أبا ، و ابنته لا تملك في الدنيا سواه ! أحسبك أكثر من عانى ألم الوحدة و مرارتها و لا أظن أن حفيدة جوزيف آيون يمكن أن ترضى بأذية إنسان بريء و تحطيم قلبه بحرمانه من شخص مهم في حياته ! إن ابنته تحتاجه بشدة يا آنسة !"

لم تفارق الدهشة شوانيير ، لكن طغى عليها شعور بالألم و تأنيب الذات فاض من داخله حتى غطى وجهه النحيل الشاحب ..
أما كوبرا فإذا كانت تفاجأت فإن ذلك لم يظهر عليها . قالت ساخرة : "هل تؤثر حياة شريكك على حياتك من أجل ذلك ؟! لم أكن أعرف هذا النبل و الشهامة فيك يا أوربان !"

ابتسم ابتسامة واسعة و بدا ودودا بشكل لم يعهد منه : "لم أكن في حياتي نبيلا ، بل كنت في الحقيقة أبعد الرجال عن هذه الصفة ، كنت خنزيرا طماعا و أنانيا لا يشغل بالي سوى زيادة أموالي و بناء قصور لي في كل مكان .. لكني اليوم أجرب أن أكون إنسانا .. إنسانا حقيقيا قلبا و روحا ! لا يوجد في الدنيا شيء أثمن من ذلك أو شعور يضاهي هذا الشعور !"

رفعت المسدس و ألصقت فوهته بجبهته و هي ترمقه ببرود ..

"نعم ، الإنسانية صفة نادرة إلى أقصى الحدود و ندرتها جعلتها باهظة الثمن جدا و لكي تحافظ عليها .. عليك أن توليها كل الأولوية و تجعلها فوق كل شيء .. حتى حياتك !"

اتسعت ابتسامته الهادئة الراضية : "بلا شك"

حينها صاح شوانيير محاولا التدخل : "لا ، توقفي !"

لكن أوربان نهره بحدة : "لا تتدخل يا شوانيير و تذكر ابنتك !"

تجمد شوانيير في مكانه مكرها فيما تضغط أصابع كوبرا على المسدس وهي تقول بقسوة شديدة : "وداعاً !"


أغمض أوربان عينيه دون أن تختفي ابتسامته .. و تلاشت الآلام فجأة ! ألم ضميره .. و الألم البسيط الذي أحدثه ضغط فوهة المسدس على جبينه !!

"اذهب !"

فتح أوربان عينيه على صوتها الآمر ..
"لماذا تراجعتي في آخر لحظة ؟!"

قالت بهدوء وهي تعيد إليه مسدسه : "لم أتراجع عن شيء ، فأنا لم أنو قتلك من البداية ، لكن كانت لدي بعض الشكوك ، فأردت أن أختبرك لأقطع الشك باليقين ! و قد عرفت أنك صادق في كلامك لأنك لو كنت كاذبا فكل كذبك و تمثيلك مهما كان متقنا سينهار أمام رهبة الموت و رغبتك في الحياة !"

سأل أوربان بلهفة : "هل .. هل هذا يعني أنك عفوت عنا ؟!"


تركته بلا إجابة منها و جثت على الأرض لتمسك شيئا أسودا صغير الحجم نفضت عنه الغبار جيداً ثم وضعته في أذنها .. كان جهاز إتصال بينها وبين أتباعها وقد وقع منها حينما أصابتها رصاصة ليدر .. كبست زرا ما فيه ثم تحدثت : "أيها التوأم آغويلارد هل تسمعانني ؟! أنا بخير ، أنصتا إلي هناك رجلان من قادة المنظمة أريدكما ان تسمحا لهما بالخروج من القصر .."

دمعت عينا أوربان و نظر إلى شوانيير مبتسما برقة : "إنها ملاك !"

هز شوانيير رأسه موافقا و هو يصارع دموعه كيلا تخونه و تسقط على وجنتيه ..

"إنهما شوانيير و .. "

قطع استرسال كلامها صوت رصاص مدو !!

"ما الذي يحدث أيها التوأم ؟!"

نظر أوربان و شوانيير إلى بعضهما برعب ثم اقترب الأول منها ليسأل : "ما الذي حصل ؟!"

"امنعوهم من الصعود حتى لو كان عليكم أن تقتلوهم جميعاً !"

كانت تحادث أتباعها وحينما فرغت من ذلك ضغطت الزر مجددا ثم التفت نحو الرجلين لتقول : "رفاقكم يحاولون الصعود إلى هنا ، أتعرفان لم ؟!"

تبادل الاثنان النظرات القلقة ثم تكلم شوانيير : "لا بد أنهم قادمون من أجلك !"

"من أجلي ؟!"

"نعم ... في الحقيقة لقد أرسلنا القائد أنا و أوربان .. لقتلك في حال عجز ليدر عن ذلك !"

أضاف أوربان مفكرا : "ربما ظنوا أننا فشلنا كذلك بسبب تأخرنا في العودة !"

هزت كوبرا رأسها : "هذا ما يبدو .."

ابتعدت عنهما متجهة نحو نافذة في آخر الممر كان مسدسها يقبع تحتها .. انحنت لتلتقطه بيدها السليمة ثم اعتدلت .. جالت عيناها أرجاء المكان ثم قالت و هي تعود إليهما : "مورفان ليس هنا !"

أيدها أوربان : "نعم .. لقد كان الاجتماع مجرد خدعة لاستدراجك إلى هذا المكان !"

قالت ببعض الخيبة : "و قد انطلت علي تلك الخدعة الرخيصة للأسف !"

تخطتهما سريعا لتهبط السلالم .. فهتف شوانيير باستنكار : "إلى أين أنت ذاهبة ؟!"

"يجب أن أذهب لتأديب رفاقكم !"

صاح أوربان : "هم لم يعودوا رفاقنا ثم كيف بحق الله تذهبين وأنت مصابة هكذا ؟! ستسقطين مغشيا عليك قبل أن تبلغي درج الطابق الأول !"

نظرت إلى إصابتها باستخفاف : "لا تضخم الأمر إنه جرح صغير فقط !"

رغم أنها قالت ذلك بثقة كاملة إلا أنها بالكاد تحرك إصبعا واحدا من ذراعها المصابة التي أضحت مخدرة و مشلولة تقريبا.

في ذلك الحين ازداد صوت الرصاص علوا و كثافة !
فقال شوانيير : "يبدو أنهم يشتبكون مع أتباعك في الطابق الأول !"

"نعم و هذا ما يزيد ضرورة عودتي إليهم !"

"ما الذي تقولينه ؟!"

"أنا من أحضرهم إلى هنا و لا يمكنني أن أتركهم يواجهون أؤلئك الأوغاد وحدهم ! وإن لم أشارك معهم فعلى الأقل أكون قريبة منهم لتوجيههم !"

التفت شوانيير إلى أوربان فهز الأخير رأسه مؤيدا الفكرة التي فطن إليها من نظرات عينيه ، فقال شوانيير : "سنذهب معك !"

كانت تنزل الدرج حينما قال شوانيير كلماته فاستدارت نحوه

"ماذا ؟!"

"كما سمعت ، نحن سنأتي معك و لا تناقشينا في ذلك !"

"قد تموتان !"

"لا بأس ، لم يعد الموت يخيفنا كما في السابق"

سكتت كوبرا حين لم تجد جدوى من مواصلة الاعتراض .. و عم صمت مفاجئ القصر بكامله !

قال أوربان وهو يهبط الدرج مع شوانيير : "لقد هدأ المكان تماما و لم نعد نسمع صوت إطلاق النار !"

قال شوانيير بشك : "يبدو أن أتباعك قد تمكنوا منهم !"

لم تجب كوبرا .. و بدلا من ذلك واصلت نزولها بحذر أكبر .. و تبعها الرجلان بطريقة مماثلة.

و ما إن لامست قدماها أرض الطابق الثاني حتى لمحت لثانية ظلا أسود تحرك بسرعة نحو الرواق الأيمن الذي يفضي لسلالم الطابق الأول !

توقفت مكانها و أمعنت النظر في ذلك المكان ... أيا كان ذلك الذي رأته فهو بالتأكيد ليس من أتباعها و إلا لماذا يختبأ هكذا ؟!

"ارمي مسدسك و ارفعي يديك !"

أجفلها هذا الأمر الحاد الذي تسوده نبرة تهديد عنيفة ! و لكن ما أثار ذهولها و اندهاشها هو أن الصوت لم يأت من الإتجاه الذي رأت منه ذلك الظل .. بل كان قادما من خلفها !!

ألقت مسدسها ثم استدارت للوراء .. لتشاهده و هو يقف في منتصف الدرج و يوجه مسدسه نحوها و على وجهه تكشيرة كريهة توح بانتصاره !
صاح أوربان بنشوة فتردد صوته الفرح في الطابق كله : "لقد قبضنا على ابنة الآيون يا رفاق !!"

تقدم شوانيير إلى جوار رفيقه و هو يبتسم ابتسامته المغرورة المتبجحة .. و في الأسفل خرج خمسة رجال من مخابئهم و تجمعوا بأسلحتهم حول الفتاة العزلاء الوحيدة !!











رد مع اقتباس
  #205  
قديم 08-01-2016, 09:02 PM
 


مرحبا أعزائي

بما أني بدأت رواية جديدة تحتاج اهتماما و تركيزا و تفرغا شبه كامل قررت أن أزيد مرات النشر لروايتي الحالية هنا و ذلك كي أنهيها بأسرع وقت ممكن !

سيصبح النشر يوميا إن شاء الله ما لم يكن لديكم اعتراض أو تواجهني ظروف تعيق ذلك


ودي




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:55 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011