عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيــون الأقسام العلمية > علوم و طبيعة

علوم و طبيعة علوم الأرض و البحار, علوم النباتات, علوم الحيوانات, الفلك وعلوم الفضاء , و البيئة

Like Tree14Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-10-2017, 12:48 AM
 
الكون حولنا - القوى الكونية الأربع

- سلسلة : الكون حولنا - ألفها وكتبها / عبدالله خضر عبدالله

القوى الكونية الأربع

( النموذج المعياري للكون )

Cosmic Forces


تمهيد :

بسم الله الرحمن الرحيم

(( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً )) : فاطر 41

في سعي علماء الكونيات والفيزياء وبحثهم الدؤوب حول هذا الخلق الكوني الرهيب العجيب ، لاحظوا أموراً عدة ، متشابهة ومختلفة ، حيث أن التناغم والتوافق في الأحداث الكونية والطبيعية الفيزيائية سمة طاغية وواضحة في أسرار الأحداث الطبيعية ، إبتداءاً من الذرة ، حتى المجرة ..

التصنيف المعلوماتي داخل في كل شيء يحتضنه العلم الكوني الواسع ، في جميع الظواهر الأرضية والسماوية التي عُرِفت على أساس أنها علمٌ تطبيقي ، ومن هنا تبيّن لجمهور العلماء هؤلاء أن الكون ككل تسيطر عليه بعض القوى التي لاينكرها صاحب عقل نظري أو تجريبي ..

الفيزيائيون بعقولهم شديدة التجريد ، التي لا تعرف إلا لغة الرياضيات والمعادلات والأرقام والحسابات أرادوا أن يحيطون الكون كله بأنماط بسيطة رئيسية محددة ، وذلك بعد أن وصلوا عبر عشرات السنين إلى مستوى رفيع من الفهم ؛ توصلوا - بعد معارك فكرية وتجريبية ونظرية وجهد طويل يُشكرون عليه - إلى أن هذا الكون العظيم تسيطر عليه أربع قوى رئيسية في الأساس ...

وقد يرى الناظر للأمر بعد عمق تفكير وتأمل أن هذه القوى الكونية الأربع يوجد فيما بينها تشابك وتناغم وعلاقات رياضية فيزيائية بسيطة ، ثم تتدرج تلك العلاقات الرياضية الحسابية إلى مستويات معقدة أو لنقل بالغة التعقيد والتشابك والتشعب ..

لسنا هنا في هذا الموضوع المتواضع بصدد خطّ وعرض هذه المعادلات والمتراجحات والمتباينات الرياضية التي تحتاج إلى تخصص لسنوات طويلة في علم الرياضيات والفيزياء الكونية ، فقط سنشير إليها بالتعريف عن ماهيتها وحقيقتها الأساسية على أنها نموذج ومظهر لقوة كونية واحدة ..

نبدأ بشرحها إختصاراً كالأتي :

1 – قوة الجاذبية ( التثاقل ) Gravity Force :



هي قوة كونية تشمل جميع المكونات في الكون على المستوى الكبير الحجم والكتلة ، وهي قوة جاذبة بين الأجرام الكونية إبتداءاً من الشهب والنيازك الصغيرة وصولا إلى التجمعات المجرية ( مجموعات مجرات على شكل عناقيد ) ، أي أننا نستطيع تخيلها كأنها نسيج لامرئي يربط بين أجزاء الكون الكبيرة سواء كانت هذه الأجزاء على شكل قمر أو كوكب أو نجم شمسي أو ثقب أسود أو نجم نيتروني أو مجرة أو حتى مجموعة مجرات متكتلة ! .



الجاذبية Gravity قانونها الأزلي هو أن ( الأكبر يجذب الأصغر ) ، ويُرى أثرها ، ولا تُرى ماهيتها ، وهي محسوسة وليست ملموسة ، وتأثيرها هو على مستوى الجزيئات المادية فما فوقها ، ومن آثارها وتأثيرها في الفضاء الكوني كمثال هو :


دوران الأقمار حول الكواكب ، أو دوران الكواكب حول النجوم ( الشموس ) ، أو دوران الشموس حول بعضها ، أو حركة المجموعات الشمسية كوحدة متحدة ، أو تقارب المجرات واصطدامها ( إندماجها ) ، أو المكانس والمقابر الكونية المتجولة ( الثقوب السوداء ) ، وما ماثل ذلك .

أما في عالمنا الأرضي فالأمثلة بديهية واضحة مثل :

ظاهرة سقوط الأجسام من أعلى إلى أسفل ، إنحراف القذيفة بالتدريج نحو الأرض أو عودتها إلى الأرض بعد إنطلاقها نحو الأعلى ، المد والجزر ، وما ماثل ذلك .

سيلاحظ القارئ أننا قلنا " الجاذبية " فقط ولم نقل " الجاذبية الأرضية " ، والسبب أننا هنا بصدد التعميم الشمولي لجميع جاذبيات الأجرام الكونية ، فالجاذبية الأرضية هي جزء من كل وربما كان مقدارها لاشيء في هذا الكون الكبير الهائل !! .

أمر الجاذبية هذا عجيب ! ، لأن الجاذبية هي القوة الأضعف بين القوى الأربع ، بالرغم من أنها هي أكثر القوى التي نشعر بها وتؤثر فينا وفي الأجرام الموزعة والمنتشرة جداً في كل أنحاء الكون !! ، وبالرغم أنها تؤثر تأثيراً بيّناً في الكتل الكبيرة والضخمة للأجرام الفضائية ..

ولكَ أن تعرف أن جميع الأجرام الكونية تتجاذب فيما بينها بمقادير موزونة محددة ، والأرض تجذبنا إليها ملتصقين بسطحها وناتج هذا الجذب هو ماجاء بمفهوم ( الوزن ) الذي هو في حقيقته مقدار الجذب لكتلة الجسم المجذوب ، فكلما اقتربنا من مركز الجاذبية الأرضية زاد وزننا ، وكلما ابتعدنا من المركز نقص وزننا كذلك ، حتى تنعدم في الفضاء أو تقل جدا في حال وجودنا في جرم كوكبي أصغر كتلة من كوكبنا الأرض .



وفي علوم الطيران ، وعلم الصواريخ والمقذوفات ، وكذلك في هندسة الأبنية والإنشاءات العملاقة – إن كانت ثابتة أو متحركة – توجد معادلات محددة وثابتة تحسب القوة الدافعة المطلوبة والزوايا الصحيحة للتغلب على سطوة الجاذبية الأرضية ، لأن الجاذبية لايكون لها تأثير إلا بوجود تركيزات ضخمة وهائلة للذرات ( أي الكتل المادية ) ، ولهذا السبب لا تأثير للجاذبية على المستوى الذري ( أي آحاد أو عشرات أو مئات الذرات المجتمعة )..


2 – القوة الكهرومغناطيسية Electromagnetic Force:



هي قوة أساسها الشحنات الكهربية السالبة (-) والموجبة (+) ، ما معنى ذلك ؟؟ ، معناه أن نعود وندرس تركيب الذرّات ، حسنا ماهي الذرّات ؟؟ ، الذرّات ( مفردها : ذرّة – Atom ) ، وهي أصغر وحدة تكّون المادة ، ذلك أن المادة Matter تتكون من جزيئات ، وكل جزيء Molecule يتكون من ذرات .




إذن كل ( مادة ) في الكون بأنواعها الثلاث : الغازية والسائلة والجامدة ، تتكون من ( جزيئات ) ، والجزيئات تتكون من ( ذرات ) ، وكل ذرة تحتوي في كيانها على أربعة عناصر تكونها ، وهي

( البروتون Proton، النيترون Neutron ، الإليكترون Electron ) ، والعنصر الرابع خليط ضبابي مبهم من عناصر أصغر من المذكورة .

فنواة الذرة Nucleus هي ناتجة عن إتحاد بين ( البروتونات الموجبة الشحنة ، والنيترونات الحيادية فاقدة الشحنة ) ، وحول النواة تدور الإليكترونات السالبة الشحنة وعددها يطابق عدد البروتونات موجبة الشحنة ، وهذا التطابق والتساوي في العدد بين البروتونات (+) والإليكترونات (-) هو مايجعل الذرة تتوازن وتستقر كهربائياً .

وللعلم ، فإن القوة الكهرومغناطيسية أقوى بكثير من قوة الجاذبية !! ، كيف ؟؟ ، الإجابة في هذين المثالين الأقرب للأفهام :

( المثال الأول : تجربة المسطرة وقصاصات الورق )

عندما تقطع ورقة نظيفة صغيرة إلى قطع أصغر ، وبعدها تمسح المسطرة بقماش أو صوف ، ثم تُقرّب المسطرة إلى قطع الأوراق ، تجد أن قصاصات الورق تنجذب إلى المسطرة .

لاننسى أن الجاذبية الأرضية كانت فاعلة على القصاصات عندما كانت موضوعة على شيء ما لذا لم تتحرك إلى الأعلى ، ولكن بعد تقريب المسطرة بعد مسحها إرتفعت القصاصات على السطح الذي كانت عليه ، بمعنى أن هنالك ( قوة ما ) تغلبت باقتدار على الجاذبية الأرضية نفسها !! ، وقد تسأل نفسك أين هذه القوة ؟؟ ، الجواب هو : أنها الكهرباء الساكنة ، إنها وُجدت في قوة جذب الشحنات الكهربية السالبة (-) إلى الموجبة (+) وبالعكس ، شحنة القصاصات الورقية هي عكس شحنة المسطرة بعد مسحها ، ورغم ضخامة الكرة الأرضية وجذبها لما فوقها إلا أن المسطرة الصغيرة جذبت القصاصات تلك بسهولة ! .






( المثال الثاني : تجربة جذب المغناطيس )

عندما ترمي دبوساً في الهواء فإنه سيسقط على الأرض ، لأن الأرض ستجذبه طبعا ، ولكن لو قربت إليه قطعة مغناطيس صغيرة فإنها ستجذبه وستلتقطه وترفعه عن الأرض ! ، إي إن القوة الكهرو- مغناطيسية الموجودة في المغناطيس الصغير التي أثرت على الدبوس هي أكبر من الجاذبية التي تؤثر بها الأرض بكتلتها الضخمة على هذا الدبوس !! ، من الأقوى بين القوتين ؟؟ ، إنها القوة الكهرومغناطيسية بلا جدال !.




طبعاً قانون الجذب بين الشحنات الكهربية كبيرة كانت أو صغيرة هو ( النقيض ) أي سالب – وموجب + يتجاذبان .

أما الشحنة المتماثلة ( سالب - مع سالب - ) أو ( موجب + مع موجب + ) فإنهما يتنافران .

واستطاع الإنسان تطويع القوة الكهرومغناطيسية المتنافرة مثلا في تقنية القطارات السريعة الكهربائية السريعة جداً ، بسبب تماثل الشحنات بين أسفل القطار والقضبان التي لايسير فعليا عليها مثل هذا النوع من القطارات ، بل يطير عليها وهو مرتفع عن القضبان بمسافة ضئيلة بسبب الدفع التنافري ! ..

وهذه القوة تتشعب تدريجيا حتى تصل بثبات إلى الكيمياء الحيوية والتفاعلات الكيميائية التي تجرى في كيان كل كائن حي وغير حي !! ، حتى التفاعلات بين المواد كيميائياً هو بسبب هذه القوة الحيوية العجيبة التي لا غنى لنا عنها !! ..

حسناً ، إذا لاحظت الصورة الآتية ستجد صورة نواة الذرة ، وهي تتألف من بروتونات (+) موجبة الشحنة ونيترونات عديمة الشحنة .

ألا تلاحظ تجمّع والتصاق البروتونات فيما بينها ؟؟ ، كيف لم تتنافر البروتونات فيما بينها وشحناتها متماثلة ؟؟ ، كان يجب حسب قانون الشحنات الكهرومغناطيسي أن تتنافر وتتبعثر وتتفرق ...



ترى ماهذه القوة الغامضة التي تسيطر على البروتونات نفسها ومنعتها من التنافر ؟؟ ..




من هنا عرف علماء الفيزياء بوجود قوة أخرى خارقة ورهيبة هي أقوى بكثير جدا من القوة الكهرومغناطيسية هذه ، وهي القوة الآتي ذكرها .


3 – القوة النووية الكبرى أو الشديدة Strong-Nuclear Force :






عرفنا سابقا بخصوص القوة الكهرومغناطيسية أن التجاذب والتنافر بين شحنتيها هما الأساس عنها ، ولكن كيف لم تتنافر البروتونات في نواة الذرة ؟؟ ، مادامت بروتونات النواة هذه مجتمعة ملتصقة فإذن هنالك قوة أخرى أقوى منها بمراحل ، وهذه القوة هي ماتسمى ( القوة النووية الكبرى أو الشديدة )..



إنها تلك القوة التي تمسك البروتونات الموجودة في نواة الذرة بقبضة حديدية رهيبة تبلغ 100 ضِعف قوة تنافر البروتونات ، فتضم بعضها إلى بعض لتبقى متماسكة ملتصقة متكتلة كما نعرفها ، ولهذا هي أقوى وأكبر من القوة الكهرومغناطيسية ذات الشحنتين ، وبهذا السبب تمكنت من التغلب على هذا التنافر المنطقي بكفاءة ، ولولا هذه القبضة الرهيبة للقوة النووية الكبرى لتنافرت بروتونات جميع ذرات المواد في الكون وابتعدت عن بعضها ، وهذا يعنى ببساطة إنهيار بنية أي مادة وتحولها ، ماعدا غاز الهيدروجين الذي تحتوي ذرته على بروتون واحد فقط ... أي بدون هذه القوة العجيبة الماسكة يصير الكون سحابة هائلة من غاز الهيدروجين لوحده !! .


الحديث عن الطاقة النووية الكبرى حديث ذو شجون !! ، واسع ومتشعب ، وإمكانيتها عالية جداً لدرجة الفناء ، ولكن نختصر الكلام عنه بالخطوات الآتي ذكرها :

1- نيوترون Neutron متهور منطلق نحو نواة ذرة اليورانيوم .

2- هذا النيوترون يصطدم بنواة ذرة اليورانيوم المتكونة من كتلة ملتصقة فيما بينها إجبارياً ، تتكون من 92 بروتوناً .



3- هذا النيوترون الانتحاري يتسبب باصطدامه في شطر وانفلاق كتلة النواة فتنقسم لتطلق تلك القوة الماسكة ( اللاصقة للبروتونات ) التي كانت كامنة منذ مئات الملايين من السنين !! .

4- تتحرر تلك الطاقة من عقالها على شكل طاقة حرارية هائلة ، وإلى هنا إنتهت القصة وخرج المارد النووي من قمقمه ..

هذا السيناريو الدرامي المذكور هو مايحصل لتريليونات تريليونات الذرات لليورانيوم المخصب في أجزاء من الثانية ، وكلما زادت كمية الوقود النووي كلما زادت قوة الإنفجار واتسع مداه !! .

بالتأكيد ارتاع العالم أواخر الحرب العالمية الثانية من هول وقوة القنبلة الذرية !! ، وللعالم أن يرتاع أكثر إذا عرف أن قنبلة مدينة هيروشيما هي مجرد لعبة أطفال أمام القنابل النووية الحديثة البالغة التدمير لمدى مروع قد يهدد دولة بكامل كيانها ، وهذا ما أدى في نهاية المطاف إلى وجود مصطلح عالمي شبحي مفزع يسمى بـ ( السباق النووي ) بين الدول الكبرى ؛ وهو بدوره إستدعى شبحه التوأم الآخر المسمى بـ ( الرعب النووي ) لتحقيق مايسمى بـ ( التوازن النووي ) !! ، وهلم جراً ...



بعد تلك الكارثة غير المسبوقة ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ! ، أخذ علماء الذرة يتهامسون فيما بينهم أن هذا العلم الوليد ( علم الذرة – علم الطاقة النووية ) سيؤدي لمحو العالم الأرضي يوما ما إذا كان بيد حاكم مجنون أو حتى سياسي صغير معقد نفسياً !! ، وبسبب تأنيب الضمير الذي مروا به من صور أهوال الدمار النووي ؛ إتجهوا لمحاولة السيطرة والإنتفاع من الطاقة النووية الكبرى من خلال تحويلها إلى طاقة أخرى تنفع البشرية ، ولحسن الحظ نجحوا في ذلك وظهر في العالم مايسمى بـ
( المفاعلات النووية لتوليد القدرة الكهربائية ) إن كانت ثابتة كما هو معروف ، أو متحركة كما هو موجود في محركات بعض حاملات الطائرات العملاقة أو بعض الغواصات ذات المحرك النووي .

المثال المذكور هو عن ذرة اليورانيوم أثقل ذرة في الكون ( أي أن اليورانيوم أثقل مادة طبيعية معروفة ) ، وهذا طبعا لايعني أن ذرات اليورانيوم فقط لوحدها تحوي مثل هذه الطاقة ، ونظريا أن أية مادة تحوي في نواتها البروتون المجمع على شكل كتلة ، وإذا انشطرت البروتونات وتفرقت ظهرت تلك الطاقة القابضة وتحررت بشكل هائل ودرامي ..


ولاننسى معادلة آينشتاين السحرية المذهلة : ( تكافؤ الكتلة = الطاقة ) ، التي ولدت من رحم النظرية النسبية الخاصة المنسوبة إليه ، التي تسطر علاقة بين المادة والطاقة على هذا الشكل الرياضي البسيط :

E = mc^2

حيث E تعني ( الطاقة Energy )

وَ m تعني ( الكتلة Mass )

وَ c تعني ( ثابت سرعة الضوء )


أي أن مقدار الطاقة الحاصلة يساوي مقدار الكتلة مضروباً في عدد مقدار سرعة الضوء في الثانية ، والحاصل الناتج مضروباً في نفسه ( أس 2 ) !!


وهذه المعادلة المطلسمة هي التي أدت إلى إكتشاف الطاقة النووية .. صدق أو لاتصدق !! .



إذن القوة النووية الكبرى هي أقوى القوى الأربعة بجدارة ، وهي ضرورية لموجودات الكون إذا كانت ساكنة وماسكة لكتلة النواة ، وعندها يكون مجال تأثيرها محدود جدا جداً ولا يتعدى نواة الذرة ، ولكنها تصير هولا رهيبا ودمارا صاخبا وهلاكا مؤكداً إذا كانت متحررة بلا قيود ، وهذا الدرس تعلمه الإنسان بالطريقة الصعبة لما رأى وفهم ماهية الإنفجار النووي وتبعاته .




4 – القوة النووية الصغرى أو الضعيفة Weak-Nuclear Force :



القوة النووية الصغرى أو الضعيفة إسمها مثل وصفها ، حيث مستوى تأثيرها ينحصر على المستوى دون الذري ، وحتى دون البروتون والنيوترون ، مستوى بالغ الصغر جداً جداً ، ومداه قصير جداً جداً أيضاً ..

لكي نفهم ماهية هذه القوة الحديثة الإكتشاف يجب أن نلم ببعض المفاهيم الفيزيائية المتعلقة بجسيمات نواة الذرة ( فيزياء الجسيمات ) ونفهم أساسياتها المعلوماتية ، مثل :

الإشعاع Radiation ، الكوارك Quark ، ميكانيكا أو نظرية الكم Quantum ، بوزون دبليو السالب والموجب ، بوزون زد الصفري ، الجسيم الأولي ، الجسيم المركب ، وغيرها من مصطلحات وُجدت بسبب إكتشاف هذا النوع الغريب العجيب الرابع من القوى الكونية المهيمنة ! .

( الكوارك هو جسيم أولي ، له 6 أنواع / أنماط / نكهات ، وهو مجموعة جسيمات أصغر من النيترون والبروتون تكون بإتحادها جسيم البروتون والنيوترون )




عرف المجتمع العلمي وجود هذه القوة منذ عام 1896 م عندما لوحظ بالصدفة المحضة آثار التعتيم في لوح فوتوغرافي بعدما تركُ سهواً بجانب معدن اليورانيوم المشع طبيعياً ! ، ثم تبين أن هذه الإشعاعات الجديدة والغريبة المنبعثة من كتلة اليورانيوم هذا إنما هي ثلاث أنماط من الإشعاعات وهي :


- أشعة ألفا Alpha – وتتألف من 2 بروتونين و نيوترونين ، ضعيفة قوة الإختراق للمواد .

- أشعة بيتا Beta – وتتكون من إليكترونات ، متوسطة قوة الإختراق للمواد .

- أشعة غاما Gamma – وتتكون من طاقة كهرومغناطيسية قوية جداً ، عالية قوة الإختراق للمواد .



وكان هذا النشاط الإشعاعي حدث جديد وغريب شاذ حيّر عقول علماء الفيزياء وقتها ، وذلك أن مجموع الطاقة للكتلة المشعة هو أكبر من مجموع الطاقة للكتلة المشعة نفسها بعد عملية الإشعاع ، أي هنالك تسرب ما للطاقة غير مفهوم وغامض ، وكأن قانون ( حفظ الطاقة ) المقدس لدى الفيزيائيين قد تم إنتهاكه !! .


وهذا يعني نشوء مفهوم وعلم جديد يضاف إلى أفرع أخرى لعلم الفيزياء ، ليقلب بعض المفاهيم والأسس التي كانت قبلها لاتمس من قريب أو بعيد !! .
كم هي عجيبة ذرة اليورانيوم هذه !! ، فقد أسست مبدأين لنوعين من القوى الكونية وهما :
القوة النووية الكبرى و الصغرى بضربة واحدة !!

ويظهر تأثير القوة النووية الصغرى أو الضعيفة على الآتي :

1 - الإضمحلال الإشعاعي :
مثل اضمحلال أشعة بيتا ، عندما يتحول النيوترون إلى بروتون بفعل تغير نكهات ( أنماط ) الكواركات الثلاث الكائنة في جسيم البروتون ! .

2 - الانشطار النووي للجسيمات دون الذرية : البروتون والنيترون .

3 - الاندماجات النووية في قلب الشمس ، ( وهو نفس مبدأ القنبلة الهيدروجينية ) .


=== الخاتمة ===


إذن للكون أربع قوى عرفها الإنسان حتى الآن ، وتأكد من قوانينها ، وصاغ أنماطها ، وحدد مقاديرها ، وعلم مستقر تأثيراتها ، وهي ضرورية في الإتزان الكوني وحياة الكائنات ككل ، والدليل على أهميتها الحيوية الأتي :

1 – أهمية قوة الجاذبية :

لولاها لما دارت الكواكب حول النجوم ، ولما دارت الأقمار حول كواكبها ، ولما استطاعت الكائنات الإستقرار على سطح القشرة الأرضية ، ولطارت الموجودات وضاعت في الفضاء الكوني .

فمثلا حتى الرحلات الفضائية البعيدة للأقمار الصناعية تعتمد على جاذبية كوكبي زحل الأيقوني والمشترى العملاق لتسريع سرعة القمر الصناعي عندما يمر بجانبه الغازي المتكتل في إتجاه سيرها الفضائي نحو الكواكب : أورانوس ، نبتون ، بلوتو .

لولاها لما تحددت هيئات مدارات الكواكب والنجوم والمجموعات الشمسية ، ولما صار للمجرات هيئات وأشكال محددة ودوران معين ! .


2 – أهمية القوة الكهرومغناطيسية :

لولاها لما حصل الإستقرار الكهربي للذرات لأن هناك تجاذب فطري بين البروتونات الموجبة الشحنة والإليكترونات السالبة الشحنة التي تدور حولها ، والمواد أيا كانت تتكون من ذرات ، فإذا أصيبت الذرات بالجنون إضطرب كل شيء يتعلق ببنية أية مادة ، وصارت المادة في خبر كان ! .

ولولاها لما حصلت العمليات الحيوية لمختلف المواد الكيماوية والطبيعية في الإنسان والنبات والحيوان والجماد ، والتفاعلات الكيميائية مثلا من ضرورياتها ( تأيّن الذرة ) ، وبدون التأيّن لن توجد التفاعلات الإندماجية لأية مادة في الكون على المستوى الكيميائي خصوصاً .

لولا هذه القوة لما عرف الإنسان شيئاً إسمه الكهرباء أو المولد الكهربائي أو المغناطيس ، ومن ظاهرة التنافر الكهرومغناطيسي إخترع شيئاً إسمه القطار السريع ذي القضبان الأحادية الشحنة .



3 – أهمية القوة النووية الكبرى :

لولاها لما صمدت بروتونات الذرات فيما بينها في نواة أية ذرة ( ماعدا الهيدروجين ) ، ، ولولاها لتنافرت بروتونات جميع ذرات المواد في الكون وابتعدت عن بعضها وتشتت ، وهذا يعنى إنهيار بنيان أية مادة وتحولها إلى غاز الهيدروجين ( لأن نواة ذرته الذي تحتوي على بروتون واحد فقط ) .

أي بدون هذه القوة العجيبة الماسكة يصير الكون سحابة هائلة من غاز الهيدروجين لوحده !! .

وبصرف النظر عن خطورتها فلولاها لما عرف الإنسان كيف يروض المارد النووي ويطوعه لمصلحته على شكل طاقة نووية كهربائية طويلة المدى جداً للإستعمال السلمي .



4 – أهمية القوة النووية الصغرى :

وهي القوة الوحيدة القادرة على تغيير طبع الكواركات ، فالنيوترون أثقل من البروتون ، لكنّه لا يستطيع أن يتحول إلى بروتون إلا بتغيير نكهة (نوع) أحد الكواركين السفليين ليصبح كواركاً علوياً وبذلك يصير بروتوناً، ولا يُمكن أن تتم هذه العملية بوساطة تأثير القوة النووية الكبرى ولا بوساطة القوة الكهرومغناطيسية ، بل تتم بوساطة الاضمحلال الإشعاعي فقط ، إذن لولاها لما حصلت تحولات مهمة في بنية بعض الذرات في قلب النجوم الشمسية في أرجاء الكون ! .






جدول مختصر يوضح الخواص الأساسية للقوى الكونية الأربع









والله أعلم بأسرار خلقه

التعديل الأخير تم بواسطة AK-Eagle ; 02-10-2017 الساعة 01:47 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-10-2017, 08:32 PM
 
غرفة نقاشات علمية ... شارك معنا
ديورين and |Eman Ahmed| like this.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-11-2017, 10:08 PM
 


فلور
~
السلام عليكم ورحمه الله بركاته
كيف حالك اخي؟
اتمني ان يكون كل شئ بخير
موضوعك رائع ومشوق يدفعني الي البحث أكثر حول هذا الأمر
لم أكن أعلم أي شئ عن هذه المعلومات وهذه القوي
لكن بعض التجارب التي ذكرتها اعرفها ودرستها منذ فتره
شكرآ لدعوتك أخي
بأنتظار جديدك أخي لا تنساني منه
دمت بود
في أمان الله

__________________
عيناك لي فقط،و من إبتغي فيهما حُباً قاتلناه حتي تعود لنا أملاكنا حُرة❤.




مدونتي


التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 12-26-2017 الساعة 06:47 PM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-11-2017, 11:37 PM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سايا اساكورا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمه الله بركاته
كيف حالك اخي؟
اتمني ان يكون كل شئ بخير
موضوعك رائع ومشوق يدفعني الي البحث أكثر حول هذا الأمر
لم أكن أعلم أي شئ عن هذه المعلومات وهذه القوي
لكن بعض التجارب التي ذكرتها اعرفها ودرستها منذ فتره
شكرآ لدعوتك أخي
بأنتظار جديدك أخي لا تنساني منه
دمت بود
في أمان الله

[img
]http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_09_16147463809744436.png[/img]
اشكرك سايااسكورا على كلامك الجميل الذي يشرفني دائما..

تقبلي شكري وتقديري العميق
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-20-2017, 11:47 AM
 
موضوع مفيد وعجيب
تسلم ع المجهود
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
AK-Eagle likes this.
__________________
للطلاب والطالبات المهتمين بفهم قواعد اللغة الانجليزية
موقع { ثمرات اللغة } يرحب بكم


لا إله الا الله

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكون حولنا - الثقب الأسود AK-Eagle علوم و طبيعة 9 11-28-2021 03:58 AM
الكون حولنا - طاقة مجهولة في الكون AK-Eagle علوم و طبيعة 5 03-22-2018 01:41 AM
الكون حولنا - زحل أيقونة الكواكب AK-Eagle علوم و طبيعة 10 05-29-2017 09:51 PM
الكون حولنا - الشمس : أم الكواكب AK-Eagle علوم و طبيعة 6 05-28-2017 12:48 PM
الكون حولنا - كواكب بين شمسين AK-Eagle علوم و طبيعة 30 05-28-2017 12:57 AM


الساعة الآن 05:24 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011