عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-30-2008, 09:28 AM
 
Post اليَمين عَلى مَن أنكر

اليَمين عَلى مَن أنكر



اللواء الركن: محمود شيت خطاب يرحمه الله

وقف أمام القاضي ، فأنكر أنه مدين بمبلغ خمسمائة وألف من الدنانير لورثة الحاج إبراهيم محمد ، فطلب منه القاضي أن يُقْسِمَ بالقرآن الكريم بأنَّ الحاج إبراهيم لم يدفع له في يوم من الأيام هذا المبلغ ، وأنه ليس مديناً له ، فأقسم ثم غادر المحكمة بعد أن أفرج عنه القاضي ونطق بالحكم عليه بالبراءة .
ولم يكد يتخطَّى عتبة المحكمة إلا وسقط على الأرض ميتاً !
ذلك ما حدث في مدينة ما من مدن العراق .
ولكن القصة لا تبدأ هكذا ، فلنذكر القصة كما حدثت :
كان الحاج إبراهيم محمد من التجار الكبار ، وكان لا يردُّ طلب طالب ، ولا يخيِّب رجاء قاصد .
وفي يوم من الأيام قصده السيد ( ... ) في مكتبه الكائن في ( خان الشط ) المطل على نهر دجلة وعرض عليه أمره .
وقال السيد ( ... ) للحاج إبراهيم :(( إنني جارك ، وقد كان والدي من أصدقائك المقربين ، وحين حضرته الوفاة أوصاني أن ألتجئ إليك إذا حزبني أمر أو ضايقتني أعباء الحياة .
إنَّ الزروع في هذه السنة كما تعلم لم تعط ثمن بذارها ، فقد أمحلت الأرض وانقطع المطر وساء الحال ، فلا أعرف كيف أدبّر حالي .
وكنت قد استقرضت مالاً من المصرف ، فلا بدَّ لي من دفع ديوني له وإلا افتضح أمري وشمت بي الأعداء ...واليوم أتيتك لتقرضني خمسمائة وألفاً من الدنانير ؛ لأدفع الدين الذي في عنقي لمصرف(1) الرافدين ، وأشتري البذار وأدبر حالي ، وموعدي معك لوفاء دينك عليَّ في موسم حصاد الحنطة والشعير في العام المقبل )) .
وقام الحاج إبراهيم إلى خزانة نقوده في مكتبه ، وأخرج منها المبلغ ودفعه إلى السيد
( ... ) وسجَّل المبلغ في دفتر الحسابات .
وأبدى المدين شكره وأظهر امتنانه ، وأصرّ على كتابة سفتجة(2)ولكن الحاج إبراهيم قال له : (( لا شكر على واجب ، وبيني وبينك الله ، فهو نِعم الوكيل ونعم الشهيد )) .
وبعد سنة تقريباً من هذا الحادث ، مات الحاج إبراهيم بالسكتة القلبية ، وترك زوجة وأربعة أطفال ، أكبرهم في الثالثة عشرة من عمره .
وراجعت زوج الرجل دفاتر زوجها وسجلاته التجارية ، وأعانها على ذلك أخوها المحامي ، فعرفت ما في بطون أوراقه من تفصيلات ما لزوجها من ديون على الناس .
ومرَّت الأيام والشهور على موت زوجها ، فبعثت إلى السيد ( ... ) تطالبه بما لزوجها عليه من دين ، ولكنَّ السيد ( ... ) أنكر أنه مدين بشيء لزوجها ، وزعم أنه دفع ما كان عليه من دين إلى زوجها ، وربما نسي زوجها أن يرقّن قيد الدين في سجلاته .
وتسامع الناس بالحادث ، وكان بعضهم قد سمع بأن الحاج إبراهيم كان قد أقرض السيد
( ... ) بعض المال ، فزعم للناس أنَّه وفَّى للحاج إبراهيم دينه ، ولو كان مشغول الذمة لعثر ورثة الحاج إبراهيم على سند الدين في مخلَّفاته ...

وانقسم الناس في المحلة من الجيران على قسمين :
قسم يؤيد ورثة الحاج إبراهيم ويذكرون بأنه يقرض النقود حسبة لله بدون مستند أو
سفتجة ، وقسم يؤيدون السيد ( ... ) بأنه ليس من المعقول أن يدفع الحاج إبراهيم مبلغاً ضخماً من النقود للسيد ( ... ) بدون مستند أو سفتجة .
والتجأت زوج الحاج إبراهيم إلى بعض أهل الخير من المحلة ليحملوا السيد ( ... ) على تبديل موقفه ، ولكنه أعرض وأصرَّ ، وتمادى واستكبر ، كأنه صخرة عاتية من صخور الجبال .
وكما أن آخر الدواء الكيّ ، فان آخر مطاف المتنازعين المحاكم ...ووكَّلت زوج الحاج إبراهيم أخاها المحامي ليعرض شكواها على المحاكم ...
وجاء يوم المحاكمة ، وحضر المتَّهم إلى ساحة المحكمة .
واترك الكلام الآن للحاكم الأستاذ ( ... ) الذي قصَّ عليّ تفصيلات المحاكمة ، فكان مما قاله : (( كنتُ في قرارة نفسي ، مقتنعاً بأن السيد ( ... ) مدين للحاج إبراهيم بهذا المبلغ .
ولكن لم يكن هنالك دليل مادي غير تسجيل هذا المبلغ بخط الحاج إبراهيم في سجل ديونه على الناس ، وهذا الدليل وحده لا يكفي لإثبات التهمة .
ولم ينكر السيد ( ... ) بأنه استقرض هذا المبلغ من الحاج إبراهيم ، ولكنه أفاد بأنه أعاد المبلغ إلى صاحبه بعد سنة من استقراضه .
وشهد أحد الرجال ، بأنه سمع السيد ( ... ) يثني على الحاج إبراهيم ، ويذكر أنه انتشله من وهدة الفقر والحرمان باقراضه بعض المال حسبة لله ، ولكن الشاهد لم يتذكر مقدار المبلغ ولا وقت سماعه حديث السيد ( ... ) .
كانت القضية كلها كريشة في مهبّ الريح ، فحاولت أن أجر المتهم إلى الاعتراف بالدين ، لكنه كان يفلت من الاستجواب .
إنَّ المحاكم في مثل هذه القضية ، تطبّق المبدأ القضائي : البيّنة على من ادَّعى ، واليمين على من أنكر ...
وقلت للمتهم : هل تُقسم بالقرآن الكريم ، بأنك لست مديناً للحاج إبراهيم بهذا المبلغ ولا بغيره ، وأنك دفعت ما كان له عليك من دين ؟
وقال المتهم : أُقسِم … ثم أقسَم
ونطقتُ بالحكم : البراءة ...
وخرج المتهم مرفوع الرأس شامخاً من المحكمة ، وكان ذا هامة وقامة ، صحيح البدن قويّ البنية ، سليماً معافى وهو في ريعان الشباب ...
وما كاد يغادر المحكمة ومعه المستمعون ، إلَّا وسمعت ضجَّة خارج المحكمة ، فهرعت لأتبين جليَّة الأمر ...وصُعقتُ ، لأنني وجدت المتهم الذي كان ماثلاً أمامي قبل لحظات ممتداً على الأرض جاحظ العينين مفتوح الفم أصفر الوجه ، كأنه شجرة خبيثة (( اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار )) ...
وهتف الناس من حوله : لقد مات .
وكانت زوج الحاج إبراهيم تسكن في دار قريبة من داري ، وكانت لها صلة قربى بأهلي ...واشتقت أن أسمع القصة منها ، فسألتها عن الخبر ، فكان مما قالته :
(( كان المرحوم الحاج إبراهيم باراً بجيرانه خاصة وبالناس عامة ، وكان يقرض المحتاجين ويكتفي بتسجيل قرضه في سجل خاص ...وكنت ألومه على ذلك فيقول : المال مال الله ، وقد كنت فقيراً فأغناني ، وكنتُ يتيماً فآواني فلن أقهر يتيماً ولن أنهر سائلاً ...وكان يختم كلامه كل مرة بقوله : يا ليت لي في كل قبر ديناً ...وشهدتُ محاكمة السيد ( ... ) وأصغيت إلى أقواله ، وكنت لا أشك بأن الله يسمع ويرى .
وحكم القاضي بالبراءة بعد أن أقسم المتهم اليمين ، فلما أقسم اليمين اقشعرَّ بدني ، فقد كنت مؤمنة بأنه كاذب وأنه اجترأ على كتاب الله عز وجل ...وقلت أخاطب الله سبحانه وتعالى : إنك تعلم السر وأخفى ، وإنك علام الغيوب ، فإن كان السيد ( ... ) كاذباً في قسمه فاجعله عبرة للناس ... يا قوي يا جبَّار ... وخرج المتهم من المحكمة وأنا أنظر إليه ، ولكنه سقط ميتاً على بعد خطوات من باب المحكمة ... )) .
لقد نجا السيد ( ... ) من حكم الأرض ، ولكنه لم ينج من حاكم الأرض والسموات ، ولم يكن الصراع يدور بينه وبين ورثة الحاج إبراهيم ، بل كان الصراع يدور بينه وبين جبار السموات والأرض...
وفي ليلة من ليالي الشتاء العاتية ، حين كان البرد قاسياً والمطر مدراراً وحين كان الناس يأوون إلى مضاجعهم لا يغادرونها ناعمين بالدفء والراحة .
في ذلك الوقت ، في ساعة متأخرة من الليل البهيم ، كان جرس دار الحاج إبراهيم يرنُّ قوياً متواصلاً ...وان على الباب إمرأة متشحَة بالسواد ، يرافقها طفل في السادسة من عمره ...
وفتحت زوج الحاج إبراهيم الباب لترى مَن الطارق .
فوجدت زوج السيد ( ... ) ومعها ولدها الوحيد ...وقالت زوج السيد ( ... ) للسيدة زوج الحاج إبراهيم : (( لقد أنكر زوجي بأنه مدين للحاج إبراهيم ، ولكنني كنت أعرف بأنه
كاذب ...ورجوت أن يسدّد ما عليه من دين ، وألححت في رجائي وألحفت ، ولكنه ركب رأسه ، ومضى في غيه ... لقد دفع زوجي ثمن كذبه غالياً ، وهذا هو المبلغ الذي كان مديناً به لزوجك )) .
وألقت بكيس فيه خمسمائة وألف من الدنانير ، ثم عادت مسرعة أدراجها إلى دارها ، ومن ورائها ابنها ، قبل أن تسمع كلمة من زوج الحاج إبراهيم ...

---------------------------
عنوان المناقشة : اذا عرفنا شخصاً ما يحلف باسماء الله وصفاته وكلامه كذباَ ماهو علاج هذه الحالة وما اسباب ذلك اطلب من الاخوة مرتادي المنتدى مناقشة هذا الموضوع الخطير..،، أسبابه..،، مالعلاج؟؟



__________________________
(1) الاستقراظ من المصرف بالفائدة لايجوز( الربا حرام ) يجب الحذر منه
(2) كمبيالة . قال الله تعالى في سورة البقرة : (( إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوه ... )) .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:41 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011