عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree3Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 05-05-2017, 07:42 PM
 
البارت الثالث عشر
نسمات هواء باردة هبت ، لتحرك أجراس الزينة ، مصدرة صوتا هادئا جميلا ، ورائحة الحطب التي تحترق في النار أضفت على الجو رونقا من الجمال والسكينة . التحفت السماء بردائها الأسود المخملي ، المرصع بألماسات مضيئة ، وبدر مكتمل يلقي بضوئه الأبيض الخفيض على الأرض ، مكسبا الجو مزيدا من الهدوء.

تململت ميديا قليلا وهي تنظر بحذر ناحية ألبرت الذي رسم ابتسامة بريئة على وجهه ، اقتربت بهدوء من نيكول لتحتمي به ، ثم أمسكت بطرف قميصه وشدت عليه بقوة وهي تسأل بخفوت وخوف :
_ما الذي تفعله هنا ؟؟
ابتسم بخبث وعيناه مركزتان على دايزي الحذرة ، وهمس بحب مصطنع :
_أبحث عن قلبي الضائع !!
ارتعدت برعب وقالت بحدة :
_اذهب وابحث عنه بعيدا من هنا .
تقدم خطوات بسيطة وهو يردد بغضب طفيف اصطنعه:
_كيف هذا وقد أخذته معك ؟؟
أجابته بحدة شديدة ، وقد اضطرب صوتها :
_أنا لم آخذ منك شيئا !! فقط اذهب واتركني لحالي .
رسم على وجهه الماكر ، علامات اليأس ، والانكسار ، وراح يقول بصوت مثقل بالحب والشوق :
_لماذا تفعلين هذا بي ؟؟
اقترب منها بهدوء ، ثم مد يده ليمسك بيدها ، إلا أن يدا سمراء قوية أزاحت يده بشراسة ، رفع نيكول عينيه القاسيتين ووجه نظرات حاقدة نحو ألبرت ، الذي خاف من نظراته ، ثم همس :
_ ألا تفهم يا هذا ؟؟ اذهب من هنا !! لقد قالت لك أنك لا تعني لها شيئا !!
أجابه ألبرت ببلادة ، وهو يدلك يده التي أزاحها نيكول :
_تذكر يا سيد ، ما الحب إلا للحبيب الأول .
صرخت به ميديا بقوة مرعبة :
_أنا لم أحبك يوما !!
تراجع قليلا إلى الخلف عندما رأى أنها لا تكن له سوى الحقد ، لقد أدرك منذ زمن أن ميديا لم تحبه ، وإنما كان لها صديقا وحسب ، ولكن رغبته في الانتقام من دايزي جعلته يستمر في إيهامها بأنها تحبه ، وبأنه يبادلها هذا الحب ، همس لنفسه بقلق : (( الموضوع أكثر خطورة مما اعتقدت ، فهذا الشخص المدعو نيكول ليس شخصا بسيطا ، إنه يفوقني قوة ودهاء ، إنه ليس كما وصفته سيلفيا أبدا )) ، أدار رأسه نحو سيلفيا الصامتة ، التي بدا الاستمتاع على وجهها ، إنها تريد أن تتسلى بالجميع ، ولكن إن كان ذلك يحقق الانتقام المنشود من دايزي ،
ويحطم ميديا التي أهانته توا أمام الجميع ، فإنه مستعد أتم الاستعداد للقيام بذلك . شد على قبضته بقوة ، وحاول أن يجعل صوته ثابتا قدر الإمكان وهو يهمس :
_ميدي !! ألا تذكرين شجرة الكرز التي التقينا تحتها ؟؟
اندفع إلى رأس ميديا ، صورة شجرة كرز عملاقة ، محملة بالأزهار الوردية ، وكلما هبت نسمة هواء تطايرت بعض هذه الأزهار مضفية على الجو رونقا وجمالا وسحرا لا مثيل له ، كان المشهد هناك يحبس الأنفاس ،
هناك التقت ألبرت ، كانت تجلس تحت الشجرة وتقرأ كتابها المفضل ، عندما فاجأها شخص بقوله :
_ لكم أحب هذا الكتاب !!
كانت البداية هنا ، ثم أصبح يتبعها إلى كل مكان تذهب إليه ، يساندها ، ويساعدها ، حتى أنها في مرحلة ما ، كانت تعتمد عليه في كل شيء ، ظنت دايزي أنه لم يعد يحبها ، وأنه أحب ميديا بصدق ، فانضم إلى الفريق الثنائي المكون من دايزي وميديا إذ كان كايل مسافرا ذلك الوقت ، ليصبح ثلاثيا مجددا ، ولكنه في يوم من الأيام، وعندما كانا يسيران خروجا من الجامعة معا ، وقف وصرخ بأعلى صوته :
_ أنت لم تكوني سوى دمية !! وقد مللت منك الآن ، سأذهب للبحث عن أخرى ألهو بها ...
وسار في طريقه كأن لم يفعل شيئا . رفعت ميديا عينيها إليه ، وقد امتزج فيهما الكره ، والحقد ، وراحت تصرخ بهستيريا :
_أنت مجرد تافه حقير ، أنت لا شيء ، هل تفهم ؟؟ لاشيء !!
قالتها وهي تصر على أسنانها بقوة ، حتى أنها كادت تكسر ، كانت ترتجف بقوة بين يدي نيكول الصامت ، الذي لم يتفوه بالكثير سوى جملة يتيمة قالها ، تقدم ألبرت من ميديا ، وأمسك بذراعها وراح يجذبها بقوة ، هيأ لنيكول معها أن ذراعها الرقيقة ستخلع من مكانها ، أرعبته الفكرة فسارع لتركها بقوة ، لتستقر بين أحضان ألبرت باكية،
تصرخ وتستنجد قائلة :
_نيكول !! لا تتركني ، رجاء!!
لم يتحرك نيكول شبرا واحدا من مكانه ، بل ظل ينظر إليها بجمود أخافها وزاد من بكائها ، شعرت فجأة أنها انتقلت إلى حضن تعرفه ، حضن التجأت إليه كثيرا ، طالبة عطفا ومحبة .......... إنه كايل الذي كان لها ولدايزي خير الأخ والصديق ، تمسكت بقميصه بقوة والدموع قد شوهت خديها الرقيقين الجميلين ، الناعمين ، وتركت آثارها عليهما ، حرك كايل عينيه ناحية سيلفيا صاحبة الابتسامة الكريهة ، وكشر اشمئزازا لمظهرها المريع ، ملابسها كثيرة الألوان ولا تكاد تعرف بداية القميص من نهايته ، بل لا تعرف إن كان قميصا أم مجرد قطعة من القماش لفت بها جسدها النحيل ، ضم ميديا إلى صدره بقوة ، وأعلن بصوته الجهوري:
_ حان وقت النوم يا سادة كل إلى فراشه .
وأمام صوته الحازم ونبرته الشديدة ، انصاع الجميع لهذا الأمر ، ونهضوا عن الأرض بهدوء وهم يزيلون التراب العالق بها ، نهض الأطفال وهم يتذمرون ، إذ يبدو أنهم استمتعوا بهذا الحدث ، فأنشأوا صداقات جديدة ،
وتعرفوا على بعضهم البعض بصورة أفضل .

لم يتفوه نيكول بكلمة ، وإنما سار مبتعدا عن الجميع وقطع المسافة الفاصلة بين المكان الذي جلسوا فيه ، وبين منزله الخشبي الدافئ الذي يسكنه وأسرته ، في دقائق معدودة ، اعتذرت ساندرا باضطراب ولحقت بشقيقها مسرعة ، في حين تمتمت صوفيا بما يشبه تحية المساء وانصرفت بهدوء وحذر . راقب أندريس كيف أن الموقف أصبح مشحونا بالأخص بعد أن ترك نيكول الساحة بتلك الطريقة التي لا تفصح عن شيء ، وجه نظرات قاتلة إلى ألبرت الذي ارتعد بقوة ، فأندريس مختلف تماما عن نيكول ، فإن كان نيكول مهيبا ، فإن نظرة أندريس تجعلك تحس بأن الدماء تجري في عروقك جليدا . حركت سيلفيا عينيها الصغيرتين في أجاء المكان بتعال ،
ثم استدارت وهي تزيح بشعرها الملون قاذفة إياه بعيدا عن وجهها الهزيل المليء بالزينة ، ألقى ألبرت نظرة أخيرة على دايزي لمحها أندريس من طرف عينه ، قبل أن يستدير ويغادر المكان بهدوء ، بعد أن قضى على جو الهدوء والسكينة محولا إياه إلى حالة مرعبة من التوتر .



تململت في فراشها غير قادرة على إغماض عينيها فما إن تفعل ، حتى يظهر لها وجهه الماكر ، بتينك العينين الزرقاوين والابتسامة الخبيثة ، أزاحت الغطاء عن جسدها وأنزلت قدميها الحافيتين لتلامسا أرض الغرفة الدافئة،
شعرت بقليل من البرد فسارعت ترتدي معطفها الوردي اللطيف ، فوق ملابسها الدافئة ، ارتدت حذاءها البيتي ،
وسارت بخفة ناحية سرير ميديا ، نظرت إلى وجهها المحاط بشعرها المجعد ، وقد تنفخت عيناها من كثرة البكاء، على تصرف نيكول الذي لم تعرف سبببه ، ابتسمت دايزي بحنان وعطف ومدت أناملها الدافئة لتزيح شعر ميديا عن عينيها ، أمسكت بطرف الغطاء ورفعته ليغطي جسد صديقتها بالكامل ، راقبتها لثواني معدودة ، قبل أن تنظر من النافذة إلى القمر المكتمل ، وتقرر أن عليها تصفية ذهنها المليء بالتساؤلات.


فتح الباب الخشبي بهدوء مصدرا أزيزا مزعجا ، أطل رأس أشقر غطي بقبعة صوفية ظريفة من الباب ، مال ناحية اليمين ثم الشمال ، وبعد أن تأكدت صاحبته من خلو المكان ، أخرجت جسدها بالكامل ، وأغلقت الباب خلفها بهدوء ، ثم نزلت الدرجات الخشبية الثلاث بسرعة ، وسارت في الطريق الذي أحضرها منه أندريس أول مرة ولكن بطريقة عكسية ، حتى وصلت الشجرة العملاقة حيث التقته ، وتعرفت على حدة سخريته .

أسندت دايزي ظهرها إلى جذع الشجرة وأغمضت عينيها وراحت تتنشق الهواء البارد المحمل برائحة الأزهار ، وتلك الأجراس لا تزال تهتز مصدرة صوتها الموسيقي الجميل ، شعرت دايزي فجأة بأنها ستغفو بتأثير هذا الجو الساحر ، وشعرت بلذة جميلة أخذتها إلى عالم أحلامها الوردي ، هناك حيث تخيلت نفسها أميرة في ثوب أبيض ،
ووالدها يمسك بيدها ويرتدي بذلته الرسمية ، وكايل يبتسم ويلوح لها ، وكذلك ميديا ونيكول ، كم أنه من الجميل أن تتخيلهما معا !! إنهما ثنائي راااائع ، وهذه هي صوفيا تبتسم ، والدها يقول شيئا ، إنه يقول : هل ستجعلين عريسك ينتظر ؟؟ عريسك ؟؟ إذن هذا هو حفل زفافها . أووه من هذه ؟؟ إنها تعرفها جيدا !! بل تكاد تجزم أنها شخص مهم .

اقتربت تلك السيدة الجميلة بثوبها المرصع بكريستالات متألقة ، تتهادى في مشيتها . بدت كحورية فائقة الجمال ،
أضفى شعرها البني على وجهها رونقا وبهاء ، وتألقت عيناها الفيروزيتان كحجر ثمين ، شهقت دايزي بقوة ، فمن يقف أمامها ليس سوى أمها !! تلك الفاتنة الجميلة هي أمها التي فقدت حبها وحنانها في سن مبكرة ، كانت تحتاجها وبشدة ولكنها لم تجدها ، لديها الكثير لتحكيه ، لكن لا وقت لكل هذا . رفعت الأم يديها الناعمتين البيضاوين وأحاطت وجه ابنتها الذي انسابت الدموع عليه تبلله ، وهمست بصوت خافت خرج كالهمسات من بين شفاهها الرقيقة :


شهقت بقوة ، وجرت الدموع شلالات على خديها ، بعد أن سمعت كلماته المتسامحة ، أحاطها بذراعيه وضمها لصدره ، حتى تكمل بكاءها. ما إن لامس رأسها صدره الحاني حتى تفجرت مشاعرها بقوة وتدفقت لتخرج كالسيل الجارف ، ربت على رأسها بحنان ، محاولا أن يغدق عليها من حنانه قدر ما يستطيع ، طبع قبلة رقيقة على قبعتها الطفولية ، وعاد يغني لها تلك الأغنية اليونانية ، التي غناها لها حينما كانت تبكي عليه لإصابته.

انتظم تنفسها ، وقلت شهقاتها ، وتوقفت دموعها عن الجريان ، أبعدها ليرى وجهها المحمر ، وهمس برقته الدافئة:
_أهناك ما تريدين قوله ؟؟؟
ابتعدت عن أحضانه الدافئة ، ومسحت دموعها المالحة بكفوفها المرتجفة ، أبعدت خصلات شعرها عن وجهها ،
وبدا أنها تلملم شتات نفسها قبل أن تبدأ بنبرة مرتجفة :
_ في فترة من الفترات ، أعني عندما كنت لا أزال في المدرسة ، سافرت ميديا مع أهلها إلى أمريكا ،
استغلت سيلفيا وحدتي وحاجتي لكايل وزرعت في رأسه فكرة أنني أشفق عليه ....
ابتسمت باستخفاف وهي تكمل :
_ وبما أن كايل يساويك عنادا وكبرياء ، لم ترق له هذه الفكرة فهاجمني بقوة قائلا ((لا أحتاج شفقتك ، آنسة بريسكوت )) وبعدها رحل ، في تلك الفترة كنت محطمة ، وأشعر بالوحدة ، عندها بدأ ألبرت بالتقرب مني ،
في البداية كان الأمر عاديا كأي صديقين يخرجان معا ، يدرسان معا ، نتشارك في أمور ونختلف في أمور ،
كان يعلم منذ البداية أنني لست أعتبره شخصا مميزا ، ولكن ذلك لم يثنه عن تقديم الأزهار لي .
هزت رأسها بعجز وهي تتابع :
_في البداية اعتبرت الأمر شيئا طبيعيا ، لكن الجميع لاحظ كم أنه كان متملكا ، لا يريدني أن أتحدث إلى أحد أو عن أحد سواه .
خنقت آهة كادت تفلت من بين شفاهها ، وتابعت تحت نظرات أندريس المتفهمة :
_ أخبرته بيني وبينه ، أنني لا أريد هذا النوع من العلاقات وأنني لا أيد لهذه العلاقة أن تستمر ، نفى كل ما أقوله عن اهتمامه الزائد بي ، وقال لي أن كل هذا مجرد أوهام ، واستمر الأمر هكذا ، وفي النهاية أصبح الأمر لا يطاق ، فأخبرته أنني لا أريد أن أكلمه بعد الآن ، وسيلفيا سمعتني عندما قلت ذلك وأشاعت الخبر بين الجميع .

مسحت دمعة فرت من بين قضبان رموشها الكثيفة :
_بعدها اختفى ولم أسمع عنه شيئا . وعادت ميديا وأخبرتني بأنها ستظل فترة هنا ، ثم عاد ألبرت للظهور لاكتشف بعدها أنه قد أرسى قواعد صداقة جديدة بينه وبين ميديا ، كنا نسمع أخبارا عن كايل ، لكنها كانت ضئيلة، سمعنا أنه سيدرس الهندسة ، وأنه سيعود في يوم ما لم يقم بتحديده . رويدا رويدا بدأت أقتنع بأن ألبرت يحب ميديا ، فقد كان لطيفا معها طوال الوقت ، وكانت تخبرني العديد من الأمور الجميلة عنه ، لكن المشكلة كانت في أن ميديا لم تكن تحبه، وإنما أعجبت بشخصيته اللطيفة .
صححت لنفسها بمرارة :
_شخصيته المرحة المصطنعة .
رفعت قدميها عن الأرض ووضعتهما على الأرجوحة التي تمايلت برقة ، ثم أحاطتهما بذراعيها ، متكورة على نفسها ، وهي تكمل :
_ أخبرتني أنه يحاول إقناعها بأنها تحبه ، ولكنها لم تكن ، أخبرها بأن الوقت لا زال مبكرا على اكتشاف مشاعرها ، ولكنها كانت مصرة على أنه مجرد صديق ، وعندما بدت مصرة على أنه ليس مميزا في حياتها ،
جاء يصطحبها من الجامعة التي كنا ندرس فيها أنا وميديا ، وما إن أصبحنا في منتصف باحة الجامعة ، حتى صرخ بأعلى صوته ((لم تكوني سوى دمية )).

تجهم وجه أندريس وبان الغضب في عينيه اللتين تطلقان شرارا متوعدا ، مسحت دايزي دموعا حارة سالت على خدها وأكملت :
_وأخذ يلقي سيلا من التهم الكاذبة عليها ، مدعيا بأنها فتاة فاسقة ، وأن أفعالها قذرة مشبوهة ، وانصرف بعدها ،
تاركا جرحا بليغا لا زال ينزف في قلب ميديا .

رفعت رأسها ونظرت إلى القمر ، وهمست بحنان :
_ميديا ...........ليست كالجميع ، إنها لا تقوى على الفراق ، والخيانة صعبة بالنسبة لها ، إنها لم تحبه يوما ، لكنها تضررت كثيرا بعد تصريحاته ، فالشائعة تنتشر بسرعة خارقة ، لقد عدته كشقيقها ، ولكنه خان ثقتها ، ثم بدأت تحقد عليه ، وفي الحقيقة هو الشخص الوحيد الذي تكرهه ميديا .

وابتسمت بمرارة ، مكملة بشهقات بدأت تعلو :
_ ذلك الوغد لقد حطمني بتحطيمه لها ، هو يعلم ذلك ، أنا وميديا كالتوأم ، ما يصيبها يصيبني وما يصيبني يصيبها .

دفنت رأسها في حضنها وهي تبكي بصوت يقطع القلوب :
_ لكنها لا تعلم أن ما أصابها كان بسببي ، لا أريد أن أخبرها حتى لا أفقدها ، ميديا هي شخص لا أستطيع العيش دونه .
ربت بهدوء على رأسها هامسا ، بصوت عذب رقيق :
_ لن تفعل هذا !! فهي تحبك ، أليس هذا صحيحا ؟؟
رفعت رأسها عن قدميها ونظرت له بعيون دامعة بريئة ، وهزت رأسها مجيبة بنعم . أضاء القمر جانب وجهه الأسمر الفاتن كاشفا عن ابتسامة مائلة ، كشفت عن صف من اللآلئ المرتبة ، أمال رأسه إلى الأسفل قليلا ، وهمس :
_إذن لا داعي للبكاء ، صحيح ؟؟
ابتسمت له بفرح ، وهي تمسح بقايا دموعها :
_نعم ، لا داعي له ، لكنني خائفة !!
تلمس بأنامله خصلات شعرها الذهبية وقال :
_يوما ما ستخبرينها ، وسترين أنها لن تغضب منك ، فلست السبب ، لقد اختبرت شعورك ، عندما حاول ألبرت أن يقنعها بأنها تحبه ، وأنا واثق من أن ميديا ذات قلب كبير ومتسامح .
تطلعت في أعماق عينيه اللتين أبديتا تعاطفا كبيرا ، وهمست له شاكرة قبل أن تقول بشرود:
_لم أنت غامض؟؟
أشار إلى نفسه ، وهو يسألها باستخفاف:
_تقصدينني أنا ؟؟
ضربته بخفة على كتفه ، وقالت معاتبة :
_لا تسخر مني يا هذا!!
عاد لسخريته ، ولهجته المستهزئة وقال :
_لدي اسم يا هذه !!
سألت نفسها (( لم لا يقول لي شيئا عن حياته ؟؟)) وقررت أن تسأله ، فقالت :
_قل لي شيئا عنك !
قطب حاجبيه الكثيفين ، وراح في محاولة لإيجاد شيء يخبرها إياه عنه ، لكن حياته الرتيبة قضت على كل أمل لدى دايزي بمعرفة المزيد عنه ، إذ قال لها :
_لا شيء مميز في حياتي ، فأنا دائما في دوامة من الأعمال المكتبية .
سألته بهدوء ، وهي تريح رأسها على ركبتيها :
_ماذا عن ترك جدك لك ؟؟
أجاب بحزم :
_لقد قلت كل شيء قبل قليل .
لم تقتنع بإجابته فعادت تسأله :
_ولكن لم تخل عنك ؟؟ لا يمكنني أن أصدق أنه تخلى عنك لأنك تشبه أمك فحسب .
يا لها من فتاة عنيدة ، هكذا فكر أندريس الذي لم يجد مفرا من أن يخبرها بقصة والديه ، فهي على أية حال ليست بقصة غريبة كما أنها ليست سرا خطيرا :
_حسنا ، في الماضي كان هناك شراكة بين جدي وبين شخص آخر صاحب نفوذ قوي ، وكانا قد اتفقا منذ البداية على تزويج أبي بابنة شريك جدي ، ليحافظا على صداقتهما ووشراكتهما ، ابنة الشريك كانت موافقة ، فكم من مرة حاولت أن تكسب وده دون جدوى ، فقد كان مغرما بفتاة سمراء يونانية ، ذات عيون فضية ، سحرته برقتها وجمالها ، أحبها بصدق وكذلك فعلت ، وعلى هذا الأساس رفض ابنة صديق جدي ، ومنذ تلك اللحظة وجدي يعتبر أبي شخصا لا يعتمد عليه ، لأنه فضل مصلحته الشخصية على المصلحة العامة ، على حسب قول جدي ، وهذه هي كل القصة وانتهينا .

رفعت رأسها عن ركبتيها ، وقالت بصدق :
_ لقد وصفت حبهما بطريقة رائعة مع أن كلماتك كانت موجزة ، تصلح كاتبا للروايات الرومانسية .
نهض بتثاقل ، وشد يديه إلى الأعلى بكسل وهمهم قائلا :
_ والآن لنذهب إلى البيت .
أدار رأسه ليكلمها بنبرة مستاءة :
_ وأنا لست كاتب روايات رومانسية .
قهقت بمرح ، وهي تتبع خطواته الكسولة ، نظرت إلى البدر الذي عاد ليختفي خلف الغيوم الباردة ، أغمضت عينيها بهدوء ثم فتحتهما ، وهي تتمنى أن يسسير كل شيء على ما يرام .



تأبطت ذراع والدها ، وسارت معه بهدوء ، تتهادى في ثوبها الأبيض على البساط الأحمر ، المزين ببتلات الزهور الرقيقة ، أبصرت أندريس هناك في نهاية الطريق ينتظرها ، حيث ترك والدها يدها وسلمها له ، سؤل أندريس(( هل أنت موافق على الآنسة بريسكوت ، لتكون لك زوجة إلى الأبد ؟؟ ))
أجاب أندريس بثقة وابتسامة ودودة تزين وجهه :
_بالتأكيد .
وتعالت صيحات الفرح مهنئة ، ومتمنية لهما حياة سعيدة ، في ظل حبهما . تساقطت البتلات البيضاء عليهما
متوجة الجو بشذاها .

كان هذا نهاية حلم لم تره دايزي !! فهل سيتحقق أم أنه سيظل حلما مجهولا ، لم يعثر على طريقه إلى الواقع؟؟


__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-05-2017, 07:52 PM
 
-
نيــــكول البارت الرابع عشر

انطلقت الأضواء الساطعة ، لتتركز على شاب وقف مسندا جسده النحيف إلى الجدار ، واضعا يديه على عينيه حاميا إياهما من الضوء القوي . ارتجف جسده بقوة ، واصطكت أسنانه ببعضها البعض معبرة عن خوف بدا جليا على ملامحه الواهنة ، إذ اتسعت عيناه صدمة وخوفا ، واهتز صوته رعبا ، وهو يسأل :
_من أنت ؟؟
كان السؤال موجها لشاب قوي البنية ، واثق الخطى سار بقامته المهيبة مخترقا حشود الشرطة ، حتى وصل للشاب المرتجف ، رمقه بنظرة استصغار ، ثم قال بصوت قوي مجلل ، وعيناه تقدحان شررا :
_أريد أن أعلم من يقف خلفه !!
تقدم ضابط من ليسندر وربت على كتفه هامسا بهدوء:
_سنتكفل بكل شيء سيد سوفاكيس ، لا تلق بالا للأمر .
هز ليسندر شعره الأسمر اللامع بهدوء ، ثم استدار وسار مبتعدا متمتما ببعض الكلمات ، التي تنم عن عدم الرضا.



نظرت بعينيها الخضراوين الواسعتين ناحية ساندرا ، بنظرة تائهة ، ما لبثت أن تحولت إلى ابتسامة واسعة شقت
وجهها البريء الصغير ، وهي تنهض عن كريسها وتلقي بنفسها في حضن ساندرا التي احتضنتها بقوة ، فصاحت الأخيرة:
_ اهدأي أنيتا ....
تراجعت أنيتا قليلا ، ثم ما لبثت أن اقتربت وطبعت قبلة صغيرة على خد ساندرا لتعبر عن امتنانها ، ثم سألت بلهفة :
_أين هو الآن ؟؟؟

_ من هو هذا ؟؟
كانت هذه دايزي ، التي يبدو أن جلوسها كالغبي على بعد عدة أمتار منهما لم يعجبها ، فسارعت لطرح سؤال يدخلها في الحوار ، غير أن أنيتا على ما يبدو لم تكن تريد إشراكها إذ تجاهلت سؤالها ، وأزاحت وجهها بترفع ،
ظهر الارتباك على وجه سان ، وهي تعتذر عن تصرف أنيتا التي أصرت على أنه لا داعي للاعتذار ، وأمسكت بيد سان وسارعت تسحبها خلفها وهي تصيح بفرح منقطع النظير :
_ عاد أخي ، عاد ليسندر !!

حكت دايزي رأسها بضجر ، قبل أن تقرر الانصراف إلى عملها ، لكن ما حدث البارحة لا يزال عالقا في ذهنها،
كان أندريس حنونا ومتفهما ، ساخرا ولكن طيبا . إنها لطالما نجحت في تحليل شخصيات الناس ، لكن أندريس يبدو مزيجا مختلفا كليا عما عهدته ، فهو مزيج من الرقة والعنف ، الحنان والقوة ، الثقة والغرور ، والسخرية
والعطف ، كل هذا يجعله شخصا مميزا ، مختلفا عن الباقين . تنهدت ببطء وهي تتدرك أن هذا الجدال مع نفسها عقيم ولن يعود عليها بفائدة ، ولو كانت صغيرة .




_ الناس طيبون جدا هنا .....وساذجون كذلك .
خرجت هذه الكلمات باردة متحجرة من بين شفافهها المصبوغة ، أدارت عينيها لتستطلعا المكان ، فلم يكن مما يطيب لنفسها ، فهي لا تعجبها أكاليل الزهور الفواحة العطرة ، ولا المروج الخضراء اليانعة ، ولا الطرقات البسيطة الموحلة ، ولا تروق لها أشعة الشمس التي تحرق جلدها الذي اعتاد برودة لندن . ألقت نظرة خاطفة على صاحب العينين الزرقاوين الذي يسير خلفها وهمست :
_المكان هنا مقزز !!
أجاب الشاب بنزق :
_ إنك في إحدى القرى البسيطة ، ولست في العاصمة سيدني .
نظر إلى حذائه الذي اتسخ بالطين وعلق بغير رضا :
_ألست من أراد أن يعرف المزيد عن حياة تلك الفتاة المدعوة ساندرا ؟؟
كشرت باستياء وهي تقر بأنها من أراد ذلك حقا ، فعقب جفاف :
_ هل لي أن أعلم سبب اهتمامك بهؤلاء الأشخاص ؟؟
ابتسمت بمكر وهي تحدق في عيني طفلة بريئة ارتعبت لرؤيتها ، فهرولت تجري بعيدا ، ثم نقلت نظراتها المتعالية في المكان البسيط الذي تقصده ، وقالت :
_ ذنبهم أنهم أصدقاء دايزي !!
_ وأنت تغارين من دايزي !!
أجابها ساخرا ، فقالت بسخط وغضب عارم ، وهي تشد على قبضتها :
_ أقفل فمك !! فما الذي تمتلكه تلك الفتاة المدللة لأغار منها ؟؟
أجاب ببرود غير عابئ بغضبها أو سخطها :
_ تمتلك الجمال ، المال ، الأسرة المعطاءة ، الأب الحنون ، بالإضافة إلى الشقيق اللطيف ، ألا يبدو هذا كافيا ؟؟
أجابته بغرور منفر :
_أنا أكثر جمالا ومالا منها ولدي عائلة تتكون من أب وأم وأخ حقيقي ، الكل يعلم أن كايل كان ابن الطباخ لا أكثر ولا أقل ، فهو ليس ذو نسب شريف .
سألها بدهاء وعيناه تنطقان شررا :
_ولم تجرين خلفه ، ما دام ليس بمستواك الرفيع ؟؟
أجابته باختصار شديد :
_لا شأن لك ..
_ألأنه وسيم فقط ؟؟؟
لم تجبه ، وإنما تابعت مسيرها ببطء وقدماها تجاهدان للمسير ، فعلو الحذاء لا يسمح لها بالسير المريح ، كما أنها لم تعتد على السير في مثل هذه المناطق . مسحت قطرات عرق سالت على جبينها ، وهمست باستحقار :
_ألا زال هناك مثل هذه الأماكن الحقيرة في البلاد ، نحن في القرن الواحد والعشرين ، بحق السمااء !!
لم يعر بالا لتذمراتها التي لم تتوقف ثانية واحدة منذ انطلقا ، فقد كان عليه أن يعرف أنه إن كان سيرافقها فإنه سيواجه العديد من المشاكل التافه التي لا تستحق التوقف عندها ولو لثانية واحدة .
سارا بهدوء لبضع ثوان قبل أن يفتح فمه لينطلق منه سؤال جعلها تتوقف لبرهة قبل أن تتابع مسيرها :
_ لم أنت مختلفة عن شقيقك مايكل ؟؟
غيمت عيناها ، واحتدت ملامح وجهها الهزيل وهي تسأل بحدة :
_ماذا تعني يا ألبرت ؟؟
أجابها وهو يزيح خصلات شعره الحريرية عن جبهته التي تنضح عرقا:
_ما أعنيه هو أنه لطيف وودود ، في حين أنك ..... حسنا تعلمين ما أقصد !!
تحاملت على نفسها لتتابع الجري ، وصوت لهاثها قد أصبح مسموعا ، ثم أجابت بعد برهة :
_ لأنه ساذج ، في حين أنني واعية لما يدور حولي !!
ظهرت ملامح الاستخفاف على وجهه ، فهذا ليس بجواب منطقي خاصة أن والديها لطيفان نوعا ما ، فهما لا يسعيان لإيذاء الناس كما تفعل هي ، كما أنه واثق من أن ما تفعله ليس سوى غيرة عمياء من دايزي ، لأنها محبوبة . أمسك بيدها ليوقفها وسألها بملامح جادة :
_ هل تحبين شقيقك ؟؟
أغمضت عينيها بقوة وهزت رأسها غاضبة ، ثم دفعته ليفلت يدها وصاحت به :
_إنه شقيقي أيها الأحمق بالتأكيد أحبه أيها المعتوه ، والآن هلا سمحت لي فعلي أن أجد أحدا ليخبرني عن حياة تلك الفتاة اللعينة ، لأحيل حياتها وحياة شقيقها الغبي جحيما .

تابعت سيلفيا مشيها ، وكانت تقطع الطريق بخطوات واسعة قدر ما أمكنها ، وكانت كلما رأت قطا أو كلبا شاردا أطلقت شتيمة ، وكلما رأت طفلا صغيرا أرعبته حتى يهرب من طريقها ، أما ألبرت فقد نظر إلى السماء الزرقاء التي تخللتها خيوط الشمس الذهبية ، وهو يضع يده على جبينه لتقيه حرارة تلك الأشعة ، وابتسم ابتسامة جذابة قبل أن تناديه سيلفيا وهي تطلق إحدى لعنتها الصاخبة .



جلس أندريس مسترخيا إلى إحدى الآرائك الوثيرة ، كان شعره مشعثا ومبللا بقطرات الماء ، ومنشفته كانت على كتفيه ، وقد فتح أزرار قميصه الأزرق لتظهر الضمادة من تحته ، التمعت عيناه الزرقاوان بفرح لؤية ابن خاله الذي يجلس قبالته . كان ليسندر شابا يونانيا بكل ما في الكلمة من معنى ، فلديه شعر أسود كثيف وناعم ، وجبهة سمراء عريضة ، وعينان شديدتا الخضرة ، وملامح وسيمة حادة ، وجسد رشيق قوي ، كما يملك طلة بهية ،
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-05-2017, 08:03 PM
 
وجلسة واثقة ، لكنه مع ذلك يمتلك حسا فكاهيا ، أما السخرية اللاذعة فهي إحدى جوانب شخصيته الفريدة .
تكلم ليسندر بصوته الرخيم :
_ لقد أمسكنا به أندريس ، إنه يخضع للاستجواب الآن.
رفع أندريس طرف منشفته ليجفف بها شعره ، ورد مغمض العينين :
_لا داعي لذلك ، فأنا أعلم من بعث به .
اضيقت عينا ليسندر وأجاب :
_وأنا كذلك ولكن الشرطة ترفض القيام بأي تحرك قبل استجواب القناص .
تنهد أندريس بتعب ، ونهض عن مقعده الوثير ، وسار يقطع الأرضية الخشبية اللامعة ، حتى توقف عند النافذة ،
استرعى انتباه ليسندر تقطيبة ظهرت على جبين أندريس ، فهمهم متسائلا عن سببها ، فجاءه الجواب خافتا :
_مصيبة قادمة .
تقدم ليسندر ليرى ما الذي يعنيه أندريس ، وأثناء مروره أمام الباب ، فتح الباب، نظر ناحيته فإذ بفتاة تدخل مسرعة وتصطدم به ثم تقع أرضا . تأوه ليسندر بخفوت وهو يدلك مكان الإصابة في رأسه ، أنزل نظره بهدوء للفتاة الجالسة على الأرض ، وقطب باستنكار وهو يسمع ما تقوله :
_ يا إلهي أنيتا من أين لك بكل هذا النشاط ؟؟ أتساءل من تشبهين ؟؟
وما إن رفعت عينيها حتى عرفت الجواب ، تشبه شقيقها بكل تأكيد ، مد ليسندر يده لساندرا ليساعدها على الوقوف ، شكرته وعلى وجهها علامات الدهشة والذهول ، سألها بهدوء :
_هل أنت بخير يا آنسة ؟؟
هزت رأسها موافقة ، قبل أن تظهر من خلفها فتاة صغيرة ذات شعر طويل حريري أسود ، اندفعت إلى أحضان ليسندر بسرعة ،ليلمها بين ذراعيه مقربا إياها من صدره ، همست أنيتا بفرح :
_اشتقت لك ليسندر .
شدد من احتضانه لها ، وهمس :
_وأنا كذلك يا حلوتي الصغيرة .
أشرقت عيناها بفرح لرؤية شقيقها الذي لطالما أحبته وفضلته على كل شيء في حياتها .
تقدمت ساندرا من أندريس بهدوء وسألت مستفسرة :
_هل هذا شقيقها ؟؟
أجابها أندريس بنعم ،في حين حدق فيها ليسندر بتردد ، وقال بصوت جهوري :
_لا أظن أنك دايزي ، صحيح ؟؟ فلست شقراء ، ولا تمتلكين عينان زرقاوان !!
ردت ساندرا بخفوت :
_ لا ، أنا أدعى ساندرا بروس ، تشرفت بمعرفتك سيد ليسندر .
_تعرفينني إذن ؟؟
لوحت بيدها وهي ترد عليه :
_ كل الناس هنا تعرفك ، فأنيتا أخبرت الجميع عنك !!
نظر إلى شقيقته بعتاب ، وسأل :
_ ماذا قلت لهم عني ؟؟
أجابته بدلال وهي تلقي برأسها على كتفه العريض :
_ أخبرتهم أنك أوسم وألطف وأفضل أخ في العالم .
قهقه ليسندر ضاحكا من وصف شقيقته الشقية ، وتركها لتنزل إلى الأرض وتجلس بجانبه على الأريكة الكبيرة ، وهو يقول :
_ إذن آنسة ساندرا ، هل يمكنك أن تخبريني شيئا عن تلك الفتاة دايزي ؟؟
حدق ساندرا بأندريس باستفهام ، فأشار لها أن تلتزم الصمت ، إلا أنها سألت ليسندر بمكر ونظراتها اللوزية متجهة نحو أندريس الساخط :
_ وكيف عرفت بأمر دايزي ؟؟
أجابها بمكر مواز :
_ من عصفورة صغيرة .
صحح لنفسه :
_ أقصد نمر كبير وثب أمام منزلي ذات ليلة وأخبرني عنها .
ضحكت برقة وأشارت إلى أندريس وهي تهمس :
_ اسأله فهو يعرفها أكثر منا جميعا .
هتف أندريس بضيق :
_هذا ليس صحيحا ، ودعونا نترك هذا الموضوع .
كانوا على وشك أن يتركوه ، إلا أن دايزي زلزلت المكان بصرخة مدوية من فمها الرقيق الصغير ، الذي قال بضيق :
_ هيا أندريس ! أم أنك تسيت أن عليك مساعتدتي ؟؟
ارتفع حاجبا ليسندر في استنكار واندهاش وهو يحدق بالفتاة الشقراء الواقفة بالباب ، أخبرته أفكاره ، بأن هذه الفتاة جميلة حقا ولكنها مع ذلك مصيبة حقيقية . كانت ترتدي فستانا وردي اللون ،تعلوه طبقة من القماش الأبيض، وترفع شعرها الذهبي بشريطة من نفس لون الثوب . كشرت أنيتا بانزعاج لرؤيتها ولم يفت هذا ليسندر وقد عرف أن الغيرة تتآكل شقيقته المدللة ، اجتازت دايزي عتبة الباب بدون اكتراث ، حتى وصلت منتصف الغرفة الفخمة ، وهمست بغضب استعر في عينيها الزرقاوين :
_ لا تقل لي أنك ستظل واقفا مكانك ، لتنظر إلي بعينيك الساخرتين .
هز رأسه بتعب ، وأشار لليسندر ، وهو يقول :
_ ألق التحية دايزي !!
استدارت دايزي لتجد شابا يشبه أندريس لحد ما ، فعلقت باستهزاء :
_لا تقل لي أنه شقيقك ، لأنني في اللحظة التي تنوي قول ذلك فيها ، سأكون قد انتحرت .
هز رأسه بأسى ، وحدثها بتأنيب :
_ألم أقل لك أنه ليس لدي إخوة ؟؟ إنه ابن خالي وشقيق أنيتا ، ليسندر .
حدقت بليسندر ، بنظرات تفحصية أثارت حفيظته ، ثم قالت :
_ يبدو أن ابن خالك يتمتع بذوق رفيع ، فاطلب مساعدته لاختيار ملابسك .
ثم أمسكت بيده وجرته خلفها وهي تصيح ببعض العبارات التي لم يفهمها في حين ارتسمت علامات الاستغراب على وجه ليسندر ، أما سان فقد ابتسمت بهدوء وقالت :
_ لا تقلق هذه حال اعتيادية ، شجار وصراخ ومن ثم صلح .



حسنا لم أكن أظن ذلك !! أندريس ينصاع لفتاة !! لا أصدق ما رأت عيناي !! تلك الفتاة شرسة جدا ،ولكنها مع ذلك جميلة ، وتبدو طيبة ورقيقة ، ويبدو أنه مرتاح جدا هنا ، فلم يشكو أو يتذمر ، ولكن يبدو أن دايزي تثير غيظ أنيتا التي اعتادت أن تسترعي اهتمام الجميع .

_ سيد ليسندر ، هلا تفضلت معي ؟؟
كانت هذه سان تطلب منه التوجه إلى مكتب السيد هاري ، التفت لها وهمس باسما:
_ كما تريدين يا آنسة .



_ أتظنين أنهما سينزعجان لرؤية هذه الصور ؟؟
سألها بقلق ، فأجابته بلا مبالاة :
_ ولم سيغضبان ؟؟ بل أنا أعتقد أنها ستصلح قليلا مما أفسده ذلك الغبي .
ابتسم لحماسها الذي تألقت معه عيناها الخضراوان ، تدلت إحدى خصلات شعرها على وجهها ، فمد يده لتزيحها إلى الخلف ، ارتبكت صوفيا للمسته ، وقالت بتشتت :
_ هلا ذهبنا الآن ؟؟
_ لم تتهربين ؟؟
سألها مستنكرا ، فأجابت بارتباك ، والاحمرار يعلو وجنتيها السمراوين :
_ أنا لا أفعل !! ولكن علينا أن نساعد الباقين .
لم ترق الفكرة لكايل الذي كان يفضل السير برفقتها طوال النهار على رؤية الباقين ومساعدتهم . فلقد استدعاها منذ الصباح لتصحبه إلى استديو ، من أجل الحصول على الصور التي التقطاها في المشفى لأندريس ودايزي ،
والأهم ، لنيكول و ميديا ، اللذان لم يكلما بعضهما منذ حادثة الأمس . هذا الأمر أثار قلق الجميع ، خاصة والدة نيكول التي قالت بأنه حبس نفسه في الغرفة ولم يتناول شيئا .

سارا معا على الحشائش الخصراء ونسائم الهواء تحرك شعرهما ليتناثر حول وجهيهما ، قطف لها زهرة وردية اللون و قدمها لها ، وهو يقول :
_ إنها تشبه في لونها ، لون خديك عندما تحمرين خجلا ، عزيزتي !!
اشتمتها برفق ، وابتسمت لسماع كلمة عزيزتي ، تخرج من بين شفافهه .



رفع هاتفه النقال ، داعبت أصابعه أزراه برفق وسرعة ، وسرعان ما رفعه ليضعه على أذنه ، جاءه الصوت بعيدا ، كان صوتا لفتاة شابة يعرفها وهو موقن بأنها ستساعده :
_ سوزي جورج معك ..
تكلم بوضوح :
_مرحبا سوزي ، إنه أنا نيكول !!
ابتهجت الفتاة لسماع صوت صديق طفولتها ، وراحت ترحب به بحرارة ، وتلومه وتعاتبه على عدم تكليمه لها طوال هذه المدة .

ابتهج لسماع صوتها الطفولي ، إنها لم تكف عن عادتها القديمة ، تظل تثرثر وتثرثر حتى تفرغ من كل ما تريد قوله . شقت ابتسامة شقية طريقها إلى فمه ، أصدر قهقهة خافتة ، وصلت إلى أسماعها ، فسارعت تسأل بفضولها المفرط :
_ هل قلت شيئا مضحكا ، سمو الأمير ؟!
أجابها بصوت من اشتاق لماضيه وأيامه الفائتة :
_ لا ، لقد كنت أتذكر أيام الثانوية لا غير .
وصلته ضحكتها شقية مداعبة ، ثم صوتها يهتف بغضب مصطنع :
_ متأكدة من أنك ستشتاق لتلك الأيام ، فقد كنت دائما المنتصر وأنا الضحية .

تنهد بصوت عال ، فعلمت أن الأمر جدي لا مجال للمزاح فيه أكثر من ذلك ، فسألت بصوت خافت :
_نيكول ، ماذا تريد مني ؟؟
التمعت عيناه الخضراوان ، وشعتا بكره عميق ، ونطق ببطء :
_ أن أتخلص من ألبرت ................
_ هل تريدين هذه الصور ميديا ؟؟
تطلعت ميديا في الصورة بين يديها ، وابتسمت برقة وهي تمرر يدها على ملامح وجهه الوسيمة ، تدلت إحدى خصلات شعرها المجعد فمدت يدها ، وأرجعتها خلف أذنها ، من ثم نظرت بود لصوفيا ، وأومأت بأنها ستحتفظ بهذه الصور . كان هذا الأمر كافيا ليبعث الابتهاج في نفس صوفيا ، ويقلل من قلقها ، فسارعت تسحب ميديا معها
وتهتف :
_ لقد جاء ليسندر ، وأريد أن أعرفك عليه ، ثم أريدك أن تري كيف استطاع أندريس تحقيق الانسجام بينه وبين
دايزي ، في بيع الحلوى لضيوف المخيم .....
قطبت ميديا بهلع غير مصدقة ، وهتفت بعتاب :
_ لا تكذبي علي صوفيا ، أندريس ودايزي ، مستحيــــــــل وأكرر مستحيـــل أن يتفقا .
ضحكت صوفيا ، وحاولت كبت قهقهتا ، ثم جرت ميديا خلفها ، وهي تردد :
_سترين ، سترين !!




_ دايزي ! عاملي الزبائن بلطف أكثر ...
_ دايزي ! لا تفعلي هذا .........
_دايزي ! افعلي ذاك.........
_داااااااااااااااااااااااااااااايزيـــــــ !!

شعرت بصوته يطن في رأسها ، استشاطت غضبا ، وحملت عودا من الحلوى الطويلة الملونة ، وضغطته حتى تكسر بين يديها ، ثم ما لبثت أن صاحت به :
_ لم لا تنهض وتريني قدراتك ؟؟

لم تكد تكمل تهديدها حتى سمعت صوت ضحكة خفيفة ألفتها منذ زمن ، استدارت وقالت بدهشة :
_ميديا !!
هزت ميدي رأسها وأجابت :
_ لا تستغربي الأمر ، لن أبكي طوال النهار ، تعلمين كيف سيصبح شكلي .
قالتها بغير رضا ، فردت دايزي :
_ نعم ، سيكون لديك عينيان منتفختان حمراوان ، ووجه باهت اللون ، و...........

وضعت ميديا يدها على ثغر دايزي ، ومهمست بهدوء :
_لقد فهمت .
أبعدت دايزي يدها وسألت باستغراب :
_ لم أنت هنا ؟؟
فركت ميديا يديها بخفة وقالت :
_قيل لي أنك وأندريس متفقان ، فجئت أرى كيف سويتما الأمر ؟؟

نظرت إلى أندريس وتابعت مبتسمة :
_ أرى أن أندريس قد وجد الحل فعلا ....
ردت دايزي بحنق :
_تظنين ؟؟؟

كان أندريس قد نصب له مظلة تقيه الحر ، ووضع تحتها كرسيا مريحا ، إلى جانبه طاوله مليئة بالمشروبات ،
وقد غطى عينيه بالنظارات ، واستلقى إلى مقعده ، متخذا من توجيه الأوامر لدايزي مهمة له .

تطلعت ميديا بهدوء لأندريس ، وسألته :
_ لم لا تجلس مع ابن خالك ؟؟
رفع كأس العصير بعد أن رشف منه رشفة صغيرة ، ثم أشار به نحو دايزي الغاضبة ، وقال يستفزها :
_ لأن الآنسة التي أمامك لم تسمح لي .... إنها أحيانا تشعرني بأنني طفل صغير من الأحداث .

تنهدت ميديا بهدوء ، لقد كانت واثقة من أنهما لم يتفقا ، ولم تخرج لتتأكد من الأمر وإنما أملا بالالتقاء بينيكول ،
الذي اختفى البارحة ولم يظهر بعدها . تمنت بهدوء أن تراه وتحدق في عينيه ، تستشعر أحاسيسه الحقيقية ،
أيكرهها ؟؟ ولكن لم ؟؟

استدارت وخطت خطوتين إلى الأمام ، ثم توقفت ............. تحدق بالعينين اللتين أسرتاها ، وأوقعتاها في شباك الحب ، رفعت بصرها بهدوء ، تفحصت ملامح وجهه . بدت لها باردة لا تدل على شيء معين ، حدق فيها ببرود قاتل ، أرسل قشعريرة برد في جسدها ........... ثم اجتاز المسافة بينه وبينها ومر بها ، دون أن يعلق بشيء أو يتفوه بحرف واحد .........

وتركها خلفه ، دمعتها تهدد بالانحدار ، وشفتاها ترتجفان ، وعقلها يسأل بصمت :
_لماذا ؟؟؟
__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-05-2017, 08:18 PM
 
- انتظرني أيها الأمير !!البارت الخامس عشر



__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-05-2017, 08:20 PM
 
تتساءل بصمت ........ ما ذنبها ؟؟ هل اقترفت ذنبا ؟؟ إنها لا ترى ذلك ولا تستطيع أن تفسر غضبه .
لسعت لفحات الهواء البارد جسدها الرقيق ، وبعثرت خصلات شعرها المجعد ... رفعت أناملها الرقيقة وحاولت لمه ، ثم شدت بردائها ، وقررت أن تأوي إلى فراشها .
كانت مخفضة عينيها ، والظلام يلف المكان ، أوراق الشجر تصدر حفيفا خفيفا ، وصوت طقطقة الخشب المشتعل تضج في رأسها . سارت بخطوات متلاحقة ، تعثرت مرارا وتكرارا ، لكنها لم تتوقف .
لم تكن واعية لتينك العينين الخضراواين تراقبانها وتتبعان خطواتها الواهنة ، كان يقف بجانب المنزل الذي تقطنه ودايزي ، يتوارى في الظلام لئلا تراه .

ما إن رأت البيت حتى أسرعت تجري ، تقطع درجاته الثلاث الصغيرة بسرعة ، ثم تتوقف برهة من الزمن تخرج مفاتيحها . في تلك الأثناء ترك ذلك الرجل مكانه وسار بهدوء حتى لا تسمع صوت خطواته ، وبهدوء شديد صعد الدرجات الثلاث ، ثم سار بروية شديدة ، وعندما أصبح خلفها ، مد يديه القويتين ، لتحيط إحداهما بخصرها ، والثانية لتكمم فمها .

شعرت بأن شخصا ما يراقبها ولكنها لم تعر الأمر أهمية كبرى ، لقد ظنته قطا صغيرا ، أو ربما هو حفيف الأشجار أو لربما هي محض تخيلات ، أو هذا ما كانت تتمناه ، إذ أصابها الفزع حالما وجدت نفسها سجينة ذراعين قويتين، وكرد فعل طبيعي ، بدأت بالرفس ومحاولة الصراخ ، سمعت الرجل يتكلم بهدوء ، فعرفت صوته ،رفعت عينيها إليه بهدوء وحدقت في أعماق الخضار الذي اجتاح عينيه ، ثم رفعت يدها وأزاحت يده عن فمها ، وهمست بصوت مضطرب :
_ ما الأمر ؟؟
توقعت منه برودا ولا مبالاة كالتي أبداها في الأيام الأخيرة ، لكن رد فعله فاجأها ، إذ ابتسم برقة ، وهمس :
_ هناك ما علينا التحدث بشأنه .
طرفت بعينيها ، وسألت بصوت مخنوق :
_ شيء يدعوك لاختطافي .
بدا أنه استمتع بكلمة ( اختطافي ) إذ ابتسم ابتسامة واسعة كشفت عن صف من اللؤلؤ الأبيض يركض في فمه ،
وكانت من الروعة بمكان أن خطفت أنفاس ميديا .
أمال رأسه للجانب قليلا ، وهمس بجد :
_ إنه لمن الأهمية ، بحيث يخولني خطفك والذهاب بك إلى آخر العالم .
_ حقا ؟!
أجابته باندهاش واستغراب ، فأي حديث ذاك الذي يفترض أن تجريه في منتصف الليل مع رجل يتصرف منذ عدة أيام وكأنها عدوته . رفعت عينيها الصافيتين وهمست بقلق :
_ أهناك من أصيب بأذى ؟؟
عاد وابتسم لقلقها ، ثم مد يديه وأحاط كتفيها ، وقال بهمس :
_ بل شيء أهم بكثير .
رفع رأسها ونظر في أعماق عينيها اللتين عكستا ضوء القمر فيهما ، أبصر تشابك يديها فعرف أنها متوترة ،
أنزل يديه وأمسك بيديها وباعد بين أصابعها ، ثم شبك أصابعه بأصابعها ، وهمس بحب :
_ إنه يتعلق بمستقبلنا !!



تثاءبت الشمس بهدوء على أعتاب أبواب مملكة الغيوم العتيدة ، وراجعت نفسها مرارا وتكرارا قبل أت تجرؤ على قرع تلك الأبواب ، فليس من السهل اختراق الحصار الذي فرضته الغيوم على مدينة الضباب ، التي تشمخ أبنيتها لتكون هي الوحيدة القادرة على تحطيم جبروت الغيوم المتزاحمة وسط السماء العالية.
ولكنها وبما تملك من رقة ، استطاعت أن تخلق بضع ثغرات ، فأرسلت بعضا من دفئها ، محمولا على أشعتها الذهبية ، تلك التي تفرقت في الشوارع والطرقات ، وعانقت ساعة بيغ بن ، وقرعت أبواب النيام من الناس ، وزارت قصور الأغنياء ، وبيوت الفقراء فلم تفرق بينهم .
تلك الأشعة الصغيرة كانت شجاعة ، إذ تجرأت ودخلت القصر الملكي من أوسع أبوابه ، ومن نوافذه الزجاجية العالية ، وألقت بدفئها على الكنب المزركش والسجاد الفخم ، والطاولة المزينة بمزهررية من الكريستال ، والورود الحمراء المتفتحة ، وعلى السيدة الجميلة الجالسة إلى الكرسي المنجد .
يبدو كل شيء وكأنه اختير بعناية فائقة ، وصمم ليكون الأروع ، وكذلك السيدة الجالسة بدت جزءا لا يتجزأ من المكان ، جميلة ، أنيقة وشديدة الثقة والاعتداد بنفسها ، وعلى فمها المرسوم بأحمر الشفاه ابتسامة عريضة راضية. كانت ترتدي زيا يبدو وكأنه فصل خصيصا لجسدها ، يمنحها الرشاقة والجمال ، ويكمل مظهرها لتبدو
وكأنها لوحة زيتية مرسومة بعناية فائقة .
تطلعت السيدة إلى أظفارها الملونة باتقان برضا ، ثم أنزلت يدها الرقيقة المزينة بسوار من الفضة ، وجذبت أطراف ثوبها فلملمته ، ثم عادت تحدق في أظفارها بملل ، وهي تهز برأسها لتزيح خصلات شعرها الذهبية عن عينيها الكحيلتين .

صوت أزيز خفيف ، أخبرها أن أحدا ما قد دخل الغرفة للتو ، فتركت أظفارها ، ورسمت على شفتيها ابتسامة ودودة ، ثم وقفت ومدت يدها للقادم ، صافحته بهدوء وسألته عن صحته ، فأجابها باختصار ، ثم أشار لها بيده أن تجلس ، ففعلت .

تطلع فيها بهدوء ، ثم همس بصوت متعب :
_ آنسة لوسيتا ، تعلمين أنني كبرت كثيرا ولم أعد قادرا بعد الآن على حمل أعباء المملكة ، ولهذا أرغب بأن يعود لي حفيدي ، ويستلم كل هذه الأمور ، حتى أنعم أنا بشيخوخة هادئة ، والقليل من راحة البال .

دققت المدعوة لوسيتا في ملامح وجهه ، له شعر غزاه الشيب حتى آخر شعرة فيه ، وعينان جليديتان شديدتا الزرقة ، والكثير من التجاعيد حول عينيه . تنحنحت قليلا ثم همست باحترام فائق :
_ سيدي ، أقدر حقا ما تحاول فعله في سبيل إنجاح حياة ابن ابنك الوحيد ، ولكن ألا ترى أن ما تفعله مبالغ فيه ؟
سألته باستنكار ، فأجال بصره في المكان وهمس ، دون أن ينظر إليها :
_لا ، لا أرى ذلك البتة .
استقرت عيناه على لوحة زيتية لرجل في مقتبل العمر ، يقف وقفة ثابتة ، ويبتسم باتزان . أطلق الرجل آهة من أعماقه ، ثم حول بصره فركزه على لوسيتا ، وقال بجد :
_ كاد أن يموت ، ماذا كنت لأفعل حينها ، أذرف الدموع كما سبق وذرفتها على ولدي الوحيد ؟؟
اهتز صوته ، وبانت المرارة في كلماته ، وارتسم الألم على ملامح وجهه الكهل ، وهو يتابع :
_ ولدي الوحيد ، والذي فرطت به .

أسرعت لوسيتا إلى الرجل العجوز ، جلست بجانبه وهمست بحنان :
_ لم يكن ذلك خطؤك ، لقد كان قدره أن يموت تلك الساعة .
اهتاج العجوز ، وضرب يد المقعد بقبضته ، وصرخ بصوته الجهوري العالي :
_ ولكن ، بإمكاني أن أحاول حماية حفيدي الآن .

أمسكت بيده وهدأت من روعه ، ثم طلبت منه أن يهدأ قليلا ، ومن ثم أسرعت تصب له كأسا من الماء وتسقيه إياه. بدا أنه هدأ قليلا ، إذ ابتسم ولكن بهدوء كبيـر ، مد يده الكبيرة وأمسك بأناملها الرقيقة ، وسألها متوسلا:
_ أيمكنك أن تقنعيه ؟؟
حدقت في عينيه ، فرأت فيهما بريقا خافتا ، شدها بقوة و أجبرها على أن توافق ، أمالت برأسها إلى الجانب قليلا
ثم قالت بصوت مشاكس :
_ شرط ألا تطلب مني أن أتزوجه .
ضحك العجوز مقهقها ، ورد بأنه لن يفعل ، فطلبت منه وعدا ، فوعدها ثم حدثها بابتسامة ودودة :
_ إنه حفيدي ووريثي ووريث عرش بريطانيا ، ولست أرغب بأن أترك هذا العرش لأحد غير أندريس ،
فأعيديه رجاء .
أظهرت الفتاة ملامح حزن مصطنعة ، وهمست بحسد :
_ ليتني ألقى نصف ما يلقاه أندريس من اهتمام .
ربت العجوز على رأسها وقال بهدوء :
_ لقد نلت الكثير من الدلال منذ مولدك ، والآن حان الوقت لتستغني عن بعضه لحفيدي الصغير .
ما إن سمعت كلماته حتى صرخت باحتجاج :
_ صغيــــر !!!! سيدي إنه قريبا سيبلغ الثلاثين من العمر .
لمعت في رأسها فكرة صغيرة شريرة ، فاقتربت من العجوز وهمست له بخبث كبير :
_ لقد عرفت سرك ، سيدي .
ارتبك العجوز وسأل باضطراب :
_ سر ماذا ؟؟
اقتربت منه أكثر وأكملت :
_ السبب الذي يجعلك تقول دائما إن أندريس صغير في السن .
هزت رأسها بشرر ، وبدأت عيناها تلمعان ، ثم اقتربت أكثر من العجوز ما زاد من توتره :
_ تريد أن يظن الجميع أنك لا زلت شابا ، اعترف يا سيدي أنت تريد أن تتزوج من جديد .
ارتاع العجوز لفكرة ارتباطه بامرأة أخرى فنهض مسرعا وأراد الخروج من الغرفة ، لكن لوسيتا ما كانت لتسمح له ، إذ أسرعت وسدت عليه الطريق ، وقالت بمرح :
_لا تقلق يا سيدي ، سأزوجك عروسا صغيرة وجميلة ، وستكون شديدة الأناقة والرقة والدلال .
ضمت يديها ، وأكملت بصوت حالم :
_ وستنجب لك أطفالا كثرا ، حتى يعمروا هذا القصر المهجور .
بدأت تتمايل بخفة وهي تسرد له كيف ستكون حياته :
_ سيركضون في الممرات ، ويغزون الاجتماعات ، ويتلفون أوراقك ، وسيعاقبون زوارك ، ويزعجون السائق العجوز ، ولربما يتلفون سيارتك الثمينة .
تقدمت إليه وعياناها تلمعان :
_ ولكنك مع ذلك ستكون سعيدا .
كان العجوز ريتشارد قد قارب على الموت ، إذ همس بصوت ضائع مشتت :
_أطفال ، وزوجة ، سيارتي ، قصري ......
نفض نفسه بسرعة وتقدم منها شاكرا إياها على محاولاتها في إسعاد حياته ومؤكدا لها على أن سعادته لا تكون إلا في عودة أندريس إلى القصر .
أمطرها بوابل من المجاملات ، عن إعجابه بفستانها وتسريحة شعرها ، فشغلت نفسها بكل هذا الم
رجاء ميديا أريد أن أنام، أرجوك .
_ لا دايزي ، هيا انهضي ، أريد أن أقيم حفلة قبل سفري غدا .
كانت كلمة (حفلة ) بمثابة سحر ألقي على دايزي ، التي قفزت من سريرها بسرعة شديدة ، وألقت بالغطاء على الأرض بفوضوية كبيرة ، ثم أسرعت إلى خزانة ملابسها واختارت ملابسها ، واتجهت إلى الحمام ، وهي تصرخ بحماس :
_ خمس دقائق فقط ميديا ، وسأكون جاهزة .

حدقت ميديا بسرير دايزي بعدم رضا ، صرخت بدايزي :
_ متى تتعلمين الترتيب دايزي ؟؟
أجابت دايزي بصوت عال ، تفوق على صوت الماء المندفع من الصنبور بغزارة :
_ أنا أتركه لك ميديا .
صمتت قليلا ثم عادت تسأل :
_ ميديا ، من سيصحبنا ؟؟
أجابت ميديا بصوت عال :
_ إنه كايل .
صرخت دايزي مهللة بفرح ، وأخذت تصفر وتغني احتفالا ، فكون كايل هو من سيأخذها فهذا يعني أن كل شيء سيكون على حسابه ، مأكلها ومشربها وكذلك ملابسها .
أطفأت دايزي الماء ثم خرجت من حوض الاستحمام ، لفت جسدها بمشفتها ، ثم فتحت الباب وخرجت ، فسألتها ميديا باستنكار :
_ ألم تأخذي ملابسك معك ؟؟
فكرت دايزي يديها بحرج ، واحمرت وجنتاها ، وهي تجيب بحيااء :
_ حسنا لقد اكتشفت أنها ليست مناسبة وحسب .
تنهد ميديا بضجر وحثتها على الإسراع ، فاستجابت دايزي لها بسرعة ، وانطلقت تتعثر في الأرجاء في محاولة منها لإيجاد ملابس مناسبة للخروج .
وقفت ميديا إلى الباب ، حدقت في الغرفة المبعثرة ، وفي الملابس التي تتناثر هنا وهناك ، وأصغت بانصات لصوت دايزي الصارخ المتذمر ، فابتسمت ، وفكرت : كم مر عليها من الوقت منذ عرفت دايزي ؟؟ إنها لا تذكر بالتحديد ولكنها واثقة من أنها شخص يمكن الاعتماد عليه ، لقد كانت لها خير الصديقة دائما ، وهي تعلم أنها ستحترم قرارها الذي اتخذته بشأن مستقبلها ، بل وواثقة أيضا من أنها ستفرح لها وتشجعها .



وبعيدا قليلا ، بل أكثر بقليل ، وبعيدا عن كل الأصوات والهمسات والنقاشات ، جلسا وحيدين ، لا يتكلمان
ينظران إلى الأمام ، يستمتعان بصوت السكون القوي ، لقد تغلب عليهما ففرض نفسه بكل أدب ، ملبيا مطلب قلبين صغيرين ،ملقيا بجو التوتر خلفه ، ومرحبا بالهدوء المصحوب معه .
جلست إلى جانبه ، لا ترى أحدا غيره ولا تسمع سوى صوت تنفسه ، ولا تبصر في هذه الدنيا غير عينيه،
شمسها في شعره الذهبي ، و قمرها في نقاء قلبه . وهو الآخر كانت حياته مرتكزة في ابتسامتها وحيويتها ،
وقلبه معلق ببراءة قلبها وطفولة حركاتها ، إنها تظهر الأمور على أنها بسيطة وسهلة ، وتريه أن العالم جميل .

علمت أنه يحدق فيها فقد شعرت بنظراته كلسعات تلسع جلدها الأسمر ،فتدافعت الدماء بسرعة شديدة ، وغزت خديها الرقيقين ، ولتخفف من التوتر الذي انتابها من جراء هذه النظرات الجريئة سألته :
_ كايل ، لقد قالت دايزي أنك درست الأدب ، ولكنك الآن مهندس صحيح ؟؟
ساءه أن قطعت عليه تأمله ، تنحنح في مكانه غير راض عن الحديث عن عمله ، ولكنه أجاب ليخفف من توترها الملحوظ فقط :
_ لقد درست الأدب بناء على رغبة والدي ، أما الهندسة فهي ما أجيده حقا .
هزت رأسها بهدوء توحي إليه أنها فهمت ، نظر إليها قليلا ثم سأل بمشاكسة :
_ من أين لك هذا الشعر الأحمر ؟؟
حدقت فيه باستغراب ، وسألت بعفوية :
_ ماذا ؟؟
فمد يده وجذب خصلات شعرها الحمراء ، وقال :
_ أسألك ، من أين لك هذا الشعر الأحمر ؟؟
جذبت شعرها من بين أنامله ، وتأوهت بخفوت وهي تصيح باستياء :
_ لقد آلمتني .
هز كتفيه بلا مبالاة ورد :
_ أنت هي التي لا تسمع ، وهذا جزاؤك يا صهباء .
اشتعلت غضبا ، ثم أدارت رأسها بقوة إلى الجهة المعاكسة ، وقالت بفظاظة :
_ أظل أفضل منك أيها القط الأشقر .
رد يغيظها :
_ أنا جميل ولهذا تغارين مني .
استدارت بسرعة ، وصرخت في وجهه باستهجان واستنكار :
_ أنت جميـــل ؟؟
مد لها لسانه وقال في ثقة :
_ أجل ولهذا تجري الفتيات خلفي ، في حين أنه لا يوجد شاب واحد يريدك .
بلغ لديها الغضب أقصى درجاته ، فزمجرت بغضب ثم صاحت وضربته على يده ، واستدارت محاولة النزول من السيارة الضخمة ، ولكن اليد لم تكن تستجيب لها ، إذ إنه كان قد أغلق السيارة ، عادت واستدارت ناحيته وصاحت في وجهه بغضب :
_ افتح الباب وإلا كسرته .
سألها بهدوء وهو ينفذ مطلبها :
_ أتريدين أن يكسر أندريس عنقي ؟؟
أجابت بشر :
_أجل ، بل أتمنى أكثر من ذلك ، أتمنى أن يطعمك للكلاب الجائعة .
سألها مغيظا إياها مجددا :
_ ألا تخافين على وجهي الجميل ؟؟
ردت بحنق :
_ لا بل أخاف على الفتيات الجميلات اللاتي يحببنك .
وهمت بالنزول ، لولا أن يديه التفتا حول خصرها النحيل ، وأعادتاها إلى السيارة كرها . أخذت تصرخ وتصيح به أن يتركها ، وتردد عبارات ، كأنها أخطأت وركبت معه ، وأنها تكرهه ، وغيرها الكثير .


كان أقوى منها بكثير إذ خلرت قواها بينما هو لا يزال بكامل قوته ، صاحت به بلهجة انهزامية :
_ حسنا ، حسنا ، لقد انتصرت اتركني الآن .
أدارها نحوه ، وأمسك وجهها بين يديه القويتين ، ورفعه لتقابل عيناه عينيها الخضراوين ، حدق في أعماق خضرتهما ، وهمس بهيام :
_ لا شاب يقترب منك لأنهم يعلمون أنك لي ، وأنني حبيبك وأنني سأحطم رأس كل واحد فيهم يحاول التقرب منك.

رفعت عينيها ونظرت إليه غير قادرة على الكلام ، حدقت في وجهه بهدوء ، ثم همهمت بكلمات غير مفهومة،
رفعت يدها ومسحت على جبينها بهدوء ، شعرت بأنه لا يزال يحدق بوجهها فاحمرت ، وصرخت بخجل :
_ حسنا ، يكفي هذا !
_ أجل ، بالفعل إنه يكفي !!
أجفل الاثنان لسماعهما هذا الصوت ، فالتفا بسرعة وحدقا بالفتاة الجالسة إلى الكرسي الخلفي للسيارة ، تساءلت صوفيا بهمس :
_ منذ متى وأنت هنا ؟؟
أجابت دايزي بدون مبالاة :
_ منذ وقت كاف .
رفعت جسدها عن المقعد الوثير ، واعتدلت في جلستها ، ثم رفعت قدمها اليمنى فوق اليسرى ، وأخذت تهزها بدلال ، وتتساءل بهدوء :
_ متى ؟؟
حدق كايل فيها متسائلا ، غير قادر على فهم ما ترمي إليه ، قطب حاجبيه ، وتجهم قليلا ، سائلا :
_ متى ماذا ؟؟
أطلقت دايزي زفرة قصيرة ، عبثت بغرتها الذهبية ، ثم شدت أطراف قميصها لتسويه وهي تجيبه بعفوية:
_ زواجكما ..
حدقا فيها بذهول ، وسألا بذعر :
_ ماذا ؟
أجابت بقليل من العصبية :
_ زواجكما ، زفافكما ... أو أيا كان اسمه .
حدقت فيهما بتشكيك ، وسألت :
_ أم أنكما تريدان أن تبقيا هكذا إلى الأبد ؟؟
مد كايل يده ، فأمسك أذنها ، وجذبها بهدوء :
_ لا يجب على الصغار أن يتدخلوا فيما لا يعنيهم ، هل فهمت ؟؟
ثم تركها ، وهي تتأوه ، وتدلك أذنها وتصرخ فيه :
_ أنا أكبر منك ، في حين كنت تذكر .
_ لا يهمني ، أين ذهبت صديقتك تلك ؟؟
شدت على يديها وأجابت مغتاظة :
_ إنها ستأتي بعد قليل .
أطلق تنهيدة ارتياح ، أرخى ظهره إلى المقعد ، وزحف بهدوء إلى الأسفل قليلا ، ثم انتشل النظارات المعلقة في طرف قميصه ، وغطى بها عينيه ، وذهب في سبات ليس بالطويل .



الغرفة الساكنة تسبح في ظلام مخيف ، لا يخترقه سوى ضوء جهاز الحاسوب الموضوع على طاولة خشبية فخمة في وسط الغرفة ، يبدو الأثاث قديما وقيما جدا ، وهناك رائحة غريبة تسيطر على الجو ، رائحة خانقة بعض الشيء ، تبدو خليطا من عطر وسجائر ، أما الصوت الوحيد الذي كان يصدح في الغرفة ، فهو صوت النار تلتهم الأغصان الجافة في الموقد المذهب، الذي اعتلته صورة ضخمة لكهل في أواخر الثلاثينيات من عمره،
يحمل في يده كأسا زجاجية كبيرة ، عبئت بالقليل القليل من شراب أحمر اللون ، يرسم على فمه ابتسامة خبيثة ، يرتدي بدلة رسمية ، ويضع يده الخالية في جيبه ، وقفته توحي بالثقة الشديدة بل بالغرور الشديد .

وعلى الكرسي الوحيد الموجود في الغرفة جلس رجل شديد الهيبة والدهاء ، يشبه الرجل الموجود في الصورة إلى حد كبير ، بل إنه نسخة طبق الأصل ، إلا أنه أكبر قليلا في العمر ، كان يحمل في يده ذات الكأس ، وفيها ذات الكمية القليلة من الشراب الأحمر نفسه . وضع عنق الكأس بين أصبعيه ثم رفعها بهدوء حتى أوصلها شفتيه،
ارتشف الشراب كله على جرعة واحدة ، ثم ترك الكأس لتتهاوى من بين أصابعه ، دارت الكأس حول نفسها
وقبل أن تصل الأرض لمعت لتكشف عن عينين خائفتين تترقبان بفزع ، من ثم تحطمت أشلاء وانتشرت منثوراتها على أرض الغرفة .
تنحنح الرجل الجالس بثقة ، وأرخى يديه على جانبي الكرسي ، وهو يهمس بصوت مخيف ، بعث الارتجاف في نفس الرجل النحيل الواقف أمامه :
_ لماذا عدت ؟؟
تهاوى الرجل النحيل على الأرض واقترب من قدمي سيده بارتجاف يطلب عفوه ويستسمحه ، كان يتكلم بسرعة
ويتعثر كثيرا في كلامه ، ويتمتم بكلمات غير مفهومة . رفع الجالس يده موحيا للرجل النحيل بأن يصمت ففعل على الفور ، ثم عاد الجالس فقال بمكر شديد :
_ لقد عفوت عنك .
ارتجف الرجل النحيل من الفرحة ومن هول الصدمة ، فلم يسبق أن عفا هذا السيد الطاغية عن أحد خيب أمله،
وأسرع يقف ، ويتلو كلمات الشكر والعرفان والجميل على السيد الجالس ، ظل يشكر ويشكر حتى صاح به السيد أن يصمت ، فالتزم الصمت ، تمتم السيد بكلمات بانت وكأنها كلمات رضا ، ثم سأل بضجر :
_ كيف هربت من الشرطة؟؟
تمتم النحيل بهدوء دون أن ينظر لعيني سيده :
_ أنا رجل نينجا يا سيدي ، ولست مجرد قناص .
أخرج السيد سيجارة طويلة من جيب ستره وألحقها بولاعة ، ضغط على الولاعة مرتين فخرج منها لهيب خفيف، وضع السيجارة في فمه ثم قرب الولاعة منها ، وعلى الفور خرج خيط من دخان رفيع منها ، التمعت عيناه بغير رضا وسأل :
_ أنت نينجا ، وهذا يعني أن عليك أن تكون دقيقا ، أليس كذلك ؟؟
هز النحيل رأسه بسرعة ، وقد بدأ التوتر يسيطر على جسده ، وقطرات العرق تنساب على جبينه ، يريد أن يمسحها ولكنه يخاف أن يمسحه هذا الوحش عن قائمة الأحياء ويضيفه لقائمة المفقودين خاصته ، إن فعل ذلك .
ديح ونسيت الباب ، اغتنم هو الفرصة وانسل مسرعا خارجا من الغرفة ، سائلا الله ألا يجمعه مع هذه الفتاة مرة أخرى ، إلا إذا كان في أمر يخصها هي وليس هو .


__________________
]ما أجمل أن تبقى القلوب على العهد و الوعد
حتى و إن ... طالت المسافات
و إن غابوا الأحبه ... فلهم فى الخيال لقاء?? !؟
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماسك طبيعى لمشاكل البشرة صيفا جمالك مهم أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 08-30-2014 05:07 AM
رواية جديدة للدكتورة ناعمة الهاشمي 2012 تعالوا يا بنات رواية شما وهزاع احلى رواية florance أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-26-2014 02:28 PM
نصائح ووصفات للعناية والمحافظة على شعرك صيفا اياامنا الحلوة حواء ~ 3 09-07-2012 01:36 AM
وكان لقاء عبر الهاتف.. وكان حمد الكاتب قصص قصيرة 4 10-17-2007 12:22 AM


الساعة الآن 02:01 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011