محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من آكد حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته وأوجبها، فأي إنسان لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس بمؤمن، وإن تسمى بأسماء المسلمين وعاش بينهم. قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»(متفق عليه).
وأعظم الـحب أن يُقدِّم المؤمنُ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبته لنفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فقد قال سبحانه وتعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (الأحزاب: 6).
وقال عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا رَسُولَ اللهِ! لَأنْتَ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ». فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنَّه الْآنَ -وَاللهِ- لَأَنْتَ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «الْآنَ يَا عُمَرُ» (رواه البخاري).
واستعراض كيف كان محبة أصحابه صلى الله عليه وسلم وأتباعه له أكثر من حبهم لأنفسهم يطول جدًّا، لعلنا نذكر حادثة لحنين غير البشر له صلى الله عليه وسلم
فقد «كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتُمْ»، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ»، قَالَ: «كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا» (رواه البخاري)، فكان الحسن البصري -رحمه الله- إذا حدث بحديث حنين الجذع يقول: يا معشر المسلمين، الخشبة تحِنُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شوقًا إلى لقائه! فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه!
قال سبحانه وتعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) [الأحزاب: ٦]