عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #241  
قديم 08-10-2016, 05:53 PM
 
مرحبا عزيزتي ماي ...
كيف حالك؟
تبهرينني دائما ببارتاتك المذهلة
اسفه على الرد المقتضب.....
في امان الله....
Mygrace likes this.
__________________
[IMG] العاب[/IMG][IMG]
رد مع اقتباس
  #242  
قديم 08-10-2016, 11:19 PM
 
مرحباً عزيزتي مايغريس
كيـــــــــف حالك 😊
البارت جمييييييييل جدا و مضحك في
بعض اللقطات مثل جزء المسرحية ههههههههه
كدت ان انفجر من الضحك حتى عائلتي
استغربوا من الضحك الكثير و انا اعبث
في هاتفي ههههه
و الآن ...... آلويس عندما أراه يفكر ويتكلم
أحس باني غبية أمامه هههه
تعجبني كثيرا العلاقة بين إدمون و لونا علاقة
أبوية رائعة و إدمون ذلك الشخص مرح جدا مهما
الصعاب و المشاكل التي تحل بالعائلة ،
و بالتأكيد لن أنسى لونا المشاكسة تعجبني شخصيتها
و عدائتها و بالتأكيد محبتها لأبيها
و هناك الكثير من الشخصيات الرائعة كإيفا،ويليام،
سارة، جوزيف،،،،،،الخ
لكن انا مستغربة جدااااا من قلة المتابعين للرواية
مع ان الرواية لا تحمل الجوانب السلبية كثيرا او
لا توجد من الأصل !!!!! لكن مع ذلك استمري
في مشوارك انا واثقة تماماً بانك موهوبة
ثقي بنفسك و ستنجحين ان شاء
و فــــــي امـــــــــان الــــلّـــــه
😘😘😘🌹🌹🌹🌹
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
  #243  
قديم 08-11-2016, 01:14 AM
 
سلام عليكم

مرحبا غلا، كيف حالك؟

أه، البارتات كانت أكثر من حماس حتى الأفكار تزاحمت عندي..هههههه

خلنا نرتب الأفكار..

الجزء الرابع و الثلاثون

اود القول لهذا الزوج الصالح، يالك من وغد سافل!

يذكرني بالمثل.." يقتل القتيل و يمشي بجنازته"
فقد طبقه بمهارة، ياصبر آل أيون منه...

و منذ الآن تبدأ معاناة آلويس ، البعد عن الموطن و كنف العائلة... و لم يكن هو الضحية بل جميع العائلة سيطرت عليها التضحية في سبيل إنقاذه...

الخفاء... هو الألم هنا...!

لكن تلك العائلة كانت أهلا لتسعده و قد نجحت...

اخيرا بدأ الغز بالظهور...
شكل آلويس ، للأسف أخذ شكل أسوء البشر!

جيد انه لم يفكر بالإنتحار بعد معرفته بذلك..هذا إن علم...

للآن لا إشارة على معرفته بوالده المبجل مورفان..

سبقت الأحداث قليلا لنعد للوراء..

يا إلهي، طفولة وليام...
أردت القول كم هو لطيف لكن، هو كالكبار منذ وجد...ههههه

ربما لأن إدمون يعامله كرجل ..!

و بعد ذلك سيعامل فتاته لونا... رغم أنها لاتقل عن الرجال، فقد أصبحت كوبرا التي لا أنثوية في أولوياتها...

و المفاجأة، أن الزوج للإبنة يقتل..كانت حركة مدروسة حيث لا أحد يعلم ماوراء الستار..!

**************************

البارت الخامس و الثلاثون

تعرفين، لاحظت أن جوزيف مورث الفطنة لذريته..رغم أن إدمون حاد الذكاء أكثر منه، و الأحفاد داهية أكثر من إدمون.. خخخخخ

حسنا حكمتهم كانت في محلها فقاتل زوج ابنتهم على الظاهر لم قد يموت ... الأمر غير مطمئن بتلك الصفقات مع رجال غير جيدين..!

أحسنت جدا في وصف مشاعر الإناث و تعقل الرجال، وضع واقعي...

هذه التحريات التي أجراها إدمون حقا تفهم كيف له أبناء عباقرة...

لا اعرف لم اخرج من الموضوع دوما...فلاش باك...

أجواء العائلة دوما في إرتباك...

و عودة جوزف بهذا التوتر يزيده سوئا...

انا كقارئة فهمت أن هناك خطب و هو يأمل أن يخفى كل شيئ عن المحيطين به...!

هناك نقطة...لم سلالة الخير تبقى خير و الشر يبقى شر، أي لو لم يكن ابن ليليان لغلب عليه ورث أبيه مثلا!

جيد أن بيكارت خرج من القائمة بسلام...

لحظة، هل مورفان مخطط على كل هذا لموقف حصل له مع حوزف...غير معقول، هناك شيئ عميق المغزى لم أفهمه أم أن مورفان مجنون...!

***********************

البارت السادس و الثلاثون

تخيلت أن يصف الكونت سمات شر والده..حقا، لكنا في خبر كان...
الله يرحمنا برحمته...ههههه

يعيني دوم الولد دلوع أمه و دوم البنت محبوبة ابوها... اتقنت هذا الجانب أيضا...

اه، لونا عفريتة من أأولك. .هههه

أوه، جيد أن آلويس لحق على حاله و أثبت لهم أنه طيب...
كاواي،،كان ودي اشد خدوده من لطافته...

أول ظهور لعالم طفولة آلويس كان شيقا ، مباراة شطرن مع خاله ،هههههه....

و كما توقعت لم تمر بسلام في النهاية...

و خاصة مع تخطيط الكونت الشري...اقصد، مشاكس...عرفت لن يخفى على هذا الصعلوك شيئ!

و يا لردة فعل إدمون المناسبة...هع...

أكثر شيئ ممتع هو مواقف هذين المنافسين و يالها من بداية...

مثالية

*******************

البارت السابع و الثلاثون


تحليل ممتاز صغيري آلويس، في الهدف...


قرون الشيطان...ههههههههه

أنا أبحث في رؤوس آل أيون منذ زمن و لم أجد شيئا...

رد فاحم..لك إدمون. ...

و أحسنت في الرد الذي يليه، علامة العائلة..لسانها الذي لا يقبل السكوت دون هجوم...

يااااااه، ، هذا الشقي سلاح إحراج ولو لم يقصد ، أصبح خالة نكتة الموسم
..

أنصحك بالصبر ياخال
....
واو، يشعر الكونت بالإحراج!


شعرت بالأسى عليه، طفل يعاني مايستوعب رغم أن طفولته تطلب أما، أبا و دفئ عائلة و لاشيئ من هذا يحصل عليه...

أصبت بعقدة نفسية بدلا عنه...

هههههههه

إيفا تخلي عن عادة زيارة الأهل الطويلة و لن يفوتك شيئ....هع


و يا إلهي...

لقاء رائع..
إدمون..اسودت حياتي بموتك..كنت الثنائي المثالي مع آلويس...

لا أعرف، هل بقت العفريتة لونا لتشكل هذا الثنائي نيابة عنك...خخخخخخ

و كما يقول هو...

ممتع!

*************************

البارت الثامن و الثلاثون


ههههههه....يستغل براءة الأطفال هذا العفريت... و مع ذلك لم يسلم لسانها...

ماذا بك آلويس،إن لم يعجبك تعليقي اسمت...ههههه

تلك الصغيرة، تجاهلت والدهاللتكسر. أنف السولوك
بارت لطيف غلا..ههههههههه..

صدق جوزف عندما قال ان العائلة غريبة منذ ولادة ادمون...

هههههههه، هل استطيع ان استعير احد السنة ابن اختك ادمون ، أجزم أنك ستكون سعيدا...

واو، لونا تقرأ منذ الآن...عمري ، تقدم ماتحب لغيرها أيضا ، كم هي لطيفة... بكتلة الورق التي مدتها..

أبشرك إدمزن ،ها
هي ابنتك تعمل بالوصية خير عمل!

و ياللتحدي... ايها الكونت..سأحضر زفافك شماتة بك...أيها الصعلوك الصغير، هذا هو ربح إدمون الأعظم و الدائم!

*********************

البارت التاسع و الثلاثون

بداية البلوى، هذا ما أسمي به هذا البارت...

تغير كل الأفراح لأتراح ، موت العائلة التي آوت آلويس...

لقاء قاس و كلمات صادمة، ثم انعزال فرد العائلة عن أصله!

آلويس هذه المرة فضا..للأسف..و ذلك ناتج حزنه و غضبه المكبوت.. طبعا.

و ليت تلك المدرسة كانت أكثر من جحيم...

****************

البارت الأربعون

الإنتقام..

هو ماجعل آلويس كونتا و من لونا كوبرا ... و من وليام كلارك...

ياله من أمر مهيب...!

لمعرفتي بخطواتك.. هو شخص لقيناه...

لأحرك ذهني، هو شخص مازال مبهما...

و به عدوانية...

و لا يتقبل الهزيمة...


بينما ابحث في قاموسك لم اجد غير شخص واحد ينطبق عليه...فهل هو..؟

اه، ظننت ان الروابط انتهت لولا ظهور من قال له.." الصعلوك الصغير"

لقد تحدث كخاله بالفعل...

ماذا بعد؟

أه وليام قد استمر بالمعاناة حتى سنين بوجود الوحش أخته...

أدهشتني تلك المسرحية..

كانت خرافية فعلا، خاصة عندما قالت...وقت مستقطع...ياللهول يا ابنة آيون..!

لكنه كان جيدا لطرد ريستارك و الآخر ذاك...

أود معرفة الإبن الذي لم يصرح بإسمه..!
كان موقفه مميزا...


واو..تعبت...أحتاج للراحة...

رغم جمال الذكريات الا اني اشتقت لآدم..و كوبرا، ويندي والأهم رون و آليكسي..طبعا لا أنسى بيكارت..
اتمنى له عيشة مديدة سعيدة.. تعرفين تناسبه ماريان ..كلا منهما واقع في شراك لا مجال له...

انتهيت...جانا
Mygrace likes this.

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 08-11-2016 الساعة 01:42 AM
رد مع اقتباس
  #244  
قديم 08-11-2016, 02:19 PM
 


مرحبا


في الغالب سأكون مشغولة جدا في الغد و لن أستطيع النشر لذلك ستحصلون على فصلين طويلين هذا اليوم (:6

سأنشر الفصول ثم أرد على التعليقات و ذلك كيلا أتأخر عليكم





رد مع اقتباس
  #245  
قديم 08-11-2016, 02:24 PM
 



الفصـل الأربعـون
*مضى الوقت و صار ذكرى*




مشت منتصبة القامة مرفوعة الرأس بطريقتها النبيلة المعهودة عابرة حرم الجامعة نحو غرفة المدير.

نهض المدير بشوش الوجه لاستقبال السيدة كارولينا "أهلا وسهلا بك سيدة آيون !"
ردت عليه السيدة بابتسامة ناعمة ما لبثت أن انقلبت عبوسا حين توجهت عيناها نحو ابنتها الصغيرة التي جلست بلا اكتراث على كرسي قبالة المدير.


دعاها الرجل للجلوس بإشارة لبقة من يده .. فعلت كارولينا و هي ترمق سارة بنظرة حادة لم تعرها الشابة أي اهتمام .. تحدث المدير : "أنا آسف لاستدعائك بهذا الشكل المفاجئ سيدتي لكن الأمر لا يقبل التأجيل !" تنهد ثم دخل في صلب الموضوع و هو يحول نظراته نحو الابنة "في الواقع الآنسة سارة لم تعد تحسن التصرف كما في السابق ! إنها عازفة موهوبة سيكون لها بلا شك مستقبل باهر لذا فتصرفات مثل تلك لا تناسبها و لن تكون في صالحها !"

عقدت حاجبيها و ازدادت نظراتها نحو سارة حدة "ما الذي فعلته هذه المرة ؟!"

مطت الفتاة شفتيها الوردتين و لم تظهر عليها النية في الإجابة .. فتحدث المدير مخاطبا والدتها : "سيدتي ! لقد هاجمت ابنتك أحد زملائها دون مبرر و كسرت ذراعه !"

اختلط الرعب بالغضب في صوتها "ماذا ؟!"

"كما قلت لك سيدتي !" أدار وجهه صوب الفتاة الشابة "إن أسرتكم عنوان للنبل و الشهامة في فرنسا ، يجدر بك يا آنسة أن تكوني أكثر وعيا و لا تسيئي للسمعة الطيبة التي قضى والدك سنين عمره في صنعها !"

لم تتعب نفسها في النظر إليه حتى ، ظلت محافظة على صمتها و نظراتها اللامبالاية.

نهضت كارولينا دون أن تزحزح عينيها عن ابنتها ، ثم قالت بحزم يواري تحته غضبا شديدا : "أعدك أن هذه التصرفات المشينة لن تتكرر مجددا سيدي المدير !"

ظهر الرضا على وجهه العريض "هذا ما أتمناه سيدتي !"

نظرت نحوه وأضافت : "هل يمكنك أن تدلني على الشاب الذي قامت بمهاجمته ؟!"

"لقد تم نقله إلى المشفى في الشارع المقابل !"

"فهمت ، شكرا لك !"

أومأت لسارة حتى تقوم ثم حيت المدير و غادرت معها .. تقدمت الأم ابنتها - التي كانت تسير بتكاسل - و لم تفتح فمها بحرف حتى خرجت من الحرم الجامعي كله و ركبت السيارة.
عندها أفصحت عيناها الملتهبتان عما يتأجج داخلها من نيران و خرج صوتها مرتعدا : "ما هذا الذي فعلته ؟!"

نطقت سارة لأول مرة قائلة ببرود يعتريه التململ و نفاذ الصبر : "فعلت ما رأيته صوابا !"

"صوابا ؟! هل الاعتداء على زملائك بالضرب يعتبر فعلا صائبا ؟!"

نظرت الفتاة نحوها بقسوة "لقد احتال ذلك الحقير على صديقتي و تلاعب بمشاعرها !"

مع أن غضب الأم خف و خفتت ناره قليلا .. إلا أنها أضافت باستنكار : "و ما علاقتك أنت ؟!"

هتفت سارة محتدة : "أقول لك أنها صديقتي !" عادت تجول في ذاكرتها تلك اللحظة التي رأت فيها صديقتها الرقيقة تبكي بحرقة و على خدها أثر محمر لصفعة قوية.

"لقد صفع صديقتي و جعلها تبكي حزنا .. فكسرت له يده التي رفعها عليها و جعلته يبكي ألما !" قالت و الحقد يتغلغل في صوتها.


كان التعاطف باديا على كارولينا فلا أحد في الأسرة يساويها في عاطفتها القوية الصادقة ، ربما لو كانت بمكان سارة لفعلت مثلها .. لكن الأمر هنا مختلف إنها أم و يجب أن تكون مثالا لأبنائها في ضبط المشاعر و تحمل المسؤولية ، لذلك قالت بعد تردد دام فترة : "أفهم مشاعرك لكن هذا لا يبرر لك ضربه يا سارة ، أنت ابنة عائلة نبيلة و ينبغي أن تكوني أكثر عقلانية و تحضرا !"

أشاحت الفتاة بوجهها بعيدا و ثنت ذراعيها بصورة تنم عن استيائها و سخطها .. أضافت الأم لتزيد الموقف صعوبة : "ستعتذرين منه على ما فعلته ، واضح ؟!"

أدارت رأسها بحركة عنيفة نحو والدتها ، كادت أن تخرج عيناها من محجريهما جراء الصدمة "أعتذر ؟!"

ردت بحزم : "أجل ! و في الحال !" ثم تحدثت مع السائق لتدله على المكان المطلوب.

حدقت الابنة فيها بنظرات تملؤها الدهشة و الغضب .. كانت الكلمات تحتشد على حافة لسانها لكنها احتارت أيها تختار و حين لم تجد من ببنها ما يمكن أن يعبر تماما عن مشاعرها .. حولت عينيها الحانقتين تجاه النافذة و التزمت الصمت.

توقفت السيارة الفارهة في موقف السيارات المخصص داخل المبنى الكبير للمشفى .. نزلت كارولينا و أشارت لسارة بأن تتبعها ، تحركت الأخيرة ببطء ثم لحقت أمها بخطوات متثاقلة لا تأبه بمرور الوقت.
و بعد حوار قصير دار بين السيدة و موظفة الاستقبال انطلقت الأولى بصحبة ابنتها غير المكترثة إلى غرفة زميلها المصاب.

كانت الفتاة تجر خطاها جرا لتبقى قريبة من أمها .. في البداية رفضت تماما فكرة المجيء إلى هنا لكن رأيها قد تغير فجأة.
وقفت السيدة أمام باب الغرفة و طرقت الباب طرقة خفيفة مهذبة ثم دخلت بعد أن حصلت على الإذن.
حركت سارة قدميها الخاملتين لتتبعها .. و حالما وطئت بهما أرض الغرفة فتحت عينيها و قد فاجأتها رؤية صديقتها هناك !

كانت تقف قرب السرير - حيث يجلس الشاب ملفوف الذراع - و آثار الدموع ما تزال واضحة على خديها ، تطرق رأسها و تعبث بأصابع يديها بتوتر شديد .. و كأنها كانت تتوسل إليه.
لكن ذلك المشهد انتهى بدخول سارة .. تجاوزت أمها و اندفعت نحو صديقتها التي بدت مرعوبة من قدومها المفاجئ.

"جولي ؟! ماذا تفعلين هنا ؟!" سألت سارة بصوت يغلفه الغضب

ارتبكت المعنية و تبعثرت كلماتها "أنا .. كـ.. كنت.. "

وصل إلى مسامع سارة صوت يزخر بالسخرية و الاحتقار تكرهه كل الكره : "كانت ترجوني حتى لا أبلغ الشرطة عنك !"

انتقلت عيناها اللتان اكتسبتا كمية مضاعفة من الغضب إلى الشاب الذي طالعها بابتسامة دنيئة ، لكن النظرة التي وجهتها صوب صديقتها كانت أشد اشتعالا "كنت تترجين هذا الحقير ؟!"

أخفضت الفتاة عينيها الغارقتين بالدموع "آسفة سارة .. لكني لم أرد أن تقعي في المشاكل بسببي !"

أطالت سارة النظر إلى صديقتها المسكينة .. و قبل أن تنطق بكلمة تقدمت والدتها من الشاب و قالت : "أنا أعتذر لك نيابة عن ابنتي .. و أنا مستعدة لدفع المبلغ الذي تطلبه تعويضا لك على ما حصل !"

رد الشاب بوقاحة : "لا أريد مالا منك ، سأبلغ الشرطة و هم سيتعاملون مع ابنتك المتوحشة !"

قطبت الأم جبينها و لاح القلق على وجهها .. هذا ليس جيدا أبدا ، إن احتجزت الشرطة سارة فلن يكون بمقدورها المشاركة في المسابقة التي ستقام بعد أربعة أيام ، هذا إذا استثنينا المشاكل و السمعة السيئة التي ستلحق بالأسرة جراء سجن ابنتهم.

"لقد أخطأت !"

استدارت الرؤوس الثلاثة في دهشة و تفاجؤ كبيرين نحو سارة التي نطقت ما لم يكن متوقعا منها بتاتا !

تحلت ابتسامة الشاب بالخبث و اكتسبت نظراته إليها تغطرسا و احتقارا .. دنت الفتاة هادئة التعابير منه ، أحنت رأسها قليلا ثم قالت مؤكدة على كل حرف من كلامها : "لقد أخطأت حين كسرت ذراعك .. " تشكلت على جانب فمها ابتسامة شريرة مفعمة بالثقة "كان يجب أن أحطم رأسك أو على الأقل أقتلع مع ذراعك لسانك الكريه هذا !"

أبعد نفسه عنها قدر المستطاع و قد أصابه الخوف "س.. سأستدعي الشرطة !"

أرجعت رأسها للوراء و انفجرت ضاحكة "فلتفعل ! هل تظنني خائفة ؟!"

تخبط في كلامه محاولا تهديدها : "لن يكون في استطاعتك .. المشاركة في مسابقة البيانو !"

أضافت دون أن تتزعزع الثقة من ابتسامتها : "لا يهمني ، هذه لن تكون آخر مسابقة في العالم !"

"ستسيئين لسمعة أسرتك !"

"الناس لن ينسوا بطولات أبي لضربي حمارا معتوها مثلك بل على العكس ربما يضيفونه لسجل أعمالنا المشرفة !"

ابتلع رمقه بصعوبة .. و صمت حين نفذت كل تهديداته و لم يجد ما يمكن أن يخيف به تلك الفتاة المرعبة.

شدت مقدمة قميصه بقوة و زمجرت : "اسمعني جيدا أيها الغبي ، إن فكرت مجرد التفكير في مضايقة صديقتي أو حتى الاقتراب منها فجهز وصيتك قبل ذلك لأني سأحطمك تماما و لن أبقي عظمة سليمة في جسدك ! هل تفهم ما أقول ؟!"

أبعدته عنها بدفعة من يدها الصلبة ثم ولت للجميع ظهرها و غادرت الغرفة تاركة إياهم - و أمها بشكل خاص - في حالة من الذهول و عدم التصديق.

صفقت الباب خلفها ثم سارت في الممر عائدة أدراجها .. حتى أوقفها صوت جاء من يسارها :

"لا تزالين عنيفة كعادتك ! هل هكذا تغلق الآنسات النبيلات أبواب المشافي ؟!"


التفتت بتعابير باردة نحو المتكلم و قد عرفته على الفور من طريقة كلامه ، نظرت إلى الشاب الطويل أسمر البشرة أنيق الملبس و قالت بجفاء : "أنت ! ما الذي جاء بك إلى هنا ؟!"

"سمعت أنك تورطت في مشكلة جديدة فجئت لأقدم مساعدتي !" كانت رنة المن جلية في نبرة صوته المغرورة

أدارت وجهها عنه و أكملت المشي في طريقها .. "لست في حاجة لمساعدتك فقد تدبرت الأمر بنفسي !"

"ماذا ؟!" سيطرت المخاوف عليه و اتجهت أفكاره نحو الاحتمالات الأسوأ !
تبعها و هو يهتف "مهلا انتظري ! لا تقولي أنك .. قضيت عليه !"

توقفت فجأة و استدارت تجاهه فظهرت ابتسامتها المشبعة بالشر بمختلف أنواعه "نعم !"

اصفر وجهه لوهلة لكنه سرعان ما استعاد لونه و تغطى بالبرود "كفي عن الكذب !"

ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها "حقا ؟! كيف تعرف ذلك ؟!"

"لو فعلت ذلك حقا كنت ستردين على سؤالي بنظرة غاضبة بدل الكلام ! أنا أعرفك جيدا !"

ظلت ابتسامتها محافظة على وجودها .. و دون تعليق على استنتاجه تابعت السير .. أردف و هو يسير وراءها : "لكن ما فعلته لم يكن بالشيء الهين أيضاً .. تكسرين ذراع رجل ! هل أنت فتاة حقا ؟!"

طرقعت أصابعها و التفتت نحوه بنظرة تهديد "هل تود أن أحجز لك سريرا بجواره ؟!"

تراجع للوراء خطوة حذرا من أي هجوم مفاجئ .. و قال مؤنبا : "إن بقيت متوحشة هكذا لن ينظر إليك أي رجل ! ستتعفين في بيت أهلك و تظلين عانسا إلى الأبد !"

نظرت نحوه ببرود قاتل "ليس أسوأ من الزواج بشبه رجل مثلك !"

تصلبت تعابير وجهه من قوة الضربة و علقت الكلمات في حنجرته أما هي فواصلت خطاها نحو المصعد ، ضغطت الزر و وقفت تنتظر لبعض الوقت ..
استدار نحو الجهة المعاكسة و قد شعر بإهانة كبيرة ، رفع رأسه بتعال و اختيال محاولا التغطية على ذلك "لن أرد عليك أيتها الشرسة فمستواي أرقى من هذا !"

اختلست إليه نظرة تفيض سخرية بينما سار هو نحو غرفة الشاب المصاب .. مر بجولي و كارولينا و هما تتجهان إلى المصعد .. فتوقفت الأخيرة لتمعن النظر فيه و هو يدخل إلى الغرفة ..

"من هو هذا الشاب المتأنق ؟!"

قالت جولي بابتسامة خفيفة : "كان زميلا لنا في المدرسة الثانوية !"

"حقا ؟!" ضاقت عيناها الزرقاوان و أضافت بشك : "أظنني سبق و رأيته في مكان ما.. "

بدأت صديقة سارة تستعيد تدريجيا حيويتها و طبيعتها المرحة ، فقالت كي تعطيها تلميحا : "بالطبع رأيتيه فهو مشهور جدا وقد زاد ظهوره على التلفاز كثيرا في الآونة الأخيرة !"

عقدت كارولينا حاجببها و فكرت بعمق محاولة التذكر لكن محاولتها فشلت تماما .. اتسعت ابتسامة الفتاة و أجابت : "إنه الساحر الملقب بالمعجزة الفتية .. لويس رانكورت !!"


⭐⭐⭐


رفع عينيه متأملا السقف فوقه أو هذا ما بدا للناظر إليه ، كان ذهنه مزدحما بمئات الأفكار شتت انتباهه و تكريزه مع عائلته الصغيرة التي تجمعت في حجرة واسعة يغمرها ضوء الشمس و دفئها.

تجلس لونا منهمكة في الكتابة على دفترها المخصص للمسرحيات ، يجلس وليام بجوارها و كل فينة و أخرى يسترق النظر لما تخطه يداها الصغيرتان و يكتم ضحكته بصعوبة.

"ما بك ؟!"

هبطت عيناه من السقف لتلتقي بعيني إيفا المتسائلتين .. تنهد بصورة توحي بالملل "لا شيء !"

ارتفعت زاويتا شفتيها مشكلتين ابتسامة تعاطف لطيفة "تشعر بالضجر ؟!"
و توسعت ابتسامتها حتى أظهرت أسنانها ذات البياض الناصع "مسكين ليس هناك من تشاجره ! هل تريد أن أدعو كريستيان ليرفه عنك ؟!"

نظر إليها ببرود و فوق عينيه تقطبية بسيطة "أ ها ها ها !"

لكنها ضحكت ضحكة حقيقية كما تفعل دوما حين يمثل الضحك بهذا الأسلوب الساخر.


"لا تنظر !" هتفت لونا بحدة بعدما انتبهت لنظرات أخيها المختلسة
أبعد وليام نظره عنها سريعا و انزاح نحو طرف الأريكة .. اتجهت عيناه الضاحكتان صوب والديه لتصيبهما بعدوى الضحك المكتوم.

ألقت الصغيرة نحوهم نظرة تحذير .. فقالت إيفا محاولة طمس ضحكتها : "أنت تكتبين كثيرا ، ألم تنتهي بعد ؟!"

أخرجت لونا زفرة تململ من بين أسنانها و ردت باقتضاب دون أن توقف قلمها : "لا !"

قالت الأم بتلطف و مجاملة : "ستصبحين كاتبة بارعة عندما تكبرين !"

تركت الطفلة الكتابة و نظرت نحوها باستنكار ممتزج بالاستياء "لا أريد أن أصبح كاتبة بل ممثلة !" و عادت لتنغمس في كتابة مسرحيتها الجديدة.

لاحت آمارات التفاجؤ على وجهها الذي وجهته نحو زوجها .. توقعت أن يبدي دهشة لقولها لكنه فاجأها هو الآخر بهدوئه و عدم اهتمامه.
استهجنت رد فعله هذا ، فحسب المعلومات التي جمعتها عنه من خلال معايشتها له هو رجل محافظ و لن يقبل أن تصبح ابنته ممثلة خصوصا بعد الانحطاط الأخلاقي الذي طال السينما و أفلامها و معظم من يعمل في هذا المجال.

همست بصوت لا يسمعه غيرهما : "هل سمعت ما قالت ؟!"

هز رأسه فيما ينظر إليها باستغراب .. فأضافت و قد اعتراها العجب : "ألا تمانع في ذلك ؟!"

وصلها رده القاطع سريعا : "بالطبع أمانع !"

اتسعت عيناها و استغرابها يتضاعف "إذن لم سكت و لم تعترض ؟! هل ستتخلى عن مبادئك حتى لا ترفض طلبا من ابنتك المدللة ؟!"

وجه لها نظرة تقريع حادة من طرف عينه ، لكن صوته خرج هادئا منخفض النبرة رغم ما شعر به من إهانة : "لن أقبل أن تعمل في مهنة التمثيل لكني لن أرفض إختيارها !"

حدقت فيه ببلاهة و حاجباها قد بلغا أقصى حد لهما في الارتفاع "ما هذا التناقض العجيب ! لم أفهم شيئا من كلامك !"

ارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة لم تعرف إيفا إن كانت ساخرة منها أم واثقة بقدرات صاحبها.

انتقل ببصره إلى ابنته التي جلست بكاملها فوق الاريكة منكبة على دفترها .. زين ابتسامته بالحب و قال : "إذن فقد اخترت أن تصبحي ممثلة يا حلوتي ؟!"

رفعت رأسها مبادلة إياه الابتسام و ردت بدلال : "أجل !"

عبر عن استحسانه "هذا جميل ، ابنتي الرائعة دوما ذكية في اختياراتها !"

أشرق وجهها سعادة و كبرياء .. كان لمديح والدها الحبيب تأثير قوي فيها يزيدها ثقة بنفسها و حبه له.

طرح سؤالا آخر دون أن تنخفض نبرة الود و التقدير في صوته : "لكن ما الذي جعلك تختارين هذه المهنة دون غيرها ؟!"

رمت قلمها فوق الدفتر و اعتدلت جالسة .. أدارت وجهها البيضوي الجميل إليه و اكتسبت نظراتها عالية الطموح بريقا أخاذا : "أحب تأدية دور الملكة و أريد أن أمثل أدوار كل الملكات حتى أصبح واحدة بالفعل !"

"طموحك رائع عزيزتي ! لكن أتعلمين ؟! الممثلون حتى المحترفين منهم لا يختارون الأدوار التي يؤدونها ! بل المخرج هو من يوزعها عليهم كيفما يشاء !"

اعترضت بسخط : "من الستحيل أن أقبل غير دور الملكة !"

"ربما تريدين دور ملكة ، أميرة ، أو نبيلة حسناء لكن المخرج يعطيك دور خادمة ، متسولة و ربما كائن فضائي بعشرة أذرع ! و سيكون أمامك إما القبول بذلك أو الخروج من العمل بكامله !"

تهاوت طموحاتها و سقطت البهجة من محياها .. فهز الاب كتفيه قائلا : "هكذا يعمل الممثلون في الواقع .. فهل أنت واثقة من رغبتك في العمل بالتمثيل ؟!"

ببطء تشكلت عقدة بين حاجبيها الرفيعين ، استغرقت في تفكير عميق .. و لم يمض وقت طويل حتى مطت شفتيها باستياء و قالت : "من الذي قد يريد العمل كممثل ؟! مهنة سخيفة !"

أفلتت ضحكة من شفتي وليام بينما فغرت إيفا فاها و هي توزع نظراتها المدهوشة بين ابنتها و زوجها الذي نظر إليها بابتسامته المغرورة (أرأيت ؟!)

حول نظراته تجاه طفلته التي بدت مستاءة و ساخطة و قال بحب صادق و ثقة نابعة من قلبه : "لا يجب أن تمثلي دور الملكة لتصبحي كذلك حبيبتي ، أنت ملكة منذ أول يوم لك في هذه الدنيا ! لديك قصر عظيم و خدم كثير و ثروة طائلة ..و شعب يحبك !"قال الأخيرة مشيرا لأفراد العائلة " ماذا تملك الملكة أكثر من ذلك ؟!"

شقت ابتسامة واسعة وجهها لتزيده جمالا و نضارة .. و قفزت من الاريكة كأرنب مفعم بالنشاط و الحيوية و انطلقت نحو والدها لتحتضنه بين ذراعيها الصغيرتين ..
هتفت و السعادة تغمر قلبها : "الملكة تحب شعبها أيضا ً!"

اهتز ضاحكا و احتضنها بدوره بقوة و حرارة ..

راقبت إيفا المشهد العاطفي و الغيرة لأول مرة تدق باب قلبها .. مطت شفتيها الممتلئتين و قالت : "الملكة يجب أن تكون عادلة بين رعيتها !"

التفتت إدمون نحوها و ضحك ، أما لونا فتركت حضن والدها على مهل ثم انقضت على والدتها بعنف جعلت رأسها يرتطم بحافة كرسيها الخشبية ! أمسكت رأسها و هي تتأوه و تضحك في آن معا
"هل هذا عناق أم نطحة ثور ؟!"

رفعت لونا وجهها عابسة "الملكة تحب إيفا لكن إيفا تتطاول على الملكة دوما !"

غرقت إيفا مع إدمون في نوبة محمومة من الضحك ، بينما استدارت لونا نحو أخيها الذي ظل يتفرج من بعيد على مسرحية الرومانسية العائلية العنيفة .. أشارت له قائلة : "تعال أنت أيضاً ! الملكة لا تعانق رعيتها كل يوم !"

قهقه ملء فمه و هو ينهض ليأخذ دوره في العناق الملكي الشرس.


⭐⭐⭐


التقط جهاز التحكم من فوق الطاولة ، وجهه نحو التلفاز ثم ضغط الزر ليعيد التسجيل الذي أوشك على النهاية إلى منتصفه .. إلى حيث صعدت سارة المنصة بثوبها الجميل الملون بزرقة سماء الليل و جلست بأناقة أمام البيانو لتبدأ معزوفتها الساحرة .. لأول مرة رآها أنثى حقيقية و ليست فتاة مخيفة في عصابة "دمرني أو أدمرك" !

أغمض عينيه لينغمس في موسيقاها باهرة الروعة و الجمال .. أنغامها رقيقة ، ناعمة تبعث على الراحة و الطمأنينة.
ضحك رغما عنه حين استشعر التناقض العجيب بين شخصيتها و الموسيقى التي تعزفها.

قطع استمتاعه بالمعزوفة صوت رنين الهاتف .. أوقف التسجيل بسرعة ثم قام ليرفع السماعة بيده الرشيقة و يجيب : "ألو"

جاء الصوت باردا من الطرف الآخر "آه .. رانكورت !"

ظهرت الدهشة في صوته : "سارة ؟!"

سماعه لصوتها أشعره بوخز في صدره .. و أحس ببعض الذنب لأنه لم يبارك لها فوزها و لو برسالة .. كان ما يزال متضايقا منها بسبب الإهانة التي وجهتها له في المشفى ، و لعزة نفسه الكبيرة أبى أن يكون أول من يتحرك ليعيد التواصل بينهما.

سأل بعد وهلة : " ما .. الأمر ؟!"

ردت بنبرتها الملولة المتكاسلة : "لا شيء يدعو للقلق .. كل ما في الأمر أني أردت إخبارك أن عائلتي ستقيم حفلا بعد ظهر الغد في قصرنا بمناسبة فوزي بالمسابقة الوطنية - إن كنت لا تعرف - .."

أصابه التوتر و الإحراج "أوه .. في الحقيقة كنت مشغولا جدا .. و لم أعلم بالأمر حتى سمعته منك الآن ! تـ.. تهانينا !"

"شكرا ..."تنهدت ثم أضافت : " إذن.. ما أريد قوله هو أن أمي تبلغك تحياتها و تقول أنها ستسر كثيرا بحضورك إلى الحفل ! ما رأيك ؟! هل ستأتي ؟!"

سكت لبعض الوقت ليلملم أحاسيسه التي بعثرتها كلماتها الأخيرة .. هذه الحمقاء ستصيبه بالجنون يوما ما !

رد بنبرة جافة : "آسف لن أستطيع القدوم لدي عرض في ستراسبورغ غدا .. أبلغي اعتذاري للسيدة كارولينا !"

"حسنا .. "

أراد أن يغلق السماعة .. لكن كلمات محبوسة أفلتت من لسانه : "أنت حمقاء !"

إثر لحظة من التفاجؤ ردت ببرود : "أنت أكثر حمقا !"

و أغلق الاثنان السماعة في الوقت ذاته.

رمى جسده فوق الاريكة و أطلق زفرة قوية ..


"حمقاء ! بلهاء ! غبية !" تمتم مع نفسه بعصبية "أمي تدعوك هاه ؟! ما أبلد إحساسك !"


⭐⭐⭐


أتى اليوم التالي .. يوم الحفل .. كان حفلا ضخما بالفعل ... و لكن من نوع مختلف.

فتحت إيفا باب غرفتها و دلفت إلى حيث يقف زوجها ببدلته السوداء الفاخرة ، كان يطالع صورته في المرآة و يتأكد من ضبط ربطة عنقه الرمادية عندما أقبلت زوجته عليه و هي تهتف : "كيف أبدو ؟!"

التفت إليها و أمعن النظر في مظهرها .. فستانها البنفسجي القصير و الشال الحريري فاتح اللون الذي تغطي به كتفيها المكشوفين .. ابتسم قليلا و قال بإعجاب : "رائعة !"

تحلت ابتسامتها الجميلة بالرضا "شكرا !"

أطلق تنهيدة راحة حين فرغ أخيرا من لمسات الأناقة الأخيرة .. عاد إلى ذاكرته سؤال كان غائبا عنها لفترة بسبب انشغاله الشديد بالحفلة و تحضيراتها .. أفصح عنه سريعا : "صحيح .. نسيت أن أسألك ! هل سيحضر والداك ؟!"

"أجل .. لقد تحسنت صحة أبي و أصبح قادرا على مغادرة المشفى !"

"هذا جيد !" تحرك صوب الباب "لننزل إذن !"


*****

أقيمت الحفلة الكبيرة في صالة بهيجة فسيحة تتهافت عليها أنوار الشمس و الثرايات الرائعة ضخمة الحجم و الثمن.
الطاولات الطويلة التي تكدست فوقها بترتيب و نظام أشهى أنواع الأطعمة و المشروبات ، صفوف من الطاولات المستديرة جهزت للضيوف تتوسطها بقعة مرتفعة كأنها منصة صغيرة وضع فوقها البيانو .. صديق سارة و أنيسها الذي ستتعاون معه لإمتاع الضيوف بأنغام معزوفاتهما المشتركة.
كل شيء تم إعداده بإتقان و عناية فائقة.

و ما إن تخطت عقارب الساعة الثالثة مساء حتى شرع الضيوف يتوافدون إلى القصر تباعا لا يفصل بين مجموعة و أخرى وقت يذكر.
و بالطبع كانت أسرة آيون حاضرة بجميع أفرادها للترحيب بالضيوف ، و مع أن الحفل مقام على شرف سارة إلا أنها بدت أقل من حولها اهتماما به ، كانت ملامح الضجر واضحة على وجهها لكن حالها تحسن حين وصلت صديقتها المقربة جولي.


كان كبير الخدم إدوارد يجول أنحاء القصر دون كلل .. يصعد الطوابق ثم ينزل ، يعطي التوجيهات لباقي الخدم ، ثم يعود ليستقبل من وصل متأخراً من الضيوف و يقوده إلى صالة الحفل ، يبقى هناك لبعض الوقت حتى يتحقق من سير كل شيء كما يجب ، يتفقد وضع الأواني و الملاعق و الكؤوس و يزيل أي ذرة غبار تلتقطها عيناه الثاقبتان ، ينحني إلى الأرض ليتفحص السجاد و يطمئن إلى نظافته ثم ينتصب واقفا و يرفع عينيه إلى السقف و يدقق النظر في الثريات ، ثم المصابيح المصفوفة أعلى الجدران .. كان عمله كثيرا لا ينتهي ، و كان هو متعبا بحق .. ليس بسبب العمل فقد اعتاد القيام به أكثر من ثلاثين عاما حتى أصبح جزء من حياته .. و إنما شيء آخر .. شيء مخيف .. أثقل كاهله ، قبض على صدره ، أفقده الشهية و حرمه النوم.

كان يهم بمغادرة الصالة لجلب المزيد من المشروبات لولا نداء سيده المفاجئ : "إدوارد !"

استدار من فوره و سار عبر الصالة حتى توقف أمام سيده ، انحنى قليلا و قال باحترام : "هل ناديتني سيدي ؟!"

رد جوزيف بهدوء : "أجل !"

استأذن من ضيف كان يحادثه ثم وضع يده على كتف إدوارد برفق و قاده أبعد بقليل عن أنظار الضيوف .. رفع إليه عينيه القلقتين و تحدث : "أنت لا تبدو بخير أبدا ، ما بك ؟! هل أنت مريض ؟!"

فوجئ الرجل تماما و ارتبك : "أنا ؟! لا .. إنني بخير .."

بخير .. تلك أبعد كلمة عن وصف حاله ، وجهه في غاية الشحوب كأنه جف من الدماء ، حلقات سوداء حول عينيه ، ثم تلك النظرة المتألمة في عينيه اليائستين ! كان في حالة سيئة يرثى لها حقا !

ضاقت عيناه المثبتتان على خادمه "كيف تكون بخير و أنت بهذه الحال ؟!"ربت على كتفه بتشجيع و قال : "اذهب و خذ قسطا من الراحة !"

"لكن سيدي.. "

قطع كلامه بصرامة نابعة من طيبة قلبه "لا تجادلني و اذهب في الحال !"

"لكن الحفل.. "

"أنا و إدمون سنتولى الأمر ، اذهب هيا .. هل تريدني أن أغضب منك ؟! "

أطرق الخادم رأسه في انصياع لأمر سيده "كما تشاء سيدي !"

تبسم جوزيف ابتسامته العطوفة الرحيمة ثم ودعه بإيماءة من يده و أدار ظهر عائدا لضيوفه.

"سيدي !"

التفت جوزيف إليه متسائلا .. وقف كبير الخدم صامتا لفترة .. أطال النظر في سيده بعينين غرقتا في بحر من الدموع ، فتح فمه ليتكلم لكن الكلمات أبت الخروج من حنجرته و حين أرغمت على ذلك نفذت من شفتيه مهزوزة منكسرة :
"أنا ... آسف سيدي .. أرجوك .. أرجوك اغفر لي .."

عادت ابتسامته المملوءة بالرأفة و الطيبة لتأخذ مكانها فوق شفتيه : "لا عليك !"

مكث الخادم المتفاني يراقب سيده و هو يعود أدراجه إلى ضيوفه .. أراد البقاء هناك لكنه لم يقدر .. قلبه لم يعد يتحمل ! إنه يريد الهروب ! يريد الهروب بعيدا عن تلك الوجوه اللطيفة المبتسمة .. و أصوات الضحكات الرنانة .. يريد أن يبتعد .. يرمي نفسه في حفرة تحت الأرض يبكي فيها على خطيئته حتى تجف دموعه و ينقطع صوته ، و يختفي من هذا العالم القاسي.

ألقى نظرة أخيرة مغمورة بالأسى على الصالة .. حيث علت أصوات التصفيق لصعود سارة - بعد إلحاح الجميع عليها - إلى المنصة الصغيرة لتبدأ عزفها مع رفيقها المحبب و تطرب ضيوف قصرها بألحان موسيقاها العذبة.

كان الكل مجتمعين .. جميع من سجلت أسمائهم على قائمة الموت موجودون هنا !

جر ساقيه المتحجرتين بجهد كبير ثم خرج ..

ألقى بظهره على الحائط .. كان بالكاد يستطيع الوقوف.

"ما بك يا إدوارد ؟!"

جفل الخادم و انتفض جسده بأكمله ! بحثت عيناه عن محدثه .. كان الحفيد الأول للعائلة وليام ! و كانت آمارات القلق بادية على وجهه !

بذل الرجل كل جهده و استطاعته ليرد بطريقته المعتادة : "سيدي الصغير لم أنت هنا .. و لست في الحفل ؟!"

ابتسم وليام قائلا : "آه ، لقد خرجت للحديقة لبضع دقائق .. فقد أصابني ضجيج الحفلة بالصداع !"

فتح إدوارد عينيه المنهكتين على اتساعهما ، كيف لم يلاحظ غياب الحفيد عن الحفلة ؟! إنه وريث الأسرة الذي سيحمل اسمها و يبقي ذكرها ! لذلك يجب أن ...
دارت فكرة مفاجئة في ذهنه .. فكرة جريئة متمردة .. و خطيرة للغاية !

شد على قبضته بقوة حتى كادت أصابعه تخترق لحمها .. لقد اتخذ قراره و لن يتراجع !

"سيد وليام !"

نظر إليه المعني مستغربا .. اقترب إدوارد منه و وضع يديه على كتفيه .. رفع إليه وجهه المسود من الحزن و عينيه الراجيتين : "هل يمكنني أن أطلب منك معروفا ؟!"

حلت الدهشة على ملامح وجهه لكنه ابتسم و أجاب سريعا : "بالطبع !"

"شكرا لك يا بني .. لكن قبل أن أخبرك بالأمر هلا ذهبت و أحضرت لوسيان ؟!"

هز الفتى رأسه و انطلق مهرولا نحو الحديقة حيث يتواجد السائق لوسيان عادة .. جاب أرجاء المكان بحثا عنه و بعد مرور دقيقة و نصف عثر على ضالته ! كان واقفا مع عدد من الحراس يتبادل معهم أطراف الحديث و بعض الضحكات بين حين و آخر.

أسرع وليام نحوه و هو يصيح : "لوسيان !" التفت المعني تجاهه في تساؤل و اندهاش.
أمسك الفتى ذراع الشاب الحائر و سحبه وراءه و هو يقول : "تعال معي بسرعة !"

سأل لوسيان وقد أخذه الذهول : "ما الأمر سيد وليام ؟!"

خفض وليام صوته و قال : "إدوارد يريدك في أمر !"

زاد عجب السائق و تساؤلاته .. لكنه توقف عن الكلام و ركض برفقة الفتى إلى القصر.

توقف وليام و لوسيان أخيرا أمام إدوارد الذي تشبتث يده بالجدار حتى تمنع سقوطه .. هرع الاثنان إليه بقلق شديد و أمسك لوسيان ذراعه و سانده على الوقوف "يجب أن ننقلك إلى المشفى فورا !"

وافق وليام على اقتراحه "أجل !"

لكن إدوارد رفض بقوة : "لا أنا بخير !"

استنكر لوسيان "ما الذي تقوله ؟!"

أبعد كبير الخدم ذراع الشاب عنه و اعتمد على ما تبقى في قدميه من قوة ليقف .. وزع نظراته بين الاثنين و قال "سيد وليام ! لوسيان ! أريد أن أطلب منكما خدمة !" أصغيا لكلامه بانتباه يعتريه قلق على حالته المزرية "لقد وصلني اتصال من جارتي قبل قليل .. " أظهر على وجهه حزنا عميقا صادقا "حفيدي الوحيد ماتيو مريض جدا حتى أنه لا يقوى على النهوض !" اعتصرت الدموع الحارة في عينيه و هو ينظر إليهما متوسلا "أنا لا أستطيع العودة للمنزل اليوم .. لذا أرجوكما هل تستطيعان الذهاب إلى منزلي و الإطمئنان عليه ؟!"

هتف وليام على الفور : "بالطبع سنفعل ، سنعتني به و لن نتركه حتى نتأكد من شفائه ! لا تقلق يا إدوارد !"

أضاف لوسيان : "نعم ، استرح أنت و نحن سنتكفل بالأمر !"

"شكرا لكما .. "كانا على وشك الإنطلاق حتى هتف : "قبل أن ترحلا .. يجب أن أدلكما على مكان الدواء ! إنني أحفظه داخل صندوق خشبي في الدرج الثاني من طاولة الزينة القريبة من باب المطبخ ! تذكرا ذلك جيدا !"

هز الاثنان رأسيهما .. فدنا ادوارد من لوسيان حتى تلامس كتفيهما و همس بصوت لم يصل وليام : "اخرجا سرا و لا تدعا أحدا يلاحظكما ! هذا أمر مباشر من السيد جوزيف آيون ! ستعرفان كل شيء حالما تصلان منزلي !"

تلون وجه الشاب بمختلف ألوان الدهشة و غص صوته في حلقه !
ما الذي يحدث هنا ؟!
نظر وليام نحوهما و رأسه يدور ، لم يستطع أن يفهم شيئاً مما يحصل حوله !

تحرك إدوارد مبتعدا عن لوسيان.. "و الآن أرجوكما أسرعا !"

وقعت كلماته كالصفعة على وجه الشاب ، أفاقته من ذهوله و حثته على التصرف بسرعة.

"أجل .. هيا سيد وليام !"

ركض الاثنان جنبا إلى جنب و أخذا يبتعدان شيئا فشيئاً عن ناظري إدوارد.


أسند ظهره على باب إحدى الغرف .. أدخل يده المرتجفة في جيبه و أخرج جهازا أسود بحجم يده .. حملق فيه برعب .. تسارعت دقات قلبه و تشتت أنفاسه حتى انقلبت لهاثا ... ذلك الزر الأحمر .. ذلك الزر الصغير ضئيل الحجم ... إنه أكثر رعبا و فتكا من كل الوحوش !

حرك إبهامه المرتعش .. حتى إصبعه كان يرفض الاقتراب من الزر المخيف و يحاول البحث عن مفر .. لكن لا .. لا مفر و لا مهرب !

عندما تحين ساعة النهاية لا يمكن لشيء في الدنيا أن يزحزح عقاربها ..

بلون هذا الزر .. سيتلون هذا اليوم .. و هذا اليوم سيظل ذكرى أليمة محفورة بالدم القاني ... في قلب الشاهين !











رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:36 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011