عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #151  
قديم 10-31-2018, 09:13 AM
 

الفصل 29d

مرت ايام كئيبة على حسناء وهي تحاول الاكتفاء بالتحدث يوم الاحد فقط مع جواد، كانت احيانا نادرة ان فرغ من درسه باكرا يتحدثان على الواتساب

وهكذا مضت السنة الجامعية بقدر ما تسمح لها بالخير واقبل الصيف اخيرا

استقبل جواد اهله بحرارة ودعوا اخوته المتزوجون وخطيب شيماء وحسناء للاجتماع معهم على الغداء، وعلى هذه المناسبة الجميلة قررت شيماء وخطيبها ان يزيدوا الفرحة فرحة واعلنوا عن موعد زواجهم وفرح لهم الجميع

بعد اسبوع ارتدت شيماء الثوب الابيض وكانت بابهى طلة، لم تنسى ان تدوس على قدم حسناء لتكون اول من يتبعها في الزواج (عادة عند البعض بيقولو اذا العروس داست على اجر وحدة تانية بتلحقها بالزواج )

كانت ثلاثة اشهر هادئة بل رائعة للجميع حتى حان موعد سفر جواد، ذهب لزيارة شيماء قبل السفر بعدة ايام وجلسا على الشرفة

وبينما هم يتحدثون نظر للبرية المقابلة وسرح عن كلام اخته اذ رأى فتاة غبية تدخل البرية بصعوبة، في كل خطوة تخطوها تتأوه بسبب الاشواك المحاطة التي نبتت ايام الصيف الحارة،

وعندما تكرر هذا المشهد عدة مرات امامه فرط ضحك، نظرت اليه شيماء مستغربة اذ لم تكن تتحدث بشيء يضحك، عادت لتنظر الى حيث ينظر ففهمت سبب ضحكه فقرصته قائلة بعتاب:

- لا تسخر من تلميذتي

نظر اليها متسائلا:

- تلميذتك!

عاد ليضحك ثم يقول:

- يبدو ان لا سبيل للملل في حياتك، لا هنا ولا في المدرسة، بوجود شخص مثلها، اراهن انك تقضينها ضحكا

نظرت اليها شيماء بحزن الى ان استقرت الاخرى تحت جذع شجرة زيتون بعيدة من الشارع نسبيا واخرجت دفتر يومياتها وبدأت تكتب فقالت شيماء:

- لست من النوع الذي يحب ان يضحك لمصائب الاخرين

نظر مستغربا الى شيماء ثم الى الاخرى ليجدها تكتب فقال:

- تبدو مجتهدة... انها تدرس حتى ايام الصيف

حينها فرطت شيماء ضحكا لتقول:

- مجتهدة!... اريج مجتهدة!... هاتان كلمتان لا تتحدان ابدا...

نظر لاخته ببرود ليقول:

- اذا بما تفسرين ما تفعله الان ان لم تكن مجتهدة؟

- حسنا لست ادري، لكنها اقل من تشارك في الصف، اقل من تركز، اقل من يهتم بالدراسة... كل ما يدور في رأسها في المدرسة فتى في صفها يحب صديقتها

- تحب حبيب صديقتها؟

- حسنا هي لا تعرف بذلك... فهما لم يرتبطا بعد، لكن يمكنك ان تعرف من النظرات المتبادلة، الحب بينهما واضح وكما يبدو انها لا خبرة لها بذلك ولا احب ان اخبرها بذلك بنفسي خوفا على مشاعرها

نظر جواد اليها شاردا يفكر في امرها حتى استيقظ اخيرا على صراخ اريج وهي تقفز فزعة فقالت شيماء بملل:

- لا بد ان حشرة تسلقت قدمها كالعادة، اتحب ان تشرب الليموناضة؟

هز رأسه ايجابا فدخلت شيماء لتحضرها بينما جواد مازال يراقب اريج تفر ذعرة من البرية حتى وصلت للشارع تنفض ملابسها بفزع حتى اطمئنت من خلوهم من الحشارات،

عادت لتنظر الى البرية وقالت بغضب:

- غبية متوحشة، كيف تجرئين على تسلق قدمي

هنا فرط جواد ضحكا اذ لم يستطع احتمال المزيد، بحثت هي حولها عن مصدر الضحك لكنها لم تجد احد فأكملت طريقها، لم يكد يهدأ من ضحكه حتى وجدها تعود لتدخل البرية مجددا تراقب حولها بفزع، ضرب رأسه وامسك شتيمة، الم تخرج منها الان شاتمة؟ :

رآها وصلت الى قرب الشجرة وانحنت لتأخذ من الارض دفترها، ضمته اليها بحب ثم عادت لتخرج من البرية، رفع حاجباه مستغربا "ايعقل انها كانت تكتب رسالة حب لذلك الاحمق؟..."

تناسى الامر حين عادت اخته تحمل ابريق زجاجي من الليموناضة علا سطحها معكبات ثلج وجلست لتسكب في الكوبان بينما يتقلب العصير والثلج على بعضهما وهما يتصاعدان داخل الكوب الذي سرعان ما اكتسب خارجه الندى بفعل اختلاف الحرارة...

قدمت اليه كوبا وهي تنظر للبرية قائلة:

- يبدو انني ضيعت الشتيمة

ضحك واخذ الكوب منها ليرتشف منه رشفة فقالت:

- للاسف لن تستطيع ان تتعرف عليها عن قرب لانها ستنتهي من الثانوية قبل ان تبدأ انت التعليم بها

رفع حاجباه ساخرا ثم قال:

- هذا مؤسف

عادت لتضحك شيماء ثم قالت:

- لكن احتمالية نجاحها في الامتحان الرسمي ضئيل، ربما لو اعادت صفها عدة مرات قد تلحق وتتعرف عليها

ضحكا سويا وعادا ليشربا الليموناضة

---


عاد لفرنسا وكانت الحياة مثالية كأول كل سنة ولكن ما ان بدأ جواد ينشغل بدراسته فعلت حسناء عكس كل سنة، واكبت على الاتصال حتى لا تضحى علاقتهم جافة ككل سنة

عادت من الجامعة واول ما فعلته ان رمت حقيبتها في غرقتها ثم توجهت للهاتف

رفع سامر السماعة ثم قال:

- جواد، الاتصال لك

اشار له ان بعد قليل لانه مندمج بالدراسة فقال سامر:

- انها خطيبتك

نظر لسامر بملل ليقول هامسا:

- الامر بدأ يصبح مملا

ضحك سامر وناوله السماعة وعاد الى درسه، لم تمر خمس دقائق حتى نظر سامر لجواد الذي مازال يراعي كلام حسناء بقلة صبر وهو ينظر لكتابه تارة والى ساعة يده تارة اخرى فصاح سامر:

- الن ينتهي حديثكما يا جواد؟ اني انتظر مكالمة من نتالي

تفكر جواد بكلام صديقه حتى فهم قصده وابتسم قائلا:

- اسف حسناء، نتكلم لاحقا فسامر ينتظر مكالمة

- اوه... حسنا متى ما انتهى من الكلام اتصل بي

فغر فاهه مصدوما من طلبها ثم قال:

- حسنا حسنا سافعل الى اللقاء

وضع السماعة على الهاتف واراد ان يعود الى مكانه فقال سامر معاتبا:

- بربك ارفع السماعة كي لا تتصل بعد نصف ساعة

نظر اليه جواد مستغربا:

- الا تنتظر اتصال؟

- بالطبع لا، كان مجرد عذر لاخلصك منها... هه، لا اصدق انكما نفس من جمعت بهما منذ سنوات

ابتسم جواد قائلا: "مازلنا نحب بعضنا لكن انشغالاتنا تجعلنا مملين، لكننا ترانا صيفا، اولا يغار منا عصافير الحب؟..."

نظر اليه متشككا ثم قال:

- في الواقع، حسناء لم تعجبني هذا الصيف، حتى هذه السنة، الم تلاحظ انها تغيرت؟ لقد اصبحت لحوحة جدا ومتطلبة بشكل لا عقلاني

- لنقل ان الفتيات يمررن بمزاجيات عجيبة من حين لاخر

- لكن ليس هذا ما يحدث مع حسناء، فلا تستمر هذه المزلجيات لاشهر متواصلة

تفكر جواد بالموضوع ثم هز كتفيه قائلا:

- لم الاحظ شيئا من هذا النوع

- هذا لانك متيم بها... اذهب واكمل درسك فلم اقطع حديثك معها الا لهذا السبب

عاد جواد ليجلس امام كتابه شاردا بكلام سامر

---


جلست حسناء في حديقة الجامعة بين اصدقائها غاضبة غير عابئة بما يتحدثون حتى انتبه لها سعيد، قال:

- ما بال القمر اليوم مش عاطينا وج

نظرت اليه حسناء بانزعاج فنظرت اليها بقية الصديقات والتفتن حولها:

- ما بك حسناء، لا تبدين اليوم طبيعية

- هذا صحيح، حتى انك كنت تستعملين هاتفك وقت المحاضرة، من عادتك ان تكوني مركزة طوال الوقت وتكونين مرجعنا في حال لم نفهم شيئا

- حسناء: لا شيء مهم... انا منزعجة اليوم قليلا

- حسنا... اتمنى ان ينتهي ضيقك هذا باسرع وقت

ابتسمت مجاملة وما ان عدن لحديثهن حتى عادت للتجهم، انحنى اليها لؤي يسالها:

- اذاك هل الاحمق هو السبب؟

نظرت اليه بانزغاج:

- اي احمق؟

- جواد طبعا

- وما شأنه، بل وما شأنك؟

- اولسنا اصدقاء طفولة؟ يفترض ان تخبريني بكل شيء

- وان كان، بما سيفيدك؟

- سأذهب اليه والقنه درسا، لم اتنازل عنك له ليعاملك هكذا

نظرت اليه بازدراء ثم قالت:

- لم اكن ملكك كي تتنازل عني

- لكنك كنتي تحبيني، كنا نحب بعضنا ربما لاني تصرفت في وقت ما كوغد تناسيت الامر لكننا كنا نحب بعصنا حقا

نظرت اليه ببرود ثم قالت:

- اسمع لؤي، صداقتنا عزيزة ونحن متفقين من سنة، لا تعيد كلامك هذا كي لا تفسد هذه الصداقة

صمت لؤي وهو ينظر اليها بحقد ثم ابعد وجهه عنها متجهما "لقد كنا نحب بعضنا وكان جواد الصديق، اضحت الان تحب جواد واصبحت انا الصديق، لا وفوق هذا صداقتنا معرضة للخطر، في هذه الحال افضل ان انسحب من حياتها كليا..."

نظر اليها مقررا النهوض والانصراف ومقاطعتها للابد ولكنه غيير رأيه حين نظر اليها، لن يحتمل ان يواسيها احد غيره، كما لن يحتمل رؤيتها تضحك للجميع الا له... حسنا... ربما يبقى معها هذه السنوات المتبقية الى ان يتهي جواد دراسته وحينها يفكر بطريقة للاختفاء كليا...

تنهد ثم قال بخفوت:

- انا اسف لازعاجك

نظرت اليه متفكرة ثم ابعدت وجهها اذ صراحة لا تدري ما يدور براس هذا الاحمق، تارة متكبر وتارة لطيف، اقل ما يمكن وصفه بانسان عجيب

---

مرت ايام وحسناء على هذه الحالة، بل وتزداد حالتها سوءا حتى الح عليها اصدقائها لتفتح لهم قلبها، نظرت اليهن بحزن لتقول:

- اشعر ان جواد يتجنبني... لم يعد يرغب بالكلام معي على الهاتف، اخر مرة اتصلت به سمعته يهمس لصديقه كي يخبرني انه ليس موجودا...

البعض ابدى اسفه عليها بينما البعض الاخر ابدى غضبه على جواد، بينما القلة نصحوها بالصبر، لكن حالتها تفاقمت مع الايام حتى بدأ الشك يلعب بعقول الاصدقاء وما لبث ان نقلو لها عدوى الشك

---

نظر سامر لجواد متفكرا ثم قال له:

- الا تظن ان هذه الايام مرت هادئة اكثر من المعتاد

- لا بأس... اظنها فهمت انني مشغول فامتنعت عن الاتصال، او ربما يأست بعد كثرة تهربي...

- اتمنى ان لا يكون الامر هدوء ما قبل العاصفة

قطب جواد متفكرا ثم قال:

- لا اظن ذلك...

نظر لهاتفه ثم فتح الواتساب، وجد حسناء متواجدة، القى التحية لكنها لم تجبه، اكتفت بان تفتح الرسالة ثم تخرج من المحادثة

اراد ان يرسل اليها بعض كلمات الغزل وانه اشتاق اليها ربما يرق قلبها لكن سامر منعه، قال له:

- يمكنك ان ترسل كل ذلك يوم الاحد، يومين وتحدثها، الان لا تشغل بالك ولا تدعها تشغل وقتك فما اخذته من وقتك كاف، لقد رسبت في مادة لا تريد ان ترسب بالمزيد والا اضطررت ان تعيد السنة

تنهد بانزعاج حين وجد ان صديقه محق ثم وضع هاتفه جانبا ليعود الى درسه، علما ان باله كان مشغولا

---


يوم الاحد اخيرا قرر الاتصال بعد ان انعدمت للتواصل كليا مع حسناء حتى على الواتساب، اجابت ام حسناء وسرعان ما نادت:

- حسناء انه جواد

صرخت حسناء من الداخل:

- اخبريه اني لست موجودة

- لا اظن ان هناك داع لاخبره فقد سمعك بنفسه

- هذا جيد، سيعفيكي عناء اخباره بذلك

رمشت الام مستغربة ثم قالت لجواد:

- لا ادري ما بالها، سأذهب واحدثها

- حسنا...

ذهبت الام لتحدث ابنتها وعندما رأى جواد ان المسألة اخذت من الوقت اكثر مما ينبغي اقفل الخط واتصل على جوال حسناء

نظرت حسناء الى جوالها ثم اظهرت انزعاجا لتطفئ الخط، نظرت اليها الام مستغربة:

- ما بالك حسناء؟... لقد كنتي تطوقين لمكالمته

هزت الاخرى كتفيها غير عابئة بالاجابة فجلست الام قربها لتحدثها، عاد هاتفها ليرن مجددا فسلمت حسناء الهاتف لامها قائلة:

- اخبريه اني خرجت ونسيت الهاتف في المنزل

نظرت الام اليها بشك ثم قالت:

- لا لن افعل... ان حدث مشكلة بينكما عليك مواجهته وليس الفرار منه، ان ذلك سيزيد الامر سوا

- لست اهتم

- حسناء!... ما الذي حدث!

تكتفت لتبعد نظرها عن امها وعندما رأت ان الهاتف ما زال يرن عادت لتقفل الخط وعادت لتتكتف

اخذت الام تستجوب حسناء وما هي الا ثوان حتى عاد ليرن الهاتف مجددا، اخذته الام وردت عليه:

- ما الذي حدث بينكما جواد؟ لما حسناء تصر على عدم مكالمتك

- وانا ما ادراني، احدثها على الواتساب منذ ايام ولا تجيب، واتصل بها الان ولا تجيب

- اذا لا تعلم شيئا؟

- لا... فجاة تغييرت هكذا

- حسناء بحقد: بل يعلم لكنه لا يريد ان يخبرك، انا لن احدثه بعد الان

-الام بصدمة: حسناء!

- جواد اعطها الهاتف ودعيني اكلمها:

ناولت الام الهاتف لحسناء قائلة:

- يريد مكالمتك

هزت حسناء كتفها دلالة على عدم رغبتها بالاجابة فاعادت الام الهاتف الى اذنها وقالت:

- ساضع الهاتف في اذنها تحدث فهي تسمعك

وضعت الام الهاتف في اذن حسناء فقال جواد:

- حسناء... حسنا قد تظنين انني اعرف حقا ما بك لكنني حقا لا اعرف، ربما الامر كان سوء تفاهم او شيء من هذا القبيل، لكني لا اذكر اني فعلت شيئا يغضبك...

حينها ثارت حسناء لتأخذ الهاتف من يد امها صارخة:

- حقا؟... الم تكن تتهرب من الحديث معي طوال الاسبوع، لقد سمعتك تطلب من صديقك ان يخبرني انك لست موجودا، او تظنني صماء ام حمقاء...

فغر جواد فاهه اذ تبيين له انها سمعته حينها فقال مدافعا:

- حسنا ربما قد اخطات حينها، لكنك اخذت الكثير من وقت دراستي، لدرجة اني رسبت في احدى المواد، ان رسبت في مادة اخرى سأضطر ان اعيد السنة، لا اظنك تريدين ان ابقى سنة زائدة في فرنسا

- ارتسم الحزن على وجه حسناء لتقول:

- بالطبع لا اريد...

- اذا فلنكتفي بيوم الاحد للتواصل... سيأتي الصيف ويكون الوقت كله ملكنا

- الا يمكن زيادة يوم واحد فقط للتواصل... اشعر بوحدة كبيرة طوال الوقت

- اسف حسناء لا وقت لدي ابدا

- فقط نصف يوم... نصف ساعة...

- حسناء... اني بصعوبة اتفرغ يوم الاحد لاجلك فقط... ثم لديك اصدقائك، لما لا تقضين بعض الوقت معهم

تنهدت شيماء بانزعاج اذ ان اصحابها هم الذين اوصلوها الى هذه الحالة حين اصروا عليها كي تزيد من التواصل مع خطيبها، قالت ببؤس:

- حسنا سأنسى الامر وأكتفى بيوم واحد في الاسبوع...

- حسنا... شكرا لك على تفهمك... ممم... الان ايمكنك الابتسام ليكون حديثنا اجمل؟

ابتسمت حسناء مرغمة ثم انقلب لحديث وديا، حين اطمئنت الام على الاوضاع انسحبت من الغرفة لتتركهما يتحدثان بحرية...

---


كانت ذاهبة الى الجامعة شاردة البال بما يجري معها، بين حبها لجواد وبعده عنها، وصداقتها للؤي ورفض جواد لها، كانت تعاني من حالة نفسية مزرية حتى قطعت الشارع ودون انتباه كادت ان تصدمها سيارة فخمة

خرج صاحب السيارة ينهال عليها بوابل من الشتائم لانها رمت بنفسها هكذا امام سيارته، وعندما نفس عن غضبه وجد حسناء مازالت مصدومة، اخذ نفسا عميقا ثم اطلقه واخذ يطمئن عليها:

- هل انت بخير؟

على سؤاله عادت لوعيها فهزت رأسها ايجابا، قال:

- ان اردت يمكنك توصيلك الى حيث تذهبين، لا تبدين لي بخير، قد تصدمك سيارة اخرى وانت بهذه الحالة

تهربت منها ابتسامة ثم قال:

- بلى انا بخير، شكرا لك على كل حال

استدارت واكملت طريقها بينما هو يتبعها بنظراته ثم عاد ليركب سيارته وانطلق مكملا طريقه

---


ما ان وصلت للجامعة حتى حاوطنها كل اصدقائها يطمئنون عليها بما جرى معها ومع خطيبها، قالت بانزعاج:

- اتفقنا على ان يكون حديثنا فقط يوم الاحد

فغرت صديقتها فاهها وقالت:

- من الان سترضخين لكل ما يقرره، انت ايضا لك رأي، عليك ان تكوني اكثر صرامة معه

كلامها اشعر حسناء ببعض التحقير ازاء نفسها فقالت مدافعة عن نفسها:

- لكنه محق، انه يقضي وقته بالدراسة، لا يمكنني ان اخذ من وقته اكثر من ذلك فلا اريد ان يعيد السنة ويبقى سنة اضافية في الخارج، يكفي انه يحاول قد الامكان التفرغ يوم الاحد لمحادثتي

- صديقة اخرى: اذا هو يربحك جميل صنعه ايضا... لا يكفي انه يتجنبك طوال الاسبوع، ثم يأت ويمن عليك لاجل يوم واحد

- ليس الامر هكذا... هو فقط منشغل جدا، لما لا تفهمون... حتى انه رسب في مادة بسببي

حينها فرط سعيد ضاحكا وقال:

- يدرس طوال الوقت ورسب لانه تحدث اليك بعض الوقت من ايام الاسبوع، لا بد انه يخدعك، ربما هو يلهو مع اخرى طوال الوقت ويتحجج بالدراسة

قطبت منزعجة ثم قالت:

- ذلك لانه يدرس اختصاص صعب وليس اختصاصا سهلا مثلنا... لا يمكنك مقارنة دراستنا بدراسته، ثم انه يدرس في فرنسا، ربما الدراسة هناك اصعب

نظر اليها سعيد باستهزاء ثم قال:

- انا رأيي ان تتركيه وتخطبيني فانا سأكون لك اكثر وفاءا وصحبتي اجمل

ضربته احدى الصديقات قائلة:

- كفى انت عن ازعاجها، ما فيها يكفيها

قالت اخرى:

- لكني ارى ان سعيد قد يكون محقا... عليك ان تكوني اكثر حذرا

- اخرى: وخاصة انه مغترب في بلد فاسق، تعرفين كيف يكون لبس الفتيات هناك، وكثير منهن وقحات لا يخجلن، وخطيبك لا يستهان بجماله

- اخرى: انها محقة... فكم من شاب سافر للدراسة وعاد في يده طفل...

كادت تدمع حسناء فوجهت نظرها للؤي لترى اشامت على حالها ام يرثي عليها لكن لم يبدي اي تجاوب، لا معها ولا ضدها، تشجعت وتوجهت اليه ثم سألته:

- وانت ما رأيك؟

نظر اليها ببرود وقال:

- وهل سيكون لرأيي اي قيمة

- انت صديقي منذ ايام الطفولة... لا بد ان تنصحني قبل الجميع... ثم انك الوحيد الذي يعرف جواد، ربما امكنك ان تحكم ان كان يصدر منه شيء من ذلك القبيل

انقلبت نظراته حقدا ليقول:

- الصديق الذي يخدع صديقه ويسرق حبيبته لن استغرب لو خدع خطيبته وخانها...

قطبت حسناء بضيق ثم قالت تدافع عن جواد:

- لكنه اخبرك منذ البداية انه يريدني وانت لم تمانع

- انت طلبتي رأيي به وانا اعطيتك اياه، لك ان تتقبليه او ترفضيه...

نظرت للجميع الذين بدا جليا من نظراتهم انهم يؤيدونه بالرأي فانسحبت باكية، شعر الاصدقاء بوخز بالضمير لكن سعيد قال:

- حسنا عليها ان تكون اكثر دراية لما يحصل حولها، لا نريدها ان تصدم غدا ان كان كلامنا صحيحا

وافقه الجميع بحزن وسرعان ما غيرو الموضوع ودخلوا في موضوعات اخرى اكثر مرحا...

---

عادت الى البيت قبيل الغروب منزعجة، كان نهارها من اقرف ايام حياتها، رمت بحقيبتها جانبا واستلقت على السرير شاردة، سرعان ما اخذت الهاتف لترى ان كان قد تفرغ جواد ولو لبعض الوقت وارسل لها سلاما لكن خاب ظنها، ترددت قليلا لكنها اخيرا تشجعت وارسلت:

- كيف حالك اليوم؟

انتظرت قليلا فلم يجاوب، ارسلت اليه بعدها الكثير من عبارات الحب والاشتياق لكنه جاوبها بعبارة مختصرة "فيما بعض حسنا... انا الان مشغول جدا"

شعرت بغيظ كبير وهي تقارن وضعه الحالي بكلام سعيد صباحا، ايعقل حقا انه مع اخرى؟ ايعقل ان كثرة رسائلها ازعجه خوفا ان تنتبه الاخرى انه خاطب

رمت بهاتفها جانبا ووضعت يديها على رأسها اذ ان كثرة التفكير اصابها بالصداع

---

في اليوم التالي الامر نفسه، حاوطنها اصدقائها للاطمئنان فقطبت دون ان تجيب حين تذكرت جوابه المختصر، ففهمن عليها تلقائيا وابدين بعض

الاسى ثم غطوها بعبارات الاسف، اعطوها بعض النصائح التي اعتبروها تصلح حالها مع خطيبها ثم خاضوا في مواضيع اخرى

شردت حسناء عن مواضيعهم التافهة امام موضوعها وسرعان ما استأذنت منهم للدخول الى الحمام لكنها ذهبت لتتوه في ازقة الجامعة المتفرعة

تبعها لؤي ليصل اليها واخذ يطمئن عليها لكنها جاوبته بانها بخير، نظرت اليه بحزم ثم قالت:

- انت صديقي هذا صحيح، لكن تعلم ان جواد لن يعحبه كثرة تقاربنا الى هذا الحد

تنهد بانزعاج ثم قال:

- امازلت تصرين على الوفاء له وهو يخدعك

- هو لا يخدعني... انه فقط مشغول بالدراسة

- حسنا... يبدو انه ليس الوحيد الذي يخدعك... انك تخدعين نفسك بجدارة... الامر واضح للجميع، لما لا يمكنك ان تفتحي عينيك... اتركيه وانسي امره

حين لاحظ انها مصرة على موقفها مل وانصرف قائلا:

- افعلي ما شئت... انت حرة...

زفرت بضيق ثم جلست على احدى المقاعد الفارغة قربها تغطي وجهها بكفيها محاولة التهرب من الواقع، ما هي دقيقة حتى استأذن احدهم للجلوس الى جانبها، نظرت اليه محاولة العودة الى الواقع وهي تحاول تمييز ذلك الشعر الاشقر والعينان الخضروان والطول الفارع والملابس الانيقة، هذا المنظر مر عليها سابقا لكن لا تدري اين، ادركت اخيرا اين حين سألها مندهشا:

- الست انت نفسها التي رمت بنفسها امام سيارتي البارحة؟ هه واو!... لا اصدق، لو كنت اعلم اننا في الجامعة نفسها لكنت اصريت على توصيلك

ابتسمت وهي مازالت شبه ضائعة وقالت:

- شكرا لكن لا داعي لتعذب نفسك

جلس بقربها ليقول:

- اعذب نفسي بماذا، ان السيارة هي التي يتحمل ثقلك وليس انا

فرطت ضحك فاردف:

- طبعا لا اقصد انك سمينة بقول ثقلك، لكن من المعلوم ان لكل الاجساد ثقل ما مهما بلغ خفته...

ابتسمت له فمد يده مصافحا معرفا عن نفسه:

- انا شادي في العشرين من العمر، وانت؟

صافحته مبتسمة لتقول:

- اسمي حسناء... ابلغ التاسعة عشر من لعمر


سرعان ما سحب يدها ليقبل ظاهرها ثم قال:

- اسم على مسمى

سحبت يدها بسرعة واحمرت خداها، ارادت الانصراف غاضبة لتصرفه لكن سرعان ما تبادر الى ذهنها كلام لؤي "اما زلت تصرين على الوفاء له وهو بخدعك"

عادت لتفكر "لا انه ليس بخدعني انه..." وقبل ان تكمل حبل افكارها قال الاخر:

- ويزداد حسنك وانت خجولة

قطبت بانزعاج وهي تصارع افكارها فسألها:

- هل انت مرتبطة؟

فتحت فمها لتجاوبه لكنها عجزت عن الكلام، صارت ترمش وهي تحاول الكلام فضحك عليها قائلا:

- في حياتي لم ارى فتاة ببرائتك... انت حقا رائعة

عادت لتقطب بانزعاج لكثرة ما سمعت مؤخرا عن برائتها، رغم ان هذه المرة كانت مدحا الا ان الباقي كان ذما... الكل يقول ان جواد يستغل برآتها لخداعها، وهي تستمر بالوفاء له، لكن هل هي حقا بريئة لدرجة الغباء التي وصفوها بها صديقاتها

استيقظت على صوت شادي وهو يقول:

- اين غبت يا فتاة... اني احدثك منذ برهة

اطلقت زفرة ضيق لتقول:

- انا اسفة لكني امر هذه الايام باوقات عصيبة

- اتمنى ان تنتهي صعوباتك هذه فلا يليق بهذا الوجه الملائكي التجهم

ابتسمت ابتسامة مصطنعة واستأذنت لتعود الى اصدقائها واسرعت بالذهاب دون انتظار اذنه، جلست بين اصدقائها مرتبكة ولم يلاحظ عودتها الا لؤي الذي جلس ينظر اليها بريب، تجاهلت نظراته وصارت تفكر:

- حسنا ما الذي فعلته انا الان... تبا اكان يصعب علي ان اخبره انني مرتبطة! انني لا اتوقع الارتباط به مثلا، لو تركت جواد فانا على الاغلب سارتبط ب...

نظرت الى لؤي لتجده عاد ليندمج مع الاصدقاء ويضحك معهم، تفكرت بغيظ:

- انه المسؤول بعد كل شيء... هو من لامني على وفائي الاعمى لجواد... ويريدني ان اكون مثله احب شخصا واواعد اخر... حسنا لن يحدث ذلك... سأبقى هلى حبي لجواد باخلاص، ان قابلني ذلك الاحمق الوسيم مجددا سأخبره انني مرتبطة واني لن اقبل بكل تلك التصرفات وكل ذلك الغزل... اخخخ... لكن من الجميل ان تسمع الفتاة تغزلا طوال الوقت... لقد كان الامر جميلا حين كنت مع جواد سويا في الثانوية... كان الامر اجمل من ان يوصف...

عادت لتنظر الى لؤي، لقد كان معهم في المدرسة حينها، لكنه كان قد غيير اصدقائه فلم يكونا يتواصلان ابدا، على عكس ما هي الان، انهما طوال ساعات الفراغ في الجامعة سويا

---


بعد عدة ايام، بينما هي ذاهبة للجامعة اوقفها بوق سيارة، نظرت تجاهها لتجد انه شادي، قال لها:

- اصعدي لاوصلك الى الجامعة

تجاهلته واكملت طريقها، عاد ليمشي بالسيارة بمحاذاتها قائلا انهما ذاهبان الى الجامعة نفسها فلن يضر به شيئا وهي ستستفيد، اجابت ساخرة انها تمارس رياضة الصباح، فرط ضحك ثم ترجل من السيارة ليوقفها كي يحدثها، ما ان اصبح بقربها لا اراديا وجدت نفسها تخفي يدها ذات خاتم الخطوبة في جيبها، قال شادي:

- اسمعي... انا معجب بك من اول يوم التقينا... و... حسنا ربما يمكننا ان نتعرف و... كما تعلمين

تفكرت بالامر ثم دون ان تجيبه التفتت وهربت منه فعاد ليلحق بها قائلا:

- حسنا يبدو انك فتاة محافظة لذلك لا اظن انك ستقبلين التعرف الا بالطريقة التقليدية... هات عنوانك وسأطلبك من اهلك

احمرت حين سمعت كلامه ووقفت شاردة، قال بعد ان لاحظ تقاعسها:

- حسنا... اظن انني استعجل قليلا... سأتركك لتفكري بالامر ثم اخبريني بما قررته

اخفضت رأسها بانزعاج فتركها ليعود الى سيارته وانطلق نحو الجامعة، نظرت لسيارته بحزن، لما لم تستطع اخباره الحقيقة مجددا!...

مشت للجامعة حزينة حتى حاوطنها اصدقائها وكالعادة انهالوا عليها بالاسئلة المزعجة فابتعدت عنهم مباشرة وذهبت لمكان بعيد

تبعها لؤي ليطمئن عليها وهذه المرة لم تطرده، جلسا في مقعد من مقاعد حديقة الجامعة وراح يسألها:

- هل انت على ما يرام؟ تبدين متعبة جدا، هل حدث امر جديد؟

قالت دون ان تنظر اليه:

- هل انت مهتم لانك تريدني ان انفصل عن جواد؟

صمت قليلا ثم قال:

- بل تهمني سعادتك... ان كانت مع جواد فانا سأكون مسرور لاجلك...

نظرت اليه متفحصة ثم قالت:

- وان اردت الإنفصال عنه؟

- سأؤيدك بكل قراراتك الى النهاية

ابتسمت له واسندت رأسها على كتفه، اراد ان يعانقها لكنه فجأة توقف ثم ابعدها عنها بانزعاج قائلا:

- توقفي عن هذه الحركات طالما انت مرتبطة لغيري

نظرت اليه مستغربة

- اي حركات!

- لا تكوني غبية... لا تنامي على كتفي

قطبت بانزعاج:

- لم اكن نائمة... كنت فقط مسرورة ان هناك كتف يمكنني الاستناد عليه

- حسنا هذه عبارة مجازية ولا تطبق بهذه الطريقة

ضحكا سويا ثم قررا ان يعودا الى البقية

---

جلست حسناء في سريرها شاردة فيما حدث صباحا مع شادي، انبها ضميرها لاخفائها انها مخطوبة، لكن هل من الخاطئ ان تسمح لشاب بمغازلتها وهي مخطوبة، هي لا تتجاوب معه، لكن الاهتمام بها يعجبها...

ومع ذلك الامر ليس مستحسن، كان عليها ان تخبر شادي انها مرتبطة، حسنا ستخبره عندما يسألها عن قرارها... الواقع ان شادي يبدو شابا لطيفا، وسيم كما ان سيارته رائعة... لكنها تحب جواد، لكن جواد يهملها كثيرا... وان صدق اصدقائها، فهو يخونها، فلما عليها ان تبادل خيانته بالوفاء؟

غطت رأسها بيديها حين احست ان راسها سينفجر، حتى اخيرا استرخت حين اصدرت القرار، ما ان اقبل ابوها ليلا حتى اخبرته انها تريد الانفصال عن جواد،

صدم ابوها لقرارها فاخبرته انه يهملها كثيرا، طلب منها التريث فاخبرته عن شكوكها عنه، طلب منها ان تنتظر عودته صيفا ليتحدثا بروية فلم تجد امامها حلا الا الكذب:

- ابي انه يخونني مع فتاة اخرى، انه يعرف شابة هناك يقض معها طوال الوقت ويحتج بالدراسة... ابي لقد مللت من هذا الوضع

شرد الاب في كلام ابنته مصدوما لكن ردة الفعل هذه لم تكن كافية بالنسبة اليها، احتاجت الى ردة فعل اقوى ليخلصها من ارتباطها فقالت:

- كما انها حامل منه

فغر الاب فاهه مصدوما ثم احمر غضبا وانتفخت اوداجه، ارسل ابنته الى غرفتها، نظرت لابيها حائرة، لا تدري ان صدقها ام لا لكنه صرخ بها صوتا لتفر ذعرة الى غرفتها

لم يلبث طويلا حتى اتصل والدها بجواد وبعد ان بهدله وشرشحه اخبره ان خطبته من ابنته ملغية

فقعو فيوزات جواد، الصدمة الجمته من الكلام حتى اغلق والد حسناء الخط فظل هو واقفا مصدوما، عاد واتصل على رقم بيت حسناء لكن لم يجبه احد

اتصل على رقم جوال حسناء لكنها اغلقت الخط في وجهه، حدثها واتساب فلم تجاوبه، جلس في سريره يكاد ينتف شعره من عصبيته وسامر ينظر اليه مستغربا حاله

قال سامر:

- ما بك يا صاح؟... هل الجميع بخير؟

اغلق عينيه بقهر ثم قال:

- بل يبدو ان الجميع فقد عقله

- لما؟

اجاب بعصبية:

- وما ادراني... فجاة قرر والد حسناء ان ينهي خطبتنا دون ان يذكر سبب وجيها

فغر سامر فاهه مصدوما وهو يفكر ويحلل فعاد جواد ليتصل بأهله، اجابت والدته:

- امي... هل تحدثت الى حسناء او احد من اهلها مؤخرا؟

- لا، لما؟

- لست ادري... الا تذهبين اليهم وتعرفين منهم ما حدث معهم بالضبط؟ اخبرني والدها انه يريد ان يفسخ خطوبتنا

شهقت ام جواد ثم سالته عن السبب فاجابها انه لا يدري، وان الامور حدثت فجاة، وعدته بالذهاب لتعرف بالقضية وتحل المسألة

نادت ابنتها رلى وذهبتا سوية، ادخلهما والد حسناء البيت بعد ان رمقهما باحتقار، جلسن في الصالون وابتدأ والد حسنا بالحديث:

- ان كنتما قد اتيتما لتقنعاني ان اعدل رأيي عن فسخ الخطوبة فانتما تضيعان وقتكما فقد صدر القرار...

- ام جواد: هل لنا ان نعرف لما تفعل ذلك على الاقل؟

- اسف يا سيدة ولكن ابنك عديم الاخلاق

فغر كل من الام ورلى فاههما ثم نهضت رلى مهاجمة فنهض الاب صارخا، تدخلت ام حسناء لتهدئ الاوضاع وحكت لهما ما سمعته من حسناء

وضعت ام جواد يدها على قلبها مصعوقة بينما نهضت رلى مدافعة عن اخيها:

- لا يمكن ان يصدر شيئا مشابها من جواد فقد تلقى تربية جيدة، هذا اخي وانا اعرفه

- اسفة عزيزتي لكن شهادة الاقرباء مجروحة... بالطبع ستدافعين عن اخوك

- ليس الامر هكذا، لكنه خلوق حقا والحي كله يشهد على ذلك

- حسنا، يبدو ان سفره لفرنسا غيره... كما تعلمين شابا وحيدا محاطا بشتى انواع النساء

نظرت اليها رلى بحقد ثم قالت:

- من الجيد ان معدنكم ظهر اصله قبل زواج اخي من ابنتكم

امسكت بيد امها التي كانت ضائعة بسبب ذلك الحديث وجرتها للخارج

---

استمر جواد في محاولة الاتصال بحسناء دون جدوى، رغب سامر ان يكسر الهاتف على رأس جواد لانه حذره مسبقا عن حسناء لكنه لم يقتنع وها هو الان يرى بعينه ولا يريد ان يصدق، لكنه فضل ان يبقى صامتا لان حالة جواد لم تكن مطمئنة

اخيرا وصله اتصال من رلى، فتح الخط بعجل ليقول:

- ماذا حدث معكما؟

- انسى امرها، لقد فقدو عقولهم الجماعة ولا يمكن التحدث معهم

- لكن ما الذي جرى؟

- حسنا يقولون... انك... ستصبح ابا قريبا لطفل فرنسي

فغر جواد فاهه مصدوما ثم قال:

- ماذا!... انا سأصبح ابا!؟

فرط سامر ضحك فحدجه جواد غاضبا وعاد ليكلم اخته:

- من اين اتو بتلك المعلومة؟... اني بالكاد اقابل البشر هنا، لولا وجود سامر في نفس الشقة معي لكنت وحيدا منذ قدومي الى فرنسا

- حسنا لقد اخبرتهم بذاك لكنهم لا يريدون ان يقنعوا... انسى امرها افضل لك

- عما تتحديث انت!... انسى امرها، وكأن الامر بهذه السهولة، جدي طريقة لتقنعيها

- جواد... اخبرتك ان الجماعة فقدوا عقولهم ويرفضون الاستماع

- تبا...

اغلق الخط محاولا كبت غيظه، اخيرا اخرج سيجارة وبدأ يستنشقها محاولا ان يهدأ، نظر الى صديقه سامر وقال ببرود:

- ابحث لي على النت عن اول طائرة تعود للوطن

فغر سامر فاهه وقبل ان يعترض قال جواد بحزم:

- افعل ذلك فحسب

عاد ليدخن سيجارته وما ان انتهت حتى بدأ بواحدة اخرى، قال سامر:

- الا تظن انك تجاوزت الحد في التدخين

تجاهله جواد فاردف سامر:

- تعلم ان لديك امتحان قريبا، وان ذهبت سترسب به اكيد، وحينها ستضطر ان تعيد السنة

- لا يهمني، حل مشكلتي مع حسناء اولى من النجاح في الجامعة

هز الاخر كتفيه ليبحث في الانترنت، اخبره عن الموعد فحجز تذكرة وما ان حان الموعد عاد لوطنه وتوجه رأسا الى بيت حسناء، لم تكن حينها في المنزل بل في الجامعة اخبرته والدتها انها لن تعود قبل ساعات فعاد الى منزله ليسلم على اهله

تفاجئ الجميع برؤيته اذ لم يخبرهم عن عودته كي لا يحاولوا منعه، كانت الاجواء مثقلة بالتعاسة، واخيرا حين مرت تلك الساعات ذهب جواد مع ابيه لبيت حسناء، طلب جواد ان يكلمها لكنها امتنعت عن مقابلته

ارجحت الام ان الامر لانها غاضبة منه بسبب فعلته، فنهض غاضبا ليدخل اليها لكن والدها منعه، حاول ان يدافع عن نفسه لكن دون جدى:

- عمي ارجوك صدقني... لم افعل شيئا مما ذكرت... حتى انني صدمت حين اخبروني عن سبب قرارك لفسخ الخطوبة، فالمشكلة الوحيدة التي كنت اعاني منها مع حسناء انني لم اكن اعطيها من الوقت للتواصل معي بالقدر الذي تطلبه...

- وذلك لانك كنت منشغلا بغيرها عنها

- تبا هذا غير صحيح... لم اتعرف حتى على فتاة هناك... يمكنك ان تسأل سامر عن الامر

- هه... سامر! انت تعلم ان سامر تربى في فرنسا ولا نثق بتصرفاته، ولن استغرب لو صدر منك فعل مشابه لذلك، فالعشرة تعدي

فغر جواد فاهه ثم صاح مدافعا عن صديقه:

- ربما تربى سامر في فرنسا لكنه محترم ولا يفعل امور شائنة كالذي ذكرت

- اسمع جواد... قد تكون ابنتي صادقة، وقد تكون انت صادقا، لكن فكر بالامر مليا، ما الذي حدث بينكما حتى قررت ان تكذب كذبة كهذه لتتخلص منك

- لست ادري انا نفسي لا افهم...

اب جواد:

- لكنني اعرف وافهم... لم اشأ ان اقولها امامك احتراما لك كأب واحتاما لمشاعر ابني... لكن ابنتك حسناء تتقابل مع لؤي منذ ان دخلت الجامعة، وقد كان يأت لزيارتها ومساعدتها في الدراسة، وكلنا يعلم انهما كانا يحبان بعضهما

حينها دخلت حسناء اليهم وكانت الدموع قد غسلت وجهها، قالت بغضب:

- صحيح انني كنت اقابل لؤي ولكن ليس ذلك سبب تركي لجواد... بل لان جواد لم يكن يهتم بي كما يجب

عادت لتنظر لجواد غاضبة وصاحت:

- وانت تقول انك تبقى تدرس كل الوقت، ان كان كلامك صحيحا فلما ترسب، لو انك حقا تدرس طوال الوقت لما رسبت ابدا

صاح جواد بحقد:

- ذلك لانك كنت تتصلين بي طوال الوقت ولم تسمحي لي بالدراسة


- لم اكن احدثك ابدا فقد كنت تتهرب مني طوال الوقت وتطلب من صديقك ان يكذب علي ليخبرني انك لست موجودا

- ذاك بعد ان رسبت بسبب كثرة اتصالاتك

- ذلك غير صحيح...

عادت حسناء لتبكي فطلب منهم والدها الخروج من المنزل فلا سبيل للاتفاق بينهما، ظل جواد ينظر الى حسناء محللا الموضوع حتى قال اخيرا:

- اذا هذه كانت خطتك من البداية... تشغليني عن الدراسة بكثرة اتصالاتك ثم بعد ان ارسب تتهمينني باني كنت التهي مع وقحة

فغرت فاهها ثم صرخت ناكرة للامر وعادت تبكي بصوت اعلى فطردهما والدها من منزلهما

عاد الاثنين للمنزل غاضبين، صعدا والتفتت الجميع حولهم ليطمينوا الا رلى التي كانت واثقة من النتيجة فعادوا الى اماكنهم خائبين، ماهي ثوان حتى نهض جواد وخرج الى الشرفة ليخرج سيكارة ويدخنها،

تصاعدت صرخة الام باسم جواد فاسرع الجميع الى الشرفة ظانين انه قرر ان ينتحر لكنه وجدوه مكانه، اقترب منه والده ليراه يدخن بينما جواد يبعد وجهه عنه ببرود

سأله والده بحزم:

- منذ متى تدخن؟

تجابه جواد بلامبالاة

-منذ سنوات

- تعلم ان التدخين يضر وخاصة امثالك... لما تفعلها؟

نظر جواد الى والده بانزعاج ليقول:

- لو اراد ان يضرني لفعل منذ زمن... ها انا ادخن ولم يحدث لي شيء

- فاذا حان الوقت لتترك التدخين

- لن افعل

- بل ستفعل

- وهل يجب ان يتخلى عني كل ما احب في لحظة واحدة

- ان كان وجوده يضرك فانت من سيتخلى عنه، لست مضطرا ان تؤذي نفسك من اجل من لا يستحقك

ابعد جواد وجهه عن والده بحقد وهو يتذكر كلام حسناء فاخذ والده السيجارة من يده ليطفئها على حافة قضبان الشرفة ثم قال:

- لا اريد رؤيتها في بيتي مجددا...

انزل جواد رأسه يسك على اسنانه كي لا يفجر غضبه على ابيه وما لبث ان خرج من المنزل ليدخن في الخارج،

في الشارع سلم عليه بعض الجيران وهم يرحبون به ويتسآئلون عن سبب عودته مبكرا هذه السنة لكنه تجاهلهم ومضى

---

بعد مرور ايام بائسة على جواد، وهو يتجاهل اصرار والديه ليعود للجامعة اقبلت اليه اخته بحل من نوع اخر، اقبلت اليه شيماء مبتسمة:

- اتعلم؟... في الثانوية يحتاجون الى معلم بديل لمادة الفزياء لان المعلم سيخضع لعملية، انها فقط ثلاثة اسابيع، ما رأيك؟... اتعلم بدلا منه؟

اجاب ساخرا:

- اسف لكني لا احب التعامل مع الاطفال

- انهم ليسو اطفالا... انهم شبانا

- وهذا اسوأ ما في الامر... المراهقين يرهقون، وانا لا جلد لي على نفسي، فكيف بغيري...

- ارجوووك سنذهب سوية ونعود سوية، ثم ستخرج من هذا الجو الكئيب المزعج...

- لكني مسرور بوضعي

- لكني لست كذلك... تعلم اني لطالما تمنيت ان اتوحم عليك ليشبهك ابني... لكن حالتك تجعلني اغير رأيي فلا اريد لابني ان يكون بآئسا كئيبا مثل حالتك

نظر اليها مستغربا:

- هل انت حامل؟

دفعته بغضب قائلة:

- الم تكن تلعم... اني حامل منذ خمسة اشهر

فغر فاهه ثم قال:

- ولم لم تخبريني؟

عادت لتدفعه قائلة:

- كانت محقة حسناء بتركك، انك لا تسأل عن احوال من يحبونك

نظر اليها ببرود بعد ان اعادت له حالة التجهم ثم قالت:

- حسنا دعنا نترك موضوعها جانبا فانه يزعج الجميع هنا... اذا هل ستأت لتعلم معي؟... ولما انا اسالك؟ انت ستأت رغما عنك

نظر اليها باستهزاء فصاحت لامها وما ان اقبلت حتى قالت لها بسعادة:

- جواد سيعلم معي في الثانوية

ابتسمت الام واقبلت اليه لتضمه بفرح وباركت له واعربت عن مدى فرحتها لقراره وهو صامت ببرود وما ان اختفت الام لتكمل اشغالها حتى قرصها قائلا بانزعاج:

- ايتها المحتالة، تعلمين ان امي نقطة ضعفي ولا يمكنني ان اخيب ظنها

ابتسمت بفخر لتقول:

- سأتصل بالمدير لاخبره انك قبلت الوظيفة، ربما عليك ان توضب اغراضك لتأتي للسكن عندي، ستكون اقرب للثانوية

نظر اليها ثم قال:

- اشعر انك تخططين لشيء اكبر من مجرد التعليم...

ابتسمت بغنج ثم قالت:

- تعلم ان اختك حامل وتتعب بسرعة، وانت اخي الحنون الذي لن يتوان عن مساعدتي في اشغال المنزل

فغر فاهه ثم قال:

- في احلامك، لو ان طبخك مقبول لكانت نصف مصيبة، يكفي انني ساتحمل يوميا تسمم غذائي فقط لاكون اقرب للثانوية

- اصمت ايها الاحمق، ان زوجي يأكل اصابعه مع الطعام بسبب طعمه اللذيذ

- الامر واحد من اثنان، اما ان زوجك يكذب عليك كي لا تحزني اما انه عديم الذوق، واني ارجح الخيار الثاني بما انه اختارك زوجة له

فغرت فاهها ثم خلعت حذائها ورمته به، صرخ من الالم ثم قال:

- اني منذ الان اشفق على طفلك من شحاطتك

يفضل ان لا يكون وقحا مثل خاله والا ستشفق عليه كثيرا

---

يتبع...

كلمة سأؤيد جلطتني لاعرف اكتبها اضكريت فتش عتصريف الكلمة عالنت ولما عرفت كسف بتنكتب انجلطت هالحرف ؤ فيها بتنقرا أ وال أ بتنقرأ ؤ مش طبيعية

المهم
اظن اليوم ما في اسئفة
اظن ما كان في بالفصل احداث مهمة
كول عالفاضي

اه صح
في اول مرة جواظ بيشوف اريج بحياتو
سألته هيداك الفصل بس ما مان نازل هالجزء الفصل بعد

وكمان
شو رايكم بوصف اللينوناضة
اكيد لو اننا بالصيف كنت شهيتكم على الليموناضة

بشكل عام ها هي الاسئلة

بالنسبة للي ما قرا الجزء الاول
شو بتظنو رح تعمل حسناء بعد هالخطوة صحك1
ترتبط من لؤي او شادي او تندم على ترك جواظ وبتقرر ترجعلو،

الفصل القادم ان شاء الله رح حط تعارف جواد باريج


__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية


  #152  
قديم 11-06-2018, 01:52 AM
 
السلام عليكم اعجبتني روايتك حقا واعجبني تشابك علاقتها اسلوبك سلس وسهل ارجو ان تقبليني من متابعينك
__________________
السعي نحو الافضل



روايتي
http://3rbseyes.com/t573250.html
  #153  
قديم 11-07-2018, 11:51 AM
 
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدير طه عبدالله مشاهدة المشاركة
السلام عليكم اعجبتني روايتك حقا واعجبني تشابك علاقتها اسلوبك سلس وسهل ارجو ان تقبليني من متابعينك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يسرني الرواية اعجبتك ^^
اهلا وسهلا بك بين متابعيي
__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية


  #154  
قديم 12-01-2018, 11:09 PM
 

رح تضطروا تتحملو فصل اضةفي من الماضي 😅
لما قررت دخل ماضي اريج مع جواد بس من وجهة نظر جواد رجع طال زادت الاحداث 😅
اترككم مع الفصل

الفصل 29 e


جلست حسناء متفكرة في سريرها في الحالة التي وصلت اليها، يبدو ان جواد قرر نسيانها كليا، يبدو انه صدق انها تركته لاجل لؤي

لكنها لم تفعل لذلك السبب بل لانها ملت من وضعها هذا، وكلام اصدقائها اثار الشك فيها، تنهدت بضيق وخلعت السلسلة التي اهداها اياها جواد في اول موعد لهما

تأملتها لفترة ثم اعادتها الى صدوقها المخملي الاحمر، وضعت معه محبسها ثم اغلقت الصندوق، بدلت ملابسها وحملت العلبة وخرجت من المنزل

---

كان جواد جالسا في الشرفة يراقب المطر المنهمر يتساقط على البراري التي بدأت تتلون بالاخضر، رن جرس البيت فنادته شيماء ليفتح لانها كانت مشغولة بشيء اخر

نهض منزعجا وفتح ليجدها ليلى، سلم عليها بسعادة اذ منذ زمن لم يراها ثم لاحظ طفل صغير على يدها، نظر اليه مستفسرا:

- طفلك؟

بابتسامة سعيدة اومأت ايجابا، اخذ الطفل منها ودعاها للدخول وصاح لاخته يخبرها ان ليلى قد اتت لزيارتها، اوقفته ليلى قائلة:

- في الواقع اتيت لاجلك وليس لاجل شيماء

نظر اليها مستغربا ثم قال مترقبا:

- هل غيرت حسناء رأيها؟ هل ترغب في ان نعود خطابا؟

زمت ليلى شفتاها بحرج ثم قالت:

- في الواقع... انه العكس

عقدت حاجبيه مستغربا فأخرجت من حقيبة يدها علبة حمراء وناولته اياها، صعق ما ان رأى العلبة فما زالت صورتها محفورة في ذاكرته كما لو ان البارحة اشتراها

نظر اليها مستفسرا كأنه يرفض الفكرة التي استنتجها فقالت:

- ارادت ان تعيد اليك هذه

تجهمت ملامحه بينما اقبلت شيماء سعيدة تسلم عليها واخذت الطفل من جواد لتلاعبه ثم سألتها عن اختها سوسن، دخلتا لغرفة الضيوف وراحتا تتحدثان بينما تركهما جواد وخرج للشرفة منزعجا

كان المطر قد توقف لكن السماء تبشر بالمطر باي لحظة، اخرج سيجارة واشعلها وراح يدخن وما ان خرجت ليلى من البيت حتى اقبلت شيماء الى جواد لتطمئن عليه لكنها وجدته يدخن فوبخته وعاتبه، لكنه لم يبالي، نظرت اليه بانزعاج وقالت:

- الا تدري ان التدخين يضر الجنين

نظر اليها مستخفا ثم قال:

- انا هنا من ادخن وليس انت فلما سيضره؟

هزت كتفيها لتقول:

- والتدخين السلبي اسوأ للجنين من التدخين العادي، لذلك عندما تريد ان تدخن ارجوك اخرج من المنزل

نظر اليها ببلاهة وقال:

- اخرج من المنزل!... اتريدينني ان ادخن في الشارع مثلا

- امامك الكثير من البراري، اختار منها ما يعجبك ودخن فيهم

عاد ليرمقها باستخفاف ثم قال:

- كانت تمطر منذ قليل... اتدرين ما يعني ان ادخل برية في يوم ماطر؟

هزت كتفيها غير آبها لتقول:

- يمكنك ان توقف التدخين لحين يصفو الطقس

نظرا لبعضهما بتحد فحمل سيجارته وخرج من المنزل، نظرت اليه بحزن اذ ان حتى طلبها المجنون لم يردعه عن التدخين، ولا حتى عن تأجيله الى حين يصفو المناخ

وقف تحت شجرة شاتما ليعيد السيجارة الى فمه، ما هي لحظات حتى سمع صيحة خفيفة قادمة من البرية، نظر للداخل مستغربا اذ ان لا يدخل البرية في يوم ماطر الا مجنون فاقد للعقل

فرأى تحت شجرة زيتون شابة مرتبكة بأشيائها وهي تضعهم في حقيبتها بعجل، ترتدي الزي الرسمي لثانوية السنديان، نفس ثانويته القديمة، حن لتلك الايام وهو يراقبها تتوجه لهارج البرية بعجل لكنها توقفت فجأة مصدرة صيحة اخرى خافتة مشمئزة

كتم ضحمة حين لاحظ قدمها التي غاصت في بقعة وحل فعادت خطوة للخلف لتنظف بوطها، عادت لتمشي مجددا وهي تتذمر لما حدث معها لتسقط قدمها الاخرى في بقعة وحل اكبر من سابقتها

ونت تمثل البكاء وهي تندب حظها لكنها هذه المرة اكملت طريقها للخارج دون ان تنظف بوطها، يبدو انها فهمت ان الامر سيتكرر العديد من المرات حتى تخرج

ظل يراقبها بابتسامة استهزائية حتى ما ان وصلت للخارج بأمان صفق لها ساخرا:

نظرت اليه بانزعاج وادارت ظهرها له مكملة طريقها فقال ساخرا:

- احببت بوطك، هل ستكملين طريقك به هكذا؟ ام ستنظفينه مثل سابقه

استدارت لتواجهه غاضبة:

- اكنت تراقبني منذ البداية وبدلا من مساعدتي بقيت تراقب!

بابتسامة ساخرة قال:

- انت تحلمين ان خيل اليك انني سأدخل الى هناك في يوم امطرت فيه، هل تظنينني مجنون مثلك...

حدجته نظرة لئيمة ثم انصرفت وهو يحاول ان يمسك ضحكته ثم عاد ليراقبها ويقارنها بالمرة السابقة التي رآها صيفا

حينها جذبه اليها شعرها الاملس الناعم ولمعانه تحت اشعة الشمس، لكن تصرفها الاخرق حينها اوحى اليه انها صاحبة وجه اخرق يضيع فيه جمال شعرها

لكن بعد ان رآها عن قرب!...

ابتسم لعيد نظره الى حيث كانت فلاحظ دفترا تحت الشجرة، ايخصها؟... لقد كانت تكتب تلك المرة، ايعقل انها تكتب رسالة جديدة لذلك الاحمق؟... ام انها تكتب اشعارا رومنسية

لا يشترط ان يكون الانسان مجتهدا في دراسته كي يكون موهوبا في اشيا اخرى كالشعر، اذا اغلب الامر انها كانت تكتب شعرا

نظر للدفتر ثم الى حدائه بحزن وقال:

- اسف، في نهاية المطاف ادخلتك في هذه الوحول

دخل البرية ليصل الى الدفتر ويفتحه، فتح اول صفحة استطاع من خلالها ان يكتشف انها مذكرات وليست اشعار، لكن من المقدمة التي كتبتها علم ان لا موهبة لها، بل انسان يعيش بفوضى عارمة لكن الغريب انها تفتخر بذلك

وما ان وصل الى نهاية الصفحة حتى فرط ضحك حين قرأ "ما احلى الانسان يكون ذكي" قال في سره وهو يضحك: "اذا لنرى معنى الذكاء عندها..."

قلب صفحات يومياتها وهو يحاول ان يقرأ بصعوبة بسبب خطها المرتب على طريقتها الخاصة، والالقاب الذي لا يعلم غير الله من اين اتت بهم

لكنه بعد ان ربطهم بما اخبرته به اخته استسهل الامر وفهم القصة كاملة، اغلق الدفتر ليمسح عنه بعض التربة الرتبة التي علقت عليه ثم سار لخارج البربة وهو يبحث في الطريق التي مشت بها ليراها اختفت

استغرب الامر اذ ان الطريق طويلة ولا يمكن ان تجتازها بهذه السرعة فمشى يبحث بين الازقة حتى وجدها اخيرا في زقاق ساندة على جدار احد الابنية، خلعت احدى احذيتها وتبحث في حقيبتها باصرار

عاد ليكتم ضحكة اخرى وتقدم بهدوء محاولا ان يسمع ما تتمتم به ففهم انها تبحث عن منديل ورقي وقد نفذت منها جميعها

اخرج منديل من جيبه وناولها اياها، نظرت للمنديل وسرعان ما ارتسمت ابتسامة امتنان على ثغرها لكن اختفت فجأة حين اكتشفت هويته فصرخت غاضبة:

- ايمكنني ان افهم لما تتبعني!

رمى اليها المنديل ليرفع دفتر يومياتها امامها قائلا:

- كنزك الثمين... اوقعته في البرية

فغرت فاهها مصدومة واتجهت اليه لتأخذ فضحك شامتا:

- لا تظني نفسك بذلك الذكاء... الغازك كلها محلولة

عادت لتفغر فمها ثم قالت بغضب:

- قرأت مذكراتي... انها خصوصياتي

رفع حاجباه ساخرا ليقول:

- اولست ذكية والغازك لا تفهم؟ اين المشكلة ان القيت نظرة...

اخفضت بصرها بحرج ثم عادت ترفع راسها مكابرة وتحديا لتقول:

- ربما تظن نفسك ذكيا محلل الغاز وتحليلاتك نصفها خاطئة

ابتسم وهو يتذكر ما اخبرته اياه اخته وما يعرفه من معلمين في ثانوية السنديان ليربط لها الالقاب بالاشخاص بطريقة صادمة، طبعا دون ان يخبرها باصل معلوماته

عاد ليضع السجارة في فمه فتذكر خبر اخته انها مغرمة بحبيب صديقتها وعدم قدرتها على توعيتها للامر خوفا على مشاعرها، لكنها في الواقع بدت لها اقوى من ان يخاف عليها من ذلك فقال والدخان يخرج من فمه متقطشا مع كلماته

- واهم ما في الامر قمر الليل... ابعدي عنه فهو ليس مهتم بك، لا اعلم لما توهمت اصلا انه معجب بك

نفخ ما تبقى من دخان في رئتيه في وجهها، ودعها بابتسامة شامتة بينما كانت هي تبعد الدخان عن وجهها بانزعاج وعاد ليكمل ما تبقى من سجارته بعد ان اسدى اليها النصيحة التي تحتاجها

رمى سيجارته وداس عليها ليطفئها وعاد ليصعد الى بيت اخته مبتسما يسترجع حواره مع تلك الغبية حتى قابلته اخته ونظرت اليه مستغربة، اذ خرج غاضبا وعاد ضاحكا، سالته:

- ما الذي حدث؟

نظر اليها بطرف عينه ثم قال:

- لا شيء

اكمل طريقه متهربا بينما هي تتبعه:

- كيف لا شيء وانت تبتسم هذه الابتسامة العريضة

- حسنا انه لا شيء مهم، فقط كنت اتحدث الى تلك الغبية

باستغراب:

- اي غبية

- تلك التي دخلت صيفا للبرية وخرجت تشتم حشرة

فرطت شيماء ضحكا وقالت بحماس:

- اتعرفت عليها حقا؟...

قال محاولا قطع الموضوع:

- انا لم اتعرف اليها، فقط تحدثت اليها لثوان

- حسنا حسنا مهما يكن، عما تحدثتما

- لا شيء مهم... ايمكنني ان افهم لما انت متحمسة بهذا القدر

هزت كتفيها ثم قالت بابتسامة مشرقة:

- كنت حزينا لانك لن تتعرف عليها لانك ستعلم في الثانوية بعد ان تتركها هي

- انا كنت حزينا

- اجل كنت كذلك

- لا تكوني سخيفة شيماء

لرؤيته مبستما سعيدا لم تشأ حسناء ان تفسد فرحته فقررت ان تؤجل اعطائه سلسلته ومحبس حسناء التي اعادتهم اليه، فقررت ان تتركهم لما بعد بينما ذهب هو متذمرا يتمتم:

- لا ادري ايهم اغبى، غبية البرية ام اختي

---

ذهبت حسناء للجامعة واخبرت اصدقائها بكل ما حدث معها، الكل بدا سعيدا لتركها لخطيبها، نظرت للؤي بدا سعيدا ايضا، لكن... حتى لو انها تركت جواد فهي لا يمكنها ان ترتبط به...

اولا فقدت ثقتها به بعدما فعله حين ارتبطت بجواد، ثانيا جواد يشك انها انفصلت عنه لانها تريد ان تعود للؤي، اذا احتمال الارتباط من لؤي صفر بالمئة

بعد ساعة تفرق الاصدقاء كلن منهم الى محاضرته بينما قررت حسناء ان تتجول في انحاء الجامعة لتستمخ، وبينما هي تتمشى التقت بشادي

اخفضت عينيها بحرج بينما هو سلم عن بعد دون ان يقترب منها بما انه وعدها ان يتركها لتفكر الى ان تصل الى قرار، وقفت هي الى بعد امتار منه تنظر اليه في كل حين بخجل فاقترب منها قائلا:

- ارى في عينيك خبرا

ابتسمت بحياء فقال:

- اذا هل قررت اخيرا؟

هزت رأسها ايجابا واعطته ورقة عليها عنوانها ورقم بيتها ثم اخبرته عن الساعة التي يقدم فيها والدها من العمل، اخذ الورقة مبتسما ثم قال:

- لا اظنك ستمانعين لو تحدثنا وتعارفنا قبل ان اذهب لطلبك

ابتسمت ابتسامة عريضة وهزت راسها نفيا وجلسا في اول مقعد وجداه وبدا يتحدثان...

---

في اليوم الثالث لجواد في الثانوية، كان كل ما يدخل صفا جديدا يبحث في وجوه تلاميذ الصف جميعا باحثا عن غبية البرية، لكن للاسف للان لم تظهر امامه

تفكر بانزعاج:

- ايعقل انها في شعبة يعلم فيها استاذ غيره، تنهد بملل اذ كان مضايقة تلك الشابة الشيء الوحيد المشجع الذي دفعته للتعليم في الثانوية بعد مراعاة مشاعر امه

وها قد حلت الحصة الاخيرة وتقدم الناظر ليدخل الصف قبله مخبرا التلاميذ ان استاذهم قد غاب لاجراء عملية، وفجأة اعتلت صيحات الفرحة عند التلاميذ، فنجر جواد عيناه اذ ان تلاميذ هذا الصف وقحون، لم يتوانو عن ذهاب الناظر حتى ليظهروا فرحتهم

في هذه الحالة ربما يحتاج الى عامل ترهيب ليتمسك بزمام الامور، ارتدى نظارة شمسية سوداء ليبدو كرجل عصابة فاشار له الناظر ان يدخل

ما ان دخل حتى خلع الناظر نظارته ووضعه في جيب سترة جواد الجلدية قائلا:

- نحن في مدرسة ولسنا في الشارع

نظر اليه جواد بانزعاج اذ افشل خطته من اولها، لكن على كل حال النظارات كادت تصيبه بالعمى، اذ الانارة خافتة واشعة الشمس تحجبها غيوم الشتاء

جلس على طاولته يشعل سيجارة وهو يجول بنظره على طلاب الصف حتى اخيرا وقع نظره على عينان مصدومتان لرؤيته وسرعان ما اخفت وجهها خلف رأس زميلها الذي امامها،

تلقائية ابتسم لفعلتها ثم بابتسامة خبيثة قال:

- يبدو انني سأتسلى في هذه الفترة

نهض جواد قائلا:

- دعونا نتعرف تعارف سريع لابدأ بالشرح

وبدأ يسأل التلاميذ عن اسمائهم دون ان يستمع منتظرا الوصول الى اريج، وما ان وصل اليها حتى نظر الى حذائها ودون وعي منها لرؤيته اخفت قدم خلف قدم رغم ان حذائها لم يكن موحلا فضحك بخفة قائلا بسخرية:

- يبدو انك لم تمري اليوم بالبرية

فغرت فاهها مصدومة وسرعان ما نظرت اليه بوقاحة وقالت:

- اظن ان سؤالك خارج نطاق الدرس

نظر اليها ببرود اذ ان التمرد بدأ منذ الان، وان لم يضع لها حدا من الان قد ينعدي منها بقية زملائها ويصبح مسخرة الصف فقال بتحد:

- صدقي او لا تصدقي، كل شيء يصبح ضمن نطاق الدرس حين يتماشى مع مصلحتي... وان كان معلومات كنزك الثمين...

صدمت هذه المرة صدمة غير طبيعية حتى كاد يشفق عليها لكنه بكل حال لا يريد ان يصبح اضحوكة الصف بسببها فقال بانزعاج:

- كف عن تضييع وقتنا بصدمتك وعرفي عن نفسك بسرعة...

هزت راسها محاولة العودة للواقع ثم قالت بانزعاج:

- انت تعرفني على كل حال فلا داعي لان اعرف عن نفسي

تفكر جواد "حسنا... بعد كل شيء لا يبدو انها كانت تستحق الشفقة فلا يبدو انها ستتوانى عن العناد، وهي مصرة على الازعاج" قال بتحد:

- انت محقة... اعرفك كما اعرف غيرك هنا

جال بنظره حول اصدقائها قائلا:

- اخبروني توا عن اسمائهم، اتحبين ان اخبرهم عن القابهم؟...

نظرت اليه بحقد فأردف:

- حين اطلب منك شيئا تنفذين بلا جدال. والان ما اسمك؟...

ابعدت وجهها عنه بقهر لتعلن عن اسمها فاظهر ابتسامة مجاملة وقال:

- تشرفنا اريج

انتقل لصديقتها بينما كانت اريج تتماسك كي لا تذهب وتقتله، انتهى من التعرف على التلاميذ فعرف عن نفسه سريعا ولم يكد ينتهي من تعريفه حتى علقت عليه دون وعي منها على انه اول مرة له بالتعليم ولا خبرة له، اراد ان يسعف كبريائه الذي جرحته بقولها فقال متباهيا انه خريج فرنسة، والشهادة تعادل الخبرة لكنها اجابته ساخرة ان العلوم في فرنسا لا تختلف عن علوم بلادهم

حين وجد ان المناقشة معها لن تنتهي اليوم الا مهزوما قرر ان يدخل معلومات كنزها الثمين مجددا فقال:

- اكنت تجادلين هكذا احدب نوتردام ايضا (استاذ الفيزيك السابق)

فرط زملائها من الضحك دون ان ينتبهو لتهديده المبطن بينما هي واضحا انها فهمته جيدا من لونها الذي اصفر خوفا ان يكمل على باقي الالقاب

انبسطت اساريره لمعرفته باسرارها والا لما استطاع ان يهدئها ابدا، عاد للوح ليشرح وبعد برهة استدار فوجدها تلفت وجهها تنظر لاحد ما في الخلف، نظر الى حيث تنظر ليجد العديد من الطلاب خمن ان اوسمهم قمر الليل، لكنه لم يتأكد، اذا لا ضير من التجربة للتأكد

ناداها بحزم ثم سألها سؤالا عن الدرس عجزت كليا عن التوصل لجواب فاعطاها 3 احتمالات وتوجه اليها وهي تفكر وقبل ان تجاوب قال هامسا:

- فكري جيدا في جوابك قبل ان تخبريني به فقمر الليل ينظر اليك ينتظر اجابتك، فتى بذكائه لا اظنك تحبين ان تظهري امامه كالبلهاء

سرعان ما استدارت لتنظر مباشرة الى الفتى الذي شك به فوضع يده على كتفها قائلا:

- اذا هذا هو قمرك كما توقعت

عادت لتنظر اليه مصدومة، قطبت لتنظر مجددا لقمر الليل لتجده رافعا لها ثلاث اصابع ليساعدها بمعنى انه الاحتمال الثالث

رفع جواد حاجباه ساخرا متفكرا "حسنا لقد وصفته في دفترها بالذكاء البالغ، الم يستطع ذكائه التوصل الى ان الجواب احتمال رقم 1

وتلك الغبية صدقته وسرعان ما قالته فقال جواد مؤنبا اياها ظاهريا ومؤنبا القمر باطنيا:

- خطأ... حاولي ان تركزي اكثر

ما ان قال كلامه حتى فرط القمر وصديقه من الضحك فرمش جواد مستغربا ما حدث، حسنا... يبدو انه كان مجرد مقلب وكان يعرف الجواب حقا...

عاد لينظر الى اريج، هل مازالت تصدق انه معجب بها بعدما حدث... تبا هل اخته تخاف على مشاعر هذه الغبية؟... لكن عقلها اعند من تيس، لا شيء يثنيها عن رأيها... على كل حال هذه حياتها فلتستفل

عاد ليشرح وما ان انتهت الحصة حتى ذهب الجميع، بدأ جواد يوضب اغراضه وهو يراقب تلك الغبية وهي تنظر للقمر بعيون واهنة حتى خرج فاغمضت عينيها واضعة يدها على قلبها

ما ان انصرف الجميع حتى ناداها وحذرها منه ان لا شيء من نظرات الاعجاب التي ذكرتها في يومياتها موجود في نظرات القمر لها، لكنها طلبت منه ان يهتم باموره،

عبس وهو ينظر اليها ثم ابتسم شامتا ليقول:

- ان قررت المرور اليوم بالبرية فتأكدي من وجود مناديل ورقية معك، لا اريد ان انقطع في نصف الطريق من المناديل لان احدهم اخذهم مني

نظرت اليه بصدمة ثم صرخت ان لا يتدخل بامورها وذهبت غاضبة، ابتسم حين اخيرا ربح بالحرب الكلامية وخرج من الصف ليذهب الى غرفة المعلمين مبتسما وسرعان ما اقبلت عليه اخته تساله:

- ما بك تبتسم شاردا

نظر اليها منزعجا ليقول:

- وماذا؟ الا يمكن لاحد ان يبتسم دون سبب

- طبعا لا...

قالت بحماس:

- اذا ماذا حدث؟

اجاب بانزعاج:

- لا شيء

نظرت اليه متفكرة ثم قالت:

- مهلا مهلا... اخر مرة رأيتك تبتسم هكذا... اوه اجل صحيح... لقد كنت في صفها اخر حصة

نظر اليها بانزعاج محاولا النكران:

- صف من؟ عما تتحدثين انت؟

ابتسمت ابتسامة عريضة ثم قالت:

- دعنا نعود الى البيت يا اخي العزيز...

ذهبت لسيارتها وهو ينظر اليها مستغربا:

- ما الذي يجري مع اخته وما الذي قصدته بتلك الابتسامة العريضة بالضبط؟

---


بعد ايام دخل جواد غرفة شيماء ليحضر لها شئئا طلبته منن، وهناك وجد علبة السلسلة الحمراء، اخذها وفتحها وجلس يتفرج عليها بحزن، اخذها وخرج من الغرفة متناسيا ما اتى لاجله

جلس في غرفته واخرج المحبس من العلبة تأمله لوقت قصير ثم ارتداه في بنصره، اخرج السلسلة وتأملها لوقت طويل وهو يتذكر موعده الاول مع حسناء، كانت حينها كمن بعث للحياة من جديد

بعكس ما هو عليه الان اذ يشعر انه جسد بلا روح، اغمض عينيه متنهدا ليسند رأسه على الجدار خلفه بتعب، سمع نداء اخته فلبس السلسلة واخفاها داخل سترته ما ان شعر انها قادمة اليه،

نظرت اليه معاتبة اذ لم يحضر ما طلبته منه من غرفتها لكن ما لبثت ان نظرت اليه مستغربة اذ بدا بائسا على غرار ما بدى عليه الاسبوعين الماضيين

تقدمت منه مستفهمة حتى وجدت علبة السلسلة قربه، فغرت فاهها ثم جلست بالقرب منه وقالت بأسف:

- اوه... كنت قد نسيتها... ربما كان علي ان اتخلص منها قبل ان تراها...

اخذها من يدها بعنف قائلا:

- لن تفعلي

نظرت اليه مستغربة ثم قالت:

- لكنكما انفصلتما بالفعل، هذه السلسلة تجعلك كئيبا كما انه عليك ان تنساها

- لا اريد نسيانها

- جواد! ستقابل ذات يوم فتاة اخرى تحبها وتحبك ويكون حبها خالص لك انت وحدك

- انا لن اتزوج، سعيد بحياتي كما هي

- لا تكن سخيفا... الم تكن تنصح اريج البارحة بالتنازل عن ايمن لانه احب صديقتها، الامر سيان معك، حسناء احبت لؤي و...

قاطعها معترضا:

- هناك فارق بين قصتي وقصتها اذ ان ايمن كان يحب نوال منذ البداية بينما حسناء كانت مخطوبة لي

- كانت مخطوبة لك لكنها كانت تحب لؤي من قبل ان تخطب لك، ثم ان اريج لم تكن تعلم ان ايمن يحب نوال بل كانت متيقنة انه كان يحبها هي على عكس قصتك مع حسناء

- وما ذنبي ان كانت غبية ولا تفهم ملامح التفاعل بين البشر

- ان كانت غبية لانها لا تفهم بذلك الشيء فانت اغبى لانك كنت تعلم ان حسناء تحب لؤي حب عشر سنوات واصريت على الارتباط بها

صرخ قائلا:

- لقد وعدت انها لن تتأثر به ولن تتركني لاجله مهما حدث... شيماء... اغلقي هذا الموضوع فانا اكره التحدث به

- وانت اترك حب حسناء فانا اكره ان اراك تتعذب لاجلها

- لست اتعذب لاجلها...

- ابدا... انا غبية وظننتك كذلك

ابعد وجهه عنها بانزعاج محاولا ان لا يخوض بهذا الموضوع مجددا فانسحبت شيماء غاضبة من عنده

---

كان لؤي والاصدقاء في الجامعة جالسين يتحدثون ويضحكون، جال لؤي بنظره حوله باحثا بين وجوه الطلاب المنتشرين، حسناء لم تجتمع بهم منذ ايام، رغم انه متأكد انها تأتي للجامعة فهو يراها صباحا، لكن لما لم تعد تنضم اليهم اوقات فراغها!؟ نظر لصديقتها وسألها:

- اين حسناء؟ لما لا تنضم الينا كالعادة؟

- اه حسناء....

شردت بابتسامة غبية وهي تقول:

- انها مع شادي... ذاك الشاب الجميل

عبس لؤي محاولا الاستيعاب ثم قال بعبوس وصوت حاد:

- ومن يكون شادي هذا؟

نظرت اليه مستغربة:

- الم تخبرك عنه!... لطالما بدوتما مقربين

صمت لؤي بانزعاج لوهلة ثم نهض غاضبا مبتعدا عن اصدقاؤه، نظرت الصديقة لمن حولها تسأل:

- هل اخطأت بقولي؟

اجاب سمير بسخرية:

- يبدو ان الصديق المقرب كان يكن اكثر من مجرد مشاعر صداقة لحسناء... لكن الاميرة فضلت الشاب الوسيم الغني...

- الصديقة: لو كنت مكانها لفعلت مثلها، انا بالطبع لن ارتبط بصديقي المقرب، كما لن ارتبط بمزعج مثلك

نظر اليها الاخر بحقد ثم ابعدا عيناهما عن بعدهما بانزعاج

---

بينما كان لؤي يجول في حديقة الجامعة منزعجا، وقع نظره على حسناء تجلس في معقد قرب شاب اشقر انيق، نظر اليهما لؤي بحقد ثم سار تجاههما الى ان وصل اليهما، عقد ذراعاه ينظر الى حسناء بازدراء ثم قال:

- اذا يا ست الحسن، من شاف حبابو نسي اصحابو

نظر كلاهما اليه، شادي مستغربا بينما شيماء مصدومة، ارادت ان تخبر لؤي لكنها لم تجد الطريقة المناسبة بعد، فقد لاحظت من تصرفاته مؤخرا انه يحاول التقرب منها، ولم تشئ ان تخبره بطريقة مزعجة تفسد صداقتها التي تعزها كثيرا

في الواقع، ربما كانت ما تزال تحمل اليه بعض مشاعر الحب، لكن بارتباطها به سيستنتج الحي كله انها تخلت عن جواد لاجله فالجميع يعلم بقصتهما من

سنين، وكان جواد اول من ربط هذين الحدثين حتى قبل حدوثهما، اذا فحدوثهما سيؤكد له نظريته وهذا اخر ما رغبت به حسناء، ان تكون هي الملامة في فساد علاقتهما بعد كل ما عانته معه

نظرت للؤي مشدوهة فقال لؤي:

- اذا تخليك عن جواد لم يكن الا لاجله؟ وانا الاحمق الذي كان ينتظرك من سنة لارتبط بك

فغر شادي فاهه مصدوما لينظر الى حسناء منتظرا جوابها بينما نهضت حسناء غاضبة قائلة:

- لقد كنا مجرد اصدقاء فلما تنتظر الارتباط بي؟

اجاب لؤي منفعلا:

- لم نكن مجرد اصدقاء، لا تنكري ما كان بيننا

ردت ساخرة:

- لا اذكر اننا تبادلنا يوما كلمة حب

زم شفتيه بغضب ثم قال:

- لم تكن بيننا الكلمة لكن المشاعر كانت موجودة

عقدت ذراعيها قائلة بسخرية:

- لا اذكر وجود شيء من هذا النوع

نظر اليها لؤي بنفاذ صبر ثم قال بتحد:

- لنا حديث اخر فيما بعد

اختفى من امامها فجلست متأففة فنظر اليها شادي يسألها:

- من يكون هذا؟

رمقته بتعب لتقول:

- انه جار لنا في الحي، كنا مقربين جدا ونحن صغارا، يبدو انه ظن انني احبه

ابعد وجهه عنها بانزعاج ثم قال:

- اتمنى لو تقطعي علاقتك به كليا... لا يعجبني وجوده الى جانبك

نظرت اليه حسناء مصدومة:

- لكنه صديقي... وانا اعزه كثيرا... انت تطلب المستحيل

التفت اليها ليقول:

- لكن كما اوضح من كلامه انه يحبك ولا يعتبرك مجرد صديقة

- وان يكن... هو يحبني وانا لا احبه... انت عليك بمشاعري ولا دخل لك بمشاعره هو

- حسناء!... لا اظنك ستحبين ان امضي وقتي مع فتاة مولعة بي لكنني لا احبها... ابتعدي عنه وانتهينا

راحت عيناها تتوقدان غضبا ثم ابعدت وجهها عنه بانزعاج

---


فتح جواد مظلته مستعدا للخروج من الثانوية فلمح اريج تتحاور مع نوال، راقبهما عن بعد ليرى نوال متحمسة جدا للاستماع الى ما تخبرها اياه اريج بينما اريج تحاول الكلام والهرب من الكلام في آن معا

ظل يراقبهما ليتأكد ان كانت ستخبرها ام تحتفظ بسر حب ايمن لنوال لنفسها للابد، فما لبثت ان صرخت نوال بحماس وبدأت تقفز فرحا، ثم راحت تعانقها بينما عكس المشاعر انتابت اريج

اذا يبدو انها اخبرتها، لم تمر لحظات حتى ركضت نوال الى حيث ايمن وراقبت اريج ذهاب صديقتها لحبيبها بحسرة، ابعدت نظرها عنها حين وصلت لايمن كي تخفف عن نفسها وقع المصيبة ثم انطلقت تسير لخارج المدرسة

ابتسم جواد بالم، اذ يبدو ان اريج بعد غباؤها كله كانت اقوى منه وتقبلت التنازل عن حبها لاجل صديقتها، سار تجاه اريج التي وقفت تحت المطر تنظر للسماء مغمضة العينان

وقف قربها ليحميها من المطر بمظلته لكنها لم تنتبه بسبب اغماض عينيها ثم مشاعرها المتأججة فما لبثت ان نزلت دموعها مدرارا

قطب بضيق لرؤيتها هكذا، اراد مواساتها لكنها ما لبثت ان فتحت عينيها عندما احست ان المطر لا يصلها فلاحظت وجود مظلة فوقها، نظرت الى حامل المظلة مستغربة وفجاة عبست بغضب ودفعته قائلة:

- الا تنوي تركي وشأني اينما ذهبت تتبعني!...

ابتسم بانزعاج، حتى اثناء حزنها تكون لئيمة هكذا... لغ يبدو انهاةتحتاج لمواساة، بل لتعنيف، على كل حال:

- خوفا عليك من المرض... قلت لي ذات يوم انك معتادة على المطر واصريت على العودة وحدك بلا مظلة لكنك غبتي بعدها ثلاثة ايام...

- لا شأن لك بي، لم يوكلك احد بحمايتي

نظر جو الى نوال وايمن الذان كانا يمشيان بخجل لخارج المدرسة فقال:

- يبدو ان نوال ستعود للبيت مع قمر الليل، ان اردت اوصلك انا

- افضل ان اسير وحدي على ان اسير معك

نظر اليها متفكرا ثم ابتسم لها قائلا:

- فقط احببت ان اهنئك على قوى قلبك... فعلت ما توجب عليك فعله، لو كنت مكانك لما استطعت ان افعلها...

لسماع كلامه عادت لتبكي بشكل مفاجئ، اخرج منديل ورقي من جيبه وناولها اياه قائلا:

- انسي امره... ستجدين افضل منه يوما ما...

اخذت منه المنديل لتمسح دموعها ثم قالت:

- لا... انا لن اتزوج مدى عمري...

سكت جواد حين تذكر حالته البارحة مع اخته، ايقنعها بما هو نفسه غير مقتنع به، لكنها ما زالت صغيرة والحياة امامها، ستنساه حتما يوما ما وتحب غيره، اما فهو فحاله ميؤوس منه، نظر اليها مازالت تبكي فقال لها:

- تعالي دعيني اوصلك للمنزل

ظلت واقفة مكانها فحاوطها بذراعه ليسحبها بخفة لخارج الثانوية، ظل يمشي الى جانبها شاردا بهمه صامتا الى ان لاحظ ان وضعها طال، نظر اليها فلاحظ انها تراقب الثنائيات بقهر

ابتسم للفكرة التي خطرت له ثم قربها اليه بذراعه الذي حاوط بها كتفيها ثم قال:

- لو رآنا الناس هكذا ماذا سيظنون؟

سرعان ما ابعدت يده عنها بغضب فقال:

- ليس كل من ترينهم متعانقان يعني انهم مسرورين، هناك من هم اكثر منك حزنا لكن الله ارسل لهم شخصا حلوا وحنونا مثلي لينسيهم معاناتهم

زئرته نظرة لئيمة ثم عادت لتنظر الى الثنائيات حولها ولاحظت انه محق، وان نظرتها لمن حولها طوال الوقت كانت خاطئة، وجهت نظرات فضولية تجاه جواد حاسته السادسة اخبرته انها بسبب فكرة سخيفة خطرت لها، نظر اليها بانزعاج ليقول لها:

- ايمكنني ان افهم اي فكرة سخيفة تدور في رأسك الان؟

سرعان ما ابعدت وجهها عنه بحرج وما مشو خطوات حتى ابتعدت عنه لتترك بينهما مسافة، نظر اليها مستغربا، حسنا ما الذي يحدث معها الان! قربها اليه قائلا:

- انا لا اكل بشرا يا فتاة

احمر وجهها حينها وسارت الى جانبه بصمت حتى اخيرا قال فجاة:

- انا وصلت لبيتي، اكملي طريقك وحدك

اغلق مظلته واسرع ليدخل بناية اخته، لم يكد يختفي عن الانظار حتى صعد درجتين، لشبه قصة اريج بقصته فقد شغلت حسناء عقله طوال الطريق حتى كاد لا يقوى على المزيد فجلس على احدى الدرجات مسندا ظهره على الجدار، اخرج سلسلته وظل يراقبها بحسرة حتى اغمض عيناه واسند رأسه على الجدار مطلقا تنهيدة مثقلة بالهموم، وفجأة سمع صوت اريج تصرخ عليه:

- ان اردت ان تقدم معروفا فعلى الاقل تممه...

فتح عيناه مصدوما ليجد اريج تنظر اليه مصدومة، نهض مسرعا معيدا السلسلة داخل سترته وصعد الدرج، توقف حين انتبه لسبب عودتها فرجع اليها واعطاها المظلة قائلا:

- اعيديها الي غدا صباحا، يكفي اخذت مني نصف مناديلي الورقية

عاد ليهرب متظاهرا بان حالته طبيعية بينما كانت النيران تتأجج داخله

فتحت شيماء الباب لتراه مازال منزعجا كما البارحة، تنهدت بحزن ثم اغلقت الباب خلفها تدعو بأن تمر هذه الازمة باسرع ما يمكن...


---


اخذت شيماء تهز جواد صباحا لتوقظه كي يذهب للعمل، تمتم بانزعاج انه لا يريد الذهاب، كشفت عنه الدثار عسى ان ينهض ان شعر بالبرد لكنه اعاده اليه، تنهدت قائلة:

- جواد لا اريد ان ابقى هكذا كل صباح اوقظك مدة نصف ساعة

قالى بصوت نعس:

- اذا اذهبي واتركيني بحالي

- لا يمكنني ان اتركك، لقد اتفقت مع المدير على ان تاخذ الوظيفة لهذه المهدة، لا يمكنك خذلاني هكذا

- الذنب ذنبك... لقد اجبرتني وانت تعلمين اني رفضت منذ البداية

- لكنك كنت سعيدا بالعمل اول اسبوعين

- حسنا... لم اعد سعيدا

- الان دع هذا الاسبوع يمر على ما يرام... انه اخر اسبوع لك في الثانوية، لا تسود وجهي امام المدير لاني توسط لك

نهض جواد متذمرا:

- استزعجينني هكذا كل صباح

- لا... وعد لن افعل... فقط هذا الاسبوع

- كأني سأحتملك لمدة اسبوع

نهضت مبتسمة لتقول:

- هيا لقد جهزت لك الافطار

- اسبقيني سألحقك

- هل يمكنني ان اثق بك ولن تعود للنوم

اجاب ساخرا:

- وهل يمكنني ان اعود للنوم بعد ان عكرتي مزاجي؟

ابتسمت بحماس قائلة:

- هذا رائع... اذا سأنتظرك على طاولة الفطور

تنهد لسماع جملتها وما ان انصرفت حتى اخذ سلسلته وراح ينظر اليها بحزن ويأس ويتذكر يوم اتى من فرنسا وجملة الاتهامات التي اتهمته بها حسناء زورا،

رغم حقده عليها الا انه لم يستطع نسيانها، مازال يحبها فلا يدري ما يصنع، فهو يحبها ويكرهها في الوقت نفسه

اتت شيماء لتستعجله فرأته بهذه الحالة، تنهدت بملل لتقول:

- الم تتخلص من هذه السلسلة بعد؟ اشعر انها ستدمرك، تخلص منها فهي جالبة لسوء الطالع

نظر الى اخته ببرود ليخفي السلسلة داخل كنزته ثم قال:

- لن يحدث ذلك...

نهض عن سريره ليتجه الى الحمام فقالت باعتراض:

- تبا الم تدخل الحمام بعد

- نظر اليها بملل ليقول:

- ان كنت جائعة جدا اذهبي واكلي فانت حامل

مسحت بحنان على بطنها وهي تقول:

- يقول الطفل انه لا يريد ان يأكل بدون خاله

نظر اليها ببلاهة ثم اكمل طريقه للحمام

---

انهت حسناء فطورها ونهضت قائلة:

- سأذهب لاخذ قيلولة، حين تنهي فطورك رتب المائدة

نظر اليها مستغربا:

- الن اذهبي للمدرسة؟

- ليس الان... لا صفوف لي اول ساعتين، لذا قررت ان استريح قليلا

- تستريحي قليلا!... مما يا ترى؟... ان اعباء المنزل تثقليني بها يوميا

- ليست كلها هذا اولا، اما ثانيا فانا حامل، وهذا وحده سبب كاف

نظر اليها باستخفاف وراح يفكر:

- لا ينقص الا ان تفعل بي زوجتي المستقبلية الامر نفسه حين تحمل...

تفكر بالامر، لكن شيماء لا تعتمد على زوجها بل تعتمد عليه هو، في هذه الحالة سيكون من الجيد لو كان لزوجته اخ يريحه من هذه المهمة... لكن للاسف ليس لحسناء اخوة اصغر منها...

هز رأسه ينفض الفكرة من رأسه، الامر كله انتهى بينه وبين حسناء... حسنا ومن قال انه سيكون هناك زوجة غيرها اصلا؟... اذا الامر محلول بالنسبة اليه

ترك فطوره بعد ان سدت نفسه على هذا التفكير ونهض يلملم الصحون منها ليأخذها الى المطبخ ثم توجه لخارج المنزل مفكرا" حسناء هذه علي ان انزعها من قلبي وعقلي فهي تفسد علي فرحتي وحياتي..."

اغلق باب المنزل خلفه ثم نظر للسلسلة بحزن، اعادها قائلا:

- سيكون ذلك... سأنساها بكل تأكيد...

راح طوال الطريق يحاول نسيانها وابعاد صورتها من ذاكرته لكن الامر كان اشبه بالمستحيل، دخل الثانوية شاردا منزعجا حتى ايقظه من شروده صوتا مالوفا وقف امامه بصورة اذهلته واعادته للماضي دفعة واحدة

هذه هي حسناء، بشعرها الكث الاحمر، زيها المدرسي الذي اعتاده عليها، وابتسامتها العريضة، تقف امامه وتوجه اليه سؤالا سخيفا، ما المهم الان من سؤالها، لكن ما الذي تفعله حسناء في الثانوية؟

حسنا ربما اتت لرؤيته وتعتذر، لكن من يأت للاعتذار لا يحمل هذه الابتسامة العريضة، ثم لما بالزي الرسمي للثانوية وهي الان في الجامعة؟ ام انها من نسج الخيال؟ فهي لا تنفك تفارك خياله مذ رأى السلسلة ويتمنى لو يعودان كما كانا،

قطب بغضب ليبعدها عنه بعنف قائلا:

- انقلعي اختف من امامي

اسرع بالهرب نحو غرقة المعلمين وراح يجوب الغرفة ذهابا وايابا متجاهلا نظرات بقية المعلمين متفكرا بذاك الطيف الذي خرج امامه، ايعقل انه بدأ يرى اشياء غير موجودة؟

عليه نسيان حسناء مهما كلفه ذلك لان الامر بدأ يؤثر عليه سلبا، نظر لباب الغرفة ليتأكد ان حسناء لم تتبعه، فلو كانت حقيقية واتت لرؤيته لاصرت على التحدث اليه، لكنها لم تتبعه، اذا؟... هل كان مجرد وهم؟

جلس على احدى الارائك الشاغرة مغطيا وجهه بكفيه محاولا التوصل للحقيقة حتى استسلم واخرج سيجارة وراح يدخنها

ربت الدكتاتور(استاذ الرياضيات) على كتفه قائلا:

- هل انت بخير بني؟ هل حدث امر ما؟

نظر اليه جواد شاردا فهز راسه نفيا ثم قال:

- لا عمي... لا شيء مهم، سيصلح الامر قريبا...

---

مرت الحصص ثقيلة ومزعجة على جواد، اذ ان ما رآه صباحا اشغل باله كثيرا وصعب عليه ذلك شرح الدروس لكنه استطاع ان يتجاوز محنته بطريقة ما حتى اخيرا اتت الساعة الاخيرة وقرب وقت الفرج، مع العلم انه يكره ذلك الصف لانهم زمرة وقحين، وخاصة تلك اريج لولا انه قرأ يومياتها لما كان استطاع ان يسكتها باي طريقة

لا اراديا نظر اليها وهو يدخل صفها ليجمد دمه عند دخوله، ابعد نظره عنها ليدخل الصف مقطبا... انها هي مجددا، حسناء تجلس في مكان اريج، لكن هذه المرة تنظر اليه باحتقار بدلا من الابتسام... حسنا مهلا...

عاد لينظر اليها، هذه النظرة بدت مألوفة لشخص اخر غير حسناء، انها النظرة الخاصة بأريج، هل يمكن انها!... عاد ليمعن النظر اليها مجددا، تفاصيلها كلها تدل على انها اريج ولكن شعرها تغير لونه وتسريحته

تناسى الامر ليأخذ كتاب اول تلميذ رأه امامه وسأل:

- اين اصبحنا في الشرح؟

اجابه تلميذ وبدأ يبحث في الصفحات وهو شارد في سبب صبغ تلك الغبية لشعرها، قطب حاجباه بحقد حين تذكر انها منذ فترة صبغت شعرها للاشقر محاولة لفت نظر قمرها الاحمق، لذا يعقل انها صبغت شعرها الان للاحمر، لكن لما اختارت هذا اللون بالذات

استيقظ من شروده حين وجد ان صفحات الكتاب انتهت وهو يفتل بها ولم يصل الى حيث ارشده التلميذ، عاد لينظر الى التلاميذ منزعجا يسالهم:

- اين قلتم اننا وصلنا؟

فرط التلاميذ ضحكا، نهض صاحب الكتاب ليفتح على الصفحة واعاد الكتاب لجواد، القى جواد نظرة على الدرس ليبدا ولا اراديا تهربت منه نظرة الى اريج،

عاد ليبعد عينيه مرغما ليبدأ بشرح الدرس لكن تتالت نظرات تتهرب منه اليها فقد حن لرؤية حسناء، لكنه يعلم ان التي امامه ليست حسناء كما انه يعلم انه يستحيل ان يعود ليخطب حسناء مهما حدث، رغم ذلك لا يستطيع ان ينزع عيناه عنها

حاول باصرار ان يتجاهل وجودها ليركز على الشرح لكن عيناه وعقله منعاه من ذاك طالما اريج هناك على هيئة حسناء، حينها تأكد انه لن يستطيع التركيز والشرح طالما اريج هناك فصرخ بها يطردها من الصف دون تفكير

صمت الجميع على صرخته بل من طلبه واخذوا يوجهون انظارهم الى اريج المصدومة ليعرفوا ما الذي فعلته لتستحق الطرد، ادرك جواد انه تصرف دون تفكير واخفى وجهه خلف كفه محاولا التركيز، لكنه وجد ان بتفكير او دونه هذا حله الوحيد، فقال هذه المرة بهدوء:

- اصنعي لي معروفا اريج واخرجي من الصف

نظرت اليه بحقد ثم قالت:

- لن اخرج قبل ان اعرف السبب

كلامها اثار اعصابه فقال وهو يحاول ان يضبطهم كي لا يقوم بقلتلها:

- مازلت اكلمك بهدوء، لا تجعليني اغضب، اخرجي خيرا لي ولك...


عقدت ذراعيها وهي تقول بتحد:

- لن اخرج حتى اعرف ما ذنبي

حينها عاد ليصرخ وهو يشير بسابته للخارج:

- قلت اخرجي، لن استطيع التركيز طالما انت تقفين هنا بهذا الشعر، لا اريد ان اظلم اصدقائك لانك قررتي ان تغيري موديل شعرك، اخرجي واتمنى ان لا تصففي شعرك هكذا في حصصي وان لم تصففيه هكذا ابدا سيكون افضل..."

صمتت تنظر اليه بتحد بينما لاحظت ان عيون التلاميذ راحت تجول بينها وبين الاستاذ فقررت ان تنصرف دون تعليق، ما ان خرجت حتى اخذ جواد نفسا عميقا وحاول ان يعود لتركيزه قدر الامكان


---

سار جواد حاملا مظلته تحت المطر وهو يشتم شيماء في سره، لقد شجعته على العمل معها في المدرسة كي يذهبا ويعودا سوية

لكنها فجاة تعبت بسبب حملها واضطرت ان تعود قبله للمنزل تاركة اياه يواجه ذلك الطريق الموحل بسبب المطر والذي لا يعرف اين تصادف بقعة ماء رهيبة فتغرق بها قدم

اما تاك الغبية، ما كان منها الا ان زادت الطين بلة، ما الذي خطر لها كي تصبغ شعرها بنفس لون شعر حسناء!... لذلك السبب اضطر تن يطردها من الصف وذاك اثار ريبة التلاميذ، وتلك الغبية تظن ان زملائها سيظنون انني معجب بها لانني طردتها

حقا انعا غبية، ايمكن لاستاذ ان يطرد تليذته لانه معجب بها! فعلا لا تصدق، والاسوأ انها لم تكد تنتهي من دوامها المدرسي حتى شكتني لشيماء وفتنت بيني وبينها ولم تكن تقبل ان تصالحني الى ان اجبرتني على الاعتذار منها

وحين اخيرا اعتذر تلك الغبية اثارتني بكلامها المزعج حتى هاجمتها مجددا، فقط اتمنى ان لا تحبرني شيماء على الاعتذار منها مجددا"

وبينما هو شارد كيف يكمل الطريق الموحل وجد اريج تنتظر دون جدوى تحت شجرة، ابتسم باستهزاء قائلا:

"احكي عن الديب وجهز القضيب"

انطلق اليها ليقف الى جانبها وكعادته المزعجة قال:

- صحيح اني لا اكيق رؤينك، لكن يبقى افضل من ان ابقى وحدي...

وجهت اليه نظرة لئيمة ثم ابعدت وجهها عنه منزعجة بينما بقي هو يحدق بوجهها حزينا ويقارن الشبه الذي بينها وبين حسناء حتى اخيرا عادت اريج لتنظر اليه بحقد فابعد نظره عنها بخجل

في هذه الاثناء كانت حسناء مع شادي في السيارة الفخمة فقال وهو ينظر الى اريج الواقفة في الخارج:

- انظري الى تلك الفتاة كم تشبهك...

نظر اليها حسناء مبتسمة قائلة:

- يبدو ان لي توأما ولم اكن ادري

صمتت مصعوقة حين نقلت نظرها الى الشاب الذي بقربها واكتشفت انه جواد، هل تعرف على فتاة تشبهها واحبها بدلا منها؟ هل نسيها بهذه السرعة؟

استيقظت على السيارة التي سقطت احدى دوليبها في حورة مخبئة تحت مياه المطر فشتم شادي غاضبا، بينما تبسمت شيماء وهي تراقب ردة فعل اريج الثورية حين مرت السيارة في الجورة ويللتها هي وجواد ثائلة:

- يبدو انك اغضبت شبيهتي حين بللتعا بالوحل...

نظر شادي اليهما من المرأة الامامية فأوقف السيترة وعاد اليهما قائلا:

- ربما علينا ان نساعدهما... تركها هكذا يشعرني اني اتركك انت

فرط ضحك بينما شحب وجه حسناء توترا، هل سيصعد جواد معها قي السيارة؟ ما سيظن ان رآها مع شادي، هي بالفعل ارتبطت به، لكن هل سيشك انها نرتبطة به قبل الانفصال عنه؟...

قبل لحظات:

حاول جواد ان يبعد نظره عنه اريج حفاظا على كرامته كحد ادنى لكن عيناه ابتا الا النظر اليها حتى اخيرا وجد نفسه مبلولا بالوحل ثم سمع اريج تصرخ شاتمة سيارة مرت بالقرب منهما

توقفت السيارة وعادت اليهما ليفتح السائق نافذته مبتسما ثم قال:

- اصعدا لاوصلكما، يبدو ان الطريق لن تجف ماؤها الا بعد يوم...

سرعان ما صعدا فهما يعرفان احوال هذه الطرقات في الايام الماطرة، وما ان صعد جواد واغلق الباب القى التحية على الموجودين في السيارة وهو ينظر

اليهما نظرة سريعة مبتسما حتى جمد نظره مصدوما الى الشابة الجالسة قرب السائق، اهي حسناء ام ان حالها كحال اريج؟ فتاة غبية قررت فجاة ان تصبغ شعرها؟ هل القدر يحاول ازعاجه ام انه هو نفسه جن؟...

رد السائق برحابة على تحية اريج وجواد بينما جواد تحاهل الاحاديث السخيفة التي مرت بين اريج والسائق وجلس يراقب تلك الجالسة في الامام مخاولا التأكد انها هي حسناء،

الشابة تبدو منزعجة وهي لا تشارك بالحديث مع اولئك الغبيان، وتبدو محرجة لسبب ما، والى حد كبير وصل الشك انها حقا حسناء لكن من هذا الوسيم المزعج الذي معها بالسيارة ولم هما وحدهما؟ هل يعقل انهما؟

قطع الشك باليقين قول شادي مسرورا لاريج:

- لا تصدقين الى اي مدى تشبهين خطيبتي... لولا جلوسها الى جانبي لكنت ظننك هي

تأملت اريج وجه حسناء بالمراة بينما قطب جواد بحقد، اذا هما مخطوبان... وصل صبره لاقصى حدوده فقرر ان يعبر بطريقة ساخرة:

- سبحان الله، يخلق من الشبه اربعين، لا تصدق الى اي درجة تشبه خطيبتك خطيبتي السابقة

نظرت اريج مصعوقة الى جواد بينما شرد الشاب في كلامه، اما حسناء فوجهت وجهها الى نافذة السيارة لتبعده قدر الامكان عن جواد

ساد توتر مزعج في السيارة الى ان اخيرا وصلوا الى منطقة شبه جافة فطلب جواد ان ينزله ودون تفكير نزلت معه اريج، انطلق شادي بالسيارة صامت وكذلك حسناء ظلت صامتة حتى قرر شادي ان يتحدي بالموضوع

- ذلك الشاب، هل كان خطيبك يوما ما؟

اومئت حسناء رأسها بضيق فقال بعصبية:

- ومنذ متى كنت مخطوبة؟ ظننتك لم تتعرفي على شابت قبلي

ابعدت حسناء رأسها منزعجة فقال مصرا:

- كفي عن تجاهلي وجاوبيني

ظلت صامتة فركن السيارة جانبا معاتبا:

- اظنني انخدعت بك، لقد بدوت فتاة بريئة حين تعرفت عليك، لكن ظهر امك كنت مخطوبة مسبقا، اخبريني... هل كنت مخطوبة لغيره ايضا؟

نظرت اليه مصدومة فقال:

- لن استغرب لو حدث كما لن استغرب انفصالك عن اي شاب كنتي لترتبطي به، ومن سيقبل بفتاة تلازم شابا متيم بها طوال اليوم بحجة انكما مجرد اصدقاء

صرخت حينها:

- اننا حقا مجرد اصدقاء، ثم ليكن بعلمك انني انا من انفصل عن جواد ولم يكن هو من تركني للسبب الذي لمحت اليه

- حقا!... وهل تظنين انني سأصدق

نظرت اليه بحقد ثم فتحت باب السيارة وخرجت منها غاضبة تاركة شادي يناديها وهي تبتعد، اخيرا مل وذهب غاضبا بينما دون تفكير اخذتها قدماها الى بيت شيماء شاردة بكل ما حصل مؤخرا وأخذ ضميرها يؤنبها على ما فعلته بجواد، لقد كان يرتدي سلسلتهما، اما زال يحبها؟!... لكن تلك الفتاة التي كانت معه، الا يحبها؟

وقبل ان تصل لبيت شيماء التقت باريج عائدة لمنزلها، نظرت اليها بحرج واوقفتها لتلق عليها التحية، ارتبكت قليلا قبل ان تتكلم م سألت:

- هل انت حبيبة جواد؟

---

مسحت حسناء خدها المحمر من صفعة اريج وتنهد لتتقلب في سريرها بانزعاج من الفكة التي ظلت تلح على بالها:

" ان لم تكن تحبه حقا فلما كل هذا الاهتمام؟...
لكن بعد كل شيء قالت انه مازال يحبني...
تبا... ضميري هكذا لن يريحني ابدا...
تبا يؤنبني ضميرس بسبب ذلك المزعج الذي تسبب بهذا المشكل بيني وبين شادي...
اففف على كل حال علاقتنا لم تكن بتلك الروعة
شادي بظا مختلفا حين تعرفت عليه
اما بعد ان ارتبطت به ظهرت خقيقته المزعجة
انه متكبر ودائما يسمعني كم ان الحياة التي اعيشها مقززة
علما انه يعدني بحياة افضل بعد الزواج
الا انني لم يكن يعجبني تعاليه على اهلي لانهم ... فقراء..."

نظرت الى هاتفها، ليس هناك اي اتصال من شادي، هزت كتفيها لا مبالية ثم اتصلت بلؤي:

- مرحبا لؤي... كيف حالك؟...

- اذا تفرغتي اخيرا للتحدث الى الاصدقاء!

- تعلم انني ديما متفرغة لاصدقائي، لكنك لسبب ما كنت تفضل الابتعاد

- كأنك لا تعلمين ما السبب

- اشعر بضيق، ايمكننا ان نخرج

- وماذا عن شادي؟ هل انشغل بغيرك مثلا؟...

صمتت حسناء لوهلة ثم قالت:

- اريد ان نخرج لاحدثك بما جرى

---


ما في اسئلة اليوم، بس خبروني برايكم بشكل عام
بالنسبة للي قرو الجزء الاول
اي حسيتو عرض التحداث فيه اجمل؟
هنا او هناك؟
شلت كتير مقاطع من الجزء الاول للاختصار 😅 ومع هيك طلع كتير طويل
لاني اصلا ضفت مقاطع عن جواد وحسناء ولؤي
المهم
انسو
ان شاء الله قريبا بينزل الفصل الس بعده
وان شاء الله ما يكون في حزء جديد عن ااماضي😅
اساسا انا نفسي زهئت
اظني معاش صححت الاخطاء المطبعية
بس لما شفت حجم الفصل فزعت وتهربت
المهم ان شاء الله تكونو فهمتو 😅



__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية


  #155  
قديم 12-04-2018, 07:37 AM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخبارك
البارتات جميله
وكان ودي ارد على جميع الأسئلة بس عندي مدرسة لازم اروح
انتظر البارت القادم
بالتوفيق
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذهبية :: شتاء الحياة... ربيع حياتي... Ladybug روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 45 04-24-2018 05:15 PM
شتاء الحياة... ربيع حياتي... Ladybug أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 08-13-2015 04:06 PM
ربيع ,صيف,خريف و شتاء, انمي من كل فصول السنة izayoi أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 04-09-2015 12:37 AM
ربيع ,صيف,خريف و شتاء, انمي من كل فصول السنة .~(مشاركتي في مسابقة عشرة لعشرة^^)~ izayoi صور أنمي 11 04-23-2013 08:07 PM
كان يا ما كان .. خريف وراء خريف ~ بقلمي برو@ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 8 08-27-2011 03:26 PM


الساعة الآن 06:58 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011