|
روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#46
| ||
| ||
part 8 دخلت إلى الصف و أنا أشعر بالإرهاق فأنا لم أتمكن من النوم ليلة البارحة ..! كان ايثن أول شخص قابلته و قد نظر إلي بقلق : صباح الخير لينك .. لا تبدو بخير ..! ابتسمت له بهدوء : صباح الخير مجرد ارهاق بسيط ..! - وجهك شاحب .. كان عليك أن لا تأتي للمدرسة ..! - انه امر لا يستحق أن أتغيب لأجله ..! سرت ناحية مقعدي و تركت حقيبتي فوق الطاولة و هناك ربت على كتفي فالتفتت إليه لأجد نظراته الجادة تحدق بي : لقد كنت بخير في الأمس .. لكنك بدأت بالارتجاف فجأة منذ رأيت تلك الصورة .. أهناك شيء ما لينك ؟!.. شعرت بالتوتر لحظتها لكني قلت بهدوء : لا شيء حقاً .. أنها فقط تذكرني بشخص أعرفه ..! قطب حاجبيه باستغراب : فقط ؟!.. ابتسمت له عندها : تتذكر حين أخبرتك أني عشت في ادنبره لفترة .. تلك السيدة تشبه المرأة التي اعتنت بي هناك .. لذا شعرت بالحنين لأن تلك المرأة كانت طيبة و لطيفة كثيراً معي ..! ابتسم عندها : هكذا إذاً .. لا يمكنني أن ألومك إن كان الأمر هكذا ..! عموماً إن كان هناك شيء فلا تخفي الأمر عني .. نحن صديقان في النهاية ..! صديقان ؟!.. تلك العبارة التي قالها كانت ذات تأثير عميق بالنسبة لي ..! رغم أن ايثن لا يعرف شيئاً عني .. و لا عن مارسنلي فهو يستمر بمناداتي بالصديق طيلة الوقت ..! اعتقد أن الأصدقاء الحقيقين هم من أمثاله .. انهم الأشخاص الذي يمكنك الثقة بهم دائماً ..! شكراً .. ايثن : بالتأكيد .. نحن أصدقاء ..! اتسعت ابتسامته اللطيفة حينها مع رنين الجرس : حسناً .. سأعود لمكاني الآن ..! إن لم تكن بخير فعليك العودة لمنزلك ..! أومأت موافقاً عندها فسار هو ناحية مقعده ..! اتمنى حقاً أن يمر باقي يومي على خير ..! .................................................. ..... كنت شارد الذهن أفكر ببعض الأمور التي ترهقني ..! أنا لا أزال غير مستوعب أني رأيت أدريان بالأمس ..! لقد كان الأمر كالحلم .. لا بل كالكابوس !!.. - براون .. كف عن الشرود و ركز في الدرس ..! التفت للمعلم الذي قال هذا بانزعاج فأيقظني من أفكاري لأجيبه عندها : حاضر ..! عاد إلى اللوح وهو يتمتم بكلمات لا أسمعها و كأنه ضجر فهذه المرة الثالثة التي ينبهني فيها ..! مضت بضع دقائق قبل أن يرن الجرس معلناً بداية وقت الاستراحة ..! خرج المعلم من الصف وهو يقول : ايثن .. خذ الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ..! خرج الطلاب خلفه فوراً فوقت الاستراحة قد بدأ .. ماكس أيضاً ذهب من أجل شراء الفطائر بينما سرت ناحية ايثن و أنا أقول بابتسامة : هل أساعدك ؟!.. التفت إلي و ابتسم : لا عليك .. أنه عملي بما أني رئيس الصف ..! - رغم ذلك فأنا مصر على مساعدتك ..! - لا بأس إذاً ..! هلا أخذت تلك الأوراق إلى مجلس الطلبة بينما احمل الدفاتر إلى غرفة هيئة التدريس ؟!.. - بالتأكيد ..! قلت هذا تلقائياً إلا أني تذكرت بأن ذلك المكان هو وكر ذلك الشيطان يوجين ..! عموماً لا يمكنني التراجع الآن ..! حملت تلك الأوراق التي كانت على طاولة المعلم و سرت خارج الصف ناحية غرفة مجلس الطلبة التي في نهاية الممر ..! حين وصلت إليها طرقت الباب طرقتين ثم فتحته ..! كانت غرفة مجلس الطلبة تشبه إلى حد ما تصميم الصفوف و بها طاولة كبيرة مستطيلة في المنتصف حولها مجموعة من المقاعد .. و في زاوية يوجد طاولة صغيرة خلفها مقعد واحد و عليها جهاز حاسوب مكتبي ..! انها بسيطة و عملية للغاية ..! غرفة مجلس الطلبة في مدرسة مارسنلي لم تكن غرفة بالمسمى بل قسم مستقل في المدرسة يحتوي على مجموعة من الغرفة حيث في كل غرفة ثلاث مكاتب فاخرة للأعضاء بينما يحضا الرئيس و النائب بغرفة خاصة كبيرة و فاخرة كمكتب رئيس في شركة .. و قد كانت هناك غرفة للحواسيب كذلك ..! اعضاء المجلس كانوا يعاملون معاملة خاصة في تلك المدرسة أيضاً ..! أما هنا فمثلهم مثل بقية الطلاب ..! انتبهت إلى ذلك الشخص الذي يجلس على رأس تلك الطاولة يقلب في ملف معه .. أنه رئيس هيئة الطلبة ..! يوجين ..! أخذت نفساً عميقاً ثم قلت : أين أضع هذه الأوراق ؟!.. رفع بصره ناحيتي للحظات دون أي تعبير : من أين أتيت بها ؟!.. تجاهلت نظرة الازدراء في عينيه : احضرتها نيابة عن ايثن ..! وقف عندها و اتجه ناحيتي ثم أخذ احداها و نظر إليها قليلاً ليقول : ضعها على تلك الطاولة ..! اشار إلى طاولة الحاسوب المكتبي فسرت لأضعها هناك و حينها سمعت : آه صحيح .. سمعت من ريا أنكم ذهبت لمنزل ينار بالأمس .. أنه قصر فاخر أليس كذلك ؟!.. تجمدت مكاني للحظات فأنا غير مرتاح لنبرته الماكرة .. رغم ذلك أجبته ببرود قبل أن ألتفت إليه : أجل .. أنه كبير للغاية ..! التفت ناحيته عندها لأجد ابتسامة غرور على شفتيه و هو يقول : لقد كان ذلك القصر لأحدى الأسر النبيلة ..! لكنه بطريقة ما صار لوالد ينار .. هل سمعت بالأمر ؟!.. ما الذي يلمح له هذا الشيطان ؟!.. رغم ذلك كنت لا أزال اسيطر على اعصابي و برودي : حقاً ؟!.. لم تخبرنا ينار شيئاً بهذا الشأن ..! سار ناحية مقعده مجدداً : طبيعي .. لأنها لا تعلم عن هذا الأمر كما يبدو !!.. لقد أفلست شركة مارسنلي و كل من في البلد يعلم هذا ..! و لكن هذا لا ينفي أنهم من النبلاء لذا كان بإمكان فردهم الأخير استعادة مكانته متى شاء بدل الاختفاء فجأة ..! كثير من الأثرياء يريدون شرف اسم اسرته بطرق كالزواج مثلاً ..! ذلك الفتى الأحمق .. لو كنت مكانه لبحثت عن فتاة جميلة من تلك الطبقة و تزوجت بها ..! كنت لا أزال أحافظ على هدوئي الذي أكاد أفقده ..! لما تطرق للحديث عن مارسنلي الآن ؟!.. أهو يتعمد هذا أم أنها مصادفة في سياق الحديث ؟!.. ربما علي أن أجاريه : حقاً ؟!.. لم أعلم أنك من هذا النوع حضرة الرئيس ..! هل كنت ترجوا أنك ولدت في احضان الطبقة المخملية ؟!.. لحظتها نظر إلي نظرة ماكرة ذات مغزى : ما رأيك ؟!.. أترى أنها مكان يستحق المرء العيش فيه ؟!.. أغمضت عيني بهدوء و تجاهلت تلميحاته هذه : و ما أدراني ؟!.. قبل أن أقول كلمة أخرى دخل احدهم بسرعة : يوجين .. أعضاء نادي كرة السلة يسألون عن ميزانية ناديهم و إن كان قد تم زيادتها أم لا ؟!.. انتبهت تلك الفتاة لي عندها فابتسمت : مرحباً لينك .. تبدو بخير اليوم على عكس الأمس و هذا رائع ..! انها هي !!.. أنها ابنة ادريان !!.. هذه الفتاة كانت تعانق أدريان بالأمس عناقاً حاراً !!.. تعانق الرجل الذي دمر حياتي !!.. توقف لينك .. لقد وعدت نفسك أن تتركها و شأنها !!.. لا تتورط مع أبيها مرة أخرى !!.. أشحت بوجهي بهدوء و أنا أقول : كنت مرهقاً فقط ..! أراك فيما بعد ..! خرجت من غرفة المجلس التي جمعتي بشخصين مشاعري مضطربة تجاههما ..! ينار و يوجين ..! ما قصة هذا الشاب ؟!.. لما يلمح لي بهذه الطريقة ؟!.. أيعقل أنه يعلم الحقيقة ؟!.. مستحيل !!.. من أين له أن يكتشف أمري ؟!.. لا شك أنها مجرد مصادفة و حسب !!.. .................................................. جلست مع ريكايل .. سام .. ماكس .. ايثن و ريا على شكل دائرة في السطح كالعادة بعد أن ذابت الثلوج و بات المكان أدفأ من السابق ..! تلقائياً بدأوا الحديث عن زيارتهم لينار بالأمس حيث هتف ماكس بحماس : لقد ضيعتم عليكم الكثير يا توأم براون .. تلك الحلوى التي أعدها الطاهي كانت اسطورية !!.. أنها كالحلويات التي تقدم في المقاهي الفرنسية الفاخرة التي لا يدخلها إلا النبلاء ..! لم يضع علينا شيء ماكس .. فقد أكلت طيلة عمري من تلك الحلويات حتى انفجرت معدتي ..! و حتى ريكايل زارها معي عدة مرات و اكتفى منها ..! لكن ايثن نظر إلي بابتسامة وهو يقول : لكن المفاجأة كانت حين انضم ألينا والد ينار ..! لقد توترنا في البداية فهو يبدو شخصاً ثرياً و مترفاً بل و كأنه واحد من النبلاء ..! لكننا اكتشفنا أنه شخص مرح و لطيف كثيراً بل انه كان يتحدث معنا بتلقائية و ابتسامة بشوشة !!.. طأطأت رأسي بهدوء كي أخفي ملامح وجهي ..! ايثن .. أنت لا تعلم بأن ها الشخص هو الشر بعينه !!.. لا تعلم بأنه قد نسف حياتي تماماً و أفسد الكثير من أحلامي !!.. لا تعلم بأنه خان من احسن إليه في الماضي !!.. اني أكرهه .. أكرهه بحجم هذا الكون الواسع !!.. سام نطقت عندها بنبرة حالمة : والد ينار وسيم للغاية !!.. انه في ريعان الشباب و من يرى ينار معه سيظنها شقيقته الصغرى لا ابنته !!.. انه يدللها كثيراً بالأقوال و الأفعال ..! هنيئاً لها به !!.. هنا كان رايل هو من علق بابتسامة : حقاً ؟!.. يبدو أنه شخص متواضع رغم ثروته ..! أعتقد انه مثال جيد لكل الأثرياء ..! وافقه الجميع على كلامه بينما لم أجد أن علي سوى الصمت ..! فلو نطقت بحرف فقد أندم على ما سأقوله طويلاً ..! .................................................. .. |
#47
| ||
| ||
لقد مضى اليومان التاليان بهدوء تام و قد بدأت استوعب مسألة من هو والد ينار بالضبط ؟!.. إلا أن الحيرة لا تزال تسيطر علي بشأن متى صار لذلك الحقير ابنة ؟!.. ها أنا في المنزل أقف في المطبخ و أقوم بجلي الصحون بينما تقف كيت بجانبي و هي تجففها ..! لم يكن أحدنا قد نطق بحرف فنحن كنا صامتين تماماً و هدوء مع كآبة يغطي الجو ..! إلا أن صرخة أحدهم أفزعتنا : لينك !!!.. كاد الطبق يقع مني لحظتها و التفت فزعاً إلى الشخص الذي دخل المطبخ و هو يصرخ : ريكايل ما بك ؟!!.. كانت على وجه علامات البشر و السعادة : العمل .. لقد عثرت على عمل !!.. اتسعت عيناي عندها فلم يكن مني إلا أن اسرعت لترك ما بيدي و التفت إليه مصدوماً : أأنت جاد ؟!.. عثرت على عمل لنا ؟!.. أومأ إيجاباً بسعادة : أتصلوا بي قبل قليل و طلبوا أن نأتي و نقدم على مقابلة العمل و يمكننا الاستئناف مباشرة بعدها ..! أغلقت الصنبور و جففت يدي بينما سألت كيت عندها : و ماذا ستعملان ؟!.. أجاب عندها : أنه محل حلويات صغير ..! بدت عليها ابتسامة شر : انه المكان الأفضل ..! دخل أحدهم حينها : بل هو الأسوأ .. لا تعتقدي أن لينك سيسمح لك بتناول الكعك كما تردين ..! بدا عليها الضجر و الاستياء بينما علقت أنا : ليو محق .. عليك أن تكوني أكثر حرصاً على نظامك الغذائي ..! جلست على الكرسي بانزعاج واضح بينما التفت أنا لريك : و متى وقت المقابلة ؟!.. - الساعة الرابعة ..! - إنها الثانية الآن ..! حسناً و ما سيكون عملنا بالضبط ؟!.. - المقابلة ستحدد ذلك ..! إما أن نكون نادلين أو نعمل في المطبخ ..! تنهدت بتعب فكلا العملين لا يناسبانني ..! خدمة الزبائن أمر لم اجربه و لو مرة .. أما المطبخ فبالكاد اتعامل مع مطبخنا إضافة أني أحطم صحنين كل اسبوع ..! أرجوا أن يمر الأمر على ما يرام ..! .................................................. .. وقفت مستنداً إلى ذلك الجدار بقلق ..! ها أنا في ذلك الممر أنظر إلى هذا الباب أمامي حيث دخل ريكايل لتقديم المقابلة ..! أني اشعر بالتوتر حقاً .. فأنا لم استوعب بعد أني سأعمل بدوام جزيء ..! نظرتي للعمل سابقاً كانت عبارة عن أني سأكون مديراً لشركة مارسنلي .. و ليس عاملاً في محل حلويات ..! بل اسم المحل هو أكثر ما يفزع في الأمر !!.. " شوكو شوكو شوكولا " !!.. ما هذا الاسم الطويل التهريجي ؟!.. لكن هذا ما آل إليه الحال ..! خرج ريك و على وجهه ابتسامة سعيدة : لقد قبلت ..! ابتسمت له بهدوء : كما هو متوقع منك ..! ربت على كتفي عندها : لا تقلق .. انها مقابلة بسيطة و أنا واثق أنك ستتجاوزها ..! هيا أدخل الآن ..! زفرت علي أخرج القلق الذي سيطر علي حينها ..! و بعدها سرت بخطوات متزنة لأدخل إلى ذلك المكتب مغلقاً الباب من خلفي ..! فور دخولي رأيت ذلك الرجل الذي يبدو في الثلاثينات من العمر يجلس خلف ذلك المكتب البسيط .. كان يضع قدماً على الأخرى و في فمه سيجارة رخيصة له شعر بني محمر و لحية قصيرة و ملامحه قوية و كأنه لاعب جودو .. فحتى قوامه بدا طويلاً و أكتافه عريضة ..! بالمختصر مكانه الأفضل هو في ساحة قتال و ليس محل حلوى صغير : اجلس ايها الفتى ..! يا إلهي .. حتى صوته غليظ !!.. تقدمت بضع خطوات و جلست على مقعد جلدي اسود أمام المكتب و حينها نفث الدخان من فمه وهو يقول : عرف بنفسك ..! أخذت نفساً عميقاً لأقول : لينك براون .. طالب ثانوية في السابعة عشر ..! - هكذا .. أنت شقيق الفتى الذي قبلته قبل قليل صحيح ؟!.. - أجل .. انه أخي التوأم ..! - حسناً .. لقد كان أخوك جيداً للغاية لذا ارجوا أن تصير مثله ..! لم أرد عندها بينما قال : ما الأماكن التي عملت فيها سابقاً ؟!.. شعرت بالتوتر ثم قلت : آه .. إنها مرتي الأولى ..! بدا عليه الاستنكار عندها : ماذا ؟!.. أخوك قبل قليل أخبرني عن كثير من الأماكن عمل فيها إضافةً لخدمته أحد الشبان النبلاء لشهرين .. فكيف تكون هذه مرتك الأولى ؟!.. - بعض الظروف جعلته يعمل بينما أنا لا ..! - حسناً حسناً لا بأس .. لا يبدو أنك ستكون سيئاً ..! عموماً سأجربك اليوم و إن لم تنجح فسيتم طردك من هنا ..! لم أعلق على الأمر .. انه جدي أكثر من اللازم : بسبب مظهرك الوسيم سأجعلك تعمل خدمة الزبائن ..! دوام العمل يبدأ في الثالثة و النصف و ينتهي في السادسة و النصف قبيل الغروب ..! أربعة أيام في الأسبوع .. من الاثنين حتى الخميس ..! حسناً .. أعتقد أن التوقيت يناسبني .. هذا يعني أن العمل سيكون ثلاث ساعات متواصلة في اليوم في ايام الدراسة بينما أيام العطل هي إجازة هنا أيضاً ..! تابع عنها بنظرة حادة : أي خطأ ترتكبه سيخصم من راتبك ..! و التأخر عن العمل كذلك ..! لم أعلق على الأمر فقال عندها : اذهب الآن و بدل ملابسك .. ستجد زياً جديداً في غرفة الخزائن .. اختر لك خزانة فارغة ..! أومأت إيجاباً و سرت بهدوء إلى الخارج فور أن خرجت كان ريكايل أمامي : كيف الأخبار ؟!.. ابتسمت بتوتر : قال انه سيجربني اليوم ..! ابتسم لي عندها : اطمئن .. أنا واثق أنك ستفعلها ..! سرت معه ناحية غرفة الخزائن وهو يقول : اسمع .. الأمر بسيط .. كل ما عليك هو أخذ الطلبات و ايصالها لطاولة المحاسبة ثم العودة بها إلى الشخص الذي طلبها ..! لكن عليك أن تكون مراعياً لأسلوبك مع الزبائن ..! تنهدت عندها بخوف : انه اكثر ما يقلقني ..! ربت على كتفي عندها و بجد قال : اسمع لينك .. أعلم أن الوضع جديد عليك .. لكن عليك أن تكون هادئاً فقط ..! ابتسم للزبون و خاطبه باحترام ..! أحياناً يكون هناك زبائن سيئون قد يلقون عليك ببعض العبارات .. هنا عليك تجاهلهم فقط ..! و إن زاد الأمر عن حده فأخبر المدير و هو سيتصرف معهم أفهمت ..! أومأت إيجاباً و نبضات قلبي تتسارع أكثر و أكثر .. أشعر أن جسدي سيبدأ بالارتجاف قليلاً بسبب هذا الوضع المرعب !!.. .................................................. .......... ها أنا أقف في نهاية ذلك الممر أنظر إلى الصالة التي يتم استقبال الزبائن فيها بارتباك ..! كانت متوسطة المساحة و بها طاولات دائرية بيضاء عليها بعض مفارش السفرة الملونة ..! حتى الجدران مملوءة برسومات لطيفة لقطع من الحلوى ..! كنت أرتدي بنطال اسود مع قميص ابيض و رداء أشبه بالمئزر بلون اصفر طبع عليه شعار المحل و يصل حتى منتصف الفخذ ..! ريكايل استأنف العمل فها هو يقوم باستقبال الزبائن بابتسامة و روح مرحة ..! لا يجب أن أكون اسوء منه ..! اخذت نفساً عميقاً ثم تقدمت خطوتين للأمام .. لا تقلق .. كل شيء سيسير على ما يرام ..! لا أزال اتذكر بعض العبارات التي كان يقولها الخدم و النادلات حين دخولي لأي مكان ..! سرت أولاً ناحية الباب الذي فتح للتو لتدخل من خلفه فتاتان و ابتسمت : أهلاً بكن آنساتي .. هل احجز لكن طاولة ؟!.. كنا ينظرن إلي بتعجب للحظات رغم الحمرة التي طفت وجههن : خطأ .. ليس هكذا ..! سمعت ذلك الهمس يأتي من خلفي .. انه ريك لذا همست : إذاً كيف ؟!.. - اهلاً بكما في شوكو شوكو .. تفضلا بالدخول ..! استدركت ان كلامي معهما كان مبالغاً فيه فأنا كنت أقلد اصحاب المطاعم الفاخرة في هذا .. نظرت بطرف عين لأجد المدير يقف هناك بعيداً و يحدق بي مقطباً حاجبيه ..! يا إلهي !!.. استدركت خطأي حينها و ابتسمت مجدداً : أهلاً بكن في شوكو شوكو .. تفضلا بالدخول ..! ابتسمتا لي عندها و سارتا ناحية احدا الطاولات .. تبدوان طالبتي جامعة ..! وقفت عندهن و أنا أحمل الآلة الخاصة بتسجيل الطلبات فما علي فقط هو أن اضغط على ما تختارانه فتطبع الفاتورة فوراً : ماهي طلباتكما ؟!.. هذه المرة رميت بالنبرة المحترمة عرض الحائط ..! قالت احداهما عندها : أريد عصير الليمون بأوراق النعناع ..! بينما ابتسمت الأخرى بعدها : و أنا فنجان شوكولا ساخنة من فضلك ..! سجلت ذلك بنوع من الارتباك فقد استغرقت بضع ثوان اضافية لتسجيل ذلك فأنا للمرة الأولى استعمل هذا الجهاز ..! خرجت ورقة الفاتورة منه فذهبت و إلى طاولة المحاسبة لأجد انسة شابة تعمل هناك تبدو كطالبة جامعية بشعر اشقر قصير و عينين زرقاوين ..! ابتسمت لي : مرحباً ايها الزميل ..! لم أجد إلا ان ابتسم : أهلاً ..! أخذت الفاتورة مني و نظرت إليها للحظات ثم قالت : انا ليزا .. أرجوا ان يناسبنا العمل معاً ..! - تشرفنا آنسة ليزا .. أنا لينك ..! - سعيدة بلقائك لينك .. حسناً سأناديك بعد أن انتهي لتأخذه للطاولة ..! كان لقاء تعارف بسيط سارت بعده الآنسة ليزا إلى الطاولة الطويلة خلفها لتبدأ بإعداد المشروبات .. أما الحلوى فيتم اعدادها في مطبخ صغير خلفي ..! أنا الآخر عدت لعملي فاستقبال المزيد من الزبائن و اخذ طلباتهم ..! وقفت عند الباب حين دخل رجل و وزجته مع ثلاثة أطفال : أهلاً و سهلاً ..! راعيت أن تكون ابتسامتي لطيفة من أجل أولادهم الثلاثة حيث أكبرهم يبدو في الثامنة فقط ..! جلسوا على احدا الطاولات و عندها بدأت بتسجيل طلباتهم حيث تكلمت المرأة بابتسامة : حليب فراولة بقطع الشوكولا بالحجم الصغير و عصير برتقال بالحجم الوسط .. قهوة فرنسية بدون سكر .. و فنجان قهوة تركية .. إضافة إلى كعكة الشوكولا بالكريمة و وافل بالعسل مع قطع الفواكه و كعكة كاراميل بالحجم الصغير و أخيراً كأس صغير من حليب الفانيلا من أجل هذا الطفل ..! اشارت إلى الطفل الأصغر حينها و الذي يبدو في الثانية من العمر ..! أجبتها بعد أن سجلته : سيكون عندكم بعد دقائق ..! أخذت الفاتورة للآنسة ليزا مجدداً و قد اعطتني عصير الفتاتين : خذه لأصحابه ..! امسكت الصينية بين يدي : حاضر ..! - خطأ .. يفترض أن تمكسها على باطن كفك ..! - آه .. حسناً ..! شعرت بالتوتر عندها فأنا لم أجرب هذا مسبقاً إضافة لكون كأس العصير طويل و كذلك فنجان القهوة بحجم كبير ..! وضعتهما على كف يدي و رفعتها .. سرت خطوتين و أنا استشعر صعوبة الوضع فهو ثقيل و يهتز في كل لحظة !!.. لحظتها سمعت احد الزبائن ينادي : أيها النادل !!.. لم اكد التفت حتى انزلقت الصينية من يدي لتسقط على الأرض و تحدث دماراً هائلاً مصاحباً لضجة تكسر الكاس و الكوب !!.. الفوضى تعم المكان و أنا أشعر بالصدمة ففجأة الأرض صارت مبلولة بعصير الليمون مع شراب الشوكولا إضافة إلى قطع الزجاج المتناثرة هنا و هناك !!.. شعرت بنظرات خارقة تتجه إلي و ما إن حركت بصري لأصدم بالمدير ينظر إلي و وجهه محمر من شدة الغضب ..! لم يكن مني إلا أن هتفت حينها : سأنظفه حالاً ..! جثيت على احدا ركبتي و بدأت اجمع الزجاج في كفي بنوع من التوتر و الرعب !!.. و في اللحظة التي امسكت فيها بإحدى القطع جرحت اصعبي لحظتها و بدأ الدم يسيل منه ..! بقيت انظر إلى ذلك الجرح للحظات و أنا غير مستوعب لما يحدث ..! اشعر بالقلق .. لاشك أني سأطرد لا محاله !!.. انتبهت ليد امسكت بيدي حينها ..! نظرت إلى ريكايل للحظات لأجد ملامحه هادئةً تماماً و قد أخرج منديلاً من جيبه ووضعه على الجرح وهو يضغط أسفله قليلاً بشكل مؤلم بعض الشيء ..! أخرج بعدها لاصق جروح و بدأ بلفه على الجرح و قد ابتسم : حين تعمل في مكان كهذا فلاصق الجروح يجب أن لا يفرغ من جيبك ..! انه أكثر قدرة للتحمل مني ..! بل أكثر حكمة و حنية ..! ابتسمت بنوع من السخرية على نفسي : ربما كان يجب أن تكون أنت الأكبر ريكايل ..! لم يعلق على الأمر بل بدأ يجمع الزجاج وهو يقول : تابع أنت العمل .. أنا سأنظف المكان ..! - يمكنني أن أنظفه أنا ..! - ان فعلت ستستغرق وقتاً و سيغضب المدير .. يمكنني فعلها بسرعة ..! أومأت موافقاً و اتجهت إلى الباب حين سمعت الجرس المغلق به و الذي ينبه لوصول ضيف جديد ..! بهدوء قلت : أهلاً بكم في شوكو شوكو ..! - مرحباً لينك ..! رفعت رأسي عندها لانتبه لهؤلاء الضيوف ..! سام .. ماكس .. ايثن .. ريا .. كيت و ليونيل !!.. اتسعت عيناي باستنكار : ما الذي جاء بكم ؟!.. أجابت كيت ببرود : أنا أخبرتهم ..! تابعت سام بمرح : و أنا أصريت على إلقاء نظرة و اصطحاب الجميع معي ..! بتردد قال ايثن : عذراً على التطفل لينك ..! توترت أكثر عندها لكني شعرت بنظرة المدير الغاضبة لجعل الزبائن واقفين لذا بسرعة قلت : عموماً تفضلوا الآن .. سآخذ طلباتكم لاحقاً ..! سمعت احدهم يناديني : لينك .. تعال من فضلك ..! اسرعت ناحية الآنسة ليزا لآخذ طلبات العائلة التي استقبلتها قبل قليل و هذه المرة قالت لي : كن أكثر حذراً .. يبدو أنك لم تحمل شيئاً بهذه الطريقة من قبل ..! أنا آسفه كان علي أن اشرحه جيداً ..! ابتسمت بهدوء : لا عليك .. الخطأ خطأي ..! ابتسمت لي عندها : اسمع .. حاول ان تثبتها بأطراف اصابعك و سيكون الأمر اسهل بكثير ..! أومأت موافقاً و في البداية حملت الصينية التي تحتوي على الكعكات و الوافل و سرت بها بضع خطوات مستخدماً أطراف أصابعي لتثبيتها و قد نجح الأمر هذه المرة و اوصلتها لهم بسلام ..! عدت لآخذ الصينية الأخرى التي كانت أثقل من الأولى حيث تحتوي على المشروبات ..! لكني حين تركتها على طاولتهم نظر إلي الأب بهدوء : عذراً .. هناك خطأ في الطلب ؟!.. التفت ناحيته و قلبي يضرب بخوف : ما هو يا سيدي ؟!.. نظر إلى الأطباق وهو يقول : لقد طلبنا الوافل بالفواكه لكنك أحضرته بالمكسرات ..! أما حليب الفراولة و عصير البرتقال فقد عكست الحجم بينهما ..! كما أني طلبت قهوة تركية و ليس امريكية ..! شعرت بالتوتر و تلعثمت عندها و لم أعلم ما أقوله لوقت ..! و لكني قلت في النهاية : سيتم اصلاح كل شيء في الحال ..! لكن الأم التي بات واضحاً انها انتبهت لتوتري ابتسمت : لا عليك .. لا فرق كبير في الطلبات ..! يبدو أنك جديد هنا ..! كما أني أرى أن مديرك يراقبك بغضب لذا لا يمكن أن نسبب لك المزيد من المشاكل ..! التفت بطرف عين إلى المدير لأجده يحدق بي بعينين حمراوين و هناك أبخرة تخرج من رأسه !!.. نظرت إلى السيدة بإحباط : أعتذر ..! شكراً على تفهمك سيدتي ..! ابتسمت لي مجدداً فسرت بهدوء إلى الآنسة ليزا لآخذ العصير و القهوة الذي اعدته من جديد و أخذتها للفتاتين و بعد أن قدمتها لهما قلت : أعتذر لما حدث سابقاً ..! ابتسمت لي احداهما بسعادة : لا بأس عليك ..! في الحقيقة كان ذلك رائعاً ..! نظرت إليها باستغراب لتتابع الأخرى بنبرة حالمة : مشهد أخيك و هو يضع اللاصق على اصبعك كان مذهلاً و كأنه مشهد في فلم !!.. آآآه كان علي تصوير هذا ..! باستنكار سألت : كيف علمت أنه أخي ؟!.. أجابتني الأولى : ذلك واضح .. أنكما متطابقان و أكاد أجزم أنكما توأمان ..! - أنت محقة ..! و الآن أتمنى أن تستمتعا بالمشروبات ..! سرت مبتعداً عنهما بينما هتفت الثانية بحماس : أبذل جهدك في كسر المزيد !!.. تأكد أني سأصورك في المرة القادمة !!.. تلك المجنونة ..! تجاهلت كلامها و سرت ناحية الباب من جديد فمرة يستقبل رايل احدهم و مرة أنا أفعل ..! هذه المرة .. دخل شخص صدمني تماماً أكثر من أصدقائي قبل قليل ..! بقيت تحدق بي للحظات بينما أنا متفاجئ إلى حد كبير ..! لحظتها قالت بهدوء : ألهذا دعاني رايل لهذا المكان ؟!.. لم أجد رداً .. لم أتوقع إطلاقاً أن أراها اليوم !!.. ابتسمت عندها : ألن ترحب بالزبون أيها النادل ؟!.. |
#48
| ||
| ||
انتبهت لنفسي و قلت بتوتر : أهلاً بك في .. شوكو شوكو ..! كتمت ضحكتها عندها : يا له من أسم ..! أنا لا أكاد أصدق ؟!.. أهي على وشك الضحك ؟!.. هل ابتسمت لي قبل قليل ؟!.. أتتصرف كأن شيئاً لم يكن و كأنها لم تغضب مني المرة الماضية ؟!.. سارت للحظات و تجاوزتني : حسناً .. أين أجلس الآن ؟!.. نظرت إليها للحظات و فكرت : ما رأيك بالجلوس هناك ؟!.. أشرت لإحدى الطاولات فالتفتت إلي : هناك أشخاص يجلسون عليها ..! ابتسمت لها : انهم أصدقائي أنا و ريك .. و أود لو تتعرفين عليهم ..! بادلتني الابتسامة عندها مما جعل قلبي يخفق بشدة ..! منذ زمن لم أرى ابتسامتها ..! سرت معها ناحية طاولة بقية أصحابي و حين وقفنا بقربهم قالت هي بلطف : أيمكنني الجلوس ؟!.. نظروا إليها جميعاً للحظات فقلت عندها : أنها من معارفنا أنا و رايل ..! أسمها ميشيل ..! أرجوا أن تكونوا ودودين معها يا رفاق ..! نظرت إليها عندها و ابتسمت و أنا أقول : سأعرفك بهم ..! ايثن .. ماكس .. سام .. أنهم أصدقائي من المدرسة الجديدة ..! كيت و ليونيل من جيراني ..! و هذه ........! صمت عندها حين لاحظت أن ريا كانت تطأطأ رأسها بنوع من التوتر ..! لحظتها اتسعت عيناي حين تذكرت ما حدث المرة الماضية فميشيل رأتني مع ريا حينها ..! كان علي قول شيء لكن ميشيل صدمتني لحظتها بقولها : آه تذكرتها ..! لقد رأيتها معك في ذلك اليوم ..! لكني لا اتذكر اسمك يا آنسة ..! بدا على ريا القلق أكثر وقد أوشحت بوجهها : اسمي ريا ..! لكن ميشيل بمرح قالت : تشرفنا يا ريا ..! ابتسمت سام عندها : تفضلي بالجلوس ميشيل ..! انك تبدين شخصاً لطيفاً و مرحاً كثيراً ..! جلست عندها بالقرب من كيت وهي تقول : يسعدني سماع هذا منك ..! نظرت إلى ايثن عندها : ماذا تطلبون ؟!.. اجابني بابتسامة : لقد اخذ ريك طلباتنا قبل قليل ..! نظرت لميشيل و ابتسمت : و أنت ميشيل ؟!.. ماذا تطلبين ؟!.. ابتسمت لي مجدداً : لا بأس بعصير التوت ..! - على الفور ..! لحظت عندها أن ريا كانت تختلس النظر للحظات ..! لكني لم أعلق على الأمر بل سرت ناحية الآنسة ليزا لأعطيها الفاتورة الجديدة ..! لحظتها اقترب ريكايل مني و همس : المدير غاضب منك ..! بتوتر قلت : لما هذه المرة ؟!.. - لقد وقفت مع الأصحاب لوقت طويل ..! تذكر أنك في مكان عمل لينك ..! - يا إلهي ..! لم اتعمد هذا ..! - اسمع لدي حل .. تعال معي حالاً ..! لم أعلم ماذا سيفعل لكنه سحبني بسرعة ناحية تلك الطاولة في الزاوية حث يجلس ذلك المدير المرعب و قال في الحال بابتسامة : حضرة الرئيس ..! ما رأيك بأداء أخي ؟!.. أخرج السيجارة من فهمه و هو يقول : فاشل تماماً ..! شعرت بالإحباط لحظتها بينما تابع ريك بذات ابتسامته : أنت محق ..! اعلم أنه يستحق الطرد ..! نظرت إليه باستنكار بينما علق المدير باستغراب : و إذاً ؟!.. - هناك بيانو في زاوية المحل على منصة صغيرة ..! ما قصته ؟!.. - العازفة في إجازة و لم أجد أفضل منها ليعزف عليه ..! - حسناً .. ماذا إن قلت لك أن أخي هذا فاشل في كل شيء عدا العزف على البيان ..! لقد جمع مهارته و موهبته في كل الأشياء بعزفه على البيانو فقط !!.. - حقاً ؟!.. للأسف ذوقي صعب و ذلك البيانو قديم و يصعب التعامل معه ..! - صدقني أنه ماهر و سيعزف عليه بشكل يجعلك تبتسم بلا شعور ..! - و ماذا إن كان غير ذلك ؟!.. - يمكنك طردنا سوية حينها ..! اخذ يفكر للحظات قبل أن يقول : لا بأس ..! رغم أني سأخسر نادلاً جيداً مثلك ..! نظر ناحيتي بنظرة قاتلة : إن اخفقت في هذا أيضاً .. فسأطردك لا محاله !!.. ابتلعت ريقي و أنا أفكر في أنه يتمنى أن يقول فسأقتلك !!.. سرت مع ريك قليلاً و همست باستياء : ما الذي فعلته ؟!.. - أتريد أن تطرد ؟!.. - لا !!.. و لكن تعلم أني لا أحب الموسيقى ..! ثم كيف علمت أني أعزف جيداً مع أني لم اعزف لك و لا مرة من قبل ؟!.. - السيدة إلينا كانت عازفة ماهرة و قد اسمعت اليها عدة مرات .. لاشك أنها علمتك حتى لا تكون أقل منها ..! - لا تقران مهارتي المتواضعة باحتراف أمي ..! حدق في بجد : عموماً إما العزف أو الموت !!.. تنهدت عندها و سرت ناحية ذلك البيانو الخشبي ذو التصميم القديم ..! جلست على الكرسي الصغير أمامه و فتحت غطاء لوحة المفاتيح و نظرت إليها للحظات ..! انه قديم بالفعل .. أعتقد أن عمره عشرون عاماً على الأقل ..! أخذت نفساً عميقاً و نظرت إلى دفتر النوتات الموضوع فوقه ..! أخذت أقلب في الصفحات و أنظر إليها .. أستطيع قراءتها بسهولة فهي ليست صعبة و هذا جيد ..! كنت أشعر أن جميع من في المقهى يراقبني بمن فيهم اصدقائي ..! لكني استجمعت طاقتي و اخترت إحدى النوتات البسيطة و بدأت العزف ..! انطلقت الحان تلك الموسيقى اللطيفة الوردية و التي تشعر بانتعاش الربيع الذي قد بدأ يطرق الأبواب بينما نحن نودع الشتاء البارد القارص ..! منذ زمن لم أعزف على البيانو ..! ان الوضع غريب .. هذا البيانو قديم .. حتى أني لا ارتدي قفازات و اصبعي المجروح يعطي منظراً غريباً حين يضغط على المفاتيح ..! بدا الأمر ممتعاً نوعاً ما فأنا أعزف الآن لأنقذ نفسي من الطرد و في الوقت نفسه اسمع صوت الجرس المعلق بالباب يرن كل لحظة !!.. بعد عدة دقائق أنهيت تلك السمفونية و ضغطت على المفتاح الأخير لأتوقف و اخذ نفساً عميقاً لحظتها .. نجحت !!.. سمعت أصوات تصفيق خلفي .. الكثير من الأصوات ..! و فور أن التفتت صدمت بالمنظر فكثير من الأشخاص كانوا يقفون و يصفقون لي بحماس و السعادة واضحة على وجههم ..! - انه عازف ماهر رغم صغر سنه ..! - و وسيم أيضاً ..! - تلك الموسيقى كانت رائعة !!.. و كأنك في حفلة فخمة ..! - أجل .. رغم ان هذا البيانو قديم و قد كان يصدر أصوات مزعجة في الماضي ..! - ما رأيك أن نشرب القهوة بينما نستمع إليه لبعض الوقت ..! - بسرعة لنجلس على تلك الطاولة الفارغة ..! و هكذا بات المحل مزدحماً بلا سابق انذار حتى أن الآنسة ليزا بدأت العمل في الخدمة بينما وقف المدير خلف طاولة المحاسبة بعد ان اتصل ببعض العاملين الآخرين الذين يعملون في أوقات أخرى ليحضروا للمساعدة ..! كان رايل ينظر لي بابتسامة عندها و كأنه يقول أنني نجحت بالفعل ..! هذا رائع .. الزبائن يسمعون الموسيقى من الخارج فيدخلون على الفور !!.. لذا اشتعل حماسي و اسرعت لاختيار سيمفونية أخرى و بدأت العزف مجدداً و أنا أسمع عبارات الإطراء من حولي ..! .................................................. كانت الساعة تشير إلى السادسة و النصف حين وقفت مع رايل أمام المدير في مكتبه و هو ينظر إلينا ببرود ..! لقد أنهينا العمل و ساعدنا في التنظيف ..! و ها هو سيخبرنا إن كنا سنستمر بالعمل هنا أم مصيرنا الطرد ؟!.. أخرج سيجارته من فمه و نفث بعض الدخان قبل أن يقول : قمتما بعمل جيد .. أظن أني لن أطردكما حالياً ..! لا أعلم ما قصده بـ " حالياً " هذه .. لكن من المريح أنه لن يطردنا ..! تابع كلامه عندها : أنت يا لينك ستعمل في العزف فقد جذبت الزبائن الذين سمعوا صوت الموسيقى من الخارج .. على الأقل حتى تعود العازفة الأصلية ..! أما أنت يا ريكايل فعملك كنادل شيء جيد و الزبائن يطرون على اسلوبك و لطفك و هذا ممتاز ..! شعرت بالارتياح عندها و كذلك ريك الذي ابتسم بهدوء : شكراً لك حضرة المدير ..! - انصرفا الآن .. يستحسن أن أقوم الآن بالبحث عن مزيد من العاملين إن كان الوضع سيكون هكذا يومياً ..! خرجنا من الغرفة بعدها منهكين تماماً ..! نظرت إلى ريك حين تذكرت شيئاً : أأنت من دعوت ميشيل إلى هنا ؟!.. أومأ إيجاباً : أجل ..! - لما بالضبط ؟!.. - أمممم .. تستطيع القول أنها مساعدة طفيفة ..! اردتك أن تحسن من صورتك عندها ..! - حسناً .. أرجوا أن هذا نفع ..! - اسمع الآن .. سأعود إلى المنزل مع كيت و ليو ..! و انت اذهب مع ميشيل لبعض الوقت ..! شعرت بالتوتر عندها : حقاً ؟!.. أتعتقد أنها ستوافق ؟!.. ابتسم لي : اطمئن ..! لقد بدت غير غاضبة اليوم ..! أن مزاجها جيد لذا عليك استغلال هذا ..! أومأت موفقاً عندها : انت محق ..! فهذا لا يحدث إلا نادراً ..! اتجهنا أولاً لغرفة الملابس و بدلنا ثياب العمل ثم خرجنا من باب العاملين و فور أن وصلنا للشارع كان البقية جميعاً هناك ..! ركضت ناحيتي سام بحماس : لينك !!.. أنك مذهل !!.. لقد بدوت كأمير و أنت تعزف على البيانو ..! ايثن كان مذهولاً أيضاً : لم أعتقد أنك ماهر إلى هذا الحد ..! ابتسمت لهما : لست ماهراً حقاً .. فأنا لا احب الموسيقى أصلاً ..! ضحك ماكس بخفة : أرأيتم ؟!.. حتى الحمقى لديهم مواهب ..! تنهدت بضجر : لا أعلم من الأحمق بيننا بالضبط ؟!.. نظرت إلى كيت التي كانت تنظر إلي ببرود : هل أعجبك أنت أيضاً ؟!.. بذات برودها قالت : أجل .. أنه مذهل و أنت عازف ماهر لقد ادهشتني بالفعل ..! إنها لا تبدو صادقةً إطلاقاً !!!.. أما ليو فقد علق بملل : و أخيراً هناك شيء يجيده هذا المغفل ..! نظرت إليه بجمود : لا احب سماع شيء من المشردين ..! ضحك ريك عندها : كان يوماً حافلاً في النهاية ..! لكني اصدقكم القول أن عزف لينك أنقذنا من الطرد ..! هيا ليو .. كيت .. لنعد للمنزل ..! قطبت تلك الصبيانية حاجبيها : و لينك ؟!.. - لديه بعض الأعمال ..! - و ابرتي ؟!.. - هاري موجود هناك ..! هيا بنا ..! تنهدت بضجر لكنها لم تعترض بل سارت مع ريك و ليو سيراً فالعمارة قريبة من هنا ..! ميشيل كانت تقف مع البقية دون أن تقول شيئاً لذا قلت بعد تردد : اه .. ما رأيك بالسير قليلاً ؟!.. ابتسمت بهدوء : لا مانع عندي ؟!.. هتف ماكس بصدمة : أأنت رفيقة لينك ؟!!!!.. الأحمق له رفيقة و أنا ليس لدي !!!!.. ضربت سام رأسه بشدة عندها : من هي المسكينة التي ستحب فتاً مجنوناً و قصيراً مثلك ؟!!.. كاد يبكي عندها و قد صرخ : أنت فضيعة سام !!.. أنا لست أقل جمالاً من هذا الأشقر الذي يملك نسخةً أخرى !!.. استنكرت الأمر : نسخةً أخرى ؟!.. ابتسم ايثن بلطف : واضح انه يقصد ريكايل ..! عموماً اذهب الآن لينك و دعك من هذا المغفل ..! سنعود نحن للحي ..! لذا استمتع مع الآنسة ميشيل ..! قبل أن أقول شيئاً تدخل أحدهم : و لكنني لست رفيقته !!.. نظر الجميع ناحية تلك الفتاة التي قالت هذا ببساطة ..! هنا سألت سام بتعجب : حقاً ؟!.. - أجل .. نحن مجرد معارف فقط ..! لم اعلم ماذا أقول عندها ؟!.. هل يعني هذا الكلام شيئاً أم لا ؟!.. انه يبدو و كأن ميشيل تعتبرني مجرد شخص تعرفه و ليس شخصاً مميزاً إطلاقاً ..! تنهد ماكس براحة : هذا مريح ..! اذاً ليس لديه رفيقة ..! ما رأيك ريا ؟!.. نظرت ناحيته ريا بتوتر عندها : ماذا ؟!.. آه .. لا أعلم ..! استغرب ايثن الأمر : ما بك ريا ؟!.. أنت لا تبدين طبيعية طيلة اليوم ؟!.. ربتت سام على كتفيها من الخلف و ابتسمت : أعلم السبب ..! يوجين لن يكون في المنزل اليوم بسبب الرحلة التي ذهب بها طلاب السنة الثالثة إلى الريف ..! ما رأيك أن تبيتي عندي الليلة ريا ؟!.. ابتسمت بتصنع عندها : لا داعي .. أنها ليلة واحدة وحسب .. سيعودون في الغد ..! تذكرت عندها أن طلاب السنة الثالثة انطلقوا اليوم في الصباح الباكر بالحافلات من أجل الرحلة التي يقوم بها طلاب التخرج في كل عام ..! يوجين من بينهم أذاً ..! سار بعدها بقية رفاقي عائدين إلى الحي بينما بقيت مع ميشيل وحدنا أخيراً ..! نظرت ناحيتها بهدوء : لننسى مشاكلنا لبعض الوقت ..! نظرت إلي هي الأخرى : أنا نسيت كل شيء بالفعل ..! لم أفهم قصدها بكل شيء .. لكني أرجوا حقاً أنها لا تعني ما تقول ..! .................................................. ... جلست على تلك الأرجوحة في تلك الحديقة الصغيرة بينما جلست ميشيل على الارجوحة الأخرى ..! الساعة تشير للثامنة مساءاً ..! و خلال الساعة الماضية كل ما كنا نقوم به هو السير هنا و هنا مع الحديث في اشياء بسيطة ..! لحظتها : أنظر ..! التفت إليها لأجد أنها تحمل هاتفاً نقالاً فنظرت اليها حالاً : رائع .. هل اشتريت واحداً ؟!.. أجابت بابتسامة : لقد اشترته لي جوليا ..! ليديا تعطيها راتباً ممتازاً لعملها في الملجأ ..! - هكذا إذاً ..! مبارك ..! أيمكنني الحصول على رقمك ؟!.. - لا بأس ..! سأمليه عليك الآن ..! أخرجت هاتفي و سجلت رقمها .. ثم اتصلت به ليرن هاتفها و قطعت الاتصال : ستجدين رقمي الآن في سجل المكالمات ..! قامت ببعض الأشياء في الهاتف : لقد سجلته ..! ابتسمت حينها : ماذا سميتني ؟!.. قلبت الهاتف ناحيتي لأقرأ الاسم .. " الغبي " ..! قطبت حاجبي : يا لك من فضيعة !!.. ضحكت بخفة : انه اسم يناسبك ..! - سترين إذاً ..! أخذت هاتفي و سجلت رقمها ثم أريتها ..! قطبت حاجبيها بغضب : أنا لست مجنونة !!!.. ضحكت عندها : و أنا لست غبياً ..! - بلا !!.. غبي !!... - و انت مجنونة ..! - لن أكلمك بعد الآن ..! - حسناً .. ما رأيك أن أسميك بالآنسة الجميلة ..! - هذا مرفوض !!!.. - لما ؟!.. - لا أردك أن تسميني باسم ودود كهذا ..! - أذاً عليك أن ترضي باسم المجنونة ..! - غبي !!.. صمتنا بعدها للحظات دون نطق شيء ..! حركت الأرجوحة قليلاً : كيف حال الأطفال ؟!.. أجابتني بهدوء : بخير ..! انهم متعلقون بليديا حالياً ..! وكذلك بالسيد ماثيو ..! نظرت إليها حينها : ألا يزال ماثيو يزور الملجأ ؟!.. حركت أرجوحتها عندها و أجابت دون أن تنظر إلي : أجل ..! انه يقضي جزءاً من وقته معهم و بقية الوقت مع جوليا ..! اذاً ذلك المثالي لا يزال مهووساً بحسناء الملجأ ..! استدركت شيئاً عندها : هل التقيت بماثيو أنت أيضاً ؟!.. أن كانت كذلك فلا شك أنه سألها عني ..! أوقفت أرجوحتها و تنهدت بضجر : بسببك أضطر للهرب كلما علمت أنه موجود ..! تنهدت براحة حينها : آسف لتسبيب هذا لك ..! - لا بأس ..! لقد اعتدت على ازعاجك لي في كل وقت ..! - أهذا عتاب ؟!.. - عده كما تشاء ..! لكني لم أعد أبالي بالأمر ..! لم أعلم ماذا أقول عندها ؟!.. لكن ميشيل تبدو طبيعية هذه المرة و كأنها تجاهلت كل ما حدث في الماضي ..! سألت عندها : صحيح ..! سمعت من رايل أن جاريكم يسكنان معكم أيضاً ..! علمت أنها تقصد ليو و كيت ..! ابتسمت عندها : ليس الأمر هكذا ..! ليو كان يبيت عندنا حين يكون زوج أمه موجوداً .. لكنه منذ شهر تقريباً بدأ بالعيش معنا تماماً ..! أما كيت فشقتها مجاورة لشقتنا كما أن أخاها الأكبر هو صاحب العمارة ..! و هي تقضي يومها كله معنا فنحن نتناول الوجبات معاً أيضاً ..! - هكذا إذاً ..! أصدقاءك أيضاً لطيفون ..! - انت محقة ..! أرأيت ذلك المدعو ماكس ..! لقد درس مع ريكايل في السابق لبضعة اشهر ..! - آه حقاً ؟!.. يا للمصادفة ..! ايثن و سام لطيفان كذلك ..! ريا أيضاً لكنها هادئة تماماً ..! شعرت بالتوتر حين ذكرت اسم ريا ..! لم أعلم ماذا يجب علي ان أعلق على الامر لكني اكتفيت بالصمت ..! تحدثنا عن أمور أخرى عادية كأمور الدراسة و اعتيادي على الوضع الجديد و كذلك عن حياة ميشيل و عملها ..! صارت الساعة تشير للتاسعة عندها فوقت لأقول : ألا تشعرين بالعطش ؟!.. لندخل لذلك المحل و نشرب شيئاً ..! و قفت معي و سرنا سويةً خارج الحديقة ثم قطعنا الشارع لنصل لمحل عصائر ..! حين دخلنا لم يكن هناك سوى القليل من الاشخاص لذا جلسنا على أقرب طاولة ..! حين وصلت نادلة في عمرنا : أهلاً بكم .. ما طلباتكم يا سادة ؟!.. نظرت إلى ميشيل التي قالت بهدوء : كأس من عصير البرتقال ..! قلت من خلفها : و أنا بالمثل ..! - ألن تأكلوا شيئاً ؟!.. - لا شكراً لك ..! لم تمر سوى نصف دقيقة حين عادت بالعصير ..! ارتشفت رشفة منه عندها : أتعلم .. كان عزفك مذهلاً اليوم ..! نظرت إليها عندها و ابتسمت : حقاً ؟!.. أومأت ايجاباً بابتسامة صغيرة : أجل ..! لكني لست مدهوشة كالبقية ..! فلاشك أن كل من عاش حياتك السابقة سيتعلم العزف على آلة ما ..! - انت محقة ..! رغم أني لا احب الموسيقى إلا أن مجتمعي أجبرني على تعلمها ..! الكل هناك يجيد العزف ..! حتى دايمن الأحمق ماهر على الأورغ ..! - كما هو متوقع من ذلك العالم ..! ابناءهم يجب أن يكونوا مثاليين في كل شيء ..! - محقة ..! بعد ما انهيت كأسي دعوة النادلة و دفعت الحساب عني و عن ميشيل التي شربت نصف كأسها ..! عندها قالت : لدينا مدارس غداً .. لذا يجب أن نعود لمنازلنا ..! أومأت إيجاباً عندها و لكن قبل أن نقف أخرجت شيئاً من حقيبتها : قبل ذلك ..! لدي أشيء أعطيك اياه ..! أو بالأحرى أعيده لك ..! تركت ذلك الشيء لا الطاولة لأتفاجأ بالخاتم الذي اعطيته لها في السابق مصاحباً للوعد الأخير ..! نظرت إليها بجد : و أنا لا أريد أخذه الآن ..! بهدوء قالت دون أن تنظر إلي : لقد أنتهى كل شيء لينك ..! لنتابع كصديقين عاديين هكذا و حسب ..! ابحث لنفسك عن فتاة أخرى ..! وقفت حينها منزعجاً : أنت لم تعطني فرصةً بعد ..! خذي الخاتم مجدداً ..! نظرت إلي بجد : حتى لو أخذته ..! لقد نقضت هذا العهد ..! قطبت حاجبي بغضب : أرجوك امنحيني بعض الوقت فقط لأثبت لك أني جاد بشأنك ..! تنهدت بضجر ثم أخذت الخاتم مجدداً : بما أنك ترفض أخذه الآن فسأعيده لك في المرة القادمة ..! من السيء أن يضيع خاتم غالي الثمن كهذا ..! وقفت بعدها و سارت متجاوزةً إياي : أراك فيما بعد ..! أكانت جادة ؟!.. هل مللت مني حقاً ؟!.. هل أوصلها اليأس إلى هذه الحال ؟!.. ماذا علي أن أفعل ؟!.. لقد كانت تبدو جادةً بالفعل ..! بل أكثر من أي وقت مضى !!.. جلست على الكرسي بتعب عندها و تمتمت : كيف سأقنعها بجديتي يا ترى ؟!.. .................................................. .......... |
#49
| ||
| ||
وصلت إلى الحي بينما الساعة تشير إلى الحادية عشر ..! لقد قضيت الوقت الفائت بعد توديعي ميشيل بالتجول على قدمي حائراً بما أفعله من أجلها ..! و في النهاية .. لم أجد حلاً !!.. أيعقل أنها نهاية علاقتي بها ؟!.. أيمكن انها نسيتني حقاً ؟!.. في الماضي حين كانت تقول انها ستنساني يبدو الحزن على وجهها .. لكن اليوم كانت طبيعية تماماً و كأني لم أعد اشكل شيئاً في حياتها !!.. أشعر بالإحباط حين أفكر هكذا ..! ربما في الماضي .. لو أنني احببت ليديا حقاً و صارت خطيبتي لحلت الكثير من الأزمات !!.. منها أني كنت سأستمر في ذلك العالم رغم كل شيء ..! و ليديا فتاة يتمناها الجميع .. مع أن الفرصة سنحت لي إلا أني ضيعتها من أجل ميشيل ..! ميشيل التي قررت أن تنساني الآن !!.. توقفت عن هذا لينك !!.. ليديا الآن صديقة لوي !!.. لا يمكنك أن تفكر بها هكذا !!.. عموماً دعني من هذا الآن .. أريد الذهاب للمنزل كي أنام فأنا مستيقظ منذ الصباح و العمل اليوم استدرك الكثير من طاقتي كما ان تنظيف المحل كان متعباً أيضاً ..! و ها أنا اسير بين ممرات الحي الصغيرة كي اصل للعمارة ..! الشوارع فارغةٌ تماماً باعتبار أن الغد هو يوم دراسي فالناس قد أغلقوا ابواب منازلهم الآن ..! لكن .. حين انعطفت من آخر منعطف تقريباً لفت نظري شيء ..! هناك شخص يقف قرب احد المنازل .. يستند إلى عامود الكهرباء و يطأطأ رأسه .. انها فتاة !!.. أجل .. لا أزال اراها من بعيد لكني استطيع الجزم انها فتاة من خلال رؤيتي لملابسها حيث كانت ترتدي تنورة سوداء و كنزة قطنية رمادية ..! و ما إن دققت اكثر حتى عرفت من هي تلك الفتاة بالضبط ..! تقدمت بخطوات متوسطة السرعة حتى بت بالقرب منها لكنها لم تنتبه لي فقد كانت تحدق بالأرض شاردة الذهن و الحزن بادٍ على وجهها و قد كانت ياداها خلف ظهرها ..! اثارت تعجبي بالفعل فشكلها غير طبيعي كما ان الساعة متأخرة على الوقوف خارجاً ..! هنا نطقت بنبرة بسيطة مستغربة : ريا ؟!.. ماذا تفعلين هنا ؟!.. شهقت بخفة فيبدو أني فاجأتها و قد التفت بسرعة و ملامح الرعب على وجهها ..! لكنها نظرت إلي للحظات قبل ان تتنهد براحة : أهذا أنت يا لينك ..! بقلق سألت : عذراً .. هل أخفتك ؟!.. ابتسمت بهدوء ابتسامة شاحبة : لا عليك ..! ظننتك شخصاً آخر ..! انها غريبة بالفعل : الوقت متأخر و الجو بارد .. لما تقفين هنا في هذه الساعة ؟!.. بدا عليها التوتر قبل أن تجيب : أنتظر عودة أبي من عمله ..! - الا يفضل أن تنتظري في الداخل ؟!.. - لا عليك .. لا بأس لدي ..! - لكن من الخطر وقوفك هنا وحدك في هذه الساعة ..! قد تتعرضين للمشاكل فمع هذا الوقت يبدأ الناس المخيفون بالظهور ..! - سيصل أبي قريباً لذا لا تقلق .. تابع طريقك الآن ..! كانت تقول عبارتها الأخيرة بخوف و قد ابعدت وجهها .. أنها تطلب مني الذهاب لكنها ترجوا في داخلها ألا افعل و كأنها خائفة بالفعل من الوقوف وحيدة هنا ..! القيت نظرة على منزلها و تذكرت بأن يوجين ليس موجوداً اليوم .. أيعقل أن هذا فقط سبب وقوفها خارجاً و انتظار والدها ؟!.. تذكرت أيضاً تلك المرأة المريبة التي كانت معهما ذلك اليوم خارجةً من المنزل و داخلةً إليه ..! هل هي خائفة من تلك المرأة ؟!.. رن هاتفتها في تلك اللحظة مما جعلني التفت إليها و قد رفعته بلهفة و أجابت : مرحباً أبي ..! بقيت صامتة للحظات قبل ان تتغير ملامحها إلى القلق : ماذا ؟!.. لا أرجوك أبي يجب أن تكون في المنزل اليوم !!.. ............... أخي يوجين ليس هنا الليلة لذا اعتمدت على وجودك ..! .................. هذه الليلة فقط .. أني انتظرك بالفعل منذ ساعة هنا ..! دمعت عيناها حينها و هي تقول : كيف تطلب مني الاعتماد على صوفي و هي السبب في كل هذا ؟!.. ................. بلا !!.. لقد بدأت بالعفل و لا يمكنني احتمال هذا !!.. ................ أرجوك أبي اليوم فقط .. لن أطلب منك شيئاً مرةً أخرى ..! كنت متفاجئاً منها بالفعل لكني في الوقت نفسه شعرت بالأسى عليها ..! لحظتها جلست القرفصاء أرضاً و كأنها لم تعد تستطيع الوقوف و أخذت تمتم بحزن للحظات ثم أغلقت الهاتف بدون أي كلمة وداع ..! لم اكن استطيع رؤية وجهها لكن من الواضح انها على وشك البكاء أو أنها بدت تبكي بالفعل ..! لم انتبه لنفسي إلا و قد جثيت أرضاً و ربت على كتفها : ألن يأتي والدك ؟!.. رفعت يدها و مسحت دموعها ثم التفت إلي و ابتسمت : لديه بعض الأعمال ..! وقفت بعدها فوقفت معها و أنا أشعر بالقلق عليها فهي لا تبدو بخير إطلاقاً ..! بقينا صامتين للحظات و هي تنظر للأرض بشرود و التعاسة باديةٌ على وجهها البريء قبل أن تقول دون أن تنظر إلي : يمكنك العودة لمنزلك لينك ..! سأدخل بعد أن استنشق بعض الهواء ..! بدت هادئةً أكثر من ذي قبل مما جعلني أحتار بشأن الذهاب أو الانتظار معها قليلاً ..! و قبل أن أقوم بأي خطوة فتح احدهم باب المنزل ..! التفت حالاً لأرى ذات المرأة التي رأيتها في المرة السابقة تقف بشكل غير مستقيم و كأنها ستسقط في أي لحظة بينما وجهها أحمر و في يدها سيجارة مشتعلة أخرجتها من فمها للتو و رائحة الكحول و التبغ الرخيص تفوح منها !!.. ما بال هذه المجنونة الآن ؟!.. كانت تقول بملل و نوع من الغضب : ريا !!.. هيا ادخلي الآن قبل ان يظن الجيران اني طردتك من المنزل !!.. هيا لنحتفل سوية ..! كنت اسمع اصوات الموسيقى الصاخبة تخرج من المنزل بشكل بسيط مما أثار حيرتي أكثر ..! لكن تلك الفتاة قالت عندها بهدوء : يجب أن أنام فلدي مدرسة ..! لذا لن احتفل معك ..! التفتت ناحيتي و ابتسم بهدوء : إلى اللقاء لينك .. أراك غداً ..! سارت ناحية المنزل و عيناي تتبعها و قلبي غير مطمئن إطلاقاً لتلك المرأة و لا لحفلتها ..! و قبل ان تغلق الباب ركضت بلا شعور و امسكت به مما جعلها تلتفت الي بسرعة و قد لحظت الدموع في مقلتيها الرماديتين لحظتها ..! تجاوزتها حينها داخل ذلك الممر المضاء بإضاءة صفراء و نظرت إلى احد الابواب الشبه مفتوحة و أصوات الموسيقى و الصراخ الحماسي تخرج منه ..! قادتني قدماي إلى ذلك الباب و فتحته قليلاً لأرى منظراً لا يليق بهذا المنزل !!.. حيث كان هناك الكثير من الفتيات و بعض الشباب يرقصون و يتمايلون على ألحان الموسيقى و كؤوس البيرة الرخيصة تتراقص معهم و رائحة دخان السجائر تملأ المكان !!.. و كأنه مشهد من أحد البارات و ليس من منزل في حي هادئ كهذا ..! لحظتها شعرت بأحد يربت على كلا كتفي من الخلف فسرت قشعريرة في جسدي كله و اتسعت عيناي ..! بينما قربت تلك المرأة المقرفة رأسها من رأسي و هي تقول بنبرة سقيمة : لما لا تنظم لحفلتنا أيها الوسيم ..! ستحب اصدقائي و أنا أثق انهم سيحبونك أيضاً ..! بلا شعور دفعتها عني فتراجعت إلى الخلف متفاجئةً بينما عدت أدراجي ناحية المخرج و لم أنسى أن أمسك بريا و أسحبها معي إلى الخارج مغلقاً الباب من خلفي ..! و بعد أن صرنا في منتصف الشارع نظرت إلي هي بقلق و خوف : ما بك ؟!.. كتمت غضبي و قلت : لا يمكن ان تبيتي هنا في منزل يضج بالثملين !!.. أوشحت بوجهها بعيداً عني قليلاً : لا بأس .. يحدث هذا دائماً ..! تنهدت عندها لأنفس من الحنق الذي اجتاحني : يحدث حين يكون يوجين موجوداً ليحميك منهم ان تعرضوا لك ..! لقد كنت تريدين أن يعود أبوك كي يطردهم صحيح ؟!.. تفاجأت حينها من دموعها التي سالت و قد طأطأت رأسها و هي تمتم : لن يفعل ..! لم أفهم من قالته لكنها عندها أغمضت عينيها بأسى و ازدادت دموعها : لم يكن ليفعل !!.. كان سيدخل و يمر بتلك الغرفة و يراهم هكذا ثم يطلب منهم أن يخفضوا صوت الموسيقى قليلاً و بعدها يصعد إلى غرفته و ينام !!.. هذا ما كان سيفعله فقط !!.. صدمت من كلامها عندها !!.. أتقصد أن والدها موافق على ما يحدث في منزله ؟!.. ازدادت دموعها و هي تحاول كتم بكائها : لهذا صار ينام في مكتبه كل ليلة !!.. فقط كي يرتاح من ازعاج الموسيقى غير مكلف نفسه بطردهم !!.. كنت اريده أن يعود فقط كي اشعر بالاطمئنان لوجود احد لا يزال عقله معه !!.. لكن البقاء وحدي مع هؤلاء المجانين يرعبني و رغم ذلك قال انه لا بأس علي و أن صوفي ستكون حريصة علي !!.. كل ما استطاع فعله هو أن قال " أدخلي لغرفتك و أقفلي الباب و سيكون كل شيء على ما يرام " !!.. كان كلامها يصدمني أكثر و أكثر و قد اشفقت عليها بالفعل فقد بدأت تبكي و هي تمسح دموعها في الآن نفسه و كأنها ترفض الرضوخ لدموعها ..! لكنها عندها قالت و هي تحاول السيطرة على نفسها : لا أريد البقاء وحدي هناك ..! أنا خائفة .. خائفة جداً !!.. حتى صوفي ترعبني حين تكون ثملة فماذا أفعل بجماعتها كلهم !!.. لا أريد البقاء في ذلك المكان ..! تقدمت ناحيتها عندها و ربت على كلا كتفيها فلم يكن منها إلا ان اسندت رأسها على كتفي فوراً و بدأت تبكي بالفعل !!.. لم أعلم كيف يمكن أن أواسيها .. فقد اخرستني تماماً ..! أفهم شعورها حقاً .. أجل لقد جربت هذا الشعور ذات يوم ..! وجودك بين مجموعة من المجانين الذين غابت عنهم عقولهم تماماً امر مرعب بالعفل ..! انه أمر سبب لي ازمة نفسية من تلك المشروبات الكحولية سواء كانت خفيفة التأثير أو قوية ..! لكني عندها ربت على رأسها و همست بجدية و قد قررت ان احمل جزءاً من هذا العبء عنها : اطمئني ريا .. أنا لن أتركك لهم !!.. مهما حدث ..! ............................................. خلعت معطفي و تركته على كتفيها ثم جلست بجانبها على ذلك الكرسي الطويل في ساحة اللعب من العمارة ..! لم يكن هناك أي اصوات غير صوت الرياح الباردة الخافتة ..! كنا صامتين .. و قد بدت ريا هادئة تماماً و شاردة الذهن ..! نظرت إلى السماء السوداء عندها و سألت : تلك المرأة التي تعيش معك .. هي ذاتها صوفي التي ذكرتها ؟!.. أومأت ايجاباً دون نطق حرف ..! لكنها بعد فترة تكلمت من تلقاء نفسها دون ان تنظر إلي : امي توفيت حين كنت في العاشرة .. و حين صرت في الثالثة عشر أي منذ ثلاث سنوات تزوج ابي بصوفي ..! رغم انها تصغره بعديد من الاعوام لكنه احتج بأنه يريد امرأة تهتم بشؤون المنزل ..! أنا لم استطع قول شيء بينما اعترض اخي على الأمر كثيراً قائلاً بأننا نستطيع تدبر امرنا دون وجود شخص غريب في العائلة ..! لكن ابي ضرب بأقواله عرض الحائط و تزوج من تلك الفتاة رغماً عنا ..! والدي شخص غير مبالي اطلاقاً ..! لذا حتى بعد أن بدأت بدعوة اصدقائها و المبيت جميعهم في منزله لم يهتم ..! حتى حين تبيت خارج المنزل دون ان تخبره لا يهتم ..! مهما فعلت فهو لن يلقي أي بال فهو لم يتزوجها لأنه يحبها او شيء من هذا القبيل بل كل ما أراده هو ان يكون هناك من ينظف و يطبخ ..! لقد كانت تقوم بهذه الأعمال في البداية لكنها اهملتها تماماً فيما بعد و لكنه ايضاً تغافل عن هذا !!.. كنت استمع لكلامها عن زوجة ابيها التي يبدو انها كانت كالغيمة السوداء التي احاطت بمنزلهم ..! تابعت بعدها و قد طأطأت رأسها أكثر : ومنذ العام الماضي بدأ ابي بالتغيب عن المنزل حيث يبقى في مكتبه و ينام هناك .. يعود لتبديل ملابسه فقط و لكنه لا يتناول الوجبات معنا او أي شيء من هذا القبيل و ذلك جعل صوفي اكثر سعادة فأبي في نظرها مجرد رجل يصرف عليها و يسمح لها بالعيش في منزله ..! حفلاتها لا تنتهي أطلاقاً .. احياناً في منزلنا و احياناً خارجة ..! هناك الكثير من الأيام التي ابقى فيها وحدي مع يوجين في المنزل بسبب غياب الاثنين عنه و لكنها رغم ذلك تكون الأيام الأفضل على الاطلاق ..! حين تم الاعلان عن الرحلة المدرسية لطلاب السنة الثالثة كان اخي ينوي البقاء في المنزل من اجلي خوفاً من تلك المرأة و رفاقها ..! لكني اقنعته بأني سأبيت عند سام و ان عليه ان يذهب فأنا لم أرد حرمانه من آخر رحلة مدرسية مع زملائه و اصدقائه ..! شقيق سام عاد من السفر مع زوجته و هو عندهم الآن و كذلك جدتها لذا لم ارد التطفل على جوهم الأسري فأخبرت سام ان ابي سيكون في المنزل و ان لا مشكلة من بقائي هناك ..! دمعت عيناها عندها و هي تتمتم : كان علي ان اعلم انه لن يأتي مهما طلبت منه ..! لم اعتقد ان فتاة بهذه الرقة و اللطافة تعاني من محيط كهذا ..! لو كنت مكانها لما احتملت البقاء في ذلك المنزل إطلاقاً ..! ربت على كتفها عندها و ابتسمت حين التفت إلي ابتسمت بهدوء كي أطمئنها : لا تقلقي بشأن هذه الليلة ..! توردت و جنتاها و اشاحت ببصرها : لا داعي ان تقلق فقد ازعجتك بما فيه الكفاية ..! سأعود للمنزل و حسب ..! - اسمعي ..! جارتي في الشقة المجاورة فتاة شابة ..! قد يبدو عليها انها فتاة صاخبة للغاية لكنها في الحقيقة لطيفة و طيبة القلب ..! أنا واثق انها سترحب بك فهي تعيش وحدها ..! بدا عليها التوتر و طأطأت رأسها : لا أريد أن أكون حملاً على احد ..! لكني رغم ذلك ابتسمت : ريا .. انظري إلى الخلف ..! التفتت عندها كما فعلت أنا .. كل ما كان خلفنا هو مبنى العمارة الكبير المليء بالشقق التي تحتضن العديد من الأسر : في هذا المكان .. يوجد الكثير من الأشخاص غريبو الأطوار و الطباع ..! لدا بعضهم مشاكل اسريه ..! و بعضهم متشائمون و غاضبون ..! بعضهم يكافحون في هذه الحياة ..! و الآخرون يعيشون بمرح دون الالتفات لأي مشكلة تحصل لهم ..! ان سكنتي في هذا المكان لفترة فستجزمين انه ينفع ان يكون مستشفى للمجانين ..! كتمت ضحكتي و انا أقول : هناك السيدة آنيا التي تبكي طيلة الوقت و تتشاجر مع ابنها صباح مساء ..! هناك السيد كاسبر الذي يعشق ابنته ايميلي و يخاف عليها من اتفه الأشياء مما يجعل زوجته تصرخ به طالبة منه التوقف عن هذا ..! هناك الجدة مادلين ذات النظرة الحادة التي لا تحب هاري أطلاقاً و تصفه بالمدلل دائماً ..! و هناك اركيف الصغير و والده الذين يعيشان سويةً بتناغم كي يعوضوا عن عدم وجود الام التي تعمل في مدرسة داخلية ..! و بالطبع هناك كيت التي تصنع الرجال الثلجين في كل مكان حتى و ان ازعجت الآخرين بهذا ..! العم جاك .. و الجد توماس .. و الآنسة ماندي .. و جماعة اقزام الحلوى و العديد من الأشخاص الآخرين ..! نظرت ناحيتها عندها و ابتسمت بطلف : هناك شيء واحد يجمعهم ..! جميعهم طيبون للغاية و يحبون الخير للآخرين .. يساعدون بعضهم و يعيشون كأسرة واحدة في هذا المجمع ..! رغم اني كنت في مكان مختلف تماماً إلا اني احببت هذا المكان الذي جمعني بهم ..! ربت على كتفها حينها و تابعت : لذا تأكدي انك لو طلبت المساعدة من احدهم .. فهو سيقدمها دون مقابل و بابتسامة لطيفة تعلوا شفتيه ..! ابتسمت عندها لي و قد زال جزء من الحزن عن وجهها : كلامك هذا يجعلني اتمنى العيش هنا ..! وقفت عندها و قلت : حين تستقلين يمكنك استئجار شقة هنا .. فالإيجار ليس بذلك الغلاء أيضاً ..! ابتسمت بمرح و وقفت : ربما اتبع نصيحتك ..! - حسناً .. الوقت تأخر و لدينا مدارس ..! أنا واثق بأن الآنسة ماندي سترحب بك ..! .................................................. . ضغطت على الجرس فلم تمر سوى لحظات حتى فتح الباب لتطل من خلفه تلك الآنسة التي بدت أقل صخباً من المعتاد فقد كانت تربط شعرها للمرة الأولى بالنسبة لي و ملابسها كانت بسيطة للغاية عبارة عن كنزة و بنطال جينز ..! ابتسمت لي : أهلاً لينك ..! بادلتها الابتسامة : أرجوا أن لا أكون قد ازعجتك في هذه الساعة المتأخرة ؟!.. - أطلاقاً فقد كنت ساهرة أمام التلفاز .. ليس لدي جامعة غداً ..! - آه حسناً ..! آنسة ماندي ...! اشرت إلى ريا و تابعت كلامي : أعرفك بها .. تدعى ريا اندرياس ..! لمعت عيناها و هتفت بحماس : أيمكن أنها رفيقتك لينك ؟!.. احمر وجه ريا بينما اسرعت لأقول : ليس كما تعتقدين ..! أنها صديقة عادية فقط ..! بدا ان كلامي احبطها لكنها قالت بعدها بابتسامة : تشرفنا ريا .. أسمي ماندي تايلر ..! ظهر شبح الابتسامة على وجه تلك الفتاة رغم توترها : تشرفنا آنسة ماندي ..! تنهدت عندها : آنسة ماندي .. صديقتي هذه تواجه بعض المشاكل في المنزل و لا تستطيع المبيت هناك الليلة ..! ان منزلها هناك في نهاية الشارع ..! في الحقيقة ستكون خدمة عظمية لو سمحت لها بالمبيت عندك هذه الليلة ..! ابتسمت بمرح عندها : بالتأكيد لا مانع لدي ..! سأكون سعيدة بهذا ..! التفت لريا و ابتسمت : أرأيت ؟!.. أخبرتك أنها ستساعدك ..! نظرت هي ناحية الآنسة ماندي عندها : أني بالفعل أشكرك .. و أتمنى أن لا أكون عبئاً عليك هذه الليلة ..! امسكت بيدها و سحبتها معها : لا عليك عزيزتي .. تصرفي و كأنك في منزلك ..! و الآن لينك عليك أن تعود لمنزلك فريكايل كان يخرج كل دقيقة و ينظر للشارع قلقاً ..! أومأت موافقاً بينما نظرت إلي ريا بابتسامة لطيفة : شكراً لينك .. تصبح على خير ..! ابتسمت لها بدوري : تصبحين على خير ..! دخلت مع الآنسة ماندي و أغلقتا الباب فسرت أنا ناحية شقتنا ..! وقفت امامها قليلاً متعجباً من الباب الذي كان مفتوحاً بشكل جزيء لكني تذكرت كلام ماندي عن ريكايل .. ربما رآني من الأعلى و تركه مفتوحاً لأجلي ..! |
#50
| ||
| ||
تنهدت بهدوء و سرت إلى الداخل و ما إن فتحت الباب حتى فوجئت بشيء صدم رأسي بقوة كما أن شيئاً رطباً و بارداً يغطيني من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي بينما صار المكان مظلماً فجأة ..! اخذت لحظات لاستدرك ما حصل فرفعت يدي لأبعد ذلك الوعاء الكبير المعدني الذي كان مملوءً بالماء عن رأسي و أنا مصدوم بما حدث ..! أخذت نفساً عميقاً و قد اتسعت عيناي وقد وصل الغضب مبلغه مني !!.. سرت بخطوات متسارعة بعد ان صفقت بالباب خلفي و اتجهت إلى غرفة الجلوس لأجد ريك يجلس على الأريكة وقد غفا دون أن يشعر ..! اتجهت إليه و أنا اهتف : ريكايل !!.. فتح عينيه بفزع و التفت إلي : آه .. أخيراً عدت ..! زمجرت بغضب : من ترك دلو الماء فوق الباب ليسقط على رأسي ؟!.. تثاءب عندها بخمول : لا أعلم عما تتحدث ..! لقد تأخر الوقت فكف عن الصراخ ..! أعلم أن رايل لن يفعل هذا بي ..! إذاً لم يبقى غير شخص واحد و أنا أجزم بأنه الفاعل !!.. خرجت من غرفة الجلوس و رميت بالدلو بأقوى ما لدي ناحية احد الأبواب و أنا أصرخ : ليو أيها المتشرد !!.. أقسم اني سأنتقم منك !!.. اتجهت لباب غرفته و حاولت فتح الباب لكني وجدته مقفلاً بينما مر ريك بالقرب مني و هو يشعر بالنعاس و دخل لغرفتنا ..! طرقت الباب بقوة و صرخت : ليونيل !!.. أخرج في الحال كي أحطم عظامك عظمة عظمة !!.. سمعت صوته من الداخل : لا يحق لك فعل هذا !!.. - ماذا ؟!!.. لم أسمعك جيداً أستاذ مشرد !!.. اقترب من الباب و صرخ : أولاً لست مشرداً فأنا أحد سكان هذا المنزل !!.. ثانياً هذا مجرد انتقام صغير لينك ..! أم أنك نسيت أنك تسببت بكسر يدي و قمت بصفعي و شلخت رأسي أيضاً منذ شهر ..! ركلت الباب بشدة عندها : أنتظر فقط حتى أراك في الصباح ..! و سترى ما سأفعل بك ..! أردفت بعدها بغضب مضاعف : يا متشرد !!.. سمعت صوت ريك من داخل الغرفة بانزعاج : لينك توقف عن الصراخ فأنا أريد أن أنام ..! تنهدت بغضب عندها و دخلت لغرفتي .. علي ان استحم بمياه دافئة قبل أن أنام حتى لا أصاب بالبرد بسبب ذلك المغفل ..! .................................................. ... جلست على طاولة الافطار في اليوم التالي مع كيت بعد أن أعطيتها ابرتها الصباحية و قد مر الأمر بهدوء كالعادة ..! انه يعتمد على وجود هاري أو عدمه فما إن يكون هنا حتى يكون الخراب مصير بيتنا بمجرد أن يعارضها في شيء .! أما في غيابه تكون هذه الكيت كالقطة التي تلعب بالصوف مسالمة تماماً و تجلس على أريكتها المفضلة في غرفة الجلوس و التي يحرم على غيرها استعمالها إما تشاهد التلفاز أو تكون نائمةً أيضاً ..! ريك استيقظ متأخراً اليوم لذا لا يزال يبدل ملابسه .. أما ليو فقد قرر أن ينتظر حتى أخرج من المنزل كي يغادر غرفته فهو يعلم أني سأقتله فور رؤيته ..! أنهيت افطاري و وقفت عندها : شبعت ..! نظرت إلي كيت لحظتها بتوتر : لينك .. هناك أمر مهم أريده منك ..! التفت ناحيتها بتعجب فللمرة الأولى تقول هذا فهي فطالباتها دوماً تخترق رأسي على شكل أوامر مطلقه ..! سألت عندها : ماذا ؟!.. - ليس الآن .. حين تعود من المدرسة ..! - كما تشائين ..! أتريدين شيئاً آخر ؟!.. - اشتري بعض الشوكولا في طريق عدوتك ..! - مرفوض !!.. بدا العبوس عليها بينما سرت لخارج المطبخ و أنا أقول بصوت مرتفع : ريك .. سأخرج قبلك ..! سمعت رده بالموافقة فسرت خارجاً و اتجهت اولاً لمنزل الآنسة ماندي لأطمئن على ريا ..! رننت الجرس ففتحت بعد لحظات وهي تحمل كوب قهوة يتصاعد منه البخار : صباح الخير أيها الوسيم ..! - صباح الخير ..! أين ريا ؟!.. - لقد غادرت منذ دقائق ..! قالت أنها ستذهب لمنزلها كي تبدل ملابسها و ترتدي ثياب المدرسة حتى لا تتأخر ..! - آه .. شكراً لك على استضافتك لها ..! - لا داعي للشكر ..! لقد كانت هادئةً تماماً و نامت على الفور فقد بدا انها متعبة نوعاً ما ..! - حسناً .. أنا ذاهب الآن ..! - بالتوفيق ..! سرت ناحية الدرج الذي أفضله على المصعد حيث يعطيني حيوية و طاقة أكبر و نزلت كنت التقي بالكثير من الجيران و الجميع يلقي تحية الصباح بسعادة على الآخر ..! يا لهذه الحياة المريحة ..! التقيت ايميلي التي كانت قد خرجت تواً من شقتهم : صباح الخير لينك ..! - صباح الخير ..! كيف حال الدراسة ايمي ؟!.. - كل شيء على ما يرام ..! خرج والدها خلفها و هو ينادي : عزيزتي .. هل أخذت طعامك ؟!.. هل تريدين أن أوصلك ؟!.. المدرسة بعيدة فما رأيك أن أرافـــ ...! قبل أن يكمل كلمته خرجت زوجته و سحبته للداخل بانزعاج : ألن تكف عن هذه العادة ..! هيا بدل ملابسك و إلى العمل ..! كتمت ضحكتي فهذا المشهد يتكرر بشكل يومي بدون أي تغير ..! خرجت من ساحة العمارة و قد تذكرت شيئاً ..! هل ستكون ريا بخير ؟؟!.. لا بأس فقد ذهبت لتبدل ملابسها فقط ..! و لكن ماذا إن كان أولئك المخمورون قد باتوا في منزلها ؟!.. شعرت بالقلق لحظتها .. ربما من الأفضل أن اذهب للاطمئنان عليها ..! بدلت عندها طريقي الذي كان باتجاه المدرسة ناحية منزل ريا بعد أن بات الشعور بالقلق يراودني أكثر فأكثر !!.. ............................................. سرت بخطوات مترددة داخل اسوار المنزل حيث كان الباب الخارجي الصغير مفتوحاً ..! صعدت على تلك الدرجات الثالث و ترددت هل اطرق الباب أم أضرب الجرس أم أنتظر حتى تخرج ريا ؟!.. لكن ربما تكون قد غادرت بالعفل ..! قبل ان أضع في رأسي أي احتمال سمعت صرخة من الداخل لفتاة صغيرة مما جعلني أوقن أنها تلك المنكوبة ذاتها : قلت لك ابتعد حالاً !!.. لم أتمالك نفسي ففتحت الباب بسرعة و لحظتها لأجد انها كانت تستند إلى الجدار بخوف بينما شاب يبدو في السابعة و العشرين من عمره يقف أمامها و يبدو أن آثار ما شربه ليلة الأمس لا يزال يسيطر على عقله : ما بك يا فتاة ؟!.. انا سألتك الرقص معي لا أكثر ..! أريد أن أرقص رقصة فكتورية و أنت تعلمين اني احتاج لشريك ..! كادت ان تبتعد عنه لكنه امسك معصمها و قد غضب : لا تتجاهليني ..! كان يترنح و طريقة كلامه متقطعة و غير منظمة لذا اسرعت ناحية الداخل و حين رأيت دموع ريا التي تجمعت في محجريها و هي تنظر ناحيته برعب ..! بغضب هتفت : أنت .. هلا تركت الفتاة بحالها ؟!.. نظر ناحيتي و رفع أحد حاجبيه و قال بنبرة كريهة : لما ؟!.. أهي فتاتك ؟!.. إن لم تكن كذلك فابتعد عن طريقي ..! سرت ناحيته بلا تردد : انها كذلك لذا افتلها في الحال ؟!.. ابتسم بمكر و خبث : أنتزعها إذاً ..! ازداد غضبي كما انه لا وقت لدي لأمثاله لذا لم يحتج مني الأمر إلى دفعه بقوة بيدي ليسقط أرضاً فهو كان يترنح من الأساس ..! كاد يسحب ريا خلفه لولا أني امسكت بيدها الأخرى و سحبتها منه ثم تركتها خلفي و انا أقول : اسمع يا هذا ..! ان فكرت بالتعرض لهذه الفتاة مرة أخرى فصدقني لن يمر الأمر على خير ..! بدا انه ازعج بشدة فقد صرخ : كنت اريد الرقص فقط ..! اذهب اذهب قبل ان احطم رأسك ..! سأرقص مع صوفي في النهاية ..! امسكت بيد ريا و سرت إلى الخارج وهي معي فقد كانت قد بدلت ملابسها و ها هي تحمل حقيبتها أيضاً ..! بعد ان بدأنا السير في الشارع تركت يدها و قد كنت اتقدمها ببضع خطوات ..! هنا قالت هي بهدوء و نبرة حزن وقد كان وجهها محمراً بالكامل : لا .. لا أعلم كيف أشكرك لينك ؟!.. لقد انقذتني بالفعل ..! دون ان التفت إليها قلت بهدوء : لا داعي لان تشكريني أو تفكري بالأمر .. ففي الفترة الأخيرة بت لا أطيق رؤية احد مهم لي في مشكلة ..! أعلم أنها لم تفهم مقصدي من كلامي خاصة الجزء المتعلق بالفترة الأخيرة ..! ....................................... |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مــٓـــلآگـــٓيــّٓ الــٓــحــٓـّ{ــٓمــٓـ}ـــٓـراء ... هــٓــلــٓ تــَســْ{ـــٓمــٓـ}ــحـِـيــْنــٓ لــَــٓيـــٓ بــهــٓـذهـٓ الـٓــرَّقــّـ | دقيوس و مقيوسxd | حواء ~ | 12 | 08-27-2017 05:57 PM |
ॐ نـٓهريـــنْ وٓ حـٓـضآرةٌ وٓ خـآرِطـٓةةُ وتــآرِيخْ .. يـٓعنيْ أنتٓ » العِــرآقْ « أشلونْ مآ حبگ ؟! ॐ | ٱۆڳسِجْينٌ ✖ | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 9 | 10-11-2013 06:39 PM |
أٓحـبكّْـ... مٓعنــْاهـٌا إذٓا بعٓـدت عِّنيْ تبــّٓقىْ فيِنـِي...[❤] | Nanachix | مدونات الأعضاء | 50 | 05-28-2013 08:43 PM |