عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree41Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-27-2016, 01:01 PM
 
قصّة راقية ~ إِبتِهــالات صامِتَــة

.














.








كلمات مليئةٌ بالشجن, و صياغةٌ جذابة للأحداث
أحيّ قلمك الراقي
سارآي..








الإسم: ابتهالات صامتة
التصنيف: شريحة من الحياة، تراجيديا
مستوحاة من واقعة حقيقية



*حصريــة لمنتــدى عيــون العــرب / بقلم
Turow’Z



***
مَدْخَل



تمش يا طيف
‎الليل‏‎‎‏ الحزين، على الموجة الغربية... وأسرع!
أسرع من الكهف الشرقي المجلبب بالضباب،
حيث تنسج طيلة النهار أحلام الفرح والخوف،
هذه الأحلام التي تجعلك مخيفا مهيبا..
وعزيزا حبيبا.
فانشط يا ‏‎‎ليل‎‎‏!
وليكن هربك سريعا..
لف شخصك بالرداء الأشهب المرصع بالنجوم،
واعصب بشعرك عيون النهار واعمها،
وقبلها حتى يعييها وينهكها التقبيل.
ثم طف وتجول فوق المدن والبر والبحر،
وبعصاك المنومة مسها جميعا!
وأسرع يا ‏‎‎ليل‎‎‏ فقد طال ترقبي وإنتظاري...
إنما الموت يأتي عندما تتلاشى أنت وتموت،
والنعاس يأتي إذا ما أقبلت،
ومن كليهما لست أطلب شيئا،
إنما منك وحدك أطلب..
منك أيها ‏‎‎الليل‎‎‏ الحبيب..
فليكن انسيابك المتداني عجلا..
أسرع يا ‏‎‎ليل‎‎‏... أسرع!

.
.

__________________
-









أستغفر الله وأتوب اليه عدد ما ذكرهُ الذاكرون
و غفلَّ عن ذكرهُ الغافلون !


التعديل الأخير تم بواسطة Turow’Z ; 06-27-2016 الساعة 01:40 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-27-2016, 01:32 PM
 
.














.






كنتُ مُلقاة في فم العاصفة، في حافة الهاوية... روحي جرداء... تصفعها الريح بأكف صقيعية.
خيالات... كل ما أراه حولي لا يتعدى الخيالات...
طيف جسده يروح ويظهر... كلماته تطرق صيوان أذنيّ بدون أن تتعداه...
لكني ما كنت قادرة على الإلتفات لكل هذا... رفضت بكل جوارحي التصديق بأن ذلك هو كل ما تبقى منه الآن... من أبي، من حياتي!
قد لا يعود، قد لا أراه ثانية.... هذا كل ما استطاع عقلي أن يبلغني إياه!


لم أعرف كم من الوقت قضيت أحدق في الهاتف الصغير أمامي، ثوان؟ دقائق؟ أم ساعات؟ أو لعل دهرًا كاملًا كان قد مضى، حتى رفعت بصري أخيرًا ونظرت إلى ساعة الحائط لأتحقق.
ما كان ثمة أي مغزى من هذا، فالوقت بالكاد يزحف متحركًا خارج نطاق وجودي على أي حال، وما كان تطلعي إلى الساعة ليحدث فرقًا!
كان أمرًا مثيرًا للسخرية تقريبًا.. كيف أن الوقت شبه منعدم التأثير علي،
كيف أنه لا يوجد تقريبًا بالنسبة لي، ليس بعد الآن!


اشتد انطباق قبضتيّ، وانكمشت أكثر في سريري.. رحت أتمنى أن تذوي أفكاري القاتمة هذه،
رغم أني كنت أعرف جيدًا أن ذلك لن يحدث في أي وقت قريب.
حتما كان ثمة سبب ما لكون الحياة على هذا النحو... حكمة ما يصعب على عقلي الصغير استيعابها... ثمة حكمة وراء كل شيء... وراء العنف، الدماء، والوحشية!
يبدو العالم حولي وكأنه مدمن على هذا المزيج القاتل مؤخرًا، رغم أن أحدًا من أطراف هذه المعمعة ما كان قادرًا على الإقرار بذلك.
لا أحد منهم كان يدرك فعليًا حجم الدمار الذي وصلت إليه الأرض.. وكله من صنع أيديهم.
ورغم ذلك.. كان سهلًا أن أرثي حال كل فرد منهم، فهم كائنات مثيرة للشفقة... يدعوون التحضر بغض النظر عن كل ما أراه فيهم ويثير اشمئزازي!

هل أبي مدفون في مكان ما أسفل الركام الآن؟! لم يكن ضمن زملاء عمله الذين أنقذوا، أو الذين عثر على رُفاتهم... فهل مازال حيًا؟!



انسل نسيم منعش من نافذتي المشرعة... داعب وجهي وشعري الأسود المنثور على وسادتي..
ذكرتني رائحة الربيع بالضحكات.. بلهو الطفولة والمغامرة، بالأعشاب والأزهار، بإشراقة أخي فنسنت، وابتسامة أبي التي قد لا تكون بعد الآن!

آخر ليلة قضيتها معه كانت في الأسبوع الماضي..
كنت مريضة يومها، بائسة بعد ليلتين من الحمى والسعال.
همست بصوت مبحوح آنذاك:
"أبي... "
وخطوت إلى المطبخ بحثًا عنه، وجدته وأخي يغسلان الأطباق... يغسلها أبي ويجففها فنسنت إن شئنا الدقة.
أثارت كمية الفوضى في المطبخ فضولي، كانت فوضى أكبر من أن تسببها وجبة عشاء!
جلست أمام طاولة الطعام وسألتهما عن ذلك، فابتسم والدي وجفف يديه ببنطاله الجينز، قال:
"فنسنت حاول أن يطهو."
أجابني وكأن ذلك يفسر كل شيء.
كنت قد استلمت مهمة إعداد الطعام في المنزل منذ بضع سنوات، وأبي كان يتولى مهمة إطعامنا قبلها... لذا كان حريًا بي أن أعرف أن مصدر الفوضى هو شقيقي الأكبر.
احتج فنسنت بكبرياء، فيما أبديت قدرًا وافرًا من الذعر، من فكرة عبثه في المطبخ دون إشراف!


لكن سرعان ما توقفت منكافتي المعتادة له حين باغتتني نوبة سعال عنيفة، ارحت رأسي بعدها على الطاولة فوق ذراعي المشبوكتين.
اقترب أبي يضع كفه على جبيني، وحين اطمأن أن حرارتي ليست مرتفعة... بعثر شعري مشعثًا إياه، فأصدرت أنَّة إعتراض.
لكني لم أكن أمانع حقًا.. كان لدى أبي كف خشنة.. ذات خدوش جراء عزف الغيتار وبناء المنازل.
تحتك يده بفروة رأسي بخفة عادة، تاركة إحساسًا بدغدغة لطيفة خلف أذني.. كالشعور بفراشة ترفرف قريبًا منهما.
انحنى ليكون في مرمى بصري، وسألني إن كنت بخير.. فأومأت إيجابًا.
نظر إلي متمعنًا كما لو كان يتحقق من صحة ذلك، ثم رفع سبابته أمام شفتيه وابتسم...
عنى ذلك أنه سيفعل شيئًا ممتعًا بفنسنت، كنت أحب حين يقوم بهذا... إذ ينتهي بنا الأمر بالضحك دومًا...
فكنت أشعر غالبًا في تلك الأوقات بأننا نبدو كإحدى العائلات السعيدة في الإعلانات التلفزيونية!


أخذ أبي يغرق إحدى المناشف بمياه الصنبور، لم يكن فنسنت منتبهًا لما يفعل،
كان يتساءل بشرود إن كان عليه أن يرسم الليلة، رغم أن لديه مشروعًا يجب أن ينهيه قبل الغد.
‏لم أجبه، لكني تمنيت لو يفعل... يكون فنسنت سعيدا حين يرسم، وتضج موسيقاه مدوية في أرجاء البيت، يستمع فيها لشباب يغنون.. وفي أحيان كثيرة... يصرخون أكثر مما يغنون!
أوقع والدي المنشفة الغارقة في المياه فوق رأس فنسنت مغطيًا إياه بالكامل... فأجفل الأخير وأطلق صيحة أشبه بتلك التي تصدر من مغني أسطواناته الموسيقية!
أسرع فنسنت يبعد المنشفة المبللة عن رأسه، واستدار بإتجاه أبي... أراد أن يبدو منزعجًا لكنه كان يحاول جاهدًا ألا يبتسم..
كان شعره الداكن قد التصق بجبينه، وبرقت عيناه بتسلية أسفل حاجبيه المعقودين،
التقط مرش الماء من المغسلة ورش دفقة كبيرة من الماء في وجه والدي مباشرة....
شهق.. وشهقت معه!


عم الصمت للحظات وتبادل أبي وفنسنت النظرات، ثم تحرك أبي فجأة، وتبعه فنسنت....
راحا يتراشقان الماء كالأطفال ويحتميان خلف المناشف...
غمرت المياه كل شيء، ووصل بعضها إلى الطاولة حيث أجلس، مبللًا ساقيّ وقدميّ...
قهقهت بصوت مبحوح، فتوقفا أخيرًا عن اللهو ونظرا إلي... كنت أعرف أنهما ما كانا يتصرفان بسخافة إلا لإبهاجي..
تعبير الرضا الذي ارتسم على وجه أبي بينما يجفف نفسه.. أكد لي ذلك.
‏أيعقل أن تكون تلك الليلة، هي آخر ذكرى لعينيه الدافئتين تنظران لي؟! أيعقل أنه قد لا يعود البتة؟!



ضغطت فكي بإحكام أكبر، فارتفع صوت اصطكاك أسناني في الغرفة الصامتة على نحو مُسْقِم.
وارتفعت يداي إلى رأسي، تقبضان ملء كفيّ من شعري الغزير، تجذبانه بقوة..
آلمني ذلك، وهذا كان جيدًا، فقد احتجت بيأس ألمًا جسديًا يشتت انتباهي.
لكن وبعد فترة حررت إحدى يدي دون رغبة، ومددتها لتتحرك أصابعي فوق الغلاف البنفسجي اللامع لهاتفي المحمول.. للمرة المئة على الأغلب.
كيف لشيء بهذا الصغر، شيء بهذه التفاهة أن يحمل مصير عالمي كله بين طياته؟!
كيف لجهاز استخدامات يومي أن يمتلك القدرة على تغيير كوني كله وما يحتويه ببساطة؟!
لو أن أحدًا أخبرني قبل فترة عن إمكانية حدوث ذلك لما صدقته...
كنت لأكون مخطئة... ولن يتواجد أبي بجانبي ليشرح لي لماذا؟ لن يبين لي ما لا أفهمه من عقد هذه الحياة وأسرارها!


سهم حارق اخترقني إثر تلك الفكرة، كان الألم مريعًا.. فأسرعت أطمئن نفسي وأعدها بأن ذلك لن يحدث...
بأنه سيكون هنا، حتى أكبر.. حتى أتخرج.. حتى أعمل.. وأتزوج...
‏جاذبة خصلات شعري أقوى قليلًا..
رحت اطمئن نفسي... سيكون هنا، فورما يعود من عطلته... نعم فهو في عطلة، هذا كل ما في الأمر!
كانت تلك هي الطريقة الوحيدة الآمنة للتفكير... حفاظًا على سلامتي العقلية..
إنه غائب في عطلة مفاجئة لا غير.. سيعود قريبًا فقد وعدني.. وهو لا يكذب قط!


انتزعني من أفكاري طرق هادئ على الباب، دخل أخي بعده دون أن ينتظر ردًا لم أملك القدرة على تكوينه.
أغلق الباب من خلفه... وبقي واقفًا مكانه فترة طويلة وتعبير وجهه المتوجع يزداد ألمًا لرؤيته إياي على هذا الحال...
تظاهرت بعدم ملاحظة ذلك!
الألم كان الشيء الوحيد العابق في الهواء، الشعور الوحيد الذي نستطيع الإحساس به في الوقت الراهن...
بدا وكأنه يمزق أحشائي كخناجر مشتعلة.. حارة.. حمراء.. وحادة للغاية..
لم أتحمل ذلك!


شفتا فنسنت كانتا مقوستين إلى الأسفل، وقد تلاشى كليًا أدنى أثر لابتسامته المعتادة...
عيناه الشبيهتان بعيني كانتا محمرتين.. تحيطهما هالات تَشي بأمر الأسبوع الذي قضاه دون نوم.. شأنه شأني...
حتى لونهما النقي الزرقة عادة بدا شاحبًا ذابلًا على نحو ما... لكن الأمر الذي لفت انتباهي لم يكن لونهما..
بل كان الخواء التام فيهما، الفراغ الميت الذي يظللهما..
خصل متهدلة من شعره أحاطت بعينيه... شعره الأسود الأنيق المسرح إلى الوراء عادة كان في فوضى عارمة.. منتصبًا في زوايا غريبة.. بشكل بدا معه كمن نهض من سريره توًا.
ثيابه كذلك بدت مجعدة... وقدماه لا يغطيهما سوى جوربان.. ما من خف أو حذاء...


لكن المشاعر المنبعثة من هيئته كلها كانت أكثر ما أخافني، كان يفترض به أن يكون الفرد الهادئ بيننا، أن يبقيني متماسكة..
لم يكن يفترض به أن ينكسر... أن يتشتت ويتبعثر كما يحدث الآن.
كان هذا عملي أنا... أنا وبقية العالم!
لكن ليس هو، أبدًا ليس هو..
ورغم ذلك.. ها هو ذا اليأس فيه عينيه، قاتل صغير في عقله الفطن... ما ينبغي أن يكون عقله الرزين الفطن...
بدا وقع أقدامه مرتفعًا في الحجرة الهادئة، وكل خطوة تدنيه مني أكثر حتى ارتمى أخيرًا إلى جانبي على السرير، حيث كنت متكومة.

أجبرت نفسي على لقاء عينيه للثانية المطلوبة قبل أن أخفضهما مجددًا.. وبقينا صامتين وقتًا طويلًا.
حركت ذراعي لتحيطا ببطني بإحكام، أحاول عبر ذلك أن أتجاهل الألم الذي يحفر في أحشائي...
ذهني توسل إلي باستماتة أن يتوقف الألم، أن يحدث شيء ما.. أي شيء اليوم..
أردت أن يتوقف فحسب!
لابد وأنه لاحظ تحديقي المتواصل بالهاتف، إذ كان الشيء الذي نطقه تاليًا متناغمًا مع أفكاري:
"لا تخافي.. إنه بخير، سيخرج من هناك سالمًا... أنا واثق بهذا!"

شعرت بإغراء الرد بـ"أقدر لك كذبك علي" أو شيئًا من هذا القبيل... لكني انتهيت بأن صررت أسناني.. قررت إبقاء مرارتي لنفسي.
أدركت أني لابد أبدي إهتمامًا فوق ما هو صحي بالهاتف الصغير الموضوع أمامي.
لكني لم أستطع أن أكترث بهذا، يمكن للعالم بأسره أن يظن ما يشاء بي في هذه اللحظة... ما كان رأيهم ليغير أي شيء...‏
أن يغير ارتباط جزء كبير من كياني بهذا الجهاز الآن، كما ترتبط الكواكب بشموسها!


دون أن يرف لي جفن عن الجهاز الصغير، ابتهلت للإله متوسلة بأن يرن، أن أسمع صوته من الطرف الآخر للخط...لكن ذلك لم يحدث.
صررت على أسناني من جديد، وحاولت أن ألملم شتات نفسي، فلم يكن منطقيًا أن أفقد عقلي الآن،
ليس وهناك بصيص من الأمل بعد، يمكنني أن أفقده حين يحدث الأسوأ، لكن حتى حينها.. أرفض أن استسلم.. أن أخيب أمله بي.
"التحديق فيه لن يجعله يرن أسرع."

قالها بهدوء، يحاول بوضوح ألا يتسبب ببعثرة أملي الواهي.
احتضنت ذراعي بإحكام أكبر فحسب.. شاعرة بقلبي يحترق:
"أعرف.."

غمغمت بتهدج، وانخفض صوتي بيأس:
"لا أستطيع منع نفسي مع ذلك... لا أظنني أريد منعها."

مد يده ووضعها على كتفي مواسيًا لبرهة، ثم أبعدها ليشبكها والأخرى في حجره.
"أعلم أن الأمر صعب لكن علينا أن نتحلى بالإيمان، أن نثق به."

أغمض عينيه لوقت طويل، ثم فتحهما أخيرًا ينظر إلى أغطية سريري المبهرجة الألوان.
كرر بهدوء:
‏"أعلم أن الأمر صعب.. لكن عليك أن تثقي به، هو لن يستسلم، ونحن أيضًا، يجب أن نمنحه ما نستطيع من الدعم، حتى وإن كان لا يشعر بذلك.
"لديه دعمي الكامل.."

همست وصوتي على بعد درجات فقط من الإنهيار التام، وواصلت:
"أنا فقط لا أعتقد ذلك كافيًا على الإطلاق."


الفكرة وحدها كانت تجعلني أشعر بالسقم، انكمشت أحشائي والتَوَت، حتى شعرت بأني قد أتقيأ.
قبضت يدي أمام فمي، وعضضت عليها... شعرت بالبكاء يهز جسدي... شعرت بأسناني تخترق الجلد.. وتكورت على نفسي أكثر، غير آبهة بعد الآن كم أبدو مثيرة للشفقة..
لم أعد أمتلك القوة كي أتحلى بالشجاعة بعد الآن.
لم أملك الطاقة للحفاظ على قناع الهدوء..
ألم عميق كوى قلبي بتعذيب.. وصدح جرس الساعة الفيكتورية العتيقة يدوي في أرجاء المنزل، كخلفية مشؤومة لوضعي الحالي.


"جيسي.."

انبس فنسنت فجأة، صوته كهمس متردد خافت:
"هل لي أن أحضنك؟!"

ارتفع رأسي بمفاجأة، لكنه كان يحاول التفسير قبل أن اسأل:
"أعلم أنك غاضبة مني، وأننا لم نتحدث طيلة هذا الأسبوع، لكن...."

نظر إلي بتعبير متوسل:
"أحتاج أن أشعر بوجود شخص آخر معي.."
غص في كلامه للحظة، فالتقط نفسًا عميقًا:
"أحتاج أن أتذكر أن لي أسرة… غيره!"


نظرت إلى وجهه.. كلماته المتوجعة.. والنظرة المهتاجة في عينيه، هل كان ثمة معنى لخلافنا طيلة الأسبوع الفائت حقا؟! في وقت كهذا هل أجرؤ على التفكير في غير ألمنا وعذابنا المشترك؟!
عبارته الأخيرة جعلتني أومئ برأسي موافقة.. غافرة له.. في حاجة إليه بذات القدر..
أحاطت ذراعه بخصري، أما الأخرى فانسلت خلف كتفي، وضمني إليه بقوة... بحيث استحال علي أن أتحرك...
يده سحبت قبضتي ببطء.. تحررها من بين أسناني كي لا أحدث بها أذى أكثر مما فعلت،
ثم مرر إبهامه على خدي.. يمسح دموعًا لم أشعر بمسيلها..
ضمني إليه.. كما لو أنه لن يتركني أبدًا.


مضى الوقت... صار الضوء المنبعث من نافذتي شحيحًا، يرسم ظلالًا طويلة على جدرانها...
ارتفع جرس الساعة العتيقة من جديد، وكل ما فعله فنسنت كان أن احتضنني أقوى.
شخصه المتماسك عادة... الواثق والقوي تزعزع... بدأ جسده كله يهتز، وراح يبكي بصمت دافنًا وجهه في شعري...
‏"سيكون بخير.."
همس، يدفن وجهي أعمق في صدره بغير إدراك:
"سيعود إلى المنزل بسلام... سيكون بخير... سينجو.."
راح يردد بإلحاح يائس:
"سيكون بخير.. سيعود.. وسنكون عائلة من جديد.."


تحشرجت أنفاسي حين أضيف بؤسه لتعاستي حتى بات التنفس مستحيلًا..
لقد كان خائفًا... وأنا لم أكن قادرة على التعامل مع خوفه فوق ذعري...
كان ينبغي به أن يكون صخرتي... حبل نجاتي... الوحيد الذي يمكنني الإعتماد عليه...
لم يكن يفترض بهذا أن يحدث...
ابتهلنا بصمت.. دون شعور بالزمن، دون أن تخف كثافة الألم لحظة..
وبقي هاتفي مكانه... دون أن يرن.





تمت












***


مَخْرَج
غدًا.. حال بزوغ الفجر، وساعة ينشر الضوء بياضه على الأرض، سأرحل!
سأسلك طريقنا القديم عبر الغابة، والثلوج المنهمرة حولي تملأ مسامعي برنين أجراس كوكبية..
يالفتنة هذه الترنيمة حين تغرق بالأسى تلك الزوبعة الثلجية!
وأتعلم؟!
لم أعد أستطيع العيش بعيدًا عنك!
سأخطو إليك وعيناي مثبتة على أفكاري.
وحيدًا وغريبًا، بظهر منحني وأيدي معقودة حزينة..
والنهار عندي أحسبه ليلًا..
وفي طريقنا القديم، لن أدع بصري يعلق بذهب النهار، ولا بتلك الأشباح البوهيمية المحلقة في البعيد.
وعندما أصل أيها العزيز، سأضع علىقبرك، باقة نبتة الإيلكس الخضراء، والزهور البرية التي لطالما أحببتها!



.
.

__________________
-









أستغفر الله وأتوب اليه عدد ما ذكرهُ الذاكرون
و غفلَّ عن ذكرهُ الغافلون !


التعديل الأخير تم بواسطة Turow’Z ; 06-27-2016 الساعة 01:55 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-27-2016, 01:50 PM
 
.














.







تحايا عطرة من القلب ... لكل زائر يمر من هنا ،،
يترك أثرا ... بكلمة ، أقل أو أكثر ...
حللتم أهلا و سهلا !

هذه تكون أول مرة أكتب فيها قصة قصيرة في المنتدى،
وآمل أن تنال إعجابكم..
هذه مشاركتي ضمن فعالية:


فَــــعَاَلَيَهَ [ روأيات في ألافئدة ,, وكلمأتها في ألافواه ]

~شكر خاص للمبدعة لمسة برآءة لتصميمها الطقم~

.
.

SaRay, Krustavia, Snow. and 3 others like this.
__________________
-









أستغفر الله وأتوب اليه عدد ما ذكرهُ الذاكرون
و غفلَّ عن ذكرهُ الغافلون !

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-27-2016, 03:56 PM
 





بسم الله الرحمان الرحيم ،،
السلام عليكم و رحمة الله ،،

اهلا بعودتك و معك هذه الأسطورية الجديدة

أتذكر سطورك التي خططتها هنا سابقا على الأقل تلك التي اكتشفها انا متأخرة، اقصد "الصامتون بيننا"
أظنها فرصتي لبعض التأنيب
مضى وقت طويل مذ وضعت الفصل الاول ألا تشعر، و تركتنا محتارين و متشوقين اتمنى حقا أن تستمر في روايتك تلك

همم كالعادة عناوينك تجذبني نفس الشيء حصل مع "الصامتون بيننا" كان العنوان هو ما سحرني

ابتهالات صامتة
ابتهالات. .
كم وقعه جميل هذا العنوان

قرأت القصة و كل حرف كان رحلة؛ عندك ذلك الكم الهائل من المفردات القوية و تلك الصياغة المميزة التي تظهر أسلوبك الخاص

استخدامك للمجاز ممتع و جميل

القصة فكرة ، كئيبة جدا و انتقلت كل تلك المشاعر عبر كلماتك.
جيسي انهارت تماما، وجدته فريدا أن تكون بطلة قصتك على هذه الشخصية فالعادة أن يكون البطل مثابرا و لا يستسلم لكن جيسي كانت عكس ذلك تماما

أما اخوها فنسنت فقد راقني كيف كانت تتحدث عنه كيف تصفه و تصوره
سندها و داعمها

حقا استمتعت بكل حرف من قصتك
المدخل و المخرج كانا قصة منفردة

قلمك محترف و علمت ذلك من اول يوم
و أعود لأطلب منك، اتمنى ان تستمر في روايتك

تمنياتي لك بالتوفيق في المسابقة


و في امان الله






Turow’Z likes this.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-27-2016, 04:53 PM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



كيفك خيّو؟ يعطيك العافية ^^



همممم... "ابتهالات صامتة"
يوحي العنوان بحزن عميييق وصدمة قد تلبّدت في الجوفِ
فما عاد من سبيلٍ إلى الخلاص سوى الابتهال
أيُّ عجزٍ هذا!
وأنتَ لا تستطيعُ مساعدة الشخص الذي تُحِب
ولا تستطيعُ إعانته للعودة إليك.. إلى حيثُ يِجبُ أن ينتمي!
هل بضعةُ ابتهالاتٍ ستقِفُ في وجه القدر وتصدُّه!؟
وماذا بالإمكان غيرُ ذلك..
حتى هذه الابتهالات لا تستطيعُ أن تصدَحَ بصوتها، وما الذي سيغيّرُه ذلك
أيُّ عجزٍ هذا؟!



أن تكونَ متسائلاً عن مكانِ من تُحب..
لا تدري أينَ هو..
لا تعرف إن كانت هناكَ صدمة.. مفرِحة أو محزنة..
لا تعرِف إن كانَ المستقبَلُ من الآن هو العيشُ بدونه..
أو العودة إلى حضنه من جديد
هو قمّةُ الفراغ..
سرعانَ ما تفقِدُ الصورُ لونها وتبقى بقعة سوداء تظلِّلُ مصيرَ من نُحب
لو كنتَ تعرِفُ أنّه قد مات لربما كانَ ذلك أهدى للنفسِ من مخافة أن يكونَ هنا
أو لا يكون!!



أحسنتَ عزيزي بسردك وباختيارك لكلماتك
عبّرتَ بصدق عن كلّ المشاعر التي عايشها أصدقاؤنا
أحسستُ بالخزن الذي ألمّ بهم
والفراغ الذي سيطَرَ عليهم
والبهجة التي كانت ستصنعُها رنّةُ الهاتف المبشِّرة بعودته
لكنّه لم يرن!



استمتعتُ بالقراءة
بالنسبةِ لي فإنّ كاتباً متمرِّساً هو من كتَبَ ذلك



أحسنت عزيزي


ثااابر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 10:57 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011