عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-27-2008, 08:32 PM
 
Post المال الحلال

المال الحلال



المفكر الاسلامي الكبير اللواء الركن : محمد شيت خطاب يرحمه الله


نشأ في بيت مضمخ بالتقوى ، فكان من صغره حمامة من حمائم المسجد ، يسعى للصلاة فيه ، ويحاسب نفسه على تخلفه عن صلاة الجماعة ، ويحرص أن يكون في أوقات الصلاة متفرغاً لها ، لا يشغله شاغل عنها . ومنذ كان في السابعة من عمره حتى يومه هذا ، لم تفتهِ صلاة واحدة في حله وترحاله ، فإذا سمع صوت المؤذن للصلاة ، بادر إلى أداء الفريضة المكتوبة فرحا مستبشراً ، كأنه مقبل على موعد سعيد ، فإذا لم تسمح له ظروفه الحياتية أن يؤدي الصلاة بعد سماع الأذان للصلاة مباشرة ، ظل يتململ قلقاً حزيناً ، كأنه يحمل جبلاً على صدره ، ولا يرتاح إلا إذا أدى صلاته باطمئنان وسكينة ، فإذا قضيت الصلاة ، عادت الابتسامة إلى وجهه ، واشرق وجهه بالنور ، وحمد الله كثيراً ، وشكره على فضله واحسانه عليه في ذكره وشكره وحسن عبادته .

تدرج في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية ، فلما أنهى هذه الدراسة انتسب إلى كلية التربية ، فتخرج فيها مدرسا في إعدادية الموصل للبنين . فكان يلقن طلابه فيها العلم والدين في آن واحد ، ويرعى الطلاب المتدينين رعاية خاصة .
ولم يكن في حياته مسرفا ولا مقترا ، بل كان يبتغي بين ذلك سبيلاً ، فكان يقتصد من مرتبه الشهري ويودع ما اقتصده في المصرف في حقل : الحساب الجاري ، بلا ربح ولا فائدة ، ولكن لحماية ماله من السرقة أو الضياع .
ونقلت وظيفته الرسمية إلى مدينة بغداد فنقل حسابه الجاري إلى أحد مصارف العاصمة واصبح حسابه يتزايد مع الأيام .
وكان يقضي أيام الدراسة في بغداد ، ويقضي أيام العطلة الصيفية كل عام بين أهله في مدينة الموصل الحدباء .

وفي يوم من أيام العطلة الصيفية من سنة 1406 ه ، قرر أن يشتري له داراً صغيرة في مدينته الموصل ، فاتفق مع مالك تلك الدار على ثمنها ، ودفع له جزءاً من ثمنها ضماناً لصاحب الدار وله ، ودليلاً على الاتفاق على البيع والشراء بدون تردد ولا نكول .
وسافر من الموصل إلى بغداد ، ليسحب من المصرف ما اقتصده فيه من مال خلال عشرين سنة من سنيّ حياته في الوظيفة التعليمية ، بالإضافة إلى ما ورثه عن أبيه من مال ، فأصبح يملك مبلغاً من المال ، صغيراً في مقداره ، كبيراً في قدره ، لأنه مال حلال لا شائبة فيه من مال حرام . وللحلال قدره عند الله والناس .
وقصد المصرف الذي فيه حسابه الجاري ، وسحب جميع رصيده ، ووضع نقوده في حقيبته اليدوية التي تضم هويته الشخصية وأوراقه الخاصة به ، ثم يمّم شطر باب المصرف ، ليغادره إلى الفندق الذي يأوى إليه .

ولم يكن يدري ، أن أحد اللصوص ، كان يراقبه عن كثب ، وينوي الاعتداء على ماله الذي تسلمه من المصرف ، فلما وصل صاحبنا باب المصرف ، وانطلق إلى الشارع ، هاجمه اللص الذي كان يترصد خطواته ، وبادر إلى اختطاف حقيبته بما فيها من مال ووثائق ، ثم امتطى دراجة بخارية كانت قريبة منة بانتظاره ، وكان شريك اللص سائق تلك الدراجة البخارية قد أعدها سلفا لانطلاق فورا ، فانطلقت الدراجة البخارية سريعاً باللص الخاطف وبصاحبه سائقها ، تجري في شارع الرشيد المزدحم بالسيارات ومختلف وسائط النقل الأخرى ، وجرت الدراجة حلزونياً بسرعة خاطفة ، حتى غابت عن الأنظار خلال لحظات معدودات .
وأصيب صاحب الحقيبة المخطوفة ، بعد خطف حقيبته ، بدون توقع خطفها ، بمباغته مفاجئة كاملة شلت تفكيره لبضع ثوان ، فلما عاد إليه رشده ، استنجد بمن حوله من الشرطة والناس ، ولكن اللص الذي اختطف الحقيبة ، كان قد اختفى عن الأنظار ، وفات الوقت المناسب للحاق به والقبض عليه .
لم يكن لدى صاحبنا شهود على نهب حقيبته ، ولم يكن قد عرف الذي نهب الحقيبة شكلا أو اسما ، لأن العملية كلها جرت بسرعة خاطفة وبدون توقع ، فلم ينتبه هو ولا غيره إلى شكل الخاطف أو سمته على الاقل ، فلما قصد الشرطة مخبرا بالحادث ، سجلت دعواه ضد شخص مجهول الهوية ، فكان الأمل في العثور على اللص الخاطف والحقيبة المخطوفة ضعيفا جداً .

وآوى الرجل إلى فندقه ، وقد خسر ما ادخره وورثه في سني حياته ، وخسر الدار التي تعاقد على شرائها ، واصبح حائرا لا يدري ما يصنع ، ولا يدري كيف يتصرف ، ولم يبق أمامه غير اللجوء إلى الله عز وجل يدعو ويتضرع ، والصبر على ما أصابه من ضرّ .
أما اللص الخاطف ، وصاحبه وشريكه سائق الدراجة البخارية ، فمضيا على عجل حتى قطعا شارع الرشيد ، ثم سلكا شارع أبي نؤاس إلى آخره ، واتجها إلى الكرادة حتى الجسر المعلق ، ثم سلكا الطريق السريع باتجاه الدورة ، وكان انطلاق الدراجة البخارية سريعا للغاية ، وكان السائق ماهرا جداً في سياقته وفي خبرته بالطرق ومسالكها ، وقبل عبور الجسر إلى الدورة ، اصطدما بسيارة قادمة من الجهة المعاكسة ، وكان وراء الدراجة البخاري سيارة أخرى مسرعة أيضا ، فلم يستطع سائقها السيطرة عليها ، لتحاشي الاصطدام بالدراجة البخارية المدهوسة ومن عليها ، فدهس الدراجة البخارية ودهس الخاطف وصاحبه معها ، وكانا قد دهسا أول مرة بالسيارة الأولى ، وبذلك دهسا مرتين خلال ثانيتين أو أقل ، ففارقا الحياة ، واصبحا كهشيم مسحوق .
وترجل صاحبا السيارتين ، وترجل أصحاب السيارات العابرة ، وتجمع الناس ول الجثتين ، وحضرت الشرطة ، وعثروا على الحقيبة السوداء .
وحملت الشرطة القتيلين إلى المستشفى ، واجرت التحقيقات مع سائقي السيارتين اللتين دهستا القتيلين ، وأودعوا الحقيبة في مكان أمين من أمكنة مقر الشرطة ، بعد جرد ما فيها من نقود ووثائق .

وكان في الحقيبة المال كاملا ، وكان فيها أوراق وهوية صاحبها الأصلي التي نهبت منه ، فظن محققو الشرطة ، أن الهوية تعود للقتيل ، فاستدلوا بها على شخصيته ، إذ لم يكونوا على علم بأن الحقيبة منهوبة ، وأن الذي وجدت عنده هو ناهبها لا صاحبها ، وقد كان وجهه مشوها بشدة ، لأنه كان مسحوقاً سحقا كاملا ، فلم تستطع الشرطة مقارنة تصوير الهوية بوجه الشخص المدهوس ، لأن ذلك كان مستحيلا .
وأرسلت الشرطة الحقيبة برفقة الشخص المدهوس ، إلى الموصل ، على عنوان صاحب الحقيبة بدلالة الهوية الشخصية ، لا على عنوان الشخص المدهوس ، لأنه لم يكن يحمل هوية شخصية في حينه تدل عليه ، ولعله كان قد تخلى عنها في مكان ما ، قبل أن يقدم على فعلته ، حتى لا تنم عليه .
وصعق أهل المعلم الذي قصد بغداد لسحب رصيده من المصرف لموته ، فقد تسلم أهله جثته عظاما مسحوقة ولحما مشوها ، فأجروا مراسيم الدفن ، وتقبلوا التعازي في وفاته .
وبعد سبعة أيام من انقضاء أيام العزاء ، عاد صاحبنا من بغداد إلى الموصل ، وكان قد مكث في فندقه ببغداد عشرة أيام يراجع الشرطة كل يوم ، فيقال له : لا جديد .

وطرق باب دار أهله ، فبهت الذي فتح الباب ، حين رأي الذي حسبه قد مات منذ عشرة أيام قد عاد إلى الحياة من جديد ، فنادى بأعلى صوته ، كأنه فقد عقله ، فلان عاد من القبر ، فلان بعثه الله حياً .
وتجمع أهله من حوله فرحين ، ولكن الدهشة عقدت ألسنتهم . فقال لهم صاحبنا : ما الخبر ! ولما أخبروه بأن الشرطة ، جاءوا بجثته وحقيبته وهويته الشخصية وأوراقه الخاصة ، فدفنوا الجثة .
وتقبلوا التعازي فيه ، قال لهم : إنكم دفنتهم جثمان رجل آخر هو الذي نهب حقيبتي بما فيها من نقود وأوراق ، وهرب ، فسحقه الله ، وأعاد الأمانة إلى صاحبها .
وجاء الأهل بالحقيبة وبما فيها ، وهويته الشخصية التي استدلت بها الشرطة على عنوانه ، فحمد الله وشكره ، وقال : ( هذه بضاعتنا رُدت إلينا ) .
لقد كان الله سبحانه وتعالى للذي نهب الحقيبة والمال بالمرصاد ، فسحقه سحقا مرتين هو وصاحبه ودراجته البخارية ، وأعاد المال إلى صاحبه بلا عناء ولا تشبث : ( إن ربّك لبالمرصاد ) ، صدق الله العظيم .
وعاد المال الحلال إلى صاحبه ، ولو كان مال حراماً لما عاد أبدا ، لأن المال الحلال يبقى ويبقي صاحبه ، والمال الحرام لا يبقى ولا يبقي صاحبه ، لأنه ليس صاحبه ، ولا حق له ببقائه عنده في شرع الله ، والله كفيل برد الحقوق إلى أصحاب الحقوق ، لو بعد حين .
وويل للذين يقتنون المال الحرام ويحسبونه هينا ، وهو عند الله عظيم .
  #2  
قديم 07-28-2008, 12:33 PM
 
رد: المال الحلال

بالفعل المال الحلال لا يضيع
جزاك الله خيرا
وفي انتظار الجديد
  #3  
قديم 07-28-2008, 09:01 PM
 
رد: المال الحلال

شكراً جزيلا على المرور
بارك الله فيك
جزاك الله خير
  #4  
قديم 08-01-2008, 09:18 AM
 
رد: المال الحلال

مشكووووووووور اخوي
  #5  
قديم 08-01-2008, 07:46 PM
 
رد: المال الحلال

شكراً جزيلاً على المرور
بارك الله فيكم
جزاكم الله خير
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التكبر حقيقة لا خيال مواضيع عامة 2 07-31-2008 08:38 PM


الساعة الآن 04:26 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011