[CENTER]
حين يُزاح القناع ~
.
.
هدوءٌ يغطي المكانَ إلّا من صوت شخيرِ آرثر المرتفِع ، الكلُ نيامٌ رغمَ أنّهم في وضحِ النهار باستثناءِ أوليفيا وآندي الذان حظيا بالراحة الكافية ليلاً على عكس البقية ...
تقفُ صاحبة الرقعة في زاوية الغرفة وهي منغمسةً بالرسم بينما الصبي إلى جوارِها ينظرُ إلى لوحتها بانبهار ..
مهما كان عدد المرات التي يراها ترسم فيها إلا أنه لا يمل من رؤية كيف تحرك يُمناها المحتضنةِ قطعة الفحم على تلك اللوحة البيضاء؛ لتنتج في النهاية صورة تخطفُ الألباب من جمالها ..
الأمرُ أشبهُ بسحرٍ يجعله غير قادر على ازاحة ناظريه عنها وقتما تبدأ الرسم ، ملامحَها الساذِجة تتلاشى وبريقٌ غريب يلمع في زرقة عينيها ، كل شيء فيها يجعله منجذبا نحوها فقط حين ترسم ..
ـ وهاقد انتهينا ، ما رأيُك يا آندي ؟؟
سؤالها أزال تأثير السحر عنه ليجيب عليها ولازالت بؤبؤتاه ملتصقتان باللوحة : إنها خلابة جدا ..
ابتسمت على اطرائه ثم أزاحت الورقة لتكشف عن صفحة جديدة بيضاء وهي تقول : والآن حان وقت رسم لوحة جديدة ..
رفع آندي حاجبه متعجبا : سترسمين شيئاً آخر ؟؟
ـ أنت تعلم أن جميعَ لوحاتي قد احترقت مع العربة ، ورأيت كيف أن الرفاقَ كانوا محبَطين لذا سأُحاول التعويض عن تلك التي فقدناها ..
ـ أمم أنا لا أظن أن إحباطَهم كان بسبب لوحاتك رغم أنها جميلة؛ لكن ما خسروه كان أكثر من رسومات ..
كما العادة حين لا يُعجبها حديثَ أحدهم تبدأ بتجاهله وهذا ما فعلته مع آندي حيث أنّها بدأت بالرسم دون أن ترد على ما قاله ، أما هو فقد غاص مجددا في سحر أناملها ..
صوتَ طرقاتٍ خفيفةٍ صدرت من باب الغرفة الخشبية أوقفها عن الرسم لتقول : سأذهب لأرَى من بالباب ..
حينها قفز ويل من مكانه : لا داعي لذلك عودي للرسم وسيتكفل نيك بذلك ..
إستدار آندي فزعا إلى ويل الذي كان يحرك نيك النائم إلى جواره ، يقسم أنه كان نائماً للتو هل أيقظه طرقات باب ناعمة كهذه !!
قال مخاطبا أوليفيا التي عادت للرسم : ألم يكن ويل نائماً للتّو !!
أجابته دون النظر إليه : هل فاجأك إستيقاظه المفاجئ ؟؟ في الواقع أنا أظن أن ويل لا ينام قط ،بل يريح عينيه فحسب فهو يحس بكل شيءٍ حولَه ولا يفوته شيء ..
ثم تابعت ضاحكة : على عكس نيك الذي لن يستفيق حتى لو انفجرت قنبلة فوق رأسه ..
حين أتى ذكر نيك إلتفت آندي إليه ليرى كم يعاني ويل لإيقاظه وهو لا يحرك ساكنا ، ليقول مبادراً : دعه يواصل نومَه سأفتحُ أنا الباب ..
اضطر ويل للنهوض وهو يقول : لا بأس سأفتحُ أنا ..
|| لا أظن أن الطارق شخص خطير. وإلا لحطم الباب منذ البداية ، لكن من باب الإحتياط سأضع قناعيَ أولاً ||
غطى الجزء العلوي من وجهه بالقناع الفضّي وفتح الباب ليطل من وراءه امرأةٌ في منتصف الأربعين، ما إن رأت ويل حتى قالت بارتباك : أمم أنتم أصحاب العربة المحترقة صحيح ؟؟
أجابها : نعم ..
ـ إذاً هل يمكنُني الحديثَ معكم قليلاً ..
ـ في الواقع أعضاء الفرقة جميعاً نِيام لذا ألا تستطيعين تأجيل الحديث قليلاً؟ ..
ـ كما تريد ، لاقنِي في المقهى القريب من هذا النزل في المساء. أهذا يناسبك ؟؟
ـ حسنا ..
ودعته بتهذيب.. وغادرت بعدها تاركة ويل في وسط حَيرته ، لكنه لم يُطلِ التفكيرَ كثيراً بشأنها؛ فقد عاد للنوم مجددا بعد أن نبه أوليفيا والصغير بعدم مغادرة الغرفة أو فتح الباب لأي شخصٍ كان ..
***
عصر اليوم خرج نيك إلى المقهى المجاور وقد كان آنذاك ممتلئ نوعا ما بالزوار ..
كان يمسح بعينيه بحثا عن مواصفات المرأة التي أخبره به ويل ..
امرأة في الأربعين بشعر كستنائي تخلله بعض الشيب ، ممتلئة الجسد ومتوسطة الطول ..
كان العديد ممن في المقهى يحمل مثل هذه المواصفات إذ أنّها لم تكن مواصفات دقيقة ..
أخذ يحدث نفسها متذمرا كعادته : ويل الأحمق! أيظن أنه من السهل البحث عن امرأة بتلك المواصفات العادية ؟؟، ماذا يجب أن أفعل ؟؟ أما كان يجب عليه مرافقتي إذ أنه يعرف وجهها !!
لمح سيدة بمعطف قرنفلي تقترب منه وقد حملت مواصفات المرأة المطلوبة ، قالت بتردد : إن لم أكن مخطئة أنت أحد أفراد السيرك صحيح ..
ـ نعم أأنت من أبحث عنها ؟؟
حدّثت نفسَها بصوت مسموع : إنك تشبهُه فعلاً..
ثم عادت توجه خطابها إليه : نعم أنا هي من تبحث عنها ، ألم يأتي صديقك الآخر ؟؟
ـ لا هو منشغل قليلاً ، ماذا تريدين منّا ..
ـ لم لا نجلس قليلاً ؛ فقد يطول حديثنا ..
اختارت طاولة فارغة وطلبت قدح من الشاي بينما هو اكتفى بكأس ماء ..
كان قد لاحظ نظراتها التي تتفحصه بدقة وهذا أثار قلقه قليلاً لذا قال : أهناك خطب ما في وجهي ؟؟
ارتبكت لوهلة : ها لا لا أبداً ، أعتذر لكنك تشبه أحدَهم ..
كلامها جعله يقلق أكثر : أُشبِه مَنْ ؟؟
ابتسمت قليلاً : دعني أعرّفك عن نفسي أولاً ..
شبكت أصابعها أمامها وأسندت ذراعيها على الطاولة :أنا أدعى مينتا وأنا أُديرُ ميتماً في هذه المدينة ،وفي الواقع أنا أعلم بهوية الشخص الذي أشعَل الحريق في عربتكم ...
قطب حاجبيه : ومَن يكون ؟؟
أخذت نفساً عميقاً وقد بدأ التوتر يظهر على ملامِحها : إنه أحد أطفال الميتم ..
ـ أتعنين أن مشعل الحريق طفل ؟؟
شتّتتْ أنظارها قليلا، فقد أخافتها تلك النظرة التي على وجهِه : نعم ، وقد فعل ذلك بمساعدة اثنين من أصدقائه في الميتم ، لكن صديقيه أدركا خطأهما فأتيا إلي معترفين بجريمتهم ..
ثم تابعت بسرعة : صدقني هو طفلٌ لطيفْ، لكن هناك سببٌ دفعه لفِعل ما فعَله ؛وأنت ستعذره إذا ما علمت بقصته ..
كانت تبرر ذلك حتى تمنع غضبه ولم تعلم أن نيك ليس شخصا سريع الإنفعال، وقد كان هذا من حسن حظها ..
ـ وما قصته ؟؟
سألها نيك لتروي حكايته : في إحدى السنوات شهدت مدينتنا قدوم رجل مختل ، كان يسير في الطرقات ويقتُل الأبرياء أمامه ، لم يجرؤ أحد على الإقتراب منه خشية أن يتأذوا بالفأس الذي كان مغطى بالدماء ، كان يلوح بفأسه هنا وهناك إلى أن قرر رجل شجاع التصدَي له ، وكان ذلك والد غراسي ، استطاع أن يستدرجه إلى مكان يخلو من السكان وأطاح به لكنه أصيب أثناء عمله البطولي ، ومع رحيله من الحياة رحل آخر فرد من عائلة غراسي ، ولم يكن له مكان يلجأ إليه إلّا دارنا ..
نظرت إليه تنتظرُ تعليقاً ، لكنه كان صامتا لبُرهة قبل أن يطرح سؤاله : وما شأنُ هذا بإحراقه لعربتنا ؟؟
ـ في الواقع ذلك الرجل المختل كان ضخم البنية مثلك وملامحه تكاد تكون مطابقة لك ، لولا أننا نعلم أن ذلك الرجل قد مات و والد غراسي من قام بقتله ، أظن أنه فعلها لأن وجهك قد ذكره بملامح قاتلَ أبيه ..
صمتت بعدها وصمت هو ، كانت تشعر بخوف وترقب ، تنتظر منه ردة فعل ما ، لكن ملامحه كانت لا توحي بأي شيء ، وهذا ما يزيد من توترتها ..
حين لاحظت أنه لا نية له في الحديث عادت هي لتقول : بما أن غراسي طفل في دارنا سنتولى نحن مسؤولية فعلته ، سأحاول تعويضكم أمهلوني شهراً لأجمع المال الكافي ، وإلى ذلك الحين أرجو ألا تُدخلوا رجال القانون في الأمر وإلا سنضطر إلى إغلاق الدار ..
نطق بهدوء : حسناً لكِ ذلك ، لكن هلّا أخبرتِني بإسم الميتم ، سنزورك بعد انتهاء المهلة ..
أخبرته بإسم الدار وهي مذهولة من تصرفاته ، إنه باردٌ بشكلٍ غريب ، أمِن الطبيعي أن يتصرف شخص بهذا الشكل ؟؟
كانت الأسئلة تتزاحم في رأسها حول سبب ردة الفعل هذه لكنها لم تُفصِح عنها ، بقاءَها معه أطولَ من هذا يسبب لها التوتر ، لذا استأذنَته بعد أن وعدته بأن يكون لهما لقاء قريب ..
وبمجرد أن عاد نيك إلى الغرفة المستأجرة انهالت عليه الأسئلة ليسرد لهم كل ما حصل له بالتفصيل دون أن يفوت شيء ، وبعد أن انتهى كان الإنزعاج ظاهرا على آش وويل فقد قام الصغير بتوريطهم لسبب سخيف ككون نيك يشبه قاتل أبيه ..
أطلق ويل صوتا يعبر فيها عن سخَطه : يا للإزعاج ، أسَنَبقى في هذه المدينة أسبوعين ؟؟ نحن لا يمكننا فعل ذلك ، قد يُفضَح أمرنا في أية لحظة ..
لكمت آش باطن يدها بقبضتها المكورة : حين أقابل ذلك الصغير سأفقع له عينيه حتى لا يتمكن من الرؤية مجددا ..
أطلق حينها آرثر ضحكته المستفزة : سنظل محبوسِين في هذه الغرفة إلى أن نتعفن ، يا للمرح ..
حاول ويل تجاهله وقال : حسنا لنكن إيجابيين ، مديرة الميتم ستعوضنا عن العربتين ، لذا لا يجب أن نقلق بشأن هذا ، وإلى ذلك الحين ( نظر لنيك ) ستقوم أنت بالبحث عن عمل مؤقت ،ونحن لن نبقى هكذا دون عمل بل سنبدأ التدرب بجدية على عرضنا ..
آرثر بسخافته المعتادة : في هذه الغرفة الضيقة سنبدع فعلاً ..
هم ليسوا في مزاج جيد لترهات آرثر لذا قال ويل وهو يحاول تمالك أعصابه : آرثر لم لا تخلد للنوم وتريحنا من سخافاتك ..
ـ لا أفضل أن أخرج في نزهة مع أوليفيا ما رأيك بذلك ؟؟
قفزت أوليفيا من مكانها بحماسة : أنا مستعدة ..
أمسكت آش ذراعها وأجلستها برقة بينما وجهت نظراتها النارية نحو الأحمق : إذهب لتتنزه في الجحيم وحدك ..
آرثر ببلادة : ما رأيك أن ترافقيني إلى هناك ..
الإحساس بالغضب يتصاعد ، يتراكم بحجم الثرى ويطول إلى الثريا، في حنايا وجهها يرتسم نفور ، بغض ، كراهية ، حقد أسود ..
حينها أطلقت أوليفيا صفيراً عالياً وأتبعته بقولها بعد أن ضمت أصابعها أمامها بحالمية : يا للشاعرية! أخيرا قام آرثر بدعوة آش للخروج في موعد ..
الكل حينها التزم الصمت دون أن يعلق بشأن ما قالته ، إلا آندي الذي قال ضاحكا : موعدٌ في الجحيم ..
ثم دوى صوت قهقهته الطفولية تخالطه ضحكات آرثر المستفزة حد النخاع ..
كان ويل ونيك ينظران إلى صاحبة الشعر الليلكي التي تفيض بالغضب بشكل واضح وربما الأعمى كان ليستشعر بذلك إلا أوليفيا التي قالت وهي تضرب ظهر صديقتها بمرح : أوه عزيزتي آش لقد احمر وجهها خجلا ..
|| ليس خجلاً أيتها الغبية ||
لم يفكر ويل في تهدئة الأوضاع كما يفعل عادة ، ببساطة لأنه أراد من آش أن تقوم بشيء ما حيال طبيعة آرثر التي لا تُطاق أبداً ، نعم حتى هو الآخر قد سئم من تصرفات آرثر اللامسؤولة ، تغاضى عن أفعاله كثيراً لكن آرثر استنزف كل ذرة صبر لديه ، لذا لن يمانع حتى لو حاولت آش قتل آرثر ..
لأول مرة يدرك آرثر تفاقم الوضع الذي وضع نفسه فيه ، خصوصا وقد التمس نظرات الكراهية من الثلاثة الذين أمامه ، حينها فقط قرر أخيراً الإعتذارَ بصدق : يبدو أنني بالغت هذه المرة ، أعتذر فعلاً ..
ثم صمت لبرهة لكن تلك النظرات التي كانت مشبعةً بالكراهية لم تخِفّ مطلقاً لذا استرسل يقول محاولا تذكيرهم بالأهم : إذاً أليس لديكم فضول لمقابلة الصغير مشعل الحريق ..
عضّ ويل على نواجذه بقوة لبضع دقائق ثم أفلت شفتيه وهو يزفر بغضب : بدءاً من الغد سنباشر تدريباتنا ، الأحصنة لازالت سليمة لذا سنمتطيها ونبحث عن مكان مناسب للتدريب ، طبعا سنظل بأزياءنا ؛ حتى لا يتعرف أحدٌ إلينا ..
ثم وضع يده على كتف صاحبه ذو الشعر النُّحاسي : وكالعادة سنعتمد عليك في جمع المال ويجب أن تواظب أيضاً على التدريب ، إذا سيكون الضغط عليك مضاعفاً ، أعتذر بشأن هذا حقاً ..
لاح على وجهه شبح ابتسامة وهو يقول : عندما وافقت على مرافقتِكم كنت أعلم أنّ الأمر سيكون صعبا وأنا مستعد لفعل أي شيء ..
|| وفي كعادتك يا صديقي ||
قالها ويل في نفسه لكنه لم يَفصح عنها بل اكتفى بأن ابتسم في وجهِه ، لأن الحروف عاجزة عن وصف شهامة هذا الشاب ..
ثم حرّك عينيه البندقيتين إلى حيث آش التي لا زالت ترشق آرثر بنظرات كفيلة بأن تحرقه حرقاً..
ـ آش ..
ناداها علّها تولِيهِ إهتمامَ لكنها تجاهلته ، لذا أعاد مناداتِها لكن هذه المرة بنبرة أعلى ، لتلتفت إليه أخيراً وهي تضيق نظرها دون أن تنبس حرفاً ..
همس لها : لن نتغاضى عن تصرفات آرثر أنا أعدك لكن في الوقت الحالي يجب أن نركز على ما هو أهم منه ، أنت تعلمين أن بقاءنا في المدينة ذاتها لمدة طويلة يشكل خطراً علينا لذا لنحاول ألا نلفت الإنتباه حتى نخرج من هنا بسلام ..
لم ترد عليه لكن ما أكدّ أن كلماته أدت مفعوله معها حين لاحظ تلاشي الحدية عن ملامِحها وكيف استعادت هدوءها بعد أن كانت تغلي في داخلها كالبركان ..
وهكذا مضى هذا اليوم بسلام دون حصول أي كارثة وما ساعد على ذلك هو أن آرثر بقي ملتزما الصمت طوال بقية اليوم وكأنه يدرك أن كلمة أخرى ، بل حرف فقط لو خرجت منه ستكون سبب نهايته ..
***
كان هذا خامس يوم في التدريب ولا نتائج مُرضية حتى الآن ، الكل يتصرف على هواه ، وكل أوامر ويل التي يمليهم عليهم تذهب هباءً وكل جهوده لا معنى لها مطلقاً ..
|| حتى الحيوانات سيكون ترويضها وتدريبها أسهل من هذه الفرقة بالتأكيد ||
هذا ما حدّث ويل به نفسه وهو يتأمّلهم واحداً واحداً ..
آش تجلس فوقَ صخرةٍ كبيرة واضعة قدمها فوق الآخر وتشحذ سيفها ، أما أوليفيا فقد كانت كالفراشة وهي تنتقل بشكل مستمر دون أن تثبت في مكان واحد ، وآندي كان الوحيد الذي ينفذ أوامره بحذافيرها لكن ما يزعجه هو كثرة أسئلته التي لا نهاية لها ..
وأخيرا ثبت أنظاره إلى حيث الشخص الذي كان من المفترض أن يغادر الفرقة ، لكنه وبطريقه ما استطاع أن يبقي نفسه بينهم رغماً عن أنوفِهم جميعاً ..
عادت به ذاكرته حينها لليومين الذين يسبقان هذا اليوم ..
.
.
ـ آرثر أنت ستبقى قليلاً معي ..
قالها ويل بنبرة آمرة أقرب ما يكون من طلب ، ونظرة جادة ترتسم على وجهِه ..
أراد آرثر أن يماطل ويتهرب كعادته لكنه غير رأيه في آخر لحظة حين أدرك أنّ ويل عاقد العزم على فعل ما كان يجب أن يحدُث منذ مدة ..
قال وهو يلاحق ظلال رفاقه التي غادرت الغرفة : ماذا هناك ألن نرافقهم للتدريب ..
ـ هناك حديث يجب أن يقال أولاً ..
نطق ممازحاً وهو يحتضن جسده بذراعيه : شابين في غرفة مغلقة وحدهما سيكون هذا مريباً ، ما رأيك أن نأتي بأحد آخر حتى لا نكون موضع شُبهة ..
ليرد الآخر ببرود غريب : ما رأيك إذا أن ندعو آش لتنضم إلينا ...
ـ لا لا أي شخص إلا آش ، أنت تعلم أنها قد تقتلني إذا لم تكن أوليفيا برفقتها ..
زمجر ويل حينها وقد ضاق ذرعاً منه : كن أكثر جدية يا آرثر ..
زيف الأخير ملامح الخوف على وجهه : حسنا يا أمي أقسم أنني لم آكل الحلوى قبل الغداء ..
|| سأٌجَنّ ، سأُجَن حتما بسببه ||
تمتم بغضب مكتوم : سأقولها بإختصار ، آرثر الفريق لم يعد بحاجة إليك، أرجو أن تغادرنا دون أن تحدث أيّة كارثة ..
حينها فقط سقط القناع الذي كان آرثر يرتديه طويلاً ، قناع البلاهة والبلادة ، سقط ذلك القناع ليظهر وجه جديد لم يبدو مألوفاً لويل مطلقاً ، بدى وكأن من أمامه شخص آخر تماما لا علاقة له بآرثر الذي يعرفه مطلقاً ..
ـ بل أنتم بحاجة إليّ ، أكثرَ مما تتصورون ..
هذا ما تفوه به آرثر بوجهه الحقيقي ، بوجه جامد ونبرة واثقة ثقةً عمياء ..
ثم أستند بجسده إلى الحائط الذي مُلئ بتشققات الزمن وتابع ولازالت تلك النظرة الغريبة على وجهه : لم تكونوا لتصلوا إلى ما وصلتم إليه من دوني ، أنا من قدتكم حتى هذه اللحظة ، أنا من له الفضل كله ، إن تركتكم فأنتم ستصبحون لا شيء ، مجرد مجموعة تافهة تحاول الهرب من جحيم دون إدراك منهم أنهم عالقون في قاعها ..
ثم صمت ليتيح للشاب الأشقر بالحديث لكنه كان مذهولاً .. مصعوقاً .. متفاجئاً ..
كان بحاجة لبعض الوقت حتى يعي عقله ما يحدث ، آرثر الأحمق الكبير يتحدث بكل ثقة .. غطرسة .. غرور .. وينسب كل الفضل له ..
أهذا حلم أم واقع ؟؟
دقيقتان من الصمت ثم انطلقت قهقة عالية مجلجلة ملأت أركان الغرفة ، قهقهة ساحرة فعلا كصاحبها ، قهقهة ببحة متميزة مصدرها ويل ..
ليعود هيبة السكون من جديد بعد دقائق ، اخترقها صوت ويل مجددا وهو يقول بإبتسامة ساخرة : أخيرا أظهرت شخصيتك الحقيقية ، لا بل ما أراه هو جزء لا يذكر من تلك الشخصية التي كنت قد دفنتها منذ زمن ..
ثم استرسل بعد أن تلاشت إبتسامته : لكن لازلتُ على موقفِي ، ستغادر مجموعتنا شئت أم أبيت ..
كان دور آرثر ليضحك هذه المرة لكن هذه المرة كانت ضحكة خشنة .. قاسية .. باردة ..
وعلى حين غرة اندفع باتجاه ويل ناوياً الإطباق على رقبته بقبضته لكن الآخر لم يكن فريسة سهلة فقد استطاع تفادي هجومه بأن أثنى ركبتيه سريعا ثم تحرك مبتعدا عنه ..
أثنى فضي الشعر عليه حينها : ردة فعلك سريعة حقاً ، أنت تعجبني ..
ـ شكرا لإطرائك إنه لشرف كبير أن يتم مدحي من قبل شخص مثلك ..
ثم ضيق بصره بتحدي : إن كنت تريد مواجهتي فلمَ لم تقل ذلك ؟؟ أوه صحيح نسيت أن أقول أن هذا هو أسلوبك أيها الماكر ..
رفع آرثر يديه علامة الإستسلام وعاد يتصنع البراءة : وهل تظن أن عجوزا مثلي قادر على مواجهة شخص مفعم بالحيوية مثلك في مباراة نزيهة ؟؟
هاهو ذا القناع يتجدد ليعود آرثر الأحمق .. آرثر البليد .. آرثر المستفز بنظراته البلهاء ..
|| لست مستعدا بعد لمواجهته ، لم أصل لمستواه بعد ||
ثم ثبت نظره إلى كفيه المخبأتان تحت قفازات سوداء ..
|| حتى مع تلك الإصابة التي في يديه لازال الفوز حلما بعيد المنال ||
نفث ويل الهواء ببطء ، يكره الإعتراف بالهزيمة لكن هذا ما حصل بالفعل ، لذا قال : لنلحق بهم فقد تأخرنا عنهم كثيراً ..
.
صفق بيديه عالياً وهو يصرخ : إنتهت فترة الإستراحة هيا لنعد للتدريب ..
لا استجابة ، الكل على حاله ، لذا أعاد مرة أخرى وهو يشدد على الكلمات : لــقــد قــلــت لـــنــعــد لــلـــتــدريــب ..!
أخيرأً أعاروه انتباهاً واستعد الجميع للبدء من جديد ، الكل يعرف دوره لكنهم لا يؤدونه بالشكل المطلوب أبدا ..
النظرة الحادة التي على وجه آش - التي أرعبت الطفلة وكان سبب نفور الناس - لا تزال كما هي ..
أوليفيا لا تنفذ ما يُملَى عليها مطلقاً فتظل تسرح وتمرح كما يحلو لها ..
آرثر لا يزال يتصنع البلادة والبلاهة ، كل ما أمره بشيء أومأ برأسه وتجاهله ..
وآندي يظل يسأل ويسأل بلا كلل أو ملل ..
كان يهز رأسه يمنة ويسرة غير راضٍ بأدائهم ، أمسك بيد أوليفيا التي كانت تتحرك بعشوائية : عزيزتي أوليفيا يعجبني كيف أنك بشوشة وحيوية لكن حاولي أن تقللي من الحركة بعض الشيء ، فأنت ستشتتين الناس هكذا ..
واستدار لآش : أما أنت فلا غبار على أدائك ، مهما نظرت فخفة يدك مبهرة للغاية ، لكن المشكلة تكمن في أسلوبك ، في الطريقة التي ستعاملين فيها الآخرين ، عروضك تتطلب مشاركة الجماهير لذا حاولي أن تكوني أكثر حِنيّةً ولطفاً ، وسيكون من الجميل لو رسمت ابتسامةً لطيفةً على وجهِك بدلَ هذا الوجوم ..
لدى ويل اسلوبه المميز الذي يجعل من الآخرين تقبل ما يقوله حتى آش بمزاجها الصعب ، يتحدث بلباقة .. برقة .. وتهذيب ..
صحيح أنهم لا يصغون إليه لكن في الوقت ذاته لا يستطيعون الغضب عليه وهذا تماما ما يحصل مع آش ..
أوشكت الشمس على أن تتوسط كبد السماء وبدأ شعاعها يصبح أكثر حرارة ، وهاقد حان وقت عودتهم ، فحتى أشخاص بمثل قوتهم لن يستحملوا حرقتها ..
امتطوا الخيول الثلاثة ..
آش وأوليفيا .. آندي وويل .. آرثر ..
أما الخيل الأخير فقد كان بحوزة نيك ولكن أين هو !!
***
كان الأمر مدهشا ، كيف لتلك القبضة العملاقة أن تنتج مثل هذه الكعكة اللطيفة في مظهرها .. والشهية في مذاقها ..
كيف لصاحب وجه متجهم كهذا وتقاسيم خشنة أن تمتلك أنامل رقيقة لتزين بها كعكاته ..
هذا ما كان يدور في خلد الخمسيني رئيس هذا المخبز المتواضع في تلك المدينة الصغيرة ..
اقترب بخطوات متزنة وهو يتأمل الكعكات العشر أمامه ، رغم أحجامها المتفاوتة واختلاف أنواعها وأشكالها وألوانها إلا أنهم يتشاركون في كونهم جذابة .. شهية .. مذهلة .. يسيل لها اللعاب ..
نعم .. يستطيع الحُكمَ عليها بمجرد النظر إليها حتى قبل تذوقه ..
أمسك بصحن العينات الصغيرة التي كان قد جهزها نيك مسبقا وأخذ قضمة من كعكة الفانيلا بكريمة الشوكولا فإذا به يجد نفسه محلقا في السماء، مذاقها كالنعيم بل أطيب ..
رفع حدقتيه السوداوين وقال وهو لا يزال في العالم الذي انتقل إليه بسبب قطعة الكعكة هذه : إن في يديك لسحر ما أيها الشاب ، الكعكة مذهلة ، رائعة ، شهية ..
ليتمتم الشاب محدثا نفسه لكن بشكل مسموع : أخبرتك أن توظفني منذ البداية لكنك كنت عنيدا ، كنت أعلم أني سأُبهرك ..
ابتسم الخمسيني وقد وضع قضمة جديدة في فمه بنكهة جديدة : من الجيد أنك بقيت تصر عليّ وإلّا لما استطعت الإحساس بهذا الكم من النعيم والسعادة ، إسمع يا نيكولاس أنت ستعمل في مخبزي هذا بدءاً من اليوم ..
أخيرا استطاع بطلنا نيك بعد خمسة أيام من البحث إيجاد عمل له، كان متحمسا للبدء كيف لا وها هو يمارس أحب مهنة لقلبه ، إنها المهنة التي عمل عليها مذ كان صبياً ، نعم منذ صغره ولديه شغف كبير للطبخ لن أبالغ إذا ما قلت أنه قد قضى معظم حياته في المطبخ يطهو ويجرب وصفات جديدة ..
لكنه في الشهور الأخيرة رمى بشغفه وحبه خلف ظهره من أجلها هي ، نعم من أجل تلك الفتاة ، وليس نادما على هذا البتة ، ببساطة لأن تلك الفتاة تستحق أن يضحي بنفسه من أجلها ..
***
يحل المساء وهم كالسجناء في تلك الغرفة الضيقة ، لا يغادرون المكان إلا للتدريب في الصباح ، وفي الظهيرة يعودون لسجنهم ..
كم هي كئيبة تلك الأيام الخمس السابقة ، ولا زال أمامهم أكثر من عشرين يوما ، كيف سيستطيعون التحمل !!
كالعادة .. صوت أوليفيا وآندي وبعض مداخلات آرثر هي التي تصنع صوتا وحركة في المكان ، وإلا لأصبح الجو خانقا لدرجة لا تطاق ..
كان مسترخيا على السرير المخصص لأوليفيا ، واضعا كلتا يديه أسفل رأسه وعيناه تحتضان سقف الغرفة المتصدعة ، سرح للحظات ، نعم لحظات فقط قبل أن ..
ـ أيها العجوز الهرم ..
تلك الصرخة المشبعة بالكراهية اخترقت طبلة أذنه ليهب جالسا وهو يقول منزعجاً : ماذا هناك ؟؟
بتلك العينين الضيقتين رأى كيف أن آش تشد على قبضتها في غضب ، بينما الثلاثيني الطفولي يحتمي بأوليفيا التي اكتفت بإطلاق ضحكات رقيقة ..
|| أغفل عنهم لثانية فقط فأجد معركة على وشك أن تقام ، ألا يمكن يمكنني أن أريح رأسي قليلا ، ماذا فعلت في حياتي حتى أعاني هكذا ، ليرحمني الرب ||
اقترب من آش الجالسة على حافة السرير وهو يقول بتعب : كفى يا آش آرجوك ..
امتدت يدها لتمسكه من ياقة قميصه العشبي وبصوت خافت أشبه بفحيح أفعى : أنت وعدتني أنك ستتكفل بأمر ذلك العجوز الهرم ، لم أجده لازال بيننا ؟؟
لم يخف لا منها ولا من نظراتها ولا حتى من نبرتها ، لذا قال وهو ينظر إلى حدقتيها الزمرديتين : سأقولها مجددا ، لا أنا ولا أنت ولا نيك قادران على هزيمته لذا لا نستطيع طرده ..
دفعته بأقصى قوتها لكنه لم يتزحزح قيد أنملة وكأن قوتها لا شيء أمامه ، لتقول بإشمئزاز : ماكان يجب علي أن أثق بنرجسي ضعيف مثلك ، سأتصرف معه بنفسي ..
حدق فيها لبرهة : حتى إن منعتك فأنت لن تصغي ، إفعلي ما تريدينه لكن اعلمي أنك ستضعين نفسك في موقف محرج إذا فكرت بمواجهته بمستواك هذا ..
ثم ابتعد مسترسلا : الليلة تستطيعين الخروج معه إن أردت لكن حتى ذلك الوقت ابقي هادئة من فضلك ..
|| تظنني ضعيفة مثلك يا ويل !! سأريك من هي آش وستندم على استصغارك لي ||
إلتفتت إلى آرثر الذي عاد يشغل نفسه مع أوليفيا وآندي ، وقالت بصوت هادئ : موعدنا الليلة يا آرثر كن مستعدا ..
تظاهر بأنه لم يسمع إلى ماقالته لكن داخله كان يقول ..
|| ستندمين لأنك لم تصغي لويل أيتها الخادمة ، لكني أرجو أن تمتعيني قليلا الليلة ||
نقرات مميزة على باب الغرفة كفيلة بأن تكشف صاحبها ، قال ويل وهو يحدق في آندي الأقرب للباب : إفتح للطارق يا آندي ..
استجاب الأخير له وهو يقول مرحباُ بعد أن ظهر له جثة نيك العملاقة : أهلاً بعودتك ..
ولج دون أن ينظر للصغير فقد كان منشغلاً بالتذمر : والآن سيستلمني ويل ولن يدعني أرتاح قليلا ، وسيظل يلح علي بشكل مزعج أن أتحدث بنبرة تعجيزية ..
طرق صوته أذن ويل ليكون ردة فعله على كلامه هي ضحكة قصيرة أتبعها : هل الحديث بشكل مشوق وأكثر حماسة شيء تعجيزي !! عجيب أمرك تستطيع أن تقضي يومك كاملا في التذمر بينما تعجز عن جذب الناس !!
ـ لكل منا قدراته ..
حينها تحولت ملامحه إلى الجدية وهو ينطق : لكن يجب عليك ذلك يا صاح ، أنت الواجهة الرئيسية لفرقتنا ، لذا تعال حتى نبدأ التدريب ..
نعم .. ببساطة نيك لا يملك وقتا للراحة ، يعود من عمله مساءً ليبدأ التدريب بعدها مع ويل لساعتين إلى ثلاثْ ساعات ثم يخلدون للنوم ، وبعدما يحل الصباح وجب عليه المغادرة لعمله وهكذا دواليك ..
***
أظلم المكان بشكل مهيب ، والسكون عيّن نفسه سيّدا للمكان ، كل الأصوات سكنت وهدأت ، والأرواح بدأت تحلق في عالم الأحلام ، إلا هي ....
كانت تشعر وكأنها تنام على جمرات مشتعلة ، تظل تتقلب على السرير بشكل متواصل ..
أنّى للنعاس أن يزحف لعينيها وهي في صدد مواجهة شخص كآرثر ..
هي تكرهه .. تبغضه .. لا تطيقه ..
تناديه بالعجوز .. الكلب الهرم .. عديم الفائدة ..
لكن في أعمااقها هي تعلم ومتأكدة وواثقة ثقة عمياء أنه ليس لا شيء كما ينطق لسانها ..
هو شيء تعجز عن وصفه .. تعجز عن مجاراته .. تعجز عن التفوق عليه ..
نعم .. إنه آرثر الذي كانت ولا زالت وستظل تكرهه ..
كيف للوقت أن يكون بطيئاً هكذا ؟؟ كيف لساعات قليلة تمر كأنها دهر ، لن تستطيع المغادرة إلا بعد أن يتأكدوا من كون أوليفيا وآندي قد غرقا في النوم بشكل كامل ، حتى لا تراودهم تساؤلات عن سبب خروجهم في هذا الوقت المتأخر ..
كما أن السبب الآخر هو أنهم بحاجة لأن تكون الشوارع خاليةً تماما من المارة ، حتى يستطيعوا التحرك بحرية ..
ـ حان الوقت يا آش ..
كادت أن تطلق صرخة عالية من فرط الحماسة وهي تسمع ويل قد أعطاها الإذن بالمغادرة ، مباشرة توجهت إلى حيث كان يفترض لآرثر أن يكون مستلقيا فيه لكنها لم تجده ..
حينها أتاها صوته من الخلف : أنا هنا إن كنت تبحثين عني ..
تشنجت في مكانها لثوان ، كيف أصبح خلفها فجأة !!
|| اللعنة عليك أيها الهرم ||
قالت بنبرة حادة دون أن تدير وجهها إليه : هيا رافقني ..
توجهت إلى الباب دون أن تستعين بأي إضاءة فعيناها إعتادتا الظلام فبات من السهل السير دون أي شعلة ..
ثم سحبت السيفان المسندان بجوار الباب ، لقد أعدت لكل شيء ، تبقت المواجهة فقط ..
شعرت بظل ثالث خلفها بالإضافة إلى آرثر ، فاستدارت وقد عقدت حاجباها بانزعاج : ماذا تفعل !! لا تقل إنّك ...
قاطعها ويل : نعم سأذهب معكم ، تستطيعين القول أنني أريد رؤيتك تهزمين آرثر ..
لم تمانع رغم أن في داخلها بعض التردد .. الخوف .. عدم الثقة ..
لكنها طردت تلك المشاعر السلبية بعيدا وهي تقول ببرود : لا مشكلة لكن من سيبقى مع أوليفيا ؟؟
حينها أتاها صوت نيك الهادئ : أنا هنا لم أنم بعد لذا تستطيعون الذهاب ..
ببساطة أخبر ويل نيك بما سيحدث الليلة وطلب منه عدم النوم وإلا لكان مهمة إيقاظه صعبة ..
لم يعد هناك المزيد لتقوله ، لم يعد هناك حجة لإضاعة بعض الوقت ..
أدارت كرة الباب وغادرت برفقة الشابين والصمت قد لازمهم طوال الوقت ..
هو .. كان متأكدا من النتيجة التي ستؤول إليها المواجهة ، لكن لا مشكلة من تلقين آش درساً وكسر بعض غرورها ..
هي .. تحاول أن تتجاهل صوتها الداخلي الذي يحثها على التراجع ، هي ستهزمه بل حتما ستفعل ذلك لا هو ولا عشرة من أمثاله يخيفونها ..
أما الأخير .. فقد كانت نشوة من السعادة تحرقه ، لم يتوقف كفاه المخبأتان أسفل القفازين عن الإرتعاش من فرط الحماسة ، كان يشعر بلذة غريبة ، لذة وشوق لمائع قرمزي ..
نهاية الفصل ..