وريث الظلام - الصفحة 3 - عيون العرب - ملتقى العالم العربي
عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree26Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-17-2018, 03:24 PM
 
جزء من عالم الظلمة

جزء من عالم الظلمة



ركب والدي السيارة و قاطع صوته جمودي
: اربطي حزامك حبيبتي .. هل تشعرين بألم ؟!.
أخذت أحاول ربط الحزام بأيدي مرتجفة و لم أقدر .. ساعدني أبي وهو يهمس بحنان : اهدئي فقط كلآري...
وانطلقنا للمنزل .. بينما عيناي ثابتتان على الطريق , كنت أفكر , مالذي يجب علي فعله ؟!. وكيف ستمر هذه الليلة , يجب أن أحمي والدي و جيني بأي ثمن... يجب أن أخبرهما بذلك الشيء...
ساعدني أبي للوصول لغرفتي , ثم قال بأنه سيأخذ جيني كي تنام في الأعلى ...
ما أن أغلق الباب حتى التفت حولي , في غرفتي المعتمة لم أجد شيئا .. همست بتردد : ليونـ.. ليونارد ؟!.
_ هي !, أنا هنا .
التفت الى طرف السرير كان يجلس عليه و ينظر إلي بهدوء , ابتلعت لعابي بينما هو يقول : مالذي رأيتيه ؟!.
_ ذلك الشيء عاد مجدداً... أنه لن يتركنا و شأننا .. أنا أرى هذا بعينيه !. عينيه الحمراوين ...
_ تماسكِ , نعرف بأنه سيعود .. نحن مستعدين له.. دانييل يراقب والدك و اختك بدقة شديدة .. بينما أنا معك هنا , لا داعي للخوف ..
تنفست بشكل مرتجف عميق , ثم قلت بتردد : لقد .. ذكرت لي مرة بأنه.. ماكر , ربما قد يفعل آي شيء.
_ لكننا اذكى منه , كما أنك أنتِ يا كلآرا يمكنك اخافته أو قتله ..
نظرت إليه : عفواً , لكنه هو المرعب هنا..
سألني فجأة : هل رن الجرس ؟!.
فكرت قليلا ثم قلت بتردد : آه , في الواقع لا .. لم اسمعه هذه المرة ...
ضاق جبينه و قال : هذا غريب , أأنت واثقة ؟!, اخرجيه دعيني أرى ...
اومأت ثم فتشت بجيبي عنه , ضاق جبيني , اين وضعته ؟!.. بحثت حولي جيداً... ثم بجيوب سترتي التي وضعتها جانبا...
_ ماذا ؟!. ألم تجديه ؟!.
قلت بقلق : آووه , لا أدري .. لكني واثقة بأنه كان في جيبي ..آه أين يمكن أن يكون ..!
همس ليونارد : هذا ليس جيدا .. ابحثي عنه غدا والدك قادم الان...
و نهض ليونارد ليختفي من النافذة المفتوحة , بينما طرق باب غرفتي و أطل أبي وهو يقول :
_ هل أنت مستعدة للنوم عزيزتي , جلبت لك دواءا مسكناً...
قلت _ أني بخير أبي , شكرا لك..
قبلني على رأسي و غادر , ليونارد لم يعد .. وضعت رأسي على الوسادة و عندما اغمضت عيني سمعت تكة خفيفة خلفي , هذا ليون مؤكد .. فقلت بهدوء دون أن افتح عيني :
_ سأنام الان ...!
_ وهل سألتك شيئا ؟!.
هذا الصوت البارد ال.....
فتحت عيني بسرعة و نهضت جالسة لأجده يتمشى ببطء شديد حوله بغرفتي متفحصاً كل زاوية ..
شعرت بتدفق الكراهية بعروقي , هذا الولد الغير مهذب اطلاقاً....!!

قلت بتماسك وهدوء : مالذي تفعله ؟!.
_ لا شأن لك . عودي للنوم...
زممت شفتي , و يملك الكثير من الأجوبة البغيضة الجارحة .. آه ألا يلاحظ نفسه كم هو عديم الاحساس !
توقف بعيدا , ورفعت بصري لأنظر إلى عينيه , كان يحدق بي أيضاً.. بعيون غريبة ذهبية لكن منطفئة و هادئة ... يبدو مزاجه غريباً... ب
ارداً كالعادة المملة لكن بشيء آخر أيضاً.. يبدو واثقاً هادئاً...
ادرك بأنه يلاحظ نظرتي , وأنا لن اشيح بها كطفلة خجلة , بل أعطيته نظرة أشد برودا منه , استعرتها من جليد القطب الجنوبي !.
رفعت حاجبي ببرود ثم اعطيته ظهري و تغطيت جيداً لأنام متجاهلة هذا المخلوق الغريب في غرفتي...
ألا يفترض به أن يراقب والدي و جيني ... ربما ليونارد أسرع باخباره عن الجرس المفقود فأتى ينظر حوله .. لا يهمني الان أي شيء... غدا سأفكر بالأمر...
_ كلآرا .. كلآرا افيقي سنتأخر عن المدرسة ! , آوه هيا حبيبتي !.
فتحت عيني بصعوبة , أشعر بأن جسدي كله يرتجف .. قلت بتعب : لكن... أريد أن أنام قليلاً...
_ ما بك ؟!. آه..
و شعرت بيد أبي بارد كالجليد على جبيني الساخن ..
تأوه والدي : يا ألهي كلارا .. أنتِ محمومة !.
فتحت عيني بقوة , ماذا ؟!.. حمى !... لا لا يمكن أن أمرض الان...
قلت وأنا أشعر بالدوار : أبي مهلا .. اعطني بعض الوقت لاستعد...
_ كلا , ابقي بفراشك...
قلت بإصرار : أبي سأتناول بعض الادوية و سأكون بخير.
وفي النهاية انتصرت انا بالنقاش و بعد دقائق كنت بالمدرسة أقف على عكازيّ , بعدما ذهب والدي بثانية شاهدت الفتاتين سيلا و لونا يلوحان لي .. و لكن فجأة تجمدتا و حدقتا بشي ما خلفي...
طرفت بعيني و التفت أنظر إلى ليونارد الواقف بلا أي صوت خلفي .. قال بهمس وهو ينظر بعيدا و كأنه لا يكلمني :
_ هل شعرت بشيء هذه الليلة ؟.
_ لا.
_ أتحتاجين لمساعدة ؟!.
_ أني بخير.
_ جيد سأراقبك من هناك.
و التفت ثم غادر بخطوات خافتة , مشيت خطوتين بحذر , ثم جاءت لونا و سيلا ترافقانني و عبرن عن سعادتهن لأني أصبحت استخدم العكاز بدل الكرسيي ..
همست لونا بسعادة : أنتِ تتحسنين كلارا بشكل جيد ..
وقالت سيلا بتفاؤل : لن يمر وقت طويل حتى تسيرين مجددا برشاقة , أنا واثقة !.
ابتسمت بشحوب ولم أقل شيئا , بأن تخيلات الفتيات هذه لن تحدث ..شعرت بالغصة لكني تماسكت وهدئت ..
دخلنا الصف بهدوء و جلست بكرسيي المنفرد و أمامي لونا و سيلا ملتفتتان نحوي يتلكمان عن المادة التي سنأخذها الان , مادة العلوم الكيميائية ..
دخل أحدهم بهدوء لكن الصف هدئ قليلا ليحدقون بـ ليونارد المرتدي الاسود وكأنه قائد دراجة نارية .. جلس خلفي مباشرة بحركة رشيقة ..
وبقي كل شيء هادئا صامتا طوال اليوم .. ليونارد مؤدب و بارد بنفس الوقت , و هذا يعجبني أنه لا يحاول الاختلاف معي.
شعرت الفتيات بالاحباط لقلة معلوماتي عنه .. لكن لم يلححن كثيراً , بل علقن على مظهره الخارجي الرائع , ولم أقل أنا لهن بأنه يمتلك صديقه .. فهذا سيجلب المزيد من الاحباط لهن و الاسئلة المزعجة ~~".
مر يومان بشكل طبيعي وهادئ , لم أرى المدعو دانييل قط , لكن كما ذكر ليونارد هو موجود .. كما أن والدي لم يذكره .. و جيني تبدو مرحة و مشعة كالعادة ..
لكن قلبي يخفق بدم مليء بالقلق , و اشعر بالخوف كلما غربت الشمس .. الخوف والترقب يمتصان شجاعتي ببطء و استمرار ...
آوووه ماذا أفعل ؟!. مالذي يجب أن أفعله أن حدث أمر ما مريع ؟!.
_ لماذا تزفرين بهذا الشكل ؟!.
طرفت بعيوني وحدقت بعيون أبي الزرقاء . قلت بسرعة : آآه لا شيء . فقط أفكر بالدراسة..!
وليتني لم أذكر الدروس , فقد شحب والدي و توتر , قال بهدوء : حسنا .. كلي طعامك الان كي نخلد للنوم.
عدت لغرفتي بعكازيّ بحركات رشيقة قدر استطاعتي , اغلقت الباب خلفي بهدوء , مع أنني بحثت عن الجرس كثيرا لكني لم اجده آووه أين يمكن أن يكون هذا أيضا ؟!.
اشعر بالتوتر كثيرا بدونه الان .. وكأنني مجردة من سلاحي...!
بقيت في فراشي ساعات لم أنم , وكذلك لم أرى ليونارد حولي , الجو كان ساكن جدا .. بشكل يرفع ضربات قلبي ..
تذكرت حلمي ذلك اليوم ...
لست واثقة , لكن هناك أسرار ..
صعدت الدرج بكل بطء و هدوء و حرص وحذر ألا اصدر أي صوت .. يساعدني السور الخشبي و عكاز وحيد تحت ابطي ..
وصلت للطابق الثاني اخيراً , انحرفت يساراً حيث الممر المظلم .. و خفق قلبي خوفاً...
هناك فقط غرفتين ربما , وغرفة الرسم .. وتلك النافذة التي تطل على الخارج ... مشيت ببطء رغما عني ..
و احسست بشيء خفي ينتظرني ... كنت اشعر وكأنني اعيش ذلك الحلم مجدداً... ولكن بدون جيني ...
رأيت الممر المظلم .. و الباب .. لكنه مغلق ... اتجهت نحوه ... و فتحته بهدوء ...
و حقا لقد انزلق معي بسلاسة ...!! ألم يذكر أبي أن الغرفة مقفلة و المفتاح ضائع ؟!.
توقفت عن التنفس لثوان و أنا أحدق بغرفة باهتة بها الكثير من اللوحات القماشية التي بلا معالم و حامل للوح و طاولات واسعة لولا ضوء القمر في الخارج لما رأيت هذه الاشياء ..
اقتربت من احد الالواح وانا متعجبة , هل كان جدي بالتبني يحب الرسم ؟!.. لم كل هذه اللالواح اذن ؟!.
لكن اللوحة كانت مغطاة بكيس ابيض خفيف متكدس عليه الغبار ..!
شعرت بالتردد ولم ألمس شيئا ... في هذه الغرفة رائحة غريبة . رأيت مكتب في الركن المظلم .. فقط مظلم واسود و صغير ..
مشيت قليلا لأعود لكني وطئت على شيء ما كالعصا على الارض , انحنيت قليلا و امسكت به ثم رفعته أمام ناظري ..
يبدو كأنبوب ما ..؟!.
_ آآآخخ !!!
السوار بيدي لقد لسعني !!
حدقت به مرعوبة !. كان يلمع بتوهج خفيف غريب .. السلسلة الناعمة برسغي لسعتني كأنه سخنت جدا فجاة ثم بردت ...
تلفتُ حولي بقلق هل هناك شيء ما ؟!.
سمعت صراخ جيني فجأة , فقفزت في مكاني و هرعت أركض قافزة على قدمي السليمة ...
ناديت برعب : جيـــني !!
هبط ظلام مخيف شديد في المنزل وبالكاد وصلت لمصدر الضجيج و الصراخ ... فغرت فمي مصعوقة ...
كان باب الغرفة مخلوعا و ساقطاً و هناك من يتعارك في الغرفة ...!!
لمحت والدي يتمسك بـ جيني في الزاوية و أمامه دانييل يصد عنه اشياء ما كالظلال الطويلة بسلسلة فضية ضخمة يمسك بها ...
لكني رأيت الظل ذو العيون يقف في الزاوية الاخرى يحدق بشر كبير و كأنه بدا أضخم حجما و كأن االغرفة بدت في عالم آخر ..
كل شيء متموج و مظلم , شعرت بالضيق في التنفس و ألم رهيب في قدمي و السلسلة تلسعني بينما العصا تلمع في يدي ..
وكأننا في قاع المحيط المظلم المطبق ..

_ كلاراااا ... " سمعت صوت أبي !!.
صرخ أحد آخر خلفي وهو يجرني : كلارا...

انتهبت لـ ليونارد الذي اسقطني ارضاً معه و شيئا ما مر من فوق رؤوسنا كالصاروخ !!.
_ اخرجها من هنا , وانا سأخذهم !!.
التفت دانييل نحو والدي و جيني ولم أرى ما فعل , لكنهم اختفوا بسرعة !!!
حاولت الصراخ لكن لم أقدر , أنما كان ليونارد فقط يحاول صد هذه الاشياء التي تحوم حولنا كأذرع الاخطبوط ... كان يقاتل جاهداً...
فجأة ضربني شيء كالسوط بيدي ... فأتوهت وانا انحنى بألم .. حدقت برعب بالجرح و الدم الذي اخذ يسيل بسرعة... رأيت السوار قد طار بعيداً منقطعاً نصفين !!.
و عيون ذلك الوحش منتصراً... سحقاً...
صرخت : لنهرب من هنا ..!!
رد بصعوبة وسط قتاله : لا نستطيع !, لقد أوقعنا هذا الوحش هنا...! تماسكِ...
جرني بقوة إليه حتى اصطدمت بصدره بينما كادت أحد الاذرع أن تمسك بي... شهقت وأنا أرى ذلك الظل ذو العيون يرسل أحد اذرعه الطويلة الى ليونارد , لا أدري كيف لكني ضربته بالعامود الفضي الذي معي... فصدرت منه صرخه مدوية و تراجع بسرعة ...
_ ما هذا الـ..... ؟!
حدق بي ليونارد قليلا ثم أخذ يجرني هنا و هناك وسط الظلام و الوحوش يصد هذا و نهرب من ذاك ولا أدري كم من الوقت و نحن نصارع هنا ... لقد بدأت اشعر بالدوار الشديد و التعب , لا أدري لا أقدر على التنفس جيدا ابداً... هناك شيء ما يقبض على عنقي و يمنعني من الاستنشاق !.
_ ليوووون !! .
حقا الصوت يأتي من الاعلى ...! حدقت عاليا و لكن ليونارد مشغول جدا بالقتال ... رأيت ظل شخص ما عرفته ..
صرخ دانييل مجدداً : تماسكا بهذه !!.
كيف أصبحنا نحن في الاسفل ...؟!
و انزل سلسلة طويلة ... تمسك بها ليونارد ثم جذبني و جعلني أصعد عليها ... تألمت بشدة في قدميّ و صرخت :
_ آآه لالا ..لا اقدر .. الصعود ..لا ...
_ كلاراااا تماسكِ ...
حثني باصرار ... لكن حقا لا اقدر تهاوت كلا ساقي و سقطت على الارض... لكني عرفت السبب الان...
كان الوحش ذو العيون الحمراء يسحبني من بعيد من الاسفل حتى لا يراه ليون ... صرخت بقوة : آآآه !!
انتبه ليونارد له ليمسك بي هو من ذراعي بقوة بينما الوحش يسحبني بأقوى ما لديه من قدمي ...!!
وكان من قوته يجرنا معا انا و ليون ...حاولت ضرب هذين الشيئين الذين يمسكان بقدمي لكنهما لا يتأثران ...
تمسكت بقوة بـ ليونارد خائفة ... ذلك الشيء سيسحبني معه...
شجعني ليون هاتفا : لن اتركك تماسكِ... كلارا ...
نظرت في عينيه الزرقاء لثانية ولكن شاهدت شيئا مرعبا خلفه , ذراع سوداء طويلة تطعن في ظهره و تجره إليها ...
صرخت : ليووووون ... ليوووون انتبه ... اتركني ... اتركنييي...!
_ ليونااااارد ...
صرخ دانييل و كان صوته اقرب... لكن ليون رفض أن يتركني بينما الوحش يسحبنا أكثر و بقوة أكبر...
حدقت بين قدمي و رأيت حفرة مهولة أمامي يجرنا الوحش إليها ... فغرت فاهي رعبا... ثم اخذت التوى خوفا واستماته...
لكني رأيت ليونارد يتألم بشدة وهو يجرني بلا أمل و الوحش يضربه من الخلف...!
في جزء من الثانية ... ادركت أنه حقاً ... لا يمكن أن يكون هناك أمل ..!

أفلت يديه بقوة و تركته ... فصرخ هو مرعوبا لأول مرة : كلاراااا .....!
وما أن تركته حقا أدركت مدى قوة هذا الفتى , كان الوحش قادر على جذبي خلال ثانية للحفرة لكن ليونارد كان يقاومه بقوة ...
شعرت بنفسي اطيرا عاليا من قوة جذب الوحش لي ... بينما حاول ليونارد الامساك بي مجدداً... لكنه لم يقدر...
دانييل أتى خلفه يحميه ...
أما أنا فسقطت في الحفرة المظلمة جداً... تسحبني امور لا أعرفها ...

رأيت شيئا بعد أن اطبقت الحفرة فوقي ... هجم شيء ما على الظل خلفي و أخذت اسمع في الظلمة اصواتا كالتمزق و التقطع . و هسيس مخيف ثم اشياء تتصادم ...
كنت كالعمياء أخذت اتلمس حولي .. لكن شيئا ما قبض على ذراعي و رفعني عاليا شعرت بذراعي تتمزقان من السكاكين !!.
ثم واجهت العيون الحمراء الحاقدة .. !
قلت و قلبي يكاد يخرج من حلقي : تبا لك !!.
فضاقت عيناه شررا ... ثم ألقى بي عالياً... صرخت بقوة و أنا أحاول أن أضم نفسي حتى إذا وصلت الارض لا أتألم .. لكن شيء ما امسكني و احاطني وكأنه ضباب ما ...
عرفت الهسيس ... انه ذلك الظل الغريب الذي يدافع عني .. و كأنه يلفني بجسده طار بسرعة رهيبة هارباً و رأيت عيون ذلك الوحش تطاردنا بغضب ..

شعرت بأني لا اتنفس فأخذت اشهق جاهدت لكني تألمت اكثر ... اخذت اتخبط حولي لكن الظل بقي ممسكا بي و طائرا بسرعة ...
هي بدأت اتخيل اشياءا أم أنني أرى كالجبال و الصخور السوداء حولنا ؟!... بينما هناك الكثير من الشقوق السوداء في الاسفل و الكثير من الاشياء المظلمة تتحرك هناك و هناك تتقاتل و تأكل بعضها البعض !.
شيئ ما طائرا اصطدم بنا واخذ يتقاتل مع ظلي الذي يحملني !!.
صرخت برعب عندما وصل إلينا ذو العيون .. وكأن ذلك الوحش الذي يقاتلنا ارتعب و هرب , ضرب الظل الشرير ظلي بقوة فمزقه نصفين و اسقطه بينما قبض علي أنا بذراعه التي كالسكين !!
صرخت حزنا على الظل الذي هوى الى الاسفل ...
ثم صرخت مجددا بغضب : ايها اللعين المتوحش ال....
قلبني رأسا على عقب و هو يهمس بصوت كفحيح الافعى : سآخذ البوابة لي !.
توسعت عيناي رعبا .. سيقطع قدمي !!! و سيسقطني أيضا لتلك هوة الوحوش....!
_ آآه ه !!
حاولت الركل و الضرب و أي شيء... لكن شيئا لم ينفع !!. شعرت بذراعه تؤلم قدمي بقوة ...
رفعت نفسي قدر المستطاع ثم بكل ذرة قوة املكها ضربته في عينيه اللتان تثيران غضبي !!!
صرخ غاضبا متألما حقاً ... افلت منه و سقطتُ من هذا المكان العالي الذي لا ادري ما يكون ....
صرخت بألم و أنا أقع على أرض صخرية باردة كالجليد ... ثم تدحرجت رغما عني حتى سقطت من الحافة , لكن بصعوبة تمسكت بها بيدي فقط ...
كان كل شيء يؤلمني و لن استمر متمسكة سوى ثانية !!...
اما يدي المجروحة تلك فلا اشعر بها لقد تجمدت و تخدرت ... و بسرعة افلتت يداي حافة النجاة !!
و ها أنا أسقط و مجدداً.... ~
لكن سمعت صوتا ينادي ... ثم رأيت شخصا ظلا بشريا يقفز خلفي...!!
كنت اسقط بسرعة رهيبة , ولا ادري كيف سقط هذا الجسد و بسرعة و صل الي ... رأيت وجهه .. كان دانييل يحاول امساكي..
آوووه يا ألهي , أنها النجاة !!.
لا اقدر على فعل أي شيء لاجعله يمسك بي... هو وصل إلي بسرعة امسك بكتفي ثم احاطني بجسده بقوة ,, و في نفس اللحظة التي ارتطما بها بأرض صخرية قوية...!!!
شعرت بقوة الارتطام تحطم الحديد !!!. لكن جسد دانييل حماني بقوة ...
ونهض واقفا بسرعة وهو يجذبني معه بينما اشعر أنا بأنني سأموت , كنت اختنق و لا استطيع تحريك جسدي... وكلما تعمقنا كلما اسرع الموت إلي...
رأيت سلسلة بعنقه ... قربني منه كثيراً ثم رفع السلسلة هذه و وضعها حول عنقي أيضاً...!!
فجأة دخل الهواء المنعش بقوة الى رئتي ... فشهقت مستيقظة تماماً , آآآآه وكأن الحياة سرت بجسدي مجدداً...
تراجع الفتى قليلا وهو يحركني معه بحذر ...
_ حركة واحدة اخرى و سنسقط معاً.. هل أنتِ بخير ؟!.
كنا نقف عند حافة اخرى ... ماهذه الهوة التي لا قاع لها ؟!.
قلت بصعوبة من التعب و رأسي فوق كتفه : لا , أنا أشعر بالألم !.
زفر فقط و صمت !, لم أرى وجهه لأن رأسي بجانب رأسه تماماً... انحنى فجأة فاعترضت لأن جسده قريب جداً..
_ مممماذا تفعل ؟!! ××
_ سأحملك فقط .. لقد ابتعدنا كثيرا عن السطح !.
حملني بين ذراعيه و شعرت بالراحة اكثر .. لأنني لا أقدر على حمل جسدي أبداً... لقد استنزفت طاقتي ~~" .
_ سنتسلق اتفقنا , أنتِ فقط تماسكِ جيداً .
قلت بتردد و تعب : ممـ... أعني .. أين .. نحن ؟!.
حرك رأسه مبتعدا قليلا عن رأسي و نظر في عيني , رأيت لون عينيه الذهبيتان كلياً... قال بهدوء : مالذي ترينه ؟!.
قلت بتلعثم بسبب هدوئه الغريب و عينيه : لا .. شيء... سوى ... ظلام !.
_ إذن نحن بعالم الظلام , لكن تحديدا بالجزء اللطيف منه ..!
شهقت وأنا اقول بألم : لا يمكنني ان اتذكر كلمة لطيف هذه !!. خصوصا بوضع كهذا...
_ اهدئي , اتفقنا !.
كدت ابكي وأنا أقول : والدي و جيـنـ...
_ أنهما بأمان ... لكـ....
_ ليونارد... لقـ...
_ أنه بخير أيضاً... كلارا انتبهي لنفسك الان. سأخرجك من هنا.
تلفت حوله في الظلمة لا أدري هل يرى شيئا أم لا مثلي...
قال بهمس مفاجئ : سنسير قليلا من هنا .. تلك الاشياء تشم رائحة البشر ..
لمست السلسلة الفضية حول عنقنا و سألت بينما هو يسير ببطء بي : ما هذه ؟!.
صمت ولم يجبني , فلم أقل أنا أي شيء... وصلنا عند حافة آخرى فقام هو بالتسلق ببساطة و تركني أنا اتمسك بعنقه بذراعي و لا يبدو عليه أبداً التعب أو الانزعاج مني ...
لأنه يستلق وأنا إلى جانب الصخور الباردة التي مزقت قميصي شيئا بسيطا فشعرت ببرودتها الشديد تلسع جسدي باستمرار ...
شهقت فجأة وأنا أشعر وكأن طعنه في ظهري... فتوقف دانييل و هو يدعم ظهري بأحد ذراعيه ,
سألني : هل جرحتِ ؟!.
_ لا أدري ...
اجبت بعنف و ألم , ثم أكملت بصعوبة لقرب وجهه مني : لقد ... اشعر بالتخدر في جسدي كله ..ظهري يؤلمني و ساقي و ذراعي وكل....
_ حسنا... حسنا فهمتِ , لا تصرخي من فضلك .. فبالكاد نحن مخفياً عن انظارهم .. تعالي سأضعك على ظهري..
فكرت ببرود , أجيء إلى أين أنا أصلا قربك ... كان من الصعوبة الابتعاد عنه و السلسلة تجمعنا و تحمينا ... اخيراً تمسكت بظهره القوي ..
و بدأ هو التسلق الى الاعلى الذي يبدو بلا نهاية ...
قلت بقلق : الحافة بعيدة !.
_ سنصل لحد معين ثم سنخرج عندها من هذا المكان كله..!
مرت وقت طويل لا ادري كم و شعرت بالنعاس لكني قاومت .. و قاومت... ~~" و قاومت... ~
لكن فجأة وصلنا لحافة ما... قلت بتعب : هل وصلنا ؟!.
_ لا .. لكن يجب ان ترتاحي...
_ أنا.. أنا أنا .أنا... بببـ ببخ..بخير..!!
_ أنتِ ترتجفين ! , آووه وهذه الملابس الممزقة لا يمكن ان تحميك ! قد تكون القلادة تحمينا و تخفينا لكن لا تدفئنا...
و فجأة حركني حتى صرت بين ذراعيه ..
نظر الى الاعلى مفكراً همس : لا ارعف كيف سأنزل معطفي لاغطيك ؟!.
قلت بهدوء و أنا أغمض عيني اريحهما : لا يهم .. لأني سأرتاح قليلا فقط...
لا أدري من أين أتته الرقة أو الاهتمام !! , كان يتحدث معي بهدوء و يتعاطف معي أيضاً..!!
ان كان هذا المكان يجعله شخص افضل فياليته يبقى هنا دائما خخخ !.... آخ دوار... ~~"
جلس على الأرض و أنا طبعا معه في كل حركة .. قلت مرتعبة : مهلا مهلا ... لالالا أنت لا تظن ! أنا لن أجلس هنا !.
قال بهدوء : لو كانت القلادة تسمح بمساحة أبعد لكني لن اتركك تجلسين على الارض ستتجمدين , هيا اجلسي على ساقي لن أمدهما لفترة طويلة لأجلك...
بصعوبة و رغما عني جلست فاحطاني بذراعيه لأدفئ...
همست بتردد : شكرا لك...
_ نامي قليلا الان ...
سألته و عيناي تطبقان ببطء : هل يمكن أن يكون هذا كابوساً ؟!.
لا أدري كيف نمت في وضع كهذا ... لكني أشعر بأني غبت عن الوعي فترة طويلة ..


__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02-17-2018, 03:42 PM
 
الجزء العاشر ((( ظهور سيد الظلام ! )))

الجزء العاشر ((( ظهور سيد الظلام ! )))


رأيت أشياء غريبة , كنت بالسيارة مع والدتي , عائدين من التسوق وهي تتحدث إلي ضاحكة بمرح عما اشتريناه , و لكن فجأة عند انعطافنا بالطريق , شاهدت بانعكاس المرآة في الخلف , شيء أسود جاثم على السيارة و ذو عيون حمراء مشتعلة و انياب ظاهرة مكشرة ... شهقت قائلة : رباااه !!.
لكن السيارة انحرفت بقوة و و ظهرت أيظا شاحنة ضخمة ... صرخت أمي : كلارااااا ...
انقلبت السيارة بينما أمي تجذبني عن الباب المتحطم تحميني ... و كراااش ثم ....
صرخت : لااااااا !!.
_ كلآرا ؟!.
كدت اقع لا أدري أين , لكنه قبض على ذراعي , لم أرى شيئا , بكيت قائلة : لقد أصبت بالعمى أيضاً...! مالعمل ؟! آه...!!
_ آآششش !, لا لست عمياء يا فتاة آهدئي !, أنه ظلام فقط .. تمسكي بي حتى أكمل التسلق.
فتحت عيني بكبرهما ,و لم أرى شيئا , لكني أحس بأشياء رهيبة حوله , هناك أصوات لهاث وفحيح و خربشة على الصخور غريبة ... ابتلعت لعابي و أحطت عنق دانييل بذراعي , للتو استرجعت ما حدث .. أننا غارقون بعالم الظلام .. وهو يجد صعوبة بأخراجي من هنا ..
سمعت أصوات تحركات خلفنا في الأسفل , همست بقلق : دا..دانييل !.
فلم يرد , تابعت بقلق أشد : هناك .. شيء خلفنا !.
أخيراً رد هامساً : أعرف .. بصراحة هو ليس شيء واحد . لكني آملت ألا تسمعي شيئا... أبقى هادئة اتفقنا .
كيف يمكنني أن أهدأ بهكذا وضع !, أنه يمزح بلا شك وأنا أسمع أصوات صرير المخالب على الصخور خلفي و لهاث مخيف و تحشرج و فحيح و كل أنواع الأصوات المرعبة ..
همست بتوتر بعد دقيقة : منذ متى و نحن نتسلق !.
رد بهمس بارد : في الواقع أنا من يتسلق هنا , و منذ أن نمتِ بدأت..
رددت بتوتر : آسفة .. هل سنخرج قريباً ؟!.
_ بقي القليل , ركزي فقط على نفسك .
و بالفعل , لم تمر دقيقة حتى همس دانييل : اسمعي , سوف نقفز , هناك من ينتظرنا بالأعلى , ستبقين خلفي طوال الوقت.
قلت بتردد : هل يمكنـ...!
_ لا يمكنك فعل شيء . ابقى خلفي تماما فقط...
همهمت موافقة , و فجأة قفز هو بقوة , لم اعلم بأنه يمكنه هذا .. شعرت بأننا طرنا عالياً , ثم فجأة اهتاجت أصوات مرعبة خلفنا , وقف على الأرض و تحسست قدماي أرض صلبة جدا وكأنها جليد ..
لكن هناك مشكلة !...
دانييل طويل جداً ومليء بالعضلات كما أن رأسي بالكاد يصل لعنقه ... حسنا و القلادة التي نتشاركها ... خنقتني ...!
تأوهت و رفعت نفسي على أطراف قدمي ساقطة على ظهره بكل حملي ...
همس مدركاً : آوه !. إذن ... تمسكِ بي جيداً ..
كنت بالفعل متمسكة به , ألقيت نظرة خلفي و فزعت عندما رأيت أكثر من عشرون زوجا من العيون الملونة الغريبة ...!!
قلت بتوتر : ظننتك قلت أنها لا ترانا !.
رد ببرود : بما أنك كنت تصرخين طوال الوقت أثناء نومك فهي تسمعنا الآن ..!
_ ماذا نفعل ؟!.
_ اريدك أن تتمالكي أنفاسك لثوان فقط !.
_ ممـ ماذا ؟!.
انحنى قليلا و نزع القلادة من عنقي , فتمالكت أنفاسي , و رأيت الوحوش جيداً فجأة .. ظلال بلا أشكال محددة أشد سوادا من الظلام ,
بأطراف طويلة تتموج و تتمدد كما تشاء بها ..!
جذبني دانييل لتحت ذراعه , و هو يسحب سيفاً طويلاً... قال وهو يرفعني عن الأرض : سوف نركض إلى الأمام أأنت بخير ؟!.
قلت بأنفاس متعبة : بـ ـخير..!
ركضنا بقوة فجأة أو هو ركض أنا بالكاد قدماي تمسان الأرض من سرعته .. كان هناك أمامنا ظلال سوداء كالخيوط طويلة و رقيقة ...
قلت بخوف : ما هذه ؟!.
قطعها هو بسيفه و استمررنا بالركض .. همس بشيء ما , فقلت : ماذا ؟!.
لكن ظهرت أمامنا دوامة سوداء قفز بها و سحبني معه ... ثم أقفلت بقوة من خلفنا...
سقطت على الأرض بينما هو وقف على قدميه بثبات .. ظهرت فوقنا في الأعلى بوابة غريبة بلون نحاسي منقوشة بنقوشات غريبة بلون ذهبي لامع ,
كانت بحجم منزل صغير مقفل بسلسلة فضية غليظة !.و لكن المشكلة أنها تقع طائرة فوق جرف رهيب مظلم منحدر بشدة ...!
قلت بتردد : هل تفكر بفتح هذا الشيء ؟!
التفت إلي بسرعة و تقدم وهو يقول مدهوشاً : أنتِ ألا تشعرين بالاختناق !؟ , تعالي لأضع السلسلة حولك !.
قلت بضيق : أني مرهقة فقط و....
توسعت عيناي عندما رأيت الظل يتكون خلفه ذو العيون الحمراء .. رددت مرتعبة : أنه هـو....
التفت دانييل بسرعة نحوه , لكن هناك أشياء أخرى أحاطتني فجأة و جذبتني عالياً نحوه ... سمعت دانييل يصرخ : كلآرااا !!
لكني حدقت بعيني الوحش أمامي , قال بصوت مخيف : موتي !!.
ثم أدخل ذراعيه بوسطي يطعنني ... زاغت عيناي ولم استطع حتى أن أشهق ألماً ... لكن رأيت ضوءا قوياً و صوت ضربه شديدة ...
سقط الظل أرضاً لكن ذراعيه اللتان كالدخان دخلا بي فترنحت و سقطت أنا أيضاً متألمة ..
شاهدت دانييل يضرب الظل المقطوع الذراعين بسيفه .. كما شاهدت ظلال أخرى تتجمع حولنا ..
لم أشعر بشعور جيد أبداً و كأن هناك وحوش بداخلي تدور ... شعرت برغبة بالتقيؤ ففعلت لكن خرجت الدماء سوداء كثيرة ...
دارت بي الأرض و كأنني أش
تعل نيرانا ...
صرخت بألم : آآآآآآآآآآآآآه !!
دفع دانييل الظل إلى الجرف فسقط .. ثم هرع نحوي راكضا اسمع خطواته ...
تحسسني وهو يقول بخوف : لا تخافي أنتِ لن تموتِ ... تماسك فقط...
قلت و قد أبيض الجو فجأة في عيني : أنني... أشعر بـ......
لا أدري ما فعله بي الوحش ,,, لكني عرفته ... كان يحوم حولي من قبل , في السيارة , في غرفة المستشفى... أنه يلاحقني لسبب ما.....
لكني عرفته و سأميزه مهما كان ...أنه.....!!
قبل أن تسقط جفوني , رأيت ضواءً رهيباً يخرج من البوابة .. وكأنها بدأت تفتح ... ثم هربت الظلال بسرعة بعيدا تتخبط من خوفها....
كان هناك ظل شخص طويل واقف خلف البوابة له عباءة سوداء تتطاير خلفه...!.
....

شيئا غريباً , جدي..!
كان يجلس قرب رأسي يمسح علي و يبتسم لي .. عيناه بنفس لون عيني تماماً..
كانت شفتيه تتحركان و لكن لا أدري ما يقول !.
همست له : آسفة بشأن السوار !. لقد تقطع !.
ابتسم بلطف , وهمس بوضوح : الأهم أنك بخير ...
ابتسمت بشحوب , أظنني انظممت إليه .. لقد مت على ما اعتقد ..
همس لي مجدداً : انتبهي لـ أبيك .. أنه يريد الانتقام .. يريد أن يجعل والدك يعاني !. أحميهم كلآرا !.
حدقت به هل سمعت جيداً همسه ؟! .. قلت بقلق : ممـ..ماذا ؟!. أنا !!.. لكن أنا لا استطيع .. جدي .. أنا... مهلا...!
لقد بدأ يتلاشى ... و يده تختفي من على رأسي... مهلا ... أين يذهب ..! مهلا......! لااا...
فتحت عيناي رعباً و عرقي يتصبب بارداً...
حدقت حولي , أنا بغرفة غريبة !!. غرفة هادئة معتمة قليلا ..الستار يتحرك بنسيم بارد .. و السماء مظلمة بالخارج .
انتابتني نوبة ألم رهيبة في جسدي ... فأتوهت رغما عني .. و رفعت ثوبي لأرى مالذي حدث ؟!... توسعت عينا رعباً.. كان هناك أثر واضح لخطين أسودين في وسطي ...!!
أخفضت قميصي الذي للتو انتبه أنه قميص حريري لأمرأة ما ...
طرق الباب فشهقت رعباً... ثم فتح و عيناي زائغتان على القادم ... تنهدت عندما رأيته دانييل ...!
كان يلبس جينز داكن و تيشيرت أزرق , كأنني أرآه لأول مرة .. بدا وجهه مبيضا شاحبا قليلاً , عينيه بلون العسل مضيئتان وهذه لا اعتبرها أشارة جيدة لمزاجه ... يديه أحداهما بجيبه و الاخرى يغلق بها الباب خلفه ..
قال بهدوء وهو واقف بمكانه يتأملني : ما خبطك مع الأحلام أنت تفزعين الجميع بها !.
لم أرد , بقيت متسمرة مشدودة الأعصاب ... قال بنبرة هادئة أكثر : هل تشعرين بتحسن ما ؟!.
قلت أخيراً بصوت مبحوح : لست أدري . أشعر .. بأن .. هناك شيء ما .. بـ.. بداخلي ! , ماذا حدث ؟!!
ضاقت عيناه و أشاح بوجهه يتمتم بهمس لا أسمعه , ثم رفع بصره نحوي وتقدم ليسكب لي كأس ماء من على الطاولة , قدمه لي ... شربت جرعة بارتجاف ثم أعدته له ..
قال دانييل بهدوء : الوضع ليس جيداً تماما... خذي هذه المرآه ...
حمل مرآة صغيرة و وضعها أمام وجهي كي أرى نفسي... وليته لم يفعل !..
فغرت فمي رعباً... وجهي !! عيناي ..! شعري !!!
كان وجهي مبيضاً جداً و هناك بقع أو كدمات لا أدري بلون بنفسجي , وعيناي تغيرتا .. أصبح حولهما هالات و لكن هالات بلون أحمر و كأن عروقي تفجرت هنا !!!.. و لونهما الأخضر الرمادي أصبح بلون أسود قاتم !!!..
و الطامة الكبرى بشعري !!.... بدل أن يكون بني داكن طبيعياً .. انقلب أحمر اللون كالدم ...!!
شهقت مرتين و ثلاث ... ثم صرخت بقوة هزت الجدران : لاااااااااااااا !!!.
و أمسكت شعري كالمجنونة أهز رأسي غير مصدقة ..!! كيف تحول شكلي !!!... من أنا الآن ؟!. مالذي جرى ؟؟!!
هزني دانييل يوقظني : هششش كلاراا !!...اهدئي ... ستكونين بخير ... اسمعني أنتِ.... لقد....
فتح الباب فجأة فتجمد دانييل يحدق بالقادم و توقفت أنا عما أفعل لكن ضممت الغطاء لصدري ...
ظهرت سيدة جميلة من يراها يظنها في العشرون من العمر من أول نظرة , بشعر داكن مسرح بأناقة و تنورة قصيرة و قميص أبيض حريري يظهر قدها الناعم , عينيها بلون العسل .. حدقت بـ دانييل قليلا ثم نظرت نحوي و تبسمت بحنان و عطف.
تقدمت تدخل برشاقة ... و لكن ... دخل من خلفها شخص آخر .. طويل ظهوره يخفي أي موجودات .. شعرت بالتوتر الأضواء في الغرفة و غاص قلبي قلقاً... كما آلمني جسدي بغرابة...
كان يرتدي معطفاً رمادياً بنفس لون عيونه الحادة النافذة .. شعر أسود مرتب للخلف .. ملامح جميلة لكن خطيرة حادة جداً شفتين مطبقتين , و جسد ممشوق طويل...
كان معطفه طويل جداً يغطي نصف ساقيه ... لم ينظر إلى دانييل , بل ألقى إلي نظرة مختصرة لم أفهمها ثم وضع يده خلف ظهر السيدة ..

فتحت فمي شيئا يسيراً.... الآن فهمـــــــت !!.

بما أن المدعو دانييل هذا ... يملك نفس رسم عيون السيدة .. و نفس أنفها الدقيق الجميل .. لكن نفس لون عيني الرجل .. و نفس الشفتين الرقيقتين الحمراوية .. و نفس لون شعر الرجل المهيب هذا ...
هما والداه بلا شك ...!!!!!!
قالت السيدة بصوت ناعم هادئ : دانييـل , إن ليونارد ينتظرك في الخارج عزيزي..
أومأ دانييل بصمت و استطعت أن ألقى عليه نظرة , كان متجهما صامتاً .. وكان ينظر نحو والده الذي لم ينظر نحوه ..!
خرج بهدوء مغلقا الباب خلفه... فكرت بثانية , من الجيد بأن ليونارد حي و يبدو بأنه بخير .. لقد قاتل بقوة لأجلي ..!!
تقدمت مني السيدة و قالت برقة : أنا والدة دانييل , أدعـى فلور , و قد أخبرنا بما حدث , نحن استطعنا علاجك بعض الشيء... لكن يجب أن تخبرينا بما تشعرين عزيزتي , اسمك كلارا صحيح ؟!.
أومأت بقلق , و قلت بصوت مرتجف : لكن .. أريد رؤية... ووا .. والدي وو جـ جـ جيني !.
نظرت نحوي المرأه بعطف و قالت : سترينهم قريباً و أحب أن أطمئنك أنهما بخير جداً , كما أننا أخبرنا والدك عنك , لقد رآك بالأمس .. لكن عليه أن يعتني بجيني ..وهو يثق بنا ..
حدقت بها بصدمة : كان هنا بالأمس ؟!.
_ أجل .. يعلم بأنك بحاجة للراحة كما أن جيني تحتاجه .. لقد غادر لكنه سيعود قريباً.
و ابتسمت لي برقة , قلت و أنا أنظر للرجل ذو العيون المعدنية و نظرته النافذة نحوي : حـ..حسنا...!!
قالت السيدة بعطف : ستعودين كما كنت قريباً , لا تقلقي ..
أومأت .. كنت أشبه الزومبي ..!! لكني سأكون بخير .. هذه السيدة طمئنتني كثيراً... لكن ذك الرجل يرعبني ~~" !!.
ابتسمت لي ثم قالت وهي تنظر للرجل : سأخرج الآن , زوجي يريد أن يتحدث معك قليلا... ارتاحي اتفقنا...
استقامت و هي تبتسم لي مرة أخيرة ثم غادرت .. كنت أشعر برغبة في بقائها ... هل علي مواجهة هذا الشخص ...!!!
سمعت صوت سحب كرسي , فخفق قلبها رعباً , و بدأت الآلأم تعود بقلبي و قدمي و جسدي كله... كتمت شهقة ألم و ترنحنت بمكاني ...
_ هذه ستساعدك ...!
نظرت بارتجاف إلى الجانب الذي أتحاشى النظر نحوه , لقد جلس على الكرسي قربي جداً و مد لي بكأس به سائل فضي يلمع لكنه خفيف و كأنه ماء مسلط عليه ضوء القمر ... أخذت الكأس بكل انصياع منه ..
جاء صوته الهادئ مجدداً : اشربيه كله .. عندما تستيقظين غداً , سيعود شكلك كما كان لبعض الوقت... ولا تسألين مالذي أقصده..
ألقيت بنظرة متشجعة نحوه , تلك العينان الرماديتان فاتحتان جداً و عميقتان , نظرته مختلفة عن نظرة دانييل القاسية الباردة , كانت أكثر عمقاً و رقة ربما ... ربما يشعر هذا الرجل بالشفقة نحوي ~~" ..
شربت السائل , وكان طعمه خفيفاً حلوا قليلاً .. و هذا جيد .. ظننته مر ككل الأدوية...!
قلت هامسة : هل .. رآني والدي .. بهذا الشكل ؟!. أراهن بأنه قال عذرا لكن هذه ليست ابنتي !.
_ كلا ! , لقد تغيرت بعد مغادرته .. أنظري إلي يا صغيرة .. سأخبرك بشيء...
رفعت بصري بتردد و خوف نحوه.. كان له تأثير عجيب على الأجواء .. ذلك التأثير عندما يحل الليل الصامت على غابة موحشة
مع أن نبرته هادئة و نظرته المتعاطفة , لكن يبدو خلفهما غضب ما ....!
ابتلعت لعابي و نظرت بتوتر في عينيه الرمادية .. منحني نصف ابتسامة سريعة و قال هامساً :
_ أنتِ تعرفين بأنك تملكين بوابة ما صحيح , وجميع الوحوش تحوم حولك بانتظار أول فرصة كي تمر عبرك . ولقد مر عبرك ثلاثة وحوش حتى الآن .. حرس البوابات منزعجون جداً لأنهم لا يستطيعون السيطرة على بوابة متنقلة غريبة مثلك .. أتعلمين كيف حدث هذا في البداية ؟!.
قلت بتردد و أنا لا استطيع التفكير بصفاء : لا .. لست أدري...!
مع أنني تذكرت جدي الراحل فجأة , ضاقت عينا الرجل الرماديتان و أصبح لونهما كالفضة , قال :
_ كان يسعى للانتقام .. هذا واضح بعينيك .. إن ... مؤكد بأن هناك فرد من عائلتك يعرف ... من أين جلبت هذا اللون ؟!.
وكأنه سمرني بعينيه , همست بلا وعي : ربما .. جدي ... لكن هذه صدفة !... أنه جدي بالتبني ...!!
رفع الرجل رأسه بشموخ وتأملني لثانية ثم همس : لا شيء صدفة .. لا شك بأن أحد اسلافك له علاقة بالظلال ..
نهض واقفاً بسرعة فأفزعني .. لكنه قال بصوت رقيق فجأة وكأنه صوت والدي : اخلدي للنوم الآن .. هناك خبر سار وسط هذه الظلمة ستعرفينه غداً ..
أومأت بتوتر , ولكنني لم أفهمه ... قلت بهمس ضعيف : شكراً..
ضم شفتيه و هز رأسه .. ثم مشى بهدوء كالظلام .. و أغلق الباب خلفه .. فجأة أصبحت الغرفة أكثر أضاءة ~~" أو أنا أتخيل ؟!.
عدتُ للنوم بصعوبة .. و كان نومي متقطعاً بلا أحلام .. رأيت انعكاسي فقط بالمرآة فتأوهت و غطيت وجهي باكية ... قلت بألم : لقد أصبحت وحشا ... لقد أصبحت من تلك الوحوش....!
_ لستِ كذلك ! , هلا أفقتِ ... كلارآ ؟!.
فتحت عيني بصعوبة و شعرت بانتفاخهما ... لقد كنت أبكي .. سمعت صوت دانييل قربي .. مسحت عيني بالمنديل الذي اعطاني إياه ... ثم سلمني كأس ماء بارد .. كان هو يجلس على الكرسي بجانبي حيث كان والده بالأمس ..!. ولكن الوقت لا يزال ليلاً...
قال ببرود غريب : لقد أتى ليون لرؤيتك .. هل أخبره أن يدخل ؟!.
رفعت رأسي نحوه و قلت بلهفة لا أدركها : أجــل .. أجل...
فتح الباب بهدوء و دخل ليونارد بجسده المتناسق القوي , و شكله الجميل الهادئ ..
قال وهو يتأمل شكلي : كيف حالك ؟!.
مددت له ذراعي كي ألمسه و اقترب هو مني , لا أعرف كيف لكنني عانقته قليلا شاكرة و أنا جالسة بفراشي ..
همست : أشكرك.. أنت بخير صحيح ؟!.
رفع نفسه قائلا بضحكة خافتة لـ دانييل : كلارا تضحكني .. أني بخير يا صغيرة...!
مسحت عيني وأنا أقول : لستُ صغيرة من فضلك , كنت قلقه عليك ...
ابتسم لي : أني بخير .. ما كان عليك ترك يديّ...
توترت قائلة متذكرة لحظة الرعب تلك : كان .. لم يكن أعني ..
قاطعنا دانييل فجأة ببرود : هل علي الخروج من الغرفة ؟!.
حدقتُ به بينما ضحك ليونارد بصوت جميل خافت ... قال ليون مجدداً : أنه منزعج من الزوبعة التي حدثت...
رد دانييل ببرود : تلك الزوبعة اللطيفة خلفها إعصار .. أني واثق ..
هل يقصدون بأن تلك المعركة في غرفة جيني .. أنا طعنت و تكسرت و سُحبت إلى عالم الظلام و سقطت في حفرة تلو أخرى ... و واجهت ذو العيون عن قرب .. مجرد .. زوبعة و لطيفة ~~"... أكرههما هذين الاحمقين !!.
رفعت رأسي لأجدهما يحدقان بي .. قلت بتردد : هل ..سأعود للبيت ؟!.
رد دانييل علي ببرودته القديمة : بالطبع ,.. هيا عودي للنوم و ليون تصرف معها كي لا تحلم بشيء ..!
كان ليون أكثر لطفا معي هذه المرة , شعرت بأنه يعتبر تلك المعركة مزحة ما .. لا يكفان عن السخرية بشأنها !! أولاد عجيبون !!...
مس جبيني بأصابعه الباردة ...ثم فوراً غرقت بنوم عميق .. هادئ ...
شعرت بوعيي يعود , فتحت عيني شيئا يسيراً فشاهدت شخصين يقفان قرب الطاولة ... والدة دانييل و دانييل نفسه .. كان ضوء الشمس قادم من النافذة خلفهما , اتسعت عيناي فجأة ...
هل يضحك ؟!... **" ...اسنانه البيضاء ظاهرة بابتسامة خلابة .. يلعب بيد أمه بين يديه و يضحك معها بينما هي تبتسم برقة و عينيها تفيضان بالحنان .. كما أن عينيه هو أيضاً تلمعان بلون عسلي دافء !!
هذه صدمة لي !!... لقد تذكرت والدتي أولاً .. و نظرتها نحوي عندما نمزح و نضحك .. و من ثم دانييل هذا لا يمكن أن يكون رقيقاً لهذه الدرجة ~~" ... فجأة شعرت برغبة عارمة للبكاء. و حسدته على سعادته هذه ~.~..!!
راقبت بعيون مملؤة بالدموع كيف لثم يدي أمه ثم فتح لها الباب وودعها , بعدها التفت نحوي .. حركت رأسي و استويت في جلوسي بينما أداعب شعري البني الداكن بيدي...
قال بهدوء : لقد استيقظتِ !.. أنظري , لقد عاد شكلك الطبيعي تقريباً.
ألقيت بنظرة عليه ..لم أهتم كثيراً لعودة شعري لأني اتوقع هذا .. لكني لم أتوقع ألتماع عينيه و آثار الضحكة لا تزال على وجهه .
_ هلا اعطيتني المرآة ..
سلمني إياها بهدوء , فنظرت بها .. شعري عاد كما كان .. وجهي اكتسب بعض اللون .. لكن عيني ظلتا داكنتين .. و هناك هالات حولهما ...
_ ما خطب عيني ..؟!
_ سيعود ببطء .. و لحين هذا ضعي بعض العدسات .. يمكنك الوقوف الآن .. حاولي أن تحركي قدميك قليلا.
بما أنني بوقت ما أحسست بعظامي تحطمت كالطحين .. لكني أشعر بقوة غريبة تسري بي كالدم البارد ..
حدقت بالعيون الرمادية , همست بارتجاف : هل تمازحني ؟!.

رد بجدية هادئة : هل أبدو لك كذلك ؟!. , ومرت لمعة ذهبية وسط عيونه الغريبة .. حسنا أنت لا تمزح لكن لا تغضب ~~".
أومأت و أنزلت قدمي ببطء على الأرض المفروشة بينما دانييل يقف بجانبي .. انحنت ببطء كي لا أتألم و تفحصت قدمي تلك...
تمكنت من رؤية العلامة الغريبة .. محمرة قليلا... ضغطت بيدي عليها قليلا .. لكنها لم تؤلمني ... شعرت بالغرابة ..
_ قفي ببطء .. كلارآ .
صوته الهادئ و نطق اسمي غريب على سمعي .. لذا كل ما فعلته هو تجاهله .. تذكرت أيام المشفى وهذه ليست ذكريات سعيدة أبداً...~~" .
استندت على يدي ثم رفعت نفسي و وقفت حقاً دون ألم , و فجأة شعرت بحرارة الدم تسري بقدميّ ..
قلت مصدومة : آآآووه !!.. آووه ؟!. هل سأمشي ؟!.
_ جربي .. لكن احذري...
تجاهلته من فرط لهفتي .. فسرت خطوتين .. ثم ثلاث , آآآآآآآآآآآآه قدمي أأشعر بهاااا حقاا... أنها بخير .. أنها... طبيعية الآن جدا....
ضممت يدي لقلبي الذي أخذ يخفق صدمة و سعادة ... هل يمكن هذا ؟!..
التفتُ سريعاً و قفزت بمرح .. ثم حدقت به و قلت غير مصدقه : هذا حقيقي أليس كذلك ؟!. هذا ليس حلما أو....
قال بضجر : نعم ... نعم ... حقيقي .. لقد عالجك أبي .. سبب اصابتك هذه يعود لختم البوابة قصة طويلة اخرى...!
ضممت يدي و قلت بتأثر من السعادة : آآوووه كم هو شخص رائع والدك !!.
ضاق عيناه هو يحدق بي .. قال بهدوء : ما خطب دموعك إذن ؟!.
انتبهت لنفسي ... وجهي كان مبلل بالدموع ... مسحتها سريعاً و قلت بصعوبة : ححـ حقا أنا شاكرة , لقد ساعدتموني كثيراً...
رد بضيق : هذا واجبنا من الأساس .. استريحي الان ..
جلست مطيعه على سريري .. بينما هو جلب لي بعض الطعام , ثم جلس على الكرسي بعيدا قليلا يراقبني ...
قلت بهدوء قبل أن أتناول شيئا : هل حقا سقطت في عالم الظلام ذلك , وأنت كنت معي , أم أن هذا كان تخيلا فقط ؟!.
كل ما قاله هو كلمات باردة : هل أنتِ مجنونة ؟!. تناولي طعامك فقط ..
سألته متجاهلة برودته : هل هذا منزل والديك ؟!. وأنا ..هل نمت هنا طويلا !.
تنهد و تجاهلني وهو يضع ساقاً فوق الأخرى و يديه في جيبيه ينظر في السقف المزخرف..
ضيقت عيني اتذكر , ثم سألته : كلما أفقت أجدك . هل كنت تسهر بجانبي حقاً ؟!.
تنهد مجدداً و أجابني : إن لم تأكلي الطعام فسأخذه لـ نايت ..
هززت كتفي و شربت الحليب الدافئ , سألت بفضول : من يكون نايت ؟!.
رمقني بنظرته الباردة و همس بنعومة : حيواني المدلل...
سخرت منه وأنا أتناول شطيرة ما : هل لديك حيوان مدلل ؟!. أهذا حقيقي...؟!
_ بالطبع أملك نايت وليد الظلام , أنه ضخم جدا. ربما سترينه اليوم..!
وقفت اللقمة بمنتصف حلقي و عبثا حاولت ابتلاعها .. فسحبت كأس الحليب و جرعت منه كي تذهب الغصة ..
تنفست الصعداء و قلت بتوتر : سأتناول طعامي إذن... ~~"
_ جــيد لك ...
و ابتسم ساخراً... ! ,انهيت طعامي بسرعة , ثم وقفت مجدداً , حدق بي مندهشا قليلا , قال : هيه ! أبقي جالسة , ما خطبك ؟!.
قلت بهدوء : هل ستخبرني بكل ما حدث ؟!.
و مشيت نحو النافذة أريد النظر خارجاً... قال من خلفي ببرود : إن سمح لي والدي بهذا فسأفعل ..
آوه ... التفت و سألته بتردد : والديك .. هما مِن .. ذلك المكان ؟!.
رفع عينين رماديتي نحوي , رد ببطء : والدي من هناك ..
ضيقت جبيني كيف يتحول لون عينيه هكذا , سألت وأنا أضم يدي معاً : مـ.. حقا ! , أنه مختلف عن...!
_ لأنه السيـد !.
اختفى صوتي عندما رأيت عينيه أصبحتا بلون الزئبق وهو يحدق بي بتركيز رهيب سمرني , والده السيد ؟!... ماذا يقصـ...

طرق الباب فجأة وكأنه من بعيد , التفت دانييل بعيدا عني . وقال بملل : تفضل ليون ..
دخول ليونارد أنقذ وضعي المتجمد , قال بلطف : كلارا ! . تستطيعين السير مجدداً , هذا رائع .
نسيت الابتسام , لكن ليون أكمل : ...بالمناسبة والدك قادم بالطريق .
شهقت صدمة وقلت وأنا أتلفت حولي : ماذا !! .. آه سيراني بهذا الشكل أنا... أنا ... أين العدسات ؟؟!.
_ استرخي , هو لن يصدم كثيراً ..
تكلم دانييل بهدوء , فحدقت به ..
قلت بقلق و قلبي يخفق : آوووه أبي المسكين , لا شك بأنه مرهق جدا من القلق علي .. أنا دائما أقلقه .. أني دوما أسبب له الصدمات واحدة تلو الآخرى ... آآوه و مالذي سأقوله...!
و تجمعت الدموع في عيني, قال ليونارد : لا تكبري الأمر , أنه يعلم بأنك تعرضت للخطر.. و لكنه سيرى الآن كم أنت بخير ..
نظرت في عينيه الزرقاء , فابتسم .. قال دانييل بهدوء : قفي فقط و سينسى كل قلقه ..!
التفتُ إليه و همست : آآوه صحيح...
سمعت فتح الباب و أطل أبي وهو يقول : كــلآرا ؟!.
هرعت إليه راكضة و ضمتته بشدة و دموعي تصب بقوة , عانقني أبي طويلاً وهو يهمس بنبرة حزينة سعيدة بنفس الوقت :
_ آآآووه حبيبتي الصغيرة !!. آآه ابنتي كلآرا حبيبتي .. لقد خفت عليك ..
و مسح دمعة انسلت بطرف كمه , ابعدني عنه قليلا يتأملني فأغمضت عيني خوفا و اندسست بصدره ... سمعت شهقات ضحكته المتكومة و قال متأثراً :
_ أنتِ الآن بأمان حبيبتي .. بين ذراعي والدك لن أدع أحد يمسك صغيرتي .. أنتِ بأمان...
همست بتعب : أبي...!!.

و فجأة دار صوتٌ بعقلي ... (( انتبهي لـ أبيك .. أنه يريد الانتقام .. يريد أن يجعل والدك يعاني !. أحميهم كلآرا...)) ~
صوت خافت بعيد , بعيد جداً وسط الضباب .. صوت جدي , الذي أملك عينيه نفسها .. يجب أن أحمي أبي .. يجب أن أحميه .. أنه كل ما أملك .. والدي و جيني ..!

لقد عرفت الآن عدوي ...! و الويل له أن اقترب من أحبائي...!! سأقاتله حتى آخر نفسي بي...!! سوف يندم على معرفته لي , نعم سوف يفعل >< !!!
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر

التعديل الأخير تم بواسطة lazary ; 02-17-2018 الساعة 03:57 PM
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-17-2018, 03:59 PM
 
(( الحراسة وحرس البوابات ! ))

(( الحراسة وحرس البوابات ! ))


احاطني والدي بذراعه خلف ظهري و جلسنا على السرير .., و لكن انظمت لنا والدة دانييل دون زوجها , نظرت نحو الشابين نظرة ذات معنى , فرأيت ليونارد و دانييل يغادران بهدوء ...
أما السيدة فسكبت لنا بعض العصير . .
و جلست على الكرسي أمامنا , بعد أن شكرها والدي و تبادل بعض الكلمات المهذبة معها قالت هي بلطف :
_ نريد أن تبقى كلارآ هنا الليلة إلى حين أن يصل بعض الأشخاص الذين ننتظرهم .
سأل والدي بهدوء وهو يمسح على ظهري : فقط ليلة واحدة ثم تعود للبيت ؟.
ابتسمت : أجل , لقد اكتشفت كيفية تشغيل دائرة الحماية سيد موند .. زوجي مستاء جداً مما حدث , لكن الآن نحن نقوم بوضع خطة محكمة .. حرس البوابات تلقوا الإنذار. لقد قابلت فعلاً تيّرآ و ليونارد ..
أجاب والدي : أجل , لقد جئت معها , أنها شابة حاذقة جداً .. لكن ..
و نظر نحوي وهو يقربني منه بحماية قال : ستحمون كلارآ بكل قوة , أليس كذلك ؟!. بينما أنا أكون عند جيني...
حدقت بـ أبي , بينما قالت السيدة فلور بكل ثقة : بالطبع , أنا الآن اعتبرها كابنتي , كما أن زوجي مهتم جداً بسلامتها , وسيكون دانييل معها طوال الوقت ..
قلت بتوتر : آآ .. وو .. ولكن ماذا عن والدي و جيني و.. المنزل لقد...
ردت علي بلطف : لقد نمت لثلاث أيام عزيزتي , وقد تولينا الأمر .. كما أن ليونارد و تيّرآ يصطحبان جيني الصغيرة و والدك السيد موند طوال الوقت .. لا يمكنهم ترك المنزل هناك فجأة , لكن الآن اصلحنا أهم الأمور .. بقي فقط أن تشفي أنتِ عزيزتي..
حدقت بها قليلاً , ثم إلى والدي الذي قبل رأسي وهو يقول يطمنأنني : نامي بأمان الآن حبيبتي .. سأراك غداً .. كل شيء سيكون على ما يرام ..
همست : أبقى قربي لحين أن أنام ..
ظللت أمسك بيد أبي كل الوقت حتى داهمني النعاس و نمت بعمق , وبلا أحلام أو كوابيس ...
استيقظت فجأة و حدقت بالسقف , هه الجو هادئ جداً بمنزل كبير كهذا ... كما يبدو .. كما أنني اسمع صوت البحر بعيداً...!!
وقفت ببطء و مشيت إلى الباب , فتحته بهدوء و أنا اتساءل .. هل أبدو متطفلة ؟!. لكني أملك ملايين الأسئلة و احتاج لرؤية شخص يستطيع اجابتي .. كتلك السيدة الجميلة ...! نعم سأبحث عنها .. فـ دانييل من المستحيل أن ينطق بشيء...
و ليونارد كما أعرف عند والدي و جيني ...
مشيت خطوتين فقط خارج الممر ثم تسمرت ... سمعت أصواتاً خافتة .. فنظرت بقلق و قلبي يخفق بقوة فجأة ...
كان ذلك الرجل والد دانييل .. لا أدري مااسمه .. أو ربما سمعته و نسيت .. صوته الهادئ العميق مميز جداً... و قد عرفت صاحب الصوت الآخر أيضاً ...
انصت بهدوء , فأنا لم أقصد التطفل .. لكن قدماي لم تقدران على العودة للغرفة ^^"..!!
_ داليا و رافييل قادمان الليلة .. سيمهدان الطريق , الصبية تحتاج للحماية حتى من الصدمات النفسية...
_ أجل يا والدي ..
كان صوت دانييل خافتاً مؤدباً , و لا يبدو سعيداً... لذا استرقت النظر أيضاً... آآوه والده بهي الطلعة وذو تجسد جميل , كما أنه يرتدي الأسود كلياً وبلا معطف هذه المرة , تبدو عضلاته واضحة من تحت القميص مرفوع الأكمام مع أنه مسترخٍ ...
بينما دانييل يلبس تيشرته الذي بالأمس ويبدو هادئاً جداً و عابساً قليلاً و شعره الداكن غير مرتب تماماً ... لم استطع رؤية ملامح والده .. آحم آحم والده يوصيه علي ^.^!!...
_ أريدك أن تراقبها و تقوم بحمايتها طوال الوقت .. ليونارد و الآخرون سيتناوبون على حماية السيد موند و الطفلة , لكن كلآرا تحتاج لحماية من نوع آخر .. أنت تعرف ما أعني دان , أليس كذلك ؟!.
_ أني أفهم هذا أبي .. لكن , لا أريد حمايتها .
صدمة ×.×...!!!
ماذا يقول هذا الغبي !!!... آآآه ... ومالذي سيحدث لي ان لم يحميني *()*"...!!!
_ حقا ! , و لمـاذا ؟!.
سأله والده بكل هدوء , و حدقت أنا به بكل عصبية >.< ... هذا الولد ال....
رد ببطء : يمكن لـ ريفر أو ليون أو حتى تيّرآ حمايتها و أنا سأتدخل فقط عند الضرورة ..
فكرت بعبوس , ومن يظن نفسسه هه أنه قوي جدا أم أحمق جدا...!!.
_ أنهم أقوياء و يقومون بواجبهم على أكمل وجه , مع هذا .. أريدك أن تكون معها , نوع الحماية الذي توفره لا يصلح لوالدها أو للطفلة , بل لها ...
همس دانييل متذمراً : يالا الحظ ...!
_ أنها هي المسكينة هنا ! , ولأنها تملك البوابة التي تستطيع السيطرة عليها .. كن سيداً مهذباً معها , و كذلك بقية الحرس , لا تثيروا اعصابها , و إلا فسوف يكسر ختم البوابة الذي وضعته مؤقتاً لها ...
كان دانييل ينظر بتركيز إلى والده و عيناه بلون العسل الداكن ...
أكمل والده بنبرة هادئة غريبة : ....و إذا كُسـر .. فـ سوف أكون مستاءاً جداً .. وهذا ليس أمراً جيداً , أليس كذلك ؟!.
فجأة وافق دانييل بهدوء : سأحميها بنفسي...!
وضع والده يده على كتفه و قال بنعومة : أشكرك... سأذهب الآن ..
شهقت و تلفتُ حولي , ثم بسرعة إلى غرفتي... حمدا لله أن قدمي سليمة جدا الآن يااي اصبحت اركض برشاقة ^.^"...
جلست مؤدبة على سريري ... أفكر بما سمعته ... إذن والده قام بوضع مااسمه ؟!... آه ختم على البوابة الموجودة بي حتى لا تمر تلك الوحوش البشعة المنظر و الفعل عبري... و هناك أشخاص آخرون أيضا... حراس لحماية البوابات ... و لكن ...
أهم شيء و أسعد شيء... هو أنهم لن يغضبونني أو يحزنونني و سيكونون مهذبين معي ^()^.... واااااووو ... هذا حسن , الآن ذلك المدعو دانييل سيتلقى تأديباً شديداً في تعلم الاساليب الجيدة في التعامل ... آفف دائما ما يجرحني و حان الوقت الآن ليكون مؤدباً معي ...
فجأة طرق الباب فكدت اضحك من شدة فرحي .. لكني تماسكت وقلت بهدوء : ادخل ..
دخل دانييل و قد بدل ثيابه لـ قميص فاتح وقد شمر عن ساعديه و بنطال رمادي فاتح و بين يديه صينيه الإفطار ...
وضعها أمامي و قال ببرود وهو يرمقني بنظرة غريبة : هيا تناولي افطارك .. والدي يريد ان يتحدث معك لاحقاً , وهناك بعض الأشخاص يجب أن ترينهم...!.
مؤدب هاه ! , أنه يتأمر علي .. وكأني خادم أو ماشابه .. انتظر حتى أرى والدك و اخبره عن تلك الأيام السوداء ..
_ ولماذا تحدقين بي هكذا...!
رددت بحقد دفين : لأنك كريه ربما !!. ليتك مثل أبيك ...
تغير لون عينيه سريعاً من الرمادي البارد إلى العسلي المشتعل وهو يكرر ببطء
_ كريه !.
تراجعت بجسدي للخلف بقلق .. ربما سيلقي بتعليمات والده عرض الحائط و يقتلني هنا...*.*"...
لكن فجأة قال بهدوء مع أنه عينيه لا تزلان تلمعان : كوني فتاة طيبة و تناولي إفطارك .. سأخرج قليلا , لكن أن اردتِ شيئا نادني و سآتي حالاً...
تحرك خطوة للخلف .. لكني قلت سريعاً : مهلاً...
توقف و نظر نحوي ... فسألت سريعاً : هل سيأتي ليونارد اليوم ؟!.
حدق بي لثانية قبل أن يقول ببرود : لا .. هو عند والدك و اختك .. سيأتون أشخاص آخرين .
فصمت أنا افكر بالمجهول ... لكن فجأة قاطعتني نبرته الساخرة : آآوه لا تحبطي هكذا , سترينه لاحقاً...!.
تغير وجهي و أنا أحدق به , قلت بحده : أخرج فقط من فضلك...!
مع أن نبرته ساخرة و باردة إلا أنه دائما يحافظ على عبوسه ... بوجهي فقط ... آفف ما هذا الشخص ؟!!.
حاولت الاسترخاء و تناول بعض الطعام , ثم وقفت أمام النافذة أحدق بالبحر ... لا أدري أين نحن ...! لكن المنظر هنا خلاب جداً اعجبني للغاية . الشاطئ الأبيض جميل جداً و السماء رائعة , لم أرى أي شخص أبداً يتمشى .. و بدا الجو هادئا و مسالماً جداً...
_ هل اعجبك المنظر ؟ , تعالي لنتمشى قليلا خارجاً ..
التفت عندما سمعت الصوت الرقيق و ابتسمت لأم دانييل و هززت رأسي موافقة .. خرجنا معاً , و كنت أتأمل المنزل , لم يكن فخماً جداً , لكنه واسع , و حديث الطراز و هادئ الاثاث و لطيف الرائحة .. باختصار كان المنزل رائعاً ينم عن الدفء ..!
تمشينا جنباً لجنب و احذيتنا بأيدينا و اقدامنا في الرمال الدافئة .. كنا صامتتين نستمع فقط لصوت الموج و النورس .. ابتسمت براحة شديدة و تنشقت الهواء .. و اخيراً بعض الهدوء و الجمال والضوء ... راقبت قدمي التي كانت مصابة في يومٍ ما .. تبدو بألف خير ... رغم أني أخشى انتكاساً ما .. لكني متأكدة بأننا سنجد حلاً ...!
_ هل نجلس قليلاً ؟!
سألتني بلطف , فقلت موافقة : أجل ..
جلسنا أمام الشاطئ ننظر للبحر مد البصر ... قالت بهدوء : حري بك أن تستلقي حتى يزول أكبر قسم من التوتر , أنا أحب أن أفعل هذا ..
استلقينا معاً على ظهورنا , و ضحكنا قليلاً ونحن نتكلم عن الجو الرائع و نعلق على أشكال الغيوم اللطيفة ..آوه ما أجمل والدته , أنها ملاك ~
بعدها اتكأت على ذراعها و اقترحت : تعالي لنأكل بعض الفطائر بالفراولة التي أحضرها بمهارة شيف عالمي !.
وقفنا في المطبخ العصري الجميل , و أخرجنا طبق الفطيرة ذات الرائحة الرائعة ... تنشقت الرائحة .. و طافت ذكرى بعقلي .. شاهدت أمي ... وهي تحضر طبق فطيرة أيضا .. لكنها فطيرة توت و مربى الفراولة و التفاح ...
ألتمعت عيناي و أنا أتذكر يديها .. ثم صعودا إلى وجهها الضاحك المشرق .. تنصحني بأكلها كاملة .. و لأنني أنا لا أتناول سوى لقمة أو اثنتين .. فأنا لا أكره المربى لكنه ليس المفضل لدي ..!!
_ كلآرا ؟!.
نبهني صوتها الناعم بهدوء .. فمسحت دموعي بسرعة و قلت دون أن أنظر إليها : تبدو لذيذة ..!
يبدو بأنها لاحظتني , قالت بنبرة حنونة : استرخِ فقط حبيبتي .. كل شيء يسير دائما في طريقه إلى الإصلاح .. الجيد يبقى جيداً حتى النهاية و السيء ينال جزاءه العادل آجلاً أم عاجلاً !.
غمغمت : معك حق ..
_ هل تبقى قطعة لي ؟!.
كنت أقضم قطعتي ولم التفت للمتكلم .. قالت السيدة فلور بحنان : بالطبع لك قطعة عزيزي , تعال...
اقترب دانييل بهدوء و وقف بالجانب الآخر للطاولة الرخامية الباردة .. و مد يده ليأخذ قطعة بنفسه وهو يشكر أمه .
رفعت بصري و تبادلنا التحديق ... علاما يحدق هذا ال ... الغير مؤدب ...!!
قال فجأة لي و عيناه الرماديتان لا تطرفان : إن انتهيتِ هناك من ينتظرك ..
تركت ما بيدي و قلت بهدوء للسيدة متجاهلة كلياً ذلك الولد : لقد انتهيت ..
أنه لا يريد حمايتي لما يرغم نفسه على هذا .. و لمَ لا يريد أصلاً ؟! .. أنا لم أفعل له شيئا سيئا .. مهما يكن !.
ابتسمت لي أمه و قالت وهي تضع ذراعاً خلف ظهري : هيا بنا كلآرا...
دخلنا في الردهة الواسعة .. و رأيت بضعة ظلال واقفة في الظلام , ثم أضاء الجو أكثر بشكل مفاجئ .. رأيت والد دانييل يقف في الطرف البعيد و يده على أريكة فاخرة بينما يلبس الأسود .. فتاة ذات شعر أشقر قصير , كانت بغاية الجمال , بملابس أنيقة , وابتسامة خلابة ... فتاة أخرى ببدلة سوداء كلياً و شعر أحمر جداً و قصير حتى أذنيها وهي صامتة جدا تتأملني .. و فتى شاب غريب للغاية و مخيف بنظرات عينيه الدموية .. و ملابسه السوداء و تجهمه الغريب .. كانوا جميعاً معاً يحدقون بي ...
قال دانييل من جانبي وهو يشير إلى الشقراء : هذه تيّرا !..
و أخيراً تيرا ! التي يذكرها الجميع ... صديقه ليونارد !!... أنها جميلة جداً و كأنها من عالم الجنيات ..لكنها تبدو لي مغرورة قليلا !
_ وهذه داليا , و ذاك هو رافييل ... هذه كلآرا بالطبع !.
اشار نحوي بملل بيده , فرفعت أحد حاجبي .. لا يزال متعجرفاً , ليتني اكلم والداه عنه و عن تصرفاته تجاهي .. أنه يعتبرني حشرة يجب التخلص منها !!...
_ هذا لك !.
تحدث المدعو رافييل بصوت كالجليد وألقى إلي بعصا فضية صغيرة , فلتقطتها مبهورة ... آوه هذه العصا التي شهدت المعركة ...!! ضربت بها أحد أذرع الوحش فانقطعت .. لا أدري كيف فقدتها . و كيف وصلت إليه !.
همست بضعف : كيف.....!
_ وجدناها فقط .
فجأة تحدث والد دانييل بهدوء عميق اخترق الصمت : هل رأيتم هذه الفتاة أمامكم ؟! , جيد .. أني أريدها سالمة تماماً بلا أي أذى أو خدش .. أريدها أن تبقى على مدار الثوان تحت نصب أعينكم .. و إن ... حدث خلل ما .. فسيعاقب المسؤل على يدي , يجب أن تبقى كلآرآ سالمة !.
كان عيناه تلمعان في زاوية العتمة التي يقف بها .. و بدا الجميع مصممين جداً فجأة وهم يثبتون أعينهم علي جيداً .. أعتقد بأن أوامر هذا السيد "المخيف" صارمة جداً...!! و لكني ارتحت بعض الشيء .. لن يظهر الشبح أو الظل مجدداً إلا سيواجة هؤلاء المرعبين ..!!
أكمل السيد بعد ثوان من الهدوء , بصوت رقيق أكثر : ستذهبين بالطائرة إلى بلدك , لا يمكننا نقلك ببساطة بطريقتنا الخاصة , أنتِ الآن .. كما يقولون مطلوبة بشدة في العالم الآخر ..
استغرقت ثانيتين بطيئتين حتى استوعب أنه يتحدث إلي , فنظرت إليه بتوتر .. ثم شاهدت شبح ابتسامة منه .. قلت بحرج :
_ آه , مفهوم !.
شعرت بيد دافئة على كتفي , و همست والدة دانييل : ارتاحي فقط لا تتوتري , غدا فجراً تبدأ الرحلة , ستستغرق فقط ثلاث ساعات و سيكون معك هؤلاء الصحبة , دانييل و رافييل و تيرا و داليا كلهم متهمين بك ..
قلت و حنجرتي جافة من التوتر : أجل..

لم يتحدث معي أحد اصطحبتني والدة دانييل فقط لغرفتي بعد أن تناولنا أنا و هي و دانييل العشاء في المطبخ و لا أدري إين اختفى البقية ... تمنت لي ليلة طيبة .. و قالت بأن التذكرة و بطاقاتي الخاصة كلها في حقيبة سوداء صغيرة فوق الطاولة .. كما أنهم قد جلبوا لي قميص آخر و بنطال و معطف طويل أبيض !.
نمت بعق شديد , حتى هزتني يد ما ... فتذمرت , أريد النوم أكثر .. فأنا أشعر بالتعب ..
_ كلارآ أفيقي لقد تأخرنا !!
فتحت عيناي بثقل ولم أرى سوى الظلام .. لكن صوت دانييل اخترق أذني مجدداً بحده : كلآرا !!!!
حككت عيناي بسرعة و توتر , قلت بضيق : لقد أفقت .. لقد افقت لا تصيح هكذا ..!!
ضربت زر الأضاءة بجانبي .. و رأيته يقف مرتديا الجينز الأسود .. حرك يده بنفاذ صبر : هيا بسرعة بدلي ثيابك سآخذ حقيبتك معي .. نحن بالأسفل ننتظر , يمكنك فقط شرب فنجان قهوة !!
و خرج بسرعة و بيده حقيبتي السوداء .. غسلت وجهي و سرحت شعري بيدي و لففته ثم ارتديت الثياب التي جهزت بالأمس و أمسكت المعطف الأبيض الثقيل بيدي ..
هبطت الدرج بسرعة , و وجدتهم مجتمعين بالأسفل .. كان هناك والديّ دانييل أيضا... حيتني فلور بقبلة على وجنتي و تحية صباح لبقة جميلة .. بينما الجميع صامتين بوجهي .. احسست بأني فرد غير مرغوب فيه ما عدا تجاه السيدة الجميلة !
قال والد دانييل بهدوء بارد بينما أشرب أنا قهوتي بسرعة جالسة على كرسي المطبخ :
_ سيكون كل شيء بخير .. أنا لا أحب أن تحدث المفاجئات !.
فكرت بنفسي .. تجمعنا هذه الصفة يا سيد آرثر .. فأنا أيضا أمقتها بشدة مهما كانت !!.
كانوا متحملقين حولي , ثم خرجنا الى المرآب , و معنا والدي دانييل أيضاً .. فتح لي المدعو رافييل الباب الخلفي .. فجلست بارتياح في سيارة رياضية سوداء لا أدري ما هي ... جلست بجاني الفتاة ذات الشعر الأحمر "داليا" بصمت .. و جلست في المقعد الأمامي تيّرا ... ثم السائق .. دانييل .. سمعت حركة في الخلف .. فلتفت .. كان رافييل يركب سيارة آخرى صغيرة زرقاء اللون ..
ودعتني فلور بابتسامة جميلة .. فحييتها بحزن لفراقها , فقد كانت رائعة جداً معي و هي طبعاً الأكثر بشرية هنا , لقد ذكرتني قليلاً بأمي ... فتنهدت بحزن و نحن ننطلق و الشمس لم تشرق بعد .. حسدت هذا المدعو دانييل .. لديه كلا والديه , و هذا الثراء , و القدرة , و حسنا لديه الجمال .. وسيم للغاية .. وفوق كل هذا يتصرف و كأن الحياة لا تعجبه !.
وصلنا للمطار و نزل الجميع .. سلمت بنفسي التذكرة و بطاقتي الخاصة , بينما يقف خلفي دانييل و المدعو رافييل هذا .. و بعيدا قليلا الفتاتين الصامتتين ..
صعدنا الطائرة كأي ركاب عاديين .. مع أنني أعلم بأن ولا واحد من رفقاي هؤلاء طبيعي ..!!
قررت أن أكمل نومي بالطائرة , و شعرت بسعادة رهيبة عندما كان حجزي باسم السيد داركنس والد دانييل بالدرجة الأولى !!
استرخيت بمقعدي , لكني تشنجت فجأة عندما جلس بجانبي دانييل .. و أمامي داليا و رافييل و خلفي تيّرا ... شعرت بأننا عصابة ما !.
لم ألقي نحوه ولا أي نظرة ولا بالاً ... أغمضت عيني و تنهدت بتعب معنى لا تزعجني ... ثم نمت بضيق قليل ...
_ كلآرا ... هيه !!
همست بانزعاج : آووه ~~" ... لا .. ابتعد ..
_ هل هي تحلم ؟!.
قال شخص ما , رددت بهمس متضايق دون أن افتح عيني : لا .. أنت تزعجني .. أريد النوم !.
_ لا سنصل قريباً , افيقي حتى تتناولي الطعام ..
شعرت بقبضته القوية على ذراعي , فأفقت بغضب .. وحدقت بهم .. اعتدلوا كلهم في اماكنهم و حدق بي دانييل بعيون رمادية باردة .. أشار على صينية الطعام بجانبي وقال :
_ يجب أن تأكلي .. هيا كلي ..!
قلت بضيق : سآكل فقط اصمت ..!!
رأيت ألتماع الغضب بعينيه ... لكنه صامت خخخ !!.. لا يستطيع ان يتشاجر معي .. على العموم هو المخطئ .. أنه لا يكف عن ألقاء الأوامر علي حتى و أنا نائمة ...
أخذت آكل بلا شهية .. ثم راقبت السحاب الأسود الثقيل من النافذة بجانبي طوال العشرون دقيقة المتبقية .. لم أعرف حتى الآن المنطقة التي كنا بها .. التي كان بها منزل عائلة هذا المتعجرف ..
ظهر صوت الكابتن يطلب منها أن نضع الأحزمة لأجل هبوط الطائرة , كانت السماء تمطر مطراً خفيفاً لكن الجو معتم جداً و كأننا قرب منتصف الليل ..
عبثت كثيراً بالحزام و لم اقدر على ربطه بسبب يديّ المرتجفتين ربما استشعرت البرودة , قام دانييل بصمت بمساعدتي و أنا لم اشكره !.
حمل حقيبتي و عند نزول الركاب طلب مني بهدوء غريب : ارتدي معطفك ..
كنت أمسكه بذراعي , ففعلت بكل برود و بلا أي كلمة , نزلنا نحن الخمسة معاً يقودنا رافييل و دانييل بجانبي دائما أنه لا يحاول أن يتأخرني أو يسير أمامي ... لا شك بأن والده طلب منه هذا...!
سرنا خارجاً .. و فاجئتني الرياح الباردة .. و قبل أن أفعل أنا قام دانييل مجدداً بزر معطفي حولي جيداً و رفع قبعتي فوق رأسي !
لا أذكر جيداً متى كان بهذا القرب معي , تصرفاته المؤدبة هكذا تجعله أكبر من عمره بعدة سنوات ! , يجب أن اعترف أنه وفي جداً و مخلص بعمله .. فعندما يقوم بفعل شيء فهو يبذل جهده , لقد أخرجني من حفر عالم الظلام الواحدة تلو الأخرى و أنا فوق ظهره .. و تركني استريح قليلاً مع أن الوضع لا يسمح و لا يساعد بهذا ..
نظرت إليه متعجبة لكنه لم ينظر نحوي .. يروقني صمته و هدوئه .. بدا كسيد مهذب حقاً !.
مشينا معاً بسرعة تحت المطر و كانوا يقودونني إلى سيارة داكنة واقفة جانباً .. فتحها رافييل بسرعة و قفز لمقعد السائق .. جلست داليا في المقعد الأمامي و تيرا من الخلف .. جلست أنا مرغمة بالمنتصف و دانييل دخل ليجلس بجانبي ..
جررت نفسي بحذر لألتصق بـ تيّرآ بعيدا عنه و جسده البارد هذا .. انطلق رافييل بسرعة مخالفة , فكدت أذكرهم بأن المطلوب حمايتي و ليس قتلي ..!
فجأة همست لي تيّرآ بلطف هادئ : اهلاً بعودتك للديار .. استرخي فقط لا يوجد ما يقلقك !.
نظرت بعينيها اللتين بلون الزمرد الأزرق الغريب , همست شاكرة : .. أجل .
كنت أفكر فقط و أنا أسمع صوت المطر على السيارة السريعة بأنني أخيراً سأرتمي بين ذراعي والدي و أعصر جيني حبيبتي بين ذراعي ..
توقفنا أمام منزلي المضاء و رأيت خيال أبي يقف خلف نافذة الباب يفتحه .. نزل دانييل سريعاً و كذلك البقية وأنا من فرط استعجالي كدت اتعثر و أقع أمام الجميع .. لكن حمدا لله لم يحدث هذا ..
هرعت لأبي بسرعة وهو يمد ذراعيه لي .. ضممته بقوة .. آووه أبي .... لا شك بأنه مرعوب بسببي ..!
تمتمت بذنب : أبي هل أنت بخير ؟!.
عانقني بقوة : أنا بخير جميلتي ! , المهم هو أنتِ .. يا حبيبتي أنتِ تسيرين مجدداً !!.
قلت لاهثة من فرط الحماس : أجل .. أبي , أين جيني ؟!.
_ في الداخل حبيبتي .. تعالي هيا .. من فضلكم أدخلوا ..
احاطني بذراعه يقربني لقلبه .. راودني احساس رهيب فضيع مرعب تجاه أن كل شيء سيء يهدف لأذية أبي ..! يا رباه لا لن افقده مهما كان الثمن .. سأحميه ..!
دخلنا للردهة و وجدت ليونارد يقف و يحمل جيني بين ذراعيه .. رأتني الصغيرة فهللت بسعادة : كلالا .. كلالا !!
اقتربت بسرعة منه و أنا آخذ جيني من ذراعه بحماس .. ضممت الصغيرة الناعمة بقوة اقبلها بخوف .. فضحك ليون من خلفي و قال يطمئنني وهو يضع يده على ذراعي : هدئي من روعك , فهي تشعر بأنك خائفة !.
نظرت إليه و قلت بتوتر : آوه .. أنت محق ..!
عندما انتبهت للجميع يحدقون بي .. قلت بتوتر و أنا أنظر لأبي بجانبي : أبي .. هل تعرف بأن ...
ضاق جبينه و قال ببطء وهدوء : ربما اعرف بما فيه الكفاية .. ارتاحي صغيرتي.
تحدث دانييل فجأة : سنكون هنا دوماً سيد موند , نحن سنحميكم من المتمردين الظلاميين , خاصة كلارآ , سنرافقها بالتناوب إلى المدرسة أو أين مكان آخر .. لكن أنا سأكون معها دوماً .
قال والدي : لقد حدثني السيد دراكنس و قام بوضع حماية حول المنزل , لكن أنا اثق بكم .. و أفضل أن تقيمون هنا معنا !.
حدقت بأبي ثم بالفتية هؤلاء الغريبين .. بأي وضع آخر سوف أرفض بقوة أن يكونوا على مقربة منا !! أنهم مثيرون للقلق و التوتر و الريبة .. ألا يرى والدي بأنهم أقرب إلى مصاصي دماء و وحوش متحولة .. اصبحت محترفة بهذا ~~" ...
لكن ربما .. سنرى على مر الأيام ..
وقفت عند نافذة غرفتي منتصف الليل لا اصدق بأن دانييل بالغرفة الأقرب لي في هذا الطابق .. و البقية في الأعلى .. ليونارد و رافييل معاً بغرفة الضيوف ,
تيّرآ و داليا في غرفة الضيوف الآخرى بالأعلى .. لكن في الواقع لأحد بغرفته .. الجميع يتمشون خارج المنزل و داخله و حولي أيضاً ..
أعرف بأن ذلك الولد الغير لبق يقف خلفي تماماً و أنا أراقب ليون و تيّرآ يتمشيان ببطء و مراقبة حول المنزل ..
.
أنهما صديقين كما أعرف سابقاً لكنهما يتحدثان قليلاً فقط أمامي ..!
_ لقد قارب منتصف الليل , و منذ ساعتين قلتِ لوالدك بأنكِ ستنامين الآن !.
كان صوته خافتا لكن بارد و متهم .. رددت بهمس : لن اذهب للمدرسة غداً .
وعيناي مشغولتان بمراقبة الظلام و الشخصين الصامتين الذين يتمشيان فيه .
جاء صوته الضجر من خلفي : توقفي عن النظر إلى ليون و ركزي معي .. لأنك ستذهبين للطبيب لوك غداً...!
التفت أحدق به وهو يقف في العتمة .. لم يكن هناك شيء واضح أبداً حتى عينيه قاتمتين ..
قلت ببطء و برود منزعجة من مقاطعته لي : أنظر لقد ناقشنا هذا قبل ساعات قليلة !.
_ لكن تلك الحلول غير مقنعة .. نحن و والدك تابعنا النقاش بعدما ذهبت للعب مع جيني !.
شعرت بالحرج قليلا و كأنه يتهمني مجدداً , لكني اشتقت لصغيرتي جيني كثيراً ... أكمل هو ببرود قادم من ركنه المظلم :
_ رافييل سيرافقكم بسرية معي .. و بقدرته الخاصة سيقنع الطبيب .. لقد ذهبت مع والدك لشاطئ ما .. و سبحت قليلا .. و بمعجزة جميلة تحسنت فجأة خلال الثلاثة أيام تلك , فأصبحت قدمك متعافية تماماً ..
قلت بتوتر و خجل : لكني لا اسبح منذ زمن .. لقد نسيت ..!
حرك يده بملل و رد : لقد تعلمت مجدداً , لا تعقدي الأمور بسخافة فوق تعقيدها !.
حدقت به بحده : بسخافة ! لا تنطق هذه الكلمة , يمكنك أن تكون أكثر هدوئا معي !.
رد مع صرير أسنان مخيف : صدقيني أني أبذل جهدي!.
ابتلعت لعابي و هرعت إلى باب الغرفة ... سألني بضيق : إلى أين ؟؟!!
قلت و أنا أخرج : إلى أبي .. أريد النوم عنده ...!
_ لا يمكن أن تكوني جادة !!
و قطع جملته وهو يلحق بي بانزعاج .. لكن تقابلنا أنا و والدي على الدرج .. كان هو قادماً لرؤيتي .. ضمني قليلا بحنان
قلت بسرعة : أبي .. أريد النوم عندك...
_ حسنا صغيرتي , تعالي ..
التقت نظراتي مع نظرات دانييل , و بدا حقد رهيب بعينيه ... مابه ؟!. أنا لا أفعل شيئا خاطئ .. أني أبحث عن الدفئ بينما هو لا يجلب سوى البرودة !! .
كان السرير كبيراً و نمت بقرب جيني و والدي يمسح علينا بحنان , كنت نائمة كالأطفال بعمق و راحة شديدة ..
افقت فجراً , ولم أجد أبي بقربي , ولكن جيني بقيت نائمة .. نهضت و سرت إلى الأسفل , كنت اشعر بأن جسدي كله على ما يرام و لا يوجد ما يخيف ..
هبطت الدرج و أنا اسمع ثلاث أصوات تتحدث ..
عندما اصبحت بمنتصف الدرج , رأيت دانييل و ليون و تيّـرآ .. لا أدري بما يتهامسون لكنهم توقفوا و أخذوا يحدقون بي ..!
قلت بسرعة : أين أبي ؟!.
أجابني ليون بهدوء : أنه يجري مكالمة مع الطبيب لوك في الردهة ..
تدخل دانييل قائلا بنبرة متعجلة قليلاً : هيا تعالي لتتناولي افطارك ..
كنت أنزل خطوتين لكنه تقدم مني و أمسك برسغي ثم أخذ يقودني إلى المطبخ و الكل خلفنا .. جلست على الكرسي و قلت بضيق خفيف هازئ :
_ رغم أني أدل الطريق للمطبخ لكن أشكرك !.
_ هيا كلي هذا و كفي عن الكلام ..!
و وضع صحن الشطائر أمامي .. ثم قام و سكب لي بعض الحليب الساخن الذي جهزه أبي بلا شك ..
نظرت نحو ليون فهز كتفيه ببرود .. بينما قالت تيّرآ بمرح لطيف ونبرة جميلة : تبدين أفضل هذا الصباح , هل نمتِ بلا كوابيس كلآرا ؟!.
ابتسمت لها , و أومأت قائلة : أجل .. أفضل من النوم في غرفتي حيث البرودة...
قلت جملتي الأخيرة و أنا أرمق دانييل الذي كان يراقبني ببرود ..!
ابتسمت تيّرآ بشكل ذا معنى ثم غادرت ..بعدها بدقيقة غادر ليونارد . بقيت اتناول طعامي بصمت ثقيل لا أدري لم الدقائق تمر ببطء هنا ..
دانييل كالتمثال بلا حركة و بلا صوت يقف قرب الثلاجة ينظر باتجاهي ..
دخل والدي فجأة وهو يقول بسعادة : صباح الخير حبيبتي...
و قبلني على رأسي ثم سحب كرسيا ليجلس بجانبي , قال محدثا دانييل : أجلس داني هل تناولت شيئا ما ؟!.
_ شكراً سيد موند , لقد أكلت بالفعل ..
نظرت نحوه جيداً , كان يبدو أكثر شحوباً مع انطفاء اللمعان في عينيه و بدا غارقاً في الفكر و مشغول البال ..! شعرت بالغرابة نحوه لكني لم افكر به كثيراً ..
بعد الإفطار ذهبنا إلى المستشفى حيث عيادة الطبيب لوك ..
كان معنا رافييل و دانييل فقط .. جلبنا جيني أيضاً لأن لديها موعد للتطعيم ..!


تفاجئ لوك مني كثيراً بالطبع و سرّ أيضاً بتحسني .. صافحني بحرارة و أجلسني و قدم لي القهوة ثرثرنا كثيراً عني أنا و كم كنت معجزة و لدي أرادة ما كما وصفها الطبيب... لكني لا أرى هذا ... بالطبع لقد عالجني والد دانييل فقط .. اصابتي لم تتحسن بسبب البوابة .. و الآن أنا بخير لأنها اقفلت .. و لا أدري مالذي سيحدث بعد ..
فحصني جيداً مجدداً ثم ليطمئن أكثر اعطاني موعد أخير لنهاية الأسبوع .. واقفت على هذا و كذلك بدا أبي مسروراً...
في غرفة الأنتظار بالاسفل .. تركني أبي مع دانييل و ذهب كي تآخذ جيني إبرتها , رافقهم راف بالطبع .
جلست على الكرسي ارتاح , و جلس دانييل بجانبي .. مد لي بزجاجة عصير باردة .. فأخذتها و همست بعد ثوان من التردد :
_ شـ.. شـكراً ..
لكنه تحدث فجأة بنبرة منخفضة ناعمة : إن شعرتِ بأي سوء , اخبريني أنا أولاً .. اتفقنا ؟!.
نظرت إلى عينيه بهدوء , كانتا بلون العسل الأسود بلمعة ذهبية مريبة ..!! ما نوع مزاجه هذا ؟!.
قلت أجاري هدوئه : نعم , حسنا ..
تابع بتركيز خافت : ربما لا تثقين بي جيداً , لكن حاولي ..
ظلت عيناه تحدقان بي , و لم انتبه إلى أنه ينحني قليلاً باتجاهي مخفضاً رأسه لأجل أن يكون بنفس مستواي... هذا جعلني اتوتر جداً ... ولماذا يتحدث بهذا الشكل الغريب , أني أثق به حقاً رغم عجرفته !.
همس فجأة بتقدير غريب لا أدري من أين حل عليه : أنتِ شجاعة جداً كلآرا , ابقي هكذا حتى النهاية !.
خفق قلبي قلقاً غريب ... قلت بتوتر وصدق : آ .. لا يمكنني أن أكون وحدي في كل هذا... سأموت !. لن أقدر...
قاطعني فجأة وهو يمد ذراعه خلف ظهري على المقعد : لا لست وحدك , أنا هنا .. أننا هنا .. لن يموت أحد , ابقي قوية هكذا فقط ..
شعرت بكهرباء تسري في ظهري مع أن ذراعه لم تمسني قط .. لكن عيناه تأسرانني .. ذهب حار سائل يدور بداخلهما ..~
قلت اسأله بفضول بعدما زال الخوف بشكل غريب : هل عينيك بخير ؟!.
طرف بعينيه ببطء و ردد مستغرباً : و لمَ ؟!. أنهما بخير جداً !.
همست بخجل غريب احاطني و قلبي يخفق فضولاً : بالعادة آ... عندما تغضب تشتعلان بنيران صفراء , و عندما لا تبال تكون باردتين رماديتين .. لكن الآن... ما خطب الذهبي الدافئ هذا...!.
بدا هو أيضاً لا يدري بتغيرات ألوان عينيه !.. قال ببطء وكأنه يتذكر : أظنني أخذت صفات عيني كلا والدي ..
فتذكرت بأن لون عيني والدته فلورا هو الذهبي الداكن .. بينما والده ... فلون عينيه رمادي هادئ .. لكن مهما كان .. فـ عيني دانييل توضحان حالته الداخلية .. بشكل ما ... فابتسمت رغما عني لهذا الاكتشاف ~
_ و لمَ تتبسمين مع نفسك الآن ؟!.
صوت نبرته مسلٍ .. فحدقت به مستغربة تسليته .. وليتني لم أفعل .. لقد كان يبتسم هو أيضاً .. وقد كان بهذا القرب الشديد مني .. كانت ابتسامته كظهور اشعة الشمس اللامعة من بين غيوم سوداء ...!
لم أعرف بأن أنفاسي مكتومة لذا اخذت شهيقا واضحاً محرجاً ... و تلفت حولي , رأيت والدي من بعيد , فقلت انقذ نفسي : أنه أبـي...!!
في السيارة كان دانييل يقود و جيني كانت هادئ و صامتة تلعب بلعبتها في حجر أبي في الخلف.. فهمت بشكل ما أن رافييل قام بعرض قدرته الغريبة تلك و خفف من ألم جيني ..
صباح اليوم التالي كنت نائمة بغرفتي .. و لأن لا أريد أن أبدو طفلة مدللة تنام بغرفة والدها مجدداً .. لم أشعر بالبرودة تلك الليلة و قد كان دانييل يرقبني من حين لآخر .. لم يتحدث معي كثيراً وقت العشاء .. كان فقط يتهامس مع رفاقه و يضعون الخطط أو ما شابه ..!
قمت بتسوية شعري و ارتديت جينز قديم و كنزة صوف بلون الحليب و لفتت حول عنقي وشاح صوفي ناعم و خرجت ..
كان الصباح بارداً , و الشمس محجوبة بفضل غيوم داكنة تنذر بالعاصفة ..
هل يجب أن أذهب للمدرسة اليوم ~~" !.
في الممر رأيت دانييل يقف , قلت بحذر شديد وأنا أرمقه من طرف عيني : صـ..صباح الخير ..!
قال فقط بتعجل بارد : لقد تأخرت !. هيا لتناول الإفطار ..
كان والدي بالمطبخ و الفتاتين تهتمان بجيني التي فرحت لكل هذه الصحبة و الاهتمام .. بينما والدي يتحدث مع ليون و راف وهو يحضر القهوة .. بدا المطبخ الصغير الأنيق مزدحماً فجأة ..!
سحب لي دانييل كرسيا كي أجلس , قلت منزعجة قليلاً : لا تبالغ في افعالك رجاءاً.. أنا لست معاقة !.
اصطدمت بعينيه الرماديتين الداكنتين .. قال وهو يشد رسغي ليجلسني : بالطبع , اجلسي فقط ..
_ كلآرا صغيرتي...
قال والدي وهو يضع البيض و اللحم أمامي و يقبل جبيني , بينما ضممته أنا بذراع واحدة أحييّه .
فجأة غادر كل من بالمطبخ , و قالت تيرّآ وهي تمسك بجيني بشكل ممتاز : سآخذ هذه الملاك الرائعة للردهة معنا .
بينما تحدثت داليا بهدوء و ابتسامة لطيفة أول مرة أراها : سنكمل اطعامها هناك ..!
وخرج معهما رافييل و ليونارد الذي تبسم لي كتحية .. قال والدي بهدوء : هل أنتِ مستعدة للمدرسة حبيبتي ؟!.
_ أجل أبي ..
وكنت أقاوم رغبتي بالقول , لاااااااااا بالطبع .. أريد النوم في فراشي الدافئ حتى ثلاث سنوات ربما !.
لكن دانييل تدخل فجأة ببرود : يجب هذا .. لنرى ماذا يمكنك الفعل خارجاً ..!
فلم يعجبني مزاجه اليوم أبداً , شعرت بشيء غريب .. دانييل الذي بالأمس كان .. كان .. كيف اصفها , أكثر دفئاً , تفهماً , رعاية ربما ... وقد أعجبتني جداً نظرة عينيه و لونهما الغريب... آآخ متى تظهر تلك النظرة مجدداً...أريد معرفة سرها ~~"
لم عليه أن يكون قاسياً معظم الوقت كهذا ...! أكرهه ><!
قال والدي بهدوء مقاطعنا دوامتي التعسة لكنه كان يكلم دانييل : ستذهب معها صحيح ..!
رد دانييل بأدب و لباقة نحو أبي : أجل , و معنا ليونارد و تيّرآ . بينما سيبقى هنا رافييل و داليا...
نظر نحوي أبي و تبسم بحنان, قال يطمئنني : سيكون كل شيء بخير حبيبتي .. أليس كذلك ؟!.
و قبلني مجدداً على جبيني .. فشعرت بالحرج أمام دانييل .. و والدي مجدداً يحدث دانييل : أنتم تعلون بأنهما كل ما أملك .. لا يمكنني العيش بدونهما ..
نظرت نحو أبي و شعرت بعيني تحترقان , كان والدي يتحدث بغصة , فهمس دانييل بنبرة رقيقة مفاجئة : ستمر هذه المعضلة بخير , ولن أسمح بحدوث سوء ..!
حاولت بشدة أن أنظر في عينيه لكن لم اقدر من مكاني هذا وهو ملتفت تجاه أبي ..!
رأيت سيارتين مختلفتين أمام منزلنا بالاضافة إلى سيارة أبي العادية .. سيارة سوداء رياضية رائعة جداً و آخرى بلون الفضة صغيرة لكن تبدو ثمينة جداً ..
فتح لي دانييل الباب الخلفي للسيارة السوداء وكان يمسك بحقيبتي .. فجلست ثم أتى ليونارد و تسلم القيادة بينما تيّرآ بالمقعد الأمامي .. التف دانييل و جلس بجانبي في الخلف .. ثم لوحت لأبي مودعة و انطلقنا ..
قال دانييل بهدوء يحدث ليون : سأكون معها بكل الصفوف .. بينما أنت و تيرّآ تتبعان الجدول العادي , و تراقبان المنطقة ..!
رد ليونارد بعد ثانية : لا بأس , ما رأيك كلآرا ؟!.
ترددت كثيراً و توترت بسبب نظرة دانييل نحوي , قلت موافقة : أ.. أجل لا بأس !.
لكن هذا خطأ !!!. لا يمكنني تحمل دانييل معي كل الدروس !!. هذا مزعج ! , ثم آآخ تذكرت الفتيات لونا و سيلآ , كانتا متوترتين فقط بوجود ليون .. و الآن مع وجود دانييل هذا .. و تيّرآ أيضا و ليون سوف يتعقد الوضع ~~" !
وصلنا للمدرسة سريعاً و نزلت بحذر بينما هم يراقبونني , اخذت حقيبتي من دانييل ببرود و وضعتها على كتفي .. سار ليونارد و تيّرآ جنبا لجنب أمامنا و دانييل يسير بجانبي بهدوء و خطوات سريعة قليلاً ..
لاحظت بأن اغلب الطلاب التفتوا يحدقون بنا .. أو بالرفقة الجديدة ... باستغرب شديد و انبهار .. حسنا ليون و تيرّآ رائعي المظهر .. كذلك هذا البارد بجانبي ..! بينما أنا .. و بكنزتي هذه كان علي تبديلها ~~"!!!
دخلنا البناء و فجأة رأيت الفتاتين سيلآ و لونا تحدقان بي بانبهار .. قلت لمصطحبيّ : سأذهب إليهما لاطمئنهما أني بخير...
سعيت إلى الفتيات ببطء و حذر , فعناقتني لونا أولاً وهي تقول : آوه يا عزيزتي , أنتِ تمشين !. قلت لك بأنك ستسيرين مجدداً.
تبسمت لها و كذلك فعلت سيلآ و كانتا حقا سعيدتان بي ..
_ لكن...
قالت لونا بحذر و هي تنظر خلفي .. أكملت هي : من يكونوا .. أعني نحن نعرف ليونارد , لكن ذلك الفتى ينظر إليك و كأنه ينتظرك و أيضا الفتاة الشقراء خلابة جداً..!
قلت بتوتر خفي : أنهم .. أقرباء لي من طرف بعيد .. والدي دعاهم وقد تعرفين الآباء لقد أوصاهم بي ..
اقتنعت الفتاتين بشكل ما .. و دخلنا الصف الأول للرياضيات .. بعض الطلاب عرفونني وسلموا علي لتحسني بعد أن غبت ثلاثة أيام متتالية ..
كان دانييل و تيرآ خلفي يسيرون .. جلست فسحب دانييل كرسيا و همس لـ تيرآ بشيء ما .. ثم جلس بجانبي , بينما جلست هي خلفي تماماً ..
نظرت نحوه بتوتر و قلت : أن شعرت بالضجر لا تلمني !.
رد بهدوء وهو ملتفت كلياً باتجاهي : أني أشعر بالضجر منذ بداية هذه القضية , لكني لا أولمك !.
شعرت بلضيق من قوله ... هذه القضية التي يصفها غير مضجرة , أنها مؤلمة حد الموت .. أني أخاف كل يوم أن أفقد أبي أو جيني .. و أظل تعيسة وحيدة .. سأجن و سأموت خلفهما مباشرة أن حدث هذا .. آه يا ألهي هذا لا يمكن أن يحدث...!
وضعت يدي على جيني و ترنحت بدوار ..
جائني صوته قلقاً خفيفاً : كلآرا ! , مابك ؟!.
فتحت عيني و قلت بتعب دون أن أنظر إليه : أنه .. دوار .. مجرد دوار...
_ استريحي هكذا ..!
وضع يده الباردة على شعري من خلف رأسي ..و جعلني اضعه على الطاولة .. تنفست بعمق و هدئت قليلاً...
_ ربما بسبب هذه اللفافة تكاد تخنقك !. سأزيلها عنك .
تصرف من نفسه و يديه حول عنقي يبعد الوشاح .. ثم سحبه بلطف جانباً .. مال برأسه نحوي و سأل بهمس ناعم :
_ هكذا أفضل صحيح !.
فتحت عيني ببطء و رأيت عينيه ... و رأيت اللون الدافئ من العسل بهما .. مالذي يجري , أنه رقيق جداً هذه الثوان !.
قلت ببؤس : أجل , أفضل ..
بعد دقيقة اكتمل الطلاب و دخل المعلم , و انا رفعت نفسي وقد شعرت بالراحة أكثر .. قبل أن يبدأ بالدرس , قال بأن هناك طالبين جديدين , هما دانييل و تيّـرآ ...و اكتفى فقط بذكر اسمائهما .. لا أدري كيف سجلا بهذه السرعة .. لكنهما فعلاً بطريقهم الخاصة مؤكد ..
انتهى الصف الأول . و بدأ صف العلوم و كان مملٌ جداً و غابني النعاس و ترنحت بمكاني .. لكن لم أقدر على النوم بسبب نظرات دانييل التي تراقبني من ثانية لأخرى أظن بأن وجوده يجعلني متيقضة جداً ..!
اخيراً وقت الاستراحة , ذهبنا للخارج , و تيّـرآ جلبت لي الطعام المتنوع , وهم لم يأكلون , جاء ليونارد وسألني عن يومي .. ثم جلس بجانب تيّرآ التي تجلس قربي , بينما دانييل واقفاً بقربي ينظر حوله و كأنه يراقب ..
قال ليونارد يكلمه : لا يوجد شيء غير عادي ..
رد دانييل ببرود : لكنها لا تزال طليقة , فقط لو أمسك بها !.
نظرت نحوي تيّرآ و أنا بالكاد آكل طعامي , قالت بهدوء : ستظل تحوم حول كلآرا , لا شك بأنها أحست بأن الحراس هنا و ابتعدوا كثيراً ..
نظر نحوي دانييل فجأة , قال بهدوء : أنها لا تزال خبيثة مخادعة .. و تحب أن تحاول حتى تموت !.
شعرت فجأة بأن معدتي تتقلب و تفور ثم دوار ضرب رأسي , آه أنه غثيان ..!
نهضت و قلت بدوار : سأذهب لدورة المياه ..
و أتت معي تيّرآ وهي تضع يدها خلف ظهري , قالت بعطف : آسفة بسبب حديثنا هكذا أمامك ..!
قلت بشحوب و أنا أغسل وجهي بحذر : لا بأس .. لكني .. تذكرت...
همست تيّرآ وهي بقربي : تذكرتِ ماذا ؟!.
نظرت إلى عينيها الزرقاء و قلت باشمئزاز : جزء من ذلك الوحش بداخلي .. لقد تقطع يداه و بقيتا ...!.
لم استطع التحمل فأفرغت كل معدتي و رأسي يدور و يدور ... ثم غسلت مجدداً و تيرآ تهدئني و تساعدني .. بعدها تحسنت و شعرت بالحرج لضعفي ..
خرجنا معاً وكان دانييل و ليونارد ينتظراننا في الممر ..
سأل ليونارد بعيون ضيقة : لا تبدين بخير , هل ستكملين اليوم ؟!.
قلت بتردد : لا .. سأبقى .. والدي سيقلق بشدة أن عدت فجأة !. سيظن بأن هناك شيء سيء ..
قال دانييل بهدوء : أجل , لكن مالذي حدث لك .. هل يؤلمك شيء...؟!
رددت وأنا أنظر في عينيه الرماديتين : لا .. لا شيء يؤلمني..
و انتهى اليوم الدراسي بهدوء مريب ~
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02-17-2018, 04:02 PM
 
الجزء 12 (( ألغـاز برايـن ! ))

[CENTER]الجزء 12 (( ألغـاز برايـن ! ))

اليوم حكاية من الخيال ... أنتِ تملكين ابتسامة .. تأخذني لكوكب آخـــر ~... اليوم حكاية من الخيال ~ "..
كانت تضحك و أنا أغني لها هذه الأغنية التي كانت أمي تغنيها لي دوماً ..!.
جيني ذات العيون التركوازية الخلابة الواسعة جداً و كذلك رموشها الكثيفة السوداء الجميلة ... مؤكد بأن فتاتي هذه ستصبح جميلة جداً عندما تكبر و حتى الآن ..
ضحكنا معنا و كنت أجلسها بحضني بين ذراعي ... غنيت لها مجدداً بصوت خافت ناعم لا يسمعه سوانا .. و جبيني على جبينها الناعم الرقيق بينما عينانا تلتقيان بعمق و تركيز شديد و كأنه لا يوجد أحد غيرنا في هذا العالم !.
" أنتِ تملكين ابتسامة .. تأخذني لكوكب آخر ~ .... اليوم حكاية من الخيال .. اليوم حكاية من الخيال ! ".
داعبتها أكثر و ضممتها لقلبي .. فتاتي الجميلة ... تشبة أمي .. أنها رائعة و ذكية..
كان بالردهة هذه فقط "دانييل" يجلس على أريكة في الزاوية قرب المصباح المنطفئ يراقبني بدقة و كأنني مجرم اخلي عنه للتو ..! .
كنت قبل يومين عند الطبيب لوك ليطمئن علي مجدداً كان لطيفا جداً كالعادة , رافقني والدي بالبداية لكنه غادر و تركني مع دانييل الذي اعادني بسيارته ..
ذلك الوقت سألته عندما كنا وحدنا : كم تبلغ من العمر ؟!.
ضاق جبينه ورد بلا مبالاة : سأبلغ العشرين بعد شهر ..
لم يخبرني تماما بالتاريخ لكنه يكبرني بسنتين فقط .. يبدو بأنه لا يعيش حياة عادية ..
.. ( الوقت يبطء جداً ... عندما تكونين معي ... اليوم هو حكاية من الخيــآل ~ ).
رددت مجدداً بهمس رقيق و أنا أضحك لضحكة جيني التي تركز عينيها الرائعة بعيني
" اليوم حكاية من الخيـــاااااال ~ ".
_ آوه بربك >< !! .
فجأة تحرك دانييل مقاطعني بوقفته السريعة من بعيد أنا و جيني حدقنا به بدهشة خفيفة .
قال بملل واضح : منذ يومين و أنت تغنين نفس المقطع حتى أنك لا تكملين الأغنية , كما أن رأسي سينفجر الآن .. افعلي شيئا آخر .. لم اعتقد بأني أراقب شخصا بمثل هذا الملل !.
اعطاني نظرة باردة ثم اشاح بوجهه و خرج من الردهة .. لن أكمل الأغنية و هي تتحدث عن شاب تحبه يرتدي تيشيرت رمادي , مثل الذي يرتديه دانييل هذا !!.
ربما ذهب للمطبخ لرؤية والدي و ليونارد و تيّـرآ فهم يصنعون أمراً سرياً لا يريدونني أن أكون معهم ...!
بينما أنا أعرف بأن ذاك الفتى الغريب المدعو رافييل و داليا يراقبان خارج المنزل ..
فكرت ببرود و أنا أترك جيني على الأرض كي تحبو كيفما شاءت بأننا لا يمكننا البقاء طوال الحياة تحت الحراسة ...!
جاهدت جيني وهي تتمتم مع نفسها برفع نفسها كي تقف واضعة يديها الرقيقتين على الأريكة كنت قد ألبستها بدلة وردية جميلة و أنا قد أرحت أبي و اصبحت اهتم بها كثيراً احممها ألاعبها و أطعمها مع أنه تيرآ و داليا يفعلان هذا غالباً فأجدها قد شبعت تماماً ... تبتسمت لها و شجعتها :
_ هيا جميلتي ... هيا فراشتي الجميلة ... قفي ..
وقفت و نظرت إلي ضاحكة بعيونها اللامعة كالجواهر .. توسعت عيناي هل يمكنها المشي ...؟!
جلست على الأرض على ركبتي .. و مددت يدي لها كي احثها للسير نحوي ... قلت اشجعها بلهفة :
_ آووووه حبيبتي تعالي لـ كلالا .. تعالي لأختك ..^.^ تعالي حبيبتي ...!
حدقت بي قليلا لكنها تجاهلتني و أخذت تخطوة خطوة واحدة بمساعدة الأريكة إلى الجهة الأخرى ...
_ آآوه لا..لا لا إلي .. تعالي إلي حبيبتي ..
خطرت ببالي فكرة جهنمية ... جلست و وجعلت يدي على كل وجهي ... " آآه اهئ .. اهئ ... اهئ ... آآه اهئ... ".
فراقبت جيني تلتفت نحوي تحدق بي بدهشة و أنا أمثل البكاء .. تغيرت ملامح وجهها للأسى لأجلي ... كم هي رقيقة :قلب: .
أخذت تخطو باتجاهي و هي تتمتم " كلالا... تاتا... بابا ... كلالا... ! ".
راقبتها مدهوشة .. لقد سارت إلى بترنح و بلا مساعدة الآريكة .. ثلاث خطوات .. ثم كادت تقع عند قدمي .. امسكت بها وهي تلقي بنفسها في حضني مجدداً ... تلمست وجهي وهي تتمتم " كلالا ؟! ".
ترقرقت الدموعي بعيني آآوه هذا يعني الكثير .. لقد شعرت بحزني و خاطرت كي تأتي إلي ...!
ضممتها بقوة شديدة و قبلتها كثيراً , ربما اكتشفت خداعي فتذمرت مني و تركتها كي تذهب و لتلعب ..
دخل دانييل فجأة و قال : تعالي إلى المطبخ والدك يريدك .. و أنا سأحمل جيني ..
نهضت عن الأرض و أنا أنظر إليه , تقدم من جيني و كم كان طويلا للغاية بالنسبة لها .. مد لها ذاعيه بهدوء و لاحظت ابتسامة عينيه وهما تضيقان و تلمعان .. بالطبع جيني أمسكت به و رفعها عاليا وهي سعيدة تضحك .. وضعها جيداً بين ذراعيه ..
_ هيا تعالي ؟!.
ناداني وهو يسير و ينظر إلي باستغراب بارد , كنت واقفة أحدق بهما ببلاهة .. طرفت بعيني و قلت ببرود و أنا أسير ببطء:
_ أني خلفك..
دخل المطبخ بسرعة و أنا متمهلة أنظر للساعة الردهة خلفي , كانت تشير إلى الثامنة مساءاً...
اخذت أردد بقلبي تكلمة الأغنية دون أن أشعر ( الوقت يبطئ كلما كنت قريب , اليوم من الـ آآآه !!! )
صرخت مفزوعة برعب , عندما صرخ أحدهم عند باب المطبخ : مفـــــاجــــأة !!! .
فحدقت بهم برعب .. كانوا كلهم بالمطبخ .. أعني الحراس و أبي و.. الطبيب لوك !.
اتى والدي نحوي و قال بحب شديد وهو يجرني ليقربني من الطاولة : مفاجئة حبيبتي ....!
انتبهت إلى أنني أضم نفسي رعباً و عيني زائغة , ظننت بأن ظلا هجم علينا !!..
أجلسوني أمام الطاولة المليئة بالطعام و الكعكة الكبيرة و العصائر المنوعة..
قال لوك يهنئني : هذه مجرد حفلة تسبق واحدة أكبر سأقيمها أنا بمنزلي لأجل شفاءك عزيزتي ..
فجأة قالت تيّرآ بكل حماس مرح جميل و صوتها الناعم المبحوح : بالطبـع كلآرآ .. أنت تستحقين حفلة ضخمة !!.
وهي تكمل بمعنى آخر غامزةً لي : لقد واجهة صعوبات جمة .. و تخطيتها بشجاعة ..!
احمر وجهي بشدة و لم أدري ما أقول تخطيتها بشجاعة بل كنت جبانة جداً ...
قال والدي ضاحكاً وهو يدلك كتفي بيده : آآوه حبيبتي تحرج بسرعة , أنها لن تتكلم حتى الغد ...!
و قهقهوا جميعا علي .. المهم أني أخذت أتناول الطعام دون أن أدعوهم ..!!! :O
و عند الساعة التاسعة كان يجب أن أنام باكراً لأن الغد مدرسة .. و لكن فجأة رن الهاتف .. فأسرعت و رددت بهدوء ..
ظهر لي صوت امرأة هادئ لم اعرفه : مساء الخير , أهذا منزل السيد موند ؟!.
رددت بتوجس : أجل , من تكونين ؟!.
ردت بصوت متلهف ناعم : آوه أنا ليندآ ! , أنتِ كلآرآ بلا شك , كيف حالك عزيزتي ! , لقد سمعت الخبر الرائع من لوك !.
تجمدت قليلا... و آخ تذكرتها .. أنها أخت لوك , تلك الشقراء !
قلت بأدب بارد : شكراً أني بخير ..
قالت : أيمكنني الحديث مع والدك ؟!.
أجبت و أنا أرى أبي يقف عند المدخل ينظر إلي متعجباً , و من خلفه دانييل : حسنـاً...
اقترب أبي مني و قلت وأنا أمد السماعة إليه : أنها ليندآ فرانس , تريد الكلام معك ..
حمدا لله أن لوك غادر و لم يرني اتكلم بهذه اللهجة مع اخته ××"!.
أخذ والدي السماعة بعبوس و رد : مرحبـا ....
فقررت أن أخرج كي اجعله يتحدث براحته .. مررت من جانب دانييل و نظرت للمطبخ حيث كانت تيّرآ تهتم بـ جيني و معها ليونارد الذي يحيط ظهرها بذراعه .. كانا يتبسمان و ينظران لبعضهما و الطفلة بينهما تضحك...
ضيقت جبيني و عبست لا أدري لمَ , أنهما منسجمان جداً معاً ... ترى ما مدى قوة علاقتهما ...؟!


_ ألن تذهبي للنوم ؟!.

سألني دانييل من خلفي بنبرته الباردة العادية , رددت و أنا أعقد ذراعي فوق قلبي و نظرتي تحتد : لحظة ..
و أردت أن أسير إليهم بالمطبخ , لكن يده قبضت بقوة على كتفي ... قال بصوت حاد قليلاً : مهلك !!
لا أفهم مالذي..... حاولت أن ابعد يده بحده وأنا أرد : أريد أخذ جيني معي للنوم ! .
رد بحده خافته أيضا : لا يمكنك تخطين بغباء هكذا !, ليون و تيرّآ يحبان أن يمرحا مع الصغيرة ..! ما الأمر معك ؟!.
التفتُ بحده إليه و رددت : مالذي تقوله و كأنني على وشك الهجوم عليهما و افساد مرحهما .. أني فقط سألقى التحية ..!
_ كلآرآ لا تبين كشخص يريد ألقاء التحية فقط , لا يمكن أن تكوني منزعجة من تيّرآ ! , هل أنتِ ؟!.
توسعت عيناي و قلت بصوت يرتجف فاجئني : لـ... لا بالطبع , مالذي تقوله يا أحمق...!
رفع رأسه بشموخ و برود قائلاً : تيّرآ و ليونارد معاً منذ سنوات طويلة جداً .. أنهما مصاصي دماء , وهما مقربين جداً لذا كوني حذرة معهما .. لا يمكنك أن تغاري منها , هل يمكنك ؟!.
لا أصدق طريقه تفكيره !! ...
دفعته بقوة على صدره وأنا أٌقول بصراخ عالي سمعه الكل : ابــتعد عنــي !!!
لمحت من طرف عيني والدي يظهر من مدخل الردهة و تيّرآ و ليون تجمدا و حدقا عبر الباب باتجاهنا !
سرت ببرود لغرفتي .. و خبطت الباب خلفي ... حسنا.... خذي انفاسك كلارآ .. لقد صرخت بصوت حاد يرتجف و لا ادري ما خطبي ...
و مالذي ضايقني بالمشهد الذي رأيته حقاً....؟!
لكن أنفاسي لم تهدأ ... اخذ صدري يعلو و يهبط ... ماضايقني لم يكن ما رأيته بل ما تفوه به ذلك المغتر!!..
ثم .... مالذي يجعلني أغار من تيّـرآ أيها المعتوة !!... أني أحب تلك الفتاة ...و لا أغار منها ><"...!!!
أني فقط أردت أخذ جيني بحجري ...!
بعد دقائق لا أدري طولها ... طرق الباب بخفه ... طرقتين ...
ثم صوت والدي الحنون : حبيبتي , أريد رؤيتك قبل النوم ...
قلت بهدوء بارد وأنا أقبض على مقبض الباب : و أريد جيني أيضا..
_ هاهي معي هي تريد رؤيتك وتناجيك...
فتحت لهما الباب و أغلقه مباشرة من بعده ... قال والدي لجيني التي بين ذراعيه : قولي مرحباً لـ أختك الكبرى يا كعكتي !.
لوحت لي الطفلة بيدها الناعمة وعينيها الواسعة إلى : هاي ... كلالا ..!
ارتجفت شفتي السفلى و رددت بصوت ضعيف : هاي ...~~
صعد البكاء إلى حلقي ... لكني تمالكتُ نفسي... ما خطبي حقاً... ؟!! أشعر بالوحدة فجأة t^t ؟؟!!!

تقدم مني أبي و وضعها بين ذراعي , ثم ضمنا معاً و قبل رأسي وهو يردد : هل ستنامين معنا . سنحكي حكاية الأقزام ...
قلت بسرعة : أجل ...
فأنا لا أريد رؤية أي من الحراس... خاصة بارد الاحساس ذاك ....!
مشينا معا حتى الدرج و لا أثر لهم .... أحسن ... لا أحب رؤيتهم الآن...!
ظل والدي يحكي لنا أنا وجيني ونحن جميعا فوق السرير ... داهمني النعاس قبل جيني .. و نمت فسمعت صوتها وهي تلمس خدي بيديها تحدث أبي كما يبدو ...
_ كلالا ... اوووش... بابا.......!!
فضحك أبي قائلا : حسنا سنقف هنا و نكمل لاحقاً لقد نامت الأميرة الجميلة ... وبقي أنتِ يا كعكتي الحلوة إلى النوم...
سمعت صوت رنين المنبة بمكان ما لكن والدي من ايقظني بعد دقائق .. هامسا بلطف : كلارا افيقي .. الساعة قاربت السابعة .. هيا حبيبتي !.
افقت بصعوبة و رأيت جيني نائمة ملتصقة بي... فابتسمت و ابعدت يديها قليلا عني ... قادني والدي حتى الحمام ثم نزل إلى أسفل...
نظرت لنفسي في المرآة ثم قررت أن علي أن استحم سريعا...مع أن الجو بارداً...
عندما خرجت و جففت شعري و لبست معطف عادي رأيت ليونارد و دانييل فقط بالمطبخ .. لم يكن أبي هناك , رغم رائحة القهوة و الافطار مجهز ..!
توقفا عن الحديث و نظرا إلي , لكني تجاهلتهما و بينت أني فقط كنت أبحث عن أبي هنا بعيني ... فلتفت و عدت للممر....
لكن ..
_ كلآرا....!
لحق بي ليونارد بثانية و أمسك بلطف بذراعي حتى يوقفني أمامه .
سألني بصوت ناعم خافت : كيف حالك ؟!. لم يتسنى لنا الحديث بالأمس معا صحيح ؟!.
هززت كتفي ببرود وأنا أنظر لعينيه الزرقاوين الرائعتين : لا , لكن هل شاهدت أبي .. أني أريده ...
و كنت أريد الذهاب لكنه أوقفني بيد ثابتة غير مؤذية .. اقترب مني اكثر وهو يسأل بتوتر مخفي لاحظت بعينيه اللمعة الحمراء :
_ السيد جاك عاد للأعلى بينما كنت تستحمين كي يتجهز هو أيضا .. تبدين لي شاحبة , تعالي و تناولي الإفطار...
وضع ذراعه بأكملها خلف ظهري و قادني عائدة للمطبخ .. قلت أهمس استوقفه عند الباب : هل يمكنك الطلب منه المغادرة ..
حدق بي كثيراً وعرف بأني أقصد كتلة الجليد تلك , ثم وافق بهدوء : أجل بالطبع .. أريدك فقط أن تكوني مرتاحة ..
دخلنا المطبخ ولكن دانييل لم يكن هناك... همس ليون : لا شك بأنك سمعنا... هذا أفضل...
وافقته ببرود ... فجلست كي آكل , لكن ليونارد سحب الكرسي و قربه مني وهو يقرب مني القهوة و الأطعمة ...
رفعت حاجبي و حدقت به , قلت بضيق : أني بخير , لا تتصرف هكذا...
سألني بنعومة وهو يتكأ على ذراعه : ما كان سبب صراخك بالأمس ؟!.
ضاق جبيني و أنا أشرب القهوة المرة , همستُ ببرود : لم يكن شيئا مهماً لقد استفزني ذلك المعتوة !.
توسعت عيناه قليلا لكنه تبسم و قال : أنه ليس هكذا غالباً ,... لكني اعترف بأنه يتصرف بغرابة.. حقيقة أنه يتصرف بمزاج ناري منذ أن توفيت جدته قبل سنة .. كان يحبها جداً...
لم أنظر إليه , مضغت شطيرة الجبن , و قلت بهمس بارد : و ما ذنبي أنا ؟!. أني أسألك .. أنا لست أفهم مالخطأ الذي ارتكبته حتى حدثت كل هذه الفوضى , مالذي اقترفته؟! ما الخطأ ؟!!.... ثم هو ليس الوحيد الذي توفي له شخص عزيز.
فجأة بدأت معدتي تفور و غضبي جلب الدوار و الصداع لرأسي... توقفت بسرعة عن الأكل لألا أتقيأ الآن !!.
_ كلآرآ... اهدئي.... لا تغضبي !.. المهم أن تسترخي فقط .!
قال ليون بصوت مضطرب ... نظرت إليه وأنا أضع يدي على فمي و أنفي كي اتمالك نفسي... هناك شيء غريب يدور بداخلي..!!
قلت بصعوبة من بين انفاسي : أني... هادئة... أنا فقط .. أشعر بالـ... بالبرد قليلاً... !
وضع ليونارد ذراعه خلف ظهري و مد يده إلى جبيني , كانت يده باردة .. قربني منه و جعلني اتكأ على كتفه... مسح على جبيني قليلا و شعرت بالهدوء يأتي...
_ لا يفترض بالجو اليوم أن يكون باردا جدا عليك ...
اخذت انفاس عميقة و رددت وأنا مرتاحة على كتفه القوي : لا أدري .. أشكرك لمساندتي..
_ اسمعي يا كلآرآ... هل نكون اصدقاء ؟!.
ابتسمت له و أنا أرفع رأسي قلت موافقة : أجل ..
_ فتاة طيبة .. أنا اعهد إليك بأنني سأكون الصديق الأفضل الذي يعتمد عليه ..
لف ذراعيه حول ظهري و ضمني قليلاً... شعرت بسعادة رهيبة و ارتياح عميق .. لدي صديق قوي .. مصاص دماء !.
_ آسف لمقاطعتكما الودية .. لكن السيد جاك يهبط الدرج الآن.
ابعدني ليونارد بهدوء وهو يغمز لي مبتسما .. بادلته الابتسام الشديد , ثم تعمدت النظر لمخرب اللحظات الجميلة بعبوس رهيب و نظرة باردة تنافس نظرته... كان يقف قرب المدخل , و عينيه بلون الذهب المحترق الثائر...!!
غريب لقد اعتدت على لون المعدن البارد ... مالذي يغضبه إذن... هع ×) !
جاء والدي و قبلني سريعا على رأسي وهو يجلس , ثم تابعنا افطارنا و ليون لم ينهض من جانبي بل بقي يتحدث إلينا , و والدي يتكلم بطبيعية ..
ذهبنا للمدرسة أنا و دانييل هذا معي , ليونارد وتيـرآ سيلحقان بنا بعدة مدة ..
سرنا في فناء المدرسة المليء بالطلاب .. حياني أليكس تاركا رفاقه فترة .. حدثني بحماس بالرغم من أنه توتر قليلا من دانييل , لكنه تجاهله .. و قال بأن بنهاية هذا الاسبوع والده سيقيم حفلة و أن جديه يريدان رؤيتها و رؤية جيني ...
ثم غادر ... جلست جانباً أراقب الجو الجميل , كنا مبكرين جداً ولم يبدأ الصف بعد .. بينما وقف دانييل خلفي صامتاً هادئاً...
بعد دقيقة ظهر ظل أمامي , فرفعت رأسي و أخذت أحدق بفتى يبدو بمثل عمري , جميل الطلعة جداً , بشعر أشقر جدا و عينان زرقاوتان جميلتان وجسد رشيق...
كان واقفا أمامي يتبسم لي ..
قال بحرج خفيف : هاي ..آ كلآرآ ... كلآرآ مونـد !
فوجئت قليلا منه أنه يعرفني ! , لكني قلت بلطف : اهلاً...
قال بحرج وهو يضع يده خلف عنقه : لا شك بأنك لم تذكريني , لكني أتيت هنا قبل أسبوع .. ولم أصدق عيناي عندما رأيتك قبل أيام قليلة...
قلت بحرج : آوه آسفة لم ... لم اعرفك ^^".
كنت أشعر بأن دانييل يراقبنا , تابع الفتى بلطف : أنا .. مارك شلتون .. كنا معاً قبل سنة ..في .. صف الفيزياء كنا شريكين بتجربة الكهرباء !.
ضيقت حاجبي اتذكر..... آآآه عرفته , فحدقت به بدهشة أكبر و قلت مصدومة : لكن...لم تكن... أعني... مقوم الأسنان , والنظارات...آه ..آسفه لقد...
ضحك بلطف وقال محرجاً : لقد عالجت عيني فلم أعد بحاجة للنظارة و... بالطبع فككت المقوم..^^" .
يبدو بأني احرجته جداً , فقلت اسفة : آسفة يا مارك .. تبدو أفضل بكثير... كيف حالك.
سعد جداً بقولي , فجلس بجانبي و قال بحماس لطيف : لقد انتقلنا مؤخراً أنا و والداي وافتتحنا محل هنا لبيع الكتب .. لم أرك لفترة طويلة ... ثم علمت بانتقالكم ... لم نلبث نحن أيضا حتى انتقلنا .. و أنظري ...
ضحك قائلا بسعادة : أنه القدر لقد وجدتك هنا .. كيف حالك ؟! هل يعجبك المكان , أنه بارد قليلا .. لكنها بلدة لطيفة !.
ضحكت أنا أيضاً , حسنا لم أعرف الفتى سوى لفترة قصيرة , لكنه يعرفني و يبدو بأنه متهم بي... شعرت بالاحراج ...
قلت بحرج خفيف : نعم أنت محق , أنا سعيدة لأني وجدت شخص أعرفه من قبل معي هنا ..
_ هل تشعرين بالوحدة ؟!
_ نعم أني وحيدة...
_ كــلآرا >< !
قاطعنا صوت دانييل الحاد من خلفنا , فلتفتنا جميعا , لكنه هو سار ببرود حتى وقف أمامنا بغضب واضح , اربك مارك وهو يقف ..
وقفت أنا أيضاً بتوتر من هذا المعتوة سيسبب مصيبة و لأني مضطرة لأعرفهما على بعض...
قلت بضيق وأنا ارمق عينيه الذهبيتين منذ الصباح : مارك هذا دانييل , .. دانييل أنه...
رد دانييل بحده مفاجئة : لا يهمني من يكون !.
شعرت بصدمة شديدة فما بال مارك !.. قلت غير مصدقة : راقب كلامك من فضلك !.
_ لقد بدأ الصف , و أن كنتِ انتهيت من ذكرياتك مع رفيقك الحميم , لدينا أولوليات لنهتم بها !.
كان يحدق بي بحنق شديد و نيران تشتعل بعينيه بلعت ريقي سيقتلنا معاً , التفتُ إلى مارك المتوتر و امسكتُ بذراعه قائلة : لا تهتم بهذا الولد , لديه مشكلة مع اللباقة !!.
همس مارك : لا بأس , أراك لاحقاً إذن ..
ودعني و غادر سريعا... ثم مشيت أنا بسرعة أيضا للبناء متجاهلة ذلك المعتوة !!.. أنه لا معقول .. كيف يتحدث هكذا مع أناس غرباء مساكين ..!!
كنت اتجاهل هذا المتعجرف كلياً بالرغم من صعوبة الأمر فهو يسبب توتراً بكامل الجو , حتى أتى وقت الاستراحة ... فجلست عابسة في الخارج حيث الهواء البارد يريحني .. جلس دانييل بجانبي و قال بعجرفة كالعادة و تأمر ساخر :
_ اسمعي علينا أن نتحدث بشأن اصدقاءك العديدون , كلما سرنا قليلا ظهر لنا واحد ..
التفتُ نحوه بحده و قلت وأنا أتنفس بسرعة من شدة الغضب : لا شأن لك لو كان لدي مليون صديق ! , وبربك ألا يمكنك أن تتصرف بأدب قليل هذا لن يقتلك ! عليك أن تحترم الآخرين و تقدر مـ....
قاطعني بضيق و حده : توقفي عن ألقاء محاضراتك , أنا مللت منها منذ أمد , كما أنني أتحمل هذا الشيء الذي تدعونه بالمدرسة من أجلك , وقد تركت الدراسة منذ عشر سنوات !!
زفرت بحده و قلت له و أنا أحاول الصبر : دانييل , استرخ فقط اتفقنا , لن يؤذيني أحد منهم ...
رفع رأسه و قال ببرود : بشكل ما .. أنت من قد يؤذيهم !.. كوني حذرة من علاقاتك .. نحن لا نريد من أن ينكسر الختم إذا ما حطم أحدهم قلبك و رفضك !.
دار رأسي أهكذا يفكر هذا ال...!! , قلت ببرود : لن يحطم أحدهم قلبي , شكراً لاهتمامك !.
نظرت فجأة ووقع بصري على مارك , كان وحيداً , وهو جديد هنا مثلي, فنهضت بسرعة ..
_ أنتِ لن تذهبي إليه .. ابقي هنا...!
_ راقبني فقط.. أريد الكلام معه , كما أنه أصبح وسيما جدا خلال سنة...
قلت هكذا اغيضه و نجحت ... فقد نهض خلفي قائلا بحدة بينما أنا اسير : أنتِ !! سأراقبك و لا تظني بأني سأقف مكتوف اليدين !.
تجاهلت تحذراته و سرت بسرعة خلف مارك , ناديته بصوت لطيف : مــارك !.
فلتفت نحوي و شقت الابتسامة وجهه , قال بسعادة : هييه كلآرا , هل تناولت طعامك ؟!
قلت بلهفة : لا .. لتناول الطعام معاً ..!
يالا السعادة عندما أبدو طبيعية اكثر و أجلس مع شخص انساني جداً وليس مع أولائك الحرس مصاصي الدماء و الظلاميين و إلى آخره ..
اتذكر بأن مارك كان خجلاً جدا بذلك ولم يكن بطبيعته عندما كان يضع المقوم و النظارة ..
و الآن بعدما خلعهما كان يتصرف بطبيعية أكثر و عرفت سريعاً بأنه شاب لطيف لبق و وسيم حقاً ..!

بعدما تبادلنا الأخبار وعلم بوفاة والدتي و اصابتي دون ذكر التفاصيل, شعر بالأسف نحوي و فؤجئت بأنه يتذكر والدتي وقد قابلها مرتين أو ثلاث عندما كانت تقلني من المدرسة ..!
أمسك بيدي وهو يقول بتعاطف حقيقي وحزن بعينيه : آسف للغاية , لا شك بأنه أمر فضيع و مؤلم , لكن .. عليك المضي ..
قلت بخفوت : أني أمضي...
ابتسم لي مشجعاً فابتسمت ..
بعد ثوان سأل بفضول : ذلك الشاب .. الذي كان برفقتك .. اسمه... ما كان اسمه ؟!, أهو صديقك ؟!
رددت بلا مبالاة : دانييل .. دعك منه .. أنه... آه أوصاه والدي بي لذا هو .. يمكنك القول كأخ أكبر مزعج !.
فضحك قليلا ثم قال : أنه .. مهتم جداً بك .. و كأنه مستعد للهجوم , لكني لا أحب نوعه أبداً ..
قلت موافقة ببلاهة : نعم .. صدقني أنا مثلك .. لكني مضطره لتحمله ...
فكرت بأن دانييل قريب وهو لديه سمع خارق للطبيعة , هل جرحته بكلامي ..؟! على العموم هو يستحق لقد جرحني بالأمس...!

_ لا شك بأنه لأجلك أنت وحدك هنا ووالدك يثق به مؤكد , أذكر بأن السيد جاك لا يعجبونه الفتية بمثل سنك , لقد كان يرمقني بنظرات تحذيرية ..
ضحكنا معاً كثيرا و استعدنا الماضي , تذكرت جيداً مارك , و تذكرت بأنه كان يرمقني من وقت لآخر حقاً في العام الماضي , ت
وترت قليلاً ... أهو معجب بي ؟! , لكني أنا سعيدة به الآن و برفقته المرحة ...

قرع جرس بدأ الحصص مجدداً .. فسرنا معاً لفصول الدراسة .. ولم اشاهد دانييل حولي أبداً...
ودعني مارك قرب صفي و قال بنظرة عينين عميقة و صوت رقيق :
_ اتمنى أن نتحدث أكثر لاحقاً...
قلت بابتسامة : بالطبع ..
تبسم لي ثم غادر ببطء بينما ادخل أنا الصف اصطدمت بأحدهم , و قبضه قوية على ذراعي ..
سحبني بقوة ثم أجلسني على أقرب كرسي فعل كل هذا بينما أنا استوعب الصدمة و احك انفي و عيني ...!
جاء صوته الحانق الحاد : بالطبع هاه !... لا تدفعيني للحاق بذلك الولد و قتله !!.
حدقت به و قلت مرعوبة : الويل لك...
جاء صوت ليونارد من خلفه : دانييل !!. كن حذراً لقد بدأ الطلاب بالدخول...
حدقت بليونارد و رأيت تيّرآ تقترب منا .. قلت استنجد بها : تعالي و انظري , يريد قتل الفتى لأنه كلمني...
_ لقد أرادا أن يعيدا الكرة مجدداً... حتى يبدئا بالخروج معاً و ستقول لنا يومها أرجوكم اتركوني أريد بعض الخصوصية !!
حدقت بحنق به و ارتفعت ضربات قلبي , وقفت و قلت بحده أضرب كتفه بقبضتي : أغرب عن وجهي !. كيف يمكنك أن تفكر هكذا...!
قال ليونارد فجأة بهدوء : بصراحة أنا استطيع قرآءة العيون ..هو يتطلع للكثير معك.. مع أنه فتى جيد وليس بالنوع الخبيث !
قلت مقاطعة بانفعال : رباه , من الأفضل لي إذن أن تقيدونني بالمنزل حتى تجدوا طريقة أيها العباقرة بالتخلص من تلك الوحوش مهما كانـ....
امسكني دانييل من الخلف وهو يكمم فمي , قائلا بتحذير خطير قرب أذني : لا تدعيني أقيدك بالفعل ..
قال ليونارد بهمس حاد وهو يقبض على ذراع دانييل : نحن لا نريد مخالفة أوامر سيد الظلام ! , كما أنك تؤلمها !.
_ داني دعها ...هل تريد أن ينكسر الختم ؟!.
قالت تيّرآ بحدة ... فتركني بسرعة و أخذت التقط انفاسي و نحن جلوس , و ذلك المتعجرف المعتوة بقربي ...
كدت أبكي لكني تمالكت نفسي بصعوبة .. و عندما أوقفني الاستاذ لأجيب عن سؤال ما لم اسمعه قط ...و اجبت خطأ !!
ثم جلست اقاوم البكاء مجدداً... ألم يقل والد دانييل أن عليهم ألا يضايقونني !!.. أن ابنه يفعل بي الأفاعيل !!

خرجا للباحة في نهاية اليوم أخيراً ...
كان ليونارد و تيّـرآ بسيارة و أنا يجب أن أعود مع دانييل , لكن لا ... ركضت إلى ليونارد و ألقيت بنفسي بين ذراعيه ...
قلت بانزعاج شديد : أنت قلت بأننا أصدقاء .. هيا تعاطف معي و عد بي للبيت ..!
كان مندهش قليلا .. لكنه احاطني بذارعه وهو يفتح لي الباب الأمامي .. قالت تيّرآ بلطف و تفهم : اهتم بها ليون ..
ثم انحنت نحوي و همست : تمشيا في الخارج قليلا.. نحن سنكون بالمنزل فوراً .. هدئي من روعك حبيبتي .
ابتسمت بشحوب , بينما قال ليون بعبوس من خلفها : حسنا عزيزتي يمكنك الذهاب الآن, لقد ودعتِ كلآرآ .
أبقيت بصري على يدي , ولم أنظر لأي شيء... قادني ليونارد حتى الغابة التي بقرب منزلنا .. فتوقف بسيارته الداكنة الثمينة...
قال بلطف : هل ننزل ؟!.
عدنا للمنزل مشياً وقد نجح النسيم البارد بتهدئتي ...

كان والدي متوتراً و قلقاً بشأني .. لكن هدأ تماما بعدما رآني و ضمني قليلا .. بينما كان جيني مشتاقة لي كثيراً .. اخذتها و كدت احممها و ابدل لها ثيابها ..
لكن داليا قالت بلطف : لقد فعلنا هذا قبل قليل .. أنها تستعد لفترة من النوم...
و فعلا كانت صغيرتي ناعسة .. فصعدت بها إلى أعلى و فاجئني ظهور دانييل على الدرج .. افسح لي الطريق بصمت , ثم سار خلفي قليلا حتى باب غرفة أبي ..
وضعت جيني على السرير وهي تتثائب .. و انزلقت أنا بقربها أخذت ادندن لها بخفوت .. وكان جفني ثقيلان جداً... جداً...
شعرت بخطوات , ثم بأحدهم يرفع الغطاء فوقنا و يرتبه .. فتنهدت أنا بارتياح ..
فتحت عيني قليلا بثقل و لمحت دانييل يغلق الباب علينا .. تمتمت بخفوت " لا بأس الآن..."

حلمت شيئا غريباً , رأيت جدي بالتبني .. و كان يسير في ممرات المنزل , كان يحمل شيئا بيده فلحقت به و رأيته يقف أمام باب غرفة الرسم , فتحها بالأنبوب الذي وجدته قبلاً .. دخل و كانت معتمة قليلاً .. دخلت خلفه و قلت بتردد : جدي ؟!.
التفت إلي , لكن عينيه الخضراء الرمادية توسعتا رعباً وهو يحدق بي ... قال بصوت بعيد : كلآرآ انتبهي لنفسك...
قلت بخوف و عيني تقعان على قطعة زجاج النافذة المكسورة : ممـ ماذا ؟!.
لكني صعقت و أنا أحدق بعيني حمراوين مخيفتين منعكستين على الزجاج !!...
صرخت وأنا أنهضت : لااااااااااا !.
_ كلآرآ ؟!.
القيت بنفسي رعباً وأنا أحدق بالظلام إلى ذراعي شخص ما ..
أمسكني جيداً و هو يهدئني : ماذا ؟! ...ماذا ؟!.
التفت أنظر للشخص الذي يجلس معي على السرير في ظلام الغرفة .. قلت برعب وأنا أحدق بعيون دانييـل الذهبية :
_ أنظر إلي... أنظر إلي هل تحولت لوحش ؟!!!!. أنظر إلـ...
_ اهدئي ... اهدئي ...!! لا لن تتحولي لوحش ! .. تنفسي فقط !
اخذت اتنفس بتقطع وهو يمسح على ظهري ... حاولت التركيز على اعضائي .. قلبي يدق بقوة , اتنفس بسرعة , اشعر بالبرد و الحر بنفس الوقت ..
رأسي يدور و معدتي مضطربة ... لمست ذلك المكان الذي طعنني به الظل اللعين ... فشعرت بشيء غريب..
وكأن شيء ما دخيل يسير بدمي ...!.

قلت لاهثة لـ دانييل و كأنني أنبهه : هـ هناك .. شيء ما .. يدور بداخلي و أخشى أن... يفور و... ينفجر...!
اجابني وهو يشد يديه قليلا على ذراعي : لا يستطيع أن يفعل لك أي شيء... أنك أقوى منه و...
قاطعته برعب و أنا أرفع رأسي أنظر لعينيه أحاول اقناعه : لا تقل لي هذا الهراء... أنا ... لن أقدر... صدقاً .. لا أريد أن تكون النهاية بأن... بأن انفجر هكذا و يخرج الوحش و يؤذي عائلتي و... عندما يأتي الجِد لن استطيع أن أفعل شيئا !.
توسعت عينيه وهو يقول بنبرة غريبة و ابتسامة مكتومة : المشكلة في خيالك الجامح , أليس كذلك ؟!.
قلت بعيون أوسع وكأنني مجنونة : لا حقاً ! , وما تسمي ذاك الظلام ! .. اسمعني !.. عندما أبدأ بالتحول و تصبح عيوني مشقوقه و حمراء و وجهي أسود و اصدر اصواتاً مخيفة ... اقتلني فوراً .. لا يجب أن ينتصر الوحش في النهاية و.... .
شهقت رغما عني عندما رفع يديه و احاط وجهي بهما ..!!
قرب وجهه كثيراً و همس بنعومة وابتسامة خفيفة : أنتِ تخططين لكل شيء ألست كذلك ؟! , خططك لا تسير على الحقيقة كلآرآ موند .. استمعي لي أنا سأكون موجهك و دليلك .. ثقي بي فقط و ذلك الشيء سيتمنى لو أنه لم يولد قط ..أنه لا يعرف من تكونين أنت أقوى منه !
كنت أحدق بعينيه القريبتين جداً و كيف تتحولان لذهبي سائل دافئ يدور حول بؤبؤيه ..! لقد عاد لونه الجميل ..~
_ ...هل فهمتِ الآن ؟! , أتريدين العودة للنوم ؟!.
قلت بتوتر و للتو أنتبه لتقاربنا : أ .. لا .. كم الساعة الآن ؟!.
ابتعدت عنه بسرعة وهو يجيبني : أنها التاسعة !
عدتُ و حدقت به بصدمة : لقد تأخرت كثيراً وأنا بفراش أ أ...!
صعقتُ مجدداً و أنا أرى نفسي بسريري !!..
قال دانييل بهدوء يشرح : كان والدك مرهق يريد النوم , وأنت أطلت النوم كثيراً مستحلة كل السرير .. فقررت حملت لغرفتك .. لينام والدك و جيني هناك .. هم الآن نائمون , .. هل أنتِ جائعة أم تودين النوم ؟!
كنت جائعة ... فقلت وأنا أنهض ببطء : أني .. جائعة ربما القليل من الحليب يكفي ..
شعرت بالدوار و أنا على وشك النهوض , رأيت يده ممتدة إلي , يساعدني فتمسكت بذارعه كي اسند نفسي قليلاً
و شكرته بقلبي فقط ~

في المطبخ كانت تيرّآ و ليون يتحدثان و رأيتهما يصنعان لي الحليب و الشطائر لا شك بأنهما سمعاني .. حيوني بلطف هادئ و جلست على الكرسي بتعب وأنا امسح شعري المشعث...
قالت تيرّآ وهي تجلس بجانبي بينما دانييل يحدث ليون : يا عزيزتي , لقد سمعنا صوتك , هل أفقتِ من كابوس ؟!
رددت بقلق وأنا أنظر لها خلسة : نعم... اعتقد هذا.. لكن .. أنظري لعيني تيّرآ , هل ترين شيئا ما غريبا ؟!.
حدقت بعيني بدقة , همهمت ثم همست بهدوء : أنت بخير , لا تقلقي أنك محمية...
شربت الحليب بسرعة ثم نهضت واقفة قلت بتردد : سأذهب لرؤية غرفة الرسم !.
فجأة توسعت أعينهم وهم يحدقون بي .. قال دانييل بسرعة وحدة خفيفة : لا يمكنك !!
قلت و قلبي يدق بقوة : لماذا ؟!.
أجابني ليونارد بهدوء وعيون ضيقة : هذا لأن الغرفة محمية من الذين لهم علاقة بالظلام ..
هززت رأسي لا استوعب : لكن .. لقد فتحتها ذات مرة ... و لقد...
قالت تيّرآ بلطف : تعلمين بأنه قبل تلك المعركة لم يكن لك علاقة تماماً .. الغرفة قد تؤذي أي أحد يحاول دخولها منا ... سوى والدك ..
_ لكن السيد مونـد قد أضاع المفتاح ... و بالأمس اكتشفنا أن مفتاح الغرفة هو تلك السلسلة التي كانت بيدك كلآرآ ..
تحدث ليونارد بضيق طفيف ... ثم تابع : السلسلة قطعت و تلاشت بسبب الوحش و الجرس ضائع !.. لدينا فقط من تلك الغرفة سلاحك السري...
قلت : تلك الأنبوبة الفضية ...
قال دانييل بهمس بارد : ليست فقط فضة .. أنها رماد وحش ظلامي ميت , تراب فضة , و فولاذ مصقول ! هذا الشيء يتحول لسيف قاتل رهيب أن امسكته جيداً .. أين وضعته بأية حال ؟!
سألني بعيون مركزة .. بينما أنا أحاول جمع الحقائق التي سردوها علي .. حسنا كنت أعلم بأن الغرفة تلك ورآئها سر فضيع .. لكن بقيت بعض الأمور الغامضة .. هل جدي من فعل هذا...؟!
قلت اجيب دانييل أولاً : لقد وضعته في دولاب ملابسي .. ثم هل تعتقدون بأن جدي هو من صنع هذه الأشياء ؟!
قال ليونارد بهدوء : أن جدك براين كما يظهر لنا بأنه يعرف تماماً بوجود وحوش الظلمة , و وضع بعض الدفاعات , ما يحيرنا هو أنه انسان عادي جداً ...لكن لا نعرف كيف أو لماذا قام بقتل ظل ظلامي و أخذ رمادة ليصنع السيف ؟!
فغرت فمي كبيراً و تذكرت احلامي الغريبة عن جدي ... أغمضت عيني استعيد صورته ... لقد كلمني بوضع غريب ... قال شيئا ..
( .. أنه يريد الانتقام .. يريد أن يجعل والدك يعاني !. ) ~
فتحت عيني بقوة و شعرت ببرودة تسري بداخلي وشيء ما يقف في حنجرتي ... جلست على الكرسي بسرعة احاول التنفس جيدا ..
_ كـلآرا ؟! , صوت ليونارد .
همست ببطء : لقد .. رأيت حلماً من قبل ..
نظرت بتوتر نحوهم .. : رأيت جدي قلقاً .. وقال بأنه يريد الانتقام .. يريد الانتقام من أبي .. يعني ذلك الوحش !.
رفعوا رؤوسهم ينظرون إلي ... قال دانييل ببرود غريب : هه ظل أبله , أنه لا يستطيع .. كما أنني عرفت السبب ..
رفع يده يسرح شعره الداكن , ثم همس : راف , داليا تعاليا قليلاً ...
خلال ثانية دخلا من باب المطبخ الخارجي كلا الشابين الغريبين .. مرتديين الأسود بالكامل و رأيت بحزام راف ما يبدو كسيف ملفوف بشرائط سوداء غير واضح ..
قال دانييل لهما : ركزا جيدا على السيد موند و الطفلة هذين اليومين .. لقد شعرت تيّرآ بوجود شيء قريب يتكون , ليس هناك بوابة قريبة , ربما اتى من مكان بعيد .. ثم بالنسبة للظل المتحول الذي لست واثقا من قتله فهو يلاحق عائلة موند لأجل الانتقام من جدهم الذي قتل ظلا متحولا آخر ..
كان رافييل ينظر نحوي بعيون مخيفة لا تطرف وهو يحدث دانييل : آها , يبدو بأن السيد براين قوي للغاية كي يقتل متحولاً شرساً , لكن .. لماذا قتله ؟!.
قالت داليا بنبرة متحيرة : حقا !.. كيف قام بشري عادي بقتله ؟!
نظروا نحوي فجأة جميعاً .. قلت بتعلثم لأني ادرك بأن كل هؤلاء ليسوا بشراً تماماً : هل .. ستحققون بهذا ؟!. هل تظنون بأن جدي قتل ظلا بالفعل ؟!.
قال ليونارد بابتسامة خافتة : آووه أنه مثير للأعجاب , و للدهشة لا شك بأن جدك فريد من نوعه .. كيف قتل متحولاً متوحشا بهكذا بساطة.. نظن أن الحدث هذا من زمن بعيد .. ربما دانييل لم يولد بعد !.
وحدقوا بـ دانييل الذي قال ببرود : المهم بأننا نريد معرفة ماعلاقة هذا بالبوابة المتنقلة هنا !.
وهو يشير بعينيه علي شعرت بأني شيء لا اهمية له , لمَ يفعل هذا بي ؟! >< !
أنه يستطيع أن يكون رقيقاً معي أو مهذباً على الأقل لكنه يرفض هذا وكأنه فعل سيء ~~"
فجأة تحدث رافييل بصوته الغريب الخافت وعيونه التي بلون محمر مركزتان علي : الحقيقة تعود إليها ! , هذه الفتاة ستدرك كل شيء لو قامت بالتذكر جيداً .. متى بدأت المشاكل ؟!
هل يسألني ؟!... حدقت به ببلاهة قليلاً .. ثم ادركت بأنه يسألني .. رددت بتوتر : لا أدري ...
قالت داليـا ببرود وهي تنظر للسقف مفكرة : البوابة توجد بصعوبة و يلزمها قوة رهيبة كي تتكون , كما أنه لها شكلين أو ثلاث نعرفها .. أما .. أن تكون بفتاة ! فهذا غريب و خارق لطبيعتنا !
همس ليونارد بشيء ما قرب دانييل الذي هز كتفه و رمقني بنظرة غامضة ..
بينما تحدث رافييل بغموض مجدداً : البوابات تفتح و تقفل بالطبع , لكن بهذه الفتاة كانت مفتوحة دوماً و تتنقل معها بجسدها ! إلى أن أقفلها سيد الظلام !
_ أن البوابة مرتبطة بها . بشخصها و روحها ! .. قالت تيرآ بتفكير ..
قلت مداخلة فجأة جعلتهم يحدقون بي كلهم : لكني لم اشعر بها سوى منذ فترة وجيزة .. اعنى عندما بدأت احس بالظلال !.
سألني رافييل بعيون لامعة مخيفة : متى هذا بالضبط ؟!
و سأل دانييل خلفه مباشرة : حدث شيء ما قبل أن تبدأي بالشعور .. مالحدث الغريب الذي تذكرينه ؟!
كيف يستجوبوني بهذا الشكل أنهم يفزعونني وأنا لن أقدر على التذكر أبداً ~~"
فجأة تعاطفت معي داليـا وهي تقف قربي وتقول بنعومة لهم : لا شك بأن كلآرا منهكة و نحن نضغط عليها , عليك أن تنامي جيداً عزيزتي ..
وابتسمت لي , فقلت محرجة : أجل ... تعرفون النوم... يجب أن أنام قليلاً !.
قال دانييل ببرود واحتجاج : و لكنك للتو افقتِ !.
حدقت به بعيون حادة .. فلوح بيده بملل : حسنا , لترتاحي قليلا .. ولا كوابيس اتفقنا !.
احرجني قليلاً لكني قلت هامسة وانا أغادر المطبخ : أجل , تصبحون على خير .
لفتت نفسي تماماً بالأغطية , و راحت الأفكار تدور ..
هذا غير معقول ! , جدي براين قتل ظلا , لا شك بأنه يدافع عن نفسه أو ... يا ألهي ... يحمي أبي !.
ومالذي يريده ذلك الوحش من أبي !...
و كيف اصبحت علامة البوابة كما يصفون بي ؟! , رافييل يقول كلاماً غريباً .. مالذي يتوجب علي تذكره ..؟!
[/CENTER]
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر

التعديل الأخير تم بواسطة lazary ; 02-17-2018 الساعة 04:14 PM
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 02-17-2018, 04:17 PM
 
الجزء 13 (( لم يمت ! ))


الجزء 13 (( لم يمت ! ))



راودني حلم غريب هذه الليلة .. لقد رأيت نفسي مجدداً خارج البيت , أريد الدخول لكن شيء ما يمنعني ... فغضب و ناديتهم ..
و كدت أبكي لأن الجو مظلم وأنا وحدي .. أين اختفوا الحراس... ؟؟!
قبل أن أفيق ... همس شيء بعيد بأذني ( يجب أن يموتوا ... كان عليك أن تموتِ أنتِ أولاً , لقد أفسدت المسار...)

...

_ أنتِ لن تفكري بدخولها ! . سوف تصعقك و تموتين !.
أغمضت عيني بقوة أعد للعشرة !!.. فهذه الطريقة لتهدئة الاعصاب قرأتها بمكان ما .. هذا المتذمر المتكبر يتفائل بموتي دوماً !.
عبست مع نفسي .. هل بي خطب ما ؟! , لا اتذكر حلمي.. لكن شيئا ما يدور بعقلي .. أشعر بالضنى فجأة...
_ هيا ابتعدي عنها...
قلت أرد ببرود دون أن ألتفت نحوه : لقد دخلتها كثيراً في أحلامي و سوف احقق هذه الأحلام !.
_ غباوة !. اعتقد بأن والدك يتسائل عنك .. أنظري إلى الساعة !.
كانت الساعة السادسة و النصف , يجب أن أتناول الافطار و استعد للذهاب للمدرسة ..!
نزلت الدرج بهدوء و كان أبي حقاً يبحث عني .. قصف البرق فجأة و هدر صوت الرعد القوي جداً و كأنه بجانب المنزل .. ارتعبت متفاجئة و ذهبت لذراعي أبي ... ضمني يهدئني وهو يقول :
_ أين كنت حبيبتي ؟!.
_ فـ.. في الأعلى فقط ..
_ إن السماء تمطر بغزارة شديدة .. هل يجب أن تذهبي ؟ تبدين لي شاحبة !.
قلت و والدي يتفحص حرارة جبيني بيده الدافئة : لا أني بخير بابا ...
احاط ظهري بذراعه و دخلنا المطبخ .. لا أدري أين ليونارد و تيرآ .. لكن داليا كانت تهتم بجيني في الأعلى ..
شربت الشوكولاة الساخنة بسرعة , بينما أخذ والدي يحدق بي كثيراً ..
سألني بحيرة : ألا تشعرين بالبرد وانتِ ترتدين هذا .. يجب أن تأخذي معطفك كلاري...
حدقت بأبي لثوان ثم بنفسي .. آوه كنت ألبس تيشيرت خفيف و بنطال مخملي بني .. لكني لا اشعر بالبرد كثيراً..
_ هيا كلي هذا صغيرتي تبدين أنحف بكثير هذه الفترة , أ .. أأنت خائفة ؟!
جاء أبي من خلفي و وضع أمامي صحن رقائق الذرة المملؤ .. وجلس بجانبي وهو يراقبني و يضع ذارعه وراء ظهري كوحي من الحماية ..مالذي يقصده بـ خائفة !؟! حلمت أمس .. جعلني أتجمد خوفًا .. لا اتذكر سوى الظلام و الوحدة , و الخوف...
قلت بثقة مزيفة وأنا أنظر لعينيه الداكنة المترقبة بقلق مخفي : أني بخير جداً ولست خائفة ..
_ ان حدث أي أمر يجب أن تخبريني أليس كذلك ؟!.
كان والدي قلقاً حقاً في داخله حتى بعدما بذلنا الجهد الكبير لاقناعه بأنني بخير و أن تلك الوحوش السوداء كما يسميها لن تعود أبداً و دانييل و رفاقه بالجوار كما أننا لم نخبره بأني زرت مكاناً مريعاً !.. فتح معي الموضوع مرة واحدة فقط .. و بقية الأيام كلها يحاول أن يجعلها طبيعية مسالمة و مثالية لي و لـ جيني ...!
قلت وأنا أنهي طبقي : بالطبع أبي , سأخبرك , لكن الآن ...
طبعت قبلة على خده و أكملت مبتسمة : الآن كل شيء بخير , وأنا آمنة تماماً .. لا تقلق علي أبداً.
خرجنا للردهة .. رافييل و ليونارد واقفين يتهامسان قرب المدفئة المشتعلة .. حدقا بنا قليلا... و حياني ليونارد قائلا : صباح الخير , يجب أن نذهب الآن للمدرسة...
مرت تيرآ من خلفنا بسرعة قائلة : سأضع أنا كل الحقائب بالسيارة .. حقيبتك معي كلارآ ..
التفتُ أقول : شكراً لك تيرآ...
نزل دانييل بسرعة و خفة كل درجتين معاً و كان يمسك بمظلة سوداء .. قال لأبي أولاً : سوف نذهب ..
رد أبي بهدوء : توخوا الحذر يا أولاد .. كلارآ انتبهي لنفسك أيضا حبيبتي...
قبل أن أنطق رد دانييل وهو يقف قرب باب الخروج و صوت الرعد خلفه : سأعتني بها .. هيا لنخرج...
أشار لي بعينيه بشكل طبيعي عادي .. رفعت حاجبي وهو يفتح لي المظلة و يمسكها لأجلي !!!
يبدو بأن حركته راقت لأبي الذي دفع ظهري برقة وهو يقبل رأسي بنفس الوقت : اتمنى لك يوماً طيباً حبيبتي..
_ أجل أبي ..
التقطتُ معطفي من فوق الأريكة و لبسته بعجلة و توتر غريب يضرب قلبي ..
خرج ليونارد و تيرآ قبلنا راكضين بمظلة واحدة إلى السيارة السوداء ثم انتبهت لحركة دانييل قربي .. امسك بذراعي و قربني منه ثم خرجنا راكضين تحت المطر معاً كدت انزلق مرتين و المطر يعمي عيني و الهواء شديد جدا !
لف ذراعه حول ظهري كلياً و امسكني بأحكام حتى شعرت بعضلات ذراعه , ادخلني بالسيارة واغلق الباب علي فوراً شعرت بالدفئ و ليونارد بمكان السائق بجانبه جلست تيرآ .. بينما دانييل يدور حتى يأتي من الباب الآخر ...
لا أدري كيف لكني أخذت اتذكر عندما اخرجني من هوة عالم الظلام ذاك .. كان يمسكني بشدة و يحميني و يخرج بي من شقوق الظلام واحد تلو الآخر .. وأنا فوق ظهره أيضاً... كان علي أن أكون أقل قسوة معه ~~" فهو شخص جيد في النهاية...
اغلق الباب وهو يجلس بخفه قائلا : هيا ليون ...
قاد ليونارد السيارة السوداء الرياضية بمهارة حتى بسؤ الجو ..
كان بجانبي صامتاً يحدق بالأمام و أنا لم أنطق بشيء أخذت أراقب الأجواء بالخارج .. كانت الأرض تجري كأنها سيول و صفير الهواء عالي جداً .. يبدو بأن اليوم سيكون بارداً جداً و مرهقاً ..!
رغم أني أحب المطر , لكن ليست العواصف !.
وصلنا و نزل دانييل بسرعة مع المظلة فتحها لي عندما نزلت و ركن ليونارد السيارة .. جاءت تيرآ وهي تقول بتوتر غريب :
_ يجب أن أراقب المنطقة , هناك أمر ما...
وافقها دانييل بضيق , لكن بعقلي قلت ماذا؟ لم افمهما , واقترب ليونارد راكضاً تحت المطر حتى اصبح مع تيرآ بالمظلة قال بسرعة و جدية :
_ أنهما اثنان أو ثلاثة !!. تباً لكن لا يستطيعون الاقتراب .. هل نذهب و نقضي عليهم ؟!.
شعرت بالقلق الرهيب .. أنها الظلال ... مجدداً ...!
قلت اسبق دانييل الذي فتح فمه : أبي و جيني ...
حدقوا بي , و رد دانييل بحده متجاهلني : يبدو بأنهم لا ييأسوا , لكن كلآرآ غير واضحة لهم , كم يبعدون ؟!.
قالت تيرآ : ليسوا بعيدين , هنا على حدود البلدة , لكن الآخر بعيد في الخارج !.
سأل دانييل ليونارد : ليون , اكتشف نواياهم !.
ضاق جبين ليونارد و أغمض عينيه لثوان , ثم فتح عيني حمراوين كالدم و قال هامساً بهدوء : ليست طيبة ! لكنهم لا يعلمون عن كلآرآ .. أحدهم متحول يريد الأطفال لكن الآخر يرافقه و يسري معه !.
اتسعت عيني بقلق رهيب .. جيني !!.
كدت أفتح فمي لكن دانييل شد على ذراعي و قال هو يقترب مني أكثر : أذهب حيث السيد موند و جيني و اخبر راف و داليا هذا أن لم يعلما مسبقاً .. تيرآ راقبي المنطقة باستمرار .. أنا سأكون مع كلآرا بالطبع !.
بسرعة ابتعدوا عنا... و حثني دانييل وهو يسير تحت المطر و يمسك بذراعي معه ...
قلت بقلق احاول رؤية وجهه : متحول ؟! .. أهو قوي جداً ؟!. هل تستطيعون القضاء عليه ؟!. قلتم بأن آخر معه .. وهناك ثالث أيضاً .. أنا خائفة على والدي و جيني ... لنعود...!
رد علي ببرود وهو ينظر أمامه حيث سرب الطلاب يركضون ليدخلوا البناء : لا سيشعر والدك بالقلق !. يمكن لـ تيرآ وحدها القضاء على عشرة ظلال مجتمعة !..
_ وو لكن .. و لكنها قد تفعل الكثير... لقد فعل ذلك الشيء أمر مريع بالمنزل !!
_ ذلك لأنه مختلف قليلاً , لكن ليس قوياً .. أنت اهدئي فقط الآن وإلا علموا بأمرك !.
قلت بسرعة : هذا أفضل !. ليبتعدوا عن جيني و أبي !.
توقف و حدق بعيني وهو ينزل المظلة إلى الأسفل لأننا دخلنا البناء ... قال و عيونه تتقلب في بحر من الزئبق الداكن :
_ أياك أن يخطر ببالك أحد الأفكار الغبية ! .. أهلك محمون جداً و والدي بنفسه هو من اختار رافييل و داليا , إذا لم تنتبهي لنفسك و تهورتي فلن يصيب أحد السوء سواك !..
شعرت بالغضب يتدفق ببطء .. أتهور بماذا >< ؟!
_ لذا أهدئي و و تمالكِ اعصابك اتفقنا !.
قلت احاول بتوتر : هل يمكنني الاطمئنان عليهم سريعاً فقط و العودة .. أرجوك أني قلقة للغاية .. و...
قاطعني بحده : لا .. ليس الآن , لا داع للقلق اهدئي و لندخل هذا الصف الغبي كأي اشخاص عاديين هيا...
دفعني من ظهري بخفه ... فمشيت متضايقة جدا و قلقة .. جلست على الكرسي قرب النافذة و قرب دانييل كرسيه الى جانبي ..
جلست صامتة لا أعيره أي اهتمام .. وهو مسترخٍ و هادئ ... تباً... هناك ظلين طليقين وهو يطلب مني الهدوء ..!
كنت متوترة للغاية و بصف الرياضيات أجبت خطأ و وقفت ببلاهة بمنتصف صف الرياضة كادت الكرة تضرب وجهي
لولا أن دانييل صدها و ضربها بقوة بعيداً جعلت الطلاب يحدقون به بدهشة و توتر !!..
_ تناولي هذا !.
وضع أمامي قطعة كروسان كبيرة و كوب قهوة ساخنة , واستغربت وأنا أحدق به .. كان معه قنينة ماء .. احتسى منها قليلاً...
_ ماذا ! ألم تري أحداً يشرب ماءاً من قبل ؟!.
همس بسخرية باردة و عبوس مخيف... قلت بتوتر و معدتي تتقلب : لا , المعذرة !. لكني لا اشعر بالجوع !.
كان يحدق بي بتركيز .. سأل: أهو غثيان ؟!, ألم غريب ؟!.
هززت رأسي و لكني حقا اشعر بالدوار !... خشيت أن يكون الشيء الذي بداخلي هو السبب ..!
_ يجب أن تأكلي شيئا .. فشكلك مريع !.
_ آووه...
تأوهت بضيق و بؤس .. هذا الشخص لا يساعد في تحسين مزاجي قط !!. والفتيات لا يحبن أن يقال لهن شكلك مريع !!
رفعت بصري أدور به في قاعة الطعام .. كانت مزدحمة بالطلاب طبعاً .. و رأيت مارك !!


كان يقف بعيدا قليلا و معه صينية طعامه و يبدو متوتراً لا يجد مكاناً .. و بما أني و دانييل على طاولة تتسع لأربعة .. نظرت نحوه و رأيت لون عينيه كالزئبق السائل...
حذرني بهمس غريب : لا تفعلي ..
لكني نهضت و ...: مــــــــااارك !.
تلفت مارك حوله و نظر إلي فابتسم بسعادة .. ثم تقدم ببطء وهو يراقب دانييل الذي بدا متصلبا كالصخور و أنا أشعر بغضب رهيب يكبحه !!.
عدت و جلست بمكاني ببرود يخفي توتري , كان دانييل يجلس بالكرسي بجانبي .. اتى مارك و قال بتوتر :
_ مرحبا...!
قاطعته بلطف : أجلس مارك !. كيف حالك ^^
جلس مقابلاً لي , رمق دانييل بتوتر لثانية ثم تبسم لي... دانييل الوقح هذا لم ينظر حتى لـ مارك كان يتكأ و ساقاً فوق الأخرى و كأنه ملك ما .. و وجهه باتجاهي رغم أنه يحدق ورائي بعيون ملتهبة زئبق و نيران ذهبية !
بصعوبة قطعت تأمل عينيه الغريب و تبسمت لـ مارك .. حدثته ببساطة عن يومي و امتحاناتي القريبة وهو أيضا تكلم قليلا.. و فجأة فتحت نفسيتي و أخذت أتناول الطعام الذي جلبه دانييل لي ..
و مر اليوم بسرعة , كان دانييل قاسياً بتصرفاته قليلا... ركل الكرسي وهو ينهض يلتفت بحدة يجعل كل الطلاب يهربون للممرات الاخرى و تخرج أنفاسه بزمجرة ترعبني عند كل نهاية جملة يقولها .. كان فقط يسب و يلعن بالمدرسة و الدراسة ~~"
أنا معه بهذا ...!
لكن ما يرعبني أكثر هو أنه لم يوبخني منذ أن جلس مارك معنا .. كان فقط يوجهني بالسير و يطلق غضبه على أمور أخرى .. حتى أنه حمل حقيبتي عندما توقفت للثرثرة مع سيلا و لونا لدقائق طويلة !.
في النهاية كانت السماء لا تزال تمطر .. و قال دانييل .. يجب أن ننتظر تيرآ لتأتي بالسيارة .. توقفنا أنا وهو تحت مظلة المدخل نحدق بالسيارات المغادرة ..
شعرت بقشعريرة الرياح الباردة فضممت نفسي قليلا وأنا أقف خلفه بقليل .. لكنه التفت بعد ثانية و سحب الوشاح الاسود الذي حول عنقه وهو يلتفت إلي و يضعه حولي .. لا اعرف كيف شعر بي هكذا.
كان قربه مني لطيفاً نوعاً ما و دافئ .. و حركته نبيلة .. لكن عقده بقوة فجأة ..!
فكححت : كح ... دانييل .. انت تخنقني ..!
_ آوه حقاً .. لم أقصد !.
رفعت عيني نحوه فرأيت وميض مخيف في الذهب الناري بعينيه وعبوس مريع ... أيها الشرير !. يتمنى لو يخنقني و...
رأيت سيارة تيرآ السوداء قادمة بين ستار المطر فهللت قائلة وأنا أخطو إليها : أنها تيـرآ ..!
_ كـلارآ !!
سمعت صوت هدير سيارة قريب جداً و رشت المياة علي ..
_ آه !!.. هتفتُ مصدومة ! أمسك بذراعي و جذبني بقوة ناحيته .. اصطدمت بصدره شاعرة بالدوار ..
مرت السيارة بسرعة من خلفي ترش المياه ..!!
_ آوووه
تنهدت بارتياح و أمان , لكن رففت بعيني كثيراً لاستوعب بأنني بين ذراعيه اتكأ على صدره !.. هو لم يتركني حتى ذهب الدوار و ابتعدت ببطء و خجل ...! ~~"... هل كان علي أن أقفز هكذا كالمجنونة !
ظللت اتكأ على ذراع واحدة عليه استوعب ما حصل خلال ثانية ..
_ كـلارآ !!! يا ألهي , كيف تلقين بنفسك هكذا بالشارع ؟!.
هبطت تيرآ من السيارة بخفة و سرعة وهي توبخني بنفس الوقت .. كانت أمامنا تماماً .
قالت مجدداً بعبوس : هيا لنصعد .. هناك ضيف بالمنزل ..
حدقت بها قليلا . ثم بـ دانييل الذي دفع ظهري باتجاه السيارة .. قائلا ببرود : هيا بنا ..
توقفت السيارة أمام منزلي و قالت تيرآ بهمس لـ دانييل : لا يفترض بها أن ترى داليا و راف , هناك فقط ليونارد !.
رد دانييل ببرود : هل أبعدها ؟!.
لدهشتي نظرت نحوي تيرآ قليلا ثم قالت : لا , هناك ما يجب فعله ؟!.
طرفت بعيني ببلاهة لا أفهم ما يتكلمان عنه , وقفت دانييل عند بابي حاملا المظلة , فنزلقت بسرعة إليه و حقيبتي بيدي .. سرنا سريعاً حتى المدخل و تيرآ تركن السيارة بعيدا قليلا .
دخلت إلى دفء البيت وأنا أنزل معطفي و وشاح دانييل بينما هو يضع المظلة في الحاملة .
سمعت أصواتا خافتة بالردهة .. قال لي دانييل بهمس :
_ اذهبي هناك وأنا سأحدث ليون قليلاً.
دخلت الردهة و حدقت بالموجودين ... توسعت عيني قليلا.. حسنا , رأيت عما يتحدثان , أنها أخت لوك , ماكان اسمها ~~"؟!
كانت جالسة على الاريكة مقابلا والدي الذي بدى عليه الضجر ..!
ظللت متسمرة أبادل المرأة التحديق , حتى التفت والدي نحوي و قال بانشراح وهو ينهض : كـلآرا !
اقتربت من ذراعيه و قبلت وجنته , بينما المرأة تنهض مبتسمة وهي تقول بصوت هادئ : هاي كلآرا , كيف حالك ؟!.
رفعت حاجبي و قلت ببرود : بخير.
قال والدي بهدوء : تذكرين لينـدآ , اخت لوك , لقد طلبتها للمساعدة , لمساعدتك يا عزيزتي في الدراسة قبيل الامتحانات.
حدقت به مدهوشة و فتحت فمي , لكنه قاطعني يهمس لي : لقد اتصل بي الوكيل و قال بأنك لن تجتازي الامتحانات النهائية حتى تنتهي من الاختبارات الدورية .. يجب عليك الاهتمام بدراستك حبيبتي.
قلت بخجل اهمس : طـ..طيب , لكن...
_ لينـدآ ذكية جداً وهي ستساعدك كل ليلة في المذاكرة.
واقفت على مضض , و تحدثنا أنا و ليندآ بهدوء عن جدولي , بينما لم يدخل علينا أي أحد أو يزعجنا ..
قررت المرأة بحماس يزعجني : فلنبدأ الان ما رأيك .. قلت بأن مادة الرياضيات هي الأصعب .. سنراها قليلاً.
تأوهت بداخلي و لم اعترض .. فعلي أن أذوق المر حتى أنجح بتقدير جيد ..
أمضينا ساعتين لا بأس بهما في المذاكرة والمراجعة , كانت ليندآ حقاً تعرف كل شيء... أنها ذكية للغاية ..
دخل والدي فقط لثوان وقد جلب لنا القهوة .. ثم قال بأن العشاء بعد دقائق...
تناولنا العشاء أنا و هي ووالدي و جيني و تيرآ فقط في غرفة الطعام المجاورة للمطبخ .. واستئذنت هي و غادرت سريعاً ..
تحدث معي والدي قليلا ثم غادر هو قليلا لمكتبه , وجيني بين ذراعي تيرآ , جئت إليها و اخذت حبيبتي منها ..
قالت تيرآ بلطافة : أكل شيء بخير , تلك المرأة طيبة جداً , أسألي ليون هو يعرف دواخل البشر الحقيقية !.
رددت بقلق و أنا أداعب جيني بيدي : آوه , تعرفين أنا لا أحب الدراسة بتشدد .. لكن الآهم...
خفضت صوتي قليلا و أنا أراقب مدخل المطبخ : هل حدث أمر ما ؟! , و أين الظلال ؟!.
رفعت تيرآ أحد حاجبيها وقبل أن تنطق , ظهر صوت ليون خلفي : أنهم بعيدون الآن , لا داعي للقلق ..
التفت لأنظر إليه ومن خلفه كان دانييل , رافييل , داليا , يقفون في الظلمة خارج باب المطبخ الثاني , قلت مجدداً بتوتر :
_ حقاً ؟! , كيف .. جاوؤا ..؟!
_ سؤالك وجيه كلآرا...!
قال رافييل من بعيد بصوت بارد وعيون غريبة , همس دانييل ببرود : و لسنا مضطرين للأجابة , الأهم أنتم بأمان !.
هززت رأسي قلت معترضة بتوتر و كل عيونهم منصبة علي : يجب أن أعلم .. أنا أظن هذا... أليس لدي علاقة بهم !.
لم يرد علي أحد .. فقلت سريعاً : أهناك بوابة ما .. أعني أنتم تعرفون أكثر مني .. مفتوحة أو ما شابة !.
ردد رافييل المخيف كلمتي بهمس: أو ما شابة ؟! .
قال دانييـل بحده خافتة استغربتها : لا يوجد بوابة مفتوحة بالطبع . هؤلاء من هربوا منك قبلا...
فتحت فمي صدمة و توتر جيني بين ذراعي .. قالت تيرآ تقاطع كل شيء : أنه وقت النوم , و جيني نعسة !.
قال ليون بهدوء وهو يقف قربي بينما تيرآ تأخذ جيني من ذراعي : اليوم كان متعباً , هيا كلآرا لترتاحي .
خرجت تيرآ مع جيني و أنا كنت انتظر هذا , فانفجرت بـ دانييـل و كلهم : أتمزح معي ؟! , أنا لست بلهاء لقد أتوا بحثا عني عنا .. كما أنك ترفض قتلهم بالفعل , وأنا يجب علي أن أفعل شيئا ما .. لا أن أقف هكذا .. علموني ماذا أفعل ؟!.
_ مالذي يمكنك فعله؟ , لا يمكنك فعل شيء الآن !.
قال رافييل بنبرة ضيق غريبة أول مرة اسمعها .. قال ليون وهو يضع يده على كتفي : لنتحدث غدا كلآرا... هيا لتنامي.
قلت بضيق : لست طفلة لتضعوني في الفراش متى ترغبون .. أجيبوني من فضلكم... مالذي علي فعله ؟!.
تحدث داليا فجأة تذكرني : أن المنزل محمي عزيزتي , هي لن تقدر على الاقتراب.
نظرت نحوها وقلت بتوتر : ذلك الوحش لم يمت...
فحدقوا بي كلهم إلا دانييل رفع رأسه عالياً وكأنه يدعو الصبر... أكملت بسرعة : دانييـل لم يقتله ! , لقد تركه !.
فحدق بي بحده لكن تحدث ببرود : كان علي أن أختار ! , أأمضي خلفه لقتله و أتركك تموتين , أم أتركه و أسرع لنجدتك...!
شعرت بأمعائي تتقطع , لكن ذلك الوقت لم يكن الاهتمام بنفسي مهم... قلت أرد عليه بحده :
_ يجب أن تتخلص منه... منهم جميعاً تلك الوحوش ستقضي على عائلتي...
_ كلآرآ....
صوت ليونارد يهدئني ... لكن دانييل تقدم مني ليواجهني وهذا أرعبني... قال بحده مخيفة وعينيه بلون النار :
_ كم أنتِ أنانية و حمقاء !..
_ وأنت متعجرف وضيع , تظن نفسك تفعل الصواب !
_ اصمتي كلآرا... لا تتحدثي بشيء لا تفهميه !.
صرخت به : بلى ! , أنا جزء منه سيحد...
قاطعني بحده خافتة : ما يدريك ما سيحدث !.. توقفي عن دور العرافة الغبي .. و اغربي من هنا ستفجرين غضبي..
_ دانييل.... " قال رافييل منبهاً .
_ آآآوه ألم تنفجر أبداً... " سخرت بحدة آلمتني و عينيه تتحولان لنيران تلتهم الجليد ..
_ ليونارد ألقي بها بعيداً قبل أن أقتلها بنفسي ..
تحديته بقسوة : هيـا أفعل .. هذا ما تريده منذ زمن , ومن يدري ربما أنت محق !.
_ كلآرا.... " هتف ليونارد وكأن صوته بعيد جداً .
قال بصرير أسنان مخيف : اتهميني بما يدور بعقلك مجدداً , و سأطرحك قتيلة !.
قلت وأنا أشعر بعيني تحترقان و معدتي تتمزق : أنت لا تريد حمايتي , أنت قلت هذا بنفسك . ركز على والدي و جيني و دعني بعيداً أبحث عن الأجوبة بنفسي... لا تقم بأخفائها وتعترضني !.
رد بقسوة باردة : سأظل أفعل هذا حتى يزول خطرك , فأغربي من وجهي الآن.
شعرت بدموعي تحرق عينيه وكأنها النيران , قلت بحده شديدة جعلت صوتي يتقطع : أنت أبتعد من هنا... آه...
ربااااااااااااه شيء ما طعنني في قلبي.... آآآآآآآآآآآآه !!
سقطت جالسة على ساقي و ليونارد خلفي يمسكني بقوة ... تلويت و كأن سكين يمشي في صدري من الداخل يشقني...!!
تأوهت مجدداً و أنا أسمعهم يهتفون بشيء ما ...
_ لـ... ليون...
تمسكت بذراعي ليونارد الأقرب لي . و شددت عليها بأقوى ما أملك لعل الألم يغادرني قليلا... لا أدري كيف أصبحت بين ذراعيه وهو يناديني كنت أرى النجوم بعيني...
_ كـلارآ... تمالكي نفسك...
_ ثبتها ليون لثانية فقط...!
تمسكت بـ ليونارد بقوة و فجأة غرق كل شيء بالظلام , أعني أنا واعية... لكن سقطت بالظلام مجدداً , يااا ألهي...
( ... أنتِ لي ... لن أدعك تعيشين بسلام ... أننا مرتبطان الآن ... ولا يمكنك الافلات مني ... لا يمكنهم فعل شيء لك .. لا يمكنهم مساعدتك إلا بقتلك ... )
سمعت هسيسه المرعب ... فصرخت و أنا أقفز بعيداً : لاااااااااااه...
_ كـلارآ ...!
رأسي آآه ارتطم بشيء قاسي كالسكين , و شعرت به ينقسم نصفين آآآخ >.< ... النجوم تدور ثم تراجعت...
تلوت معدتي و تقلبت بشدة ... التفتت على جانبي ثم أفرغت كل ما بجوفي... لكن عيني توسعتا ... اني استفرغ دماً....!!
_ كلآرآ ... تنفسي... تنفسي...
كيف يمكنني ... تلطخت الارضية بالدم ... و دار رأسي و احشائي... هناك المزيد ... آآه يجب أن يخرج... يجب أن أخرجه...
لكن الدماء اندفعت من حلقي بقوة بموجه لا تنقطع.... رباااه...
_ توقفي ... توقفي... ستموت... دااااانييل ؟!.
شيء ما قبض علي من الخلف .. آآآه , قلبني على ظهري فوق الأرض... شاهدت ظلين طرفت بعيني كثيراً لكن لا استطيع الرؤية ...سمعت صوت شيء ما ينكسر بداخلي ... آوه شيئا ما خدش...... لا يمكن أن يكون...!
_ اذهبوا للخارج و اقضوا عليهم .. قد يحطمون حماية المنزل !.
ثم هتف الصوت لي مجدداً : هيييه كلآرا... اسمعيني ... اسمعي ... أنتِ لستِ أنانية .. ولا حمقاء .. أنا .. اعتذر عن هذا ..
اغمضت عيني بقوة , هل هذا صوت دانييل ؟ ... فتحت عيني جيداً و عادت الاضواء الطبيعية... رأيت السقف... و كان الجو هادئاً... و أنا مضطجعة على الأرض و رأسي ... فوق حجر ...
_ دانييــل !!.
قلت بصدمة وأنا أحاول القفز مجدداً بعيداً... لكنه وضع يديه و ثبتني بمكاني.. رأسه منحني قليلا نحوي لأراه...
قال بصوت هامس : آششش .. ابقي مستلقية .. خذي انفاسك و هدئي روعك .. هيا تنفسي بعمق و هدوء...
لا استطيع فعل ما يقول , لفتت برأسي قليلا فقط و رأيت بركة الدماء... صعقت و قلت مرعوبة :
_ اظنني سأموت...
_ أنت لن تموتي اتفقنا !. تنفسي فقط و اصمتي ..
ولكن .. يا ألهي .. أنهم يخادعونني .. و الآن أنا أعرف بأن الوحش حي وسيعود ولا أدري ما سيفعله بنا , بي !
سمعت صوت داليا تقول من خلفنا : لقد قتلنا واحد , و هرب الآخر بسرعة .. فضلنا أن نبقى قرب المنطقة ..
سأل دانييل بهدوء وذراعي يثبتانني بقوة رهيبة لأنني حاولت النهوض : كم الساعة الآن !
_ الخامسة و النصف...
شهقت رعباً الخامسة و.... هل مر كل هذا الوقت , لا اصدق.....؟!
تأوهت وكدت أبكي وأنا اشعر بطعم الدم في حلقي... آآآع أريد أن اموت حقا....~~"
فجأة تحرك دانييل و ترك رأسي على الأرض... لا اقدر على الحركة..! أنها نفس المرة السابقة عندما يثبتني هذا المعتوة بشيء ما... قدرة ما ربما يمتلكها ... تبا ...
عاد و انحنى نحوي يقابل وجهي .. قال بهدوء : ستقولين لوالدك أنك مريضة و ستنامين طويلا اليوم , اتفقنا ؟!
قلت بعبوس و تعب لأن حلقي متقطع و قلبي يفور : أنت من يتفق مع نفسه...
ضيق عينيه علي , و همس وكأنه لا يريد أن يسمعه أحد : جيد أننا استعدناك ..
كانت عينيه ذهبيتان لكن حادتين .. قلت بتعب وبرودة : آرجوك لا تكذب على نفسك ..هذا ليس بجيد.
ظهرت نيران عينيه مجدداً وهو يقول بهمس حاد : اصمتي كلارآ , أنا لم أعني كلامي ...
أغمضت عيني بقوة و شعرت بحرارة دموعي تسيل... قلت شاهقة : الحقيقية هي ..
قاطعني وهو يحملني عالياً بين ذراعيه : مهما قلت اصمتي فأنت لن تفعلين , ما عساي أفعل بك !.
أكملت و يدي على وجهي الباكي : لا تأمرني بحدة هكذا .. لو أنني ذهبت مع ذلك الظل أظنه أقل قسوة منك.. اغرب من هنا و قل لوالدك العزيز أنني لا أريد شخصا مرغما على حمايتي وهو بنفس الوقت يتمنى موتي.
شعرت بالسرير تحت جسدي المتألم الخائر القوى ...
_ هذا .. غير صحيح ..
فتحت عيني و ليتني لم أفعل , كان يضع ذراعيه من حولي ووجهه أمام أنفي مباشرة .. وعيناه بلون غائم غريب لا أعرفه
ارتجفت شفتي : لكني سمعتك , لا ... لا يمكنني أحصاء كذباتك علي .
همس بخفوت شديد وكأنه يكلم نفسه أو يتذكر : أنا ... لم أعنيه ذلك الوقت .
تحديته بالرغم من ألم حلقي : ومتى كنت مسترخيا ! , أنت تتمنى لو تقطعني , يمكنك أن تفعل هذا و ألقي باللوم على الوحش. لن يكذبك أحد .
_ أنت لا تجعليني مسترخيا أبدا... عند أي ثانية قد تقومين بشيء لا يتنبأ به..
_ تقصد أن أفعل مصيبة لكم ..
_ كلآرا... يجب أن تنامي ..
_ لن أفعل , اذهب من هنا..
و اشحت بوجهي عنه , فجأة امسك بذقني و أدارني لأرى عينيه الغريبتين , حذرني بهمس ناعم : رغم أنك تدفعينني لحافة الجنون , لكني أريد سلامتك صدقي هذا.
همست ببرود : كـاذب.
ر بصوت أبرد : مهما يكن , والآن نامي .
_ لا ...لا ...
قال منزعجاً : مـاذا...؟!
كدت أبكي مجدداً ويداي قرب فمي , قلت بارتجاف : لقد عاد الوحش إلي... و كلمني... قلت لك بأنه سيعود... لكنك لا.. لا أصدق كلارا أنها قد جنت...
_ أنا أعرف بأنه سيعود .. لكن لقد فاجئنا... اهدئي...
تمالكت نفسي بصعوبة جلس على طرف سرير بجانب ساقي وانحنى فوق رأسي قائلا بهدوء شديد :
_ سنتكلم بعدما تستيقظين حسنا .. سأساعدك على النوم بسلام... أعلمي بأنك بأمان..
_ بأمان من كل شيء ألا منك !.
لم استطيع أن أمنع البرود و السخرية البائسة بوجهه كلما تكلم بهذه الطريقة الناعمة لي... أني لا اقدرعلى تصديق وجود جانبه الرقيق حتى الآن و الذنب ذنبه ...!
_ ألست قاسية جداً أنت أيضاً ؟!.
سألني بنعومة , رددت ببرودة : لست كذلك , الظروف هي الأقسى . و أنت لا تسهل الأمور .
قال بشموخ وهو يستقيم بوقفته قرب رأسي : أنا لا أسهل أي شيء و لا أحب الأمور السهل.
رددت عليه بحده قاسية : إذن أغرب من هنا .. هذا منزلي هيا أخرج لا نريد رؤيتك , يكفيني ليونارد و تيرآ !.
رفع حاجبيه و هو يجيب ببرود : مادام ذلك الوحش عالق بك فنحن عالقون هنا أيضاً , كوني حكيمة و سيطري على نفسك.
أخذت أنفاسي شهقات : وجه نفس الكلام إليك أيضاً .
_ كلآرآ أنتِ لا تزال تشعلين الغضب بداخلك , ربما لن ترتاحي حتى تلكميني على وجهي , إذن هيا افعلي...
حدقت به بتوتر وهو يقرب وجهه قليلا مني بنظرة شريرة .. قلت بقلق : ماذا ؟!.
_ أرأيت أني أريد لك السلام و الراحة , هيا اضربيني حتى ترتاحي قليلا..
قلت وأنا أحدق بعينيه الرماديتين الهادئتين : لا تحدق بي إذن , اغمض عينيك.
ضيق جبينه قليلا , ثم ظهرت ابتسامة صغيرة ساخرة , ثم أغمض عينيه .. بعدها اعتدلت قليلا جالسة ثم جهزت قبضتي و بكل قوة سألكمه ... و طرااخ .. ضربته خخخخ !
التف وجهه بعيدا و شعره تناثر عليه .. ابعدت يدي بسرعة بقلق .. سوف يقتلني .. لكنه عاد و حدق بي قليلا ولا يبدو عليه أي تأثير. .. وكأنه التفت قليلا من تلقاء نفسه ..
قال بهدوء : أهذا جيد كفاية ؟!.
_ أنا.... حسنا ... أنت تعرف بأنك تستحق القليل من الألم ربما.
ظل يحدق بي بهدوء اربكني .. فيما يفكر .. هز رأسه و همس بنعومة : طيب , لكل شخص نصيب من الألام مادام يعيش بهذه الحياة .. نحن سنتحدث كثيرا غدا بكل ما شعرت به , اتفقنا ؟!.
رفعت حاجبي بغرابة من مزاحه الهادئ و تقلب عينيه بين الرمادي العميق الجميل و الذهب السائل الدافئ ..
_ أستخبرني بما يحدث حقاً ؟!. " كنت لا أزال متشككة جدا .. و قلقة .
رد بنعومة : نعم , و بما تريدين أيضاً .
_ أظن ... حسنا .. لا بأس.
رفع يده ليضعها على جبيني فارتجفت متفاجئة .. قال بصوته الهامس :.. أرأيت يمكننا أن نتفاهم , هيا الآن اغمضي هاتين العينين...!.
غرقت بظلام هادئ و ناعم ... ولم يكن هناك من شيء مخيف... أظنني أصبحت متعقدة جداً حتى أني لا أفهم نفسي , و نعم ربما هو محق ,
أشتعل غضبا على هذه الأمور المقلقة و اشعر بأن لا حيلة لدي ..
و غدا سأجعله يقول لي : قفي بجانبنا كلآرا و قاتلي هؤلاء الذين يحاولوا جلب التعاسة لعائلتك وايذائهم ..!
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وريث الضلآم للكاتبة Đάrkήεss Άήgεlά Sia روايات طويلة 20 01-18-2018 05:50 PM
وردة بالشرائط بالصور،طريقة عمل وردة بالشرائط خطوة بخطوة،ورود روعه بالشرائط،اعمال يدوية FATIMA27 إقتصاد منزلي 1 08-25-2012 09:09 PM
لكل شهر وردة ومعنى.....فأي وردة انت/ي ؟ loai72m نكت و ضحك و خنبقة 9 03-15-2011 11:15 PM
وردة لكل شهر فأى وردة تناسب تاريخك المشتاقات إلى الجنة مواضيع عامة 9 03-08-2010 07:49 PM
ناروتو شيبودن الحلقة 148 | naruto shippuden 148 | وريث الظلام | مترجمة من أحمد ش شرنجان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 02-19-2010 11:27 PM


الساعة الآن 07:18 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011