عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 04-19-2008, 11:05 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

المطلب السادس:إسقاطه اسم الجزية عن نصارى بني تغلب
ومما تعلق به المؤولون المعاصرون في استدلالهم على جواز الاجتهاد في النصوص القطعية إلى حد مخالفتها باسم المصلحة(1) ما روي عن عمر بن الخطاب أنه أسقط اسم الجزية عن نصارى بني تغلب لرفضهم دفعها بهذا الاسم، أنفة منهم لكونهم عرباً، وتضعيفه عليهم الصدقة بدلاً
منها مع أن فرض الجزية جاء به صريح القرآن }حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ{ (التوبة29).

والحق انه ليس في فعل عمر ذلك أدنى مستند لما تعلقوا به من جواز الاجتهاد في النصوص القطعية ومخالفتها، للأدلة التالية:
1. قد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ما أخذ من بني تغلب كان في الحقيقة جزية وأن عمر رضي الله عنه لم يسقط هذا الاسم من جهته فهو يأخذها على أنها جزية، وهم يعطونها على أنها صدقة. قال ابن قدامة " وذهب الشافعي إلى أن هذا جزية باسم الصدقة.
وقد روي عن عمر أنه قال: هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم(2) "وذكر أن النعمان بن زرعة قال لعمر "خذ منهم الجزية باسم الصدقة، ويدل هذا على أنها جزية لا صدقة أن عمر لم يوجبها ولم يأخذها من النساء والصبيان والزمنى ولو كانت صدقة لأخذها منهم(3).
وقال الجصاص: "والمأخوذ من بني تغلب هو عندنا جزية ليست بصدقة وتوضع مواضع الفيء لأنه لا صدقة لهم، إذ كان سبيل الصدقة وقوعها على وجه القربة ولا قربة لهم وقد قال بنو تغلب: نؤدي الصدقة مضاعفة ولا نقبل أداء الجزية فقال عمر هو عندنا جزية وسموها أنتم ما شئتم فأخبر عمر أنها جزية وإن كانت حقا مأخوذة من مواشيهم وزروعهم "(4).
2. قد ذكر أهل الأخبار والفقهاء أن إجماع الصحابة قد وقع على قبول فعل عمر وتجويزه، قال ابن قدامة " واستقر قول عمر على ذلك ولم يخالفه أحد من الصحابة فصار إجماعاً وقال به الفقهاء بعد الصحابة منهم ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي"(5) ولا ينعقد إجماع الصحابة على جواز أمر جاءت النصوص بتحريمه، ولو كان فعل عمر مخالفاً للنصوص لما سكتوا عن الإنكار عليه مع عدم المانع لهم.
3. أن الضرورة الشرعية المعتبرة هي التي ألجأت عمر إلى التنازل عن فرض الجزية - إن سلمنا بهذا التوصيف - واستبداله بصدقة مضاعفة، فقد ثبت في الروايات التي ساقت ذلك الخبر أن بني تغلب قد انحازوا ولحقوا بالروم وكانوا ذوي عدد وبأس مما يشكل خطرا عسكرياً على المسلمين، وكانوا قوماً لا مال لهم ولهم في العدو نكاية فنُصح عمر رضي الله عنه بأن لا يعين عدوه على نفسه بهم، وعلم عمر أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم مع استيفاء ما يجب عليهم من الجزية(6).

وقد قامت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة والإجماع على اعتبار الضرورة الشرعية سبباً لإباحة المحرم أو رفع الإثم عن فاعله مما يبيح للإمام في ظروف معينة الأخذ بأحكام ما كان له أن يأخذ بها في الأحوال العادية الطبيعية.وإمام المسلمين هنا لا يعتبر مخالفاً للنصوص حقيقة بل هو متبع للنصوص الأخرى القطعية القاضية بأن الضرورات تبيح المحظورات، فالضرورة قيد يرد على كل المنهيات وقد بينا ذلك في بحث إيقافه لحد السرقة عام المجاعة.
فإن كان ما فعله عمر ووافقه عليه الصحابة من إسقاطه لاسم شرعي يعد محرماً أو تنازلاً فقد فعله للضرورة الشرعية المعتبرة، وأضيف هنا بأنه له فيه سابقة إذ أن رسول الله r عرض على بعض قادة الأحزاب يوم الخندق ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا أو يخذلوا بين الأحزاب وعلل ذلك للأنصار بأن العرب قد رمتهم عن قوس واحدة وكالبوهم من كل جانب فأراد r أن يكسر عنهم شوكتهم(7).
وهذا الفعل - الإعطاء للمشركين غير جائز في الأصل لما فيه من الذل والصغار للإسلام وأهله، ورسول الله أولى من يعلم ذلك، ولكنه فعله للضرورة الحربية، فدل ذلك على أنه يجوز لإمام المسلمين - عند الضرورة أو الحاجة- النزول عند شروط الكفار سواء ببذل المال لهم كما فعل r أو بإسقاط اسم الجزية كما فعل عمر، وهو ما صرح به فقهاء المذاهب إذ جوزوا بذل المال للكفار إن لم يمكن دفعهم إلا به واقتضت حاجة المسلمين ذلك(8).


(1) انظر: معالم المنهج الإسلامي 12، النص الإسلامي 8.

(2) السنن الكبرى 9/362.

(3) المغني 10/591.

(4) أحكام القرآن للجصاص 3/94.

(5) المغني 10/591.

(6) الأموال 6،651.

(7) انظر: سيرة ابن هشام 2/706.

(8) انظر المغني 10 /519.

__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-19-2008, 11:06 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

المطلب السابع إيقاعه الطلاق بلفظ الثلاث ثلاثا لا واحدة
قال أهل التأويل والتعطيل المعاصرون: كان الطلاق على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم"(1).
قالوا: فهو بيِّنٌ في جواز تأويل ومخالفة حكم الرسول r بمجرد الاجتهاد(2).
وقد أجاب العلماء عن قول عمر وفعله بأجوبة كثيرة لا يسلم أحد منها من طعن وإيراد(3).
وأصح وأوجه ما جاء في جوابه قول شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم، إذ ذهبا إلى أن فعل عمر ليس مخالفة لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قبيل العقوبة التعزيرية، إذ أن عمر لم يغير الحكم باجتهاده ولم ينسخه بل الحكم باق على أصله من وقوع الطلاق الثلاث واحدة كما كان على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر وكل ما فعله عمر، هو إيقاعه ثلاثاً عقوبة لمن استهان بأمر الطلاق وأوقعه على غير ما شرع الله عز وجل، إذ أن الله عز وجل شرعه مفرقاً وفي طهر لا في حيض ولا نفاس ومن غير جماع فيه، وذلك لحِكَمٍ ليس هنا مجال ذكرها، وحرمه على غير تلك الوجوه، فلما خالفوا أمر الله عز وجل واستهانوا بحكمته رأى عمر ووافقه على ذلك الصحابة ولم يخالفه أو ينكر عليه أحد، رأى أن يعاقبهم بإيقاعه ثلاثاً ردعاً وزجراً لهم على الاستهانة والاستخفاف برباط الزوجية وعظةً لغيرهم، وذلك لأن المطلق كانت له فسحة في التفريق فرغب عما فسحه الله تعالى له إلى الشدة والتغليط.
فقال ابن تيميه في سياق كلامه على عقوبة التعزير:
"ومن ذلك إلزامه للمطلق ثلاثاً بكلمة واحدة بالطلاق – فأمضاه عليهم ليقلوا منه، فإنهم إذا علموا أن أحدهم إذا أوقع الثلاث جملة وقعت وأنه لا سبيل له إلى المرأة أمسك عن ذلك، فكان الإلزام به عقوبةً منه لمصلحة رآها ولم يكن يخفى عليه أن الثلاث كانت في زمن النبي r وأبي بكر تجعل واحدة بل مضى على ذلك صدر من خلافته حتى أكثر الناس من ذلك، وهو اتخاذ لآيات الله هزواً"(4).

وأضيف إلى ما سبق جملة من الأحكام تدخل في سياق بيان اجتهاد عمر في هذه المسألة ونظائرها مما تمسك به أهل التأويل والتعطيل المعاصرون وهي:
1. أن غالب ما يؤخذ على عمر من اجتهادات ظاهرها مخالفة أحكام شرعية مستقرة على عهد رسول الله r وأبي بكر إنما هي اجتهادات جاءت من باب التعزير والسياسة الشرعية كاتخاذ السجن والزيادة في حد الخمر.

2. ومن المعلوم أن مقادير التعزيرات وأجناسها وصفاتها تتنوع وتختلف حسب ما يرى الإمام من المصلحة زماناً ومكاناً وحالاً وأشخاصاً، وهي ليست ثابتة كالمحرمات المعروفة والحدود المقدرة(5).

3. والتعزير هو تأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود، وقد نصت الشريعة الإسلامية على أن كل معصية لا حد فيها ولا كفارة أن فيها التعزير كتقبيل الأجنبية والخلوة بها(6).
4. وأنه -التعزير- موكول إلى رأي الإمام واجتهاده يفعل ما يرى فيه مصلحة للناس وإقامة لهم على الحق(7)، وأنها تتراوح بين الوعظ والتهديد والجلد والضرب أو التوبيخ والحبس وبين القتل والصلب(8).
5. وأنه مما يجب أن يعلم أن أصل السياسة الشرعية ليس من ابتداع عمر، بل هو من فعل رسول الله r وقوله الذي دلت عليه سنته الصحيحة، ثم فعله خلفاؤه كلهم مع إجماع من كافة الصحابة، فإذا عرف هذا وثبت، تيسَّر توجيه عشرات من المسائل التي ظن أهل التأويل والتعطيل المعاصرون أن عمر وبعض الصحابة خالفوا فيها ما هو مقرر في الكتاب والسنة الصحيحة ليتخذوه بعد ذلك تكأة لهم في ضلالهم، وقد نقل ابن القيم عن أبي الوفاء ابن عقيل قوله "جرى في جواز العمل في السلطنة بالسياسة الشرعية وأنه هو الحزم ولا يخلو من القول به إمام" وأن من قال لا سياسة إلا ما وافق الشرع: إن عني به ما لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وإن أراد لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة، فقد جرى من الخلفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما لا يجحده عالم بالسنن ولو لم يكن إلا تحريق عثمان المصاحف فإنه كان رأياً اعتمدوا فيه على مصلحة الأمة وتحريق علي رضي الله عنه للزنادقة في الأخاديد… الخ "(9).

ثم قال ابن القيم تعقيباً على الكلام السابق "… فلا يقال: أن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع بل هي موافقة لما جاء به، بل هي جزء من أجزائه، ونحن نسميها سياسة تبعاً لمصطلحكم، وإنما هي عدل الله ورسوله، فقد أمر r عبد الله بن عمر بأن يحرق الثوبين المعصفرين (10)وأمر يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحم الحمر الإنسية ثم استأذنوه في غسلها فأذن لهم(11)، فدل على جواز الأمرين لأن العقوبة لم تكن واجبة بالكسر وهدم مسجد الضرار لذلك(12)(13).









(1) صحيح مسلم بشرح النووي 15/65.

(2) انظر: أصول التشريع الإسلامي ص101،183، معالم المنهج الإسلامي 10، النص الإسلامي 5.
(3) انظر: بحثا بعنوان :حكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد – هيئة كبار العلماء -مجلة البحوث الإسلامية : إصدار الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ، العدد الثالث، رجب، سنة 1397ه (3/26).



(4) أنظر: مجموع الفتاوى الكبرى (33/5-43)، وانظر: الرد المفصل لابن القيم: في كتابيه: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 2/324-360، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية 5،266، في أثناء كلامه على العقوبات التعزيرية.

(5) إغاثة اللهفان 2/ 346.

(6) انظر: المهذب للشيرازي 2/306.

(7) الكاساني علاء الدين أبو بكر مسعود الحنفي : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7/63.

(8) عبد القادر عودة: التشريع الجنائي في الإسلام مقارناً بالقانون الوضعي 1/145.

(9) ابن قيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية 4.

(10) صحيح مسلم بشرح النووي 8/55.

(11) نفس المصدر 13/93.

(12) سيرة ابن هشام 2/985.

(13) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية 66، وفيه ذكر لعشرات الأمثلة من العقوبات التعزيرية فعلها الرسول r، وأوقعها على بعض العصاة، وأخرى أوقعها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي من غير نكير من أحد من الصحابة، وعمر كان أكثرهم ممارسة لها لطول ولايته وخلافته والله أعلم.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-19-2008, 11:07 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

الحامل على التأويل عند عمر والصحابة والعلماء

من خلال تعريف التأويل الذي استقر عليه الأصوليون تبين لنا أن الباعث على التأويل هو وجود دليل آخر يعارض ظاهرياً النص المراد تفسيره وهذا بيِّن من خلال تعريف الطوفي وابن تيميه إذ نص تعريفاهما على أن علة التأويل وجود دليل خارجي فالأول يقول في معنى التأويل "هو صرف اللفظ عن ظاهره لدليل يصير به المرجوح راجحاً " والثاني يعرفه بأنه " صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به "(1).
فاللام في قولهما " لدليل " مشعرة بالعلية والسببية، وهو الحق، إذ لا يخطر على بال الفقيه صرف اللفظ عن ظاهره وحمله على معنى مرجوح إلا لوجود ما يستدعي ذلك،أي " التعارض" بين الأدلة. فإذا ما تعارض النص الشرعي " الدليل " مع دليل شرعي آخر حاولنا الجمع بينهما بالتأويل أي بحمل كل منهما على وجه.
وقد سبق القول أن كل اختلاف في الفروع مبعثه تمسك المختلفين كل منهم بدليل يخالف دليل الآخر مما يحمله على تأويل وتوجيه دليل الخصم.
ففي تأويل عمر لقسمة السواد رأينا تعارض الأمر بقسمة أربعة أخماس الغنيمة المقاتلين والمستفاد من فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام في أرض خيبر "عند من يقول بإفادته الوجوب "رأينا تعارضه مع مصلحة الأمة الحقيقية، أو تعارض مصلحة فئة خاصة وهم المقاتلون مع مصلحة سائر الأمة فرأى عمر تقديم المصلحة العامة الحقيقية للأمة على مصلحة فئة خاصة تبعاً للقاعدة الشرعية الثابتة بالاستقراء "يتحمل الضرر الخاص من أجل الضرر العام".
وكذلك رأينا تعارض الأمر بقطع يد السارق مع النصوص القاضية بإباحة مال الغير للمضطر، فخص عموم الأمر بالقطع بغير حالة الاضطرار و هو نوع تأويل.وسيأتي إن شاء الله تفصيل الأدلة الموجبة للتأويل وشروطها وضوابطها مع التمثيل لكل منها بمثال في مبحث دليل التأويل.
وخلاصة القول:
أن دافع التأويل عند الصحابة وغيرهم هو وجود التعارض بين أدلة شرعية معتبرة، والتعارض "هو تقابل الحجتين المتساويتين على وجه يوجب كل واحدة منهما ضد ما توجبه الأخرى كالحل والحرمة والنفي والإثبات"(2)، والتعارض واقع في حقنا وعلمنا لجهلنا بالتاريخ أي تاريخ ورود الدليلين المتعارضين وليس تعارضا في حكم الله.
ولتحقق التعارض الموجب للتأويل لا بد من وجود شروط نذكرها بإيجاز شديد(3).
1. أن يكون كل من الأدلة المتعارضة حجة يصح التمسك به، فلا يوجد تعارض عند فوات وصف الحجية بين الطرفين المتخالفين.
2. التساوي بين الدليلين في القوة ثبوتاً أو دلالة لأن التدافع لا يتحقق بين القوي والضعيف، فلا تعارض بين قطعي وظني، أو بين آية وخبر آحاد أو بين النص والظاهر، ولا بين الخاص والعام، إلا أن عدم التساوي بين الدليلين لا ينفي الحاجة إلى التأويل، فيجب العمل بالدليل الراجح القوي ثم نؤول الدليل الآخر للتوفيق بينهما.
بعبارة أخرى إن تحقق التعارض بأركانه وشروطه ليس شرطاً لجواز التأويل، فنحن بحاجة إلى تأويل الدليل المرجوح وحمله على وجه مقبول بعد الأخذ بالدليل الراجح، فوجوب العمل بالدليل الراجح لا ينفي الحاجة إلى حمل الدليل المرجوح وتأويله على محمل صحيح مقبول، وذلك أولى من إهماله وإبطاله، "والمساواة بين المتعارضين ليست بشرط في جواز الجمع بينهما بعد أن بلغ كل من الطرفين المتخالفين درجة الحجة، واتفاق المتنازعين على صحته واتصاله بالشارع"(4)
3. أن لا يعلم المتقدم منهما من المتأخر، فإن علم كان الأول منسوخاً والمتأخر ناسخاً ولا يحكم بالتعارض ولا يحتاج إلى تأويل حينئذ.












(1) انظر: 9 من هذا البحث.

(2) أصول السرخسي 2/12.

(3) انظر: البزرنجي عبد اللطيف عبد الله عزيز: التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية 2/332.

(4) نفس المصدر 2/332.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-19-2008, 11:08 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

معارضة النصوص بالأقيسه العقلية
قد تبين من الشروط التي وضعها العلماء لتحقق المعارضة لنص أو دليل شرعي أن يكون المعارض المقابل حجة شرعية أولاً وقبل كل شيء، فلا تعارض عند فوات وصف الحجية في أحد الطرفين، ولأنه عند عدم تحقق ذلك بأن كان المتعارض غير معتبر كدليل شرعي كأن يكون توهمات أو تحليلات أو نظريات فلسفية مادية كالتي يعارض بها الآن أهل التأويل والتعطيل المعاصرون النصوص الشرعية الثابتة الصحيحة قطعية كانت أم ظنية، فعندئذ يعتبر الدليل الشرعي الثابت "سالماً عن المعارضة والعمل به يكون متعيناً فلا داعي لمحاولة الجمع أو التأويل أصلاً بل يكون هذا الجمع والتأويل جمعاً بين الدليل وغيره"(1).
وإذا علمنا أنه لا بد من التساوي في القوة بين الأدلة حتى يتحقق التعارض وليس ثبوت وصف الحجية فقط، حتى أنه لا يصح جريان التعارض بين قطعي وظني ولا بين نص أو إجماع لأن الأضعف ينتفي بالأقوى والظن ينتفي بالقطع والإجماع مقدم على القياس(2).
أقول إذا علمنا ذلك فماذا يتبقى من قيمة فكرية أو ثقافية أو شرعية لاجتهادات وتأويلات كثير من أدعياء الثقافة والتجديد في الفكر الإسلامي، وكل أو غالب اجتهاداتهم تلك ما هي إلا توهمات وتحليلات وأقيسة عقلية أوحى بها إليهم شياطين الإنس من المستشرقين الغربيين ليراغموا بها ما قاله الله وقاله رسوله r وأجمعت عليه الأمة خلفاً بعد سلف ؟!.
وكيف يصح مخالفة النصوص والأدلة الشرعية بالأقيسة والظنون وقد تقرر بداهة في ديننا، أن مصدر الأحكام والشرائع هو الله سبحانه وتعالى وليس أهواء البشر.
قال الآمدي " أعلم أنه لا حاكم سوى الله تعالى ولا حكم إلا ما حكم به "(3).
وبعد ما تقرر من وجوب رد المتنازع فيه من الأحكام إلى كتاب الله وسنة رسوله r جليلاً كان أو صغيراً (4)، ولو جاز مخالفة النصوص الربانية بتوهمات العقول و آرائها لكان إرسال الرسل و إنزال الكتب عبثاً وحاشا لله، ولترك الله للناس تدبير أمورهم بأنفسهم، ولما توعد في عشرات الآيات ومئات الأحاديث من لم يطع الله ورسوله بالعذاب الأليم، والأقوال التي جاءت عن الصحابة والعلماء في تحريم القول على الله بغير علم ومعارضة القرآن بالرأي أشهر من أن تحصر وأكثر من أن تذكر(5).
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه " فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن رسول الله r جاء بالهدى ودين الحق وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم… ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ولا برأي ولا قياس، ولا قال قط قد تعارض في هذا العقل والنقل، فضلاً عن أن يقول فيجب تقديم العقل. ولم يكن السلف يقبلون معارضة الآية إلا بآية أخرى تفسرها أوتنسخها، أو بسنة الرسول r تفسرها "(6).
"وقد تبين بذلك أن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد وهو معلوم البطلان بالإضطرار من دين الإسلام "(7).
"وهؤلاء - أهل التأويل الفاسد - من أهل الكلام هم النابذون للمنقولات اتباعاً للرأي وقد أداهم ذلك إلى تحريف كلام الله بما لا يشهد للفظه عربي ولا لمعناه برهان "(8).

(1) المصدر السابق 1/153.

(2) إرشاد الفحول 75.

(3) الإحكام للآمدي 1/113.

(4)إعلام الموقعين 1/52.

(5) للوقوف على كثير منها انظر: إعلام الموقعين 1/49-91.

(6) مجموع الفتاوى الكبرى 13/28.

(7) نفس المصدر 13/244.

(8) الموافقات 3/393.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-19-2008, 11:09 PM
 
رد: ردا علي المفترين علي سيدنا عمر رضي الله عنه من العصرانيين(شبهات-ردود مهمة جداً جداً)

لمزيد من الفائدة (رابط موقع الكاشف للشيخ الخراشي )
فهو موقع متخصص في الرد علي شبهات العصرانيين
http://www.alkashf.net/kalmh/
المشابهة بين المعتزلة الأوائل والمعتزلة الجدد
(كتاب قوي جدا جدا)
(الشيخ فؤاد عبد العزيز الشلهوب)
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أدخل و صلى على سيدنا رسول الله {أللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وأله وصحبه} الساهره نور الإسلام - 3 05-21-2008 02:04 AM
رابطة الدوري الأيطالي Calcio حبيب القلوب رياضة و شباب 40 05-19-2008 03:44 PM
قصة سيدنا اسحاق ابن ابراهيم عليهما السلام ام ياسمين قصص قصيرة 0 05-10-2007 10:56 PM
قرر عمر بن الخطاب قتل سيدنا محمد فسن سيفة و ذهب lida_507 أرشيف القسم الإسلامي 2005-2016 7 10-01-2006 03:07 PM


الساعة الآن 06:27 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011