10-22-2019, 11:30 PM
|
|
تاريخ وفاة الرسول
صلاة أبي بكر بالناس
ولمّا تعذر عليه الخروج إلى الصلاة قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس «5» فرضيه عليه الصلاة والسلام خليفة له في حياته. ولما رأت الأنصار اشتداد وجع الرسول طافوا بالمسجد، فدخل العباس، وأعلمه بمكانهم واشفاقهم متوكئا على عليّ والفضل «1» ، وتقدّم العباس أمامهم والنّبيّ معصوب الرأس يخطّ برجليه، حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر، وثار الناس إليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلّد نبي قبلي فيمن بعث الله فأخلّد فيكم؟، ألا إني لاحق بربي وأنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا، وأوصى المهاجرين فيما بينهم، فإن الله تعالى يقول:
وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ «2» وإن الأمور تجري بإذن الله، ولا يحملنّكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله عزّ وجلّ لا يعجّل بعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ»
وأوصيكم بالأنصار خيرا، فإنهم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم من الثمار؟ ألم يوسّعوا لكم في الدّيار؟ ألم يؤثروكم على أنفسهم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولّي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وإني فرط «4» لكم، وأنتم لا حقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه إلا فيما ينبغي» . وبينما المسلمون في صلاة الفجر من يوم الإثنين ثالث عشر ربيع الأول وأبو بكر يصلي بهم إذا برسول صلّى الله عليه وسلّم قد كشف سجف «5» حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر رضي الله عنه على عقبه ليصل الصّف، وظن أن رسول الله يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله، فأشار إليهم بيده أن أتمّوا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر «6» . وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
ولم تأت ضحوة هذا اليوم حتى فارق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دنياه ولحق بمولاه، وكان ذلك في يوم الإثنين 13 ربيع أول سنة 11، (8 يونيو سنة 633) فيكون عمره عليه الصلاة والسلام 63 سنة قمرية كاملة، وثلاثة أيام، وإحدى وستين شمسية، وأربعة وثمانين يوما، وكان أبو بكر غائبا بالسّنح وهي منازل بني الحارث بن الخزرج عند زوجه حبيبة بنت خارجة بن زيد-، فسلّ عمر سيفه، وتوعد من يقول مات رسول الله، وقال: إنما أرسل إليه كما أرسل إلى موسى، فلبث عن قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يقطّع أيدي رجال وأرجلهم، فلمّا أقبل أبو بكر، وأخبر الخبر دخل بيت عائشة، وكشف عن وجه رسول الله، فجثا يقبّله، ويبكي، ويقول: توفي والذي نفسي بيده، صلوات الله عليك يا رسول الله، ما أطيبك حيّا وميتا: بأبي أنت وأمي، لا يجمع الله عليك موتتين «1» ، ثم خرج فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ألا من كان يعبد محمّدا، فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت» وتلا قوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ «2» وقوله وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ «3»
|