07-28-2008, 02:00 PM
|
| |
| لوحه على صفحات الجدول
كان جدولي شاديا في لحظات حزنه ..دائما أبوح له بما يؤرق أيامي،مع مياهه الجارية يأخذ أحزانى و يليقها بعيدا..حتى ذلك اليوم فلم أكن بمفردي على جدولى لقد كان هناك آخر يجلس على الضفة الأخرى . مكثت عيناى بعينيه طويلا ،انتبه لينأى بعينيه بعيدا عنى . ظل حالنا على ذلك عدة أسابيع ..أحسست تقاربا لا ريب فيه ما بينا..انتظرته كي يتقدم..يقرب ..يخبرني بما لديه،لكن دون جدوى...يبدو أن عظيما منعه من ذلك.. و للحزن الذي لمحته بعينيه من بعيد قررت أن أتولي أنا أمر تلك الخطوة. و في أحد الأيام عبرت له فما إن رآنى حتى هم بالنهوض فربت على كتفه قائلة:-ياااااه...ألهذا الحد ضايقك تواجدي ؟!.. -فهمس بي.. هي لوحة لن تكتمل، لن أخط بريشيتى فى لوحه لن تكتمل .سألته أن يجلس، حينها أخبرته لماذا ألجأ إلى هذا الجدول فقال:- يا عزيزتي هكذا القدر ..فهذا الدنيا لا تريح و لا تستريح.تعجبت من هذه الكلمات التي نادرا ما يتفوه بها شاب فدى أواخر العشرينات،تسألت ما سر هذا الحزن العميق بداخله. - أتعلم ما أسميت هذا الجدول.. - ماذا ؟- أسميته الجدول الشادي - هذا ليس غريبا عما رأيت بعينيك ..- بإيماءة عفوية سألته.. و ماذا رأيت ؟..و في حزن أجاب - لن أخط هذه اللوحة .حاولت أن أتلاشي تلك الكلمات التي لا افهم لها معنى و سألته.- و أنت .. ماذا أسميته ؟- حسنا ..لم أفكر له يوما في اسم و لكن إن شئت فسأسميه جدول الموت .جدول الموت ... رهبت الاسم قائلة :-لكن هذا غريبا عما رأيت بعينيك ....!!و لم يسألني ماذا رأيت ؟!... فإقتربت أكثر..- أرى صفاء ذلك الجدول الذى أحب ثم سألته و الشغف يعلو كلماتي:-لماذا أتيت إلى هنا ؟!-أتعلمين ثم سكت ورحل .جاء الغد، أحضرت له عصا فوضعنا عصانا و قدمانا بالماء. أدركت انه حان الوقت كى أعرف، دون أن أسأل وجدته يقول:-أتعلمين اسمي زياد .. توف والدي و ترك لى زوجه قعيدة و طفله صغيره. راحت عيناه تدمع، هو يقول لا أدري لمن اتركهما ؟!..-تتركهما لما ؟!... حينها علمت انه مصاب بمرض قلما تنجو من براثنه فريسة، دعاني لزيارة بيته فذهبت معه.. كان بيتا كبيرا فى بهوه العديد من اللوحات الزيتية الرائعة الرسم و التصميم... يبدوا انه من رسمها.و فجأة ظهرت بالبيت عجوز قعيده . ما أن رآها حتى قبل يداها و راح يبكى فمسحت عليه . - ولدى لو علمت ما يبكيك!.. لأرتاح قلبي.- فقال ماسحا دموعه .. لاشئ يا أمي..لقد افتقدتك لا أكثر. ثم ظهرت فتاة صغيره جرت عليه متلهفة و تعلقت بعنقه .. اخذ يقبلها و يدور بها في بهو المنزل. ثم عاد يوصلني فقلت له:-ما أجمل تلك اللوحات بالبهو ..أأنت من رسمها؟-نعم فأنا متخرج من كلية الفنون الجميلة ..و اعشق الرسم.حينها أحسست دقا في رأسي يلح على ذلك السؤال فنطق به لساني.- إذا.. فما بال تلك اللوحة التي لن تكتمل ؟! ..- قد لا تصدقيني لكني أردت أن أخط وجهك منذ رأيتك .. فماذا افعل إذا كانت قد سبقت كلمة الطب؟! - صدقني كل الكلمات و حتى كلمة الطب دائما تعلوها كلمة القدر...-معك حق..- إذا فلننتظر معا كلمة القدر .- ننتظرها فهي ليست ببعيدة..حينها وضعت يداي على شفتيه مستوقفة كلماته.- لا أحب أن أحس بكل هذا الحزن بداخلك..أنت تعرف من أنت بالنسبة إلي.- أحقا ؟!.. لكن كيف و أيامي معدودة في الحياة.- هذه الكلمة سأنطقها للمرة الأولى و للرجل الأخير.. أحبك ..أحبك و لن أحب غيرك أتفهمني.- أنا أيضا أحبك ..لكنى لا أريدك أن توقفي حياتك على حياتي..فهي سويعات معدودة و أنقضي..كأنك لم تريني. حينها سالت الدموع من عيني بغزارة.. استندت إلي صدره ..وضع يده علي رأسي برفق، ضمني إليه بشدة.أحسست حينها بدفء غريب يجتاح كياني،شعور طاغ بالأمن بين راحتيه حين قال:- أسف لم أكن أقصد إيلامك ..أنا حقا لا أقوى عليه.فرددت بصوت مجهش بالبكاء.- أنت لم تؤلمني لكنك جرحتني..قلت لك أنك حبي الأول و الأخير،أنت تصر على أن تفكر بمنطق تلك الحياة الضعيفة ..إنك مصر على أن تسلبني كل شئ بحديثك هذا.- أخبرتك أني لا أقوي علي ذلك..لكن.- كفي ليس هناك داع لهذه الكلمة(لكن) هذه..فالقادم من عمرينا كله لنا..لك ولي فقط دون الدنيا.- يااااه..أنت حالمة جدا.- نعم لك أن تتخيل فتاة حالمة تحبك، مجنونة بك، لا ترى علي الأرض رجل غيرك أنت. حينها نسي عذاب مرضه و تظاهرت أنا بكل براعة بتناسيه..كانت أيام قلائل .. لكنها أسعد أيام عشتها في حياتي كلها..زرنا كل حدائق و متنزهات بلدتنا و علي كل شجرة تركنا أول حروف اسمينا..مشينا وسط الزحام ..جرينا تشاهدنا المارة في الطرقات و لا نأبه لهم.. تلاعبنا بدنيانا و تلاعبت بنا. و مرت الأسابيع علينا كثوان، ذات مرة ذهبت إلى جدولى فروعتني رؤية اللوحة دون صاحبها . توقف سريان الدماء في جسدي..أمسكت باللوحة و ظللت أتلمسها بديان عاجزتان.كان مرسوما عليها صورتينا يستند كل منا إلى ظهر الأخر .. تعلونا الشمس فى شفق الغروب ،مرفق بها خطاب . ما إن أمسكت به حتى ظهر ظل على الضفة الأخرى .. أناس كثيرة تشيع جثمانه.رحت أقرا ما بالخطاب كان به... -حبيبتي انتظرنا معا كلمة القدر،ها قد جاءت فأذكرينى.. حبيبتي اشتقت دائما أن تعلمي ما رأيت بعينيك .. لقد رايتك تعشقين الأمل و لو كان وهما . أأخبرك بما يضحكك؟! .. أنا الآن أعلم لمن تركت العجوز و الصغيرة .. حينها سرت في جسدي رعشة أماتتنى،انطبقت نواجذي فوق بعضها البعض فلم أستطيع أن أفرج عما بين شفتاي.. أريد أن أنطق باسمه..- زياد انتظرني..لما ذهبت و تركتني وحيدة..زياااااد حبيبي..ما زال أمامنا الكثير من الوقت..انتظرني لم ينته أي شئ بعد.و لكن هيهات لم يسمعني غير جدولي الذي أضاف إلي أحزانى التائهة مع أمواجه حزنا لا يمحى مهما مرت عليه السنون. و بخطوات تلتوي حائرة ما بين السرعة و التراخي...أمسكت باللوحة،عبرت الجسر ..عبرت إليه. و أنا لا أدري ماذا أنا فاعلة .. لم أدر كيف اتجهت إلى الجسر.. كيف كنت متجهة إليه..و في وسط هذا كل التيه طارت اللوحة من يداي، أنا اعبر الجسر لتظل و للأبد .. لوحة على صفحات الجدول. رباب السنهوري</p>
__________________
احلم بعراق تعانقُها فلسطين .. تذرفُ عليهما دمعاً لبنان ..تخشى عليهما سوريا .. وللجميع يدعوا حجاج بيتِ اللهِ الحرامِ و كويت تسامحُ فيْ خلافٍ بين أشقاءِ .. مصر تتحركُ هنا و هناك .. تونس تمنحنا الصفاءَ بخضرتهاِ .. المغرب تضفى علينا من جوِها الدافئِ .. و من طيبهِ رجالِ البحرين نستمد الأملَ .. و عمان تمنحنا الألفة من طبيعتها الساحرة..وكذا الأردن .. الصومال .. الجزائر .. جيبوتي .. جزر القمر .. الإمارات .. ليبيا .. اليمن .. السودان .. موريتانيا .. قطر
|
المواضيع المتشابهه 
1Likes
العرض العادي
