03-11-2017, 08:41 PM
|
|
<< 43 >>
~ سوبارو ~
- سوبارو جوليا روز تعالوا معي ، أما البقية فابقوا هادئين ولا تحدثوا ضجة كبيرة .. هذا ما قاله المعلم عند دخوله مباشرة ، نظرنا ثلاثتنا إلى بعضنا ، ثم نهضنا من مكاننا وغادرنا الصف ونحن نتتبع المعلم الذي قادنا إلى مكتب المدير .. عندما دخلنا تفاجأنا بوالد جوليا الذي يرتدي زي عمله وثلاثة أشخاص لم أعرفهم و السيد كازوما .. رفعت حاجبي الأيسر بتعجب مما أراه ، ماسر هذا التجمع الغريب ؟؟ وما الذي أتى بوالد جوليا الآن ؟؟ أشعر أنني أعرف الموضوع الذي سنتحدث عنه بما أن ثلاثتنا هنا ووالد جوليا أيضاً ، نعم الأمر يتعلق بحادثة الإختطاف .. لقد سئمت الوضع تماماً ، لا أعلم متى سينسى الجميع الأمر .. اقترب الثلاثة الذين لم أتعرف عليهم إلينا ، كانا رجلين بالإضافة إلى سيدة في عقدها الرابع ، صوبوا أنظارهم نحونا وقالت السيدة : أنتم جوليا وروز وسوبارو إن لم أخطئ صحيح ؟؟ أجابت روز : نعم نحن .. قال الرجل : دعوني أعرفكم عن نفسنا أولاً ، نحن الثلاثة من الدائرة الحكومية في التعليم ، وأتينا إلى هنا بعد أن وردتنا إشاعة نريد التحقق من صحتها .. قالت جوليا مستفسرة : وما هي ؟؟ حرك الرجل الآخر ببصره إلى السيد كازوما وقال بصرامة : وردنا بعض المعلومات التي تقول بأن المدير كازوما كان جزء من حادثة الإختطاف ، هل هذا صحيح ؟؟ قطبت حاجباي بتعجب ، كيف لهم أن يعلموا بهذا وقد حرص والد جوليا على إخفاء الأمر ؟؟ نطقت روز بسرعة : كيف ....... صمتت فجأة لتتحدث جوليا من بعدها مباشرة بصوت واثق : غير صحيح .. عندما أنزلت ببصري لاحظت بأن جوليا قد داست على قدم روز لتسكتها ، نطقت أنا الآخر بهدوء : من أخبركم بهذا ؟؟ حركت السيدة نظارتها المستديرة وقالت : الشخص الذي أوصل لنا هذه المعلومة قال بأن لديه الدليل القاطع ، ولهذا لا تحاولوا الإنكار .. ثم تابع الرجل من بعدها : الشيء الغريب في الأمر أن الشرطة قد أخفت الأمر ، وأبقوا كازوما بعيداً عن المشكلة ، ما السبب يا ترى ؟؟ هل يمكنك أن تخبرنا بالسبب أيها المحقق روك ؟؟ قال السيد روك بنبرة ثابتة : أنا لم أحاول ستر أحد كما تقول أيها السيد ، وإن كان هناك دليل فأرجوا أن تريني إياها ، لاتوجه إتهامات باطلة دون دليل .. صمت الثلاثة قليلاً ، حينها قالت جوليا ببرود : أليس من الأفضل أن تأتوا بالشخص الذي أخبركم بهذه المعلومة الكاذبة ؟! رد عليها الرجل : لا أظن أن ماوصلنا كان كذباً ، فقد سمعنا بأن الممرضة في هذه المدرسة قد تورطت في القضية أيضاً وكانت ضحية مثلك ، ولكن بعد إنقاذها قامت بالإنتقال إلى مدرسة أخرى ، ألا تظنين أن هذا غريب قليلاً ؟؟ ما الذي دفعها إلى الإنتقال يا ترى ؟؟ تدخلت حينها وقلت مجيباً على سؤاله : لقد تم إختطاف الممرضة يومي من غرفة التمريض ، وربما لم ترد البقاء لأن بقاءها هناك يذكرها بالحادثة المؤلمة ، ألا تظن أن هذا التفسير معقول ؟؟ لا أظن أن الأمر يحتاج إلى عبقري ليحلل تصرفاتها ، بمعنى آخر مشكلتها مشكلة نفسية ولاعلاقة للمدير بالموضوع .. إلتفت الثلاثة إلى المدير مجدداً ، وقالت السيدة : تحاولون تبرءة المدير كازوما مع أن هناك أشخاص شاهدوك في منزل العصابة في اليوم الذي ألقي فيه القبض عليهم ، وعندما سألنا بعض الأشخاص في المنازل المجاورة عن وجهك أخبرونا أنهم شاهدوك وأنت ترتاد منزل ساي كثيراً في الآونة الأخيرة ، ألا يعني هذا أنك كنت متواطئ معهم ؟؟ لكن لا أعلم لماذا تغافلت الشرطة عن أمر مهم كهذا .. إذا هذا هو الدليل الذي تحدثوا عنه ، وبوجود الدليل لن يمكننا الكذب ، لكن يجب أن نجد حلاً بسرعة .. تحدث السيد روك : يبدو أنني مضطر لإخباركم بالحقيقة بما أن الأمور قد وصلت إلى ماهو عليه الآن .. نظر ثلاثتنا إليه بتفاجؤ ، هل هو جاد حقاً ؟؟ إن أخبرهم فسيفقد السيد كازوما منصبه بلا شك ، في ماذا يفكر والد جوليا يا ترى ؟؟ إبتسم الرجل بسخرية وقال : كما توقعنا إذاً كازوما متورط في القضية .. أجاب السيد روك : نعم ولن أنكر ذلك ، ولكنه كان يعمل كجاسوس لنا ، نحن من طلبنا منه الإنضمام إلى المنظمة لضمان سلامة جوليا والآنسة يومي ، فهو الشخص الأنسب لهذه المهمة بما أن راي كانت تعمل في هذه المدرسة ، وله الفضل في أن ألقينا بالقبض عليهم ..
- إذاً في النهاية كازوما كان يعلم بأن تلاميذه واقعون في مشكلة ولكنه لم يحاول القيام بشيء لمساعدتهم .. صاحت جوليا بغضب بشكل مفاجئ : ألم تسمع بأن أبي قال بأنه السبب في إنقاذنا ؟؟ كيف تقول أنه لم يحاول القيام بشيء ؟؟نظرت إليها بتفاجؤ ، لم أتوقع أن تغضب بهذه السرعة .. قالت السيدة بهدوء وحزم : مهما كانت الأسباب والنتائج ، نحن لن نستطيع إبقاء السيد كازوما في منصبه ، سيتم تعيين مدير آخر لهذه المدرسة .. روز بإعتراض : ولماذا أيتها العجوز ؟؟ ألا يجدر بكم مكافئته عوضاً عن طرده من منصبه ؟؟ هذه الحمقاء كان عليها أن تبقى صامتة حتى النهاية ، وقاحتها جعلهم يستشيطون غضباً ، تدخلت جوليا مجددا بسرعة : أنا أسفة على ماقالته روز ، أرجو أن تسامحوها هي لم تكن هكذا لكن وبسبب الضغوطات التي مرت به أصبحت على ماهي عليه الآن .. نطق الرجل كاتماً غيظه : أنا لا أهتم ، لكن على المدير التخلي عن منصبه ، لايمكننا أن نثق برجل إنضم إلى منظمة إجرامية وبقي يراقب طلابه يتعذبون بصمت .. مهما قلنا ومهما تحدثنا كان من الواضح أنهم ثابتون على قرارهم ، كان السيد روك يحاول إقناعهم بأن السيد كازوما لم يذنب لكنهم لم ينصتوا له .. تمتمت حينها جوليا بغيظ : أنا لست أفهم ، إن كنت أنا وسوبارو وروز قد تفهمنا موقفه فلماذا أنتم لا تستطيعون ذلك ؟؟
- لقد حصل في هذه المدرسة الكثير من الأمور التي تدل على عدم قدرته في تولي مسؤولية هذه المدرسة ، لهذا لايجب علينا إبقاءه هنا أكثر من ذلك .. ضيقت جوليا نظرها قليلاً وقالت ببطء : مثل ماذا ؟؟ لترد السيدة بقليل من الإرتباك : هذا أمر لا يعنيك .. تقدم المدير بإتجاهنا وعلى شفتيه إبتسامة مصطنعة وقال : يكفي هذا جميعاً ، لاداعي من محاولة تبرئتي ، أنا أعلم أنني مخطئ وأستحق الطرد .. قالت روز بإندفاع : ما الذي تقوله يا سيد كازوما ؟؟ قلت بعدها : هل ستترك منصبك حقاً ؟؟ هل أنت جاد ؟؟ أجابنا بهدوء : رغم أنني أحببت عملي كثيراً إلا أنه ما باليد حيلة ، أنا مجبر على تقبل الأمر حتى لو لم يعجبني هذا القرار .. طلبوا منا العودة إلى صفوفنا فقد انتهى دورنا ، غادرنا مكتب المدير مجبرين ، وجميعنا لسنا راضين بالقرار الذي أصدروه بشأن المدير .. كنا نسير في رواق المدرسة بخطوات ثقيلة ، وروز لم تكف عن شتمهم .. قاطعتها جوليا حينها وهي تقول بنبرة مليئة بالغضب : لا ياروز ليس هم من يجب علينا الغضب منهم ، الشخص الذي يجب علينا البصاق في وجهه وضربه حتى الموت هو الشخص الذي تسبب في كل هذا ، إنه ساي اللعين الذي لم يكتفي بإيذاءنا وحسب ، بل وحتى ألحق الضرر بالممرضة يومي والمدير كازوما والحارس كيتورا وأخته شينا ، ولا ننسى ضحاياه السابقين اللذين لا نعلم كم يبلغ عددهم ، والمشكلة أنه حتى وبعد إلقاء القبض على عصابته الملاعين لازالت آثار إجرامهم مستمرة ، فها هي شينا تعاني من موت أخيها ، وكازوما يُطرد من عمله بسبب أنه اضطر لمجاراتهم ، والممرضة يومي لازات تعاني الخوف والقلق في حياتها ، والجلد الذي تلقته لا أظن أنها ستنسى ألمه بسهولة .. كان من الواضح أنها تثرثر بلاوعي ، فعينيها الممتلئتين بالحقد تنظر إلى الفراغ ، ويبدو أنها قد بلغت حدودها من الصبر .. وضعت يدي على كتفها مناديا بإسمها ، لتفزع من حركتي وتنظر إلي بإرتباك متمتمة : لقد أخفتني أيها الغبي .. قلت محاولاً تخفيف غضبها : سينال ساي جزاء أفعاله حالما يفيق من غيبوبته .. ضربت الجدار بقبضتها وصاحت بغضب : لكنني لن أرتاح إلا حينما أبرحه ضرباً بقبضتي ، كيف يجرؤ على إيذاء هذا العدد الكبير من الناس ؟؟ سأحاول إيقاظ ضميره الميت ولن أتركه إلا حينما يبدي ندماً على أفعاله .. قلت محاولاً تلطيف مزاجها : قبضتك مما هو مصنوع ؟؟ ألا تتألمين حين تضربين به الجدار الصلب ؟؟ لترد هي بجدية وبالنبرة الغاضبة ذاتها : هذا الألم لا يُقارن أبداً بالذي سببه ساي للجميع ..
- هكذا اذاً .. محاولتي لتلطيف مزاجها فشلت ، تابعنا طريقنا وجوليا كانت تضرب الأرض بقدمها بقوة مع كل خطوة ، يا إلهي لم أظن أن غضبها سيصل إلى هذه الدرجة .. عدنا إلى الصف وكانت جوليا تتقدمنا ، وقفت أمام الباب دون أن تفعل شيئاً ، تبادلنا أنا وروز النظرات الحائرة ، ثم عدنا ننظر إليها منتظرين منها فتح الباب .. إلتفتت إلينا جوليا حينها وقالت : هل سندع الأمر ينتهي هكذا ؟؟ لتقول روز متسائلة : ماذا تعنين ؟؟
- أنا لن أسمح لهم بطرد السيد كازوما ، إن كانوا يرون بأنه لا يستحق منصبه فنحن سنبرهن لهم العكس .. قالت جوليا جملتها بنبرة تملأها الإصرار والتحدي ، إبتسمت حينها وقلت : بما أنك قلت هذا فلابد بأن لديك خطة ما صحيح ؟؟ أجابت ببرود : لا .. نظرت إليها بإستنكار : إن كنت لا تمتلكين خطة فماذا ستفعلين إذاً ؟؟ ردت جوليا بعناد غريب : سأفعل أي شيء المهم أن يُلغوا هذا القرار .. فتحت بعدها باب الصف بقوة وقالت بصوت عالي : جميعا لدي إعلان مهم ، سيتم طرد السيد كازوما من منصبه ، هل أنتم راضين بهذا ؟؟ تفاوتت ردات الفعل لديهم ، فالبعض أبدى تفاجؤً والبعض الآخر أظهروا اللامبالاة .. حتى أقوالهم اختلفت من شخص لآخر ..
- هل أنت جادة يا جوليا ؟؟
- ولماذا سيتم طرده ؟؟ إنه لا يستحق ذلك ..
- المدير رجل طيب لماذا سيزيلونه من منصبه ؟؟
- أنا لست مهتماً سواءً أطُرد أم بقي ..
- ولماذا كل هذا الإنفعال ؟؟ لا أرى أن في الأمر مشكلة .. هذه كانت بعضا مما قاله الطلبة ، نظرت إلى جوليا منتظراً ما ستقوله ، نطقت حينها بصوت هادئ : ربما البعض ليس مهتما والبعض الآخر متفاجئ ، ولكن جميعنا نعلم أن المدير كازوما رجل طيب ، وهو يعاملنا جميعا كأبناء له ، لم يقصر في حقنا يوماً ، وحان الوقت لنرد له جميله يا أصدقاء ، آما الأشخاص غير المهتمين بالأمر فاعتبروا الأمر مغامرة تخوضونها ، لن تجدوا فرصة للتمرد على الجهات التعليمية غير الآن ، ماذا قلتم ؟؟
- إن وافق الجميع على هذا فأنا سأكون معكم ..
- أنا سأكون معك يا جوليا ، فأنا لا أريد للمدير أن يطرد ..
- سأعتبر الأمر مغامرة كما ذكرت يا جوليا ..
- بدأت أشعر بالحماس ، ماذا تنوين أن تفعلي ؟؟
- صحيح لم نسمع عن خطتك حتى الآن .. حكت جوليا رأسها وقالت بعد أن رسمت على وجهها إبتسامة بلهاء : في الواقع ليس لدي خطة بالتحديد ، لكنني فكرت في أن نقتحم جميعنا مكتب المدير ونعارض قرارهم ، هذا ما خطر في بالي .. نظرت إليها وقلت يإستياء : هذا ممل ، ظننت أن لديك حلاً أكثر إثارة من هذا .. رمقتني بنظرة باردة وقالت ساخرة : ولماذا لا تأتي أنت بفكرة أخرى ؟ أم أنك لا تبرع سوى في التذمر سيد مستفز.. قاطعتنا روز : هذا ليس الوقت المناسب للشجار أيها الأحمقان ، إما أن تأتي بفكرة يا سوبارو أو نقوم بما قالته جوليا .. قلت وأنا أدخل يدي في جيب بنطالي : لا أمتلك خطة في الوقت الحالي .. توجه الصف بأكمله إلى مكتب المدير والجميع متحمسون لفكرة إقتحام المكتب ، وكلما حاول أحد المعلمين إيقافنا كنا نكذب عليهم قائلين بأن المدير هو من طلبنا جميعاً .. عندما وصلنا أمام مكتب المدير نظرت جوليا إليهم قبل أن تفتح الباب : إسمعوا حاولوا ألا تتحدثوا بوقاحة ، حاولوا أن تنتقوا الكلمات بحذر ، فإن أثرنا غضبهم فلا أظن أنهم سينصتون لنا بل سيصرون على رأيهم .. أومأ الجميع برؤوسهم ، حينها حولت نظرها إلي وقالت بنبرة آمرة : سيد مستفز إفتح الباب .. ضيقت بصري وقلت من بين أسناني : أتحاولين الشجار أم ماذا ؟؟ تجاهلتني وقامت بفتح الباب بنفسها ، وفور أن فتحت الباب على مصرعه تفاجأ الجميع من رؤية الصف بأكمله أمام الباب .. تقدمت السيدة وقالت : ما الذي أتى بكم جميعا ؟؟ ماذا تريدون ؟! تحدث أحدهم : لقد سمعنا من جوليا أنكم ستطردون المدير نحن لن نوافق على قرار كهذا .. وقالت أخرى : المدير كازوما لا يستحق هذا ، أرجو أن تبقوه في منصبه ، فنحن نريده ..
- أنا لن أقبل بقرار كهذا مطلقاً ، من أنتم حتى تطردوه ؟؟ استمر الطلبة في معارضتهم بشكل فوضوي ، وتداخلت أصواتهم وأصبح من الصعب فهم ما يقولونه .. صاح حينها أحد الرجلين : يكفي هذا جميعاً ، لا شأن لكم في كل ما يحصل . عقدت ساعداي أمام صدري وقلت وأنا أتكئ على الجدار : كيف لا شأن لنا ونحن من عاشرنا السيد كازوما ونعرفه حق المعرفة ، إن أردتم طرده فيجب عليكم أن تسألونا عن رأينا به وقرروا بعدها إن كان يجب أن يطرد أو يبقى .. نطقت روز مؤيدة بحماس : سوبارو محق ، لتسألوا عنه في جميع أرجاء هذه المدرسة من معلمين وطلبة وستعرفون فضله علينا .. نظر الثلاثة إلى بعضهم بحيرة ، في النهاية اتخذوا هذا القرار : سنفعل كما قلتم ، فقد أقنعتمونا بكلامكم ، لكن لو شهد أكثر من عشرة أشخاص سوء إدارته سيطرد مباشرة .. سعدنا جميعا لسماع هذه القرار ، وطلبوا منا العودة إلى صفنا والإنتظار ، عدنا جميعاً وقد رسمت معالم الرضى على وجوهنا.. سيشهد الجميع بأخلاق السيد كازوما الرفيعة ، وأنا واثق من هذا .. عندما عدنا إلى الصف تحدث الجميع عن دعوة جوليا للفتيات إلى منزلها ، وبدأ الفتية يحاولون إقناعها بالموافقة على حضورهم أيضاً ، فالجميع يريد أن تكون له فرصة لزيارة السيدة الثرية موتسومي .. بعد إلحاح من الجميع وافقت جوليا على الرغم من إنه لا يبدو عليها الرضى ، حينها قال لوريوس ضاحكاً : إن كنت ستظهرين لنا هذا الوجه العابس فلماذا وافقت من البداية ؟؟ ردت بتذمر : هم لن يكفوا عن إزعاجي إلا إذا وافقت ، ولهذا لم يكن أمامي أي خيار .. قال لوريوس محاولا إبهاجها : أنظري إلى الجانب المشرق فهذه الفرصة المناسبة لأن تتقربي من جميع طلاب الصف .. قالت بملل : نعم نعم .. نطقت روز بعدها : جوليا لقد رفض والدك فكرة مقابلتي للسيد كيداي ، لماذا فعل ذلك ؟! جوليا : ألم يخبرك بالسبب حقاً ؟؟
- لقد قال لي بأن الأمور المخفية يجب أن تبقى مخفية ، لكنني لم أفهم ما يعنيه بالضبط ..
- ألّا تعلمي خير لك أن تعلمي يا عزيزتي .. تمتمت روز بحنق : ألا تستطيعين أنت ووالدك أن تتحدثا بشكل أكثر وضوحا ؟؟ الوحيدة التي أفهمها هي جودي .. إبتسمت جوليا إبتسامة جانبية وقالت : طبعا فهي نصفك الاخرى .. قاطعتهما وقلت بفضول : لماذا تريدين مقابلة زوج والدتك يا روز ؟؟ نظرت إلي جوليا بطرف عينها وقالت : لا شأن لك بالأمر سيد مستفز .. سحبت خصلة من شعرها وقلت : عندما أتحدث إليك بشكل لائق ردي علي بالأسلوب ذاته .. قالت وهي تحرر خصلات شعرها عن أصابعي : هذا ما أفعله الآن .. وضعت روز يدها بيننا وقالت : إياكما والبدء بالشجار ، بالمناسبة يا جوليا ما رأيك أن تقومي بدعوة ياماتو أيضاً ، أنا واثقة من أن الجميع مشتاقون له .. قلت بسرعة : ليس هناك داعٍ من دعوته .. قالت جوليا بخبث : بما أنك قلت هذا فسيكون هو أول المدعووين .. نظرت إليها بغضب ، بدأت تصرفاتها تغيظني ، تحب أن تقوم بما لا أحبه لإستفزازي ، كم أرغب في خنقها حقاً .. كنت قد قررت مسبقاً عدم الحضور حتى لو دعتني جوليا ، ولكن بما أن ياماتو سيحضر إذاً يجب علي الحضور أيضاً لمراقبته .. في الحصة الأخيرة تفاجأنا بدخول المدير عوضاً عن المعلم ، ثم وقف أمامنا قليلاً دون أن ينطق بكلمة ، والجميع ينظرون إليه بحيرة وترقب .. تحدث أخيراً بعد صمت : شكراً لكم على ما فعلتموه من أجلي اليوم ، بفضلكم تم منحي فرصة أخرى لأبقى في منصبي ، لذا أنا ممتن لكم من أعماق قلبي ، أنتم فعلاً لستم مجرد تلاميذ في مدرستي بل أنتم كالأبناء لي .. قالت روز مداعبة : نحن لا نريد كلمات الشكر ، بل نريد منك إلغاء الإمتحانات لتثبت لنا صدق مشاعرك .. مسح على جبينه بإنزعاج قائلاً : روز من الأفضل أن تطبقي شفتيك .. ضحكت روز : هيا أيها المدير لا تكن بخيلاً ، قم بإلغائها هذه السنة وحسب .. وضعت جوليا يدها على رأسها وأرخت رأسها متمتمة : كفي عن إزعاجه يا روز .. كان الفضول يراود البعض ، وبدؤوا بسؤاله حول الأمر دون أن يخفوا شيئاً لكنه كان يجيب عليهم بطريقة مراوغة ، وبعد أن كثرت الأسئلة غادر الصف هارباً من أسئلتهم .. ولكن ثلاثتنا كان لدينا بعض الأسئلة الخاصة له ، وقررنا الذهاب إلى مكتبه بعد إنتهاء الدوام .. عندما كان الجميع يستعدون للعودة إلى منازلهم ذهبنا ثلاثتنا إلى مكتب السيد كازوما كما اتفقنا ، وعندما طرقنا الباب وسُمح لنا بالدخول قال مبتسماً : كما توقعت تماماً لديكم ما تريدون سؤاله صحيح ؟؟ قلت بعد أن أغلقت الباب : كيف علمت الجهة الحكومية بأمرك ؟؟ مع أننا حرصنا على إخفاء الأمر عن الجميع ؟؟ هز المدير كتفيه : لا أعلم حقاً ، حتى أنا مستغرب من الأمر ، ولكن في الأمس أتاني صحفي سألني بضعة أسئلة حول قضية الإختطاف ، وأنا أجبت بأنني لا أعلم بالتفاصيل حينها قال كلاماً غريباً حول إفشاء أمر ما ، أظن أنه هو من قال لهم .. نطقت جوليا بإستياء : ألم يمل الصحفيون من هذا الموضوع بعد ، لا أعلم ما الذي سيستفيدون منه أولئك المزعجون .. أجابت روز على تساؤلها : سمعت أن من يأتي بأخبار مثيرة حول موضوع ما فسينال ترقية ، لهذا الجميع يحاولون إكتشاف الأمور التي يُصعب إكتشافها كمحاولة القيام بمقابلة مع المغني ورابوس أو معرفة الحقيقة حول قضيتك وغيرها .. وقف المدير من مكانه وقال : صحيح على ذكر المغني الشاب ، لقد سمعت أنه اعتزل عن الغناء لأسباب مجهولة .. ردت روز بتفاجؤ : هل تعرفه أيها المدير ؟؟
- طبعاً أعرفه فهو أشهر من نار على علم ، لقد لفت أنظار الجميع إلى صوته وأغانيه ، لكن من المؤسف أنه قد اعتزل الغناء في وقت مبكر ، صحيح يا سوبارو ؟؟ قلت ببرود : أنا لا أعرفه ولا أحبذ الأغاني أبداً .. إبتسم المدير دون أن ينطق بشيء ، بينما قالت روز بحزن : هذا مؤسف للغاية ، لا أعلم ما الذي يدفعه إلى ترك الغناء مع موهبته تلك ، المشكلة أنه لم يذكر سبب إعتزاله ، والصحفيين يحاولون العثور عليه منذ مدة ولكن لم يفلحوا في ذلك حتى الآن .. تحدثت جوليا حينها بإستغراب : كيف لهم ألا يعثروا عليه ؟؟ أعني أنه مشهور وبلا شك سيحدث ضجة عند بقائه في أي مكان .
- لا أعلم لماذا لايمكن إيجاده بسهولة ، ولكن ما أعلمه هو أن إسم ورابوس ليس سوى إسم مستعار ، ولازال إسمه الحقيقي مجهولا ، وشخصيته الغامضة هي ما جعلت الجميع منجذباً إليه .. قلت مغيراً مجرى الحديث ، فنحن لم نأتي إلى هنا للتحدث عن المشاهير الحمقى : سيد كازوما ما كان اسم الصحفي الذي أتاك بالأمس ؟؟ أجابني المدير : أظن أن اسمه كان تسوكاسا ..
- هل أنت واثق ؟؟ إذا هو نفسه الذي جاءني قبل عدة أيام ، يبدو أنه لم يستسلم بعد .. يبدو أن ذلك الصحفي مصر على معرفة تفاصيل القضية ، ولا أظن أنه سيتوقف إلا إذا أوقفناه عند حده .. قالت روز بمكر : إذا كان قد تحدث مع سوبارو والمدير فهو بالتأكيد سيأتي إلي أيضاً ، سألقنه حينها درساً لن ينساه في حياته ،و سأعلمه ألا يتدخل في شؤون الآخرين مرة أخرى .. قلت ببرود : علمي نفسك أولا يا روز .. قطبت جبينها : ماذا تعني يا سوبارو ؟؟ أنا لست طفيلية مثله .. أمسكت جوليا بها قائلة : تجاهليه وحسب يا روز ، يجب علينا الآن أن نعرف كيف علم الصحفي بأمر المدير. قال المدير : أنا أعلم من أخبره ، إنها الممرضة يومي بلا شك ، وربما فعلت هذا للإنتقام مني ، فهي لازالت تبغضني .. قلت بهدوء : وربما لا تكون هي أيها المدير ، لا تتسرع.. سكت المدير مع أن ملامحه تقول بأنه واثق من كلامه ، ولأتأكد من هذا قلت : هل حدث شيء بينكما قبل أن تنتقل ؟؟ أشاح بوجهه بعيداً : لا شيء أبداً .. جوابه هذا يؤكد لي عكس ذلك ، ولكن هذا لا يعطينا الحق في إتهامها .. غادرنا مكتبه وكل منا عاد إلى منزله ، وبينما أنا في طريقي إلى المنزل قابلت السيد روكاوا أمامي مجدداً .. تمتمت بإنزعاج : ماذا تريد الآن ؟؟ أمسكني من ياقة ملابسي وقال بغضب : إلى متى ستظل على عنادك أيها الغبي ؟؟ ألا تبالي بوالدتك التي تموت ببطء ؟؟ لماذا لا تدعها تقابل ياماتو وحسب ؟؟ أبعدت يده بغضب وأخذت أجره بعيداً عن أعين المارة الذين ينظرون إلينا بفضول ، وعندما وصلنا عند زقاقة خالية من الناس تركته قائلاً بصراخ : وأنت إلى متى ستظل تتدخل فيما لا يعنيك ؟؟ أنت مجرد مدير أعمالي سابقاً لهذا كف عن إزعاجي فأنا قد استقلت من عملي .. رد بنبرتي ذاتها : قبل أن أصبح مديراً لأعمالك أنا صديق والديك ، ووالدك وصاني عليك وعلى أمك ، ولهذا أنا أقوم بذلك من أجلهما أولا لا من أجلك أيها الطفل الغبي .. أملت فمي ساخراً وقلت : صديق ؟؟ هه لا تضحكني .. ثم تابعت بعصبية : أنت حتى لا تعرف الحقيقة ، كل ما تعرفه هو قصة اختلقتها والدتي و صدقتها أيها المسكين ، أ.... سكت بعد أن أدركت أنني قلت شيئاً لم يكن يجب علي قوله ، تراجعت إلى الوراء بإرتباك بينما اعتلت الصدمة ملامح السيد روكاوا الذي نطق ببطء : ماذا تعني بأنها اختلقت قصة كاذبة !! تحدث يا سوبارو لم صمت فجأة .. إستدرت بوجهي بعيداً عنه ، وأعطيته ظهري ، ثم قلت محاولاً كبت جماحي : يكفي هذا سيد روكاوا ، سنتحدث لاحقاً ، إلى اللقاء . غادرت المكان وأنا أشعر بقليل من الخوف ، زلتي هذه ستجعل من السيد روكاوا يبحث عن القصة من جديدة ، وحينها سيتضح كل شيء .. ضغطت على رأسي محاولاً إيقاف الصداع الذي اجتاحني ، نوبة الصداع هذه لا تحدث إلا حينما أكثر من التفكير .. يجب أن أهدئ من نفسي ، فغداً سأقابل ياماتو في منزل جدة جوليا ، ولا أريد أن أكون مضطرباً حتى لا تحدث أمور لا تُحمد عاقبته.
***
~ جوليا ~ أتى جميع تلااميذ صفي كما اتفقنا ، مع أنني تمنيت لو أنهم أخلفوا وعدهم ، ليس الأمر وكأنني أكرههم ، بل بسبب أنني أكره التجمعات .. الجميع منبهر من روعة تصميم المنزل ، بعضهم بدى وكأنه سعيد من أجلي ، والبعض الآخر كان من الواضح عليه الغيرة لكنني لم أتأثر بتعليقاتهم الجارحة أو أسئلتهم التي تهدف إلى إحراجي
.. سألتني روز : ألم تقومي بدعوة ياماتو يا جوليا ؟؟ قلت وأنا أنظر إلى ساعتي : بلى فعلت ذلك ، لقد أرسلت له رسالة أخبرته بأنني جمعت الصف بأكمله في منزلنا وهو مدعو كذلك ولكن لا أعلم لم تأخر .. قال لوريوس : أنتم تتحدثون عن ياماتو منذ مدة ، ولكنني لم أعرفه حتى الآن ، من يكون ذلك ؟؟ أجبت على سؤاله : لقد كان طالباً في مدرستنا ولكنه انتقل إلى مدرسة أخرى قبل قدومك بعدة أسابيع .. أردفت روز من بعدي بإبتسامة هادئة : إنه شاب رائع جداً ، لقد كان يساعدنا أنا وسوبارو عندما تم اختطاف جوليا حتى بالرغم من أن والده كان يمنعه من رؤيتنا .. تمتم لوريوس متسائلاً : ولماذا كان والده يمنعه من رؤيتكما ؟؟
- لأنه من عائلة ثرية ، إنه إبن مدير الأعمال الشهير كودو ، لقد سمعت عنه بلا شك صحيح ؟؟
- أوه نعم لقد سمعت بذلك الإسم ، من المدهش معرفة أن إبنه كان يدرس في مدرسة عامة سابقاً .. ـ لا تستغرب فحفيدة السيدة موتسومي موجودة في مدرستنا الآن .. إلتفت إلي لوريوس وقال ضاحكاً : صحيح لقد نسيت الأمر تماماً .. بقينا نثرثر قليلاً ثلاثتنا إلى أن قاطعنا الخادم وأخبرني بقدوم ياماتو ، خرجت إلى الحديقة الأمامية لإستقباله ، عندما توقفت سيارته ترجل من السيارة وهو عابس الوجه ، ولكن ما إن لمحني حتى ابتسم بهدوء .. استغربت قليلاً من سبب عبوسه ، ثم أصطحبته إلى الداخل حيث الجميع متواجدون ، وما إن رأوه حتى تحلقوا حوله بلهفة .. لم يتبقى سوى القليل فقط ممن بقوا في أماكنهم ولوريوس وسوبارو منهم ، ولكن روز كانت مع الذين اندفعوا إليه سائلينه عن أحواله وأخباره .. على ذكر سوبارو إنه يتصرف اليوم بغرابة ، ولم يبدأ بالتحدث مع أي شخص ، حتى أنني أنا ولوريوس حاولنا التحدث معه إلا أنه كان يجيبنا بإختصار ، ويبدو من الواضح جداً أن مزاجه معكر لسبب ما ، ولهذا تركناه وحيدا .. ولكن الآن وبعد مجيء ياماتو بدأ يحملق فيه بحدة ، كما حصل ذلك اليوم عندما لحق بي إلى المطعم .. وقف لوريوس بجواري وقال : واو إنه وسيم وثري ، فعلاً مثالي للغاية .. أومأت برأسي دون أن أتفوه بكلمة ، بينما أردف لوريوس : أنظري يا جوليا إلى روز ، لأول مرة أراها تظهر مثل هذا الوجه اللطيف.. توسعت حدقا عيني بدهشة ، لقد نبهني لوريوس لأمر مهم ، لو لم يخبرني بهذا لم أكن لألاحظ هذا ، إنه نبيه حقاً .. ملامح وجهها الذي يكون عادة متجهما أو عبوسا قد لان كثيرا وهي تثبت بنظرها إلى وجه ياماتو وقد رسمت على وجهها تلك الإبتسامة التي كشفت عن أسنانها اللؤلؤية .. ناهيك عن السعادة التي تشعان من عينيها .. أعلم أن عقدتها نحو الشبان قد زال ، ولكنها لم تكن تتحدث مع الشبان أبداً ، وإن تحدثت فهي تتحدث بطريقة فظة ووقحة ، وأما مع لوريوس وسوبارو بما أنهما من المقربين لنا فهي تتحدث معهم بطريقة طبيعية ، ولكن لم تكن تظهر هذه الملامح الأنثوية مطلقاً .. قطع حبل أفكاري صوت ياماتو الذي أتى لتوه إلي : أين هي جدتك الآن يا جوليا أنا لا أراها .. قلت بإبتسامة : لقد غادرت ظهيرة هذا اليوم ولم تعد حتى الآن ، قالت بأن لديها عمل تنجزه وقد تتأخر في العودة .. اقترب سوبارو منا وقال بصوت مليء بالسخرية : مرحباً بالشاب الذي خان أصدقائه في الوقت الذي كانوا بأمس الحاجة إليه ، وها هو يعود لأصدقائه ويحاول الإلتصاق بحفيدة السيدة موتسومي للإستفادة من ثروتها .. قلت بحدة : سيد مستفز من الأفضل أن تبقى كما كنت في بداية الحفل .. قال ببرود : لا تنادني بالسيد مستفز ، أنا لدي إسم كما تعلمين ..
- أوه صحيح أعتذر عن وقاحتي سيد سوبارو المستفز .. قال وقد بدى على صوته الغضب : ألا تستطيعين مناداتي بطريقة طبيعية ؟؟ إسمي سوبارو وكفي عن إضافة مستفز لأسمي . تمتمت ببرود لأثير غضبه أكثر : أنا لم أقم بنطق إسمك بشكل خاطئ ، لم الغضب إذاً سيد سوبارو المستفز ؟؟ نظر إلي قليلاً وكأنه قد فهم ما أهدف إليه ، لهذا قال بهدوء : لماذا ترهقين نفسك بمناداتي بإسم طويل كهذا ؟؟ حاولي إختصاره فقط .. إبتسمت قائلة : يسعدني أنك تفكر في راحتي ، سأناديك بسيد مستفز كما حتى لا أرهق نفسي كما طلبت ..
- أليس من الطبيعي أن تأخذي المقطع الأول من إسمي في الإختصار أي خذي كلمة سوبارو وحسب أم أنك بلهاء ؟؟
- أنا أحاول ذلك لكن لقب مستفز يليق بك أكثر ، ثق بي فأنا إمتلك ذوقاً رفيعاً . الأشخاص الذين كانوا ينظرون إلينا إنفجروا ضاحكين كما لو أننا قدمنا عرضاً كوميدياً ، إبتسمت برضى حين ابتسم ياماتو بخفة ، هذا ما كنت أريده وحسب ، فما قاله سوبارو لياماتو كان مستفز للغاية ، وأنا أردته أن ينسى .. أتتني ضربة خفيفة على رأسي كان سوبارو سببها ، ثم قال : بسببك أيتها البلهاء أبدو كالمهرج أمام الجميع .. ضحكت بتصنع مع أنني أنا الأخرى لا أريد أن أبدو كالمهرجة ، ولكن ما باليد حيلة .. لاحظت لوريوس يغادر مبتعداً عن الجميع ، شعرت حينها بالغرابة وقررت ملاحقته لأرى ماذا به .. خرج من المنزل إلى الحديقة ووقف واضعاً رأسه بين يديه ، اقتربت منه ببطء ثم قلت بصوت أقرب إلى الهمس : لوريوس ما بك ؟؟ بدى عليه الفزع حينها ثم نظر إلي قائلاً : ماذا تفعلين هنا ؟؟ قلت بهدوء : أنا من يجب علي أن أسألك هذا ، لم تركت الجميع وخرجت إلى هنا ؟؟
- أردت إستنشاق بعض الهواء لا أكثر ..
- أنت تكذب ، أخبرني بالحقيقة وكف عن المراوغة .. نظر إلى السماء المظلمة قليلاً ثم عاد ينظر إلي وقال : يبدو أنني لم أسامحك بشكل كامل حتى الآن يا جوليا .. قلت بهدوء فقد كنت أشعر بذلك منذ مدة : علاقتك بشيبا كانت قوية جداً و لهذا كنت واثقة من أن الجرح الذي سببته لك لم يلتئم بعد ، قل ما تخفيه يا لوريوس فأنا سأتحمل كل كلماتك .. أبعد وجهه عني وبدأ يتأمل المكان قائلا بهدوء : على الرغم من أن أخي قد أقدم على الإنتحار لأنك رفضته إلا أن هذا ليس سبباً كافيا لألقي باللوم عليك ، وأنا أعلم ذلك وأعترف بهذا ، ولكن لسبب ما أشعر بالغضب كلما رأيتك تتحدثين مع الآخرين بسعادة ، ليس الأمر وكأنني اريدك أن تتعذبي طوال حياتك بسبب ذنب لم تقترفيه عمداً ، ولكن بمجرد التفكير أنك تعيشين حياتك بسعادة بينما شيبا قد مات وقلبه مكسور وحزين ، هذا الأمر يجعلني أبدأ بكرهك من جديد ، وما يزيد الأمر سوءً هو أن أراك تمازحين سوبارو بطريقة مقرفة ، أنت وروز كلاكما صديقين لسوبارو ولكنك تبدين أكثر قرباً منه ، أنا واثق من أنك تحبين سوبارو صحيح ؟؟ مهما حاولت الإنكار فلن تخدعي عيناي .. رد: لعبة بين يدي حاقدللكاتبة : لحظات إبتدأ كلامه بهدوء وأنهاها بالصراخ ، وها هي كتفاه تتحرك إلى الأعلى والأسفل بشكل واضح ، وصوت أنفاسه عالية ، إنه منفعل كثيراً .. لست أعلم ما إذا كان يجب أن أتكلم أو لا ، أخشى أن يغضب أكثر ما إذا تفوهت بحرف ، لذا فضلت أن ألتزم الاصمت وأنا أشعر بالذنب أكثر فأكثر ، ودرجة كرهي لنفسي في ازدياد ، أشعر بأنني فتاة منحوسة ، أجلب المشكلات للجميع .. مسح لوريوس على وجهه وقال بعد أن استعاد نفسه : أنا آسف يا جوليا .. إبتسمت بهدوء ، لا أعلم لماذا دائماً أرسم هذه الإبتسامة على وجهي ، فتاة مثلي يجب ألا تبتسم ، تباً لي ولإبتسامتي التي تظهر بشكل تلقائي .. نطقت بعدها : لا داعي للإعتذار ، أنا أستحق كل كلمة قلتها وأكثر .. ثم أدرت ظهري بإتجاهه دون أن أسمح له بالحديث من جديد : لنعد الآن فالأجواء باردة في الخارج .. سرنا إلى المنزل ولم ينبس أحدنا بكلمة ، ولكن عندما دخلنا فاجأنا صوت ياماتو الذي صاح بغضب : لقد تحملتك كثيراً أيها اللعين ، كنت أحاول أن أتجنب القتال معك ليس خوفاً منك بل إحتراماً لك ، ولكن يبدو بأنك لا تستحق هذا الإحترام .. تعالت ضحكات سوبارو الساخرة ليقول بعدها : أوه لقد أرعبتني أيها الطفل المدلل ، تعال وأرني ما لديك إن كنت قوياً كما تدعي ، واترك عنك الأعذار السخيفة ، قال أحترمك قال .. كان الجميع متحلقين حولهم ينظرون إليهما بتعجب ودهشة ، ولم يحاول أحد إيقافهما .. سألت الزميل الذي بجانبي عن ما يحصل وأجابني بأنهما بدآ الشجار فجأة ولا أحد يعلم عن السبب .. أبعدت من أمامي عن طريقي فإذا بي أراهما يقفان قبال بعضهما وكل واحد منهما يرمق الآخر بنظرات غاضبة.. وفجأة كل منهم انقض على الآخر وتشابكا معاً كل منهما يوجه ضربات قاسية للآخر دون رحمة أو مبالاة .. ولا يزالون وسط هذا القتال يكملان حديثهما .. قال ياماتو بصوت ثائر لم أعتد سماعه مطلقاً : لقد وعدتك بأنني سأخفي سرك عن الجميع ولكنك مجرد أحمق يبحث عن الشجار لا يستطيع أن يثق بأحد ، لمعلوماتك أنا لا أهتم ما إذا كانت مشهوراً أم لا ، يا شبيه صوت مولد السيارات القديمة .. أجاب عليه سوبارو بنبرة لا تقل غضباً عنه وهو يركل ياماتو : أنا أفضل منك أيها الطفل المسكين ، تظن أن والدتك متوفاة مع أنها حية ترزق ، والدك الأحمق برع في تزييف موتها ، أنا أشفق عليك حقاً ..
- أعلم إنها إحدى خدعك ، لن أقع في نفس الفخ مرتين .. أمسكت بكأسي عصير كان في يد فتاتين ثم تقدمت إليهما بسرعة وسكبته على ملابسهما ثم صحت بعدها بغضب بعد أن ألقيت بالكأس أرضاً وتناثرت قطعه في كل مكان : ألن تتوقفا عن هذا ؟؟ أتريدان مني أن أطلب من الحراس رميكما خارجاً كالجرذان ؟؟ أنتما .. أنتما .... لم أكمل جملتي وانفجرت ضاحكة بصوت عالٍ وبشكل غريب ، حتى سالت الدموع من عيني من شدة الضحك والجميع ينظرون إلي بتعجب وعلامة إستفهام كبيرة على وجوههم. أسكت نفسي وبدأت بمسح الدموع التي سالت من الضحك وقلت بمرح : آسفة لم أستطع أن أؤدي دوري بالشكل الصحيح ، لقد أفسدت المسرحية أنا آسفة جداً يا صديقاي . زادت حيرتهم حينها ، ولم يعودوا قادرين على فهم أي شيء مما يحصل ، حينها قلت موضحة الأمر للجميع : ما حصل للتو كان مشهداً قمنا نحن الثلاثة بالتخطيط له ، لكن يبدو أنني وبسبب تمثيلي السيء أفسدت كل شيء .. رمش الجميع بغير إستيعاب ، وقالت إحداهن : هل تعنين أن جميع ما قالوه كان مجرد تمثيل ؟؟ إبتسمت مجيبة : هذا صحيح ، لا يمكن لهما أن يتشاجرا بجدية فهما صديقان كما تعلمون ، ثم أنهما أعقل من أن يتشاجرا بهذا الشكل أمام الجميع .. نطق أحدهم بحماس : تباً لوهلة ظننت أنهما كانا يتشاجران بجدية ، لم يخطر في بالي أنهما متفقان على هذا .. وقال آخر : لقد أتقنا دورهما حقاً ، أنا متفاجئ من مهارتهما في التمثيل .. قلت بهدوء : أردت أن أضفي بعض الإثارة ولهذا قمنا بالمسرحية دون أن نعلمكم ، والآن اسمحوا لي بإصطحابهما إلى غرفة أخرى ليبدلوا ملابسهم .. رمقتهما بنظرة تعني إلحقا بي وهما لم يعارضا وسارا خلفي ، قدتهما إلى غرفة في الطابق الأول بعد أن طلبت من إحدى الخادمات إحضار ملابس بديلة تلائمهما .. بعد أن دخلنا الغرفة إلتفت إليهما وقلت بحدة : في ماذا كنتما تفكران أيها الأحمقان ؟؟ كيف تتشاجران بهذه الطريقة أمام الجميع ؟؟ ما فائدة رأسيكما أهو مجرد زينة ؟؟ قاطعني صوت طرقات الباب القوية ، فتحت الباب لأرى جون ومات من خلفها .. إبتسمت بهدوء قائلة : " أتيتما في وقتكما " دخلا إلى الداخل وقال جون :" لقد رأينا الشجار الذي حصل في الأسفل ، وأتينا للإطمئنان عليك خوفاً من أن يهجما عليك " قلت لهما :" لا تقلقا أستطيع حماية نفسي لو حاولا ذلك ، لكنني أريد منكما حراستهما ريثما يغيران ملابسهما ، أخشى أن يعودا للشجار مجدداً "
" ـ كما تأمرين يا آنستي " قال سوبارو ببرود : أنا سأعود إلى منزلي ، لقد مللت البقاء مع هذا الغِر .. قلت بصرامة : ممنوع ، لا أريدهم أن يشكوا في صدقي ، ولهذا عندما تنزلان حاولا أن تتصرفا بطريقة طبيعية وإلا .. رد سوبارو بعناد : ولماذا نحن مجبرين على تنفيذ أوامر فتاة مثلك ؟؟ ضربت الأرض بقدمي مجيبة : لأنكما في منزلي وإن استمريت في تعاملك الفظ فهذان الإثنان سيتوليان أمرك .. كان ياماتو صامتاً طوال الوقت ولم يتفوه بكلمة واحدة عكس هذا المغرور سوبارو ، بعد دقائق أتت الخادمة ومعها ملابس إضافية لهما ، أعطيتهما وغادرت الغرفة بعد أن طلبت من مات وجون أن يحرصا على منعهما من الشجار بأي شكل كان .. نزلت إلى الأسفل بخطوات متزنة ، من الجيد أنني استطعت إيقافهما بطريقة لا تثير الشك ، حسناً خطر هذا في ذهني فجأة عندما تذكرت شجاري مع سوبارو والذي كان كالعرض الكوميدي ، وبما أنهم نظروا إلى شجارنا المضحك كعرض مسرحي فأنا حولت هذا الشجار الحقيقي إلى مسرحية كذلك . عدت إلى بقية الضيوف الذين لازالوا منبهرين من العرض الحقيقي الذي قدماه الأحمقان ، لكنني لاحظت إختفاء روز فسألتهم عنها .. حينها أخبرتني يونا : لقد كانت أمام طاولة الطعام تتناول الأطعمة بشراهة ويبدو عليها الغضب قليلاً .. ابتعدت عنهم لأجدها كما وصفتها يونا تماماً ، ويبدو أن لوريوس الذي بجانبها يحاول تهدئة أعصابها .. وضعت يدي حول رقبتها وقلت : لم أنت غاضبة هكذا يا عزيزتي ؟؟ أبعدت روز يدي دون أن تجيبني ، بينما قال لوريوس ضاحكاً : إنها غاضبة لأنكم اتفقتم على هذه المسرحية من دونها .. قلت بتعجب : هل هذا صحيح ؟؟ لكننا أعددنا هذه المسرحية خصيصاً لروز ، فكيف لنا أن نخبرها بذلك ؟؟إلتفتت إلي روز حينها وقالت : هل حقاً ما تقولينه ؟؟ إبتسمت على سذاجتها وقلت : نعم ، لقد أردنا أن نرى ردة فعلك حين تنظرين إلى ثلاثتنا ونحن نتشاجر مع بعضنا ولكن يبدو أنني أفسدت كل شيء .. احتضنتني روز وقالت : إن كان الأمر هكذا فلا بأس ، لكن في المرة القادمة أشركوني معكم حتى أبهركم بمهارتي في التمثيل .. عندما نزل سوبارو وياماتو استلمهم الجميع بالأسئلة ، وكان ياماتو يجاري الوضع ولكن سوبارو كان يتجاهلهم تماماً ، وحين سألوني عن السبب أخبرتهم أن سوبارو لم يكن يريد أن يؤدي هذا الدور ولكننا أرغمناه على ذلك .. من الجيد أنني أجيد الكذب بمهارة ، وأتحدث بطريقة ترغم المستمع على الإقتناع ، وإلا لما كنت لأصلح الوضع كالآن .. مر الوقت بسلام ولم يعد الأحمقان للشجار مجدداً ، مع أنهما كانا يرمقان بعضهما بنظرات خفية ، ولكن أحداً لم يلحظ ، وبعدها عاد الجميع إلى منازلهم سعداء وانتهى أخيراً هذا اليوم المتعب ..
***
~ ياماتو ~ لقد أقدمت اليوم على شيء أحمق بالفعل ، أنا ممتن لجوليا على إيقافها لنا ، لقد فقدت أعصابي ولهذا لم أستطع أن أميز المكان الذي كنت فيه .. أغمضت عيني محاولاً النوم ، ولكن لازلت لا أستطيع أن أبعد كلمات سوبارو التي قالها لي اليوم .. لقد كان غاضباً بشدة ولهذا لا أظن أن لديه الوقت المناسب للكذب ، إذاً كل ما قاله في ذلك الوقت كان حقيقة .. أذكر أنه قال شيئاً ما حول والدتي ، لقد قال أنها على قيد الحياة وأن والدي قد زيف موتي ، هل يمكن أن يكون محقاً ؟؟ لقد حولت جوليا ما حصل إلى مسرحية تم التخطيط لها على الرغم من أن الأمر لم يكن كذلك حتى لا تقلق الضيوف، هل يُعقل بأن سوبارو قد قام بالأمر ذاته ليخفي الحقيقة ؟؟ أعني في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه السيد روكاوا بأن والدتي على قيد الحياة وأن سوبارو أخي الأصغر ، هل يمكن أنه قد جعل الأمر كخدعة لأنه لا يرغب في إخباري بهذا السر ؟؟ دفنت وجهي في الوسادة ، لا أريد أن أتعلق بآمال كاذبة ، فأنا أخشى من أن أتحطم مجدداً كما حصل في المرة الأولى ، يجب أن أسأل أبي وأتتبع الأمر حتى أصل إلى الحقيقة ، نعم يجب علي ذلك .. نهاية الفصل .. |
|