عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree498Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 3 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 08-09-2016, 03:15 PM
 


..( 18 )..

~ يومي ~

نظرت إلى جوليا بخوف حين رأيت الحارس يقوم بأخذها خارجاً ..

صرخت بجزع وبنبرة متوسلة : جوليا لا تغادري أرجوك ، لا أريد أن أُعذب كما عُذبتِ ..

أعلم أن ما أقوم به هو تصرف أناني ، لكني مذهورة وخائفة كثيراً ، لن أتحمل أبداً مثل هذا النوع من التعذيب ..

شعرت بالأمل حين رأيتها قد توقفت في مكانها وبعدها استدارت إلي وقالت مبتسمة : وهل ظننتِ حقاً أنني سأتركك ؟؟ قلت أنني سأحميك يا آنسة يومي و أنا لا أغير كلمتي البتة ..

شعرت بقليل من السكينة بعد كلماتها لكن تأنيب الضمير يقتلني ، كيف لي أن أحتمي خلف فتاة ضعيفة وصغيرة مثل جوليا ؟؟ أنا الأكبر سناً هنا ، إذاً أنا من يجب أن أحميها ، لا العكس ..

سمعت الحارس كيتورا يقول مخاطباً جوليا بإنفعال : هل أنت جادة أيتها الحمقاء ؟؟ ألا زلت مصرة على حمايتها على الرغم من أنك علمت طبيعة التعذيب ؟؟
أجابت جوليا عليه : وما شأنك أنت ؟؟

لم يرد عليها الحارس وأخذ يتمتم بكلمات غاضبة ، كنت أنظر إلى جوليا بقلق ممزوج بالحزن أنا حقيرة فعلاً لقد ورطتها في أمر لا يعنيها ورغم معرفتي بمدى حقارتي إلا أنني أرفض أن تتركني هنا وحيدة ..
فأنا لا أملك الشجاعة الكافية لأتحمل هذا التعذيب كجوليا ..

سمعت جوليا تقول للحارس الأصلع : أعد الخيارات المتاحة أرجوك بشكل مفصل ..

رفع الحارس الأصلع أصبعيه السبابة و الوسطى ، ثم قال : لديك خياران ، الأول أن تغمسي يدك في هذا الزيت والمدة ستكون أربع دقائق تحديداً ، بعدها تخرجين يدك ، الثاني أن تقومي بإمساك جمرة مشتعلة وتبقي محتضنة له في كفك لمدة خمس دقائق ، ماذا ستختارين إذاً ؟؟



وضعت جوليا سبابتها على شفتها السفلي علامة التفكير ، ونحن ننظر إليها بترقب ماذا ستختار ؟؟
بعد ثواني من الصمت قالت مبتسمة : إذاً سأختار الخيار الثالث ..
احتدت ملامح الأصلع وصاح غاضباً : هل تمزحين معنا ؟؟


قال الحارس كيتورا بعده : لربما قصدت بالخيار الثالث الإنسحاب ..

هزت رأسها نافية وقالت : لا لم أقصد ذلك لكن الخيار الثالث هو أن تقوما أنتما بذلك ، ومن ثم سأختار لأرى أيهما أقل ألماً ..

- كفاك عبثاً ، إن لم تريدي الإختيار فسآخذ هذه المرأة و أصنع بها ما شئت ..
هذا ما صاح به الحارس الأصلع ، وبعدها قام بسحبي نحو القدر المليء بالزيت بينما كنت أصرخ مستنجدة جوليا ..
وأخذت أبكي خوفاً ، كان يحاول سحب ذراعي الأيمن ، وأنا أقاومه بكل ما أوتيت من قوة ..
وجهي المذعور قد غرق بدموعي ونظري أصبح ضبابياً ..

بدوت كالمجنونة حقاً ، لكن هذا لا يهم ، الأهم الآن هو أن لا أسمح له بالإمساك بذراعي ، وإلا أصبحت مقلية لا محالة ..

شعرت بأحدهم يجذبني إلى الوراء بقوة ، وبعدها تعالت صرخة الحارس الأصلع ..
مسحت دموعي بكفي بقوة لأستطيع الرؤية جيداً ، وما رأيته أذهلني ..


كان الحارس الأصلع يتلوى ألماً وصراخه قد ملأ المكان ، وكفيه تغطيان وجهه ، ويبدو أن الحارس كيتورا قد سكب الزيت الحار على وجهه ..

تيبست في مكاني بذهول ، ما أراه الآن مفجع حقاً لم أعتد على رؤية منظر كهذا ..
شعرت بيد جوليا تجرني خارجا ، ولم أعد أستطيع تمييز ما يحدث جيداً ، وبقيت في حالة صدمة ..



***


~ كيتورا ~

عندما أمسك الحارس الآخر المرأة المدعوة بيومي ، وحاول سحب يدها لوضعها في الزيت المغلي ، جن جنون جوليا وأخذت تحاول الإفلات مني لمساعدة يومي ..

كنت واثقاً من أنني إذا ما تركتها فقد تُدخل يدها في الزيت مباشرة لإنقاذ تلك المرأة ..
وأنا لا أريدها أن تؤذي نفسها ، لكن هذه الحمقاء لن تهتم بنفسها ..

قلت وأنا أمسكها بإحكام : إسمعيني عندما أفلتك قومي أنت بإنقاذ تلك المرأة وأنا سأتكفل بأمر الحارس .

بعدما انهيت جملتي أفلت يدها لتسرع هي إلى الآنسة يومي وتجذبها نحو حضنها ، لأقوم أن بسكب الزيت الحار على الحارس ..

عندها أخذ الحارس بالصراخ وهو يتلوى على الأرض من الألم ..
قلت مخاطباً جوليا بسرعة : لنخرج من هنا حالاً ..
خرجنا من تلك الغرفة تاركين ذلك الحارس في الخلف ، وكنا نسير في ذلك الممر الضيق ..
كنت أنا في المقدمة وخلفي جوليا التي تجر تلك المرأة المتيبسة في مكانها ..
كنت أركض بسرعة وبين حين وآخر ألتفت للوراء لأرى ما إذا كانت جوليا لا تزال خلفي ..

وعندما وصلت أخيراً إلى الباب المؤدي إلى الخارج ، إستدرت قائلاً : جوليا خلف هذا الباب منزل فخم مليء بالخدم لذا توخي الحذر ، ولنتسلل بخفة ..
سألتني جوليا : أين نحن الآن ؟؟

أجبت عليها وأنا أمسك مقبض الباب : نحن في قبو منزل السيد ..

قبل أن أدير المقبض فُتح الباب من تلقاء نفسه ، ليظهر خلفه وجه سيدي وعلى شفتيه تلك الإبتسامة الساخرة ..
ليقول بعدها وهو يحدق فيني : كما توقعت تماماً ، ستحاول إنقاذ هذه الفتاة المدعوة جوليا ..


جفلت في مكاني وعداد الخطر في ازدياد خصوصاً بعد أن نقل بصره إلى جوليا ..
ترجعت إلى الوراء خوفاً من أن يقوم بإيذائها ، وقع عيني على يده الأيمن لأدرك أنه يحمل مسدساً في كفه ، بلعت ريقي بصعوبة وأنا أشعر بالإختناق لقد أقدمت على شيء جنوني حقاً ..

تمتمت بضعف ونبرة مرتعشة : سيدي أنا لم أقصد .......
بتر عبارتي وهو يصوب مسدسه بإتجاهي قائلاً بحزم : أصمت آيها الخائن ، ألا زلت تريد الإنكار وقد أمسكت بك متلبساً ..

لم يكن هناك خيار أمامي سوى التوسل عله يغفر لي ..
انحنيت راكعاً بإذلال وأنا أقول : سيدي سامحني أرجوك ، أعدك أنني لن أكرر فعلتي ..
صاح سيدي : وهل تظنني سأسامحك على خيانتك لي بمجرد أنك ركعت أمامي ؟؟ لا وألف لا ..

جثوت على ركبتاي أمامه وأقبلت أقبل قدمه فقد يشفق على حالي ويسامحني لا بأس في أن أذل نفسي أمامه من أجل البقاء حياً ، فلو قتلني الآن أختي ستكون وحيدة ومشردة ، وربما قد يقتلها سيدي أيضاً ..


قلت وأنا أنهال على قدمه بالقبلات بصورة مثيرة للشفقة : أرجوك يا سيدي سامحني ، سأوافق على أي أمر تطلبه مني ، حتى لو طلبت مني أن أتصرف ككلب لك ، لكن أبقي على حياتي أرجوك ..



ركلني السيد بعيداً ليتبعها رصاصة استقرت على كتفي الأيسر ، صرخت متألما وأنا أضع يدي مكان الرصاصة والدماء تنزف دون توقف ..

بدأت دموعي بالإنهمار بغزارة وأنا أفكر بأختي الوحيدة شينا ، انتبهت لوجود جوليا بجواري والتي أخذت تقول بغضب موجهة خطابها إلى السيد : أيها السافل لماذا أطلقت النار عليه حتى بعد أن توسل إليك ؟؟

قلت وأنا أحاول دفعها بضعف : ابتعدي أيتها الشيطانة فأنت السبب فيما يحصل لي ..
نظرت إلي جوليا متفاجئة ، لم تعلم أنني منذ حضورها وأنا لا أفكر بأحد سواها ، جذبني هدوئها وصمودها العجيب في وجه المحن ، ولكم أعجبت بروح الفكاهة التي تتحلى بها رغم صعوبة الموقف الذي هي فيه ..

تلك الصفات الفريدة التي كانت تتحلى بها جعلني أرغب حقاً في إنقاذها ، وفي النهاية أدركت أن قلبي قد تعلق بها ، وسرت خلف ما يمليه علي قلبي دون أن أفكر بالعواقب ، والآن حان الوقت لأدفع الثمن ..
طوال حياتي وأنا لم أفكر في الحب فقد كان لدي العديد من المشاكل التي أشغلني عنه ، لكن لم أتوقع ولو للحظة أنني سأقع في الحب مع رهينة ، كم هذا مهين حقاً ..

***


~ جوليا ~

أخذت أتأمل الحارس كيتورا ، وأنا لا أفهم في ماذا يفكر ، لم يكن هناك وقت لأسأله فهناك شيء أهم الآن ..
لمحت الرجل وهو يرفع مسدسه مصوباً على الحارس كيتورا ، ليطلق بعدها رصاصة أخرى استقرت على كتفه الأيمن ..

ذعرت كثيراً وأنا أسمع صرخات الحارس المتألمة ، وفي الوقت ذاته ابتعدت عنه خشية أن يصيبني الرصاص ، لا أريد أن أموت الآن تاركة الآنسة يومي خلفي ..

عندما تراجعت أطلق عدة رصاصات أيضا اصابت عدة مناطق من جسد الحارس كيتورا ..

قلت بصوت مبحوح : توقف يا هذا ، أليس في قلبك أي رحمة ؟؟

أوقف الرجل إطلاق النار ، ونقل ببصره إلي ليقول بإبتسامة عريضة : نعم أنا كذلك ، هل لديك أي مشكلة ؟؟

أغاظني رده كثيراً مع تلك الإبتسامة التي يرسمها على شفتيه ، فجأة قطع نظراتنا صوت سعال الحارس كيتورا ، إلتفت إليه لأراه يسعل دماً ، ويبدو متألماً كثيراً ..
حزنت عليه كثيراً ، منظره وهو ملقى على الأرض وملابسه الغارقة في الدماء ، ووجهه الشاحب وصوت آهاته كل هذا يفطر القلب ..



رأيت الرجل يتقدم نحو الحارس وبعدها رفع قدمه ليضعها على صدر الحارس ويضغط عليه بقوة ، ليصدح صوت صراخه الذي يعبر عن مدى ألمه ..

قال الرجل للحارس وهو يزيد من الضغط على صدره بقدمه القذرة : هذا ما تستحقه لأنك فكرت في خيانتي ..
قال الحارس كيتورا بصعوبة : سيدي ... أرجوك ... لا تؤذي أختي ..

انطلق من ذلك الرجل صوت قهقهة عالية ، ليردف بعد أن هدأ قليلا : ولماذا يجب أن أستمع إليك وأنفذ ما تقوله ؟؟ أنا حر فيما أفعله بها ..


انفجرت البراكين في داخلي ، والغضب قد أعماني ، لم أعد قادرة على السيطرة على نفسي أكثر من هذا ..
تسللت نحوه بخفة لأمسك بيده التي يحمل فيها المسدس وألويها إلى الخلف ، ثم طرحته أرضا بضرب المنطقة الموجودة خلف الركبة لأجعله يفقد توازنه بسهولة ، وبعده جعلته ممدداً على الأرض وكلتا يديه ملويتان إلى الخلف ، وقدمي اليسرى موضوعة على ظهره ..


قلت بنبرة غاضبة : أيها اللعين السافل ، أنت تغضبني كثيراً بتصرفاتك ، سأقتلك هنا لأرتاح منك ..
قال وهو يحاول مقاومتي : اتركيني أيتها اللقيطة ..

سحبت يديه إلى الخلف قليلا وقلت بنبرة تهديدية : لا تتحرك وإلا خلعت كلتا كتفيك ، ابقى ساكناً..

هدأ قليلا بعد ان اطلق تلك الصرخة القصيرة التي عبرت عن ألمه ، أكملت كلامي : اسمعني إن أردت النجاة فأجب على اسئلتي بصراحة ، لماذا قمت بإختطافي أنا والآنسة يومي ؟؟
أجاب بفظاظة : ولماذا قد أخاف من تهديد فتاة صغيرة مثلك ؟؟

جوابه استفزني كثيرا، زدت من سحب يده ليطلق صرخة أعلى من سابقتها ، ثم قلت : هذه الفتاة التي تظن أنها صغيرة ستجبرك على الإجابة ، لكن ليس الآن بعد أن نخرج من هنا ..

قلت هذا بعد أن تذكرت حالة الحارس كيتورا ، التأخير ليس من صالحنا أبداً ، ولكن لأضمن عدم حرية هذا السافل ، ضغطت على ظهره بقدمي وجذبت كلتا يديه بقوة حتى سمعت صوت خلع كتفيه ..


لم آبه إلى صوت صراخه ، الأمر ليس وكأنني عديمة الرحمة ، لكن هذا الرجل يستحق هذا و أكثر ..
ثم أنه وبعد أن خلعت كلتا كتفيه اصبحت مطمئنة من أنه لن يشكل تهديداً لي ، وسأستطيع أخذه كرهينة لأستطيع الخروج من هنا دون أن يقرب مني أحد ..

التقطت المسدس الملقى على الأرض وتفحصته لألاحظ أنه قد بقي رصاصتان فقط ، إذا يجب أن أكون حذرة عند استعماله ، مع أنني أرجو أن لا اضطر إلى إستخدامه أبداً ، ليس لأنني لا أتقن استخدامه ، بل أنا بارعة كثيراً في استخدام الأسلحة وماهرة في التصويب لأن والدي قد علمني هذا مذ أن كنت طفلة ، لكنني لا أحب إيذاء الآخرين أبداً ..

إلتفت إلى الآنسة يومي والتي كانت تحاول إيقاف نزيف الحارس ، قلت لها : آنسة يومي سنغادر المكان ، هل الحارس بخير ؟؟
- لقد فقد الكثير من دمائه ، حالته سيئة للغاية ..
- هل تستطيعين إسناده ومساعدته في المشي ؟؟
- نعم استطيع فأنا معتادة عى هذا ..

بينما كانت الآنسة يومي تقوم بمساعدة الحارس ، أمسكت الرجل من ياقة قميصه وجذبته نحوي بعنف ، سمعته يشتمني بغضب لكنني تجاهلته ..


لاحظت أن الآنسة يومي تعاني كثيراً ، فالحارس لا يستطيع حتى الوقوف على قدميه ، والآنسة يومي لن تستطيع حمله ..

سمعته يقول بصوت ضعيف : لا بأس فلتذهبوا من دوني ، فأنا أشعر أن أجلي قد حان ..
ثم صمت قليلاً ودموعه تسيل بغزارة ، ليكمل بعدها : لكن أرجوكم اعتنوا بأختي شينا جيداً ، فهي ستكون وحيدة بعد موتي ..


قلت محاولة بث الأمل في قلبه : لا تقل هذا فأنت ستنجو بلا شك ، اصبر قليلاً فقط ..

هز رأسه نافياً بضعف وقال بصوت متهدرج : لا أظن ذلك ، لذا لا تنسيا أن تعتنيا ................


توقف فجأة عن الكلام وتهاوى جسده ، خشيت أن يكون قد مات شعرت بالدوار بمجرد التفكير في هذا ..



- لقد توفي الحارس يا جوليا ماذا سنفعل ؟؟
كان هذا صوت يومي التي انتشلني من شرودي ، أغمضت عيناي متألمة لما حصل له ..

أدخلت يدي في شعر الرجل وقلت بغضب وأنا أجر شعره : تبا لك ، أنت السبب في موته ..

سمعته يقول : صحيح أنني قتلته ، ولكنني لم أكن لأفعل ذلك لو أنه لم يفكر بخيانتي ويحاول إنقاذكما ، إذاً فأنتما السبب في موته ..


جثوت على الأرض عندما انتابني صداع فظيع ، أمسكت رأسي بكفاي وأنا أضغط عليهما ، هل أنا السبب حقاً في موت الحارس ؟؟
هززت رأسي محاولة نفي هذا من رأسي ، لا يمكن أن أكون السبب ..
لكن صوت في داخلي يقول ( ها هو ذا شخص آخر قد مات بسببك يا جوليا ، أنت لست سوى شؤم لمن حولك ) ..
ثم اندفع سيل من الذكريات المؤلمة التي حاولت تناسيها لكن عبثاً وأصوات عديدة متزاحمة في رأسي ..
أنت السبب يا جوليا
لقد مات بسببك
أنت من قتلته أيتها اللعينة

رغم أن الآنسة يومي تجلس إلى جواري لكن بدا لي وكأن صوتها بعيييد جداً عني لدرجة أنني لا استطيع تمييز ما تقوله ، وبعدها لم أعد أستطيع رؤية أي شيء ً وسقطت في ظلام دامس ..

***

( في اليوم التالي )

~ سوبارو ~

كنت أنتظر أمام بوابة المدرسة خروج روز ، أرجوأن ينقضي هذا الأسبوع سريعاً ، فأنا أرغب في العودة إلى المدرسة روز تواجه أوامر المختطف وحيدة ، وأنا أريد أن أكون معها ..

انتبهت لوجود طالب في المرحلة الإعدادية من زيه المدرسي يقف أمامي ، ثم قال وهو يحدق فيني طويلاً : تعال معي قليلا ، أريد أن أخبرك شيئاً مهما ..


نظرت إليه بإستغراب ، ماذا يريد مني طالب في الإعدادية ؟؟
قلت بهدوء : وماذا تريد مني ..

قال راسماً على شفتيه إبتسامة غريبة : تعال معي فالأمر سيهمك وأنا واثق من هذا ..


إبتسامته لم ترحني إطلاقاً ولا حتى طريقته في الحديث ، وشعرت بالقلق قليلاً مما سيقوله ..
هل يا تراه قد علم بأمري ؟؟
هززت رأسي نافياً هذه الفكرة ، من المستحيل أن يكتشف من أنا ، ولا أظن أن أحداً بإمكانه إكتشافي ..

تبعته والأفكار تتخبط في عقلي ، وفي النهاية توقفنا عند زقاقة ضيقة ..
قلت محاولا إخفاء توتري : ماذا تريد ؟؟
قال بإبتسامة ماكرة : الموضوع يتعلق بروز ..


شعرت براحة كبيرة عندما قال هذا ، إذاً الموضوع لم يكن متعلقاً بي وإنما بروز ..

لحظة !!
قلت بإستغراب : روز !! ماذا بها روز ..
قال الفتى : دعني أعرفك بنفسي أولاً ، أنا أدعى ماركو وأنا شقيق روز الأصغر ..


بعدها وضع كفه الإيمن في جيب بنطاله وأخرج منه هاتفاً خلوياً ..
قلت متفاجئاً : هذا هو الهاتف الذي أعطيته لروز ..

قال ماركو : نعم أعلم ذلك ، وقد سرقته منها صباح هذا اليوم ..

إذاً لهذا لم تجب علي عندما اتصلت بها ، هذا يفسر الأمر ،لكن ماذا يريد مني ماركو ؟؟ هل يريد إعادة الهاتف إلي ؟؟ أم أن هناك سبباً آخر ؟؟

تابع ماركو حديثه : أخبرني ماهي علاقتك بروز ؟؟ هل أنت حبيبها أم ماذا ؟؟
قلت بهدوء : نحن أصدقاء ..

صمت ماركو لثواني ليقول بعدها : اسمعني يا شبيه المومياء ، إذا كنت مهتم بسلامة أختي فمن الأفضل أن توافق على ما سأقوله الآن ..


قلت بملل : لا وقت لدي لأضيعه معك أيها المزعج ..
كنت سأدير ظهري عائداً إلى بوابة المدرسة ، لكن ما قاله أوقفني : إذا أيجب علي ضربها كما فعلت سابقاً !!

قلت بحدة : ماذا تقصد بكلامك أيها الفتى ؟؟
قال بمكر : قبل عدة أسابيع تعرضت روز لضرب مبرح من قبل أمي وعندما أرهقت أكملت أنا الضرب من بعدها ، لقد كانت الآثار واضحة جدا ، حتى أنني قمت بحرقها قليلاً ..

تذكرت حين كانت روز تضع كمامة تخفي خلفها وجهها ، الآن عرفت لماذا لم تخبرنا عن السبب ..

قلت بغضب : ولماذا قمتم بضربها ؟؟
أجابني بنبرة باردة : لأنها فتاة وقحة وعاقة وأمي تكرهها كثيراً ، لكن إن أردت مني إنقاذ أختي من الضرب فيجب أن تدفع لي اسبوعياً ، وسأقسم أنني لن أدع أمي تقرب منها ..

لم أحبذ فكرة الجدال معه ، لذا قررت الموافقة ، وبعدها اتفقنا على المبلغ الذي يجب أن أعطيه اسبوعياً ..

بعد أن انتهينا من عقد الصفقة قال لي مبتسماً : من كان ليظن أن لدى أختي شخص يحميها ، على العموم لقد قمت بالخيار الصحيح ، سنلتقي هنا كل أسبرع لأستلم النقود ..
قلت بحدة : لإن لمست شعرة من روز فالصفقة ملغية ..
- لا تقلق من المستحيل أن ألغي صفقة رابحة كهذه ، وداعا يا شبيه المومياء ..

غادر ماركو والسعادة بادية على وجهه ، كيف لا وهو سيستلم مني اسبوعياً مبغاً ليس بهين أبداً ، لكن هذا لا يهم المهم هو سلامة روز ..

لم أكن لأظن أن روز تعيش وسط عائلة كتلك ، أم تعامل ابنتها بقسوة وأخ يحرض الأم على ضرب اخته ، إنها حياة صعبة حقاً ..
أصدرت فجأة ضحكة قصيرة وساخرة ، أنا آخر من يجب أن يتفاجأ ، فحياتي معقدة كذلك أكثر منها ربما ..

انتبهت إلى روز الواقفة أمام بوابة المدرسة الرئيسية ، ومن الواضح أنها تبحث عني فهي تتلفت يميناً وشمالاً ..
اقتربت منها قائلاً : روز ماذا حصل اليوم ؟؟

نظرت إلي روز قائلة : لم أجد أي رسالة في درج طاولتي ..
قلت متفاجئاً : إذاً لم يطلب الخاطف أي أمر ، هذا غريب حقا !!
قالت روز : بل هو أمر جيد ..
قلت لها : روز لماذا لم تردي على الهاتف ؟؟ لقد كنت قلقاً عليك كثيراً ..

قالت بإبتسامة متوترة : في الواقع لقد أضعته صباح هذا اليوم أنا آسفة حقاً ..
نظرت في عينيها بعمق وقلت بهدوء : روز هل تذكرين ذلك اليوم الذي أتيت فيه إلى المدرسة ووجهك كان ممتلئ بالكدمات والجروح ، من هو السبب في هذا يا ترى ..


نظرت إلي متفاجئة ، يبدو أنها لم تتوقع أن أسئلها بشأن موضوع قديم ، وبعدها أخذت تشتت أنظارها هنا وهناك ..
قلت متظاهراً بأنني لا أعلم الفاعل : روز تحدثي أرجوك ، فقد يفيدنا هذا ..
قالت وهي ترخي عينها إلى الأرض : لا أظن ذلك ، لذا أرجوك لا تُعد السؤال ..


كنت أرغب حقاً في أن تتحدث معي قليلاً ، وتخرج ما في قلبها ، لا أريدها أن تكبت الحزن والهم ، فهذا سيؤثر عليها بصورة سلبية ..
لكن في الوقت ذاته لا أريد إجبارها ، فلو أرادت أن تفرغ عن ما في داخلها لشكت إلى جوليا ، فهي صديقتها المقربة ..

سرنا معاً على الطريق وكلانا لم ينطق بكلمة ، فجأة وقف أمامنا شاب بشعر أشعث ، يرتدي نظارات ضخمة ودائرية تغطي معظم ملامح وجهه ، ولديه شاربان مضحكان ولحية كثيفة ..
كان ينظر إلينا ويحرك يديه هنا وهناك بطريقة كوميدية ، كانت روز تسخر منه وتحاول المرور لكنه يعترض طريقها ، لفت نظري زيه المدرسي والذي كان مختلفاً عنا ، وينتمي إلى مدرسة مرموقة ..


سمعت روز تقول لي بغضب : سوبارو انظر إلى هذا المهرج السخيف ، إنه لا يسمح لي بالمرور ..
قلت مبتسما : يبدو أنه معجب بك ..

احتقن وجهها وقالت بصوت عاالي : ماذا !!! أشخص كهذا يعرف كيف يعجب بالآخرين ، لا تضحكني أيها الأحمق ..

قام هذا الشخص بسحبنا بعيداً بعد أن جذبت روز أنظار الجميع بصراخها ، وبعدها دخلنا إلى الزقاقة ذاتها التي كنت فيها أنا وماركو ..

قالت روز وهي تحاول إفلات يدها من قبضة يده : دعني أيها المعتوه اتركني ..
تركها الرجل لأقول لها : روز ألم تتعرفي إليه بعد ؟؟

قالت بغرور وهي تشير بسبابتها إلى الشخص الواقف أمامنا بإستصغار : وكيف لي أن أعرف معتوهاً مثله ؟؟ يبدو أنه قد هرب من مستشفى الأمراض العقلية ..


نزع الشاب الشعر المستعار وخلع تلك النظارة الكبيرة ، ويظهر وجه ياماتو الوسيم وهو يقول بإبتسامة : إنه أنا أيتها الحمقاء ..

نظرت إليه روز متفاجئة وقالت : ياماتو !! ولكن لماذا تتنكر بهذالشكل المضحك ؟؟
قال ياماتو وهو ينزع الشاربان المزيفان واللحية : فعلت هذا لأتسلل إلى هنا ..
ثم التفت إلي قائلا : ولكن كيف عرفت أنني ياماتو ؟؟ على الرغم من أن تنكري كان متقناً ، وسائقي لم يعرفني حتى ..

أجبت ببساطة : عرفت هذا فور رؤية زيك المدرسي ..
وأردفت بإستفسار : ولماذا يجب أن تخفي نفسك حتى تحضر إلى هنا ؟؟
قال بنبرة حزينة ممزوجة بقليل من الغضب : أبي منعني من مقابلتكما لذا لم أستطع القدوم يوم أمس ..
ثم صمت قليلا ليكمل بعدها وهو يحتضن روز : روز آسف لأنني لم .......


لم يكمل ماكان سيقوله لأن صوت صراخ روز العالي قاطعه ..
كانت تصرخ بطريقة هستيرية كالتي حصل معها سابقاً ، لتقع أرضاً وهي تتمتم بكلمات متقطعة ..
روز : اتركني ... ساعدوني ... لم أضربه .. لم أقصد فعل ذلك ...

كان ياماتو ينظر إليها بصدمة وهي تلتوي على الأرض ودموعها لم تتوقف عن الهطول ..
انحنيت وأخذت أحاول تهدئتها ، لكن من دون جدوى ..
هي ليست بوعيها ، جذبها ياماتو إلى حضنه وهو يمسح على ظهرها ، ويطمئنها بكلمات رقيقة ، لكن حركته هذه لم يهدئها ، وإنما زاد من رعشتها وصوت بكائها وصراخها ..

ظننت أن ياماتو سيدعها لكنني تفاجأت حين رأيته يزيد من احتضانها ، بعد دقائق هدأت روز واسترخت في أحضان ياماتو ..
نظر ياماتو إليها وقال : لقد فقدت الوعي ..

وقال وهو ينظر إلي : سوبارو هل لديك فكرة عن ما يحصل لها ؟؟
حدقت في وجهها طويلاً لأقول بعدها : لا أعلم ..
ثم أردفت بصوت منخفض : لكنني أعرف شخصاً قد يعلم ما بها ..
ياماتو : هل قلت شيئاً ؟؟
- لا لاشيء لا تشغل بالك ..
حاول ياماتو إيقاظها ، وبعد فترة قصيرة استعادت وعيها وبقينا نحن الثلاثة نتحدث معاً ..

ياماتو : روز أريد أن أعلم ، هل الإشاعة التي تقول أن جوليا قد هربت قد صدر منك ؟؟
طأطأت روز رأسها ولم تقل شيئاً ، لأجيب أنا عليه عوضاً عنها : لقد كانت روز تنفذ أوامر الخاطف ..
ثم أردفت بأستفسار : ولكن من أخبرك بالأمر ؟؟


شعرت بأن سؤالي قد وتره قليلاً ، وكان هذا واضحاً على وجهه ..
في النهاية قال : أمم لقد سمعت من إحدى الفتيات ..
علمت أنه يكذب لكني لم أقل شيئاً بينما أردف وهو ينظر إلى روز : أعلم أن الأمر كان صعباً عليك وخصوصاً أنك كنت وحيدة ..

آشاحت روز بوجهها قائلة : لم أكن بحاجة إليكما في الأصل ..
كانت روز تكابر وهذا واضح كالشمس ، ولكننا لم نعلق عليها ، فالمكابرة جزء لا يتجزأ من شخصيتها ..

قلت بهدوء : روز هل الوصلت الإشاعات إلى مسامع والدي جوليا ؟؟
هزت رأسها نافية وقالت : حتى الآن لا أظن أنهما قد سمعا شيئاً بشأن هذا ، لكن ما هي إلا مسألة وقت حتى يعلموا ..
ياماتو : وهل حصل شيء جديد هذا اليوم ؟؟
أجابت روز : لا لم يحصل أي شيء ، لأن الخاطف لم يرسل أي شيء اليوم ..
- هذا جيد ..

بعدها قررنا العودة إلى منازلنا فلا فائدة من البقاء معاً في هذا الزقاق الضيق ، ووعدنا ياماتو أنه سيأتي لمقابلتنا غداً كذلك ..
عندما كدنا أن نفترق سمعنا روز تقول : صحيح نسيت إخباركما بأمر مهم ..

إلتفت كلانا إليها وقلنا في آن معاً : وما هو ؟؟
قالت روز : سمعت أن الممرضة التي تعمل في مدرستنا قد اختطفت هذا الأسبوع ، فهي لم تأتي إلى المدرسة إلا اليوم الأول من هذا الأسبوع ..

نظر إلي ياماتو وقال وهو مقطب الجبين : هل تظن أن هذا من عمل الخاطف ذاته ؟؟
حركت كفتاي قائلا : لا أعلم ، قد يكون هو وقد لايكون ، ما رأيك أن نتحرى بهذا الشأن ؟؟
- أنا أفكر في ذلك أيضا ..

بعدها افترقنا وكلٌ منا سلك طريقاً مختلفاً عن الآخر ..
أثناء الطريق ، أخرجت هاتفي من جيب بنطالي ، أخذت أتأمل رقم أحدهم ، لم أظن أنني سأحتاج إليه مجدداً ..

زفرت بضيق وضغطت على زر الإتصال ، وبعد دقائق أتاني صوته الساخر : أوه لم أتوقع أن تتصل بي ..

قلت وأنا أحاول التظاهر بالبرود : إسمعني أريد أن تقضرني بعض المال ..
- طبعاً لا مشكلة لدي لكني لن أفعل ..
قلت بغضب : ولماذا ؟؟
-إن أردت المال فعد إلى العمل ..
شددت على قبضتي بغضب ، هذا أسوء خيار لكن لا مجال أمامي سوى إطاعته ..
تمتمت بإستسلام : سأعود لكن لوقت قصير فقط لا تظن أنني سأبقى في ذلك العمل المهين وقتاً طويلاً ..
عندها ارتفعت صوت ضحكاته المنتصرة لأقفل الخط في وجهه وأنا أكاد أنفجر غيظاً ..

أخذت نفساً عميقاً أحاول فيها إستعادة هدوئي ثم أخذت أنظر إلى السماء الملونة بألوان الغروب ،لأتمتم بعدها : نونا هذه المرة سأعود للعمل من أجل شخص آخر غيرك ، أرجو ألا تغضبي مني فأنا مجبر على هذا ..
أغمضت عيناي متألماً ، أنا خائن حقاً ، عندما شعرت بأن دموعي ستخونني وتبدأ بالنزول غطست في النهر ، وأخذت أرش الماء على وجهي ، وقلبي ينزف ألماً من جديد ..

نونا لن أنساك أبداً .. ستظلين في ذاكرتي دائماً وقلبي سيكون ملكك أنت فقط ..


***


~ ياماتو ~

استقليت سيارة أجرة وطلبت منه التوقف أمام البوابة الرئيسية للقصر ..
نزلت من السيارة بعد أن دفعت له ، ما إن رآني الحرس حتى فتح الباب لي ..

دخلت إلى حديقة القصر وأنا خائف قليلاً من ردة فعل والدي ، لا أظن أنه سيتغاضى عن الأمر ، رأيت آلبرت يقف أمامي فور رؤيته لي أدخل القصر ..

تشائمت من رؤيته ، هذا الشخص لا يحمل سوى الأخبار السيئة ، وبالفعل كنت مصيباً فقد سمعته يقول لي : والدك في إنتظارك يا ياماتو ..
قلت بإكتئاب : آلبرت ألا تستطيع أن تخفي أمر عودتي ..
قال بجدية : السيد في إنتظارك ..

زفرت بضيق ، لا فائدة من التحدث مع هذا المزعج ..
صعدت السلالم متوجهاً إلى مكتب والدي ، وقلبي يخفق بقوة من شدة التوتر ..
ماذا سيفعل بي ؟؟ أيمكن أنه سيقتلني ؟؟؟ لا لا أظن أن الأمر سيصل إلى هذا الحد ..
لربما سيصرخ في وجهي قليلاً ، وبعدها يغضب مني لأيام عدة ، ثم سنعود كما نحن ، على الرغم من أن علاقتنا ليست عميقة كثيراً ..

نفضت تلك الأفكار من رأسي عندما وقفت أمام مكتب والدي ..
أخذت نفساً عمييييقاً قبل أن أفتح الباب ، وأطل برأسي قائلا : سمعت أنك تريد رؤيتي ..
رفع أبي رأسه وأخذ ينظر إلي بهدوء ، أهذا ما يُسمى بالهدوء الذي يسبق العاصفة ؟؟

انتفض جسدي عندما ضرب الطاولة بقبضته الضخمة ، ويقف بعدها متوجهاً نحوي بسرعة كالثور الهائج ..

رفع يديه عالياً ليصفعني بكل ما أوتي من قوت، وقال أخيراً بعد صمت : كيف تجرؤ على عصياني ومخالفتي ؟؟

لم أرد عليه ففي النهاية لا أستطيع إخباره بأن صديقتي جوليا مختطفة ، وأن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي أعصي فيها أوامره ، لذا فضلت الصمت ..
بينما أردف أبي بذات النبرة الغاضبة : إسمعني أمامك عشر دقائق لتجمع أغراضك المهمة وتغادر المنزل ، فأنا لا أريد رؤيتك هنا مرة أخرى ..

نظرت إليه متفاجئاً ، لم أصدق ما سمعته ، هل قام أبي بطردي من المنزل ؟؟ هل هو جاد ؟؟
قلت وأنا مشوش الذهن و على شفتاي إبتسامة بلهاء : هلّا أعدت ما قلته ؟؟
أجابني بحدة : قلت اجمع أغراضك واخرج من المنزل حالاً ، فأنا أكره أن يتم عصيان أوامري ..

قلت بتوتر : لكن ، ماذا عن المدرسة ؟؟ هل ستحرمني منها أيضاً ؟؟
قال بهدوء : كنت سأفعل هذا بسبب عصيانك ، لكنك إبني الوحيد وأنت من سيخلفني من بعدي ، لذا يجب عليك أن تدرس جيداً ، لكن عليك أن تبحث عن مكان تأوي فيه ، وطريقة لتكسب بها قوت يومك ، فأنا لن أعطيك قرشاً واحداً ..
ثم أكمل وعلى شفتيه إبتسامة ساخرة : فلتدع أصدقائك الحمقى يساعدونك بما أنهم السبب في عقوبتك ..

نظرت إليه بغضب ، لكنني لم أقل شيئاً ، لا فائدة من الإعتراض عليه ، كل ما يجب علي فعله هو الإنصياع لأوامره ، هذا هو خياري الوحيد وإلا زاد أبي من العقاب ..


جمعت حاجياتي الضرورية في حقيبة سفر متوسطة الحجم ، ونزلت إلى الأسفل وأنا أرى الخادمات ينظرن إلي بعينين حزينتين ..

قلت مبتسماً وأنا أخاطب الخادمات المتجمعات جميعاً أمامي : ماذا تفعلن هنا. ؟؟ هل جميعكن هنا لتوديعي ؟؟

تقدمت مدبرة المنزل التي تبلغ الأربعين من العمر ،وقالت وهي تمسح دموعها : سيدي الصغير جميع الخادمات سيشتقن إليك كثيراً ، وأنا أولهن ..

ضحكت بمرح قائلاً : سيدة ماكوندا لا تتصرفي وكأنني سأغادر البلاد ، سأعود لذا لا تقلقوا جميعاً ..
أخذت السيدة ماكوندا تلقي محاضرة طويلة عن الأمور التي يجب علي فعلها، والأمور التي لا يجب علي فعلها ، وتوصيني بأمور عدة ومتنوعة ..

السيدة ماكوندا كانت مدبرة المنزل مذ أن كنت طفلاً ، وكانت تعتني بي جيداً ، لذا أنا أحترمها كثيراً ..
ودعتهم جميعاً وخرجت من القصر لأجد الحراس والسائق يودعونني كذلك ، وقد كان الحارس يعتذر كثيراً ظناً من أنه السبب في طردي ..
أخبرتهم أنني سأعود حالما يهدأ أبي قليلا ، لذا لا داعي للقلق ..

بعدها خرجت من البوابة الرئيسية ، وأنا لا أعلم أين يجب أن أذهب ..
لقد سعدت كثيراً عندما رأيت الجميع يودعني ، شعرت بأنهم كالعائلة لي ، أنا أحبهم كثيراً ، وممتن لهم على خدمتهم وإعتنائهم بي ..

لكن هناك شخص واحد لم أره ، إنه رئيس الخدم آلبرت ..
هو الوحيد الذي شعرت بأنه يبغضني كثيراً ، رغم محاولاتي في تكوين صداقة معه ، عدم رؤيتي له اليوم يؤكد لي هذا ..

زفرت بضيق وأنا أنظر إلى الطريق بضياع ، إلى أين يجب أن أتوجه الآن ؟؟
فجأة سمعت صوتاً من خلفي يقول : تعال معي ..


^^ نهاية الجزء ^^

التعديل الأخير تم بواسطة Lune~ ; 08-10-2016 الساعة 01:04 PM
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 08-10-2016, 04:53 PM
 
هاي ... ☺☺☺

اخيرا عدتي من السفر يا عزيزتي ... 😊😊😊

كنت انتظرك بفارق الصبر ... 😀😀😀

شكرا علي التتمه الجميله ... 😁😁😁

استطيع القول بثقه ان الوجه الحقيقي لآلبرت سيظعر في البارت القادم .... 😎😎😎

لاكن ماذا حدث مع جوليا ؟؟؟ 😟😟😟

بي انتظار البارت القادم يا قمر ... 😉😉😉

🌸🌸🌸 باي 🌸🌸🌸
~ANgEL SHiNA likes this.

التعديل الأخير تم بواسطة FREEAL ; 08-10-2016 الساعة 05:30 PM
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 08-15-2016, 09:39 PM
 


..( 19 )..

~ ياماتو ~

إلتفت ببطء بإتجاه الصوت ، وأنا مندهش كثيراً ..
ما إن وقع عيني على آلبرت حتى هرولت إليه فارداً بذراعاي لأحتضنه ..
لكنه رفع يده قائلاً بحزم : لا تقترب مني ..

شعرت بإحباط شديد حين قال هذا ، أنزلت ذراعاي قائلا بغيظ : يبدو أنك سعيد برؤيتي مطروداً من القصر ..
قال وهو يدير ظهره : إلحق بي يا سيدي الصغير ..
بدأت أسير خلفه وأنا أسأله عن وجهتنا ، لكنه لم يجبني بكلمة واحدة ، لذا استسلمت وتابعت السير بصمت ..

لاحظت أننا بدأنا بالمشي في الأحياء المتواضعة ، وبعدها وقفنا أمام منزل بباب بني اللون مصنوع من الحديد ..
أخرج آلبرت مفتاحاً من جيبه وفتح الباب و هو يقول لي : تفضل ..

دخلت إلى ذلك المنزل التواضع لأسمع صوت خطوات قادمة ، وتظهر بعدها فتاة صغيرة تركض بأقصى سرعتها ثم تستقر بين أحضان آلبرت ..
قلت متسائلاً : أهذه الفتاة الصغيرة هي إبنتك ؟؟ لم أعرف أنك متزوج ..
قال آلبرت وهو يمسح على رأس الفتاة الصغيرة : ليست إبنتي ، وأنا لست متزوجاً حتى ..
عبثت بشعري قائلا : إذاً هي أختك الصغرى ..
هز رأسه نافياً وقال : إنها ابنة أخي المتوفى ..


قاطعنا صوت إمرأة مسنة تقول : بني من هذا الشخص الذي معك ؟؟
إلتفت إلى تلك المرأة الطاعنة في السن ، لأسمع آلبرت يقول : أمي إنه سيدي الصغير الذي أحدثك عنه وسيمكث هنا لفترة ..

نظرت إليه وأنا متفاجئ لأسمعه يقول موجهاً خطابه إلي : سيدي الصغير تستطيع البقاء في منزلي لمدة ، فأنا أعلم أنه لا مكان لديك لتلجأ إليه ..
إحتضنته بقوة وأنا أقول بسعادة : شكراً لك يا آلبرت ، أنا متأثر حقاً ..
دفعني بعيداً وهو يقول : لا تقترب مني وإلا ألقيت بك خارجاً..
تمتمت بغيظ : أنت لا تتغير أبداً ..

سمعت والدة آلبرت تقول : يسعدنا تواجدك يا بني في منزلنا المتواضع ..
إلتفت إليها لأقول بإبتسامة : شكراً لك يا سيدتي على استضافتكم لي أنا ممتن لك ولإبنك كثيراً ..

سمعت آلبرت يقول لوالدته : أمي حضري بعض الطعام فالسيد الصغير لابد وأنه جائع كثيراً ..
- حسناً ، سيكون جاهزاً بعد ساعة ..

عندما غادرت والدته لإعداد الطعام قلت له : آلبرت أنا سعيد حقاً حقاً وأكاد أبكي من شدة السعادة ، لقد حزنت قليلاً عندما لم تودعني كالبقية ، وظننت أنك تكرهني ، لكن يبدو أن...................

قاطعني آلبرت بنبرة باردة وهو يحمل تلك الفتاة الصغيرة : لا تظن أبداً أنني أحبك ، لكنني أقوم بهذا لأجعلك مديناً لي ليس إلا ..

إبتسمت دون أن أقول شيئاً ، أنا واثق أن آلبرت لا يكرهني ، وهو خجول فقط من الإعتراف بهذا ..


***


~ روز ~

عندما وصلت إلى منزلي رأيت والد جوليا يقف بالقرب منه ، توجهت إليه لأسأله ما إذا كان هناك أي جديد ..
لكنني توقفت حين تذكرت أن الخاطف قد منعنا من التحدث مع عائلتها ، لذا تراجعت إلى الوراء محاولة الإختباء فأنا لا أريده أن يراني ..

عندما انعطفت في الإتجاه المعاكس ، إصطدمت خطئاً بفتاة ، وهذه لم تكن سوى جودي أخت جوليا ..

نظرت إلى وجهها وعيناها المتورمتان ، يبدو أنها كانت تبكي ، وبجانبها صديقها زاك ..

كنت سأعبر من جانبها لأهرب من والدها ، لكنها أمسكت برسغي وقالت بحدة : أيتها الحقيرة أنا لن أسامحك أبداً ..

حدقت في وجهها بدهشة ، ما الذي تعنيه جودي بذلك ؟؟
سمعت زاك يقول مخاطباً جودي : جودي لا تقولي هذا عنها ، فنحن لسنا متأكدين من أنها هي من نشرت تلك الإشاعة ..

قالت بنبرة غاضبة : بلى إنها هي ، الجميع شاهدون على هذا ..
قلت وأنا أرمش بغير إستيعاب : ماذا تقصدين يا جودي ؟؟

أمسكتني جودي من شعري وأخذت تجره بعنف وهي تقول بصوت عالي ودموعها تنهمر من عينيها : لا تتظاهري بالغباء ، أنت من أخبر الجميع بأن جوليا قد هربت من المنزل وفي أحشائها طفل غير شرعي ، لن أسامحك أبداً أيتها الحقيرة ..

أمسكت يدها محاولة تحرير شعري وأنا أقول بصوت متألم : جودي دعيني أنت تؤلمينني أيتها الغبية ..
قال زاك وهو يحاول إبعادها عني : جودي إهدئي قليلاً ، لا يجب أن تتصرفي بهذه الطريقة ..
صرخت جودي في وجهه : ألم تسمع ما قاله معظم الطلبة ؟؟ هذه الفتاة اللعينة هي السبب ، سألقنها درسا لن تنساه في حياتها ..
دخلت أنا وهي في شجار بالأيدي ، كنت أخمش أي جزء يقع عليه يدي وهي كانت تزيد من جذب شعري حتى خُيل إلي أنها ستنزع كل شعري من جذورها ..


فجأة أتى شخص ما أبعدنا عن بعضنا بقوة هائلة ، نظرت إليه لأدرك أنه والد جوليا وكلتانا نلهث من التعب والغضب ..
قال والد جوليا بحزم مخاطباً إبنته : جودي لماذا تتصرفين بهذه الطريقة مع فتاة أكبر منك ؟؟ أهذا ما علمتك ؟؟

ردت وقد احتقن وجهها من شدة الغيظ : لكن يا أبي هي فعلت شيئاً لا يُغتفر أبداً بحق جوليا ..
ثم صمتت قليلاً وهي تكتم عبراتها وقالت بصوت مبحوح ينذر ببكائها : لقد لفقت كذبة صدقها الجميع ، وهي السبب في تدنيس سمعة جوليا ..


ما إن أنهت جملتها حتى إنهمر الدموع من عينيها ، شعرت بالألم يعتصر قلبي ، أنا السبب الآن في بكائها ..

إحتضنها والدها وهو يقول : عزيزتي نحن لسنا متأكدين بعد من أنها هي من نشرت هذه الإشاعة ، يجب أن نتأكد منها أولاً قبل أن نقدم على أي تصرف أحمق ..

ثم أردف وهو ينظر إلي : روز نحتاج لأن نتحدث معك قليلاً ..

تراجعت إلى الوراء بضع خطوات وأنا أقول بخوف : لا وقت لدي لذلك ، أرجو المعذرة ..
قال بنبرة صارمة : الموضوع مهم جداً لذا أرجو أن تكوني متعاونة معي ..

نبرته الصارمة جعلتني أرجف في مكاني من شدة الخوف ، والد جوليا ضابط شرطة وبارع في الإستجواب وإرغام الطرف الآخر على الإعتراف ..

أخذ يرمقني بنظرات مرعبة جعلتني أتيبس في مكاني وأعجز عن الرفض ..
فجأة شعرت بيد توضع على كتفي ، وصوت من خلفي يقول : ماذا تريد من روز يا سيد روك ؟؟


عرفت صاحب الصوت من دون الإلتفات ، إنه أخي ماركو بلا شك ..
رد عليه السيد روك : أريد أن أتحدث معها بشأن موضوع جوليا ..
أمال ماركو شفتيه قليلاً وقال ساخراً : إذا تريد أن تتناقش معها بشأن موضوع إبنتك الهاربة ..

صرخ السيد روك وجودي في الوقت ذاته معاً : هي لم تهرب ، إنها مجرد إشاعة ..
قال أخي وهو يهز كتفيه ببرود : الإشاعة يمكن أن تكون الحقيقة ..

ردت عليه جودي بغضب : أصمت أيها الجورب العفن ، ولا تتحدث عن أختي بسوء وإلا ..
قال بسخرية وهو يشير نحوها بإستصغار : وهل تظنين أنك سترعبينني ياصاحبة الفم الكريه ؟؟ لست الوحيد الذي يقول هذا الجميع يتحدثون بهذا الشأن ..

كانت جودي سترد عليه لكن والدها أشار لها بأن تصمت ، لكن زاك تدخل قائلاً : لا تنادي جودي بصاحبة الفم الكريه ، هل فهمت يا ماركو ..
أجاب عليه ماركو بذات النبرة الساخرة : وهل تم توكيلك محامياً لها يا متصنع المثالية ؟؟

قاطع السيد روك شجارهم وهو يقول بنبرة مرتفعة : يا أطفال كفاكم شجاراً ، وأنت يا روز ستأتين معي شئت أم أبيت ..
وقف ماكو أمامي وهو يقول : لا يمكنك أن تجبر روز على شيء لا تريده ..
- لا تتدخل فيما لا يعنيك يا ماركو ..
- روز أختي وأنا لن أسمح لك بإجبارها على شيء لا تريده ..


نظرت إليه وأنا متفاجئة ، هل الشخص الواقف أمامي الآن هو أخي ماركو الذي يكرهني ؟؟ لماذا يقوم بحمايتي ؟؟ هذا غريب حقاً !!
رأيت أنهم عادوا إلى الشجار مجدداً ، ويبدو أنهم لن يتوقفوا أبداً ، لذا استغليت هذه الفرصة وركضت مسرعة نحو المنزل ، متجاهلة نداء السيد روك ..

دخلت إلى غرفتي وأقفلت الباب وأنا أتنفس بصعوبة ، أغمضت عيناي بقوة وأنا أرغب حقاً في أن يكون ياماتو وسوبارو معي الآن ..
لا أستطيع مواجهة السيد روك وحدي ، أحتاج إلى أحد يجانبي ..

بعد فترة ليست بطويلة سمعت صوت طرقات متتالية على باب غرفتي ، يتبعها صوت أمي الغاضب : إفتحي الباب حالاً يا روز ، وأخبريني أي مصيبة قد أقحمت نفسك فيه هذه المرة ..
تقوقعت على نفسي فوق السرير محتضنة نفسي بذراعاي محاولة إطمئنان نفسي بنفسي ، وعيناي مثبتتان نحو الباب خوفاً من أن تكسر أمي باب الغرفة وتضربني بقسوة ..
دموعي تنهمر بصمت وضعف ، وجسدي لم يتوقف عن الإرتعاش ، ودقات قلبي تنبض بسرعة جنونية ..


جسدي قد اعتاد على الضرب ، إذاً لماذا أخاف من أمي ؟؟ ألا يجب أن أكون قد اعتدت على ضربها وقسوتها ؟؟ لماذا لا أستطيع إستجماع قوتي والوقوف ضدها ؟؟

بالتفكير في الأمر أنا لست سوى فتاة ضعيفة ترتدي قناع القوة ، أنا أجبن فتاة على وجه الأرض ، لذا لا يمكنني ردع كل من أمي وأخي ..
انتشلني صوت تكسر الباب من سلسلة أفكاري ، لأجد كل من السيد روك وأمي وماركو يدخلون إلى غرفتي بعد أن كسروا قفل الباب ..



***


~ روك ~


عندما قمت بكسر الباب واقتحمت غرفة روز تفاجأت كثيراً من منظرها ، كانت تجلس في زاوية السرير وتحتضن نفسها بذراعيها ، والدموع يسيل من عينيها دون صوت ، وشعرها مبعثر وغير مرتب حتى أنها لازالت بزيها المدرسي ..
كانت تبدو بحال يرثى لها ، لم أكن أريد أن أكسر الباب وأقتحم غرفتها بهذه الطريقة ، لكن والدتها من أشارت إلي بهذا ..


قلت مخاطباً والدة روز وأخيها : أخرجا من هنا ، أريد أن أتحدث معها على انفراد ..
رمقتني والدة روز بنظرة غرور قائلة : أنت في منزلي لذا لا يمكنك طردنا ..
قلت بقليل من الحدة : سيدة توسان أنا أقوم بعملي وأنت يجب عليك إطاعتي مهما كان السبب ..

ضربت الباب بقبضتها قائلة بنبرة عالية : روز لا شأن لها بإبنتك العاهرة التي هربت من المنزل ..
صرخت غاضباً بعد أن عجزت عن كبت غضبي أكثر : سيدة توسان لا تقولي عن إبنتي أنها عاهرة ، فهذه مجرد إشاعة ، والآن غادري حالاً وإلاا ألقيت القبض عليك بتهمة عرقلة التحقيق ..
إحتقن وجهها ويبدو عليها الغضب ، لكنها لم ترد علي بكلمة ، إنها سيدة جبانة بعد كل شيء ..


في هذه اللحظة تحدث ماركو : سيد روك إذا أردت أن تتحدث مع روز فأنا لن أمانع لكن أسرع ..
بعدها غادر ماركو وهو يمسك بيد والدته وغادرا الغرفة ..

إلتفت إلى روز مجدداً ، وكانت كما هي ولم تغير وضعية جلوسها ..
أخذت كرسياً خشبياً موجود في غرفتها ، وقربته من سريرها وقلت بنبرة حانية : روز إمسحي دموعك فجوليا لن تكون سعيدة إذا ما علمت أنك تبكين ..


حدقت فيها منتظراً أي ردة فعل ، لكنها بقيت ساكنة كما هي ..
زفرت قائلاً : روز سمعت الإشاعة التي كانت تدور حول جوليا ، وغضبت كثيراً عند سماعي له ، وقررت البحث عن مصدر الإشاعة ، في النهاية توصلت لشيء ..

صمت قليلاً لأتيح لها فرصة التحدث ، لكنها بقيت صامتة لذا أكملت ما كنت أقوله : لقد قالوا أن الإشاعة إبتدأت من مدرستك ، وحين كثفت التحقيق علمت أنك من أصدر هذه الكذبة ..

- لست أنا ، لا لست أنا من قالها ، هذا كذب ..
هذا ما صاحت به روز أخيرا وهي تهز رأسها بالنفي ، بعدها رفعت كفها ممسكة رأسها وهي تتمتم بهسترية : بلى أنا من قلتها ، أنا من نشر تلك الإشاعة ..

ثم بدأت تجر شعرها وهي تصرخ : لم أكن أنا ، لقد كنت مجبرة ، لا يجب أن تلوموني ، أنا فعلت هذا من أجل جوليا ، أنا لم أذنب ، نعم لم أذنب ..


كنت أراقب تصرفاتها عن كثب ، وأحاول ترجمة ما تقوله ، لكنها تقول أموراً متناقضة ، تارة تعترف بأنها هي الفاعلة ، وتارة تنكر ذلك..
لكن ما لفت نظري هي عبارة ( لقد كنت مجبرة ) أيعقل أن هناك من أرغمها ، لكن من يكون يا ترى ؟؟ وماذا تقصد بأنها فعلتها من أجل إبنتي ؟؟

أمسكت بها محاولا تهدئتها : روز إهدئي قليلا وتحدثي جيداً حتى أفهمك ..
لكن روز دفعت يدي بعيداً ، والخوف بادٍ على محياها ..

أدركت أنها تخفي الكثير ، لكنها لن تبوح لي أبداً وهي بهذه الحالة ، وأنا لم أحبذ فكرة إجبارها ، لذا قررت التحدث إليها لاحقا ..
وقفت بعد أن ودعتها ، وأخبرتها أني سأعود في وقت لاحق ، وبعدها غادرت منزل السيدة توسان ، لتقفز جودي في وجهي وهي تقول : ماذا حصل يا أبي ؟؟ هل إعترفت تلك اللعينة بفعلتها ؟؟

قلت بصرامة : جودي من الأفضل أن تبقي بعيدة عن روز وإياك والإقتراب منها أو قول أي شيء لها ، هل فهمت ؟؟
قالت وهي مقطبة الجبين : ولماذا؟؟ لو أنك فقط لم تمنعني من الدخول لكنت لقنت تلك المنحطة درساً لن تنساه ..

ثم أردفت وجسدها يرتعش من شدة الغضب ، وعيناها بدأتا بذرف الدموع : لماذا تقول شيئاً كهذا عن جوليا التي كانت تعزها كثيراً ؟؟ لماذا أصدرت مثل تلك الإشاعة عنها ؟؟ أولم يكونا صديقتين ؟؟ أهكذا يفعل الأصدقاء ببعضهم ؟؟




أحطتها بكلتا ذراعاي قائلاً بنبرة حنونة : جودي نحن لسنا متأكدين من أنها هي ..............
قاطعتني جودي وهي تبتعد عني بغضب : بلى إنها هي أؤكد لك يا أبي ..
ثم إلتفتت إلى الفتى الذي معها والذي كان يدعى زاك لتقول : زاك لقد كانت هناك فتاة لديها أخت كبرى في صف روز وقد أكدت لنا أن روز هي من أخبرتهم بهذا ، أليس كذلك ؟؟

هز رأسه بإيجابية دون أن يقول شيئاً ، بينما قلت لها : لربما كانت تلك الفتاة وأختها متآمرتين على روز ، لذا لا يجب أن نصدق أي شيء نسمعه ..


***


~ جوليا ~

فتحت عيناي ببطء شديد ، لأرى مباشرة الآنسة يومي التي قالت فور رؤيتها لي : جوليا الحمد لله أنك بخير ، لقد قلقت عليك كثيراً فقد كنت فاقدة للوعي لوقت طويل ..

جلست بمساعدة الآنسة وقلت وأنا أتلفت يميناً وشمالاً : لماذا عدنا إلى الزنزانة ذاتها ؟؟ ماذا حصل بعد أن أغمي علي ؟؟


أسندت الآنسة يومي بظهرها إلى الجدار ، وقالت وهي مطأطئة الرأس : بعد أن سقطت أرضاً خفت كثيراً، ولم أعرف كيف سأتصرف ، لقد كنت خائفة كثيراً ، لذا لم أتصرف بالطريقة الصحيحة ، كل ما قمت به هو البكاء من شدة الخوف ..

عندها بدأت الآنسة يومي تجهش بالبكاء ، وتتمتم بالإعتذار ..
صحيح أنني غاضبة قليلاً لأننا أضعنا فرصة ثمينة للهرب ، لكن اللوم يقع علي أيضاً ، فلو لم يُغشى علي لاستطعنا الخروج ..
قلت بإبتسامة هادئة : لا داعي للإعتذار يا آنسة يومي ، في النهاية النساء ضعيفات دائماً وليس بوسعنا القيام بشيء لأشخاص مثلهم ..


ظننت أن ما قلته سيهدئها قليلاً ، لكن ما حصل هو أن نحيبها قد ارتفع أكثر من قبل ..
زفرت بضيق وأنا في حيرة من أمري ، كيف أجعلها تصمت يا ترى ؟؟

فجأة سمعت صوت غليظ من خارج الزنزانة يقول : توقفي عن الصراخ أيتها المرأة المزعجة وإلا نزعت حنجرتك وقطعت حبالك الصوتية ..

كردة فعل قامت الآنسة يومي بوضع كلتا يديها على فمها محاولة منع شهقاتها من الخروج ..

كنت أدير ظهري إلى الحارس الموجود خلف الزنزانة ، لذا لم أرى من هو الذي صرخ ..
إلتفت ببطء لأتفاجأ بشخص يجلس على ذلك الكرسي ووجهه مغطى بالضمادات ، حدقت فيه بذهول ، لا يمكن أن يكون هو الأصلع ذاته ، وهو مربط الآن بالضمادات بسبب أن الحارس كيتورا قد سكب الزيت الحار على وجهه ..



رفع الحارس عينه لتلتقي نظراتنا ببعض ، ليقف بعدها متجهاً نحو الزنزانة ..
لم أتحرك من مكاني خطوة واحدة ، لو أراد قتلي فأنا لن أمانع أبداً ، ففي النهاية أنا فعلت شيئاً فظيعا للغاية ..
وقف أمام باب الزنزانة ولازالت نظراتنا متصلة ببعضها ، لا هو أبعد عينيه عني ولا أنا قمت بذلك ..


بقينا على هذا الحال لفترة ، أستطيع قراءة ما يخفيه من خلال عينيه ، من الواضح جداً أنه يحتقرني ويرغب في قتلي ، ويحمل حقداً كبيراً في داخله علي ..

قطع نظراتنا صوت باب الغرفة لتتوجه أبصارنا جميعاً نحو الباب ونرى الخادمة تدخل وفي يدها صينية الطعام ..
أدخلته من خلال القضبان قائلة : تناولي هذا يا آنسة جولي ، الطعام لك ..
نظرت إلى صحن الحساء ورغيف الخبز وكأس العصير لأقول بعدها : سيدتي ألا ترين أن هناك سجينتين هنا وليست واحدة ؟؟ ألم أخبركم قبلا، أن تحضروا للآنسة يومي الطعام أيضاً ..

أجابتني الخادمة : إنها أوامر السيد ، هو لم يخبرنا بإحضار الطعام لها ، وإنما أمرنا بإحضارها لك فقط ..



إنه الجواب ذاته الذي سمعته في صباح الأمس، زفرت بضيق حين رأيت الخادمة تغادر المكان ، ويعود الحارس الأصلع إلى مكانه ..

قربت الطعام من الآنسك يومي وقلت : تستطيعين تناول الطعام ، أنا لست بحاجة إليها ..

هزت الآنسة يومي رأسها قائلة : لا يا جوليا أنت من يجب عليك تناول الطعام ، فأنت تبدين جائعة أكثر مني ..
بدأت أنقل ببصري من الطعام إليها ، في النهاية أمسكت رغيف الخبز الصغير وقسمته لنصفين ثم قلت : هكذا سنتناول كلتانا الطعام ..

قالت يومي ويبدو عليها التأثر : جوليا لقد قمت بالكثير من أجلي وأنا لا أستحق ذلك ، أنا أكبر منك سناً ، لكن كل ما أقوم به هو البكاء والإختباء خلفك ، لذا فلتأكلي لوحدك يا جوليا ..

وضعت رغيف الخبز بين يديها دون أن أقول شيئاً ، صحيح أنني قدمت الكثير من أجلها ، إلا أنني قمت بالكثير من الأمور السيئة للحارس كيتورا والحارس الأصلع وشيبا من قبلهم ..


وضعت في فمي لقمة صغيرة ، صحيح أنني جائعة لكن شهيتي مغلقة ، ولا أرغب في تناول أي شيء ، وربما بسبب أن ضميري يؤنبني كثيراً ..
أطلقت زفيراً طويلاً سمعتها الآنسة يومي التي قالت بقلق : ما بك يا جوليا ؟؟
قلت بإبتسامة باهتة : لا لاشيء ، تستطيعين أخذ حصتي من الطعام ، فأنا حقاً لا أشتهيه ..

إقتربت الآنسة يومي ووضعت يدها على جبيني لتقيس درجة حرارتي ، قالت بإستغراب بعدها : درجة حرارتك طبيعية وليس بك حمى ، لكن لماذا تبدين شاحبة على غير العادة ؟؟


إبتسمت ساخرة من سؤالها ، كيف لشخص يمر بموقف كالذي مررنا به ولا يتأثر ؟؟
لكنني لم أكن لأجيب عليها بهذه الطريقة أبداً ، جل ما فعلته هو أن أسندت برأسي إلى الجدار وأغمضت عيناي متمتمة : لا شيء ، كل ما هنالك أنني مرهقة قليلاً ..


بقيت ساكنة في مكاني لأغرق في ذكريات الماضي ، تلك الذكرى التي غيرتني تماماً ، بدأ ذلك عندما أنتقلت أنا وعائلتي من هذه المدينة إلى مدينة أخرى بسبب عمل والدي ..

كنت في ذلك الوقت في السنة الأخيرة من المرحلة الإعدادية ، ومرت تلك السنة على ما يرام ، لكن في السنة الأولى من المرحلة الثانوية كانت هي بداية المأساة ..


وبعد تلك الحادثة قرر والدي العودة إلى هذه المدينة ، فقد أصبح الجميع ينظرون إلي بإحتقار ، ولم يعد يطيقني أحد ..
كما أنه حاول أن ينسيني ما اقترفته ، لكنني لم ولن أنسى ما فعلته ، أنا السبب في موته ، لذا بعد عودتي إلى هذه المدينة قررت أن أغير من نفسي ، وأرتدي قناع الضعف والجبن ..

القوة والشجاعة التي كنت أتصف بها سابقاً هما السبب الرئيسي في موت شيبا ، لذا لن أسامح نفسي إطلاقاً ..


فتحت عيناي لأجد أن الآنسة يومي قد غطت في النوم ، نظرت إلى الفتحة الصغيرة الموجودة في أعلى الحائط لأجد أن ظلام الليل قد بدأ بالتبدد ، وشعاع الشمس يخترق الغطاء الأسود في السماء ..

لقد غرقت في التفكير لدرجة أنني لم ألاحظ كم من الوقت بقيت أفكر ..

شق هذا الصمت والسكون صوت صرير الباب ، الذي فُتح ليظهر خلفه رجل كلتا يديه معلقتان على رقبته ..

فور رؤيتي له علمت أنه المسؤول عن إختطافنا ، ولازلت أجهل إسمه حتى الآن ..

دخل هو ليغادر الأصلع ، وأخذ الرجل يقترب من زنزانتي بطء وهو يقول بهدوء : لا تزالين مستيقظة إذا ..
ضيقت عيناي محاولة تمييز ملامح وجهه ، إنه مألووف لدي كثيراً ، أشعر بأنني رأيت هذا الوجه سابقاً ، لكن أين يا ترى ؟؟
- لماذا تحدقين في وجهي ؟؟
قلت بشك : هل قابلتك من قبل ؟؟
أما شفتيه بإبتسامة وقال بغموض : لم تقابليني لكن لربما قابلتي نصفي الأنثوي ..
لم أفهم ما قاله كثيراً ، وأنا لا زلت أحاول تذكر وجهه ، لكن يبدو أن محاولاتي باءت بالفشل ..


وقف أمام باب الزنزانة مباشرة وهو يقول : يجب أن تكوني ممتنة لأنني لم أعاقبك على ما فعلته بي أيتها الفتاة ..

أجبت ساخرة : ممتنة !! لا تضحكني أيها العجوز ، على ماذا أكون ممتنة ؟؟ أعلى إختطافك لي أم على قلع أظافري وسكب الحشرات على رأسي ؟؟

قال بنبرة حادة : لا تسميني بالعجوز أيتها الفتاة الحقيرة ، فأنا لا زلت في التاسعة والعشرين من العمر ..
قلت وأنا أتصنع التفكير : أوه صحيح لقد ظلمتك حين أسميتك بالعجوز ، فلقب العجوز قليل بحقك وبحق عمرك ، سأحاولا التفكير في تسمية تناسبك وتناسب عمرك الذي تعدى مرحلة الشيخوخة ..

قال وهو ينظر إلي : لم أتوقع أن تكوني هكذا أبداً ، فقد سمعت أنك لست سوى فتاة جبانة وضعيفة ، لكن ما أراه الآن ينفي ما سمعته تماماً ، لقد جلبت الكثير من المشكلات وهم من سيدفعون الثمن ..

قلت بإستغراب : من تقصد بهم ؟؟ أهم عائلتي ؟؟
فكر قليلاً ليقول بعدها : لن أجيب عليك ، ستشاهدين ما يحصل في العالم الخارجي قريباً ..



***

في صباح اليوم التالي
~ كازوما ~

حركت نظارتي وأنا أقول مخاطباً الشخص الواقف أمامي : إذا تريد أن تحقق مع طلاب صفها جميعاً ..
أجابني بصوته الغليظ : نعم فالأمر مهم كما تعلم ..

قلت له : كما تشاء يا سيد روك ، تعال معي إذا حتى أدلك على الصف ..
خرجت أنا برفقة السيد روك والد جوليا الذي أتى إلى المدرسة للقيام بالتحقيقات حول الإشاعة التي انتشرت مؤخراً عن جوليا ..
طرقت باب الصف وأدخل بعدها ، وقد كانت المعلمة رين هي من عليهم ..
قلت مخاطباً الجميع : إسمعوني جميعاً أمامكم الآن المحقق روك والد جوليا و المسؤول عن قضية إختطافها ، وهو هنا ليطرح بعض الأسئلة لذا فلتكونوا متعاونين معه ..

بدأ صوت همساتهم تعلوا أكثر فأكثر ، والإضطراب قد طغى على المكان ..
وحتى أسيطر على الوضع ضربت بقبضتي الطاولة بقوة ، وأقول بعدها : أرجو من الجميع إلتزام الهدوء ، والتنصتوا لما سيقوله السيد روك ..

تقدم السيد روك وقال بهدوء وهو يوزع نظراته عليهم : سيتم إستجوابكم جميعاً على انفراد ، لذا كونوا متعاونين جميعاً الكذب والمراوغة ليس في صالحكم ..

رفع أحد الفتية يدهم ليقف بعدها قائلاً : سيدي لماذا تظن أن ابنتك قد اختطفت ؟؟ هل تحدث معك الخاطف ؟؟ لماذا لا تكون قد هربت بملئ إرادتها ..

تغيرت ملامح السيد روك ، ويبدو أنها ستحدث كارثة إذا لم أتدخل ، لكن قبل أن أتكلم قال صوت أنثوي : أيها الفتى ليس من الجيد أن تتحدث عن زميلة لك بهذه الصورة، حتى لو أن صديقتها المقربة هي من أصدرت هذه الإشاعة الغريبة ..

إلتفت إلى الآنسة راي التي تفوهت بتلك الكلمات ، لأقول بإبتسامة : هيا جميعاً سيتم إستجوابكم بالترتيب ، لذا فليستعد الجميع ..

كنت آركز ببصري نحو روز التي بدى عليهت الخوف والإرتباك ، ومن الواضح كثيراً أنها على وشك البكاء ، والمحزن أنه لا أحد حولها لمساندتها ..

لاحظت الآنسة رين وهي تشير إلي بالإقتراب منها ، فعلت ما طلتبه لأسمعها تهمس : لماذا سمحت له بالقدوم إلى هنا والإستجواب ؟؟
قلت بنفس النبرة الهامسة : لو أنني رفضت فسيبدو الأمر غريباً ..

صمتت قليلا لتقول بعدها : أنت تعرف أنك لا تستطيع التفكير في خيانتنا أليس كذلك ..
قلت بإبتسامة واثقة : بالطبع أنا لا أفكر بذلك ، ثقي بي ..




نهاية الجزء ..
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 09-19-2016, 04:25 PM
 


( 20 )

~ ياماتو ~

تم استدعائي وسط الدوام المدرسي لذا سمح لي المعلم بالذهاب ، طرقت باب مكتب المدير قليلاً لأسمع صوت من الداخل يقول : فلتتفضل ..

فتحت الباب لألاحظ وجود شخص آخر في مكتب المدير ، لم أعره إهتماماً ، وقلت مخاطباً المدير : هل طلبت رؤيتي ؟؟

قال بتلك النبرة المغرورة التي أكرهها : لست أنا من أريدك بل السيد الواقف هناك هو من أراد الحديث معك ..

نقلت ببصري حيث أشار المدير ، رجل في الأربعين من عمره يرتدي بدلة رسمية سوداء وهالة من الوقار تحيط به ..


تقدم الرجل بإتجاهي قائلاً : أنا المحقق روك وقد توليت قضية إختفاء الطالبة جوليا ..
نظرت إليه بتفاجؤ ، إذا الموضوع يتعلق بجوليا ..
بلعت ريقي بتوتر قائلاً : وماذا تريد مني بالضبط ؟؟

قال السيد روك : قبل أن أسألك أي شيء أحببت أن أوضح أنني والد جوليا ، وقد علمت من خلال التحقيق أنك تُعتبر أحد أصدقاء إبنتي ، أليس كذلك ؟؟

حين علمت أنه والدها بدأت أتصبب عرقاً ، لقم نهينا عن الإقتراب من أحد إفراد عائلتها ، وها هو والدها يقف أمامي محاولاً إستجوابي ..

سمعته يقول : ياماتو ما بك ؟؟ أجب على سؤالي ..
قلت بإبتسامة متوترة لم أستطع إخفاءه : احم نعم أنا صديقها ، لكني لست مقرباً إليها كثيراً ..

قال وعيناه تتفحصانني عن كثب : لكن ما سمعته كان عكس ما قلته ، فالجميع قالوا أنك كنت تندمج معها كثيراً ، والفتيات قالوا أنك قد بدوت مهتماً بها ، أليس هذا صحيحاً ؟؟

قلت وأنا أحك رأسي : أنا صديقها لكني لا أعرف الكثير عنها فأنا لم أقابلها إلا قبل عدة أسابيع ..
- لقد سمعت أنك فور قدومك إلى المدرسة بدوت وأنك قد قابلت جوليا من قبل ، على الرغم من أنها لم تدرس في تلك المدرسة السنة الأولى ..
- رأيتها مصادفة في مكان ما ..
- أين بالتحديد ؟؟
- مشفى كنت أرقد فيه بسبب حادثة حصل معي

صمت المحقق لثوان ، لكن عيناه لا تزال مثبتتان نحوي ، يبدو أنه يشك في أمري ، كيف لا وأنا أتصبب عرقاً ويبدو على ملامحي التوتر ..


تحدث بعد صمت : لقد أخبرني تلاميذ صفك في المدرسة القديمة أن جوليا قد قامت بخنقك ذات مرة ، وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها أحد ما بمثل هذه التصرفات للطالب الأكثر غنى وشهرة ..
ضيقت عيناي قائلاً بهدوء : سيد روك أنت تتحدث كما لو أنك تشك في أمري ..
قال بذات نبرتي : ليس الأمر وكأنني أشك في أمرك ، لكن لم يصلنا أي مكالمة أو رسالة من الخاطف ، لذا لا أظن أن المال هو مراده ، لذا فالفرضية الأرجح هو أن دافعه الإنتقام ..
قلت وقد احتقن وجهي من شدة الغضب : إذا أنت تظن أنني سأفعلها بمجرد أنها قامت بخنقي قليلاً ، لا تضحكني جوليا صديقتي ومن غير المعقول أن أقوم بإيذائها ..

رد علي بنبرة غامضة : إذا لم تكن السبب في إختطافها لماذا يبدو على صوتك الرعشة إذا ؟؟
مسحت جبيني بتوتر قائلا : كل ما هنالك أنني لم أعتد على أن يقوم أحد بإستجوابي ، هذا كل شيء ..

اقترب مني كثيراً لدرجة أنه لم يفصل بيننا إلا مسافة قصيرة ، ثم قرب وجهه لوجهي قائلا بفحيح أشبه بفحيح الأفحى : لقد استجوبت عدداً كبيراً من الناس حتى اكتسبت خبرة في تمييز الصادق من الكاذب ..

قلت محاولا إخفاء خوفي : وماذا تظن بشأني ؟؟
أجابني بهدوء : أشعر أنك تخفي شيئاً ، ردة فعلك هذه شبيهة بردة فعل روز ، وكلاكما يخفي شيئاً ما أنا واثق ..

شعرت أنني إذا ما استمريت في هذا سأجعل من نفسي موضع شبهة لذا وجب علي التماسك قليلاً ، أخذت نفساً عميقاً وأنا أقول بقوة ونبرة واثقة : سيد روك لا تورطني في القضية ، لا شأن لي بإبنتك وأمرها لا يهمني ..
ثم أعدت شعري الموجود في مقدمة رأسي إلى الوراء وأنا أكمل : ثم أنني يا سيد روك إبن السيد كودو كما تعلم ، لذا لا تحاول أن تشك بي وإلا ندمت بعدد شعرات رأسك ..

قبل أن يقول أي شيء ، خرجت من المكتب بسرعة لكن بخطى واثقة ، وحين أغلقت الباب تنفست الصعداء ..
لا أحب أن أبدو بمظهر الفتى المغرور والمدلل بسبب مكانة أبيه ، لكن في مواقف كهذه يجب أن أبدو كذلك إن بقي يلاحقني فستكون جوليا في خطر ربما ..


***

~ روز ~

في موعد الإستراحة ، كنت جالسة في مكاني ، وعقلي مضطرب كثيراً ، لقد وُكل إلي مهمة جديدة هذا اليوم ، ولكنني خائفة كثيراً ..

ما طُلب مني هذا اليوم هو أن أختلق شجاراً مع هانا ، الفتاة الأشهر في المدرسة ..
كما أنه يريد أن يكون هناك اشتباكات جسدية بيننا ، أي أن الشجار لن يكون مجرد شجار بالألسن ، بالإضافة أنه يريد مني تسديد ثلاث لكمات قوية على وجهها ..
أنا لست خائفة من هانا ، لكنني واثقة من أن الفتيان لن يتركونني وشأني إذا ما آذيتها، ففي النهاية هي محبوبة الجميع ..


هززت رأسي محاولة طرد الوساوس ، يجب أن أفعلها من أجل جوليا ، لا يجب أن أتراجع ..
وقفت وقد حزمت أمري ، سأفعلها نعم يجب ذلك ..

سرت خارج الفصل وسألت البعض عن مكان هانا ، ليتجاهلني البعض ولا يعيرونني أي انتباه ، والبعض الآخر يسخرون مني ومن جوليا ..

ليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذه الأمور ، فالجميع الآن سمع بتلك الإشاعة وأخذوا يتجنبونني ويحتقروني أكثر من السابق ..
شعرت بالضعف وأنا أسمعهم يتهامسون فيما بينهم وأنظارهم تلاحقني وتحرقني من الداخل ، لهذا كنت أكره التجوال في الأرجاء ..

فجألة لمحتها وهي جالسة على الكرسي الخشبي الموجود في فناء المدرسة وحولها مجموعة من أصدقائها ..
أخذت أقترب منها بخطوات ثقيلة ، وعندما اقتربت منهم قليلاً إلتفت الجميع إلي ..

تسمرا في مكاني بخوف ، لماذا ينظرون إلي جميعاً ؟؟ هل علموا بنواياي يا ترى ؟؟
وقفت هانا وبدأت السير متوجهة نحوي ، وعلى شفتيها إبتسامة لم أفهم مغزاها ..
وعندما وصلت إلي قالت : سمعت أنك تبحثين عني ، ماذا تريدين مني ؟؟

إذا فقد علمت إني أبحث عنها ولم تعلم بشيء آخر ، نظرت إليها وهي تترقب جواباً مني ..
شعرت أنها الفرصة المناسبة لأهجم عليها بما أنها أتت إلي وحدها والبقية كاانو يراقبون من الخلف ..


رفعت يدي نحو شعرها وأخذت إجره بقوة ، لتبدأ هي بالصراخ عاليا محاولة مقاومتي ..
فكرت في أنني يجب أن أوجه لها الضربات القوية حالاً قبل أن يُقبل أصدقائها إلينا ..

وبالفعل أسقطتها أرضاً ، ورفعت قبضتي محاولة لكم وجهها ، لكنني لم أستطع القيام بذلك ، أخذ يدي بالإرتعاش بخوف أنا لا أقوى على ضربها ..

انتشلني من أفكاري شخص ما قد أدخل يده في شعري وجرني بعيداً عن هانا ، صرخت متألمة وشعرت كما لو أن شعري سيُقتلع ..
أخذ الفتى يصرخ في وجهي وهو لا يزال يجر شعري بعنف : أيتها الفتاة الحقيرة كيف تجرؤين على فعل هذا بهانا ؟؟

وسمعت آخر يقول : أنت فتاة حقيرة حقاً لا تستحقين العيش ..
وبعدها ألقاني أرضاً بعد أن أخذوا هانا بعيداً ، ووضع قدمه على رأسي قائلاً : لن نتهاون معك بمجرد أنك فتاة ، ستنالين عقاباً قاسياً ..


ركلني أحدهم بقوة على بطني ليتبعها مجموعة من الركلات والشتائم ، ودموعي قد شقت طريقها على وجهي ..
مع كل ضربة أتلقها أصرخ متألمة ، لماذا يجب أن أعاني وحيدة هكذا ؟؟ لماذا لا يكون بجواري أي أحد يساندني ؟؟
فجأة سمعت صوت صراخ عاالي لصوت مألوف يقول : توقفوا عن ضربها حالاً ..

رفعت رأسي قليلاً محاولة أن أرى الشخص الذي أنقذني ، لكن ولأن الفتيان كانوا متحلقين حولي فأنا لم أستطع رؤية شيء سواهم ..

وبعد ثواني شعرت بأنني أرتفع من على الأرض ، لأدرك أنه قد تم حملي من قبل أحدهم..
أغمضت عيناي بتعب وأنا لم أرى وجه المنقذ بعد ، لأسمع صوتاً رجولياً يغمره الحنان يقول : روز هل أنت بخير ؟؟


حين سمعت الصوت مجدداً علمت صاحبها ، وطوقت ذراعاي حول رقبته وأدفن وجهي في صدره وأبدأ بالنحيب عاالياً ..
سمعت صوته القلق يقول : لا تبكي يا روز أرجوك ..

قلت وسط شهقاتي : لماذا تتركونني وحيدة هكذا ؟؟
قام ياماتو بإحتضاني دون أن يقول شيئاً ، وبعد دقائق قليلة ، شعرت به وهو يبعدني عنه قليلاً ، لكنني تشبثت به ، لا أريده أن يدعني أخشى أن يغادر بمجرد أن أتركه ..

سمعته يقول : روز يجب أن تستريحي على السرير ..
بتردد تركته ليضعني على السرير بعد أن أدركت أننا في غرفة العيادة ..
بعدها أخذ يعقم الخدوش التي على وجهي ويدي ورجلي ، وأنا صامتة إنظر إليه ، ودموعي لم تتوقف عن الهطول ..


بعد أن انتهى وضع المعقم والقطن جانباً ، ورفع يده إلى وجهي وهو يمسح دموعي قائلاً بحنية : روز إهدئي قليلاً واروي لي ما حصل معك ..

قلت وشفتياي ترتعشان : لقد تلقيت أمراً من الخاطف وكان طلبه لهذا اليوم هو أن أوجه لهانا ثلاث لكمات على وجهها ، وعندما حاولت ذلك هجم علي الفتيان مدافعين عنها ..
تمتم ياماتو بغيظ : ذلك اللعين ماذا يريد من طلب كهذا ؟؟

بعدها رفع بصره نحوي وقال : استريحي الآن يا روز ، وأنا سأحاول تنفيذ طلبه ..


صمت لثواني ، وعندما لاحظت زيه المدرسي قلت متسائلة : أوه صحيح ، ماذا تفعل هنا يا ياماتو ؟؟ وكيف دخلت إلى المدرسة ؟؟
- لقد زارنا اليوم والد جوليا وأخذ يحقق معي قليلاً ، لذا قلقت عليك بعد أن علمت أنه قد قام بالتحقيق معك أنت والبقية ، عندها هربت من المدرسة لأطمئن عليك ، وقد تسلقت سور المدرسة للدخول إليها ..

قلت وقد تجمعت الدموع في عيني ثانية : أنا سعيدة حقاً لأنك أتيت ، كم كان الأمر مؤلماً حين كنت وحيدة ..
وضع يده على رأسي وخلخل أصابعه في شعري وهو يقول : لن تكوني وحيدة بعد الآن يا روز ، سأكون معك دائماً ..


كلماته جعلت دقات قلبي تتسارع ، وانتابني شعور غريب ..
أشحت بوجهي بعيداً عنه ، وأنا لا أعلم لماذا شعرت بالخجل ..
قلت بتوتر ووجنتاي محمرتان : لا تقل شيئاً لست قادر على فعلها ، لا شك أنهم سيطردوك خارجاً بعد قليل ..

أنهيت جملتي لأسمع صوت باب العيادة الذي فُتح بقوة ، إلتفت أنا وياماتو لنجد أحد المعلمين واقف أمامنا وخلفه مجموعة من الطلبة ..

صرخ المعلم بغضب وهو يتوجه إلى ياماتو : ماذا تفعل هنا أيها الفتى ؟؟ وكيف استطعت الدخول إلى المدرسة ؟؟
وقفت أمام ياماتو قائلة : معلمي أرجوك لا تفعل شيئاً له ..
دفعني المعلم ليمسك بي ياماتو بذراعه ً قائلاً للمعلم : أنا آسف لإقتحامي المدرسة ، لكن دعني أتحدث مع المدير من فضلك ..

قال معترضاً : لن تراه فهو مشغول حالياً ، والآن غادر المدرسة بسرعة أيها الفتى ..
نظرت إلى الفتيان الواقفين عند الباب وعلى شفتهم إبتسمة نصر ، أدركت أنهم من وشوا به ، وهم نفسهم الذين كانوا يرافقون هانا ..

أخذ المعلم يدفع ياماتو محاولا طرده ، لكن ياماتو ظل يلح عليه بمقابلة المدير ..
وبعد أن مل المعلم منه وافق مرغما، وتوجهت أنا وياماتو والمعلم خلفنا إلى مكتب المدير ..


أنا واثقة أن المدير سيسمح له بالبقاء ، فهو شخص طيب على الرغم من أنه غريب أطوار ..
طرق المعلم الباب وشرح له ما حصل ، ليطلب منه المدير المغادرة ليتولى هو الأمر ..

بعد أن أغلق المعلم الباب قال المدير بحزم : ياماتو لماذا هربت من مدرستك وتسللت إلى مدرستنا ؟؟
حك ياماتو رأسه قائلاً : سيدي أرجوك دعني أبقى هنا اليوم ..
ضرب بقبضته الطاولة وهو يقول بنبرة يتخللها بعض الغضب : سؤالي واضح جداً ، لماذا أنت هنا ؟؟ أجب علي ولا تحاول المراوغة ..

اندهشت كثيراً من نبرته ، نظرت إلى ياماتو لأراه مندهشاً مثلي ..
هل تغير أسلوبه أم أنني أتخيل ذلك ؟؟
المدير الذي أعرفه هو رجل متفهم ، ولا يغضب بسرعة ..
قلت بشك : حضرة المدير هل أنت بخير ؟؟
نزع نظارته ليظهر ملامحه الوسيمة ، ورمقني بعدها بنظرة مرعبة وهو يقول : أنت غادري المكان حالاً ، فلا فائدة من وجودك هنا ..


اختبأت خلف ياماتو لا إرادياً ، نظراته أرعبتني بحق ، فأنا لم أعتد على رؤيته هكذا قبلاً ..
سمعت ياماتو يقول مخاطباً المدير : سيدي لقد أتيت إلى هنا لأنني اشتقت إلى أصدقائي وزملائي ، لذا دعني أبقى أرجوك ..

رد المدير بنبرة صارمة : إذا أردت رؤيتهم فقابلهم بعد المدرسة ، أما أن تهرب من مدرستك وتتسلل إلى هنا فهذا ليس بالتصرف الجيد ..

بدأ ياماتو بالتوسل إلى المدير ، لكن المدير لم يُغير رأيه وبقي يتحدث مع ياماتو بكل جفاء ..
لم أستطع أن أتمالك نفسي أكثر ، فانفجرت في وجهه غاضبة : لماذا أنت عنيد كثيراً ؟؟ لن تخسر شيئاً إذا بقي هنا ..



عندها وقف المدير والشرر يتطاير من عينيه ، ويبدو أنه متوجه نحوي ..
دفنت وجهي في ظهر ياماتو من شدة الخوف ، وتمسكت به من قميصه طالبة مساعدته وحمايته ..

عندها قال ياماتو : سيد كازوما أرجو أن تسامح روز ، فهي كما تعلم فتاة حمقاء ، لذا أعذرها أرجوك ..
نظرت إليه قائلة بغيظ : أنت الأحمق ولست أنا ..
وضع يده على رأسي وهو يتمتم : أصمتي أيتها البلهاء ..
قاطع حوارنا صوت المدير وهو يقول بحزم : ياماتو غادر المدرسة فوراً ، وأنت يا روز ستعاقبين بسبب لسانك الطويل هذا ..

قلت بإستنكار : ماذا !! هل قلت أنني معاقبة ؟؟ لكنني لم أفعل شيئاً ..
صرخ المدير عالياً : لا تعارضيني وإلا طردتك من المدرسة ..

خفت كثيراً من صراخه ، لهذا إلتزمت الصمت ، وأنا غير مصدقة أن الشخص الموجود أمامي هو المدير ذاته ..

بعدها قام المدير بطرد ياماتو من المدرسة ، ومحاولات ياماتو باءت بالفشل ، لذا خرجنا من مكتب المدير بإنكسار ..

وأمام بوابة المدرسة كان المعلم ينتظر خروجه ، وأنا أنظر إلى ياماتو بحزن ، لا أريده أن يغادر فنحن لم ننفذ طلب الخاطف بعد ..

فجأة جذبني ياماتو نحوه وهو يحتضنني قائلا بهمس : سأعود يا روز لذا لا تقلقي علي ..
قلت وأنا على وشك البكاء : هل تعدني بذلك ؟؟
- نعم أعدك يا روز ، لكن خذي حذرك من الفتيان حتى لا يضروك مجدداً ..


صرخ المعلم بنفاذ صبر : هيا أيها الفتى غادر المدرسة حالاً ..
ابتعد ياماتو عني وغادر المدرسة ، أطلقت زفيراً عاليا حين أغلق المعلم البوابة ..
إلتفت إلى الخلف لأجد الفتيان يرمقونني بنظرات غاضبة ، بلعت ريقي بخوف ، ماذا يمكن أن أفعل الآن ؟؟

إلتفت محاولة الهرب ، لكن صوت المعلم أوقفني : إلى أين تظنين نفسك ذاهبة ؟؟
قلت بإبتسامة باهتة : ماذا تريد مني ؟؟

قال بحزم : طلب مني المدير إحضارك إلى مكتبه ، لذا تعالي معي ..

رفرف قلبي من شدة السعادة ، أفضل مكان أبقى فيه هي مكتب المدير ..
سرت برفقة المعلم والسعادة واضحة على وجهي ، حتى أن المعلم لاحظ ذلك وقال بسخرية : هل زيارة مكتب المدير مفرح للغاية ؟؟
قلت بإبتسامة بلهاء : هاا ، ومن قال أنني سعيدة ؟؟

أطلق المعلم زفيراً خافتاً دون أن يقول شيئاً ، وعندما وصلنا لمكتب المدير غادر المعلم وبقيت لوحدي مع المدير كازوما ..

قال المدير : كما تعلمين يا روز أنت يجب أن تعاقبي صحيح ؟؟
قلت بملل : ماذا سيكون عقابي ؟؟
قال بعد صمت دام لثواني : ستضطرين إلى تنظيف صفك والصف المجاور لكم أيضاً لمدة شهر كامل ..

قلت معارضة : لا بأس في تنظيف صفي ، لكن لماذا أنا مضطرة إلى تنظيف الصف المجاور كذلك ؟؟ أنا لا أريد ذلك ..

صرخ بصرامة : إذا سمعت أي معارضة فستنظفين الصفوف كلها ..
صمت وأنا أغلي في داخلي ، كم أكرهه الآن ، لماذا أصبح قاسياً هكذا فجأة ؟؟
إلتفت لأغادر مكتبه لكنه أوقفني قائلاً : ستبقين هنا حتى تنتهي الإستراحة ، وذلك لأضمن أنك لن تقومي بعمل أخرق ..


لم أمانع أبداً ، ففي النهاية هذا لمصلحتي ، فإذا خرجت الآن فمعجبي هانا بإنتظاري ..
جلست على الأريكة السوداء ، بينما انشغل المدير بمجموعة من الأوراق التي أمامه ..

انتهى موعد إستراحة الغداء ، عدت إلى الصف بسلام ، لكن موضوع هانا يقلقني كثيراً ، يجب أن أفعل ما أمر به الخاطف قبل إنتهاء الدوام ، لكن كيف أقوم بذلك ؟؟

بينما كنت غارقة في دوامة التفكير ، دوى صوت صفارات الإنذار أرجاء المدرسة ، وسبب في اضطراب الجميع ..

اندفعنا جميعاً نحو الباب بهلع ، كل منا يرغب في النجاة بنفسه ..
أخذنا ندفع بعضنا البعض ، والرعب مسيطر على الجميع ..

لم أستطع تمالك نفسي ، ودموعي تشق طريقها على وجنتاي ، شعرت بأحدهم يدفعني لأسقط أرضاً ، والجميع يندفعون دون أن ينتبهوا إلي ..



شعرت بالضعف وأنا على الأرض ، لم يهتم أحد بي ، ولا أحد حولي ..
أغمضت عيناي بإستسلام ، لا يهمني إن مت أو بقيت ، لا أحد سيكترث لأمري ، وأمي ستكون سعيدة بموتي ، فلن أمنعها من الزواج بعد الآن ..


فجأة شعرت بأحدهم ييساعدني على النهوض ، وصوت مألوف يقول لي : لماذا أنت منبطحة على الأرض هكذا ؟؟ هذا ليس وقت النوم ..

فتحت عيناي ببطء لأجد سوبارو جاثياً على ركبتيه بالقرب مني ..
قلت منصدمة : سوبارو ماذا تفعل في المدرسة ؟؟
انتصب قائلاً : سأخبرك بما يحصل لاحقاً ، لكن الآن يجب علي المغادرة ..

كنت سأوقفه لكنه ركض مبتعداً .. وقفت وإنا أتوجه نحو بوابة الخروج ، لكنني رأيت الجميع يعود أدراجه وهم متذمرين ..

سمعت أحدهم يقول لصديق له : لقد كان إنذاراً كاذباً في نهاية الأمر ، هذا ممل حقاً ..

أدركت أنه لا يوجد حريق ، لذا عدت إلى الصف مشغولة البال ، ماذا يفعل سوبارو في المدرسة يا ترى ؟؟


***

~ ياماتو ~

بعد أن تم طردي ، اتصلت بسوبارو الذي قمت بأخذ رقمه سابقاً ، وطلبت منه إحضار ملابس لي وأدوات للتنكر ..

بعد أن حضر بدلت ملابسي بتلك التي أحضرها سوبارو ، وارتديت على رأسي قبعة ، وارتديت نظارة شمسية وكمامة على وجهي ..

قلت بإبتسامة : هل أبدو كياماتو ؟؟
أجابني ببرود : لا أعلم ، المهم ما الخطة التي وضعتها ؟؟

قلت له : في البداية سنتسلق أسوار المدرسة للدخول ، بعدها ستقوم أنت بضغط زر الإنذار ، وأنا سأنتظر بجوار صف هانا ، وفي وسط الفوضى سآخذها لأفعل كما أُمرنا ..

هز سوبارو رأسه وهو يقول : حسناً لكن إحرص ألا يراك أحد ، وأن تسرع أيضاً في لكمها وإياك والتردد ، فلا تنسى أن سلامة جوليا أهم ..

لم أستطع أن أجيب عليه ، ولأكون صريحاً أنا متردد كثيراً ..
قمنا بعدها بتنفيذ الخطة بحذافيرها ، واستطعت سحب هانا ، وأبقيتها في الصف بعد أن غادر الجميع ..

كانت تنظر إلي بعينين مليئتان بالخوف ، ولكنها لم تستطع الصراخ لأنني أكتم فمها بيدي ..
قلت بتهديد : إسمعيني سأتركك لكن عديني أنك لن تصرخي ..

هزت رأسها بإيجابية راضخة لي ،أبعدت يدي عنها بتوتر ومن الجيد أنها وفت بوعدها ..


شددت على قبضتي وأنا أتذكر أنني يجب أن ألكمها على وجهها ، لكنني لا أستطيع ذلك قطعاً ..
أنا في حياتي كلها لم أوجه لكمة قوية إلى أحد الفتيان ، فكيف لي أن افعلها لفتاة ؟؟


تبادر إلى ذهني ما قاله سوبارو حول أن سلامة جوليا أهم ، أعلم أن ماقاله صحيح ، لكن لا يعني هذا إلحاق الضرر لفتاة أخرى ..

أغلقت عيناي بقوة ، لماذا لا أستطيع إتخاذ القرار ؟؟ لماذا لا أفعلها فقط من أجل جوليا ؟؟

فتحت عيناي مجدداً لألاحظ أن الفتاة قد فرت هاربة ، وسمعت أصوات تقترب من هنا ، إذا فقد أدركوا أن الإنذار كان كاذباً ..
وإذا لم أهرب الآن فسيُلقى القبض علي ..

وليت هارباً ولم يرني أحد ، وبعد أن خرجت من أسوار المدرسة رأيت سوبارو واقفاً أمامي ..

قال سوبارو عاقداً ذراعيه : هل فعلتها ؟؟
شتت أنظاري في كل إتجاه ، ماعساي أقول له الآن ؟؟
أأخبره بأنني جبنت ولم أقدر على فعلها ؟؟ أم أختلق كذبة أخفي خلفها الحقيقة ؟؟

عندما أطلت السكوت أعاد سوبارو سؤاله ، وهو يرمقني بنظرات الشك ..
أدركت أنه لا مفر من قول الحقيقة ، لذلك طأطأت رأسي بإنكسار وأنا أقول بضعف : أنا آسف لكنني لم أستطع فعلها ، لم أستطع ضربها يا سوبارو ..

كنت أنتظر منه أن يصرخ في وجهي ، أو أن يضربني ، لكنني لم أتلقى أي منها ..
وإنما شعرت بيده التي وُضعت على كتفي الأيسر وهو يقول : لا بأس أنا أتفهمك ..

رفعت رأسي إليه وأنا غير مصدق ، لقد سامحني سوبارو ، هذا غير معقول !!
فبعد تلك المتاعب التي تكبدناها معاً ، أضعف في الثواني الأخيرة ..

قلت وأنا أشد من قبضتي : سوبارو إذا كنت غاضباً فلا بأس بأن تفرغه فيني ..
لكن سوبارو قال : ولماذا أغضب ؟؟ ضرب فتاة أمر ليس بالسهل ، وخصوصاً ضرب وجهها ، ففي النهاية الإناث مخلوقات ضعيفة والرجال الحقيقيون لا يفكرون في إيذائهن أبداً ..

هززت رأسي بتأييد وقلت بكراهية وحقد : أنت محق لكن الخاطف شخص متبلد الأحاسيس ، والرجل الذي كان يعذب جوليا ليس برجل ، كيف يجرؤ على فعل هذا لفتاة ؟؟ ما إن أجده سأقطع أحشائه ..

أطلق سوبارو زفيراً طويلاً وهو يقول : دعنا الآن نفكر في خطة أخرى لنفعلها ، لكن هذه المرة أنا من سيقوم بها ..
نظرت إليه بإستغراب ، هل هو قادر على فعلها حقاً ؟؟

***

~ جوليا ~
نظرت من خلال الفتحة الموجودة في الجدار إلى السماء ، الشمس قارب على الغروب ..
نقلت ببصري نحو ذلك الرجل الجالس على الكرسي بملل ..

لازلت أجهل أين رأيته ، لكنه مألوف كثيراً ..
ضربت رأسي بالحائط لعله ينعش ذاكرتي قليلاً ، لكن دون جدوى ، فلا زلت لا أتذكر ..

كسر هذا الصمت صوت صرير الباب ، لأنظر إلى الداخل بفضول ، لكن ما رأيته جعلني أُصدم كثيراً ..

وقفت فجأة وتقدمت نحو القضبان قائلة بإندفاع وأنا غير مصدقة لما أرى : ل.. لماذا أنتما هنا ؟؟ آنسة راي وسيد كازوما ؟؟

إلتفتت إلي المعلمة راي وقالت بإبتسامة : أوه مرحباً بطالبتي المجتهدة جوليا ، هل تشعرين بالراحة هنا ؟؟
بينما قال السيد كازوما بعد أن نزع نظارته : لم أرك منذ وقت طويل ، تبدين هزيلة عن آخر مرة رأيتك فيه ..


شددت على قبضتي الممسكة بالقضبان الحديدية ، وقلت بقليل من الغضب : هل أنتما متآمرآن مع .......

بترت عبارتي حين لاحظت الشبه الكبير بين المعلمة راي وبين الرجل ، قلت غير مصدقة وقد توسعت عيناي : هل يمكن أن تكونا توأمين ؟؟


إتسعت إبتسامة الرجل و هو يقول : هل أدركت ذلك أخيراً ؟؟ نعم أنا توأم راي وأدعى ساي ..


نظرت إلى السيد كازوما بحدة : ماذا يفعل مدير مدرستي هنا ؟؟ وماذا ينوي أن يفعل بطالبته ؟؟

إقترب مني السيد كازوما وهو يرسم على شفتيه إبتسامة هادئة قائلاً : أنت لم ترتكبي أي ذنب ، لكنك ثمينة لدى أشخاص نرغب في الإنتقام منهم ..

وعندما اقترب مني مددت ذراعي نحوه واستطعت إمساك ياقة قميصه ، وجذبته نحوي بعنف ، حتى اصطدم وجهه بالقضبان الحديدية ، وقلت بنبرة مرعبة : ماذ تقصد بذلك أيها المخادع ؟؟

أمسك بيدي الممسكة بياقته ، وغرز أظافره فيه بكل وحشية ، وعلى الرغم من أنني تألمت ، إلا أنني لم أحب أن أوضح هذا ، لذا كسوت وجهي بالجمود ..

لكن عندما شعرت به يضغط على يدي أقوى من قبل ، وأدركت أنني سأُهزم ، كورت قبضتي الحرة ، وسددت لكمة قوية على بطنه ، جعلته ينحني من شدة الألم ..

إبتسمت بإنتصار بعد أن رأيته يتراجع إلى الوراء ..

بينما سمعت الآنسة راي تقول : واو أنت فتاة مذهلة حقاً ، وأنا التي كنت أظن أنك فتاة مملة وضعيفة ..
ليكمل ساي من بعدها : هذا ما نتوقعه من إبنة محقق بارع ..

قلت بإستفسار : إذا أنتم تكنون الكراهية لأبي ، لذا أخذتموني كرهينة لتقوموا بإبتزازه ..
هز ساي رأسه نافياً ما قلته وقال : لا ليس لهذا السبب ..

فكرت قليلاً لثواني لأقول بعدها : إذا أيمكن أن تكونوا أحد المستهدفين لثروة جدتي ؟؟

تكلم السيد كازوما : لم تصيبي أيضاً يا جوليا ..
قلت بكره : أنت أصمت ، فأنا لا أريد سماع صوتك ..
قال السيد كازوما متفاجئاً : ولماذا ؟؟

لم أرد على سؤاله ، فأنا أكاد أنفجر غيضاً منه ، أنا متفاجئة أنه متواطئ مع هذا القذر وهذه اللعينة ..
لم أظن ولو قليلاً أنه شخص سيء ، ولكنه كان عكس توقعاتي ..

لكنني لست متفاجئة كثيراً من الآنسة راي ، فأنا مذ أن رأيتها لم أشعر بالراحة تجاهها إطلاقاً ..

سمعت ساي يقول : سنضطر للذهاب الآن ، لكن سنعود لك قريباً ..
لا أعلم لماذا لم أرتح لنبرته ، ماذا يعني بقوله سنعود لك قريباً ؟؟

غادر الثلاثة المكان بعد أن عاد الرجل الأصلع والمغطى بالضمادات ..

نقلت ببصري نحو الآنسة يومي والتي لا تزال نائمة حتى الآن ، أنا لا ألومها على كثرة نومها ، فالمكان هنا ممل جداً وليس بوسعنا عمل أي شيء إلا النوم ..

***

~ راي ~

غادنا ذلك القبو القذر ، وتوجهنا إلى إحدى الغرف الفاخرة ..
جلس ثلاثتنا على تلك الأريكة العنابية ذات الوسائد البيضاء ، ليبدأ أخي ساي الكلام : هل فعلوها إذاً ؟؟

أجبت عليه بغيظ : الحمقى لم يستطيعوا ذلك ، مع أنني كنت أرغب في أن يفعلوها كثيراً ، فتلك الفتاة تغضبني كثيراً ..

حينها سمعت صوت كازوما الساخر وهو يقول : لأنها جميلة أليس كذلك ؟؟
صرخت غاضبة : لا شأن لك هل فهمت ؟؟ أنت تعلم أنك مجرد ..........

قاطعني أخي ساي قائلاً بحزم : يكفي يا راي ، فحتى أنا لم أكن راضياً بذلك الطلب السخيف ..
قلت بغضب ممزوج بالسخرية : إذا كان طلبي سخيفاً فماذا أقول عن طلباتك التي لا فائدة منها ؟؟


أجابني ساي : ومن قال أن ما فعلته كان بلا فائدة ؟؟ بل العكس سيفيدني كثيراً ..

قلت ببرود : لا يهمني ما تسعى إليه ، لكن
ثم أكملت بتهديد : إياك وأن تضر عزيزي ياماتو ..

قال أخي بلامبالاة : أنا لا أرغب في ذلك أصلاً ، فأنا لا أكن له نوع من الكراهية ، لذا لا تقلقي ..


قلت بإستفسار : صحيح يا ساي بما أنهم لم ينفذوا ما طُلب منهم ، ماذا ستفعل بجوليا ؟؟
قال ساي : أنا لا زلت أفكر في هذا ..

تحدث كازوما : ما رأيكم أن نقوم ب..........
قاطععه ساي بسرعة : لقد وجدتها وجدتها ..
قال كازوما بغيظ : تباً لماذا تقاطعني ؟؟ كنت سأقترح عليكم شيئاً مذهلاً ..
رد أخي : إحتفظ به لنفسك ، فقد خطر في بالي فكرة أعظم ..
قلت بفضول : وما هو ؟؟

إبتسم أخي إبتسامة ماكرة ، وقال وهو ينظر إلى الأعلى وكأنه يتذكر شيئا : قبل سنوات حصل لي موقف لن أنساه أبداً في حياتي ، بينما كنت أعاقب تلك المزعجة بسبب أنها سكبت العصير على ملابسي ، أتى ذلك الفتى وأنقذها وجعلني أسقط أرضاً ، بعدها حشى فمي بالوحل القذر ، وفر هارباً معها، وأنا اليوم سأفعل بجوليا كما فعل بي ..

قلت متفاجئة : إذا أستطعمها الوحل كما فعل ؟؟
هز رأسه نافياً وعلى شفتيه إبتسامة خبيثة : بل أسوء من ذلك بكثير ..

بعدها وقف مناديا الخادمات ، وبعد أن أتو أمرهم بإعداد مجموعة من الوجبات الشهية ..

قلت بإستغراب بعد أن غادرن الخادمات : لمن ستعد الطعام ؟؟
أجاب ساي : لجوليا طبعاً ..
قلت بإستغراب : ماذا ؟؟؟؟؟؟

( نهاية الجزء )


التعديل الأخير تم بواسطة Lune~ ; 09-20-2016 الساعة 06:45 AM
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 09-19-2016, 06:23 PM
 
Wink

هااااااااای
شکراً علی التتمه الجمیییییییییییییییییله ....
لقد تأخرتی ولاکن لابأس خفت أن لا تکملیها ....
شکراااااااااااااااًcool1
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قولي انك مو حاقد على هذا الشخص avine مواضيع عامة 10 10-16-2016 01:57 PM
حاقد المحشش لموره احلى اموره نكت و ضحك و خنبقة 5 05-09-2013 10:52 AM
حاقد جُ ـنۉכּ أنْثىَ~}- ● نكت و ضحك و خنبقة 20 01-13-2013 12:45 PM
..:>>&* ولد حاقد *&<<.. *مودا* نكت و ضحك و خنبقة 10 05-03-2010 08:10 PM
مين حاقد ومقهور من بوووووش ؟ م. أبونجم™ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 5 01-25-2008 09:21 PM


الساعة الآن 02:21 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011