عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-23-2017, 02:18 PM
 
سأكون فارسك يا مهرجتي

للكاتبة : ديستني



ـآلسسلآمْ عليكُــم ورحَمة ـآلله وبركآتــه

كيفكـــمْ ؟ عسسآكم طيبيينْ وبأححسنَ ح ـآل

القصــه بإذِنْ ـآلله : كوميديــة ، مدِرسيــة ، رومآنسية ، عنْ الحيآه






[ صدمة المُـــدير المُتعجرف ]

كنتُ أنظر إلى عينيــه الحآدتيـن اللتآن تحدقآن إلى مآ خآرج النآفذه بشرود ..

وكأنني أسبح في أعمآقهــآ ، تخيلتُ إنني قَد أصل إلى معرفه شخصيتـه

من خلآلِ مظهــره .. يبدو أنـه في السابعة عشر من عـُمره .. ومن نظرتـه البآرده يبدو أنه شخص هادئ مُسآلم

لكن ...

إبتسآمتــه المُــفآجئه المتفآئلــه أحسست أنها أفقدتني صوآبي ،

وكأن رغبة مُلـحه هآجمت مشآعري لأصآب بحكةٍ بغيضه بدآخلي تجعلنـي أتسآئل عن سببهـآ ؟

نظَــر إلي فجأه وعقد حآجبيــه بضيق .. مآذآ ؟ أنا لم أفعــل شيئاً سـِوى التحديق !

هذهِ هوآيتــي عندمآ أشعُر بالضجَــر .. أحدِقُ بعينآ الشخص الذي أمآمي .. وأحزُر نوع شخصيتــِه .. مجرد هوآيه !

أشاح ببصره عني بهدوء ..

كنآ في القطآر .. لقد انتقلت لتوي الى مدرسه بعيده جديده للأغنيــآء ! إنه فقط بسبب درجآتي العآليـه

وممآ سآعدني ايضاً .. أن مديرهــا صديق جدي منذُ الطفولـه

نظرت الى ذلك الفتى من جديد .. لقد كان واقفًا ممسكاً بالحلقه الموجوده بالاعلى بسبب الازدحام حيث لا يوجد مقعد فارغ

عندها وقف القطار عند محطه .. ونزل العديد من الناس مما ادى الى انخفاض الازدحام وفراغ المقاعد

ومنها المقعد الطويل الذي اجلس عليه .. اصبح فارغاً نوعاً ما !

نظرت إلى الفتى من جديد اذ به يحدق بي .. أو بالاحرى بجانبي ..

ابتسم بهدوء وهو يمشي بإتجاهي ثم جلس واخذ سماعتين موصولتان بجهاز صغير ووضعها في اذنيه
وأغمض عينيه بعدما أسند رأسه على النافذه

بعد مدة بقيت فيها انظر اليه وانا سارحة في عالمي .. وقف وظللت انظر الى حيثً يذهب ،

بالمصادفه رأيت علامة المدرسه الجديده في بذلته .. إذاً نحن معاً بالمدرسه !

هل هو غني ؟ أهو ابن صاحب شركات كبيره ؟ أم أحد الرؤساء ياترى !

كل هذه الاسئلـه مرت بذهني متتابعه .. فأنا فضوليه الى حد الجنون

لم أعي إلا على صوت باب القطار وهو يُغلق فصرخت بسرعه ( توقـــف !!!!!! )

ركضت نحوَ البآب وخرجت منه بسرعه فآئقه حتى اصطدمت بالذي أمامي

تحسست رأسي بألم وأنزلته للأسفل

( يا إلهي ماهذا هل اصطدمت بجدآر من العآلم الآخر ؟ كم هذآ مؤلم ! )

نظرت الى الاعلى بغضب لأرى شخصاً ينظر إليّ بصدمه وعيناه تشع استغراباً وتعجباً

( ماذا ؟ لقد اصطدمت بك من غير قصد .. أتريد ان أدفع غرامة او شيء كهذا ؟ )

بعد برهه .. استوعبت انني قد كنت اتحدث مع ذلك الفتى الذي كان بالقطار !

هو من اصطدمت به فأنزلت رأسي خجلاً ووقفت بهدوء

( أنتِ فتاة غريبــه .. فوق هذا سليطة اللسآن ! كم هذآ عجيــــب )

رفعت رأسي لأرى ملامح صُدمت بها .. يرفع حاجبه الايسر بغرور وابتسامة واثقه على فمه

لم أتوقع أن يكون ذو شخصية كهذه

صرخت ( انتْ .. " لم استطع قول شيء لانني المخطئه .. فقلت بهمس " مُتعجرف !! )

أخذت حقيبتي التي سقطت عند اصطدامي به ..

وعندما اقتربت منه في طريقي .. نظرت اليه من الاسفل للأعلى بنظرات غرور .. " حقاً لا أعلم لمَ فعلتُ ذلك ؟ "

وابتعدت عنه .. لكن ما أغاضني كثيراً انني سمعت ضحكتــه العاليه وصوت قهقهاته القويه المزعجه

[ آه بالمنآسبه ... نسيت أنني كلما حددت شخصية احدٍ ما .. أو حزرت نوعها ، فتكون معاكسه تماماً لتوقعاتي ! ]

واصلت المشي بعصبيه والناس تنظر إلي وتهمس .. فأنزلت رأسي خجلاً مما فعلته دون ان انظر امامي

فصدمت ثانية بشيء .. لكن هذه المره كان عمود اشارة المرور ( سحقاً .. )

وما أشعل النار في جوفي هو رؤيتي لذلك الفتى ثانيةً وهو يضحك مشيراً إليّ بإصبعه

صرخت ( اصمت .. مالمضحك ؟ )

قآل بهدوء مفاجئ ( أنتِ ، فعلاً مضحكه ... ما اسمكِ ؟ )

رفعت حاجبي الايمن بعدم استيعاب ( هاه ؟ " صرخت بوجهه " اتظنني بلهاء لتلك الدرجه ؟ )

ضحك بخفه ثم قآل ( لآ بأس اذاً .. " نظر الى اشارة المرور ثم إلي " أتمنى أن نلتقي قريباً )

آه كم أغضبني ذلك ..

أتمنى ألا يكون جميع من بتلك المدرسه بهذا التعجرف و الوقاحــه

مرت دقائق وأنا امشي بهدوء وانظر حولي بإبتسامه مشرقه .. إلى أن وصلت لمدرستي

كانت .. أقل ما استطيع قوله " عملآقــه " وذآت مسآحــه كبيره جداً وفخآمة أيضاً ، لقد أحسست بأجواء ومشاعر غريبه وكثيره تتضارب داخلي

وقفت بدهشه انظر إليها ( آه ! يا الهي كم هي كبيـــره )

دخلت وعلامات الاستفهام تدور حول رأسي .. لا أعلم اين أذهب .. ولا أدري اين مكتب المدير ؟

( جيــــد ! ) قلت ذلك بسرور عندمآ رأيت فتىً ذا شعر ذهبي يعطيني ظهره .. إن سألته ربما يسآعدني

ذهبت إليه بخطواتٍ مسرعــه وقلت بأدب ( اذا سمحت .. هل يمكنني سؤالك عن شيء ؟ )

إلتفت إلي بإبتسآمه بعدما أغلق هاتفه النقال وقآل ( بالطـ ... )

لكن الصدمــه التي حلت بنا شلّت ألسنتنا عن الكلآم .. وكأن كلانا قد صُب عليه قـِدر من المآء البآرد

( الحمقآء ! ) .. ( المتعجرف ! ) قلنا ذلك سويةً ونحن نشير إلى بعضنا بغضب

من المُستحيل أن اطلب شيءً منه .. لقد كرهتـــه منذ اول محادثه ، وإن كانت قصيره فهذآ طبعي !

إبتسم لي وقآل ( ماذآ تريدين ؟ .. دعيني أحزر ، مكتب المُـــدير مثلاً ؟ )

صُعقت ( أتقرأ الافكار يآهذآ ؟ ) أجابني بثقه وهو ينظر بطرف أنفه ( ربما )

( حسناً .. دُلنــي عليه فقط وسأذهب لوحدي ) .. ( ستتوهين .. فالمدرسه ليست بصغيره كما ترين )

صمتت ولم استطع الاجابه بشيء .. فهو محق وأنا لست بصاحبة ذاكرة قويّــه

( إذاً .. سأتبعُــك ) قلت هذه الكلمة بعدم رضا .. ولكن ليس باليد حيله

أدخل يديه بجيبي بنطاله وتقدمني .. أي كنتُ خلفه أنظر حولي بإندهاش وإعجابٍ شديدين

( ماذا بكِ .. وكأنكِ ترين مدرسه أغنياء لأول مره ! )

اوه .. حسناً أنا بالفعل أنظر لذلك للمره الاولى .. لكن يستحيل ان اقول له ذلكِ

( لآ .. أبداً ، فقط أعجبتني قليلاً ) .. أدار نصف وجهه حيث بإمكاني أن أرى إبتسامة السخريه على فمه وقال

( لا أظن ذلك .. أنتِ لستِ من هذا العالم أصلا .. أليس كذلك ؟ لستِ من طبقتنا ! )

في كل مرةٍ أصعق بشيء .. كيف عرف بذلك ؟

( أوه .. كيف عرفت ؟ هذا سهل ! حذاؤكِ الوسخ العفن هذا .. أي فتاة غنيه سترتديه ؟ أم حقيبتكِ السودآء المهترئه .. من سيجلبها الى هنا ؟ )

نظرت إليه متفآجئه .. وعيناي قد اتسعتا بذهول ، كم هو وقح ! ولكنه حقاً يقرأ الافكار

شددت قبضتي بقوه وانزلتُ رأسي وبقيت صامتة أتبعُــه .. إلى أن وصلنا إلى باب كتب عليه [ المديـــــر ]

دفع الباب برجله بقوه وأغلقته أنا بهدوء بعدما دخلت

رأيته يتجه الى المقعد البني الجلدي ويجلس عليه .. ووضع كلتا رجليه على طاولة مصنوعه من خشب يبدو فخماً وغالي

( أهلاً بكِ في مدرستنا ايتها الطالبه .. رينآد ! لقد كنت أنتظركِ .. لكنني حقاً لم أتوقع أن تكون أنتِ ..
أقصد لم أتوقع أن تكوني فتاة خرقآء مع أن درجاتُــك أذهلتني )

تجاهلت كلامه تماماً ورفعت رأسي وعلامة استفهام كبيره لـُصقت عليه ... ماهذا ؟

( أين المدير ! )

غيّر وضعيته حيث أنزل رجليه وجعل ظهر كفيه تحت ذقنه ونظر إلي بثقه عاليه وغرور ( أمامكِ مباشرةً ) .

[ ذوُ المنقـــآر ؟ ]

( أهلاً بكِ في مدرستنا ايتها الطالبه .. رينآد ! لقد كنت أنتظركِ .. لكنني حقاً لم أتوقع أن تكون أنتِ ..
أقصد لم أتوقع أن تكوني فتاة خرقآء مع أن درجاتُــك أذهلتني )

تجاهلت كلامه تماماً ورفعت رأسي وعلامة استفهام كبيره لـُصقت عليه ... ماهذا ؟

( أين المدير ! )

غيّر وضعيته حيث أنزل رجليه وجعل ظهر كفيه تحت ذقنه ونظر إلي بثقه عاليه وغرور ( أمامكِ مباشرةً ) .

رفعت حاجبي الايمن بذهول ... ومرت بيننا لحظه سكون لم يسمع فيها الا صوت الهواء وحفيف الاشجار

ثم .......... آنفجرت ضآحكه !

( هيي آنتِ .. مالمضحك ، إنني أتكلم بجدّيـــه !! )

رفعت أنفي بغرور وقلت .. ( لآبد أنك تمزح معي .. أي أحمق سيمسك بمدرسةٍ عظيمه كهذه ؟ هه لكانت ستُهدم على رؤوس طلابها فوراً )

ضرب باطن كفتيه على الطاوله بغضب وقال ( مالذي تقصدينه ! أنتِ حتى لا تعرفين من أنا )

قلت ساخره مطوقه يداي عند صدري ( من أنت ؟ )

قآل بثقه وهو يحك أنفه ( أنا حفيد السيد هشآم .. أي أن هذه المدرسه لجدّي )

أنزلت يدآي بصدمــه ونظرت اليه ( أتمزح ؟ وإن يكن .. لمَ أنت المدير الآن ؟ )

( في الحقيقه .. جدي هو المدير ، لكنه في إجازه .. سآفر إلى احدى البلدان طلباً للراحه ..

فأحببت أن آخذ مكآنه للحصول على السلطه .. حتى إن لم أرد ذلك فالإداره ستكون من نصيبي ! )

قلت بسخريه ( إنك جريء حقاً .. ليس لديك ذرة حيآء ! )

جلس على طرف الطاوله وابتسم ( الحياء للفتيات .. ايضاً الحمقاوات منهن فقط .. )

يا إلهي كيف أتيت إلى هذه المدرسه ؟ كيف يكون طالبٌ وقح فيها مدير ايضاً .. ياللجحيم !

بعدما هدأ الوضع بيننا .. قال ( حسناً .. سأجعلكِ معي بنفس صفي .. فأنتِ مضحكه جداً وستكونين مهرجاً لي )

قلت له بغضب بعدما أخذت حقيبتي ورميتها على وجهه ( من تحسب نفسك .. مهرجاً لك ، ماذا تعني بهذا ؟! )

أزال حقيبتي عن وجهه وكأنها شيء قذر .. وصُبغ وجهه باللون الاحمـر ونظر إلي بحقد ( لا تنسي بإنه بإمكاني طردك بسهوله ، المدرسه الآن تحت سيطرتي .. يمكنني فعل ما أشاء ! )

شعرت بالرعب في دآخلي من نظراته .. ولا أريد تفويت فرصةٍ كهذه بسبب شيء تافه

لكن .. من يحسبُ نفسه وهو يهددني بتلك الطريقــه ؟

غير ذلك نحن لم نلتقي سوى اليوم حتى يأخذ كامل الراحه في الحديث معي .. !

فجأةً إبتسم بثقةٍ عآليه جداً وهذآ ما أثار إستفزازي

فقُلت معآرضةً بشده وأنا اتجه الى البآب للخروج ( إفعل ماتشآء .. أتهددني من أول يومٍ لي هٌنــا ؟ يال الطفوليــه ! .. أستطيع الذهآب الى مدآرس أخرى غير هذه )

مشيت بثقه وأنا ابتسم إبتسامةَ نصر .. وأمسكت بمقبض البآب بقوه

نظرتُ خلفــي لإرى إن كآن سيمنعنــي كمآ أتصور !

إلا أنه كان يبتسم إلي ببرود قآتــل وآضعاً يده اليمنى على خصره ثم قال ( الى اللقــاء )

يآ إلهــي إنهُ مستفز جداً .. شددت على مقبض البآب حتى كدت أخالني سأكسره من شده غضبي

( إذاً سأذهب الآن .. )

( فالتذهبــي اذاً .. ! )

تركتُ مقبض البآب بإستسلآم ورجعت إلى حيث كنت وآقفه .. بوسط الغُــرفه

قلت مبتسمةً بخجل ومستسلمةً بخضوع ( حسناً .. إفعل ما تشاء ) ..

قال بهدوء وتملل ( اجلسي هنا ) كان يشير نحو الكرسي الموجود امامه

قلت بعناد ( لا اريد ) .. وبقي الجو هادئاً بيننا لفتره .. لكنه قطعه بقوله بسخريه بينما كان منهمكاً في بعض الاوراق حوله

( أظن انه يجب أن أعطيكِ زيّ المدرسه والحقيبه ايضاً .. الملابس التي ترتدينها تسيء الى سمعتنا وحقيبتك تلك ..

آه يا الهي ماهذا الذوق الذي تتحلين به حقاً ؟ )

نظرت إليه بحقــد كبير وودت لو استطيع ركله لكنني اكتفيت بقولي بصوت مخنوق ( حسناً )

أعطآني ملابس المدرســه وأشآر الى باب الحمآم .. خرجت بعد عدة دقآئق وكنت في غايه الترتيب والاناقه

سألته بخجل ممزوج بعدم رضا ( أهذا حقاً زيّ مدرسيّ ؟ أتمزح معي ! )

إقترب مني ودار حولي ( آه .. إنه مناسبٌ لكِ تماماً .. هذا جيد )

إبتعدت عنه وقد صُبــغ وجهي بحُمرة خجل أنزلت منها رأسي .. ماذا بي أحس ان ناراً تشتعل بوجهي ؟!

فجأه .. رفعت رأسي ولآحظت أن عينآه قد إتسعتا بشكل مُخيف وبقي فاغراً فاهه وكأنه مصدوم من شيء ما !
ثم راقبته وهو يمسك رأسه ويضغط بإطراف اصابعه بقوه متجهاً نحو مكتبــه ..

فتح دُرجه وأخرج علبه دواء وابتلع حبةً واحده ..

سألته بفضول وخوف ( هـ ... هـل أنت ببخير ؟ )

( فقط آخرجي وسألحق بكِ حالاً .. ) .. لم أشأ أن ازعجــه وأحدث ضجه أو شيء يزيد حالته سوءًا لذلك خرجت بسرعه

...............

لمآذآ هيَ تشبههــآ إلى حدِ كبير ؟ شعرها الاســود القصير على كتفيهـآ .. وعينآهآ المشعتآن بلونْ عسلي جميل

وأيضاً .. إبتسامتهــآ ، تُشبههـــا كثيرأً !

التدقيق في ملآمحهــا وهي قريبةُ مني .. يجعل القشعريره تسري في جسدي ..

عينيهـــآ .. لآ أستطيــع النظر في عينيهـــآ ~

لآ أُريد تذكـــر ذلك اليوم ..

آه يا الهـــي .. هل هذآ عقآب لما فعلتٌــــه لأُعذب أكثـــر ؟

...............

كنت جالسه بإحد المقاعد الموجوده بالقرب من باب الغرفه ..

ظللت قُــرآبه الساعه وعشر دقائق أنتظره بالخآرج .. هل هو بخير ؟ أحصل مكروه له ؟

وقفت .. وهممت بالاتجاه نحو الباب لفتحه والاطمئنان عليه ،

فُتــح البآب قبل إمساكي بالمقبض ففزعت بقوه .. ونظرت للأعلى

قآل ببرود ( ماذا ؟ ) .. قلت بغبآء شديد ( انا التي ماذا ؟ )

صمتنـآ معاً ثم قال بمرح أدهشني جداً

( ماذا مآذآ ؟ هيا يآمهرجــتي .. لنذهب لفصلنا .. يجب عليكِ ألا تتأخري بأول يومٍ لكِ هنا )

أمسك بيدي بقوه وهو يجرني خلفه .. حاولت ان ابعد يده عني مراراً وتكراراً لكنه كان يمسكها بقوه

( أبعد يدك أيها المتعجرف )

قال بإبتسامه ماكره ( لن أفعل ) .. قلت ( بل ستفعل ) .. ( لآ لن أفعل ! )

كانْ الدُخــان يخرج من رأسي بشكل كثيف .. إنهُ يحرجني

( سحقـــــاً لك ) صرخت بوجهه دون شعورٍ مني .. والمشكله أن الجميع كان ينظر إلي في تلك اللحظـه

لم أكن أعلم بإننا قد وصلنا إلى الفصل .. فلقد كنت امشي وانا غاضبه .. لم أحس بالمسافه التي مشيناها !

نظر إلي الاستاذ بهدوء ثم التفت الى المتعجرف بنظرات فضول

( آه هذه .. إستآذ إنها الطآلبه الجديده .. رجاءً دعها تعرف بنفسها )

دفعني الى الامآم ووصلت الى حيث يقف الاستاذ .. وشعرت بالخجل الشديد من نظرات الطلاب

( أ .. أأ .. حسناً انا ... أنا ... مينوري ، آنتقلت حديثاً .. و و .. أتشرف بمعرفتكم جميعاً ! )

قال لي الاستاذ بقليل من الصرامه ( خذي لك مقعداً هيا .. لقد تأخرتي عن الحصه كثيراً )

( آسفه ) ..

رأيت مقعداً فارغاً في زاويه الفصل قرب النافذه .. فذهبت للجلوس عليه مسرعه

والمفاجئه ! كان من يجلس بجانبي هو ذلك الفتى ... آه يا إلهي الرحمــــه !!

( كم هو جميل أن أجلس بجوآر مهرجــتي .. لابد وأنني سأضحك طوال الحصص حتى الموت )

قلت هامسه ( من قآل هذآ ؟ انا لست مُهرجــتك ولن أكون مضحكه .. سأحاول بجد أن أكون كابوساً مرعباً لك )

ضحــك بمرح ثم قآل ( أظن بإنه يصعب عليكِ ذلك .. فأنتِ مضحكه بطبعكِ )

ثم أردف بإبتسامه واثقه ( أنا ريو .. أنا متأكد أنه لشرف كبيرٌ لكِ معرفتي )

( إذهب للجحيم يا ذو المنقآر )

أرعبني صراخه في آذني بإنكار ( ذو المنقــــــآر !! أيتها المتوحشه اللعينه .. آنظري إلى جمال أنفي ! )

قلت مُتصنعةً البرآءه الشديدهِ ( لآ أعلم .. لكنك إلى حدٍ مآ تُشبــه الغرآب ! )

أمسك بطرف اذني وشدها بقـــوه آلمتني .. وجميع الطلآب كانوا يضحكون بشده من تصرفاتنا تلك الخرقاء

( آه آتركني .. هذا مؤلم .. " أمسكت بأنفه بقوه " آتركني وإلا خنقتك )

خرج صوتُ مضحك منه عندما أمسكت بإنفه وهو يقول ( لن أفعل قبل أن تفعلي أنتِ )

فوجئنا بشخصٍ ما يقف أمامنا بغضب وبيده مسطرةُ خشبيه طويله ( إن كانت حصتي لا تعجبكما .. يمكنكما الخروج )

قلت بإلم وقد دمعت عيني ( آستاذ دعه يتركنـي .. هذا حقاً مؤلم ، لم أفعل شيئاً هو منذ الصبآح يستفزني )

قآل بغضب يلمع في عينيـه بقوه ( آتركيـــه انتِ .. )

تركت أنفه الذي إحمر من قوة الضغط ..

بعدها هوَ ترك آذني التي أحسست طولها قد وصل الى ذقنـي من قوة سحبها

ضرب الاستاذ مسطرته بقوه على طاولتنا نحنُ الاثنان ( حصتي ليست للضحك .. رجاءً لا تعاودا الكرّه ! )

وضع ريو يده على خده بملل وقآل ( آوه استاذ هيا .. لمَ كل هذا الغضب ، توقف عن ذلك هذا حقا يرعبني )

صرخ الاستاذ بوجهه ( لا تظن بما أنك حفيد المدير ذلك سيغير نظرتي لك .. ستبقى طالباً كباقي طلاب هذا الفصل يا ريو .. )

نظر وريو الى الاستآذ بحقــد ممزوج بغضب وعدم رضا .. وأنا اراقب الاثنين بذهول وأرى الشرارات تتطاير من عينيهما

وما يدهشني أن الطلاب كانوا هادئين جداً .. كما لو أنهم اعتادوا على هذا الوضع ..

رن جرس الحـِصه وذهب الاستآذ بعدمآ حذرنآ نحن الاثنين من عدم معاودة هذه الافعآل ..

فأقبل المدرس الثآني والثآلث إلى أن أتى وقت الفسحــه .. ليخرج الجميـع بشكل هجومي عنيف وكأنهم مقبلون على شيء مذهل

حسناً .. أنا لا ألومهــم .. معهم كل الحق في ذلك فأنا ايضاً اريد فعل هذا .. لكن ليس من أول يوم !

وقف ريو بمرح ورأيت جميع الفتيآت يلتفن حوله ، أهوَ ذا شعبيه ؟

يالَ القرف .. أكره سماع هذه العبارات .. كـ " أرجوك إقبل هذا الغذاء مني " .. " اه لقد تعبت في صنعه لك "

قُمت بهدوء وأنا اتجه للخآرج .. لكن أوقفني صوت ناعم يناديني ( مينوري )

إلتفتْ ورائي لأرى نظراتٍ مُــرعبه تُحيطنــي ( مـ ... مـ .. مـآذآ ؟ )

إحداهن قالت ( ماعلاقتكِ بريو ؟ ) .. قلت بسخريه ( هكذآ إذاً .. " أعطيتهن ظهري " .. ليس بيني وبينه شيء ابداً )

( بلى .. هنالكِ شيءُ بيننـــآ ! )
__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]

التعديل الأخير تم بواسطة ṝēīnāƶmē ; 09-23-2017 الساعة 08:23 PM
  #2  
قديم 09-23-2017, 02:40 PM
 
نظرت في عينيها ثم قلت بسخرية ( هكذآ إذاً .. " أعطيتهن ظهري " .. ليس بيني وبينه شيء ابداً )

( بلى .. هنالكِ شيءُ بيننـــآ ! )

نظرنا جميعاً إلى مصدر الصوت .. كان جالساً على طاولتـه مُحنياً ظهره قليلاً مبتسماً بهدوء

صُدمت جميع الفتيـــات من قوله المفاجئ وإبتسامته .. ومنهن أنا !

وبدأت تتعآلىَ أصوات الإعتراض بينهُن

كُنت محاطةً بهنْ حيث أنهن شكّلن حولي حلقةً دائرية .. صرخت بسبب الإزعاج الذي أحدثنه ( سكووووووووت ! )

أحسست بإن نظراتهُن كالخناجر تخترق كل جزءٍ من جسدي

كنت مرتبكــة والخوف يتسلل إلى قلبي شيئاً فشيئاً ليجعله يترآقص رُعباً .. مالمصيبة التي قد يوقعني فيها ؟
لآ .. أتمنى أن لا يكون ما أتصوره .. !

ركضت إليه بسُــرعة لأنظر في عينيه بغضب .. همست ( مـ .. مالذي تقصده ؟ )

حَك أنفه وأشاح بوجهه بعيداً عني .. قال بصوتٍ مرتفع ( ألستِ مُهــرجتي الآن ويجب عليكِ إسعادي ، ألا تٌعتبر هذه علاقة )

رفعت حاجبي الأيمن دلالة التعجب وقلت ( أي نوع من العلاقة الغريبة هذه ؟ )

وما جعلني أتعجب حقاً .. هو همسآت الفتيآت وضحكآتهن مع بعضهن عند سمآع كلآمه ..

وايضاً ! .. لقد رحلن وإبتسامات الرضا المُشرقة بادية على وجوههن ..

على الأقل .. لم أمُت على أيديهِن .. أو ليس كما توقعته ، هذآ أفضل

أجابني بلا مبالاة .. ( المُهــم أنها علاقة على أي حال " أمسك بمعصمي " هيّــا لنذهب لتناول الغداء سوية مع بعض الأصدقاء )

سحبت يدي بقوة وعقدت حاجباي بغضب ( مآبك ؟ إن إمساكك ليدي يُصيبني بالحكـة والاشمئزآز ، غير ذلك .. أنا أفضل البقاء وحيدةً هُنــا )

بقي صامتاً ... كان ينظر أمامه الى .. اللآ شيء .. ثم قال ببرود غريب دون النظر إليّ ( كما تشآئين ! )

بقيت أنظر إليــه بغضبٍ لمُده .. لم أعلم طولهآ .. ولكنني وعيت بعد فتره لأُلحظ أنه إختفى .

رجعت إلى مكآني .. سحبت الكُرسي بإتجاهي وجلست عليه بضجر ناظرةً إلى النافذه لأُراقب الحديقه الكبيرة بالخارج

ثم أدرت وجهي إلى باب الفصل لأرى مخلوقاً صغيراً ينظر إليّ من طرفه بنظراتٍ متفحصة

قُلت بهمسٍ مسموع ( أحدُ الأقزام السبعــة ؟ )

وقف ذلك المخلوق بإعتدال .. لأكتشف بإنهُ فتاة قصيرة القامة نوعاً ما ذات وجه طفولــي بريء

تمرقني بنظرة تفحُص جعلت قلبي يترآقصُ رُعبــاً ..

أحسست كأن هالةً سودآء حالكة الظلام تُحيــط بها بشكل رهييب

والمُشكلــة أنه كُلما إقتربت مني تجعلني انتفض أكثر فأكثر !

والمُصيبــة الأكبر أنني الوحيدةُ الموجودة بهذا الفصل .. أتراها شبح ؟

رأيتهُــا تقترب متجهة إلي بخطواتٍ قويّــة .. إلى أن أصبحت أمامي مُبــاشرةً

( أهلاً ) .. ما إن قالت هذه الكلمــة حتى نظرت إلى الاسفل .. لأتأكد أن قلبي لم يسقُط فعلاً

صوتها غريب جداً .. عميـــق وفيه نبرة حزنٍ ممزوجةٍ بحقد دفين ، لا أعلم لكن هذا ما شعرتُ به

( أعرف شعوركِ تماماً .. بإن تكوني الضحية التالية له )

آه يا إلهي .. أحسست أن مساً قد أصابها .. فلقد تغيّر صوتها بشكل مفاجئ عندما قالت آخر جملة لها

ولكن .. ماذا تقصد بإنها تعرف شعوري .. ضحية منْ ؟

أمسكت بيدي فجأةً وجلست على كُرسي ريو بجانبــي مما جعل القشعريرة تسري بجسدي

( سيجعَلُــك أضحوكه ! ، سيُهينــكِ أمام الجميـــع .. إنتبهي ، إن إكتشف أحدى أسرارك .. فلقد إنتهيتي )

نظرت إليهــا بتعجُب وقلت متسائلةً بغير إدراكِ مني ( هل تُشاهدين أفلام رُعبٍ كثيــرة يآ أُختاه ؟ )

رمقتني بنظرةٍ حادة وكأنها إخترقت عيناي ( ستعرفين أني على حق قريباً .. والآن )

وقفت بُسرعه محدثةً ضجه بالكُرسي ( أراكِ لاحقاً مينـــوري ! )

قلبي آهٍ يآ قلبــي .. إنها فعلاً كالشبــح ، نظرتُهــا .. نبرةُ صوتهــا .. كلامُهــا .. غير طبيعي أبداً

حمدتُ الله ألف مرةٍ على ذهابهــا .. فعلاً هذه مدرسةُ مجانيـــن

نظرتُ إلى الساعة المُعلقة أعلىَ السبــورة أمامي .. ( ألم يتأخر وقت الفُسحــة ؟ )

ما إن إنتهيت من هذه الجُملــة حتى رنْ الجرس

مُعلناً نهاية الفُسحـة التي ضاع وقتُهـا كله - بالنسبة لي – في الشجآر والرُعب والتوتُــر

شيئاً فشيئاً أصبح ألطلاب يأتون إلى الفصــل .. والممرات في إزدحآم طلابي ..

لمحت ريو قادماً من بينهــم .. ظللت أنظر إليه وهو يتحدث مع فتىً ما لرُبمــا هوَ صديقهْ ..

إلتفتَ ناحيتــي وابتسم .. مما أثار غيضي كثيــراً

دخلا هُمــا الإثنان وإقتربا ناحيتــي .. وقف ريو خلفــي أما صديقه كان مُقابلاً له

ربت على كتفــي بقوة وقال مازحاً ( آه .. هذه هي مُهرجتــي التي حدثتُك عنهـــا )

إبتسم ذلك الفتى وحيآني بهدوء .. لكنني لم أجبه بل كُنــت أنظر إلى ما خارج النافذة مُدعيةً الشرود ..

مرت الحصص الأخرى بشكل عادي جداً وهادئ .. دون مشاجرات ، أو حتى إستفزاز !

وما فاجأني حقاً .. هو أن ريو كان يركز بالشرح كثيراً ، رُبما هو ليس بذاك الغباء الذي توقعتــُه

بنهــاية الدوام ..

أدخلتُ كرسييّ بالطآولة بعدمــا رتبتُ كتبي وأنطلقت مُسرعة .. إلى أن إستوقفني صوتٌ كرهته من يومي الأول

( مينـــوري ! )

( ماذا الآن ؟ )

( إلى أين ستذهبيـــن ؟ ) .. حقاً لقد كان سؤاله مُحيراً ... إلى أين سأذهب ؟

قُلت بجُرأة ( لا أعلم ) .. ضحك بخفه ثم تقدمنــي وقال ( إتبعيني )

مشيتُ خلفه .. لم أسأله إلى أين .. فإحساسي يقول أنه سيدُلنــي على مكان سكنــي

وها أنا ذا أُثبت صحة إحساسي ... أقف أمام باب غٌرفتي الذي وُضعت أمامه حقائبــي

( إذاً .. علي الذهآب الآن ، أراكِ غداً .. مُ هَ رِ جَ تِ ي ! )

ثم أخذ يركض بخطواتٍ سريعــة خائفاً من أن أنقض عليه كالأسد الهآئج

بخصوص موضوع الأسد الهائج ، أنا أشعر بزئيره في بطنـــي .. فالجوع يكادُ يقتلني بحَق

أسرعتُ بفتح البــاب بالمفتآح .. بحثتُ عن زر تشغيل الأنوار بإصابعي على الجدار إلى أن أحسست به وضغطته

كانت غٌرفتــي واسعةً جـــداً .. جدارها أبيض وأرضها مفروشه بسجّــادٍ وردي يُضفي لمسةً ناعمةً عليهــا

سرير بإحدى زواياهــا .. ومكتــب طويل بسيـــط للدرآســة

ألقيت بحقيبــة المدرسة بعيـــداً وفسخت حذائي بشكل سريع ورميته أيضاً حتى إصطدم بالجدار ووقع

إرتميتُ على الســرير بتعب .. قلت هامسةً لنفسي بألم ( آه .. يومُ شاق جداً .. ظهري يؤلمنــي )

أغمضت عينــي بهدوء .. وها أنا ذا ..... أنام أخيراً !

عدة سآعآتٍ مرت .. لم أشعُر بها قَط ..

كُنت أحتضن وسآدتي بقــوه وكأنها شيءٍ ثمين لآ أود ضيآعه منيّ

إستيقظت إثرَ الطرق العنيف لبآب غُــرفتي بشكل مُتتآلي ..

كانت الغرفة مظلمــة تماماً إلا أن جُزءًا من ضوء القمـر يتسلل إليها من النافذة الصغيرة الموجودة بالأعلى

وهذآ ما يسّر علي المشي للإقترآب من البـــاب ..

حككتُ عيني بإنزعاج وأنا أتحسس زر تشغيل الأنوار وقُلت ( مـــن ؟ ) .. إلا أنني لم أحصُل على أي جــواب ..

بل زآد الطرقُ عنفـــاً وإزعاجاً ..
..
وهذآ ماجعلني أتقدم مُسرعةً بغضب لأفتحــه حتى دون تشغيل الضوء

أمسكت بمقبض الباب بقوه وفتحته على مصرعيـه وصرخت ( مـــــــــن ؟!! )

عقدت حاجبآي إعتراضاً لما قد رأيتُـه

جيش من " الفتيـــات " يقفن خلف بآب غُرفتي يبتسمن بشكلٍ أخرق فعلاً !

دخُلن بشكلٍ إندفاعي قويّ حتى أن بعضهُن قد إصطدمن بي بعُنف

وكل واحدةٍ منهُن تصرخ بقوّه ( دخلت ، مرحبـــاً ، إبتعدي ، حآن دوري ، سأدخُل ! )

هممت بإغلاق البآب بعدما تأكدت من عدم وجود المزيد وأنا في شدة دهشتي وصدمتــي .. وحيرتي أيضاً ،

لمَ قد يأتون إلي حاملينْ دببتهُم المحشوّه وألعابهُن وبعض الوسائـد ؟

أوه لآ .. بالطبع لآ ! لن أجعلهن ينَمن عندي هذا مُستحيـــل ..

بقيت وآقفةً أنظر إلى مقبض البـــاب شاردة الذهن

حَتى قطع أفكاري سؤال إحداهُن مُشيرة إلي بفضول ( ماهذآ ! ) ..

نظرت إلى نفسي ثم إليهـا وقلت سآخرة ( دعيني أحزر .. أتُراه جســد فتاة في السابعة عشر ؟ )

عادت تسألني بسخريةٍ أكبر ( أتسخرين مني ؟ أقصد لِمَ ترتدين زي المدرسة إلى الآن ! )

عاودت النظر إلى نفسي لأرى أنها مُحقــه .. أحسست أن وجهي قد أصبح صغيراً جداً من شدة إحرآجي

نظرت إليهُن واحدةً تـِلوَ الأُخرى ثم قلت بهدوء ( صحيتٌ لتوي من إزعاجكُن ! .. لذا ، أستئذنكنْ عليّ الإستحمام .. ) ،

أخذت أمشي ناحية خزانة ملابسي التي كانت مُلصقةَ على الجدار المقابل للسرير ..

كان حجمها عادياً لا بأس به

فتحتها لأجد حقائبي ملقاة فوق بعضها بشكل مُهمل جداً ..

فتحت إحدى الحقائب وأخرجت بذلة النــوم البسيطة التي لطالما أحببت إرتدائها ..

كنت أنظر إليها بإبتسامةٍ هادئة وكُل ما أسمعه من خلفي هو همهمة وثرثرة الفتيات .. كم أشعر بالانزعآج !

دخلت إلى الحمآم لأخذ حمامٍ مُنعش يُصفي ذهني المشتت حالياً .. والغير مُستوعب حتىَ الآن لما يحصل لي

ولأستطيــع الإستفسار بشكل جيّد عن سبب قدومهــن إليّ بالذات

آتمنى أن لآ يكون من أجل " ريـــو " .. لأنني حقاً سأسحقهُن كالحشره !

كان وجهي مرفوعاً إلى الأعلى ليُواجه قطرات الماء الدافئـة التي تُصب عليه بقوّه

وأثناء غنائي بمــرح .. سمعت صوت إحداهن تقول

( آه يالَلقرف ، إن حذائها مُلقى بشكل عشوائي بشع .. )

فتاةُ أخرى ( يا إلهي .. آكي أنظري فقط إلى جواربهـــا ، رائحتهُــا تكاد تقتلنــي )

نظرت آكي إلى جميع الفتيــات حولهآ بتعجب وقآلت ( هل هي فتــاة ؟ )

أنزلت رأسي ليُصب المآء عليــه بشكلٍ مُبــآشر ..

أغمضت عينــي وحآولت تمآلك أعصآبي عندما سمعتهن يتحدثن بهذه الطريقة لكنني لم أستطع ..

وكل ما فعلته بغضب دون إدراكِ مني هو التقدُم نحو البآب وفتحه وإخراج رأسي وحيداً منه

نظرت إليهُــن والشرآرآت تتطآيــر من عينــي التي أصبحت مُرعبةً حينهــا

قلت بغضب ( إن كان الأمر لا يُعجبكــن ، فبآب الخروج قريبٌ جداً كما تعلمن .. لم أقٌم بدعوة أحد فلا تنسنُ ذلك ! )

قالت إحداهُن بهمس وصل إلى مسآمعي لكنّي تجاهلتُــه ( لا تملك حتى حـِس الذوق الرفيع )

آه آلرحمــــة !!! " أغلقت البآب بقــوه كبيـــرة جَعلتهن يفزعن "

مرت خمسة وعشرون دقيقة وأنا داخل الحمــام وكُل مايمكنني سماعُه هو صوت ضحكات الفتيات بغُرفتي

ونعيق الغرآب المُزعج بالخآرج وهذا مآيذكرنــي بـ " ذو المنقـــار "

بعدمــا إنتهيت ... خرجت من الحمآم واضعةً المنشفة حول رقبتي آخذةً بطرفها لأمسح به وجهي المُبلل

أقفلت باب الحمــام ورائي وإقتربت من مكان جلوسهـن وسألتهُن بفضول بعد فترة سكوت حَلت بيننا

( مالذي أتى بكُن إلى هُنــا ؟ )

قآلت فتاة تجلس عند طرف سريري مُسندةً ظهرها عليه ( آكي طلبت ذلك ، وأحببنــا أن نجتمع سوية للتعآرف أيضاً .. )

حسناً .. أنا لا أُمانع ذلك فأنا لستُ فظة إلى تلك الدرجــة .. فأقبلت إليهن مبتسمةً بوجوههن علامةَ الرِضآ

إلتفتت إلى تلك الفتاة عندما قالت تُحدثني ( مينـوري .. إقتربي ، آكي قررت أن تحكـيَ لنا قصة شبح المَدرسة القديـــم ! )

هآه ؟ هذآ ماقلته بوجوههن .. مُجرد " هاه " تعجبيّــة دلّت على سُخريتي أكثر من تعجُبي

أغمضت عيني وضحكت بتوتــر ( أتمزحن معيّ ؟ كُلهــا مجرد خُرآفآت وتخيّلآت لا وجــود لهآ )

لكن .. هل يُمكن أن تكون تــلك الفتاة الصغيــرة التي حدثتني شبحاً ؟

" ضربت طرف رأسي بقبضتي بخفه " مستحيــل ..

نظرتُ إلى الســاعة المدورة البيضاء التي عُلقت على الجدار المُقابل للجدار الذي يوجد به باب الخروج

كانت تُشيــر إلى الواحدة بعد مُنتصف الليــل .. !

ثم إستدرت لأنظر لآكي التي قالت لي بلهجة غآضبةٍ آمره وهي تنظر إلي بعينـان حادتان تلمعان من ضوء القمر المنعكس عليها

( إجلســي يا مينـــوري )

خضعت لأمرهــا .. وأفسحنَ لي المجآل للجلوس فأكملتُ الحلقة الدائرية التي شكلنهــا بوسط الغُرفةِ بشكلٍ مُرتب ..

كُنــا سبعة فتيــات و آكي هي الثـــامنة .. ننظر جميعُنــا إليها بتمعُن

رآقبتهُن .. كل فتاة تملك شيئاً ما تضمُه إلى صدِرهآ إلا أنا !

على كُــل حال .. فهذا لا يُهمنــي

نظرتُ إلى آكي التي كانت تًدلك وجههــآ إستعداداً للتأثيرآت التي ستُجريهـا عليه أثناء سردها للقصــة

ثم رجعت بنظري إليهن ببرود لأرى علامات الخــوف بادية على وجوههــن بشكل واضح حتى إن أردن إخفاءه

ثم قلت لآكي بإبتسامة لطيفــه ( إبدأي ) ..

بدأت آكي بسرد الحكآية بكل إندفاع وحماس قائلة

( في ليلة كهذه .. عندما كانت السمــاء حالكة الظلآم ، ونصف القمر يَتوسطهــآ .. والغريب أن لونه كان يميلُ الى البني أو البرتُقـــاليّ ! ...
ولا يُسمع إلا حفيف الأشجار القوي وصوت الغــرآب البشــع .. بهذه المدرســة بالذآت ! .. كان هنالك ششبــح " شددت على حروف كلمة شبح " يخرج ليرى من تكون ضحيتهُ التــالية في كُل بداية سنـــة )

" آآآآآآآآآآآآآآآء " ..

إخترق ذلك الصوت السكون الذي غلّف الغُرفــة بشكل مُفاجئ

فأصبن الفتيآت بالذعـــر وأنا من بينهُن عندمآ سمعنــا نعيق الغُرآب الآتي من خآرج غُرفتي عبر النافذة ..

فإلتصقنا كُلنــا ببعضنــا البعض لا إرادياً .. ثُم إبتعدت عنهُن عندمــا أحسست بنظرآتهُن السآخره تتوجه إليّ

ضحكت آكي بشيطــآنية وأكملت مُتجاهلةً خوفنـآ قائلةً ( الشبَــح – كما يُقـال - .. أنه شبحُ فتاةٍ حآقدة حزينـة كان يتملكهـا الغضب .. تُحآول الإنتقـــآم ! )

قآلت إحداهُن بحماس ( مِمَن ؟ لمآذآ ؟ ) .. واجهتهآ آكي بنظراتٍ حاده مًرعبةٍ أسكتتها وقالت ( آصمتي ! )

إكتفت تلك الفتاة بالتشديد على إحتضان وسادتها وتقريبها إليها أكثر ،

بينما آكي قد أصبحت قريبةً جداً من وجوهنا المتلاصقه وعينيهـــا تلمع بشده

( ذلك الشبــح .. أو بالأحرى تلك الفتاة .. كانت قصيــرة القآمة ، ذات وجهٍ طفــولي بريء ،

تملك قــطةٍ سودآء ذآت عينين صفرآوتين مُرعبتيـــنْ )

( كفــــــى ! ) ..

................................

[ توضيــــح ]

المدرســة عبارة عن ثلآث مبآني كبيــرة قريبــة من بعضها البعض .. ويربط كل مبنى ممَر يقوده للآخر

المبنى الأساســي حيثُ الفصول ومكتب المديــر والمُدرسيــن وما إلى ذلك .. يقع في الوســط تماماً

أما المبنــى الآخر على الجهة اليُســرى فهو سكن الفتيـــات ، يتكون من طآبق واحد طويلٍ جداً .. " بالعَرض "

وهو طبعاً أصغر من المبنى الرئيسي !

أما الآخر في الجهــة اليُمنى .. فهو للفتيــه ، يطآبق سكن الفتيآت تماماً في الطول والحجم ..

ويوجد ملعب لكُرة القــدم قريب جداً من مبنآهُم

هذه المبآني جميعــاً تتوسط حديقــة كبيرة تُحيطهآ من جميع الجهــات ..

................................

[ لننتقل إلى مكانْ آخر قليلاً ]

ورآء المبـــاني الثلآث .. تحديداً وراء مبنى الفتيــات !

وبتفآصيــل أدق .. ورآء نآفذة غُرفة مينــوري التي كانت تقع بآخر طول المبنــى

1... بتوتــر ( أتظن فعلاً ستنجــح خُطتنــا هذه المره ؟ )

2... ضحك بخفــه ( طبعاً ، لقد نجحت في السنة السآبقه .. لمَ أنت متوتر جداً )

1... قال بغضب ( آنت أحمق .. هذه المرة ، أٌحس أن نهآيتي وشيكـــه ! )

قال ثالثهُــم ( آصمتوا ، حان وقتنــا الآن .. )

أمسك الأول بسُلم ووضعه أمام نافذة مينــوري .. تسلقه بخفة وسهولــة تامة كما لو أنه مُعتاد على ذلك

وفتح النآفذة بهـــدوء ليرى الفتيات جميعهُن يعطنه ظهورهن ..

إبتسم بخُبث ثم نزل بحذر ليضمن عدم إحداثه أي ضجــه ..

الثــاني كان يُمسك بقطة سودآء تلمعُ عيناها الصفــرآء بشكل مُرعب جداً

أما الثآلث أشعل ناراً بخشبة شجــرة متوسطة ..

................................


[ بغرفــة مينـــوري ]

إكتفت تلك الفتاة بالتشديد على إحتضان وسادتها وتقريبها إليها أكثر ،

بينما آكي قد أصبحت قريبةً جداً من وجوهنا المتلاصقه وعينيهـــا تلمع بشده

( ذلك الشبــح .. أو بالأحرى تلك الفتاة .. كانت قصيــرة القآمة ، ذات وجهٍ طفــولي بريء ،

تستطيع أن تتخفّى بشكل قــطةٍ سودآء ذآت عينين صفرآوتين مُرعبتيـــنْ )

( كفــــــى ! ) .. صرخت برُعبٍ شديد وأنا أنتفض خوفاً .. ( كُفــي عن ذلك .. )

نظرن جميعهُــن إليّ بإستغراب .. وقآلت آكي بسخريةٍ وغرور

( آه آنظروآ ، هآهي فتاتُنـا الصغيرة ترتجف خوفاً بعدما كانت تدّعي الشجـــاعة ! )

قلت بعصبيــة وأنا أصرخ بشكل هستيري أمام وجهها ( لقد رأيتهآ ... شبح الفتآة ! رأيتهآ اليوم ... )

فجـــأةً ودون سآبـِق إنذآر .. قفز شيءٌ أسود على سريري من خلآل النآفذة مما أدى إلى إحداث ضجةٍ كبيرة في غُرفتي

أي أن الفتيـــات قد صرخن بقــوة وأولهن كانت آكي التي بدَت مُتفاجئـة جداً

نظرتُ خلفــي لأرى ماسبب خوفهـِن .. إذ بي أرى قـِطةً سودآء تنظــر إليّ بعينين حآدتيــن ..

وليس ذلك فقط !

شممتُ رائحــة حريق تتسلل إلى غٌرفتي شيئاً فشيئاً ، حَركت شفاهي للبدء بالكلام لكن آكي قاطعتني

( آه ... إنني أشُم رائحــة الشبح ، مــِثل العآم السابق .. يا إلهي من الضحيّــة !! )

رأيتها قد إستعَدت للنهوض لتنجو بحياتها كما فعلن باقي الفتيــات ..

كُنت أراقب تحركاتهــا هي بالذات بخوف مُحاولةً إخفاءه إلا أن هذا الأمر مُستحيــل ..

فجأة !

تسللَ دُخــان كثيف إلى غُرفتــي إلى أن أصبحَت مليئةً به مما جعل رؤيتي لما حولي مُستحيلــه

وقفت بســُرعة وقلت بذَعر وأنا أســعل بقوه

( بنــــات .. هل آنتن بخيـــر ؟ " لم أحصل على إجابه " .. آه هل تسمعنني ؟!!! )

فجأةً .. أصبح شريط من الذكريآت يدور بذهنـــي .. ذكريــات حاولت جاهدةً أن أنساها !

لكن الأحداث التي تمُــر بي الآن .. تُذكرني بما قد حصل لي سابقــاً ..

تجمعــت الدمــوع بعينــي لتُحدث شلالاًين من الدموع يجــري على وجنتيّ بسُرعــه .

نظرتٌ خلفـي عندما سمعتُ صوت خطوآت تقترب أكثر فأكثــر .. لألحظ عينــين تشعّآن وتلمعان بشده بسبب ضوء القمر

وظلٍ يتضح لي صآحبه كُلمــا إقترب .. قلت بهدوء ( آ ... آ آكيي ؟ )

لكنْ ظني خآب هذه المره .. لقد كان شبحُ الفتـــاة من جديد

تنظــر إلي ببـــرود وبيدهــا قطةُ سودآء ( إلتقينــا من جديد ... مينـــوري ! )

آ


فجأةً .. أصبح شريط من الذكريآت يدور بذهنـــي .. ذكريــات حاولت جاهدةً أن أنساها !

لكن الأحداث التي تمُــر بي الآن .. تُذكرني بما قد حصل لي سابقــاً ..

تجمعــت الدمــوع بعينــي لتُحدث شلالاًين من الدموع يجــريآن على وجنتيّ بسُرعــه .

نظرتٌ خلفـي عندما سمعتُ صوت خطوآت تقترب أكثر فأكثــر .. لألحظ عينــين تشعّآن وتلمعان بشده بسبب ضوء القمر

وظلٌ يتضح لي صآحبه كُلمــا إقترب .. قلت بهدوء ( آ ... آ آكيي ؟ )

لكنْ خآب ظني هذه المره .. لقد كان شبحُ الفتـــاة من جديد

تنظــر إلي ببـــرود وبيدهــا قطةُ سودآء ( إلتقينــا من جديد ... مينـــوري ! )

سَرت قشعريــرةٌ قويّه بكآمل جسدي عندما حَدثتني بنبرة صوتها العميقـة تلك فقلت مُرتعبــة ( هـ . . . ـآه ! )

كانت كُلما إقتربت بخطوةٍ ثابتــة .. تراجعتُ أنا خطوتيــن برجلين مرتجفتين إلى الوراء ..

أحسست بإن روحــي ستخرجُ في أي لحــظة .. الجميعُ تركنــي وهرب لينجو بحياتـِه

وبقيتُ أنا فريسةً جديدة وإحدى الضحايا لشبح فتاة المـــدرسة القديـــم

كــان الدُخان يملء المكــان مما يجعل الجوّ مُرعباً أكثر .. يا إلهي ماكان عليها أن تُحدث هذه التأثيرات عند قدومهـا !

إقتربت مني بهدوء مُبتسمة وأحنت رأسها مميلةً إياه جهة اليمين قليلاً وقالت ( مابكِ ؟ خائفــه ! )

ههه تسألني إن كُنت خائفــة ؟ هل تمزحَ ! .. بالطبــع أنا أشعُر بالذعـــر .. اذاً لِمَ قد تسقط دموعي بشكلٍ غزير هكذا ..

رأيتها تغلق عينيهــا مُعقدةً حاجبيهــا وكأنها مُنزعجــة .. ثُم فتحتها ونظرت إليّ بعينين غاضبتين

مما جعَلنــي أقفز خوفاً لأنتقل بشكلٍ سريع إلى إحدى زوايا الغُرفة ..

و ضممت قدماي لحَضني دآفنةً وجهــي بينهُمــا وأبكي بصمت

لآ يُسمع إلا شهيقــي وأنيني المُوجــع ..

.................. إلى أن أصبح كُل ما أستطيــع رؤيته ... هو الظلآم !

.............................

في أحد الأحيــاء الهادئة جداً والتي تُنير الاضواء البيضاء ظُـُلمتها

حيثُ لآ يُسمع إلا مواء القطط البآحــثة عن الطعــام في كُل قمامةٍ تلقاها !

كانت الساعةٌ تُشير إلى الحادية عشرة ليلاً ..

تحديداً في بيت مُتوســط بتصميم حديث – بالنسبــة لذلك الوقت – في الحديقة الخارجيةِ له بالتفصيل !

( ريوتـــآ ... توقف أُريد اللعب معـــك ! ) كان ذلك صوت صُراخ طفلةٍ صغيــرة لم تتجاوز الخامسةَ منْ عُمرها

تُنــادي من بعيــد طفلاً آخر كان يختبئ خلف أكبر شجــرة في تلك الحديقـة ..

كان ذاك الطفل مُسنداً ظهره على الشجــرة .. فأمال رأسـه لينظُر إليها ثم أخرج لسانه الصغيــر بحركةٍ مُشاكسـة وقآل بعنآد يُخاطب تلك الطفلة

( أمسكي بي .. ثُم يُمكنكِ آللعب معي ! )

ضربت تلك الفتاة الصغيــرة الارضيــة بقوةٍ دلآلة الغضب الشديد ..

وإستعَدت لإطلآق ألحانٍ صاخبة عبآرةً عن صرخات بُكاء حاد ..

فأقبل ذاك الفتــى الصغيــر " ريُوتـــا " الذي بدَى يكبرهـا بعدة سنوات .. مُسرعاً بإتجاهها حاملاً الكُـرة بيديه وقال

بعدمــا وضع يده على كتفهــا ( لآ أرجوكِ .. كُنت أمزح ، لنلعـــب معاً لكن أرجوكِ لا تبكي ... إتفقنا ؟ )

إبتسمت تلك الفتـــاة الصغيــرة بطفوليـــة وقالت بطريقة مَضحكــة لعدم مقدرتها على النُطق جيداً ( حثنــاً ) " حسناً "

أخذا يلعبــان سويةً مُصدرآن ضجةً كبيــرة مما حَث بقيّــة الأطفآل اللذين كانوا بدآخل المنزل على الخروج
ليــنضموا إليهم وليــزدآد الصخَب والإزعآج بشكل جنونيّ !

بالنسبــة إلى الجيرآن ، فلقد أخذوا يصرخون بعصبيةٍ شديدة من خلآل نوافذ منآزلهم ليكُف الأطفآل عن الصُرآخ
لكنهُــم مُجرد أطفآل ... فمنَن سيُبآلي ؟

أما بدآخل المنـــزل .. فكانت الأجواء مُختلفــةً لكن ليس إلى ذلك الحَد البعيــد !

فكان الجوّ إحتفالياً جميـــلاً مليئاً بالضحكــات والإبتسآمآت المُوزعة على وجوه الجميــع .

يجلسون حول طاولــة مُستطيلة طويلــة تقع بوسط غُرفة المعيشــة الكبيــرة نوعاً ما ..

رجلُ عجــوز مع زوجتـه التي لا تختلف عنه حالاً .. يتحدثون ويُلقــون النكآت لإبنائهم الكبــار

اللذين أصبحوا الآن رجالاً مُتزوجيـــن ولديهم عدة أطفآل !

وبعضهم من كان يتحدث عن مسيرتــه وإنشغالاته وأعماله ومشــاريعه في عملــه .. وما إلى ذلك من الأحاديث ..

فجأةً دخلت تلك الطفلةُ الصغيرة ذآت الشعر الأسود القصير جداً والعينين العسليتيين الواسعتين .. ترتدي ثوباً أبيض طويل بالنسبة إليهــآ ..

بإبتسامةٍ لعوبةٍ مرحة تتخللها البراءة من خلآل البــاب الذي يُطل على الحديقةِ الأمامية التي كانت تلعب فيهــا مع أخيها " ريوتـــا "

وإتجهَــت إلى عمهـــا الشـــاب البالغ من العُــمر السابعة والعشـــرون ، مع ذلك لم يكُن متزوجاً .

إرتمت في حُضنــه بمَرح والسرور لم يُفــارق نبرة صوتهــا الطفولية العذبه .

( شيـــــن ! ) .. إلتفت عم تلــك الطفلة إلى إمرأة جميلــة تبلغ الثانية والثلاثيــن من العُـمر فأجابها مُبتسماً ( ماذا ؟ )

قالت وهي تجلس بجانب زوجهــا حول الطآولة ( أيُمكنك إحضــار أطباق الحلوى من الثلآجة ؟ لقد تعبت جداً ولا أستطيع الوقوف على قدميّ )

غَمز شيــن بمرح وقال مُبتسماً ( من دواعي سروري ! ) ..

سمـِع الجدْ كلآمهآ فقال مُعترضاً وهو ينهض بنشـآط ( كلآ .. دعنــي أنا أذهبُ مع طفلتــي الحُلوة )

قالت تلك المرأة بإبتسامةٍ صغيــرة عذبة وبمرح مُتصنعةً الغضب ( حسناً .. لكن أرجوك لا تلمس قطعةً واحدة ! )

( آه علِمت أنكِ ستقولين ذلك ، هذا عِقابٌ قاسٍ لي ) .. قآل الجَد ذلك مُدعياً الإحباط وهو يُمسك بيدِ تلك الطفلة الصغيرة مُتجهين سويةً إلى المطبــخ

مرت فتــرة قصيرة وهُو ينتشل كل طبقٍ ليضعه فوق طاولة المطبَــخ .. والطفلة واقفةٌ بجانبه مُمسكةً بطرف سرواله الزيتي الطويــل

( جـــدي أُريد اللعــب بالخارذ مع ريُوتــآ ! ) .. " بالخآرج "

حَرك شفتيه ليُطلق بضع كلمات من بينهمــا لكنهُ سكت عندمـآ أحس بشيء غريب يُحثه على الصمت ..

أمسك يدهــا الصغيرة بقوة عـِندما سمـِع صوت إطلاق النيرآن وصراخ أفراد العائله ..

حَمل تلك الطفـــلة لتكون على ظهرهِ بسُرعــة وقلبه يكاد يخرُج من مكآنهِ من شدة خوفــه ..

صحيح أنه عجوز .. لكنه مازال يحمــل بعض الطــاقة التي كان يتحلى بها في شبآبه !

طوقت تلك الفتاة يديهــا حول رقبتهِ بشكل تلقائي وقالت مُتسائلة ( جدي .. ماذا بك ؟ )

إتجه ناحية البـــاب الذي يؤدي إلى خارج المطبخ ليُطل على غُرفة المعيشــة

لكنهُ لم يستطِع رؤية شيء بسبب الدُخـــان الكثيف الذي أعمى بصيرته حينهـــآ

أصبح يلتفت الجد بعينيه بشكــل سريع ومُريب والعَرق يتصبب من جبينــه ..

مما دبّ الرعب في قلب الطفلة التي بدأت في التساؤل وصوتهــا يرتجف ( جـ ... جـددي .. مآبك !!! )

كان ذلك بسبب سماعه لصُراخ الأطفال وزوجتـه والآباء والامهات بغرفة المعيشــة .. وصوت إطلاق رصاصاتٍ أيضاً !

وما كان مُرعبـــاً اكثر هو أصوات الرجـــال الغريبين اللذين إقتحموا المنزل بشكلٍ مفاجئ مما أثار الخوف بداخلـِه

( آشششش ! ) قال الجد ذلك وهو يُحاول تهدئة الطفلة بهَزه لها وهي على ظهــرِه

أدار وجهه إلى الخلفَ ليلحَظ وجود البــاب الذي بالمطبخ المؤدي إلى الحديقةِ الخلفيــةِ للمنزل

أسرع لإمساك مقبض البــاب .. ما إن أمسكهُ حتى فتحه على مصرعيه وإنطلق بخطواتٍ متسآرعة وآسعة للهروب

إتجه لبــاب الحديقةِ الخآرجي الخلفي ونبضات قلبه تتســارع بشكلٍ رهيب .. والطفلة مازالت تصرُخ باكية ..

نظر خلفه نظرةً خاطفـــة ليرىَ أن المنزل يحتــرق والدُخان يتصاعد للأعلى بكثآفه

ولهَب النيــران ينعكس في عينيــه ووجهــه ..

أما الطفلةُ فكانت تسعــل بقوّة من بين بُكائهـا .. فقال الجَد بقليلٍ من الصرامة ( أُصمدِي مينــوري )

سمـِع الجَد صوت أحد الرجــال العميق يُنــاديه مُهدداً ( توقف عندك وإلا أطلقتُ النـــار ! )

.............................

" ههههههئئئئئئئئئئ "

صحَوت وأنا أصرخ بقــوة بسبب هذآ الحـِلم المُرعب الذي كان عبارة عن جُزء من مآضيّ التعيسْ

بقيت عدة دقائق في سريري أنظر إلى أصابعــي بشرود وأنا ألهث كأنما كُنت في سباق جريّ طويل ..

وضعت ظهـر كفي الأيمَن على جبينـــي المُتعرق

وأغمضت عينــي بسبب ضوء الشمس الذي يتسلل من النافذة عليّهـا مباشرةً ..

ثم نظرتُ حولــي بعدمآ نهضت بهدوء لأحمد الله أن ذاك كُــله كان مُجرد كآبوسٍ ليس إلا ..

وأيضاً .. الفتاة الشبح لم تكُن سـِوى خيآل ! .. رُبمــا هذا كان نتيجة مُقابلتــي لتلك الفتاة بالفصـِل

وضعت كفة يدي على صــدري جهة قلبي لأقول بآسمةً مطمئنةً نفسي ( آه إهدئي يا أنا إنه حُــلم فقط )

أزحتُ الغطــاء بإهمال وسُرعة عن جسدي البــارد ..

نظرت يمينــي لتتسع عينآي بذهول وأحسست كأنما صاعقةً قد قسمت رأسي لنصفين !

( آه هل إستيقظـــتِ ؟ )

بقيت فاغرة فاهي بصدمــة وأنا أنظر إليه يجلس ممدداً رجليه مُسنداً رأسه وظهره على الجدار بالقُرب من سريري

مُديراً نصف وجهه لــي لينظر إلى وجهي المصعوق ثم يقول باسماً ( صبآح الخيــــر .. كيف أنتِ الآن ! )

وقفتُ بســرعة وقلت بهستيرية ( أيُ خيـــر وأنت أمامي .." قلت متسائلة " ثم مالذي تعنيه بكيف أنا الآن ؟ )

رفع حاجبيــه بتعجب وإلتف بكامل جسمه نحوي جاعلاً وجهه مرفوعاً للأعلى حتى تلتقي عينانا ..

لكنه مالبث أن طأطأ رأسه - المُحمر - وحك خده بإصبعــه بخجل

( الا تتذكرين ماحدث بالأمس ... الدُخـــان ، الشبـــح ، القطــــه ! )

جلست مرةً أخرى على سريري ورفعت رأسي لأنظر للسقف متمتمةً بغضب ( لم يكُــن حُــلماً إذاً )

عاودت النظــر إليــه وسألته ( مالذي حَدث ؟ )

زاد إحمرآر وجهه وأصبح يحُك خده بحركةٍ سريعة ، مما جعلنــي أنظر إليه بنظرات حآدة مليئة بالشَك

قلت بصوتٍ خافت ( آه .... لا تقُل لي )

راقبت تحركاته بعيني عندمــا وقف مُسرعــاً ليُصبح أمامي مُباشرةً .. لكنه أصبح يمشي بهدوء بخطواتٍ حذره إلى الوراء

لاحظت التوتــر الشديد في عينيــه اللتان تتحركان حركآتٍ سريعـة تُحاول بشتى الطُـرق عدم النظر إليّ

وقفتُ بهدوء وأصبحتُ أمشي خطوتيــن كُلما ترآجع خُطوه !

إلى أن إلتصق بالجدآر بقُرب باب الخــروج ،

فإبتسمتُ بنصـــر عندما أسرعت إليه وأسندت يدايّ على الجدار بقُـربه لأُكوّن حاجزاً يمنعُه من الحرآك أو الهَرب

كان طويلاً جداً بالنسبــةِ لي .. أي أن رأسي يصل إلى صدره وأحتاج إلى رفعه لأنظر إلى وجهه

قُلت بعد فتــرة صمتٍ دامت عدة دقائق وأنا مبتسمةُ بشــَر ( لم تُخبرنــي ... مالذي حَدث ؟ )

أشاح بوجهه الذي صُبغ بالحُمرة عنـي جهة اليمين ينظُر إلى الباب ، ثم رفع كتفيه وتنهد قائلاً بإستسلام

( حسناً ، آكي هيَ صديقتــي منذُ الإعداديــة ، كُنــا دائماً ما نقوم بعمل المقالــب مع بعضنا إلى الطُلاب الجُدد أو حتى القدامى في كُل بدايةِ سنة .. فقط للتسليــة ! )

رفعتُ حآجبــي الأيمن بسُـخرية والدموع متجمعة في عيني لكنني لم أقاطعه ، فقآل ( فقررنــا أن .... أن .... )

أدار وجهــه لينظُـر إلي .. لكنهُ سُرعـان ما إلتف وأصبح ينظــر للأسفل مصدوماً ... بسبب " الصفعة " التي تلقاها منيّ !

عمّ السكون القآتل أرجاء الغُــرفة ..

نظرتُ إلى بآطن كفة يدي اليُمنـى بصدمة غير مُدركة بعد لما فعلتُه وقطرات الدُموع تنهمر عليهــآ

وأبعدت يدي الأُخرى عن الجدآر بينمــا كان ريو واقفاً من غير حرآك ..

( أخــــــي ! ) إلتفتت إلى ذلك الصوت المألوف لي الصآدر مِمَن كان يقفً عند الباب ينظر إلينا بذهول ..

فأًصبت بصدمةٍ أكبر وكأنه يوم الصدمـــات العآلمي !

__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]
  #3  
قديم 09-23-2017, 03:00 PM
 
إجتاحتني مشآعر غريبة ، وكأنها ..... وكأنها مُختلطة ببعضها البَعض ... !

لَــم أعلم للآن .. هل ما أمُر به .. صدمة ؟ أم غضَبٌ مكبـوت فيّ .. أم عَدم مقدرة على الرد .. هل رُبما لأني المُخطئ ؟

لقد كآنت الصفعــةُ قويةً ومفاجئةً لي لم أتوقعهــا أبداً ، أحسست بالحرآرة على خدي لذلك وضعت يديّ عليه أتحسسه

ما إن وضعت طرف إصبعــي عليه حتى شعــرتُ بوخزة ألم ، فأبعدت يدي بسُرعة مُعقداً حاجباي بإنزعآج ..

لم أنظُــر في وجههآ بل حآولت قدر الإمكان أن أتحاشى النظر إليها ..

أنا .... أنا حقاً أًصبت بالذهــول ، تلك الخرقـــآء ، كيف تجرؤ على ضربــي .... أنا ؟

رفعتُ رأسي بعد فترة شــرود لأراهآ ............ تبكي !!!

حسناً ، وإن يكُــن ... لــِمَ تبكي أصلا ؟ لرُبمــآ شعَرت بالذنب فأرادت الإعتذآر بطُرق النسآء المعهودة ،

( أخـــــي ! ) .. كلآنا أنا و مينـــوري نظرنآ إلى مصـــدر الصوت بتعجُب بالوقت نفسه

نظرت إلى مينــوري نظرةً خاطفة لأرى علامة إستفهامٍ كبيــرة تدور حول رأسهآ ..

والذهول بادٍ على وجههـآ بينما الدموع تجري على خديّهـــآ المُحمــريّن ..

وجّهتُ نظري ثآنيةً إلى الفتاة القصيرة ذات الشعر الذهبي الطويل الذي يصل إلى نصف ظهرهآ الوآقفة أمام البــاب

لأرىَ أنها تنظر بعينيهــا البُنيتين إلى مينــوري بقَلق

تنحنحــتُ لأُبعد الإرتبآك عن صوتي ولألفت إنتباهها ، قلت بثقة ممزوجةٍ ببرود ( آه .. رين ، ماذا تريدين ؟ )

قآلت أُختي الصغيرة رين مُنفعلةً بغضب وهي تمشي بخٌطى واسعة نحوَ مينوري وأمسكت بذرآعيهآ متجاهلةً وجودي تماماً

( مالذي فعــله بك ؟ أجيبــــي )

هَزتهــا بعُنف لكن يبدو أن مينــوري في عآلمٍ آخر الآن ، " إبتسَمتُ بسخرية " عآلم الندم بالطــبع

" توسعــت إبتسآمتي أكثر وقٌلــت لنفسي " هيَ تتحسر الآن لمآ فعَلته قبل قليــل ... ها ها ها !

قــُلت مُبتسماً لأُبيّن الجآنب الايجآبي مني لمينــوري التي نظرت إليّ عندمآ تحَدثت

( لآ بأس مينوري ، سأقبلُ إعتذآركِ إن أردتِ .. فقط لآ تقلقي وإبدأي بتقديمهِ إليّ ، سأقبلهُ بالطبع مادُمتِ نادمةً ! )

رأيتُ وجههــا يحمّر شيئاً فشيئاً .. ونظراتُهــا إليّ حادة حتى خـِلتُها إخترقت الجدآر من خلفــي !

( مابكِ ؟ أصبحتِ الآن وكأنك بُركانٌ ثآئر فجأةً بعدما كُنتِ ملاكاً يبكـي بحسرةٍ وبرآءة .. ثُم .. أنا آمركِ أن تتوقفي عن التحديق إليّ بتلك الطريقةِ ! )

نطقت بتلك الكلمــآت وأنا أنفث الهواء لترتفع خًصلاتٌ من شعري الذهبي الحريري وتسقط على وجهي بغرورٍ مُمتزجٍ بالإنزعآج ويآليتني لم أفعَــل .. ~

فلقـد هآجمتنــي بوحشيّــة وعُنف إلا أنني أسرعتُ بالهَرب حيثُ أنني إقتربتُ أكثر من البـاب الذي كان بجانبي

أمسكتُ بالمقبض بتوتر وأشعر أن قلبــي فعلاً ... قد هوَى على الأرضِ فزعاً !

ما إن أغلقتُ الباب خلفــي حتى أسندتُ ظهري عليــه برآحة وقُلت بهمس ( عجباً ، كيف تكون هذه فتاة ؟ )

( سمعتـــــــــــــــــــــــُـك !!!!! ) وصلنــي ذاك الصوت الحآد القوي المُجَرد من الأنوثة تماماً يصرُخ من خلف البآب

مما جعلنـي أفزع أنا وقلبــي الذي سيُصبح قريباً تعـِباً جداً مادآمت هذه العفريتــة تدب فيه الرُعب ..

أغمضتُ عينــي وإبتسَمت بمرح وأزحت جسدي عن البآب لأقف بإعتدآل ثم أقول هامساً لنفسي ( مُهرجــة حمقآء ! )

على الرُغم مـِن جميع المُعلومآت الدقيقةِ التي حصلتُ عليهــا ، إلا أنها كانت تعكس شخصيتهـا الحقيقية ..

وضعت يدآي في جيّبي بنطآلــي وأصبحت أُدندن بكلمآتِ أغنيتــي المُفضلـة وأنا أسير بالممـَر نحوَ بآب الخروج

ثم حدقت في سآعة معصمي بشرود .. إنها التآسعة و خمسة عشر دقيقة ، يجبٌ عليّ العودة إلى الفصل

وقتٌ إنتهآء الفُسحــة قد إقترب !

( صدقاً .. لقد أصبحت وقحاً بشكــل مُضآعف ، أكثر من السآبق بكثيــر يآ ريو )

أبعدت عيني عن السآعة وأصبحت أنظر بهآ في جميع الاتجآهآت مُتسائلا عن هويّة المُتحدث

إلى أن إرتكزت عيناي على شخصٍ وسيم وطويل واضعاً ثقل وجهه على ظهر كفيّه مُتكئ بهما على عصاة مكنسة خشبية

ذو شعرٍ حريري مُبعثرٍ بإهمال بُنــي اللون صُبغت خصلة أمامية منه بالأحمــر ..

إبتسامةُ جآنبية آرتسمت على شفتيّ وقلت ( كيـــن ! .. إشتقتُ لك يا صآح )

رفع حآجبيه بتعجُب ولوىَ فمه مُكذباً كلآمي بقوله ( حقاً ؟ لآ يبدو ذلك .. متى آخر مرةٍ رأيتني فيهـآ ؟ )

إقتربتُ منهُ لأصآفحه بقوة ثم عانقتُه ضاحكاً ( لآ أذكُــر .. رُبما ، في السنة المآضية ؟ )

أحسستُ أن عمُودي الفقري قد كُســر بسبب قوّة الضربة المُفاجئة التي تلقيتُهــا على ظهري منه

مآ بآلُــه أيحسبني رجلاً مصنوعاً من المطاط ؟

قال لي مُتسائلاً ببرود ( لــِمَ لم تزُرني ؟ ) ..

إبتعدتُ عنه وحرصت أن لا تلتقي عينانا ،

حككت خدي بخجل ... عآدتي الدائمة عندمآ أتوتر ! ( لـ .. لقد إنشغلت )

نظر إلي بتلك النظرآت الإستفزآزية التي لطآلما كرهتُهــا منه فإشتعلت غضباً ( ألا تًصدقنـــي ؟ )

( كلآ .. ) قالهــا وهو يمشي عني مُبتعداً ويركل عربة معدآت التنظيف أمامه ركلاتٍ متتآلية

رجعت للنظر إلى سآعتــي متجاهلاً كيــن الذي أخذ يشرب سيجآرته بعيداً متوجهاً إلى سكن الشباب ..

أحسست بوكزٍ مؤلمٍ متواصلٍ على خاصرتي فصرختُ بإنزعآج دون النظر خلفي ( ريـــــن .. توقفي عن هذآ حالاً )

مشَت تلك المتعجرفة الصغيرة بقربي بهدوء وهيَ تنظر أمامهـا ببرود .. عرفتُها بالطبع لأنها حركتها المُعتادة عندما تكون غاضبةً منيّ

قلت لها وأنا أخرج معها من ممر مبنـى الفتيات للذهاب الى المبنى الرئيسي ( هل قالت تلك المُهرجـة شيئاً ؟ )

( من تقصــد بالمُهرجــة يآ ذو المنقـــار ؟ ) ..

توقفت عن المَشي لأًصبح كتمثآلٍ حجري عآجزٍ عن الكلآم عندما سمعت ذاك الصوت الحاد يحدثني من خلفي ..

إجتآزتني بخُطى سريعةٍ وآثقة تآركة خصلآتِ شعرهــآ السودآء تتطآير أمامي بنعومة ..

أدارت وجههــا لتنظُر إليّ ثم أشاحت ببصرها عني إلى الممَــر المُمتلئ بالطُلآب الذي سيُدخلنـا إلى المبنى الرئيسي

( لآ تنتظر إعتذاراً مني .. ليست أنا من عليهـآ الإعتذار ، وأرجوك ! .. تجآهَــل وجودِي تماماً فأنا لآ أستطيع تحملك )

قالت لي ذلك وأخذت تركض مُبتعدةً عني .. هه ؟

قُلت محاولاً كتمآن غيظي بهمسٍ مسموع ( من تحسبُ نفسهآ حتى تُكــلم المُديــر بتلك الطريقة الوقحة )

أتىَ من خلفي صوت صغيـر يحمل نبرة عميقة سآخرة ( آه بما أنك ذكرت هذآ .. تذكرت ، جَــدي آتٍ في السبت القآدم .. لذلك لتكُن على إستعدآد للتخلي عن منصبك ... يآ مُدير ! )

نظرتُ خلفي بصدمــةٍ كبيرة وإتجهت نحوهآ لأهُز كتفيهــآ بقوة مُنكراً ( ماذا تعنين يا آنتِ ! ، رين ألم يقُل بإنه قادم بعد شهَـــر ؟ )

أبعدت يدي عنهــآ وكأنني شيءٌ قذر وحركت خصلآت شعرهآ الذهبية إلى الخلف بغرور تاركةً إيآي في صدمة

تلك الشَبح ... إلى متىَ ستظل تكرهُــني وتتجآهلني هكذآ ، ؟

حسناً وإن يكُن .. لقد إعتدتُ على برودة أعصآبها على كُل حآل ،

همممَ !

بـِمآ أن أوآن رجعتي كطآلب قد بآتت قريبة " إبتسمتُ بشَـر " فيجب عليّ توديعُ منصبي كمُدير بطريقةٍ مُلآئمة !

نظرت حولي وأنا أقف بوسط الممَــرُ الذي كان مفتوحاً ويُطل على الحديقــة التي تُحيط بالمَدرسة بكُــل جهة ..

نظرت إلى الأزهآر المُلونة بشرود وأنا أحآول التفكير بعمل شيءٍ حمآسي في المدرسة قبل رجوع جدي

( ريـــو ) ..

صـــرخت بإعلى مآلدي من صوت مفزوعاً من اليَد التي وُضعت على كتفي فجأةً لتجعل قلبي يرتجف

لآ أعلم لــِمَ جآءت صورة وجهُ مينــوري المُرعب أمآمي ، لرُبمـا أصبحَت رمزاً رسمياً للرُعب بالنسبةِ إليّ

إلتفتْ خلفي وآبتسمت إبتسامةً كبيــرة بعدمآ رأيتُـه ( كيــن ، ماذا تُــريد )

نظر كيــن إليّ ببــرود بعينيه الرمآديتيـن التي أحاطهما السواد من الأسفل وقآل ( ألم تتأخر كثيراً على حصتك ؟ ستُطرد )

طبطبت على يــده التي كانت على كتفي وطمأنته بقولي ( لآ تقلق .. تذكرتُ أن الاستآذ يوشيرو لم يحضُر اليوم ، هي حصته الآن ولآ أُريــد تضييعهــآ بالنومِ على الطاولة )

ضحِــك كين بخفـة وقآل ( كما تشآء .. " ثم قآل وكأنه تذكر شيئاً ما " .. ريو ، بالمُناسبة ألن تختــار مُهرجة هذه السنة أيضاً ؟ )

بقيت صامتاً لفترة وكأننــي لم أستوعب مآ قآله ، ثُــم إنفجرت ضاحكاً عندمآ تذكرت وجه مينــوري بالأمس صباحاً عندما تقابلنا لأول مرة و لاحظت نظرآتــي الخبيثة بعدمآ آصطدمت بــيّ

كانت تعآبيرُهــآ غريبة وبنفس الوقــت أضحكتني كثيراً !

نظرتُ إلى وجه كين المُتعجب من ضحكــي المُفاجئ ثم مالبث أن ابتســم ومشى ليُصبح مقابلاً لي

( من هي التي أضحكتـــك لهذه الدرجة ؟ )

نظرتُ إليه بتمعن ، يرتدي بدلــة عامل النظآفة الرمادية وقبعة سودآء مقلوبـة مآئلة نوعاً ما ..

أجبتُه بمَـرح بعدما غمزت له بعيني اليمنىَ ( سأُخبرك عند إنتهاء الدوآم .. حديثُ طويل جداً يجب أن أجريه معك الليلة )

أغلق عينيــه وإبتسم إبتسامة سآخرة مُلتويــة ثم أشعل سيجآرته ووضعهآ بفمه فقآل ( سأنتظرك في مكآننا المُعتآد ) ونفث الدُخان من فمــه بهدوء .

مشَينــا سويةً نتحدث عن بعض الأمور العآدية جداً ..

إلى أن رن جرسُ إنتهاء الحصة فتَوجب عليّ تركــُه والرجوع للعذاب النفسيّ

حـصة الكيميــــآء ، آه ومآ أدراكم ماحصة الكيميــاء .. مُتأكد آنه سيكون مُسلسل مُرعب بإخراج وأحداث ممتآزه في كل حلقة !

لـِمَ أنا مُتأكد هكذآ ؟ الأستــاذة يوكــي قد حفظنا أطباعهــا أنا ومن معي منذُ السنة السآبقة .. ولسوء حظنآ هيَ مُصآبة بدآء العظمة ~

فتحتُ باب الفصل بقـوة لأرى تلك الاستاذة الطويلة ترتدي نظآرآتٍ طبيّـة مُسرحة شعرهآ بشكل منظم .. أكثر من اللازم !

( آوه استآذه يوكـــي ، لقد آشتقتُ إليكِ فعلاً ) .. قلتُ هذا مُحاولاً جعلهـا ترحم بحآلي قليلاً بما آنني متآخر خمس ثوانٍ عن حصتهآ

إقتربت مني وهيَ تُرفع نظآرتها جيداً الى مستوىَ عينيهــآ ( ريو ! ، ما رأيُــك أن تبقى بالخآرج إلى الحصة القآدمة ؟ )

صرخت ( ماذا ؟ " ضحكت بتوتر " بالطبــع تمزحين )

نظرت إليّ بنظرة حآدة مُخيفــة فهمت مغزآهآ بسُرعة .. و وجّهت نظري إلى مينــوري

كآنت تنظــر إليّ بإبتسامة شفقة ، ثم هزت رأسهآ بسُخــرية وحركت شفتيهـا تقول بدون صوت " مسكيـــن "
آه إنهآ تتلف أعصآبي ،

على كُــلٍ .. لن أطيل الحَديث !

كل مآفعلتُــه هو الخروج من الفصل بسلآم ... ولم أحضُر بقية الحصص بل ذهبتُ إلى مكتب جدي للنـــوم





عدة سآعآتٍ مرت لم أشعُر بهــا .. حككت عيني اليُمنى بعشوآئية وقوة ثُـم غطيت فمي أثناء تثآؤبي

نظرتُ حولــي بدهشة ، المكــان مظلمٌ جداً إلا جزء من الغُرفة بسبب الضوء الأبيض الآتي من الخآرج

ثم حولت ببصري إلى سآعة معصمـي الزرقآء ( السآعةُ الثآمنة والنصف ! )

ياللصدمــة .. هل غلبني النُعــاس إلى هذه الدرجة ؟

نهضت من على الأريكــة السودآء الجلدية الدآفئة ودخلت الحمآم لأغسل وجهــي الوسيم

خرجت وأنا أمسح قطرآت المآء بالمنشَفــة البيضآء الموجودة به ثُم رميتهــا على الطآولةِ بإهمآل

أخذت أفكــر بكلآم مينــوري الغبيّ .... أتجآهلُهــا ؟ هي بالطبع لن تستطيع تجآهلي أصلاً

هآ هآ هآ يآللفتيآت .. يقُلــن مآلآ يستطعن فعلــه ، آبتسمت بغرور وأنا أخرج مقفلاً الباب ورآئي وقلت

( ومن تستطيع تمالك نفسهآ عند رؤية وسآمتي ؟ ) .. ضحـِكت بشيطآنية بصوتٍ عآلٍ وأنا أمشي مُتجهاً إلى غرفتي

أثنآء طريقي .. كان السكون يُغلف الجوّ من حولــي وصوت حفيف الأشجآر والغربآن هو كُـل مآيُسمع

كُنت أمشي بالممــر نفسه الذي يُطل على الحديقــة .. ولكنني أسلك إتجاهاً يؤدي إلى مبنى الشبآب

رفعتُ خصلة من شعري بإصبعيّ الإبهام والسبآبة ونظرت إليهــآ بضجــر

أحسست بأحدٍ مآ خلفي .. فنظرت ورآئي لأرى " كيــن " ينظر حوله وكأنه لآ يرآني

( لآبد آنك تشعــُر بالفضول ! ) قلت ذلك بمرح .. أجابني ببرود ( حول مآذآ ؟ ) .. إبتسَمت ( تعآل لأُخبرك عنهآ )

ترآجعتُ خطوتين للورآء لأصبـِح بقُــربه وأحَطت ظهره بذرآعي اليُمنى أثناء سيرنــآ ..

وظللت قُرآبة السآعتين أتحدثُ معــه عن مآحدث من قَبل بيني وبين مينــوري !

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

( الأثنيـــن ! يوم الحظ السيــئ ) .. قُلت ذلك بعدمآ غطيت عيني مُتفادياً ضوء الشمس المُتسلل من النافذة ليسقط على عيني مبآشرةً

ولففت الغطآء حولي كالشرنقــة

أكره هذآ اليوم كثيراً ، دائماً ما تأتيني المشآكل فيـــه

أتمنى ..... أتمنىَ أن يمُر بســـلآم !

" طاخ طاااخ طاااخ "

كآن ذآك طرقُ الباب المزعج ، وكأن زلزآلاً يحدثُ بــِه ... لآبد آنه صديقي مآكوتو كالعآدة ، طريقة طرقه العنيفة معروفة

صرختُ بأقوى صوتــي واضعاً الوسآدة كحآجز على أذني ليمنع صوت الطرق من إزعآجي

( ماكوتـــو .. فقط إذهب للجحيــــم ودعني أنَم !!!!! )

دِخل شخصُ طويــل متوسط الوسآمة ذو شعرٍ أسود قصيــر وعينآن سودآوتآن مبتسماً إبتسامةً عريضة

( صبـــاحُ الخير ريو ... هيّــآ إنها السآعة السآدسة ، سنتأخر )

من المُفترض أن أصحو في السآعة السآبعة تماماً .. لكنني لم أُصدم لأنه أيقظني مُبكراً ، هذه ليسَت أوّل مرة

أزحت الوسآدة عن رأسي ورَميتهُـــا عليه لكنه تفاداها بسهولة .. وأزلت الغطآء عن جسدي النصف عآري لأذهب للحمآم

دخلت الحمآم وبقيت عدة دقآئق لأغسل وجهــي .. ما إن خرجتُ حتى رأيته يجلس على سريري ويُتآبع التلفآز

نظر إليّ مُبتسماً كعآدته ( اوه .. انتهيت ؟ ) .. صرخَت بوجهه معترضاً وأنا أطفئ شاشة التلفاز

( ايها الأحمق .. كم مرةً يجب عليّ إخبآرُك أن تجعل الصوت مُنخفضاً .. الضجيج سيصل الى الطلآب وستحدث مشكلة ، أنت تعلم آنه غير مسموحٍ به ! )

إبتسم إبتسآمةً أكبر ثم وقف وحمل حقيبته على كتفه وقآل ( آسف ... سأنتظرك بالخآرج ! )

( حسناً ) .. آكتفيتُ بقول ذلك وأنا أغلق البآب خلفــه ..

إرتديت ملابسي على عجـَـل وتركتُ شعري المبلل حتى يجــف لوحده

نظرتُ إلى نفسي بالمرآه ( آه .. كيف يمكن أن أكون بهذآ الجمآل ؟ لآ أستغرب لـِمَ يقعن الفتيآت في حُبي ها ها ها )

أخذتُ حقيبتــي وآنطلقت مع مآكوتو إلى الفصل بصُحبــة بعض الطُــلآب ..

فتحتُ باب الفصلِ بقوةٍ كما هيَ عآدتي .. نظرت إلى مكآن جلوسي لأرى مينــوري موجودةً تضع رأسها على الطآولة

صرخت بفــرح ( مينــــوووري ... هل كُنتِ تنتظريننــــي ؟؟ لقد جئت ! )

إعترضت طريقــي إحدىَ الفتيآت بقولهآ ( ريو ... ) .. لكننيَ لم أُعرهآ أدنى إهتمآم حتى لم أهتم من تكـون

بل توجّهت نحوَ مينــوري بسرعة وجلست على مقعدي .. وكآن ماكوتو يتبعنــي لأنه كآن يجلس أمامي مبآشرةً

نظرت إليّ مينــوري بنظرآت بــرود عجيبــة وعينآهآ منتفختآن ..

قُلت بذعر وأنا أتفحص وجههآ بنظرآتي ( هل بكيتــي عليّ لهذه الدرجــة ؟ )

كُــل مآسمعته منهآ هو " هآه " التي قآلتهآ بتعجب وسخرية .. ثم مالبثت أن قالت بغضب ( تجآهلنــي ! )

أدارت وجههآ نآحية النآفذة وآضعة ثقل رأسهآ على كفة يدهــآ ..

ضحكت بخفــة ولم أقُــل شيئاً .. أعلم أنها لن تستطيع تجآهلي كثيراً ،

.........................

مرت الحصص الثلآث الأولى ومينــوري تتجآهلني بكُــل الطُــرق

كفــىَ .. لا أستطيعُ تحمُــل ذلك !!!

هيَ مُهــرجتي ويجب أن تَضحكنــي لا أن تستفزنــي وتغضبني هكذآ ..

قررت ..... نعم قررت ! ، سأعتذِر إليهـــآ ... سأعتذر إلى فتآة لأول مرةٍ في حيآتــي

" أمسكت رأسي وأنا أضغط عليه بقوةٍ بأطرآف أصآبعي " يا إلهي كم هذآ مُهينٌ ومخزٍ

إلتفتتُ إليهــا .. إنهآ تنظُر إلى سآعة معصمهآ الحمرآء ثُم نظرت إليّ لكنهآ لم تلبث أن أشاحت ببصرهآ عني

إقتربتُ منهآ كثيراً وقُلت لهآ بهمس في أذنهــآ ( بعد عشرة دقآئق .. في الفُسحة في السآحة الخلفيــة .. تعآلي )

وضعت خدهآ على كفة يدهــآ ومرةً أخرى ....... تجآهلتني !

سأجنْ .. لآ أحب أن يتجآهلني أحدٌ هكذآ

مضت الدقآئق العشر طويلةً جداً ... حصة استآذ الريآضيآت " مآشيرو "مملةُ إلى حد الجنــون

رَن الجرس ....... آه يآللسعآدتي لقد رنْ ! حمداً لله ، ظننتُ أنه لن يرُن أبداً

( ريـــو ... لنذهب معاً ) .. نظرت إلى ماكوتو الذي قال جملته واقفاً واضعاً يديه في جيبي بنطآله

اومأت بالإيجآب ومشيت خطوتين معه إلا أنني ترآجعت وإستدرت نحوَ مينوري بنصف جسمي

( لآ تنســي .. بعد آن تنتهــي من طعامكِ تعآلي )

لم ترُد ... كمآ توقعتْ ~

ذهبتُ عنهــآ والنيرآن تشتعلُ بجوفــي ، أظن أنني سأقتُلهـــآ

لم أعتَد على هذآ النوع من الفتيآت ، جميعهُن يلبين رغبآتي ويفعلن ما آمرهُن به !

" نظرت إليهآ نظرةً خآطفة منزعجـة " إلا تلك الخرقآء !

.........................

كُنت أقف مع مجموعةٍ كبيرة من الشُبـــان نتحَدثُ عن مبآرآتنا القآدمة مع إحدى المدآرس

( ذو المنقـــآر ) .. إستدَرتُ ورآئي مُتعجباً ، وابتسمت بمرح عندمآ رأيت مينــوري تقِف مُديرة وجههآ عنيّ

( لقد أتيتي .. كُنت أعرف ذلك ! ) .. قالت بغرور وأصآبعها تتخلل بين خصلآت شعرهآ السودآء ( مُجرد فضول لمعرفة مآذآ تريد )

قُلت لهآ بلهجةٍ آمره ( أنظري إليّ ) ...

( يآ صآح ، تلك هي مُهرجتـــك الجديدة هاه ؟ " إلتفت ذاك الفتى إلى مينـوري " حدثنآ ريو عنكِ ! )

نظرت إلى ذآك الشآب بتعجُب ثُم نظرت إليّ بنظرةٍ حآدة لكنهآ قصدته بحديثهآ ( ماذا قال ؟ )

أسكتتُه بصرآخي حتى لآ يفضحنــي وأقع بمُشكلةٍ جديدة ( ميسآكي ألن تتوقف ؟ )

أغلق ميسآكي فمهُ مُحرجاً .. كآد أن يُسبب لي مصيبة أنا في غـِنى عنهآ

نظرت إلى مينــوري ... وآقفةً أمامي بغضب مطوقةً ذرآعيهآ عند صدرهآ ( أخبرني ماذا تريد هيّــآ ، أريد الذهآب )

قُلت بضجــر وأنا أنظر بعيداً عنهآ ( أنا آسف لمآ فعلتُـــه .. سآمحيني ! )

سمـِعتُ صرخآت الجميع من خلفــي وتجمع حَشد من الطلآب والطآلبآت حولــي يتهآمسون فيمآ بينهُم

" هل هذا إعترآف ؟ " .. " آه ريو يعتذر إلى فتاة " .. " كيف فعلت ذلك " .. " مُستحيــــل !"

( كلآ ... ) ،

مآذآ كلآ ... ؟ مآذآ تقول هذه !

( لن أقبل إعتذآرك ، سأذهبُ الآن ) نظرت في عينيهــآ ذآت النظرآت البآردة .. ثم آختفت عن نآظريّ بهدوء !

مآهذآ الجوآبُ البـــآرد والجآف ؟ ثم مآهذآ الشعــور الذي أُحس به ؟

سمعت صرخآتٍ أقوى من ذي قبل أحرجتنـــي فعلاً ..

وقد صُبغ وجهي باللون الأحمر غضباً وإحراجاً ( كفـــــــى ، فالتذهبوا جميعاً إلى الجحيم )

تركتهُم جميعاً خلفــي وأنا أمشي بخطواتٍ سريعةٍ لأخرُج من هُنــا .. أشعر أني أختنق

قُلت بهمسٍ لنفســي ( أُقسم أنني سأجعلكِ تتحطمــين كُــلياً يا مينـــوري ! ، هذآ وعد )

بعدمآ أجبته بجوآبٍ بآرد جعلهُ بركاناً ثائراً ، بدايةً لقد كُنت أمشي ببـرودٍ تآم أمامه حتى أُبين أنني فتآة قويّة الشخصيّة

إلا أنني أخذتُ أركض بأقصى سُــرعتي عندمآ دخلتُ إلى المدرســة

إن هَربت مُبــاشرةً بعد ردي سيعتَقد أنني فعلاً حمقآء ولآ أعني ما أقولــه

على كلٍ .. أُحس نوعاً ما بالرآحة ، يستحــِقُ ذلك !

لقد أصبحَت الكوآبيس ترآودني منذُ تلك الليلــة .. أستيقظُ كل سآعتين بسببهــآ

ثم مآذآ ؟ يأتي بكُــل إستخفآف ليقول لي " آسف .. سآمحيني " ، هه !

وأيضاً .. أمام الجميع .. هل يتفآخر بذلك أم ليتأكد من إيجآبية رديّ ؟

لن اسآمحه لرُبمآ هذآ مآ يجعله يكُف عن مضآيقتي

" تنهدت بعمق " إنه أغرب كآئن بشري رأيتُــه في حيآتي حقاً ..

هدأت خطوآتي بعدمــآ كآنت سريعةً جداً للهرب منه دون أن أسمع ردّه ، نظرت حوليّ .. سحقاً أين أنا ؟

تُهـــت ؟ .. الممر هذآ وآسعٌ جداً .. وتوجد عدة أبوآب فيــه

[ آتعلمون ؟ أحدُ أكثر الأشيآء التي أكرهها فيّ عندمآ أغضب ، دائما ما تقودني قدمآي حيثُ لآ أعلم ! .. ]

( هيـــه .. أنتِ ! مالذي تفعلينـــهُ هنا ؟ )

إلتفتت خلفي لأرى شاباً وسيماً يرتدي زيّ عآمل النظآفة وبيده مكنسة خشبية ينفث دُخان سيجآرته من فمه وينظر إليّ بحدة

أجبتُــه بتردد ( آه أنا ؟ .. أنا أظن أننــي تُهت لذآ أنـ ... )

كآن يقف أمامي مبآشرة .. قآطع آخر كلمآتي بإقترآبه منيّ ..

أخذ يمشي بإتجآهي بخطوآتٍ ثآبته وعينآه لم تكف عن التحديق بيّ بتفحص

أصبحتُ أبتعد عدة خطوآت كلمآ إقترب خطوة إلى أن إلتصقتُ بجدآر الممَــر الوآسع

الذي تتخلله خيوط أشعة الشمس من النوآفذ الطويلة الممتدة من سقفه إلى أرضيته ..

أسند كفة يده اليُسرى على الجدآر بالقُرب من وجهــي .. إنه يُقرب جسده إليّ في كُل لحظة

أصبحت أتنفس بصعوبــة وبشكلٍ سريع جداً .. سُحقاً وكأنه ينقصني وجود هذآ المُنحرف !

رفعت رأسي ليُصبح جبيني قريباً جداً من ذقنـه ... أشعر أن وجهي قد أصبح مُشتعلاً والجو حآر ~

ظلننآ لحظآت على تلك الحآلة والتوتر يجعل أطرآفي ترتجف

لكن ... ما فاجأني أنه سقط على كتفي الايمن بكآمل ثقله .. و مالبثت ان دفعتهُ بعيداً عنيّ وهممت بالهَرب

إلتفتت خلفي أثناء جرييّ لأرآه ممداً على الأرض دون حرآك !

توقفت وآخذت أمشي بحركةٍ عكسيــة .. أي أنني ترآجعت إلى الورآء عدة خطوآت لأصل إليه

توقفتُ أمامه مبآشرةً وقلت بتردد ( أنت ..... هل تسمعني ؟ )

لآ رد .. ،

لفت نظري أن وجهه بدىَ محمراً ويتنفس بصعوبــة وسرعة ..

أحنيت ظهري قليلاً و لمست جبينه لأتأكد من شكوكــي

قُلت بهدوء ( مصآب بحمىَ ! ) .. عدلت وقفتي من جديد ونظرت إليه ببرود مطوقة ذرآعيّ عند صدري ..

شيئاً فشيئاً أحسست أن دمي يغلــي وضربت الأرض بقدمي اليُمنى بغضب

( وكأن هذآ ما ينقصنــــي .. فلتذهب للجحيـــم ! ) ..

آبتعدت عنه دون أن اعلم إلى أين قد تقودني قدمآي هذه المرة أيضاً .. تآركةً إياه مُلقى على الأرض

ومآ شأني أنا ؟ ..

" تررررن "

نظرتُ للسقف عند سمآعي للجرس الذي يُعلن إنتهآء الفُسحة وبدآية حصةٍ جديدة

وقفت للحظآت أفكر فيهــآ كم أنا حقاً خرقآء !

( كيف لي أن أمشي للأمام ، بينمــآ كُنت آتية من الخَلف ؟ )

نظرتُ ورآئي وتنهدتُ بعُمق ثم قلت بهمسٍ لنفسي " سُحقــاً لهذا الحظ التعيس .. "

رفعتُ خصلاتٍ من شعري الأسود المُتنآثرة على وجهي للورآء ثم قُمت بالعبث به كُلــه بعنف وغضب

مَشيت عآئدة من حيثُ أتيـــت وأنا أرجو أن أستطيع معرفة طريق العودة .. هذه المدرسةً أشبه بالمتآهة

أحنيت ظهري وعقدت أصآبع يديّ خلف ظهري وطأطأت رأسي لأرآقب خطوآتي بهدوء ..

مررتُ بجآنب عآمل النظآفة من جديد ونظرت إلى المعدآت من حولـه

كآن يطوق ذراعه حول مكنسة خشبيــة مآئلةً على الجدآر مطأطأً رأسه

عدلت وقفتــي ثم وضعت كلتا يدآي على خآصرتي أمامه وقلت بعدمآ رفعت يدي اليُمنى لأضرب بهآ جبيني بخفة

( إنني فعلاً رحيمة ، لآ أستطيع تحمل مثل هذه المنآظر )

أنزلتُ جسمي لمستوآه و أمسكتُ بذراعهِ اليُمنى بقــوة ثم حآولت أكثر من مرة أن أحمله على ظهري ..

لكنهُ ثقيلٌ جداً بالنسبة إلى فتاة نحيلةٍ مثلي !

حآولت عدة مراتٍ أخرى إلى أن نجحت ... أصبح ثقلهُ كله على ظهــري وقدمآه الطويلتآن تزحفآن على الأرض

كآن وجهه قريباً جداً من وجهــي .. ونفسُــه المليء برآئحة السجآئر يصطدم برقبتــي ممآ جعل وجهي يحمُر بالكآمل

( هيــه .. هل أنتِ سُلحفآة ؟ )

صُدمتِ عندمآ سمعتِــه يهمس بهذه الكلمات بأذني ..

( ماذا قُلت ؟ ) .. سألته ذلك وأنا أنظر له بطرف عينــي بتعجُب

( أسرعــي قليلاً فأنتِ كالسُلحفآة .. أنا أريدُ أن أحلق ! )

لآبد آنه يهذي بسبب الحرآرة ..

نظرتُ إلى سآعة معصمــي الحمرآء بتوتر .. مالذي سيُقال عني ؟

أتأخر عن نصف الحصص وأتغيّب من أول إسبوعٍ لي .. " هززت رأسي نفياً " سسحقاً لآ يُعقل هذآ !!!!

حآولت الركض إلا أن كُل ما أستطيع فعله هو المشيّ بخطوآتٍ أسرع بقليل من المعتآد

هذآ يجعلنــي مُنزعجةً جداً ..

وقفت قليلاً ورفعتُ رأسي للسقف .. أغلقتُ عيني بتعب ثم وجهتُ نظري للأمام

فرحتُ جداً عندمآ رأيتُ أخيراً ظل شخصٍ مآ يقترب ..

صرخت بسعآدة وثقــة ( سأتخلصُ منـــه ! )

( مآذآ تعنين ، وإن كُنت مصاباً بالحُـمى فمآزلت أستطيع إستيعاب ماحولي ) ..

إتسعت عينآي دهشةً عندمــا أحسست أن حملاً ثقيلاً قد أُزيح عن ظهري ، فنظرت للخلف لأرآه يقف مُلتصقاً بي

رفعتُ رأسي المُلتصق بصدره لأستطيع رؤيته .. إنهُ ينظــر إلى عينيّ مُبــاشرةً ، و يبتسم !

سألتُه ببراءة ( هل كُنت تستطيع الوقوف منذ البدآية ؟ )

( حسناً ، كان بإمكآني ذلك .. ) ..

ظللت أوجَّه له نظرآت حآدة بينمــا إبتسامةٌ مآكرة تعلو وجهه ..

إبتعدتُ عنه وقلت بلهجةٍ آمره ( فســر لي سبب تصرُفك هذآ أيها ... آيهآ المُنحـــرف )

تبعتُه ببصري وهو يتجّه لأحد الأبوآب في الممَر بهدوء

( ولــِمَ أشرحُ لكِ ؟ لستُ بحاجةٍ إلى ذلك )

فتح البآب على مصرعيــه ثم أغلقه خلفه بقوة

لمحتُ الشخص الذي لآحظتُ ظله يمُر أمامي .. رفعتُ رأسي لأرى ريُــو يتجآوزني مُغلقاً عينيه ويعبث بشعره بعشوآئية

يبدو عليه الإنزعآج .. ، إقتربتُ منه وأمسكت بطرف قميصه ثم هممت بسؤاله ببرآءة ( ريو ، هـ .... )

ذُهلت .... !

نظرتُــه تلك التي نظر إليّ بهآ جعلتني أصمُت ، غير طبيعيـــة ... لم أستطـِع حتى فهمها جيداً

لا أعلم ، هل كانت نظرةُ حقدٍ أم غضب أم بـــرود أم ماذا ، فعلاً صعبٌ عليّ شرحُهـــآ

أحسستُ أنها تحمـِل معاني كثيـــرة .. ، تركتُ قميصه بهدوء وجعلتُه يكمـــل طريقه ..

" آآآآآه " .. صرخت بهدوء عندمآ تذكرتُ مآحدث ، كيف أحَدثُه وأنا من طلبت منه أن يتجآهلني

" ضربتُ رأسي بقبضة يدي بخفــة ثلآث مرآتٍ متتآلية " غبيـــة غبيـــة غبيـــة ..


قسمت شعري إلى قسمين وسحَبتهمآ كلآهمــا في آن معاً بقوة من شدة غضبي وصرخت

( سُحقـــــــــــــــــــــاً )

خرج عآمل النظآفة ذآك من جديد وعلامات الغضب مرسومة على وجهه الأبيض المُحمر من الحُمى

( أنتِ ... لقد أزعجتني جداً ، أمسكي هذهِ وإرحَلـــي ) .. نظرتُ إلى حيث يقصُد إذ بي أراه يمُد لي ورقة بيضآء

سألتُه بفضول ( ماهذه ؟ ) .. ( فقط خُذيهـــآ ولآ تعودي إلى هنا ، " إبتسَم بإستفزاز " أرجوكِ )

أخذتُ الورقة منه وأغلقتُ عيني بقوةٍ عندمآ أغلق البآب ليًحدث صدىً قويّ في الأرجاء

( سُحقــاً أي أنوآع عُمــال النظآفة هذا ؟ " فتحتُ الورقـة المطوية بهدوء " إنهآ خريطــة .. أو هيَ شبيهةُ بالخريطة )

سحقاً ... لآحظتُ أنني أصبحتُ أردد هذه الكلمة كثيراً هُنــا ، لآ أتعجب ذلك فما أرآه بهذه المدرسة غير طبيعي

عندمـــآ أٌفكر بذلك كثيراً .. أحس وكأنني أليس في بلآد العجآئب

على كُل حآل شكراً له ، أنقذني من أن أطلب المُسآعدة من ذاك المُتعجرف ريو " نظرت يمينــي للبحث عنه فلم أجده .. "

إبتسمتُ بمَرح بينما كُنت أنظر للورقة ثم قلت لنفســي ( مع أنه مُنحــرف ، رُبمــا يمتلك صفاتاً حسنة )
...............................

أخذتُ أتبــع الخطوآت التي تقودني إلى الفصـــول كما هُو مرسوم هُنــا

إلا أن ماوصلتُ إليــهِ كآن

مَلعبُ كرةِ ســـلة ؟ ...... مُزحة ؟ لقد إتبعتُ كل ماهو مُوضح بالورقةِ جيداً ..

( آه ، ظننت أنه شخصٌ جيّــد لوهلة .. أخطأت الظن للأسف ! )

تنهَدت بعُمق ونظرت ألى المكــان .. نظيفٌ جداً ولمعآن الأرضية يُبهر نوعاً ما ،

جذبنــي صوت همهمــة قريبة فأصبحتُ أبحث عن مصدرهآ بعينــي إلى أن وقع نظري على فتآتين

تجلســان على مقآعد المُشــاهدين الزرقآء .. أقتربت منهمآ بإبتسآمة مُتــوترة

لكنهــآ زآلت وحَل محلهُــآ علامات دهشةٍ وفضول ( آكـــــــي ، مالذي تفعلينــهُ هُنـــا )

بآدلتنــي آكي ومن معهــا نفس نظرآت الفضول التي حَلت على وجهــي ثم قالت ( ماذا عنكِ ؟ )

صمتنــا قليلاً فنظرت إلى الورقة بيدي ثٌم عآدت بنظرهآ إليّ

( لم نُرد أن نحضُـر حصة الكيميآء .. آه تلك الأستآذة تُجعلني أشعُــر وكأنما المسآمير قد تعلقت بحلقي ..
ليس بمجرد كونهآ مصآبة بدآء العظمة ، بل أنها سريعةً الغضب ! )

عندمــا ذكَرت دآء العظمــة .. أول مآخطر ببآلي كآن ريو ، آووه إنه مُصآبٌ به على مآيبدو ..

حدقتُ بـآكي لفترة بينمآ هي تتحدثُ مع زميلتهــآ ،

هيَ ذآت شعرٍ بُني طويل يصل إلى خآصرتهآ .. تربطه على جآنبهآ الأيسر لتتنآثر خُصلآته الطويلة على كتفهــآ

وجههــا أبيض ذو ملآمح حآدة جميلــة وعينآن سودآوتــان مُفعمتــان بالنشآط !

( بالمُنـــاسبة ، مآفعلتهِ لريو كان جارحاً ) ..

آستيقظتُ من شرودي عندمــا علمتُ أنها وجهّت حديثهــآ إليّ ، إلتقت عينآنآ فكانت تنظُـر إلي بعتآب وكأنني مُخطئة

أكملت حديثهــآ مُقاطعةً لي قبل بدأي بالحديث ( هُــو لم يفعل شيئــاً يستحقُ كل هذآ )

مآذآ ... كوآبيسي ومُضــآيقتي واللحآق بي ، أليس الأمرُ مزعجـــاً ؟ رُبمآ هيَ لم تُجرب نوع هذه المُعآنآة بعَد

قُلــت ببــرود ( رُبمــا لم تُجربي شعور كونك ضحيةٍ لشخصٍ مآ يُريد جعلكِ أضحوكة ، غير ذلك ! رُبمآ لم تجربي
شعُور المُلآحق بكُــل مكآن .. فقط تُثرثرين دون معرفة حقيقة ما أُحس به )

إستغربتُ ضحكآتهــآ القويّة بينمــآ إبتسمت زميلتُهــا بتوتُر ، قُلت بغضب ( مالأمر ؟ ما المُضحك في قولي ؟ )

قآلت آكي بعدمــآ أوقفت ضحكآتهآ بجديّة ( لم أُجرب ؟ وما أدراكِ أنتِ ! )

ماذا تعنــي بهذآ ؟

( آكي .. هيكـــآرو ، لنذهب فالحصة أوشكت على الإنتهــآء )

إلتفتت خلفــي عندمــا عرِفت صآحب الصوت .. بآلطبع إنهُ ريو ،

إستدرتُ بكآمل جسدي نحوَه .. كان واقفاً أمام البآب الذي دَخلتُ منه ينظُر إلى آكي بإبتسامةٍ مُشرقة

وقفت كُل من آكي وهيكــآرو وأصبحتآ بجآنبي ..

مشينآ إلى حيثُ يقف ريــو وهَم هو بالإنطلآق قبلنآ ، إلا أن صوتاً عميقاً رجولياً غاضباً أوقفنا جميعاً

( توقفـــوا !.. أنتُم جميعاً ، ... مُعآقبــــون )

نظرنآ إلى ذاك الرجُل الطويل ذو النظــارات الواقف أمام إحدى الأبواب المؤدية إلى الحديقة الخآرجية على مايبدو

وقآل بعد فترة صمت ( جميعُكم مُحتجزون هذا اليوم لتغيبكُم عن الحصص .. أي إعترآض سيؤدي إلى مضآعفة العقوبة )

قُلت بغبــآء ( لكن آستآذ .. أنـ )

قآطعنــي بحدة ( وأيضاً ستُنظفــون الفصول كُلهــا بمآ فيهآ مكاتبُ المعلميـن بعد نهآية الدوآم )

عآودت الحديث لأخرج من هذه الورطة بقولــي ( أستآذ إسمعني أنـ .. )

لكنه عآد من جديد يُقـــاطعني فيقول ( مينـوري وريو ، أسبوع كآمل من هذه الأعمآل .. هذه ليست أول مرةٍ لكُمــا كما سمعت .. لذلك فهي ...... مُضآعفةُ ! )

نظرنآ إلى ذاك الرجُل الطويل ذو النظــارات الواقف أمام إحدى الأبواب المؤدية إلى الحديقة الخآرجية على مايبدو

وقآل بعد فترة صمت ( جميعُكم مُحتجزون هذا اليوم لتغيبكُم عن الحصص .. أي إعترآض سيؤدي إلى مضآعفة العقوبة )

قُلت بغبــآء ( لكن آستآذ .. أنـ )

قآطعنــي بحدة ( وأيضاً ستُنظفــون الفصول كُلهــا بمآ فيهآ مكاتبُ المعلميـن بعد نهآية الدوآم )

عآودت الحديث لأخرج من هذه الورطة بقولــي ( أستآذ إسمعني أنـ .. )

لكنه عآد من جديد يُقـــاطعني فيقول ( مينـوري وريو ، أسبوع كآمل من هذه الأعمآل .. هذه ليست أول مرةٍ لكُمــا كما سمعت .. لذلك فهي ...... مُضآعفةُ ! )

رمقنــي الجميع بنظرآت لوم وغضب جعلت القشعريرة تسري بجسدي

مآذآ ؟ كُنت أريد الدفآع عن نفســي لكني لم أعلم آن هذا الأبله ظآلم لهذا الحَــد !

" إبتسمت إبتسآمة ماكرة " على كُــلٍ .. أحمُد الله أنني لستُ الوحيدة من ستقوم بكُــل هذا

أمرنآ الإستآذ ذو النظآرآت بحركة من رأسـه تعني أن نتبعــه

مشى إلى البآب الذي دخلتُ منه سآبقاً وتبعنآه في هــدوء تآم

همست آكي بغضب موجهةً كلآمهآ إليّ

( آه أنتِ ! .. ماذا أقول ؟ بصرآحة أُريد قتُلكِ .. هذه المرةُ الأولى التي أُكتشف بها .. لقد جلبتي ليَ الحظ السيء )

نظرتُ إليهآ بإندهآشٍ إمتزَج بإنكآر ( مالذي تتفوهين به ؟ .. أنا لم أفعل شيئاً .. )

إلتفت إلينآ ذاك الاستآذ ونظر نظرةً خآطفة غآضبة ثُم قآل ( سكوت رجآءً ! )

حَل الصمت بيننــآ وأنا أنظر إلى ملامحهم التي تحآول كتم غيظهـآ ..

كآنت تتقدمنــي آكي وصديقتهآ .. أما ريو فكآن خلفــي

بعد المشي عدة خطوآت ، وصلنــآ إلى بآب غُرفة مظهره عآدي كبآقي الأبوآب الموجودة

لكـن عُلق عليه لوحة صغيرة تُميزه مكتوب عليهــا " غرفة الحجز " ..

أهذا مصيري ؟ أنا لم أدخل غرفةً كهذه بحيآتي كُلهــآ .. كُنت طآلبةً مثآليةً دوماً معروفةً بتفوقهآ لم ترتكب أي خطأ ..

فتحَ ذاك الإستآذ البــآب على مصرعيــه وأمرنا بالدخول

كآنت غرفةً صغيــره مطلية بالرمآدي الفآتح .. يوجَدُ بهآ نآفذة صغيــرة مفتوحةُ بالأعلى

أحسست أنني أحدُ المجرمين الفآرين من العدآلة ، فعلاً الغُرفة كانت أشبه بالسجن !

دخلنــا جميعاً وجلسنا على الكرآسي الطويلة الملتصقــة بالجدآر

جلست كل من آكي وصديقتهــآ ومعهُم ريو بكُرسي وآحد .. يقآبل الذي جلستُ عليهِ أنا

( لآ تُحدِثوا ضجــة ) قالهآ الاستآذ ثُم أغلق البآب بقوة وتبعه صوت إقفاله

طأطأتُ رأسي لأرآقب حركة قدمي وهي تلعبُ بحصى صغيـرة على الأرض

ثم رفعته لأرى عينآن يلمعُ فيهمآ الحقد وتتطآير منهما الشرآرآت تحدق فيّ !

قُلت متوترةً بشدة ( ووو مهلاً .. صدقاً لم يكُن ذلك بسببي )

قآلت آكي موجهةً إصبع الإتهآم إلي ( أنتِ ... لو أنكِ فقط لم تتحدثي لمآ تضآعفت عقوبتنــآ )

تلك البلهآء ! سأتجآهل كلآمها فقط .. لآ أريد أن أنفجر غضباً بوجههــآ فيظهر جآنبي السيء

( لآ بأس ... مينــوري لم تقصد ذلك ) .. إلتفتت إلى مصدر الصوت

فصُدمت .. ووو ! ريــو هَل هُو الآخر أصيبٌ بحمــىَ ... ؟

إبتسَم إلي بهــدوء بعدمآ لآحظ أنني مُندهشة جداً ، وهذآ ما أدهشني أكثر

حتى آكي لم تعلق بشيء بل ظلت تنظُر إليه بتعجُب ..

بعد برهة رأيتُه يقف ينظر إلى النآفذة متجهاً إليهآ ..

لآحظتُ الآن أنه طويــل جداً حيثُ يمكنه الوصول إلى النآفذه بمُجرد القفز

أخذ يعبثُ بيده الطويلــة على حآفتها وكأنه يبحثُ عن شيء

تسآءلت آكي ( عَما تبحث ؟ )

لكِنهُ لم يجبهــا بل ظل يعبثُ بيده بعشوآئية إلى أن صرخ ( وجـــدته !! )

وقفت آكي إلى جآنبه تنظُــر إلى ماينظر إليه بيده وقآلت بطفولية ( ماذا ماذا هاه ؟ أخبرنــي ؟ )

نظر إليهــا مُبتسماً ( مِفتآحٌ إحتيآطي )

هآه .. ؟ نظرتُ إليهمــا بفضول أنا وصديقة آكـي لنعلم إن كان صادقاً أم لا

قآل مُبتسماً وهو يتجه إلى البــاب ( كُنت واثقاً أنني سأحتجزُ هنا يوماً ما ، لذلك أخذت إحتيآطآتي )

قالت آكي وهي تقفز بفــرح ( آه أنت عبقــري ، سنخرج ... رآئع ! )

فتح البآب بسهولة وخـرج بسُرعة ثُم أغلقهُ قليلاً بحيثُ يمكننا رؤية نصف جسمه فقط وقآل مُبتسماً

( آكي عزيزتي ، إبقي هُنــا أنتِ وصديقتُك ... لا أريد من مينوري أن تشعُر بالمَلل وحدهـآ )

ثُم أغلق البآب وأقفلهُ ثانيةً وسط ذهولنــا جميعاً

وقفت صارخةً بإنزعآج ( ذآك الحقيــــر ... سُحقاً له لقد رحَل ! )

سمِعتُ صوت قُفل البآب يتحَركُ من جــديد بعد دقآئق قصيرة مرت يُغلفها السكون .. ثُم يُفتح على مصرعيـــه

( هَل صدقتن بإنني سأترككُن وأرحَــل بتلك الطريقة الحقيــرة ؟ )

إتسعت عينآي دهشةً وإحمرت وجنتآي خجلاً .. إذاً كان يمزحُ فقط

على كُلٍ لا أستبعد ذلك .. هو يستطيع فعلهــا إن شآء ! ..

خرجت آكي وصديقتها مُسرعتين خلفـه تتلفتان حولهما في خوف ..

أما أنا فكنت شآردة الذهن و واقفة مكآني خشية أن يأتي ذو النظآرآت ويضآعف عقآبي ثآنيةً إن هربت

قآطعت شرودي يدٌ وُضعت على كتفي .. رفعتُ رأسي لأرىَ ريو ينظر إلي مُبتسماً

[ لأصدُقكم القول .. أنا فعلاً أحس أنه قَد جُن .. إبتسآمتهُ البريئة مُخيفة إلى حدٍ ما !

غير ذلك فلقد بدى غاضباً جداً عندما إلتقينا وكنت مع عآمل النظآفة .. ، عجيب ! ]

( لنذهب مينــوري .. لن يحدُث شيء صدقينــي )

أشحت بوجهي عنه وأبعدتُ يدهُ عنــي بإنزعآج واضح على وجهي ثم قلت بعنآد ( لآ ، أنا لن أتحَرك من هُنـــا )

لم أشعُر بنفسي إلا وقبضته البآردة أحكمت إمساك يدي وأنا أُجر خلفــه مُتجهين جميعاً إلى فصُولنــا

حسناً بصرآحة ! لم أُحآول المقآومــة بل سـِرت خلفه برضآي ... أنا أفضل العقآب على البقآء وحيــدة هُنـاك

لكن لحظــة ، هل أتخيّل أم أنني أستطيعُ سمآع دقآت قلبي كقرع الطبــول ؟

.. سريعــة .. قويـة .. وكأنها تُنبئ على إبتداء عرضٍ ما ، لآ أعلم لـِمَ لكن عندمآ أحكم ريو قبضتهُ على يدي شعرتُ بذلك

عندمآ وصلنا .. كعآدة ريــو فَتح بآب الفصل بقوة ومَرح ونحن نقف خلفه ماعدا صديقة آكي التي كانت بفصلٍ مُختلف

صرخ ( نأسف على التأخيــر آستآذ )

دخلنــا مُسرعين مُتجهين إلى مقآعدنآ .. أنا لم ألحظ هذا الأستآذ من قبل ؟

هممم !

حدقت فيه كعآدتــي .. أُريد أن أحزر شخصيتــه ،

على مآيبدو .. من ملامح وجهه الجآدة إنه حآد الطبآع وعصبي بشكلٍ كبيــر ..

وطريقة تسريحــه لشعره المُرتب .. توحي بإنهُ يُقدس الطلآب ذوي الدرجآت العآلية !

" هذآ مآقُلتــه بنفسي لحظتهــآ "

( لا بأس بذلك ، لكنكُم تأخرتُــم كثيراً .. هل حدث شيءٌ سيء ؟ )

أجاب ريو سؤال الاستآذ بمرح وهو يسحب الكُرسي بجآنبي للجلوس ( إطلاقاً .. لا تقلق ! )

( حسناً ، هذا جيّــد ) قالها بلُطفٍ شديد وإبتسامةٍ طيبة إرتسمت على محيّآه

[ كعآدتــي .. أخطأتُ في حزر شخصيته .. يبدو طيباً جداً ! ، لآ يهُم .. كُنت أعلم بإن هذآ هو مصير إستنتآجآتي ]

جلسنآ نستمــع إلى شرح الآستآذ " تآدآشي " للُغــة الإنجليزية بتركيز

نظرتُ إلى ريـو بطرف عينــي ، كان يُركز بشكلٍ كبيــر وإلى الآن هذا الأمر يُدهشني !

أدرت وجهي قليلاً لأستطيع رؤيته بشكلٍ أوضح ... لأكون صآدقة ملامحـُه الجديّة تُعجبنــي كثيراً

عندمآ أرآه هكذآ أشعــُر بإن شخصيتُه مختلفةً تماماً ..

مُعقداً حآجبيه .. ونظرآته حآدة وجآدة تنظُر للسبورة بتدقيق ..

أُحس بإنه فتىَ رآئع ، لكن كُل هذه للأسف .. أوهآم أو تخيُلاتٍ سخيفة

( هل أنا وسيم لتلك الدرجــة ؟ ) قالهآ بعدمآ إبتسم بثقة ونظر إليّ بطرف عينه ليرىَ أني فآغرة فآهي كالبلهآء

دفعتُـه بطرف إصبعي السبآبة بتلقآئية وقلت بخجل ممتزج بغضب ( آصمت ) ..

ضحك بخفــة وعآد للنظر إلى الآستآذ

أمسكتُ قميصـي الأبيض وشددت قبضتي على مكآن قلبــي ..

إنه يدُق بقوة وسُرعة من جديــــد ... لماذآ ؟ أصبَح الأمرُ مزعجــاً جداً

مرت الحصص الأُخرى بهدوء ومللٍ لدرجةٍ لآ تُصدق ، حتى أصبحتُ أٌقاوم النعآس الذي بدأ يُسيطر عليّ

لكن .. حمداً لله ! فهآ هي الحصة الأخيــرة ، آستآذ الأحيـــاء لم يحضُر اليوم لحظنــآ ..

لفت سمعــي صوتُ ضجة الكرسي الذي أزاحه ريـو عنه بدفعــه ..

لأرآه يقف مُتجهاً إلى طآولة المُعلمين المُتواجدة أمام السبورة وكأنه يستعــد لقول شيءٍ مآ

صرخ ليلفت إنتبآه الطُلآب اللذين كآنوا يتحدثون مع بعضهــم في أمورٍ عدة ( هيييييييي .. آنتُــــم .. إستمعوا ! )

قآل مآكوتو الذي يجلس أمآمي بالجهة اليُمنى وهو يتربع على طآولته وأصآبع يده اليُسرى تتخلل شعرهُ الأسود النآعم

( قُل مالديك يآ ريو .. نحنُ نعلم بالنهاية أنهُ ليس بالشيء المُهم كالعآدة )

( فلتقُل شيئاً جيداً أو أغلق فمك العريض يآ هذآ ! ) قآلها ريو وهو ينظر إلى صديقهِ بسُخرية ..

ثُم عآود الصُراخ إلى أن إلتفت الجميعُ مُحدقين إليه .. بعضُهم بضجر والآخر بإستغرآب وترقُب

قآل بعد فترة صمتٍ قصيرة :

( لقَد قررت ، بما أنهُ قد إقترب موعد عودتي كطآلب عآديّ ، يجُب عليّ فعل شيءٍ حمآسي كتوديع لمنصب المُدير ! )

قال أحدُ الطُلآب مُقاطعاً ( آه لآ تقُل لي .... مقلب ؟ أم حفلة ؟ ) ..

أجاب ريو مُستنكراً ( كلآ ، بل رِحلة إلى مدينة الملآهي ثُم التخييم عند الشآطئ لليلة واحدة )

قال نفسُ الطالب بعدمآ صفر بشفتيـه دليلاً على الإعجاب الشديد ( حقاً ؟ رآئع ! ، سيكون ذلك حقاً رائعاً .. )

شيئاً فشيئاً سآور الطآلب الشك فعآد يقول من جديد بنظرة متفحصة ( هل أنتَ جاد ؟ )

تقدم ريــو ناحية الطآلب الذي يجلس بالأمام ووضع يديه في جيبي بنطآله ثم إبتسم بثقة ( كُــل الجـِد )

عآد يقول ريــو موجهاً حديثهٌ ونظرهُ للجميع ( لكُــل شخصٍ الحرية في الموآفقةِ أو العكس ،
سيُسلم كُل طآلبٍ منكُم ورقة ليكتُب ردّه عصرَ هذا اليوم ! وأرجو تسليمهــا غداً وإلا سنعتبر رد أي شخصٍ لم يُسلمها هو الرفض ! )

بدأ الصخب والصراخ يُحدث ضجةً وإزعاجاً يُغلف الجو بعد أن كان في هدوء وسكــون

وعآد ريــوُ إلى مقعــده بجآنبي بعدمـا رأىَ الآستاذ تآدآشي يدخُل ليكـُون المُشرف علينا بهذه الحصـة

إبتسم لي ثُم قآل بلُطف بآلغ بعدمـآ جلس ( أتمنـى مجيئكِ .. سيكون الأمرُ ممتعاً )

تجآهلتٌــه .. ظللتُ أفكر أثنآء ثرثرته عن الرحلة مع ماكوتو عن سبب تصرفآته المُفاجئة ..

لستُ حمقآء حتى لآ ألحظ تصرفآته .. لآبُد أنهُ يريــد مني مُسآمحتــه لكيّ يعود من جديد لإزعآجي ، أو .. لآ أدري !

لا يُمكنني التفكيــر بسبب مُقنع ، على كُــلٍ .. هذا الأمرُ لا يُهمنــي

رَن جرسُ إنتهــآء الحصة مُبشراً الطُــلآب عن نهآية الدوام والشقآء فتجمعوا مُندفعين أمام البآب للخروج

همِمتُ بجمع أشيآئي بتعب شديد وتكاسُل ،

رفعتُ عيني لتتجه بؤبؤتها إلى البآب .. لأرى رجُـلاً طويلاً يرتدي النظآرآت الدائرية الكبيرة التي إنعكس الضوء عليها

تفاجأت ... وتذكرتُ العقآب الذي فُرض علينــآ ، ولا أنسى أيضاً أننا هربنا من الحجز ..

إتجه ناحيتنــا أنا وريو الوآقفين أمام مقعدينآ .. وآكي التي أقبلت تقُف بجانبنآ

وقف أمامنا مُبــاشرةً وقآل ( كيف لكُم أن تهربوا من العقآب هاه ؟ أظننتُم أنني سأترككُم تفلتون من هذا ! "
ضحك بثقة وسُخرية " هه لستُ طيبــاً إلى هذه الدرجة )

( سأتحمَل المسؤوليـــة ، فأنا من أخرجهــم من الحجز )

بدىَ الصوتُ مألوفاً لديّ .. وجّهنآ جميعنا أنظآرنا إلى البـــآب

لنرى صآحب الصوت وآقفاً مُمسكاً بيده اليسرى قُبعته والاخرى تُمسك مكنسةً خشبيـة طويلة

ويمضغ العلكة بفمه بشكلٍ مُستفز وصوتٍ عالٍ

( لـِمَ أخرجتهُم يآ هذا ؟ من أذِن لك ؟ ثُــم من أين لك بالمفتآح )



( سأتحمَل المسؤوليـــة ، فأنا من أخرجهــم من الحجز )

بدىَ الصوتُ مألوفاً لديّ .. وجّهنآ جميعنا أنظآرنا إلى البـــآب

لنرى صآحب الصوت وآقفاً مُمسكاً بيده اليسرى قُبعته والاخرى تُمسك مكنسةً خشبيـة طويلة

ويمضغ العلكة بفمه بشكلٍ مُستفز وصوتٍ عالٍ

( لـِمَ أخرجتهُم يآ هذا ؟ من أذِن لك ؟ ثُــم من أين لك بالمفتآح )

قالها الآستاذ ذو النظآرآتِ بتساؤلٍ وغضب موجهاً حديثه إلى ذلك الشاب

أجابهُ " عامل النظآفة المُنحرف " الذي أسند جآنبه الايسر على الجدار ببرود

( لدي مفاتيحُ إحتياطية لكُل غرفة هنآك .. غير ذلك ، إحتجتُ إلى بعض الطُلاب لحمل صنآديق لا يُمكنني حملها وحدي )

ثًم نفث الهوآء من فمهِ ليُدآعب الخًصلآت المُتنآثرة على وجهه بعشوآئية فقآل ( فأنا مُصاب بحمـى .... سيدي ! )

نظر إلينآ ذو النظآرآت مُحاولاً كتم غيظه وقآل بقهرٍ وآضح ( حسنــاً .. لآ بأس سأعفو عنكم هذه المَرة )

تنهدَ كُل منا بإرتيآح وتَركنآ حقآئبنــا على كرآسينــآ .. وأخذنآ نمشي خلف عآمل النظآفـة إتباعاً لأوامر الاستآذ

أثنآء طريقنآ بالممَــر الذي تتواجَد به الفصُول .. قابلنــا صديقة آكي تخرجُ من فصلهــا مُسرعة تستعد للذهآب

قآلت لها آكي بسُخرية ( إلى أين يآحلوتــي ؟ هل ستهرُبيــن وتخونين صديقة طفولتــك بهذه السهولة ! )

إلتفتت إليها هيكآرو بتفآجؤ وأجآبتها بإستغرآب وعلامآت الاستفهآم تدور حول رأسهــا ( ماذا ؟ )

ضحكت آكي بخفة وأردفت ( العقـــآب ! )

قآلت هيكــآرو مُستنكرة بعدمآ ضَربت جبينهــا بخفة ( آوه لآ .. مستحيل )

لآحظتُ أن عامل النظآفة يمشــي دون النظر إلى الخلف أو حَتى يتوقف قليلاً للإنتظآر

وكآن ريو يتبعُــه أيضاً دون التلفت للورآء .. بينمآ أنا وقفتُ بالقُرب من الفتآتيــن اللتآن أخذتهما الأحآديث في عالمٍ آخر !

فجأةً ودون سآبق إنذآر شعرتُ بذرآع تُطوق ذرآعي بحرصٍ وقوة .. وصوت عآلٍ من خلفي تحَدث بنبرةٍ جادة مُنادياً ريو

( أنت ! ، لن أجعَلك تؤذيهــا أو تلمس شعرة واحدة منهــا .. " وبحدة " سأقتُلك إن آذيتهــا ، أنا أُرآقبك )

أدار ريو نصف وجهه نحوي بإستغرآب ثُم إلتفْ ليصبحَ مواجهاً لي تماماً ..

مشَى إلي مُبتســماً بثقة ثُم ثنىَ ذرآعه وآضعاً إياها على كتفــي ويُقآبل مَن بجآنبي فزآدت إبتسآمتهُ وأصبحت أكبر

وأكبر .. وأكبر ... وأكبر ، إلى أن أصبحَت كـإبتسآمة مكــر مُريبــة !

فجأةً ودون سآبق إنذآر شعرتُ بذرآع تُطوق ذرآعي بحرصٍ وقوة .. وصوت عآلٍ من خلفي تحَدث بنبرةٍ جادة مُنادياً ريو

( أنت ! ، لن أجعَلك تؤذيهــا أو تلمس شعرة واحدة منهــا .. " وبحدة " سأقتُلك إن آذيتهــا ، أنا أُرآقبك )

أدار ريو نصف وجهه نحوي بإستغرآب ثُم إلتفْ ليصبحَ مواجهاً لي تماماً ..

مشَى إلي مُبتســماً بثقة ثُم ثنىَ ذرآعه وآضعاً إياها على كتفــي ويُقآبل مَن بجآنبي فزآدت إبتسآمتهُ وأصبحت أكبر

وأكبر .. وأكبر ... وأكبر ، إلى أن أصبحَت كـإبتسآمة مكــر مُريبــة !

كُنت حينهــا مُتجمدةً مكآنيَ مُرتعبــة من " الفتـــاة " القصيرةِ التي كآنت تُطوق ذرآعها بذرآعي

تلك الفتآةُ الشقرآء ذات الشعــر الطويل المُنسدل على ظهرها ببسآطة والعينين البُنيتيّــن الوآسعتين

كالعآة تظهــَر بوقتٍ عجيب غير مُتوقع أبداً

ظل ريو مُبتسماً بريبة إلى أن ضحـِك بقوةٍ حتىَ خـِلت قهقهآتُـه قد تُحدث زلزالاً قوياً بالمدرسة ..

قآل بعدما وضع يدهُ على رأس تلك الشبَــح وحركها بعشوآئية عابثاً بخُصلات شعرها مُحاولاً تلطيف الجو .. كما أعتقـِد

( أيتها الصغيرةُ الشقيّـــة ! .. يُعجبنــي دُخولكِ المُفــاجئ دائماً بالأوقآتِ المُملة ليجعلها مُثيرة )

أبعدت تلك الشبــح " رين " يد أخيهـــآ ريو وملامحهآ الطفولية تغيرت للإنزعآج بعدما كانت جديةً تماماً

شعرتُ بضغطهآ على ذرآعي بقوة أكثر من ذي قبل وإصبحت تقترب مني شيئاً فشيئاً وكأنها تحتمــي بي

نظرتُ إليها بتعجبٍ ممتزجٍ بقليل من الإستغرآب ورفعتُ حاجبآي دليلاً على ذلك وقلت ( مآبكِ .. ألن تترُكينــي )

نظرت إلــي بعينين بريئتين متعجبتين وتركــت ذرآعي بعد فترةٍ قصيرةٍ تلاقت بها عينآنـــا

أصبحت بؤبؤتا عينيهآ تتحركآن بسُرعة تنظُر إلى جميع الوجوه المُتعجبة امامها من الموقف الغريب

ثم إستدآرت لتًعطينــا ظهرهآ ووقفت قليلاً بعدما خَطت خطوتيــن فقآلت عآئدة للمشي مُبتعدةً

( ريــو ، لن أسمح لكَ بقتلها مرتيّــن .. ! )

إلتفتٌ إلى ريــو الذي بدا مُـتفاجأً جداً من منظر عينيه التي توسَعت إثر صدمة على مايبدو ..

سَرت قشعريــرةُ غريبة جعَلت جسدي يرتعش لوهلــة من قولها ... قتل ؟ مرتين !

مآ بآلُ تلك الشـَــبح ؟

لمـِحتُ عامل النظآفة ينظُــر إليّ بوجهه الأبيض مُحمرةٌ وجنتآه والبرود يطغي على ملامحه الوسيمة ثُم إستدآر ليُعطينــي ظهره

عُدت للنظــر إلى ريو لأُفآجأ بأن وجهه قَــريب جدًا من وجهــي ..

أنفآسُه إختلَطت بإنفآسي ... وعينيــه البُنيتين الحآدتين تلآقت مع عيني ، أنفه المُستقيم قآرب على أن يُلآمس أنفي

لكنني إبتعدتُ مُحمرة الوجه بسُــرعة عندمآ أحسستُ بيدِ آكي تُمسك كتفــي الآخر قائلةً ببرود غريب

( لا تُضيعــا الوقت ، لنذهَب ! )

سـِرنآ خلفهــا قريبين جداً من بعضنآ .. أخذتُ أبتعدُ عنه شيئاً فشيئا مُسرعةً لأصل إلى حيثُ يمشي عآمل النظآفة

كان واضعاً مكنستــهُ الخشبية الطويلــة على كتفــه الأيمن وصوت فرقعآت العلكـة المُستفز يصل إلى مسآمعي

سُحقــًا كم هُو وقح !

نظرتُ إلى سىآعةُ معلقة على جدآر المَمــر المليء بالفصول .. قلت هآمسة لنفسي ( إنها السآعةُ الوآحدة والنصف ظُهــرًا )

بدون إحساسٍ مني ، وقفتُ نآظرةً إلى المكآن الذي وصلنآ إليـه

نفسُ الممَــر الذي تُهت فيه تلك المَــرة

أخذنا نمشي فيه خلف عآمل النظآفة إلى أن توقفنــا لرؤيته قد توقف أمام إحدى الأبوآب

فتحهُ بهــدوء ليُخرج لنا عُدة التنظيف ، ممسحــة .. مكنسـة ، منشفـــات ومنظفآت !

ألا يكفي مآسبق لي من عملٍ شآق في بيتي لوجــود " جدي " مُحب القذآرة ، ثُم آتي لمدرسة أشبه بالقصر أنظفهآ !

وآحســرتي على شبآبي الذي سيضيــع ،

أخذتُ مكنســة بينمآ أخذ ريــو ممسحــة ذات عصاة خشبية طويلـة وسطل مآء

وأما آكي وهيكآرو فقد أخذتا منشفــات ومنظفآتٍ للزُجآج

مآزآد فوق غيظي غيظ هو سمآع ضحكآت ذاك المُنحرف قائلاً بمَـرح

( يا إلهي ، لطآلما تمنيتُ هذه اللحظة ، رآحةُ طويلة ومُرآقبة أطفآل هذه المدرسـة يُنظفون عوضًا عني ، تحقق حُلمي ! )

أعقب ريو على كلآمــه ضاحكاً بإستنكآر ( كين أيها الأحمق ، إخرس وإلا ركلتُك )

نظرتُ بإستغرآب إلى عآمل النظآفة ... إذًا إسمُــه كين ؟ إسمٌ جميل لآ أظنُه يليق بمُنحرف مُخــادع مثله

[ لم أنسى خريطتــه السخيفة تلك ! هيَ من قآدتني إلى هذآ العقآب ]

قآل كين مُتجهًا لطريق العودة ونحن نتبعهُ في سكون ( آه ، هآهو المُدير ريو ينظف مدرسته ، أوليس منظرًا

رآئعًا ؟ أن يُسآهم مُديرنا العزيز في تنظيــف المدرسة ! ) ثُم ضحك ساخرًا بقوة فاغرًا فاهه بأكملـه حتى خـِلتُه كهفًا بإحد الجبآل .

رجِعنــا إلى ممَر الفصول وإفترقنآ هُنآك بعد إقترآح ريو في جعلنــا نتفرق

أصرّ أن يُنظف معي بعض الفصوُل والآخرى بيد آكي وهيكــآرو ، أما كين فقَد قرر المجيء معنآ ، على مآيبدو فهُـوَ يعرف ذو المنقـــآر

لكنّــه إستأذننا قليلاً لينشغــل بأحد الأمور كما يقول ..

بدأنا بتنظيف الفصول لسآعتين وكان آخرها فصلي وها نحن مُقبلين على الساعة الثآلثة ، آه يا إلهـــي الرحمـــة !!

أورآق مُتنآثره ، قصآصآت ورقٍ ملونة ، أغطيـة قوآرير الميآه .. أو حتى قوآريرُ الميآه نفسهآ بالأدرآج ، وغيرهآ وغيرهآ

أخذتُ أنظف أنا بدآيةً لأُزيــل مآيُعيقــني ثُم أكنُس ، ثم يأتي بعدي ريُــو ليمسح الأرض بالمآء

رأيتُــه يتجهُ إلى مقعده ويسحب كُرسيّــه ليجلس عليه

صرختُ بغضب ( ماذا ماذا ! أستجلــس دُون تقديم المُســاعدة ؟ )

لم يأبه لصُــرآخي بل أخذ ينظُر إلى النآفذة واضعاً ذقنه على كفة يده

كُنت قد أحنيتُ ظهري وقمت بثني رُكبتي قليلاً لأستطيع إلتقآط ما بالأرض

وقفتُ بإستقآمةً قائلةً بسُخرية ( وقد ظننتُــك قد تغيّرت لتُصبــح رجُـلاً شهمًـا ، إذا كُنت على خطأ ! )

- صمت -

إنهُ يتجآهلنُــي تمامًــا .. أيُعقل أنه عآد لأظهآر حقيقتــه ، المُنـــافق !!!

نظرتُ إليه إذ بي أراه واضعًا ذقنـهُ على الطآولة ينظر إليّ بنظرة ... حنونة

إحمرت وجنتــآي وأشحت ببصري عنه ، سحقـًــا لـِمَ وجهي كالنآرِ المُشتعلة ؟

لـِمَ دقآتُ قلبــي في تسآرُع وكأنُــه وضع بجآنـِب أذني ... هذا الأمر مؤلـم ومزعج !

أخذتُ أحاول تجآهل الأمر لكننـي لم أستطـِع ، أشعُر بهِ يُحدق بي .. ودقآت قلبي بكُل لحظة في إزديآد

أغمضتُ عينــي إنزعاجاً ثُم فتحتها عندما احسستُ بحركةٍ حولــي ..

ريو كانَ يُنظف الأرض معــي .. كنتُ على وشك إبتدآء مشاجرةٍ معه لكنني فضلّتُ الصمت

بعد عدة دقآئق قصيــرة ، رأيتُ كين قادماً ليفتح البآب بهدوء وهو يُصفــر بشفتيـه الصغيرتين

تسآءل ريو محدثًـا اياه ( هل انتهيت ؟ أوزعت الأورآق كُلهــا ! )

توجّه كين إلى إحدى الطآولات الأمامية في الفصل وأمسك بكرسيّ جلس عليه حيثُ أن ظهر الكرسي أمام بطنه

( نعم لقد فعَــلت ، والآن نظف بسُرعة ، أريد أن تُصبح الأرضية لامعةً كما أفعل )

تمتم ريو بكلماتٍ غير مفهومة بغضب وعآد للتنظيف معـي ..

حينَ إنتهيت من إنتشآل الأوسآخ الكبيرة بالأرض .. هَممت بالتنظيف بالمكنسـة

إنتهيتُ أيضًــا بسُرعةٍ كبيرة ، بالطبعِ فأنا مُعتــادة على هذه الأعمآل أيضًـا كوني فتاة !

أخذ ريُــو يمسَح الأرض بعشوآئية وملآمحُـه المنزعجة تدُل على أنهُ في ورطة

[ لآ ... ليس كما في ذهنـِكُم ! ، لن أقوم بتقديم المُســاعدة فيكفينــي مافعلتُـه ]

أمسكتُ المكنسة بيدي اليُمنى وآنتشلتُ حآجيآتي من كُتب وأقلام وأيضًا الحقيبة من على طاولتي مستعدة للذهآب

صآح صوت ريــو منزعجاً ( لآ مينـــوري ، لا تترُكينـــي ! )

مينـــوري ...... لآ تترُكينـــي ......

هذه الكلمة أدت إلى إنفجآر بُركآن عجيبٍ بدآخلي .. جعلتنــي أقفز فزعًــا .. مِـمَ ؟ حقيقةً لا أعلم ؟

هل أتخيّل ؟ أم انهُ نطق إسمي للمرة الأولى بعد أول يوم ؟ أنا لا أذكُر فعلاً .. ولكن ، لتوي شعَرتُ بشعورٍ غريب !

نظرتُ إليــه لأراه عابسًــا يمُط شفتهُ السفلىَ مُعقدًا حآجبيه ، بدا لي منظرهُ طفوليًــا بريئًـا جدًا !

لذلك شعرتُ بتوترٍ نوعًــا ما .. فتركتُ أشيآئي ووضعتُهــا من جديد على طآولتي

( حسنًــا ، لن أذهب أيها الطفل ) قلت هذه العبارة القصيرة واضعةً ذقني على كفة يدي اليمنى وأنظُر إلى ماخارج النافذة مُدعيةً الإنزعــآج

سمعتُه يضحك بخفــة ويعآود مسح الأرضيــة ..

نظرتُ إلى كين الذي نآم على الطآولة ، ثُم إلى سآعة معصمي الحمرآء التي تُشير إلى الثآلثة و خمسٌ وخمسون دقيقة

خمسُ دقآئق أُخرى وتُصبح السآعة الرآبعة تمامًا

غيرت وضعيتــي لأضع كلتا يدآي على خدايّ بينما أنظُر إلى ريـو ، قُلت بتململ

( ذُو المنقآر ، هلّا أسرعت أرجـــوك .. سأذهُب وأتركك إن لم تنتهي خلال دقآئق ! )



لم يعترض أو يقُــل شيئـًا .. بل ظل يُسرع في مسح الأرضية هُنــا وهناك مُحاولاً الإنتهآء بإقصى سُرعة

وقفتُ من جديد وبيدي حآجيآتي .. واليدُ الاخرى تُمسك بالمكنســة عندمآ رأيتُ ريو شآرف على الإنتهآء

ذهبتُ إلى حيثُ يجلسُ كين ومددتُ يدي الممسكة بالمكنسة وقلت بهدوء ( تفضَـــل )

لم يرفَع رأسه أو يتحرك حتى .. ظل ساكنًــا كما هوَ !

هَززتُه برفق مُتسآئلة ( هيه ، سـ .. سـيد كين ، ايُهــا المُنحــرف )

( سُلحفــاة ، فقط حلقــي بعيدًا .... )

[ آه لآ تقولوا لي عآد للهذيـــان ؟ أرجوكم دعوهُم يرثوا بحآلــي فلقَد تعبت .. ريو ، ثُم هذا ! الرحمـة الرحمــــة !! ]

إقترَب ريــو مني وإبتعدتُ عنه عدة سانتيمترات في خجَــلٍ وتوتر ..

قال بهدوء وهو يلمَسُ جبين كين ( حآر ، وأيضًــا مُتعرق .. )

صمت قليلاً ثُم عاد يقول في غضب جَم ( الأبلــه مُصــابٌ بحُمى .. لآبُد أنه يعلم بذلك )

حَل السكون بيننــا وكُل مايسمع هو صوت مُكيف الهوآء بالفصــل ..

قآل بهدوء موجهًـا حديثهٌ لي ( يُمكنكِ الذهآب لآ بأس .. سأعتنــي به )

أومأتُ بالإيجآب ورَحلتُ في سبيلي لأترُكه وحده مع كين .. وددتُ لو أسآعدهُ لكنني خجِــلت !


|| ||


دون شعورٍ مني بمسافة الطريق ها أنا ذا واقفة أمام باب غرفتي

تنهدت بضيق أفكر بحالة كين الآن ممسكة بمقبض الباب لأُقبل على فتحه ... آه ذلك المسكين ،

لآحظتُ ورقةً بيضآء ملقآة على الأرض بإهمآل .. إلتقطتُهــا بسُرعة وأغلقتُ البآب خلفي موجهةً نظري إلى الورقة بإهتمام

أخذتُ أقرأ المكتوب عليهــا متحآشيةً المقدمآت المُملة ، عَرفت عندما قرأت بضعة اسطر قصيرة انها للرحلة

وضعتُ الورقة على طآولة الدرآسة الموجودة بالغُــرفة بعدمآ ألقيتُ بحذآئي كما هي عآدتي على الجدآر ليسقُط أرضًا

وأسرعتُ بالمشي إلى البآب لأقفله عدة مرآت كيّ لآ أًصدم بمجيئهن لي ! نعم أنا أعني الفتيآت

أصبحت القشعريرة تسري بجسدي كُلمآ تذكرت تلك الليلــة المُرعبــة

[ سُحقــًا لهُـــن ]

نظرتُ إلى معصمي تحديدًا إلى سآعتي ... إنهآ الرآبعــة و خمسة عشر دقيقة

هممم .. أشعُر بالحنين ... مُشتـــآقةُ لجدي كثيرًا !

إتجهتُ لخزآنة ملآبسي كيّ أُبدل ملابس المدرسة بأُخرى خفيفــة ..

أخرجتُ بنطالاً رماديًـا قصيراً يصـِل إلى أسفل رُكبتي بقليل ، وقميصًــا واسع قليلاً بلونٍ وردي فآتح

جلست على طرف سريري بهدوء وفتحتُ درج المنضدة الوآقعة بجآنب سريري مُلاصقة له

أخرجتُ منه هاتفًـا محمـول ذو غلافٍ أبيض عادي ثم ضغطتُ الأرقام لكيّ تُشكل رقم منزلٍ حفظتُه منذُ صغـري ،

إنتَظرتُ مُترقبة سمآع صوت جــدي يرفع سمآعة الهآتف إلا أنهُ لم يُجب ..

ظللتُ أتصل عدة مرآتٍ إلى أن أتى ذلك الصوت الخشـِن مُتسائلاً بإنزعآج ( من ؟ )

صرختُ بفرح ( جـــدي ! )

جآءني صوتُه الذي تبدِل بنغمةٍ حنونــة جداً ( مينــوري ! عزيزتــي إشتقتُ إليكِ .. كيف هي مدرستُكِ الجديدة )

آه لو تعلم كيف هيَ ... فظيعـــة يآجدي فظيعــــة

أجبتُه بتوتــر ( آه مدرستي ، رآئعـــة ! ... إنها .. إنها جميلةُ جدًا )

قال لي بعدمآ تنهد بإطمئنان ( حمداً لله .. لقد قلقتُ بشأن ذلك ، لكنني أعلمُ بإنكِ قوية .. أليس كذلك ؟ )

ثم أعقب ضاحكًا ( نعم نعم .. فأنا من ربيتُك ورعيتُك بيدي هآتين ها ها ها ! )

ضحكــتُ بخفة و غيرت وضعيتــي ، أخذتُ وسادة و وضعتها خلف ظهري مستندة على الجدآر الذي إلتصَق به السرير

قُلت بفرح ( بالتأكيـــد ، " صرخت بعد أن تذكرتُ شيئًـا " جدي لقد تذكرت ... هُنــالك رحلةٌ قريبًــا ، أظُنهــا بالغَد .. لا أعلم ، هل أذهبُ أم لا ؟ )

قآل لي بإستغرآب وتعجُب ( حقًــا ؟ آوه .. يُمكنكِ الذهآبُ ولِـمَ لآ ؟ )

قُلت واضعة إصبعي السبآبة عند طرف ذقني بتفكير ( هممم ، لا أعلم .. رُبما أشعر بقليلٍ من الخوف )

تنهَد بعمق ... يعلمُ أنني جبآنةُ من هذه النآحية ، الخروج دُونه أو دون شخصٍ أثق به .. حتى وإن كنت مع مجموعة !

قال لي بحنآن بآلغ ( إذهبي .. إقضي وقتًــا ممتعًـا فأنا لا أظن أن هذه الفُرصة ستعوض )

نظرتُ إلى النافذة التي تُظهر لون السمآء .. لقد مآل إلى البُرتقآلي ، لآبُد أن الشمس قد شآرفت على الغروب

قُلت له بهدوء ( حسنًــا ... سَأفكر بالأمر )

ظللتُ قرآبة السآعة أتحَدثُ معه .. أي حتىَ غآبت الشمس ، ثم إستأذنتــُه لِحل وآجبآتي و أنام بعدهـا ..

وضعتُ هآتفــي فوق منضدتـي ثُم وقفتُ لأخذ حقيبتي الملقآة على الأرض بقُرب البآب

إتجهتُ إليهآ وأخذتهآ ثم فتحتهــآ بهدوء ، أخرجتُ الكُتب ورميتها على طآولة الدرآسة متوسطة الطول

سحَبتُ الكرسيّ المتحرك الأسود متوسط الحجم بسُرعة وجلستُ عليــه ..

أخذتُ قلَمي الورديّ وضغطتُ بسرعة على قآعدته لأُخرج الرصآص منه

وها أنا ذآ ابدأ !

سآعـــة ..... سآعتيـــــن .... ثلآث سآعآتٍ تليهــآ الرآبعة !

إنتهيتُ تقريبــًـا من كُل شيء ، أشعُر بالنعآس الشديد

تذكَرتُ فجأةً ورقة الرحلــة .. أخذتُها من جديد لأقرأها ، لأصل للجُزء الحآسم ..

( الموآفقه ) .. ( الرفض )

كان أمآمي أربعة أقوآس تُغلق بعضهآ .. لأضع إشآرة على إحداها موافقة على الرحلة أم رآفضة ،

أخذتُ قلم الحـبر الأزرق لأضع ردي بإشآرة صغيــرة ..

توَترت ، أأوآفق ... أم أرفُض ؟!!

وضعتُ رأس القلم على ذلك الفرآغ .. أغمضتُ عيني بقوة وأشرتُ حيثُ أريـــد

طويتُ الورقة بسُرعة ووضعتهــآ بحقيبتــي البُنية الكبيرة نوعًـا ما ..

ثُم نهضتُ من على الكُرسي لأقفز على سريــري بكآمل ثقلي بتعبٍ وإرهآق شديدين ..

أصبحت عينــي المفتوحة تُغلق شيئاً فشيئاً .. لأسبح في عآلم الأحلآم بعيدًا عن كُل مايُزعجنـــي .. بعيدًا عن ريو !

فتحتُ عيني على إتساعها فجأةً .. ريو ؟ " عقدتُ حآجباي وقلت متمتمة بغضب " ( اللعنة على ذلك المخلوق البغيض )

أغلقتُ عيني من جديد بإنزعآج مُحاولةً النوم .. ما إن ذكرتُ إسمهُ حتى أصبح طيفُـه مُرتكزًا ثابتًـا في خيآلي

قُلت مزمجــرةً بدون أن أفتح عينــي ( سحقـــــًا )

بقيتُ هكذا قرآبة الساعة والنصف .. أُفكر فقط وأتخيل ، لآ شيء غير ذلك !

إلى أن إستطعتُ النوم عند الساعة الحآدية عشرة و ثلآثة وخمسون دقيقــة ....


|| ||


كانت الرؤية غير وآضحة .. بالأحرىَ ضبآبية .. أغمضتُ عيني وعآودت فتحهآ مرآت عدةِ لتتضح ليَ الرؤية

أخذت بؤبؤة عيني تدور لأرىَ الأشياء من حولــي بغُرفتي المُرتبـة التي تتخللها خيوط أشعة الشمس الدافئة

وضعتُ ظهر يدي اليُمنى على عينــي لتُغطيها ..

ثُم نظرت إلى السآعة المُعلقة على إحدىَ الجدرآن .. لآ بأس لم أتأخر ، إنها فقط السآدسة !

حككتُ عينيّ بيديّ ثُم نهضت بتكآسُــل لأتوجه للحمآم لأستحم و أغسل وجهــي وأسناني

إتجهتُ لخزآنة ملآبسي من أجل زيّ المدرسة المُعلق داخلهآ فأخذتُه معي للحمآم

دقآئق طويلةٌ نوعًــا ما مرت وأنا بدآخل الحمآم ثُم خرجت مرتديةً زيّ المدرسة والمنشفة تلُـف عنقي

مَسحتُ بها وجهــي المُبتل بقطرآتِ المآء الدآفئة .. ثُم أخذت خطواتي تتجه إلى مرآة مُعلقة على الجدآر

هَمست لنفسي بمَرح قاصدةً شعري ( همم كيفَ أصففه اليــوم ؟ .. " رفعتُـه بيدي " أأجعله مرفوعاً ؟ " تركتُـه لينسدل على كتفي " أم هكذآ فقط ! )

تنَهدتُ بحيرة وأنا أنظر لصورتي المنعكسة على المرآة ..

ثُم أخذت ربطتين للشعــر بلونٍ أزرق سمآوي لطيف .. وقسمت شعري لنصفينْ

ربطتُ القسم الأول وجعلتُه ينسدل بالجُهة اليُمنى .. وكذلك اليُسرى ،

رفعتٌ خصلآت غرتي للورآء ثم وضعتُ مشبكًـا صغيرًا بلونٍ أزرق ليُثــبتها

إبتسمتُ لنفسي برضى وقلتُ ( جميــلةُ جدًا ! )

أمسكتُ يَد حقيبتــي الموضوعة على الطآولة المتوسطــة وحملتها على كتفــي ثُم إنطلقتُ بنشآطٍ إلى فصلي .


|| ||


كُنت أتلفت يُمنة ويسرة أنظرُ إلى الطلآب حولــي بممَر الفصول الوآسع

رأيت آكي صُدفة تهُب لتدخُل الفصل ، إبتسمت إبتسآمةً صغيرة وأخذت أركض إليهآ

صرخت لألفت إنتباهها ( آكــــــي .. ! )

نظرت إلي بإستغرآب ثُم إبتسَمــت بهدوء .. ما إن فتحت فمهآ لتُحدثني حتى أوقفها صوتٌ مألوف جدًا أتى من خلفي

( صبآحُ الخيـــر مُهـرجــ .. " صحح بتوتر" أأ مينـــوري ! )

إلتفتُ خلفــي بسُرعة فزعةً من هذا الصوت المُفاجئ ، لكني مالبثت أن صُحت بغضب بوجهه

( ماذا ياذو المنقآر ! .. أعُدت لسخآفتك من جَــديد ؟ )

قرّب وجهه من وجهــي كثيرًا .. لكن حمداً لله أنه رأف بحآلي وترك مسآفة بيننآ

إلا أن عينآه الضيقتآن تنظُر إلى عينآي مُبآشرةً مما جعل دقآت قلبـي في تسارُع

قآل بإبتسآمة جذآبة ( تبدين جميلـــةً جدًا .. )

إحمرت وجنتآي خجلاً حاولت بمآ في وسعي إخفآء سبب حُمرتها بتصنُعي للغضب قآئلة بتكبُــر

( وما الجديد في هذا ؟ دائمـًـا أبدو بمنظر جذآب وجميــل ! )

نظر إليّ بطرف عينــه وكأنه ينكُــر صحة كلآمي .. لم آبه بذلك بل أكملتُ طريقي لأدخُل الفصل

سـرت بهدوء إلى طآولتــي بآخر الفصل قُرب النآفذة وجلست عليهآ

نظرتُ إلى ريو الذي وضع حقيبتــه على كُرسيّــه .. كان ينظُر إليّ هوَ الآخر

قُلت بتعجب وتساؤل ( ماذا ؟ )

قآل بهدوء ( أعطينــي ورقة الرحلة الآن ! )

هززتُ رأسي بإيجآب وفتحتُ حقيبتــي التي كانت على فخذيّ ثم أخرجتُ الورقة المطوية المُربعة

( خّذ ) .. قلت ذلك بعدمآ مددتُ الورقة إليه موضوعة بين إصبعي الاوسط والسبآبة

أخذهَـا ثم قآم بفتحهــا ليعرف ردِي .. أشحتُ ببصري عنهُ أنظُر لما ورآء النآفذة ببرود

عآودت النظر إليه بعد بُرهة لأرآه مُبتسمــًا بهدوء ...
__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]
  #4  
قديم 09-23-2017, 03:04 PM
 
سـرت بهدوء إلى طآولتــي بآخر الفصل قُرب النآفذة وجلست عليهآ

نظرتُ إلى ريو الذي وضع حقيبتــه على كُرسيّــه .. كان ينظُر إليّ هوَ الآخر ببرود

قُلت بتعجب وتساؤل ( ماذا ؟ )

لم يُبعد نظرآته عني بينما قآل بهدوء ( أعطينــي ورقة الرحلة الآن ! )

هززتُ رأسي بإيجآب وفتحتُ حقيبتــي التي كانت على فخذيّ ثم أخرجتُ الورقة المطوية المُربعة

( خّذ ) .. قلت ذلك بعدمآ مددتُ الورقة إليه موضوعة بين إصبعي الاوسط والسبآبة

سحبهآ من بين إصبعيّ بهدوء دون أن يرسم أي تعآبير على وجهه

ثم قآم بفتحهــا ليعرف ردِي .. أشحتُ ببصري عنهُ أنظُر لما ورآء النآفذة ببرود

عآودت النظر إليه بعد بُرهة لأرآه يستعد لقول شيءٍ مآ بتعجُب

( إذًا .. رفضتِ هاه ؟ " ثم قآل بضحكة بسيطة " حسنًــا )

لـِمَ هوَ يضحك ؟ .. أعدم ذهآبي يجعلُــه مسرورًا إلى ذاك الحد ؟

تركني وأخذ يجمعُ الأورآق من الجميــع قبل دخول الاستآذ ..

وضعتُ رأسي تحديداً جانبي الأيسر على الطآولة بهدوء أنظُر بعيني لجميع الطُلآب

كان فصلُنــا مقسمٌ إلى ثلاثة صفوف مُرتــبة بالطول ، وتكون خمســةٌ بالعَرض

لمحتُ آكي تنظُــر إلي ، كانت تجلُس على يمينــي بالمجموعة الثآنية المقآبلة لي

كان وجهها مشدودًا ولم ترسُم أي تفاصيل أو ملامح واضحة لمعرفة ماهية شعورها تلك اللحظة

على كُلٍ ، نظرت إلى ريو لأراه يُحني ظهرهُ قليلاً واضعاً أوراق الرحلـة على طآولة الأسآتذة الطويلة والكبيرة بعض الشيء الواقعة أمام السبورة مواجهة للطلآب

مُمسكًـا بقلمٍ أزرق اللون يكتُب به شيئًــا على إحدىَ الأورآق وإبتسآمة وآسعة مآكرة ترتسم على شفتيـه ..

لوهلةٍ شعرتُ بشيءٍ مُريب ، هل هُو حقًــا ما أفكر به ؟ أنهُ قد ...

لآ لآ .. مُستحيل لا أظن بإستطآعته فعل ذلك ..

رفعتُ رأسي من على الطآولة وبدأ الشك يسآورني .. سسُحقـــًا هذا حقـًا شعورٌ سيء !!

عاودتُ النظر لريو لأراه واضعًا يده على جبينـه ليُبعد خصلاتٍ من شعره الأشقر عن عينه للوراء

نهضتُ من على كُرسييّ بسُــرعة لأجعل خطواتي الثآبتة تقودني إليــه

وقفتٌ خلفه .. يبدو أنه لم يشعــر بي حتى ،

كآن يبتســِم بخُبث شديد وبإمكآني سمآعُ ضحكاته الخبيثة المكبوتة

إقتربتُ أكثر حتى كدت التصق بظهره .. نظرتُ إلى مآيفعــل بفضــول شديد ..

لحظة ، مهلاً مهلاً !!! هذه ورقتـــي ، مالذي يفعَلـــه بهآ ؟

دفعتُــه بكتفــي الأيسر بقوة لأرى مالذي فعلهُ بهـــآ ..

صَرخ مُعترضًــا على ذلك ( أنتِ ..... مالذي تفعلينــه ! )

لقَد بدّل ردي بالموآفقة ، قآم بمسح إشآرتــي بمُزيل الحـِـبر

صرختُ بإعترآضٍ مركزة بنظري على ورقتـي ( أيها الوقح المتعجـــرف ، كيف تجرؤ !! )

أمسك بالأورآق بحركة خاطفـة فاجأتني ثُم إنطلق مبتعدًا عني هاربًــا عندما رأى ملامحي تُشير لغضبٍ عارم عجزتُ فعلاً عن كبتــه

يا إلهي ستتلف أعصآبي !!

رَكض يتجه إلى خارج الفصل ضاحكًــا مُخرجًـا لسانه لي بحركة مشاكسة ليًغيظني

إلا أنه إصطدم بالأستآذ مآشيرو الذي كان يهُب للدخول

قال ريوُ مسرعًــا ( آه ، سـ .. سأذهبُ لأسلم الأورآق .... )

لم ينتظر حتى جوآب الأستآذ بل ذهب كالصآروخ راكضًا لينجو بحيآته .. نعم لقد كُنت أخطط لقتله إلا أنه فرّ من بين يديّ للأسف !

تنهدتُ بتعَــب وإتجهتُ إلى طآولتي عندما رمقني الاستآذ بنظرآت تطلب تفسيرًا ..

إلا أنني فقط أجبته بقولي ( لا شيء ) مع هزةٍ بسيطة من رأسي

هز رأسه إيجابـًـــا ثم إلتفت إلى الطُلآب أمامه وبدأ في سؤالنــا عن الدرس المآضي ..

خمسُ دقآئق مرّت جلستُ أعد كل ثآنية منهــا في إنتظآر وترقب ..

أُريد لكمه ... ذلك الريــو الأخرق أريد سحقـه أيضًــا برجلــيّ هاتين لاجعلهُ كفتات الخبز القديم العفن

آه ! ها هو ذا يدخل اخيــرًا بإبتسامة إنتصآر تعلو وجهه رافعًــا أنفه المستقيم للأعلى بغرور

وكانت نظرآتُـه تلك موجهة إليّ فقط ...

تقدّم إلى كُرسية ليجلس عليه .. ما إن سحبه وهَم بالجلوس حتى قُمت بتحريكهِ للورآء أكثر بسرعةٍ خاطفةٍ بقدمي

لأرى ريو واقعًــا على الأرض واضعًــا يدهُ على رأسه الذي إصطدم بالكُرسي دلالة الألم الشديد

ضحكت سآخرة بقوة .. تلتهــا ضحكآت بآقي طُلآب الفصل حتى الآستاذ حآول بشدة كتم تلك الضحكة الخفيفة التي خرجت منه إلا أنه عجز عن ذلك

بعد بُرهة عقّد ريو حاجبيه وإحمر وجهه بالكآمل غضبًا وصرخ متجاهلاً الضحك

( أيتها الحمقآء .. ماذا إذا تشوه وجهــي الجميل ! )

ضحـِكتٌ بخبث ثم أردفت ( ماذا ؟ جميل ! هل تمزح .. أنت أقبحُ من آلـ ... )

لم أستطـِع إكمآل جُملتــي تلك لأنني وقعتُ أرضًــا بعدما حَرك ريو كُرسيي بقوة لأسقُط أنا أيضًــا

أغمضتُ عينــي بشدة عند شعوري بالألم ، ثٌم فتحتُهــا لأراه هو الآخر مُتألمًــا مثلي !!

هذا الأمر جعَــل مني نوعًــا ما أشعُر بالرضى .. فبالنهاية لقد آلمتُــه ها ها ها ،

أخذ يُتمتم بغضب كلمآتٍ غير مفهومـة ومازالت يدُه على رأسه تُدلك مكان شعورهِ بالألم

عاود للصُراخ بوجهـي ( أنتِ مُهرجـة ملعونـة .. نعم فأنتي لي كاللعنــة التي أود حقًـا إبطالها ! )

رفعتُ حاجبي الأيمن بغرور وقلت ( آوه حقًــا ؟ وأنت لي كالذبابة البغيضة التي تحوم حولي بأزيزها المُزعج محدثة الضجة والفوضى فقط ! )

نظر كُل منا الآخر بنظرآتٍ ثآقبة تكاد بحدتها تخترق أجسآدنا ..

رفعتُ رأسي عندما شعرتُ بظل شخص ما على وجهي .. لأرى تلك العيون الغاضبة المشتعلة تنظُر إلي

( ريو ، مينــوري ... أتعلمان أنكما مُزعجين جدًا عندما تجتمعان مع بعضكما ، لدرجة ... حقًا حقًا ، لآ تُعجبني !! )

قال ريو في غضب بان على تقاسيم وجهه ( لكن .. هي من بدأت ذلك ، عليكَ مُعاقبتهـــا )

قال الاستآذ ماشيرو رافعًــا حاجبه الأيسر بسُخرية ( حقًــا ؟ ، حسنًــا أنا لا أظن أنها تعمدت ذلك .. فهي فتاة مُهذبة )

إبتسمتُ بلُطف وطأطأت رأسي المُحمر دلالة الخجل الشديد من مدحه لي ..

وضحكتُ بخبث عندما أخذتُ أنظُر لريو الغاضب مُقطبًـا حاجبيه يلوي فمهُ في سُخرية بطرف عيني

وقفتُ بهدوء نافضةً الغبار عن ملابســي وأخذتُ الكُرسي من خلفــي لأجلس عليه .. كما فعل ريو تمامًـا

مرت الدقائق الطويلة سريعةً جدًا بالنسبة لي .. وها هو ذا الجرس يرن مُعلنًــا بدأ حصةٍ جديدة

إلتفتت إلى الأبله الجالس أمامي واضعًا ساعديه على طاولته مُمسكًـا بقلم الحبر يكتُب الدَرس ببرود ..

بينما أنا قد إنتهيتُ قبله بفترةٍ بسيطة فأنا لا أهتمُ حقًــا بجمال خطي أو ترتيبــه ..

الأهم هو أنني أستطيعُ فهمه على كُــل حآل !

إقترَب مني مُميلاً جسمه ناحيتي بهدوء ثم هَمس دون النظر إليّ ( سأعفو عنكِ هذه المرة .. )

ماذا ماذا ؟ يعفو عني .. ! آه أنسي مافعله ؟ هوَ من بدأ بالأمر ..

دفعته عني بعُنف ثم صرخت قائلة واضعة خدي على يدي اليُسرى أنظر إليه بإستنكار ( أحمق ، لم أطلب ذلك )

أردف وإمارات التململ تُرسم على وجهه الأبيض ( حسنًــا ، أحببت أن أُخبركِ بذلك فقط )

تنهدتُ بعُمق .. ونظرتُ إلى الطالبة التي تجلس أمامي لأتأمل شعرها البُنيّ القصيــر

لآبد أنها شعرت بنظراتي حيثُ أنها إلتفتت خلفها بنصف وجهها لتراني أحدق بها

إبتسَمت بهدوء ثم قالت متسائلة ( مالأمر ؟ )

قلت بغير شعورٍ مني مُشيرة بإبهامي لريو ( ذو المنقــار مُزعج جدًا !! )

نظرت إليه بإستغراب ثٌم عادت بنظرها إلي قائلة ( حقًــا ؟ أظن أنه فتىً لطيف جدًا )

هززتُ يدي بسُخرية مُلصقة أصابعي ببعضها ثُم قلت بتعجُب ممتزج بإنكار ( الرحمــة ، أنتِ لا تعلمين شيئًــا )

شعرت بوكزة مُفاجئة على فخذي مما جعلني أقفز ذعرًا فصرخت بغضب ونظرت لريو ( ماذا ؟!! ) ..

كان وجههُ محمرًا بشكلٍ ملحوظ ، إلا أنني لم أكُن اعلم أكان خجلاً أم غضب ..

رمَقني بنظرةٍ حادة مُشيرًا إليّ بالسكوت إلا أنني إبتسمتُ بمَكر وهممت بالقول مُميلة جسمي للأمام حتى أقترب من تلك الفتاة

( آوه عزيزتــي .. ماذا عساي أقول عن هذا الفتىَ ! )

( مينــوري ... )

نبض قلبي بقوة حتى خلته سيخرُج من صدري عندما نادى بإسمي وإلتفتُ إليه بإستغراب وفتحتُ فمي للتحدث ..

لكنني أغلقتُـه مباشرةً عندما أخافتني نظراتُه الغاضبة التي – ولوهلة – جعلت القشعريرة تسري بجسدي .

هززتُ رأسي بالإيجاب وعدت للوراء لأعتدل بجلستي .. بينما علامة إستفهام كبيرة هي كل مايمكن رؤيته بوجه تلك الطالبة ..

آه ! مرت الحصص على خير .. لا شيء يستحق الذكر ،

وها نحنُ ذا بالحصة الأخيرة ... حصة الاستاذ " تاداشي " للغة الانجليزيــة

كُنت اضغط قاعدة القلم بشرود و بشكل مُتتالي محدثة به صوتًــا مستفزًا مما أثار غيظ الاستاذ على مايبدو

لأنه قال بأمرٍ منه وإبتسامة باردة مرسومة على فمه ( مينـــوري ، أجيبي على هذا السؤال ! )

رفعتُ رأسي بإستغراب وتساؤل والاستفهامات تدور حول رأسي ... سألتُه مشيرة لنفسي بسبابتي ( أنا ؟ )

هَز رأسه إيجابًــا فوقفت بتردد ملحوظ .. وعلى هذا الحال بقيت مدة دقيقتين

أكره هذه المادة أكثر من أي شيء آخر ، صعبة جدًا بالنسبة إليّ ولا أستطيع فهم كلمة منها .

سمعتُ قهقهة خفيفة تصدر من الذي بجانبي .. فغضبت ، وتمنيت لحظتهــا لو أخنُقه ,


أكره هذه المادة أكثر من أي شيء آخر ، صعبة جدًا بالنسبة إليّ ولا أستطيع فهم كلمة منها .

سمعتُ قهقهة خفيفة تصدر من الذي بجانبي .. فغضبت ، وتمنيت لحظتهــا لو أخنُقه ,

أمرني الاستاذ بالجلوس بعدها والإنتبــاه جيدًا ... سُحقًــا لك ولحصتك الغبيــة !!

" ترررررررررررررررررن "

رَن الجرس !!! أخيرًا !!

أخذنا جميعًــا نجمَع أغراضنا مُستعدين للإنطلاق نحوَ غُرفنا ..

والبعض وقف يتناقش حول الرحلــة وماذا سيفعل ومع من سيذهب و و و ... إلى آخره .

إنتهيت من جمع أغراضي وها أنا أحمل حقيبتي على كتفي .. ما إن رفعتُ رأسي لأنظر للباب

حتى لمحت تلك النظارة اللامعــة التي إنعكس عليها ضوء الشمس .. وذاك الشعر الأملس القصير يُغطي جبينه بالكامل

( مينوري ، آكي .. تنظيف الفصول !! )

ما إن قال ذلك حتى سقطت حقيبتي بإحبــاط شديد .. نسيتُ ذلك ، وما إن تذكرت حتى إشتعلت النيران بجوفي

زمجَرتُ بغضب عندما أصبح ريو يقهقه بسعآدة ( هذا ليس مُضحكًــا ... مالمُضحك هاه ؟ قُــل لي ! أنت ايضًـا معنا في هذا )

أصبح يرفع حاجبيه وينزلهما بسُرعة ليغيظني ثُم قال بثقة

( حقًــا ؟ عزيزتـي مينوري ، أنا المُدير .. ولدي أعمالٌ كثيرة يجب عليّ القيامُ بها .. خاصةً هذا اليوم ، هل سأجد وقتًــا لتنظيف المَدرسة ؟ بالطبع لآ )

جحظت عيناي وفغرت فاهي في ذهول .. كلآ ، لا يُمكن أن أفعل كل هذا وحدي !!

عاد الاستاذ يصرُخ مناديًــا إياي أنا وآكي التي وقفت تمشي نحوَ الباب ..

رأيتُ ظلاً صغيرًا من خلف الاستاذ ، عرفت صاحبه على الفــور ..

نظرت إليّ رين بنظراتٍ باردة ثُم وجّهت نظراتها للأُستاذ الذي بانت قطرات العَرق على وجهه

رأيتُها تحدث الاستاذ إلا أنني لم أستطع سماع شيءٍ أبدًا مما قالت ..

هَز ذو النظارات رأسه إيجابًــا كما يبدو .. ثُم عاد للنظر إلينا بعدما هَمت رين تمشي مُبتعدة

قال بقهر واضح كل الوضوح على صوته الحاقد ( لن أجعلكم تعملون اليوم .. لكن حتمًـا لن أُكررها الاسبوع القادم ، يمكنكم الذهآب للإستعداد لرحلتكُــم ! )

لن أخفي عليكُم أنني تفاجأت ... وبشدة !

مالذي قالته تلك الشبح حتى جعله يتراجع هكذا ..؟ من حركة شفتيها لم تقل سوى بضع كلمات قصيرة ،

في كُل مرة أرى تلك الفتاة تذهلنــي فعلاً

عُدت لأخذ حقيبتــي ونظرت إلى ريو ثم أصبحتُ أنفذ حركته المستفزة عينها لأرُدها له

إبتسم دون أن يُعلق بشيء فمررت من أمامه رافعة رأسي بغرور ..

خَرجتُ من الفصل أتجه كباقي الطلاب لغرفتي .. شعرتُ بإحدٍ ما يتبعني فنظرتُ للوراء

كما توقعت ...

وقفتُ أنظر إليه رافعة حاجبي الأيمن بإستغراب وسألتُه ( ماذا تريد ريو ؟ أتعلم ! بـِتْ أشعُر وكأنك مُلتصق بي بصمغ قويّ جدًا )

ضحك بخفة ثم أعقبها بقوله ( حقًــا ؟ هذا لا يُهم فالأمر يعجبنــي .. )

قطبت حاجبيّ بضيق وهززت رأسي بحسرة ثم عدت للمشي من جديد ..

( أراكِ في الساعة الرابعــة ! لا تتأخــري )


إلتفتت بنصف جسمي للورآء لأراه يسلُك الطريق الآخر المؤدي إلى سكن الطلاب رافعًا يده مودعًا ..

لويتُ فمــي بسُخرية ، من قال أنني ذاهبــة ! سأجعلهُم يذهبون بدونــي

مَشيت في الممر الطويل إلى أن وصلتُ لآخره .. حيثُ غرفتي ،

أخرجتُ المفتاح من حقيبتــي البُنية وفتحتُ الباب بهدوء ثم أغلقتُه خلفــي ..

وكعادتي ألقيت بحذائي الأسود على الجدار ليسقُط أرضًــا .. ثم أخذت خطواتي تقودني لخزانة ملابسي

أخرجتُ قميصًــا أبيض اللون مُطرزًا بالأسود وبنطالاً أسود يصل إلى تحت ركبتيّ بقليل وبدلت زي المدرسة بها

فتحتُ شعري لأجعله ينسدل على كتفيّ بنعومة ، ثم إرتميت على سريري بتعَب مُطلقة تنهدية عميقة

ظللتُ قرابة الخمس دقائق أنظر إلى ... اللآ شيء في الحقيقةً !

ثم أخذت أغمض عيني بهدوء .. حَتى نـِمت


.....................


صحوت مفزوعة بسبب الضجيج المزعج الذي عَم أرجاء غرفتــي .. نظرت حولي برُعب ..

أرتكز نظري على فتاتين واقفتين بوسط الغُرفة .. دققتُ في ملامحهمآ

ما بال آكي و هيكارو تصرخان هكذآ هُنــا ؟

نهضت وجلست على طرف سريري ثم قلت متسائلةً وأنا أحُك عيني بكسل ( مـ ... ماذا يحدُث ؟ )

قالت آكي وهي تعبث بخزانة ملابسي ( حمقآء ! .. إنها الساعةُ الثالثة وخمس وخمسون دقيقة .. سنتحَرك في الرابعة تمامًا وأنتي لم تجهزي شيئًــا ! )

رفعتُ حاجبي الأيمن بإستغراب وظللت أنظر إليهُن يجمعن أشيائي في إحدى حقائبي ..

عند إستيعابي للأمر قُلت ببرود ( أنا لــن أ .... )

قآطعتني آكي بحــِدة وهي تحمل حقيبتي ( نحنُ ننتظركِ بالخارج .. إغسلي وجهكِ وإلحقي بنا يا فتاة " وشددت بقولها " لا تتأخري )

لم تنتظر حتى أُكمل باقي حروف كلماتي بل أغلقت الباب خلفها بقوة

ماهذه الورطة ! أنا حقًــا لا أريد الذهاب ..

تنهدت بكسل ووقفت متجهة إلى الحمام .. دقائق سريعة مرت حتى خرجتُ وأنا ألعب بخصلات شعري الحريرية السوداء

أخذتُ مفتاح الباب من على منضدتي ثم أخذت أمشي إلى حيث زر إطفاء الأنوار .. ضغطتُه وفتحت الباب ثُم خرجت وأقفلته

وضعتُ المفتاح في جيبي وإبتسمت بسُخرية .. ها أنا ذا أتوجه إلى حيثُ لا أريد رغمًـا عني

صرخت بغيظ ( سُـــــــــــحقًا !!!!! )

( إهدئي يا سُلحفاة ، أنتِ مُزعجــة )

سلحفاة ؟ ..

نظرتُ خلفي لأتأكد من شكوكي ، ذاتُــه الوجه الأبيض ذو الوجنتين المُحمرتين والعيون الرمادية

( كين .. ! أنت مازلت مريضًـا كما يبدو .. هل ستذهب معنا ؟ ) سألتُـه ذلك بعدما أدخل يديه بجيبي بنطاله الأزرق وتقدمني بمسافة بسيطة

أجابني ببرود وإختصار شديد ( نعم ! )

هززت رأسي بالإيجاب وعُدت للنظر أمامي وأخذت ألحقُــه إلى أن وصلنا إلى خارج المدرسة ..

حيثُ تجمعت عدة حافلات واقفة بإنتظام بجانب بعضها البعض لتحمل الطُــلاب ،

رأيت آكي وهيكارو واقفاتٍ أمام إحدى الحافلات فذهبت إليهما مُسرعة لأخذ حقيبتي التي تحملها آكي بالإضافة إلى حقيبتها

ناديتُهــا بإسمها لألفت إنتباهها فأعطتني الحقيبة وإبتسامةٌ واسعة زيّنت فمها

بادلتُها الإبتسامة ثُم نظرت إلى الحافلة .. إنها طويلة وكبــيرة بعض الشيء ويبدو أنها مريحة !

دخلتا قبلي ولحقت بهما .. جلستــا على مقعدين بالأمام بينما فضلتُ الجلوس بالخَلف بجوار النافذة كما إعتدت دائمًا


أسندتُ رأسي على الكُرسي مُحدقةً إلى ماوراء النافذة .. إلى الطُلاب المُتجمعين حول الحافلات الأُخرى

سمـِعتُ صوتًـا عرفته على الفور قائلاً ( سأجلس بجوارِك ! )

( لا لن تفعــل .. سأجلس أنا ) نظرتُ إلى صآحبة الصوت بإستغراب رافعة حاجبي الأيمن .. ثُم إلى ريو الذي
بدت إماراتُ الغضب تظهر على تقاسيم وجهه

صرخ بوجه من يُخاطبهــا بعناد وحِدة مُشددًا على قبضة يديه ( أنا من سيجلس بجوارهــا ! ) ..

أجابت ببرود وثقة ( أنا من ستجلس بجوارها .. لا تنآقشني )

أصبحتُ أنظُــر إليهمــا بنظرات إستهزاء والإبتسامة الساخرة لم تُفارق شفتآي ..

حملت حقيبتــي السوداء متوسطة الحَجم عن فخذي لأضعهــا على الكرسي بجانبي ثُم صُحت بإبتسامة لطيفة زائفة

( آوه ، أنا حقًــا أُفضل الجلوس وحيدة .. يُمكنكمــا الجلوس بجانب بعضكمــا .. هكذا أفضل للجميع ! )

نظر كُلٌ من ريو ورين إليّ بنظراتٍ غاضبـة مُشتعلة .. فما لبثتُ أن بادلتُهما تلك النظرة بأكثر إرعابًا وغضب !

فذهبـا وجلسا ورائي بآخر كُــرسي موجود بالحافلة وكُل منهمـا يشتُم الآخر بغيظ وعداوة

تنَهدتُ بعمق ووضعتُ كوعي على حافة النافذة بينما باطن كفي الايسر يحمل وجهــي

شعرتُ بشيء غريب ، وكأنه خوف مُمتزج بإنتظــار وحماسة .. مشاعر إختلطت بعضها ببعض لتُنتج شعورًا لا يُمكنني وصفه !

إهتزت الحافلة أخيرًا مُعلنة عن بدء تحرُكهــا .. نظرتُ من حولــي .. لقد إمتلأت بطُلاب فصلي والبعض كان من فصولٍ أُخرى

سمـِعتُ صرخة قويــة آتية من خلفي دلالة الحماس فنظرتُ إلى صآحبها الذي كان – بالطبع – ريو المُتعجرف !

( ياللحمـــآسة .. ستكون أمتع رحلة على الإطلآق !! )

هززت رأسي نفيًــا وأسفاً على حالي .. لولا هذا الأخرق الذي ورائي كُنت سأكون غارقة في النوم أغوص بإحلامي الوردية الآن

وقف ريـو مُمسكًا كُرسيي بيده اليُسرى حتى يبقى ثابتًا ولا يقع .. وبيده الأخرى على مايبدو جريدة للرياضة ملفوفــة بقوة و يوُجه مُقدمتهــا نحو فمــِه

صَرخ إحدى الشُبــان ضاحكًــا ( آوه شباب .. إستعـِدوا ، ريُـو سيُفجر طبلة آذانكم بغضون دقآئق ! )

وجه لهُ ريو نظرة ثاقبة مازحًا ثُم فَتح فمَــه ليبدأ ماسيبدأُه ، أظن أنه سيُغنــي !

بدأ الصُـراخ بـِأعلى صوتـِه مُطلقًــا ألحان عجيبـة تصُم الآذان بحدتها .. وصوتٌ لن أكون مُبالغة إن شبهته بنعيق حمآر !!

أخذ يدور ويمشي بثقة من أول الحافلة حتى آخرها يُغني إحدى الأغاني المشهــورة هذه الأيام لمُغنية معــروفة ..

إقتَرب مني ثُم إنتشَل حقيبتــي ليضعها على فخذي .. ونظر لي بنظراتٍ حالمة رقيقة مُقربًــا وجههُ لي بينما أنا أبتعد كُلمــا إقترب

قال وهوُ يغنــي مُشددًا بقوة على كلمات الأغنيـة دون إبعاد عينيهِ عن عيني ( أُحبـــــكِ .. نعم أنا أُحبـــــــــك أحُبــكِ )

صُبغ وجهي باللون الأحمر من شدة خجلي وصفعتُه إلا أنها صفعة بسيطة أظنها دغدغته من خِـفتها !

سَكت قليلًا ليستوعب الموقف وأغمض عينيــه بهدوء ..

ثُم أطلق ضحكة خفيفــة مُتقطعة و فاجأني بضربة على رأسي بتلك المجلة الملفوفة التي يضُمها بقوة بكفة يدِه

قال وهو مايزال يضحك إلا ان نبرته غُلفت قليلًا بالسُخرية

( لا أُحب رؤية شكل أصابع يدكِ بتاتًا عندما تُطبع على خدي ، يكون الأمر مُزعجًــا عندما أنظر لمرآتي الحبيبة ! )

قطبت حاجباي في إنزعاج وأدرتُ وجهي ناحية النافذة مُصطنعةً الغضب .

بينما كان الجميعُ يضحك ، شد إنتباهنــا صوت إحدىَ الطالبات العالي وكأنها لاحظت شيئًـا

( شباب ، ألا تظنون معي أن مينــوري وريو ثُنائي رائع ! فإنهُما إذا إجتمعا يُشكلان مُهرجين مضحكين جدًا )

قال ماكوتو صديق ريــو المُقرب بتأييد ( حتىَ مع أنهُم قَد تعرفوا على بعضهـِم بأيام قليلة ! )

أعقبت أُخرى بجانبه من إحدى الفصول الأُخرى تتوجه بسؤالها – الأخرق - إلينا ( نعم ، هل أنتُما على علاقة ؟ )

حَل الصمت ليكون سيد الموقف .. ثُم أصبح كل ما يُسمع هو الهمسآت ومايُرى هوَ الإيماءات بالإيجاب
بالطبع لقد فغَرتُ فاهي مذهولة !

كان ريو ينظُر إلي تارةً وإلى الطُلاب جميعًــا الذين صوبوا أنظارهُم إلينا تارةً أُخرى

دَوت صرختنا بالوقت ذاته مُتعجبيّن في إنكار ( مُستحيــــــــــل )

قُلت بسُرعة مُعترضة أشد إعتراض على مايقولونه مُشيرة لنفسي ثُم لريو

( مُستحيلٌ ذلك ! أنا مينــوري .. على ... عـ ... ـلى علاقة بهذا الكائن !!! )

ضحكتُ بسُخــرية ثُم قلت ( آه ، دُعابة ظريفـة .. حقًــا ظريفة ! )

صاح ريو مُحاولاً إعادة الجوّ كمــا كان قائلاً بأمر ( هدوووء يا أصحاب .. هدوء ، لا تُقاطعونـي فأنا لم أنتهي بعدُ من أغنيتي )

قُلت بإعتراضٍ إمتزج بترجيّ ( لا ! الرحمـــة .. )

لم يُبــالي بقولـي بل أخذ مجلتـه من جديد وعاد للغناء والطلاب من حوله كان منهُم من يضع أصابعه في أذانه خشية الصمم وكان من يُصفق بحماس ويُغنــي معه

بينمـا أنا تنهّدتُ بإستسلام وأسندتُ رأسي على الكرسيّ بتعَب ..

توقفت الحافلة عـِند إحدى الإشارات عندما أضاءت بلونٍ أحمر تأمر بالوقوف

أحسستُ بشيء ما يمشي على سآقي .. لم أبالي فلقد ظننتُ أنني أتخيل لا أكثر

لكن مادفعنــي للنظر إلى ساقي لأتأكد هو شعوري به من جديد !

ما إنْ تعرفتُ على ماهية " ذلك الكائن الصغير " الذي يُسمى بـ " عنكبوت " حَتى دوت صرخةُ أستطيعُ جزم أنها قد وصلت إلى آخر شارع من هذه المنطقة

وقفتُ بحركة لا إرادية أقفز في هلع والدموع قد تلألأت في عينــي ..

رُحت أتلفت يمنة ويسرة لأرى الذُعر في عيون الجميع من حولــي ..

وقفتُ بمُنتصف الحافلة أبكي واضعة يداي على وجهي

شعرتُ بـريو يقف خلفــي قائلا بتساؤل وصوتٍ خائف ( مينــوري .... مابكِ ؟ تبكين ! )

تحَركت الحافلة من جَــديد بسُرعة لتُحدث هزة أسقطتنــي أرضًــا ..

وللأسف سقطتُ على ريو الذي كان خلفـي لأًصبح في حجـره !

رفعتُ وجهـي لتظهـَر آثار الدموع البــاردة على وجنتيّ

رأيتُ ريو مُقطبًــا حاجبيه ويبدو أنه يتألم مُمسكًـا ظهره بيدهِ اليُمنى والأخرى تُمسك بذرآعي

لقد كان يستند على شيء كمُرتفع أو أشبه بـِدَرجٍ صغيـر يفصل بين الكراسي الأمامية والخلفية

لابُد أن ذلك آلمه كثيــرًا .. هُوَ حتى لا يستطيع الكلام .. !

قال بألم مغمضًــا عينيه بقوة ( ظهــري المسكين .. عمودي الفقــري الجميل .. ياللهول ماذا تأكُلين مينـوري ؟ )

ودَدت لو أصفعُــه إلا أن معهُ الحَق في قول مايشــاء .. لقد سقطتُ عليه هذا حقًــا يبدو مؤلمًــا ،

( يستحـِقُ ذلك .. الأهَم أنكِ لم تُصــابي بأذى ! )

رفعتُ رأسي لأنظُــر إلى تلك المخلوقة الصغيــرة .. أو كما إعتدتُ مُناداتها .. " الشبح ! "

هذه الفتاة تجعل الحَــكة تُباغتني حتى تكاد تقتلنــي .. حَكة الحيرة التي تُصيب رأسي الفضولي المليء بالتساؤلات !

أحيانًــا أشعُر أنها من طَرف جــدي لتحميني لا أدري لماذا ؟ ..

[ أعلم .. ستقولون أنه شعورٌ أخرق فعلاً .. لكن صدقًــا ، ألا يشعُـر أحدكم بذلك مثلي ؟ أم .. أم أنها مُجرد تخيُلات وأفكار غبيّــة بنظركُــم ! ]

أومأتُ بالإيجاب بسُرعة .. لم أجـِد غير تلك الحركة لتكون مُنــاسبةً للرد

كانت تقف أمامي بشموخ ونظراتها الحادة أرعبتنــي – كما هي العادة - ..

أشعُر بالغموض يلُفها من كل جانب ، يا إلهي كم هي مَخلوقة عجيبــة !

جُلت ببصري بعيدًا عنها لأنظُــر للطلاب لوهلة .. إذ بي أرى منظرًا فظيعًــا ،

كُــل العيون مُتجهة نحونا تنظُر بتعجُب وقَد توسعَت في ذهــول .. والبعض في ترقُب .. والآخر بإعجاب كما يبدو .. ولكن لـِمَ هذا ؟

تنهَــد ريو ببساطة وحاول النهــوض وتوقف فجأة فأصبح يقف بشكلٍ .. كيف أصفه ؟ غبي !

وقفتُ ومشيت إلى حيث تلك الشبح ريــن التي كانت أمامي لأصبح بجانبها ..

سألتُـه بقليلٍ من التوتر محاولة قدر الإمكان تجاهُل النظرات من حولي

( هـ .. هـل تحتاج إلى ... مـ ... مساعدة ؟ )

( مينــوري بالطبع يجبُ أن تساعديــه .. لقد أنقذ حياتكِ ! )

كان ذلك صوت إحدى الفتيــات قائلة بأمر إمتزَج بإنكار وتعجب ..

أنقذ حياتي ؟ لن أعلق على هذا .. لن أعلق على كلام غبي كهذا أبدًا !

حاولتُ مساعدتَـه بأي طريقة إلا أنني لم أعرف ماذا أفعــل حقيقةً .. لا أُريد لمسه مطلقًــا فقُلت بإحباط

( أنا ... أنا آسفة ! )

عاد قلبـي يدُق بقوة وسُـرعة كما السابق .. فقط بمُــجرد أن نظر ريو إليّ بنظرة حادة لم أعلم ما مغزاها

قال بلهجة غريبــة ( هل أنتِ آسفة حقًــا ؟ )

~

~

حاولتُ مساعدتَـه بأي طريقة إلا أنني لم أعرف ماذا أفعــل حقيقةً .. لا أُريد لمسه مطلقًــا فقُلت بإحباط

( أنا ... أنا آسفة ! )

عاد قلبـي يدُق بقوة وسُـرعة كما السابق .. فقط بمُــجرد أن نظر ريو إليّ بنظرة حادة لم أعلم ما مغزاها

قال بلهجة غريبــة ( هل أنتِ آسفة حقًــا ؟ )

نظرتُ إليهِ قليلًا لأدقق ببصري على ملامحـه التي لم أفهمها ثُم أومأت بالإيجاب قائلة بخفوت

( نعــم .. )

رفعَ حاجبهُ الأيســر بثقة ثٌم قال بإبتسامة جذابة ( حسنًـا ، هذه الكلمة لا تُجدي نفعًــا معي .. )

إعتدل بوقفته كمن لم يصب بضربة قوية أبدًا ثُم جلس على ذلك الدَرج الذي إصطدم به وقام بثني ساقه التي رفعها لتُغطي جزءًا من صدره وبطنه

أمسك ذقنه بإبهامه وسبابته في تفكيــر وقال بـِمَرح

( أظنُ أنكِ من النوع الجبان أليس كذلك ؟ مارأيُــكِ إذًا بإن نلعب لعبة بيت الأشباح غدًا حال وصولنـا إلى مدينة الملاهي .. سيكون ذلك عظيمًــا )

سكتَ قليلًا ثم أردف ضاحكــًا ( أتطلعُ لرؤية وجهكِ الخائف من جَديد )

صُحت بإعتراض ( ماذا ؟ يالك من وقح .. كـ )

قاطعنــي إحدى الطلبة الذي أثار غيظــي بقولهِ ( يافتاة ! لقد أنقذ حيـاتكِ فلتقبلـي بعروضه المُغرية )

نظرتُ إلى ذاك الفتى بحدة وصرخت ( سُحقًــا لك فلتصمُت .. لم أكُن سأموت على أي حال فكيف يُنقذ حياتي ؟ )

وجّه الجميعُ إليّ نظرات لومٍ وغضب .. هل يروننــي وقحة الآن ؟ وماذا عن ريو وتصرفاتـهِ هذه !

آه يا إلهــي كم أود أن أقسم شعري لنصفين وأسحبُــه الآن

[ إحدى العادات التـي أفعلُها عند غضبي الشديد !! ]

تنهدت بعُمق ثم قُلت بإستسلام مُنصــاعة لأمره ( حسنًــا .. لكن ، إن حَدث شيء لي فستكون المسؤول عن هذا )

ضحـِك بخفة وهَز رأسه إيجابًــا دون أن يتلفظ بكلمة ..

أدرتُ نصف جسمي لأًصعق بالشبح تقف بمحاذاتي ولم تتحرك أبدًا .. لقد خـِلتُها رجعت لمقعدها منذ فترة !

ليس ذلك فقط .. بل كانت تُمسك بطرف قميصي كطفلة صغيـرة مُلتصقة بأُمهــا ..

وقفنــا على هذه الحال دقائق لم أعلم طولها حقًــا .. لكن لحُسن الحَــظ أن صوت السائق نبهنـا على أننا إقتربنا لنستعد

إستدَرت بكامل جسمـي ومَشيت عدة خطواتٍ بطيئة وتلك الشبح خلفي وكان ريو خلفها

آوه لحظــة ! .. صوت السائق !

إنني أعرِفُــه ...

إلتفتُ إليه لأتأكد من شكوكــي ... إنهُ ذو شعرٍ بُني حريري مُبعثر ومُهمَل ويرتدي قُبعة سوداء هذه المرة ..

عامل النظافة المُنحــَرف !

ظللت قُرابة العشر ثوانٍ أقف هكذا بمُنتصف الحافلة ثُم سـِرت إلى حيثُ مقعدي وجلست .. وكانت رين بجانبـي

رين و ريو ، رُبما هذان الأخوان العجيبــان يجتمعان في نقطة واحدة وحيدة على الأقل ..

ألا وهيَ الألتصاق بالناس بشكلٍ يُثير الغيظ ويؤدي إلى حالة نفسية صعبــة

آوه .. عاودتُ النظر إلى ساقي من جديد .. لقد إختفى ذاك العَنكبوت ! لابد أنهُ طار وإلتصق بشيءٍ آخر عندما تحركت الحافلة

هذا جيّــد .. فليلتصق بما يشاء إلا أنا ..

توقفت الحآفلة من جــديد ،

نظرتُ إلى ماوراء النافذة بجانبي إذ بي أرى أننا قد وقفنا أمام مبنى متوسط الحَجم
هو المكان الذي سنمكث فيه على مايبدو !

أدرت رأسي عند سماعي لضجة الطُلاب وصوت فتح باب الحافلة ..

وقفتُ بعدما وقفت رين لتعود للوراء لأخذ حقيبتهــا كما فعل أخوها ريو

حَملتُ حقيبتـي على كتفــي و نهضت من على كُرسيي بتكاسُل وأدخلتُ أصابعي الطويلة للتخلل شعري الأسود

متوسط الطول لأُرجعه للوراء فتعود خُصلاته مُتمردةً للأمام

ها أنا ذا أخرجُ من جو الحافلة البآرد ليصطدم الهواء المُعتدل اللطيف من الخارج بوجهــي ويُداعب خصلات شعري بنعومـة

تنفستُ بعُمق ثم أطلقتُ زفيرًا ينُم عن الرآحة وإبتسامة واسعة لطيفة رُسمت على فمــي

كُنــا أول حافلة تصل إلى هُنــا ثُم أقبلت أخرى بجانبنــا بعد عدة دقائق ..

دخلتُ إلى ذاك الفندُق أمشي وراء الطُلاب اللذين أخذوا يلحقون بـريو وأختـه الشَبح

سمـِعتُ ريو يصيح بصوتٍ عالي يُحدثنــا جميعًـا

( حسنًــا شباب ، سأقوم الآن بمُناداة كل ثلاثة أفراد سيكونون مع بعضهــم في غرفة واحدة وسأعطيهُم مفتاح غُرفتهم ! )

أخذ يفعل كما قال إلى أن جاء دوري وإبتسَم

( مينــوري ، هيكارو ، آكي .. ستكونون معًــا في غرفة واحدة )

( أليس من الأفضل أن تكونوا معًــا بغرفة واحدة يا ريو ومينــوري ؟ )

قال تلك الجملـة الفظيعة أحد الشُبان الوقحين مما جعَــل وجهي أنا وريو يُصبغان بالأحمر خجلاً فقال ريو مُتصنعًا الغَضب

( أحمق لا تقُل هذا وإلا لكمتُك لتطير إلى المدرسة وتدرس مع بقية الحمقى هُناك ! .. )

ضحـِك الجميع من شكل وجوهنــا المُشتعلة غضبًا وخجلاً في آن معًــا .. فأخذت إبتسامةُ لطيفة تشق طريقها شيئًا فشيئًا إلى وجهي ... ثُم ضحـِكت !



آه لقد حَــل الليلُ أخيرًا ! ...

أخبرنا ريوُ عندمـا هَم بإعطائنا المفاتيح أننا سنذهَبُ إلى مدينة الملاهي غدًا
صباحًـا في وقتٍ مُبكر

أتمنى أن يمُر كل شيءٍ على خيــر .. لا أعلمُ لـِمَ لا أحُس بالأمان هُنــا ،

نظرتُ إلى الساعة السوداء متوسطة الحجم المعلقة على الحائط .. إنها تُشير إلى التاسعة مساءً ،

نظرتُ من حولي نظرةً خاطفة .. الغرفة مُرتبـة ونظيفة ورائحة العـِطر الجميل مُنتشرة في أرجائها

آكي وهيكارو قَد خرجتا منذ فترة للقاء بعض الصديقات

حسنًــا إذًا لـِمَ لا أخرج لأستنشقُ الهواء بالخارج قُرب البحَر ؟ أظن أنه لا بأس بذلك !

إرتديتُ معطفي الوردي ذو القبعــة بسُرعة مُتجهة إلى باب الخروج ..

نظرتُ إلى الغرفة من جَديد ثُم أغلقت الباب خلفــي ،


~

في أحد الأحيــاء الهادئة جداً والتي تُنير الاضواء البيضاء ظُـُلمتها

حيثُ لآ يُسمع إلا مواء القطط البآحــثة عن الطعــام في كُل قمامةٍ تلقاها !ّ

كانت الساعةٌ تُشير إلى الحادية عشرة ليلاً ..

تحديداً في بيت مُتوســط بتصميم حديث – بالنسبــة لذلك الوقت – في الحديقة الخارجيةِ له بالتفصيل !

( ريوتـــآ ... توقف أُريد اللعب معـــك ! ) كان ذلك صوت صُراخ طفلةٍ صغيــرة لم تتجاوز الخامسةَ منْ عُمرها

تُنــادي من بعيــد طفلاً آخر كان يختبئ خلف أكبر شجــرة في تلك الحديقـة ..

كان ذاك الطفل مُسنداً ظهره على الشجــرة .. فأمال رأسـه لينظُر إليها ثم أخرج لسانه الصغيــر بحركةٍ
مُشاكسـة وقآل بعنآد يُخاطب تلك الطفلة

( أمسكي بي .. ثُم يُمكنكِ آللعب معي ! )

ضربت تلك الفتاة الصغيــرة الارضيــة بقوةٍ دلآلة الغضب الشديد ..

وإستعَدت لإطلآق ألحانٍ صاخبة عبآرةً عن صرخات بُكاء حاد ..

فأقبل ذاك الفتــى الصغيــر " ريُوتـــا " الذي يبدو يكبرهـا بعدة سنوات مُسرعاً بإتجاهها حاملاً الكُـرة بيديه وقال
بعدمــا وضع يده على كتفهــا

( لآ أرجوكِ .. كُنت أمزح ، لنلعـــب معاً لكن أرجوكِ لا تبكي ... إتفقنا ؟ )

إبتسمت تلك الفتـــاة الصغيــرة بطفوليـــة وقالت بطريقة مَضحكــة لعدم مقدرتها على النُطق جيداً ( حثنــاً ) " حسناً "

أخذا يلعبــان سويةً مُصدرآن ضجةً كبيــرة مما حَث بقيّــة الأطفآل اللذين كانوا بدآخل المنزل على الخروج

ليــنضموا إليهم وليــزدآد الصخَب والإزعآج بشكل جنونيّ !

بالنسبــة إلى الجيرآن ، فلقد أخذوا يصرخون بعصبيةٍ شديدة من خلآل نوافذ منآزلهم ليكُف الأطفآل عن الصُرآخ

لكنهُــم مُجرد أطفآل ... فمنَ سيُبآلي ؟

أما بدآخل المنـــزل .. فكانت الأجواء مُختلفــةً لكن ليس إلى ذلك الحَد البعيــد !

فكان الجوّ إحتفالياً جميـــلاً مليئاً بالضحكــات والإبتسآمآت المُوزعة على وجوه الجميــع .

يجلسون حول طاولــة مُستطيلة طويلــة تقع بوسط غُرفة المعيشــة الكبيــرة نوعاً ما ..

رجلُ عجــوز مع زوجتـه التي لا تختلف عنه حالاً .. يتحدثون ويُلقــون النكآت لإبنائهم الكبــار

اللذين أصبحوا الآن رجالاً مُتزوجيـــن ولديهم عدة أطفآل !

كان منهم من يتحدث عن أعماله ومشــاريعه في علمــه ..

والبعضُ الآخر عن معاناته مع أطفآله وزوجته العنيدة ... وما إلى ذلك من الاحاديث

فجأةً دخلت تلك الطفلةُ الصغيرة ذآت الشعر الأسود القصير جداً والعينين العسليتيين الواسعتين ..

ترتدي ثوباً أبيض طويل بالنسبة إليهــآ ..

أقبلت بإبتسامةٍ لعوبةٍ مرحة تتخللها البراءة من خلآل البــاب الذي يُطل على الحديقةِ الأمامية التي كانت تلعب فيهــا مع أخيها " ريوتـــا "

وإتجهَــت إلى عمهـــا الشـــاب البالغ من العُــمر السابعة والعشـــرون عامًا ، مع ذلك لم يكُن متزوجاً .

إرتمت في حُضنــه بمَرح والسرور لم يُفــارق نبرة صوتهــا الطفولية العذبة .

( شيـــــن ! ) .. إلتفت عم تلــك الطفلة إلى إمرأة جميلــة تبلغ الثانية والثلاثيــن من العُـمر فأجابها مُبتسماً ( ماذا ؟ )

قالت وهي تجلس بجانب زوجهــا حول الطآولة

( أيُمكنك إحضــار أطباق الحلوى من الثلآجة ؟ لقد تعبت جداً ولا أستطيع الوقوف على قدميّ )

غَمز شيــن بمرح وقال مُبتسماً ( من دواعِي سروري ! ) ..

سمـِع الجدْ كلآمهآ فقال مُعترضاً وهو ينهض بنشـآط ( كلآ .. دعنــي أنا أذهبُ مع طفلتــي الحُلوة )

قالت تلك المرأة بإبتسامةٍ صغيــرة عذبة وبمرح مُتصنعةً الغضب

( حسناً .. لكن أرجوك لا تلمس قطعةً واحدة ! )

( آه علِمت أنكِ ستقولين ذلك ، هذا عِقابٌ قاسٍ لي ) .. قآل الجَد ذلك مُدعياً الإحباط وهو يُمسك بيدِ تلك الطفلة الصغيرة مُتجهين سويةً إلى المطبــخ

مرت فتــرة قصيرة وهُو ينتشل كل طبقٍ ليضعه فوق طاولة المطبَــخ .. والطفلة واقفةٌ بجانبه مُمسكةً بطرف سرواله الزيتي الطويــل

( جـــدي أُريد اللعــب بالخارذ مع ريُوتــآ ! ) .. " بالخآرج "

حَرك شفتيه ليُطلق بضع كلمات من بينهمــا لكنهُ سكت عندمـآ أحس بشيء غريب يُحثه على الصمت ..

أمسك يدهــا الصغيرة بقوة عـِندما سمـِع صوت إطلاق النيرآن وصراخ أفراد العائله ..

حَمل تلك الطفـــلة لتكون على ظهرهِ بسُرعــة وقلبه يكاد يخرُج من مكآنهِ من شدة خوفــه ..

صحيح أنه عجوز .. لكنه مازال يحمــل بعض الطــاقة التي كان يتحلى بها في شبآبه !

طوقت تلك الفتاة يديهــا حول رقبتهِ بشكل تلقائي وقالت مُتسائلة ( جدي .. ماذا بك ؟ )

إتجه ناحية البـــاب الذي يؤدي إلى خارج المطبخ ليُطل على غُرفة المعيشــة

لكنهُ لم يستطِع رؤية شيء بسبب الدُخـــان الكثيف الذي أعمى بصيرته حينهـــآ

أصبح يلتفت الجد بعينيه بشكــل سريع ومُريب والعَرق يتصبب من جبينــه ..

مما دبّ الرعب في قلب الطفلة التي بدأت في التساؤل وصوتهــا يرتجف ( جـ ... جـددي .. مآبك !!! )

كان ذلك بسبب سماعه لصُراخ الأطفال وزوجتـه والآباء والامهات بغرفة المعيشــة ..

وصوت إطلاق رصاصاتٍ أيضاً !

وما كان مُرعبـــاً اكثر هو أصوات الرجـــال الغريبين اللذين إقتحموا المنزل بشكلٍ مفاجئ مما أثار الخوف بداخلـِه

( آشششش ! ) قال الجد ذلك وهو يُحاول تهدئة الطفلة بهَزه لها وهي على ظهــرِه

أدار وجهه إلى الخلفَ ليلحَظ وجود البــاب الذي بالمطبخ المؤدي إلى الحديقةِ الخلفيــةِ للمنزل

أسرع لإمساك مقبض البــاب .. ما إن أمسكهُ حتى فتحه على مصرعيه وإنطلق بخطواتٍ متسآرعة وآسعة للهروب

إتجه لبــاب الحديقةِ الخآرجي الخلفي ونبضات قلبه تتســارع بشكلٍ رهيب .. والطفلة مازالت تصرُخ باكية ..

نظر خلفه نظرةً خاطفـــة ليرىَ أن المنزل يحتــرق والدُخان يتصاعد للأعلى بكثآفه

ولهَب النيــران ينعكس في عينيــه ووجهــه ..

أما الطفلةُ فكانت تسعــل بقوّة من بين بُكائهـا .. فقال الجَد بقليلٍ من الصرامة ( أُصمدِي مينــوري )

سمـِع الجَد صوت أحد الرجــال العميق يُنــاديه مُهدداً ( توقف عندك وإلا أطلقتُ النـــار ! )

إلتفتَ إليه الجد بخــوف وصمت .. لكن الشجاعة - التي لا يدري اتته من أين – تسللت إلى قلبه ليقول بقوة

( فلتذهب للجحيــم ياهذا ! )

ركض الجد بخطواتٍ واسعــة إلى حيثُ الباب الخلفي المؤدي للخارج مُتفاديًــا الرصاصات التي يُطلقهـا ذاك الرجُل بصعوبة .

وبعد ركضٍ طويــل دام فترة لم يعلم طولهــا .. ولا يعلم حَتى قدماه قادته إلى أين !

وصل إلى إحدىَ الأحياء الفقيـرة المظلمة الشبه مهجــورة يقف سارحًــا حائرًا لا يعرف ماذا يفعَــل

قُتلت جميع العائلة تقريبًــا ولم يبقى سواه هو والطفلة مينــوري .

أحس بقطراتٍ تسقُط على رأسه بشكلٍ مُتقطع فرفع رأسهُ للسماء ...

قال بهدوء من بين دموعـهِ الحارة ( سُحقًــا ستُمطر ! )

إلتفت بنصف وجههِ إلى حفيدته الصغيـرة ليراها تُحاول كبت شهقاتها ومنع نفسها من البكاء وآثآر الدموع على وجنتيهـا الحمرآوتين

إبتسَم بحُزن وأسى على الحال الذي وصل إليه .. بشكل مُفاجئٍ جدًا !

أخذ يمشي بخطواتٍ ثقيلةٍ والحُزن يكسر قلبه المدفون بين أحشائه إلى قطع متعددة صغيرة ..

لآ يعلم إلى أين يتجـِه .. وبمَن يطلب العَــون ، كان تائهًــا مُشتت الأفكار .

توقف بمُنتصف الشارع عندمــا رأى سيارة سوداء كبيرة اللون تقف أمامه فجأة

رفع رأسهُ بتفاجؤ وإستغراب قائلاً في تعجُب ( ما به هذا الأخرق ؟ )

نظرَ الرجُل صاحبُ السيارة السوداء الذي – على مايبدو – لم يتجاوز الخمسة والثلاثين من عُمره
وقال ببرود ( تفضل يآ سيدي ! )

رفع الجد حاجبه الأيمن دلالة الإستغراب ثُم هَم بالمشي مُبتعداً ، إلا أن صاحب السيارة تقدم بسيارته ليسُد الطريق مُصرًا على تلبية طلبـِه

فجأةً أخذَ المطر يهطل بغزارة على رأس الجَد وحفيدته الصغيــرة ، لم يعلم ماذا يفعل ..

هل يوافق على طلب المجهول ؟ أم يرفُض !

................

( مينــوري ؟ )

قَآطع ذكريآتي ذاك الصوت البآرد الذي أفزعني فإلتفتُ برأسي لأنظُر في عيني ذاك الشخص التي لمعت عاكسةً ضوء القمَر

( ريــو ... ؟ )

كُنت جالسة على شاطئ البَحــر والظلام يلفُني من كل جانب ، أضم ساقاي بذراعـي وأغوص في ذكريآتي

العميقة الموحشة والدموع تنساب على وجنتيّ بهدوء

رأيتُ التفاجؤ ظاهرًا على وجهه فما لبثت أن مسحتُ دموعـي ورسمت إبتسامة بسيطة على فمي

( لا شيء ... فقط راودتنــي ذكرى سيئة )

هَز رأسه إيجابًا بهدوء دون أن ينبس بكلمة وظل يتأمل معي واقفًا مكانه ورائي إلى السماء المليئة بالنجـوم اللامعة

قال بعد فترة صمتٍ بسيطة بمَرح ( هيه يامُهرجتــي .. مارأيُــكِ أن نشتري شيئًا باردًا نشربُه ؟ )

قُلت بغضب ( لستُ مُهرجتَك ، كًف عن إغاظتي ! )

وسُرعان ماتبدِل الغضب إلى سعادة فقلت بمرح وتلقائية ( لكن موافقة .. على حسابــك ! )

~~


هَز رأسه مُوافقًا ثُم أمسك بيدي وأخذ يركَض بي مُنطلقاً بحماس بينما عاد " ذاك الأبله " يدُق بقوة داخل صدِري

لو كان بيدي لأخرجتُـه من صدِري ورميتُـه بعيدًا .. ياله من قلبٍ مُزعج !!

وصلنا إلى متجرٍ كبير الحَــجم نوعًا ما .. يوجد به عدد قليل من النــاس فدخلنا إليه بهدوء ننظر حولنا بحيرة

أخذ ريو يجُر سلةً كبيرة أمامهُ ويضع فيها أشياء كثيرة .. حقيقة كانت جميع الأشياء لا نفع لها ، يبدو أنه

يُخطط لإقامة حفلة في غرفته وجمع الشباب .. إنهُ تخمين فقط !

فجأةً ودون سابقِ إنذار .. سمِـعنا ضجّةً آتية من الباب الأمامي للمتجر .. وإنطفأت جميع الأنوار وأصبحَ المكانُ مظلمًا بعض الشيء

أُصبت بالذُعر فإلتصقتُ بذراع ريو الذي نظَر إلي بإستغراب

راح يمشي بهدوء مُتجهًـا إلى مكان المُحاسب القريب من باب الخروج .. إلا أنهُ تراجع بتردُد قائلاً

( مينوري .. لا تُصدري أي صوت حسنًا ؟ إتبعيني فقط ! )

قلت بخوف وتساؤل وأنا أنظر في عينيه الحادتين ( لماذا ؟ مالذي يحدُث ؟ )

ترَك السلة جانبًا وأمسك بمعصمــي وأخذ يدُور بالمتجر كاملاً دون أن يتخذ وِجهةً مُحددة ..

قلتُ لأقطع جو الصمت المُرعب الذي أكرهُه ( هل ... هل هُم لصوص ؟ )

كان مُعقدًا حاجبيه ويبدو عليه الغضب ..

أجابني بهدوء دون النظر إليّ ( أظُن ذلك )

وجدنا أمامنا بابًا كبيرًا فُتح نـِصفُه فدخلنا إلى ماوراءه .. نظرت حولي لأتفحص تلك الغُرفة ...

لا يوجد فيها سوى مصباح واحد أبيض مُعلقًا في السقف يُنير أجزاء صغيرةً منها .. ومساحتهُا واسعة

إلا أن ماجعلها ضيقة هو وجود الصناديق الكثيرة الموضوعة بعضها فوق بعض

سمـِعتُ صراخ أطفالٍ ونـِسوة مما جعلني أشعُر وكأن قلبي فعلاً سيخرُج من مكانه

قلت بخفوت أحضن رأسي بين كفيّ ( اه كُنت متأكدة .. مُتأكدة تمامًا بإن هذه الرحلة ستكون كارثة .. مُصيبة !! )

لم يُعلق ريو الواقف بجانبي على كلامـي بل ظل صامتًـا وكأنه ينتظر شيئًا ما ، رُبما ينتظر رحيلهُم فقط .

سمـِعتُ صراخ رجال يبدو أنهم لا يتجاوزون الثلاثة يُحدثون الموجودين بصرامة

قال أحدهم بوضوحٍ يُكلم إمرأة بأمر( أعطيني كُل مالديكِ من مجوهرات يا أنتِ .. أو ودعي طفلكِ للأبد ! )

كانت تصرُخ وتبكي في آن معًـا .. ومن صوتِ إرتطام شيءٍ ما بالأرض الأقربُ أنهُ قام بصفعها أو إلقاء شيءٍ عليها ،

وهذا ماجعل أوصالي ترتجف ...

( هل أنتِ فـِعلاً جبانة لهذه الدرجة ؟ لم أتصور أنكِ ستكونين هكذا ! )

نظرتُ إلى ريو بعينين دامعتين .. كان يُسند ظهره على الصناديق ويمُد رجلة اليُسرى بينما يُثني اليمنى ليُريح ذراعه عليها وينظر إليّ ببرود

كُنت واقفة أراقب من فتحة الباب الصغيـرة أولائك اللصوص

تركتُ الباب وإتجهتُ إلى ريو لأجلس بجانبه بهدوء .. وأصبحتُ أقترب أكثر منه حتى أكاد ألتصق به

لم أشعُر بنفسي إلا وأنا أُسند رأسي على صدره وذراعه اليسرى تلُفني

رفعتُ رأسي لأرى وجهه قد صُبغ كاملاً باللون الأحمر وينظر إلى الجدران

طأطأت رأسي في خجل ثُم مالبثت أن إتسعت عينــي بذهول

دفعتُه عني بقوة وأنا أصرُخ ( من تحسبُ نفسك هاه ! .. أيها الأخرق لا تلمسني .. لا تفعل هذا ! )

دقائق مَرت ونحن ننظر إلى بعضنا في ذهول وفي عينينا بريق غريب ..

حَتى قطع تلك اللحظة صوتُ الباب يُدفع بقوة ليرتطم بالجدار ..

وجّهنا بصرنا إلى ذاك الرجُل المُقنع الذي لا يظهر من وجهه سوى عينيه الضيقتين !

وها هوَ ذا قلبي يرقُص خوفًــا ما إن إقترَب مني أنا بالذآت وفي عيونه لمعة شر واضحة !!

[ وجه القـِـطة ! ]

كُنت واقفة أراقب من فتحة الباب الصغيـرة أولائك اللصوص

تركتُ الباب وإتجهتُ إلى ريو لأجلس بجانبه بهدوء .. وأصبحتُ أقترب أكثر منه حتى أكاد ألتصق به

لم أشعُر بنفسي إلا وأنا أُسند رأسي على صدره وذراعه اليسرى تلُفني

رفعتُ رأسي لأرى وجهه قد صُبغ كاملاً باللون الأحمر وينظر إلى الجدران

طأطأت رأسي في خجل ثُم مالبثت أن إتسعت عينــي بذهول

دفعتُه عني بقوة وأنا أصرُخ

- من تحسبُ نفسك هاه ! .. أيها الأخرق لا تلمسني .. لا تفعل هذا !

دقائق مَرت ونحن ننظر إلى بعضنا في ذهول وفي عينينا بريق غريب ..

حَتى قطع تلك اللحظة صوتُ الباب يُدفع بقوة ليرتطم بالجدار ..

وجّهنا بصرنا إلى ذاك الرجُل المُقنع الذي لا يظهر من وجهه سوى عينيه الضيقتين !

وها هوَ ذا قلبي يرقُص خوفًــا ما إن إقترَب مني أنا بالذآت وفي عيونه لمعة شر واضحة !!

شددتُ قبضة يدي على قميص ريـو الابيض المُخـطط بخطوطٍ سماوية بالطول وانا ادعو الله بداخلي ان يحفظنـي ويُبقيني على قيد الحياة

بصراحةٍ لا أود الموت .. خصوصًا بموقفٍ كهـذا !

وقف ريـو بسُرعة مُمسكًـا يدي بقبضتـه الكبيرة وملامـحُه الجديّة التي أُحبها ظهَرت من جديد على وجهه لتُوضـِح عن غضبـِه

هَمس لي بهدوء قائلاً بأمر دون أن يُبعد نظره عن ذاك اللص

- سأحاول أن أُلهيه .. عـِندما أترُك يدكِ أُهربي بسُرعة .. من ذاك الباب

حَدقتُ في عينيه اللتان تنظُران لباب موجود بإحدى زوايا تلك الغُرفة .. أتمنىَ ألا يكون مُقفلاً

ثُم قُلت على عجل دون شعورٍ مني

- لن أذهب من دونك

ما إن إنتهيتُ من جُملتي تلك حتى توردت وجنتآي علامة للخجل الذي جعل شُحنة كهربائية غريبة تسري بجوف رأسي كُله !

قال هامسًـا لي راسمًا تـِلك الإبتسامة المُشاكسة على ثغـِره ليُطمئنني

- مُهرجة ! .. إن أردتي ان اتوقف عن إغاظتك إفعلي ما أقول

- كفاكُمــا ثرثرة ... أنتِ !!

نظرتُ إلى المتحدث – الذي كان اللص بالطبع - بنظرةً خاطفة خائفة ما إن قصدني بندائه وقلبي تزداد نبضاته سُرعة كُلمـا إقتَرب خُطوة

اخذ يُشهر مُسدسهُ الأسود اللامع من بين يديه علينـا .. ويهز رأسه مُشيرًا إلى سوار معصمـي الذهبي

أردتُ التحَدث والإعتراض إلا أن ريو سبقنـي بقولـِه

- ياللجُبن ! تُشهر مُسدسك الصغيـر أمامنــا هكذا ، ولو أنكَ لم تحمـِله لإستطعتُ تقطيعك إربًا أيها الأرنب !

صُدمت .. اهوَ بهذه الشجاعة ؟ لم أتوقع قولًا قويًا كهذا سيصدُر منه ..

ضحـِك بخفة ثُم عاد ليقول بإستخفاف رافعًا حاجبه الأيسر في سُخرية

- لستُ خائفًا من مُسدسك بالطبع ، إلا أنني أعرف أفعال اللصوص المُلتوية لذلك سأبقى هادئًـا حتى لا يكون هنالك خسائر !

يبدو أنه قد إستفز اللص التي أخذت عيناه تضيقان أكثر والشَرر يتطاير من عينيه

تَرك يدي إلا أنني لم أتحرك ساكنة مُترددة .. موقفٌ صعب بالفعل ، فماذا لو هَربت وأطلق النار عليّ .. سأكون ميتة وهذا ما لا اريده !

زفَرت بضيق وعيناي تلمعان من دموعي المحبوسة فيهما والرؤية قد أصبحت مشوشة ضبآبية !

أحسستُ بقرصة على خاصرتي فقفزت مذعورة ونظرتُ إلى ريو بحنق ، فإذ به يُشير بصعوبة بإن عليّ الهرب حالاً

بعد تردُدٍ ومحاربة لنفسـي الخائفة تشجعتُ أخيرًا للهَرب .. فأطلقتُ لساقاي العنان وأخذت أركض واصرخ خائفة إلى الباب

فتحتُــه بخفة وسهولة ، حمدًا لله أنهُ لم يكُن مقفلاً .. كاد قلبي يسقُط أرضًا من شدة رُعبي !!

خرجتُ للشآرع .. إنهُ يطل على حَي مُخيف أشبَه بالمهجور .. إلا من بعض القطط ذات العيون المُخيفة التي تعكس ضوء القمر !

أخذتُ أنظر حولي يُمنة ويُسرة في توتر وريبة ، ويُمكنُني سماع دقات قلبي المُتتالية القويّة

مشيت عدة خطواتٍ للوراء وأنا أشعُر بإن أشياءً حادة كالإبر تُغرز بصدري ، أظُنني أشعُر بالذنب لتركي ريو خلفـي !

زفرتُ بضيق وأنا أمشي مُتجهة إلى .. لا أعلم ! لنُقل إلى المجهــول ،

رآحت الدموع تتجمعُ بعينـي من جديد لتُنذرني على قُرب بُــكائي .. أنا خائفة ، لا أُريده أن يُصــاب بإذى

سلكت دموعـي مجرى واحد على كُل من خديّ لتُحدث نهران جاريان يأبيان التوقف والسكون

إحتضنتُ أعلى رأسي بيديّ وقُلت بإنكار وإعتراض

- سأعود ، لن أترُكه وحده ... كيف فعلتُ ذلك وهربت ؟ كيف !!

- حقًــا .. كيف لكِ ان تترُكيه وحيدًا هُنــاك ..

إتسعت عينآني ذهولاً عندما سمِعتُ صوته الآتي من الخلف ، فإلتفتُ بسُرعة للوراء ليصطدم شعري بوجهي إثر قوة الهواء الذي هَب فجأة

- ريو !

- بشحمه ولحمـِه ..

رفعتُ بصري للأعلى قليلاً لأرى شخصًا طويلاً ذو جسم عريض نوعًا ما وشعر بُني مبعثر بإهمال تُخفي نصفه قُبعة سوداء يقف بجانب ريو .. وسيجارةُ إعتدت رؤيتها مآبين شفتيه .

- المُنحرف !

- مازلتِ تُناديني بهذا الأسم ؟ مُزعجة !

نظر ريو بتعجُب وحيرة وغباء موجهًا نظره إليّ تارة ثُم لكين تارة أخرى مُتسائلاً ماسبب هذه الألقاب !

قُلت بتساؤل وأنا أقوم بمسح دموعـي المُتمردة التي تأبى الوقوف

- كيف ؟

- أوه تعنين مالذي حَدث ؟ لقد أرسلتُ رسالة بهاتفي لكين ليُحضر المساعدة ..

- متى ؟ أنا لم أرَك تفعلُ بذلك

إبتسم بإستهزاء وقال واضعًا يديه في جيبيّ بنطاله

- كُنتِ مُنشغلة في النظر إلى اللصوص عَبر فتحة الباب أيتها الذكية !

- هكذا إذًا ، لكن بعدها مالذي حَدث ؟

قال ريو بلا مُبالاة

- لا شيء ، لقد فروا هاربيـن فَور سماعهم صوت سيارة الشُرطة تقترب .. جُبناء !!

مشيتُ بهدوء خلفهما عندما همّـا بالتقدم وأنا أشعُر بالراحة والإطمئنان ..

عاد ريو يقول بعد فترة صمت وهو ينظر إلي بطرف عينـِه موجّهًا كلامه لكين الهادئ

- كين ! آه لو ترى وجه مينــوري الخآئف ، أُقسم أنك ستضحك بشدة

- توقف أيها الغبي !

- ماذا ؟ أنا غبي أيتها الحمقاء المُدللة ؟!

- لستُ كذلك .. إنَك أحمق

- مُهرجــة !!

نفختُ خديّ بالهواء من شدة غضبي ثُم زفرت وأنا أسرع بخطواتي الواسعة الى وسط الشارع مع النظر إلى حذائي الورديّ البسيط لأتجاوزهُما بعدة خطوات

لكنني وقفتُ فجأةً ساكنة مُتجمدة عند سماعي لبوق سيارة مُسرعة بإتجاهي ..

أصبح صدري يعلو ويهبط بسُرعة من التنفس السريع دلالة الخوف ..

لا أعلم كيف إلا أن قدميّ قد شُلتا تمامًا ولا أستطيع تحريكهما ! وكأنما قَد وَضعت صخرتان كبيرتان عليهمـا لتمنعهما من الحراك !





.

.

.

فتحتُ عينــي بـِبُطء بعد فترة لم أعلم طولهـا .. لكنني أحسستُ أنها طويلةُ جدًا !!

أخذت بؤبؤتا عيني تتحركان في سُرعة لتستكشفا ماحولهمـا

كان يتجمع حولي عدد قليل من الأشخاص الغُرباء منهم من ينظُر إليّ بقلق والآخر بترقُب ..

فقُلت هامسة بتساؤل

- مالذي حَدث ؟

نظرتٌ إلى نفسي ... مُلقاةً على الأرض وقد مُزقت أجزاءٌ صغيرة من بنطالي الأبيض والخدوش قد شوهّت يدي .

أخذت أصوات مُختلطة تندفعُ كُتلة واحدة على مسامعي تسألُني ما إن كُنت على مايُرام !

تجاهلتُها و رُحت أتتبعُ بفضول شديد مصدر الأصوات البعيدة التي تصرُخ بصوتٍ عالٍ .. فعرفتُ حالاً أنها آتيةُ من الخلف

نظرتُ بسُرعة خلفي إذ بي أرى أُناسًا قد تجمعوا ليُشكلوا دائرة إلتفت حَول عمود الإنارة الطويل الذي على الرصيف الذي يفصل بين شارعين

حآولت الوقوف .. إلا أنه قد إستوقفني ألم فظيييع برُكبتي اليُمنى

أمسكتُ بنطالي من طرفه لأرفعهُ للأعلى .. لقد تلطّخ بالدماء .. لكن بشكلٍ بسيط لا يدعو للخوف !

أنزلتُه مرة أخرى وحاولت جاهدة أن أتحمل الألم الذي أشعُر به كُلما مشيت خطوة

إن هذا الألم لآ يُساوي ما شعرتُ به بصدري حينها أبدًا ..

عندما رأيتُ عدة رجال يحملون شابًا ذو شعرٍ أشقَر يرتدي قميصًا أبيض اللون خُطط بخطوط سماوية بسيطة

ومعهم ذاك الآخر ذو الشعر البُني المُبعثر بإهمال ، الذي كان وبكُل بساطة " كين " الذي – ولأول مرة – أرى ملامح الخوف قد ظهرت جليّة على وجهه !

إذًا هذا ماكانوا مُتجمعين حوله ؟!!!

لا أعلم كيف .. أو متى فعلتُ ذلك ! إلا أنني فجأة أصبحتُ مع أولائك الرجال أصرُخ بإسم ريو بهستيرية

بالكاد أستطيع رؤية وجهه المُلطخ بالدماء وهذا ما أثار فزعي !!

أمسكني كين من ذرآعي بقوة مُحاولاً تهدِأتي إلا أن ذلك مُستحيـــل ..

كُنت ألحق بهم لأُمسك بيد ريو المليئة بالخدوش والجروح النازفة المُتدلية دون حراك ..

جميع الأفكار السوداء قد تجمعت بذهني .. أسوَؤها الموت ، خـِفت أن يرحَل ويترُكنــي .. لا أريد ذلك !

أبعدني كين عن الرجآل ليستطيعوا إدخاله بسُرعة إلى سيّــارة الإسعاف التي أتت مُسرعة قبل عدة دقائق فقط

كان كين مُمسكًا بي بقوة حَتى أنه قد لف ذراعيهِ حولي .. حاولت الإفلات بعدة طُرق إلا أن ذلك لم يُجدي نفعًا

كآن يُحاول تهدأتي بكلماتٍ بسيطة إلا أنني لم أُعره أدنى إهتمام ... لم أكُن حتى أسمع مايقول بوضوح ، كُل ما أفكر به الآن هوَ ريو !

هَمت سيارة الإسعاف بالذهاب وأنا أتبعُها بعيني ، لتترُكني مابين ذراعي كين مُصابة بالدوآر !!

أصبح كُل شيء يدور فجأة .. حتى صارَ السواد هو كُل مايُمكنني رؤيته فقط .






رؤيةُ ضبآبية .. عقلٌ مشوش .. و ألم فظيع !

هذه الكلمآت البسيطة هي تعبيرٌ بسيط عن حالتــي تلك اللحظة عندما أفقت على هَمس أحدِهم

أغمضتُ عينيّ بقوة ثُم فتحتهمــا لتٌصدمان برؤية وجه ريو أمامهُمــا

فتحتُ فمي لأصرُخ فزعة متفاجئة إلا أن يدهُ البآردة الملفوفة بالضمادات البيضاء قد منعتنـي من ذلك

أبعدتُها بعُنف عن فمي ونهضت بسُرعة بينما هوَ إبتعد قليلًا دون إبعاد نظره عني

تأملتُ ماحولــي .. كانت الغُرفة مُظلمة نوعًا ما إلا من نور شاشة التلفاز المُعلق بالأعلى الذي يُوزع ضوءه في أرجائها

الغُرفة هادئةٌ جدًا .. يوجد بها عدة أسرة يملؤها بعض المرضىَ الذين يغطون – على مايبدو – بنوم عميق !

أُحب هذه الأجواء .. خاصة مابعد مُنتصف الليــل !

عُدت للتحديق في وجه ريـو وقد لفت نظري شيءٌ ما على جانب وجهه فأزحتُ غطاء السرير عني قليلًا وإقتربت منه لأمسك ذقنه بهدوء

كان واقفًــا بسكون دون حرآك ويبدو انه مُتعجب مني من نظراته المُندهشة

حَركت وجهه لليسآر قليلًا لألحظَ خدشًا طويلًا نوعًا ما على خدِه ويصل إلى نهاية وجهه

سمـِعت ضحكة خافتة تصدُر منه فنظرت إليه .. كان مُغمـِضًا عينيه ويبتسم

- مابك !

- هيا إضحكي ، أعلمُ أنكِ تُريدين الضحـك لرؤية وجهي الجميل قَد تشوّه بهذا الخدش البشع

نظرتُ إليه بإستغراب وتعجب في آن معًا .. وقلت مُستنكرة

- إطلاقًــا .. تبدو جميلًا به !!

- كاذبة .. يُمكنك الضحك إن شئتي لكن لا يُمكنك الكذب عليّ بقولكِ هذا !

- أحمق ، أٌقسم أنك تبدو ... جميلاً

ضحـِكت بشدة عـِندما رأيت وجنتيه قد إحمرتا خجلاً .. ولا تنطلق من بين شفتيه سـِوى كلمتيّ " لا و كآذبة " بطفولية من شدة خجله !

نظرتُ إليه من رأسه لقدميه .. كانت غرته الشقراء ثابتة للخلف بواسطة مـِشبك بنوتي صغير لطيف

لتظهر مُلصقات الجروح على جانب جبهتـِه الأيسر ..

أما رجلهُ اليُمنى فكانت تلفها جبيرة بيضاء ، لابُد أنها قد كُــسـِرت !

سألتُــه بفضول شديد والإستغراب واضح على مُحياي

- مالذي حَدث ؟ لا أذكُر شيئًــا سوى أنني كُنت أقف بمنتصف الشآرع !

- حمقــاء .. آه ، بسببكِ كــِدتُ أفقد حياتي الثمينة !

- كفاك ثرثرة .. أخبرني فقط

- حسنًــا

نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض

إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !



~

~

نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض

إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !

- عندمـا رأيتكِ كالبلهاء واقفة أمام تلك السيارة المُسرعة دون حراك .. كُنت أعلم أنكِ بإنتظار البطل – الذي هو أنا – ليَهُب للمُساعدة

- سُحقًــا لك فلتتكلم بجدية !

- أووه حسنًاً ، لا أعلم كيف فعلتُ ذلك ولـِمَ عرضت حياتي للخَــطر .. إلا أن رؤيتكِ بتلك اللحظة واقفة بخوف لا تعلمين مالذي يجب فـِعله .. شَجعتني أن أدفع بنفسي إليكِ لإنقاذكِ .. إنني أقولها بجدية الآن !

- حسنًا .. أكمل

- دفعتٌــك بقوة للأمام لتصطدمي بالناصية أما أنا فقد إصطدمت بالسيارة لأطير بعيدًا وأصطدم مرة أُخرى بعمود الإنارة ..
لذلك قد كُسرت ساقي .. أما يدي فلقد أصبحت كخريطة الكُرة الأرضية من الكدمات التي تلونت بها ..

حَل الصمت فترة قصيرة جدًا .. بالأحرى ماتُقارب الدقيقتين ثُم عاد للقول بغضب

- وكُل هذا بسببـِك !
- آسفة ..

- لا بأس ..

- يا شباب .. كفاكُمــا ثرثرة ، أزعجتُماني بقصصكم البطولية الرومانسية .. المُستشفيات لا تصلُح للمواعدة خصيصًا بغُرف مُلئت بالمرضى !

كان ذلك صوت تذمر إحدى العجائز التي يبدو عليها أنها ليست من النوع اللطيف إطلاقًـا

نهض ريو بهدوء وحَذر من على سريري وهو يضحَك ..

لا أعلم لـِمَ فعلتُ ذلك ورميتُ بكومة الخجل والغضب على رأس ريو حيثُ قُلت

- لا تضحك ياوجه القطــة !

إلتفت إليّ بسُرعة والغضب العآرم قد إكتسحه

- ماذا ؟ أظنُ أنني لم أسمعكِ جيدًا

- وجه القطـــة !!

- أبسبب هذا الخدش أصبحتُ ... قطة ؟

هَززتُ رأسي بالإيجاب دون أن أنبس بكلمة

- إذًا فالقـِطط تُعجبكِ ، نعم .. هي جميلةُ أيضًا .. مثلي !

- مالذي تعنيه ؟!

رفع أنفه بغرور وهو يتجهُ إلى سريره الذي يكون بجانبي ولا تفصل بيننا سوى ستارة خضراء طويلة !

- ألستِ من قال أن هذا الخدش هُنا ، يجعلنــي جميلاً !

- أنا .. أنا فعلت ؟

- آه يا إلهي .. أستدّعين أنك لم تقولي هذا ؟

لم أستطـِع قول شيء .. ففضلتُ السكوت وتجاهُل الأمر برمتــه .. في النهاية أعلم أنهُ المُنتصـِر .

هَز رأسهُ أسفًــا وحَرك سبابتهُ بالقُرب من أعلى أذنه بحركة دائرية في الهواء تدُل على أنه يصفني بالمجنونة !

- سُحقًا لك .. أتظن بإنك عاقل ؟ حتى الأطفال بعُمر السادسة أعقل منك وأذكى

- أتقصدين بمن هُم بعُمركِ عزيزتــي ؟

آآآآآآآآه مُستفز .. لو أنني لم أكُن هُنــا أقسم على أنني سأفعل شيئًا غير جيد له .. أبدًا !!!!

نُمت على جانبي الأيمن بحيث يكون ظهــري أمامه .. فلقد كان ينام هو أيضًا على نفس الجآنب

أغمضتُ عيني بهدوء لأنام .. إلا أن ذلك مُستحيل .. كُنت أعلم بإن نومي هو شيء مُستحيل الآن .. لقد إستيقظت قبل دقائق فكيف أنام مرة أُخرى ؟ لا أستطيع !

أخذتُ أتقلب على السرير مُحاولة بجُهدٍ أن أنام .. إلى أن نهضتُ مُتذمرة حتى تطاير شعري بشكلٍ مُرعب على وجهي
- بسسس .. أيها الوحش من عالم الظلام !

إلتفتُ إلى من كان يهمس إلي والذي كان – بالطبع ريو – الذي عرفتـُه من بحة صوته المُميزة

- ألم تنم أيها البطل .. صآحب وجه كالقطط !

- صاحب وجه جميل كالقـِطط .. أليس سيئًــا بالنسبة لكِ أن أًصحح أخطاءك ؟ خرقاء ! يجيب ألا تنسي إضافة أهم الكلمات حتى تُصبح الجُملة كاملة وصحيحة !

- لم أخطئ .. إضافة كلمة " جميل " مايجعلُها خاطئة .. إنك تظلم الكلمة بنسبها إليك إيها البشع !

- ماذا ؟ حسنًا ، إن كُنت بشعًــا – كما تدعين - .. فما أنتِ اذًا ؟ وحشٌ مُظلم أتى من العالم الآخر لينشُر الظلام في كوكب الأرض !

- لديك خيال خـصب .. هل تكتُب رواية ما ؟

- مُنذ أن رأيتكِ قررتُ ذلك .. فأنتِ تُذكرينــي بأفلام الرُعب .. إذا تمحوَرت حول " الأحياء الأموات " بالذات
أخذتُ أقرب شيءٍ مني يُمكنني رميُه على ريو ألا وهو كأسٌ ورقي خفيف الوزن !

ما إن رفعتُ يدي لأرميه حتى أوقفني إرتطام عُلبة مناديل ورقية بالأرض مُحدثة صوتًا قويًا نوعًا ما بما أن الغُرفة كانت هادئة .

- الرحمـــة .. إِن قُلت أنَّ المُستشفيات ليست مكانًا مُناسبًا للمواعدة ، هل ستًصبح مُناسبة لأن تكون حَلبة مُصارعة ؟

يا إلهــي .. كدتُ أجزُم أنها هيَ – فعلاً – من يكون قد أتى من عالمٍ آخر ..

عينيها الضيقتين الزرقاوتين تلمعان تحت جُنح الظلآم ، أظُن أننا قد أثرنا غضبهــا فعلاً !

- ناما !! ..

- لكــ ..

- أُصمت أيها القط الأشقر ... ونَم ، حـــــــــــــالاً !!!!

- كيف لكِ أن تنعتيني بالقط الأشقر هاه !

- ماذا ؟ كيف لك أن ترفعُ صوتك على امرأة يا هذا !

- امرأة ؟ أأنتِ من " فصيلة " مينوري ؟ لا تنسي إضافة " عجــوز " إلى جُملتك يا جدة !!

- عجوز و جدة ؟ من تصف بالعجوز هُنــا ؟ لَم أزل إمرأة بالخمسين من عُمرها
قاطعتُ ريو الذي فتح فمَهُ ليرُد على تلك العجوز بقولي بغضب

- فصيلة ؟ هل أصبحتُ إحدى الحيوانات الآن !!!

قاطعنــا صوت فتح الباب الذي كان يقف خلفه مُمرضة بدا الإستغراب جليًا على وجهها ذو الملامح الهادئة
- مالذي يحدُث ؟

سمِعنــا صوتًا أنثويًا رقيقًا هادئًــا يتحَدث بلُطف إليها من خلف إحدى الستائر

- أيتها المُمرضة .. أيُمكنكِ إسكات هؤلاء المُزعجين .. ساعتين حاولت فيهما تذوق طعم النوم إلا أنني بت أشعُر أن هذا مُستحيل بوجودهـِم !

- حسنًــا .. يُمكنني تدبُر الأمر

- أشكُركِ ..

نظرت تلك المُمرضة إلى وجوهـِنا المُتعجبــة بتعجُب هيَ الأخرى .. ثُم قالت برجاء

- رجاءً .. فاليحترم كل منكم وجود مرضى آخرين هُنــا .. ليعُد كل منكُم للنوم !

خَرجت بعدما رأتنا جميعًــا قد أصبحنا في حالة سكون وهدوء وكُل منا يُحاول إرجاع النعاس لعينيه

أخذتُ أنظُر للسقف وأعُد حتى المئة .. لرُبما أنام حقًا ..

- إثنان وخمسون .. ثلاثة وخمسون

- سبعة وعشرون .. ثمانية وعشرون

نظرتُ إلى ريو بغضب الذي كان يُقلدني في هذا الأمر .. المُصيبة أن صوته قد شتت تفكيري ولا أعلم إلى أي رقمٍ قد وصلت الآن !!
- ريـــو !!

نظَر إلي ببراءة وتعجُب رافعًا حاجبيه وقال مُتسائلاً

- ماذا ؟

- أتعلم بأنني أكرهُك ؟!

- كاذبة ..

- بل إن هذه الكلمة قد خرجَت من داخل أعماق جوف قلبي !

- أليست كل تلك الكلمات ذات معنىً واحد ؟

- تقريبًا ، لكني أردت أن تفهمَ مقصدي بدقة ووضوح !!

- هل تقصديـــن ..

أخذ يُميل جسدهُ إليّ من فوق سريرِه وعلى وجهه إبتسامةُ مكر وخُبث

- أنكِ تُحبيننـــي ؟

~

كِدت أصرخ لولا أنني تداركتُ الوضع ووضعتُ يداي على فمــي بسُرعة لأحجُب صرختي عن الجميع

سمعتُ قهقهاته القوية التي لم يستطــِع كبتها على الإطلاق سامحًا لها بالخروج بحُرية .. حتى رأيت دموعه تنهمر من شدة الضحــِك !!

أصبح وجهي أشبه بشُعلة من نار مـِن شدة الحرارة التي أحسستُ بها ، لو أني لم أكُن بشرًا لكُنت واثقة أنه قد تبخّر !

نهضتُ من سريري مُسرعة إلى ريو الذي بدا خائفًا مما قد أفعلُــه به .. إلا أنني لم أقصد سوى الستارة لأسحبهـا لليسار حتى تمنعهُ من رؤيتي ..

وقفتُ خلفها مُعطية إياها ظهري وكفي تُغطي فمــي المفتوح بشرود

أُحس أن قلبي قد ثآر كالبُركان .. أو هاج كأمواج البحــر .. أو .... أو كقُنبلة قد إنفجَرت للتو !

- لكنْ لـِمَ ؟ هل أنا مريضة بمرضٍ ما ؟!

- مينـــوري ....

صُعقتْ عندما سمعتُ صوتًا واثقًا قريبًا جدًا من أُذني .. لذلك لم أتحَرك أبدًا ولم أنبُس ببنت شفة

قآل وهو مايزال واقفًــا خلفي

- أنا ...

هل يسمعُه ؟ أُحس بإن صوت قرع طبول قلبــي تصـِل إليه من قوتــِها !!!

- ألم تسمعا ؟ ألم تفهما ؟ سأقوم بركلكُما كالكُرة إن لم تصمُتــا .. آه رأسي ، سينفجر !!

تـِلك المُزعجة المُتذمرة .. قاطعت ريو عن الكلام .. آهٍ كم أود قتلها هذه اللحظة ، لن أندم على ذلك

فلرُبما أخلص شعبًا كاملًا من وحشٍ مُزعج يُثير الغيظ ؟!

تقدمتُ عدة خطواتٍ للأمام ومازال وجهي مُشتعلاً وقد أصبح كحبة طماطم حمرآء اللون ثُم قلت بعدما إستدرتُ لأصبح مواجهةً له

- مالذي أردت قوله ؟ لا تُبالي بها !

- كلا .. لا بأس ، عودي للنوم فقط ..

إستدار ليذهب إلا أنني أمسكتُ بذراعـِه لأمنعُه من ذلك وقلتُ بعناد

- أخبرني ... الآن

- أيتها العنيدة المُدللة ، إنه ليس بالشيء المُهــِم ..

- بلى .. أريد مَعرِفته .. رُبما ، رُبما هوَ مُهم لي !

- حسنــًا ..

حَك رأسهُ بتوتر واضح ثُم قال

- أردتُ كأس ماء ، لقد شربت قارورة الماء خاصتي كلها ، أشعُر بالعَطش

أصبتُ بإحباط .. لقد كُنت مُتشوقة إلى سماع تلك الكلمة ... لحظة أيُ كلمة ؟

أحبكِ ... كلآ !!!

أظُنني أصبتُ بإنفصام الشخصية .. أو .. رُبما بالخَرف المُبكر ؟!

- يا إلهــــي .. يا إلهــــي

- مابكِ مينـــوري ؟

كُنت أمسُك رأسي بيديّ وأهزُه نافية غير قابلة بالذي أمُر به الآن .. ولا حتى بالتفكير الأخرق الذي أٌفكر بـِه !!

رفعتُ بصري إليه وبقيت على وضعيتي الخرقاء تلك ولم أنطق سوى بـ " هاه " التعجُبية خاصتي

إبتسم بلُــطف ومسح بيده شعري بعشوائية ثٌم قال بهمس

- رُبما المرة القادمــة !

- ماذا ؟

وقف خلف الستارة الطويلة وأغلقها بهــدوء

- لا شيء ..

تتبعتُ رجليه بعينـــي وهُما ترتفعان للأعلى عندما هَم بالصعود على السرير لينام ..

يالحظه .. ومالذي سيجعلُنـــي أنام أنا ؟!

أطلقتُ زفرة تعبٍ وإستياء .. فهي كُل ما أستطيع التعبير به عن حالتي الآن .... ~


__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]
  #5  
قديم 09-23-2017, 03:12 PM
 
أسندتُ رأسي على الكُرسي مُحدقةً إلى ماوراء النافذة .. إلى الطُلاب المُتجمعين حول الحافلات الأُخرى

سمـِعتُ صوتًـا عرفته على الفور قائلاً ( سأجلس بجوارِك ! )

( لا لن تفعــل .. سأجلس أنا ) نظرتُ إلى صآحبة الصوت بإستغراب رافعة حاجبي الأيمن .. ثُم إلى ريو الذي
بدت إماراتُ الغضب تظهر على تقاسيم وجهه

صرخ بوجه من يُخاطبهــا بعناد وحِدة مُشددًا على قبضة يديه ( أنا من سيجلس بجوارهــا ! ) ..

أجابت ببرود وثقة ( أنا من ستجلس بجوارها .. لا تنآقشني )

أصبحتُ أنظُــر إليهمــا بنظرات إستهزاء والإبتسامة الساخرة لم تُفارق شفتآي ..

حملت حقيبتــي السوداء متوسطة الحَجم عن فخذي لأضعهــا على الكرسي بجانبي ثُم صُحت بإبتسامة لطيفة زائفة

( آوه ، أنا حقًــا أُفضل الجلوس وحيدة .. يُمكنكمــا الجلوس بجانب بعضكمــا .. هكذا أفضل للجميع ! )

نظر كُلٌ من ريو ورين إليّ بنظراتٍ غاضبـة مُشتعلة .. فما لبثتُ أن بادلتُهما تلك النظرة بأكثر إرعابًا وغضب !

فذهبـا وجلسا ورائي بآخر كُــرسي موجود بالحافلة وكُل منهمـا يشتُم الآخر بغيظ وعداوة

تنَهدتُ بعمق ووضعتُ كوعي على حافة النافذة بينما باطن كفي الايسر يحمل وجهــي

شعرتُ بشيء غريب ، وكأنه خوف مُمتزج بإنتظــار وحماسة .. مشاعر إختلطت بعضها ببعض لتُنتج شعورًا لا يُمكنني وصفه !

إهتزت الحافلة أخيرًا مُعلنة عن بدء تحرُكهــا .. نظرتُ من حولــي .. لقد إمتلأت بطُلاب فصلي والبعض كان من فصولٍ أُخرى

سمـِعتُ صرخة قويــة آتية من خلفي دلالة الحماس فنظرتُ إلى صآحبها الذي كان – بالطبع – ريو المُتعجرف !

( ياللحمـــآسة .. ستكون أمتع رحلة على الإطلآق !! )

هززت رأسي نفيًــا وأسفاً على حالي .. لولا هذا الأخرق الذي ورائي كُنت سأكون غارقة في النوم أغوص بإحلامي الوردية الآن

وقف ريـو مُمسكًا كُرسيي بيده اليُسرى حتى يبقى ثابتًا ولا يقع .. وبيده الأخرى على مايبدو جريدة للرياضة ملفوفــة بقوة و يوُجه مُقدمتهــا نحو فمــِه

صَرخ إحدى الشُبــان ضاحكًــا ( آوه شباب .. إستعـِدوا ، ريُـو سيُفجر طبلة آذانكم بغضون دقآئق ! )

وجه لهُ ريو نظرة ثاقبة مازحًا ثُم فَتح فمَــه ليبدأ ماسيبدأُه ، أظن أنه سيُغنــي !

بدأ الصُـراخ بـِأعلى صوتـِه مُطلقًــا ألحان عجيبـة تصُم الآذان بحدتها .. وصوتٌ لن أكون مُبالغة إن شبهته بنعيق حمآر !!

أخذ يدور ويمشي بثقة من أول الحافلة حتى آخرها يُغني إحدى الأغاني المشهــورة هذه الأيام لمُغنية معــروفة ..

إقتَرب مني ثُم إنتشَل حقيبتــي ليضعها على فخذي .. ونظر لي بنظراتٍ حالمة رقيقة مُقربًــا وجههُ لي بينما أنا أبتعد كُلمــا إقترب

قال وهوُ يغنــي مُشددًا بقوة على كلمات الأغنيـة دون إبعاد عينيهِ عن عيني ( أُحبـــــكِ .. نعم أنا أُحبـــــــــك أحُبــكِ )

صُبغ وجهي باللون الأحمر من شدة خجلي وصفعتُه إلا أنها صفعة بسيطة أظنها دغدغته من خِـفتها !

سَكت قليلًا ليستوعب الموقف وأغمض عينيــه بهدوء ..

ثُم أطلق ضحكة خفيفــة مُتقطعة و فاجأني بضربة على رأسي بتلك المجلة الملفوفة التي يضُمها بقوة بكفة يدِه

قال وهو مايزال يضحك إلا ان نبرته غُلفت قليلًا بالسُخرية

( لا أُحب رؤية شكل أصابع يدكِ بتاتًا عندما تُطبع على خدي ، يكون الأمر مُزعجًــا عندما أنظر لمرآتي الحبيبة ! )

قطبت حاجباي في إنزعاج وأدرتُ وجهي ناحية النافذة مُصطنعةً الغضب .

بينما كان الجميعُ يضحك ، شد إنتباهنــا صوت إحدىَ الطالبات العالي وكأنها لاحظت شيئًـا

( شباب ، ألا تظنون معي أن مينــوري وريو ثُنائي رائع ! فإنهُما إذا إجتمعا يُشكلان مُهرجين مضحكين جدًا )

قال ماكوتو صديق ريــو المُقرب بتأييد ( حتىَ مع أنهُم قَد تعرفوا على بعضهـِم بأيام قليلة ! )

أعقبت أُخرى بجانبه من إحدى الفصول الأُخرى تتوجه بسؤالها – الأخرق - إلينا ( نعم ، هل أنتُما على علاقة ؟ )

حَل الصمت ليكون سيد الموقف .. ثُم أصبح كل ما يُسمع هو الهمسآت ومايُرى هوَ الإيماءات بالإيجاب
بالطبع لقد فغَرتُ فاهي مذهولة !

كان ريو ينظُر إلي تارةً وإلى الطُلاب جميعًــا الذين صوبوا أنظارهُم إلينا تارةً أُخرى

دَوت صرختنا بالوقت ذاته مُتعجبيّن في إنكار ( مُستحيــــــــــل )

قُلت بسُرعة مُعترضة أشد إعتراض على مايقولونه مُشيرة لنفسي ثُم لريو

( مُستحيلٌ ذلك ! أنا مينــوري .. على ... عـ ... ـلى علاقة بهذا الكائن !!! )

ضحكتُ بسُخــرية ثُم قلت ( آه ، دُعابة ظريفـة .. حقًــا ظريفة ! )

صاح ريو مُحاولاً إعادة الجوّ كمــا كان قائلاً بأمر ( هدوووء يا أصحاب .. هدوء ، لا تُقاطعونـي فأنا لم أنتهي بعدُ من أغنيتي )

قُلت بإعتراضٍ إمتزج بترجيّ ( لا ! الرحمـــة .. )

لم يُبــالي بقولـي بل أخذ مجلتـه من جديد وعاد للغناء والطلاب من حوله كان منهُم من يضع أصابعه في أذانه خشية الصمم وكان من يُصفق بحماس ويُغنــي معه

بينمـا أنا تنهّدتُ بإستسلام وأسندتُ رأسي على الكرسيّ بتعَب ..

توقفت الحافلة عـِند إحدى الإشارات عندما أضاءت بلونٍ أحمر تأمر بالوقوف

أحسستُ بشيء ما يمشي على سآقي .. لم أبالي فلقد ظننتُ أنني أتخيل لا أكثر

لكن مادفعنــي للنظر إلى ساقي لأتأكد هو شعوري به من جديد !

ما إنْ تعرفتُ على ماهية " ذلك الكائن الصغير " الذي يُسمى بـ " عنكبوت " حَتى دوت صرخةُ أستطيعُ جزم أنها قد وصلت إلى آخر شارع من هذه المنطقة

وقفتُ بحركة لا إرادية أقفز في هلع والدموع قد تلألأت في عينــي ..

رُحت أتلفت يمنة ويسرة لأرى الذُعر في عيون الجميع من حولــي ..

وقفتُ بمُنتصف الحافلة أبكي واضعة يداي على وجهي

شعرتُ بـريو يقف خلفــي قائلا بتساؤل وصوتٍ خائف ( مينــوري .... مابكِ ؟ تبكين ! )

تحَركت الحافلة من جَــديد بسُرعة لتُحدث هزة أسقطتنــي أرضًــا ..

وللأسف سقطتُ على ريو الذي كان خلفـي لأًصبح في حجـره !

رفعتُ وجهـي لتظهـَر آثار الدموع البــاردة على وجنتيّ

رأيتُ ريو مُقطبًــا حاجبيه ويبدو أنه يتألم مُمسكًـا ظهره بيدهِ اليُمنى والأخرى تُمسك بذرآعي

لقد كان يستند على شيء كمُرتفع أو أشبه بـِدَرجٍ صغيـر يفصل بين الكراسي الأمامية والخلفية

لابُد أن ذلك آلمه كثيــرًا .. هُوَ حتى لا يستطيع الكلام .. !

قال بألم مغمضًــا عينيه بقوة ( ظهــري المسكين .. عمودي الفقــري الجميل .. ياللهول ماذا تأكُلين مينـوري ؟ )

ودَدت لو أصفعُــه إلا أن معهُ الحَق في قول مايشــاء .. لقد سقطتُ عليه هذا حقًــا يبدو مؤلمًــا ،

( يستحـِقُ ذلك .. الأهَم أنكِ لم تُصــابي بأذى ! )

رفعتُ رأسي لأنظُــر إلى تلك المخلوقة الصغيــرة .. أو كما إعتدتُ مُناداتها .. " الشبح ! "

هذه الفتاة تجعل الحَــكة تُباغتني حتى تكاد تقتلنــي .. حَكة الحيرة التي تُصيب رأسي الفضولي المليء بالتساؤلات !

أحيانًــا أشعُر أنها من طَرف جــدي لتحميني لا أدري لماذا ؟ ..

[ أعلم .. ستقولون أنه شعورٌ أخرق فعلاً .. لكن صدقًــا ، ألا يشعُـر أحدكم بذلك مثلي ؟ أم .. أم أنها مُجرد تخيُلات وأفكار غبيّــة بنظركُــم ! ]

أومأتُ بالإيجاب بسُرعة .. لم أجـِد غير تلك الحركة لتكون مُنــاسبةً للرد

كانت تقف أمامي بشموخ ونظراتها الحادة أرعبتنــي – كما هي العادة - ..

أشعُر بالغموض يلُفها من كل جانب ، يا إلهي كم هي مَخلوقة عجيبــة !

جُلت ببصري بعيدًا عنها لأنظُــر للطلاب لوهلة .. إذ بي أرى منظرًا فظيعًــا ،

كُــل العيون مُتجهة نحونا تنظُر بتعجُب وقَد توسعَت في ذهــول .. والبعض في ترقُب .. والآخر بإعجاب كما يبدو .. ولكن لـِمَ هذا ؟

تنهَــد ريو ببساطة وحاول النهــوض وتوقف فجأة فأصبح يقف بشكلٍ .. كيف أصفه ؟ غبي !

وقفتُ ومشيت إلى حيث تلك الشبح ريــن التي كانت أمامي لأصبح بجانبها ..

سألتُـه بقليلٍ من التوتر محاولة قدر الإمكان تجاهُل النظرات من حولي

( هـ .. هـل تحتاج إلى ... مـ ... مساعدة ؟ )

( مينــوري بالطبع يجبُ أن تساعديــه .. لقد أنقذ حياتكِ ! )

كان ذلك صوت إحدى الفتيــات قائلة بأمر إمتزَج بإنكار وتعجب ..

أنقذ حياتي ؟ لن أعلق على هذا .. لن أعلق على كلام غبي كهذا أبدًا !

حاولتُ مساعدتَـه بأي طريقة إلا أنني لم أعرف ماذا أفعــل حقيقةً .. لا أُريد لمسه مطلقًــا فقُلت بإحباط

( أنا ... أنا آسفة ! )

عاد قلبـي يدُق بقوة وسُـرعة كما السابق .. فقط بمُــجرد أن نظر ريو إليّ بنظرة حادة لم أعلم ما مغزاها

قال بلهجة غريبــة ( هل أنتِ آسفة حقًــا ؟ )

~

~

حاولتُ مساعدتَـه بأي طريقة إلا أنني لم أعرف ماذا أفعــل حقيقةً .. لا أُريد لمسه مطلقًــا فقُلت بإحباط

( أنا ... أنا آسفة ! )

عاد قلبـي يدُق بقوة وسُـرعة كما السابق .. فقط بمُــجرد أن نظر ريو إليّ بنظرة حادة لم أعلم ما مغزاها

قال بلهجة غريبــة ( هل أنتِ آسفة حقًــا ؟ )

نظرتُ إليهِ قليلًا لأدقق ببصري على ملامحـه التي لم أفهمها ثُم أومأت بالإيجاب قائلة بخفوت

( نعــم .. )

رفعَ حاجبهُ الأيســر بثقة ثٌم قال بإبتسامة جذابة ( حسنًـا ، هذه الكلمة لا تُجدي نفعًــا معي .. )

إعتدل بوقفته كمن لم يصب بضربة قوية أبدًا ثُم جلس على ذلك الدَرج الذي إصطدم به وقام بثني ساقه التي رفعها لتُغطي جزءًا من صدره وبطنه

أمسك ذقنه بإبهامه وسبابته في تفكيــر وقال بـِمَرح

( أظنُ أنكِ من النوع الجبان أليس كذلك ؟ مارأيُــكِ إذًا بإن نلعب لعبة بيت الأشباح غدًا حال وصولنـا إلى مدينة الملاهي .. سيكون ذلك عظيمًــا )

سكتَ قليلًا ثم أردف ضاحكــًا ( أتطلعُ لرؤية وجهكِ الخائف من جَديد )

صُحت بإعتراض ( ماذا ؟ يالك من وقح .. كـ )

قاطعنــي إحدى الطلبة الذي أثار غيظــي بقولهِ ( يافتاة ! لقد أنقذ حيـاتكِ فلتقبلـي بعروضه المُغرية )

نظرتُ إلى ذاك الفتى بحدة وصرخت ( سُحقًــا لك فلتصمُت .. لم أكُن سأموت على أي حال فكيف يُنقذ حياتي ؟ )

وجّه الجميعُ إليّ نظرات لومٍ وغضب .. هل يروننــي وقحة الآن ؟ وماذا عن ريو وتصرفاتـهِ هذه !

آه يا إلهــي كم أود أن أقسم شعري لنصفين وأسحبُــه الآن

[ إحدى العادات التـي أفعلُها عند غضبي الشديد !! ]

تنهدت بعُمق ثم قُلت بإستسلام مُنصــاعة لأمره ( حسنًــا .. لكن ، إن حَدث شيء لي فستكون المسؤول عن هذا )

ضحـِك بخفة وهَز رأسه إيجابًــا دون أن يتلفظ بكلمة ..

أدرتُ نصف جسمي لأًصعق بالشبح تقف بمحاذاتي ولم تتحرك أبدًا .. لقد خـِلتُها رجعت لمقعدها منذ فترة !

ليس ذلك فقط .. بل كانت تُمسك بطرف قميصي كطفلة صغيـرة مُلتصقة بأُمهــا ..

وقفنــا على هذه الحال دقائق لم أعلم طولها حقًــا .. لكن لحُسن الحَــظ أن صوت السائق نبهنـا على أننا إقتربنا لنستعد

إستدَرت بكامل جسمـي ومَشيت عدة خطواتٍ بطيئة وتلك الشبح خلفي وكان ريو خلفها

آوه لحظــة ! .. صوت السائق !

إنني أعرِفُــه ...

إلتفتُ إليه لأتأكد من شكوكــي ... إنهُ ذو شعرٍ بُني حريري مُبعثر ومُهمَل ويرتدي قُبعة سوداء هذه المرة ..

عامل النظافة المُنحــَرف !

ظللت قُرابة العشر ثوانٍ أقف هكذا بمُنتصف الحافلة ثُم سـِرت إلى حيثُ مقعدي وجلست .. وكانت رين بجانبـي

رين و ريو ، رُبما هذان الأخوان العجيبــان يجتمعان في نقطة واحدة وحيدة على الأقل ..

ألا وهيَ الألتصاق بالناس بشكلٍ يُثير الغيظ ويؤدي إلى حالة نفسية صعبــة

آوه .. عاودتُ النظر إلى ساقي من جديد .. لقد إختفى ذاك العَنكبوت ! لابد أنهُ طار وإلتصق بشيءٍ آخر عندما تحركت الحافلة

هذا جيّــد .. فليلتصق بما يشاء إلا أنا ..

توقفت الحآفلة من جــديد ،

نظرتُ إلى ماوراء النافذة بجانبي إذ بي أرى أننا قد وقفنا أمام مبنى متوسط الحَجم
هو المكان الذي سنمكث فيه على مايبدو !

أدرت رأسي عند سماعي لضجة الطُلاب وصوت فتح باب الحافلة ..

وقفتُ بعدما وقفت رين لتعود للوراء لأخذ حقيبتهــا كما فعل أخوها ريو

حَملتُ حقيبتـي على كتفــي و نهضت من على كُرسيي بتكاسُل وأدخلتُ أصابعي الطويلة للتخلل شعري الأسود

متوسط الطول لأُرجعه للوراء فتعود خُصلاته مُتمردةً للأمام

ها أنا ذا أخرجُ من جو الحافلة البآرد ليصطدم الهواء المُعتدل اللطيف من الخارج بوجهــي ويُداعب خصلات شعري بنعومـة

تنفستُ بعُمق ثم أطلقتُ زفيرًا ينُم عن الرآحة وإبتسامة واسعة لطيفة رُسمت على فمــي

كُنــا أول حافلة تصل إلى هُنــا ثُم أقبلت أخرى بجانبنــا بعد عدة دقائق ..

دخلتُ إلى ذاك الفندُق أمشي وراء الطُلاب اللذين أخذوا يلحقون بـريو وأختـه الشَبح

سمـِعتُ ريو يصيح بصوتٍ عالي يُحدثنــا جميعًـا

( حسنًــا شباب ، سأقوم الآن بمُناداة كل ثلاثة أفراد سيكونون مع بعضهــم في غرفة واحدة وسأعطيهُم مفتاح غُرفتهم ! )

أخذ يفعل كما قال إلى أن جاء دوري وإبتسَم

( مينــوري ، هيكارو ، آكي .. ستكونون معًــا في غرفة واحدة )

( أليس من الأفضل أن تكونوا معًــا بغرفة واحدة يا ريو ومينــوري ؟ )

قال تلك الجملـة الفظيعة أحد الشُبان الوقحين مما جعَــل وجهي أنا وريو يُصبغان بالأحمر خجلاً فقال ريو مُتصنعًا الغَضب

( أحمق لا تقُل هذا وإلا لكمتُك لتطير إلى المدرسة وتدرس مع بقية الحمقى هُناك ! .. )

ضحـِك الجميع من شكل وجوهنــا المُشتعلة غضبًا وخجلاً في آن معًــا .. فأخذت إبتسامةُ لطيفة تشق طريقها شيئًا فشيئًا إلى وجهي ... ثُم ضحـِكت !



آه لقد حَــل الليلُ أخيرًا ! ...

أخبرنا ريوُ عندمـا هَم بإعطائنا المفاتيح أننا سنذهَبُ إلى مدينة الملاهي غدًا
صباحًـا في وقتٍ مُبكر

أتمنى أن يمُر كل شيءٍ على خيــر .. لا أعلمُ لـِمَ لا أحُس بالأمان هُنــا ،

نظرتُ إلى الساعة السوداء متوسطة الحجم المعلقة على الحائط .. إنها تُشير إلى التاسعة مساءً ،

نظرتُ من حولي نظرةً خاطفة .. الغرفة مُرتبـة ونظيفة ورائحة العـِطر الجميل مُنتشرة في أرجائها

آكي وهيكارو قَد خرجتا منذ فترة للقاء بعض الصديقات

حسنًــا إذًا لـِمَ لا أخرج لأستنشقُ الهواء بالخارج قُرب البحَر ؟ أظن أنه لا بأس بذلك !

إرتديتُ معطفي الوردي ذو القبعــة بسُرعة مُتجهة إلى باب الخروج ..

نظرتُ إلى الغرفة من جَديد ثُم أغلقت الباب خلفــي ،


~

في أحد الأحيــاء الهادئة جداً والتي تُنير الاضواء البيضاء ظُـُلمتها

حيثُ لآ يُسمع إلا مواء القطط البآحــثة عن الطعــام في كُل قمامةٍ تلقاها !ّ

كانت الساعةٌ تُشير إلى الحادية عشرة ليلاً ..

تحديداً في بيت مُتوســط بتصميم حديث – بالنسبــة لذلك الوقت – في الحديقة الخارجيةِ له بالتفصيل !

( ريوتـــآ ... توقف أُريد اللعب معـــك ! ) كان ذلك صوت صُراخ طفلةٍ صغيــرة لم تتجاوز الخامسةَ منْ عُمرها

تُنــادي من بعيــد طفلاً آخر كان يختبئ خلف أكبر شجــرة في تلك الحديقـة ..

كان ذاك الطفل مُسنداً ظهره على الشجــرة .. فأمال رأسـه لينظُر إليها ثم أخرج لسانه الصغيــر بحركةٍ
مُشاكسـة وقآل بعنآد يُخاطب تلك الطفلة

( أمسكي بي .. ثُم يُمكنكِ آللعب معي ! )

ضربت تلك الفتاة الصغيــرة الارضيــة بقوةٍ دلآلة الغضب الشديد ..

وإستعَدت لإطلآق ألحانٍ صاخبة عبآرةً عن صرخات بُكاء حاد ..

فأقبل ذاك الفتــى الصغيــر " ريُوتـــا " الذي يبدو يكبرهـا بعدة سنوات مُسرعاً بإتجاهها حاملاً الكُـرة بيديه وقال
بعدمــا وضع يده على كتفهــا

( لآ أرجوكِ .. كُنت أمزح ، لنلعـــب معاً لكن أرجوكِ لا تبكي ... إتفقنا ؟ )

إبتسمت تلك الفتـــاة الصغيــرة بطفوليـــة وقالت بطريقة مَضحكــة لعدم مقدرتها على النُطق جيداً ( حثنــاً ) " حسناً "

أخذا يلعبــان سويةً مُصدرآن ضجةً كبيــرة مما حَث بقيّــة الأطفآل اللذين كانوا بدآخل المنزل على الخروج

ليــنضموا إليهم وليــزدآد الصخَب والإزعآج بشكل جنونيّ !

بالنسبــة إلى الجيرآن ، فلقد أخذوا يصرخون بعصبيةٍ شديدة من خلآل نوافذ منآزلهم ليكُف الأطفآل عن الصُرآخ

لكنهُــم مُجرد أطفآل ... فمنَ سيُبآلي ؟

أما بدآخل المنـــزل .. فكانت الأجواء مُختلفــةً لكن ليس إلى ذلك الحَد البعيــد !

فكان الجوّ إحتفالياً جميـــلاً مليئاً بالضحكــات والإبتسآمآت المُوزعة على وجوه الجميــع .

يجلسون حول طاولــة مُستطيلة طويلــة تقع بوسط غُرفة المعيشــة الكبيــرة نوعاً ما ..

رجلُ عجــوز مع زوجتـه التي لا تختلف عنه حالاً .. يتحدثون ويُلقــون النكآت لإبنائهم الكبــار

اللذين أصبحوا الآن رجالاً مُتزوجيـــن ولديهم عدة أطفآل !

كان منهم من يتحدث عن أعماله ومشــاريعه في علمــه ..

والبعضُ الآخر عن معاناته مع أطفآله وزوجته العنيدة ... وما إلى ذلك من الاحاديث

فجأةً دخلت تلك الطفلةُ الصغيرة ذآت الشعر الأسود القصير جداً والعينين العسليتيين الواسعتين ..

ترتدي ثوباً أبيض طويل بالنسبة إليهــآ ..

أقبلت بإبتسامةٍ لعوبةٍ مرحة تتخللها البراءة من خلآل البــاب الذي يُطل على الحديقةِ الأمامية التي كانت تلعب فيهــا مع أخيها " ريوتـــا "

وإتجهَــت إلى عمهـــا الشـــاب البالغ من العُــمر السابعة والعشـــرون عامًا ، مع ذلك لم يكُن متزوجاً .

إرتمت في حُضنــه بمَرح والسرور لم يُفــارق نبرة صوتهــا الطفولية العذبة .

( شيـــــن ! ) .. إلتفت عم تلــك الطفلة إلى إمرأة جميلــة تبلغ الثانية والثلاثيــن من العُـمر فأجابها مُبتسماً ( ماذا ؟ )

قالت وهي تجلس بجانب زوجهــا حول الطآولة

( أيُمكنك إحضــار أطباق الحلوى من الثلآجة ؟ لقد تعبت جداً ولا أستطيع الوقوف على قدميّ )

غَمز شيــن بمرح وقال مُبتسماً ( من دواعِي سروري ! ) ..

سمـِع الجدْ كلآمهآ فقال مُعترضاً وهو ينهض بنشـآط ( كلآ .. دعنــي أنا أذهبُ مع طفلتــي الحُلوة )

قالت تلك المرأة بإبتسامةٍ صغيــرة عذبة وبمرح مُتصنعةً الغضب

( حسناً .. لكن أرجوك لا تلمس قطعةً واحدة ! )

( آه علِمت أنكِ ستقولين ذلك ، هذا عِقابٌ قاسٍ لي ) .. قآل الجَد ذلك مُدعياً الإحباط وهو يُمسك بيدِ تلك الطفلة الصغيرة مُتجهين سويةً إلى المطبــخ

مرت فتــرة قصيرة وهُو ينتشل كل طبقٍ ليضعه فوق طاولة المطبَــخ .. والطفلة واقفةٌ بجانبه مُمسكةً بطرف سرواله الزيتي الطويــل

( جـــدي أُريد اللعــب بالخارذ مع ريُوتــآ ! ) .. " بالخآرج "

حَرك شفتيه ليُطلق بضع كلمات من بينهمــا لكنهُ سكت عندمـآ أحس بشيء غريب يُحثه على الصمت ..

أمسك يدهــا الصغيرة بقوة عـِندما سمـِع صوت إطلاق النيرآن وصراخ أفراد العائله ..

حَمل تلك الطفـــلة لتكون على ظهرهِ بسُرعــة وقلبه يكاد يخرُج من مكآنهِ من شدة خوفــه ..

صحيح أنه عجوز .. لكنه مازال يحمــل بعض الطــاقة التي كان يتحلى بها في شبآبه !

طوقت تلك الفتاة يديهــا حول رقبتهِ بشكل تلقائي وقالت مُتسائلة ( جدي .. ماذا بك ؟ )

إتجه ناحية البـــاب الذي يؤدي إلى خارج المطبخ ليُطل على غُرفة المعيشــة

لكنهُ لم يستطِع رؤية شيء بسبب الدُخـــان الكثيف الذي أعمى بصيرته حينهـــآ

أصبح يلتفت الجد بعينيه بشكــل سريع ومُريب والعَرق يتصبب من جبينــه ..

مما دبّ الرعب في قلب الطفلة التي بدأت في التساؤل وصوتهــا يرتجف ( جـ ... جـددي .. مآبك !!! )

كان ذلك بسبب سماعه لصُراخ الأطفال وزوجتـه والآباء والامهات بغرفة المعيشــة ..

وصوت إطلاق رصاصاتٍ أيضاً !

وما كان مُرعبـــاً اكثر هو أصوات الرجـــال الغريبين اللذين إقتحموا المنزل بشكلٍ مفاجئ مما أثار الخوف بداخلـِه

( آشششش ! ) قال الجد ذلك وهو يُحاول تهدئة الطفلة بهَزه لها وهي على ظهــرِه

أدار وجهه إلى الخلفَ ليلحَظ وجود البــاب الذي بالمطبخ المؤدي إلى الحديقةِ الخلفيــةِ للمنزل

أسرع لإمساك مقبض البــاب .. ما إن أمسكهُ حتى فتحه على مصرعيه وإنطلق بخطواتٍ متسآرعة وآسعة للهروب

إتجه لبــاب الحديقةِ الخآرجي الخلفي ونبضات قلبه تتســارع بشكلٍ رهيب .. والطفلة مازالت تصرُخ باكية ..

نظر خلفه نظرةً خاطفـــة ليرىَ أن المنزل يحتــرق والدُخان يتصاعد للأعلى بكثآفه

ولهَب النيــران ينعكس في عينيــه ووجهــه ..

أما الطفلةُ فكانت تسعــل بقوّة من بين بُكائهـا .. فقال الجَد بقليلٍ من الصرامة ( أُصمدِي مينــوري )

سمـِع الجَد صوت أحد الرجــال العميق يُنــاديه مُهدداً ( توقف عندك وإلا أطلقتُ النـــار ! )

إلتفتَ إليه الجد بخــوف وصمت .. لكن الشجاعة - التي لا يدري اتته من أين – تسللت إلى قلبه ليقول بقوة

( فلتذهب للجحيــم ياهذا ! )

ركض الجد بخطواتٍ واسعــة إلى حيثُ الباب الخلفي المؤدي للخارج مُتفاديًــا الرصاصات التي يُطلقهـا ذاك الرجُل بصعوبة .

وبعد ركضٍ طويــل دام فترة لم يعلم طولهــا .. ولا يعلم حَتى قدماه قادته إلى أين !

وصل إلى إحدىَ الأحياء الفقيـرة المظلمة الشبه مهجــورة يقف سارحًــا حائرًا لا يعرف ماذا يفعَــل

قُتلت جميع العائلة تقريبًــا ولم يبقى سواه هو والطفلة مينــوري .

أحس بقطراتٍ تسقُط على رأسه بشكلٍ مُتقطع فرفع رأسهُ للسماء ...

قال بهدوء من بين دموعـهِ الحارة ( سُحقًــا ستُمطر ! )

إلتفت بنصف وجههِ إلى حفيدته الصغيـرة ليراها تُحاول كبت شهقاتها ومنع نفسها من البكاء وآثآر الدموع على وجنتيهـا الحمرآوتين

إبتسَم بحُزن وأسى على الحال الذي وصل إليه .. بشكل مُفاجئٍ جدًا !

أخذ يمشي بخطواتٍ ثقيلةٍ والحُزن يكسر قلبه المدفون بين أحشائه إلى قطع متعددة صغيرة ..

لآ يعلم إلى أين يتجـِه .. وبمَن يطلب العَــون ، كان تائهًــا مُشتت الأفكار .

توقف بمُنتصف الشارع عندمــا رأى سيارة سوداء كبيرة اللون تقف أمامه فجأة

رفع رأسهُ بتفاجؤ وإستغراب قائلاً في تعجُب ( ما به هذا الأخرق ؟ )

نظرَ الرجُل صاحبُ السيارة السوداء الذي – على مايبدو – لم يتجاوز الخمسة والثلاثين من عُمره
وقال ببرود ( تفضل يآ سيدي ! )

رفع الجد حاجبه الأيمن دلالة الإستغراب ثُم هَم بالمشي مُبتعداً ، إلا أن صاحب السيارة تقدم بسيارته ليسُد الطريق مُصرًا على تلبية طلبـِه

فجأةً أخذَ المطر يهطل بغزارة على رأس الجَد وحفيدته الصغيــرة ، لم يعلم ماذا يفعل ..

هل يوافق على طلب المجهول ؟ أم يرفُض !

................

( مينــوري ؟ )

قَآطع ذكريآتي ذاك الصوت البآرد الذي أفزعني فإلتفتُ برأسي لأنظُر في عيني ذاك الشخص التي لمعت عاكسةً ضوء القمَر

( ريــو ... ؟ )

كُنت جالسة على شاطئ البَحــر والظلام يلفُني من كل جانب ، أضم ساقاي بذراعـي وأغوص في ذكريآتي

العميقة الموحشة والدموع تنساب على وجنتيّ بهدوء

رأيتُ التفاجؤ ظاهرًا على وجهه فما لبثت أن مسحتُ دموعـي ورسمت إبتسامة بسيطة على فمي

( لا شيء ... فقط راودتنــي ذكرى سيئة )

هَز رأسه إيجابًا بهدوء دون أن ينبس بكلمة وظل يتأمل معي واقفًا مكانه ورائي إلى السماء المليئة بالنجـوم اللامعة

قال بعد فترة صمتٍ بسيطة بمَرح ( هيه يامُهرجتــي .. مارأيُــكِ أن نشتري شيئًا باردًا نشربُه ؟ )

قُلت بغضب ( لستُ مُهرجتَك ، كًف عن إغاظتي ! )

وسُرعان ماتبدِل الغضب إلى سعادة فقلت بمرح وتلقائية ( لكن موافقة .. على حسابــك ! )

~~


هَز رأسه مُوافقًا ثُم أمسك بيدي وأخذ يركَض بي مُنطلقاً بحماس بينما عاد " ذاك الأبله " يدُق بقوة داخل صدِري

لو كان بيدي لأخرجتُـه من صدِري ورميتُـه بعيدًا .. ياله من قلبٍ مُزعج !!

وصلنا إلى متجرٍ كبير الحَــجم نوعًا ما .. يوجد به عدد قليل من النــاس فدخلنا إليه بهدوء ننظر حولنا بحيرة

أخذ ريو يجُر سلةً كبيرة أمامهُ ويضع فيها أشياء كثيرة .. حقيقة كانت جميع الأشياء لا نفع لها ، يبدو أنه

يُخطط لإقامة حفلة في غرفته وجمع الشباب .. إنهُ تخمين فقط !

فجأةً ودون سابقِ إنذار .. سمِـعنا ضجّةً آتية من الباب الأمامي للمتجر .. وإنطفأت جميع الأنوار وأصبحَ المكانُ مظلمًا بعض الشيء

أُصبت بالذُعر فإلتصقتُ بذراع ريو الذي نظَر إلي بإستغراب

راح يمشي بهدوء مُتجهًـا إلى مكان المُحاسب القريب من باب الخروج .. إلا أنهُ تراجع بتردُد قائلاً

( مينوري .. لا تُصدري أي صوت حسنًا ؟ إتبعيني فقط ! )

قلت بخوف وتساؤل وأنا أنظر في عينيه الحادتين ( لماذا ؟ مالذي يحدُث ؟ )

ترَك السلة جانبًا وأمسك بمعصمــي وأخذ يدُور بالمتجر كاملاً دون أن يتخذ وِجهةً مُحددة ..

قلتُ لأقطع جو الصمت المُرعب الذي أكرهُه ( هل ... هل هُم لصوص ؟ )

كان مُعقدًا حاجبيه ويبدو عليه الغضب ..

أجابني بهدوء دون النظر إليّ ( أظُن ذلك )

وجدنا أمامنا بابًا كبيرًا فُتح نـِصفُه فدخلنا إلى ماوراءه .. نظرت حولي لأتفحص تلك الغُرفة ...

لا يوجد فيها سوى مصباح واحد أبيض مُعلقًا في السقف يُنير أجزاء صغيرةً منها .. ومساحتهُا واسعة

إلا أن ماجعلها ضيقة هو وجود الصناديق الكثيرة الموضوعة بعضها فوق بعض

سمـِعتُ صراخ أطفالٍ ونـِسوة مما جعلني أشعُر وكأن قلبي فعلاً سيخرُج من مكانه

قلت بخفوت أحضن رأسي بين كفيّ ( اه كُنت متأكدة .. مُتأكدة تمامًا بإن هذه الرحلة ستكون كارثة .. مُصيبة !! )

لم يُعلق ريو الواقف بجانبي على كلامـي بل ظل صامتًـا وكأنه ينتظر شيئًا ما ، رُبما ينتظر رحيلهُم فقط .

سمـِعتُ صراخ رجال يبدو أنهم لا يتجاوزون الثلاثة يُحدثون الموجودين بصرامة

قال أحدهم بوضوحٍ يُكلم إمرأة بأمر( أعطيني كُل مالديكِ من مجوهرات يا أنتِ .. أو ودعي طفلكِ للأبد ! )

كانت تصرُخ وتبكي في آن معًـا .. ومن صوتِ إرتطام شيءٍ ما بالأرض الأقربُ أنهُ قام بصفعها أو إلقاء شيءٍ عليها ،

وهذا ماجعل أوصالي ترتجف ...

( هل أنتِ فـِعلاً جبانة لهذه الدرجة ؟ لم أتصور أنكِ ستكونين هكذا ! )

نظرتُ إلى ريو بعينين دامعتين .. كان يُسند ظهره على الصناديق ويمُد رجلة اليُسرى بينما يُثني اليمنى ليُريح ذراعه عليها وينظر إليّ ببرود

كُنت واقفة أراقب من فتحة الباب الصغيـرة أولائك اللصوص

تركتُ الباب وإتجهتُ إلى ريو لأجلس بجانبه بهدوء .. وأصبحتُ أقترب أكثر منه حتى أكاد ألتصق به

لم أشعُر بنفسي إلا وأنا أُسند رأسي على صدره وذراعه اليسرى تلُفني

رفعتُ رأسي لأرى وجهه قد صُبغ كاملاً باللون الأحمر وينظر إلى الجدران

طأطأت رأسي في خجل ثُم مالبثت أن إتسعت عينــي بذهول

دفعتُه عني بقوة وأنا أصرُخ

- من تحسبُ نفسك هاه ! .. أيها الأخرق لا تلمسني .. لا تفعل هذا !

دقائق مَرت ونحن ننظر إلى بعضنا في ذهول وفي عينينا بريق غريب ..

حَتى قطع تلك اللحظة صوتُ الباب يُدفع بقوة ليرتطم بالجدار ..

وجّهنا بصرنا إلى ذاك الرجُل المُقنع الذي لا يظهر من وجهه سوى عينيه الضيقتين !

وها هوَ ذا قلبي يرقُص خوفًــا ما إن إقترَب مني أنا بالذآت وفي عيونه لمعة شر واضحة !!

شددتُ قبضة يدي على قميص ريـو الابيض المُخـطط بخطوطٍ سماوية بالطول وانا ادعو الله بداخلي ان يحفظنـي ويُبقيني على قيد الحياة

بصراحةٍ لا أود الموت .. خصوصًا بموقفٍ كهـذا !

وقف ريـو بسُرعة مُمسكًـا يدي بقبضتـه الكبيرة وملامـحُه الجديّة التي أُحبها ظهَرت من جديد على وجهه لتُوضـِح عن غضبـِه

هَمس لي بهدوء قائلاً بأمر دون أن يُبعد نظره عن ذاك اللص

- سأحاول أن أُلهيه .. عـِندما أترُك يدكِ أُهربي بسُرعة .. من ذاك الباب

حَدقتُ في عينيه اللتان تنظُران لباب موجود بإحدى زوايا تلك الغُرفة .. أتمنىَ ألا يكون مُقفلاً

ثُم قُلت على عجل دون شعورٍ مني

- لن أذهب من دونك

ما إن إنتهيتُ من جُملتي تلك حتى توردت وجنتآي علامة للخجل الذي جعل شُحنة كهربائية غريبة تسري بجوف رأسي كُله !

قال هامسًـا لي راسمًا تـِلك الإبتسامة المُشاكسة على ثغـِره ليُطمئنني

- مُهرجة ! .. إن أردتي ان اتوقف عن إغاظتك إفعلي ما أقول

- كفاكُمــا ثرثرة ... أنتِ !!

نظرتُ إلى المتحدث – الذي كان اللص بالطبع - بنظرةً خاطفة خائفة ما إن قصدني بندائه وقلبي تزداد نبضاته سُرعة كُلمـا إقتَرب خُطوة

اخذ يُشهر مُسدسهُ الأسود اللامع من بين يديه علينـا .. ويهز رأسه مُشيرًا إلى سوار معصمـي الذهبي

أردتُ التحَدث والإعتراض إلا أن ريو سبقنـي بقولـِه

- ياللجُبن ! تُشهر مُسدسك الصغيـر أمامنــا هكذا ، ولو أنكَ لم تحمـِله لإستطعتُ تقطيعك إربًا أيها الأرنب !

صُدمت .. اهوَ بهذه الشجاعة ؟ لم أتوقع قولًا قويًا كهذا سيصدُر منه ..

ضحـِك بخفة ثُم عاد ليقول بإستخفاف رافعًا حاجبه الأيسر في سُخرية

- لستُ خائفًا من مُسدسك بالطبع ، إلا أنني أعرف أفعال اللصوص المُلتوية لذلك سأبقى هادئًـا حتى لا يكون هنالك خسائر !

يبدو أنه قد إستفز اللص التي أخذت عيناه تضيقان أكثر والشَرر يتطاير من عينيه

تَرك يدي إلا أنني لم أتحرك ساكنة مُترددة .. موقفٌ صعب بالفعل ، فماذا لو هَربت وأطلق النار عليّ .. سأكون ميتة وهذا ما لا اريده !

زفَرت بضيق وعيناي تلمعان من دموعي المحبوسة فيهما والرؤية قد أصبحت مشوشة ضبآبية !

أحسستُ بقرصة على خاصرتي فقفزت مذعورة ونظرتُ إلى ريو بحنق ، فإذ به يُشير بصعوبة بإن عليّ الهرب حالاً

بعد تردُدٍ ومحاربة لنفسـي الخائفة تشجعتُ أخيرًا للهَرب .. فأطلقتُ لساقاي العنان وأخذت أركض واصرخ خائفة إلى الباب

فتحتُــه بخفة وسهولة ، حمدًا لله أنهُ لم يكُن مقفلاً .. كاد قلبي يسقُط أرضًا من شدة رُعبي !!

خرجتُ للشآرع .. إنهُ يطل على حَي مُخيف أشبَه بالمهجور .. إلا من بعض القطط ذات العيون المُخيفة التي تعكس ضوء القمر !

أخذتُ أنظر حولي يُمنة ويُسرة في توتر وريبة ، ويُمكنُني سماع دقات قلبي المُتتالية القويّة

مشيت عدة خطواتٍ للوراء وأنا أشعُر بإن أشياءً حادة كالإبر تُغرز بصدري ، أظُنني أشعُر بالذنب لتركي ريو خلفـي !

زفرتُ بضيق وأنا أمشي مُتجهة إلى .. لا أعلم ! لنُقل إلى المجهــول ،

رآحت الدموع تتجمعُ بعينـي من جديد لتُنذرني على قُرب بُــكائي .. أنا خائفة ، لا أُريده أن يُصــاب بإذى

سلكت دموعـي مجرى واحد على كُل من خديّ لتُحدث نهران جاريان يأبيان التوقف والسكون

إحتضنتُ أعلى رأسي بيديّ وقُلت بإنكار وإعتراض

- سأعود ، لن أترُكه وحده ... كيف فعلتُ ذلك وهربت ؟ كيف !!

- حقًــا .. كيف لكِ ان تترُكيه وحيدًا هُنــاك ..

إتسعت عينآني ذهولاً عندما سمِعتُ صوته الآتي من الخلف ، فإلتفتُ بسُرعة للوراء ليصطدم شعري بوجهي إثر قوة الهواء الذي هَب فجأة

- ريو !

- بشحمه ولحمـِه ..

رفعتُ بصري للأعلى قليلاً لأرى شخصًا طويلاً ذو جسم عريض نوعًا ما وشعر بُني مبعثر بإهمال تُخفي نصفه قُبعة سوداء يقف بجانب ريو .. وسيجارةُ إعتدت رؤيتها مآبين شفتيه .

- المُنحرف !

- مازلتِ تُناديني بهذا الأسم ؟ مُزعجة !

نظر ريو بتعجُب وحيرة وغباء موجهًا نظره إليّ تارة ثُم لكين تارة أخرى مُتسائلاً ماسبب هذه الألقاب !

قُلت بتساؤل وأنا أقوم بمسح دموعـي المُتمردة التي تأبى الوقوف

- كيف ؟

- أوه تعنين مالذي حَدث ؟ لقد أرسلتُ رسالة بهاتفي لكين ليُحضر المساعدة ..

- متى ؟ أنا لم أرَك تفعلُ بذلك

إبتسم بإستهزاء وقال واضعًا يديه في جيبيّ بنطاله

- كُنتِ مُنشغلة في النظر إلى اللصوص عَبر فتحة الباب أيتها الذكية !

- هكذا إذًا ، لكن بعدها مالذي حَدث ؟

قال ريو بلا مُبالاة

- لا شيء ، لقد فروا هاربيـن فَور سماعهم صوت سيارة الشُرطة تقترب .. جُبناء !!

مشيتُ بهدوء خلفهما عندما همّـا بالتقدم وأنا أشعُر بالراحة والإطمئنان ..

عاد ريو يقول بعد فترة صمت وهو ينظر إلي بطرف عينـِه موجّهًا كلامه لكين الهادئ

- كين ! آه لو ترى وجه مينــوري الخآئف ، أُقسم أنك ستضحك بشدة

- توقف أيها الغبي !

- ماذا ؟ أنا غبي أيتها الحمقاء المُدللة ؟!

- لستُ كذلك .. إنَك أحمق

- مُهرجــة !!

نفختُ خديّ بالهواء من شدة غضبي ثُم زفرت وأنا أسرع بخطواتي الواسعة الى وسط الشارع مع النظر إلى حذائي الورديّ البسيط لأتجاوزهُما بعدة خطوات

لكنني وقفتُ فجأةً ساكنة مُتجمدة عند سماعي لبوق سيارة مُسرعة بإتجاهي ..

أصبح صدري يعلو ويهبط بسُرعة من التنفس السريع دلالة الخوف ..

لا أعلم كيف إلا أن قدميّ قد شُلتا تمامًا ولا أستطيع تحريكهما ! وكأنما قَد وَضعت صخرتان كبيرتان عليهمـا لتمنعهما من الحراك !





.

.

.

فتحتُ عينــي بـِبُطء بعد فترة لم أعلم طولهـا .. لكنني أحسستُ أنها طويلةُ جدًا !!

أخذت بؤبؤتا عيني تتحركان في سُرعة لتستكشفا ماحولهمـا

كان يتجمع حولي عدد قليل من الأشخاص الغُرباء منهم من ينظُر إليّ بقلق والآخر بترقُب ..

فقُلت هامسة بتساؤل

- مالذي حَدث ؟

نظرتٌ إلى نفسي ... مُلقاةً على الأرض وقد مُزقت أجزاءٌ صغيرة من بنطالي الأبيض والخدوش قد شوهّت يدي .

أخذت أصوات مُختلطة تندفعُ كُتلة واحدة على مسامعي تسألُني ما إن كُنت على مايُرام !

تجاهلتُها و رُحت أتتبعُ بفضول شديد مصدر الأصوات البعيدة التي تصرُخ بصوتٍ عالٍ .. فعرفتُ حالاً أنها آتيةُ من الخلف

نظرتُ بسُرعة خلفي إذ بي أرى أُناسًا قد تجمعوا ليُشكلوا دائرة إلتفت حَول عمود الإنارة الطويل الذي على الرصيف الذي يفصل بين شارعين

حآولت الوقوف .. إلا أنه قد إستوقفني ألم فظيييع برُكبتي اليُمنى

أمسكتُ بنطالي من طرفه لأرفعهُ للأعلى .. لقد تلطّخ بالدماء .. لكن بشكلٍ بسيط لا يدعو للخوف !

أنزلتُه مرة أخرى وحاولت جاهدة أن أتحمل الألم الذي أشعُر به كُلما مشيت خطوة

إن هذا الألم لآ يُساوي ما شعرتُ به بصدري حينها أبدًا ..

عندما رأيتُ عدة رجال يحملون شابًا ذو شعرٍ أشقَر يرتدي قميصًا أبيض اللون خُطط بخطوط سماوية بسيطة

ومعهم ذاك الآخر ذو الشعر البُني المُبعثر بإهمال ، الذي كان وبكُل بساطة " كين " الذي – ولأول مرة – أرى ملامح الخوف قد ظهرت جليّة على وجهه !

إذًا هذا ماكانوا مُتجمعين حوله ؟!!!

لا أعلم كيف .. أو متى فعلتُ ذلك ! إلا أنني فجأة أصبحتُ مع أولائك الرجال أصرُخ بإسم ريو بهستيرية

بالكاد أستطيع رؤية وجهه المُلطخ بالدماء وهذا ما أثار فزعي !!

أمسكني كين من ذرآعي بقوة مُحاولاً تهدِأتي إلا أن ذلك مُستحيـــل ..

كُنت ألحق بهم لأُمسك بيد ريو المليئة بالخدوش والجروح النازفة المُتدلية دون حراك ..

جميع الأفكار السوداء قد تجمعت بذهني .. أسوَؤها الموت ، خـِفت أن يرحَل ويترُكنــي .. لا أريد ذلك !

أبعدني كين عن الرجآل ليستطيعوا إدخاله بسُرعة إلى سيّــارة الإسعاف التي أتت مُسرعة قبل عدة دقائق فقط

كان كين مُمسكًا بي بقوة حَتى أنه قد لف ذراعيهِ حولي .. حاولت الإفلات بعدة طُرق إلا أن ذلك لم يُجدي نفعًا

كآن يُحاول تهدأتي بكلماتٍ بسيطة إلا أنني لم أُعره أدنى إهتمام ... لم أكُن حتى أسمع مايقول بوضوح ، كُل ما أفكر به الآن هوَ ريو !

هَمت سيارة الإسعاف بالذهاب وأنا أتبعُها بعيني ، لتترُكني مابين ذراعي كين مُصابة بالدوآر !!

أصبح كُل شيء يدور فجأة .. حتى صارَ السواد هو كُل مايُمكنني رؤيته فقط .






رؤيةُ ضبآبية .. عقلٌ مشوش .. و ألم فظيع !

هذه الكلمآت البسيطة هي تعبيرٌ بسيط عن حالتــي تلك اللحظة عندما أفقت على هَمس أحدِهم

أغمضتُ عينيّ بقوة ثُم فتحتهمــا لتٌصدمان برؤية وجه ريو أمامهُمــا

فتحتُ فمي لأصرُخ فزعة متفاجئة إلا أن يدهُ البآردة الملفوفة بالضمادات البيضاء قد منعتنـي من ذلك

أبعدتُها بعُنف عن فمي ونهضت بسُرعة بينما هوَ إبتعد قليلًا دون إبعاد نظره عني

تأملتُ ماحولــي .. كانت الغُرفة مُظلمة نوعًا ما إلا من نور شاشة التلفاز المُعلق بالأعلى الذي يُوزع ضوءه في أرجائها

الغُرفة هادئةٌ جدًا .. يوجد بها عدة أسرة يملؤها بعض المرضىَ الذين يغطون – على مايبدو – بنوم عميق !

أُحب هذه الأجواء .. خاصة مابعد مُنتصف الليــل !

عُدت للتحديق في وجه ريـو وقد لفت نظري شيءٌ ما على جانب وجهه فأزحتُ غطاء السرير عني قليلًا وإقتربت منه لأمسك ذقنه بهدوء

كان واقفًــا بسكون دون حرآك ويبدو انه مُتعجب مني من نظراته المُندهشة

حَركت وجهه لليسآر قليلًا لألحظَ خدشًا طويلًا نوعًا ما على خدِه ويصل إلى نهاية وجهه

سمـِعت ضحكة خافتة تصدُر منه فنظرت إليه .. كان مُغمـِضًا عينيه ويبتسم

- مابك !

- هيا إضحكي ، أعلمُ أنكِ تُريدين الضحـك لرؤية وجهي الجميل قَد تشوّه بهذا الخدش البشع

نظرتُ إليه بإستغراب وتعجب في آن معًا .. وقلت مُستنكرة

- إطلاقًــا .. تبدو جميلًا به !!

- كاذبة .. يُمكنك الضحك إن شئتي لكن لا يُمكنك الكذب عليّ بقولكِ هذا !

- أحمق ، أٌقسم أنك تبدو ... جميلاً

ضحـِكت بشدة عـِندما رأيت وجنتيه قد إحمرتا خجلاً .. ولا تنطلق من بين شفتيه سـِوى كلمتيّ " لا و كآذبة " بطفولية من شدة خجله !

نظرتُ إليه من رأسه لقدميه .. كانت غرته الشقراء ثابتة للخلف بواسطة مـِشبك بنوتي صغير لطيف

لتظهر مُلصقات الجروح على جانب جبهتـِه الأيسر ..

أما رجلهُ اليُمنى فكانت تلفها جبيرة بيضاء ، لابُد أنها قد كُــسـِرت !

سألتُــه بفضول شديد والإستغراب واضح على مُحياي

- مالذي حَدث ؟ لا أذكُر شيئًــا سوى أنني كُنت أقف بمنتصف الشآرع !

- حمقــاء .. آه ، بسببكِ كــِدتُ أفقد حياتي الثمينة !

- كفاك ثرثرة .. أخبرني فقط

- حسنًــا

نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض

إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !



~

~

نظر إليّ قليلًا ثُم أشار بيده على أن أُفسح المجال له للجلوس على طرف سريري الأبيض

إمتثلتُ لأوامره فجلس بالقُرب مني .. وأغمض عينيه فبدأ بالكلام بلهجة مغرورة تنُم عن البطولية التي يحسبها إحدى صفاته !

- عندمـا رأيتكِ كالبلهاء واقفة أمام تلك السيارة المُسرعة دون حراك .. كُنت أعلم أنكِ بإنتظار البطل – الذي هو أنا – ليَهُب للمُساعدة

- سُحقًــا لك فلتتكلم بجدية !

- أووه حسنًاً ، لا أعلم كيف فعلتُ ذلك ولـِمَ عرضت حياتي للخَــطر .. إلا أن رؤيتكِ بتلك اللحظة واقفة بخوف لا تعلمين مالذي يجب فـِعله .. شَجعتني أن أدفع بنفسي إليكِ لإنقاذكِ .. إنني أقولها بجدية الآن !

- حسنًا .. أكمل

- دفعتٌــك بقوة للأمام لتصطدمي بالناصية أما أنا فقد إصطدمت بالسيارة لأطير بعيدًا وأصطدم مرة أُخرى بعمود الإنارة ..
لذلك قد كُسرت ساقي .. أما يدي فلقد أصبحت كخريطة الكُرة الأرضية من الكدمات التي تلونت بها ..

حَل الصمت فترة قصيرة جدًا .. بالأحرى ماتُقارب الدقيقتين ثُم عاد للقول بغضب

- وكُل هذا بسببـِك !
- آسفة ..

- لا بأس ..

- يا شباب .. كفاكُمــا ثرثرة ، أزعجتُماني بقصصكم البطولية الرومانسية .. المُستشفيات لا تصلُح للمواعدة خصيصًا بغُرف مُلئت بالمرضى !

كان ذلك صوت تذمر إحدى العجائز التي يبدو عليها أنها ليست من النوع اللطيف إطلاقًـا

نهض ريو بهدوء وحَذر من على سريري وهو يضحَك ..

لا أعلم لـِمَ فعلتُ ذلك ورميتُ بكومة الخجل والغضب على رأس ريو حيثُ قُلت

- لا تضحك ياوجه القطــة !

إلتفت إليّ بسُرعة والغضب العآرم قد إكتسحه

- ماذا ؟ أظنُ أنني لم أسمعكِ جيدًا

- وجه القطـــة !!

- أبسبب هذا الخدش أصبحتُ ... قطة ؟

هَززتُ رأسي بالإيجاب دون أن أنبس بكلمة

- إذًا فالقـِطط تُعجبكِ ، نعم .. هي جميلةُ أيضًا .. مثلي !

- مالذي تعنيه ؟!

رفع أنفه بغرور وهو يتجهُ إلى سريره الذي يكون بجانبي ولا تفصل بيننا سوى ستارة خضراء طويلة !

- ألستِ من قال أن هذا الخدش هُنا ، يجعلنــي جميلاً !

- أنا .. أنا فعلت ؟

- آه يا إلهي .. أستدّعين أنك لم تقولي هذا ؟

لم أستطـِع قول شيء .. ففضلتُ السكوت وتجاهُل الأمر برمتــه .. في النهاية أعلم أنهُ المُنتصـِر .

هَز رأسهُ أسفًــا وحَرك سبابتهُ بالقُرب من أعلى أذنه بحركة دائرية في الهواء تدُل على أنه يصفني بالمجنونة !

- سُحقًا لك .. أتظن بإنك عاقل ؟ حتى الأطفال بعُمر السادسة أعقل منك وأذكى

- أتقصدين بمن هُم بعُمركِ عزيزتــي ؟

آآآآآآآآه مُستفز .. لو أنني لم أكُن هُنــا أقسم على أنني سأفعل شيئًا غير جيد له .. أبدًا !!!!

نُمت على جانبي الأيمن بحيث يكون ظهــري أمامه .. فلقد كان ينام هو أيضًا على نفس الجآنب

أغمضتُ عيني بهدوء لأنام .. إلا أن ذلك مُستحيل .. كُنت أعلم بإن نومي هو شيء مُستحيل الآن .. لقد إستيقظت قبل دقائق فكيف أنام مرة أُخرى ؟ لا أستطيع !

أخذتُ أتقلب على السرير مُحاولة بجُهدٍ أن أنام .. إلى أن نهضتُ مُتذمرة حتى تطاير شعري بشكلٍ مُرعب على وجهي
- بسسس .. أيها الوحش من عالم الظلام !

إلتفتُ إلى من كان يهمس إلي والذي كان – بالطبع ريو – الذي عرفتـُه من بحة صوته المُميزة

- ألم تنم أيها البطل .. صآحب وجه كالقطط !

- صاحب وجه جميل كالقـِطط .. أليس سيئًــا بالنسبة لكِ أن أًصحح أخطاءك ؟ خرقاء ! يجيب ألا تنسي إضافة أهم الكلمات حتى تُصبح الجُملة كاملة وصحيحة !

- لم أخطئ .. إضافة كلمة " جميل " مايجعلُها خاطئة .. إنك تظلم الكلمة بنسبها إليك إيها البشع !

- ماذا ؟ حسنًا ، إن كُنت بشعًــا – كما تدعين - .. فما أنتِ اذًا ؟ وحشٌ مُظلم أتى من العالم الآخر لينشُر الظلام في كوكب الأرض !

- لديك خيال خـصب .. هل تكتُب رواية ما ؟

- مُنذ أن رأيتكِ قررتُ ذلك .. فأنتِ تُذكرينــي بأفلام الرُعب .. إذا تمحوَرت حول " الأحياء الأموات " بالذات
أخذتُ أقرب شيءٍ مني يُمكنني رميُه على ريو ألا وهو كأسٌ ورقي خفيف الوزن !

ما إن رفعتُ يدي لأرميه حتى أوقفني إرتطام عُلبة مناديل ورقية بالأرض مُحدثة صوتًا قويًا نوعًا ما بما أن الغُرفة كانت هادئة .

- الرحمـــة .. إِن قُلت أنَّ المُستشفيات ليست مكانًا مُناسبًا للمواعدة ، هل ستًصبح مُناسبة لأن تكون حَلبة مُصارعة ؟

يا إلهــي .. كدتُ أجزُم أنها هيَ – فعلاً – من يكون قد أتى من عالمٍ آخر ..

عينيها الضيقتين الزرقاوتين تلمعان تحت جُنح الظلآم ، أظُن أننا قد أثرنا غضبهــا فعلاً !

- ناما !! ..

- لكــ ..

- أُصمت أيها القط الأشقر ... ونَم ، حـــــــــــــالاً !!!!

- كيف لكِ أن تنعتيني بالقط الأشقر هاه !

- ماذا ؟ كيف لك أن ترفعُ صوتك على امرأة يا هذا !

- امرأة ؟ أأنتِ من " فصيلة " مينوري ؟ لا تنسي إضافة " عجــوز " إلى جُملتك يا جدة !!

- عجوز و جدة ؟ من تصف بالعجوز هُنــا ؟ لَم أزل إمرأة بالخمسين من عُمرها
قاطعتُ ريو الذي فتح فمَهُ ليرُد على تلك العجوز بقولي بغضب

- فصيلة ؟ هل أصبحتُ إحدى الحيوانات الآن !!!

قاطعنــا صوت فتح الباب الذي كان يقف خلفه مُمرضة بدا الإستغراب جليًا على وجهها ذو الملامح الهادئة
- مالذي يحدُث ؟

سمِعنــا صوتًا أنثويًا رقيقًا هادئًــا يتحَدث بلُطف إليها من خلف إحدى الستائر

- أيتها المُمرضة .. أيُمكنكِ إسكات هؤلاء المُزعجين .. ساعتين حاولت فيهما تذوق طعم النوم إلا أنني بت أشعُر أن هذا مُستحيل بوجودهـِم !

- حسنًــا .. يُمكنني تدبُر الأمر

- أشكُركِ ..

نظرت تلك المُمرضة إلى وجوهـِنا المُتعجبــة بتعجُب هيَ الأخرى .. ثُم قالت برجاء

- رجاءً .. فاليحترم كل منكم وجود مرضى آخرين هُنــا .. ليعُد كل منكُم للنوم !

خَرجت بعدما رأتنا جميعًــا قد أصبحنا في حالة سكون وهدوء وكُل منا يُحاول إرجاع النعاس لعينيه

أخذتُ أنظُر للسقف وأعُد حتى المئة .. لرُبما أنام حقًا ..

- إثنان وخمسون .. ثلاثة وخمسون

- سبعة وعشرون .. ثمانية وعشرون

نظرتُ إلى ريو بغضب الذي كان يُقلدني في هذا الأمر .. المُصيبة أن صوته قد شتت تفكيري ولا أعلم إلى أي رقمٍ قد وصلت الآن !!
- ريـــو !!

نظَر إلي ببراءة وتعجُب رافعًا حاجبيه وقال مُتسائلاً

- ماذا ؟

- أتعلم بأنني أكرهُك ؟!

- كاذبة ..

- بل إن هذه الكلمة قد خرجَت من داخل أعماق جوف قلبي !

- أليست كل تلك الكلمات ذات معنىً واحد ؟

- تقريبًا ، لكني أردت أن تفهمَ مقصدي بدقة ووضوح !!

- هل تقصديـــن ..

أخذ يُميل جسدهُ إليّ من فوق سريرِه وعلى وجهه إبتسامةُ مكر وخُبث

- أنكِ تُحبيننـــي ؟

~

كِدت أصرخ لولا أنني تداركتُ الوضع ووضعتُ يداي على فمــي بسُرعة لأحجُب صرختي عن الجميع

سمعتُ قهقهاته القوية التي لم يستطــِع كبتها على الإطلاق سامحًا لها بالخروج بحُرية .. حتى رأيت دموعه تنهمر من شدة الضحــِك !!

أصبح وجهي أشبه بشُعلة من نار مـِن شدة الحرارة التي أحسستُ بها ، لو أني لم أكُن بشرًا لكُنت واثقة أنه قد تبخّر !

نهضتُ من سريري مُسرعة إلى ريو الذي بدا خائفًا مما قد أفعلُــه به .. إلا أنني لم أقصد سوى الستارة لأسحبهـا لليسار حتى تمنعهُ من رؤيتي ..

وقفتُ خلفها مُعطية إياها ظهري وكفي تُغطي فمــي المفتوح بشرود

أُحس أن قلبي قد ثآر كالبُركان .. أو هاج كأمواج البحــر .. أو .... أو كقُنبلة قد إنفجَرت للتو !

- لكنْ لـِمَ ؟ هل أنا مريضة بمرضٍ ما ؟!

- مينـــوري ....

صُعقتْ عندما سمعتُ صوتًا واثقًا قريبًا جدًا من أُذني .. لذلك لم أتحَرك أبدًا ولم أنبُس ببنت شفة

قآل وهو مايزال واقفًــا خلفي

- أنا ...

هل يسمعُه ؟ أُحس بإن صوت قرع طبول قلبــي تصـِل إليه من قوتــِها !!!

- ألم تسمعا ؟ ألم تفهما ؟ سأقوم بركلكُما كالكُرة إن لم تصمُتــا .. آه رأسي ، سينفجر !!

تـِلك المُزعجة المُتذمرة .. قاطعت ريو عن الكلام .. آهٍ كم أود قتلها هذه اللحظة ، لن أندم على ذلك

فلرُبما أخلص شعبًا كاملًا من وحشٍ مُزعج يُثير الغيظ ؟!

تقدمتُ عدة خطواتٍ للأمام ومازال وجهي مُشتعلاً وقد أصبح كحبة طماطم حمرآء اللون ثُم قلت بعدما إستدرتُ لأصبح مواجهةً له

- مالذي أردت قوله ؟ لا تُبالي بها !

- كلا .. لا بأس ، عودي للنوم فقط ..

إستدار ليذهب إلا أنني أمسكتُ بذراعـِه لأمنعُه من ذلك وقلتُ بعناد

- أخبرني ... الآن

- أيتها العنيدة المُدللة ، إنه ليس بالشيء المُهــِم ..

- بلى .. أريد مَعرِفته .. رُبما ، رُبما هوَ مُهم لي !

- حسنــًا ..

حَك رأسهُ بتوتر واضح ثُم قال

- أردتُ كأس ماء ، لقد شربت قارورة الماء خاصتي كلها ، أشعُر بالعَطش

أصبتُ بإحباط .. لقد كُنت مُتشوقة إلى سماع تلك الكلمة ... لحظة أيُ كلمة ؟

أحبكِ ... كلآ !!!

أظُنني أصبتُ بإنفصام الشخصية .. أو .. رُبما بالخَرف المُبكر ؟!

- يا إلهــــي .. يا إلهــــي

- مابكِ مينـــوري ؟

كُنت أمسُك رأسي بيديّ وأهزُه نافية غير قابلة بالذي أمُر به الآن .. ولا حتى بالتفكير الأخرق الذي أٌفكر بـِه !!

رفعتُ بصري إليه وبقيت على وضعيتي الخرقاء تلك ولم أنطق سوى بـ " هاه " التعجُبية خاصتي

إبتسم بلُــطف ومسح بيده شعري بعشوائية ثٌم قال بهمس

- رُبما المرة القادمــة !

- ماذا ؟

وقف خلف الستارة الطويلة وأغلقها بهــدوء

- لا شيء ..

تتبعتُ رجليه بعينـــي وهُما ترتفعان للأعلى عندما هَم بالصعود

على السرير لينام ..

يالحظه .. ومالذي سيجعلُنـــي أنام أنا ؟!

أطلقتُ زفرة تعبٍ وإستياء .. فهي كُل ما أستطيع التعبير به عن حالتي الآن ...

كُنت أنظر إلى أصابع رجلي بشــرود والدموع المُتجمعة داخل عيني تجعل الرؤية ضبابية أمامي ..

أليسَ من الغباء أن أبكي ؟

أخذت أميلُ للخلف ورَميت كتلة جسدي المُتعب على السرير ذو المفرش الأبيض الناعم بإهمال ورُحت أنظر للسقف ببلاهة ثٌم همست لنفسي

- مالذي حَل بكِ ايتها الخرقاء ؟

كان الجزء العلوي من جسمي على السرير أما ساقاي فكانتا عند طرفه .. أي أن قدماي تطآن الأرض

أغمضتُ عينــي شيئًا فشيئًا بهدوء ..... حتىَ غفوت وأنا بتلك الوضعية المُتعبة !

.
.
.
.

ضحكـــات صاخبة .. أصوات مُزعجــة .. حوارآت وهمسآت وهمهمات مُختلطة ببعضها البعض

هيَ ما أيقظتنــي لحُسن الحظ .. لإني إن بقيتُ نائمة على تلك الوضعية بالأمس لوقتٍ أطول لما إستطعتُ الحراك أبدًا !

فتحتٌ عينــي لتُبصر وجهًا لم أعرف صاحبه من أول مرة .. فأغلقت عيني وعاودت الكرة لتتضح الرؤية

شعرٌ أشقر مُنسدل على جبينهـا بنعومة .. وعينين بُنيتين ناعستين تنظُران مباشرة ببرود .. وفمٌ صغير ينطق بعدة حروف لتشكل كلمات بسيطة

- مي نو ري ! صباحُ الخير ..

رفعتُ رأسي فزعة بحركة مفاجئة لا إرادية ليصطدم برأسها الذي كان يُقابل وجهي تمامًا

حَككتُ جبينــي بألم ونظرتُ إليها .. لم تُبدِ أي إنفعال مُطلقًا !

- مالذي أتىَ بكِ إلى هُنــا ؟

لم تُجبنــي بحرفٍ واحد حتى ، فتنهدتُ باستسلام إلى أن فاجأني سقوط حقيبتــي بين يديّ !

رفعتُ رأسي إذ بي أرى آكي وهيكــارو واقفتان بالقُرب من السرير تبتسمــان بغرابة .. وقد كانت آكي من ألقى بحقيبة ملابسي عليّ

إبتسمتُ بدوري وحييتُهما ببساطة

- مرحبًــا ...

قالت آكي بغرآبة ولهجـة لم أفهمها أبدًا

- أهلاً ... يبدو أنهُ قد حدثت أشياءٌ كثيرة بالأمس !

- امم .. حسنًا ،أظن ذلك .

إكتفينــا بالصمت للحظات إلى أن قاطعنــا صوت تميّز ببحة مُحببة يقول بمرح

- آه سأخرُج ... أكره أجواء المستشفيــات ، تُصيبنــي بالإختناق !!!

نظرتُ إلى ريو وقد رسمتُ إبتسامة لطيفـة على فمـي لأكتفي بها كتحية بسيطة !

كان مُتكئًا على عكازين ليتوازن بمشيتـه بما أن رجلهُ قد كُــسرت

نهضتُ من على السرير وأخذت بخطواتي أتجـِه إلى الحمام لأبدل ملابسـي التي أصبحت في حالة يُرثى لها

أجزم بإن من سيراني للوهلة الأولى سيقول بإنني مُتشردة ... آه يآ إلهي كم هي مُتسخة !
.

.

.

- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه !

أطلقتُ زفرة إرتياح وكأنها أزاحت همًــا كالجبل من على صدري ..

إنني أقفُ الآن أمام حافلة المدرسة الصفــراء الكبيرة التي يقودها كين لأركبهــا .. وقد سبقنـي الجميعُ في ذلك !

- مينـــوري .. لن ننتظركِ أكثر من دقيقتين ، أسرعي ايتها المُدللة !

قُلت صائحة مُقطبة حاجباي في غضب

- لستُ مُدللة ياوجه القطــة ..

صعدتُ الحافلة بسُرعة فأنا أعلمُ أنه ليس من المُستحيل أن يفعلها ويأمُر المُنحرف بالحراك وتركي بالمشفى !

- لقبٌ جديد ؟ يجـبُ أن نُضيف ذلك لقائمة ألقاب ريو ..

- ماذا ؟

صرخ ريو بفزع عند سماعه لكلام هيكــارو التي عادت للتحدث قائلة

- لقد قامت الفتيات بإنشاء قائمة مُخصصة لك .. لجمع ألقابك التي تُؤلفهـا مينـوري ، يقُلن أنها ظريفة جدًا

- وهل المُتعجـرف وذو المنقار ألقاب ظريفة ؟ إنها بشعة .. بشكل لا يُصدق !!!

ضحكتُ بشكلٍ هستيري عند سماعي لكلام هيكــارو وهي تتحدث بمُنتهى البرائة والعفوية بينما ريو يستشيط غضبًا وقد أصبح كحبة طماطم تكاد تنفجر من قوة العصــر

مَشيتُ بخطواتٍ باردة لآخر الحافلة ومازال الضحك مُلازمًا لي .. لا أُريد أن أصاب بالصُداع بعد مُشاجرة كلامية عنيفة قد تحدُث بيني وبينه إن جلست قريبة منه

لكن استوقفتني يدٌ قوية احتضنت ذراعي بقوة لتمنعنـي من إكمال خطواتي

إلتفتُ إلى صاحب تلك اليَد ..

لم تكُن سوى " الشبــح " رين ذات العيون الناعسة المُرعبــة !

اكتفيتُ بنظرات مُتسائلة تُريد تفسيرًا عن فعلهــا هذا ؟!

- إجلسي .... بجانبــي

سمعتُ ضحكة سآخرة آتية من خلف المقعد الذي تجلس عليه ريــن فوجّهت بصري لصاحبها .. كان ريو

- مينــوري ، صدِقيني .. إن جلستي بجوارهـا ستُصابين بلعنة .. أقوىَ حتى من لعنة الفراعنة !

- ماذا ؟

أخذ الخوف يتسلل شيئًا فشيئًا إلى قلبـي ليُحيطه من كل جانب والقلق قد قيّده حتىَ شجعني ذلك لأن أبعد يدها عني وأرفع ذراعي عاليًا حتى لا تُمسكها ..

كانت تُحاول الوصول إليها بعدة محاولات و بشتى الطرق .. إلا أنها كانت قصيرة كطفلة بالمرحلة الإبتدائية !

- آه يا إلهي ، فقط إجلسي بجانبهــا هيَ لن تفعل شيئًا يَضركِ أيتها البلهاء !!

نظرتُ إلى آكي الغاضبة وهي تُشير إليّ بعينيهــا لأجلس بجانب رين التي أخذت الدموع تتجمع في عينيهــا ..

لــِمَ هيَ مُتعلقةٌ بي بشدة ؟ .. هذا مُزعج !

أنزلتُ ذراعي بهدوء لتُمسك بطرف قميصي الأســود الذي ينتهي عند أسفل كوعـي بقليل ..

وأفسحت لي المجال للجلوس في المقعد الذي يُجاور النافذة الكبيــرة ..

كان الصمت والسكون قد خيّم على المكان من حولنــا .. ولا يُسمع سوى صوت دندنة كين بـِمَرح

توقفنــا بـِأمر من إشارات المرور التي قد أضاءت باللون الأحمَـر تُـلزم على الوقوف

وقفت آكي لحظتهــا وتتبعتُهــا بعيني لتجلُس بجوار ريو بهدوء مُبتسمة بغرآبة .. أشعُر بهالة غريبة مُخيفة تلتف حولهـا !

كانت تلعب بأطراف شعرها بدلآل وإبتسامة خجولة قد رُسمت على ثغرهـا .. بينما عينيها تحدقان في ريو الذي قد إبتسم

بهدوء إلا أن التساؤل كان جليًا على ملامحه بحيث أنه قد شعر بالفضول عن سبب كُل هذه الحركات كما شعرتُ أنا !

- إقترب الموعـــد .. !

- أيُ موعد ؟

قالها ريو بتساؤل ثم مالبث أن ابتسم ابتسامةً واسعة وكأنه قد تذكّر مايتحدثان عنه

- اوه .. نعم ، لكن قدمي قد كُــسرت .. لن أستطيع الذهاب رُبما !

- لا بأس .. صدقني لا مُشكلة في ذلك ، سيكون الذهاب لصالحنا .. أو لصالحك بالأحرى

كُنت أُنظر إلى الشوارع من خلف النافذة مُدعية الشرود إلا أن ذهنـي لم يكُن إلا مع الذيَن خلفي وأذني تستمع لحوارهما البسيط بحيرة شديدة

أيُ موعد ؟ أُريد أن أعــرف !!

أسندتُ كوعي على حافة النافذة وأناملي قد شقت طريقها لتتسلل داخل شعري الأسود لترفع غرتـي عن جبيني بهدوء وأنا أُفكر والفضول يكاد يُمزقنـي !

إن الفضول الشديد فعلاً داء .. وأتمنى أن أجد له قريبًا دواء !!

لم أعي وصولنا إلا عندما هزت رين كتفـي بقوة حتى خـِلتُها ستكســِره .. عنيفةُ جدًا !!!!

نظرتُ حولي .. لم يكُن لآكي أو ريو أيُ أثر .. حتى كين قد ترجّل من الحافلة وأصبحنا وحدنا !

نظرتُ إليها بغضب مُقطبة حاجباي .. كُنت سأهمُ بالصياح قائلة " مالذي تُريدينـهُ أيتُها المُرعبة " إلا أنني قد إزدردتُ لُعابي

بخوف وقد تصبب جبيني عرقًا ... مع أن الجو جميل جدًا

كانت تبتســِم بشــَر وشيطانية كأنها شيطانٌ غريب قد تجسد على هيئة مخلوق صغير " أشبهَ " بالإنسان



قلت والتردد قد طغى على صوتـي ليجعلهُ متقطعًا مُرتعشًا من الخوف

- ماذا دهاكِ !

- مي نو ري ! .. مارأيُك في حُــضور حفلة ستُقام في منزل أحد أصدقاء والدي ؟

- هاه ؟ حفلة ؟

أومأت بالإيجاب ، ما إن فتحتُ فمــي لأقول " لا " .. حتى قاطعتنـي بقولها بسُرعة

- رائع ... ستحضُرين إذًا !! .. سأجهز لكِ كُل شيء .... كُـــل شيء !!! ليس عليكِ سوى القدوم والإشراق .. ستلمعين بين الحشود ، سيرآكِ الجميع كالشمس الساطعة ، ستكونين كالنجمـة المُتألقة في السماء .. بل كالقمَر المُنير الذي سيأسر عيون الناظرين له .. ستُنيرين كُـل بُقعة مُظلمة تمُر فيها آكي لتمحيهــا من الوجود ..

ما إن إنتهت من جُملتها تلك .. أقصد نصها التعبيري الطويل !! حتى أعقبتهُ بضحكــة مُجلجلة جعَلتني أجزم أنها مجنونة فعلاً أو مُصابة بإحدى الأمراض النفسية أو العقلية .. لا شك في ذلك !

حمِلت حقيبتي بين ذراعي كالطفل الصغيــر وأطلقت لساقاي العنان حتى تنطلقا بحُرية لتنجياني من هذه الصغيرة

حمدًا لله أنها ليست معي بنفس الغُرفة وإلا .... لا أُريد حتى تخيُل ما قد يحدُث !

دخلتُ الفُندق من جديد .. كان عاديًا لا بأس به وبسيطًا جدًا يجلب الكآبة كغيره ، هه وكأنني قد زُرت فاخرًا قبله .. !

رُحت أتجه بخطواتي الباردة إلى المصعد .. ضغطت زر الصعــود وإنتظرت طويلاً حتىَ وصل وفُتح البابُ أمامي

رفعتُ رأسي وحَركته لتتحرك خصلات مُتمردة من على عينـي لأتمكن من الرؤية ببساطة

إبتسمتُ عند رؤيتي كين واقفًا بإحدى الزوايا ودخلت بهدوء

- هل ستذهب إلى مكانٍ ما ؟

- لا ! ، أنا فقط أتسلى بالصعــود والنزول عبر المصعد

- حقًــا ؟ هل هي هواية من نوع آخر ؟

- رُبمـــا !

ضحـِكتُ بخفة .. ياللحماقة ، بل ياللجنون .. ليس طلاب هذه المدرسة وحدهم مجانين ومعقدين .. بل العاملين فيها أيضًا !

نظرتُ للأعلى .. كان كُل رقمٍ يُضيء يدُل على أننا قد وصلنا لإحدى الطوابق ..

وغُرفتي تتواجد بالطآبق الخامس وها نحنُ ذا بالرابع .. لقد اقتربنا ،

عندما أصل سأُعــد لي كوب حليبٍ دافئ ثُم أنام ... سُحقًا لهذه الرحلة ولتذهب مدينة الملاهي للجحيم !!

- لستُ معتادًا على قول هذا .. لكن ، أرجوكِ إحذري .. لا تكوني فريسةً سهلة

- هاه ؟

مالذي يتفوه به .. ولـِمَ التحذير ، حسنًا ... هذا أشعرني بقليلٍ من التوتر فاكتفيت بهز رأسي إيجابًا والبقاء صامتة ..
أظن أن ذلك أفضل .

فُتح الباب وخرجتُ منه بسُرعة .. إلتفتُ ورائي لأراه واقفًا دون حراك فسألته بفضول

- ألن تخرُج ؟ هل ستُكمل هذه اللعبة السخيفــة

أومأ بالإيجاب وابتسم .. عجيبٌ أمرُه !

رفعتُ يدي لأودعه ضاحكة ثٌم أخذت أشُق طريقي لغرفتـي بمَرح وأنا أدندن بألحان حزينة لأغنية أعشقُهـا

دقآئق سريعة مرت إلى أن أصبحتُ واقفةً أمام باب غُرفتــي التي تشاركني فيها آكي وهيكارو

ما إن هممت لفتح الباب حَتى فُتح بقوة لتصطدم الحافة برأسي بقوة

- آآه .. سُحقـــًا

- آسفـــة .. هل تأذيتي ؟

- لا بأس هيكــارو ..

نظرتُ إليها بتعجُب .. كان يبدو انها تستعد للذهاب لمكانٍ ما

- هل ستخرُجين ؟

- ماذا ؟ هل ستظلين هُنــا ! .. سنذهب لنلعب يا فتاة فلتستعدي

زفرتُ مُستائة بينما أنا أدخُل للغرفة حتى رَميتُ جسدي بإرهاق على سريري المُريح وقُلت ببرود

- لن أذهب .. سأبقى هُنا لأنام وحَسب .. رحلة مُمتعة .. رافقتكما السلامة .. إلى اللقاء !

- كســولة !

قالتها آكي وهي تهُز كتفيها بلا مُبالاة .. ثم أخذت حقيبتها وانطلقت بصُحبة صديقتها إلى مدينة الملاهي مع باقي الطُلاب .

بكُل بساطة قد غفوت ، لم أنَل كفايتي من الراحة بالأمس .. لقد كُنت أفكر كثيرًا حتى استطعت النوم !

.
.
.

فتحتُ عينــي بهدوء وأغلقتها ثانيةً .. لا أستطيع تحمُل إزعاج هذا الطرق العنيف !

كان الباب يُطرق حتى يكاد يُكســر ..

صرختُ بقوة باستياء إمتزج بغضب واضح على صوتي

- سُحقــــــًا لك أنا قـــــــــادمة !

دخلتُ الحمام لأغسل وجهــي قبل الشروع في فتح الباب الذي سيُصيبني بالجنون

خرجتُ وأنا أعبث بشعري بعشوائية ثم فتحتُ الباب على مصرعيه من شدة غضبي وصرخت

- مــــــــاذا !

- مي نو ري !

نظرتُ للأسفل بسُرعة لأرى الشبــح واقفة أمامي مُبتسمة بشكلٍ فظيـــع .. رُعب ! رُعب حقيقـــي !

أبعدتني من أمامها وأخذت تمشي بخطواتٍ واثقة إلى داخل الغُرفة ..

تتبعتُها بنظراتي المذهولة إلى أن استقرت على إحدى الكراسي المُلتفة حَول طاولة صغيرة بالقُرب من الشرفة

أغلقتُ الباب بعد تنهيدة صغيـرة ونظرتُ إلى الساعة المُعلقة على الجدار

لا تزال التاسعـة وخمسٌ وأربعون صباحًا فقط .. لم أنَم سوى عدة دقائق إذًا !

رَميتُ كتلة جسدي المُرهق على السرير ثانية وأنا أنظُر إلى رين التي أخذت تُشاهد التلفاز ببرود ..

قُلت بتلقائية دون أن أُفكر بالجُملة التي قد إنطلقت من فمي

- لـِمَ أنتِ مُرعبة ؟

ياللأسف .. يبدو أنني قد نطقتُهـا بصوتٍ مسموع ، فلقد إلتفتت إليّ بسُرعة لكن مالبثت أن إبتسمت بهدوء

- هذه طبيعتــي .. فأنا هادئة جدًا ، أكره كل شيء مُلون .. وأكره الأشياء التافهــة .. كأفعال ريو – مثلاً - ، لا أستطيع تغيير شخصيتي !

- حسنًــا .. لم أقصد قول ذلك

- أعلم .. لذلك لا بأس ، هذا السؤال لم يعُد يجرحُ مشاعري

لم يعُد ؟ إذًا فلم أكُن أول من يسألها هذا السؤال ؟ ...

اووه مهلاً ... يا إلهي إنها تشعُر ! ... بصراحة ، أحيانًا إن فكرتُ بالأمر أحس أنها معدومة المشاعر والأحاسيس

لكن .. رُبما هيَ تُخفي شيئًا ما عجيب يجعلها هكذا لم تُظهره لأحَد .. من يدري !



~

فزعت وكاد قلبي أن يسقُط أرضًا عند سماعي صوت الباب يصطدم بالجدار بقوة وشخص ما يصرُخ

- موو ها ري جا تي !

لم أتحرك ساكنة من على السرير كالميتة .. إنني مُتعبة لدرجـة لا تًصدق

وقفت ريــن بهدوء واقتربت مني

- مي نو ري ! ماذا بكِ ؟

- لا شيء .. فقط مُتعبة .. قليلًا ، ثٌم ما بال هذه اللهجة الغريبة التي تقطعين بها إسمي ؟

إبتسَمت دون تعليق وراحت تجلس مرةً أُخرى على الكُرسي متجاهلة سؤالي !

إقترب ريــو من سريري وأخفض رأسه قليلًا ليكون مواجهًا لي تمامًا ثم قال

- اوه مينــوري مُتعبة ؟ أين كيف متى ؟ لماذا ؟ ماذا !

- إخرس أيها المُزعج .. رأسي يكاد ينفجــر

زم ريو شفتيــه باستياء كالأطفال وهَــز رأسه بالموافقة وابتعَد ليجلس بالسرير المُجــاور لي

- أشعُر بالمَــلل .. عـِندما علـِمتُ أنكِ لم تذهبي قررتُ المجيء إليكِ

- لـِمَ إليّ بالذات ؟

- لإفتعال المُشاجراتِ والمشاكل بالطبع !

- هه رائع !

قُلت آخر كلمة لديّ بسُخرية وأغمضت عينيّ حتىَ أغفو قليلًا .. دقيقتين على الأقل ،

لكن .. إن كانا هذان الاثنان معي .. فمن المُستحيــل أن أنعَم بالراحة !

- آه .. لا أُصدق أن جدي سيأتي السبت القآدم .. سيكون الأمرُ مُملا ولن أستطيع الهروب من الحصص

لقد كـُنتُ شبه نائمة .. أستطيع سماع مايقول إلا أنني أعجز عن إستيعاب كلامه بسُرعة إلا إن دققتُ به

- مينــوري .. كفاكِ كسلاً ، لقد كُنتِ نائمة بالأمس كُـلِه وكأنكِ أحد الدِببة في سُباتها الشتوي !

وضعتُ كفيّ على جبينــي لأبعد خصلات شعري عنه وأغمضت عيني ثم قُلت

- لا أعلم .. لكنني أشعُر بإني لستُ بخير !

أخذ ريو عكازيه ووقف بحذر .. ثُم رمىَ بثقل جسمه على سريري ووضع عكازيه بجانبه ..

رفع يدهُ للأعلى وقربها مني .. شعرتُ بالخوف قليلًا وقد أحسست بوجهي يحترق .. لابد أنني أصبحتُ كحبة طماطم الآن

- مالـذي .. سـ .. ـتفعلُـه !

أمسكتُ بيده قبل أن تصل إلى وجهي .. ونظرتُ إليه بفضول ، كانت ملامحهُ باردة ليست كما هيَ العادة

أمرني بترك يده قائلاً بهدوء

- إترُكيها

فعلتُ كما أراد وتركتُهــا ليتحسس جبينــي ..

- لستِ مُصابة بحمىَ ، هذآ جيّــد !

أشحتُ بوجهي عنه بعيدًا وقطبتُ حاجباي بإنزعاجٍ كالأطفال

- أعلم .. أنا فقط أحتاج للنوم

- لكن .. من سَيُسلينــي ؟

قَسّمتُ شعري لنصفين وشددتُهما بقوة حتى شعرت أنني قد أقسِـم رأسي بسبب ذلك !!

وما شأني أنا به ؟ هوَ حتى لا يهتمُ إن كنت فعلاً مُتعبة أم لا .. مايُهمه هو اللعب والحصول على المُتعة

قُلت مُتذمرة بهَمس

- سُحقــًا لك !

نهضتُ من السرير ووقفتُ بسُرعة وكان كُل من الأخوين ينظران إليّ بفضول

قُلت لهما وأنا أُرتب قميصي الاســود بهدوء

- سأذهب لشراء شيء يُمكننــي أكله

- لا تنسينــي يا عزيزتــي

نظرتُ بنظراتٍ غاضبة تكاد تخترق ذاك الريو الذي كان يبتسم بطفولية .. ومع ذلك تلك الابتسامة لم تُفارق شفتيه !

- لقد أنقذتُكِ من الموت ! أهذا جزائي ؟ نظراتٌ مُخيفة ومُعاملة وحشيّــة ؟!

- آوه ماذا ؟ هل ستذُلني الآن وتجعلنـي " مُهــرجة " فعلاً لديك لأنك قُمت بإنقاذي مرة فقط !

أمال رأسهُ للجانب الأيمن وابتسَم بثقة وغرور

- ماذا عن اللصوص ؟ ألم أنقذ حياتكِ تلك المرة أيضًــا

حآولت قدر الإمكان كتم غيظي فأغمضت عيني لفترة حتىَ أُقاوم شعور الغضب الذي إجتاحني ،

مشيت متجاهلة وجودهما وأغلقت الباب بقوة خلفي بعد خروجي ..

لا أعلم لِمَ في كل مرة أفكر فيها بإنني سأتجاهلَه .. أحس بإنني أنجذب إليهِ أكثر !

أنا لَم أعرفه سوى لفترة قصيرة .. قصيرةٍ جدًا ، فكيف أتأثر لهذه الدرجة ؟ عجــــيب !!

إبتعدتُ عن الباب – الذي كُنت أستند عليه منذ لحظات – لتأخذني خطواتي الواثقة إلى المـِصعَد

كان يُفتح شيئًا فشيئًا إلا أنه لم يكُن هنالك أحدٌ بالجوار .. كيف ؟

ذهبتُ إليه إلى أن وقفتُ أمامه مصدومة بشدة

- كيـــن ! مازلتْ تُمارس هذه الهواية الخرقاءَ إلى الآن ؟

ضحِـك بخفة و كان من الواضح أن ضحكتهُ تلك إمتزجت بالسُخرية .. إلا أنني لا أدري لـِمَ !

دخلتُ إلى المصعَد لأقـِف أمام كين مذهولة بالفعـِل .. كان يضغَط جميع الأزرار مرةً واحدة وبشكلٍ مُتتالي كالأطفال

- هَوس ؟

- ماذا ؟

- مهووس بالأزرار ؟!

- كلآ !

إكتفى بتلك الكلمة البسيطة لتكون جوابًا على سؤالي ، ثُم زفر زفرة مَلل واضح وضجر

فتحتُ فمي للبدء بسؤالٍ آخر إلا أنه قاطعني بقوله

- أشعُر بالضجَــر .. كأن الأيامَ كُلها إتفقَت أن تكون كبعضها !!

نظرتُ إليه بتعجُب .. لم أتوقع أن جُملة كتلك ستخرُج من شخصٍ مثلـه ..

لم أستطـِع النُطق بشيء قد يُخفف من إستيائه لذلك إكتفيتُ بهز رأسي بالإيجاب ..

ما إن تراجعتُ قليلًا للوراء لأرتاح بظهري على مرآة المصعد حتى توقف فجأة وبدون سآبق إنذار !

إخترق السكون من حولنا صوتُ إحتكاك ...

أصبح القلق يتسلل إلي ببُطء .. كُنت أُدوُر بؤبؤتا عيني في محجرهما بفضول وسُرعة وكأني أترقبُ شيئًا ما

بدون أن أشعُر أصبحتُ قريبةً جدًا من كين حتى كدت ألتصق بـِه ..

- هذا غيرُ جيّــد !

- لا تضطربي .. فقط إبقي هادئة .. كُل شيءٍ على ما يُرام .. حدث ذلك قبل قليل وعاد للحَركة بعد عدة دقائق

نظرتُ إليه والدموع قد حُبست بعينــي .. ولو كان بإمكانيَ ذلك لصرختُ بوجهه " أنت مُنحرفٌ مغفل ! "

قُلت بهدوء بصوتٍ مُرتجف

- حـ ... ـسنًـا !!

ضغَط زر الطابق السُفلــي عدة مرات .. إلا أنهُ لم يحدُث شيء

- إستعمل هاتف الطوارئ .. أو أيًا كان

نظرَ إليّ تارةً ثُم إلى السماعة الحمراء الصغيرة المُعلقة فوق الأزرار تارة أُخرىَ ورفعها

- لا تعمَـــل !

- مـــــــــــاذا ؟

صرخت بتلك الكلمة بوجهه وأنا أشُد ياقة قميصـِه بعُنف وغضب والدموع قد أخذت تجري من عينيّ بغزارة

" سـأموت " .. عـِبارة أصبحتُ أرددها بتتالي والخوف قد طغى عليّ بالكامل ، لم أكُــن أفكر بسواه ... بالموت !

حَل الصمت فجأة ليكون سيد الموقف ..

إقتربتُ من كين بثقة وخطواتٍ ثابتة وإبتسامةٌ واسعة قَد رُسمت على ثغــري ..

رأيتُ ملامح الإرتياب والقلق بادية على وجهه الوسيــم .. وبهذا إتسعت إبتسامتي أكثر !!

- حُــلم ، أليس كذلك ؟

- حُلم ؟ مينــوري !!

كان يبتعدُ للوراء كُلما إقتربتُ منه شيئًا فشيئًا وكأنني أهُب للقضاء عليه

- للتو كُنت أريد أن أغفو وريو بجواري .. سأستيقظ بسبب صُراخهِ المُزعج وثرثرته التي لا تنتهي .. صحيح ؟

- توقفــي !

صُدمت أشد صدمة .. عندما تلقيت تلك الصفعةُ القوية منه بعدما نطق آخر كلمة من فمه .. والتي قَد جعلت كامل وجهي يلتفُ للجهة اليُمنى

قال بغضبٍ لأول مرة ألحظه عليه

- كان ريو صادقًــا عندما وصفكِ بالجبانة البلهاء ، أموقف كهذا يجعلُكِ ضعيفة .. !

أمسك كتفيّ بيديه القويتيــن وحدق بعيني مُباشرة .. لقد كانت عيناهُ تلمع ببريقٍ عجيب

- أكره الضُعفاء ، كونــي قوية ... فبهذا الشكل سيتم القضاء عليكِ بسهولة .. ستكونين فريسةُ سهلة !!

صرختُ بقوة حَتى ظننتُ أن صوتي قد يختفي نهائيًا من بعد تلك الصرخة

- سأكون فريسة من ؟ أنت أحمق .. أنت كاللــُغز .. لا أستطيع فهمَــك !!!

من بعد ذلك خارت قواي وسقطتُ أرضًا ثُم .. بكيت ، وبكيت .... وبكيت !

قُلت من بين بُكائي وشهقاتي الموجعة ويداي تتحركان في الهواء بعشوائية من شدة غضبي

- أنا فعلاً ضعيفة .. لا يُمكنني تحمُل أي شيء ... خصوصًا إن كان الأمر يتعلق بالموت ، أنا .. لستُ خائفة منه لأجل

نفسي .. بل من أجل جدي الذي سيبقى وحيدًا عاجزًا إن مُت .. صحيحٌ أني بعيدة لكن يُمكنني الإتصال به ، يُمكنُني زيارتُه ،

لكن .. إن مُت ... فلن أبقى بجانبه ، ومايُزيدني ألمًــا هو قوله الذي يتردد صداه بأُذني دائمًا

" الوحــدة أكثر ما أخشاه ، إن فقدتُــك فلن أعيش بسلام .. وربما لن أعيش أصلاً ! "

شعرتُ بعد آخر كلماتي بذراعٍ تُحيطنــي ، شعرتُ بحُضن دافئ للمرة الأولى في حياتي أُحس به !!

سمـِعتُ عنه ، مـِنْ صديقاتي .. أو التلفاز .. أو بالقصص والروايات .. عن هذا الشعور الغريب والجميلٌ جدًا بالوقت ذاته

عـِندما تلُف الأم إبنتها بكُل عطف بين يديها .. لتغمُرها بالحنان وكأنها تقول ( أنا هُنـا .. لن يؤذيكِ أحدٌ مادُمت بقُربكِ )

هكذا شعرت .. وكأن كين قد قال هذه العبارة لي !

أحسستُ أنه قد كانت لدي طاقةً هائلة من الحُزن قد فُرغت للتو .. قد خرجَت وأتمنىَ ألاّ تعود

أردتُ رفع رأسي قليلًا إلا أنني لم أستطع ذلك .. كان كين يضعُ ذقنه عليه ويمسح على شعري بهدوء

شددتُ قبضتي على معطفهِ الأبيض القُطني بقوة لأطلب منه عدم تركي .. أنا لا أُريد أن أصحو .. إن كان حُلمًا !!

فجأة .. أصابني الذهول وأحسستُ أن قـِدرًا .. لا بل برميلًا من الماء البارد قَد صُب علي مرةً واحدة ..

فلقَــد وصلنـا إلى الطابق السُفلي دون أن أشعُر .. وقد فُتح باب المصعــد كاملاً .. لأرىَ ما لم أتمنىَ رؤيتــه !!

أٌتمنــى فقط لو تنشَق الأرض وتبتلعنـي على أن أُرى بهذه الحالــة !!!

[ أنتِ جميلـة ]

فجأة .. أصابني الذهول وأحسستُ أن قـِدرًا .. لا بل برميلًا من الماء البارد قَد صُب علي مرةً واحدة ..

فلقَــد وصلنـا إلى الطابق السُفلي دون أن أشعُر .. وقد فُتح باب المصعــد كاملاً .. لأرىَ ما لم أتمنىَ رؤيتــه !!

أٌتمنــى فقط لو تنشَق الأرض وتبتلعنـي على أن أُرى بهذه الحالــة !!!

- مـ ... ـينورر ي !

كانت تقف آكــي وهيكآرو مذهولــتان مما تراه أعيُنهمــا ، لا ألومهمـا فمن لن يُصدم إن رآني هكذا ؟!

دفعتُ كين بعيدًا عني بقوة ووقفتُ مُنتصبة بسُرعة ..

مررتُ بجانب آكي عندما مَشيتُ قاصدةُ باب الخروج إلا أنها أوقفتني بإمساكها لذراعي ، ثم قالت مُتسائلة

- ماهذا ؟

- ماذا ؟

- الذي رأيتُه للتو !

قُلت بلهجة باردة والملامح الجامدة قد رُسمت على وجهي

- فقط .. لا أعلم مالذي حدث إلا أن المصعد قد توقف فجأةً وشعرتُ بالخوف ، وساعدني كين ..

- أمُتأكدة أنكِ لم تحذفي الكثير من التفاصيل ؟

نظرتُ إليها بنظراتٍ حادة تحمل معنى " وما شأنُــكِ ؟ " ، فتركت يــدي لأمشي بعيدًا حيثُ باب الخروج

آكي ، شيئًا فشيئًا بـِتُ أبغُضها ، تصرفُاتها أصبحت مُستفـــزة لا تُطاق !

أسرعت بخطواتــي إلى أن خرجتُ من الفندق أخيرًا .. ليصطدم الهواء العليل بخصلات شعري فيتطاير بنعومة

طأطأتُ رأسي بتفكير في الذي حَدث للتو .. ماكان يجبُ عليّ دفعُ كين

حسنًا ، من الأساس كان خطأً كبيرًا مني أن أنفجر وأبكي أمامه

- سُحقــًا كم هذا مُزعج !

نظرتُ إلى ساعتي التي كانت تُشير إلى الثانية عشرة تمامًا .. مر الوقت كلمح البصر !

لكن .. كيف لآكي وهيكــارو أن تتواجدا هنا ؟! لقد قالتا أنهما ستذهبان مع باقي الطُــلاب ..

تنهدتُ بضجــر وقُلت بهمس لنفسي

- لا أظن أن ريو قلقٍ عليّ الآن ، أو رُبما هو قلق بشأن الطعام الذي ينتظره فقط !

إبتسمتُ بيني وبين نفسي مُطأطأة رأسي أنظُر إلى حذائي الأبيض البسيط ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


خرجتُ وبحوزتي أكياسٌ كثيرة مُعبئة بكل ما يُمكن أكلُـه .. وتُمسك يدي بحليب الفراولة الذي أعشقُـه جدًا

مَشيتُ وأنا أُحدث نفسي بحيرة وجدية في آن معًا ..

- أُحس أنني قد أصبحتُ أميل إلى ريو كثيرًا .. وكأنني بدأتُ أعجب به ... هذا إن لم أكُن أُحبه !!

تنهَدت بعُمق ، فبمُجرد التفكير بهذا الأمر يجعلنــي تعيسة

شخصية البطل فيهِ تُعجبني ... لكن الجانب الآخر من شخصيته مُستفز يجعلنُـي أصاب بنوبة من الغضب العارم في لحظات !

كما أن مُزاحهُ ثقيل وتصرفاته مُحرِجــه ..

عيُوبه كثيرة .. فكيف أُحبه ؟

كم هذا صعب !

وصلتُ إلى الفُندق دون وعيّ مني أو شعورٍ باللحظات التي قد مرت وأنا أمشي فيها للوصول ..

دخلتُ لأرى ريو قد خَرج من المصعد الذي كُنت به مع كين قبلاً

إقترب مني بغضب وهو يُحاول الإسراع بعكازيه للوصول إليّ

- مابكِ أيتها الخرقاء ، لــِم تأخرتي ؟ لقد شعرتُ بالخوف !

- تخاف من ماذا ولماذا ؟ إن الطعام بخير .. أقصد لقد أحضرتُ لك شيئًا تأكله فلا تخف

- أيتُها الغبية لقد خــِفت عليكِ ... !

ضحِكتُ بسُخرية وقلت

- لا تُحاول الكذب ، فأنا أعرفُك ..

- لا ، لا تعرفيني !

- بلى ...

- كما تشائين .. إذًا فالتكن نظرتُكِ لي سيئة ، فهذا لا يُهمني حقًا ..

نظرتُ إليه بغضب وألقيتُ بالأكياس جميعها في وجهه .. مُستفز ! ، صعدتُ السلالم خوفًا من أن يعلق المصعد بي وحدي هذه المرة ..

أخذتُ أتمتم بعصبية وعند رفعي رأسي لأعلى رأيتُ كين يضحَكُ ببساطة والسيجارة موضوعة مابين شفتيه كالعادة

قُلت بتعجُب وقد إحمــر وجهي بالكامل

- لـِمَ تضحك ؟

نزل السلالم بسُرعة ليترُكني خلفه غاضبة وهو يقول

- لا شيء لا شيء !


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


إنها الساعةُ الرابعة عصرًا .. وها نحنُ ذا نركب حافلاتنا لنعود أدراجنا ، أخيــــرًا !

شعرتُ وكأنني في حُلم قد تحقق بعد جُهد إستمر لسنين طـِوال .. كم يُسعدني ذلك ،

صعدت الحافلة بهدوء وكُل طالب جلس بمكانه السابق .. كما أن ريو عاد لغـناء أغنيته السخيفة السآبقة

أتمنــى فقط أن نصل بسُرعة لكي أتخلص منه ... لكن أعتقد أن ذلك مُستحيل ، سيلتصق بي كالغرآء وأنا واثقة !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

حسنًــا ، لن أتطرق إلى اليومين السابقين .. بما أنه لم تحدث أحداث جديدة تستحق الذكر

وسأكتفــي بهذا اليوم ... يوم السبت ، بداية ( التعــاسة )

خَرجتُ من غرفتي ثُم أغلقت الباب خلفــي بهدوء ..

- ها نحنُ ذا نبدأ من جديد .. سُحقًا !

- مي نو ري !

لم ألتفت خلفــي .. فقط نبرةُ الصوت تلك التي تجعل القشعريرة تسري بجسدي .. تجعلني أعرف صاحبتها فورًا

- أهلاً رين .. صباحُ الخير !

تقدمتُ بضع خطوات وتقدمت هيَ الأخرى بجانبي .. لنتجه إلى صفوفنــا مع باقي الفتيات

قالت بعد فترة صمت

- سيأتي جدّي اليوم !

أومأت إيجابًــا دون إجابتها .. لستُ بمزاجٍ جيدٍ للحديث

لكن سُرعان ما ابتسمتُ بفرح وقُلت لها

- إذًا .. لن يكون ريو المُدير .. ذلك رائع !

وافقتني رين بابتسامة هادئة مع هزة بسيطة لرأسها ... ،

دفعتُ الباب بحُرية ثم دخلتُ إلى الفصل وأنا أتثاءب واضعة يدي على فمي

لمـِحتُ ريو يجلسُ على كُرسييّ ينظُر إلى ماخلف النافذة بشرود .. ليسَ ذلك مـِن عادتـِه

عِندما اقتربت .. رأيتُ تلك المُتعجرفة تجلـِسُ بجانـِبه .. آكي !

وقفتُ خلفها .. علّها تشعُر بقدومي فتذهب .. رؤيتها فقط تجعلني غاضبة !!

- لا يحق له فـِعلُ ذلك ! كيف يصفعُك بقوة هكذا ؟!

سمعتها تقول تلك الجملة التي جعلت ريو يلتفت ببرود إليها ثُم نظر إليّ

توسعت عيناي إندهاشًا عندما لمحت أثر صفعة على خده الأيمن

وقف بهدوء ووقفت آكي بعده بسُرعة لتصطدم بي بقوة حتى كدت أقع !

عقدت حاجباي غضبًا فأبعدتُها بقوة بشدي لطرف قميصها ثُم جلست على كُرسيّي متجاهلة وجودهُما

نظرت آكي إلي بغضب ثُم قالت مُزمجرة

- حمقآء ماذا بكِ ؟ لم أكُن أعلم بوجودك حتى

أخذتُ خصلة من شعري ولففتها حول إصبعي بدلآل ثم قلت

- لا يُهمني ..

نظرت إليّ بغضب وهمّت لتُهاجمنــي رافعة يدها لتصفعنــي ..

إلا أن ريو قد صرخ قائلاً بأمر

- كفــى !

إبتعدت آكي بعد فترة من الصمت وفي عينيهـا حقد وآضحٌ جدًا .. لكنني لا أكترث فعلاً !

مرت الدقآئق سريعة كلمح البَصــر .. والجميعُ يحدق إلى ريو بقلق .. مما جعَــل الفضول يطغى على أفكاري

أصدرت صوتًا بحنجرتي لألفت إنتباههُ ثُم قلت

- مآ سبب ...

- لا تتدخلــي !

قآلهآ بحدة مُقاطعًا سؤآلي مما جعلني أتردد واشعر بتوترٍ كبيــر ..

لكننــي سُرعان ماقُلت بغضب

- فليكُن .. فأنا لا اهتم !!

- جيد .. فأنا لا احتاجُ إهتمامكِ ..

نظرتُ إليه وقد فغرتُ فاهي تعجُبًا .. ثُم قلت ببلاهة

- ماذا ؟ هل هيَ حبيبتُــك ؟

لا إجآبة ! .. أظن بإن صمته يعني ( نعم ) .. لابُد أن صديقتَه قد صفعتـه لأنها قد شعرت بغيرة شديدة من مُعجباته ، أو ربما قد خانها أو ربما ... !

- يُمكننــي سمآعُكِ .. هل يُمكنكِ التفكير بشأن الصفعة بصوتٍ مُنخفض بحيثُ لا يُمكنني سماع همسكِ !

خجِـلت كثيرًا فطأطأتُ رأسي مُتحاشية النظر إليه لكنني قُلت بتردد بعد فترة صمت ..

- حسنًا .. يُمكنك إخبآري متى شئت ، رُبما يُمكنني إصلاحُ الأمــر

هَز رأسه إيجابًــا إلا أن ملامح اليأس جليّة على وجهه ..

رنّ جَرسُ الحصة الأولى اخيرًا ليُعلن عن بدئها ..

وأثناء ذلك قآل لي ريو ببرود دون النظر إليّ

- رُبما .... يُمكنكِ مُساعدتي !

شعرتُ بفرحة غامرة قد تسللت إلى قلبي فجأةً فقُلت بسرور

- حقًــا ؟! كيف ! هل تُريدنــي أن أُحادثها ..

ضحــِك ريو بخفة ثُم قال

- الأمر لا يتعلق بفتاة .. لم تستطع أي فتاة حَتى الآن أن تمتلكنــي !!

ثُم إقترَب منيّ بهدوء وهَمس بأذني

- ســِواكِ !

شعرتُ بأن الدم كُله قد تجمع بعروق وجهــي ليجعلهُ كحبة طماطم مُشتعلــة بشكلٍ عجيب ، فدفعتهُ بقوة عنيّ لأقول صارخة

- يكفــي ..

ضحــك بقووة وهو ينظُر إلى وجهــي بـِفَرح ثُم قال

- يُعجبني النظر إلى وجهكِ وانتِ غاضبة .. أشعُــر براحةٍ عجيبة !!

- سُحقــًا لك هذا ليس مُضحكًا البتة

صَمت قليلاً وهو ينظُــر إليّ بشرود

- في الفُسحة .. يجبُ ان أحادِثكِ !

قبل أن أنطق بحرفٍ واحد .. رأيتُ مسطرة خشبية طويلـة قد ضُربت بقوة على طاولتـي فجأة مما أثار فزعي

رفعت ببصري لأعلى لأرىَ مالم أتمنى رؤيتَــه

- مارأيُكمــا بإكمال حديثكما المُمتع هذا في الخارج .. إن لم تكُن الحصة مُهمة لكمُــا !!

إزدرأت لعابي بتوترٍ ثم قلت بتردُد دون النظر إليه

- آسفة أستاذ ..

- لا بأس ، فأنا أعلمُ أنكِ طالبة مُهذبة ..

ثُم أشار بمسطرته العجيبـة نحو ريو قائلاً بغضب

- إلا أن هذا المُشاكس يُريــد تحويلكِ إلى فتاة مُشاكسـة لكي أُجن ! إلا أن ذلك مُستحيل ، لن تستطيع يا ريو صدقني .. !

فأطلق بعد جُملته الطويلة تلك ضحكة إنتصار مُجلجلة جعلتنـي أضحك رُغمًا عني

قال ريـو بنبرة مُستهترة تصحبها ضحكة خفيفة

- لا أحتاج لفعل ذلك .. فلابُد أنك قد جُننت فعلاً قبل أن أفعل اي شيء

- أتعلم ؟ مايُدهشني حقًا ، أن درجاتك دائمًــا ما تكون مُمتازة !!

- بسيطة يا أًستاذ ، السر في ذلك أنني أملـِك عقلاً ذهبيًا ، وذكاءً حاد .. " وقال بغرور " وربمـا وسامتي لها دور كبيـر ايضًا

رأيتُ الاستاذ قد إحمَر وجههُ غضبًا وهو يرى إبتسامة ريو الوآثقة .. فأخذ يضرب بمسطرته تلك بخفة على رأسِ ريو ثُم إبتسَم فجأه مما أثار تعجُبي

- فتى مُشاكس !!!

حَك ريــو موقع الضربة بإنزعاج وهو ينظــُر للأستاذ بغضب ثم قال بهمسٍ مسموع

- آه عنيــف جدًا !

سألتُه بعدمـا عاد الأستاذ للشرح

- مابه ؟ وكأنه مُصابٌ بمرضٍ نفسي

- نعم إنفصام بالشخصيـة !

- حقًــا ؟

- لا تُصدقي فقط أمزح !

زفرتُ بإنزعآج ونظرتُ نحو الاستاذ الذي كان يوجه نظراته الحادة إلينا بقوة مما جعل قشعريرة غريبة تسري بجسدي ،

في النهآية .. رن جرس إنتهاء الحصــة أخيرًا .. وهكذا مع بقية الحصص الأخرى إلى أن حانت اللحظة التي كُنت انتظرهــا منذ البداية .. الفُسحة !

نهضتُ من على الكُرسي بنشآط وقُلت لريو بنظرآتٍ يملؤها الفضول واللهفة

- ستُخبرني الآن ! هاه .. الآن صحيح ؟

- نعم .. لكن إبقي هادئة .. بهذه الحماسة تبدين كطفلة حمقآء في الخامسة !

نظرتُ إليه بإنزعاج إلا أنني إكتفيت بهز رأسي موآفقة

مشينــا سوية إلى السآحة الخآرجية وجلسنآ على إحدى الكرآسي الموضوعة بعشوآئة هنآك ..

قُلت له بحمآس وفي جوفي طاقة هائلة لا أعرف ماهي .. أو حتى لـِمَ أُحس بها ؟

- هيّــا ! تحدث .. قُل قُل

رأيتُ نظرآت الإستغراب واضحة كوضوح الشمس على وجهه مما جعلني أنظُر بعيدًا بخجل .. لكن ماشعجني للنظر إليه من جديد كانت ضحكتُه الرنانة التي أطلقها

- حسنًا حسنًا .. لكنْ ، عديني ألا تخذلينــي .. فأنا فعلاً .. أحتاجُكِ كثيرًا مينوري !

عندما قآل آسمي .. شعرتُ بقلبي سيخرج لـِوهلة .. وكأن أحدًا يُحاول نزعه من مكآنه .. شعُور مُخيف إلا أنه .. وياللغرابة ! قد أسعدني !!

حَل الصمتُ بيننآ ليكون سيّد الموقف .. كآن يُشبك أنامله ببعضهآ بتوتر وآضح جدًا .. ونظرآتُه القلقة كانت تُوزغ في الأرجاء .. فأحببت أن أشجعه بقولـي

- لا بأس .. تأكد أنني سأكون في صفـِك .. سأسآعدُك !

ابتسم بغموض ثُم قآل بلهجة غريبة

- أنتِ غريبـــة !!

دُهشت !! .. غريبة ؟ ، نظرتُ إليه بتفاجؤ ثُم صُحت

- لــِمَ ؟ مالغريب فيّ !

قآل وهو ينظر بعيني مُباشرةً

- لا أعلم ، فرُغم علاقتنآ البسيطة .. أو لأكون شديد الوضوح ، رُغم الفترة القصيرة التي عرفتكِ بها إلا أنني أثقُ بكِ أكثر من أي شخص



كانت مكتوبــة بخطٍ كبيــر وواضحٍ ، شعرتُ برغبة مُلحة في البُكــاء .. مالذي فعلته لأستحق هذآ ؟

سُحبت الورقة مني بخفة بينما أنا أنظر إليها ..

- ريو .. أعدها لي !

- أنتِ قبيحــة ؟ من الاخرق الذي كتب هذا !

تعجبتُ حقًا عندما لاحظت غضب ريو الشديد عندمــا قام بتمزيق الورقة بقوة وجعلها اشلاء متناثرة

- لا تجعلـي أشياءً لا قيمة لها تؤثر عليكِ ..

أمسك بقلمـه وأخذ يكتُب على دفتــره بسُرعة ثُم أعطاني إياه لأقرأه

[ لم أكن سأرآفق فتاة قبيحة إلى الحفلة أبدًا .. لذلك لا تكترثي ، فأنتِ جميلـــة ! ]

وآه ! قلبــي .. لن يخرج ، بل أجزم أنه قد خرج من قوة نبضـه الذي يأبى السكون من بعد تلك الجُملة !

ظللتُ فترة لا أعلم طولها .. لكنني بقيت شآردة أقرأ تلك الجُملـة عدة مرآت .. لا أريد أن أنساها ، أريد أن تبقى في ذهني كما هيّ .. دون أن أنقص منها حرفًا واحدًا !

ربما ردة الفعل تلك حمقاء .. حينما رُسمت إبتسامة وآسعــــة مرحة على ثغري .. وكأنني قد جُننت ، لكن لا يُهم .. لأنني شعرتُ حقًا بفرحة غامرة ..

نظرتُ إلى ريو .. كان ينظُر إليّ هو الآخر وإبتسامة هآدئة على مُحيآه ..

أعدتُ إليه دفتــَره دون أن أقول شيئًا ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الآن ، إنها السآعة السآبعة مسآءً .. لم تبقى سـِوى سآعةٍ واحدة ..

إنني في منزل إحدى صديقــاتي القديمات آللاتي كُن معي في المدرسة السآبقة ..

جلستُ على سرير " آن " التي كانت تُخرج لي من خزانتها عدة فساتين لأختار إحداها للحفلة

لم يُعجبني سـِوى واحدٍ فقط شعرتُ أنه الأفضل والأكثر مُلاءمة لي .. إلا أن " آن " رفضت كُليـًا أن ألبسه بزعمهـا أنه قبيح جدًا ولا يُلائم الحفلات الراقية !

وفي النهاية .. لقد أرغمتنــي على إرتداء فستان بُرتقالي قصير - وكم أكره هذا اللون ! - .. يصل إلى أعلى رُكبتيّ

كان بسيطًا جدًا .. فقط قطعة قُماش صُممت لتكون ثوبًا خاليًا من أي إضافات ،

نظرتُ إلى المرآة المُعلقة على الجدآر وقُلت لها بفضول وأنا أحتضن وجهي بكفيّ

- ألن أحتاج لوضع بعض المساحيق على وجهي ؟

- كلا .. فأنتِ جميلـة بطبيعتكِ .. لا تحتاجين لذلك !

جميلـــة ... تلك الكلمة البسيطة جعلتني ابتسم رُغمًـا عني .. تذكرتُ جُملته ، أسعدتنــي كثيرًا !!

أومأت بالإيجآب .. وأخذت منها حقيبة سودآء صغيـرة أحملها بيدي ..

أما شعري .. فإكتفيت بوضع مشبكِ بُرتقاليّ صغيــر بأعلى أذني اليُمنىَ ..

وقفتُ أمامهــا بتوتر وقُلت

- هل أبدو جيدة ؟

ابتسمت بسعادة ثُم قالت وهي تغمز لي

- بل رائعــة ..

إقتربتُ منها وعانقتهــا بقوة .. إنها فعلاً صديقة حقيقية .. لطالمــا كانت بجانبي عند إحتياجي لها !!

- أشكُركِ ..

ربتت على ظهري بقوة ثم قالت ضاحكـة

- لا شُكر بيننا عزيزتي .. وكفاكِ توترًا .. فأنا أشعُر بجسمكِ يرتجف ، الأمر ليس مُخيفًا لهذه الدرجة .. فقط ستقفين بجانبه وتصافحين الجميع لا أكثر .. وارسمي إبتسامة لطيفة على فمك .. هذا كل مافي الأمر !

- هكذا فقط ؟ مُتــأكدة !

- آه ، أظن ذلك ..

إبتعدتُ عنها بتردُد .. ونظرتُ في عينيهــا اللتان كانتا تمُدانني بطاقة وشجاعة غريبـة ..

تتبعتُهــا لتُرشدني إلى طريق الخروج ، هممتُ بالذهآب لكنها إستوقفتني بقولها

- كوني حذرة ، إن إحتجتي إلى شيء .. يُمكنكِ الإتصال بي .. سأبقى مُستيقطة طوآل الليــل !

أومأت رأسي بالإيجآب وخرجــت بسُرعة ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

آوه لآ .... سُحقــــــــــــًا !!

إنها السآعة الثآمنة تمامًا .. تأخرت ، يا إلهي تأخرت !!!

لقد أضعتُ الطريق .. لقد نسيتُ وصف ريــو ، ألم يقُل أن أتجه يمينًا عندما أرى مُفترق طرق ..

ربآه .. ماذا سأفعل الآن ..

كما أن هذا المكان .. يبدو وكأنه مهجــور منذُ فترة ليست بالقصيرة أبدًا !

المكان مُظلمٌ جدًا .. لا توجد سوى عدة أعمدة إنارة قليلة لا تكفي لتُوضيح الرؤية ..

وقفتُ منتصبـة بفزع عندمـا سمعت صوت حركة يصحبهــا زمجرة مُرعبـة ..

إلتفتُ خلفــي بقليل من التوتر .. وياليتنــي لم أفعل !

- كلــب ! .. هذا ماينقصُنــي ..

عدت للنظر أمامي بسُرعة .. وأخذت أمشي بهدوء .. بحركة بسيطة هادئة .. لا أريده أن ينفعل أو .. يلحق بي بمعنى أدق !

أخذ ذاك الكلب بالنُباح بصوتٍ قوي جعل القشعريرة تسري بكامل جسدي .. فما كانت ردة فعلي اللا إرادية سوى الركض بعيدًا لأنجو بحياتي

آلركض حيث لا أعلــم .. لكن أتمنى فعلاً أن أجد احدًا هُنا يسمع بُكآئي وصرآخي فيُنقذني !

نظرتُ ورآئي .. كان يلحقُ بي بسُـــرعة .. ليصل إليّ .. ربآه ، سأموت .. سأمووووت !

- آه ..

لقد تعثرت .. تلطّخ فستاني بالطين وقد كُسر حذآئي ، وكأن هذا ماينقصنـــي ..

إقترب ذاك الكلب الأسود الكبيـــر منيّ بهدوء .. بينما أنا أزحف بحركة عكسية للورآء .. قدمي تؤلمني لا استطيع النهوض والدموع تحجب الرؤية وتجعلها ضبآبية !!

أغمضتُ عينآيّ بقوة عندمــا قفز علي بكآمل ثقله ليُصبــح فوقي ..

- أرجوك .. أرجوك لا تأكلني !

فاجأني ذلك الكلب بلعقه لوجهــي .. فتحت عيني لأراه يبدو لي كالجرو اللطيف !

- روكــــــي .. !!!!

رفعتُ رأسي بفرح عندمـا سمعت صوت شآب قآدمٍ ناحيتي من بعيـــد ..

صُعقت .. فوجئت .. إندهشت .. كُل تلك العبآرآت توضّح حآلتي الآن

فها أنا ذا أرى أمامي ذلك الشخص .. الذي أُعجبت به سابقًـــا !!

ولابد أن هذا هو كلبُــه روكي ، فهو معروف بحُــبه للكلآب ..

صُحت بغضبٍ عندمــا إقترب مني " آكيــرآ " ذو الشعرٍ الأشقــر الطويل - نوعًا ما - والعينين البُنيتين .. كان يُشبه ريو قليـــلاً .

- أبعد هذا القذر عنيّ ..

- مينـــوري ؟ أهذهِ أنتِ !

أَبعد كلبــه روكي عنيّ فحآولت النهوض حتى لا أتأخر أكثر .. كما أنني لا أُريد محادثة شآب مغرور مُتعجرفٍ مثل هذآ !

نظر إليّ بقلق ثم قآل

- أنتِ لستِ بخيــر .. دعيني أُسآعدكِ !

حآول الإمسآك بذرآعي إلا أنني دفعتُــه عنيّ بقوة ثم قلت بغضب

- لا تقترب مني ... أبدًا !!!!

ضحــِك بخفة وأردف

- مآبكِ .. أصبحتِ شرسة على غير العآدة

صوبت نظرآتٍ حآدة إليه جعلته يزدرد لعآبه بتوتر ..

حآولت النهوض إلا أن كُل محاولآتي بآءت بالفشل .. فما كان بيدي سـِوى طلب المسآعدة منه !

نظرتُ إليه بعينين غآضبتين إلا أنه إستطآع فهم مغزاهآ فأمسك ذرآعي بيده اليُمنى وأحاطني بذرآعه اليُسرى ليمسك خصري

مشينــا سوية بهدوء إلى أن قطع ذلك الصمت صوت آكيرآ وهو يتساءل بفضول

- ذآهبة إلى حفلة ؟

أجبتُــه بحدة

- نعم !

- هكذا ؟ تبدين كالمُتشــردة ..

إلتفتُ إليه بإندهآش لوقاحتــه .. مُتشردة !!

- وما شأنُــك .. ؟ فلتغلق فمك الكبيــر يا هذا ..

ضحك بقوة ثُــم قآل

- سآخذكِ لبيتــي ..

- لا أُريد .. فقط أوصلنــي إلى هذآ المنزل ..

توقفتُ للحظـة فـتوقف معيّ .. أخرجتُ ورقة أعطاني إياها ريو لـوصف المنزل من حقيبتــي السودآء الصغيـرة

- حآولت معرفة الطريق .. إلا أنني فآشلة بذآلك !!

أخذ الورقة منــي بفضول ثُم قآل بإبتسآمة وآسعة

- هكذآ إذًا !! .. هذا جيّد .. فنحنُ ذاهبان إلى نفس الوجهة !

[ أنتِ جميلـة ]

فجأة .. أصابني الذهول وأحسستُ أن قـِدرًا .. لا بل برميلًا من الماء البارد قَد صُب علي مرةً واحدة ..

فلقَــد وصلنـا إلى الطابق السُفلي دون أن أشعُر .. وقد فُتح باب المصعــد كاملاً .. لأرىَ ما لم أتمنىَ رؤيتــه !!

أٌتمنــى فقط لو تنشَق الأرض وتبتلعنـي على أن أُرى بهذه الحالــة !!!

- مـ ... ـينورر ي !

كانت تقف آكــي وهيكآرو مذهولــتان مما تراه أعيُنهمــا ، لا ألومهمـا فمن لن يُصدم إن رآني هكذا ؟!

دفعتُ كين بعيدًا عني بقوة ووقفتُ مُنتصبة بسُرعة ..

مررتُ بجانب آكي عندما مَشيتُ قاصدةُ باب الخروج إلا أنها أوقفتني بإمساكها لذراعي ، ثم قالت مُتسائلة

- ماهذا ؟

- ماذا ؟

- الذي رأيتُه للتو !

قُلت بلهجة باردة والملامح الجامدة قد رُسمت على وجهي

- فقط .. لا أعلم مالذي حدث إلا أن المصعد قد توقف فجأةً وشعرتُ بالخوف ، وساعدني كين ..

- أمُتأكدة أنكِ لم تحذفي الكثير من التفاصيل ؟

نظرتُ إليها بنظراتٍ حادة تحمل معنى " وما شأنُــكِ ؟ " ، فتركت يــدي لأمشي بعيدًا حيثُ باب الخروج

آكي ، شيئًا فشيئًا بـِتُ أبغُضها ، تصرفُاتها أصبحت مُستفـــزة لا تُطاق !

أسرعت بخطواتــي إلى أن خرجتُ من الفندق أخيرًا .. ليصطدم الهواء العليل بخصلات شعري فيتطاير بنعومة

طأطأتُ رأسي بتفكير في الذي حَدث للتو .. ماكان يجبُ عليّ دفعُ كين

حسنًا ، من الأساس كان خطأً كبيرًا مني أن أنفجر وأبكي أمامه

- سُحقــًا كم هذا مُزعج !

نظرتُ إلى ساعتي التي كانت تُشير إلى الثانية عشرة تمامًا .. مر الوقت كلمح البصر !

لكن .. كيف لآكي وهيكــارو أن تتواجدا هنا ؟! لقد قالتا أنهما ستذهبان مع باقي الطُــلاب ..

تنهدتُ بضجــر وقُلت بهمس لنفسي

- لا أظن أن ريو قلقٍ عليّ الآن ، أو رُبما هو قلق بشأن الطعام الذي ينتظره فقط !

إبتسمتُ بيني وبين نفسي مُطأطأة رأسي أنظُر إلى حذائي الأبيض البسيط ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


خرجتُ وبحوزتي أكياسٌ كثيرة مُعبئة بكل ما يُمكن أكلُـه .. وتُمسك يدي بحليب الفراولة الذي أعشقُـه جدًا

مَشيتُ وأنا أُحدث نفسي بحيرة وجدية في آن معًا ..

- أُحس أنني قد أصبحتُ أميل إلى ريو كثيرًا .. وكأنني بدأتُ أعجب به ... هذا إن لم أكُن أُحبه !!

تنهَدت بعُمق ، فبمُجرد التفكير بهذا الأمر يجعلنــي تعيسة

شخصية البطل فيهِ تُعجبني ... لكن الجانب الآخر من شخصيته مُستفز يجعلنُـي أصاب بنوبة من الغضب العارم في لحظات !

كما أن مُزاحهُ ثقيل وتصرفاته مُحرِجــه ..

عيُوبه كثيرة .. فكيف أُحبه ؟

كم هذا صعب !

وصلتُ إلى الفُندق دون وعيّ مني أو شعورٍ باللحظات التي قد مرت وأنا أمشي فيها للوصول ..

دخلتُ لأرى ريو قد خَرج من المصعد الذي كُنت به مع كين قبلاً

إقترب مني بغضب وهو يُحاول الإسراع بعكازيه للوصول إليّ

- مابكِ أيتها الخرقاء ، لــِم تأخرتي ؟ لقد شعرتُ بالخوف !

- تخاف من ماذا ولماذا ؟ إن الطعام بخير .. أقصد لقد أحضرتُ لك شيئًا تأكله فلا تخف

- أيتُها الغبية لقد خــِفت عليكِ ... !

ضحِكتُ بسُخرية وقلت

- لا تُحاول الكذب ، فأنا أعرفُك ..

- لا ، لا تعرفيني !

- بلى ...

- كما تشائين .. إذًا فالتكن نظرتُكِ لي سيئة ، فهذا لا يُهمني حقًا ..

نظرتُ إليه بغضب وألقيتُ بالأكياس جميعها في وجهه .. مُستفز ! ، صعدتُ السلالم خوفًا من أن يعلق المصعد بي وحدي هذه المرة ..

أخذتُ أتمتم بعصبية وعند رفعي رأسي لأعلى رأيتُ كين يضحَكُ ببساطة والسيجارة موضوعة مابين شفتيه كالعادة

قُلت بتعجُب وقد إحمــر وجهي بالكامل

- لـِمَ تضحك ؟

نزل السلالم بسُرعة ليترُكني خلفه غاضبة وهو يقول

- لا شيء لا شيء !


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


إنها الساعةُ الرابعة عصرًا .. وها نحنُ ذا نركب حافلاتنا لنعود أدراجنا ، أخيــــرًا !

شعرتُ وكأنني في حُلم قد تحقق بعد جُهد إستمر لسنين طـِوال .. كم يُسعدني ذلك ،

صعدت الحافلة بهدوء وكُل طالب جلس بمكانه السابق .. كما أن ريو عاد لغـناء أغنيته السخيفة السآبقة

أتمنــى فقط أن نصل بسُرعة لكي أتخلص منه ... لكن أعتقد أن ذلك مُستحيل ، سيلتصق بي كالغرآء وأنا واثقة !

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

حسنًــا ، لن أتطرق إلى اليومين السابقين .. بما أنه لم تحدث أحداث جديدة تستحق الذكر

وسأكتفــي بهذا اليوم ... يوم السبت ، بداية ( التعــاسة )

خَرجتُ من غرفتي ثُم أغلقت الباب خلفــي بهدوء ..

- ها نحنُ ذا نبدأ من جديد .. سُحقًا !

- مي نو ري !

لم ألتفت خلفــي .. فقط نبرةُ الصوت تلك التي تجعل القشعريرة تسري بجسدي .. تجعلني أعرف صاحبتها فورًا

- أهلاً رين .. صباحُ الخير !

تقدمتُ بضع خطوات وتقدمت هيَ الأخرى بجانبي .. لنتجه إلى صفوفنــا مع باقي الفتيات

قالت بعد فترة صمت

- سيأتي جدّي اليوم !

أومأت إيجابًــا دون إجابتها .. لستُ بمزاجٍ جيدٍ للحديث

لكن سُرعان ما ابتسمتُ بفرح وقُلت لها

- إذًا .. لن يكون ريو المُدير .. ذلك رائع !

وافقتني رين بابتسامة هادئة مع هزة بسيطة لرأسها ... ،

دفعتُ الباب بحُرية ثم دخلتُ إلى الفصل وأنا أتثاءب واضعة يدي على فمي

لمـِحتُ ريو يجلسُ على كُرسييّ ينظُر إلى ماخلف النافذة بشرود .. ليسَ ذلك مـِن عادتـِه

عِندما اقتربت .. رأيتُ تلك المُتعجرفة تجلـِسُ بجانـِبه .. آكي !

وقفتُ خلفها .. علّها تشعُر بقدومي فتذهب .. رؤيتها فقط تجعلني غاضبة !!

- لا يحق له فـِعلُ ذلك ! كيف يصفعُك بقوة هكذا ؟!

سمعتها تقول تلك الجملة التي جعلت ريو يلتفت ببرود إليها ثُم نظر إليّ

توسعت عيناي إندهاشًا عندما لمحت أثر صفعة على خده الأيمن

وقف بهدوء ووقفت آكي بعده بسُرعة لتصطدم بي بقوة حتى كدت أقع !

عقدت حاجباي غضبًا فأبعدتُها بقوة بشدي لطرف قميصها ثُم جلست على كُرسيّي متجاهلة وجودهُما

نظرت آكي إلي بغضب ثُم قالت مُزمجرة

- حمقآء ماذا بكِ ؟ لم أكُن أعلم بوجودك حتى

أخذتُ خصلة من شعري ولففتها حول إصبعي بدلآل ثم قلت

- لا يُهمني ..

نظرت إليّ بغضب وهمّت لتُهاجمنــي رافعة يدها لتصفعنــي ..

إلا أن ريو قد صرخ قائلاً بأمر

- كفــى !

إبتعدت آكي بعد فترة من الصمت وفي عينيهـا حقد وآضحٌ جدًا .. لكنني لا أكترث فعلاً !

مرت الدقآئق سريعة كلمح البَصــر .. والجميعُ يحدق إلى ريو بقلق .. مما جعَــل الفضول يطغى على أفكاري

أصدرت صوتًا بحنجرتي لألفت إنتباههُ ثُم قلت

- مآ سبب ...

- لا تتدخلــي !

قآلهآ بحدة مُقاطعًا سؤآلي مما جعلني أتردد واشعر بتوترٍ كبيــر ..

لكننــي سُرعان ماقُلت بغضب

- فليكُن .. فأنا لا اهتم !!

- جيد .. فأنا لا احتاجُ إهتمامكِ ..

نظرتُ إليه وقد فغرتُ فاهي تعجُبًا .. ثُم قلت ببلاهة

- ماذا ؟ هل هيَ حبيبتُــك ؟

لا إجآبة ! .. أظن بإن صمته يعني ( نعم ) .. لابُد أن صديقتَه قد صفعتـه لأنها قد شعرت بغيرة شديدة من مُعجباته ، أو ربما قد خانها أو ربما ... !

- يُمكننــي سمآعُكِ .. هل يُمكنكِ التفكير بشأن الصفعة بصوتٍ مُنخفض بحيثُ لا يُمكنني سماع همسكِ !

خجِـلت كثيرًا فطأطأتُ رأسي مُتحاشية النظر إليه لكنني قُلت بتردد بعد فترة صمت ..

- حسنًا .. يُمكنك إخبآري متى شئت ، رُبما يُمكنني إصلاحُ الأمــر

هَز رأسه إيجابًــا إلا أن ملامح اليأس جليّة على وجهه ..

رنّ جَرسُ الحصة الأولى اخيرًا ليُعلن عن بدئها ..

وأثناء ذلك قآل لي ريو ببرود دون النظر إليّ

- رُبما .... يُمكنكِ مُساعدتي !

شعرتُ بفرحة غامرة قد تسللت إلى قلبي فجأةً فقُلت بسرور

- حقًــا ؟! كيف ! هل تُريدنــي أن أُحادثها ..

ضحــِك ريو بخفة ثُم قال

- الأمر لا يتعلق بفتاة .. لم تستطع أي فتاة حَتى الآن أن تمتلكنــي !!

ثُم إقترَب منيّ بهدوء وهَمس بأذني

- ســِواكِ !

شعرتُ بأن الدم كُله قد تجمع بعروق وجهــي ليجعلهُ كحبة طماطم مُشتعلــة بشكلٍ عجيب ، فدفعتهُ بقوة عنيّ لأقول صارخة

- يكفــي ..

ضحــك بقووة وهو ينظُر إلى وجهــي بـِفَرح ثُم قال

- يُعجبني النظر إلى وجهكِ وانتِ غاضبة .. أشعُــر براحةٍ عجيبة !!

- سُحقــًا لك هذا ليس مُضحكًا البتة

صَمت قليلاً وهو ينظُــر إليّ بشرود

- في الفُسحة .. يجبُ ان أحادِثكِ !

قبل أن أنطق بحرفٍ واحد .. رأيتُ مسطرة خشبية طويلـة قد ضُربت بقوة على طاولتـي فجأة مما أثار فزعي

رفعت ببصري لأعلى لأرىَ مالم أتمنى رؤيتَــه

- مارأيُكمــا بإكمال حديثكما المُمتع هذا في الخارج .. إن لم تكُن الحصة مُهمة لكمُــا !!

إزدرأت لعابي بتوترٍ ثم قلت بتردُد دون النظر إليه

- آسفة أستاذ ..

- لا بأس ، فأنا أعلمُ أنكِ طالبة مُهذبة ..

ثُم أشار بمسطرته العجيبـة نحو ريو قائلاً بغضب

- إلا أن هذا المُشاكس يُريــد تحويلكِ إلى فتاة مُشاكسـة لكي أُجن ! إلا أن ذلك مُستحيل ، لن تستطيع يا ريو صدقني .. !

فأطلق بعد جُملته الطويلة تلك ضحكة إنتصار مُجلجلة جعلتنـي أضحك رُغمًا عني

قال ريـو بنبرة مُستهترة تصحبها ضحكة خفيفة

- لا أحتاج لفعل ذلك .. فلابُد أنك قد جُننت فعلاً قبل أن أفعل اي شيء

- أتعلم ؟ مايُدهشني حقًا ، أن درجاتك دائمًــا ما تكون مُمتازة !!

- بسيطة يا أًستاذ ، السر في ذلك أنني أملـِك عقلاً ذهبيًا ، وذكاءً حاد .. " وقال بغرور " وربمـا وسامتي لها دور كبيـر ايضًا

رأيتُ الاستاذ قد إحمَر وجههُ غضبًا وهو يرى إبتسامة ريو الوآثقة .. فأخذ يضرب بمسطرته تلك بخفة على رأسِ ريو ثُم إبتسَم فجأه مما أثار تعجُبي

- فتى مُشاكس !!!

حَك ريــو موقع الضربة بإنزعاج وهو ينظــُر للأستاذ بغضب ثم قال بهمسٍ مسموع

- آه عنيــف جدًا !

سألتُه بعدمـا عاد الأستاذ للشرح

- مابه ؟ وكأنه مُصابٌ بمرضٍ نفسي

- نعم إنفصام بالشخصيـة !

- حقًــا ؟

- لا تُصدقي فقط أمزح !

زفرتُ بإنزعآج ونظرتُ نحو الاستاذ الذي كان يوجه نظراته الحادة إلينا بقوة مما جعل قشعريرة غريبة تسري بجسدي ،

في النهآية .. رن جرس إنتهاء الحصــة أخيرًا .. وهكذا مع بقية الحصص الأخرى إلى أن حانت اللحظة التي كُنت انتظرهــا منذ البداية .. الفُسحة !

نهضتُ من على الكُرسي بنشآط وقُلت لريو بنظرآتٍ يملؤها الفضول واللهفة

- ستُخبرني الآن ! هاه .. الآن صحيح ؟

- نعم .. لكن إبقي هادئة .. بهذه الحماسة تبدين كطفلة حمقآء في الخامسة !

نظرتُ إليه بإنزعاج إلا أنني إكتفيت بهز رأسي موآفقة

مشينــا سوية إلى السآحة الخآرجية وجلسنآ على إحدى الكرآسي الموضوعة بعشوآئة هنآك ..

قُلت له بحمآس وفي جوفي طاقة هائلة لا أعرف ماهي .. أو حتى لـِمَ أُحس بها ؟

- هيّــا ! تحدث .. قُل قُل

رأيتُ نظرآت الإستغراب واضحة كوضوح الشمس على وجهه مما جعلني أنظُر بعيدًا بخجل .. لكن ماشعجني للنظر إليه من جديد كانت ضحكتُه الرنانة التي أطلقها

- حسنًا حسنًا .. لكنْ ، عديني ألا تخذلينــي .. فأنا فعلاً .. أحتاجُكِ كثيرًا مينوري !

عندما قآل آسمي .. شعرتُ بقلبي سيخرج لـِوهلة .. وكأن أحدًا يُحاول نزعه من مكآنه .. شعُور مُخيف إلا أنه .. وياللغرابة ! قد أسعدني !!

حَل الصمتُ بيننآ ليكون سيّد الموقف .. كآن يُشبك أنامله ببعضهآ بتوتر وآضح جدًا .. ونظرآتُه القلقة كانت تُوزغ في الأرجاء .. فأحببت أن أشجعه بقولـي

- لا بأس .. تأكد أنني سأكون في صفـِك .. سأسآعدُك !

ابتسم بغموض ثُم قآل بلهجة غريبة

- أنتِ غريبـــة !!

دُهشت !! .. غريبة ؟ ، نظرتُ إليه بتفاجؤ ثُم صُحت

- لــِمَ ؟ مالغريب فيّ !

قآل وهو ينظر بعيني مُباشرةً

- لا أعلم ، فرُغم علاقتنآ البسيطة .. أو لأكون شديد الوضوح ، رُغم الفترة القصيرة التي عرفتكِ بها إلا أنني أثقُ بكِ أكثر من أي شخص



كانت مكتوبــة بخطٍ كبيــر وواضحٍ ، شعرتُ برغبة مُلحة في البُكــاء .. مالذي فعلته لأستحق هذآ ؟

سُحبت الورقة مني بخفة بينما أنا أنظر إليها ..

- ريو .. أعدها لي !

- أنتِ قبيحــة ؟ من الاخرق الذي كتب هذا !

تعجبتُ حقًا عندما لاحظت غضب ريو الشديد عندمــا قام بتمزيق الورقة بقوة وجعلها اشلاء متناثرة

- لا تجعلـي أشياءً لا قيمة لها تؤثر عليكِ ..

أمسك بقلمـه وأخذ يكتُب على دفتــره بسُرعة ثُم أعطاني إياه لأقرأه

[ لم أكن سأرآفق فتاة قبيحة إلى الحفلة أبدًا .. لذلك لا تكترثي ، فأنتِ جميلـــة ! ]

وآه ! قلبــي .. لن يخرج ، بل أجزم أنه قد خرج من قوة نبضـه الذي يأبى السكون من بعد تلك الجُملة !

ظللتُ فترة لا أعلم طولها .. لكنني بقيت شآردة أقرأ تلك الجُملـة عدة مرآت .. لا أريد أن أنساها ، أريد أن تبقى في ذهني كما هيّ .. دون أن أنقص منها حرفًا واحدًا !

ربما ردة الفعل تلك حمقاء .. حينما رُسمت إبتسامة وآسعــــة مرحة على ثغري .. وكأنني قد جُننت ، لكن لا يُهم .. لأنني شعرتُ حقًا بفرحة غامرة ..

نظرتُ إلى ريو .. كان ينظُر إليّ هو الآخر وإبتسامة هآدئة على مُحيآه ..

أعدتُ إليه دفتــَره دون أن أقول شيئًا ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

الآن ، إنها السآعة السآبعة مسآءً .. لم تبقى سـِوى سآعةٍ واحدة ..

إنني في منزل إحدى صديقــاتي القديمات آللاتي كُن معي في المدرسة السآبقة ..

جلستُ على سرير " آن " التي كانت تُخرج لي من خزانتها عدة فساتين لأختار إحداها للحفلة

لم يُعجبني سـِوى واحدٍ فقط شعرتُ أنه الأفضل والأكثر مُلاءمة لي .. إلا أن " آن " رفضت كُليـًا أن ألبسه بزعمهـا أنه قبيح جدًا ولا يُلائم الحفلات الراقية !

وفي النهاية .. لقد أرغمتنــي على إرتداء فستان بُرتقالي قصير - وكم أكره هذا اللون ! - .. يصل إلى أعلى رُكبتيّ

كان بسيطًا جدًا .. فقط قطعة قُماش صُممت لتكون ثوبًا خاليًا من أي إضافات ،

نظرتُ إلى المرآة المُعلقة على الجدآر وقُلت لها بفضول وأنا أحتضن وجهي بكفيّ

- ألن أحتاج لوضع بعض المساحيق على وجهي ؟

- كلا .. فأنتِ جميلـة بطبيعتكِ .. لا تحتاجين لذلك !

جميلـــة ... تلك الكلمة البسيطة جعلتني ابتسم رُغمًـا عني .. تذكرتُ جُملته ، أسعدتنــي كثيرًا !!

أومأت بالإيجآب .. وأخذت منها حقيبة سودآء صغيـرة أحملها بيدي ..

أما شعري .. فإكتفيت بوضع مشبكِ بُرتقاليّ صغيــر بأعلى أذني اليُمنىَ ..

وقفتُ أمامهــا بتوتر وقُلت

- هل أبدو جيدة ؟

ابتسمت بسعادة ثُم قالت وهي تغمز لي

- بل رائعــة ..

إقتربتُ منها وعانقتهــا بقوة .. إنها فعلاً صديقة حقيقية .. لطالمــا كانت بجانبي عند إحتياجي لها !!

- أشكُركِ ..

ربتت على ظهري بقوة ثم قالت ضاحكـة

- لا شُكر بيننا عزيزتي .. وكفاكِ توترًا .. فأنا أشعُر بجسمكِ يرتجف ، الأمر ليس مُخيفًا لهذه الدرجة .. فقط ستقفين بجانبه وتصافحين الجميع لا أكثر .. وارسمي إبتسامة لطيفة على فمك .. هذا كل مافي الأمر !

- هكذا فقط ؟ مُتــأكدة !

- آه ، أظن ذلك ..

إبتعدتُ عنها بتردُد .. ونظرتُ في عينيهــا اللتان كانتا تمُدانني بطاقة وشجاعة غريبـة ..

تتبعتُهــا لتُرشدني إلى طريق الخروج ، هممتُ بالذهآب لكنها إستوقفتني بقولها

- كوني حذرة ، إن إحتجتي إلى شيء .. يُمكنكِ الإتصال بي .. سأبقى مُستيقطة طوآل الليــل !

أومأت رأسي بالإيجآب وخرجــت بسُرعة ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

آوه لآ .... سُحقــــــــــــًا !!

إنها السآعة الثآمنة تمامًا .. تأخرت ، يا إلهي تأخرت !!!

لقد أضعتُ الطريق .. لقد نسيتُ وصف ريــو ، ألم يقُل أن أتجه يمينًا عندما أرى مُفترق طرق ..

ربآه .. ماذا سأفعل الآن ..

كما أن هذا المكان .. يبدو وكأنه مهجــور منذُ فترة ليست بالقصيرة أبدًا !

المكان مُظلمٌ جدًا .. لا توجد سوى عدة أعمدة إنارة قليلة لا تكفي لتُوضيح الرؤية ..

وقفتُ منتصبـة بفزع عندمـا سمعت صوت حركة يصحبهــا زمجرة مُرعبـة ..

إلتفتُ خلفــي بقليل من التوتر .. وياليتنــي لم أفعل !

- كلــب ! .. هذا ماينقصُنــي ..

عدت للنظر أمامي بسُرعة .. وأخذت أمشي بهدوء .. بحركة بسيطة هادئة .. لا أريده أن ينفعل أو .. يلحق بي بمعنى أدق !

أخذ ذاك الكلب بالنُباح بصوتٍ قوي جعل القشعريرة تسري بكامل جسدي .. فما كانت ردة فعلي اللا إرادية سوى الركض بعيدًا لأنجو بحياتي

آلركض حيث لا أعلــم .. لكن أتمنى فعلاً أن أجد احدًا هُنا يسمع بُكآئي وصرآخي فيُنقذني !

نظرتُ ورآئي .. كان يلحقُ بي بسُـــرعة .. ليصل إليّ .. ربآه ، سأموت .. سأمووووت !

- آه ..

لقد تعثرت .. تلطّخ فستاني بالطين وقد كُسر حذآئي ، وكأن هذا ماينقصنـــي ..

إقترب ذاك الكلب الأسود الكبيـــر منيّ بهدوء .. بينما أنا أزحف بحركة عكسية للورآء .. قدمي تؤلمني لا استطيع النهوض والدموع تحجب الرؤية وتجعلها ضبآبية !!

أغمضتُ عينآيّ بقوة عندمــا قفز علي بكآمل ثقله ليُصبــح فوقي ..

- أرجوك .. أرجوك لا تأكلني !

فاجأني ذلك الكلب بلعقه لوجهــي .. فتحت عيني لأراه يبدو لي كالجرو اللطيف !

- روكــــــي .. !!!!

رفعتُ رأسي بفرح عندمـا سمعت صوت شآب قآدمٍ ناحيتي من بعيـــد ..

صُعقت .. فوجئت .. إندهشت .. كُل تلك العبآرآت توضّح حآلتي الآن

فها أنا ذا أرى أمامي ذلك الشخص .. الذي أُعجبت به سابقًـــا !!

ولابد أن هذا هو كلبُــه روكي ، فهو معروف بحُــبه للكلآب ..

صُحت بغضبٍ عندمــا إقترب مني " آكيــرآ " ذو الشعرٍ الأشقــر الطويل - نوعًا ما - والعينين البُنيتين .. كان يُشبه ريو قليـــلاً .

- أبعد هذا القذر عنيّ ..

- مينـــوري ؟ أهذهِ أنتِ !

أَبعد كلبــه روكي عنيّ فحآولت النهوض حتى لا أتأخر أكثر .. كما أنني لا أُريد محادثة شآب مغرور مُتعجرفٍ مثل هذآ !

نظر إليّ بقلق ثم قآل

- أنتِ لستِ بخيــر .. دعيني أُسآعدكِ !

حآول الإمسآك بذرآعي إلا أنني دفعتُــه عنيّ بقوة ثم قلت بغضب

- لا تقترب مني ... أبدًا !!!!

ضحــِك بخفة وأردف

- مآبكِ .. أصبحتِ شرسة على غير العآدة

صوبت نظرآتٍ حآدة إليه جعلته يزدرد لعآبه بتوتر ..

حآولت النهوض إلا أن كُل محاولآتي بآءت بالفشل .. فما كان بيدي سـِوى طلب المسآعدة منه !

نظرتُ إليه بعينين غآضبتين إلا أنه إستطآع فهم مغزاهآ فأمسك ذرآعي بيده اليُمنى وأحاطني بذرآعه اليُسرى ليمسك خصري

مشينــا سوية بهدوء إلى أن قطع ذلك الصمت صوت آكيرآ وهو يتساءل بفضول

- ذآهبة إلى حفلة ؟

أجبتُــه بحدة

- نعم !

- هكذا ؟ تبدين كالمُتشــردة ..

إلتفتُ إليه بإندهآش لوقاحتــه .. مُتشردة !!

- وما شأنُــك .. ؟ فلتغلق فمك الكبيــر يا هذا ..

ضحك بقوة ثُــم قآل

- سآخذكِ لبيتــي ..

- لا أُريد .. فقط أوصلنــي إلى هذآ المنزل ..

توقفتُ للحظـة فـتوقف معيّ .. أخرجتُ ورقة أعطاني إياها ريو لـوصف المنزل من حقيبتــي السودآء الصغيـرة

- حآولت معرفة الطريق .. إلا أنني فآشلة بذآلك !!

أخذ الورقة منــي بفضول ثُم قآل بإبتسآمة وآسعة

- هكذآ إذًا !! .. هذا جيّد .. فنحنُ ذاهبان إلى نفس الوجهة !

__________________
قدمي تسللت بين دجي الليالي
سائلتاً القمر متي سيتحقق حلمي
وهل سوف يحصل ما في بالي
بلون القمر توهجت عيناي
فأصبحت ملكتاً في اليوم التالي

[hide]احبك ياتاشي_كن
[/hide]

لي عودةdevil1]
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سأكون فارسك يا مهرجتي دلوعة البصرة روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة 45 10-27-2017 01:24 PM
فارسك ♥ѕњањаd حواء ~ 21 08-17-2012 07:38 PM
سأكون دميتك .. Cheery Blossom أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 442 07-22-2012 06:34 PM
سأكون فدائية mero_m أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 7 11-27-2009 06:29 PM
وحدي سأكون جروح حبيبه أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 04-21-2009 12:10 PM


الساعة الآن 11:15 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011