04-26-2018, 12:36 AM
|
|
رنين مزعج لا أعرف مصدرهُ أزعج اللعنة بداخِلي،السواد امامي لا يُساعد.
تذكرت أنني اضع نظارتي الشمسية السوداء أثناء نومي في غُرفتي المظلمة.
أزلت النظارة بيدي اليُمنى ثمّ قمتُ بإلقاء زجاجة الشراب الموجودة في يدي
اليسرى على الأرضية.
علىّ التخفيف من الشرب؟
ألم تكن تلك إحدى أهدافي للتغيّير في العام الجدِيد؟
تبّاً لي.
عادت إلىّ ذاكرتي عن السبب الذي حاولتُ الشرب لنسيانه،زفافي غداً!
رائع،صحيح؟
كيف لفتاةٍ زفافها في الغد أن تستأجر غرفة فندقية و تشرب حتى الثمالة
ثمّ تبكي وتصرخ بجنون؟!
في الحقيقة أنا لستُ على وشكِ التزوج من حب طفولتي أو حبيبي منذُ الثانوية
او حتى شخص أتقبله في حياتي البائسة!
أنا سأتزوج من إنسان مجنون،مهووس بالتحكم،سيكوباتي و لديه قواعد
و أساليب غريبة في الحياه! هو مُعقد نفسيّاً.
توقف صوت الرنين لأعاود وضع رأسي على الوسادة مُغلقةً عيناي
و لكن الرنين عاد من جديد.
"أكره حياتي!"
صرخت بغضب أتلمس الطاولة بجانب سريري حتى امسكت بهاتفي و أجبتُ بضيق.
"ماذا هنّاك؟" هتفت على المتصل الذي لا أعلمُ هويته.
"مرحباً.."جاء صوت دافئ من على الجانب الأخر.
صوت غريب يجعلك تشعر بالراحة من مُجرد الإستماع إليه.
"من أنتَ؟"تحدثت بوقاحة.
"ماذا تعنين؟"سأل في المُقابل بهدوء.
"أيها السيد،انت من إتصلت بهاتفي في هذه الساعة المتأخِرة،يا رجل إنها الثالثة صباحاً،ماذا تُريد؟"
"أريدُ أن أتحدث مع أحدهم."ردّ بكل بساطة.
"و أنا لستُ متفرغة لمحادثتك،وداعاً!"
أغلقتُ الخط مُلقية الهاتف بجانبي.
غِريبٌ أمر هذا الرجُل.
أغلقت عيناي مُجدداً و أكملتُ نومي في راحة.
لا أعلمُ كم مضى مِن الوقت و لكِن هاتفي عاد يُصدر صوتاً مرة اخرى.
لم أكن بكامل وعيي فأمسكته مُجيبة:"ماذا؟"
"هَل أصبحتي مُتفرغةً الآن؟"
جاءَ صوته من على الجِهة الأخرى مُجدداً.
"أوه أرجوك!،ماذا تريد أيها الوغد؟"إحتد صوتي في النِهاية.
"صدقيني أنا لا أريدُ شيئاً سوى الحديث مع شخص،أي شخص."
نبرة صوته الحنونة كانت تترجاني و لكني لن أنخدِع.
"أنتم الرجال مُقرفون بالفعل،تنتهزون كل الفرص المتاحة لتضايقوا أي إمرأة."
تذمرتُ بسخرية مريرة.
"أنا فقط مُتعب و لا أجد من يستمع."
صوته المُحتاج في تلك اللحظة أيقظ بي شعوراً لم أظن أنني سأشعر به يوماً،الإهتمام.
"ماذا يحدثُ معك؟"سألته بهدوء أراقب سقف غرفتي المُظلم.
"هل ستستمعين إلىّ؟"صوته كما هو هادئ و جميل.
"أجل سأفعل."اجبت أنا.
"لما؟"عاد يسأل.
"لأنني أريد منك الإنتهاء ثمّ إغلاق الهاتف حتى أنام بهدوء دون أن تزعجني."أخبرته.
لن أخبره أن صوته الحنون يجعلني أهتم لأمره.
هل هو يائسٌ لتلك الدرجة؟
"شكراً لكِ.."شكرني بهدوء.
"إذن ما هو إسمك أيّها اليائِس؟"سألته.
"و لما قد تريديّن معرِفة إسمي؟"سأل لأعقد حاجبايّ.
"لأننّي أحدثك و لذلك علىّ معرفة إسمك."قلتُ بغرابة.
"لا أعتقد أن معرِفة إسميّ قد يكون مُهِماً،ثمّ أننّي لا أحب ذكر إسمي."
تحدث بذات الصوت الجميّل.
"لما؟"عدتُ أسأل.
"لأنه الشئ الوحيد الذي لم أختاره أو أحدده أنا بَل إختاره أناسٌ أخرون."
"أنت غريب.."تمتمت.
"و من مِنا ليسَ غريّباً؟"أجاب مُتنهداً.
ثمّ عادَ يسأل:"ما هو إسمكِ أنتِ؟"
"صديقيّ،أعتقد أن معرفة إسمي لَن يكون مُهِماً أبداً."
سخرتُ لأستمع إلى صوتِ قهقهتهِ العذبة،كأنها صوت من النَعيّم.
"مُحقة.."
"إذن أخبرني بماذا تشعُر؟لِما أنت حزين؟"سألتُ و كأننّي طبيبةٌ نفسية.
"في الحقيّقة،أنا حزينٌ لأننّي لا أشعر."
ردّ لأعقد حاجبايّ مُجدداً،كلامه مُبهم.
"أنتَ لا تشعُر؟"سألتُ.
"أجل..تعرضتُ للعديد من الصدمات المُتتالية فلَم أعد أشعُر بأيّ شئ."قال ببساطة.
"أنا أسفةٌ لهذا.."همست عابسة.
"ليس عليكِ الأعتذار لأيّ شئ ليس لكي ذنبٌ فيه."قال بإهتمام.
و قد كانت تلك نصيحته الأولى لي.
"كوني صريحة و أخبريني لما قد تقبلين بالتحدث معيّ."
"لأنكَ بدوتَ بشكل ما يائِس،تماماً مِثلي."أخبرته.
"و لما قَد تكونين يائسة؟"تسائل لأتنهد مُجيبة:
"أنا مُرغمة على الزواج من شخصٍ أمقته."
أجبتُ بكل صراحة.
"أنظريّ عزيزتي،إياكيّ و فعل أيّ شئ إرضاءً لأيّ شخص،فقط كوني نفسكِ
و أفعلي ما يحلو لكِ دائِماً."
و قد كانت تلك ثاني نصائِحه ليّ و التي لَن أنساها ما حييت.
"حسناً ألن تخبرني لما أنت تعيس؟"سألته مُجدداً.
"هه،ربما لأننّي لا امتلكُ حتى شخصاً اشكو إليه تَعبي فإضطررت إلى الإتصال
برقم غريب في السّاعة الثالثة بعد مُنتصفِ الليل لأقتل شعوري بالوحدة."سخر بألم.
"لا بأس أيّها الغريب،لستَ وحدكَ الوحيد هنّا،فكما ترى أنا لَدي عائلة
و سأتزوج غداً و لكنّي وحيدةٌ كُليّاً."أخبرته.
"ستتزوجين غداً؟"تعجبَ،بالتأكيد لم يتوقع أن زفافي غداً و انا هنّا أحدثه.
"أجل،غداً..بعد إثنا عشرة ساعة بالضبط سأتزوج من ثاني أكثر شخصٍ
اكرهه بعد والدي."كانَ ردي صريحاً للغايّة.
"هذا مُقرف.."تمتم لأبتسم.
"إذن لا تذهبي."قال بكل بساطة و كأن الفكرة لم تخطر على بالي مئات المرات.
"حتى يتم قتلي! عزيزي أنتَ لا تعرف شيئاً عن حياتي لذلك أرجوكَ،لا
تقترح إقتراحاتٍ غبيّة."تحدثتُ بوقاحة و شعرتُ بجفناي يغلقان.
أريدُ العودة إلى النوم.
"لما قد يتم قتلك؟"سأل.
ذلك الرجل يسأل العديد مِن الأسئلة.
"لأن والدي رئيسُ عصابة مطلوبة و ثاني أخطر شخص في القارة حسب ما قيل
عنه في النشرة الإخبارية و إذا عصيت أوامره أنهى حياتي."سخرت.
صمتَ الغريّب و لم يتحدث.
"لحظة! هل والدكِ يُدعى چوزيف جراي؟"سأل بنبرةٍ مصدومة.
"أوه..أجل إنه هو."
"في الحقيقة لقد طردُت اليوم مِن عملي بسبب والدكِ."
تحدث بهدوء ليحين دوري لأصمت.
لحظات و بدأتُ أضحك بقوة،حتى أدمعت عينايّ و قد صمت ذلك الغريّب.
"إلهي.."لهثتُ مُحاولةً إستنشاق الهواء.
"ألم اخبرك بأنه حقير؟"تنهدتُ بعدها مقهقهة.
"أتفقُ معكِ الآن."قال.
"ماذا كنت تعمل قبل أن تُرفَد؟"سألتُ.
"لا تهتمي،أخبريني هل تعملين؟"سأل مُتجاهِلاً سؤالي.
"أجل..أعملُ كمدرسة أطفال و صدقني أنا أكره تلك المهنة
و لكني مُجبرة على العمل."تنهدت.
"لا شئ و لا شَخص قد يستطيع إجباركِ على فعل أيّ شئ،كوني
سيدة نفسكِ يا جميلة."قال و قد كانت نصيحته الثالثة و المُفضلة لدي.
"لما تقول أننّي جميلة؟ أنتَ حتى لَم تراني."
ضحكت أنظر للساعة التي قد قاربت على الخامسة صباحاً بالفعل.
"أستطيع الشعور بأنكِ جميلةُ الروح."تحدثَ بنبرة صوته المُحببة.
-
|
كانت الساعة قد اصبحت السابعة و النِصف صباحاً و أنا لازلتُ أحدث ذلك الغريب
و اضحك معه كما لَم أضحك من قبل.
أربعُ ساعاتٍ تقريباً..خلالهم أشعرُ و كأنني شخص سعيد في حياته.
طريقة حديث ذلك الشخص تُشعرني بأن كُل شئ بخير،بسيط و مِثالي.
"توقف أرجوك سأفقد الوعي.."لهثتُ مستنشقةً الهواء.
هو لم يكن يضحك ابداً،كان فقط يُضحكني.
شعرتُ برغبة في دخول دورة المياه فأخبرته بأن ينتظرني و بعد أن عدت
إستمعت إلى صوت شهقاته.
"أيها الغريب؟.."تحدثتُ انا.
لم يُجبني و لكن ظهر صوت بكائه واضِحاً.
"لما تبكي؟"سألته و لكنه ظل يبكي اكثر حتى بدأتُ أنا أيضاً بالبكاء.
حقيقةً انا لم أبكي منذ مدةٍ طويلة للغايّة،كانت المشروبات الكحولية
تُنسيني الألم فلا ابكي.
"أيتها الفتاة.."تحدث أخيراً بعد وقتٍ من بُكائنا.
"ماذا؟"سألت بصوتٍ ضعيف.
"لما تبكين؟"
ربما قد بكيتُ لكل مرةٍ لم ابكي فيها حين كنتُ حزينة و لكني قد إخترتُ
أن أقول شيئاً أخر.
"لأنكَ تبكي."اخبرته و صمتنا.
"لما تبكي؟"عدتُ أسأل.
"لأنني شعرت!"كان رده فقط من كلمتين.
و المعنى كبير..
"ماذا تعني بأنكَ شعرت؟"
"شكراً لكِ.."كان هذا ما قاله.
"انا لا أفهمك أبداً."اخبرته.
"أنتِ جعلتيني أشعرُ و لأول مرة منذ مدةٍ أيتها الغريبة،لقد جعلتيني أشعرُ
انني في المنزل من مجرد حديثكِ معي."قال لأبتسم بإتساع لأنني قد ساعدته.
"و حين شعرتُ بذلك الشعور،ان هنّاك من هو موجود من اجلي بكيت
و شعرت بكل ألم لم أشعر به يعود فجأة!"قال لينتابني الفضول.
"ماذا حدثَ معكَ ايها الغريب؟"سألت.
لما هو تعيس؟ لما يشعرُ بالألم.
"افضلُ عدم إخباركِ،افضلُ الإحتفاظ بالألم لنفسي."و قد كان ذلك رده الذي تقبلته
لكي لا أضايقه.
"سعيدةٌ بأنني جعلتك تشعر."
"أنتِ ملاكي الحارس،شكراً على كل شئ،و شكراً لكِ على تلك الحياة
الصغيرة التي خلقتيها لي في بضع ساعاتٍ أيتها المجهولة."شكَرني مجدداً.
"و شكراً للإستماع لي،شكراً على كُل نصائحك ايها الغريب،و شكراً على الإتصال بي."
"أنا دائماً هنّا من اجلكِ،تذكريني."
"إسترِح أيها الغريب،عِش كما تُريد."اخبرته.
"أنا بالفِعل احتاجُ إلى الراحة و قد قررت الحصول عليها."قال لأبتسم.
"ألن تخبرني بأسمك؟"سالته.
"إسمي هو.."بدأ الحديث ثم توقف.
صمت قليلاً ثم ضحك و قَد كانت المرة الأولى لي استمع فيها إليه يضحك بصوتٍ عالي.
"يمكنكِ إختيار إسمٍ لي."تحدث لأهمهم مُفكِرة.
"صوت..انت صوتٌ أنقذني."كانت تلك اجابتي.
"كوني حُرة.."و كانت تلك إجابته.
-
ها أنا ذا في اليومِ التالي واقفة أمام القس و ذلك الحقير زوجي المُستقبلي امامي.
أبي واقف يبتسم نحوي بخبث و سيجارته بين يديه،لم يشعلها لأننا في كنيسة
و لكنه لازال يُريد إمساكها.
"أتقبل نيثان أدامز بها زوجةً لكَ و أن تحميها و تُحِبها و ترعاها في السراءِ و الضراء؟"سأل القس.
تُراهات..تُراهات..تُراهات.
إبتسم نيثان و ضغط بقوة على يدي حتى أنني شعرتُ بأن أصابعي تتحطم.
دموعي بدأت تتجمع في عينايّ.
"أقبل!"ردّ هو .
"و أنتِ يا عزيزتي أتقبلين بنايثن زوجاً لكِ و أن تحترميه و تحبيه و تعتني
به في السراء و الضراء؟"سأل و صمتُ أنا.
نظرت حولي أفكر في ذلك الصوت.. كوني حُرة. لا تدعي أحدهم يُقيدكِ. كوني سيّدة نفسكِ. أنتِ جميلةُ الروح.. "لا اقبل!"تحدثتُ و دفعت نيثان بعيداً عني. رفعت فستاني و ركضتُ نحو باب الكنيسة بعد ان إبتسمت لأبي بشر. أنا الآن أعيشُ أفضل لحظات حياتي كما في الأفلام. لقد أصبحتُ حرة!و الشُكر لذلك الصوت. رفعت فستاني و أخذتُ اركض عائدةً نحو الفندق الذي مكثتُ فيه الليلة الماضيّة. اريد سماع صوته مُجدداً. اريد الشعور بالدفئ المنبعث من ذلك الصوت. وصلت إلى الفندق و ركضتُ نحو غرفتي. امسكت بهاتفي و قبل ان أهاتفه هو كان يتصل بالفعل فأجبتُ مسرعة و أنا ابتسم. "لقد اصبحتُ حرة!"كان هذا ما قلته. "مرحباً؟"إستمعتُ إلى صوتٍ أخر ينبعثُ من سماعة هاتفي. "من انتَ؟"سألت. "هل تعرفين إسم صاحب الهاتف؟"سأل ذلك الشخص. "لا.." "هل تعرفين ايّ معلوماتٍ عنه؟"عاد الشخص يسأل. "لا،أنا لا أعرف عنه ايّ شئ."اجبته ثمّ عدتُ اسأل:"ماذا يحدث؟" "لقد إنتحر صاحب الهاتف،ألقى بنفسه من الطابق الحادي عشر!" كان هذا كل ما سمعته قبل ان أهوى على الأرض بقوة و بدأت أبكي. بكيتُ و كأن ذلك الصوت شخصاً اعرفه منذ زمن،بكيتُ و كأنه من عائلتي
و بكيت لأنني خسرتُ كل ما أملُك. انتِ ملاكي الحارس. شكراً لكِ.. سأستريح بالفعل. شكراٌ على الحياة الصغيرة التي خلقتها لي في بضع ساعات. شكراً لإستماعكِ لي. انا لا اشعُر! كانت جميّعها كلماتٍ بلا معنى و لكنها قد إتضحت لي الآن.
لقد ذهب الصوت.
أمسكت بهاتفي غير مُصدقة أنه قد إنتحر فوجدتُ أنني قد تلقيتُ رسالة منه
منذُ ساعة تقريباً.
"بالمُناسبة،أُدعى لوي..لوي تُوملنسون." تمَت. . |
|