02-21-2018, 05:50 PM
|
|
مع وقف التنفيذ ..الفصل السادس ---------------------------- |
ومر عام يحمل فى طياته الكثير ...تتقلب فيه أمزجة البشر وأحوالهم وأحزانهم وافراحهم.. كما تتقلب فصوله بين رعد الشتاء وهطول الامطار وحرارة صيفه وكآبة خريفه ونسيم الربيع وشذى عبير أزهاره ...هكذا هى الحياه لا تدوم على حال ولا تستقر على شأن ولا تعطى الا وأخذت ولا تأخذ الا وتمنح ولا تحزن الا وتفرح ولا تكثر الا وتنقص ..يشوبها دائما بعض الملل بعض الالم بعض الوجوم بعض التنحى عن الحياة....ولهذا هى دنيا لا يوجد بها سعادة دائمه متقلبه متحرره متجمده.. تعلو وجهها ابتسامه.. ولكنها أبتسامة مودعه أو راحله أو باقيه...وقد تكون ساخره
مارس ابطالنا حياتهم كما هى بين العمل نهارا وليلا ولقاءا يوم العطله لا يخلو من التجاوزات والمحرمات مع بعض السعاده احيانا والكآبه وتأنيب الضمير أحيانا أخرى... وقرار عدم العوده ثم العوده بلا أدنى مقاومة. . أما فى نهاية العام كان الانتظار هو أصعب شىء حقاً بل كان جبلاً يجثو على الصدور يكاد يزهق الارواح ..أنتظار القرار النهائى بعد مقابلات أختبارات وظيفة النيابة والتى كانت تنبأ عن التفاؤل أحيانا واليأس غالباً ولكن يشوبه بعض الامل وبعد ظهر أحد الايام عاد فارس الى بيته ليجد الباب مفتوحاً وسمع من الخارج صوت جارتهم أم يجيى وهى تطلق الزغاريد قرع الجرس ودخل على أثره ليجد مهره فى استقباله هاتفةً بسعاده وهى تسرع إليه مقبلة عليه : - أنا نجحت يا فارس نجحت وجبت درجات كبيييره أوى اوى وهروح أولى أعدادى لم يكن يستطيع أن يتفاعل معها كما هو عدها به فى هذه المناسبات ...ابتسم ابتسامة باهته وهو يقول: - الف مبروك يا مهره الحمد لله انها خلصت على خير توقفت عن القفز وهى تنظر إليه بعينين حائرتين ووقفت والدته وقد تملكت الدهشه هى الاخرى من رد فعله وقالت : - مالك يا فارس فى حاجه ولا ايه ثم قالت بتردد: - هى نتيجة التعين طلعت؟! أبتسم فارس وهو يقول بأجهاد: - متقلقيش يا ماما لسه مطلعتش ....ثم ألتفت إلى مهره وهو يحاول أسيعاد روحه السابقة معها قائلا: - ها يا ستى عاوزه هدية ايه أخفضت نظرها عنه وقالت بحزن: - مش عاوزه حاجه ....أقبلت والدتها أم يحيى قائله بعجله: - طيب نستأذن أحنا بقى يا استاذ فارس والتفتت الى أمفارس قائله بحرج: - عن أذنك يا ست ام فارس خرجت مهره ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله: - أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال: - يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح أم فارس: - مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول: - معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله دخل غرفته وأغلق الباب خلفه وهى تنظر الى الباب المغلق بدهشه وتقول فى نفسها: -لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان
أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقرأبدا ...والقلب المجهد يجهد معه البدن دائما ...لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماء....لا يريد التفكير فيما بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا: - حاضر يا ماما هصالحها ان شاء الله ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجيستير ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه مر شهرين آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحه..حتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءاً...... طرق الباب ودخل بعد الاستأذان نظر الى الدكتور حمدى نظرة متفحصة وهو يقول ببطء: - فى حاجه يا دكتور نهض الدكتور حمدى ووقف قبالته وتنحنح قائلا: -نتيجه النيابه طلعت يا فارس ظهرت الدهشه على وجهه وقال بسرعه : - ظهرت؟! أزاى دى المفروض بكره قال الاستاذ حمدى بجديه : - انا عرفتها النهارده الصبح بس قلت لما اشوفك بالليل ابقى ابلغك خفق قلب فارس وزادت نبضاته بقوة وشعر بألم فى جميع أجزاء جسده ومرت الثوانى عليه ساعات وهو ينظر فى عينيى الدكتور حمدى اللتان كانتا خاليتان من اى علامات البشرى وهو يقول: - كل شىء نصيب يا فارس وان شاء الله تلاقى نفسك فحاجه تانيه أصابه التبلد وعدم التصديق للحظات وهو يكرر: - ايوا يعنى قبلونى ولا لاء ربت الاستاذ حمدى على كتفه مشجعاً داعماً له وهو يقول: - أنت أنجزت الدبلومه بسهوله وهتكمل الماجيستير ان شاء الله وبعديها الدكتوراه ومش هتحتاج النيابه دى خالص...انت ليك مستقبل كبير فى المحاماه وانا اصلا كنت مستخسرك فى حكاية النيابه دى .. هوى فارس الى اقرب مقعد وهو يشعر انه يهوى من فوق سبع سموات وكأن روحه فارقت جسده وكأنه فى حلم جميل واستيقظ على واقعه المرير.... زاغت عيناه بدون هدى وهو يتصور انه هتف داخله ولكنه هتافه د اصاب شفتاه وهو يقول: - طب ليه...ليه ..انا جايب التقديرات المطلوبه وجاوبت كل الاسئله اللى اتسألتها فى المقابلات من غير ولا غلطه..يبقى ليه طيب ليه جلس الاستاذ حمدى بجواره وهو يشعر بالاسى لاجله وقال بشفقه: - يابنى انت مش عايش فى البلد دى ولا ايه...بصراحه يا فارس انا من الاول وانا متأكد من النتيجه حتى من غير ما تدخل الامتحانات...مفيش حد بيتعين فى المهنه دى الا اذا كان ليه واسطه جامده يا اما عم او خال او قريب وكيل نيابه ...وكمان مش اى وكيل نيابه ده لازم يبقى وكيل نيابه مرضى عنه يابنى ألتفت اليه فارس بحده قائلا: - مرضى عنه من مين نظر اليه الاستاذ حمدى قائلا: - يعنى مش عارف لازم يكون مرضى عليه من مين يا فارس...اللى هيصدق على قرار تعينه طبعا....وأستدرك قائلا: - وانا يابنى لو كان مرضى عنى كنت اتوسطلك بس انت عارف انى طول عمر راجل دوغرى ومش تبع حد وهما عاوزين حد تباعهم ..علشان كده كانت وسطتى هتضرك مش هتنفعك وضع فارس وجهه بين كفيه وهو غير مصدق ما يسمع ..ها قد أنهارت أحلامه على صخرة الفساد المتفشى فى المجتمع والذى توارثناه جيلاً بعد جيل حتى اصبح شىء طبيعى جدا فالعين عندما تعتاد على القبح لم تعد تراه قبيحا بل لو رأت جمالاً بعده نفرت منه وأستنكرته وقبحته بدون ارادة منه وجدت العبرات طريقها لعينيه أخيراً فزفر زفرة ساخنة يائسه وقال بصوت متحشرج: - ليه يا دكتور مفهمتنيش كده من زمان قال الاستاذ حمدى وهو يتطلع للفراغ بحزن: - كان عندى أمل يابنى ,,كان عندى أمل مكنتش عاوز احبطك كنت فاكر ان ممكن حاجه تتغير لكن مع الاسف بالعكس ده الفساد بيزيد يوم عن يوم ثم اردف قائلا: - تعرف أن أتعمل عليك تحريات فى مكان سكنك..وكام من ضمن اسباب الرفض أنك ساكن فى مكان شعبى توقفت الدموع دفعة واحده ونظر اليه مندهشاً قائلا باستنكار : - طب وده يخليهم يرفضونى حتى لو كنت كفأ أبتسم الدكتور حمدى ابتسامه خلت من اى تعبير حتى من معنى السعاده وقال بتشاؤم: - هو انت فاكر ان التعين بالكفاءه ده انت غلبان اوى...وأستدرك قائلا: - يالا يابنى قوم كده وأنسى كل حاجه وابدأ حياتك من جديد وايه حلم يضيع ووراه احلام تانيه كتير يمكن تكون افضل منه ..أنتبه لرسالة الماجيستير هتلاقى نفسك نسيت كل حاجه نهض فارض واقفاً بوهن وقال بصوت بعيد: - ممكن أخد باقى اليوم ده اجازه يا دكتور انا مش هعرف اركز فى شغل النهارده أومأ الاستاذ حمدى وهو يربت على كتفه بعطف قائلا: - طب خلاص روح أنت أرتاح ومتشلش هم خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى واجماً يتحاشى النظر لزملاءه فى مكتبه وهو يجمع بعض أوراقه الخاصه وهم يتابعونه بنظراتهم المتسائله ....نهضت دنيا من خلف مكتبها وأتجهت اليه وعلامات التساؤل والفضول تشع من عينيها ..اقتربت منه متسائله: - مالك يا فارس ايه اللى حصل جوى عند الدكتور هز رأسه نفيا وهو يقول: - مفيش حاجه يا دنيا ... دنيا بأصرار: - لاء..شكلك فى حاجه زفر بضيق وقال بعصبية: - بقولك مفيش..طوى أوراقه وهو يقول: - لما ارتاح شويه هبقى اكلمك فى التليفون ..سلام وقفت تنظر اليه بدهشه وأتجهت لتعود لمكتبها ولكن نورا لم تنتظر أكثر من هذا تبعته للخارج ولحقت به عند المصعد وقبل أن يستقله قائله: - أستنى يا أستاذ فارس أستدار اليها بدهشة كبيرة ونظر اليها بصمت فقالت بسرعه: - الدكتور قالك حاجه زعلتك هز راسه نفيا لا يخلو من التعجب وقال: - متشكر على سؤالك يا استاذه محصلش حاجه انا بخير الحمد لله...وكاد ان يفتح باب المصعد ولكنها استوقفته مرة أخرى قائلة: - موضوع النيابه مش كده؟؟؟ كبرت دهشته ولكنها لم تغطى ألمه بعد ...فقال حانقاً وهو يغادر : - عن أذنك أخذ المصعد طريقه للهبوط وهو بداخله وظلت هى تتابعه ببصرها فى حيرة منه ومن أندفاعها هكذا وأخذت تلوم نفسها بشدة وهى مازالت واقفة فى مكانها فى شرود وصمت أخرجا منه صوت دنيا التى قالت بشك: -هو فى ايه ألتفتت نورا أليها بعدم انتباه ولكنها ما استعادت وعيها سريعاً وقالت بلامبالاة وهى تعود أدراجها الى المكتب مرة أخرى -مفيش حاجه يا دنيا ..عن أذنك تابعتها دنيا ببصرها وهى تضيق عينيها بارتياب وتنقل بصرها بين نورا والمصعد ولكنها سرعان ما نفضت عن عقلها تلك الافكار وعادت لعملها من جديد ولكنها لم تستطع ان تنفضها من قلبها لم يشعر الى اين تأخذه قدميه ولكنه سار فى استسلام شديد لا يعلم كم قضى من ساعات ولكنه كان يمشى فقط فى اتجاه اللاشىء ..فقد الاحساس بالزمن وبمن يمر امامه وحوله وخلفه لا يسمع لشىء ولا يرى شىء لم يرى الا نظرات والدته المكسورة وهى تستمع للخبر لم يسمع الا شهقات اصدقائه وجيرانه دهشةً ولوعةً عند معرفتهم بالخبر...ماذا سيقول لهم...هل يقول لقد رفضونى من أجل حياتى بينكم وحبكم لى وحبى لكم..ماذا سيقول لصورة والده المحتفظ بها فى غرفته تنتظر النتيجه بفارغ الصبر هل يقول له عفواً والدى لقد رفضونى لانهم لا ينظرون للكفاءه هل يقول لقد رفضونى لانك يا والدى لست قاضياً أو ومستشاراً أو وكيل نيابه ..أو أنك ليس لك أخ أو قريب موالياً لهم يتوسط لى عندهم وجد نفسه عائداً لمنزله كيف ومتى لا يعلم ولكن من الواضح ان قدميه قد حفظت الطريق عن ظهر قلب فأشفقت عليه وحملته الى بيته بدون توجيه منه كان الوقت قد تعدى منتصف الليل فحمد الله أن الجميه نيام ولم يراه أحد وقرأ ما كتب على جبينه من شقاء دخل غرفته فى خفوت ولم يجرؤ على النظر لصورة والده التى يحتفظ بها بجانبه خاف أن ينظر اليها فيرى العبرات تقفز منها لتبلل وجهه وتخنقه وتغص حلقه وتشقيه...فلقد شقى بما يكفى اليوم ظل يتقلب فى سهاده طوال الليل حتى كاد ان يلفظه فراشه ويطرده بعيدا عنه ليظل خاليا للابد فذلك افضل له من هذا الحانق الغاضب الذى يرقد عليه دائما بالكاد أستطاع أن ينام بعد أذان الفجر بل ويغط فى نوم عميق ...ولكن أحلامه وكوابيسه طاردته حتى فى النوم ولم تتركه ينعم به أستيقظ فزعاً على صوت والدته التى كانت واقفه بجوار فراشه توقظه وتهتف به: - قوم يا فارس قوم يابنى أتأخرت على شغلك الساعه بقت تسعه تقلب على فراشه وقال دون أن يفتح عينيه : - معنديش شغل النهارده يا ماما جلست على طرف فراشه بدهشه ممزوجه بالقلق وهى تقول: - من أمتى بقى انت بتاخد اجازات...انت مالك تعبان ولا ايه وضع الوسادة على وجهه وهو يقول: - مجهد بس شويه ...سبينى اصحى براحتى لو سمحتى يا ماما تركته والدته ..خرجت وأغالقت الباب خلفها ..توضأت وصلت الضحى ثم ابدلت ملابسها وذهبت للتسوق ..عادت وكانت تظن أنها ستجده قد استيقظ ولكنه وجدته مازال نائما كأنه يهرب من شىء ما فهى تعلمه جيدا...فهو لا ينام هكذا الا ليهرب من شىء يؤلمه ويؤلمه بشده صلت الظهر ودخلت المطبخ لتعد طعام الغذاء لم يكن عقلها فيما تعمل بل كان مصاحباً له فى رحلت هروبه وهى تتسائل ..ياترى ماذا حدث له جعله هكذا وفجأه أستمعت لصوت زغاريد يأتى من خارج الشرفه ..أنهت ما تفعله بسرعه وتوجهت للشرفه لتنظر ماذا يحدث فى شارعهم البسيط....كانت والدة عمرو صديق فارس تطلق الزغاريد بين الحين والاخر وهو يقف وسط بعض الشباب والجيران يهنئونه ويباركون له النجاح والتخرج من كلية الهندسة أبتسمت بأثر رجعى وهى تتذكر لحظة تخرج ولدها وكأن المشهد يعيد نفسه مرة اخرى أستيقظت من شرودها على صوت قرع جرس الباب فى صخب نظر الى الوضع الذى كان عمرو يقف فيه فلم تجده فايقنت أنه هو صاحب هذا الصخب توجهت الى الباب مسرعه وفتحته بسرعه وهى تقول بابتسامه: - بالراحه يا عمرو.. فارس نايم نظر لها عمرو بدهشه مصحوبه بابتسامه كبيرة ارتسمت على وجهه وهو يصيح: - انا مالى ومال فارس انا جاى للرز بالبن اللى وعدتينى بيه يا بطه قالت بسعاده وهى تفسح المجال له ليدخل وتشير باصبعها لعينيها: - من عنيا يا حبيبى هيكون عندك النهارده أنت والشارع كله بأذن الله ضحك بصخب كعادته وقال بمرح: - بس انا اللى اوزع يا خالتى الله يخليكى..انتى عارفه انا خلاص بقيت مهندس رسمى وهقسم بالعدل ان شاء الله أم فارس: - لا يا عمرو انا متأكده انك لو انت اللى وزعت.. الناس كلها هيوصلها الاطباق نصها فاضى قال بدهشه مصطنعه: - نصها!!!.. طيبه اوى على فكره فى هذه اللحظه خرج فارس من غرفته غير مستوعب لما يحدق وقال بضيق: - ايه الدوشه دى...مين اللى ...ولكنه بتر عبارته وهو ينظر لصديقه عمرو والفرحه التى تعلو وجهه والابتسامه المرسومه على شفتيه فى سعاده بالغه فذهب ضيقه فى لحظه وقال بشك: - نجحت ولا عامل دوشه على الفاضى ضحك عمرو وهو يقترب منه قائلا: - طبعا نجحت وأتخرجت علشان تبطل تقولى يا تلموذ بادله فارس ضحكاته وهو يقول: - برضه هتفضل تلموز مفيش فايده نظر عمرو الى فارس نظرات متفحصه ورغم ضحكات فارس الا ان عمرو استطاع ان يخترق تلك الابتسامات الواهنه والضحكات المتستره أقترب منه وقال بهدوء: - مالك يا فارس شكلك زى ما يكون فى حاجه مضايقاك قاطعتهم والدته قائله : - طب انا هروح أنقع الرز بتاعك يا بشمهندس علشان نلحق نوزعه بالليل تركتهم والدته ودخلت المطبخ وعاد فارس أدراجه الى غرفته يتبعه عمرو سئلا بألحاح: - ماهو هتقولى مالك يعنى هتقولى مالك قول بقى بالذوق أحسنلك أبتسم فارس وهو ينظر لصديق عمره الذى لم يتغير ابدا مازال طفلا متشبثاً بما يريد دائما ولكنه استطاع ان يغير مجرى الحديث بسؤال مباغت: - هتروح أمتى تخطب عزة توتر عمرو وشحب وجهه وهو يقول: - مش عارف يا فارس خايف ترفضنى .. متردد اوى فى الحكايه دى وضع فارس يده على ساقه مشجعاً وقال: - أسمع يا عمرو انت متعرفش هى رايها فيك ايه بلاش تقولى هترفضنى والكلام الفاضى ده...أنت خلاص أتخرجت وبقيت مهندس قد الدنيا وكلها شهر ولا حاجه وتبتدى شغلك ..وعزة ممكن يكون حد حاطط عينه عليها ويتقدملها قبلك وترجع تندم وتقول ياريتنى كنت خدت قرارى بدرى شويه نظر له عمرو حائراً وقد شعر بكلمات فارس تغزو قلبه بشدة وتمزقه وهو يردد: - حد تانى ياخدها مني..تفتكر يا فارس أومأ فارس براسه وقال مؤكداً: - ايوا طبعاً..وليه لاء ..بقولك ايه انا مش هسمحلك تأجل الحكايه دى أكتر من كده..بلغ والدتك وخليها تروح تجس النبض علشان البنت وأهلها يعرفوا أنك عاوزها فرك عمرو جبهته بتوتر وهو يقول بأرتباك: - خلاص هقولها وربنا يستر بقى..بس الشغل يا فارس هتقدم ازاى من غير ما أشتغل فارس:يا سيدى ده هيبقى ربط كلام بس لحد ما ربنا ييسرلك شغلك وانا أصلا كنت مكلم الدكتور حمدى عليك علشان عارف ان أخته عندها مكتب ديكور وهو وعدنى وقالى اعتبر الحكايه تمت أطلت نظرات الامل المختلطه بالقلق وهو يحاول طمأنة نفسه وهو يقول: - هو أه انا مهندس مدنى مش ديكور بس ممكن الاقى شغل معاهم مش كده يا فارس ابتسم فارس أبتسامه صغيره وهو يحاول رسم التفاؤل على شفتيه قائلا: - أومال كليه ايه اللى أتخرجت منها دى ..تصدق اللى نجحك ظلمك يا أخى ثم أدرف بحسم: - خلاص أتفقنا هتمشى فى الموضوع؟؟ دب انشاط فى عمرو مرة أخرى وعاد اليه مرحه وتفائله ونهض هاتفاً بمرح : - ربنا يخاليك ليا يا سبعى ههههههههههههههههه خرجا من الغرفه يتضاحكان واقبلت عليهما والدته قائله بابتسامه : - أنا قلت برضه محدش هيظبك غير عمرو وقبل أن يجيب فارس سمع رنين الهاتف يقاطعه فى اصرارأخذ سماعة الهاتف ليجيب المتصل الذى كان يتوقع منه هو وقال:ألو - ايوا يا فارس أنت فين -أنا فى البيت يا دنيا - ده أنت تعبان بجد بقى ! قال بتردد: - لا أنا كويس بس ....نظر الى عمرو ثم الى والدته وركز بصره عليها وهو يخشى من ردة الفعل وقال: - الدكتور حمدى بلغنى انهم رفضونى فى شغل النيابه شهقت والدته وهى تضع يدها على صدرها وأتسعت عينيى عمرو وهو ينظر اليه مدهوشاً وهتفت دنيا غير مصدقه: - بتقول ايه يا فارس قال مؤكداً وقد لمعت عيناه بالدموع وهو ينظر الى والدته التى بدا عليها عدم الاتزان وأستندت الى ساعد عمرو الواقف بجوارها : - بقولك رفضوا يا دنيا رفضونى هتفت دنيا صارخه : - بتقول أييييييييييييه....وسقطت والدته مغشياً عليها
**********************************
"ها يا دكتور ماما عامله ايه" نطق فارس هذه العباره وهو يفرك يديه فى توتر بالغ و ينظر الى الطبيب بقلق دَون الطبيب أسماء بعض الادويه فى ورقة من دفتره ثم فصلها وأعطاها لفارس قائلاً: - متقلقش يا استاذ فارس والدتك كويسه الحمد لله ..الضغط بس علي عليها شويه..بس مفيش حاجه خطر الحمد لله ألقى فارس نظرة على الورقة بيده وقال : - اومال الادويه دى ليه يا دكتور ابتسم الطبيب وهو يضع أدواته فى حقيبة الطبيه ويقول: - دى أقراص بسيطه كده للضغط لازم تواظب عليها واللى مكتوب ورا الروشته ده تحليل عاوزك تعمله ضرورى وياريت النهارده نظر الى اسم التحليل دون فهم وقال وهو يحاول استيعاب الامر: - تحليل ايه ده الطبيب :ده تحليل سكر فاطر وصايم أنزعج فارس وقال بسرعه: - سكر..هى عندها سكر الطبيب:انا طلبت التحليل ده علشان نطمئن بس مش أكتر...وان شاء الله يطلع معقول زى ما انا متوقع خرج فارس بصحبة الطبيب وهو يقول متسائلاً: - طب هى هتفوق أمتى يا دكتور نهض عمرو واقفاً هو ووالدته وهو يستمع لحديث الطبيب الذى كان يجيب فارس قائلاً: - انا ادتها حقنه تنزل الضغط وهتفوق دلوقتى ان شاء الله ..متقلقش خرج الطبيب من المنزل وأغلق فارس الباب خلفه واستدار فى مواجهة عمرو الذى قال بلهفه: - خير يا فارس؟؟ جلس فارس وهو يقلب الروشتة بين يديه وكأنه فى عالم آخر وقال بشرود: - الدكتور بيقول ضغط...كنت متأكد أنها مش هتستحمل الصدمه توجهت والدة عمرو داخل الغرفه التى كانت أم فارس ترقد بها وهى تقول بتبرم: - ضغط ايه وبتاع ايه ...هو حد يصدق كلام الدكاتره شد عمرو على يده قائلا: - بسيطه يا فارس ان شاء الله... متشيلش نفسك اكتر من كده انت ملكش ذنب فحاجه ..انت كمان اتصدمت..بس ولا يهمك يابنى انت مجال شغلك مفتوح وانت شاطر ....مش هتقفل على حكاية النيابه دى يعنى..ركز بقى فى الماجيستير وبعده الدكتوراه وفى جوازك أنتبه فارس لعبارة عمرو الاخيرة وتذكر دنيا التى تركها تصرخ على الهاتف وهرع الى والدته ولم ينتبه حتى ان يعيد سماعة الهاتف كما كانت ألقى نظرة على الهاتف فقال عمرو مسرعاً: - انا اللى حطيت السماعه ..قلت علشان لو اتصلت تانى ولا حاجه رفع فارس راسه لعمرو متسائلاً وقال: - وأتصلت؟؟ هز عمر رأسه نفيا ولم يرد ...وسمعا صوت والدته تناديه بوهن : - فارس يا فارس نهضت أم فارس من فراشها بمساعدة والدة عمرو فى اثناء دخول فارس وعمرو الذى قال يداعبها: - الف سلامة عليكى يا بطه بس برضه مش هتنازل عن الرزبلبن بتاعى حاولت أن تبتسم وهى تنظر الى فارس ولكنها لم تستطع ساعدها فارس على الجلوس مره أخرى على الفراش وجلس بجوارها ..قبل راسها وقد لمعت عيناه بالدموع وهو يقول أنكسار: - أنا آسف يا أمى أنا السبب فى اللى حصلك ده..لو كان بايدى كنت قاطعته والدته وهى تحاول صبغ صوتها بنبرة حاسمه: - مش عاوزه اسمع منك الكلام ده تانى كل شىء نصيب انا كل اللى يهمنى أنك تبقى مبسوط ومرتاح ومش عاوزه حاجه تانيه من الدنيا وانا يابنى لو كنت حاطه أمل على الشغلانه دى فده كان علشان كنت شايفاك متمسك بيها وبتحلم بيها لكن انا عن نفسى مفيش حاجه تفرق معايا ولا تريحنى غير سعادتك انت وبس سواء كنت محامى ولا مستشار أنحنى فارس مقبلاً كفها وقد أعطته أمه دفعه لان يتماسك أكثر وتتراجع دموعه وتجف قبل أن تظهر مرة أخرى وقال: - ربنا يخليكى ليا يا ست الكل ربنا يديكى الصحه والعافيه يارب سمع عمرو طرق خفيف على باب الشقه فقال وهو يخرج من الغرفه : - أنا هروح اشوف مين ده أكيد حد من الجيران توجه عمرو الى الباب وفتحه ...نظر إليها غير مصدق وقال بدهشه: -عزة!! خفضت عزة راسها بخجل وتنحت جانباً ..ظهرت والدتها وأختها عبير من خلفها حاول عمرو السيطرة على مشاعره وهو ينظر إليها وقال وهو يبتعد عن الباب: - أتفضلوا دخلت جارتهم أم عزة يتبعها الفتاتان وهى تقول بقلق: - فى ايه يا بشمهندس ايه اللى حصل للست أم فارس عمرو: - ابداً الضغط على عليها شويه بس بقت كويسه الحمد لله...ثم اشار الى الغرفه قائلاً: - أتفضلى هى جوى هنا ومعاها فارس دخلت أم عزة مسرعة ووقفت عبير وعزة تنتظرها فى الخارج حاول عمرو النظر الى عزة مرة أخرى فخطف نظرة سريعة وهو يقول بابتسامه: - أزيك يا أنسه عزة شعرت عزة بالخجل لسؤاله أياها فقط ...بينما قالت عبير بدهشه ممزوجه بابتسامه خفيفه وهى تقول: - كويسين الحمد لله لا يعلم لماذا شعر بعاطفة كبيرة تجتاحه تجاهها بدون سابق أنذار وكأن وقوفها بقربة قد حرك مشاعره وزاد لهفته عليها وعلى الارتباط بها لقد تردد كثيراً وهو غير متأكد من سبب تردده كان يظن من وجهة نظرة أنها متعلقه بفارس ولكن لا دليل على ذلك وقد يكون أساء بها الظنون ولكن هل يترك الظن يتلاعب بها أكثر من هذا ..شعر بالخوف عندما تذكر كلمات فارس له منذ قليل أنه ربما يتقدم لها شخصاً آخر وقد يقبله أهلها هل ينتظر لتضيع من بين يديه هكذا بسبب تردده وقلقه من شىء ليس له وجود عندما وصل لهذه النقطه شعر بأندفاع لم يشعر به من قبل ولم لا أحياناً يكون التهور هو الحل الوحيد لانهاء ما يدور من صراعات بداخلنا كانت الفتاتان ينظران اليه وهو شارداً تماماً وكأنه فى عالم آخر وقد خرجت والدتهما بصحبة والدة عمرو ويتبعهم فارس وأمه التى كانت تستند على ساعده وقالت لعمرو بأمتنان: - معلش يابنى تعبناك معانا نظر إليها وكأنه لم يسمعها وصوب بصرة باتجاه والدة عزة وعبير ..أخذ نفساً عميقاً وقال بسرعه : - طنط انا بحب عزة وعاوز أتقدملها موافقه ولا لاء ثم تنفس لاهثاً وكأن وحشاً كان يطارده ......صوب الجميع نظراتهم اليه ما بين دهشة وابتسامة وأستنكار وحياء وأسرعت عزة بالخروج من الشقه ووجهها كحبة الطماطم وتبعتها عبير التى كانت تبتسم بسعادة ودهشه هتفت والدته به : - أنت عبيط يا واد ولا ايه فى حد يطلب طلب زى ده قدام البنات كده ...مش فى أصول ؟!!! بينما ابتسمت والدة عزة وقالت موجهة كلامها لام عمرو: - عبيط ليه بس يا أم عمرو هو قال حاجه عيب..هو بس أستعجل شويه ضحك فارس متناسياً همومه وهو يقول: - يخرب عقلك يا عمرو أنا كنت أعرف أنك مجنون بس مش للدرجادى وأخيرا قال عمرو حانقاً: - يعنى هى دى المشكله دلوقتى خلاص انا اسف بس انا مصمم على طلبى على فكره ومش هتنازل عنه ونظر الى أم عزة قائلاً برجاء : -أنا صحيح لسه متخرج النهارده بس ان شاء الله هشتغل قريب..انا بس عاوز يبقى فى كلام رسمى يعنى علشان محدش يسبقنى أكد فارس كلام صديقه وقال بثقه: - ان شاء الله كام يوم وعمرة يروح يعمل مقابلة الشغل فى مكتب الهندسه بتاع أخت الدكتور حمدى ..ونظر الى أم عزة وقال: الدكتور حمدى أكدلى حكاية الشغل دى يا طنط تكلمت أم عزة وقد بدت السعاده على قسمات وجهها وهى تقول: - يا عمرو يابنى أنتوا جرانا من زمان وعارفين اخلاقكوا كويس الموضوع مش موضوع شغل ثم قالت بتردد: - أنا بس مش عاوزه أكسر قلب أختها أنت عارف عبير هى الكبيرة ولو أختها الصغيرة أتخطبت قبلها هتشيل فى نفسها وتضايق ..عموما قابل ابوها وكلمه وانا عن نفسى معنديش اعتراض خالص قالت أم عمرو بعتاب : - كبيرة ايه وصغيره ايه هو لسه فى حد بيعمل كده ده كان زمان يا أم عبير الناس كانت بتفكر كده... لكن كلنا عارفين ان الجواز قسمه ونصيب وكل واحده ليها نصيبها أومأت أم عزة براسها موافقة لها وقالت:معاكى حق بس والله ده راى ابوها مش رايى أنا.. قاطعهم عمرو بحسم قائلاً:مش هسيبه لحد ما يوافق ان شا الله حتى أطلعله فى كل حته بيروحها لحد ما يزهق منى ويقولى روح خدها وأمشى قاطعهم صوت جرس الباب المفتوح نظر فارس تجاهه فوجد دنيا تقف بزاوية من الباب وتنقل نظرها بينهم بتوتر شعر بالدهشه وهو مقبل عليها حتى وقف امامها وهو يشير غليها بالدخول قائلاً: -تعالى يا دنيا أتفضلى قالت والدته للمرأتان: - دى دنيا خطيبة فارس أستأذن الجميع بالانصراف وجلست دنيا وهى تنظر لوالدة فارس قائله: - حمد لله على سلامتك يا طنط أم فارس: الله يسلمك يا بنتى .. نظر اليها فارس تدور تساؤلات كثيرة بعقله وتظهرها عينيه وقال: - عرفتى منين ان ماما تعبانه قالت بتوتر: - قابلت عزة تحت وانا طالعه وقالتلى لاحت ابتسامة سخرية على شفتى أم فارس وقد علمت أن دنيا قد أتت لشىء آخر ولاحظت نظرات التوتر فى عينيها فقالت وهى تنهض : - طب عن اذنك يا بنتى هقوم ارتاح شويه أحسن دماغى لفت تانى وقالت موجهةً حديثها لفارس: - قوم يابنى قدملها حاجه وتركتهم وتوجهت لغرفتها وقف فارس قائلاً: - هعملك شاى معايا أشارت اليه وقد نهضت هى الاخرى فى مقابلته وقالت محاولة السيطره على نبرة صوتها: - الكلام اللى قلتهولى فى التليفون ده صحيح يا فارس جلس مرة أخرى وقال دون ان ينظر اليها: - أيوا صحيح هو الكلام حد يهزر فيه سقطت العبرات من عينيها وقد تأكد لديها الخبر وقد كانت تتمنى ان يكون مازحاً أو ما شابه لقد سقطت أحلامها وهوت وأنسلت من بين يديها كانت تهوى جمع حبها بفارس مع منصبه الرفيع الذى كان يحلم به وقد جعلها تتعلق به معه وتراه ليل نهار وتضع نفسها بجانبه داخل هذا البرواز المزرقش المرصع بالمنصب والمستوى المرتفع والكلمه المسموعه ....قالت بحزن وكأنها تهزى: - يعنى ايه ....حلم السنين راح خلاص ...كل حاجه راحت من بين ايديا نظر إليها وقد عاوده شعوره بالندم والانكسار مع كلماتها المؤنبه ..وقال محاولا أضافاء بعض الامل على قلبها: -لا مش كله ولا حاجه انا خلصت الدبلومه وماشى فى الماجيستير وان شاء الله بعدها الدكتوراه أستطردت مقاطعةُ ايه قائلة: - وهتفرق فى ايه ماجيستير ولا حتى دكتوراه ..برضه فى الاخر شغال بمرتب عند الاستاذ حمدى تنفس بعمق وهو يستمع لكلماتها تشق قلبه بحروفها الحاده وقال : - لا ما انا فى يوم من الايام هفتح مكتب ان شاء الله وساعتها الدرجات العلميه دى هتنفعنى اوى فى شغلى لاحت ابتسامة سخريه على شفتيها وهى تقول: - اه ..فى يوم من الايام لم يعد قادراً على التحمل وكل كلمة من كلماتها تنغمس بين ضلوعه لترديه يائساً وبعنف فنهض بحدة وقال: - أنا كنت فاكرك هتقفى جنبى يا دنيا وتشجعينى أواصل طريقى ..أه صحيح كده الطريق هيطول شويه..بس فى الاخر هنوصل ان شاء الله نظر إليها فوجدها واجمه صامته فجلس بقربها وأخذ كفها بين راحتيه قائلاً: - انا مش عاوزك تيأسى كده ..فاكره لما كنتى بتقوليلى أنا واثقه أنك هتوصل يا فارس أنت جواك عزيمه توصلك المريخ..فاكره؟؟! أبتسمت بضعف وهى تومأ برأسها وتقول: - فاكره قال مشجعاً:يبقى تقفى جانبى لحد ما نوصل سوا نظرت إليه بعينين زائغتين وقالت: - وانت فاكر ان أهلى هيوافقوا اقعد استناك كل ده لحد ما تجيب مكتب وبعدين تجيب شقه ونفرشها بالمرتب اللى بتاخده من مكتب الاستاذ حمدى قال باستنكار: - وشقه ليه مش أحنا متفقين هنعيش هنا مع ماما..وهى معندهاش مانع ابدا ...وهنيجى على نفسنا شويه وممكن اوى نأجر شقه تنفع مكتب مش لازم نشترى يعنى كفايه الايجار وبكده يبقى جمعنا بين الجواز والمكتب فى نفس الوقت صمتت وطال صمتها فحثها قائلاً: - ردى عليا مطت شفتيها وقالت بضيق:أنا لازم أمشى دلوقتى انا أتأخرت أوى صاحت أمها فى وجهها وهى تقول:مش أنا قلتلك الواد ده هيفضل طول عمره فقرى..انتى اللى صممتى تتخطبى ليه مش عارفه ..وفى الاخر كلامى طلع هو اللى صح وعاوز ياخدك تعيشى معاه عند أمه فى الحاره وتستنى بقى لما يبقى يفتح مكتب بللت العبرات وجنتيها وقالت بأختناق: - كفايه يا ماما كفايه اللى انا فيه كفايه دخل والدها غرفتها وهو يتسائل بأنزعاج: - فى ايه بتزعقوا كده ليه قصت عليه دنيا ماحدث لفارس فقال: - وايه المشكله يابنتى هو لو مكنش وكيل نيابه مينفعش يعنى قالت من بين دموعها: - مش قصدى يا بابا بس انا كنت متعشمه كده كل حاجه راحت نظر إليها بجديه قائلاً: - ازاى يعنى كل حاجه راحت الولد كويس وراجل وبيحبك وعنده عزيمه كويسه وأنا متوقعله مستقبل كويس وبكره تقولى بابا قال ومش لازم يا ستى يعنى المستقبل ده يبقى فى النيابه ......وبعدين أنتى كان لازم تقفى جانبه وتسانديه مش تقعد تقطمى فيه كده أمسكت والدتها يدها التى تحمل خاتم الخطبه وحاولت نزع خاتم الخطبه وهى تقول بصياح وغضب: - أسمعى ..أنتى من بكره ترجعيله شبكته مش عاوزين منه حاجه قبضت دنيا اصابعها وهى تقول ببكاء: -لا يا ماما انا بحب فارس ومش هسيبه .. ويوم الجمعة ذهب فارس لصلاة الجمعه فى المسجد الذى أعتاد أرتياده يوم الجمعه والصلاة فيه وكان فى داخله يتمنى لقاء الشيخ بلال ليتكلم معه ويحكى له ما يجيش بصدره لعله يجد لديه الراحة التى يتلمسها فى كلماته دائماً...وبالفعل عقب أنتهاء الصلاة قام يبحث عنه ووجده فى ركن من المسجد يتحدث الى بعض الاخوه ويتمازح معهم بود ويهاديهم ببعض أعواد الاراك وزجاجات المسك الصغيرة التى يحملها دائماً فى جييبه والتى تبعث له دائماً رائحة محببه لكل من يقف بجواره أو يمر بجانبه وقف ينتظره حتى أنتهى من حديثه معهم وعندما لمحه بلال ابتسم ابتسامته الوضاءه المعهوده منه دائما كلما رآه واقبل عليه فرحاً وصافحه بحراره قائلاً - واحشنى والله يا فارس أيه يابنى مبقناش نشوفك ليه لا يعلم فارس لماذا كلما نظر الى وجه بلال شعر بالسكينة والوقار.. .أنسابت عبراته بلطف وهدوءوقال بصوت خفيض : - أنا محتاجك أوى يا بلال جلسا إلى أحد اركان المسجد وقال بلال وقد هاله رؤية فارس وعبراته ويستمع الى صوت آلمه وأحزانه ويأسه وأطرق براسه أسفاً وهو يسمع منه تجاوزاته التى كانت تحدث بينه وبين خطيبته دنيا ومخالفته لوعده معه من قبل ..ظل يستمع إليه فى أنصات شديد حتى أنتهى .. كان فارس يظن أن بلال سيجيبه ببعض الكلمات التى تواسيه وتذكره بأجر الصابرين ولكنه وجده يبتسم قائلاً: - أنا هحكيلك حكاية يا فارس عاوزك تسمعها بقلبك قبل ودنك أتفقنا أومأ فارس برأسه وهو يقول :سامعك بدأ الشيخ بلال فى سرد هذه الحكايه عن أحد التابعين قائلاً - رجل يُدعى أبا نصر الصياد ، يعيش مع زوجته وابنه في فقر شديد - مشى في الطريق ذات يوم مهموما مغموما ً، يسأل الله تعالى الفرج والرزق الحلال فزوجته وابنه يتضوران جوعاً . مر على شيخه أحمد بن مسكين' يقول له أنا متعب يا سيدي .. وقرأ التابعي في وجه تلميذه ما يعانيه ، فقال له اتبعني إلى البحر
فانطلقا إليه، وقال له الشيخ – راغباً في لجوء مريده إلى الله تعالى : " صلّ ركعتين على نية التيسير" واسأل الله تعالى الرزق الحلال الطيب ...فصلى ، ثم قال له : "سم الله " ، - فكل شيئ بأمر الله .. فقالها . .. ثم رمى الشبكة ، فخرجت بسمكة عظيمة . ... قال له "بعها واشتر بثمنها طعاماً لأهلك ". فانطلق إلى السوق يبيعها ، واشترى فطيرتين إحداهما باللحم والأخرى بالحلوى وقرر أن يعود إلى الشيخ فيقدم إحداهما له اعترافاً بصنيعه . .. رد الشيخ الفطيرة قائلاً : - هي لك ولعيالك ، ثم أردف : " لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة "
وفي الطريق إلى بيته قابل امرأة تبكي من الجوع ومعها طفلها، فنظرا إلى الفطيرتين في يده وقال في نفسه هذه المرأة وابنها مثل زوجتي وابني يتضوران جوعاً فماذا افعل ؟ ونظر إلى عيني المرأة فلم يحتمل رؤية الدموع فيهما، فقدمهما لها قائلاً: الفطيرتان لكما .. ظهر الفرح والسرور على محياها ، وسعد ابنها سعادة رقصت لها أسارير وجهه.. وعاد أبو نصر يفكر بولده وزوجته .
ما إن سار حتى سمع رجلاً ينادي من يدل على أبي نصر الصياد؟ فدله الناس على الرجل.. فقال له إن أباك كان قد أقرضني مالاً منذ عشرين سنة ثم مات ، خذ يا بني هذه الثلاثين ألف درهم فهو مال أبيك .
يقول أبو نصر الصياد وتحولت غنياً بإذن الله تعالى وكثر مالي ، و ملكت البيوت وفاضت تجارتي ، وصرت أتصدق بالألف درهم في المرة الواحدة في شكرالله تعالى .. ومرت الأيام ، وأنا أكثر من الصدقات حتى أعجبتني نفسي!!
وفي ليلة من الليالي رأيت في المنام أن الميزان قد وضع ونادى مناد : أبا نصر الصياد هلم لوزن حسناتك وسيئاتك ، فوضعت حسناتي ووضعت سيئاتي، فرجحت السيئات .. فقلت أين الأموال التي تصدقت بها ؟ فوضعت الأموال، فإذا تحت كل ألف درهم شهوة نفس أو إعجاب بصنيع كأنه لفافة من القطن لا تساوي شيئاً، ورجحت السيئات وبكيَت .. بكيت حتى كادت نفسي تذهب وأحشائي تتقطع . وقلت ما النجاة ؟ وسمعت المنادي يقول : هل بقى له من شيء ؟ فأسمع الملك يقول: نعم بقيت له رقاقتان ... وتوضع الرقاقتان (الفطيرتان) في كفة الحسنات ، فتهبط كفة الحسنات حتى تساوت مع كفة السيئات. فبقيت خائفاً .. وأسمع المنادي مرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟ فأسمع الملك يقول: بقى له شيء قلت: ما هو؟ ... قيل له: دموع المرأة حين أعطيتها الرقاقتين . فوزنت الدموع، فإذا بها كالحجر الصقيل وزناً .فثقلت كفة الحسنات، ففرحت فرحاً شديداً .. وأسمع المنادي كرة أخرى يقول: هل بقى له من شيء؟ فقيل: نعم ابتسامة الطفل الصغير حين أعطيَت أمُه الرقاقتان ... وترجح كفة الحسنات...و ترجح ...وترجح.. وأسمع المنادي يقول: لقد نجا ... لقد نجا فاستيقظت من النوم فزعا أقول ما قاله لي أحمد بن مسكين حين رد إليّ إحدى الفطيرتين : لو أطعمنا أنفسنا هذا ما خرجت السمكة .
أنهى بلال حكايته قائلاً: - فهمت اللى عاوز اقوله يا فارس كان فارس يستمع وهو يشعر ابلراحه وكلما سمع وأنصت كلما شعر بالرضا وفهم مالم يفهم من قبل وقال: - فهمت يا بلال...أنا كنت عايش علشان نفسى وأحلامى وبس وعلشان كده أخدت على قد ما قدمت -------------- يُتبع
|
__________________ "لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب |