الفصل السابع~ الظلم (C)
حضر من مملكة السحرة بعد ان سرق من احدى حقولهم بعض الحاجات، بسطها على الارض لينظر الى الكتاب ويبدأ بالتخطيط لصنع حاجزا في غرفته يمنع مصاصي الدماء من دخولها، رتب الاشيا التي سرقها على مدار الغرفة، وقف وسط الغرفة والقى التعويذة، قرأ في الكتاب ليبتسم بحماس ويعود ليلقي التعويذة مرة اخرى فاخرى واخرى وفجأة بدأ يشعر بالضيق، وضع يديه على صدره فتوجه مباشرة الى الحلقة التي صنعها من الاشيا التي سرقها من مملكة السحرة ليفكها ويرمي ببعضهم لخارج الغرفة، الضيق الذي شعر به فجأة اختفى فالقى بنفسه على الارض يتنفس بتعب ثم نظر الى الكتاب بانزعاج:
"تبا... اكان يجب ان اكون نصف مصاص دماء...
يحب علي ان اكون اكثر حذرا في استخدامي للتعاويذ ضد الفامبيرز..."
نهض ليأخذ الكتاب وينظر اليه متفكرا، حين القى التعويذة اول مرة لم يشعر بشيء، ربما لانه نصف ساحر لم يؤثر عليه لو كان الحاجز ضعيفا، لكن هل ذلك سيكون كاف لمنع بقية مصاصي الدماء من دخول غرفته؟ ليس له الا التجربة للتأكد...
اعاد الحلقة كما كانت ليلقي عليها التعويذة، شعر بالاجواء اصبحت اكثر ثقلا لكنها كانت محتملة، ابتسم بأمل ليتوجه الى السرير وينام نوم الاموات فقد سهر البارحة ليلة كاملة وها هو الان قد سهر نص ليلة اضافية
طرق الجد غرفته صباحا فسمح له ليونارد بالدخول، فتح الجد الباب ليقف امام العتبة عاقدا حاجباه، نظر الى ليونارد ليقول له:
"ما الذي جرى لغرفتك؟..."
تفكر ليونارد قليلا ثم تذكر ان جده مصاص دماء اصيل على على عكسه، لم يجد عذرا يفسر به ما يجري فنظر اليه بخوف ليعترف بما فعل:
"تردد صدى صوت الصفعة في المكان بينما ليونارد يضع يده على خده مندهشا من فعلة جده فأكمل جده:
" ايها الوقح كيف تجرؤ على ادخال
قذرات السحرة الى قصري...
لقد اويتك وهكذا تردها لي..."
قاطعه ليونارد صارخا:
" لي الحق بالدفاع عن نفسي
لا ادري الى متى ابقى حيا ان
ظلت تلك الحشرات
تقتحم غرفتي ليلا لتهاجمني...
ان الاوان لاضع حدا لها..."
اندفع اليه الجد ليمسكه من ياقة قميصه وفجأة افلته واضعا يديه على صدره بضيق، اسرع اليه ليو خائفا فحمله واخرجه للخارج، اخذ الجد يستعيد انفاسه وهو ينظر الى ليو بحقد ثم قال:
"ذلك الشيء لن يستمر في قصري...
اخرجه حالا..."
نظر ليونارد الى جده بحزم ليقول:
"في هذه الحالة سأضطر ان اخرج انا من هنا...
لست مستعدا ان اهاجم يوميا من مجموعة من مصاصي الدماء
وكل ما يصدر منك هو عقاب لا يؤثر فيهم فأراهم في الليلة المقبلة يعودون الى مهاجمتي..."
سكت الجد متفكرا في كلام ليو ليقول له:
"افعل ما شئت
لكن السحر لن يدخل بيتي ابدا...
بيننا وبين السحرة عداوة
يكفي اني تقبلتك رغما عني نصفك
كساحر فقط لانك حفيدي..."
اخفض ليونارد بصره بغضب، تفكر بالامر مليا ثم تنهد بيأس، نهض باحترام قائلا:
"اشكر حسن معاملتك لي في فترة اقامتي عندك
وعدم استغلالك لي كنصف ساحر كما البقية...
يؤسفني ان اضطر ان اتخلى عن عائلتي الوحيدة
لعداوة ناشبة بين قبيتلين لا شأن لي فيها"
انحنى باحترام ليدخل غرفته كي يأخذ كتبته فأوقفه الجد قائلا:
"اتظن حقا انه لا علاقة لك
بالعداوة الناشبة بين قبيلتينا؟...
انك من اساسيات هذه العداوة
لقد كان الامر سابقا مجرد كراهية بسبب الاعراق
لكن قتل والدتك لابني أوقد نارا في
قلبي لا يمكن اطفائه ابدا...
وبسببها هاجمنا مملكة السحرة مرات
عدة وقضينا على نصفهم
وبذلك زادت عداوتهم لنا
لكن البشر البغضاء يقفون الى جانبهم دوما...
ويساعدونهم باسلحتهم العجيبة..."
التفت ليونارد الى جده ليقول:
"ولما لا تهاجم السحرة قريتكم؟..."
خر الجد ضاحكا ليقول:
"السحرة تهاجمنا؟!
انهم زمرة جبناء
لا يملكون لنفسهم نفعا ولا ضرا..."
اعطاه ليونارد ظهره ليقول:
"ما زلت لا ارى نفسي مذنبا بما حصل...
ان كانت والدتي هي التي قتلته فما ذنبي انا؟"
" ذنبك انها قتلته لاجلك...
الساحرة حين تحمل لا يملك
مصاص الدماء ان يقاوم دمها...
وذلك البشري الخائن صنع لوالدتك
خنجرا قاتل لمصاصي الدماء دون رحمة..."
لسماع كلامه تذكر ليونارد ضحاياه الخمس في مملكة السحرة، كلهن كن حوامل، هل لذلك السبب فقد السيطرة على نفسه، شتم اصله الذي اخذه من والده ثم استدار لجده مصدوما ليقول له:
"اتقصد!... لو تزوجت من ساحرة...؟"
"لا تقل انك تريد ان تتبع نهج والدك؟...
يكفيني فقده هو...
لست مضطرا لفقدك انت ايضا..."
- لا تقلق فلن اكون في بيتك حين اموت
قد لا تعلم بموتي حتى..."
- لذلك سوف تفجع قلبي مرتين
الاولى بتركك لي وحيدا بعد ان وجدتك...
والثانية بموتك...
اتظن ان والدك حين مات كان يسكن معي؟
لقد هرب بمجرد ان تعرف على والدتك
سحرته ليقع في حبها ثم قتلته...
وتركتني اعيش مرارة فقده لخمسين عام
وبدخولك الى حياتي اعدت الي ما اخذته مني
الامل... السعادة... الهناء..."
اخفض ليونارد بصره بحزن ليتوجه الى غرفته فيفك الحلقة السحرية حول غرفته وبذلك فك الحاجز، توجه الى جده قائلا:
"اسف لعدم مراعاتي لمشاعرك...
لن اعود الى مثلها مجددا..."
نظر له الجد بازدراء ليقول:
"هذا جيد...
اتمنى ان تحفظ وعدك...
والان هيا...
امامك الكثير لتتعلمه..."
سبقه الجد فاستند هو الى الجدار وغطى وجهه بكفه، حياته لن تكون سهلة ابدا كما يبدو...
---
--- بعد مئة عام ---
حول مائدة مليئة باشهى الاطعمة، جلس عدة من النبلاء يتكلمون ويضحكون، نظرت احداهن الى ليو بعد ان القت نكتة سخيفة لتراه يمضغ طعامه ببرود دون ان يعطي اي قيمة لنكتتها على غرار الاخرين الذين ضحكوا مستمتعين، نظرت الى الجد لتقول له:
" الا يضحك حفيدك ابدا؟..."
ربت الجد على كتف ليو قائلا:
"يظن ان الضحك يذهب بهيبته، لذلك يفضل ان يلزم البرود"
- توجهت الشابة لليو بالكلام بدلال قائلة:
انت بين اصدقائك الان...
لا داعي للهيبة...
نظر اليها ليو بانزعاج ليقول لها:
- احيانا كثيرة تظن نفسك بين اصدقائك
فيترائ لك انهم اعداء
الخيانة لا تأتي من الاعداء بل من الاقرباء
لذا لا تثق باقرب الناس اليك
- سكتت مستغربة من جواب ليونارد لتنظر الى الجد الذي ينظر لحفيده بحقد بينما حاول ليونارد ان يتظاهر بعدم ملاحظة نظرات جده باستمراره بالاكل...
عادا الى المنزل ليخلع لهما الخادم عبائتهما ما ان دخلا، اخذ العجوز يؤنب ليونارد على تصرفه بينما اكمل ليونارد طريقه محاولا تجاهل عتاب جده، تبعه الجد ليوقفه بحزم:
"ليونارد احترمني واستمع الي حين اكلمك..."
توقف حينها ليونارد ليقول:
"جدي...
جدالنا سيكون عقيما...
تريدني ان انخرط في مجتمع لا يروقني
كل تلك الضحكات امامي تبدو لي مجرد نفاق..."
"اذا تفضل صديق والدك البغيض ذاك..."
- بل اكرهه ايضا
- اذا تريد ان تعود الى عالم السحرة
الى عالم امك التي قتلت اباك ثم تخلت عنك
- تجلى الحقد في عينا ليو ليقول:
"لا احد يستحق الثقة..."
- ما الذي فعلته لك كي تقول انني لا استحق ثقتك؟...
اخفض ليونارد بصره بحزن ليقول:
- انت الوحيد الذي تستحقتها بين الذين عرفتهم طوال حياتي...
لكن اتمنى ان لا تعيد طلبك ان ارافقك الى تلك الحفلات السخيفة
اذهب معك لانجاز الاعمال والصفقات بكل سرور
بل واذهب عنك وحدي لا اهتم
اما الحفلات فلا...
- ولما لا؟
كيف ستقع في الحب ان لم تخرج لمقابلة الفتيات النبيلات؟..."
- جدي!
تعلم انني لن اتزوج من مصاصة دماء مهما حدث
اتزوجها اليوم واليوم الذي بعده اجد نفسي ميتا...
يستحيل لي ان اثق بمصاص دماء...
- اذا تفضل الزواج من بشرية؟
اعرف بعض البشريات النبيلات...
لكن اولادك سيكونون منبوذين بين النبلاء كما صديق والدك...
- بل زوجتي ستكون منبوذة من قبلي...
اني ابغض البشر بشكل لا يطاق...
- لما لا تقولها منذ البداية؟
انت تريد ان تسلك نهج والدك وتتزوج من ساحرة...
اخفض ليونارد بصره بانزعاج ليردف الجد:
"لا يمكن للسحرة ان يتعايشو مع مصاصي الدماء...
لن تستطيع مقاومة دمها ما ان تحمل
فإما قاتل وإما مقتول..."
صرخ ليو غاضبا:
"وهل يجب ان اتزوج؟...
دعني انهي حياتي دون ان ارث مقتها لاولادي..."
- انت لا تعيش حياة مقيتة
غيرك يتمنى حياتك
- وما ادراك انت ما اعيشه
انت ترى فقط نجحاتي
لكنك لا ترى تدهور نفستي في كل حفلة احضرها
- واين المشكلة في الحفلات التي تحضرها؟
- تلك الغبية...
لقد اطلقت نكتة عن السحرة
وتريدني ان اضحك معهم على نكتتها السخيفة
غطى العجوز وجهه بكفه ليقول بانزعاج:
- هل هذا ما ضايقك؟...
انت لست ساحرا بعد كل شي
السحرة نبذتك بينما اويتك ومنحتك اسمي
ثروتي، مكانتي الاجتماعية
منحتك كل شيء متجاهلا انك كنت السبب في مقتل ابني
فلما لا تستطيع النسيان ان فيك جزء من ساحر؟
نظر ليو للخدم حوله ليشير عليهم قائلا:
"هل يمكنك ان تضمن الا اتعرض لهجوم
احدهم رغبة بدمي ذات اصول ساحر؟
طالما لا يمكنك ان تمنع ذلك فانا سابقى ان انتمى للسحرة رغما عني وعنك...
اتمنى ان لا تلزمني على حضور المزيد من
الحفلات السخيفة ولا تكلمني مجددا بموضوع الزواج...
لانه سيكون ككل مرة، مجرد نقاش عقيم..."
- لكن مصاصو الدماء مؤخرا لم يكونوا يهاجمونك...
- هذا لاني كنت امارس عليهم تعاويذ لابعادهم...
صمت ليو فجاة حين انتبه انه فضح نفسه ففضل الانسحاب قبل ان يزداد النقاش سوءا لكن الجد لم يهن عليه ما سمعه، فتبع ليونارد غاضبا:
"لقد وعدتني ان لا تعود لمثلها..."
- لقد وعدتك ان لا اقيم حاجزا مجددا
او اي شيء يضرك انت فقط...
اما بقية مصاصي الدماء فلم اتحدث عنهم...
- ليونارد انا منعتك من ممارسة السحر في بيتي...
صرخ ليونارد بغضب:
"وكيف تظنني استطيع ان ابعد تلك
الخفافيش اللعينة عني دون السحر!....
انت لا تريد موتي وفي الوقت نفسه
لا تريدني ان ادافع عن نفسي...
اذا ما الذي تريده بالضبط؟
ترك جده وسط كومة غضبه ليسرع الى غرفته ويصفق الباب خلفه، فجأة وضع الجد يده في قلبه متألما، اسرع اليه خادمه ليعطيه دواءه ثم اجلسه على اريكة ليرتاح
---
بينما كان ليونارد ليلا جالسا على سريره يقلب بصفحات احدى كتبه طرق الخادم الباب، اسرع ليخفي كتابه تحت الوسادة ويرتمى على السرير مدثرا البطانية عليه ليأتيه صوت الخادم:
"سيدي في غرفته يتنظرك لمحادثة خاصة..."
استغرب ليو طلب الخادم فقلة ما يطلبه جده ليحدثه ليلا وخاصة في غرفته، جلس على السرير ليرتدي خفه وينهض، فتح الباب وذهب الى غرقة جده يتبعه الخادم...
طرق الباب ليسمح له جده بالدخول، دخل، القى التحية فطلب منه جده الجلوس في اريكة مقاربة لسريره ففعل، نظر الجد الى حفيده بجدية ليقول له:
" اعلم انك تكره ان اكلمك عن الزواج ولكن هذه استمع الي لاخر كلامي...
تعلم اني اصبو لان ارى اولادك يلعبون في المنزل
لكن كما يبدو ان ذلك لن يحدث
فكما ترى اني اصبحت باخر عمري...
لكن اقتناعك بالزواج قد يدعني اموت مرتاح البال...
من الواضح انك لن تتزوج مصاصة دماء فانت كما كل السحرة تخافهم"
- لست اخافهم...
- اصمت ودعني اكمل كلامي...
والبشر تبغضهم لكن قد تغيير نظرتك اليهم يوما ما...
اتمنى لكن في حال لم يحدث ذلك...
لم يبق لك خيار الا الزواج من ساحرة
وتعلم ان مشكلتك مع الساحرة هي الحمل
لذلك لا تملك خيار الزواج الا من فتاة
واحدة ضمن كل فتيات السحرة...
وهي المختارة لرفع الخطايا عن البشر
ستكون الخيار الانسب لك لانها لا يجب ان
تقابل احد حتى تنجب طفلة تاخذ عنها مهمتها
بالتالي كل ما عليك هو ان تتزوجها وتحمل منك وتختفي من حياتها الى ان تضع مولودتها
وهكذا تنقضي مرحلة الحمل بسلام
تبقى المرحلة الاصعب
سيكون عليك ان تكون المتواجد الوحيد
في الغرفة معها اثناء الولادة
اقنعهم باي طريقة
تأخذ الطفلة ما ان تلد وتلفها بخرقة
لتخفي اجنحتها ثم تطعمها من دمك مباشرة
بعد الولادة كي تنام وتخفي انيابها
فلو عرفو انها مصاصة دماء سيقتلونها
كما سيقتلوك انت ايضا
ثم تقومون بمراسم نقل المهمة من الوالدة الى الطفلة
بعدعا تأخذها منهم وتربيها بنفسك لاعوام حتى
تتعلم السيطرة على نفسها
كما سيكون عليك ان تقلع اجنحتها في عمره
السادسة عشر لان السحرة لا اجنحة لهم
وعندما تجدها اصبحت جاهزة تعيدها لاهلها
كي تكمل حياتها كما كل المختارات قبلها
بيد انه سيتوجب عليك ان تحضر لها كل ليلة
بعض الدماء كي لا تفترس امها
ان اشتد حاجتها للدماء
ستكون حياتك وحياة طفلتك مليئة بالمخاطر
لكن ان كان الحل الوحيد لتتزوج فانا لن اقف في طريقك
حتى لو كان خيارك ساحرة
لا اريد لذريتي ان تنتهي عندك"
- هه
ضحكة ساخرة صدرت من ليونارد ليتبعها كلامه:
"احقا تظنني لم اتزوج لاني اريد الزواج من ساحرة...
سبق ان اخبرتك اني لا اريد ان ارث حياتي المقيتة لاولادي...
وكما هو واضح من كلامك ان ابنتي ستعاني اكثر مني...
لا شكرا لا اريد لها تلك الحياة
افضل ان اتزوج من بشرية بغيضة..."
- حسنا...
في هذه الحالة اظن بإمكاني ان اموت مرتاح البال...
فانا ايضا افل البشر على السحرة...
ابتسم ليغمض عيناه ونام بطمئنينة، خاف ليونارد من كلامه وتصرفه فاقترب ليضع يده امام انفه فيشعر بنفسه الدافئ، تنهد بارتياح ثم خرج من غرفة جده
---
استيقظ صباحا ليجد مصاص دماء يعضه في عضده، امسكه من رقبته ليبعده ويرميه بعيدا، نهض بسرعة ليجد الخدم كلهم في غرفته بارزين كامل اناقتهم كمصاصي دماء، تلا تعويذة الانتقال ليختفي من امامهم، اسرعوا كلهم لخارج غرفته
يبحثون عنه في ارجاء القصر، بينما ظهر هو امام غرفة جده ليطرق الباب فيفتح له الخادم، تنحى له فدخل ليرى جده مستلق على السرير قد دثر بدثار ابيض لفوق رأسه، اقترب منه بعجل ليكشف عن وجهه فيجده مغمضا عينيه راكدا بسلام، نظر الى الخادم مصدوما ليقول له الخادم:
"انا اسف...
حينما اتيت اليه صباحا لاوقظه
لم اسمع له جواب، وحينما دخل الغرفة
وجدته قد توقف نبضه..."
ادمعت عيناه لسماع كلام الخادم وفجأة يدخل احد مصاصي الدماء ليصرخ للجميع عن مكان وجوده، بلمحة عين وجد الجيمع قد حاوطنه مجددا، نظر اليهم بسخط قائلا:
"على الاقل انتظروا ليدفن جدي...
الا تخجلون ان تهاجموني بوجوده!..."
اقترب منه مايكل احد حارسي العجوز قائلا:
- نحن ننتقم لسيدنا فحسب
فقد كنت انت سبب وفاته
حين تشاجرت معه البارحة تعب كثيرا
ووصلت معه الى ان مات..."
عقد ليونارد حاجبيه اذ بدى جده البارحة كأنه يوصيه وصيته الاخيرة، أيعقل انه شعر بقرب المنية لذلك اوصاه؟...
لم يكمل تفكيره بسبب مصاصي الدماء الذي هاجموه كلهم دفعة واحدة، اسرع بتنفيذ تعويذة التجميد حتى غدا الجميع جامد الحركة ومن كان يطير سقط ارضا الا خادم جده المخلص بدا انه لم يتخلى عن عقله كما البقية، نظر اليه ليونارد ليقول له:
" سأقوم بتشيع جنازة جدي ودفنه...
اتحب ان تشاركني في الامر ام تفضل ان تنضم للبقية؟..."
- بالتأكيد سأساعد في دفن سيدي...
توجه الخادم الى خزانة ضيقة ليخرج منها تابوتا، نظر اليه ليو مصدوما
"اكان جدي يتوقع موته قريبا؟..."
- لقد كان يعاني المرض منذ فترة...
ليو بأسى:
- لم يخبرني بذلك...
- لم يحبب ان يقلقك
وضع جده في التابوت بمساعدة الخادم، قبل جبهته ثم اغلق التابوت، وضعا التابوت على عربة ذو احصنة ليجر التابوت وما ان رأوه مصاصو دماء القرية حتى اسرعوا اليهم، اراد ليو ان يجمدهم لكن اخبره الخادم ان يتكرهم، استغرب ليو الامر لكن ما ان وطئت مصاصة الدماء الارض حولهم حتى ركضوا الى العربة ليودعوا جده، نظر ليونارد الى الخادم ليقول له:
"لقد كان جدي محبوبا من قبل كل مصاصي الدماء...
لا اظنني استطيع ان اكون مثله يوما ما..."
"انت لديك ظروفك...
لو انك كنت مصاص دماء بالكامل لاحبوك...
هم بالفعل يحبونك الان ولكن ليس لشخصك
بل لاجل دمك، تغاضو عن الامر حاليا لاجل جدك"
- لم يفعلوا الخدم الامر نفسه رغم انه اواهم في بيته...
- الخدم حين غادر والدك المنزل اعتبرو
انهم الاحق من بعده ليرثو القصر وكل ما فيه
لكن بعد عودتك انت علموا انهم سيبقون مجرد خدم
لذلك كرهوك وحاولو القضاء عليك
بينما هولاء امامك الان مجرد مساكين فقراء
احسن اليهم جدك لمرات عديدة
لم يطمعوا يوما في بيت جدك وارثه...
لذاك اخلاصهم له دائم...
مشت العربة ومشى الجميع خلفه حتى وصلوا الى المقبرة، دفنوه وعاد كل واحد الى منزله الا ليو، توجه الى مملكة السحرة ليشتري منها ما يحتاجه من اشيا لمقاومة مصاصي الدماء، توجه الى صور الحديقة وصنع حلقة جديدة داخل صور الحديقة ليختفى من مكانه ويظهر وسط البيت، نادى بنبرة عالية ليسمعه جميع الخدم، تجمعوا حوله فقال لهم:
" لديكم ساعة لتخلو المنزل وبعدها سأشغل الحاجز
ولست مسؤول عن حياة اي احد يبقى هنا في الداخل..."
بدأت البلبلة تنتشر بين مصاصي الدماء البعض يصدقه والبعض الاخر يكذبه بينما هو توجه الى الخادم الاكبر ليقول له:
"انا اسف لكنه الخيار الوحيد لي...
لم يتركو لي خيارا اخر"
- انت الوريث الشرعي لهذا المنزل فافعل ما تراه مناسبا...
اجمع مصاصو الدماء على ان يقتلوا ليو وبذلك يحصلون على القصر ويمنعونه من تشغيل الحاجز، اسرعو اليه فأختفى، نظروا حولهم يبحثون عنه فقال لهم الخادم الاكبر:
"لن تجدوه قبل ساعة
فقد توجه الى مملكة السحرة
من يريد ان يبقى حيا فليخرج من القصر حالا..."
ذهب الخادم ليجهز حقيبته، نظروا بعضهم لبعض فيتفرق الاغلبية ليوضبو اغراضهم، بينما وقف مايك احد الحارسين ينظر للبقية قائلا:
"انا لن اذهب...
ذلك الساحر اصغر مني بقرون
لن ادعه يسخر مني
لطالما كانت السحرة تخشى الفامبيرز
لما على الاية ان تنقلب اليوم؟..."
نظر اليه البعض خائفا واكملوا ليجمعوا حقائبهم والبعض الاخر تردد حتى قرروا ان يقفوا الى جانبه، خرج الخادم الاكبر حاملا حقيبته في يده ليقول:
"لا تستخفوا بهذا الساحر الصغير..."
فسبق ان آذى سيدي خطأ بسحره منذ مئة عام
قبل ان يمرض حيث كان بأوج قوته
فكيف لو اراد ان يفعلها عمدا ومعكم انتم شراذم القوم..."
تجاهل ردود افعالهم وخرج من القصر ليعود الى بيته البسيط حيث فارق عائلته لاعوام في خدمة سيده ليلا ونهارا بعد ان اعياه المرض
نظر نصف من قرر البقاء الى جانب مايكل الى الخادم مرتعبين حيث كانو يعلمون مدى قوة سيدهم، تلاش من حوله ليذهب كل منهم ليوضب اغراضهم الا قليلا ابنته والحارس الاخر
عاد ليونارد بعد ساعة ليجد البيت خاليا، وقف امام حلقة الثوم وتوابعها ليلقي التعويذة لكن مايكل هاجمه من الخلف ليمسك ذراعيه ويثبته بينما همت ابنته لتعضه لامتصاص دمه، وهذه المرة تلى اخر نقطة، ضرب ليونار مايكل برأسه للخلف فافلته متألنا فأتبعها بلكمة من مرفقه على اسفل معدته اردته ارضا ثم امسك بحلق ابنته يمنعها من ابتلاع الدماء التي امتصتهم، نظر اليها بسخط قائلا:
"ابصقي ما امتصصته من دمي الان
لا يدخل دمي معدة قذرة متل معدتك..."
وجهت الفتاة نظرها لوالدها الذي يتلوى في الارض من الالم ثم الى ليو خائفة، فجأة انقلبت ملامحها وهي تنظر خلف ليونارد فادرك ان احدهم سيهاجمه من الخلف، استدار لينظر الى عيني الحارس الاخر فتتجمد حركته، عاد الى الشابة ليقول لها:
" ابصقيهم بسرعة قبل ان اقتلع رقبتك..."
حين وجدت انه لا امل لها بصقتهم على وجهه، اغمض ليونارد عيناه محاولا كظم غيظه حتى هدأ، نظر اليها ليقول:
"هذا جيد..."
رماها جانبا ثم مسح وجهه بثوبه وقال لهم:
"انتم اخترتم البقاء فلا تلوموني
على ما يحدث معكم..."
اخذت الفتاة تسترجع انفاسها بينما القى ليونارد التعويذة، سحب تعويذة التجميد من الحاريس الاخر ثم فتح باب سور الحديقة قائلا:
"سأكون لطيفا معكم لاخر مرة...
من يريد الخروج فليفعل حالا..."
حاولت الشابة النهوض بصعوبة لتمشي للخارج فينظر اليها والدها بحقد، عزم الحارس الاخر على البقاء مع مايك لكنه حين رأى ان ليو لا يمزح قرر الانسحاب، لكنه في نصف الطريق فقد توازنه فسقط ارضا، جلست الشابة تناديه من الخارج لينهض وتشجعه لكن يبدو انه استسلم، القى ليو عليه تعويذة الانتقال ليجد نفسه خارجا
نظر ليونارد الى مايكل بازدراء ليتركه ملقى ارضا ليموت وحيدا ويدخل للقصر، حين رأت الشابة فعلته صرخت له كي يعود ويساعد والدها، التفت اليها ببرود ليقول:
"هو من اختار ان يموت هنا..."
"لا تتركه يموت هكذا...
لا اريد ان افارق والدي من الان..."
نظر اليها باستسخاف ثم الى والدها فقال لها:
"ادخلي واخرجيه بنفسك..."
"لا استطيع ذلك...
بالكاد استطعت ان اخرج انا لوحدي..."
"هذا ليس ذنبي... "
تركها تصرخ خلفه ليدخل الى القصر ويسكب كأسا من الدماء، جلس على اريكة ينظر للكأس غاضبا، انحاز عينيه الى النافذة بفضول ليرى الشابة تدخل سور الحديقة بخوف، تجاهلها ليرتشف من الكأس رشفة فاغمض عينيه يتحسس عذوبتها التي تشري في داخله، اطلق نفسا عميقا ليقول وهو ينظر بأسى الى الكأس في يده:
"لكم هو شعور مقيت ان يمنحني شرب دماء قومي كل هذه السعادة..."
عاد لينظر من النافذة فيرى الشابة تجاهد بصعوبة لتسحب والدها خارجا حتى ارتمت ارضا بعد ان اعياها التعب، توجه اليهما ليقف امامهما، رفعت رأسها اليه لتراه ينظر اليهما باحتقار ثم تلى تعويذة ليختفيا من امامه، اراد ان يعود للداخل لكنه سمع صرختها تنوح وتنادي والدها ليستيقظ، التفت اليها بملل وقال:
"ماذا الان؟..."
تجاهلت سؤاله كأنها تخبره انها ليست بحاجة الى مساعدته بينما تقوم بالضغط على قلبه مرارا وتكرارا، تشوشت الرؤية لدموع اجتمعت في عيناها وهي تحاول وتحاول وتجد ان كل مجهودها بلا نفع لكنها لا تريد ان تفقد الامل، ابعدها ليونارد ليشحن يداه بالطاقة وما ان وضعهما على قلب مايكل حتى شهق وانكمشت اطرافه، نظر مايكل لليونارد امامه ليدرك انه الذي انقذه، ابعده عنه بحقد ثم نهض، نظر الى ابنته التي كانت تنظر اليه بدهشة ثم انصرف، عادت لتنظر لليو مذهولة ثم قالت:
"ما انت بالضبط!..."
ببرود نهض عن الارض منفضا ملابسه ثم قال:
"مجرد نصف ساحر تعلم لمئة عام...
والحياة امامه لتزيده عظمة..."
تركها تراقبه منذهلة بينما دخل القصر ليرتمي على سريره، رغم انه من الان فصاعدا لن يتواجد الخدم في القصر الا ان ذلك لن يغير الكثير في حياته، بل سيريحه اكثر، فقد اعتاد ان يعد طعامه بنفسه خوفا من الاشيا الغريبة التي يأكلها مصاصو الدماء كالشاي واضرابه...
يتبع...