#26
| ||
| ||
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته كيف حالك فاليري تشان اتمنى انك بخير و بألف صحة؟ كعادتك تبهريني بجمال أسلوبك و فخامة قلمك الذهبي حقا أعجزت لساني عن الوصف؛فقط أذهلتني كنت متحمسة للفصل خصيصا ان اللقاء و التعرف سيجري فيه، و سنعرف من خلاله عن فانغ رين _ ان شاء الله كتبته صح_ و فعلا جرى التعرف بين الطرفين، في البداية لحظة وصفك لألتفاتها اعتقادا منها انها رأت سيمون قد ابدعتي بها فعلا، فقد تخيلت نفسي مكانها! عندما تحدث عن انها يجب ان تخبئ شعرها خوفا من ردة فعل من يعيشون في القصر، اعتقدت ان عائلته معقدة نوعا، و تسائلت انا ايضا لماذا يخشى ردة فعلهم و هم سوود الشعر مثله؟!، و قد طرح سؤالي عل لسانها، الاجابة صدمتني هو الوحيد اسود الشعر؟!، هل يعقل ان عائلته قد نبذته أو انه انتقل الى هذا العالم كما جرى مع شيفا؟!، انت مترددة من وصفك لهذا الفصل فأقول لك انك ابدعتي للغاية نجحت في وصف المحيط و المشاعر و المكان بإختصار بدعتي، وصفك للقصر بسيط الا انه مكني من تخيله بحذافيره و هذه نقطة قوية لصالح قلمك، قل من هم بمثل موهبتك، حسنا اذا انه غريب!، هذا اول ما خطر في عقلي لحظة تصرفاته المشبوهة معها، لماذا هو هكذا،؟! الا يجب ان يكون لطيفا معها؟! اكثر ما ادهشني انه القاها في القبو او شيء قريب منه! لماذا كل هذا التعامل الفظ؟! ايعقل انه صبغ شعره للاسود ليكون بتلك المهابة امام الاخرين؟! ام انه ليس البطل المنتظر؟! اذا هل البطل هو واحد من افراد العائلة الذي يسكن في احد القصرين الاخرين و ان هذا عل الارجح هو من سيقاتلونه؟!، لا تعلمين كم مقدار الاسئلة التى استبدتني بسبب هذا الموقف الذي جرى بين كليهما خصيصا تصرفه القاسي من جهة و ابتسامته من جهة اخرى!! فكرت ايضا انه قد اشتراها لكونها سوداء الشعر فعلا اعني لم تصبغه لهذا اللون لتحقيق مراد هو لا يستطيع تحقيقه؟!، هناك شيء غريب حوله!، هالة غامضة تعترية!، اخشى من كونه العدو الرئيسي في القصة، او انه قد يتصرف بهذه الطريقة فقط ليجعلها تعرف مهابته ام ماذا؟!، حقا تساؤلات كثيرة تلاحق هذا الفتى المريب، بدأت اخشى منه قليلا! عل كل و كما ذكرت سابقا انت مبدعة و لديك موهبة قل من يمتلكها في الكتابة، و اتمني فعلا ان تكملي هذه الرواية فقط باتت الاسئلة لا تتزحزح عن عقلي الحجري!!لديك الفكرة المذهلة و الاسلوب المميز فقط بإنتظار الاحداث التى ستخطف أنفاسنا!! و الان استطيع ان اقول ان لا تنسيني من جديدك في أمان الله [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][img3] https://e.top4top.net/p_746hl9mb2.png[/img3] التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-08-2018 الساعة 10:43 PM |
#27
| ||
| ||
*، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف هي احوالكم جميعًا؟ اتمنى بأتمّ الصحة والعافية ح9 لا تسعفني الكلمات لشكركم مجددًا على هذا التفاعل الجميل حروفكم وكلماتكم وتحليلاتكم تسعدني جدًا، وتجعلني متحمسة للبذلِ أكثر شكرًا جزيلًا لكل من ردّ على الفصلِ السابِق، إن شاء الله ستتضح الأمور قريبًا لبعض التساؤلاتِ التي طرحت وإن شاء الله سيننزل الفصل إما اليوم أو غدًا، فكونوا مستعدين لكم ودي أحبتي |
#28
| ||
| ||
الفصل الرابع. [ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://e.top4top.net/p_74644baq2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://e.top4top.net/p_74644baq2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] المكان: قارّةُ كامِيلوت – السَاعةُ الثانيةَ عشرَ ليلًا. تلحّفَ الجو بمعطفٍ مِن الضبَابِ الغيرِ مُتناهِي، الأبدِي والذي لا ولن ينقشِع أبد الدَهر. جوٌ رَطِب وهدوءٌ عمّ المنطِقةَ لم يكسرهُ إلا عواءُ الذئابِ ذاتِ الأعينُ الفضيَة. غابةٌ ضخمَة تمتدُ على مساحةِ المنطِقةِ كامِلة احتضنتْ فِي أحدِ أركانِهَا قلعةً ذاتَ طابعٍ فرنِسي، قلعةٌ سوداءُ تخللهَا اللون الذهبِي مُطرزًا إياهَا بلمعانٍ مُهِيب. وكأنمَا القلعةُ تنبِض، الأرضُ أسفَلهَا تهتزُ قليلًا بينَ الفينَةِ والأخرَى. اقتَربَ قطِيعٌ مِن الذئابِ شديدةِ البياضِ مِنهَا، عيونُهَا الفضيةُ كانتْ الشيءَ الوحِيد القَادِر على كسرِ ظُلمةِ الليل وكثافةَ غطاءِ الضبَابْ. أصدرَ أكبرُهَا عواءً جوهريًا ففُتِحتِ البوابَةُ الضخمَة للقلعَة إثرَه. وقفَ خلفهَا رجلٌ طويلُ القَامَة مُحملِقًا فِيهم ببسمةٍ مُتحمِسَة، ركضتِ الذئابُ إليهِ فقفزتْ مُداعبةً إياهُ وصدَى ضحكاتِهِ قد شقّ هدوءَ الغَابَة. - ل-لحظة! آآآه! انتبهوا لمخالِبِكُم! ضحَكَ بصوتٍ عالٍ بسعادةٍ لم تشبهَا شائِبَة، شعرهٌ أشقرٌ فاتِحٌ جدًا، عيونهُ زرقاءٌ أقربُ للونِ مياهِ البحر لجزرِ المالدِيف. هدأتِ الذئابُ لكِنهَا لمْ تتحركْ من عليه، رمقهمْ بتعجبٍ بسيط إلا أنّهُ فهم حالمَا شاهَدَ الألفا الخاصَ بِهِم جالسًا بعيدًا بعضَ الشيء، ناداهُ فكسَر الصمتَ المُطبِق: (فايلين) تعالَ إلى هنَا. تحرّك الذئبُ الكبيرُ ناحيتَه، جلسَ بقُربِهِ فقامَ الرجل بمداعبةِ رأسهِ بحنيّة، سألهُ فجأةً: ما الأمر؟ لا تبدُو سعيدًا هذه الأيام! أشَاحَ بوجهِهِ بعِيدًا، أُحْبِطَ مِن إجابةٍ كهذهِ إلا أنّه لم يتوقعَ أفضَل مِنَها. نُودِيَ على حينِ غرّة: (غيلبرت). نظرَ إلى المُنادِي، اتسعَ فاهُهُ بابتِسامةٍ عريضةٍ مملوءةٍ بالسَعادة، أجابَ بفرحٍ على المُنادِي: يوه (سيفيروس)! وقفَ بقُربِه، أتَى ( فايلين) فجلسَ بالقُربِ مِن الوافِدِ الجدِيد، زمّ (غيلبرت) على شفتِيه مُتضايقًا، فأعربَ عن ضيقهِ بسرعَة: إنّهُ يحبكَ أنتَ وحسب! يالَ حظِك. داعبَ (سيفيروس) رأس (فايلين) بخفَة، ثم عاودَ النظر إلى المُستلقِي أرضًا بنظراتٍ حادّة. سرتْ قشعريرةٌ في جسدِ (غيلبرت) فوقفَ مُنتصبًا، فعلتِ الذئابُ مثله فوقفتْ مُنتصِبةً أيضًا، بكَى الأولُ بفرحةٍ لأنّ لدِيه حليفًا فِي خوفِه، ثم عاودَ النظَر إلى أخيهِ الذي ما انفكَ ينظرُ إلى الألفَا الواقِفِ بجوارِه، دنَى منهُ فسأله: هل راودتَ (فايوليت) رؤيَا جديدة؟ أومَأ برأسهِ إيجابًا، جلسَ (سيفيروس) على ركبةٍ واحِدَة واضعًا جبينهُ على جبينِ الذئبِ وقال: وكأنمَا الليلُ يجثمُ على صدركَ لشدِة الوحدَة. تعجبَ (غيلبرت) لعبارتِه، ولم يفهم مُرادهُ فيهَا حقًا! إلا أنهُ يعلمُ أن شقيقهُ يفهمُ الذئابَ أفضَل من أي فردٍ فيهم، لذا ابتسمَ ابتسامةً حانية مُتأمِلًا الحُبَ القويَّ بينهمَا. المكان: مملكَة سافانا – أرضُ عائِلة فانغ. اليومُ الذي ما ظنّت أنّهُ سيأتِي لشدةِ التعبِ قد أتَى، والقُوةُ التي تآكلتْ مع الريحِ بالأمس من جسدِهَا قد عادتْ بعض الشيءِ أخيرًا، نهارُ هذا المكانِ دافِئٌ جدًا، أشعَةُ الشمسِ لطيفة ورائِحةُ الريحانِ تنتشرُ فِي الجوِ بفعلِ الرياحِ المنفَعِلَة، ربما يكُون هذا الجمالُ هُو ما يشحنُ ما نفقَ مِن قوتِهَا، تبسّمتْ لفكرةٍ لطيفةٍ كهذه. اليومَ هي تشعرُ أنّها ليستْ من كانَ بالأمسْ، وكأنمَا انسخلتْ عن جلدِهَا القدِيم لسببٍ لا تعلمه، هِي ليستْ حرّةً إلا أنهَا ليستْ فِي السجنِ الذي أواهَا إياهُ فِي أعماقِ رأسِهَا بالأمس، لذا تحمدُ الله أقلهَا على هذا. وبعد مُضِي بعضِ الوقتِ تُفكِرُ كيف أنّ تصرفاتهُ بدأتْ تغيضُهَا، بالأمسِ أعطاهَا شرابًا ما جعلهَا تتمنّى الموت من شدّةِ الألَمْ، واليوم.. آهٍ منه، إنّه يجلِسُهَا على مائِدةِ الطعامِ مُطْعِمًا إياها ما لذ وطَاب، وهي – بكل سرور- تأكل رامقةً إياهُ بغضبٍ شدِيد. بالطبَعِ هي ستحاوِل إخفاءَ بهجتِهَا بالطعَام، لن تشكرهُ عليهِ أبدًا.. هذا الغامضُ اللئيم! - ش-شكرًا لكَ على هذهِ الضيافَة. (تبًا لي!!!!) صرختْ بغضبٍ تجاه نفسِهَا داخليًا، فيما ارتشفَ الشَاي بصمتٍ كعادتِه، لم يحدثهَا أكثر عمّا كانَ يعنِيه بالأمسْ وليستْ راغِبةً بالمزِيدِ من الألَمْ؛ لذا ستتحَلى بالصمتِ وتأكُل حتَى تخُور قواهَا. نظرَ إليهَا بحنَانْ، وأثناءَ نظرهِ إليهَا قدّم طبقًا آخَر من الطعَام ثمّ مازحهَا بخفّة: أنتِ شرهةٌ حقًا، مُغايرةٌ لفتياتِ عائِلتِي. اتسعتْ بسمتهُ السَاخِرة، علّقتْ بخجلٍ بسيط: لأنّي لم أتناول شيئًا منذُ يومين، لستُ شرهةً بطبعِي. رمقهَا بتفحُصْ، واقترب منهَا قليلًا يسألُهَا بشك: حقًا؟. انفعلتْ بعضَ الشيءِ وهي تقضمُ قطعةً مِن اللحمِ: أجَل حقًا! أنَا فتاةٌ تميلُ لشربِ القهوةِ الداكِنَة في الصبَاح، لا آكلُ لحمًا دسمًا فِي العَادة!. أرخَى وجههُ على يدهِ ريثمَا يستندُ بكوعِهِ على الطاوِلة، امتلأتْ عيناهُ لُطفًا وعبّر بجملةٍ واحِدة عمّا سمِعَه: هكذا إذن. لما أصبح لطِيفًا جدًا الآن؟ تساءلتْ بقلقٍ بسيطٍ في أعماقِهَا، أحشاءُهَا تقلّبتْ وجعًا فجأةً، فتركتْ اللحمَ وهي تلعنُ شهيتهَا المفاجِئَة. وضعَ لهَا كوبًا ساخِنًا مِن شاي اللافنِدَر، داعَبَ شعرهَا بلطفِهِ الذِي تشكُ فِيه وأخبرهَا: ليُسَاعدَ في هضمِ الولِيمَة، لا تقلقِي لم أضعْ فِيه شيئًا هذهِ المرّة. لا تدري لمَا تثقُ بكلماتهِ بسرعَة، هذا الأمرُ يغيضُهَا، فهي لم تعرفهُ قبلًا ولم تلتقِ بهِ في حياتِهَا.. إذن لما بحقِ الله تثقُ بهِ كما لو كانَ يقطنُ بجوارِ نياطِ قلبهَا؟ نظرتْ إليهِ بتمَعُن، ارتشفتْ الشايَ لتُخبرهُ وهي تنظرُ إلى اللونِ الجميلِ الذي يحتضنهُ الكوب: لدِي ذكرياتٌ قلِيلة عن فتاةٍ ما بشعرٍ له لونُ اللافِندَر، ذكرياتٌ متقطعة، مشوشَة وغيرُ واضِحَة، إلا أنهَا تتسِمُ بالدفء، ذكرياتٌ يملؤهَا الضوء.. صورٌ ما عرفتُ مصدرَهَا إلّا تجعلُ صدري ينقبِضُ بقوةٍ كُلمَا راودَتنِي. شدّ كلامهُا انتباهَه، فباتَ بوجهٍ جدِيٍ يحدِقُ فِيهَا وعيناهُ تلتمِعَانِ بنوعٍ من الحزنِ جاهَد بشدةٍ لإخفاءِه، جلسَ بقُربِهَا يُصِيخُ السمعَ إلى صوتِهَا الذي يُحِيي فِيه ما ماتَ، ويشفِي تصدعاتِ الزمَنِ التي جاورتِ التُرابِ مُذ حينهَا: لاحظتُ أنّ هناك حقلًا كامِلًا لأزهارِ اللافِندر تُطل عليهَا الغرفةُ الجديدة التي اعطتَنِيهَا، أسعدَ هذا قلبي حقًا.. شكرًا لك. قبَّل جبينهَا، أرخَى رأسهُ على كتفهَا فانسدلتْ خصلاتُه السوادء عليه، أخبرهَا بصوتٍ شجِي خفَيض: لونُ اللافِندرِ هذا.. أعزُ عليّ مِن القلبِ الذي ينبضُ فِي صدْرِي! تفاجَئتْ بعبارَتِه. أنفاسُهُ المُتزامِنَة الحارّة تضربُ كتِفهَا، ساورهَا الحُزنُ من حيثُ لم تحْتسِبْ، أشاحتْ بعينيهَا بعيدًا تفكِرُ عميقًا فِي المشاعرِ الغامِضَة التي تختلجُ قلبهَا، تشعرُ أن عليهَا رعايته وفي الوقتِ نفسِه تشعرُ أن عليها الهربَ منهُ إلى أقصى نهاياتِ الأرْض، وهي بينَ الأمرين حائِرة، فهذهِ النفسُ لم تعهدِ تقلباتٍ حادةً كهذهِ قبلًا، ولم تساوِرهَا الأفكارُ السوداوية التي تأتِي فكرهَا الآن! زفرتْ بحدّة، انتصبَ (لي رين) واقفًا، وسَار ليخرجْ وقبلَ أن يختفِي من ناظريهَا أخبرهَا: سآخُذكِ الليلَة إلى مُلتقى عائلةِ فانغ، كونِي مُستعدة، جهزْتُ لكِ لباسًا مُلائمًا في غرفتِك. وأختفى.. بهذهِ البسَاطَة. هبطَ الليلُ المُقدسُ كستارٍ عظِيم، ستارٌ أخفَى كُل ما أرادَ الناسُ إخفاءَه، وفِيه هاموا متهجولِين كُلٌ منهم لرغبةٍ ما مُنصَاع. ورغبتهَا هذهِ الليلة أن يسيرَ كُل شيءٍ بخير وألا تضطر -قسرًا- لمواجهةِ المزيدِ من المشاكِل، دعتْ بصوتٍ خائِف: أرجوكَ يا الله.. الليلةَ فقط! دُقَ بابُهَا فأسرعتْ بفتحِه، نظرَ إليهَا بتمعُن، إلى التشونسام الأسود الذي ابتاعهُ لهَا، مُطرزٌ برسمٍ لتنينِ ذهبي ذو عيونٍ حمراء، ناسبتِ الألوانُ ملامِحَ وجههَا وألوانهَا، داعبَ شعرهَا كعادتِه ثم قال: لنذهَب. أخذهَا إلى القصرِ الثَانِي، حالمَا خطتْ أول خطواتِهَا من البابِ الكبير حتَى وصلتْ إلى آذانِهَا الأصواتُ الكثيرة لعائِلةِ فانغ، سارتْ معهُ عبرَ الممرِ الواسِع ذي اللونِ الأحمر والذهبِي حتَى وصلا إلى القاعةِ الكبيرَة، لهَا من الألوانِ نفسُ ما للممرِ تمامًا مع وجودِ الكثيرِ من الثرياتِ المُعلقةِ على السقفِ للإنَارَة، عمّ الصَمتْ، كُلُهم للي رين ينظرون، إنحنوا جميعًا باحترامٍ واضِح وتبسمُوا في وجههِ مرحبين فِيه، بادلهم تحية الإحترامِ وسارَ لتتبعهُ شيفا القلِقَة. تجمعَ حشدٌ منهم حولَ لي رين، وباتُوا يبادِلُونهُ الأحادِيث بمُختلفِ مواضِيعهَا، شعرت كالأشبَاحِ تمامًا وربمَا كان هذا عزائهَا الوحِيد للقلقِ المُستَبدِ في صدرِهَا. لُمِسَ كتفهَا ففزعتْ، داعبتْ ضحكةٌ شرسَة أذنيهَا فالتفتتْ مُسرعَةً لصاحِبةٍ الضحكَة، شعرٌ برتقاليٌ مُحمّر وعيونٌ ذاتُ لونٍ ماثَل شعرهَا، طويلةُ القَامَة وشديدةُ البياضْ، إلا أنّ أكثر ما شدهَا هو كونُهَا بتراءَ اليد، رمقتْ الجانِب الأيمنَ بغصّة فيما اكملتِ الفتاةُ الإبتسامَ بشراسةٍ واضِحة، وكزتهَا على جبينِهَا فقالت: خسرتُهَا في معركةٍ منذُ أمدٍ بعِيد، لا تُعيريهَا إهتمامًا. ابتسمت شيفا له بهدوء وخلالَ لحظات قدّمتِ الفتاة نفسهَا بثقة: أدعَى فانغ فِي هون، زوجةُ لي رين الواقِف هُناك!. تفجّرتْ شيفا بالضحكِ فجأةً مما جعَل فِي هون تضحكُ أيضًا، توقفتِ الأولى بعد لحظاتٍ لتعتذِر بشدة: آسِفةٌ جدًا، فقط لم أتخيل أنهُ سيكونُ متزوجًا من فتاةٍ حيّة. لم تتمالك فِي هون نفسهَا فتفجرتْ مرةً أخرى بضحكاتٍ هستيرية، أعقبتْ بعدهَا بسخريةٍ لاذعَة: أعلمُ ذلك!. صمتت للحظاتٍ ثم تكلمتْ بهدوءٍ مُفاجِئ: أتَى لي رين بالأمسِ حزينًا وسعيدًا في آن، لم يُخبرنِي بكُلِ التفاصِيل إلا أنّي علمتُ أنّ من سببَ لهُ الإضطرابَ شخصٌ مميز، والآن حللتُ كُل قطعِ الأحجية. - أحجية؟ بان نابهَا الحاد حينمَا ابتسمتْ بغموض، مداعبةً شعرهَا بنفسِ طريقةِ لي رين، تكلمتْ مُجددًا ولكِن هذهِ المرّة كانَ صوتهَا مُرتاحًا حنونًا: أجل، أحجيتنا المفقودة، حُلّت أخيرًا. كان لي رين مُعاينًا للمحادثةِ التي جرتْ بين زوجتهِ الصاخِبَة والفتاةِ التِي لا يعلمُ أحدٌ لما أشتراهَا. بعيدًا عن فِي هيون، كان الجميعُ يرمُقُهَا بغضبٍ وعدمِ ارتياح، مما أشعرهَا بالتوترِ الشديد، سألتْ فِي هيون فجأة: المعذرة فِي هيون، أستمانعين إن التصقتُ بكِ للوقتِ الحالي؟. بدا العجبُ لثوانٍ على فِي هيون، لكنهَا أعقبتْ بمرحٍ تاليًا: لا أمانِعُ البتة! بقيتَا تدردشانِ حتَى انتهَى وقتُ المُتلقى الذي كانَ مرتعًا للخوفِ في نفسهَا، لم ترغبْ بالمشاكِل لذا بقيتْ مع سيدةِ البيتِ حتَى انتهَى كُل شيءٍ على ما يرامْ، سارتَا مع بعضِهِمَا عبر الممرِ نفسِه الذي سارتْ فيهِ مع لي رين قبل ساعاتْ، كانتا صامتتين حتَى سألتْ شيفَا بفضول: لم أصدق حينمَا أخبرني لي رين عن كونهِ الوحيد ذو الشعرِ الأسودِ هُنَا، إلا أنِّي صدقتهُ حينما رأيتُ الجميع، لما هو وحده؟ بدتْ فِي هيون كمنْ يحاولُ أن يفسرَ الأمرَ بترتيبِ المعلوماتِ اولًا في رأسِه، أجابتْ بعد برهةٍ بشكلٍ جدي: لم يولد أي شخصٍ في عائلة فانغ بشعرٍ أسود بعد الحادِثة المأساوية، لي رين أكّد عد حصولِ هذا بكُل قواه. - إذن كان هُناك أعضاءٌ بشعرٍ أسود؟ أجابتْ ببسمة: أجل، كانُوا قلّة إلا أنّهم كانوا الأقوَى في العائِلة، ماتوا مدافعين عن هذهِ الأرض، إلا أن ذكراهم مربُوطةٌ بذوي الرؤوس السوداء الذين سببوا الفاجِعَة، وهذا جرحٌ لن يلتئِمَ في عائِلَة فانغ. تحيّرت شيفا، فإن كان الأعضاء الأولونَ من عائلةِ فانغ جيدين وكانوا بشعرٍ أسود أيضًا، إذن من يكُون الآخرون الذين سببوا الفاجِعة؟، قُطع حبل أفكارِهَا بصوتٍ فِي هيون: ستعرفين من فعل الفاجِعَة حينمَا يحينُ الوقتُ المناسِب، هيَا إذهبي لترتاحِي. همّت فِي هيون بالرحِيل إلا أنّ شيفا أمسكتْ بمعصمهَا بقوّةٍ أدهشتْ الأولى، أخبرتهَا بغصة: أشعرُ أنّي في ثقبٍ يبتلعُ كُل ما يحويه، الجميعُ من حولي يعرفونَ كُل شيء عنِّي وأنا جاهِلةٌ بكُل شيء! حديثكم يشعرني أنِّي أنتمِي إلى هذا العالمِ وليس حيثُ ترعرعتْ، إن كان هذا صحيحًا فما هي قصتي؟ ولما تتحدثون بالألغاز؟ شعرتْ فِي هيون بألمٍ في صدرهَا لكلامِ الفتَاة، الأسى والشجُو ظهرا على وجههَا كما لو أنّ القناعَ الذي ترتديه قد تكسّر فجأة، احتضنتهَا بقوة، مُتمسِكةً بهَا بأقوَى ما يكُون، صوتُهَا الذي حدثتهَا بهِ تاليًا كان محمومًا، مُنفعلًا بالكبتِ والوجع: لكل شيءٍ وقتهُ عزيزتِي شيفا، حتى اسمكِ لهُ قصةٌ ستعرفينهَا لاحقًا، تمنيتُ لو أنّ إخباركِ بالحقيقةِ سهلُ كما تتخيلين! أتمنى هذا حقًا صغيرتي! ولكن هذا غيرُ ممكن! الإحباطُ الذي ارتسم على شيفا لم يمكِن كسره بأيِ مواساةٍ أخرى، لم تتحدث أو تسأل تاليًا، فقط اكتفتْ بإطباقِ شفتيهَا وزمهما بقوّة، أبتعدتْ فِي هيون عنهَا قليلًا وأخبرتهَا بتحذيرٍ واضِح: لا تغادري غرفتكِ الليلة، حتَى ولو أكلتِ النيرانُ جسدك! ذهَبتْ عنهَا دون أن تفهم تحذيرهَا، خلدتْ للنوم تاليًا وقد كان نومهَا عميقًا على غيرِ عادَة، لم تحلم، لم ترى شيئًا، كانتَ تعومُ في الظلامِ ولم ترى إلا نفسهَا فِيه، حتى استثِيرتْ حواسُهَا برائحةِ خشبِ السنديانِ المُحترِق، استفاقتْ فجأةً على صدمةِ أن النيران تأكُلُ كُل شيء! [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-08-2018 الساعة 10:07 PM |
#29
| ||
| ||
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('https://e.top4top.net/p_74644baq2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] مرحبًا بكم أعزائِي مجددًا، وها قد وضعتُ هذا الفصل بعد طولِ إنتظار كنتُ متحمسةً جدًا أثناءَ كتابتِه لأنّ شخصية فِي هيون قد ظهرتْ فيه فهي من شخصياتِي المفضَلة في الرواية ، أتمنى ان يكون الفصل قد حاز على إعجابكم أعزائي [cc=صورة التشونسام][/cc] ملاحظة : حاولتُ أن أخفي الأجزاء الظاهرة من الفتاةِ بقدر استطاعتي، آسفة إن لم يكُ كافيًا "( التشونسام: هو أحدُ الألبسةِ الشعبية للنساءِ في الصين، عبارةٌ عن فستانٍ لاصِقٍ بالجسد يتميز بتنوعِ قصاتِه، إلا أن أشعرهَا هو أن يكون مُمسِكًا بالرقَبة ومفتوحًا من منتصفِ الفخذ إلى نهايته، يتميز يتنوعِ تطاريزهِ، من الورود والنقوشِ إلى التنانين وما شابهها مما يمثلُ الحضارة الصينية. وهو اللباسُ الشعبي لفتياتِ عائلةِ فانغ هذهِ هي الدرجة المطابقة للونِ عينيّ وشعرِ فِي هيون كمَا أنها تمتازُ بندبة تقطعُ جزءًا من بسيطًا من خدها عبر أنفها إلى خدها الآخر إلا أنّي لم أصفها في الفصلِ أتمنى أنكم قد استمتعم بهذا الفصل، أتمنى منكم كتابة توقعاتكم وتساؤلاتِكم عن الأحداث، شاكِرةٌ لكم [/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-08-2018 الساعة 03:55 PM |
#30
| ||
| ||
المكان: قارّةُ كامِيلوت – السَاعةُ الثانيةَ عشرَ ليلًا. تلحّفَ الجو بمعطفٍ مِن الضبَابِ الغيرِ مُتناهِي، الأبدِي والذي لا ولن ينقشِع أبد الدَهر. جوٌ رَطِب وهدوءٌ عمّ المنطِقةَ لم يكسرهُ إلا عواءُ الذئابِ ذاتِ الأعينُ الفضيَة. غابةٌ ضخمَة تمتدُ على مساحةِ المنطِقةِ كامِلة احتضنتْ فِي أحدِ أركانِهَا قلعةً ذاتَ طابعٍ فرنِسي، قلعةٌ سوداءُ تخللهَا اللون الذهبِي مُطرزًا إياهَا بلمعانٍ مُهِيب. وكأنمَا القلعةُ تنبِض، الأرضُ أسفَلهَا تهتزُ قليلًا بينَ الفينَةِ والأخرَى. اقتَربَ قطِيعٌ مِن الذئابِ شديدةِ البياضِ مِنهَا، عيونُهَا الفضيةُ كانتْ الشيءَ الوحِيد القَادِر على كسرِ ظُلمةِ الليل وكثافةَ غطاءِ الضبَابْ. أصدرَ أكبرُهَا عواءً جوهريًا ففُتِحتِ البوابَةُ الضخمَة للقلعَة إثرَه. وقفَ خلفهَا رجلٌ طويلُ القَامَة مُحملِقًا فِيهم ببسمةٍ مُتحمِسَة، ركضتِ الذئابُ إليهِ فقفزتْ مُداعبةً إياهُ وصدَى ضحكاتِهِ قد شقّ هدوءَ الغَابَة. وصف الليل ,, وصف فاق الخيال ,, وصف دقيق وجميل ,, وجعل الوصف أجمل مما هو عليه أصوات تلك الذئاب الجميلة ’’ حقيقة فاليري أنتِ شيء آخر أنتِ شيء صعب الوصف أنتِ جوهرة الكتّاب ولبهم ,, أحييكِ على هذا الإبداع وعلى هذا الجمال ’’ أتعلمين ,, حقا أتمنى أن أكون يوما مثلكِ يجيد الكتابة ويتقنها ,, - ل-لحظة! آآآه! انتبهوا لمخالِبِكُم! ضحَكَ بصوتٍ عالٍ بسعادةٍ لم تشبهَا شائِبَة، شعرهٌ أشقرٌ فاتِحٌ جدًا، عيونهُ زرقاءٌ أقربُ للونِ مياهِ البحر لجزرِ المالدِيف. هدأتِ الذئابُ لكِنهَا لمْ تتحركْ من عليه، رمقهمْ بتعجبٍ بسيط إلا أنّهُ فهم حالمَا شاهَدَ الألفا الخاصَ بِهِم جالسًا بعيدًا بعضَ الشيء، ناداهُ فكسَر الصمتَ المُطبِق: (فايلين) تعالَ إلى هنَا. تحرّك الذئبُ الكبيرُ ناحيتَه، جلسَ بقُربِهِ فقامَ الرجل بمداعبةِ رأسهِ بحنيّة، سألهُ فجأةً: ما الأمر؟ لا تبدُو سعيدًا هذه الأيام! أشَاحَ بوجهِهِ بعِيدًا، أُحْبِطَ مِن إجابةٍ كهذهِ إلا أنّه لم يتوقعَ أفضَل مِنَها. نُودِيَ على حينِ غرّة: (غيلبرت). نظرَ إلى المُنادِي، اتسعَ فاهُهُ بابتِسامةٍ عريضةٍ مملوءةٍ بالسَعادة، أجابَ بفرحٍ على المُنادِي: يوه (سيفيروس)! وقفَ بقُربِه، أتَى ( فايلين) فجلسَ بالقُربِ مِن الوافِدِ الجدِيد، زمّ (غيلبرت) على شفتِيه مُتضايقًا، فأعربَ عن ضيقهِ بسرعَة: إنّهُ يحبكَ أنتَ وحسب! يالَ حظِك. داعبَ (سيفيروس) رأس (فايلين) بخفَة، ثم عاودَ النظر إلى المُستلقِي أرضًا بنظراتٍ حادّة. سرتْ قشعريرةٌ في جسدِ (غيلبرت) فوقفَ مُنتصبًا، فعلتِ الذئابُ مثله فوقفتْ مُنتصِبةً أيضًا، بكَى الأولُ بفرحةٍ لأنّ لدِيه حليفًا فِي خوفِه، ثم عاودَ النظَر إلى أخيهِ الذي ما انفكَ ينظرُ إلى الألفَا الواقِفِ بجوارِه، دنَى منهُ فسأله: هل راودتَ (فايوليت) رؤيَا جديدة؟ أومَأ برأسهِ إيجابًا، جلسَ (سيفيروس) على ركبةٍ واحِدَة واضعًا جبينهُ على جبينِ الذئبِ وقال: وكأنمَا الليلُ يجثمُ على صدركَ لشدِة الوحدَة. تعجبَ (غيلبرت) لعبارتِه، ولم يفهم مُرادهُ فيهَا حقًا! إلا أنهُ يعلمُ أن شقيقهُ يفهمُ الذئابَ أفضَل من أي فردٍ فيهم، لذا ابتسمَ ابتسامةً حانية مُتأمِلًا الحُبَ القويَّ بينهمَا. يا ترى ما قصة الذئاب وما سبب هذا الصمت ,, وما هي تلك الرؤية ,, أسئلة كثيرة ,, تخطر في خاطري لعلي أجد جوابها فيما بعد ,, حقيقة إنني في أتم الاستعداد لما سيأتي فأنا في شوق للقادم ,, المكان: مملكَة سافانا – أرضُ عائِلة فانغ. اليومُ الذي ما ظنّت أنّهُ سيأتِي لشدةِ التعبِ قد أتَى، والقُوةُ التي تآكلتْ مع الريحِ بالأمس من جسدِهَا قد عادتْ بعض الشيءِ أخيرًا، نهارُ هذا المكانِ دافِئٌ جدًا، أشعَةُ الشمسِ لطيفة ورائِحةُ الريحانِ تنتشرُ فِي الجوِ بفعلِ الرياحِ المنفَعِلَة، ربما يكُون هذا الجمالُ هُو ما يشحنُ ما نفقَ مِن قوتِهَا، تبسّمتْ لفكرةٍ لطيفةٍ كهذه. اليومَ هي تشعرُ أنّها ليستْ من كانَ بالأمسْ، وكأنمَا انسخلتْ عن جلدِهَا القدِيم لسببٍ لا تعلمه، هِي ليستْ حرّةً إلا أنهَا ليستْ فِي السجنِ الذي أواهَا إياهُ فِي أعماقِ رأسِهَا بالأمس، لذا تحمدُ الله أقلهَا على هذا. وبعد مُضِي بعضِ الوقتِ تُفكِرُ كيف أنّ تصرفاتهُ بدأتْ تغيضُهَا، بالأمسِ أعطاهَا شرابًا ما جعلهَا تتمنّى الموت من شدّةِ الألَمْ، واليوم.. آهٍ منه، إنّه يجلِسُهَا على مائِدةِ الطعامِ مُطْعِمًا إياها ما لذ وطَاب، وهي – بكل سرور- تأكل رامقةً إياهُ بغضبٍ شدِيد. بالطبَعِ هي ستحاوِل إخفاءَ بهجتِهَا بالطعَام، لن تشكرهُ عليهِ أبدًا.. هذا الغامضُ اللئيم! - ش-شكرًا لكَ على هذهِ الضيافَة. (تبًا لي!!!!) صرختْ بغضبٍ تجاه نفسِهَا داخليًا، فيما ارتشفَ الشَاي بصمتٍ كعادتِه، لم يحدثهَا أكثر عمّا كانَ يعنِيه بالأمسْ وليستْ راغِبةً بالمزِيدِ من الألَمْ؛ لذا ستتحَلى بالصمتِ وتأكُل حتَى تخُور قواهَا. نظرَ إليهَا بحنَانْ، وأثناءَ نظرهِ إليهَا قدّم طبقًا آخَر من الطعَام ثمّ مازحهَا بخفّة: أنتِ شرهةٌ حقًا، مُغايرةٌ لفتياتِ عائِلتِي. هكذا هي الأنفس تتأثر تجاه من تحسن إليها ,, فها هي تشكره من دون إحساس أو شعور لماذا يا ترى ؟!! لعله, طبيعة فينا ,, جبلنا على شكر المحسنين إلينا جبلنا على طيبة قلبنا جبلنا مهما عاملونا بالقسوة إلا أنه متى أحسنوا إلينا ,, لا ننسى جميلهم .. وحتى إن كان الأمر مؤلما بعض الشيء ,, محاولة مني وتوجيه وقد يكون الأمر أبعد من أتصوره ,, أحسنتِ فاليري وقد استشكلت أمرا وهي ( تأكل حتى تخور قواها ) فالمعلوم أن الأكل يزيد في القوة لا ينفذها ,, أو لعلكِ أردتِ تتعب من كثرة الأكل فلا تأكل ,, لا أدري لكني لم أفهم ^^ اتسعتْ بسمتهُ السَاخِرة، علّقتْ بخجلٍ بسيط: لأنّي لم أتناول شيئًا منذُ يومين، لستُ شرهةً بطبعِي. رمقهَا بتفحُصْ، واقترب منهَا قليلًا يسألُهَا بشك: حقًا؟. انفعلتْ بعضَ الشيءِ وهي تقضمُ قطعةً مِن اللحمِ: أجَل حقًا! أنَا فتاةٌ تميلُ لشربِ القهوةِ الداكِنَة في الصبَاح، لا آكلُ لحمًا دسمًا فِي العَادة!. أرخَى وجههُ على يدهِ ريثمَا يستندُ بكوعِهِ على الطاوِلة، امتلأتْ عيناهُ لُطفًا وعبّر بجملةٍ واحِدة عمّا سمِعَه: هكذا إذن. لما أصبح لطِيفًا جدًا الآن؟ تساءلتْ بقلقٍ بسيطٍ في أعماقِهَا، أحشاءُهَا تقلّبتْ وجعًا فجأةً، فتركتْ اللحمَ وهي تلعنُ شهيتهَا المفاجِئَة. وضعَ لهَا كوبًا ساخِنًا مِن شاي اللافنِدَر، داعَبَ شعرهَا بلطفِهِ الذِي تشكُ فِيه وأخبرهَا: ليُسَاعدَ في هضمِ الولِيمَة، لا تقلقِي لم أضعْ فِيه شيئًا هذهِ المرّة. لا تدري لمَا تثقُ بكلماتهِ بسرعَة، هذا الأمرُ يغيضُهَا، فهي لم تعرفهُ قبلًا ولم تلتقِ بهِ في حياتِهَا.. إذن لما بحقِ الله تثقُ بهِ كما لو كانَ يقطنُ بجوارِ نياطِ قلبهَا؟ نظرتْ إليهِ بتمَعُن، ارتشفتْ الشايَ لتُخبرهُ وهي تنظرُ إلى اللونِ الجميلِ الذي يحتضنهُ الكوب: لدِي ذكرياتٌ قلِيلة عن فتاةٍ ما بشعرٍ له لونُ اللافِندَر، ذكرياتٌ متقطعة، مشوشَة وغيرُ واضِحَة، إلا أنهَا تتسِمُ بالدفء، ذكرياتٌ يملؤهَا الضوء.. صورٌ ما عرفتُ مصدرَهَا إلّا تجعلُ صدري ينقبِضُ بقوةٍ كُلمَا راودَتنِي. شدّ كلامهُا انتباهَه، فباتَ بوجهٍ جدِيٍ يحدِقُ فِيهَا وعيناهُ تلتمِعَانِ بنوعٍ من الحزنِ جاهَد بشدةٍ لإخفاءِه، جلسَ بقُربِهَا يُصِيخُ السمعَ إلى صوتِهَا الذي يُحِيي فِيه ما ماتَ، ويشفِي تصدعاتِ الزمَنِ التي جاورتِ التُرابِ مُذ حينهَا: لاحظتُ أنّ هناك حقلًا كامِلًا لأزهارِ اللافِندر تُطل عليهَا الغرفةُ الجديدة التي اعطتَنِيهَا، أسعدَ هذا قلبي حقًا.. شكرًا لك. قبَّل جبينهَا، أرخَى رأسهُ على كتفهَا فانسدلتْ خصلاتُه السوادء عليه، أخبرهَا بصوتٍ شجِي خفَيض: لونُ اللافِندرِ هذا.. أعزُ عليّ مِن القلبِ الذي ينبضُ فِي صدْرِي! تفاجَئتْ بعبارَتِه. أنفاسُهُ المُتزامِنَة الحارّة تضربُ كتِفهَا، ساورهَا الحُزنُ من حيثُ لم تحْتسِبْ، أشاحتْ بعينيهَا بعيدًا تفكِرُ عميقًا فِي المشاعرِ الغامِضَة التي تختلجُ قلبهَا، تشعرُ أن عليهَا رعايته وفي الوقتِ نفسِه تشعرُ أن عليها الهربَ منهُ إلى أقصى نهاياتِ الأرْض، وهي بينَ الأمرين حائِرة، فهذهِ النفسُ لم تعهدِ تقلباتٍ حادةً كهذهِ قبلًا، ولم تساوِرهَا الأفكارُ السوداوية التي تأتِي فكرهَا الآن! زفرتْ بحدّة، انتصبَ (لي رين) واقفًا، وسَار ليخرجْ وقبلَ أن يختفِي من ناظريهَا أخبرهَا: سآخُذكِ الليلَة إلى مُلتقى عائلةِ فانغ، كونِي مُستعدة، جهزْتُ لكِ لباسًا مُلائمًا في غرفتِك. وأختفى.. بهذهِ البسَاطَة. شعور غريب ,, تريد القرب والبعد في آن واحد ,, لا تدري أيهما أخْيَر تخاف من القرب ,, تخاف الألم تخاف ما وراء ذلك من الحزن ’’ تخاف غربة ذاك الشخص ’’ هل حقا علي أن أثق به هل حقا هو أهل لذلك ,, يا ترى هل هو بطيبة سيفون أم أنه عكس ذلك تماما !! وتخاف البعد ,, أخاف أن أدعه يرحل فأندم أشد الندم ,, فكم من أشخاص أهملناهم واليوم نعض على أيدي الندم ,, فأنا حائر تائه ,, هل حقا أستطيع الاختيار ,, أم سأبقى في ظلماتي لن أخرج منها أبدا ؟!! هبطَ الليلُ المُقدسُ كستارٍ عظِيم، ستارٌ أخفَى كُل ما أرادَ الناسُ إخفاءَه، وفِيه هاموا متهجولِين كُلٌ منهم لرغبةٍ ما مُنصَاع. ورغبتهَا هذهِ الليلة أن يسيرَ كُل شيءٍ بخير وألا تضطر -قسرًا- لمواجهةِ المزيدِ من المشاكِل، دعتْ بصوتٍ خائِف: أرجوكَ يا الله.. الليلةَ فقط! دُقَ بابُهَا فأسرعتْ بفتحِه، نظرَ إليهَا بتمعُن، إلى التشونسام الأسود الذي ابتاعهُ لهَا، مُطرزٌ برسمٍ لتنينِ ذهبي ذو عيونٍ حمراء، ناسبتِ الألوانُ ملامِحَ وجههَا وألوانهَا، داعبَ شعرهَا كعادتِه ثم قال: لنذهَب. أخذهَا إلى القصرِ الثَانِي، حالمَا خطتْ أول خطواتِهَا من البابِ الكبير حتَى وصلتْ إلى آذانِهَا الأصواتُ الكثيرة لعائِلةِ فانغ، سارتْ معهُ عبرَ الممرِ الواسِع ذي اللونِ الأحمر والذهبِي حتَى وصلا إلى القاعةِ الكبيرَة، لهَا من الألوانِ نفسُ ما للممرِ تمامًا مع وجودِ الكثيرِ من الثرياتِ المُعلقةِ على السقفِ للإنَارَة، عمّ الصَمتْ، كُلُهم للي رين ينظرون، إنحنوا جميعًا باحترامٍ واضِح وتبسمُوا في وجههِ مرحبين فِيه، بادلهم تحية الإحترامِ وسارَ لتتبعهُ شيفا القلِقَة. تجمعَ حشدٌ منهم حولَ لي رين، وباتُوا يبادِلُونهُ الأحادِيث بمُختلفِ مواضِيعهَا، شعرت كالأشبَاحِ تمامًا وربمَا كان هذا عزائهَا الوحِيد للقلقِ المُستَبدِ في صدرِهَا. لُمِسَ كتفهَا ففزعتْ، داعبتْ ضحكةٌ شرسَة أذنيهَا فالتفتتْ مُسرعَةً لصاحِبةٍ الضحكَة، شعرٌ برتقاليٌ مُحمّر وعيونٌ ذاتُ لونٍ ماثَل شعرهَا، طويلةُ القَامَة وشديدةُ البياضْ، إلا أنّ أكثر ما شدهَا هو كونُهَا بتراءَ اليد، رمقتْ الجانِب الأيمنَ بغصّة فيما اكملتِ الفتاةُ الإبتسامَ بشراسةٍ واضِحة، وكزتهَا على جبينِهَا فقالت: خسرتُهَا في معركةٍ منذُ أمدٍ بعِيد، لا تُعيريهَا إهتمامًا. ابتسمت شيفا له بهدوء وخلالَ لحظات قدّمتِ الفتاة نفسهَا بثقة: أدعَى فانغ فِي هون، زوجةُ لي رين الواقِف هُناك!. تفجّرتْ شيفا بالضحكِ فجأةً مما جعَل فِي هون تضحكُ أيضًا، توقفتِ الأولى بعد لحظاتٍ لتعتذِر بشدة: آسِفةٌ جدًا، فقط لم أتخيل أنهُ سيكونُ متزوجًا من فتاةٍ حيّة. لم تتمالك فِي هون نفسهَا فتفجرتْ مرةً أخرى بضحكاتٍ هستيرية، أعقبتْ بعدهَا بسخريةٍ لاذعَة: أعلمُ ذلك!. صمتت للحظاتٍ ثم تكلمتْ بهدوءٍ مُفاجِئ: أتَى لي رين بالأمسِ حزينًا وسعيدًا في آن، لم يُخبرنِي بكُلِ التفاصِيل إلا أنّي علمتُ أنّ من سببَ لهُ الإضطرابَ شخصٌ مميز، والآن حللتُ كُل قطعِ الأحجية. - أحجية؟ بان نابهَا الحاد حينمَا ابتسمتْ بغموض، مداعبةً شعرهَا بنفسِ طريقةِ لي رين، تكلمتْ مُجددًا ولكِن هذهِ المرّة كانَ صوتهَا مُرتاحًا حنونًا: أجل، أحجيتنا المفقودة، حُلّت أخيرًا. كان لي رين مُعاينًا للمحادثةِ التي جرتْ بين زوجتهِ الصاخِبَة والفتاةِ التِي لا يعلمُ أحدٌ لما أشتراهَا. بعيدًا عن فِي هيون، كان الجميعُ يرمُقُهَا بغضبٍ وعدمِ ارتياح، مما أشعرهَا بالتوترِ الشديد، سألتْ فِي هيون فجأة: المعذرة فِي هيون، أستمانعين إن التصقتُ بكِ للوقتِ الحالي؟. بدا العجبُ لثوانٍ على فِي هيون، لكنهَا أعقبتْ بمرحٍ تاليًا: لا أمانِعُ البتة! بقيتَا تدردشانِ حتَى انتهَى وقتُ المُتلقى الذي كانَ مرتعًا للخوفِ في نفسهَا، لم ترغبْ بالمشاكِل لذا بقيتْ مع سيدةِ البيتِ حتَى انتهَى كُل شيءٍ على ما يرامْ، سارتَا مع بعضِهِمَا عبر الممرِ نفسِه الذي سارتْ فيهِ مع لي رين قبل ساعاتْ، كانتا صامتتين حتَى سألتْ شيفَا بفضول: لم أصدق حينمَا أخبرني لي رين عن كونهِ الوحيد ذو الشعرِ الأسودِ هُنَا، إلا أنِّي صدقتهُ حينما رأيتُ الجميع، لما هو وحده؟ بدتْ فِي هيون كمنْ يحاولُ أن يفسرَ الأمرَ بترتيبِ المعلوماتِ اولًا في رأسِه، أجابتْ بعد برهةٍ بشكلٍ جدي: لم يولد أي شخصٍ في عائلة فانغ بشعرٍ أسود بعد الحادِثة المأساوية، لي رين أكّد عد حصولِ هذا بكُل قواه. - إذن كان هُناك أعضاءٌ بشعرٍ أسود؟ أجابتْ ببسمة: أجل، كانُوا قلّة إلا أنّهم كانوا الأقوَى في العائِلة، ماتوا مدافعين عن هذهِ الأرض، إلا أن ذكراهم مربُوطةٌ بذوي الرؤوس السوداء الذين سببوا الفاجِعَة، وهذا جرحٌ لن يلتئِمَ في عائِلَة فانغ. تحيّرت شيفا، فإن كان الأعضاء الأولونَ من عائلةِ فانغ جيدين وكانوا بشعرٍ أسود أيضًا، إذن من يكُون الآخرون الذين سببوا الفاجِعة؟، قُطع حبل أفكارِهَا بصوتٍ فِي هيون: ستعرفين من فعل الفاجِعَة حينمَا يحينُ الوقتُ المناسِب، هيَا إذهبي لترتاحِي. ونحن ننتظر أيضا معها ^^ همّت فِي هيون بالرحِيل إلا أنّ شيفا أمسكتْ بمعصمهَا بقوّةٍ أدهشتْ الأولى، أخبرتهَا بغصة: أشعرُ أنّي في ثقبٍ يبتلعُ كُل ما يحويه، الجميعُ من حولي يعرفونَ كُل شيء عنِّي وأنا جاهِلةٌ بكُل شيء! حديثكم يشعرني أنِّي أنتمِي إلى هذا العالمِ وليس حيثُ ترعرعتْ، إن كان هذا صحيحًا فما هي قصتي؟ ولما تتحدثون بالألغاز؟ شعرتْ فِي هيون بألمٍ في صدرهَا لكلامِ الفتَاة، الأسى والشجُو ظهرا على وجههَا كما لو أنّ القناعَ الذي ترتديه قد تكسّر فجأة، احتضنتهَا بقوة، مُتمسِكةً بهَا بأقوَى ما يكُون، صوتُهَا الذي حدثتهَا بهِ تاليًا كان محمومًا، مُنفعلًا بالكبتِ والوجع: لكل شيءٍ وقتهُ عزيزتِي شيفا، حتى اسمكِ لهُ قصةٌ ستعرفينهَا لاحقًا، تمنيتُ لو أنّ إخباركِ بالحقيقةِ سهلُ كما تتخيلين! أتمنى هذا حقًا صغيرتي! ولكن هذا غيرُ ممكن! الإحباطُ الذي ارتسم على شيفا لم يمكِن كسره بأيِ مواساةٍ أخرى، لم تتحدث أو تسأل تاليًا، فقط اكتفتْ بإطباقِ شفتيهَا وزمهما بقوّة، ابتعدتْ فِي هيون عنهَا قليلًا وأخبرتهَا بتحذيرٍ واضِح: لا تغادري غرفتكِ الليلة، حتَى ولو أكلتِ النيرانُ جسدك! ذهَبتْ عنهَا دون أن تفهم تحذيرهَا، خلدتْ للنوم تاليًا وقد كان نومهَا عميقًا على غيرِ عادَة، لم تحلم، لم ترى شيئًا، كانتَ تعومُ في الظلامِ ولم ترى إلا نفسهَا فِيه، حتى استثِيرتْ حواسُهَا برائحةِ خشبِ السنديانِ المُحترِق، استفاقتْ فجأةً على صدمةِ أن النيران تأكُلُ كُل شيء! انتهى الفصل في موضع حساس ,, مما جعلنا ننتظر بشوق لما سيأتي ولما سيحصل ,, روايتكِ مليئة بالغموض ومليء بالقصص والمواقف ’’ فهناك عائلة ’’ تعيش وتألف الذئاب ’’ وهناك أناس يخافون سواد الشعر ,, والآخرون رغم كون أسلافهم بل أقواهم ذو شعر سواد إلا أنهم عانوا من ذوي هذا الشعر فيا ترى ما حقيقة كل هذا وما الذي حصل ’’ وما بال بقاء لي رغم فناء الباقين ’’ وما الذي ميزه عن بقية أفراد عائلته ,, ويا ترى هل لبتر يد زوجته قصة أخرى وموقف آخر ,,, ويلحقه انتقام أم أنه أمر قد مضى ,, والكثير الكثير ,, أبدعتِ فاليري كلما قرأت لكِ ازددت تعلقا بك ,, فلا أفارق ما تكتبين ’’ فإني حقا أخذني حب رواياتكِ إلى بعد آخر ’’ بعد تعلقت النفس به ,, بعد الإبداع والتألق بل قبل ذلك بعد الظلام والغموض لطالما عشقت الظلام منذ طفولتي فقد ترعرعت في ظلمة الليل ,,, في النهاية أشكركِ على المتعة ,,, وأنتظركِ في فصل قادم , لا تنسيني ,, والمعذرة على الرد المتأخر ,, كنت قد شاركت في مسابقة فأشغلتني ,,
__________________ التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-08-2018 الساعة 10:44 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
يا ذئبُ | فارس الفلك | أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه | 1 | 06-09-2014 12:55 PM |