عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree632Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 9 تصويتات, المعدل 4.56. انواع عرض الموضوع
  #316  
قديم 08-31-2016, 02:27 PM
 



الفصل الثاني و الستون
*لنعقد صلحا*




"هل أخبرتها ؟!"

بهذا السؤال المتشكك استقبل وليام ويندي التي عبرت بخطى وئيدة بوابة المقهى ، و اتجهت إلى الطاولة التي يجلس إليها مع جان و سوزان ، و بابتسامة شامخة مغمورة بالثقة رفعت الإنجليزية إبهامها معلنة تمام مهمتها.

"طبعا !"

قالت ذلك و ألقت بنفسها على المقعد المجاور له ، و تنفست الصعداء.

عاد وليام يسأل في شيء من اللهفة :

"و كيف كان رد فعلها إزاء هذا الخبر ؟!"

فزمت ويندي شفتيها ، و التقطت من سلة الخبز فوق الطاولة رغيفا ، و أخذت تقضمه و تتحدث في وقت واحد :

"دهشت تماما و لم تصدق أول الأمر ، ربما حسبتني أكذب في محاولة لرفع معنوياتها أو بث البهجة في نفسها . على أية حال قد اقتنعت حين أكدت ماريان صحة كلامي و أوضحت لها بالتفصيل كيفية موت رئيس المنظمة .." ثم توقفت عن المضغ مضيقة عينيها ، و قد تقوس فمها في عبوس حاد "إنها تثق في ماريان أكثر من صديقتها . يا لها من إهانة ! لقد جرحت مشاعري !"

و عادت تلتهم رغيفها بطريقة أبعد ما تكون عن الحزن أو الضيق.
فاهتز وليام مقهقها ، و بزغت ابتسامة صغيرة على طرف فم جان ، في حين هزت سوزان رأسها قائلة بحكمة غير معهودة :

"الأمر و ما فيه ، أنها تعلم أن ماريان لا توليها ذاك الاهتمام الذي قد يدفعها لتحوير الحقائق بغية إسعادها !"

فقالت ويندي بارتياب :

"حقا ؟! هل تظنين ذلك فعلا ؟!"


عندها تدخل جان ساخرا :

"سواء كانت تثق فيك أم لا لن ينقص ذلك من حجم وجباتك ، إذ يبدو أن معدتك لا تتأثر بمشاعرك الجريحة !"

فتجعد أنف ويندي و تكور فمها في استياء طفولي.

"بالطبع لن تتأثر ، فالمشاعر في قلبي و ليس في بطني !"


رفعت سوزان كوب قهوتها في تأييد و أضافت بجدية :

"إجابة منطقية !" ثم مطت شفتيها و تمتمت في ضيق : "ليت رفاييل يعلم هذا ! إنه يفترض أن الشخص المجروح يضرب عن الطعام و يفقد الشهية ، و إلا فإن انزعاجه لا يعدو أن يكون تمثيلا !"

فبدرت عن ويندي ضحكة قصيرة

"لابد أنك تعانين معه !"

"بكل تأكيد ، فتهريب الطعام إلى حجرتي قطعا ليس سهلا ، و في كثير من الأحيان ما يراني روجر أو روبين ، ثم ينقلان الخبر بشكل عرضي و دون سوء نية إلى أبيهما .. و تبوء خطتي بالفشل !"

قالت كلمتها الأخيرة في تحسر مضحك ، و دفعت ما تبقى من قهوتها داخل جوفها في جرعة واحدة ، و في الأثناء عاد وليام يسأل ويندي :

"و ماذا قالت بعد اقتناعها ؟!"

"لا شيء . لم تنبس ببنت شفة ، ابتسمت فقط و تناولت فطورها بشهية أكبر مما اعتادت"

فأضاء وجه وليام و تزين بابتسامة جميلة يحدوها البشر و الأمل.

"إذن .. فهي في مزاج جيد اليوم ، أليس كذلك ؟!"

دارت عينا ويندي في محجريهما في مراجعة سريعة للقائها الأخير بصديقتها ، بعدها هزت كتفيها و قالت :

"أعتقد ذلك !"

"حسن جدا.. " ثم انتصب واقفا و أضاف : "أظن أن الوقت أصبح ملائما لأزورها .. ألا توافقينني ؟!"

طرح سؤاله بنبرة يمتزج فيها الشك و القلق مع شيء من الخوف ، و ما كان من ويندي غير أن رفعت حاجبيها في دهشة خفيفة :

"طبعا ، إنه الوقت الأنسب ، في الحقيقة كنت على وشك أن أقترح ذلك عليك !"

"رائع ، ما الذي ننتظره إذن ؟! لنذهب إليها !"


"نذهب ؟!" كرر جان كلمة وليام في تعجب و أضاف : "و لماذا لا تدخل إليها بمفردك ؟! لماذا تريد من ويندي أن ترافقك ؟! إنها أختك .. حسب ظني ؟!"

فقال وليام في ارتباك واضح :

"أنت لا تفهم .. "

لكن جان كان يفهم جيدا ، إذ أضاف و على طرف شفتيه تتأرجح ابتسامة ماكرة توشك أن تنقلب ضحكة :

"هل يعقل .. أنك خائف منها ؟!"


عندها اصبغ وجه وليام بحمرة فجائية ، زم شفتيه و حدج جان بنظرة لوم ، لكن الأخير لم يكترث ، و واصل سخريته ضاحكا :

"رجل بطول و عرض و تخشى أن تضربك فتاة ضعيفة بالكاد تتحرك ؟!"


أفلتت من سوزان ضحكة لم تنقطع حتى اختفى صوتها ، أما ويندي فاكتفت بابتسامة صغيرة.
بينما زوى وليام ما بين عينيه ، و بدا عليه الاستياء و الشعور بالاهانة و هو يقول :

"أنت لا تعرف شيئا ، لم تر منها غير جانبها الوديع المهذب ، لم يسبق لك أن أغضبتها أو دخلت في شجار معها ، و لو فعلت فإنك ما كنت لتخرج بأكثر من عين واحدة ، و ساق عرجاء ، و وجه شوهته الخرمشات !"

لم يبد على جان لا التأثر و لا تصديق كلامه ، فلم يكن يستطيع تصور لونا و هي تفقد السيطرة على أعصابها فضلا عن أن تضرب أحدا و بمثل تلك الوحشية التي يصورها وليام ، و ظلت ابتسامته المستفزة تعلو شفتيه ، في الوقت الذي قالت ويندي و هي توشك أن تضحك :

"يبدو أنك قضيت معها وقتا صعبا .."

"أجل .. كانت طفلة شرسة !"

"حسنا .. لا أظن أنها ما زالت بتلك الشراسة التي وصفتها ، و لا أعتقد أنها قد تخرمش وجهك فذلك سيكسر أظافرها ، ربما فقط تصفعك مجرد صفعة تذهب بخمس أسنانك ، لكن لا تقلق يمكنك تركيب غيرها !"

قالت ذلك بجدية عجيبة دونما ابتسام و كأنها مقتنعة تمام الاقتناع بما تقول ، فعبس وليام ، و انخفض حاجباه كما لو كانا مؤشرا لمعنوياته ، و قال في تهكم :

"آه حقا ؟! شكرا على الخبر المطمئن ، إني مرتاح الآن !"

حينذاك أسقطت قناع الجدية عن وجهها و ضحكت قائلة :

"حسنا تلك ليست بمشكلة ، يمكنك أن تجلس تاركا بينكما مسافة لا تسمح بأن تصلك صفعاتها !"

"لكنها قد تقذفني بالزهرية ، أو هاتفها ، أو جهاز التحكم ، أو .. "

فقاطعته ويندي فيما تنهض و تجره من ذراعه :

"لا تقلق بخصوص ذلك ! لقد أبعدت عن متناول يدها كل ما يمكن أن تستخدمه كسلاح ! هيا .. ستكون بأمان كما قلت لك فقد جهزت كل شيء لزيارتك !"


فنفث وليام بفعل كلماتها المطمئنة كل مخاوفه و أسباب قلقه من داخله عبر تنهيدة عميقة عادت على إثرها ثقته و ابتهاجه السابقين.

"آه .. شكرا لك !"


و سار بصحبتها خارج المقهى غير ناظر و لا مكترث لضحكات جان و سوزان خلفه . دلف إلى المصعد مسرع الخطى ، و خرج منه بخطى أسرع و أشد حماسا حين وصل الطابق الثالث حيث توجد غرفة شقيقته . أخذ نفسا عميقا و التفت إلى ويندي في تفاؤل :

"أتمنى حقا أن يسير اللقاء بمثل السهولة و الليونة التي سار بها مع جان !"

فزمت شفتيها و عقدة بسيطة تربط بين حاجبيها و قالت :

"في الحقيقة لست أظن ذلك و لا أنصحك أن تبني موقفك على أمل غير أكيد . تذكر أن جان يختلف عنك في كل النواحي تقريبا . إنه بالنسبة لها غير ملزم بفعل شيء من أجلها ، فهو ليس فردا من أسرتها ، و لا شخصا تكن له مشاعر قوية و تنتظر منه الالتفات إليها ، إضافة إلى أن لديه من المشاكل ما يكفيه و يزيد و لا متسع لديه لمشاكل غيره !"


فهز وليام رأسه في عبوس خفيف

"نعم ، أنت على حق .. "

و بعدما استدارا نحو الرواق الأيمن و تجاوزا بابين بلغا الغرفة المطلوبة . توقف وليام أمام الباب الموصد و التوتر باد عليه ، فتقدمت ويندي قائلة :

"سأدخل قبلك .. "

طرقت الباب بخفة ، و بعدما جاءها صوت ماريان البارد آذنا لها بالدخول دفعت دفة الباب و دلفت دون أن تغلقه ، ثم قالت مبتسمة في وجه صديقتها :

"لديك زائر اليوم !"

لم تتكلم لونا أو بالأحرى لم تعطَ فرصة لذلك ، فسرعان ما استدارت ويندي نحو الباب و هتفت :

"هيا تعال !"


أخذ وليام نفسا عميقا ، ثم رسم على وجهه ابتسامة ودودة ، و كسا تعابير وجهه بما استطاع من ثقة ، و دخل.

كانت ويندي تقف أمام السرير و تحجب عنه وجه شقيقته ، و قد تنحت حالما رأته يتقدم و أفسحت له المجال لرؤيتها . وجدها تجلس برزانة مسندة ظهرها إلى وسادتين ، و قد ربطت شعرها الأحمر الناعم و تركته يتدلى فوق كتفها ، و أضفى اللون الأبيض لرداء المشفى على عينيها الزمرديتين وهجا براقا و على وجهها الجميل رغم شحوبه سحنة ملائكية.


"صباح الـ.. خير !"

قال التحية باضطراب ، و حاول أن يحافظ على ابتسامته أثناء تبادلهما النظر ، لكنها تضاءلت رغم إرادته حين رأى جبينها يتجعد و حاجبيها ينعقدان ، و ذلك قبل أن تثني ذراعيها فوق صدرها و تشيح بوجهها عنه في عدم ترحيب واضح . لم تكن رؤيته سارة لها بأي شكل ، خاصة أنها جاءت دون سابق إذن منها ،
مما جعلها تلتفت و ترمق ويندي التي جلست على طرف فراشها بنظرة لوم ، و ما كان من الأخيرة غير أن تقول ردا على توبيخها الصامت :

"أعطه فرصة ليشرح لك يا لونا ! لا يمكنك أن تستمري في خصامه أكثر مما فعلت ، فهو شقيقك الوحيد !"

فقالت لونا في استياء دون أن توجه نظراتها لأي من المتواجدين في الغرفة :

"كان يجدر بك أن تعلميني قبل ذلك !"

"لم أفعل لأني أعلم أنك عنيدة و ما كنت لتوافقي !"

"و إن يكـ.. "

"جربي فقط أن تستمعي له هذه المرة ، و بعدها قرري ! هذه المرة لا غير !"


حل صمت مشوب بالتوتر إثر قول ويندي . لم تبد لونا راضية تماما بهذا الاقتراح ، لكن حدة اعتراضها خفتت حين أدركت أن الإنصات لقصته لن يضرها أو يكلفها شيئا . فكت عقدة ذراعيها ، ثم شبكت أصابعها و تطلعت إلى الطاولة على يمينها ثم الأخرى على يسارها ، فظهر على وجهها العجب لمّا ألفتهما خاليتين تماما . لقد نقل أحدهم ما كان عليهما إلى الطاولة البعيدة الموازية للاريكة التي تجلس فوقها ماريان ، و لم يكن لديها أدنى شك بشأن من يمكن أن يفعلها.

كادت تفلت من ويندي ضحكة حين لاحظت نظرة الاتهام الموجهة إليها ، فقالت في محاولة لاسترضائها و حثها على القبول :

"هيا امنحيه فرصة و أصغي لما يقول ! و إن لم يعجبك كلامه ، فلن أتردد في التضحية بإحدى فردتي حذائي أو كليهما من أجلك !"

و أتبعت كلامها بابتسامة واسعة كان من المفترض أن تكون بريئة ، لكنها ظهرت أكثر شرا من أخبث ابتسامات وليام . التفتت نحو الأخير الذي عبس و الرعب يظلل وجهه ، و حدجها بنظرة من تعرض للخيانة على يد حليفه الوحيد.


و هي تراقب تعابير كل منهما بزغت على أطراف شفتيها بوادر ابتسامة ، تنهدت ، ثم رفعت عينيها نحو أخيها و قالت :

"حسنا .. فلتتحدث !"


فوجئ المعني أول وهلة من السرعة النسبية التي اقتنعت بها ، و وزع نظراتها المدهوشة بينها و بين ويندي . كانت الأخيرة بلا شك تفهم شقيقته ، و أكثر مما يفعل هو . تسبر أغوارها بسهولة ، و تعرف جيدا كيف تتصرف معها ، و تنتقي كلماتها على هذا الأساس.

بدا السرور على ويندي و هي تترك مكانها و تنتقل إلى جوار ماريان التي انشغلت بتصفح هاتفها المحمول عما يجري في الغرفة ، و لم يكن وليام ليفكر لحظة في أخذ مكانها عند قدمي لونا حيث تأت الركلات بأسرع و أقوى ما يكون.

فسحب كرسيا عديم الظهر و جلس قرب سريرها . زفر الهواء الثقيل من رئتيه ثم ابتدر قائلا :

"لأجل أن أعطيك شرحا وافيا يتحتم علي البدء من أول يوم افترقنا فيه .. اليوم الذي حلت فيه الكارثة .. فهل يضايقك هذا ؟!"

نظر إليها ، فأومأت بالنفي دون أن ترفع عينيها عن يديها المتشابكتين .
عندئذ شرع وليام يروي متجهم الوجه محزون الفؤاد ما جرى بينه و بين كبير الخدم إدوارد ، و كيف أن الأخير أرسله مع الحارس لوسيان بعيدا عن القصر قبيل دقائق من انفجاره مستعينا بحجة زائفة و قصة لفقها على عجل . أنصتت لونا بانتباه كامل و بدت كما لو كانت تستعيد ذكرى ذلك اليوم المشؤوم و تتخيل شقيقها و هو يتسلل من البوابة الخلفية برفقة لوسيان ، ثم يعدو عبر الأرض الخضراء المحيطة بسور القصر من جهتيه الجنوبية و الشرقية حتى يبلغ في الأخير منزل إدوارد الجميل المحاصر بجذوع الأشجار و أغصانها المخضرة.


رقت نظرات ويندي و دمعت عيناها في تأثر شديد عندما أخذ وليام في وصف شعوره حال رؤيته سحابة من الدخان تظلل قصر عائلته . كان قد تجاوز منتصف الطريق حين وقع الانفجار ، فشاهد آثاره المروعة عن قرب و دك صوته المهول طبلة أذنيه في عنف كاد يوقف دقات قلبه . سيطرت عليه الصدمة و حَجَّرت مآقيه فلم يسعه ذرف الدموع . لم يستطع أن يصدق و لا أن يتوصل لكيفية حصول هذه الكارثة أو سببها ، فاندفع عائدا أدراجه و أنفاسه تتلاحق كما لو كانت توشك على الانقطاع ، لكن لوسيان تشبث به بكامل قوته و منعه بصعوبة بالغة من العودة ، فقد أدرك بسرعة بديهته أنها لن تكون بأي حال فكرة صائبة ، و عرف السبب وراء تصرفات إدوارد المريبة . هناك من يريد القضاء على أسرة آيون و يسعى لإبادتهم حتى آخر طفل فيهم ، و كبير الخدم يعرف ذلك ، لكن كل ما كان في استطاعته فعله هو إنقاذ وريث العائلة الصغير.


تنهد بعمق و الغم يلف وجهه ، و سكت برهة قبل أن يستطرد :

"فأخذني لوسيان إلى منزل إدوارد و بالطبع لم يكن هناك من أثر لحفيده ماتيو ، و عثرنا بدلا منه على رسائل تهديد مخبأة في الصندوق الذي كان من المفترض أن نجد الدواء فيه . كانت كثيرة ، عنيفة اللهجة ، وحشية المضمون . لقد خطفوا ماتيو و هددوه بقتله ما لم يرضخ لأوامرهم ، لكن إدوارد المسكين لم يكن ليخون أسرتنا بهذه السهولة ، و ظل يبطئ و يماطل و يختلق الحجج و العراقيل - كما فهمنا من نصوص الرسائل - حتى نفذت كل الأعذار و طغت عليه عواطفه ، فلم يتبق أمامه سوى تنفيذ مطالبهم .. "

سكت بضع لحظات .. فتطلعت إليه لونا مقطبة الجبين و سألت بهدوء :

"و هل تدبر لوسيان لوحده أمر إخفائك ؟!"

"لا.. إنه ذكي بلا شك ، لكنه قليل الخبرة في هذه الأمور ، و لم يكن في وسعه خداع المنظمة و التواري عن أعين عملائها معتمدا على نفسه وحدها ، كان يحتاج عونا من رجل حذق ، قوي ، واسع الحيلة و النفوذ ، و أهل للثقة ، و لم يكن هناك من هو أنسب من العم كريستيان ميلارد ليكون هذا الرجل ، و لم أكن قد علمت بنجاتك حتى التقيته .. "

رفع عينيه الغارقتين في الحزن و الأسى و نظر إليها

"صدقيني لم أرد الابتعاد عنك بأي حال ، أنت شقيقتي الوحيدة و كل ما تبقى من عائلتي و ذكرياتي الجميلة و كنت لأفضل الموت على تركك و الفرار دونك إلى بلاد بعيدة ، لكن لوسيان و العم كريستيان أخبراني أن بقائي لن يكون في صالحي و لا صالحك . المنظمة قد تصفح عن حياتك لأنك فتاة صغيرة ، سهلة الانقياد - حسب ظنهم - و كونك أنثى يجعلك غير قادرة على توريث اسم العائلة لذريتك ، أما أنا فوضعي مختلف كليا ، فوجود وريث ذكر يعني استمرار وجود العائلة و إمكانية تجدد الخطر أو حتى زيادته .."

و استمر يتأمل صفحات وجهها في رجاء ، عندئذ تنهدت و قالت :

"حسنا .. لكن لماذا لم تطلعني على الحقيقة حين عدت هذا العام ؟!"

ارتسمت ابتسامة كئيبة على وجهه و أطرق إلى الأرض و هو يقول :

"لم أكن على دراية باستعادتك الذاكرة ، و لو علمت لسارعت بكل ما وسعني لإخبارك بالحقيقة ، فحاجتي إليك لا تقل أبدا عن حاجتك إلي !"


عاد يتطلع إليها مترقبا جوابها ، لكنها لم تنبس ببنت شفة ، لفت وشاحها حول كتفيها بإحكام ، و استرخت فوق وسائدها مغمضة العينين.

فسأل بنبرة شك :

"هل .. سامحتني ؟!"

ألقت إليه نظرة ساكنة عبر جفونها نصف المفتوحة ثم قالت :

"سأكون سخيفة إن لم أفعل .. الأمر لم يكن بيدك على أية حال.. "


كانت الابتسامة الأخاذة التي أضاءت وجهه ، و بريق السعادة الذي لمع في عينيه الزرقاوين من أجمل ما رأته ويندي طيلة حياتها . بدا مسرورا و مبتهجا بشكل لم تألفه عليه من قبل ، و حالما وسعه النطق سارع بالقول :

"سعيد حقا بذلك !"


تبسمت لونا برزانة و أطبقت جفونها . بدت هي الأخرى في أوج ارتياحها و حبورها ، و لم تكن ويندي في الحقيقة أقل فرحا منها و من وليام . كانت تشعر بالرضا و البهجة يتدفقان داخلها و هي تراقبهما من مكانها ، لكن شيئا واحدا لم يعجبها و لم تجده ملائما للموقف ، فمطت شفتيها و انتصبت واقفة تحيط خصرها بكفيها في وضعية احتجاج و هتفت ناقمة :

"بربكما هل تسميان هذا لقاء أخويا ؟! هذه أول مرة تتحدثان فيها إلى بعضكما منذ اثنا عشر عاما و في النهاية لا شيء سوى "سعيد حقا بذلك"

عوجت فمها و هي تقلد في سخرية مغالية طريقة لفظ وليام ثم أضافت بلهجة مغتاظة : "أنتما تثيران أعصابي بهذه البلادة التي تتحليان بها !"


كان وليام يهتز و يتمايل ضاحكاً و لم يسع لونا غير أن تفك عقدة برودها و تضحك بصمت ، ثم تقول ناظرة نحو شقيقها :

"حسنا.. أظنها محقة . تعال ! هذا اليوم مميز ، لذلك سأعطيك عناقا ملكيا !"

فردت ذراعيها ، فأقبل إليها و هو يقول مقهقها :

"لا تحطمي عظامي من فضلك !"



⭐⭐⭐



مضت الأيام التالية على آلويس بنسق شبه موحد ، فطور ، إزعاج جاستن ، غداء ، زيارة أصدقاء ، إزعاج جاستن ، عشاء ، إزعاج جاستن ، ثم النوم أخيرا على نغمات صراخه.
و لو سأل سائل عن سبب اختياره غرفة مشتركة مع إمكان حصوله على واحدة خاصة به ، سيكون الجواب : لأجل الاستمتاع بإغاظة جاستن.

لم يكن يدخر في ذلك أي جهد ، و في كل يوم يأتي بطريقة جديدة لإثارة المشاكل معه ، و كان آخرها لعبة فأر تصدر صوتا يشبه صرير الفئران الحقيقة . يدسه آلويس تحت سريره ، ثم يحركه عن طريق جهاز تحكم ، و ما إن يشعر جاستن به حتى يصفر وجهه و تضطرب نظراته ، ثم يختبأ تحت غطاءه و هو يرتعش . لكن الحيلة لم تنطل عليه طويلا و حالما اكتشف سرها شاط غضبه ، و حطم الفأر قطعا صغيرة ، و كاد يثب على منافسه متناسيا قدمه الملفوفة بالجبيرة ، لولا أن الطبيب وقف في طريقه ، و سرعان ما قام بفصلهما و نقلهما لأعلى طابق كيلا يزعجا باقي المرضى بعراكهما المستمر.


كان لهذه الحادثة -رغم ما سببته لجاستن من غضب- فضلها الذي لا يقبل النكران ، فقد حررته تقريبا من فوبيا الفئران التي عانى منها مذ كان طفلا في دار الأيتام.


و الآن بعدما ارتاح من استفزاز آلويس و قضى لأول مرة منذ وصوله للمشفى ليلة هادئة . جلس يفكر و يستعيد في عقله ما حصل في الآونة الأخيرة من أحداث و تغييرات لا متوقعة.

و عادت كلمات مورفان ترن في ذهنه كالجرس :

"اقتل تلك الفتاة ! إن أردت تدمير آلويس و حتى وليام آيون كل ما عليك هو قتلها ، هكذا تضرب عصفورين بحجر واحد و تنتقم من الاثنين على أكمل وجه و تستعيد كرامتك . لقد قاما بإيذاء و إهانة أكثر من تحب و هي نفسك ، لذلك ردا لاعتبارك عليك أن تقتل أقرب شخص إلى قلبيهما و هي تلك الفتاة !"


كانت لهجته مقنعة ، و كان جاستن مغتاظا لدرجة أنه لم يهتم بالتدقيق في مضمونها و لا توابعها ، و انقاد وراء رغباته المكبوحة و عواطفه الثائرة دون عميق تفكير.

انطلق بأقصى سرعة إلى كان ، و اتجه حال وصوله إلى المشفى الذي دله عليه مورفان . كان وليام قد غادر لتوه و صب ذلك في مصلحته تماما ، فمهمته باتت أسهل كثيرا.

لقد طلب منه مورفان الدخول لغرفة الفتاة ، و التقاط صورة لها ، ثم الانصراف و أخذ الاستعدادات لقتلها في اللحظة التي يحددها هو ، و لما لم يكن جاستن معتادا على تلقي الأوامر ، فقد أثارت محاولات مورفان لتوجيه خطواته و التحكم في قرارته حنقه و استياءه ، لكنه مع ذلك عزم على تنفيذ تعليماته لإحساسه أنها ستحقق النصر بأكمل صورة.

وقف أمام الغرفة رقم 314 ، و بعد لحظة رتب فيها أفكاره و ما قد يلجأ إليه من حجج طرق الباب مرتين ، ثم دس يديه في جيوبه و أخذ ينتظر.

فتح الباب قليلا و أطل عبر الفتحة الضيقة رأس رجل ، ضيق عينيه و حدج جاستن بنظرة شكاكة و قال بلهجة جافة :

"من تكون ؟! و ما الذي جاء بك إلى هنا ؟!"

أجاب جاستن ببرود لا يخلو من الثقة :

"أنا أعمل مع شقيق هذه الفتاة و أدعى رونالد كارتر !"

"حقا ؟!"

قالها في عدم تصديق واضح و عيناه تضيقان على وجه محدثه أكثر . أضاف :

"و بماذا أخدمك ؟!"

فربطت بين حاجبي جاستن عقدة خفيفة ، و قال بمقدار معقول من الاستياء :

"ينتابني كثير من الفضول حولها بعدما سببته من مشاكل ، فجئت لإلقاء نظرة عليها !"

و أشار بحركة من رأسه إلى ما وراء الباب ، ثم أضاف بلهجة أكثر انزعاجا :

"هل تسمح إذن و تتنح عن الطريق ؟!"

و حدق إلى ملامح الرجل الواقف أمامه .. بدا مألوفا ، و كاد يجزم أنه سبق له الالتقاء به في أحد الأيام ، لكن ذاكرته لم تسعفه وقتها.

بادله الرجل التحديق لكن بحدة ، و تفحصه بنظراته الثاقبة من رأسه إلى أخمص قدميه قبل أن يقول في الأخير :

"فعلا ؟! يا له من سبب وجيه ! اعذرني ، أيا كانت الجهات التي تعمل معها لا يمكنني السماح لك بالدخول !"


فشد جاستن على قبضتيه المتواريتين في جيوبه . لم يتوقع أن تسير المهمة بسهولة ، لكنه أيضا لم يتوقع أن تصل لهذه الصعوبة.
سيحاول إقناعه لمرة أخرى أخيرة ، و إن لم يحالفه النجاح سيرحل على الفور . هو ليس مضطرا للدخول أصلا . يستطيع قتلها بسهولة و دون أن يطأ أرض المشفى حتى.

رفع رأسه بوصة و رمق الآخر بنظرة متعالية محتقرة و قال بعناد :

"و لم لا ؟!"

كان المعني على وشك الرد لولا أن طرفا آخر تدخل و قطع عليه عزمه

"ماذا هناك ؟!"

ألقت الفتاة التي جاءت لتوها هذا السؤال ، و دارت بناظريها بين الرجلين ، و حالما وقع بصرها على جاستن انبسطت أساريرها و هتفت بسرور :

"هذا أنت يا رون ؟!"

مط الشاب شفتيه في اشمئزاز و أشاح بوجهه . لم يحبذ رؤية تلك المزعجة مطلقا.

و عادت ويندي تسأل :

"هل أرسلك كلارك يا ترى ؟!"


أدرك جاستن أن الكذب في هذا الموقف لن يكون تصرفا حكيما خصوصا أنه يجهل كثيرا مما حصل هنا ، فهز منكبيه و قال بصدق :
"لا ، جئت من تلقاء نفسي !" و أضاف ردا على نظرة التساؤل في عينيها : "شعرت برغبة في رؤية تلك التي تسببت في كل هذه الفوضى .."

لم ينظر ناحية ويندي لكنه أحس بنظراتها تخترق جلده ، و عندما التفت نحوها لم يلمح آمارات شك أو ريبة ، و إنما وجدها تنظر في عينيه بطريقة طفولية بريئة ، لكن ذكاءه أشعره أنها تخفي خلف ستار براءتها ما هو أكبر من ذلك.

أضاف في محاولة لقطع هذا الصمت المريب :

"إنها لا تختلف كثيرا عن شقيقها الوغد .. كما يبدو !"

بدا الرجل متعجبا من طريقته الفظة في الحديث عمن يفترض أن يكون رئيسه ، لكن ويندي لم تبد كذلك ، إذ كانت على دراية جيدة بطبيعة جاستن أو رون كما عرفته.

تبسمت بمرح قائلة :

"لست مخطئا في تخمينك !" ثم أشارت له بأن يتبعها و تقدمته قائلة : "تعال لندخل.. "

لكن الرجل اعترض طريقها و قال برفض قاطع :

"غير ممكن ! الكونت أمرنا بحراستها ، و عدم السماح للغرباء بالاقتراب منها !"

فشرحت له في هدوء :

"لكنه ليس غريبا ، إنه صديق وليام و أهل للثقة !"

"لكن.. "

"تذكر يا رفاييل أن سيدك أعطاني ثقته و استأمنني على أغلى ما يملك.. فكيف تشكك في قراراتي ؟!"

عند هذه الكلمات لم يسع رفاييل أن يستمر في الاعتراض .. فتنهد ثم قال :

"حسنا .. لكن سأفتشه أولا !"



و بعد أن تم ذلك ، دلف إلى الغرفة خلف ويندي.

كان انطباعه الأول الذي كونه عن لونا هو أنها مختلفة ، و لا تشبه الصورة التي تخيلها في ذهنه . لم تكن بذلك الشبه الذي توقع أن يجمعها بوليام ، و لم تبد على وجهها علامات الخبث أو الخديعة . ربما يكون مخطئا في هذه النقطة .. لكنه وجدها في حالها تلك أقرب ما تكون لحمامة جريحة.

قالت ويندي فجأة :

"هل تعرف كيف أصيبت ؟!"

لم يكن يساوره أي فضول و لا اكتراث لهذا الأمر ، لكنه وجد أن الحال يقتضي إبداء شيء من الاهتمام ، فقال :

"لا.. "

"لقد أطلق عليها حارس القائد الأعلى للمنظمة رصاصة في ذراعها و أوشك على قتلها لولا تدخل بعض الحلفاء . كان ذلك تصرفا وضيعا و جبانا جدا من قبله ، فهي مريضة بالسرطان كما تعلم و لم تقو على مواجهته أو الدفاع عن نفسها ، لكنه لم يعط لا هو و لا قائده اعتبارا لهذا الأمر . لم يهمهم سوى قتلها بغض النظر عن الطريقة و طبيعة الموقف ، و هذا إن دل على شيء فعلى ضعفهم ، و خوفهم غير الطبيعي منها ، و شكهم في إمكانية الفوز عليها لو جاءت المواجهة عادلة و منصفة لكلا الطرفين . ليس المهم أن تنتصر بل كيف تنتصر . هذا هو الفرق بين القوي الواثق و الضعيف الخائف ، فالأول يطمح لفوز نزيه عادل ، و قد يضحي بهذا الفوز لأجل شرفه و اعتزازه ، أما الثاني فهو دوما على استعداد للتضحية بكل كبريائه و كرامته و حتى إنسانيته في سبيل نصر لا يجلب له في النهاية غير العار !"


قالت ذلك ، ثم التزمت الصمت و لم ترفع عينيها المشحونتين بالقوة و العزم عن وجه صديقتها النائمة . كان جاستن يقف متعجبا و مستغربا حتى الانزعاج .. لم تقول ذلك له ؟!


كان في غاية الضيق و عدم الارتياح ، لذلك أسرع و شغل هاتفه ، ثم تظاهر بإجراء مكالمة مع وليام و في الأثناء التقط صورة للونا .. و غادر الغرفة دون أن يلتفت وراءه.


نزل إلى الشارع مسرع الخطى و شعور كريه يجثم على صدره كصخرة هائلة و يضيق الخناق على قلبه و رئتيه.

لم يصدق ما كان عازما على فعله .. هل أصبح ضعيفا يائسا لهذا الحد ؟! و هل وصل به الغباء ليسمح لذلك الحقير بالتحكم فيه و جره إلى بركة الأوحال التي يسبح فيها ؟!
لم يصدق ذلك ! و لم يستوعب كيف انحدرت به أفكاره لهذا المستوى.
إنها إهانة لكبريائه و عار يلطخ ثقته و اعتزازه ، فيجب أن يدوسها بقدميه ، و يمحوها ، و يحرق بنار شموخه ما مرت عليه من صفحات ذهنه.

أما آلويس فستكون له مع جاستن مواجهة عادلة لا تشوبها شائبة ، و أما ذاك اللعين .. فحسابه لن يكون يسيرا .. أبدا !











رد مع اقتباس
  #317  
قديم 08-31-2016, 02:31 PM
 



الفصل الثالث و الستون
*أرجوك ابقي*




بدرت عنه تنهيدة أقرب للصفير و هو يطبق الكتاب ثم يلقيه بجوار الزهرية التي بدأت ورودها تذبل و تفقد عبيرها و نضارة لونها . لم يزره أحد اليوم ، و لم يجد ذلك غريبا ، فالساعة لم تتجاوز بعد التاسعة صباحا ، و أصدقاؤه عادة ما يأتون بعد ذلك بساعتين أو ثلاث.

التقط جهاز التحكم و شغل التلفاز ، لكن سرعان ما أطفأه ، فلم يشد ما يُبَث فيه اهتمامه . تنهد مجددا و زم شفتيه . أصبح الوضع روتينا مملا في الفترة الأخيرة . خاصة بعد أن تم إبعاده عن جاستن ، إذ كان يجد في إغاضته متعة كبيرة و هواية رائعة يشغل بها وقته.
ضحك لا إراديا حين مر بذاكرته وجه منافسه المتشنج من الغضب و عيناه المشتعلتان كفوهتي بركان . كان منظره مسل لدرجة تستحق المجازفة.


سحب نفسا ثم نفثه في ارتياح و رضا ، و استرخى فوق فراشه المريح ، و في الأثناء أخذ يسترجع و يتأمل ما حدث من مغادرته كورسيكا و حتى دخوله هذا المشفى . كان أول ما خطر على باله هي صورة مورفان و هو يفجر نفسه . رغم أنه شهد موته بأم عينيه غير أنه ما زال غير قادر على التصديق . هل انتهى ذاك الشرير فعلا و صار بإمكانه و أصدقائه مواصلة حياتهم بشكل طبيعي ؟! هل سيكون في مقدورهم حقا أن يمشوا بين الناس بوجوه عارية من الأقنعة حاملين أسماءهم الحقة التي كاد النسيان يجلوها من الذاكرة ؟!

هذا يبدو كحلم .. حلم جميل أسعد من أن يكون حقيقة ..
لكن من يدري ؟ فكثيرا ما يبهرنا الواقع بعجائب أبهى من الخيال.


بحركة سريعة مد يده و التقط هاتفه المحمول ، ثم تجاوز على عجل كثيرا من الأسماء المدونة قبل أن يجد ضالته في الأخير و يضغط زر الاتصال.

لم يأخذ الطرف الآخر من الوقت ثلاث ثوان حتى فتح الخط قائلا :

"مرحبا يا صاحب السمو ! كيف يمكنني أن أخدمك ؟!

رد آلويس في برود :

"لا أنصحك بالسخرية مني يا وليام . قد تقضي بقية عمرك في مشفى الأعصاب !"

فضحك المعني ملء فمه و رد في تهكم :

"أوه حقا ؟! يبدو أنك لا تعرف كيف قضيت طفولتي ، و مع أي وحش عشت .."

تأوه متألما و اختفى صوته بضع لحظات ، فتعجب آلويس ، لكنه ما كاد يتكلم حتى تنحنح الآخر و عاد لهدوئه قائلا :

"إذن.. كيف حالك اليوم ؟!"

"أفضل .."

"خبر جيد ، بالمناسبة لقد فاجأتني باتصالك ، فليس من عادتك أن تتصل في مثل هذا الوقت . أرجو ألا يكون هناك ما يسوء .. "

"لا داعي للقلق . كل ما في الأمر .. أني أردت الاطمئنان على لونا .. كيف أصبح حالها ؟! هل تحسنت ؟! أم ما زالت عنيدة لا تهتم بصحتها ؟!"

و بدت إجابة وليام مرحة لدرجة مبهجة كان لها أثرها الحميد على آلويس

"إنها أحسن حالا الآن ، و باتت تأكل وجباتها بانتظام إلى حد ما .. لن يطول الأمر حتى تعود لطبيعتها الوحشية !"

و أتبع كلماته بضحكة مشاكسة تتلاحق فيها أنفاسه .. بدا كما لو كان يركض .
تجعد جبين آلويس شيئا يسيرا و سأل بارتياب :

"هل..أنت تجري ؟!"

"إنها الرياضة الصباحية .. لا تهتم !"

بالكاد بانت كلماته بين لهاثه المتصاعد و ضحكاته المخنوقة ، فعبس آلويس و زاد عجبا ، لكنه تجاهل الموضوع و لم يوله اهتماما كبيرا . قال راسما على وجهه ابتسامة صغيرة :

"هناك أمر أود إخبارك به !"

"حقا ؟! بشأن ماذا ؟! لا ، انتظر لا تخبرني !"

"و لماذا ؟!"

"لدي لقاء مهم الآن !"

"لقاء مهم ؟! مع من ؟!"

"معك أنت !"


قال وليام و أطل برأسه من الباب المفتوح و ابتسامة واسعة تضيء وجهه.

حدق إليه آلويس في دهشة ، و رمش بعينيه مرة بعد أخرى ، فضحك الزائر غير المتوقع و دلف إلى الداخل قائلا :

"لم تتوقع مجيئي أليس كذلك ؟!"


فقال المعني ببطء و وطأة المفاجأة تخبو سريعا :

"ظننتك ستبقى بجانب أختك حتى تتماثل للشفاء .. " ثم عقد حاجبيه و قال مؤنبا بهدوء : "ما كان عليك أن تتركها بهذه السرعة ، ما زال عدد غير قليل من أعدائنا فارين ، و بعضهم مجهول الهوية حتى !"

فرد وليام بثقة بالغة و هو يدس يديه في جيوب معطفه و ينتصب بشموخ :

"أعلم هذا !"

"إذن .. "

تحلى وجهه بتكشيرة فاتنة بقدر ما هي ماكرة ، و تحرك نحو الباب و أشار بإبهامه قائلا :

"و لذا جئت معها !"


أمال آلويس رأسه للجانب ببطء و حملق بعينيه المغمورتين بالدهشة في وليام الذي ضحك و مد يده خارج الباب و هو يقول :

"هيا تعالي لم أنت خجولة هكذا ؟!"


و لم يصدق آلويس حتى رآها بأم عينيه تدخل الغرفة و تقف و هي تقريبا مختبئة خلف وليام . لم يسبق له أن شاهدها بهذا القدر من الخجل و الارتباك . يداها المتمسكتان بباقة ورد ترتجفان ، وجنتاها تتلونان بحمرة الكرز ، و عيناها تتحاشان النظر إليه قدر الإمكان.

ضحك شقيقها حين وجدها تتشبث به و قال ساخرا :

"لا تبدين أبدا كتلك الشرسة التي وكزتي بمرفقها قبل قليل !"


مطت شفتيها الحمراوين و رمقته بنظرة حادة ، لكنها سرعان ما هدأت و همست في أذنه بعض كلمات ، فهتف معترضا :

"لا أنت من اشترى الباقة و أنت من سيعطيها له !"


و لشدة ما انتابها من إحراج تلك اللحظة رفعت الباقة و غطت بها وجهها المحمر.

لم تكن الدهشة قد فارقت آلويس حتى ذلك الوقت . ما الذي جاء بلونا ؟! ألا يفترض أن تمكث مدة أطول في المشفى ؟! ثم أليست .. أليست على خصام معه و لا تريد رؤيته ؟!


و بينما تتقاذف النظرات مع أخيها ألقى آلويس سؤاله في تشكك و بعض التوتر :

"هل .. سمح لك الطبيب فعلا بمغادرة المشفى ؟!"

كان من الأسلم أن يخاطب وليام و هكذا نوى في البداية ، لكن أصابته عدوى الارتباك من لونا ، فوجه سؤاله مباشرة إليها ، و ما كان منها غير أن فوجئت لحظة ، ثم طأطأت رأسها و أجابت :

"أ.. أجل .. قال أني تحسنت كثيرا و .. أن في وسعي الخروج من المشفى لبعض الوقت .."


شعر بالحنين عندما طرق صوتها الناعم أذنيه ، و زينت وجهه ابتسامة رقيقة و هو يتطلع إليها . كانت تلك أول مرة منذ لقائهما في نيس توجه له كلاما بشخصيتها الحقيقية و مشاعرها الخاصة.

تحدث وليام مصححا :

"تقصدين ما قلته أنت للطبيب !"

لم تلتفت لونا إليه بل حدجته بنظرة خطيرة من طرف عينها ، لكن حبه الفطري للمجازفة دفعه لتجاهل تحذيرها و متابعة كلامه مخاطبا آلويس و هو يبتسم بمكر :

"منذ أن أعلمتها بإصابتك و هي تترجى الطبيب ليسمح لها بالمغادرة ، لم يقبل أول الأمر خاصة أن الوجهة بعيدة و قد تكون الرحلة مرهقة لها ، لكنه اضطر لتغيير رأيه بعدما أسرفت في إعطائه عددا لا يحصى من الوعود و التعهدات بالحرص على سلامتها و إتباع تعليماته !"

و عاد ينظر لشقيقته و التي لم تكن قطعا شاكرة له هذه المداخلة . ظلت تحدق إلى الأرض و كل مناها أن تنشق من تحتها و تبلعها لتخلصها من هذا الموقف المخزي ، لكن ليس قبل أن تحجز لوليام مكانا ملائما و ربما دائما في هذا المشفى.


أما آلويس فكان شعوره بعيدا و مختلفا عن شعورها و أكبر بكثير من مجرد تفاجؤ . كان الذهول و عدم الفهم يهيمنان على محياه ، و يكتسحان نظراته المثبتة على لونا التي لم تجرؤ على رفع رأسها فضلا عن ملاقاة عينيه.
و لما لم يكن قد صدق فلم تخامره أي بهجة ، على خلاف ما توقع ناقل الخبر الذي بدا عليه الإحباط و قال بقليل من الاستياء :

"ما بك ؟! لم لست سعيدا ؟!"

أجاب و هو يزيح بصره ببطء عن لونا و يوجهه نحو أخيها :

"إنني .. لا أفهم !"

فتبسم وليام حينها و قد بدا عليه الإدراك.

"آه .. فلتعذرني إذن ! لقد أخبرتها كل شيء عنك !"


طغى الشعور بالأسف و الذنب على نظرات لونا الملتصقة بالأرض ، بينما توسعت عينا الكونت في تساؤل يخالطه التفاجؤ.

"كل شيء .. عني ؟!"

"أجل ، كل شيء . بما في ذلك انتماؤك لأسرتنا !"


لزم آلويس الصمت .. و هنا رفعت لونا رأسها و بصعوبة و حياء ألقت عليه نظرة سرعان ما انحرفت و ارتبكت ثم عادت للأرض.

"أنا آسفة .. "

رفت عيناه الذهبيتان في دهشة لدى سماعه اعتذارها غير المتوقع و لا المبرر بهذا الصوت الذي أرهقه تأنيب الضمير.

عصرت قبضتيها المتشبثتين بأسفل الباقة و واصلت كلماتها بذات النبرة المتألمة :

"لـ.. لم أكن أعلم بما مررت به .. و لم تكن لدي أدنى فكرة عن الماضي القاسي الذي اضطررت لعيشه .. أنا حقا آسفة .. كنت في غاية السخف و الأنانية .."

غار صوتها و غصت الكلمات في حنجرتها كما لو كانت حجرا شائكا ، فازدردت ريقها بصعوبة ، و الدموع تتلألأ في خضرة عينيها.

قبل تلك اللحظة كان الاندهاش يغالبه و يعوق ردود أفعاله ، لكن ما إن لمح عبراتها تلمع حزنا و صوتها يضطرب و يتحشرج ندما حتى وخزه الألم و الاستياء في صدره.

"لا تقولي ذلك ! لم تخطئي في شيء ، و ما كان عليك أن تتجشمي عناء السفر إلى هنا ، فأنا من يفترض أن يبادر بالزيارة !"


أثناء قوله ذلك كانت قد تشجعت و أخذت تبادله النظر بعينيها الدامعتين ، لكنها أشاحت بناظريها سريعا حالما فرغ من كلامه و قالت :

"لا .. كان من الواجب أن آتي أنا ، فإصاباتي أخف و أقل بكثير مما لديك .. و لا تعيق حركتي !"


حلت على إثر كلماتها لحظات رقيقة يتخللها صمت مشوب بالعواطف بمختلف أنواعها . كان وليام ينظر نحو آلويس ، و آلويس نحو لونا ، و لونا نحو باقة الورود.
و قد أجفلت الأخيرة تقريبا حين حطت كف شقيقها على كتفها و قال مبتسما :

"هيا أعطه وروردك كي نغادر !"


هزت المعنية رأسها ببطء ، ثم حركت ساقيها و خطت بمحاذاة سرير آلويس دون أن ترفع عينيها عن أقدامها . تركت الباقة برفق على الطاولة ، أحنت رأسها و تلكأت و هي تقول :

"أ.. رجو لك الشفاء العاجل .. "


بدت في أقصى حالات توترها حين وقفت بهذا القرب منه ، تخضب خداها بحمرة قانية و ارتفعت حرارتها حتى أحست بأنفاسها تختنق ، كان الأمر أشبه بالانحناء على فرن مضطرم النيران يطفح حرارة و شررا.

فتعجلت الانصراف و استدارت كي تعود لأخيها فور إلقائها هذه العبارة المرتبكة ، غير أنه ما كان بمقدورها المغادرة و كفه تقبض على معصمها.


"ابقي !"


تطلعت إليه و قد أزاحت الدهشة خجلها لبرهة . كان صوته عازما مُلِحَّا ، و نظراته رغم ما يغلفها من رجاء و رقة تخترق دفاعاتها إلى ما وراء قلبها و تبث في نفسها العجز و الخضوع.

تسمرت في مكانها تلقي إليه بنظرات الحيرة ، فأردف بهدوء لمحت بين طياته رنة حزن :

"أريد التحدث إليك .."

"لكن .. "

"لن آخذ الكثير من وقتك .. بضع دقائق تكفي !"


ارتبكت و تطلعت إلى شقيقها تطلب رأيه ، لكنه ما كاد يفتح فمه حتى التفت آلويس نحوه قائلا :

"لم لا تذهب لزيارة صديقك رونالد ريثما ننتهي يا وليام ؟!"

فنظر المعني إليه ، ثم قال و هو نصف متجهم و نصف مبتسم :

"هل أعتبر هذا طردا ؟!"

و تراءت ابتسامة صغيرة على طرف فم آلويس.

"بل صرفا مؤقتا !"


تبادلا النظر لفترة .. آلويس مبتسم في تحد و ثقة ، و وليام يضيق عينيه في شك و يفتح فمه استعدادا لقول شيء ما ، لكن هذا الشيء أيا كان ظل عالقا في حلقه و لم يخرج للعلن.


"حسنا أيها المتحذلق !"

قال أخيرا و استدار قاصدا الباب . أمسك المقبض المعدني و التفت إلى آلويس بنظرة أخيرة :

"لكن لا تتأخر !"

"لن أفعل !"


ظلت لونا تلاحق شقيقها بنظراتها القلقة حتى اختفى وراء الباب ، فقال الكونت مطمئنا في شيء من السخرية :

"لن أقوم بالتهامك فلا داعي للقلق و اجلسي !"


خفضت بصرها و الإحراج يلون خديها ، ثم جلست ضامة ساقيها باحتشام فوق الكرسي عديم الذراعين ، و أخذت تعبث بأزرار معطفها القصير ، و تسوي أطرافه في محاولة للتخفيف من توترها.


بدت في تلك اللحظات أروع جمالا و أشد جاذبية من أي وقت مضى ، كان حياؤها النبيل ينسدل على وجهها كخمار لؤلؤي براق يضفي على قسماتها سحرا لا يضاهى.

لم يشك الكونت في حُسنها و بهاء منظرها ، لكنه لم يكن سعيدا و لا راضيا بهذا الحاجز الذي نصبته بينهما ، كان يُشعره بالضيق و عدم الألفة ، فالطفلة المشاكسة التي أحبها بكل كيانه لم تكن لتظهر هذا القدر من الخجل أمامه . كان ليفضل أن تصرخ في وجهه ، تشتمه أو حتى تضربه على أن تعامله بهذه الطريقة المحترمة الحيية المستفزة.


تنهد بهم ، ثم نظر إليها متجهما :

"أخبريني .. ما أنا بالنسبة لك ؟!"


طرفت عيناها في عجب و تفاجؤ ، و لم تتريث كثيرا قبل أن تقول ببراءة :

"ابن عمتي !"

فزوى ما بين عينيه و رمقها بنظرة حادة قد تنم عن أي شيء إلا الرضا.

"حقا ؟! لا تتحاذقي علي يا آكلة الورق ! لقد فهمت سؤالي جيدا !"


و ابتسم في نشوة حين لاحظ تأثير كلماته المرجو على وجهها . احتدت نظراتها ، تقطب جبينها ، و انشق خمار الخجل نصفين و سقط عن محياها خرقة بالية .
كان يعلم أن الاستفزاز هو الطريقة المثلى لنبذ توترها و جعلها تتصرف على طبيعتها.


اتسعت ابتسامته بخبث و هو يقول :

"صحيح أما زلت تلتهمين الكتب ؟! ما آخر واحد أكلته يا ترى ؟! تعليم الحياء لذوات الغباء ؟!"

عقدت ساعديها أمام صدرها و دماء وجهها تفور.

"لا بل كيف تطبع رقم حذائك على وجوه أعدائك ! هل تريد أن تجرب ؟!"

كان لون وجهه قد انقلب أزرق من شدة الضحك.

"الآن .. أصبحت تعجبينني !"


كادت في لحظة أن تبتسم ، لكنها تراجعت و سحبت تلك الابتسامة في حنق ، و أعرضت بوجهها ملتوية الشفتين.

و أجفلت حين جذب كرسيها ناحية سريره حتى أصبحت حافته تلامس ركبتيها.

صرخت في وجهه :

"ما الذي تفعله أيها المزعج ؟!"

قال مبتسما ببراءة :

"أحب أن تكوني قريبة عندما أتحدث إليك !"

ردت في حدة و غيظ :

"أما أنا فأفضل أن أبقى بعيدة قدر الإمكان كيلا أرتكب جريمة !"

و حاولت إبعاد كرسيها لكن قبضته القوية المتشبثة به مَنَّت محاولتها بالفشل.


"و لماذا قد تقدمين على العنف ؟!"

"لأنك باختصار أحمق ، مستفز ، بليد الإحساس ، و تثير غيظي !"

"يا إلهي هل أنا كل ذلك ؟!"

"أجل !"

"و ماذا لو قلت لك أني كنت أمازحك لا أكثر ؟!"

"لن يغير ذلك شيئا من كونك مزعج !"

"حتى لو قلت لك أني أحبك ؟!"


تباطأ استيعابها تلك اللحظة و تأخر سؤاله في الوصول إلى عقلها كما لو كان يمتطي ظهر حمار أعرج . كانت على وشك أن تلقي جوابا آخر غاضبا ، لولا أن المعنى دخل رأسها أخيرا ، فتملكتها حالة من الجمود و الصدمة.

قالت بشك و قدر بسيط من الحدة :

"لا.. تسخر مني !"

فلم تكن تصدق أنه قالها من قلبه ، و ارتابت في أن يكون مقلبا و سرعان ما سينفجر ضاحكا منها و يقول : "هل صدقت ؟! يا لك من غبية يا آكلة الورق !"


لكنه لم يضحك و لم يقل ما فكرت فيه ، بل ابتسم برقة و مسد بأنامله وجنتها الباردة :

"لست أمزح في هذا . أنا فعلا أحبك يا حمقاء ! أكثر من أي شخص و كما لم أفعل في حياتي مع أحد !"


كان من المثير للعجب أن وجهها لم يحمر و لم ترتفع حرارته . بدا كما لو أن كل جسمهما بأجهزته و دمائه و خلاياه يشاركها الصدمة و يعاني الاضطراب و الفوضى.

أخذ يديها بين يديه الدافئتين و أردف مبتسما بحنو و محبة :

"هل تذكرين دب الباندا الذي أهديتني إياه في نيس ؟! طارد الكوابيس بون ؟! ما زلت أحتفظ به و أضعه على وسادتي كلما راودني كابوس !"


قال ذلك و هو يتوقع أن يشرق وجهها فرحا ، لكن رد فعلها جاء مفاجئا و معاكسا تماما لتصوراته . سحبت يديها و حاولت دون جدوى كفكفة دموعها التي انهمرت غزيرة سريعة على دهشة منه.

لقد ذكرتها هديتها بهديته صندوق الموسيقى الذي صنعه بيديه لأجلها و كادت ترميه في لحظة يأس و جحود ، و اعتصر قلبها ألما من حجم الفارق بين معاملته هو لهديتها البسيطة التافهة و معاملتها هي لهديته القيمة الرائعة.

و لم يستغرق ثوان من التفكير حتى توصل لسبب بكائها ، فترك عنه الدهشة ، و طبطب على رأسها بحنان.

"أعلم أنك كدت تتخلصين من هديتي .. "


رفعت رأسها في ذهول ، و ما كادت تجتمع عيونهما حتى انفجرت في البكاء بهستيرية.

لم يفاجأ هذه المرة ، فقد ألقى كلماته و هو يدرك جيدا مدى تأثيرها . كان يعرف أنها ستتألم بشدة و تجهش بالبكاء ، لكن ألم لحظة أفضل ألف مرة من عذاب ضمير مكبوت يستمر إلى آخر العمر.

أحاطها بذراعيه بكل ما وسعه من رفق و أخذ يمسد شعرها و يقول :

"لا بأس عليك .. إنني لست غاضبا ، و لو حطمته على رأسي ما كان من حقي أن أشكو ، فما فعلته أنا بحقك كان أسوأ بكثير من مجرد التفكير في رمي هدية !"

أحس حينها بكلمات مورفان تحاصره ، و تقبض على قلبه بقبضة من فولاذ شائك.
كانت دموعه تحتشد و تثور و تقود تمردا ضاريا ضد أعصابه الباردة و طبيعته العقلانية ، و لم يدم الصراع طويلا حتى خرجت قطرات الملح المدججة بالعواطف منتصرة.


"أنا آسف ، لقد ارتكبت في حقك خطأً لا يغتفر . كان يجدر بي أن أفكر مئة مرة قبل أن أختار الابتعاد عنك . كان علي إجهاد عقلي أكثر و الوصول لحل آخر أضمن و أقل أضرار . لقد كنت مهملا و أحمق . سامحيني أرجوك ! اغفري لي غلطتي .. و استمري في العيش ! أرجوك .. لا تتركيني ! ابقي بجانبي ! أنت صديقتي ، أمي ، أختي ، محبوبتي ، عائلتي ، و موطني .. كل شيء بالنسبة لي !"


تشبثت بقميصه بيديها المرتعشتين و دموعها تسيل و تغسل قلبها و روحها قبل وجهها.

"سـ.. أفعل !"

رغم أن النشيج قد زعزع نبرة صوتها ، إلا أن القوة و الإرادة التي تنضحان منه لا قدرة لأي مخلوق على المساس بهما.

"أيا كان ما ينتظرني ، و مهما بلغ الألم الذي سأعانيه .. سأعيش ! أعدك بذلك !"












رد مع اقتباس
  #318  
قديم 08-31-2016, 03:04 PM
 
ههههههههههههه
ههههه

الكونت وجاستين ثنائي رهيب

قتلوني ضحك ههه



السلام عليكم :heee:

كيفك؟


بعرِف إنّي مُتابعة سيئة وما بنتبه لكتير تفاصيل بخصوص الشّخصيات >.<2
تحمليني.. بس أنا هرجع أقرأ الرّواية كلها مرّة تانية
واحتمال تالتة.. لأنّه هيك طبعي الفيلم أو الأنيمي اللي بيعجبني بحضره خمسين مرّة
وما بمل منّه
وروايتك بالنّسبة لي شي نادر
فأقل واجب الواحد ممكن يعمله إنّه يقرأها بتركيز
لأنّه فيه كتير تفاصيل أنا شخصيّاً ممكن بتجاهلها
وانتِ بتكوني تعبانة عليها
وأنا ما بتجاهلها عن قصد إنّما لأني مُتابعة سيئة متل ما حكيت x.x1
وممكن السبب لأنّي بقرأ بوقت وبرد بوقت تاني
فبكون نسيت شغلات x.x1



نرجع لموضوعنا


الجزء الستين:


قرأته بسيارة الأجرة، وكانت هاي أكبر غلطة بعملها
ما عرفت شلون بدي خبّي حالي وأنا ميتة ضحك
ولأنّي كتمت ضحكتي حسيت قلبي بوجّعني بالنّهاية..

مشهدهم كان رهييييب بكل شي فيه

طريقة وصفك لتحرّكاتهم
ودقّة الوصف بشخصياتهم
مجرّد الفكرة بشخصيتهم كانت حلوة
والعلاقة بينهم حلوة برضك وممتعة.. على الأقل هاد لحد هلأ.. ما منعرف شو رح يصير بعدين!
لسّاتني مو قادرة أوثق بهالجاستين
رغم إنّه أبدى براءة وصدق رهيبين لكن..
ما بعرف يمكن من فرط خوفي ع الكونت :heee:

أحلى نقطة حسيت حالي رح طق ضحك عليها هي التالية:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



"قلت لك توقف ! إلى أين تسير وسط هذا الدخان الكثيف يا ذا العقل الاجوف ؟! في الحقيقة بت أشك في امتلاكك عقلا من الأصل ، و لا أدري كيف انتهى أؤلئك الحمقى بضمك للمستوى السادس ، و لا كيف رضي أتباعك البلهاء بك قائدا . هيا أسرع و ارفع يديك القذرتين عن ساقي ! و إلا فلن .. "


ثم اصطدم رأسه بالجدار عند انحراف آلويس نحو الرواق الأيمن ، فقطع استرساله في الصراخ ، و صار يفرك موضع الإصابة متمتما بضرب غير متناسق و لا مرتبط من اللعنات و الشتائم.

كان الآخر يسير و هو بالكاد يعي -لشدة انشغال تركيزه- أن ما يجره خلفه إنسان و ليس كبشا ميتا فارقه الشعور.

لكنه استعاد شيئا من انتباهه حين سمع تأوهات جاستن ، و التفت نحوه في تفاجؤ ما لبث أن أزاحته تكشيرة شريرة.

"أوه .. آسف !"

"سأقتلك أيها الحقيـ .. آه !"


و ترك آلويس عندها ساقي جاستن بقدر من الرفق لم يكن كافيا ليجنب الأخير الألم الناتج عن اصطدام عظامه المكسورة بالأرض ، فأخذ يئن بصوت مخنوق ، بينما يخطو الآخر ، و يتجول بحذر بين مداخل الحجرات المشتعلة .. حتى توقف آخر الأمر أمام أحدها و تنهد و قد بدا عليه الارتياح.



ههههههههههههههههههه
هههههههههههه

يا ويلي كل ما أقرأها بموت ضحك
آلويس بجنن .. وعصبيّة جاستين حلوة

ايييييه مزعوني ضحك



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



"إنك ثقيل كالفيل ! و لا أعجب حقيقة من ذلك .. إذا كنت تحمل بين كتفيك ذاك الرأس .. المثقل بالغباء !"



ههههه.. مش هيك :lamao:



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



"ماذا تعني بقولك أنه قصر عائلتك ؟! إنه يعود لأسرة .."

و توقف هنيهة ، ثم عاد يستأنف و حلقات الحقيقة تتجمع و تلتحم مع بعضها في ذهنه : "هل يعود لأسرة أمك ؟!"



بمرّة من المرّات احتجت أكتب نفس التعبير اللي تحته خط.. بس للأسف ما عرفت أعبّر عنه

أحسنتِ عزيزتي


وبالنّسبة للعنوان "أزرق ضد أصفر" خايفة أقول ما فهمت تقولي عنّي غبيّة
رغم إنّي أثبتت غبائي بالرّدود السابقة الحمد لله :heee:


لكنّي عرفت إنّه كان تسجيل لمّا قال :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



"مرحبا بك !"


فيمكن لا زال فيي أمل :heee:




الجزء الواحد والسّتون:


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة




"ليتك رأيت آوتنبورغ قبل دخوله الحجرة السرية ! كان يحسب ذاك الصوت المسجل عائدا لمورفان ، فصار يدور حوله نفسه و يصيح "أين أنت أيها الجبان اللعين ؟! أظهر نفسك إن كنت تجرؤ !" و ظل على هذه الحال عشر دقائق قبل أن يقتنع أخيرا أنه مجرد تسجيل !"




ههههه..
ههههههههههه

ذكرني بميماتيه بوادي الذّئاب :lamao:



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



"عندما تعادلت مع خالي إدمون في لعبة الشطرنج في زيارته ما قبل الأخيرة ، قال لي : "الملك لا يحصل على هذه الأهمية المبالغ فيها إلا في هذه اللعبة الوهمية . أياد الجنود هي من ترفع عرشه ، و حين تسقط ينهار ملكه ، و لا يغدو لوجوده قيمة . يد الجندي المقاتلة أثمن من تاج الملك المرصع بالجواهر ، تذكر ذلك جيدا أيها الصغير !"


ثم سكت ، و رفع ناظريه إلى تابعيه مترقبا تحليلهما ، غير أن أي منهما لم يبد عليه الفهم ، رفع إنزو حاجبيه و تبادل مع إيريك نظرات التساؤل و العجب قبل أن يرتسم العبوس على وجهه و يقول في يأس :

"لم نفهم شيئا .. كيف دلك هذا الكلام على .. "



هههه
الحمد لله
أحدهم بشاركني صفة الغباء :heee:



....




استمتعت كالعادة يا الغالية

وفيه شغلة حابّة أعترف فيها

وهي إنّك كاتبة نادرة..

صحيح.. نادرة

لأنّه نادراً ما بتلاقي كاتب يجمع ما بين:

- جمال الفكرة
- جمال الشّخصيات
- جمال الوصف
- مُناسَبة الرّواية لجميع الأذواق (هذا باعتقادي، لأنّها شاملة كل التصنيفات؛ أكشن، مغامرة، رومانسي، كوميديا وتراجيديا)
- جمال السّرد
- توافُر التّشويق
- انعدام الأخطاء
- متابعة ردود المُتابعين
- الإحاطة بكل تفاصيل الرّواية ومواقع الأحداث
- التّفرُّد في الاسلوب (ما بين الانتقال بين الماضي والحاضر وتجميع الأجزاء لتصل إلى نقطة واحدة
هي المطلوبة.. دون نقص.. دون تناقض.. دون عجز.. كل شي كاامل ومتكاامل)


قلتها ورح أحكيها كمان مرّة

أنتِ:
- نادرة
- ذكيّة
- عندك كاريزما

وأنا:
معجبة فيكِ وبكتابتك
وبحبّك جدّاً
وأتمنّى من كل قلبي إنّك ما تتركينا
لأني احتمال أعيّط
نادر ما ألاقي حد يأثّر عليّ هالتأثير بروايته حتّى أكبر الكتّاب

ما بعرف إزا غيري بشوفو إنّي مجنونة بحبّي لروايتك
وممكن يحسّو إنّي ببالغ
لكن هذا ذوقي
وأنا سعيدة
وهذا يكفي لإرضائي


سعيدة معكِ

أعظم أمنياتي لكِ بالتّوفيق
بكل حياتك


تستحقين الأفضل يا جميلتي


كل الحبّ
__________________

رد مع اقتباس
  #319  
قديم 08-31-2016, 03:09 PM
 



همممم

ما أجملهم البارتين هدول!


الحسّ الفُكاهي عندك راائع




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mygrace مشاهدة المشاركة



اتسعت ابتسامته بخبث و هو يقول :

"صحيح أما زلت تلتهمين الكتب ؟! ما آخر واحد أكلته يا ترى ؟! تعليم الحياء لذوات الغباء ؟!"

عقدت ساعديها أمام صدرها و دماء وجهها تفور.

"لا بل كيف تطبع رقم حذائك على وجوه أعدائك ! هل تريد أن تجرب ؟!"



ههههههههههههههههه
هههههههههههه
هههههه

يا ويلي.. شو هااد!!
مش طبيعي
وربّي انمزعت ضحك..

ولك هاي شلون بهونلها تحكي هيك
هو بنفع أصلاً ملاك متله ينضرب!!
ههههه
بس ردها خااارق ههههههههه

أحلى نهفة بتصير بكل الرّواية


وهو الصّراحة كل الجزئين كانوا حلوين
حبيت إنّه ما في عودة للوراء (من الذّاكرة) كتير
لأنّه بعتقد كل شي صار واضح وما عاد نرجع لورا! أعتقد!


امممم

ضايل جزئين كمان..

أتمنّى تنتهي هالرّواية ع خير وما تطلع مطبّات جديدة

بس فصلين!! هيكون فيه كتير أحداث فيهم

إن شاء الله تكون كلها سعيدة لأنّه نفسيتي تعبت معهم من كتر ما زعلت عليهم
ومن كتر ما إنّي خايفة بالنّهاية حد يصير له شي x.x1



الرّد قصير.. لكن هذا لا ينفي إنّي استمتعت

ولأنّه كل شي عجبني ما رح أحط اقتباسات لأنّي هضطر أقتبس كل شي :heee:

الجزئين خرااافيات


وكنت ناسية أحط ضمن اعترافي بالرّد السابق إنّي أقول:

إنّك كاتبة خلوقة

أسلوبك هادي وراقي...
.....


طيب طيب بكفّي هيك


متشوِّقة للقاادم

ودّي



__________________


التعديل الأخير تم بواسطة ۿـﺎلـﮧَ- ; 08-31-2016 الساعة 04:02 PM
رد مع اقتباس
  #320  
قديم 08-31-2016, 08:22 PM
 
واااااااو.....شو هالمفاجأة الحلوة...كعزومة على عرس الكونت...هههههه

لزوم من هللا اجهز حالي....للشماتة فيك اورانج..
Mygrace likes this.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:59 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011