02-20-2020, 07:43 AM
|
|
آثار أسماء الله فى الكون آثار أسماء الله في الكون معرفة الأسماء الحسنى، والصِّفات العُلا من أجَلّ المعارف وأشرفها، وكل اسم من أسمائه سُبحانه له صِفة خاصة؛ فأسماؤه أوصاف مدح وكمال، وكل صفة لها مُقتضى وفعل، ولكل فعل مفعول هو من لوازمها، ومن المُحال تعطيل ذاته عن أسمائه، وأسمائه عن أوصافها ومعانيها، وتعطيل الأوصاف عمّا تقتضيه من الأفعال، وتعطيل الأفعال عن مفعولاتها وأثرها، وكل هذا من آثار أسمائه الحسنى وصفاته.
وإذا كانت أوصافه صفات كمال، وأفعاله حكمًا ومصالح، وأسماؤه حسنى؛ ففرض تعطيلها عن موجباتها مستحيل في حقه، ولهذا ينكر سبحانه على من عطله عن أمره ونهيه، وثوابه وعقابه، وأنه بذلك نسبه إلى ما لا يليق به وإلى ما يتنزه عنه، وأن ذلك حكم سيئ ممن حكم به عليه، وأن من نسبه إلى ذلك فما قدره حق قدره، ولا عظمه حق تعظيمه، كما قال تعالى في حق منكري النبوة وإرسال الرسل وإنزال الكتب{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } [الأنعام: 91] وقال تعالى في حق منكري الميعاد والثواب والعقاب { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [الزمر: 67] ، وقال تعالى في حق من جوز عليه التسوية بين المختلفين، كالأبرار والفجار، والمؤمنين والكفار {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [الجاثية: 21]؛ فأخبر أن هذا حكم سيئ لا يليق به، تأباه أسماؤه وصفاته، وقال سبحانه { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [المؤمنون:115 - 116] تعالى الله عن هذا الظن والحسبان الذي تأباه أسماؤه وصفاته.
ونظائر هذا في القرآن كثيرة، ينفي فيها تعالى عن نفسه خلاف موجب أسمائه الحسنى وصفاته؛ إذ ذلك مستلزم تعطيلها عن كمالها ومقتضياتها.
فاسمه &"الحميد المجيد&" يمنع ترك الإنسان سدى مهملًا معطلًا، لا يُؤمر ولا يُنهى، ولا يُثاب ولا يُعاقب، وكذلك اسمه &"الحكيم&" يأبى ذلك، وكذلك اسمه &"الملك&"، واسمه &"الحي&" يمنع أن يكون معطلًا من الفعل، بل حقيقة الحياة الفعل؛ فكل حي فعال، وكونه سبحانه خالقًا قيومًا من موجبات حياته ومقتضياتها، واسمه &"السميع البصير&" يوجب مسموعًا ومرئيًّا، واسمه &"الخالق&" يقتضي مخلوقًا، وكذلك &"الرازق&"، واسمه &"الملك&" يقتضي مملكة وتصرفًا وتدبيرًا وإعطاءً ومنعًا وإحسانًا وعدلًا وثوابًا وعقابًا، وأسماؤه &"البر والمحسن والمعطي والمنان&" ونحوها تقتضي آثارها وموجباتها.
|