عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-13-2016, 10:57 AM
 
Wink رواية احزان مبعثرة بقلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

انا جديدة هنا اريد ترحيب خاص


هذه اول مشاركة لي

وهذه الرواية من ضمن ابادعاتي

يلا اريد معرفة رايكم/ن بهذه الرواية

هكذا هي الحياة تمضي ، هكذا يهطل الدمع على سنين أهلكها الأسى والتمني ، نأسف على لحظاتٍ قضيناها بكاءاَ أو نحيباَ على شيءٍ نفعا لن يجدي ، وفي ظلمةِ الحياةِ القاتمة ، وما بها من أملٍ نرسمه رغم ما نواجه من صعابٍ قاتلة ، عاشت ألين طفولتها بأجواءٍ مأساوية ، فالفقر لن يترك شخصاً إلا وكانَ لهُ ضحية ،ترى ألين إخوتها أطفالٌ جياع ، قد خُط على أعينهمُ الدمعُ وعلى واقعهمُ الضياع .
ورغم كونِ إلين لم تتجاوزِ الخامسةَ عشر ، ولم تعشْ حياتها كباقي البشر ؛ لأن الحياةَ لم تترك لهم فرصةً للعيش بسلام ،و لم تريهم إلا ظلم السنين والأعوام ، فقد توفت أمها التي كانت لهم ملجأً ومستقر ، حيث كانت تبحث عن شمعةٍ تضيءُ في نفوسهمُ الأمل ، إلا أن القدر عاهدهم أن يبعثها في الهاوية ، ويحرمهم من ياقوتةٍ وهبت نفسها لتخلقَ لهم ابتسامةً ترسمُ على وجههم ولو لثانية ،فأصبح بيتهم مظلماً، معتماً ، قد اتكأ الحزنُ في منزلهم ، وعاش ليزرع حصةً لهُ في أفئدتهم ، فأصبحوا يفتقرون لسعادةٍ، أخذها القدر بلا عودةٍ،فأحاط بهم الكمد ، ليأخذ سباتاً عميقاً في حياتهم إلى الأمد . ومع مرور الأيام ، أصبحت ألين ترى إخوتها ينامون من دون طعام ، يعيشونَ حياةً ليس كباقي الأنام ، يشعرون بالبرد رغم حر الصيف ، ترى ألين الدمع في جفونِ إخوتها فيحترقُ قلبها كالطيف ، تسأل نفسها ما الجناية التي ارتكبوها، ليعيشوا معاناةً أكبر من أن يحتملوها ، فلم يكن هناك من يمد لهم يدَ العون ، ويشعر بوجودهم في هذا الكون، ولم تستطع أن تنهي دراستها كالفتيات الأخريات ، فانتهجت أسلوباً جديداً للحياة، وأبت أن تخضع للشفقة حتى لو كاد الفقر أن يجعلهم ضمن الأموات ، فأخذت تبحث عن عمل ، لتشيد لإخوتها الصغار غداً أفضل، ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل، فهي لا تمتلك قدراتٍ، أو مهارات،ولا تمتلك شيئاً يجعلها تعيش الحياة ، فأيقنت أنه لن يكون هناك أمل ، ولن تستطيع أن تؤمن لإخوتها المستقبل. فجلست في إحدى الأماكن تبكي ، وآلاف الأسئلة تدور في رأسها وتشتكي ، فرأتها امرأة من مكان بعيد، وعلمت أن داخلها حزن شديد ، فاقتربت منها ، محاولةً تخفيفَ آلامها، وعلمت ما يجري لها، فعرضت عليها المال لمساعدتها، ولكنها رفضت أن تأخذ مالا ليس من حقها ،وقالت: الفقر هو فقر القلوب، وليس فقر الجيوب،أنا أعلم أنني لا أمتلك المال، ولكنني أمتلك كرامةً تهز الجبال، ولن أقبل ما تقدمينه من الـأموال، فرأت تلك المرأةُ فيها فتاةً تبحث عن العيش بسلام ، تود الاحتفاظ بكرامتها وأن تحظى بفرصةٍ للعيش باحترام ، فجعلتها تعمل في قصرها، فتحولت حياة ألين إلى كابوسٍ أظلم حياتها ،وكان دوما يكابدها الشوق لترى السعادة لو بعد حين،ورغم كل ذلك كانت الذكرى وحدها من تمنحها الأمل وتسكب في قلبها الحنين .
  #2  
قديم 07-13-2016, 10:57 AM
 
وعندما حل الظلام وأوشك الناس على النوم ، عادت إلى المنزل من بعد العمل الشاق الذي أنجزته خلال اليوم ، فوجدت أخاها داني ليس على ما يرام ،ولم تكن تملك المال لتعلم ما وراء تلك الآلام ، فجلست حائرة في أمرها، والدموع تنساب من عينيها، فماذا عساها أن تفعل لأخيها، فتذكرت عقدا كانت قد قدمته أمها لها، وكان ثمينا على قلبها ، فكان الذكرى الوحيدة المتبقية لها من أمها، وأخذته إلى الطبيب، الذي اكتشف أن أخاها يطرأ عليه حالٌ غريب، فقد كان مصاباً بالسرطان، وكان خبراً صادماً لألين، فقد سلبت منها الحياة برحيل أمها، والآن سوف تخسر أغلى ما تملك على قلبها، وليس بوسعها أن تفعل شيئاً لتنقذه، فعلاجه يحتاج إلى المال الذي لا تمتلكه، وكانت تحصل على مبلغٍ زهيدٍ لن يساعده، وكان الخيار الوحيد لديهم، هو بيعُ منزلهم، وقد رأت في ذلك ملاذاً لإنهاء مشكلتهم،إلا أن ذلك سيحرق أفئدتهم،فقد جمعهم الحب في بيتٍ صغير،وأشادوا آمالهم متناسين ما يطلقه عليهم المجتمع من مصطلح فقير، والآن سيتركون جزءاً من روحهم ، قطعةً من أفئدتهم، وسيرحلون... سيرحلون ويكون سقف منزلهم السماء، وفي ذلك الوقت سيصعب عليهم حتى استنشاق الهواء، إلا أنها أقدمت على بيعه، وحصلت على المال الذي يلزم علاجه، وأرسلت أخاها داني إلى المشفى ،بينما وضعت أخاها رواد لدى أقرباءها ، وجعلت تعمل طوال النهار، وفي كل فرصة تُتاح تتذكر شقيقها الذي يصارع الموت ، فكأنما يحترق قلبها بشعلةٍ من نار ، فتشتت عائلتها، فمنهم من كان في المنفى ، ومنهم من كان مريضاً بالمشفى ، والآخر صغير لا يفقه شيئا في الدنيا، وأما الأم فأصبحت من الذكرى .
  #3  
قديم 07-13-2016, 10:58 AM
 
وعندما أقبل يوم الجمعة ، أنهت ألين عملها بأقصى سرعة، وعادت لترى أخاها رواد،الذي لم تنساه أو تهمله يوما رغم البعد ، وعندما دخلت منزل عمها، ذهلت مما رأته وذلك أغضبها ، فقد رأت زوجة عمها تضرب أخاها ، وتسيء إليه بكلماتها ، فاشتعل لهيب الحقد لديها، وقالت لها: أنا أعلم أننا فارغي الجيوب ، ولكننا لسنا فارغي القلوب، وإن كنا لا نمتلك المال ، فهذا لن يعطيك الحق بالاعتداء على الأطفال ، فهذا طفلٌ قد حرمته الحياة من دفء الطفولة ، منعته من عائلة لربما كانت ستحيى حياة سعيدة ، ومنحته من العذاب ما يكتم أنفاسهُ ، ومضت الأيام وأُسِرَ الحزن داخل فؤاده ، ومنذ ذلك الحين ، لم ترسم على وجهه إلا ابتسامةً كلها أنين ، والآن ماذا تريدين ، ألم يكفيه ما رآه في تلك السنين ، فنحن من تشردنا ، نحن من كأسِ المر تذوقنا ، من تُرِكنا في ضجيج الحياة وغرقنا ، والآن أتظنينَ أننا بحاجةٍ لما يزيدُ ويلاتنا ، بعدما مرت علينا غيمةً سوداءَ أظلمت حياتنا ، ولكن منذ الآن لن أسمح لكِ بالنيل من أخي ، وسأفعل ما بوسعي ، تذكري ذلك جيداَ ولا تنسي ، وحملته وأخذت تمشي ،ولا تعلم أين ستذهب بطفلٍ صغيرٍ يبكي ، تنساب الدموع من عينه ، وكلما تكلم يسأل عن أمهِ ، فتمسح دموعه بالصبر وتهدئُ من روعه، وجعلت تبحث يميناً يسار ، راجيةً من الله ِ إنقاذهم من هذا الدمار ، فلم تكن تريد الكثير من الحياة ، سوى سقفٍ يحمي أخويها من البرد القارص والممات ، ولكن هذا هو القدر ، يظلمنا إن كنا في الصغر أم في الكبر ، فجلست على إحدى المقاعد في حديقةٍ عامة ، وكل تفكيرها مشغولٌ بأخيها الذي لم يتجاوز العاشرة ، وكلما تتذكره، تدعو له راجيةً من الله أن يدخل في قلبه الصبر ويشفيهُ ، ولم يكن لديها خيار ، فحياتها المريرة تشرح لها الواقع باختصار ، فنامت هي وأخيها على مقعد في الشارع، وكلما تتذكر واقعها تبكي الدم بدلا من الدمع ،ولكن دائما كانت مستبشرة أن هناك أمل ، ومهما ضاقت بهم الحياة سيجدون الحل .
لم يعانون في تلك الليلة من البرد على قدر ما آلمتهم قلوبهم الممزقة ، فحياتهم أصبحت تروي لهم قصةً مؤلمة ، وعندما حل الصباح ، وتخافتت أضواء المصباح ، أخذت تبحثُ عن مأوىً لهم ، عن سقفٍ يحميهم ويخفف آلامهم ، ولكن أين ستجد منزلا بمبلغٍ زهيد ، فالمال الذي بحوزتها لن يمكنها من العيش الرغيد ، فناموا في الشارع لعدة أيام ، وهم يتخذون من أوراق الأشجار غطاء ، ولكن مهما ضاقَ الحال بهم فهم يبتسمون كلما نظروا إلى السماء ، فحتى لو قلوب بعض البشر أصبحت أقسى من الصخر ، لا يعطفون على طفلٍ لا يجد كسرة خبزٍ وغدر به الدهر، فالله معهم وهذا ما يهوِّن عليهم الأمر ، وبينما هي تبحثُ عن غرفةٍ تمنحهم الأمن والأمان ، تنبئهم أن الحياة ما زال فيها أملٌ للاطمئنان ، وجدت غرفة صغيرة ، في إحدى الأحياء الفقيرة ،ولكنها كانت في نظرها أجمل من القصر ، كونها ستجمع عائلةً عانت من اليأسِ والفقر ، ولكن صاحب المنزل أراد المال قبل أن يسكنها الغرفة ، ولم تكن تمتلك نقوداً خلال تلك الفترة ، فأصبح يُخَيَّلُ إليها، أن الحياة أقفلت أبوابها أمامها ،وكل شيءٍ تودُّ القيام به ، لا تمضي عليه سوى لحظاتٍ وتخسرهُ ، وقد أذاقتها الحياةُ المرّ، ولم تعتد إلا على الصبر ، وإن كان ذلك سيذيقها السُّم بالجهر ، فأصبحت تعمل حتى المساء جاريةً في القصر، ثم تؤول لتبيع الكبريت في كلِّ شارعٍ وممر ، وفي تلك اللحظات تنظر إلى السماء متأملةً النجوم فترى فيهم أخويها الذين كُسرت آمالهم وهم صغاراً ، َوسلبت منهم الحياةُ جوراً ، فيأخذها تفكيرها لدى رواد الذي وضعته لدى صديقتها ، وفي هذه الأثناء هو بأمسِّ الحاجة إليها،فهو الوحيد من بقي لها ، وكانت تعلم أنها ربما تخسر أخاها ، فمن كُتب عليه الشقاء ، سيبقى كذلك حتى الفناء .
  #4  
قديم 07-13-2016, 11:00 AM
 
هلا والله ومليون غلا تو مانور المنتدى
نكمل--------------------------------
وفي اليوم التالي استدعى الطبيب ألين ، وأخبرها أن عليها إخراجه من المشفى ، فلا أمل من شفاءه لكي يبقى، ولكن لم يكن لديهم حتى غرفةً لتكون له المأوى ، فعادت إلى أبو أحمد مرةً أخرى ، على أمل أن تجد ملاذاً ينقذها ، فتوسلت إليه، وطلبت منه المساعدة وناجته .. ، ناجته أن يساعد من عافتهم الأيام ، ولم يرون خلال السنوات الماضية أمامهم إلا الظلام ، وأخبرته أنها سوف تدفع المال له خلال عدة أيام ، ولكن عليه فقط أن يثق بذلك الكلام ، ولما رأى ما تعانيه تلك الطفلة ، لم تطاوعه نفسه أن يكون بلا رحمة ، فَقَبِلَ أن يسكنها الحجرة ، على أن تدفع له النقود في وقتٍ قصير، فذهبت لتُحضرَ أخاها قبل أن يرجع الرجل عن قراره والزمن بها يغدر ، وعندما دخلت حجرته المعتمة ،نظرت إليه محدقة ، وبدأت الدموع من عينيها تنساب ، وظهر على وجهها أثرُ الاضطراب ، فقد رأته في وضعٍ صعب ، ومن يراه يدخل في قلبه الرعب ، وكان يبدو عليه أنه من قد يفارق الحياة في أي وقت ، وفي تلك الأثناء نظر إليها وقال لها بصوتٍ خافت : أختي أنت يا من أغلى ما أملك على قلبي ، ليتني استطعت أن أُسعدك ، وأغرس السعادة داخل قلبك ، وأنير وجهك بابتسامةٍ تُشبهكِ ، ولكنني على يقينٍ أن الكمدَ ارتهنَ سعادتك ، وأخذتِ من الألم ما لم يحتمله فؤادكِ ، وليتني استطعت أن أخفف أحزانكِ ، فأنا من ضاعفت المشاكل في حياتك ، وأنا أعلم ُ أنك أصبت بالخورِ مما عانيتيه ،ولكن احترزي أن تضعفي فالحياة لن تفف أمام شخصٍ خسرتيه ، ثمَّ أغمض عينيه بهدوءٍ ورحل ، ليأخذ معه البسمةَ والأمل ، ويزرع مكانه حزنا لن يمحوه الزمن ، ويخلد في التراب حيث هناك سيجدُ الأمن ،
وموت داني أضعف ألين ، فهي أصبحت تفقد كل شخصٍ أحبته مع توالي السنين ، وعند دفنه أخذ معه جزءاً من روحها ، فأُطفئت شمعةً كانت تنير حياتها ، ولكن ما زال عليها أن تعيش الحياة ، فما زال رواد يسألُ عن من يمنحه النجاة ، وألين وحدها هي من بقيت له ، بعد أن فقد عائلته ، وكانت تودُّ أن يحيا رواد حياة بعيدة عن الكمد، وأن تغمرهُ السعادة إلى الأمد ، فعاشت هي وأخيها حياةً أشبهُ بالمقبرة ، يكاد الألم يمزقها في كل لحظة ، تغمض عيناها فترى أخاها أمام ناظرها ، ثم تفتح عينيها لتصطدم بفقدان ملاكها ، وعاشت على هذا الحال فترةً طويلة ، تغمرها الدموع في كل دقيقة .
وفي المساء جلست ألين قرب النافذة ، لتخبر الدنيا أنها ما زالت صامدة ، ولن تيأس ما زال يخرج من صدرها الهواء ، وتدعو ربها في كُلِّ مساء ، فَطُرِقَ الباب ، فذهلت مما رأته وأصابها الاضطراب ، فقد رأت من تركهم وهم صغاراً ، ولم يسأل عنهم إن كانوا على قيدِ الحياةِ أم أمواتاً ، من لم يودع زوجته وابنه وهم سُكارى ، فأرادت أن تُغلق الباب ، وتُبقيهِ على حاله في السراب ، ولكنه منعها وكأنه عاد ليفتح أبواباً جديدة للمشاكل أمامها ، فصرخت في وجهه بغضبٍ وقالت لهُ : لمَ عدت الآن فلقد فقدنا أمنا وأنت بعيداً عنا ، عشنا حياةً أصعبُ من أن نحتملها ، عانينا من البرد واتخذنا من الهواءِ دفئاً ، ومن أوراقِ الأشجارِ غطاءاً ، والآن فقدتُ أخي لا بل فقدت الهواء الذي أستنشقه حتى الممات ، وبفقدانهم لن تعودَ ليَ الحياةْ ، فقل لي ما الذي أعادك الآن ، وإن كُنت تريد الصَّفحَ فإني أُنبئكَ لقد فاتَ الأوان ، فقاطعها عن الكلام وقال: كُفي عن هذا الهراء ، لن أسمح لكِ بحديثٍ كأقوالِ السفهاء ، فأنا جئت لكي آخذكم معي إن قبلتي ذلك أَمْ أبيتي ، فرفضت ألين الذهاب معه ، فهي تعلم أنهم لن يكونوا بخيرٍ برفقته ، فأخذها والدها رغماً عنها ، وقام بسجنها بغرفةٍ منفردةٍ وحدها ، وأبعد أخاها عنها ، وفي كل ثانية كانت تمضي ما من صوتٍ تسمعهُ غيرَ صوت بكاءه ، ولم تكن تستطيع أن تكون برفقته ، وتطفئُ لهيب دموعه ، فكان أبوها قاسي القلب ، لا يرأفُ حتى بطفلٍ صغيرٍ في وضعٍ صعب ، فهو يريد أن ينزل أشد عقاب بابنته، لأنها أقدمت على بيع المنزل دون أن تخبره ، وفي نظره ما فعلته ليس من حقها ، حتى لو كان من أجل إنقاذ عائلتها .
ومضت الثواني والساعات والأيام ، وألين تبكي على حياتها التي لم تُريها إلا الآلام ، تبكي على رواد بعدما فقد كل شخصٍ يشعرهُ بالأمان ، ويدخل السعادة في قلبه ويدخله بأجواءٍ من الاطمئنان . وفي مساء يوم الجمعة ، سمعت ألين صوتاً قريبة من النافذة ، فلم تكترث لما سمعته ، فكانت مريضة لدرجةٍ لا تمكنها من السير لرؤيته ، فأعيد ذلك الصوت بحدةٍ أقوى ، ولم يكن غريبا عليها ، فمضت لترى من جاء واستبشرت لظنها أنه من جاء ربما يودُّ مساعدتها ،فوجدت صديقتها رهف هي من كانت قرب النافذة ، وأخبرتها أن عليها الفرار بأسرع وقت ، قبل أن يأتي والدها أو أن يستمع لأي صوت ، فهي قد جاءت لتساعدها، وتقف إلى جانبها ، فكونها صديقتها ستفعل ما بوسعها ، لتخرجها من قيودٍ التفت حول عنقها ،فقبلت ألين الهروب مع صديقتها ، ثم تذكرت أخاها ، ولم يهن عليها أن تعش هي حُرَّةً ، وتترك أخاها يعش حياةً ، صعبةً ، قاتلةً ، فاختارت الموت في غرفةٍ أشبه بالسجن ، لأجل أن تبقى برفقةِ أخاها في كُلِّ حين ، فأثر ما قالته برهف ، وأخبرتها أنها ستساعدها وتقف إلى جانبها في كل ظرف ، وعليها فقط أن تقبل دون أن تنطقَ بحرف ، ففتحت رهف النافذة وأخرجتها ، ومضت ألين مسرعة لتحرر من الظلم أخاها ، وعندما رأته قيدت بسلاسلٍ من الشوق ، وودت لو تستطع أن لا تفارقه ويظهر الحق ، وفي تلك الأثناء خرج أبوها ، فأمسكت رهف بيدها وعن الأنظار أخفتها ، ومضت ألين مسرعة إلى الشارع ، وآلاف الأسئلة تدور في رأسها وتتسارع ، وكان المرض قد انتهكها ، والعذاب الذي في قلبها وأدها ، وأغلق عينيها عن رؤيةِ ما حولها ، فاصطدمت بها سيارة ، وقد ألحقت بها أضراراً بالغة ، ولم تستيقظ إلا وكانت بالمشفى ، وتشتكي من أوجاعٍ بكامل جسدها ، وودَّ الرجل الذي ألحق بها الأذى ، أن يعيدها لعائلتها ، ظنناً منه أنهم الآن قلقون عليها ، فسألها من تكون فأجابته : أنا من عشتُ في سخطٍ من الزمن ، ولم أشعرُ بيومٍ من حياتي بالأمن ، أنا من لم أذق طعم الحياة، ولكنني تذوقت في كل يوم كان يمضي سكرات من الموت ، وكانت تتسارعُ في قلبيَ الصرخات .
حينها شفق الرجل على ألين، وأراد أن ينسيها آلام كل تلك السنين ، وكأن الله قد بعثه لها وأراد أن يخلصها من كل ما يدور حولها ، فأدخلها أبو لؤي بيته وأسكنها مع عائلته ، ومنحها من المال ما تحتاجه ، وكونه إنساناً مترفا لم يمنعه ذلك من أن يكون شخصاً متواضعاً ، فتغيرت حياة ألين، ولم تصدق أنها في هذه الرفاهية بعدما رأته من عذابٍ وأنين ، فأبدل الحزن الذي في قلبها ، إلى سعادةٍ تنيرُ وجهها ، ولكن رغم ذلك فكان هناك من ينقصها ، فأخيها الصغير هو من بحاجتها ، وأهم من سعادتها كلها ، وكان عليها أن تحضر أخاها ليعيش حياةً كريمةً برفقتها ، وكان ذلك هو قرارها .
وعندما حلَّ الصباح ، تمالكت ألين شجاعتها ،وذهبت لتحضر أخاها ، أمام أعينِ أباها ، وعندما فتح الباب لها ،لم يعرفها فقد تغيَّر الماضي وتغيرت معه ملامحها ، فهو اعتاد أن يرى ابنته فتاة ً َضعيفة،هزيلة، لا تملك ما يجعلها أنيقة ،فطلبت منه أن يعيد إليها أخاها، ولكنه رفض ذلك وقام بزجرها ، فقالت له : أبي هل نظرت يوماً إلى الملابس الرثة التي يرتديها أخي ،ألم تستمع يوما إلى صرخاته التي لو سمعها الصخر منه سيبكي ، هل فكرت يوماً في مستقبله، أنا لم آتي إلى هنا لكي آخذه رغما عنك ، بل جئت لأعيده إلى الحياة التي لن تكون له وهو برفقتك وقريبٌ منك ،فأنا الآن أعيش حياةً لم أكن أحلم بها ، ولم أفكر يوماً أنني سأحصل عليها ، ولكن رغم ذلك لن أقبل أن أعش حرة أبيةً وحدي ، وأخي يعاني وفي وضعٍ لن يُرضيني ، ولما سمعَ هذا الكلام ، تذكر ما حلَّ بعائلته وكيف أصبحت رؤيتهم مستحيلة حتى ولو بالأحلام ،حينها قبل أن يعيد لألين أخاها ، فهو يعلم انه ليس باستطاعته أن يمنحه الحياة التي يستحقها ، فعاشت ألين وأخيها حياةً تملأها الهناءةَ والسرور ،فأصبحوا الآن يمتلكون ما يجعلهم بعيدين عن كل الشرور ، فرغم كل الأحزان التي كانت تعانيها ، لا بد وأن يأتي يوم ونعيش الحياة بأجملِ ما فيها .


تم الانتهاء

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
  #5  
قديم 07-13-2016, 12:21 PM
 
حجز
-
تثبت ليومين وتنقل لقسم روايات كاملة / مكتملة مميزة
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية سراب حياتي..بقلمي Journalistic Nehal روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 60 02-28-2015 07:33 PM
مدهشة :مجرد اسطر محفورة بالقلب ... ( مشاعر مبعثرة ... تبوح عن قسوة الحياة! ) \ بقلمي واثقه الخطوة نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 40 09-04-2014 09:48 PM
همسات مبعثرة ..... بقلمي نسمة قلب نثر و خواطر .. عذب الكلام ... 70 01-11-2013 02:48 PM
رواية الحقيبه السوداء رواية رعب لن تندم اذا دخلت / بقلمي لمحة غيث أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 06-27-2012 12:39 AM
رواية ((يوم كنت في الابتدائية))بقلمي ЯỐǿЯỐǿ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 8 03-14-2012 09:11 PM


الساعة الآن 05:42 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011