09-23-2017, 03:20 PM
|
|
تطآيرت علامات الإستفهام حول رأسي .. فأنا لم أفهم مايعنيـه هذآ فسألتُـه
- هل ستذهب لتلك الحفلـة ؟ أتعرف ريــو ؟
إلتفت إليّ وقآل مُتعجبًــا
- ريــو ؟ لآ إطلاقًــا !
أومأتُ بالإيجاب وعآد ليُحيطنــي بذرآعة كي يُصبغ وجهي بحُمرة الخجــل ، صرختُ مُتحاشية النظر إليه
- إبتعد قليلًا .. هذا مُزعج
- ألم تتمنــي قُربي في الســابق !
إلتفتُ إليه فرأيتهُ ينظر إلى عيني مُباشرة ويبتسم ، فقُلت بتحدٍ ونظراتٍ حادة
- أنت قُلتها .. في الســابق !
- لقد أصبحتِ عنيفةً جدًا .. مالذي غيّــركِ ؟
- لا شأن لكْ ..
- حسنًــا ..
صرخت فجأة صرخة ألم أفزعت آكيرا عندمــا ضغطت بقوة على قدمي المُصآبة من غير قصد .. فاغرورقت عينآي بالدموع وتوقفت عن المشيّ
- مابكِ ؟ تؤلمكِ ! هل ضغطتــي عليها بقوة ؟
- لا تسأل أسئلة كثيرة .. أنت مُزعج وثرثآر !
صمت آكيرا وهو ينظُــر إليّ بقلق .. تلك النظرآت لو أنها كانت في السآبق لجعلتنــي أطير فرحًا ، هه حسنًا هذا لا يُهم الآن !
فجأة شعرتُ أنني مُرتفعة عن الأرض .. كيف ذلك ؟
كُنت أنظر للأرض دون أن أستوعب مالذي يحُدث هنا وكيف إرتفعت !!
نظرتُ للأعلى لأرى وجه آكيرا قريبٌ جدًا من وجهي .. وينظُر لي بعينيه الواسعتين مُباشرة ..
صرخت مُعترضة أشد إعتراضٍ على ذلك .. كُنت أتحرك بعنف ودون هُدىَ
- إتركنــي ايها المُنحرف ... إتركــ ...
لم أُكمل صرآخي عندما أخذ يركض بسرعة جنونيــة وهو يقودنـي إلى الحفلة .. كما أعتقد !!
فلقد كُنت مُغمـِضةً عيناي ومُتشبثة به بقوة ، إنني ... خآئفة
شعرتُ بإن الهواء الذي كان يصطدم بوجهــي منذ قليل قد هدأ .. ففتحتُ عينآي لأنظر لما حولي
كُــنا نقـِف أمام بيت .. آه أقصد قصـــر كبير جدًا تتقدمه بوآبة عملآقـة يقف أمامهــا شخص .. لآبد أنه الحآرس !!
كان صوت المُوسيقـى الكلآسيكيـة يصدُر من دآخلـة .. لآبُد أنني قد وصلتُ للمكان المطلوب إذًا ..
نظرتُ إلى أكيرا ببرآءة وقُلت
- ألن تُنزلنــي ..
إبتسم وقآل بهدوء
- بلىَ ..
أنزلنــي آكيرآ بالقُرب من البوآبة أمام الحآرس الذي كان ينظُـر إلينآ باستغراب شديد ..
قآل أكيرآ بـجمود وفي نبرة صوته بعض الجديّة
- ألن تُدخلنا يا هذا ؟
- حـ .. حـاضر سيدي !!
- لكن ، ألا يجب أن أٌعطيه بطاقة الدعوة ؟ هكذا فقط !! أ ..
قآطعنــي أكيرا بإحاطتـه لخاصرتي مُجددًا وجذبي معه للمشي إلى الدآخل
نظرتُ من حولــي
كُنا نمشي في ممر يتوسط حديقـة وآسعة مُـلئت بالورود الحمرآء بشكل جذآب مما يدُب الرآحة في النفس .. كانت مُرتبة بشكل هآدئ وجميل جدًا
وكان يوجد شجــرة كبيــرة جدًا كثيرة الأغصآن في إحدى الزوايا عُلقت أُرجوحـة من الخشب بحبلٍ قوي على إحدى غصونها الكبيرة .. ظللتُ أنظُــر إليها لفترة .. أُعجبت بها كثيرًا
- مي نو ري !
سَرت القشعريرة المعتادة في جسدي عندما سمعت صوتهــا ..
نظرتُ إليها .. كانت تبدو مُختلفــة .. وجميلـــة جدًا !!
جعلت غرتها الشقراء تنسدل بنعومة على جانب وجهها الأيمن .. بينما جمعت شعرها كُلـه ليكون على كتفها الأيمن أيضًا .. وبعض المسآحيق أضفت نعومة وجمالاً على وجهها
كانت ترتدي فُستانًا بلونٍ وردي زُخرف بالأسود على جانبه الأيســر ..
إبتسمتُ رغمًــا عني وقُلت لها
- ريـــن .. تبدين مُختلفة ، وجميلة جدًا
أجابتني ببرود مُتوقع
- شُــكرًا .. لكنكِ تبدين
حَكت ذقنها بتفكيـر وهي تقترب مــني
- مُتشــردة
غضبت جدًا عندما سمعتُ ضحكة آكيرآ الواقف بجآنبي فدفعتُه بقووة عنـي إلا أنني أرجعتُه مرة أخرى بجآنبي بحركة لا إرادية خشية أن أسقُط
قُلت بإنكار
- هذا ليس مُضحكًـا
- أكيرآ .. مالذي فعلتــه بها ؟
نظرتُ إلى رين بتعجُب .. هل تعرفُــه ؟ كيف !!
- هل تعرفينــه ؟
- إنه أخي .. !
" هـــــــاه " !!! ... هل قالت لتوها أنه أخاها .. أم أنه خيّــل إلي ذلك
- تمزحين ؟
نظرتُ إليه من الأعلى إلى الأسفل بعدم تصديق وقُلت من جديد
- أنتِ حقًا تمزحين ، إذا كان هذا أخوكِ .. فهو أيضًا .. أخ ريو !
كيف لم ألحظ الشبـه بينهُمــا .. عينان بُنيتان .. وشعرٌ أشقر ، كما أنهُمـا مُتعجرفان ومغرورين .. آه ربآه !!
أردتُ أن أبتعد فجأة عنه .. أن أركُلـه فيطير بعيدًا جدًا عني .. إلا أنني لا أستطيع ذلك حاليًــا
- مي نو ري !! إن ريو متوتر جدًا بالدآخل .. فلقد تأخرتي ساعة كاملة ونصف أيضًا .. إن والدي غاضبٌ جدًا
إقتربت أكثر مني وأخذت تلتف حــولي وتنظر بعدم رضى
- هل ستُقابلينه وتدخلين الحفلة هكذا ؟
هزت رأسها نافية وقآلت تنظُــر إلى أكيرآ ببرود
- خُذها إلى غرفتــي يا أخي
كما حدث سابقًا .. إرتفعتُ للأعلى فجأة مما أثآر فزعــي .. إلا أنني هذه المرة لم أقاوم .. مع أنني أردتُ أن أوجه بعض الضربآت الموجعة إليه إلا أن ذلك لن ينفع الآن ولن يكون في صآلحي أيضًا
لهذا بقيت هادئــة .. حآولت قدر إستطاعتي أن أبقى صامتة لكنني تكلمتُ بعدوانية
- أنت كريه .. أنا أكرهُــك .. أكره من يقوم بتمثيل دور البطل الطيّــب الذي .... الذي ..
إحمر وجهــي بكامله عندما قآل بسُرعة
- يُنقذ حبيبتــه من الموت في آخر لحظة
قُلت وبالكاد أستطيع إخراج الحروف لأنطقها
- ها ها الموت .. مُضحك جدًا !!
إبتسم أكيرآ دون أن يُعلق بشيء بينما هو يأخذني إلى الجآنب الأيمن من ذلك القصــر الكبير ..
كان يوجد درج طويل بعض الشيء أعلاه باب خشبــي يقود إلى الداخل
فتحه بهدوء ودخلنــا ..
شهقت بدهشة عندمــا رأيت ذلك المكان الوآسع الأشبه بمطابخ المطاعم التي أراها في التلفاز عادة .. كان مليئًــا بالطباخين الذين يتحركون بسُرعة هُنا وهناك ..
إلتف الجميع حولنــا فجأة والبعض ينظُر بإستغراب والآخر بمـرح
- سيدي .. هل أنت بخير ؟ ومن هذه الآنسة ؟
- هل أنتما بخير
لم يُجبهم بشيء فقط إكتفى أكيرآ بهز رأسه إيجابًــا مع إبتسامة بسيطة على ثغره ثُم التوجه إلى إحدى الأبواب الخشبية الأخرى للخروج
أغلق البآب خلـفه ..
كان المكان حالك الظلآم وبآلكاد يُمكننـي الرؤيـة من الشموع المُعلقة على الجدآر .. كانت تُضفـي الى الممر الطويل الذي نمشي فيه بعض الرُعب الذي جعلني أشعر بالخوف الشديد
ها أنا ذا مع أكيرآ لوحدنــا .. وحدنــا ؟
شعرتُ بقلبــي يرتجف من بين ضلوعــي .. يدُق بسرعة جنونيـــة !!!
- يُمكننــي أن أسمع صوت قلبكِ الخآئف الآن .. لذلك توقفـي
- كآذب !
صرختُ بفزع وأنا أُمسك بمكان قلبي بقوة
ضحــِك ضحكة مُجلجلة أغضبتني كثيرًا ثم قال
- كُنت أمزح ، لكنكِ ترتجفين .. هل الجو بآرد أم أنكِ خائفة مني ؟ أنا لا أعُض .. كما أنني لستُ وحشًا !
- بلىَ .. أنت وحشٌ بهيئة بشــَر !
إبتسم دون تعليق ، هاهي عادتُه .. دائمًــا مايكتفي بالإبتسام كتعليق لطيف .. إلا أن ذلك يجعلنـي أتوتر وأشعر بالريبة والغرآبة ..
توقفنا فجأة فقُلت باستغراب
- ماذا ؟ لماذا توقفــت ؟
أنزلنــي بهدوء ثُم دفعنــي نحو الجدآر بقوة .. كانت توجد شمعة معلقة على الجدار فوقي .. وكان ضوؤها مسلطًا عليّ تمامًا
نظرتُ إليه إذ به يقف قريبًا جدًا مني .. حتى كاد يلتصق بي .. كان يضع يديه على الجدار ليمنعنـي من الحرآك .. وكأنني سأستطيع الهروب بتلك الحآلة !
قرّب وجهه مني كثيــرًا .. وكانت عيناه لا تنظرآن سـِوى لعينآي ..
قآل بهــدوء وصوتٍ مُخيف
- أشعر برغبــة في ...
أغمضتُ عينــي بقوة بحركة لا إرادية .. قلبــي ، هذا الصغير المسكين .. لقد تعــِب من هؤلاء الأغبياء الذين يجعلونه يخآف كثيرًا حتى يكاد يخرج لأراه مُلقى أمامي مُحاولاً الهروب .. لن ألومه لو حدث ذلك ! ..
إنتظرت كثيرًا .. مابه ؟ مالذي سيفعلُــه !!
فتحتُ عينــي لأراه واقفًــا أمامي يبتسم .. وأخذت إبتسامته في الاتساع شيئًا فشيئًا .. حتى أطلق ضحكةً قويــــة جدًا أجزم أن كُــل من بهذا البيت قد سمعها
نظرتُ إليه بغضب وقد إحمر وجهــي وأصبح كشُعلة من نآر فعلاً .. أشعُر بالإحراج الشديد .. إحراجٍ لم أشعُــر بمثله من قبل أبدًا .. !!!
أمسكتُ حقيبتــي السوداء ورميتُهــا عليه فأصابت صدره .. لابد أنها كانت كالدغدغة بالنسبة إليه !
- سُحقــًا لك أيها الحقيــر .. أيها الصرصـــور الطائر !
- ماذا .. ؟
كان يُمسك بطنــه ويبدو أنه عاجزٌ عن الكلام .. ذلك أفضل حقًا فلست مُستعدة لتلقـي الإهانات والتعليقــات السخيفة
تحاشيتُ النظر إليه بينما هو يُصوب سبابته إليّ ويضحك بشدة حتى دمعت عينآه ..
إنتظرتُــه حتى هدأ .. فقآل وفي نبرة صوته ضحكـة يُحاول كتمها
- إهه .. غُرفتها ، إنها خلفــي ..
إبتعد قليلًا فرأيت بابًا خشبــيًا كبآقي الأبواب السآبقة ..
نظرتُ إليه بعدوآنية .. وإقتربتُ من البآب ثم أمسكت بالمقبض وفتحتُــه ..
كانت الغُرفة واسعـــة جدًا مصبوغة باللون الأسود والبنفسجــي .. والأرضية باللونين نفسيهُمــا !!
لمـِحتُ رين تجلسُ على سريرهــا الكبيــر المُغطى بغطاءٍ أبيض بسيــط .. ما إن رأتني حتى وقفت بهدوء وقآلت مُشيرة بيدها إلى كُرسي موضوع أمام مرآة كبيرة
- آجلسي
تمثلتُ لأمرها وجلست على ذلك الكُرسي ..
رآحت تمشي بهدوء حيثُ توجد خزانة ملابس كبيــرة سوداء مُلصقة بالجدار
فتحتهــا فرأيتُ فسآتين كثيـــرة لا تُعد ولا تُحصى .. وكأنها خزانة إحدى المشآهير .. !!
كُنت فاغرة فآهي مذهولة .. هذا الكُم الهائل فقط لفتاة صغيرة واحدة !
أخذت تبحثُ وهي تُدندن بألحان أغنية لا أعرفها .. إلا أنها أعجبتني ..
- وجدتُـــه ! هيا ستلبسينــه دون إعتراض !
قُلت لها بتساؤل
- رين .. مقآسك يختلف عني .. فكيف ستُلبسيني إياه
قآلت ببرود وهي تنظُــر إلي بعينين واثقتين
- لقد إشتريتُه خصيصًا لكِ .. سيكون مُناسبًا تمامًا .. أنا واثقة !!
وقفتُ وابتسمتُ بخجل .. لم أعرف ماذا يمكنني أن أقول ، لذلك قد صمتْ وأخذتُه منها وإتجهتُ به إلى الحمآم ..
عــدة دقآئق قصيرة مرّت ثُم خرجت ..
كان فُستانًا أبيض طويـــل بدون أكمام .. رُغم بساطتـه في شكلـه وزخرفته إلا أنه كان مُذهلا .. بالنسبة لي !
إبتسمت رين بسرور .. إبتسامتها تلك كانت مُفاجأة بالنسبة لي .. لم تكُن مُرعبة كما هي العادة ، بل هي إبتسامةُ رِضى
أقبلت ناحيتــي بفرح وقآلت
- جيد جدًا .. بل مُمتــاز ! ، حسنًا .. الآن عودي من جديد إلى الكُرسي ..
فعلتُ كما قآلت وأصبحتُ مواجهة للمرآة الكبيـرة المُعلقة على الجدار ..
قُلت بفضول شديد وأنا أنظر إليها من خلال المرآة وهي تقف ورآئي
- ماذا الآن ؟ هل إنتهينا
- تمزحين ؟ نحنُ لم نبدأ بعد !
أمسكت بشعــري المُنسدل على كتفيّ بنعومة .. ثُم لا أعلم ! فلقد إستسلمتُ للنوم دون إدراكِ منيّ .. هكذآ فجأة !!
~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- مي نو ري ..
فتحتُ عينــيّ بهدوء .. ونظرتُ من حولي إلى أن ثبت بصري على رين التي تنظُـر إليّ بابتسامة واسعة
- تبدين مُذهلــة ..
- هاه ؟
أبعدت نظري عنهــا ووقفتُ لأنظر إلى المرآة من أمامي ..
لقد جعّدت شعري بشكل جميــل جدًا وبسيط لا تعقيد فيه .. أما غرتي فبقيت مُنسدلة على جبينــي بنعومة ..
كما أنها وضعت أساور بسيطة بيضآء وفضية بيدي ..
بقيتُ أنظر بدهشة إلى نفسي ..
- هل هذه أنا ؟ أم أنني أحلُم
- تبدين رآئعــة ..
قُلت بفرح
- كثيــرًا .. ! هل يُمكنكِ أن تقرصيني ؟
صرخت بألم عندمــا قرصتني بقوة في يدي .. هيَ لم تفهم أنها كانت مُجرد مُزحـــة !
- بقي شيءٌ واحد ..
قُلت لها بتعجُب
- ماذا ؟ ماذا غير هذا كُــله !
- الحذآء يابلهاء !
ضحكت من جملتها تلك مع أنها كانت إهانة لي .. لكنها كانت مُضحكة نوعًا ما
- ريـــــــــن ألم تنتهـــ . . . .
رفعتُ رأسي لأنظُـــر لصآحب الصوت الذي عرفتـُه على الفور
- ريـــو
كان يقف خلف الباب مُمسكًا بالمقبض .. كان بابًا مُختلفًا غير الذي دخلتُ منه .. نظر إلي قليلًا بذهول ثم أُغلق الباب فجأةً وبقـــوة وكأنهُ قد رأىَ وحشًــا بشعًــا أراد الهروب منه .. مابه ذاك الغبيّ !
- لا تكترثي له يا مينــوري ... هيا سآخذُكِ إلى حيثُ القآعة
أمسكتُ يدها بتوتر وقُلت بقلق
- أنا خائفة .. لم يسبق لي أن فعلتُ ذلك وذهبتُ إلى حفلة كبيــرة !!
- مي نو ري .. مي نو ري ، لا تصبحي هكذا .. تحليّ ببعض الشجآعة
أومأت بالإيجاب .. وها نحنُ ذآ نتقدم سويةً وقلبي الخائف يدق بعُنف ..
أخذتُ أربت على صدري لتهدئة نفسي مع بعض كلمات التشجيع
- كفى كفى .. أنتِ قوية .. كوني هادئة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وصلنــآ أخيرًا .. ها نحنُ ذا نقف أمام بآب كبيـــر بُني قد نُقشت عليه زخآرف نبآتيـة بطريقة جميلـة
كان البآب مفتوحًــا قليلًا بحيثُ يُمكنني أن أنظر من خلاله إلى بعض الحضــور ..
أمسكت رين بيدي وجذبتنــي معهآ بعدمـا فتحت البآب كُلــه
ثم دخلنــا تلك القآعة الكبيـــرة جدًا ذات السقف الشآهق والأرضية الذهبيــة اللآمعـة ..
قد أثارت إعجآبي فعلاً بحيثُ أطلقت شهقـة لا إرادية تدُل على دهشتــي من مسآحة ذاك المكآن ..
وكأنه ... كأنه إحدى قصور الأمرآء !
بدون شعور مني أصبحتُ أقف وسط تلك القآعة بجانب رين .. هل أتخيل أم أنني ألفتُ النظر ؟ لــِمَ الجميعُ يحدق بي !
- ريــن .. هل الجميع يُحدق بي عليّ ؟
- نعم ..
آه يآرين ، تمنيتُ أن تقولي لا .. فأنا أكره ذلك .. ألا تستطيعين فهم ما أمُر به من خلال يدي التي ترتجف خوفًــا ورهبة ؟
ضغطت بيدها على يدي بقوة وراحت تسحبُنــي إلى حيثُ ... لا أعلم حقيقةً !
إلا أنني فجأة أصبحت أرىَ شخصًــا أعرفه من بعيد ... شخصًا نقترب منه خطوةً خطوة
وصلنآ إليه .. !
كان ريو قد صفف خُصلات شعره الذهبيــه إلى الورآء وإرتدى بزة رسميــة مع ربطة عُنق حمرآء .. بدى وسيمًــا جدًا بها !
ظللتْ وقتًــا طويلًا واقفة أمامه أنظُر إليهِ بشرود كالبلهاء .. ويبدو أنه كان في مثل حالتــي هذه .. فلقد كان فاغرًا فاهه وينظُر إليّ مُباشرة بنظرة غريبة مُندهشة كادت تخترقني !
- آحم ..
إلتفتُ إلى ذلك الصوت الرجولـي العميق ..
كان صوت رجل طويل بعض الشيء .. يُشبه ريو إلى حدٍ ما .. ذو عينين بُنيتين ضيقتين .. وشعرٍ بُني نآعم تخللته بعض الخُصلات البيضآء .. وبشرة قمحية
نظرتُ إلى رين ببلاهة التي بآدرت بمُبادلة نظراتي بالبرود .. لكنها سُرعان ماقالت وهي تمُد يدها لتُقدم لي ذاك الرجل
- مينوري .. إنه والدي ! ، والدي .. هذه هي مينوري التي حدثناك عنها ..
سرت قشعريرة جعلت جسدي كُله يهتز .. لا أعلم لـِمَ لكنه أثآر الرعب في قلبي ، رُبما بسبب نظراته الباردة المتفحصة التي تُشبه كثيرًا نظرات إبنته !
حآولت الإبتسآم بشدة إلا أن إبتسامتي كانت مُتوتره وبلهاء ..
وجّه نظرة مُتفاخرة ينظر بها إلي من أعلاي حتى أسفلي ثُم قآل بعدما إرتشف قليلًا من كأس العصير الذي يحتضنه بين يده
- تشرفتُ بمعرفتك ..
قُلت بهدوء
- أنا أيضًــا ..
- مينـ ... ـوري
نظرت إلى الصوت الذي تحدث مُناديًا إسمي .. فلم يكن سوى ريو المُحمر بالكآمل !!
حدقتُ بوجهه دون أن أرمش حتى ..
دُفعت فجأةً إلى الأمام لأواجهه فأصبح قريبًا جدًا مني
إلتفتُ للورآء فوجدتُ رين تبتسم بشرٍ مُبعدة نظرآتها البآردة عني
عُدت للنظر إلى ريـو المُبتسم بهدوء فشعرت بإحراجٍ شديد وطأطأت رأسي خجلاً عابثة بأصابع يديّ بتوتر
أجبتُـه ببلاهه
- هاه !
ضحـِك بخـِفة وأمسك بعكازيه اللذان كان يُسندهُمـا عند حافة الطاولة الدائرية بجانبه
- تعآليّ معي ..
رفعتُ رأسي وقُلت لهُ بفضول
- أين ؟
هَز رأسه بمعنى أن ألحقه
- لا تتأخرآ
وُجّهت نظراتنا المُتعجبة إلى والد ريو آلذي تحدث قائلاً تلك الكلمة البسيطة بلهجة آمره
أومأنا بالإيجاب وإنطلق ريو مُسرعًا وأنا ألحقه بهدوء
وقفنآ أخيرًا أمام المكان المقصود ، أمام ستآرة حمرآء مُسدلة أمام نافذة طوييلة
وقف أمامهــا ثُم أزاح الستارة بهدوء وفتحهــا ثُم ترك الستارة لتُغطيها من جديد .. أما أنا فـوقفت أمامها دون حراك
- تعالــي يا مُهرجتــي
عقدتُ حاجباي بغضب فأسرعتُ إليه وفتحتُ فمي لأصرُخ قائلة " لا تقل مُهرجة أيها المتخلف " .. إلا أن كل تلك الحروف تبخرت !
فغرت فاهي بدهشـة عندما رأيت ذلك المنظر العجيب ..
كان ريو يستند على حافة السور الذي كان يُحيط الشرفة من الخارج مُرخيًا ساعديه عليه .. ومُميلاً رأسه إلى الخلف ينظر إلى القمر المُكتمل الذي سلّط ضوءه الأبيض على شعره الذهبي
كان المنظر جميلاً جدًا .. لقد راودتني فكرة أنه أمير في احدى القصص الخيآلية لوهلــة !
إقتربت بهدوء إليه .. وفي كُل خطوة كان قلبي يدق معها بقوة لدرجة شعوري به يكاد يخرج ... كما هي العآدة !!
- مينـــوري
توقفتُ .. توقفتُ لألتقط أنفاسي التي تكاد تختفي شيئًا فشيئًا .. أشعُر بالإختناق ، وشعورٍ غريب جدًا ... أريد أن أبكي ، فهذا غريبٌ حتى أني لا أعرف لـِمَ أشعر بذلك
- نـ ... نعم !
رفع رأسه ونظر إليّ مُبآشرة .. كان يُحدق فيّ بجدية
كانت عينآه تلمعآن ببريق مُذهل .. لذلك بقيت فترة طويلـة أحدق فيهما دون أن ألتفت لغيرهمــا
أخذت أقترب منه بهدوء حتى توقفت عندما قآل
- أنا أُحبـــكِ
لـ ... لـحظــة !
لقد توقف قلبــي .. نعم توقف ، هذه المرة أنا أتكلم بجديّــة .. أو أنه قد خرج فعلاً وهرب .. فأنا لا أحس به
ها أنا ذا أضع يدي عليه .. لا نبض !!
حسنًا هذا الشعور فعلاً يكاد يقتلنــي ..
- وأنتِ ؟
- ماذا ؟
هذا ما استطعت قولـه .. حتى إني بالكاد قُلت تلك الكلمة .. صوتي لا أستطيع إخراجه .. هل فقدتُ صوتي أيضًا مع قلبي ؟ أشعر بأني أغبى الفتيات في هذا العالم بهذه اللحظة !!
أخفض ريو رأسه وأخذ يعبث بشعره الأشقر لتتجمع خصلاته المُبعثرة على وجهه بنعومة فتُغطي عينيــه الساحرتين
ثُم أطلق ضحكة مستهتره وقآل بتوتر
- لا شيء .. تجاهلي ماقُلته توًا !
رفع رأسه وابتسم إبتسامة واسعـة ثم أخذ عكازيـه وإبتعد عنيّ .. ذهب دون أن أشعُر .. لقد كُنت أنظر إلى نفس المكان الذي كان مُستندًا عليه قبل قليل
أتجاهل ماقاله ؟ أتجاهله هكذا فقط ....
إلتفتُ إليه فإذ به رحل .. إختفى في غمضة عين ،
إغرورقت عينآي بالدموع .. حاولت التماسُك حتى لا أفسد زينتــي إلا أنني لم أستطع !
لن أخفي على نفسي ذلك .. لقد تمنيتُ سماعها منذ فترة .. لقد تمنيتُ فعلاً أن لا أكون وحدي ضحية الحُب هنا .. وأن أتألم وحدي !
عندمــا أوشكت هذه الأُمنية على التحقق .. أٌفسدت بنفس اللحظــة ... حمآقة ، فعلاً حمآقـــــة
سقطت أرضًا .. قدماي لم تعودا قادرتان على حملي .. نعم أنا مُنهاره .. !!
كنت لدقائق كالوردة الذابلة .. وعندما كُنت سأروى بالماء أخيرًا .. عُدت للذبول من جديد ... بل أصبحتُ ميتةً الآن !
- إنهضي ...
رفعتُ رأسي لأعلىَ فصُدمت بشدة
- آكيـ ... ـرآ
إقترب مني بخطواتٍ واثقة ثابتة وجلس على رُكبته قريبًا جدًا مني ثم رفع منديلاً كان بيده اليُمنى ومسح وجهي
- أنا آسف لمُرآقبتي لكما .. إلا أنني شعرتُ بإن شيئًا غير جيد سيحصل
ضحـِكتُ باستهزاء
- اوه حقًا ، تُريد أن تقنعنـي بإنه لم يكن فضولك من دفعك لتتبعنا !!
إبتسم ونظر للأعلى ثم قال مازحًا
- حسنًا ، رُبما
عقدتُ حاجباي بإنزعاج وعندما هممت بالصراخ في وجهه وضع سبابته على فمي ليمنعني ثم قال
- أنا لم أتتبعكِ بدافع الفضول ، لقد أُبهرت بكِ .. أنتِ تُشبهين ساندريلا ، كُنتِ بمظهر المتُشردة .. والآن أصبحتي كالأميـــرة الجميلة !
أصبح وجهي أحمر اللون بالكامل ويشتعل خجلاً وحاولت قول شيئًا إلا أني كنت أتلعثم كثيرًا حتى إستطعت قول كلمة واحدة
- أحمق
ضحــِك بقوة وساعدني على النهوض ..
قُلت بعصبية دون النظر إليه
- هـ ... هل أبدو .. كالباندا ؟
- كلا ..
- هذآ جيد
فوجئنا بوقوف ريو أمام الستارة ينظُــر إلينا بذهول
نظر إليّ بعينين يملؤهما الفضول ثُم قآل
- مينــوري !
لا أعلم لكنني شعرتُ بتأنيب الضمير .. وكأنني قد إقترفتُ خطأً كبيرًا .. كالخيانة مثلاً !!
قآل أكيرآ بابتسآمة واسعــة
- أنظر ريو .. لقد إلتقيت بإحدى مُعجباتي السابقات ، لقد كانت تعشقنــي .. وربما مازال قلبها معلقًا بيّ ..
جذبني إليه بقوة وأحاطني بذرآعه ثُم قآل بنبرة تحدٍ لريو
- وأظن أنني بدأت أعجب بها ..
نظرتُ إلى ريو وعندما حاولت إنكار كُل ماقاله هذا الخبيث لم أستطع ، شعرتُ بألم شديد في قدمي
طأطأت رأسي فإذ بذاك الأكيرآ يضغط بقدمه بقوة على قدمــي المُصابة ..
في كُل لحظه كان الألم يشتد بسبب قوة الضغط ..
فأخذت أتشبث به وأنا أغمض عينيّ بقوة
- فهـِمت ..
رفعتُ بصري إلى ريو لكنه إختفىَ ..
حملنــي اكيرآ وأنا أتأوه ألمًا وأبكي .. فالألم لا يُحتمل ، أردت توبيخــه إلا أن ذلك ليس بالوقت المُناسب أبدًا ..
سمعت همسه في أٌذني وهو يقول
- أنا آسف .. آسف جدًا
ضربت كتفه بقبضتي بقوة .. فقط آسف ؟ لن أسامحه أبدًا !!
خرجنآ بسُرعة من الشرفة ، لقد كان يحملنـي ويركض بي مُسرعًا جدًا إلى حيث لا أدري ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
رجعنــا إلى الحفلة مُجددًا .. لقد أخذني إلى المشفى ،وضربتــه كثيرًا حتى شعرتُ بالراحة .. لم أرحمه بصُرآخي وتوبيخــي بالطبع
حمدًا لله أنني لم أصب بكسر .. هذا ماكُنت خائفة منه كثيرًا ّ!
إلا أن هذا لا يعني بإن إصابتي سهلة .. وهذا بفضله ذاك الحقير طبعًا .. ومن غيره ؟ أكيرآ !
كُنت أستند عليه ويلفني بذراعه .. أود أن أحطم وجهه
كُنــا نقف في مكانٍ بعيد جدًا عن مكان جلوس ريو وعائلتـه .. كُنا نقف في إحدى زوايا تلك القاعة الواسعة المليئة بالحضور والخدم في كل مكان
إرتميتُ بكسلٍ على كُرسي إحدى الطاولات الموضوعة في تلك الزاوية وقُلت وأنا أنظر إلى الفراغ
- لــِمَ فعلت ذلك ؟
جلس هو الآخر على الكُرسي الذي يواجهنـي ثم قال مُلاعبًا وردة حمرآء بين يديه
- هكذآ .. سيكون أفضل للجميع
نظرتُ إليه بحقد وقُلت بعصبيـة
- إنني أُحبـــه .. كُنت سأقولها !!
قآل بلا مُبالاة
- لكنكِ لم تقوليهــا .. وأنا مُتأكد أنكِ لن تقوليهــا أبدًا
رفعتُ حاجبي بإستغراب شديد .. هذا الأكيرآ ، من يظن نفسه ؟
قآل بعد فترة صمت
- كفىَ .. هذا الشجار لن ينفع ، يجب أن تعودي إلى هُناك .. خلصي أخي من تلك البلهاء جين .. ! أنا فعلاً أشفق عليه
- إذًا .. إسمها جين هاه ؟
أومأ بالايجآب ووقف ليُساعدني على النهوض
كُنت أحاول قدر المستطاع أن أقف بثبات دون أن ألفت إنتباه الجميع بمشيتــي .. لكن لابد أن البعض قد لاحظ !
إقتربنــا كثيرًا منهم وعندمـا وقفت بالقُرب من ريو الذي كان جالسًا على كُرسي يواجهنــي .. أشاح ببصره عني بعيدًا
هذه الحركـة آلمتني كثيرًا !!
زفرت بقوة ثُم قلت بابتسامة مُزيفــة ..
- أنا آسفة على التأخير .. لقد طرأ أمر ما إضطرني على الذهاب .. لكن ها أنا ذا قد عُدت !
رأيت فتاة فائقة الجمــال تقف لتُحييني بابتسامة بسيطــة ..
ذآت شعرٍ أسود ناعم قصير وعينين جميلتيــن واسعتين بلونٍ رمادي جذآب
كانت ترتدي فُستانًا قصير ذو لون أسود ناسبها كثيرًا
إنها فعلاً جميلــة جدًا .. ويبدو أنها رقيقة أيضًا
- أنا جين .. سُررت بلقائك !
- مينــوري .. أنا أيضًــا
كانت الطاولة مليئة بالشباب .. أما والد ريو وجين فقد كانا يتحدثان بعيدًا عنّــا
كانت جين تجلس يسآر ريو .. وآكيرآ بيمينه .. ثُم أنا أجلس بجانب أكيرا بحيث أكون مواجهة لريو .. أما بجانبي فكانت رين ثُم بعدها شخص لا أعرفه ، لكن لا بد أنه أخوها .. فلديه نفس تلك النظرآت الثاقبة !
قال أكيرا بابتسآمة وهو ينظر إليّ
- بالمُناسبة ...
أشار نحو ذلك الشاب الذي يبدو أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين ثم قال
- لم أعرفك بهذا الشاب ، إنه أخي الكبيــر كيم ..
كان كيم ذو عينين بُنيتين داكنتين بعكس إخوته ، وذو شعرٍ بُني وبشرة قمحيـة كوالده .. و ملامح حادة وسيمــة كثيرًا
نظرتُ إليه وابتسمت بينما قال بإحترام
- سُعدت بلقائك
- أنا أيضًــا ..
فجأةً سمعتُ صوتًا أنثويًا قال بمرح وفرح غامر
- بالله عليكم ! ، أكره الرسميــة ، فلتتحدثوا عن شيء ما .. شيء يُضفي بعض المرح إلى هذه الحفلة المُملة !
رقيقة ؟ رُبما كُنت مخطئة بهذه .. !
قال أكيرآ بحماس
- مثل ماذا ؟
قالت جين بتفكيــر
- لنرقُص .. لكن ، أنا أكره الموسيقى الكلاسيكيـة .. لنجعلها موسيقى مثيــرة !!
وقف أكيرا وأمسك بيدها الممدودة ثم قالا سويةً بمرح
- لنذهب إذًا ..
إلتفتت جين إلى الورآء ونظرت إلى كيم بنظرة غريبة ثم قالت
- هيآ ، تعال معنا !
هز رأسه نفيًا وقآل ببرود
- شكرًا ..
وضع سيجارة مابين شفتيــه ثم وقف ليهُم بالذهاب
- سأكون بالخآرج !!
تركت جين يد أكيرا وذهبت ناحية كيم وأمسكت بذراعــه وجذبته معهــا مُرغمًا
- ستأتي معي .. لن أتركك تذهب بسهولــة
- أنتِ مُزعجــة يافتاة !
- لا بأس ، لست أول من يقول لي هذآ ..
- وهذه هي المُصيبـــة .. !!
ضحكت جين بقوة ورآحت مع الشابان اللذان توسطتهما .. كانت ترقص بينهما بسرور وكأنها طفلة بالثامنــة من عمرها
- سأذهب أنا أيضًا .. يجب عليّ الترحيب ببعض الضيوف ..
نظرتُ إليها بخوفٍ وترجي وقُلت
- كلا .. لا تتركينــي رين
نظرت إلي بهدوء وذهبت هي الأخرى دون أن تنبس ببنت شفة ... تلك المآكرة !!
نظرتُ إلى ريو الذي كان يُحدق بجين من بعيــد ثُم تكلم هامسًا
- لا أصدق أن هذه هي زوجة المستقبــل !!!!
زوجة المُستقبل ؟ .. آه ، غبية وكيف أنسى ! ..... سيكونان لبعضهما في النهاية ، لا أظن وجودي سيكون ذا معنى هُــنا
دمعت عيناي ألمًــا .. الآن فعلاً .. لقد شعرتُ بنفس ذاك الشعور الذي يتحدثون عنه ، عندما يُجرح قلبُــك وينزف دمًا ..
أبعدت وجهي بسُرعة عندما نظر ريو إليّ ببرود فجأة
ثُم سمعته وهو يتنهد بضجر وقال
- لا تجعلــي ماحدث يؤثر على علاقتنا .. أعني صداقتنا ، لازلنا أصدقاء .. صحيح ؟
" لا !!! .. لسنا أصدقاء ، لا أريد أن أكون صديقتك وحسب !! "
أردت أن أقول ذلك بصوتٍ عالٍ .. لكني لم أقوى على فعل ذلك واكتفيت بهز رأسي بالإيجاب
- هذا جيد ..
صمتنا فترة طويلــة .. وكنت طوال تلك الفترة ألعب بإصابع يدي بتوتر .. إلى أن سمعت صوته يقول
- ما علاقتكِ بأخي ... أكيرا ؟ كيف تعرفينـه
رفعتُ رأسي إلا أنني لم أنظر إليه .. لم أعد أستطيع فعل ذلك ، بمجرد أن تلتقي عينانا أحس بإنني أُبحر بداخلها .. ثُم أشعر بالخجل الشديد !!
- أنا .. أنا كُنت مُعجبــة به منذ آخر سنة لي في الإعدآدية .. عندما كان في الثانوية .. بالسنة الثانيـة ..
صمتْ قليلًا ثم عدت أقول
- ثم تشجعت لأعترف له .. في السنة المآضية .. إلا أنه قد رفضنـــي ، لم أكُن مميزة كما إعتقدت ..
- كما إعتقدتي ؟
أومأت بالإيجاب وقلت
- كُنا نقصد دائمًا متجرًا للحلويات عند الانتهاء من الدوام المدرسي .. ونلتقي هُناك ثم نذهب للحديقة سويةً ونتحدث .. كان يفهمُــني .. ويُساعدني في حل مُشكلاتي
إبتسمت بعدها رُغمًا عني .. تلك كانت ذكرياتٍ جميلة جدًا .. إلا أنني قد نسيتها تمامًا وقد تذكرتُها لتوي !
- فهمت .. وهل مازلتِ مُعجبــة به ؟
رفعتُ رأسي بسُرعة ونظرتُ إليه بذهول .. لقد كانت عيناه تحملان نفس تلك النظرآت الجدية التي رأيتها سابقًا ..
لكنه فجأة ضحك وقآل بـِمرَح
- لا عليكِ .. هذا لا يُهم ، يبدو بإنكِ فعلاً تُحبينــه .. كيف لي أن اسأل ، لا شأن لي .. صحيح ؟
أردت الإنكار والصُراخ بقولي ( كلا ليس كذلك !! ) إلا أنه قد قاطعني من جديد وقآل
- إنه محظوظ .. كون غبيــة مثلكِ قد أحبته ..
عقدتُ حاجباي بانزعاج وقُلت معترضة
- لستُ غبيــة
أمال ظهره للأمام وحمل ثقل وجهه بيده التي كان مُسندًا إياها بكوعه على الطاولة وقال مُبتسمًا
- بلى أنتِ كذلك ..
رفعتُ رأسي لأعلى وأغمضتُ عينــي وقلت بغضب
- أنت مُزعج
- رؤية وجهك المُنزعج يُعجبنــي ..
فتحتُ عيني ونظرت إليــه .. كان مُبتسمًا بهدوء ، كانت تلك إبتسامة إستثنائية .. مُختلفة ، حسنًا لا يمكنني وصفها !!
إبتسمتُ بخجل وقُلت بغير شعورٍ مني
- تُعجبنــي إبتسامتك
فتح عينيه ونظر إلي باستغراب شديد بينما قد إحمر وجهــي بشدة
- آه .. شكرًا ياصديقتــي !!
صديقتــي ؟ لــِمَ أشعر أن هذه الكلمـة كالطعنـة ؟ لم تُعجبنــي !!
- بالمُناسبة مينــوري .. مارأيُــكِ بجين ؟ هل أتزوجها
- كلا ..
قُلتها بتلقائية .. إندفعت رُغمًا عني .. لا يُمكننــي تركُه هكذا
عاد للنظر إلي بتعجُب وقال بفضول
- لــِمَ ؟
قُلت بتردد وأنا أبحث بعقلي عن أي عذر
- أ .. لأنها ... لأنها لا تُناسبك ، وتبدوا خرقاء كثيرًا .. كالأطفال !
حك ريو ذقنـه وقال بعد تفكير لفترة بسيطة
- أظن ذلك .. لكنها إلى حدٍ ما ... تُشبهـكِ
- كلا لا تُشبهنــي ..
- أمم حسنًا ، رُبما ! .. فأنتِ ذات شخصية غريبة .. مُتناقضة نوعًا ما .. وبصفاتٍ مُختلطـة ..
حككتُ خدي بغباء وقُلت وأنا أنظر إلى كأس الماء الموضوع بجانب يده
- رُبما ..
- بالمُناسبــة ..
رفعتُ رأسي لأواجه نظراتـه المُتعجبة وهو يقول
- لــِم لم تذهبي للرقص مع الحمقى ؟ مع أكيرا !
- لا أريد .. لا أعرف كيف أرقُص
ضحـِك ريو بخفة ثم عاد ليقول بجديّة
- كاذبة .. أنتِ لم تريدي ذلك لتبقي معي .. حتى لا أكون بمفردي ، أليس كذلك ؟ إن كان الأمر هكذا فاذهبي .. فلا بأس بالنسبة لي أن أجلس وحدي
هززت رأسي نفيًــا وقُلت بهدوء
- كلا .. أنا فعلاً لا أعرف كيف أرقص ، وأيضًا .. عندما كنت في طريقي إلى هُنا .. سقطت بقوة وأصبت بقدمي
صرخ ريو مذعورًا ووقف بمساعدة عكاز واحد وسحب إحدى الكرآسي وجلس بجانبي ثم أمسك بيديّ
- أصبتي ؟ حقًــا ؟ والآن .. هل قدمكِ بخير ؟ أتريدين الذهاب الى المشفى ؟ هل تؤلمــكِ ؟
نظرتُ إلى عينيــه اللتان بان فيهما الخوف والقلق الشديديــن .. هُو يُحبنــي بحق ... !
- أنا ....
- احم
نظرنا إلى صاحب ذلك الصوت الذي لم يكن سـِوى والد ريو وبجانبه والد جين أيضًا ..
حاولت إفلات يدي إلا أنه كان يُمسك بها بقوة وينظُر إلى والده بنظراتٍ ثاقبة غريبـة
إبتسم والد ريو وقال بهدوء
- ستُنقــل إلى مدرسة جيــن يا ريو !
وقفتُ بسرعة مذهولـة .. مصعوقة .. متفاجئــة ، سينقــل ؟
نظر إليّ والد جين مُبتسمًا ومد يده ليصافحني قائلاً
- لابد أنكِ مينــوري .. أنتِ جميلة جدًا كما قيل عنكِ !
نظرتُ إليه باشمئزآز وقرف .. لا أعرف لــِمَ فعلتُ ذلك .. حتى أنني فعلتُ هذا مع والد ريو أيضًا ثُم ركضتُ مبتعدة من بين صرخات ريو الذي كان يُناديني
هذا يكفــي .. لا أُريد تلقي صدماتٍ جديدة في هذا اليوم .. هذا يكفــــي !!!!
كانت دموعــي المحبوسة داخل عيني تحجب عني الرؤية .. لم أستطع رؤية أي شيء بوضوح أمامي ..
لقد كُنت أركض .. وأركض .. وأركض ، حتى أني لم أهتم بإصابتي .. ما أصاب قلبــي كان أعظم
لم أتوقف لحظة واحدة .. أحاول الهَرب .. الهرب من ماذا ؟ هه من الواقع !!
خرجتُ من حديقة منزلهم الكبيــرة ووصلت إلى الشآرع .. لقد كُنت أركض بغير هُدىَ .. ولا أعلم حتى أين أتجه ..
أتمنىَ فقط لو أن هذا مُجرد كابوس .. سأستيقظ منه بعد قليل .. أتمنى !!!!
وصلتُ إلى أحد الشوارع المهجورة .. كان الظلام حالكًا جدًا ولم يوجد بالمكان إلا عمود إنارة واحد إجتمعت حوله الحشرات يكاد ينطفئ
دخلتُ إحدى الأزقة وجلست .. أسندتُ ظهري على الجدار ثم أغمضت عيني
سمحتُ لدموعــي الآن بالنزول والبكاء بحرقــة ..
- عندما تعلقتُ به هكذا بسهولـة سيذهب ؟ هذا الشعور مؤلــــم ...
ضربتُ صدري بقوة وضممت رجليّ ثم وضعت رأسي بينهما
شعرتُ بشيء يسقط علي من الأعلى .. قطرة ماء !!
- مطر ؟ هل ستبكــي السماء مثلما أفعل الآن ..
أتمنىَ ذلك ... على الأقل هُنــالك من سيُشاركني الحُزن هنا ..
أخذ المطر يتساقط بغزارة بعدما كان لتوه عدة قطرات صغيــرة من المآء
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فتحتُ عيني بهدوء .. شعرتُ بالفرح .. لابد أنه كان حُلمًا فقط !!
حككت عيني بقوة ثم نظرت حولــي .. لم يكُن حُلمًا أبدًا .. فها أنا ذا في هذا المكان القذر المُظلم عينــه ..
والساعة لم تتجاوز الواحدة فجرًا حتى ..
لكني أشعُر بشيء ما غريب فوقي .. ماهذا ؟
كان فوق رأسي معطف أسود إبتل قليلًا بماء المطر ..
إلتفتُ إلى تلك القدم الطويلة الممدودة لتصل إلى الجدار الآخر المواجه لي ..
رفعتُ رأسي لأرى وجهه البريء النائم بهدوء .. كانت خُصلاته الشقرآء قد إلتصقت به بنعومــة
كان يحتضنني بقوة وكأني شيء ثمين كالكنز لا يريد فقدانه .. كما خيّــل لي أنا ،، ويده التي أحاطني بهآ مُمسكة بمظلـة تُغطــي رأسي ..
أحطتُـه بذرآعي وتشبثت به بقــوة ..
لن أتركه أبدًا .. لن تأخذه فتاة غيـــري !!
بقيت فترة لم أعلم طولها أنظر إلى وجهه .. فتح عينيه فجأة ونظر إليّ
إعتدل بجلسته بسُرعة وقآل وهو يحتضن وجهي بيديه ويتحسسـه بخوف
- مينوري .. أنتِ بخير ؟ أنتِ على مايرام ! هل حدث شيء ؟ هل تأذيتي ؟ سقطتـي ؟ أ أ .. هـ
أبعدت يديه عني وقُلت ضاحكـة
- توقف .. أنا بخير
قال بقلق
- فعلاً ؟
أومأت بالإيجاب مُبتسمــة وقُلت ..
- لم أتوقع أنك ستلحق بي ..
تنهد بارتياح وأسند رأسه على الجدار وأغمض عينيه
- آه .. حمدًا لله
عاد للنظر إلي وقآل بهدوء
- كيف لي ألا ألحق بكِ .. لقد بحثت في كل مكانٍ حتى وجدتُك هنا .. لقد آلمنــي ذهابكِ بهذا الشكل .. حتى أن رجلاي قد تحركتا بتلقائية ..
إبتسمتُ دون أن أعلق بشيء .. أشعر بفرحــة كبيــرة .. جدًا !!!
قال ريو بتساؤل وهو ينظر إلى إبتسامتي العريضة
- مابكِ .. مالذي يجعلكِ تبتسمين هكذا كالمجانين ؟ لا تقولي لي أنكِ قد أصبتِ برأسك وجُننتــي
نظرتُ إليه بشر وقُلت وأنا أقترب منه
- رُبما ..
أخذ يبتعد عني بسُرعة يُمثل دور الخائف المرعوب وأنا أضحك بشدة
أخذ عكّازه الذي كان موضوعًا بجانبه .. ووقف فوقفت أنا أيضًا بمُساعدة الجدآر ..
- أعرف منزلًا لأحد أصدقائي هُنا .. لنذهب إليه !
قُلت له بتعجب
- حقًا ؟ هل يعيش أحد هنا ! .. يبدو لي المكان مهجورًا منذ فترة طويلــة
- إنه مهجور فعلاً إلا من شخصٍ مجنون وآحد
أحاطت علامات الإستفهام رأسي لكنني بقيت صامتة .. سأعرف قريبًا من يكون ذاك المجنون !
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وقفنا أنا وريو أمام عمارة طويلــة مُظلمة بدت لي مهجورة فعلاً .. من المستحيل أن يعيش أحد فيها ..
- هل تمزح ريو ؟ لن يعيش أحد هنا سـِوى الجـِن
- نعم فصديقــي جنيّ ..
نظرتُ إليه بصدمـة وأخذ قلبي يدُق بعنف
- حقًا ؟
- غبيــة !!
رآح يمشي إلى داخل تلك العمآرة وهو يضحك بشدة تاركًا إياي خلفـة ..
تبعتُـه بهدوء وأنا أرفع فُستاني عن الأرض الرطبـة المُتسخة ..
- آه قذارة قذارة قذارة في كل مكان !!
- كُفي عن التذمر يا فتاة .. إقتربنا
وقف ريو أمام إحدى الأبواب الموجودة في داخل تلك العمارة .. طرق البآب بقوة حتى كاد يكسره
- كين .. كيــــــن إنه أنا ريو !! افتح الباب وإلا كسرتُه يا هذا !
فُــتح الباب بعد فترة قصيرة .. فإذ بي أرى كين فعلاً مما جعلني أصاب بدهشة كبيرة
نظر إليّ ببرود ثم إلى ريو ثم أغلق البآب بقوة ..
فتحــه من جديد ونظر إلينا بتعجب وقآل ببلاهة
- ريو ومينــوري ؟
دفعـه ريو جانبًا ودخل مُسرعًا ليرمي بكامل ثقلـه على إحدى الأرآئك الموجودة بالداخل
دخلتُ أنا الأخرى وجلست بجواره
أغلق كين البآب وأقفله ثُم قال وهو يشرب كوب قهـوة
كان شكله مُضحكًا جدًا .. شعرٌ مُبعثر أكثر من العادة .. ووجه شبه نائم وملابس رثـة غير مُنظمة أبدًا
- مالذي جاء بكُما إلى هُنا هكذا ... وأيضًا ، هل تزوجتُــما وحدث إنفجار ما أثناء زواجكما ؟ هل وقعت الحَرب ؟
نظرنا إلى بعضنــا .. نعم فهو يرتدي بزة رسمية سوداء وأنا فُستان أبيض .. وكلانا قد إتسخ وتلطخ وكأننا خرجنا من أحد المعارك للتو
ضحك ريو وقآل
- قـِصة طويلة .. سأحكيها لك ريثما تُعطي مينــوري ملابس ترتديها لكي تستحم
إكتفيت بالنظر إليه بإنزعاج دون تعليق .. فقال لي ببراءة
- ماذا ؟ أنتِ تحتاجين إلى ذلك .. وجهُك أصبح كوجه دُب الباندا !!
قال كين مُهدئًا للوضع بعدما وضع كوب القهوة أعلى التلفاز الذي كان أمامنا
- حسنًا حسنًا .. توقفا ..
نظر إلي ببرود وقال وهو يحك شعـره من الخلف
- إتبعينــي ..
وقفتُ وتبعته بهدوء إلى غُرفته ..
كانت شقته صغيــرة لا بأس بها كشقة لشاب عازب ..
ألقى قميصًا رمادي اللون يبدو واسعًا جدًا على سريره الكبيـر نوعًا ما وبنطال أسود طويل و واسع أيضًا
أشار إلى باب أبيض اللون ثم قال وهو يرمي منشفة بيضاء علي
- ذاك هو الحمام ..
ثُم نظر إليّ بنظرة خُبث مُرعبة
- لا يوجد مفآتيح .. لذلك كونــي حذِره !
قال جُملته الأخيرة تلك وخرَج بسُرعة بعدما أغلق الباب خلفـه
أخذتُ ملابسه بسرعة ودخلت إلى الحمآم ..
لقد كان يكذب .. هاهي ذا المفآتيح موجودة وقد أقفلت الباب بإحكام .. ذاك المُنحرف !!
نظرت إلى المرآة المعلقة فوق المغسلـة .. كُل مايمكنني قولة هو " ياللهـــول ! "
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خرجتُ أخيرًا وأنا أشعُر بالإنتعاش .. لقد كان الأمس يومًا مُرعبًا جدًا ...
أزحت المنشفة عن شعري لأجعلها على كتفي فقط ..
ووقفت بشرود أمام باب الحمام لفترة إلى أن شعرتُ بأحدٍ ما يدخل الغرفة بهدوء
- إنتهيتِ إذًا ؟ هذا جيد .. لقد تأخرتِ فشعرت بالقلق عليكِ !
إبتسمتُ بهدوء وهززت رأسي بالايجاب
إقترب مني وقآل واضعًا يديه على كتفي
- أنتِ بخير ؟
- نعم ..
- جيــد .. هيا أخرجي حان دوري الآن !
نظرتُ إليه نظرة خاطفة وخرجت ُبسرعة بعدما تركتُ منشفة كين على سريره
رأيتُ كين جالسًا على الأريكة يقلب قنوات التلفاز بتملل ويشرب كوب القهوة
رفع بصره إلي ثُم عاد للنظر إلى التلفاز بعدما جلست بالآريكة التي على يمينه
- هل أخبرك ؟
هززت رأسي بالإيجاب كما فعل هو إجابةً على سؤالي
نظرت من حولي .. كانت شقة عادية جدًا .. وشبه فارغة .. جدار أبيض وأرآئك رمادية .. وساعة سوداء مُعلقة بالأعلى
لا أعلم لـِمَ .. لكني أشعر بإن كُــل ماحول كين مُظلم !!
سمعتُ صوت زقزقات عصافير بطنــي التي سببت إحراجًا شديدًا لي .. فنظرت إلى كين الذي رفع حاجبيه تعجبًا وهو يشرب قهوته ثُم انفجر ضاحكًا بينما وجهي قد إحمر بالكامل
- أنا لم آكل شيئًا منذ الأمس ..
ترك كين قهوته على الطاولة الشفافة التي كانت موضوعة أمامه ووقف مع إبتسامة بسيطة على فمه
- يُمكنكِ أن تتبعيني إن شئتِ ..
وقفت لأتبعــه إلى المطبخ ..
- حسنًا أنا لا أملك شيئًا في الحقيقة غير معكرونة سريعة التحضير .. ولحُسن الحظ لم يتبقى منها إلا على عددنا !
إبتسمت وقلت بسعادة
- مُصادفة جميلـة
قال لي مُمازحًا وهو يخرج العُلب من الدولاب المعلق بالأعلى
- ليس بالنسبة لي !
فترة بسيطة جدًا مرت وهو يُعده لنا .. حآول كسر الصمت الذي بيننا فقال بهدوء وهو ينظر إلى سخان الماء
- هل تُحبين ريـــو ؟
نظرتُ إليه بصدمــة .. لم أستطع النُطق بشيء .. لكنني حآولت أن أبذل جهدي
- أنا ...
إلتفتُ إلى الورآء فجأة فرأيت ريــو يقف واضعًا منشفة كين البيضاء على رأسه أمام باب المطبخ ينظر إلينا بجديّه ..
- أنا ...
عاد ذلك النبض العنيف من جديد .. عاد ذلك الشعور الغريب والمخيف إليّ .. كم أكره هذه الحآلة التي أمر بها !
أصبح التنفس صعبًــا .. وصورتــه وهو يقولها لي .. تلك الكلمة ، تُشوش على عقلــي ..
- أنا ...
إقترب ريو كثيــرًا مني حتى كاد يلتصق بي .. كانت نظراته غاضبة مُرعبة جدًا .. لأول مرة أراهــا !
- أنتِ ماذا ؟
- أكرهُــك !!
قالت تلك الكلمــة التي اخترقت قلبـي بعُنف لتُحدث فجوة كبيرة فيه .. أو رُبما جُرح عميق أخذ ينزف !
أغمضت عينيهـا العسليتين الواسعتيــن وأبعدت نظرها عني .. أما أنا فبقيت أنظُر بصدمة وعدم تصديق
حتى إن كانت لا تكن مشاعر الحُب نفسها التي أكنها لها ، سأتحمل ... لكن أن تكرهنــي هذا آخر ما كان سيخطر على البال !!
لم أشعُــر بما حولي سوى عندمـا ربت كين على كتفي وطبطب عليه .. كُنت أنظر إلى مكان وقوفهـا أمامي فترة طويلة
لقد أحببتُ فتاة في السـابق ، وتصرفاتي الخرقاء أدت إلى كُرههـا لي .. فحزنت كثيرًا لكنني في النهاية استطعت النسيان !
أما مينــوري .. مينـــوري !!
تلك الفتاة .. مُختلفة كثيرًا .. لو أن الجميـع قد كرهنــي .. فلا بأس ، لكن .. إلا هي ! لا أستطيع تحمل ذلك ولن أستطيع أبدًا !
خجلهــا وعفويتها يُميزانها ، حُمرة خديهــا تزيدها جمالاً .. وجهها الغاضب وعيونها اللامعـة التي أبحر في داخلهــا ..
صوتها الناعم عندمـا تُحدثني .. كل ذلك يجذبني إليها !
هل يُعقل أنها ... أنها فعلاً مازالت مُعجبة بأخي أكيرآ ؟
- ريــو ... ريو يا أخي !
- همم ؟
نظرتُ إليـه بعينين دامعتين تُحــاولان إخفاء ضعفــي ، هه .. لقد كُنت أتوقع دائمًــا إجابةً إيجابية ..
كُنت دائمًــا ما أحصل على الفتاة التي أريد .. أو أي شيء أريد
لكن هذه المرة ... لــِمَ هذه المرة عندمـا أحببتُ بصدق .. ؟
- خُــذ !
مد إلي عُلبة المعكرونة سريعة التحضير فرفضتهُــا بهزي لرأسي نفيًــا
- لستُ جائعًــا ..
ابتسم كين ووضعهــا جانبًا ثُم مشى بعيدًا عني وجلس على طاولـة المطبخ الصغيـرة ثُم قال رافعًـا حاجبيـه
- إذًا .. أحببتهــا فعلاً !
إلتفتْ للوراء بسُرعة ورفعت رأسي لأنظر إليه مُباشرة وقُلت بثقة
- أنا مُتــأكد من مشاعري ... أنا أحبهـا ، كثيرًا !!
إبتسم كين بثقة وأغمض عينيه ثُم قال ببرود
- من كان سيتوقع هذا .. كُنت تُريد إيقاعها في شباكك إلا أنك انت من وقع فيها !
فتح عينيه من جديد ونظر إلي و توسعت إبتسامتُه ثُم أردف
- حسنًا ... أنا أرى ذلك في عينيك .. لقد كُنت أشعر أن تلك الفتاة بالذات ستستطيع إمتلاكــك !
- ولـِمَ هي بالذات ؟
- لا أعلم .. لكن شيئًــا ما أنا ايضًــا يجذبني إليهـا
اتسعت عيناي دهشة وقُلت بصوتٍ مُرتفع
- كين .. هل تُحبهــا ؟
ضحك كين ببساطة وقال مُحركًــا يديه في الهواء نافيًا ذلك
- لا أقصد ذلك ، فهي كأختي الصغيـرة فقط
شعرتُ بالراحة فزفرتُ بعدمـا هدأ قلبي .. لقد أخذ يدق كقرع الطبول خوفًـا من أن يكون كين أيضًا واقعًا في حُبها !!
أخذت أجول بعينيّ في المكان حتى تركزتا في النهاية على كين المُبتسم وقُلت بهدوء غريب
- لن أترُكهــا .. ستكون لــيّ فقط ولن يحصل عليهـا غيري !
ضحـِك كين بقوة مما جعلنـي أستشيط غضبًـا وأقطب حاجباي إنزعاجًــا .. مالمُضحك بكلامي ؟
- حقًــا أنت شاب عجيب ، وتلك فتاة غريبة ... ثُنــائي أحمق !
تحولت نظراتي إلى الاستغراب والبلاهة فأنا لم أفهم مايعنيه كلام هذا الرجُل .. هو بحد ذاته لــُغز عجيب !
رُغم صداقتنا التي دامت فترة طويلـة .. إلا أنه مازال غامضًــا بشكلٍ كبير .. ولا أستطيع فهمه أحيانًا ،، ذلك يُشعرني بالتناقض .. لا أعلم كيف ؟
على كُلٍ ..
أنا لن أسمح لأحدٍ أبدًا أن يمتلك مينــوري ، لن تكون لأحدٍ سواي ... أنا أقسم على هذا !!
هي الوحيـدة التي يُمكنني تصور العيش معهـا طيلة حياتي .. لا أحد غيرهُــا
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
مرّت عدة شهورٍ طويلــة .. من بعد تلك الحفلة بأيام نُقلت إلى مدرسة للعامة ، مدرسة جيــن الخرقآء .. إنها كطفلة في الخامسة من عُمرها .
لم أُعد أبالي بأي شيء ... لا شيء يجذبني أو يُثير اهتمامي كالسابق ، ولا حتى الفتيات اللاتي كان جُـل اهتمامي بهُن فقط !
لقد اشتقت إليهــا .... اشتقتُ إلى شقاوتهـا ورؤية وجههـا الخجول !
مُن بعد ذلك اليوم الطويل .. تغيبت مينوري عن المدرسة عدة أيام حتى نُقلت إلى المدرسة الأخرى دون توديعهـا .. لم تسنح لي الفرصة لمُلاقاتها
مازالت كلمة ( أكرهُــك ) ترن في أذني .. مازلت أسمع صداهـا قبل نومـي ... والفجوة مازالت موجودة !
- ريــو !
لم أنتبه للكـُرة التي رُميت باتجـاهي حتى اصطدمت برأسي وسقطت أرضًــا
- سُحقـًا هذا مؤلم ..
ابتسمتُ رُغمًـا عني عندمـا قُلت كلمتها التي لطالما قالتهـا عند غضبـِها .. سُحقًــا !
إقترب " سانو " ضاحـِكًا ومد يده ليُساعدنـي على النهوض ..
كان هذا الشاب الطويل ذو العينين السوداوتين والشعر البُـني القصير مُجعد الأطراف صديقي المُقرب في هذه المدرسة ..
أصبحنا أصدقاء في فترة وجيزة وكان هذا جيدًا !
مَــد يدهُ للمُساعدة فأمسكتها ببرود دون أن أقول شيئًـا فبادر هو بالسؤال
- أنت بخير ؟
أومأت إيجابًــا وأنا ابتسم بهدوء
- ريــو .. لا تبدو بخير يُمكنك الإنصراف
إلتفتُ إلى المُدرب الذي كان يجلس على كُرسي كان موضوعًا أمام كراسي الجمهــور فرأيته ينظُر إليّ بجدية
أطرقتُ رأسي بمعنى الخضوع واتجهتُ إلى إحدى الكراسي التي وُضعت عليها منشفة بيضاء صغيرة خاصة بي .. أخذتها ومسحتُ بها وجهي المُتعرق ورقبتي
فعلاً أنا لستُ بخير .. تفكيري المتواصل بهـا سيقودني إلى الجنون !!
أطلقت تنهيدة تعب ونظرت خلفـي عندما شعرت بأنفاس أحدهم السريعة
- تبدو متعبًــا .. لنذهب معًـا
- كلا سانو .. أكمل التدريب ، فأنا بخير ... أحتاج لبعض الراحة فقط
نظر إليّ بعدم تصديق ثُم قال بصوتٍ مُرتفع مُحدثًــا المدرب
- سأرافق ريو إلى المنزل .. يُمكنني ذلك صحيح !
ابتسم المُدرب ببســاطة وهز رأسه بمعنى الموافقة فابتسمت أنا الآخر أيضًــا عندما رأيتُ سانو يحمل حقيبته الرياضية ويضعها على كتفـه
لم يكُن أي شخص في مدرسة جدي سيفعل هذآ .. فالكُــل يتمنى أن يُصبح الأفضل وأن لا يُضيع الفرصة .. فقط للتباهي ولفت الأنظآر !
رُبمــا .. حصلت الآن على صدآقة حقيقيـــة !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كُنــا نقود دراجاتنــا الهوائية قاصدين منزلــي .. أو منزل جين في الحقيقــة !
نعم ، فقد انتقلت للعيش معهــا ومع والديهــا مؤخرًا بما أن منزلـي بعيد عن هذه المدرسة .. هه أحد أوامــر والدي التي لا تُطــاق ..
أثنــاء حديثي مع سانو بشأن المُبــاراة التي سنخوضها ضد فريق إحدى المدارس قريبًـا ، مرت فتاة ذات شعرٍ أسود طويل بعض الشيء تركض بجانبي ..
لا أعلم لـِمَ .. لكنْ قلبي أخذ يدُق فجأةً بعُــنف ..
أوقفت دراجتي بسُــرعة ونظرتُ إليهــا فتوقف سانو أيضًا بجانبــي وقال مُتعجبًا
- ريو ... مابك لـِمَ توقفت فجأةً هكذا ؟
لم أُعره أدنى اهتمام بل أخذتُ أصرخ بصوتٍ عالٍ لمُناداة تلك الفتــاة
- مينــــوري !
توقفت تلك الفتــاة فجأة فناديتها ثانية .. إلا أنها بعد ذلك ركضت مُبتعدة مرة أخرى
قُدت دراجتي من جديد وأسرعت للوصول إليهــا ..
- مينُوري توقفــي .. أرجوكِ .. !
أوقفت دراجتــي أمامها بصعوبـة .. فسُرعتها خارقة !!
رفعت وجههـا لتنظُر إليّ مُقطبة حاجبيهــا بإنزعاج ، أزالت سماعات الأذن الموصولة بجهاز الموسيقى الخاص بها بانفعال وصرخت غاضبة
- مابــِك ؟ لـِم تعترض طريقي يا هذا ؟
طأطأت رأسي خجلاً .. وتحاشيت النظر إليهــا
مابــِك ياريو ؟ هل ستُلاحق جميع الفتيات ذوات الشعر الأسود فقط لأن مينوري تمتلك مثلـه ؟
أشعُــر بأني مُثير للشفقـة حقًــا ...
- أنا آسف ... ظننتُكِ فتاة أعرفها ..
أخذت السماعات البيضــاء التي أحتضنتها بين يديها وعاودت وضعها داخل أذنها دون أن تبالي .. وانطلقت تركُض من جديد !!
نظرتُ خلفـي .. بالتحديد إلى سانو الذي كان يبتسم بهدوء عندمـا وضع يدهُ على كتفـي
- هي بالتأكيد استحوذت على عقلك بالكامل !!
أطلقت تنهيدة تعب صاحبتهـا ابتسامة باهتة على شفتي فأطرقت رأسي بحزن .. لكنيّ مالبثت أن رفعتُه من جديد وفي عينيّ نظرة تفاؤل وحماس
- سأذهب إليهــا !
نظر إليّ سانو بنظرات مُندهشة ثُم مالبثت أن تحولت إلى مُشجعة تحُثني على ذلك
- فكرة جيّــدة ..
ضحكت بقوة وانطلقت مُسرعًــا إلى المنزل والهواء يصطدم بشعري الأشقــر بقوة ليجعل خصلاته تتطاير بعشوائية
- اعلم !!
ضحك سانو هو الآخر وقال مُحاولاً مُضاهاتي في سُرعتي
- مغــرور
زدت من سُرعتــي وصرخت بمرح
- لستُ كذلك !!!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- ريــو .. الغدآء !
- لا أريد ..
كان هذا صوت والدة جين الحنونة .. إن والديهــا يتعاملان معي بلطف بالغ .. كم هي محظوظة تلك الفتاة لإمتلاكها مثلهما !
كُنت أنزل الدرج بخطوات مسُــرعة لأستعد للخروج .. إنه يوم عُطلـة ، سأذهب بصُـحبة سانو وأصدقاءه إلى مدينة الملاهي
كُنت دائمًــا ما أرفض الخروج لكن إلى متى سأبقى على هذه الحال ؟ إلى متى سأظل كئيبًــا وأجلب التعاسة لمن حولي !
سأُبعد هذا الجوّ عنــي .. على الأقل ليوم وآحد .. لن أفكر فيها !
فُتح باب غرفـة جين فجأة وأخرجت منه رأسها المائل باستغراب
- إلى أين ؟
نظرتُ إليهــا بتعجُب وقلت بلا مُبالاة لوجود والديهــا
- ما شأنُــكِ ؟
رأيتُ ملامح الإنزعاج رُسمت على وجهها البريء ثُــم قلت وأنا أفتح الباب للخروج
- سأخرج مع أصدقائي ... سنذهب إلى الملاهي
فتحت باب غرفتهـا بقوة وأخذت تركض مُسرعة باتجـاهي وأمسكت باب الخروج الذي كُنت للتو أمسك مقبضه
- خُذنــي
صُدمت .. ، ليس لمُجرد سُرعتها الخارقة .. بل أيضًا لإمساكها ذراعـي فجأة ..
نظرتُ إلى عينيهــا الرماديتين اللتين كانتا تلمعان بحماس فقُلت بفضول
- لــِمَ ؟
- سأموت .. فعلاً ! لا أحد من صديقاتي سيقيم حفلـة .. ولن يخرجن ، لا أريد أن أحبس في المنزل أرجوك !
قلت لها ببرود بعدمـا أبعدت يدها عن ذراعي ومشيت
- اذهبـي لوحدِك
أوقفني بُكــاؤها الذي أزعجنـي وجعلني أتراجع خطوتين للوراء ثُم قلت بغضب
- هذا مُخجـِل .. خمسة شباب معهم فتاة واحدة !
مسحت دموعهــا وقالت بنبرة طفولية
- لا يُهمنــي .. أريد الخروج !
تنهدتُ باستيــاء .. دائمًــا ما أتراجع عن قراري بسبب هذه الدموع ... مع علمـي أنها كاذبة ، إلا أنه لا يُمكنني تركُهـا هكذا !
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- ريو بالله عليك ! ألا يُمكنك أن تنتظرني قليلًا ريثما أنهي ربط خيوط حذائي .. لـِمَ العجلة ؟
أدخلتُ يداي داخل جيبيّ بنطالي ثُم زفرت بعُمق ووقفت ..
تُرىَ .. كيف سيكون الوضع إن كُنت بصُحبة مينــوري ؟ سيكون الجو صاخـِبًا بالتأكيد .. والشجار قائمًا طوال طريقنا !
- لـِمَ هذه الابتسامةُ الشاردة ؟
رفعتُ رأسي بسُرعة وأنا أنظر إليها بخجل وقد احمرت وجنتاي .. كم أنا أحمق ! ألم أقُل أنني سأكُف عن التفكير ؟!
- لا ، لا شيء .. هيا تحركي فقط !
- بالمُناسبـة .. ما أخبار مينــوري ؟ تلك الفتاة الجميلـة في الحفلة ... لا تزال صورتها محفوظة في ذهني
- أوه حقًا ؟ ... حقيقةً ، أنا لا أعلم
شهقت باندهاش وهي تنظُر إلي وقد توسعت عيناها تعجُبًــا
- كاذب ! ألا تُراسلها ، أو تُكلمها عبر الهاتِف ؟
هززت رأسي نفيًــا وأجبتُ بغضب
- كفىَ .. لا تسأليني عنها أبدًا .. لا تذكُريها إطلاقًـا !!
هَمت لقول شيءٍ ما .. لكن إستوقفها توقفي أمام مجموعة من الشبان والفتيات .. كُل شابٍ وفتاته !!
اقتربتُ منهم كثيرًا وقُلت باستغرابٍ شديد وتساؤل
- ماهذا ؟ ألم تُخبروني أنها رحلة لنا نحنُ الشُبان فقط .. لـِمَ كُل منكم أحضر فتاته معه ؟
تلونت وجوههُم بالحُمرة خجلاً فقال كُل منهم بعبارة موجزة .. أن فتاته أجبرته على حضورها ..
آه الفتيات !! يستطعن السيطرة علينــا بإسلوب ظالم .. لا نستطيع تحمُله ، فقط رؤية عيونهن تدمع تكسر فؤادنا .. فعلاً دموع المرأة سلاحٌ قويّ !!
الرد باقتباس
{[ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ - إلهي لكـ الحمد والشكر نستغفركـ ياعفو ياغفور ]} 19
قديم(ـة) 09-01-2012, 10:34 AM
صورة سولـــــ♥°The Lost Hope♥°ـــي الرمزية
سولـــــ♥°The Lost Hope♥°ـــي سولـــــ♥°The Lost Hope♥°ـــي غير متصل
©؛°¨غرامي مشارك¨°؛©
الافتراضي رد: سأكون فارسك يا مهرجتي
( بعدما حَــل الظلام .. في الساعه الثامنة مساءً تحديدًا )
كانت صدمة كبيرة لي .. كبيرة لدرجـة أنها أصبحت شعورًا مؤذيًا ! .. كالخنجر الذي يشُق طريقه ناحية صدري دون تردُد
مازالت عيناي إلى الآن تنظُران إلى تلك العيون العسليـة .. تلك التي غطتها خُصلات سوداء مُنسدلة عليها بنعومة ..
صاحبتها ، كانت تضحكُ بمَرحٍ وسرور و وجنتاها مُحمرتان بخجل .. دون أن تُدرك أنها سبب في نزيف جُرحي من جديد .. بعدما آمنت أنهُ سيُشفى قريبًا ..
" أكرهُـــــك " .. مؤلمة ، كلمة تخترق قلبي أكثر فأكثر وتزيد من توسع تلك الفجوة الساكنة فيه .. !
كانت مينوري أمام عيناي بصُحبة أكيرآ .. كانا يضحكان سوية ويأكُلان المُثلجات
ما هذا الحظ .. لـِمَ اليوم بالذات قررا الذهاب إلى ذات المكان الذي أُريد أن أرتاح فيه .. أن أنساها به .. هل التفكير بها أمر إجباري لهذه الدرجة ؟
شعرتُ بالضعف حينها وأنا أراها هكذا ، أنا لا أقول هذا لأنني لا أُريد سعادتها ، لكن .. هذا يجعلني اتساءل .. هل ( ريو ) إختفى من حياتها ؟ هل كُنت فعلاً مصدر إزعاجٍ لها ؟
أصبحَت الاسئلة كثيرة .. كُلها أخذت تُصبح سلسلة مُتشابكة عجيبة داخل رأسي .. أُريد من يفُكها ... أريد أجوبة !!!!
فجأة ، شعرتُ بشعور غريب .. أصبحتُ أشعر كأنني كالبُركان الذي سيثور ..
تحول ضعفي إلى غضب عارم !!
كُنت قد إعتذرت من المجموعـة للذهاب لشراء بعض العصير .. لهذا لم يتواجد سوانا ، أنا وجين
أمسكتُ بيدها بقوة وجذبتها برفقتــي إلى حيثُ أكيرآ ومينوري .. كانا بالقُرب من متجر المُثلجات يجلسان على كُرسيّ أزرق طويل ويتحدثان
وقفتُ أمامهما مُدعيًا الصمود بينما أنا كالبناء المُهدم من الداخل !
ابتسمتُ ابتسامة مُزيفة وقُلت بصوت حاولت قدر استطاعتي أن يبدو طبيعيًا
- أوه .. أنتما هُنا أيضًا ، مُصادفة رائعة ..
رأيتُ الاندهاش قد بدا على كليهما ، ثُم أخذ أكيرا يضحك بمرح ويدعوني للجلوس بجانبه .. أما مينوري فما زالت ملامح الصدمة بادية عليها
أمسكتُ ذراعيّ جين بيداي وأوقفتها أمامي تمامًــا مُقابلة لمينوري وقُلت
- كلا .. فنحنُ في موعدٍ الآن .. لا أُريد تضييع الوقت معكما !
ضحـِك أكيرآ وقال بعدما هدأ
- إذًا فقد تأقلمتما .. وأصبحتما طبيعيين ، حسنًا هذا تطور سريع !
قالت جين مُعترضة رافعة حاجبها بغضب
- مالذي يعنيه هذا يا أكيرا ؟
حرّك يديه في الهواء بعشوائية بلا إهتمام دون أن ينطُق بكلمة
بينما أنا ظللتُ أنظر في عينيّ مينــوري بعتب وألف معنى يُحمل بتلك النظرة .. وأتمنى أن تفهمها !!
عاودت النظر إلى أكيرا الذي كان يتشاجر مع جين كالأطفآل وقُلت
- حسنًا إذًا ، نحنُ سنذهب الآن ..
نظر إليّ بنظراتٍ لم أفهمها .. لكنها أقرب إلى المكر والشَر !
- حظًــا موفقًا
أمسكتُ يد جين التي بدَت غاضبة جدًا وأخذت تشتُم أكيرا طِوال الطريق .. مما أزعجني كثيرًا فاضطررت إلى إغلاق فمها بعدة كلمات جارحة
أوقفتنــي فجأة أمام لعبة مُرعبة .. أنا لا أُحب هذه الألعاب المُخيفة !
- دعينا نعود إلى أصدقائي .. تأخرنا كثيرًا سيقلقون علينا .. هاتفي قد أقفل !!
- أرجووك .. هذه فقط ... هذه فقط صدقني
زفرتُ بتعب ، لا خيار أمامي سـِوى المُوافقة .. فأنا لا أُحب جرح مشاعرها فهي كالطفلة الصغيرة .. ستُصر على دخولها حتى إن عُدنا للمنزل
- حسنًا .. سأنتظـِر بالخآرج !
نظرت إليّ بتساؤل وقالت
- ألن تلعب ؟
- كلا !
حدقت فيّ بنظرات مكر ولؤم ثُم قالت وهي تُشير بسبابتها إلى أنفي
- جبان
لستُ في مزاجٍ جيد للرد عليها ، فاكتفيت بتصويب نظراتٍ حادة إلى عينيها مُباشرةً علّ هذا يُبعدها ولو القليل عني
إنتظرتُ خارجًا لمُدة عشر دقائق على الأقل .. أصبح الوقت يمُر بسُرعة دون أن أشعُر .. وبقيت جين داخل اللعبة فترة طويلــة !
هل ... هل حدث لها مكروه ؟
وقفتُ أترقب خروجها فترة أطول .. الجميع قد خرج سواها .. هذا الأمر بات يُقلقُنــي ..
قررت أن أدخُل إلى هذه اللعبـة المُخيفة لأبحث عنها .. هل نامت بالداخل تلك الخرقاء ؟ هذا ليس إحتمالًا بعيدًا أبدًا !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
- آوه ، تقابلنا مُجددًا !
- منْ ؟ من أنت ... ثُم ماهذا الشيء الذي تضعُه بجانب رأسي ؟! أبعده يا هذا لم أدخُل للعب أريد البحث عن صديقتي !
ضربنـي المجهول بذاك الشيء الصُلب بقوة آلمتني جدًا مما جعلني أصرخ إلا أن يده قد كتمت صرختي
- ريو ، هل تذكُر حادثة المتجــر ؟ هه هل تذكُر " الأرنب " الذي وقفت أمامه كالبطَــل ؟
أخذ شريط الذكريات يلف داخل رأسي حتى وصل إلى ذلك الحدَث .. تذكرتُ تفاصيله كُلها ، عندما كُنت داخل غُرفة أشبه بالمخزَن مع مينوري !
توسعت عيناي إندهاشًا وصدمة .. أيعقل أن يكون هو ذاته ؟
- لا تقُل لي !
- بلىَ .. إنه أنا !!
كيف له أن يعرف إسمي ؟ بل بمكاني .. أيضًــا .. ماهذه الصدفة الغريبة ؟ كلا .. من غير المعقول أن تكون صدفة أصلاً !
قُلت بحدة وتساؤل
- هل .. بحثت عني ؟
- كلا .. أنا أعرِفك منذ أول لقاء ...
هممت بسؤاله عدة أسئلة حيّرتنـي كثيرًا .. لكـِن جوابه كان الضحِك فقط ! مما جعلني أستشيط غضبًا وأحاول مواجهته .. لكن المكان مُظلمٌ جدًا ، لا توجد سـِوى أنوار حمراء لا تُجدي نفعًا .. لا يُمكنني رؤيته !
شعرتُ بيده القويـة تُمسك بمعصمي وتلفني ليُصبح ظهري مُقابل ذاك الرجُل مرة أخرىَ ! ..
لف ذراعه بقوة حول رقبتــي وصوّب فوهة المسدس بجانب رأسي من جديد وقال بهمس
- إن نطقت بحرفٍ واحد .. أقسم أني سأقتُلك ، لن أتردد بهذا !
أخذت أختنق مما جعل الرّد عليهِ صعبًا .. ثُم شعرتُ بمنشفة تُغطي أنفــي وفمـي وكانت هي آخر ما أذكُره .. فمن بعد ذلك لم أشعُر أو أرى أي شيء على الإطلاق !!!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
( ريــو )
- آوه ، تقابلنا مُجددًا !
- منْ ؟ من أنت ... ثُم ماهذا الشيء الذي تضعُه بجانب رأسي ؟! أبعده يا هذا لم أدخُل للعب أريد البحث عن صديقتي !
ضربنـي المجهول بذاك الشيء الصُلب بقوة آلمتني جدًا مما جعلني أصرخ إلا أن يده قد كتمت صرختي
- ريو ، هل تذكُر حادثة المتجــر ؟ هه هل تذكُر " الأرنب " الذي وقفت أمامه كالبطَــل ؟
أخذ شريط الذكريات يلف داخل رأسي حتى وصل إلى ذلك الحدَث .. تذكرتُ تفاصيله كُلها ، عندما كُنت داخل غُرفة أشبه بالمخزَن مع مينوري !
توسعت عيناي إندهاشًا وصدمة .. أيعقل أن يكون هو ذاته ؟
- لا تقُل لي !
- بلىَ .. إنه أنا !!
كيف له أن يعرف إسمي ؟ بل بمكاني .. أيضًــا .. ماهذه الصدفة الغريبة ؟ كلا .. من غير المعقول أن تكون صدفة أصلاً !
قُلت بحدة وتساؤل
- هل .. بحثت عني ؟
- كلا .. أنا أعرِفك منذ أول لقاء ...
هممت بسؤاله عدة أسئلة حيّرتنـي كثيرًا .. لكـِن جوابه كان الضحِك فقط ! مما جعلني أستشيط غضبًا وأحاول مواجهته .. لكن المكان مُظلمٌ جدًا ، لا توجد سـِوى أنوار حمراء لا تُجدي نفعًا .. لا يُمكنني رؤيته !
شعرتُ بيده القويـة تُمسك بمعصمي وتلفني ليُصبح ظهري مُقابل ذاك الرجُل مرة أخرىَ ! ..
لف ذراعه بقوة حول رقبتــي وصوّب فوهة المسدس بجانب رأسي من جديد وقال بهمس
- إن نطقت بحرفٍ واحد .. أقسم أني سأقتُلك ، لن أتردد بهذا !
أخذت أختنق مما جعل الرّد عليهِ صعبًا .. ثُم شعرتُ بمنشفة تُغطي أنفــي وفمـي وكانت هي آخر ما أذكُره .. فمن بعد ذلك لم أشعُر أو أرى أي شيء على الإطلاق !!!
كانت الرؤية مُشوشَة بعض الشيء .. وعلى مسامعي يرن صوت هامس يُناديني باسمي
- ريو ... ريو أجبني ، إستفق أرجوك .. !
أغمضتُ عينيّ بقوة ثُم عاودت فتحهُما من جديد .. أردتُ أن أرفع يداي إلا أنني فوجئت بأنهما قد قُيدتا بحبال تمنعُني من ذلك !
كُنت أنظر حولي بدهشة .. ثُم نظرتُ إلى تلك الفتاة التي كانت على مايبدو مُقيدة أيضًا .. لم أستطِع رؤية وجهها فالمكان مُظلم .. لا تُنيره سـِوى شمعة مُتوسطة الحجم قريبة مني
كانت غُرفة ضيقة نوعًا ما .. كُنا أنا وتلك الفتاة نُقابل بعضنا البعض .. أي أنها كانت أمامي مُباشرة لكن مسافة طويلة تفصل بيننا
ميّزتُ أنها فتاة من حذائها الذي ترتديــه !
- ريو .. أَستيقظت ؟
هززتُ رأسي بالموافقة ثُم قلت بفضول
- جين ؟
- مـ .. مينوري !!
كلا ! ... مينوري ؟ ومالذي أتى بها إلى هُنا ؟
- أنتِ تمزحين !
- لستُ كذلك أيها الأخرق
- ولِمَ انتِ هُنــا ؟
- وما أدراني ! لقد لحـِقتُ بك عندما رأيتُك تدخل تلك اللعبــة .. وفجأة أصبحتُ هُنــا
أردفتُ بغضب
- وَلــِم تلحقين بي ؟
- كُنت أريد مُحادثتك ..
حَل الصمتُ بيننا .. لم أستطـِع قول شيء ولا أدري ماذا أقول فعلاً .. مُنذ فترة طويلـة لم نرَ بعضنا ، ثُم يكون لقاؤنا هكذا ؟
لا أعلم أي كارثة أخرى قد تجمعنا من جديد في المُستقبل أيضًا !!
فجأةً تذكرتُ ذلك المنظر الذي أغضبني كثيرًا .. عندما رأيتها مع أكيرا .. معًا يتحدثان بسرور .. وأيضًا يخرُجان سوية !!!!
- ريـو .. أنا ، أنا خائفة
- وما شأني أنا ؟
خرجَت تلك الكلمـة من فمي بنبرة حآدة وقاسيةٍ جدًا .. أعلم أنها جارحة ، لكن لا أحد يستطيع لومــي .. فالنيران تحرق قلبــي
أصبح الصمت سيد الموقِف من جديد فزفرتُ بضيق ، ونطقت بعدة كلمات عفويـة خرجت دون أن أشعُر
- أَتُحبينـــه ؟
....... انتظرتُ كثيرًا .. لا رد !
حسنًــا فهِمتُ الآن .. هي تُفضل أكيرآ ، تُحبــه .... لآ يُمكنني إجبارُها على محبتـي ، لكن لا يُمكنني أن أقبل بهذا .. لن أستطيع أن أكون كعادتي معها أبدًا !
فجأة أخذت أسمع صوت شهقآت .... تبكي ؟
- مينــوري .. أنتِ تبكين ؟
لآ رد ... لابُد أنها كانت تبكــي .. لكن مُنذ متى ؟ هل بسبب أني قُلت أنه لا شأن لي ؟ ..
توترتُ كثيرًا .. أنا لا أُحبها أن تبكــي .. هذا يؤلمنـي جدًا .. نظرتُ إلى حيث الشمعة بجانبي .. صحيح أنه لا يُمكنني أن أراها جيدًا .. ولكنني خجلتُ من أن أنظُر إليها
- آسف ... توقفــي
- لـِمَ تُعاملنـي بجفاء ؟ ولـِمَ تـِلك النظرة المُرعبة التي حدقت إلي بها عندما كُنت مع أكيرآ .. كانت مُخيفة ..
- تسألين لـِمَ ؟ أنا أُحبــكِ يا مينوري .. أُحبك .. بالطبع لن أقبل بإن تُحبين غيري ..
- أنا لن أُحب أحدًا غيرك
اتسعت حدقتا عينــي في إندهاش ... هل ما سمعتُه الآن كان مُجرد خيآل أم ماذا ؟ لقد جُننت .. هذا مؤكد !!!!
- ماذا ؟
أخذَت فجأة تتنفسُ بتوتر .. كان ذلك باديًا على صوت أنفاسهــا المُتسارعة ..
- وأكيــرا ؟
- مـِن المآضي !
- لكـِنكِ تخرُجين معه ؟
- بـِسَببـِك !
كانت كلماتُنا سريعة وتخرُج من أفواهـِنا بتلقائية .. إلى أن قالت أنه بسببي فتوقفت ، ماذا فعلت لها ؟
- إذًا تبحثين عن غيري بمُجرد أني رحلتُ مُرغمًا ؟
فاجأتني بصُراخهــا الذي خالطه بُكاء مرير وهي تقــول
- أحمق لقد قُلت أني لن أُحب غيرك .. ، لقَــد كُنت أتمشىَ ولا وجهة مُحددة لدي .. إلى أن قابلنـي أكيرا صُدفة ، وكان ذلك مـِن حُسن حظي .. فلقد إحتجتُ إلى من أكلمه فعلاً عن ما أمُر به
- ما تمُــرين به ؟
- لا تُقاطعني !
أسكتتني جُملتها تلك فهززتُ رأسي إيجابًا لتُكمل بعدما هدأت قليلًا لكنها مازالت مُنفعلةً بعض الشيء
- لقَد كُنت أفكر بك طوال اليوم ، حتىَ أن درجاتي قد تدنّت لأني لا أستطيع التركيز .. مكانُك خالٍ .. كُنت دائمًا ما أتذكر مواقفنا المُضحكة .. عندما كُنا نسحب كراسي بعضنا .. أو عندما تُزعجني بخربشتك على طاولتي
لقد كُنت كل يومٍ أنتظرُك لتُفــاجئني بقدومك .. أو لتزعجنـي بمقالبك ، حَتى صُدمت بأنك قد نُقلت .. هكذا أصبحتُ أشعُر أني بلا روح .. فعلاً ! لقد تدمرتُ كُليــًا !!!
و ... وذلك اليوم ، عندما أخبرتنـي بإنك تُحبني .. فرِحتُ كثيرًا ، وعزمت على إخبارك ... لكني لم أستطِـع ، أعلم .. حمقاء ، هذا ماتقوله في عقلـِك أليس كذلِـك ؟
كُل كلمـة مما قالت جعلتنــي أصدم .. لم أتوقع هذا ولم يخطُر على بالي أبدًا .. هذا أكبر من أن يتحملـه عقلـي حتى !!
- لكن ، ماذا عن قولكِ أنكِ تكرهينني ؟ مازال تأثير تلك الكلمة الجارحة يؤلمني
- لم أقصِدها ، لكن عـِندما كُنت تنظر إلي بتلك النظرات المُرعبة الحادة .. خـِفت كثيرًا ، فنطقتُ بها .. حتى أنا لا أعلم لـِمَ قُلتها ..
أنا لن أبكي ، لكن شعور الراحة العجيب الذي أحسست بهِ حينهـا .. جعل عيناي تدمعان ..
إذًا .. فمينــوري لي وحدي ، وهي لا تُحب سواي ... هي ليسَت لأخي الكريــه .. هي ، لي أنا !!!
أردتُ أن أقترِب إليها .. فما كانت لي من طريقة سوى الزحف على رُكبتي للوصول إليهــا ..
وصلتُ إلى مُنتصف المسافة .. شعرتُ بحاجة كبيرة إلى احتضانها ، صحيح أن يداي مُقيدتان .. لكن لا بأس حتى بالجلوس بجانبها
اقتربتُ إليها وأوشكتُ على الوصول إلى الجدار .. لكن ما أوقفنـي هو صرير الباب الذي فُتح فجأة وتسلل منه بعض النور إلى الغُرفة
- مالذي يحدُث هُنا .. إرجع إلى مكانك أيها الأخرق
- ما شأنُك ؟ و لـِمَ نحنُ هُنا ؟!
ضحـِك ذاك الشاب الغريب الذي دخل فجأةً ذو الشعر الأسود والعينين الخضراوتين وقال
- هوّن عليك ، بـِما أن والديكُما سيدفعان الدين .. سنُطلق سراحكما آمنين سآلمين ، لكن
ابتسم ابتسامة جانبيـة وقال بثقة
- إن لم يدفعا ، فستُقتلان ، على كُلٍ .. لا تحتاج إلى فهم الأمر لأن ذلك قد يُسبب لك صداعًا حاد كما هو الحال معي ! ، أنا سآخذ فتاتك لبعض الوقت .. سأُرجعها إليك عندما ينتهي موضوعنـا
ضحـِك بقوة ثُم أردف بـِشَر
- ولرُبما لن أفعَل !!
أمسَك بذراع مينــوري بقوة وجذبها ناحيته وهي تصرُخ معترضة مما أثار غضبـي ..
آه ... أشعُر بألمٍ فظيع برأسي .. لا ، ضغطــي بدأ يرتفع !!!
في الآونة الأخيرة لم أكن آخذ دوائي .. هذا ليس جيدًا
أردتُ الصُراخ .. أردتُ أن أفعَــل أي شيء .. ثُرت كالبُركان ..
- ماقصة الدين ؟ .... ولـِمَ هيَ ؟ خُذونــي أنا !!
عاود الضحـك بشكل مُستفز وأغلق الباب بعدما خَرج وظللت أسمع صوت قهقهآته وصُراخ مينـوري من خلفــه ..
ألم فظيييع .. لآ يُمكنني تحمُل هذا ..
استلقيت على الأرض وأغمضت عينيّ بهدوء .. هه وكيف أهدأ ومينــوري لا أعرف ما مصيرُها أو مالذي سيفعلونه بها ؟
أكاد أُجَــــن !!!!!!
( مينــوري )
- كلآ ... مالذي تُريدونــه مني ؟ أنا لم أفعل شيئًا .. ثُم من أنت ؟
ضغط ذلك الشاب على ذراعي بقوة وتوقف فتوقفت معــه فجأة
خِفت كثيرًا من لمعة الغضب التي ظهرت في عينيه الخضراوين فصمتِ خشية أن أقتل حقًا !
مشينا مسافة طويلـة في ممر ضيّق تُنيره شموع مُعلقة على جدرانه .. إنهُ يُشبـه الممر الذي يوجد في منزل ريو كثيرًا !!
وصلنا إلى بابٍ خشبي أيضًا يُشبه أبواب منزل ريو .. لكن من غير المعقــول أن أكون بـِه ؟
فتح ذلك الشاب المُخيف الباب وألقى بي بقوة على الأرض
دب الرُعب في قلبي وأخذ يدق بعُنف .. مالذي سيحِل بي ؟
- مينــوري ..
جدي .. إنه صوت جدي ! .. غير معقول ..
رفعتُ رأسي لأعلى لأراه واقفًا أمامي ويُساعدني على النهوض .. وكان بجانبة والد ريو و والد جين ... و جدُه أيضًا !! .. ومن ثُم نظرتُ إلى ما ورائهم فرأيت رجالاً كُثر يرتدون بزة رسمية سوداء
- مينوري يا ابنتي .. هل انتِ على مايُرام ؟ هل آذوكِ ؟
نظرتُ إلى الشاب الذي أحضرني إلى هُنا عندما تكلم دون أن ينظر إلينا وهو يُسند كتفه على الباب
- نحن لم نفعل لها شيئًا .. ولا تُثرثر كثيرًا كحفيدتك وأخبرها بالموضوع مُباشرة .. بات الأمر يُغضبني يا عجوز !
هز جدي رأسه بالموافقة دون التعليق .. ونظر إلي بنظرة رجاء لم أفهم مغزاها
- مينــوري .. يا ابنتي أنتِ أملُنا الوحيــد .. أنا فعلاً آسف !!
قُلت بتساؤل
- مالذي يجري ؟ فجأة من مدينة الملاهي أصبحتُ هُنــا
- سأخبُركِ بكُل شيء .. وأصغي إليّ جيدًا ..
حدقت في كُلٍ من والد جين و والد ريو وجده بفضول بينما بادلونـي نظرةً باردة ، ثُم عُدت ببصري أنظر إلى جدي وهززتُ رأسي موافقة حتى يُكمل
- إن والدا ريو وجين قد عقدا صفقـة لمشروع ضخم ظنا أن ربحهُما فيه أكيد ، لذلك تدينا لوالد هذا الشاب هُناك بمبلغ كبيــر جدًا .. حتى يرُداه بعد الربح
إلا أن ذلك لم يحدُث .. فخسـِرا الكثير ..
قاطعتُ جدي بفضول
- وما شأني أنا ؟
- آه ، عندما آخذوكِ .. ذهبَ كُلٌ من والد ريو وجين وأيضًا جده ليتأكدوا من ذلكِ .. وتبيّن لهُم أنه قد حدث خطأ ما .. ولحُسن الحظ أن صديقي يعرفُكِ جيدًا ، فاتصل بي وأخبرني بذلك .. وأتيتُ على الفور
تنحنح ثُم أكمل
- لقد ظنوا بأنكِ جين ، فخطفوكِ أنتِ وريو لتكونا رهائن حتى يرُدا الدين .. على كُلٍ ..
نظَر إلى عينيّ وأمسك بعضديّ بقوة
- لقد ترك لكِ والدُك ثروة كبيرة عندي قبل موتِــه ..
لم أعي ما قاله بدايةً على الإطلاق .. واكتست ملامح الغباء وجهي تمامًا فقال بعد تنهيدة قصيرة
- لقد أصرّ ألا أُخبركِ بهذا إلا عند بلوغك عشرين عامًا ، لكننا نحتاج إليكِ يا ابنتي .. كما أن جد ريو قد ساعدني كثيرًا من قبل ولا يُمكنني أن أقف الآن مكتوف اليدين عندما إحتاجني !!
أخذت أتنفس بعُمق وأغمضتُ عيناي وشعرتُ بالتوتر .. وشرعت أرتب كلامه في ذهني حتى أفهمه جيدًا وأتصرف بحـِكمة !
تقدّمتُ ناحية والد ريــو بثقة ووقفت أمامه ثم رفعتُ رأسي لأنظُر لعينيــه الباردتين
- سأقوم بالمُساعدة .. لكن بـِشرطٍ واحد !
رفع حاجـِبهُ إستغرابًا مما شجّعنـي على القول
- لا يُهمنـي المآل .. إن كُنت سأحصل على ريو !
ابتسَم وقال باستخفاف
- لم أفهم مايعنيهِ هذا ؟
- الأمر ليس صعبًا ، كُل ما أريده هو أن يكون ريو لي .. أي أن ينفصل عن جين .. فهو يُحبني .. وأنا كذلك !!
زم شفتيه وأغمض عينيــه .. ثُم استدار ناحية والد جين طالبًا عونــه ورأيه
ابتسم والد جيــن بحنان وقال يُخاطبنــي
- لكِ هذا ، كما أني لن أقبل أن تتزوج ابنتي بشــابٍ يكُن مشاعر الحُب لأخرى !!
وددتُ أن أقفـِز فرحًا إلا أن موقفنا الآن لا يسمحُ بذلك .. فاكتفيتُ بابتسامة واسعـة رُسمت على ثغري
شعرتُ بيدٍ توضَع على كتفـي الأيمن فرفعتُ رأسي لأرى جدي المُبتسم بدوره يغمز بـِمرح .. مما جعَل وجهي يُصبغ بالكامل بحُمرة الخجل
أدارنــي لأًصبح أمامهُ مباشرةً ثُم شدّني إليهِ بقوة وأحتضنني بدفء ..
حينها ضحِكتُ بسرور و وددت لو كان باستطاعتي أن أتشبث بهِ بقوة ولا أفلته أبدًا !
دمعت عيناي باكيةً بصمت ، اشتقتُ كثيرًا لضمـِه .. افتقدتُ هذا الإحساس الذي كان دائمًا مايُشعرني به عند حاجتي إليه
أتمنى لو تدوم هذه اللحظة إلى الأبد !
أبعدني عنه بهدوء ثُم وجّهنا أبصارنا جميعًا إلى ذلك الشاب ذو النظرة الثاقبة الواقف عند البــاب وقد فهم مغزى نظراتنا المُتفائلة تلك ..
بعد ذلك ... انطلقنا جميعُنا خلفه بعد إشارة منه بإن نتبعه ...
استوقفنــي جدّي قائلاً بجديّة
- لا تتحركــي .. سنحُل هذه المسألة وحدنا ، لذلك ابقيّ هنا ..
أردتُ ايقافه وإقناعة بذهابي معه إلا أنه أصر على بقائي .. فلم أُرد أن أطيل المسألة وهززت رأسي بالإيجاب مُرغمـة !!
بعدما ذهبوا .. جلستُ على كُرسيّ أحمـر زُينت أطرافه باللون الذهبيّ .. كما كان حالُ السقف والأرضية الذهبية الواسعة اللآمعــة
إنها تُشبه إلى حدٍ كبير القاعة التـي في منزل ريــو ..
وقفتُ مشدوهــة عندما ميّزتُهــا .. إنها فعلاً هيَ ، وهذا حقًا منزل ريو !! لا شك في ذلك .. فأنا أتذكر المكان جيّدًا
رُحت أركض ناحية الشُرفة التي كُنت بها مع ريو سابقًا .. عندما افصح عن حُبه لي ..
لكن يدُ رجلٍ قوية أوقفتنــي وجعلتني أتراجع عدة خطواتٍ للوراء
صرختُ مُزمجرة في وجهه
- ماذا .. أريد أن أراها فقط !
ضحـِك باستخفاف ثُم قال
- حقًا أيتها الطفلة الشرسة ؟ أم تُحاولين الهَرب فقط ؟
وددت لو كان باستطاعتي لكمُه بقوة .. لكني عاجزة عن ذلك ..
فتراجعتُ للوراء وقُلت بعُنف وقد صاحبت كلماتي نظرة مُستهزئة مُستحقِرة
- حسنًا .. خُذني إلى ريــو
ردّ عليّ بلهجة صارمة
- عودي للجلــوس على الكُرسي .. ورجاءً إبقي هادئة !
من بعدها .. بدأنا نقاشًا حادًا أنا وذاك الرجُل الأبله الضخم .. مالمُشكلة إن بقيتُ مع ريو ؟ سأكون محبوسة مع شخص أُحبـِه وأعرفه على الأقَل !
اقتربتُ كثيرًا منه وأوشكتُ على ركلـه بقوة على بطنه .. لكن صُراخ أحدهم من بعيد قد أوقفنـي !!
إلتفتُ للوراء فإذ بي أرى الشاب ذو العينين الخضراوين يُحدق إلي وشرار الغضب يتطاير من عينيـه .. مُفزع !!!
اقترب إلينا وحدّثنــي بهدوء
- مالأمر ؟
استدرتُ لأواجهه ثُم صرخت بطريقة عنيفة
- أريد رؤيـة ريو .. حالاً !!
- لكِ هذا ...
كان جوابُـه باردًا كحال نظراتـِه .. مما جعلني أهدأ قليلًا حتى لا أبدو بمنظر البلهاء .. مع أني أظن أنه قد بدوت كذلك قبل لحظات فعلاً !
عند طريقنا للعودة إلى تلك الغرفة التي حُبسنا بها من جديد .. أحببتُ أن أكسر حاجز الصمت بيننا بسؤال فضولي
- ما اسمُك يا هذا ؟
- لا شأن لكِ
أردفتُ ساخرة
- اسم جميــل !
عند وصولنــا إلى الغُرفة .. دفعتُ ذاك الشاب بغير قصدٍ مني عندما ركضتُ مُسرعة لأدفع الباب بقوة .. إلا أنهُ كان مُقفلاً بإحكام فلم يُفتح
أدرتُ رأسي للوراء وقلتُ مُتسائلة
- لـِمَ لا يفتح ؟ لا أذكر أنك أقفلتَه
عندما اقترب أخرج مفتاحًا فضيّ اللون من جيبه وقال
- أمرتُ أحد الرجال بإقفالهِ حتى لا يهرُب !
هززتُ رأسي تفهُمًا .. وما إن قام بفتح الباب حتى دخلتُ مُسرعة وجلستُ على الأرض أمام ريو الذي لم أستطع رؤية شيء منه سوى قدميه
طلبتُ من الشاب الغريب إحضار الشمعة بجانبي حتى أتمكن من الرؤيـة فاستجاب لما قُلت ..
كان ريو مُستلقيًــا على بطنــه ويُقابل وجهه الشمعة تمامًا ..
كان يبدو مُرهقًا وفي حالة غير جيدة البتة مما جعل قلبي يدُق كقرع الطبـول ..
دمعت عيناي وبدأ الخوف يتسلل إلى قلبي .. فكُلما ناديته لا يستجيب !!
بدأت أصرخ بوجه الشاب الواقف ورائي ليُنقذ ريو .. إلا أنه كان واضحًا أنه لا يعرف ماذا يفعل .. كما هو الحال معي !
أخذتُ أزحف بساقي لكي أصل إليه .. لكنّي توقفت بمُنتصف طريقي حينما اجهشتُ بالبُكاء
- أرجوك .. أنقذه .. إفعل شيئًا ، كل ... كُل هذا بسببكم !!
ازدرد لُعابه بصعوبـة ثُم أسرع إلى ريو وحملــه على ظهره .. ثُم انطلق مُسرعًا إلى الخارج تاركًا إياي في حالة يُرثى لها ...
( ريو )
بعَد شهرٍ من تلك الحادثة الفظيعـة اكتشفتُ أن ذاك الرجُل الذي صوّب المُسدس بجانب رأسي كان من رجال احد الأشخاص الذين توّرط معهُم والدي بسبب صفقة ..
هذه ليست المرة الأولى التي نمُر بها بمواقف شبيهة بهذه ..
على كُلٍ .. حمدًا لله أنهُم أسرعوا في حل المسألة وإلا لَكُنتُ انتيهت .. فلقد إرتفع ضغط دمي بشكلٍ كبيـــر جدًا و أسرعوا لأخذي إلى المشفىَ ..
- ريو هل تسمعُني ؟
إلتفتُ إلى مينوري التي كانت مُميلة رأسها لتنظُر إلي مُقطبةً حاجبيها باستغراب فقُلت بتردُد وأنا أضع قلمي مابين شفتي
- هاه ؟
زمجَرت بعصبية وحملقت فيّ بنظراتٍ ساخرة خالطها الغضب فقالت مُستهزئة
- فيمَ كُنت تُفكــر هاه ؟ أخبرني .. لقد كُنت تُحدق بهاناكو فترة طويلـة
ضحِكتُ بخفة وقُلت لها بابتسامة ماكرة
- هل تغاريـــن ؟
دمعت عيناي ضحِــكًا عندما رأيت وجهها يُصبغ بحُمرة الخجل وهي في أوج غضبها أيضًا .. صرخَت ثُم ضربتني بقوة بدفترها
- كلا .. لستُ كذلك .. لكن شرودك أثار فضولــي !!
زِدت ابتسامتي مكرًا وقُلت مُشيرًا إلى أنفها لأغيظها
- تغارين .. تغارين .. تغارين
فجأة شعَرنا بظل شخصٍ ما فوق رأسينا .. ما إن رفعناهُما حتى تلقينا ضرباتٍ موجِـعة بالمسطرة الطويلـة الخاصة بالأُستاذ !
صرخنا ألمًــا وقُلنا مُغتاظين في الوقت ذآته
- لـِمَ تفعل ذلك .. هذا مؤلم !
نظرنا إلى بعضنــا والشرر يتطاير من عينينا ثُم قُلنا معًا للمرة الثانية
- لا تُقلدنـــي !!
كُنا ننظر إلى بعضنـا بغَضب مُقطبين حاجبينا .. هكذا ظللنا فترة طويلة إلى أن سمعنا ضحكات قد علا صوتهــا أرجاء الفصل
نظرنا من حولـِنا فرأينا الجميع يُشير إلينا ويضحك بقوة حتىَ إحمر وجهينا من شدة الإحراج
- ريو ومينــوري ، أنتُما مُعاقبان ! ستأتيان إليّ في نهاية الدوام ..
أردتُ مُقاطعـته إلا أنه أسكتني بنظرة مُخيفـة جدًا .. إنها حَتى لا تُشبه نظرة أبي المُرعبة عندما يغضَب !
وكأن هذا ماينقُصنــي .. !!
لقد عُدت من جديد إلى مدرستي السابقة مع مينوري .. وقد رحّب الجميع بعودتي من جديد ترحيبًا حارًا .. أصبح عدد مُعجباتي يقل شيئًا فشيئًا بعدما انتشر خبر أن لديّ صديقة
أشعر ببعض الاستياء لهذا .. لن يُقدمن لي المأكولات التي أحبها بعد الآن ! لكن لا بأس إن كان ذلك أيضًا سيُريحنــي من جهة أخرى ...
أردت حقًا أن أبقى مع صديقي سانو ، لكن لا يُمكنني أن أتخلى عن مينوري المُشاكسة أبدًا
هذا بالطبع لا يعني أنني سأتخلى عنه .. بل أنا على إتصال شبه دائمٍ به ، هو أول صديق حقيقيّ لي على أي حال .. فلا يُمكنني التفريط به بسهولة ! |
__________________ قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي
[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]
لي عودةdevil1]
|