عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-12-2016, 05:34 PM
 
أفضل دستور مدني عرفه التاريخ البشري.


أفضل دستور مدني عرفه التاريخ البشري



خميس النقيب


عندما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وجد بها يهودا متواطئين ومشركين مستفزين، لم يتجه فكرهُ إلى الإبعاد أو الإقصاء أو المصادرة بل قبل - عن طيب خاطر- وجود اليهود والوثنية، وعرض على الفريقين أن يعاهدهم معاهدة الند للند، على أن لهم دينهم وله دينه..


كان من بنود الوثيقة : أن المسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة.


قوانين وبنود تقوم على حسن الجوار، وعلى العفو والصفح بعيدا عن عالمٍ مليء بالتعصب والتعالي، وهذا أبلغُ رد على من يظن أن الإسلام دين لا يقبلُ جوار دين آخر، بل من يظن أن المسلمين قوم لا يستريحون إلا إذا انفردوا في العالم بالبقاء والتسلط هو المتسلط والمتحامل!!


مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية، ومعلم من معالم التاريخ الإنساني، ومنارة من منارات المجد البشري، دستورُ المدينة، تم كتابتهُ فور هجرة النبي - عليه الصلاة والسلام - إلى المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة، أي عام 623م.


وهو يعتبر أول دستور مدني في التاريخ .. يهدف إلى تنظيم العلاقة بين طوائف المدينة، وعلى رأسها المهاجرون و الأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، يتصدى بمقتضاهُ المسلمون واليهود وجميع الفصائل لأي عدوانٍ خارجي على المدينة.. وبإبرام هذا الدستور - وإقرار جميع الفصائل بما فيه - صارت المدينة المنورة دولة وفاقية رئيسها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وصارت المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وصارت جميعُ الحقوق الإنسانية مكفولة، كحق حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وقيم المساواة والعدل.


نصت الوثيقة بوضوح على أن حرية الدين مكفولة، فكانت الحريةُ مقدسة عند المسلمين منذ اللحظة الأولى لبناء الدولة..!!


لا يوجد أدنى تفكير في محاربة طائفة أو إكراه مستضعف، لا بل تكاتفت العبارات في هذه المعاهدة على نصرة المظلوم، وحماية الجار، ورعاية الحقوق الخاصة والعامة، واستنزال تأييد الله على أبر ما فيها وأنقاه، واستنزال غضبه - كذلك - على من يخون ويخادع ويداهن..!!


حوى هذا الدستور اثنين وخمسين مادة، خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولا سيما اليهودُ وعبدةُ الأوثان، وقد دُون هذا الدستور بشكل يسمحُ لأصحاب الأديان الأخرى بالتعايش السلمي مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم، ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء.


وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى ظلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم!!


وأنه لا يجيرُ مشرك مالا لقريش ولا نفسا، ولا يحول دونه على مؤمن...


وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.


وهذه الوثيقة تنطق برغبة المسلمين في التعاون الخالص مع يهود المدينة لنشر السكينة في ربوعها، والضرب على أيدي العابثين ومدبري الفتن أيا كان دينهم.


وكان المتوقعُ أن يرحب اليهود بالإسلام، فإذا لم يرحبوا به فليكونوا أبطأ من الوثنيين في مخاصمته، فإن محمدا - صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى توحيد الله، وإصلاح العمل، والاستعداد لحياة أرقى في الدار الآخرة، والدين الذي جاء به هو ذاته الذي قرره موسى عليه السلام وأعلى شأنه، ونوه بكتابه، وطلب من اليهود أن ينفذوا أحكامه، ويلزموا حدوده، لكن اليهود أنكروا النبوة وعاندوا..!! كيف؟


﴿ ويقُولُ الذين كفرُوا لسْت مُرْسلا قُلْ كفى بالله شهيدا بيْني وبيْنكُمْ ومنْ عنْدهُ علْمُ الْكتاب ﴾ [الرعد: 43]


بل زادت الجرأة على الله، والنفور من أحكامه، ووصفه بما لا يليق من اليهود والمشركين على حد سواء...!!


لقد غضب الإسلام على من ينسبُ إلى الله ولدا، بشرا أو حجرا، فكيف بمن يصفُ رب السموات والأرض بالفقر والبخل؟.


﴿ وقالت الْيهُودُ يدُ الله مغْلُولة غُلتْ أيْديهمْ ولُعنُوا بما قالُوا ﴾ [المائدة: 64] ... وكذلك ﴿ لقدْ سمع اللهُ قوْل الذين قالُوا إن الله فقير ونحْنُ أغْنياءُ سنكْتُبُ ما قالُوا وقتْلهُمُ الْأنْبياء بغيْر حقٍ ونقُولُ ذُوقُوا عذاب الْحريق ﴾ [آل عمران: 181] على أن الإسلام يدع أولئك في ضلالهم، فلا يستأصل كفرهم بالسيف، ولا ينزع شوكتهم بالقتل، بل يكتفي بأن يعلن دعوته، ويكشف حقيقته، ويملأ الجو بآياته ومعالمه، فمن استراح إليها فدخل فيها؛ فبها ونعْمتْ، وإلا فهو وشأنه، ولا يطالبه الإسلام بشيء إلا الأدب والمسالمة، وترك الحق يسير من غير عائق أو نكير بدون صد أو عناد.


ولقد جاء رسول الله إلى المدينة فمد يده إلى اليهود مصافحا، وأسدى النصيحة لهم مخلصا، وتحمل الأذى منهم مسامحا، حتى إذا رآهم مجمعين على التنكيل به والاستهزاء بدينه، استدار إليهم محاربا..!!


فأجلى يهود بنو قينقاع بعد وقعة المرأة المسلمة في العام الثاني من الهجرة، وأجلى بني النضير بعد وقعة الاغتيال التي دبرت لرسول الله في العام الرابع من الهجرة، ثم أجلى بني قريظة بعد الخيانة العظمى في الثغرة التي أحدثوها للأحزاب في الخندق وكان ذلك في العام الخامس للهجرة..!!


وهكذا تخلصت المدينة من كل من نقضوا الوثيقة، وكل من حاكوا المؤامرات ووضعوا الدسائس في المجتمع المدني، ما استحقوا أن يعيشوا بينهم بهذا الحقد وذلك الغل المتأصل في صدورهم والمتغلغل في قلوبهم، فطهرت المدينة منهم.


وأسس القائد المباشر محمد رسول الله المجتمع المدني على التعاضد والتوحد، بالتقوى والإخلاص ارتفعت الناحية الروحية، وبالعدل والمساواة ارتقت الناحيةُ السياسية، وبالحب والإخاء قوي بنيانهُ وتوثقت أركانهُ ومن ثم استقرت الأوضاع، ووجد المسلمون متسعا لتجديد قواهم وترتيب شؤونهم وتوفيق أوضاعهم.



__________________


سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،-، سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أفضل عمل ادبى فى التاريخ ( دون كيخوت من الفرسان الجوالين ) بصيغة pdf عربى وحيد الفكر تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل 0 02-27-2013 09:44 AM
أفضل 50 هدف في عصبة الأبطال على مر التاريخ gharib86 أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 10-31-2011 10:59 PM


الساعة الآن 10:08 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011