1- قول النبي eللسائل الذي قال له (أفلا نتكل) قال (لا . اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).

قلتُ:


من المستحيل حقيقةً اتكال شخص على ما كُتب له ! لأنه لا يدري عن المكتوب ,

ولو قال اترك نفسي وهواها..

فلا شك أنه ينجرف بمعاونة إبليس والهوى إلى الشهوات لأنها مبتغى النفس وما جُبِلَتْ عليه ,


أما طريق الجنة فلا تُحَصَّل إلا لمن عمل وضبط نفسه عما مُنِعَ عنه وألزمها بما فُرِضَ عليه .

ويستحيل أن يترك رجل نفسه متكلاً على ما كُتِبَ عليه - زاعماً – ولا يسلك طريق الشهوات .


إذاً : «اعملوا» ..

لأنكم لا تعلموا , ولو علمتم لما وسعكم إلا أن تعملوا ,


فقد علم أبو بكر وعمر أنهم في الجنة بيقين لاشك فيه ,


علمٌ مقطوع به لكنهم استمروا في ضبط أنفسهم عن كل ممنوع وإلزامها بكل مفروض لأنه لو اتكل على ما علم لوجد نفسه قد حاد عن الصراط ,


وإنما علم الله بقلوبهم وأعمالهم فبشرهم .



«فكلٌ ميسرٌ لما خلق له» :

فمن أراد الجنة وعمل لها صدقاً .. يسر الله له طريقها وهذب نفسه وأعانه على الخير وفتح له أبوابه ,

ومن لم يردها فأُغْرِق في شهواته.. وقد قامت عنده أدلة الإيمان بالله ..سخط الله عليه فيسر له طريق النار وفتح له أبواب الشهوات ويسرها له .

************************************************
*********************************

2- حديث «فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار .. »

قلتُ :

المعنى ليس هو المتبادر إلى الذهن بأن الله أجبره وحاشا اللهI ذلك .


بل المعنى أن الرجل ليعمل بعمل ظاهره للناس أنه من عمل أهل الجنة ولكن باطنه رياءً وشكاً ونفاقاً ..


فيفضحه الله قبل موته بأن يكشف ظاهره للناس فيعمل بعمل أهل النار لما أن ترضى نفسه وتطمئن فتستقر على عمل أهل النار فتموت عليه ..


والرجل ليعمل بعمل ظاهره للناس أنه من عمل أهل النار من فسق أو كفر ولكن باطنه الشعور بالخطأ وتمني التغيير فيوفق إليه.



ومثاله إبليس لما كان من أعبد الملائكة ظاهراً ولكن علم الله باطنه من الكبر والحسد ..


ففضحه بخلق آدم فسبق عليه الكتاب أي عِلْمُ الله بالخاتمة فامتنع عن السجود وعمل بعمل أهل النار .


ومثاله العاصي الذي في قلبه نور الهداية وإرادة التوبة وظاهر عمله أنه من أهل النار فيسبق علم الله بالخاتمة فإذا به يوفق للهداية قبل موته.


فليس في الحديث رائحة الجبر مطلقاً لأن الله يحب الطائع حال طاعته ويكره الفاسق حال فسقه فكيف يجبر من أحبه على الكفر ليعذبه ومن أبغضه على الهداية لينعمه


وهذا واضح ولله الحمد .


فَسَبَقَ علم الله بخاتمة الشخص علم الناس المبني على ظاهر الحال..


لذلك فإن عمله أصلاً لم يكن حسناً لأن الله أعلم بباطنه ولذلك قال سبحانه ] فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى [


****************************************************
*****************************


3- قول الله عز وجل ] ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه[

فيه دلالة واضحة على ما يلي:


- اختيار العبد في فعله من غير ما جبر ولا إكراه ,

لأنه إخبار من الله أنه لو ردهم [الرد فعل الله ] .. [لعادوا فعل العبد ] وهو إثبات لفعلهم المستقل.


وبيان لرحمته سبحانه .. أنه لو تنازل ربنا عن حقه وردهم لدار الامتحان فقد علم الله أنهم لن يتغيروا لما في قلوبهم من كبر وكفر .

كفعل إبليس الذي علم مكانه من الله ولن يحاول التغيير لسبق علم الله به .


- إثبات لسبق علم الله على فعل العبد ومصيره من غير إكراه .

لأنه لو كان من الله إكراه لهم على العودة إلى ما نهاهم عنه والكفر به بعد إعادتهم إلى الدنيا ...

لكان هذا من اللغو والكذب الذي يُنزه الله عنه , ولزم أن يقول (ولو ردوا لأُعيدوا لما نهوا عنه ) .

وهذا واضح أيضاً ولله الحمد..


- وفيه دليل أنهم لو ردوا لتغلب عليهم الكبر ولقالوا إنما سكرت أبصارنا وكنا في كابوس ووهم وسحر كما قال سبحانه وتعالى عنهم
]ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سُكِّرَتْ أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون[


****************************************************
***************************

4- قول البعض : لم تُُكْتَب لي الهداية بعد .

نقول له :

وما أدراك ؟


فأنت لو عملت بأسبابها أُعْطِيْتَها


لأن الله أكرم من أن يمنع سائلاً مستحقاً .


كما أنه تأبى حكمته I أن يهدي من هو مقيم على معصيته حتى يغير من نفسه بنفسه ويتحرك قلبه لطاعة ربه بخوف ووجل وحب ورجاء مع عملٍ , فيوفقه الله إلى الهداية ..



أفتريد أن تُجبر على الهداية وأنت مُكره ؟! هيهات هيهات ..


************************************************
***************************
*************

والله أعلم وأحكم بالصواب ...

جزاك الله كل خير وبارك فيك

__________________

وبارك الله فيكم على الموضوع والفائدة القيّمة
أخوكم في الله
فارس السنّة

__________________

جزاك الله ألف خير