عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

Like Tree13Likes
 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 12-21-2008, 05:41 PM
 
رد: قصة رائعة عنوانها الجندي الأبيض

مضى يومان عاديان،، أمضي بعض الوقت مع راجوي وبعض الوقت أتجول في القصر بصحبه الأميرة فتعرفني على بعض الأماكن الجديدة .. وأشخاص جدد.. ومرة التقيت بالملك الذي صحبني وشقيقته الأميرة في جوله إلى متحف غريب جدده الملك حديثا وذهب لافتتاحه ولا أخبركم عن حشود الناس والحرس التي كانت هناك....
واليوم .... كان هذا هو يوم تتويج الملك .. الاحتفالات تملأ الشوارع والساحات منذ يومين الكثيرمن رسائل التهنئة والهدايا التي توجهت إلى القصر صحبتني الأميرة لوليانا ونحن متوجهتان إلى القاعة التي يوجد بها الملك .. لكي نصحب الملك في جولة بانشيبرا لتحيه القسم ثم يتوجه إلى قاعة الملوك ليتوج و يحلف قسم الملك..
دخلنا الى القاعة الكبيرة .. الجميع ملتف حول الملك وزراء ومستشارين و مئات الحرس الخاص والجنود ..
قالت الأميرة وأنا أبحاث بعيني عن إناث غيرنا :
- سنبقى هنا بعض الوقت...
لم أجد أي أناث غيري أنا والأميرة إلا بعض وصيفات الملك اللاتي جلسن بالقرب منه يتحدثن، ولكن الملك كان يتحدث مع مستشاره ...
قلت بضيق :
- لم لا نخرج من هذا المكان؟؟ هل هو مكان الجنود ؟؟ هناك الكثير منهم هنا ...
أجابت لوليانا بلطف :
- لا تقلقي ياعزيزتي سوف نخرج عندما تشائين ذلك ..
فجأة سمعنا صوتا يقول من خلفنا يقول :
- آه مرحبا بالضيفات الجميلات..
عرفت الصوت فلم ألتفت ووقفت في مكاني متجمدة وسمعت الأميرة:
- مرحبا جاميان، كيف تسير الأمور معك؟؟
- إنها أفضل بكثير..
التفت ببطء ونظرت .. كان يضع قناعه الغبي كالعادة ونظر إلي وقال :
- أهلا آنسة بيرتون ...
- كيف عرفت اسمي ..
- لا عجب فقد راقبتك طوال شهرين وثلاثة أيام و تسع ساعات ... هههههههه
لم أجد الأمر مضحكا ولكن لوليانا ضحكت فقلت بسخرية :
- أممممم .. كيف حال والدتك هل حدثتها بالهاتف؟؟
انصرفت الأميرة بعد عن استأذنت في دقيقة ....
صمت جاميان لبعض الوقت ثم نظر إلي بعينيه الارجوانيتان التي ظهرت من تحت قناعه وقال بهدوء :
- لا .. لا أستطيع الحديث إليها بالهاتف ..
- لماذا؟
- إنها لا تستطيع الكلام..
نظرت له باشمئزاز شديد حاولت أن أخفيه فقال بصوت منخفض :
- من أخبرك؟
ذهلت لجزء من الثانية ولكنني تمالكت نفسي وقلت :
- أخبرني ماذا؟
- عن أمي ... أحدهم قص عليكي قصة سيئة عني ..
لم أرد عليه ولكني اكتفيت بهز رأسي نفيا .. فنظر إلي مرة ثانية ثم قال :
- مضطر للذهاب آنسة لندا ولكنني سأجد من أخبرك ذلك وأشقه لنصفين ...
قلت بسرعة:
- جامي .. جاميان ..
التفت إلي وقال بمرح :
- يعجبني اسم الدلع الذي نطقتيه في البدايه ..
كنت أود أصفعه وحاولت أن أقول بهدوء :
- لم يكن مقصودا ... ولكن ألن تعيدني إلى الأرض.؟؟ لقد وعدتني ..
لا أدري لم كأنه تفاجأ من السؤال ولم يرد ..
سمعنا الموسيقا في الخارج تعلن عن بدأ تجهيز الملك للذهاب .. وبدأ الجميع في التحرك .. أقترب جاميان مني وانخفض قليلا لمستوى أذني قال بصوت منخفض يحمل رومنسية غريبة :
- لندا .. لا تخافي لن أتركك أبدا لهذا الذئب ..
انطلق بسرعة واختفى وسط الحشود .. من يقصد بالذئب؟؟ زاد من خوفي وحيرتي .. هل كان يقصد الملك أمرجيز؟؟
بدأت أقلق من كل التضادات التي تحوم حولي ..
وقفت بضع دقائق أفكر في ما يحصل .... كان الجميع يتحرك ويحاول أن لا يصطدم بي .. أقبلت لوليانا وقالت والسعادة تملأ صوتها :
- هيا ... الجميع بانتظارنا ..
قلت بهدوء :
- المفروض ألا أذهب معكم..
كانت الضوضاء حولنا كبيرة والرجال في حالة حركة دائمة .. ومن بعيد صوت الموسيقى العسكرية ..
ونظرت لي لوليانا باستغراب لا حظته وقالت وقد تلاشت تلك السعادة من صوتها :
- لندا .. ما الأمر، هناك شيء ما يضايقك بالتأكيد .. أليس كذلك ؟؟
- لا.. ولكنني لن أذهب معك أنت والملك سأذهب مع احدهم وأحضر التتويج كواحدة من الجمهور .. أنا لست ملكة ولست أخته ..
قلتها كما قلتها لا أعرف كيف خرجت .. ولا حظت الاندهاش والاستياء على وجه لوليانا التي قالت بصوت منخفض :
- هل أخبرك جاميان بشيء سيء عن الملك؟؟
نظرت لها وانا أحاول أن أستشف من كلامها أي شيء ولم أتحدث فقالت :
- هيا مهما قال جاميان فإنك لن تصدقيه أليس كذلك .. إنه معقد نفسيا..
قلت بغضب :
- جاميان لم يقل لي شيئا .. وأنا لن أذهب إلى حفل التتويج برفقتكم ..
لا أدري لماذا كنت أشعر بالحيرة والاشمئزاز من كل شيء وقالت الأميرة بلطف أحرجني :
- كما تشائين .. ولكن يجب أن يصحبك أحد جنودنا المتمرسين ... أنت بالطبع لا تريدين جاميان ؟ أليس كذلك؟ أم أنه الوحيد الذي تعرفينه؟؟
أطرقت .. ولم أجب .. فتركتني وذهبت ...
بعد قليل سمعت صوتا يقول من خلفي :
- ما رأيك آنسة لندا في نزهة قبل حفل التتوييج؟؟
نظرت خلفي ورأيت جاميان ...
مستحيل .. هل سيصحبني حقا!؟؟!
قال بمرح غبي :
- ما رأيك .. الا تحبين أن تخرجي بصحبة جندي مجهول .. هههههههه
نظرت له بخوف وقلت :
- أنا لن أذهب معك في أي مكان.. هل سمعت..
اقترب مني وقال بصوت منخفض :
- ماذا قالت لك راجوي؟ هل تريدينني أن أشقها إلى نصفين؟؟
شهقت من دون وعي مني وقلت بخوف :
- مستحيل .. لا راجوي لم تقل شيئ .....
- أعرف أنها أخبرتك.. لا تدافعين عنها ...
كنت خائفة جدا وبدأ الجنود حولنا بالانتظام والانصراف خلف موكب الملك واقتربت لوليانا وقالت :
- أنت بخيرأليس كذلك لقد دعوت جنديا تعرفينه حتى تكوني مطمئنة...
ثم نظرت إلى الجندي الأبيض وقالت :
- اهتم بها يا جاميان..
هز جاميان رأسه وانصرفت الأميرة بسرعة لتلحق بموكب شقيقها ..
نظرت إلى جاميان الذي سحبني بسرعة من يدي وهتف بمرح :
- أنت لا تملكين خيارا آخر، أنا قضاء عليك اليوم .. دعينا نخرج من الباب الخلفي .. ستصلين إلى مكان التتويج أسرع من الملك نفسه..
- اتركني يا جاميا ااااااااااان ن ن ...
صرخت وهو يسحبني عكس الناس ولكنه لم يتوقف وظل يمشي بسرعة و فستاني يضايقني ولا أستطيع الركض به .. خطوتين بساقي جاميان الطويلتان بعشر خطوات مني .. لم يكن هناك تكافؤ قدرات ..
ركضت وركضت وخرجنا من الباب الخلفي حيث الأشجار والغابات ولم يكن يوجد أي مخلوق حي سوى العصافير ..
قلت بخوف :
- ماهذا يا جاميان.. لا يوجد أحد هنا..؟؟
ضحك جاميان ثم خلع قناعه وقال باسما :
- لم لا تستمتعين بوقتك وتدعيني أخبرك بعض الأشياء عن الحوادث التي أخبرتك بها راجوي ..
قلت بعصبية وأنا أحاول أن لا أنظر لوجهه:
- لن أبقى معك وحدنا .. أنت لست مضمونا.. هل سمعت..
قال ببرود وهو يرفع حاجبيه كنوع من التحدي :
- لقد بقيتي نائمة أمامي بمفردك طوال أسبوع وأربعة أيام ... لو كنت أود أذيتك لفعلت .. لكنني تأملتك طوال الوقت ..
احتشدت دموعي وقلت بخوف:
- لكنني الآن لا أريد البقاء معك .. ألا تفهم يا إنسان؟؟!!
نظر إلي بصمت طويل ..
أنا أيضا لم أقل شيئا ..
ظللنا هكذا لمدة خمس دقائق.. ربما أكثر أو أقل لا أعلم لكنه قال بهدوء وهو يسير ببطء :
- ماذا قالت لك راجوي وجعلتك تكرهينني إلى هذا الحد .. هل أخبرتك عن الحرب؟؟ هؤلاء الجنود الذين قتلتهم خدعوني وهاجموني وكنت وحيدا .. كان علي قتلهم وتعليقهم حتى يكونون عبرة لمن اعتبر.. أنت لا دخل لك بأعمال الرجال .. إنها الحرب يا عزيزتي .. الحرب ..
نظرت له ولم أقل شيئا.. كنت أفكر في قوة رجل يقتل مئات الرجال المسلحين بمفرده ..
وتابع :
- أنا لا أخمن حقيقة ماذا قالت لك راجوي أيضا.. ماذا أخبرتك؟؟ هل أخبرتك بحادثة الرجل الذي قذفته من على الجسر؟؟ كي ...
- لا أريد سماع المزيد عنك .. أريد أن أذهب الآن..
ابتسم وقال :
- حسنا .. اذهبي ..
قلت بغضب :
- هيا خذني .. أنا لا أعرف الطريق ..
- حسنا.. إما أن تسيري معي أو تذهبي وحدك ..
لم يكن لدي خيار .. سار امامي وأنا خلفه وبدأ يتحدث قائلا :
- ذلك الملك أمرجيز الخبيث .. أحذري منه ..
ولوح لي بقناعه إلى مكان ما فنظرت لأجد مركبة صغيرة بيضاء اللون وعليها رسومات سوداء تقف وسط الأشجار فقلت :
- لماذا تقول ذلك ؟؟
- تفضلي في سيارتي ( كما يقول أهل الأرض) وسوف أخبرك ..
ركبت بالداخل كانت تشبه السيارت إلى حد كبير ولكنه مختلفة قليلا .. فهي أكبر حجما ولا أدري هناك مقود غريب ولوحة مفاتيح كما في أجهزة الحاسوب ..
هناك أشياء كثيرة مختلفة كشكل النوافذ.. والشكل العام ..
ماذا كان يريد أن يخبرني جاميان؟؟

ركب إلى جواري وقال وهو يحرك المركبة ويضع قناعه جانبه :
- سيطلب منك ( أمرجيز) طلبا .. وعليك أن ترفضي ..
- وماهو ذلك الطلب؟؟
- لا .. أنت ستعرفين قريبا ..
صمتت لثانية ثم قلت بسخرية :
- هل أنت عرّاف؟؟ أنت تتكههن بأمور حصلت أو لم تحصل ويكون رأيك صحيحا؟؟
- المهم أن ترفضي طلبه..
- إذا طلب مني شيء أقدر عليه فسوف ألبيه..
نظر إلي للحظة ثم تابع القيادة وهو يسير داخل الغابة ثم قال بهدوء:
- انا أعرفك جيدا جدا .. لن توافقي ..
- ماذا .. ماذا تريد مني .. لا تتدخل بحياتي .. هل سمعت..
ظل يقود بهدوء ونظرت إليه لبعض الوقت .. كان وجهه وديعا وهادئا وجميلا ملامحة وكأنها مرسومة بقلم ..كان ينظر إلى الطريق ويفكر بشيء ما فقد كان حاجبيه الجميلان متقاربان وكأنه يفكر ..
شعره ناعم أسود حالك يصل إلى كتفه .. وبشرته بيضاء ناصعة.. سحبت نظري بعيدا عنه .. يالخداع ذلك الشيطان الجميل.. لماذا أحبه؟؟ لا أعلم أحبه وأكرهه ... تناقض في مشاعري نحوه كتضاد شخصيته الغريبة ..
كنت أفكر وانا أنظر إلى الأشجار وشعرت أنه نظر إلي بضع مرات .. ثم توقفت السيارة فجأة ..
نظرت له بخوف فابتسم وقال وهو يلتقط قناعه:
- لا تخبري أحدا بتلك النزهه ..
ثم وضع قناعه على رأسه وشد رقبة رداءه لتغطي أطراف شعره الأسود ..
لحظات وانطلق يشق الطريق المليء بالأشجار .. وبدأت أسمع أصوات الأغاني الملكية ثم رأيت الجمهور يلوح من بعيد لموكب الملك المار وسط الحرس والحشود ..
ضرب بآلة التنبية وعندما رأى الناس العربة قاموا بفتح طريق لمرورها وهم يهتفون " جاميان .. جاميان ،الذهبي"
قلت بسخرية :
- يببدو أن لك شعبية كبيرة هنا! إنهم يشجعونك لتحصل على اللقب ..
شعرت أنه استغرب لانني اعرف الأمر ثم ضحك وقال ببساطة :
- إنهم شرذمة من المنافقين ..
تعجبت من رده .. بعض دقائق من السير وسط الزحام اقتربنا من موكب الملك و رآنا الحرس ففتحوا لعربة جاميان طريقا ودخلنا أخيرا إلى موكب الملك وابتعدنا قليلا عن الزحام ..
أصوات الهتاف والأغاني والضجة تملأ المكان..
صور للملك يحملها الناس و شرائط ملونة وبخاخات في الهواء والكثير من الفقاعات الكبيرة الملونة التي تطير في الهواء لفتت نظري وشعرت أنني أبتسم رغما عني .. كانت حشود الناس رائعة .. لم أشعر بذلك الشعور من قبل ..
نسيت أمر جاميان الذي يجلس إلى جواري واندمجت مع المنظر الجميل .. لم أكن أعلم أنني اجتماعية فالجميع كان يصفني بالانطوائية والهدوء الزائد وعدم فرحتي بالحفلات .. حتى والداي كانا يقولان ذلك قبل أن يرحلا عن عالمي .. ويتركونني وحيدة..

توقفت السيارة فجأة وركب أحدهم في الخلف .. لم أعلم من هو لأنني كنت مندمجة مع الحفلة الكبيرة .. ولكنني نظرت إلى الخلف والعربة تبدأ في التحرك من جديد فرأيت الجندي الذي يرتدي الزي الأسود ولا يرتدي قناعا .. وقال بحماس يخاطب جاميان:
- كيف حالك روكش العنيد ..
ضحك جاميان وقال مازحا :
- بخير يا ليليان الأحمر ..
نظر تالتن إلي وهو يبتسم وقال يخاطبني :
- لا بأس إنها أسماء حركية .. مرحبا أيتها الآنسة اللطيفة .. تسعدني مقابلتك ورؤية اللون الأخضر الذي ينام داخل عينيك ..
ابتسمت وقال جاميان بأسلوب تهديد يمزح :
- لا تغازل وإلا فقعت عينيك ..
قال تالتن:
- حسنا يا صديقي لا أفكر بأخذ حبيبتك ..
قلت أنا بغضب :
- من قال أنني حبيبته .. أنا أكرهه عدد نجوم الفضاء ..
ضحك تالتن وقال وهو يدق بأصبعه على كتف جاميان بسخرية يمزح :
- هاهاها .. فرصتي كبيرة أيها الوسيم ..
قال جاميان ضاحكا وهو يراقب الطريق خلف موكب الملك بحذر :
- لا تحاول ....
ضحك الإثنان وشعرت بالخجل ..
كان تالتن شابا لطيفا يعتاد عليه الشخص أول ما يراه، له شعر أحمر داكن وعينان سوداوان .. وكان يرتدي زيا أسودا ودرعا رماديا مثل الذي يضعه جاميان أيضا..مكتوب عليه بلغة غريبة .. هيراطيقية ؟؟ يابانية؟؟ لا أعلم ...
بعد دقائق توقف موكب الملك ونزل الملك وبجواره شقيقته لوليانا وهناك امرأة أخرى تسير خلفهما .. كثير من الحرس حولهم ودخلوا إلى القاعة ..
توقفت عربة جاميان أيضا ونزل تالتن بسرعة ليفتح الباب لي وخلع جاميان قناعه وهو يقول بسعادة:
- سمح لي روسو اليوم بخلع ذلك الشيء الغبي ... فقط في أثناء التتويج.
ثم رافقاني الإثنان إلى الداخل .. وأنا في غاية الحرج ..
لم أفعل شيئا ولكن تالتن جلس على الكراسي المخصصة للحضور المهمين وجلست إلى يساره ثم جلس جاميان عن يساري .. يالسخرية القدر أنا بين الجندي الأسود والجندي الأبيض .... يالها من ألقاب غريبة لو كنا على الأرض لضحك علينا الناس..

جلس الكثير من الأمراء والوزراء وكانت هناك آلات التصوير غريبة الشكل، لكنها كانت صغيرة وفعالة جدا ..
وقف الملك وأدى قسم الملوك الذي تؤديه ملوك بانشيبرا منذ قديم الأزل ..
علا التصفيق وكان الناس الذين يشاهدون ذلك في الخارج يهتفون والحماس زائدا جدا ..
نظرت إلي لوليانا من بعيد وابتسمت لي بسعادة.. فابتسمت لها ثم حولت نظرها إلى جاميان ونظرت له لثوان .. لاحظت ذلك ..
كانت الأصوات مرتفعة جدا واقترب كاهن بانشيبرا ليلبس الملك التاج الملكي ..
ومضى وقت سعيد بعد أن عين (أمرجيز) الشاب ملكا عظيما لبانشيبرا التي لم يحكمها شاب في مثل سنه منذ مئات السنين فقد كان يتوارث حكمها الرجال المسنون تقريبا ..
بدأ الحفل ينتهي وعاد الناس إلى عرباتهم وبدأت أمسية الملك في القصر كان الجميع يقف حول الملك ليتبعوا موكب الملك إلى القصر ..
وقال جاميان مازحا وهو يميل علينا أنا وتالتن:
- يبدوا أن عهده سيكون طويلا إلى حد الملل .. وأراهن أن بانشيبرا سوف تسقط في عهده ..
ضحك تالتن وضرب كف جاميان مؤيدا كلامه ونظرت خلفي فرأيت الأمراء والمستشارين خلفنا ينظرون إلى جاميان بغيظ ..
خمنت أنهم بالتأكيد أنهم سمعوا ماذا قال ..
ووقف نائب الملك وقال فجأة :
- أيها الجندي الأبيض .. أريدك بعض الوقت ..
نظر جاميان إلى نائب الملك نظرة لا مبالاه ثم وقف وقال :
- هناك إذا ..
لم أعرف ماذا يريد الرجل من جاميان وسألت تالتن :
- هل سيكون بخير؟؟

__________________
A friend gives hope when life is low... A friend is a place when you have nowhere to go... A friend is honest... A friend is true... A friend is precious and that my friend is YOU
  #22  
قديم 12-21-2008, 05:42 PM
 
رد: قصة رائعة عنوانها الجندي الأبيض

بقينا في أماكننا نراقب جاميان من بعيد وهو يتحدث مع نائب الملك ورأيت جاميان والنائب يضحكان فجأة.. فقال تالتن يحدث نفسه بصوت منخفض ولكنني سمعته :
- يالك من ذكي .. تجعل أي شخص يحبك لأنك الأجمل والأقوى ..
نظرت إلى وجهه .. كان ينظر بإعجاب إلى صديقه الجندي الأبيض وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة غير مقصودة .. يبدو انهما صديقان حقيقيان ..لماذا وضعوهما في موقف منافسة بتلك الطريقة .. اتعجب من هذه الحياة الغريبة ..
تحولت نظرة تالتن فجأة نحوي فابتسمت بارتباك وحولت نظري بعيدا ... شعرت بالخجل لأنه رآني وانا أحدق بوجهه ....
ولمحت جاميان يقترب وهو يبتسم لي ...
لم أستطع ألا أرد الابتسامة ، فابتسمت له فأسرع الخطى وقال لكلينا أنا وتالتن :
- هيا سأوصلكم إلى حفل السهرة ...
- لا ... أنا من سيأخذ الآنسة ..
كان ذلك صوت الأميرة لوليانا والتفت جاميان إليها وقال باعتراض:
- أرجو من سموك أن تدعيني أوصلها .. أنا وتالتن قمنا بذلك من قبل ..
وقف تالتن وقال :
- أوه .. نعم دعينا نوصلها ..
ابتسمت لي الأميرة وقالت :
- يبدو اننا سنتشاجر عليها .. مارأيك أن تختاري يا آنسة ؟؟
نظرت إلى الأميرة لوليانا بخجل وصاح تالتن وهو يضرب جبهته بكفه :
- لاااا ... سوف تختارك أيتها الأميرة بالتأكيد ..
نظر جاميان إلي في عيني وجعلني أشعر بالإحراج فقلت له :
- أنا آسفة .. سأذهب بصحبة الأميرة ، هذا سيشعرني بتحسن ..
تبادل جاميان نظرة مع تالتن ومدت الأميرة يدها إليّ فذهبت معها وألقيت نظرة خاطفة خلفي فلوح لي تالتن بيده مودعا بينما وقف جاميان مبتسما وهو يقول شيئا لتالتن لم أسمعه ..

لم أشعر بالحزن لمفارقتهما فقد كنت محرجة جدا جدا ...
وسرت بصحبة الأميرة التي ركبت جوار الملك ومن ثم ركبت جوارها في العربة الملكية ..
نظرت للملك وقلت بهدوء:
- مبارك التتويج يا صاحب الجلالة..
ابتسم الملك وقال مازحا :
- أنا غاضب منك لأنك رفضت الحضور بالعربة الملكية وذهبت مع ذلك السفاح ..
قلت :
- لم أقصد ذلك،، وأنا لم أخطط للذهاب مع أي شخص في الحقيقة .. لقد تولت ذلك الأميرة لوليانا ..
مضت الليلة الطويلة ورأيت تالتن وجاميان عدة مرات في الحفل ولكنني كنت مع الملك والأميرة طوال الوقت ..
عدت إلى غرفتي وانا منهكة من التعب ولكنني لم أجد وصيفتي راجوي .. لذلك قمت بتغيير ملابسي وارتميت على السير افكرفي كل ماحصل اليوم ..
وشعرت ببعض القلق على راجوي وانا اتذكر جاميان وهو يحدثني عن ما اخبرتني به ..سحبت البطانية فوقي وانا انظر حولي بخوف ، ذلك الشاب مازال يراقبني .. وإلا .. فكيف سيعرف؟؟
إنه شبح .. نعم شبح!!
نظرت حولي ثانية وقلبي يدق بسرعة .. تخيلت انني سأراه في أي لحظة يقف أمامي .. لماذا أنا خائفة منه؟
هكذا قلت لنفسي وانا لا استطيع ان أغمض عيني ..
وقف بسرعة وفتحت باب غرفتي ثم نظرت إلى الخارج .. كان المكان هادئا جدا إلى درجة الجنون .. صممممممت !! صمت .. صمت.... ثم..
سمعت صرخة مغتاله ... آآآآآهممممممممممم
ماهذا ؟؟
هناك شخص ما يصرخ .. قلت لنفسي " ربما لا .. أنت تتخيلين بسبب خوفك؟؟" آه نعم .. أين هي الصرخة ؟
لقد كنت أتخيل بالتأكيد،، ولذلك عدت إلى غرفتي لكن الشك ظل يراودني ،
فارتديت معطفي وخرجت إلى الممر .. سرت قليلا حتى نهاية جناحي ..
ولم أجد شيئاا ، فعدت أدراجي بسرعة ثم حاولت النوم مرة أخرى ..
وهكذا غلبني النوم في النهاية ...

* في الصباح
فتحت عيني ثم جلست في سريري وأنا أسمع في الخارج صوت صراخ وكلام كثير .. كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة بعد الظهيرة ..استغربت لأن راجوي لم توقظني لتناول الفطور معها كالعادة ،، وبسرعة ... وقفت مفزوعة وارتديت معطفي ثم خرجت لأعلم مالذي حدث بالخارج ..
ركضت بسرعة في الممر وكلما اقتربت من نهاية جناحي اسمع أصوات الصراخ والهتاف بصوت أوضح . فتحت الباب بسرعة فوجدت وصيفات القصر ..
وعندما رأتني إحداهن صرخت :
- سيدة لندا ... راجوي ....
قلت بخوف:
- مالذي حصل ؟؟ هل حصل لها مكروه...؟؟
نظرت إلي الوصيفة وأنا أشعر بخوف لا مثيل له وتذكرت الصرخة التي سمعتها وقالت الوصيفة وهي تبكي ..
- سيدتي ... لقد قتلت راجوي!!
cao pi likes this.
__________________
A friend gives hope when life is low... A friend is a place when you have nowhere to go... A friend is honest... A friend is true... A friend is precious and that my friend is YOU
  #23  
قديم 12-21-2008, 05:47 PM
 
رد: قصة رائعة عنوانها الجندي الأبيض

كنت واقفة مثل الذي سكب عليه دلو من المياه الباردة في الشتاء ..
وعادت تصرخ الوصيفة وتبكي وهي تقول :
- لقد وجدناها صباح اليوم أمام جناحك .. وقد ذبحت و .. و ....
لم تستطع الوصيفة الكلام ...
رأسي يدور يدور .. أصبحت فجأة لا أى أمامي ولم أشعر بأي صوت سوى صوت جاميان أتذكره وهو يتردد في أذني
- " ماذا قالت لك راجوي؟ هل تريدينني أن أشقها إلى نصفين؟؟ ... "
بعدها لم أشعر بشيء ......
مضى بعد الوقت ربما في نظري دقيقتان أو ثلاثة ولكن المدة الحقيقية كانت ساعات كما عرفت فيما بعد ...وسمعت صوتا يناديني :
- آنسة لندا . آنسة لندا .. هل أنت بخير ؟؟
حاولت فتح عيني .. وتذكرت راجوي فبكيت .. وعندها ضمتني الأميرة لوليانا وهي تقول :
- لا بأس ستكونين بخير لا تقلقي .. سوف نكتشف من فعل ذلك..
نظرت فرأيت الملك أمرجيز ينظر إلي باسما وقال:
- لقد عينت أفضل جنودنا ليقوم بالتحقيق ... في مقتلها ..
قلت بخوف وصوتي يتحشرج رغما عني :
- من؟؟ من هو الذي سيحقق في قضيتها؟؟
قال الملك :
- لا تخافي انت بأمان هنا..
لم يرد على سؤال فقلت أخمن :
- هل سيتولى جاميان التحقيق؟؟
- نعم .. انت ذكية.. " قال ذلك ليحاول تهدئتي يظن انني أرتاح له"
لم استطع تحمل الصدمة وقلت بغضب ودموعي تحتشد ثانية:
- لماذا؟؟ لا تجعلون جاميان يحقق في القضية ، أنا أعرف أنه القاتل ... هو الذي قتل راجوي .. ذلك الشرير ..
انفعلت وبكيت وحاولت الأميرة لوليانا تهدئتي وهي تقول :
- جاميان لا يعرف راجوي يا عزيزتي ..وليس له مصلحة في قتلها .. كما أنه شاب عاقل،، المجرم الذي فعل ذلك لم يترك أي أثر خلفه .... إنه مجرم محترف..
قلت بانفعال ودموعي لا تكف عن السقوط :
- أريد مواجهة ذلك اللعين السفاح ال ... أريده أين هو ذلك القاتل، المعقد ..
كنت أحاول القيام من سريري ولكن الأميرة منعتني وضمتني ثانية تحاول تهدئتي ..
وسمعت طرقا على الباب ، قام أحد الخدم الموجودين معنا بالغرفة بفتح الباب ..
دخل تالتن إلى الغرفة يتبعه ال******************************** جاميان ..
الإثنان قاما بتحية الملك ثم الأميرة ..
لم يكن جاميان يرتدي قناعه كان يمسكة بيده وكان تالتن مبتسما وقال:
- مرحبا يا آنسة .. هل أنت بخير الآن؟
نظرت إلى جاميان بغيظ ولم أجب عن سؤال تالتن فقال الملك مازحا يحدث جاميان :
- ان الآنسة لندا تتهمك بقتل راجوي .. ماذا فعلت حتى سحبت ثقتها منك؟؟
ألقى جاميان نظرة علي ثم قال :
- لا أعلم ...
قلت بغضب :
- أنت أيها ال******************************** الكاذب .. لا تعلم ؟؟ ياللبرآءة .. هيا اخبرهم ماذا قلت لي بالأمس ..
كان الجميع مستغربا ومذهولا حتى جاميان نفسه فقد انفرجت شفتاه وحدق بي لبعض الوقت بذهول قبل أن يقول :
- قلت لك أنني سأشق راجوي إلى نصفين؟؟ أهذا هو الشيء الذي قلته ؟؟
قلت برضا :
- نعم ....
نظر جاميان باسما إلى تالتن وعندها قال تالتن :
- في الحقيقة .. جامي صديقي يقول هذا دائما لأي شخص .. وهذا ليس معناه أنه قتل راجوي .. فكري .. لماذا سيقتلها ؟؟
اختنق صوتي بالبكاء وتذكرت منزلنا والحياة التي كنت أعيشها بعيدا عن ذلك الخوف .. تذكرت إيميلي و ميرندا ... شعرت برغبة في الانتحار .. كنت أود أن يكون هذا مجرد حلم طويل وكابوس لا يعود مرة أخرى..
ظلت دموعي تنزل وأنا أفكر فاستأذن الملك وخرج بصحبة الحرس وبقيت معي الأميرة وتالتن وجاميان ..
فقلت وصوتي متأثر بالبكاء:
- أريد العودة إلى الأرض ولا أريد البقاء هنا، لقد جئت لمهمة وقد أنجزتها .. هيا دعوني أرحل ..
ثم نظرت إلى جاميان الذي ظل واقفا مكانه وصحت بغضب :
- وأنت أيها الشبح .. أخرج من حياتي .. أنا أكرهك .. أكرهك ..أكرهك..
صرخت وصرخت حتى كأن عرقا انفجر في رأسي .. وفقدت الإحساس بكل من حولي ...
لا أدري كم بقيت هكذا من الوقت .. يبدوا أنني نمت طووويلا ..
وعندما فتحت عيني أحسست أنني ارتحت قليلا .. قبل أن اكتشف اين أنا تدفق هواء بارد ومنعش لتتحرك خصلات شعري .. ونظرت حولي وانا مازلت مستلقية ..كنت في حديقة جميلة وكان الوقت عند الشروق .. هناك ظل شجرة جميل يظلل فوقي ..
كان هناك شخص ما يمسح على شعري بلطف .. أشعر أنني كالمخدرة..
ذلك الشخص يضمني برفق وأنا أنام على صدره .. كان الشعور جميلا ..
من هذا الشخص الحنوووون .. يداه ..
إنها دافئتان .. كل شيء هنا دافيء عدا النسيم البارد ..
أمسكت بقميصه ... ظلت عيناي نصف مفتوحة ...
إنه يرتدي قميصا أبيض .. امممم
بدأت أفيق من التخدير ورفعت رأسي قليلا لأعرف من هو ..
. .صحت بفزع وفتحت عيني جيدا .. جاميان؟؟
.. كان يبتسم لي .. وتحول الحلم الجميل إلى كابوس ...
فزعت وابعدت يده من فوق شعري ووقفت ابتعد عنه وأنا أصرخ ..
لا لاااااااااااااااااااااااااااا .. ركضت بعيدا .. كان يطاردني ..
.وينادي : لندا ..
قمت فزعة ووجدت أنني مازلت في فراشي ..
قالت فتاة لا أعرفها كانت تجلس إلى جوار سريري :
- هل انت بخير يا سيدتي .. هل أحضر الطبيب ؟؟
كان صدري يعلوا ويهبط وضربات قلبي تتسارع وأنا أتذكر ذلك الكابوس ..
لقد أصبح يطاردني حتى في الكوابيس ..
حمدت الله أنه كان مجرد حلم لا أكثر ..
خرجت الفتاة المسكينة مسرعة تنادي الطبيب ... يبدوا أنها خافت عندما لم أرد عليها ....
دخل الطبيب مسرعا .. لم يبد أنه طبيب كان رجلا عاديا ..
قام بسؤالي عن صحتي فقلت أنني أصبحت بخير وأن ذلك مجرد كابوس .. وضع جهازا على يدي وطلب مني أن ارتاح بعض الوقت ووقفت الفتاة إلى جانب سريري ..
قالت الفتاة بتردد:
- آنستي .. أرجوا أن لا تغضبي مني، فأنا لا أقصد أخذ مكان راجوي .. لكنني عينت من قبل الحاكم وصيفة لك .. أرجوكي نادني ب " أوليسي" إن احتجتي إلى أي شيء ..
نظرت لها وحاولت أن ابتسم وقلت :
- شكرا لك أوليسي .. أنا لست غاضبة منك فأنت لا ذنب لكِ في شيء..
انصرفت الفتاة وجلست بالقرب من الشرفة .. كنت أراها ..الوقت كان ظلاما فلون السماء الأسود يوحي بذلك ..
بعد قليل خرجت الفتاة ثم عادت ومعها طاولة الطعام .. سحبت الجهاز المزعج من فوق ذراعي وقالت بلطف:
- سيدتي .. يجب أن تتناولي شيئا .. أنت لم تأكلي منذ الصباح ..
لم أشعر برغبة في تناول أي شيء ..
ثم بقيت فترة مستيقظة أفكر في الحلم حتى غفوت من تلقاء نفسي أخيرا ..
في الصباح قامت أوليسي بإيقاظي وجائت لوليانا لتطمئن علي ... وقالت:
- تبدين بحال أفضل ؟؟
- نعم .. شكرا لك ..
- كان أخي سمو الملك يود زيارتك ..ليطمئن عليك ..
- لا داعي لذلك، أنا بخير ..
- حسنا مارأيك أن نذهب إليه إنه يجلس وحيدا في حديقة القصر ...
قمت بارتداء ثيابي تلبية لطلب لوليانا وخرجت بصحبتها إلى حديقة القصر .. بينما نسير سألتني الأميرة باستغراب :
- لماذا تكرهين جاميان إلى هذا الحد .. في حياتي لم أر احدا كرهه على الرغم من كل مافعله ؟؟
نظرت للزهور في الحديقة وتذكرت الحلم ثم قلت :
- لا أعلم .. روحي لا توافق روحه ..
ضحكت الأميرة وقد أعجبتها جملتي الأخيرة ..وفي خلال لحظات رأيت الملك يجلس على أريكة نريحة لوحدة تحت ظلة جميلة صنعت خصيصا له..
وعندما اقتربنا شعر باقترابنا فالتفت ينظر ..
في الحال ابتسم عندما رآنا قادمتان ..وعندما جلسنا أمامه قال سعيدا والهواء يحرك شعره البني :
- كيف حالك الآن يا أجمل البنات؟؟
كان يخاطبني فابتسمت لوليانا وشعرت بالخجل ولم أستطع الرد ... ابتسمت فعاد الملك يقول :
- ما كل هذا الخجل .. ؟؟ هل تخجلين مني ... لا لقد أصبحنا أكثر من مجرد صديقين أليس كذلك ..
قلت وأنا أرخي نظري إلى الأرض :
- هذا أكبر شرف لي سيدي ..
ضحك الملك وهو يتبادل النظرات مع لوليانا التي كانت تضحك أيضا .. ومن بعيد اقترب أحد الحرس الخاص وقال شيئا بالهمس وهو يقترب من الملك ..
قال الملك :
- لا بأس لكن بسرعة ..
انصرف الحارس وقام الملك واقفا ثم قال :
- سأستذنكم لدقيقة فقد وعدت الجند بأن أرى مخططهم الجديد هنا ولكني لن أستطع ادخالهم لأن جاميان معهم أنت تعرفين القضية ..
ثم ضحك وقال مازحا :
- أخشى أنك ستمرضين بسببه في النهاية ..
قلت بهدوء :
- هذا الشخص لا يؤثر في أبدا سيدي ..
قال الملك .. وهو يجلس :
- هذا رائع إذا .. أتمنى ذلك لأنه مجرد جندي ..
ورأيت روسو الغاضب دائما يقترب وخلفه جنديان يرتديان الزي العسكري الكحلي مثل روسو ويتبعهما تالتن وجاميان ..
كان تالتن قد رآني ولكن جاميان كان ينظر حوله إلى الأشجار ..
نظرت إلي الأميرة لوليانا فقلت :
- لم لا نتمشى في الحديقة حتى ينتهون من خططهم ..
هزت لوليانا رأسها موافقة ووقفنا ومررت بجانب تالتن ، لم أنظر خلفي لكن الأميرة لوليانا ضحكت بعد فترة قصيرة وقالت ونحن نسير:
- مسكين جاميان .. لقد حطمتي قلبه .. لم ترينه كيف كان ينظر إليك بألم وانت تمرين متجاهلته ..
قلت بغيظ :
- ماذا يظن نفسه .. إنه لا شيء!!
ضحكت الأميرة لوليانا وقالت :
- يجب أن تغيري فكرتك عنه فهو الوحيد القادر على إعادتك إلى الأرض، توقعي أن تبقي أمامه أكثر من عشرة أيام ..
قلت باستغراب :
- هل هو من يقود المركبة ؟؟
- لا.. معه طيار واحد يدعى " سبيرسو" وهو أمهر الطيارين .. لكن جاميان هو الذي يقوم بباقي الأشياء .. ويقود مركبة هينوا عندما يغيب الطيار أو ينام لبعض الوقت ، إنه متمرس جدا ..
قلت :
- لن أعطيه اهتمام ولن أصدق أنه بريء من تهمة قتل راجوي ..
قالت الأميرة لوليانا بباندهاش :
- انت مصرة .. لا يمكن لجاميان أن يهز مركزه بجريمة قتل مجرد وصيفة لايعرفها حق المعرفة ...لا تنسي انه يسعى للقب الجندي الذهبي ..
- لقد أفشت اسراره ..
قلت ذلك بسرعة وانفعال ..
فقالت الأميرة :
- أي أسرار تقصدين ؟؟
حكيت للأميرة ماقالته لي راجوي قبل موتها ..
ردت الأميرة بكل بساطة:
- عزيزتي .. راجوي لم تقل لك أي شيء سيء عن جاميان حتى الآن.. انت لاتعرفين ماذا فعل جاميان في السنوات الماضية..
ذهلت ... ووقفت انظر حولي ثم قلت:
- أرجوك... أحكي لي عنه..
قالت الأميرة ونحن نجلس على كرسي كبير في مكان بعيد :
- جاميان ظل لغزا لا يستطيع أي شخص حله .. ولازال،، منذ ان بدأ جاميان عمله في سلك الجيش، كان والده ضابطا كبيرا .. وعندما رأوه رؤساء العمل ظنو انه مدللا ولا ينفع للعمل كجندي ،، بدأت أسطورة جاميان عندما قام في الحرب بقتل مئات الرجال من مملكة (تيمالاسيا) كان جاميان أصغر ولكنه كان الأقوى .. وكان فعله ذلك من الأمور التي أدت إلى انتصار بانشيبرا العظيم ...

صمتت الأميرة لوهلة ثم تابعت :
- بعدما قتل والده في لحرب .. ماتت أمه لسبب مجهول وانت بالطبع تعرفين ماذا فعل وكان يبرر فعلته بقوله " لن أخسر ابي وامي في وقت واحد "..
بعد ذلك .. لفت نظر والدي الملك الراحل فعينه في الحرس الخاص .. اكتشفنا بعد ذلك أن هناك لعنة ما تلاحق الجندي الجديد .. فقد كان كلما يغضب من شخص ما ...
يموت ذلك الشخص بطريقة مفزعة ولا يترك قاتله أي اثر خلفه .. اتهم الناس جاميان بالقتل ولكنه أخذ براءات متتابعة من المحكمة فلم يكن هناك أي دليل على أنه من قتل هؤلاء الأشخاص ..

سكتت الأميرة فقلت بعجلة :
- ماذا حصل ؟؟
قالت الأميرة :
- أصبح الجميع يتحاشى غضبه المفزع .. كان جاميان يحل الجرائم والألغاز بطريقة تنم عن ذكاء خرافي .. يشعر بوجود الأشياء المسروقة .. وبالفعل يتم ايجادها.. كان الأمراء يستدعونه ليحل الجرائم المعقدة وكان ينجح في ذلك .. انه ماهر جدا في التنكر .. حتى انني متأكده انه ليس طبيعيا ..
ظهر في ذلك الوقت الجندي تالتن .. كان منافسا قويا.. تالتن ذكي أيضا وقوي لكنه لا يضاهي جاميان في ذلك الآن أصبحا صديقين ولم يعودا يتنافسان مثل الماضي ولكن أخي ينوي القيام بمسابقة بينهما ..
سألت الأميرة بفضول :
- هل جاميان غضب من راجوي فماتت؟؟ هل تعتقدين ذلك؟؟
نظرت لي الأميرة بخوف وقالت:
- لقد قلت لوالدي كثيرا بأن يتخلص منه.. قلت له بصراحة .. اقتله .. كان والدي معجب بقوة جاميان واعطاه لقب الجندي الأبيض تأهلا له ليحصل في المستقبل على اللقب الذهبي .... أخي معجب به أيضا .. لكنه أحيانا يغتاظ منه .. هناك مشجعون لتالتن وآخرون يؤيدون جاميان ...
صمتت الأميرة وعادت برأسها للوراء وهي تضع يديها على جبينها وكأنها تشعر بالصداع ..
ترددت في قول ما أفكر به ..في الحقيقة كانت الأميرة محل ثقتي فقلت :
- لقد أخبرني جاميان بشيء غريب ..
رفعت الأميرة رأسها وسألت بفضول:
- وماهو؟
- ققال إن الملك سيطلب مني شيئا ؟؟
فتحت الأميرة عينيها مندهشة وقالت :
- ماذا ؟
- أنا أسألك .. لم يرد اخباري بذلك الشيء..
فكرت الأميرة باستغراب ثم قالت بغضب:
- إنه يريد أن يشعرك بالخوف فحسب .. ذلك الجاميان الخبيث !!
لا أدري لم شعرت بإحساس لم ينتتابني من قبل ...
إحساس أن الكل يتلاعب بي .. لا أدري ما أفعل .. كانت لوليانا محل ثقتي ولم تهتز تلك الثقة حتى الآن .. جاميان أكرهه .. الملك لا أحبه .. تالتن لا أعرفه .. روسو يخيفني منظره .. وصيفتي الجديدة خائفة وخجولة ..
يا اللهي ماذا أفعل ..
سكتنا لفترة قصيرة ثم قالت لوليانا :
- مارأيك يا انسة لندا ان نعود للملك؟ سنراقب ماذا يفعلون من بعيد ..
ابتسمت وقمنا نركض بمرح وقطفنا زهرتين ..
وصلنا إلى المكان ولم نجد أحدا سوى جاميان وتالتن ..
كان جاميان يضع السيف على رقبه تالتن الذي كان يمسك أيضا بسيفه .. وشهقت الأميرة بصوت خافت وقالت :
- ماذا هل ينوي جاميان قتل تالتن؟؟؟؟

------------------------------------------------------------------------------
نظر جاميان نحو الشجر الذي نختبيء خلفه ورفع السيف عن رقبة تالتن وهو يصيح :
- من هناك ..
ركضت الأميرة بخوف واختبأت خلفي <<< لم أكن اعرف انها جبانة لهذه الدرجة ..
اقترب جاميان وسار خلفه تالتن بعد ان أدخل سيفه ...
قلت بهدوء:
- يبدو انها كانت مجرد مبارزة عادية .. يبدوان متصالحان ..
كانت الأميرة ماتزال تمسك بثوبي وقالت بصوت خافت وهستيريا واضحة :
- الآن سيغضب مني وسأموت ..
اقترب جاميان من الأشجار فرآني ..
نظرت له نظرة حقد واحتقار .. كان ينظر إلى بهدوووء .. وقال تالتن بمرح :
- لقد قطعتم مبارزتنا ..لكن لا بأس، هل كنتما تشاهدانني وانا أخسر ؟
ابتسم جاميان وهو ينظر لتالتن، ورفعت الأميرة رأسها ونظرت إلى جاميان فقال جاميان للأميرة بسرعة :
- ماذا قلتي لها؟؟
شهقتت الأميرة بخوف وعادت خلفي مرة ثانية .. فلت بغضب متحفزة ضده :
- أنت ايها القاتل .. هذا يكفي .. لقد مللت منك ومن ألاعيبك السخيفة .. ماذا تظن نفسك ؟؟ هاه؟؟ هل تظن نفسك أنك الشخص الذي يحاسب الناس ..
رفع تالتن حاجبيه مذهولا وأدخل جاميان سيفه وظل خافضا بصره لثانية، ثم رفع رأسه وقال بصرامة بعد ان اختفت الابتسامة من وجه :
- لندا .. أرجوك أنا لا أكرهك .. , ولم أؤذيك .. فلماذا تقولين ذلك؟؟
قلت بغضب :
- انت بشع جدا .. وتخدع .. أنا لم اتخيلك هكذا عندما رأيتك ..
نظر لي جاميان ثم انصرف بسرعة يركض بعيدا ..
ابتسم تالتن بارتباك وهو يراقب جاميان وهو يختفي بين الأشجار وقال :
- لا بأس .. لقد كان جاميان يمزح مع الأميرة إنه لم يقصد شيئا .. آه .. أنا مضطر للذهاب ..
انصرف تالتن يركض بعيدا يود اللحاق بجاميان .. وقالت الأميرة وهي تقف إلى جواري أخيرا:
- لندا .. أنا مرتعبة من ذلك المدعو جاميان ..
قلت بحماس:
- لاتهتمي له .. إنه أقل من أن يؤذيكي ..

*************
عدنا إلى القصر وكان الملك هناك .. ظل يعتذر لي لفترة بأنه تركنا كان السبب هو روسو، ولكنني قبلت اعتذاره وطلب مني الملك ان يصطحبني في نزهة بالحديقة وقال :
- أريد أن احدثك في موضوع مهم ..
- وماهو..
- ستأتين معي أولا..
- موافقة سيدي ..
كنت ولأول مرة أخرج مع الملك بمفردي .. وذهبنا وحيدين إلى الحديقة وسرننا قليلا بدون أي كلام .. كان الملك يسترق النظر إليّ ولكنني لم أنظر إليه فبدأ الحديث قائلا :
- لندا .. هل أنت متضايقة من البقاء هنا .. وأرجوك، لا أريد مجاملات..
نظرت إليه وتوقفت عن السير فتوقف أيضا وقلت وأنا متفاجأة من السؤال:
- أنا..؟ في الحقيقة .. لست متضايقة ولكنني أفضل العودة إلى الأرض .. هذا المكان لا يناسبني ..
ابتسم الملك وقال :
- هذا كله بسبب جاميان ؟؟ هو الذي جعلك تكرهين البقاء هنا ..لكن أليس هناك شخص آخر يجعلك تشتاقين إليه ..
كان الملك يحدق بوجهي وكنت أشعر بالخجل ولم أعرف ماذا أقول ، بقيت صامتة وأنا أنظر إلى الأرض وأظن وقتها أن وجهي كان أحمر من الخجل ..
اقترب مني ورفع وجهي برفق لأنظر إليه ... << كانت دموعي ستنزل من الإحراج وابتعدت عنه قليلا .. ونظرت بعيدا .. فقال :
- لندا .. أنا أحبك .. أنا أريدك لي ، أريدك أن تبقي معي مدى الحياة .. لماذا لا تشعرين بي .. لا أريدك أن تعاملينني كملك ..أريدك أن تعاملينني كحبيب .. أرجوكي....
تفاجأت من الكلام ونظرت للملك بذهول ..
تذكرت رغما عني كلام جاميان ... كان يرن كالصدى ..
" سيطلب منك ( أمرجيز) طلبا .. وعليك أن ترفضي ..
وماهو ذلك الطلب؟؟
لا .. أنت ستعرفين قريبا ..
هل أنت عرّاف؟؟ أنت تتكهن بأمور حصلت أو لم تحصل ويكون رأيك صحيحا؟؟
المهم أن ترفضي طلبه.."

شعرت فجأة بالغضب لأنني تذكرت ذلك المعقد .. فقال الملك بلطف :
- هل أزعجتك ؟
نظرت له وأحسست أن على وجهي كل علامات الكره فحاولت أن أغير تلك الصورة وابتسمت قائلة :
- لا .. لست منزعجة بالعكس .. أنا مصدومة بعض الشيء .. أريد أن أذهب .. هل تسمح لي ؟
قال الملك وهو يمسك بيدي :
- هل أوصلك ..
قلت بهدوء :
- لا لاتزعج نفسك .. ليس من المفترض أن يوصلني الملك بنفسه ..
انطلقت بسرعة أسرع في مشيي .. لم أنظر خلفي ..لم أتوقف عن المشي بسرعة حتى وصلت للقصر، دخلت بسرعة إلى غرفتي ولحقت بي " أوليسي" وهي تقول بخوف :
- سيدتي .. ما الأمر هل من خطب ما ؟؟
قلت بضيق وأنا ارتمي على الكرسي :
- لا شيء يا اوليسي لا شيء أبدا ..
نظرت لي بنوع من الشفقة ثم تركتني وخرجت ..
وبقيت أفكر ..
------------------------------------------------------------------------------

مضى الليل وقمت في الصباح وتناولت فطوري مع اوليسي .. تذكرت راجوي وشعرت ببعض الضيق .. ولذلك فقد خرجت اتنزه وحدي في الحديقة ربما استلهم بعض الهدوء .. وكأنني سمعت أقدام شخص ما تسير خلفي ..
شعرت بالاكتئاب الشديد وانا اتخيل ان ذلك الشخص أحد اثنين .. إما انه جاميان أو انه الملك ..
لم ألتفت خلفي وبقيت صامتة ورحل فزعا كل الهدوء الذي بدأ يتسلل إلى قلبي ...
سرت بسرعة ودخلت في الطريق المؤدي للحديقة الخلفية .. ثوان واختفى صوت الخطوات الذي كان يلاحقني ولذلك عندما نظرت خلفي لم أر أي شخص ..
شعرت بالهدوء ولكنني تجمدت فجأة ..
كانت هناك صدمة قوية بانتظاري، وانا اسير بالحديقة الخلفية .. اشاهد نهرا صغيرا من الدم يتدفق من خلف شجرة ضخمة توجد وسط الحديقة الخلفية ..
اقتربت بخوف وانا انظر ... وبسرعة ركضت محاولة اكتساب بعض الشجاعة لرؤية الشخص المصاب ..
وكان الفزع سيطر على قلبي وصرخت وانا لا أصدق ماتراه عيني ..


صرخت وصرخت وأمسكت بالأميرة لوليانا وهي تنزف .. أمسكت بيديها التي تقطعت شرايينها أحاول وقف النزف ولكن لا فائدة .. لقد كانت مطعونة في قلبها وفارقت الحياة منذ فترة ..
صحت بفزع وهستيريا وأنا أرى الدماء في كل مكان " لا .. لاااااااااااا ... لوي .. لويانا .. لا .. "
اقترب أهم بعد أن سمع صوت صراخي .. هناك المزيد من الجنود قدموا لم أرهم جيدا فقد ملأت الدموع عيني ..
أحدهم حملني ليبعدني عن المكان وكنت ابكي .. كانت ملابسي مغطاة بدماء لوليانا وحاولت أن افلت فقال :
- لا تخافي يا آنسة أنا تالتن ..
أعطاني منديلا وأجلسني على كرسي بعيد في الحديقة فمسحت دموعي وقلت وصوتي يرتعش من البكاء :
- ماذا .. مالذي حصل لها ؟؟ جاميان قتلها ..
جلس تالتن القرفصاء أمامي وقال :
- مستحيل .. جاميان كان معي منذ عدة ساعات .. يجب أن تتوقفي عن الشك فيه إنه شاب لطيف ولن يقتل الأميرة بالتأكيد ..
نظرت حولي ..
كان الرجال يركضون ويبدوا ان الخبر انتشر .. ورأيت جاميان يقترب من بعيد .. توقف على بعد خطوات مني وسأل قائلا:
- تالتن .. هل الآنسة هي من اكتشفت الجثة ؟؟؟
نظر لي تالتن وهز راسه موافقا .. فقلت وأنا أبكي بانفعال :
- ألا تلاحظ أنك تقتل ثم يكلفوك بالتحقيق لكي ترمي التهم على الآخرين ... لماذا أنت ذكي وتتكهن بالأمور وتعرف كل شيء ومع ذلك .. ياللمسكين .. لم تكتشف من قتل راجوي .. أتعرف لماذا؟؟ لأنه انت .. أنت من فعل ذلك ..
نظر لي جاميان بهدوء ثم نزل إلى مستوى رأسي وقال بصوت خافت :
- انا اعرف القاتل ..
وقف جاميان وهم بالذهاب فصحت :
- توقف .. ومن هو؟؟
كان تالتن يراقب الموقف بصمت والتفت جاميان وقال ببرود أعصاب :
- أحزري ..
قمت وواقفة و صرخت وأعصابي تفلت مني :
- أنت كاذب وقاتل ومغرور و .. و ..
أحسست بأن صوتي لا يكاد يخرج الدنيا بدأت تظلم في عيني ورأسي يدور .. سمعت صوت جاميان :
- هل أنت بخير ؟؟
رأسي يدور .. ولم أعد أسمع شيئا ....

------------------------------------------------------------------------------

لم أفقد وعيي لكنني جلست على الكرسي وحاولت ان أهدأ ..مر دقائق طويلة أشعر أنني غائبة عن العالم .. وبعد قليل بدأت أسمع صوت تالتن يقول :
- أنت السبب .. لقد جعلتها تفقد أعصابها .. لقد كرهتك حتى الموت .. لم تعد تسمع كلامنا الآن .. مالذي حدث لها ..
رد عليه جاميان :
- أنا .. لم أقصد ..
- أنت تزيد الطين بلة .. سوف تموت بين يديك وبعدها افرح جيدا ..
فتحت عيني ولكنني لم أر شيئا .. كان اللون الأسود حليفي فأغمضتها ثانية وسمعت الكلام بين جاميان وتالتن :
قال تالتن :
- هيا نحملها إلى القصر ..
- لكن لا .. أقصد .. حسنا ..
- ماذا ستفعل الآن أيها الذكي .. انها متأكدة منك ، تكفي تلك القصص التي تسمعها عنك!
- إن سمعتي سيئة جدا يا تالتن ..
أحسست أنهما يقتربا مني فقلت :
- لا ..
فتحت عيني مرة ثانية .. كانت الرؤية مشوشة جدا ولكن تالتن قال :
- آنسة لندا هل يمكنك رؤيتي ؟ هل تسمعينني ..
حاولت الوقوف واستندت على الشجرة، بدأت الرؤية تتضح فقلت :
- سأعود بمفردي .. لا أريد أن أمشي مع قتلة ..
ضحك جاميان فاستغربت .. حتى تالتن نظر إلى جاميان باندهاش .. جاميان يضحك من قلبه وقال أخيرا:
- قتله ؟؟ هل أدخلتي تالتن في شكوكك؟
قلت بغضب وأنا انظر للطريق :
- أنت لا تتدخل .. تالتن أفضل منك ألف مرة ..
وتركتهما وأسرعت الخطى وأنا اتنفس بصعوبة .. كنت اترنح في سيري وكان فستاني طويلا جدا ويعيق حركتي ..كنت سأسقط ولكنني تماسكت ..
نظرت أمامي ورأيت الملك يسرع الخطى وخلفه الجنود أمسك بي وكنت في الحقيقة على وشك السقوط .. وقال فزعا :
- لندا هل انت بخير .. لقد كنت ابحث عنك ..
قلت .. بتعب :
- نعم .. لكن .. يجب ان تمسك بقاتل لوليانا ..
كانت عيناه مليئتان بالدموع وقال بحزن :
- لن يحدث ذلك مجددا في قصر الملك .. أعدك .. قبل أن أعد نفسي .. والقاتل ستنزل به أشد عقوبة ..
ركبنا عربة صغيرة لتعيدنا إلى القصر وأسندت راسي بتعب على النافذه ...
كانت أعصابي مشدودة وعندما تذكرت لوليانا بكيت مرة ثانية فقال الملك :
- أرجوكي لا تجعليني ابكي .. سيكون هذا ضعفا كبيرا ..
نظرت له .. كانت وجنتاه قد صبغت بلون أحمر من كبت البكاء فقلت :
- لا تحزن يا سيدي .. ليتني أموت وارتاح مثلها ...
تفاجأ الملك وقال بسرعة :
- سوف أحميك .. لا تخافي .. لم أكن أظن أن قاتلا يتجول بحرية ويقتل هكذا..
قلت :
- جاميان هو القاتل..
فكر الملك لدقيقة ثم قال :
- مستحيل .. لكن لماذا تشكين فيه دائما ... أول مرة في حياتي أرى شخصا يكره جاميان ..
قلت بغيظ :
- انا أكرهه .. ومتأكدة انه هو الذي قتل راجوي ولوليانا ..
قال الملك :
- لا يمكن .. لقد كان معي هو وروسو وتالتن في اجتماع منذ ساعات وحتى وصلنا الخبر وافترقنا ..
سكتت افكر .. هل يمكن ان اكون كل هذا الوقت اتهم جاميان واسبه وهو بريء؟؟؟
شعرت بالخجل من نفسي إن كان ماأظنه عن جاميان ليس حقيقيا .. ماذا ؟ سألت نفسي .. لماذا افكر فيه الآن ..
طردت الأفكار الغبية من رأسي ..
هدأت قليلا عندما عدت إلى غرفتي ، وصممت أوليسي أن اتناول الغداء ..ولكنني كلما تذكرت منظر لوليانا شعرت بالغيظ والغضب ... جلست مع اوليس نتناول الغداء وفي الحقيقة لم أشعر بأي شهيه ولكنني ظللت أنظر إلى الغداء وانا اشعر بالقيء والحزن .
قالت أوليسي بتردد وهي تتناول معي الغداء :
- آنستي ... هل يمكنني أن أخبرك شيئا ..
قلت باستغراب فقد نطق أبو الهول :
- وماهو؟؟
- الوصيفات في القصر يتحدثن عنك بسوء .. ولا استطيع ان ادافع عنك ..
- وماذا يقلن؟
- إنهم يقلن أنك مذ دخلت القصر واي شخص يبقى معك وتحبينه يجب أن يموت ,, إنهن يقصدن راجوي والأميرة ..
ضحكت أخيراوقلت :
- هذا غريب جدا .. وليس صحيحا أبدا ..أنا لست متعجبه فأنا من كوكب آخر وبالتأكيد ستلقون اللوم علي .. لكن لا ..
نظرت أوليسي إلى الشرفة ثم قالت أخيرا :
- أحدهم قال لي انني سأقتل إذا بقيت جوارك فتره أطول واحببتك ..
تعجبت كثيرا من حديثها وقلت باندهاش :
- ماذا؟؟ ومن الذي اخبرك ذلك ، أهن الوصيفات أيضا؟؟
ترددت أوليسي .. تحركت عينيها بخوف ولكنها نظرت لي في النهاية وقالت :
- أخبرني بذلك ال ... ان .. أنه .. الجندي ال .... أبيض ..

------------------------------------------------------------------------------
صحت باستغراب:
- ماذا ؟؟ جاميان قال لك ذلك ..
وقفت اوليسي بفزع وقالت متوسلة :
- أرجوك يا سيدتي أخفضي صوتك .. سوف يسمعك .. إنه في كل مكان ..
وقفت أيضا ونظرت بحولي ثم قلت بفزع :
- ماهذا الذي هو .... في كل مكان؟؟
شعرت بارتباك اوليسي وقالت أوليسي بسرعة :
- هل انادي الخدم ليحملوا الطعام ؟؟
تهربت أوليسي من الموضوع فقد كانت خائفة .. لم أرد أن أضغط عليها أكثر وقلت:
- نعم ...
لكن الحقيقة تقال .. لقد ارعبني كلامها ..
*****
في صباح اليوم التالي لم أخرج إلى الحديقة ... لم استطع فعل ذلك مجددا فقد كانت حالتي النفسية صعبة جدا..
فضلت البقاء في غرفتي واغلقت الشرفة وجلست وحدي في الظلام ..
قليلا من الوقت مضى وانا على سريري أحاول ان اتذكر بعض اشياء عن الأرض .. الازدحام في شارعنا ..
عندما كنت استيقظ في الصباح واتمشى إلى منزل صديقتي إيميلي فهو قريب ثم نذهب معا إلى الجامعة ..نستنشق نسيم الصباح العليل ثم نلتقي بميرندا فنصبح الثلاثي المرح، تذكرت "فريد" صديقنا المجنون والذي يحب رياضة القفز من فوق الجبال المجنونة مثله .. كنا مشاكسات جدا ...
تخيلت انني كنت اذاكر للاختبارات وكانت ميرندا وايميلي تستذكران بعض دروسهما معي ونعيد المحاضرات ثم نرتبها ..
لم أتخيل ان جاميان كان يراقبني لمدة شهرين ... يعني قبل الاختبارات .. كيف لم الحظه ؟؟؟ كيف؟؟؟ هل كان ينتظر يوم ظهور النتيجة ثم يفعل فعلته؟

فجأة ..
سمعت طرقا على باب غرفتي .. قطعت سلسلة ذكرياتي
لم أرد .. كنت اريدهم ان يظنوني نائمة..
سمعت صوت اوليسي :
- آنستي إذا كنت مستيقظة يريد جلالة الملك مقابلتك ...
زفرت بضيق ولكنني لم استطع تجاهل الأمر ..
ارتديت ثوبا جميلا اختارته لي اوليسي ونزلت إلى الحديقة ، رأيت الملك يجلس على طاولة جميلة وأمامه كرسي واحد فارغ، من الواضح انه ينتظرني ...
عندما رآني الملك وانا اقترب وقف مشى بسرعة نحوي ثم ابتسم قائلا:
- أحببت أن اتناول الفطور معك .. أشعر انني لا أرغب بأي شيء قلت ربما نروح عن انفسنا ونزيل الحزن ان بقينا معا بعض الوقت ..
ابتسمت فأمسك بيدي وأجلسني على الكرسي ثم جلس أمامي .. نظر إلي ولكنني شعرت بالخجل ونظرت إلى يدي ..
قال الملك برومانسية:
- كانت لوليانا تحبك، ولطالما تمنت ان نصبح زوجين .. أنا ايضا أحبك .. واريدك أن تكوني ملكة بانشيبرا العظيمة.. أريدك ان تفكري، ستكونين اجمل ملكة في الكون..
تنفست بصعوبة وأحمر وجهي ولكنني ظللت أنظر إلى يدي ولم ارفع وجهي إلى الملك .. كنت اتمنى ان تنشق الأرض وتبتلعني .. فعاد الملك يقول وهو يضحك :
- ياه ! انت خجولة جدا ... من يرى جرأتك وأنت تصيحين وتهددين أعتى مقاتلينا لا يعلم انك بهذه الرقة ..
لم أستطع قول شيء ونظرت نظرة خاطفة للملك فرايته ينظر لي مبتسما ... فقلت:
- س ... سأفكر، مع ان الأمر لا يحتاج إلى تفكير ..فلن أحظى بملك مثلك في حياتي .. لكن امنحني فرصة ...
يبدو ان الملك كان سعيدا جدا، وبعد الفطور الذي لم استطع تناول شيء منه من شدة الارتباك عدت إلى غرفتي وفكرت ......
زوجة ملك شاب ولطيف ... ملكة ... حياتك ستكون بانشيبرا .. سيظل جاميان مدى الحياة كالشوكة في الحلق...
الملك ... يحبني جدا ...
أنا ... لا أعرف ... هل أوافق؟؟؟ ليس لدي خيار ..
لكن لن أعود للأرض إلا وانا عجوز هرمة ... هههههه ضحكت ...

لم أعرف ماذا أقول وخرجت لوحدي أمشي في ممر جناحي، كان ذلك الممر يعجبني فقد كانت نوافذه كبيرة وتطل على الحديقة كان وقتا طويلاا قد مضى وكانت الشمس قد بدأت بالمغيب ،، مشيت بهدوء وأنا أسترسل في افكاري ثم اصطدمت باحدهم ..
نظرت أمامي بخوف ...
كان جاميان ينظر إلي وهو يضع يده على غمد سيفه ..
بفزع ظللت أنظر إليه وتسائلت .. كيف لم أشعر به عندما دخل إلى هنا ؟؟؟
شعرت بالخوف .. ونظرت وانا في حالة فزع ودهشة وتحجر وهدوء ... فابتسم ..
لحظات وانا مازلت على وضعي تحولت ابتسامته إلى ضحكة ... ثم قهقهة مجلجلة ..
شعرت بالغضب والخوف فقلت :
- من الذي سمح لك بالدخول إلى جناحي الخاص ؟؟
هدأت الضحكة وظل مبتسما وقال بخفوت :
- أنا دخلت .. هل هناك مانع ؟؟؟
كنت اريد أن أصفعه ولكنني قلت :
- ماذا تريد .. الذي يتسلل مثلك إلى غرف الآخرين لا يفعل ذلك إلا ليقتل ..
تلاشت ابتسامة جاميان وقال :
- لا توافقي على الزواج .... أرجوكي ...
نظرت إلى الحديقة وخفت أن يرانا أحدهم من النوافذ الكبيرة فقلت وأنا أسير إلى غرفتي :
- تعال وإلا ستفضحني في القصر ...
دخلت وجلست على طاولة الفطور .. تبعني جاميان وسحب كرسيا آخر وجلس إلى جواري، نظرت له بعصبية ولكنه ابتسم ابتسامة كوميدية وقال :
- لا أصدق انكي ستتزوجين ب أمرجيز .. لماذا؟؟؟
قلت باشمئزاز :
- وما شأنك أنت ... هل أنت والدي مثلا ؟؟ أخي ؟؟ قريبي ؟؟؟ أنت لاشيء
رفع جاميان حاجبيه وقال مكررا كلامي :
- لا شيئ؟؟
قلت بإصرار :
- نعم .. وكلامنا انتهى ...
صمت جاميان ... فنظرت إليه كان يفكر وقد تقارب حاجيه .. كان يبدو منزعجا جدا ، ورفع عينيه وقال :
- انت لا تعرفينه .. لكن لا ترفضي .. أقبلي لأنك إذا رفضتي سوف ينقلب عليك ومن الممكن أن يؤذيك .. أمممم
صمت ثانية وقال يحدث نفسه ..
" امرجيز .. أه ... سوف تقولين موا ... لا .. يمكن أن ..."
عاد ينظر إلي وأنا لم أفهم شيئا وقال وهو يقف :
- أنا ذاهب ... آسف لأنني ضايقتك لكن سأسلك سؤالا أخيرا..
قلت وانا متعجبة من تصرفاته الغريبة:
- وماهو ؟؟
تنهد بقوة ثم قال بألم وهو يقترب مني :
- هل تظنين فعلا أنني قاتل؟ وانني من قتل راجوي ولوليانا ..
لا أدري لم عجزت عن الرد .. كان وجهه الملائكي ينظر إلي ويتوسل لي ألا أخذله.. عيناه تشعرني بسحر ما ..
سحر يجعلني أصدق أنه بريء ... وحساس ...و ...
لم أعرف ماذا أقول ولكنني جاوبت بغير وعي مني كنت عاجزة عن أي شيء :
- لا ...أنا أشعر بأنك بريء ...
سألني وانا تحت تأثير سحره :
- هل تكرهينني ؟؟؟ لندا ... أجيبي أرجوك ..
أغمضت عيني محاولة عدم النظر إلى وجهه وقلت :
- أنا لا ... أكرهك ...
بقيت فترة قصيرة وكأنني أشعر ان جاميان لم يعد موجودا ... فتحت عيني بهدوء فلم أجده أمامي .. كان الباب مفتوحا ويبدو ان جاميان خرج بسرعة ... الغريب انني لم أشعر به أبدا وكأنني أغلقت عيني لمدة سنة ...
هذا الشاب يحيرني و يجعلني أحبه ... أحبه بشدة و أفكر فيه ... واخاف منه ..
ذلك الشاب يجعلني ... اصاب بالجنون..
لم استطع ان أهدأ..
بقيت افكر..
اوجعني رأسي من كثرة التفكير في لا شيء ..
كنت مغتاظة من نفسي ... لماذا قلت له انني اعتقد انه بريء وانني لا أكرهه..
هل هذه الحقيقة في داخلي ؟؟؟ هل قام بتنويمي مغناطيسيا؟؟
اشعر بالغيظ ...
واشعر ب ...؟؟ لا أعلم انا أحاول أن اعارض مشاعري الحقيقية... صرخت داخل نفسي ... " اعترفي أنت تحبين جاميان ... هيا ... انت تحبينه أليس كذلك .."
لم أرد التفكير بالأمر ولكنني ذهبت بعد العشاء إلى فراشي ونمت...
حلمت حلما غريبا بأمي وأبي وكانا يوصلانني إلى المدرسة وأنا سعيدة بذلك .. استيقظت فجأة ولم أستطع النوم .. شعرت بقلق غريب جدا ..
وكأن أحدا ما اوقظني ، كان الوقت قد تعدى منتصف الليل بقليل .. واحسست بقلق شديد جدا على اوليسي .. لا أدري لما انتابني هذا الشعور مجددا ... ذلك الشعور المرعب الذي شعرت به قبل موت راجوي ولوليانا ...
ارتديت ثوبا لطيفا أبيض اللون لأستطيع التحرك به .. وليس مليئا بالتطريزات والأقمشة المتراكمة .. كان طوله يصل إلى نصف ساقي .. وبسرعة خرجت من جناحي وتوجهت إلى جناح الوصيفات ..
كان الجو صامتا وعندما اقتربت سمعت أصوات الوصيفات يتكلمن في داخل جناحهن ... طرقت الباب ..
فتحت أحدى الوصيفات واصيبت بالذهول عندما رأتني فقلت مبتسمة:
- أنا آسفة و .. ولكن أين أوليسي ؟ أريدها لثوان فقط ..
نظرت الوصيفة خلفي ثم قالت باستغراب :
- لقد ظننتك هي ... لأن الملك استدعاها منذ عشرون دقيقة أو أكثر بقليل ..
تركت الوصيفة وعدت .. كنت افكر متعجبة كيف يستدعي الملك أوليسي بعد منتصف الليل؟؟ لماذا؟؟ الساعة كانت تشير إلى الواحدة والنصف ،
قبل أن أصل إلى جناحي التفت عائدة إلى الجناح الملكي الخاص بالطابق الأعلى .. شعور غريب يجعلني فضولية جدا واريد ان ارى اوليسي ..
وقفت أمام صورة الملك الراحل والد لوليانا وتذكرتها عندما أخذتني إلى هنا للمرة الأولى ..
عندما اقتربت من غرفة الملك رأيت الحرس يقفون على البوابة ولكنني اقتربت بقدر المستطاع بحيث أرى الغرفة ولا يشعر بي الحرس، كان باب الغرفة موصدا ولكن الأضاءة كانت عالية بالداخل ،،
ثوان وفتح الباب فجأة .. رأيت أحد الحرس وهو يخرج من الغرفة ويحمل جوالا قماشيا كبيرا خرجت الدماء على سطحه ...
وسمعت الملك يقول :
- علق رأسها أمام غرفة الوصيفات حتى يتعظن ...
------------------------------------------------------------------------------
cao pi likes this.
__________________
A friend gives hope when life is low... A friend is a place when you have nowhere to go... A friend is honest... A friend is true... A friend is precious and that my friend is YOU
  #24  
قديم 12-21-2008, 05:52 PM
 
رد: قصة رائعة عنوانها الجندي الأبيض

ارتعش جسدي وأحدهم يخرج بسيف الملك وهو مليء بالدماء لينظفه ... نزلت دموعي ساخنة وأنا أرتعد، لقد كانت هذه أوليسي، نعم ... الملك هو الذي كان يفعل ذلك .. ولكن لماذا ؟؟
لماذا يقتل الملك شقيقته ؟ وراجوي ؟؟ هل يحاول إخافتي ؟ هل هو من فعل كل ذلك فعلا أ أن أوليسي فعلت شيئا استثنائيا ؟؟
هل هو معقد أم أنه يثأر لشخص ما؟؟ لقد كانت لوليانا تتمنى دائما اسعاده ..
بكيت وجلست إلى جوار الحائط وانا في غاية الرعب والحزن والصدمة ...
لا يجب أن ابقى هنا ... أنا لم أعد أثق بأي شخص،، جميع من أحببتهن مؤخرا قتلن والملك ... كان هو قاتلهم بكل برود وشر ...
كان الحرس يتجولون وخشيت أن يراني أحدهم أو يسمع صوت بكائي المكتوم ..
حاولت مسح دموعي ولكنها ظلت تذرف رغما عني ..كان قلبي محطما ...
مشيت بحذر أحاول الخروج من الجناح الملكي قبل أن يراني أحدهم ونزلت بسرعة على الدرج إلى الجناح السفلي ..
ولكنني فوجئت بعشرات الجنود وكان احدهم يمسك برأس أوليسي الآخر يحمل الجوال الذي يرقد فيه جسدها ... نظروا إلي بشراسة وكنت ابكي .. وشعرت أنني في مأزق، لقد علم كل هؤلاء الجنود أنني تجسست على الملك ! وبدأو يتحفزون ضدي ..
لم يكن أمامي حل آخر .. حل غير متوقع .. نعم..

انطلقت بكل سرعتي وألقيت بنفسي من شرفة الطابق الثاني ... وقعت بقوة على الأعشاب وتدحرجت لم أشعر وقتها بأي شيء رغم الآم والجروح التي أصابتني .. وقفت بصعوبة وبدأت أجري وتوقفت انفاسي عن الدخول والخروج وأنا أراهم يقفزون خلفي وهم يحملون أسلحتهم الزرقاء التي تصيبني بالرعب ...
ركضت بكل قوتي وكان حذائي خفيفا جدا فآلمتي الصخور بعض الشيء .. كنت متقدمة عليهم بمسافة جيدة ... دخلت إلى الحديقة المشجرة وحاولت تضليلهم بين الأشجار، كان صدري يعلو ويهبط بسرعة .. لم يتخيل أحدهم أنني سأتوقف خلف أحدى الأشجار أراقبهم وهم يركضون كالمجانين إلى الأمام ..
بعد ما ركض معظمهم بعيدا عدت أركض نحو بوابة القصر الخلفية ... وعندما وصلت إلى هناك وجدت حراس البوابة الأربعة مقتولين .. تعجبت وفرحت وانطلقت اركض خارج القصر بكل قوتي .. كان شعري المنسدل يضايق وجهي ويلتصق بدموعي ..
كان الخوف يعتصر قلبي وركضت بسرعة صاروخية بين الأشجار حتى لا يجدوني .. لم أعرف إلى أين اتجه وماذا سيكون مصيري !!
ركضت وركضت وفوجئت بذلك البناء .. ذلك البناء الجميل الذي كان أول محطاتي إلى هنا .. والذي أخبرني جاميان أنه ولد فيه .. لم أقف طويلا أمامه واسرعت بالركض وانا اتركه خلفي ودموعي تذرف بغزارة .....
تعثرت ووقعت على الأرض الموحلة .. واتسخ ثوبي .. جلست التقط انفاسي وشعرت بالوحدة الشديدة والخوف والألم ، كانت يدي تؤلمني من أثر السقطة وكان هناك جرحا كبيرا في يدي ينزف .. لم استطع ايقاف النزف فشققت طرفا من ثوبي القطني الأبيض الذي اتسخ وأصبح بني اللون ..
ربطت يدي بقوة مع انها آلمتني جدا ولكن وقت الخوف لا يعي الانسان ماذا يفعل .. وتظهر الشجاعة والتحمل ..
كان منزل جاميان خلفي وسمعت أصواتا تتحدث معا ...
ميزت صوت تالتن كان يقول :
- الملك يستدعينا .. ألن تذهب ؟؟؟
- سأبحث عنها مع الجنود هنا أشعر انها بقرب القصر إذهب انت ..
قال ذلك أحدهم لم أعرف أهو صوت جاميان أم لا فقد كان منخفضا ودب الرعب في قلبي من جديد وقمت أركض بعيدا ... وركضت ركضت حتى تعبت ولكن ليس لي أي خيار ..
اما ان أموت أو ان اهرب..
شعرت بيأس عجيب جدا ..
لست على كوكب الأرض ، ليس هناك مركز شرطة التجيء إليه... ملك لديه سلطة يريد قتلي ..
ليس لي أي شخص أثق به .. او يهتم لأمري ..
ليست هناك سوى مركبة واحدة تدعى "هينوا" ولا يستطيع قيادتها سوى طيار واحد ومعه جاميان ...
إذن .. ليس هناك أي أمل .. ولكنني لن أسلم نفسي سأصعد إلى قمة ذلك الجبل وألقي بنفسي من فوقه ، لن يستغلني الملك ولن يقتلني ولن يهددني ...
نعم ... قلت لنفسي :
" لندا ... الموت أشرف لك من هذه المهزلة التي تعيشينها ... أمي، أبي سأزوركما قريبا .. لقد اشتقت اليكما فعلا "
كان هذا قراري الأخير .. للأسف لم يكن معي دفتر مذكراتي حتى أكتب نهاية تلك القصة التي بدأتها والتي لن يصدقها أي شخص كان على الأرض... ولكن ربما يتسلى بها أي شخص في بانشيبرا ..
كنت بالفعل أتسلق الجبل بروح رياضية وتوقفت عن البكاء وتحليت ببعض الشجاعة .. كان ثوبي وشعري متسخان ووجهي أيضا رجلي كانتا مجروحتان ويدي تؤلمني جدا ... ولكنني لم أستسلم واصلت الصعود رغم شعوري بالعطش .. ولماذا أشرب وأنا سأموت بعد قليل ..؟؟
عندما وصلت إلى نصف الجبل .. كانت الشمس قد بدأت تشرق .. لقد مر الوقت بسرعة .. كانت بانشيبرا قد بدأت تظهر أمامي ورايت القصر .. كان بعيدا .. ولكن المنظر رائعا ودمعت عيناي لأنه آخر منظر سأراه في حياتي ...
جلست استرح قليلا .. وشعرت ان الحياة لا تساوي شيئا أمام دوافع الإنسان .. ولكنها غالية جدا في نفس الوقت ...
كيف أقتل نفسي ؟؟ نعم لن أتردد سأقتل نفسي قبل أن يقتلوني .. لا أريد ذلك الملك أن يمس شرفي أو كرامتي .. سأموت عزيزة مستقلة بذاتي ..
نعم ... بكيت رغما عني .. وعندما ارتفعت الشمس قليلا أكملت صعودي فوق الجبل بإصرار وانا اشعربالانهاك والعطش .. ولكنني عندما وصلت للقمة.. كان بانتظاري شخص ما ...
----------------------------------------------------------------------------

كنت أصعد وأصعد واقتربت قمة الجبل أخيرا ... ولكنني قبل أن أصل رأيت تالتن يقف على القمة وينظر إلي باسما ..
هل هذه بسمة الانتصار؟؟ كان يفصل بيني وبينه متر واحد فقط .. فكرت أن اترك يدي وأسقط وبالفعل تركت يدي ولكنه أمسكني بسرعة ..
صرخت :
- دعني يا تالتن .. دعني ..
هتف تالتن بصعوبة وهو يسحبني:
- لا مستحيل... أنا لن أخذل جاميان ..
بدأت أبكي وأنازع حتى يتركني ولكنه كان قويا جدا وسحبني رغما عني مع ان الهواء كان شديدا بالأعلى وصاح تالتن وهو يهزني :
- انت أيتها الغبية هل تريدين قتل نفسك ؟
صرخت وأنا أحاول أن أتملص منه:
- الموت أفضل لي من البقاء معكم ...
عاد يصرخ تالتن وهو يحكم قبضته علي :
- لا ... سيعيدك جاميان إلى الأرض لقد وعدك .. لا أحد يعرف إنني وجدتك ، جاميان قتل الجنود على البوابة حتى يعطيك فرصة للهروب .. اسمعي ...
التقط تالتن أنفاسه ثم عاد يقول :
- عودي معي سوف نجعلك تهربين أنا وجاميان اتفقنا إننا لن نعيدك إلى الملك مرة ثانية، لا تخافي ..
توقفت عن الحراك فتركني تالتن ..ونظرت إليه بشك .. هل يقول الحقيقة؟؟ أم انه...؟
ابتعد قليلا ثم أخرج جهازا من جيبه وهو يراقبني بحذر ثم ضغط أزرارا وقال:
- جامي .. لقد وجدتها تعال بسرعة نحن على قمة افريدوتيا ...
سمعت صوت جاميان من خلال الجهاز :
- ماذا ؟؟ وماذا تفعلان بالأعلى؟؟ كيف صعدتما ؟؟
- جاميان ... تعال خذنا وكف عن الكلام .. لقد أقنعتها بصعوبة ألا ترمي نفسها هيا بسرعة وإلا سأنتحر معها ..
شهق جاميان مفزوعا وأغلق الخط ..
ونظر لي تالتن مبتسما وقال :
- كنت أصعد إلى خلفك طوال الوقت .. ولكنك عندما توقفت للراحة سبقتك إلى
هنا ..
نظرت بخوف وقلت :
- كيف لم أشعر بك؟؟
- كنت بعيدا عنك .. وحاولت إلا تريني لكنك كنت تبكين طوال الوقت.. لم استطع ان احدثك لأن جاميان لم يكن مستعدا لاصطحابك بعد ..
هدأت قليلا وجلست على أحدى الصخور المسطحة، ظل تالتن واقفا ينظر إلى كل مكان يبحث بعينيه عن جاميان ..
مرت عشر دقائق ورأيت مركبة طائرة تقترب فقال تالتن :
- هيا تمسكي بي .. إنه جاميان لقد جاء أخيرا ..
اقتربت وأمسكت بسترة تالتن .. كان الهواء شديدا بسبب المروحة الموجودة بالطائرة، كانت تشبه المروحية (الهيلوكوبتر) ..
أدخلني تالتن أولا وجلست في الخلف .. ثم جلس إلى جوار جاميان .. أغلقت الأبواب مرة ثانية اتوماتيكيا .. وألقى جاميان نظرة خاطفة علي ثم قال بسعادة:
- هل كنت تودين الانتحار حقا؟؟ هل نسيتي الوعد الذي قطعته لك؟؟
شعرت بالراحة وقلت :
- لا ولكنني وصلت إلى مرحلة لم أعد أثق فيها بأي شخص ..
التفت تالتن لينظر إليّ وعلى وجهه نظرة شريرة ثم قال :
- في الحقيقة ... لقد استدرجناك حتى نعيدك إلى الملك، هل تظنين أننا نضحي بألقابنا ومراكزنا من أجلك !
انخلع قلبي ونظرت بخوف .. يأسا عجيبا احتل كياني وتمتمت بألم:
- خونة!!
نظر جاميان إلي ثم عاد ينظر أمامه وقال :
- هل صدقتي حقا أننا سنسلمك للملك .. لقد كان تالتن يمزح معك ، ولو كان يتكلم حقا لشققته إلى نصفين ونتبرع بكبده للمحتاجين .. وقلبه لي !!
ضحك جاميان وتالتن بشدة وشعرت بالغيظ فقلت وانا انزل دمعة مكبوتة :
- أقسم أني سأضربك يا تالتن...
قال جاميان :
- هل أغضبك؟؟ حسنا سأريه ..
فتح جاميان باب تالتن ثم رفسه رفسة أطاحت به في الهواء، فعل ذلك في لحظة غير متوقعه وصرخت بخوف واندهاش وأنا أرى تالتن يطوح بعيدا في الهواء حتى اختفى عن المركبة السريعة ..
وقفت وصحت بذهول وأنا انظر إلى وجه جاميان:
- ماذا فعلت أيها المجنون !! لقد قتلته .. لماذا فعلت ذلك ...
كان جاميان مبتسما وقال :
- لا تخافي عليه إنه قوى كسور في بعض عظامه وينتهي الأمر..
ارتميت على مقعدي وأنا لا أصدق ما فعله جاميان .. لقد فقد عقله ..
ظللت صامته لفترة طويلة وهو أيضا .. شعرت بنعاس شديد ولكنني تمالكت نفسي حتى بدأت المركبة بالهبوط .. شعرت أننا سافرنا إلى مدينة أخرى فقد جلست قرابة الساعة داخل الطائرة الصغيرة..
توقفنا في النهاية أمام منزل صغير وجميل وقال جاميان لي أن أنزل .. كان المكان يذكرني بالريف ..
نزلت وكان الهواء عليلا ولكنه بارد بعض الشيء .. رن جرس جهازه الذي يشبه الهاتف وضغط عيه ثم قال:
- هل وصلت؟
سمعت صوت تالتن يقول بمرح كعادته:
- أجل لقد نزلت في المكان المناسب تماما ،، لم تكن مظلتي تريد أن تعمل ولكنها فتحت في اللحظة الحاسمة ... جاميان لقد ذهبتما في الوقت المناسب جنود الملك قلبوا كل شبر في العاصمة ولم يجدو لندا .. هيا تعال بسرعة لقد استدعاك الملك أكثر من مرة..
نظر جاميان إلي مبتسما ثم قال :
- حسنا أنا قادم ..
اقترب مني جاميان وأخذ نفسا عميقا ثم قال :
- خطة هروب جيدة من العاصمة ولكنها مؤقتة .. هيا تعالي معي ..
أمسك جاميان بيدي وسحبني إلى المنزل الصغير .. ثم قال:
- مار أيك سوف تبقين هنا مع أمي لبعض الوقت حتى تهدأ الأمور .. لن يتوقع أحد وجودك ..
توقفت وسحبت يدي بقوة .. شعرت بخوف لا مثيل له وقلت:
- لا .. لا أريد أن أبقى هنا..
تخيلت الجثة المحنطة داخل صندوق زجاجي هي تحدق بي ..
ابتسم جاميان وقال وهو يسبقني إلى المنزل :
- ليس لديك خيار آخر .. أم أنك لا تريدين العودة إلى صديقاتك وموطنك؟؟
طرق جاميان الباب وأنا لم أتزحزح شبرا من مكاني .. تسائلت ... لماذا يطرق الباب؟؟ هل هناك شخص ما بالمنزل ؟؟
ففتحت امرأة جميلة لديها شعر أحمر داكن وعينان زرقاوان ولكنها كبيرة بالسن بعض الشيء وعندما رأت جاميان صاحت بفرحة وضمت جاميان بقوة وهي تقول :
- جامي يا حبيبي .. أين كنت لماذا لم تتصل بي؟؟ هل انتهت فترة عقوبتك ...
ابتسم جاميان وقال وهو يمسك بيدها :
- أنا آسف .....
- ولماذا لم يأتي أخوك معك؟؟
انتبهت المرأة إلى وجودي فنظرت لجاميان باستغراب ... بالطبع كان منظري مزريا .. شعري متسخ ومتشاجر مع بعضه .. ملابسي مقطعة وثوبي أسودا بمعنى الكلمة ماعدا بعض اللون البني عند الأطراف ، كنت أنظر بذهول وأنا أتساءل هل هي والدة جاميان حقا؟؟
اقترب جاميان مني ثم دار خلفي ودفعني برفق من كتفي ناحية المنزل وهو يقول :
- أمي.. هذه الفتاة الجميلة أهتم لأمرها.. أريدك أن تضعينها داخل عينيك حتى أعود، إنها غالية جدا على قلبي .. لا أريد ان يعلم أحد بوجودها هنا حتى جارتك تلك العجوز الشمطاء التي تحكين لها كل اسرارك ..
نظرت المرأة إلي مبتسمة وقالت :
- يالها من فتاة جميلة .. تعالي يا حبيبتي ما هو اسمك؟؟
قلت بتردد:
- أ .. أدعى لندا..
- ياللاسم الجميل كصاحبته ..
تركني جاميان واقتربت مسافة كافية من المرأة اللطيفة فعانقتني ..
تركنا جاميان عائدا إلى المركبة فقالت المرأة:
- جاميان .. ألن تبقى بعض الوقت تبدو منهكا..
التفت جاميان وقال باسما بصوت مجهد :
- لا يا أمي .. ليس لدي وقت لا يجب أن اترك أخي لوحده..
وقبل أن يركب جاميان قالت والدته :
- دع أخيك يتصل بي بين الحين والآخر ليطمئنني على أحوالك ..
- حاضر يا أمي ..
كنت أراقب الوضع باستغراب .. جاميان لديه أم وهي على قيد الحياة وليست محنطة ولديه شقيق أيضا ؟؟؟
ما قصة هذه العائلة الغريبة ؟؟؟
دخلت مع والدة جاميان بعد ان راقبنا المركبة وهي تبتعد ..
أعطتني ثوبا وردي اللون يناسب مقاسي وبعد أن أخذت حماما دافئا ضمدت لي جرح ذاعي الذي تلوث بما فيه الكفاية ..
كانت والدة جاميان رائعة وتبتسم طوال الوقت وأصرت على تمشيط شعري بنفسها ثم ربطته بربطة بيضاء اللون ..
كنت قد بدأت أرتاح ثم تناولت معها طعاما لذيذا وقلت لها:
- إنه لذيذ جدا وأفضل من طعام القصر في نظري ...
نظرت لي والدة جاميان وقالت :
- هل انت الفتاة التي ذهب جامي للأرض ليحضرها؟؟
- نعم ..
صمتنا للحظة ثم سألتها:
- من هو شقيق جاميان .. لم يخبرني أن لديه أخا..
ضحكت أم جاميان وقالت بمرح
- أخشى أن أخبرك فيقول لي جامي " انت تفشي أسرارنا كالعادة "..
كانت تمثل اسلوب جاميان وهي تقول الكلمة الأخيرة وضحكنا كثيرا ... فعادت تقول:
- لا أعرف اذا كنت تعرفينه ام لا انه يدعى تالتن ماكنزي ... واسمه الحقيقي هو جيرودا .. ويكبر جاميان بعام واحد فقط ..
وقف الطعام في حلقي من هول المفاجأة وشربت بعض المياه ..
قالت والدة جاميان بسرعة:
- هل انت بخير؟
- نعم .. لكنني لم أصدق بعد أن تالتن أخوه .. كانا يبدوان كصديقين، حتى أنهما لا يشبهان بعضهما أبدا ..
قالت أم جاميان وهي تهز راسها :
- انت لا تعرفين ماذا حدث .. ولكنني سأقص لك قصة عائلتنا عندما تستيقظين ، أما الآن فأنت تحتاجين إلى الراحة ...
شعرت بالغيظ فقد أصبحت فضولية جدا بشأن جاميان في الآونة الأخيرة ولكنني استسلمت قائلة :
- حسنا..
أوصلتني أم جاميان إلى فراشي وقالت باسمة:
- أنا الآن أمك ..أرجوك أريدك أن تعتبرينني كذلك وإذا احتجتي إلى أي شيء فقط نادني ..
ابتسمت وقلت :
- شكرا لك .. سأفعل بالتأكيد ..
كانت الغرفة جميلة جدا وتنم عن ذوق رفيع، تلك الغرفة مزينة بالزهور حتى لوحاتها، وهذا يدل على انها غرفة فتاة ..
ماذا؟؟
إنها لم تكن على علم بقدومي ؟!
أم ان تالتن أخبرها بذلك؟؟ لا أعلم ..
وتلك الثياب التي أحضرتها لي .. أممم يبدو انها كانت تعلم بقدومي ..
ظللت أفكر هكذا حتى غفوت ..

نمت نوما عميقا لا مثيل له فقد كنت أشعر بتعب شديد خاصة وان كل شبر في جسدي يؤلمني بسبب ذلك الركض الذي ركضته..
وعندما دقت الساعة جرس الرابعة عصرا بدأت أفيق من النوم ..
فزعت عندما رأيت الساعة فيبدو أنني نمت طويلا ..

******
جلست أتناول الغداء مع والدة جاميان ... تلك السيدة الجميلة كانت تبث في نفسي اطمئنانا لا مثيل له .. بعد ان انتهينا قلت لها :
- لقد وعدتني أنك ستقصين علي قصة عائلتكم، أعني تالتن وجاميان..
صمتت أم جاميان للحظة وكأنها تسترجع الماضي ثم قالت مبتسمة:
- كان الماضي جميلا ... رائعا ... كنا عائلة صغيرة مكونة من خمسة أفراد أنا و ديوفري والد جيرودا وجاميان وابنتنا تانوها ... ذهب ديوفري في رحلة إلى مملكة تيمالاسيا ووقتها كنا شابين ممتلئين بحب الحياة، لم تكن هناك خلافات بين المملكتين بانشيبرا وتيمالاسيا والتقيت به إن جاميان يشبهه كثيرا عدا لون العين ... أحببته وأعجبت به وهو كذلك وعندما تقدم لخطبتي كان يومها جنديا في جيش بانشيبرا وقد اعترض والدي على زواجنا وفضل أن اتزوج شخصا من تيمالاسيا مثلي ..
ومع مرور الوقت، تمسكنا ببعضنا أجبر أهلي وأهله على الموافقة على ارتباطنا وبذلك تزوجنا، عشنا في سعادة ورزقنا بفتاة جميلة واسميناها " تانوها " عندما بلغت العام الثالث كان معنا جيرودا وكنا نعيش في بانشيبرا العاصمة ونذهب إلى تيمالاسيا بعض الوقت ..

كنت استمع لوالدة جاميان بهدوء وانصات وعندما توقفت قلت بسرعة:
- أكملي أرجوك ...
- كان ديوفري مثاليا جدا ولطيفا، لم نكن نتشاجر مثل بقية الأزواج فقد كنا متفاهمين وكنت حاملا في أصغر ابنائي جاميان، لكن في ذلك الوقت ساءت الأحوال السياسية بين مملكتي بانشيبرا وتيمالاسيا مما دفع الجميع للتأهب لحرب غبية ..
وكان ذلك بسبب مقاطعة تتشاجر عليها المملكتين منذ قديم الأزل ، وبالطبع لقلادة إيموكيا التي دفعت ملك تيمالاسيا الجديد بالقول إنها كانت ملكا لجده الأول ...
كنت خائفة جدا على أهلي في تيمالاسيا وبدأ الناس في بانشيبرا يبلغون عن أي شخص ينتسب إلى تيمالاسيا فيسجن أو يوضع أسيرا ولذلك خاف علي ديوفري لأنني كنت على وشك الوضع، وكانت قريباته يكرهنني بسبب زواجي به لتمنيهن غير ذلك،، وفي ذلك الوقت ... بدأت الأزمة وشعرت بتعب الوضع وكانت المستشفيات البانشيرية تمنع معالجة أي
شخص تيمالي ..
تساءلت متشوقة :
- وماذا فعلتم ?

كانت آيريس والدة جاميان في ذلك الوقت على وشك الولادة وعندما شعرت بآلام الولادة، أخذها ديوفري إلى المشفى محطما كل القوانين وكان مركزه في الجيش معرضا للانهيار ولكنه أخذ أخيرا التصريح بمعالجة آيريس لأنها زوجة رجل من خيرة جنود بانشيبرا ...

بعد أن ولد (جاميان) عادوا به إلى المنزل ليكتشفوا أن الحرب الحقيقية قد بدأت فعلاً وأن والد جاميان الشاب استدعي لكي يقود كتائبه في جيوش بانشيبرا وضد جيوش تيمالاسيا بالفعل .. كان الحل الوحيد هو أن يأخذ زوجته وأطفاله ابنة في الرابعة وابن لم يتم العامين وطفل حديث الولادة، إلى أهلهم في تيمالاسيا حيث سيلقون الرعاية الكاملة أثناء غيابه ...

في تلك الأثناء لم يستطع ديوفري أن يوصلهم بنفسه بأمان حتى أبواب تيمالاسيا بسبب عمله المتواصل في سلك الجيش، ولذلك كلف أمهر جنود كتيبته بالمهمة المستحيلة .. ذلك الجندي الشاب كان هو نفسه روسو، الرجل الصارم صاحب العينين الحمراوين .. وكان معه أيضا خمسة من جنوده التابعين بزي مدني ...
وكانت هي رحلة العذاب الأخيره ..

عربة مصفحة تقتحم الطريق المؤدي إلى " برودجيا " وهي منطقة حدودية بين بانشيبرا وتيمالاسيا لكنها تابعة لتيمالاسيا ..

لم تكن المشكلة في بانشيبرا ولكن المشكلة كانت تكمن في تيمالاسيا، وحصل مالم يكن متوقعا فقد أمسك جنود تيمالاسيا بروسو قبل المنطقة الحدودية وانهالوا عليه ضربا بالأسلحة الثقيلة، وكان على آيريس أن تحمي أطفالها الثلاثة ولكن أحد الجنود أمسكها بعنف وأخذ الجنود بقية الأطفال ..

كانت آيريس تصرخ، (أنا من تيمالاسيا) ولكن أحدا لم يعرها اهتماما، في تلك اللحظة قام روسو بشجارهم بقوة مرة أخرى رغم إصاباته هو وجنوده واستطاع استعادة جاميان و تانوها وهرب بهما بعيدا تاركا الأم والطفل جيرودا بعد ان عجز عن إعادتهما .. وفقد كل جنوده الخمسة في تلك الحرب الصغيرة الطاحنة ..

لم يستطع روسو مواجهة قائدة بالأمر ولكنه كان مضطرا إلى ذلك...
دخل روسو بصحبة الطفلين ووقف بصمت أمام رئيسه ..
في تلك اللحظة انهار الأب ظنا منه أن زوجته وحبيبته آيريس قد قتلت وكذلك ابنه جيرودا ..

لم يستطع روسو تأكيد أي شيء أو نفيه ولم يحاول أن يقول أي شيء، واعتبر نفسه قد فشل في أول مهمة صعبة في تلك الحرب...
ضم ديوفري طفليه ليبللهما بدموعه الحارة ولم يكن يعلم أين سيبقيا بالفعل لكنه أراد أن يحافظ عليهما بروحه فهما كل الذكريات التي بقيت من حبيبته الراحلة ..

لم يستطع ديوفري لوم روسو أبدا فقد حاول كل ما باستطاعته حتى إنه حمل جاميان الرضيع وشقيقته ذات الأعوام الأربع وهرب بهما مسافة طويلة وكانت ذراعه مكسورة والدماء تغطي جسده، لقد كان روسو مخلصا واستحق الشكر الجزيل ..

شعر ديوفري انه ارتكب اكبر خطأ في حياته وابقى جاميان وشقيقته عند زوجة روسو الشابة والتي قبلتهما بفرح فلم يكن ديوفري يمتلك أي عائلة بعد رحيل والديه العجوزان .. وزوجته آيريس ..

ودع روسو و ديوفري عائلتهما الصغيرة وذهبا إلى الحرب لا يعلمان مصيرهما وبقيت زوجة روسو الشابة إليزيا مع أهلها تعتني بالطفلين تانوها وجاميان..

الحرب كانت مدمرة ولم يكن أحد راض عنها أبدا، بانشيبرا تضرب في صميم تيمالاسيا وتيمالاسيا تدمر كل شيء في بانشيبرا ...

مدينة سكولز، تلك المدينة البعيدة التي توجهت إليها عائلة إليزيا هربا من الموت، ولكن الحرب لا حقتهم إلى هناك وتعرض المنزل للقصف مخلفا ورآءه ضحيتان ..
تانوها .... وإليزيا نفسها ..

وهربت عائلة إليزيا الصغيرة ولم ينسوا أن يأخذوا معهم ذلك الطفل البريء... جاميان ديوفري .. الأسطورة ..
شهور مرت وآيريس الحزينة لا تعلم شيئا عن مصير طفلتها ورضيعها، إنها الآن في منزل والدها بصحبة صغيرها جيرودا بعد أن تأكد الجيش المحلي أنهما من أهل تيمالاسيا ..
كل ليلة تذرف آيريس الدموع وهي في شوق لعائلتها الصغيرة كانت تنادي بحرقة... ديوفري أين أنت؟ وأين طفلاي؟؟ هل قتلا بالفعل؟؟
جيرودا هو كل مابقي لها من عائلتها ... أخبرها والدها أن جيرودا لن يستطيع العيش في تيمالاسيا باسم والده الجندي الأبرز في جيش بانشيبرا ...
مضطرة لذلك وافقت الأم على تغيير اسم طفلها حفاظا على حياته وأصبح اسمه جيرودا بنكوبر منسوبا لعائلة والدته آيريس بنكوبر..

******

في تلك الأثناء مضت شهور أخرى وعاد روسو من الحرب ليبحث عن عائلته ، كان ديوفري في عداد المفقودين وأقسم روسو على رعاية طفليه... ولكنه أصيب بالصدمة الأشد عنفا عندما سمع خبر وفاة إليزيا وتانوها ...
مرت الحرب في ذلك الوقت بفترة هدنة قصيرة امتدت لعامين ...
في خلالها استطاع روسو أن يتغلب على حزنه الشديد بسبب وفاة زوجته وأن يعتني بجاميان الذي اقترب من إكمال عامه الثالث..
كان ديوفري أسيرا في سجون تيمالاسيا، وفي نهاية الهدنة حصل تبادل بين الأسرى فكان ديوفري من بينهم ...
بعد خروج ديوفري من السجن استقبله روسو الذي كان يصطحب جاميان الصغير معه، ظل ديوفري حزينا جدا وساءت حالته النفسية بعد علمه بوفاة تانوها الذي كان يحلم أنه سيخرج من السجن ليدخلها إلى المدرسة .. ويجلب لها الأدوات والحقائب مثل كل الآباء ..
كان جاميان هو كل ما تبقى له في هذه الحياة وكان عليه شكر روسو الذي كبر جميله عند ديوفري ،

وهكذا عادت الحرب مرة أخرى ، كانت الحرب شعواء وتربى جاميان وسط هذه الأحداث بصحبة والده المحارب القوي ..

مرت عشر سنوات كانت نار الحرب تخبو وتشتد من حين لآخر .. بحث ديوفري عن أي أمل لإيجاد آيريس وجيرودا، ولكن ذلك كان مستحيلا في مملكتين تحتلان كوكبا كاملا ..

تعلم جاميان فنون القتال وتفوق على الرجال رغم أنه لم يتم الثالثة عشرة من عمره، إنه لا يتذكر والدته آيريس، ولا أخته تانوها ولا يعرف جيرودا ...
ولكن والده لم يكن يكف عن سرد الذكريات الجميلة له ..

وكانت هناك صورة قديمة يحتفظ ديوفري بنسخة منها وهي ل آيريس وديوفري وتانوها ويبدو جيرودا رضيعا في الصورة ..
مرت خمس سنوات وأصبح جاميان جنديا مبتدئا في الجيش بعد أن أتم الثامنة عشرة
كان روسو هو الرئيس الأعلى له ولكنه ساعده كثيرا في التأقلم على العمل الجديد ..
واقتربت اللحظة الحاسمة ...

فقد أرسل جاميان مع خمسة جنود آخرين وقائدهم روسو إلى مملكة تيمالاسيا لإعطاء مشروع الهدنة الجديدة بين قوات بانشيبرا وقوات تيمالاسيا ...
دخل جاميان بصحبة مجموعته إلى المدينة الحدودية حيث تقابلا مع جنود تيمالاسيا المشهورين بالزي البني عندما رأي جنود تيمالاسيا جاميان وهو يتقدم صفوف أصدقائة ليسلم مشروع الهدنة ضحكوا كثيرا ..

قال قائدهم :
- لا أصدق أيها "البين" روسو أنكم تجندون أطفالا في جيوشكم ..
كانت البين تعني رتبة عسكرية ...
رد جاميان وقد ثارت ثائرته :
- أنا لست طفلا أيها القائد ... أنا جندي مخلص أقوم بأداء واجبي فلا داعي للسخرية من فضلك !
كان رد جاميان قويا وأحرج القائد التيمالي وعندها قال روسو:
- إنه جاميان ديوفري، من أفضل جنودنا الصغار على الإطلاق..
كان هناك جنود تيماليون يستلمون الهدنة خلف قائدهم .. وأحدهم ظل يحدق في وجهه جاميان بشك وشوق ... وهو يقول لنفسه:
" جاميان ديوفري؟؟ هل يكون هو فعلا؟؟ شقيقي الذي أبحث عنه؟؟ أم انه مجرد تشابه في الأسماء؟؟
كان جيرودا يعرف حقيقة أنه "جيرودا ديوفري" وليس "جيرودا بنكوبر" جيدا... لم تتركه آيريس يعيش هكذا بل ظلت تحدثه عن والده القوي، وشقيقته وبالتاكيد جاميان..

ظل جيرودا ينظر إلى شقيقه الذي يرتدي زي جيش العدو الكحلي ... لم يكن أي شخص يعلم هذه الحقيقة سوى جيرودا ...
وعندما ذهب جنود بانشيبرا إلى المعسكر طلب الجندي جيرودا الإذن بالسماح له بالتحدث مع أحد جنود بانشيبرا ، كان الأمر صعبا وخاصة أن جيرودا لم يجد سببا يقنع رئيسه بأهمية الحوار مع العدو ..
وعاد جيرودا خائب الأمل إلى معسكره ..
فكر جيرودا بأن يخرق القانون ويقفز إلى معسكر البنشيريون ولكنه خاف أن تصاب والدته بخيبة أمل كبيرة إذا علمت ان ابنها الوحيد الذي فعلت المستحيل ليصبح قويا هكذا قد طرد من الجيش لخرق القوانين ...

في الصباح عاد القائدان ليناقشا مشروع الهدنة بين المملكتين على أساس موافقة كلا الطرفين على شروط الآخر..
كانت تلك مناوبة جيرودا في الحراسة ومن بعيد لمح جاميان يسير متوجها إلى معسكر بانشيبرا .. كان الألم يعتصره وهو يرى شقيقه يبتعد ولا يستطيع التأكد منه أبدا ، وكتب جيرودا ورقة صغيرة :
" أنا جيرودا ... شقيق جاميان ديوفري ، إنني أعمل برتبه جندي أول في جيش تيمالاسيا .. أمي آيريس على قيد الحياة وهي بخير وتعيش في مدينة لوكايا .. أريد ان أرى والدي وشقيقاي أنا من بانشيبرا مثل والدي ولكن الظروف الصعبة قادتني إلى هنا "

طوى الورقة الصغيرة حتى أصبحت بالكاد لا ترى بالعين المجردة ..
وظل يكمل مناوبته ..
عندما خرج روسو وقف جيرودا أمامه ليقوم بالتحية العسكرية وقبل أن يبتعد من جانبه أعطاه الورقة المطوية ثم انصرف ..
عاد روسو إلى المعسكر وهو مندهش من تصرف ذلك الجندي البارز في جيش تيمالاسيا ، وفتح الورقة وكانت الصدمة الأعنف والأجمل بانتظاره ..

لم يستطع روسو تمالك أعصابه من الفرحة فذرف دمعة وحيدة زلزلت كيانه وفي الحال استدعى جاميان ..
جلس امام جاميان المندهش برؤية روسو سعيدا هكذا لأول مرة في حياته، وقال:
- جاميان يا صغيري، لقد عثرت على شقيقك، إنه على قيد الحياة .. ولكنني لا أعرف ما علي فعله ..
قال جاميان باندهاش وهو يجلس إلى جوار روسو:
- حقا .. شقيقي مازال حيا؟؟ سيفرح والدي كثيرا وأمي ؟؟ هل هي على قيد الحياة ؟؟
- انتظر يابني ، أمك بخير أيضا، لكن تلزمنا خطة لكي نعيدهما سالمين إلى بانشيبرا .. أخوك الجندي الأول في الكتيبة السابعة وهذا يصعب من مهمتنا كثيرا ..
- أنا لم أره؟؟ هل هو صاحب الشعر البني؟؟ لقد حفظت وجوههم جميعا..
- لديه شعر أحمر داكن وقصير ..
- آآآآه ... عرفته لقد كان يحدق بي طوال الوقت ..
وقف روسو وسار متجولا في المكان يفكر بعصبية ..
وفي اليوم التالي تم الاتفاق على الشروط المتاحة وبذلك اتيحت هدنة لمدة غير محددة بين المملكتين العالميتين ..
عندما عاد جاميان وروسو وأخبرا ديوفري بالأمر لم يصدق ... كان سيموت من الفرحة حتى انه أصيب بتوتر شديد وأرق ليلي لمدة يومين حتى استطاع إيجاد حل وسط ...
واقترح ديوفري هذا الأمر على روسو
سيقوم جاميان بالذهاب في زيارة ودية إلى تيمالاسيا ... وهناك سوف يحضر والدته ويعيدها إلى بانشيبرا باسم مستعار ..
تساءل روسو عن مصير جيرودا ولكنه لم يستطع ايجاد أي حل حتى انتهاء الحرب التي استمرت لمدة طويلة جدا ...
قال جاميان:
- ماذا عن جيرودا؟؟ ألا يمكن أن يغير اسمه باسم جندي قتل حديثا و يعود جنديا إلى صفوف بانشيبرا؟ وأيضا .. لا تنسو ان مسجل هنا باسم جيرودا ديوفري ..
كانت فكرة جاميان جيدة ولكنها كان صعبة التنفيذ جدا .. فأنت ستستبدل الهوية أو انك ستخترع هوية جديدة لم تسجل بسجلات مملكة بانشيبرا..
وقرر ديوفري تأجيل موضوع ابنه جيرودا حتى تأخذ الهدنة المسار الأكثر استقرار...
وعندها ارسل جاميان مع بعثة من السفراء إلى تيمالاسيا ... لكنه ترك الركب وانسل إلى داخل تيمالاسيا بالفعل ...
كانت مدينة لوكايا هي هدفه الأول ..
كان جاميان يرتدي زي رجل عادي، قميص سماوي وبنطالا أسود .. وعندما وصل إلى لوكايا كانت بالفعل مدينة رائعة وتستحق أن تكون العاصمة ...
سار جاميان بهدوء وهو يتأمل سكان المدينة واقترب من أحد الأكشاك التي تبيع الكتب وقال:
- المعذرة .. هل تعرف أين أجد منزل عائلة بنكوبر؟؟
حدق الرجل بجاميان وقال بحدة:
- أنت لست من هنا أليس كذلك؟؟
لم يرتبك جاميان ورد بقوة :
- نعم أنا جندي من برودجيا .. وقد جئت لزيارة صديق لي يدعى جيرودا
قال الرجل بهدوء وهو يبتسم ابتساة لها مغزى:
- آه .. فهمت لقد جئت بعد أن اعطو الجنود إجازة اثناء الهدنة ..
- أممممم ... هذا صحيح، هل لك أن تدلني على المنزل؟
- نعم انه منزل كبير يقع على بداية طريق آيد .. يمكنك أن تسلك الطريق الموازي لذلك الشارع كبداية لك ..
- شكرا ..
توجه جاميان بمركبته الصغيرة إلى طريق آيد متتبعا إشارات توضيح الطرق ..
وعندما وصل بالفعل شاهد ذلك المنزل الكبير المكتوب على بوابته " عائلة بنكوبر" كانت الحرب قد تركت طابعا سيئا على جمال المدينة ويبدو ان الجزء الخلفي من المنزل الضخم قد تعرض للقصف .. فقد كان متهدما ومخيفا ..

بهدوء خارجي ،، وتوتر وفيضانات داخلية طرق جاميان على البوابة الكبيرة..
بجهاز على الباب سمع الرد .. عائلة بنكوبر من أنت؟
نظر بدقة فلاحظ جهاز كاميرا صغير لمراقبة الباب فقال جاميان :
- أنا جندي، صديق جيرودا هل يمكنني مقابلة السيدة آيريس؟
في الحال فتحت البوابة اتوماتيكيا ودخل جاميان إلى الحديقة ومنه سار حتى البهو الكبير وهناك ظهرت والدته تمشي بسرعة وعلى وجهها آثار الخوف الشديد .. وقالت :
- أهلا بكك أيها الجندي .. هل تتفضل لبعض الوقت؟
- شكرا لك..
سارت آيريس بجوار جاميان وعندما دخلا إلى غرفة الجلوس قالت آيريس بقلق :
- هل حدث شيء لابني؟؟ لقد أخذ كل الجنود إجازة عدا هو.. ولم يتصل منذ اسبوع .. أرجوك هل حصل له أي مكروه؟؟
كان جاميان يراقب أمه الجميلة بإعجاب كبير ثم قال برقة :
- في الحقيقة انا أظن انه بخير .. ولكنني لم آتي من أجل جيرودا في الواقع ..
ذهلت آيريس وقالت بارتياب:
- أنا لم أفهم قصدك بعد ...
صمت جاميان كأنه لا يعرف كيف يبدأ الموضوع ثم قال بتردد يشوبه بعض القلق:
- كنت أظن أنك تبحثين عن ... زوجك؟؟ البين - كاج \ ديوفري؟؟
وقفت آيريس في دهشة وقالت بصوت مبحوح وهي غير مصدقة:
- هل تعرفه؟؟ هل هو بخير؟؟ أين هو ؟؟
ابتسم جاميان ابتسامته الرائعة وقال وهو يضع يده على صدره :
- يسعدني أن أراك أخيرا .. أدعى جاميان ديوفري ..
راقب جاميان وقع الكلمة الأخيرة على مسمع والدته .. لم تصدق أمه ماتسمعه أذنها وتمتمت باندهاش:
- جاميان ؟؟ جامي ... ديوف ؟؟
قبل أن يستوعب جاميان مايحص كانت أمه تسقط مغشيا عليها بين ذراعيه ...
................. " أمي ؟؟ هل أنت بخير؟؟ "
سمعت آيريس تلك الكلمة وهي تفيق وأثناء غياب والدته عن الوعي تعرف جاميان إلى جدته وخالته اللتان غمرتهما الفرحة، قالت خالته بيريزا :
- انت تشبه والدك كثيرا ولذلك صدقناك من فورنا ...
ابتسم جامي وعاد ينظر إلى والدته التي فتحت عينيها ببطء فقالت الجدة العجوز وهي تمسح على شعر ابنتها في حب :
- آيريس يا عزيزتي أخيرا سوف يلتم شملك بعد كل هذه السنوات ..
لم تصدق عينيها وانتفضت من فراشها لتعانق صغيرها الذي أصبح رجلا قويا .. أخذت تمسح على وجهه وتنظر في عينيه غير مصدقة أنه ذلك الرضيع الذي تعتقد انه مات منذ تسعة عشر عاما ..
- جامي يا قلب أمك .. هل انت بخير؟؟ ووالدك هل أصبح عجوزا مثلي ؟؟ واختك تانوها ؟؟ هل أصبحت في العشرينات؟؟ هل تزوجت؟
كانت تسأل بفرحة ولكن جاميان صمت قليلا ثم قال :
- لقد فقدنا تانوها منذ أعوام كثيرة .. حتى انا لم أعرفها يوما ..
أصيبت الأم بخيبة الأمل .. ولكنها لم تكف عن الابتسام في وجهه وسألت :
- ووالدك؟ لقد اشتقت إليه كثيرا ..
- إن أبي كاد يصاب بنوبة قلبية عندما أرسل جيرودا الرسالة التي تخبرنا فيها بانك بخير ..
- جيرودا ؟؟ هل قابلته ؟؟ كيف التقيتما ؟؟
قص جاميان عليهم كل ماحصل وانه بالفعل لم يقابل جيرودا فعليا، وقال جاميان :
- إن اخي ذكي جدا لأنه عرفني وتصرف بتلك الطريقة .. أنا سعيد جدا لأنه شقيقي الأكبر ..

كان على جاميان الرحيل في ذلك اليوم ليلحق بموكب السفراء العائد إلى بانشيبرا وكان قد أخذ كل أوراق الهوية المزيفة لوالدته ولكن ردها احبط جاميان :
- جاميان الوقت ليس مناسبا لكي أعود على بانشيبرا .. أخوك كيف سيعود ولن يجدني ؟
رد جاميان بعصبية :
- لا يا أمي ستأتين معي وجيرودا سيلحق بنا فيما بعد!
نظر جاميان إلى خالته وجدته متستغيثا، فقالت جدته تكلم آيريس :
- آيريس ماهذا السلوك .. هل ترفضين الذهاب إلى عائلتك ، وديوفري الذي لم نكن ننام الليل بسبب بكاؤك عليه .. ألا تودين رؤيته ..
أجابت آيريس وهي تنظر إليهن بحزن :
- ولكن هل سأترككن في الحرب هكذا ؟
- أنت ستعودين إلى منزلك يا آيريس ونحن لا تخافي علينا تعلمين أن أخوك إلى جانبنا دائما ...
صمتت آيريس في استسلام وقفز جاميان يعانق جدته وخالته ويصيح :
- شكرا لكن، صدقاني سأعود مجددا لزيارتكن وسأصطحب معي عائلتنا الجديدة..
فرحت الجدة ومسحت على شعره ثم تساءلت :
- لكن يابني، رغم أن أخوك يكبرك بعام وحد إلا أنني أراه أكبر منك بكثير وانت تبدو لطيفا ووديعا كقط صغير ! أنا خائفة فعلا عليك!
ضحك جاميان وقالت آيريس :
- يا أمي الشكل ليس مهما أبدا .. وأظن ان جامي قوي مثل أخيه ..

وبعد أن ودعت آيريس والدتها وشقيقتها وذرفت الدموع انطلقت مع ابنها الصغير عائدة إلى بانشيبرا مع موكب السفراء ..
وبالفعل كانت الخطة محكمة جدا ودخلوا مع الموكب إلى حدود بانشيبرا بسلام وعندها قال جاميان :
- الآن سوف نرى والدي أكيد أنه سيستقبلنا..
وضعت آيريس يدها على قلبها وقالت بسعادة:
- أنا خائفة أن أموت قبل هذا اللقاء ..
قال جاميان مازحا:
- سأرى مراهقين يلتقيان بعد غياب .. هههههههههه
- ولد !
ضحك جاميان وهو يمضي بصحبة أمه وقتا ممتعا وعندما وصلوا إلى العاصمة بانشيبرا ورأت آيريس ديوفري ينظر بشوق إلى مركبة جاميان ..
فتح ديوفري باب آيريس وظل يحدق بعض الوقت بآيريس بنظرات لا مثيل لها تحمل الحب والشوق واللهفة والانتظار .. حتى إن آيريس أغلقت عينيها الدامعتين ..
نظر جاميان بفرح إلى والديه ثم فتح باب مركبته وانطلق بعيدا ...
قالت آيريس تحرك الجو المشحون :
- لقد أصبحت رائعا يا ديوفري، تعجبني تلك الخصلات الفضية التي ظهرت في شعرك ..
التف ديوفري حول المركبة وجلس مكان جاميان ثم قال باسما :
- وانت ، رائعة كما كنت لم تتغيري أبدا ..
شعرت آيريس بالفرح .. وكأنها عروس صغيرة في ليلة زفافها ...
ومن بعيد ألقى جاميان نظرة خاطفة على مركبته .. وابتسم لأن تلك المهمة كانت الأفضل والأخطر على الإطلاق ..

----------------------------------------------------------------------------
cao pi likes this.
__________________
A friend gives hope when life is low... A friend is a place when you have nowhere to go... A friend is honest... A friend is true... A friend is precious and that my friend is YOU
  #25  
قديم 12-21-2008, 05:59 PM
 
رد: قصة رائعة عنوانها الجندي الأبيض

مضى بعض الوقت ..
كان جاميان لا يعلم أي شيء عن أخيه جيرودا ، ولكن بعض الجنود من بانشيبرا تشاجروا مع جنود تيمالاسيا مما أدى إلى مقتل بعض الجنود فعادت الحرب مجددا، سئم الكل من وضع الحرب ... حتى جاميان نفسه ..
صار الأمر معضلة حقيقية وقال جاميان لوالده ان على الجنود الا يتحاربوا ويقتلوا انفسهم من اجل الملوك ..
كان حلم توقف الحرب قد استمر قرابة العشرين عاما ... وظل الحلم يتلاشى حتى قرر ملك تيمالاسيا العجوز احتلال بانشيبرا ...
المظاهرات تملأ الشوارع سكان بانشيبرا ينددون بالحرب التي طالت والقرارات الغير مسؤولة ، سكان تيمالاسيا لا يستطيعون الاحتجاج خوفا من حرب أهلية داخل المملكة الكبيرة بين مؤيدين ومعارضين ..
صار الموقف بين الجيشين سيء جدا ... مات الكثير من الشباب هدرا..
وكان ذلك اليوم الذي ذهب فيه ديوفري لقيادة الجيش الرئيس المتوجه إلى حدود برودجيا ..
عين جاميان جنديا مساعدا في الجيش الثاني ، كان تواقا لأن يذهب إلى الحرب مع والده لكن الحظ لم يحالفه ..
بعد أن ودع ديوفري عائلته الصغيرة، إنطلق ...
وشعرت آيريس أنها بشعور سيء جدا ..
بعد القليل من الوقت كان جاميان يتجهز للذهاب مع الجيش الثاني، قال قائد الجيش بصرامة لجاميان:
- ايها الجندي .. هناك أوامر ببقاءك مع المهندسين في غرفة الاتصال، لقد عينت مساعدا غيرك ..
بكل الغيظ والحقد والانفعال والغضب كان على جاميان أن يطيع الأوامر، هكذا هو الجيش ، وعاد جاميان إلى غرفة الاتصالات ضيفا عليها وجلس وهو على وشك البكاء فقد كان يعتبر تنحيته من القتال تشبيها له بالأطفال ..
قال رئيس الإتصالات يحدث جاميان الذي احتقن وجهه من الغيظ :
- لا تقسو على نفسك ايها الشاب ، لقد خاف عليك والدك من المعركة الأخيرة.
نظر جاميان بذهول إلى مهندس الاتصالات الذي عاد إلى عمله ..
وفي الحال كان شعور جاميان خوف يعتصر قلبه على والده، هل هذا بسبب كلمة المعركة الأخيرة؟؟
وفي خلال دقائق كان جاميان قد هرب خارج الثكنة العسكرية المغلقة ، لم يجد جاميان أي مركبة تقله إلى أرض المعركة ولذلك فضل الركض السريع حتى يصل إلى موقف مركبات الجيش ..
لم يهتم بأنه خالف القوانين فقد كانت روح والده بين عينيه ..
وعندما وصل إلى أرض المعركة .. كان الأوان قد فات بالفعل ..
أشلاء جيش بانشيبرا تنتشر في كل مكان، كان هناك الكثير من قتلى تيمالاسيا لكن البانشيريون ماتوا بالجملة ..
صرخ جاميان :
- لاااااااا ... لاااااااااااااااا
لم يكد يصدق عينيه وهو يرى الجند قد طحنوا بعضهم بتلك الطريقة .. وظل يبحث بين الجثث ..
- أبي ... أين أنت ؟؟ أعلم أنك لست هنا اليس كذلك ؟؟؟
كان صدى المدافع يضرب بعيدا .. نعم الجيش الثاني .. أين هو؟؟ ربما انضم لفلول الجيش الأول ..
أبي هناك .. أسرع يا جاميان ..
هكذا قال جاميان في نفسه ..
ولكنه تعثر في الجثث وسقط وكانت المفاجأة الأعنف في حياته بانتظاره..
كلم نفسه بهستريا مسموعة وهو يرى أحدى الجثث :
- هذا ليس أبي .. لا إنه لايشبهه ..
اتحشدت الدموع في عينيه على الرغم منه وصرخ بأعلى صوته وهو يضم والده بقوة .. أبي .. لااااااااا
أمسك جاميان بوجه والده ودموعه تغسل وجهه ..
- لماذا يا أبي ؟؟ لماذا لم تجعلني أموت معك ..
سقطت دمعات حارة على وجه ديوفري الذي ودع الحياة فأسالت بعض الدماء الجافة ورأى جاميان والده يمسك بالصورة القديمة التي طالما نظر إليها ،، لقد امتلأت بالدماء واختلفت معالمها ... صرخ جاميان بحرقة ...
و بقي وهو يضم والده ويبكي وقتا طويلا .. بكى مثل الأطفال وكانت الريح جافة شديدة كصفعات متتالية على وجهه ..
وبكل الحقد والحزن الذي حمله جاميان توجه إلى أرض المعركة وقبل ان يصل هناك حدث أمر رهيب جدا ... لم يكن في الحسبان ..
جنود تيمالاسيا يقفون على الحدود محاولين حراسة أراضيهم وهذا الولد النحيل جاميان يقترب من بعيد ..
ودارت رحى المعركة الأعنف في تاريخ جاميان وحوله تجمع عشرات الرجال الذين لم يستطيعوا النيل منه .. لم يتخيل أحدهم أن القوة الداخلية تفوق أي شيء ..
بعد ساعات من القتال لم يتعب جاميان وتوقف في الوسط حيث تنتشر الأشلاء حوله لم يشفى غيظه بعد وفعل مافعل .. كان مصابا ولكنه لم يعد يرى أمامه فقد أعمى الغضب بصيرته ليكتشف قوته الحقيقية ..
في تلك الأثناء كان الجيش الثاني قد نال من التيماليين ..
وكان جيرودا يقف على حدود برودجيا عندما تلقى رسالة نجدة لا سلكية من أحدهم .. وعندما توجه إلى هناك حيث صنع جاميان جسرا مفزعا من رؤوس التيماليين ..
شهق جيرودا غير مصدق لما يراه من الأجساد التي لا تحمل رؤوسها وعندها رأى جاميان يقف بتعب على ضفة جسر الرؤوس الأخرى ..
لم يستطع جيرودا تجميع أي فكرة عما يحصل لكن برأيه أن الأمر كان مروعا وكأن جيشا بانشيريا كان هنا ..
صرخ جيرودا بكل قوته :
- هل أنت جاميان ديوفري؟؟
حدق جاميان بتعب ومر من فوق جسر الرؤوس الذي صنعه .. وعنما رأي جيرودا لم يعرفه وأخذ سيفه وهو يقول بغيظ :
- أقسمت أنني لن أترك أي تيمالي ..
كان جيرودا يحاول قول أي شيء ولكن جاميان انقض عليه كالنمر المفترس ...
عندها لم يتمكن جيرودا إلا أن يدافع عن نفسه.. لأن جاميان لم يعطه أي فرصة للكلام ..
كان جيرودا قويا جدا ولم يسمح لجاميان بأن ينال منه .. وعندها تعثر جاميان في حجر وسقط وبسرعة فأخذ جيرودا سيفه ورماه بعيدا ..
وصاح قائلا :
- إنه أنا أخوك ، أنا جيرودا ..
نظر جاميان حوله وكأنه أفاق فجأة من حلم غريب وعندما نظر إلى شقيقه احتشدت الدموع في عينيه وقال وصوته يرتعش :
- لقد قتلوه ... قتلوا والدنا يا جيرودا ..
اعتلت الصدمة جيرودا الذي آمل أن يرى والده ويعيش معه كان يتمنى أن يشعر أن له أب أخيرا يضمه ويفتخر به بعد ان تربى يتيما ..
انعقد لسان جيرودا وفقط نزل إلى أخيه المنهار وضمه بقوة محاولا منع دموعه من النزول ...
*******

قالت آيريس تخاطبني بعد أن قصت لي تلك القصة المحزنة :
- بموت ملك تيمالاسيا بعد الحرب الأخيرة انتهت الحرب تماما وعادت الحياة
كما كانت ، ليس تماما ولكنها صبحت أفضل بكثير بعد حلول السلام .. انضم جيرودا باسم " تالتن ماكنزي " إلى صفوف جيش بانشيبرا ليبقى إلى جواري وإلى جوار جاميان .. وهكذا ظلا يتنافسان ويحثان بعضهما بدون أن يكتشف أي شخص أنهما شقيقان وقد ساعد على ذلك اختلافهما فجيرودا يشبهني وجاميان يشبه والده .. بذلا أقصا قوتهما خلال العام الأخير وحصلا على أفضل جنديين على الإطلاق في مملكة بانشيبرا ، وهذا بالطبع بفضل روسو والدهما البديل ..

كانت دموعي على وشك النزول فالقصة كانت مؤثرة جدا وقلت باستغراب :
- لكن لماذا قالوا لي ان جاميان حنط والدته ؟؟
ضحكت والدة جاميان كثيرا .. ضحكت من قلبها ثم قالت:
- بالطبع أنت تعلمين أن بعد حادثة جسر الجماجم تلك ظهرت الكثير من القصص حول جاميان وإشاعات تقول أنه قتل والدته وحنطها .. وأن هناك ساحرة وضعت له لعنة وما إلى ذلك .. انتشرت لأن جاميان لم ينفيها ..
قلت بحماس :
- نعم هذا غير صحيح .. لقد قلت من البداية أن جاميان ليس من هذا النوع ..
ابتسمت والده جاميان وقالت:
- إن جاميان شاب رقيق المشاعر ولكنه يحاول أن يبدو صلبا دائما .. إنني الآن السيدة ماكنزي والدة الجندي تالتن لذلك فجاميان لا يتصل بي ابدا ولكن جيرودا يفعل ذلك ويطمئنني على آخر أخباره ..
قلت باهتمام :
- هذا سر كبير جدا ..
- لا أحد يعرف أن جاميان وجيرودا شقيقان، سوى جارتي العجوز الطيبة " لويبا " ..
ابتسمت آيريس والدة جاميان وهي تقول ذلك ..
تذكرت جاميان عندما قال جارتك العجوز الشمطاء فابتسمت ..
ثم نظرت إلي وقالت :
- وأنت ؟؟ أنت لم تحكي لي أي شيء عنك .. مثلا كيف هو كوكب الأرض .. قيل لي أن في الليل يظهر قمر أبيض في السماء هل هذا صحيح ؟؟
- نعم صحيح .. كوكبكم لا يتبعه أقمار أليس كذلك ..
- نعم إنه مظلم جدا في الليل لولا بعض النجوم القريبة ..
هكذا مضى الليل ونحن نتحدث وحكيت لها عن أمي وأبي وعندما ماتا بحادث الطائرة الخاصة، وكيف أنني لم أذهب معهم في اللحظة الأخيرة ..
قصصت لها ما يفعله أعمامي بي وبورث والدي، وحكيت لها عن صديقتاي إيميلي وميرندا ..
كان الحديث معها ممتعا جدا وشعرت بأنني كنت اتحدث مع أمي كما في الماضي ..
وبينما نحكي بعض الحكايات طرق الباب بقوة شخص ما ..
وضعت يدي على صدري بفزع ووقفت آيريس لتفتح الباب ..
وعندها وقفت بسرعة ونظرت من النافذه ..
وفي الخارج رأيت سبعة أو ثمانية من الجنود البانشيريون ..
وسقط قلبي في يدي وكأن جسدي يرتجف من الخوف ، كيف عرفوا مكاني؟؟
المفاجأة الأكبر هي عندما سمحت لهم آيريس بالدخول ونظرت من خلف الباب بدون أن يروني ورأيت أنهم منهكون ومصابون وقال أحدهم :
- سيدة ماكنزي ، ألم تشاهدي فتاة غريبة بالقرب من هنا ؟
وتابع آخر وآيريس تناوله كوبا من الماء:
- هناك شخص مجهول يرتدي زيا غريبا ويحاربنا ، إنه يدافع عن الفتاة ونحن لا نعرف من هو.. لقد قتل أربعة من حراس بوابة القصر حتى تهرب ..
صمتت آيريس كأنها لن تجيب ولكنا قالت بعد وقت قصير :
- أممم ربما هو شخص من كوكبها ..
- مستحيل!ّ
- يا سيدتي ذلك مستحيل كما قال فريز .. لأن الجندي الأبيض قد أحضر الفتاة وحدها ..
قبل أن يتكلم أي شخص آخر طرق الباب ثانية ودخل تالتن – جيرودا – ثم قال بحزم :
- هيا ايها الجنود لم أتوقع أنكم هنا ..
قال أحد الجنود :
- سيدي ماكنزي فكرنا أن نسلم على والدتك فهي كما تعلم أمنا جميعا ..
ابتسم جيرودا ونظر حوله بارتياح ثم قال :
- إذن هيا بنا علينا ان نعثر على الفتاة ...
خرج الجنود بصحبة الجندي الأسود وقالت والدة جاميان وهي تنظر إلي بعد أن وجدتني :
- لا تخافي يا عزيزتي لقد اعتاد الجنود على المرور هنا حيث السيدة ماكنزي .. والدة كل الجنود ..
أنا أقدم لهم المساعدة في كثير من الأحيان ، وهم الآن هنا ليسألوا عنك لا أعرف هل هم مجانين ليعتقدوا انك قد وصلت إلى هنا بالفعل ؟؟ أم انهم يشكون في ذلك الشخص الذي يدافع عنك؟؟
قلت باستغراب :
- هل تعتقدين أنه جاميان؟؟
- بكل تأكيد .. إنه الآن يقوم بدورين البحث عنك ومساعدتك في نفس الوقت.
قلت باندهاش :
- ياله من شاب! كيف يستطيع فعل ذلك ..
- كان يعرف أنك ستأتين إلى هنا منذ فترة، وقبل حفل تتويج الملك أخبرني أن علي تجهيز غرفة لفتاة في الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة من عمرها ..
تأملت في غرفتي للحظة ثم قلت :
- يبدو أنني سأبقى هنا لبعض الوقت ..
- هذا الأمر يسعدني جدا ..
قالت ذلك آيريس والدة جاميان وهي تمسح على شعري بلطف .. وتبتسم ..
وعدنا معا إلى غرفة الجلوس، كان الأثاث على ذلك الكوكب يتسم بطابع الابتكار والرفاهة .. فهذه أريكة مثلثة رائعة لم أر مثلها على الأرض وهي معلقة بثلاث حبال وتهتز كلما هبت نسمة هواء ، إنها تعجبني جدا ..
وعندها قلت وانا أجلس جوار آيريس :
- هل تسمون كوكبكم الأرض ؟؟ أيضا ؟
- لا .. إنه الكوكب الأخضر..
- ولماذا الأخضر ...
- لأن مساحات الغابات تمثل ستين بالمائة من مساحة الكوكب ككل .. ليس لدينا بحار شاسعة ورائعة مثل التي في كوكبكم ...
كنت متعجبة ووقفت والدة جاميان وتوجهت إلى غرفة أخرى وهي تقول :
- انتظريني لحظة واحدة ..
بعد دقائق عادت والدة جاميان " آيريس" وبيدها كتاب كبير وكان مكتوبا بلغة لا أعرفها وقالت :
- هذا الكتاب النادر كان بحوزة جدي ، ولكنني أخذته من والدي واسمه ( الكواكب الثلاثة ، النظام المثلثي الكوني )
نظرت إلى الكتاب باندهاش وعندما فتحته رأيت فيه خرائط ومناظر كثيرة ومدهشة .. وأمسكت آيريس الكتاب وفتحت لي صفحات في منتصف الكتاب فرأيت فيها خريطة العالم .. عالمي آسيا ، أمريكا ، أفريقيا ..
شعرت بانشراح كبير وقلت بسعادة :
- أرجوك ما قصة هذا الكتاب ؟
- أنظري إلى خريطة الأرض الخضراء ..
كانت خريطة كوكب جاميان غريبة فهي عبارة عن قارتين كبيرتين يفصل بينهما بحر واحد يشبه البحر الأحمر ولكنه طويل جدا ولم تكن توجد بحار أخرى فقلت باندهاش :
- ماهذا هل هاتان بانشيبرا وتيمالاسيا ؟ ألا توجد دول أخرى غيركم ؟؟
- نعم هذا صحيح والحرب هنا كانت طاحنة ..
- حتى على كوكبي، هناك الكثير من الحروب الغريبة ..
- انتم لديكم الكثير من الدول واللغات والديانات والاختلافات أما نحن فلا كوكبنا يزيد عن كوكبكم في المساحة وليس لدينا بحار ومع ذلك ننقسم إلى شعبين وحسب تيماليون وبانشيريون ونقتل أنفسنا من أجل قلادة سحرية تدعى ايموكيا ..

تذكرت فجأة الأميرة لوليانا عندما حكت لي تلك الحكاية وتسائلت :
- وماهو الكوكب الثالث ؟؟
- إنه كوكب متطور جدا وهو رأس المثلث الفضائي ولم نستطع الوصول إليه فلا أملك عنه أي معلومات عنه سوى من الكتاب .. لأن الكثير من المجازفات قد حدثت ..
- لم أفهم .. أي مجازفات ..
- لقد صنعت مركبتان على أساس هذا الكتاب .. ومن خلال الثقب الأسود الفضائي المحدد، استطعنا الوصول إلى الأرض الزرقاء أرضكم ، بينما المركبة التي ذهبت إلى كوكب (بلامنيت الفضي ) لم ترجع حتى الآن ..
ظللت صامتة باندهاش وتمتمت ..
- ياله من عالم كبير ! ولكن .. ماذا عن بقية الكواكب ؟؟ النظام الشمسي؟؟
- هذا الكتاب يصور الكواكب الحية فقط .. ربما هناك المزيد من الكواكب ..
نظرت إلى الأريكة المثلثة وقلت :
- ربما هذه الأريكة نظام مصغر ..
ضحكت والدة جاميان وضحكت أنا أيضا ..
و في تلك اللحظة سمعنا طرقا آخر على الباب وركضت بسرعة متوجة إلى الغرفة .. ونظرت بسرعة من النافذة وأنا مختفية ..
فتحت آيريس ورأيت حرس الملك الخاص وقال أحدهم بصرامة:
- لا داعي لإخفائها يا سيدة ماكنزي ... سلمي الفتاة فورا .. لقد راقبنا المنزل ونعلم أنها هنا !!!
شعرت بالهلع وأنا أسمع تلك الكلمات ..
وبسرعة حاولت الهرب فتحت النافذة الخلفية وقفزت على الأرض وركضت بأقوى سرعتي في الحديقة الخلفية لم يرني أي حارس من حراس الملك .. ولكن ..
فجأة خرج أحدهم من وسط الأشجار وأمسك بي بقوة وسحبني ..
صرخت ولكنه وضع يده على فمي وسمعت صوته :
- أهدأي يا لندا .. إنه انا تالتن ..
هدأت قليلا وكففت عن الرفص والعض والضرب ونظرت إليه .. وقلت بوجل:
- ماذا ستفعل الآن ..
نظر لي جيرودا وهز رأسه قائلا بتوتر ملحوظ :
- لا فائدة، لقد كشف أمري والآن علي أن أساعد أمي وإلا أخذوها رهينة حتى أعيدك .. ابقي هنا وإياك أن تصدري أي صوت ...
أغلقت فمي وبقيت مكاني بلا حراك وأنا أفكر في الذي حصل ؟؟
أنا متعجبة مما حصل !!
لقد كان الجنود عند آيريس من فترة قصيرة ولم يشكوا بأي شيء ، كيف انقلبت الموازين بتلك السرعة ..
تذكرت جيرودا وجاميان .. لقد دمرت مستقبلهما على أرضهما ...
كان علي أن أكون الآن ميته من فوق قمة الجبل ولكن جيرودا أوقفني .. الآن ماذا سأفعل ؟؟
بقيت مكاني مثل ما امرني جيرودا ..
وبعد وقت قصير عاد جيرودا وجلس إلى جانبي وهو يتنفس بسرعة.. كان حائرا وسألته :
- جيرودا .. مالذي حصل لوالدتك ؟؟ ألم تستطع انقاذها؟؟
نظر لي جيرودا باستغراب وقال:
- انت تعرفين اسمي الحقيقي؟؟
- لقد حكت لي أمي قصتك أنت وجاميان ..
ابتسم جيرودا وقال :
- يجب أن أجد جاميان الآن .. ذلك الغبي لا أعرف أين هو ... لقد أخذوا أمي وسوف يهددونني بها لكي أسلمك لكن لا بأس جاميان خارج الصورة ..
نظرت بصمت وحزن إلى جيرودا ثم قلت :
- اتركني يا جيرودا وانقذ والدتك .. سلمني وقل أنه لا علاقة لك فيما حصل ، أرجوك لا تضيع مستقبلك أنت وجاميان .. أرجوك
عاد جيرودا ينظر إلي وقال بعصبية :
- ماذا تقولين ، أسلمك ؟؟ هل أنت مجنونة .. لك الحق فالمجانين يعرفون بعضهم، ذلك الجاميان مجنون أيضا ..
بعد تلك الكلمات أخرج جيرودا رأسه ونظر بخفة في الخارج ثم عاد وقال :
- لقد أخذوا مركبتي وهم يبحثون عنا ..
ثم وقف منخفضا وأمسك بيدي وهو يقول :
- علينا أن نصل إلى مخبأ جاميان بسرعة ..
وقفت أنا أيضا منحنية وركضنا بسرعة وسط الأشجار الكثيفة، كان الجو باردا
ولم نتكلم ..
ركضنا كثيرا وشعرت بالتعب ولم يعطيني جيرودا أي فرصة للراحة .. وهو يركض لم يتعب ، ولذلك تركت يده وبطأت حركتي ثم قلت بتعب :
- لقد ركضنا كثيرا .. أرجوك دعنا نرتاح ولو لثوان ٍ ..
قال جيرودا باستسلام :
- حسننا دقائق فقط .. لا يمكننا البقاء أكثر ..
ظل جيرودا واقفا يراقب المكان بحذر وتطلعت إلى زيه الأسود ودرعه الرمادي بحزن!! وعندما ارتحت قليلا بدأنا في الركض ثانية ..
وفي النهاية وصلنا إلى منزل صغير ومرعب .. قبل أن نصل إلي الباب فتح جيرودا بوابة في الأرض كانت الرمال والأشجار تغطيها وقال بحزم :
- هيا انزلي ..
نظرت للظلام الحالك بالداخل وشعرت بخوف شديد ..
قلت :
- ألن تأتي معي ؟؟
- لا .. سوف يأتي جاميان بعد قليل ..
- متى؟؟
- لا أعلم ..
سلمت بالأمر الواقع ووضعت رجلي داخل الحجرة المظلمة ثم نزلت على سلم معلق مخيف وعندما وصلت للأرض لم تكن عيناي قد اعتادت على النور بعد ..
وسمعت صوت جيرودا يقول :
- ابقي هنا ولا تصدري أي صوت سيعود جاميان لأخذك حالما يتدبر الأمر ..
أغلق جيرودا البوابة علي ..
وسمعته يضع بعض الحشائش والأتربة فوقها..
ثم صوت خطواته تبتعد من المكان ..
بقيت في المكان بعض الوقت حتى اعتادت عيناي على الرؤية في الظلام، كان المكان عبارة عن سرداب تحت البيت .. هناك الكثير من الأتربة ويبدو المكان مهجورا والكثير من الصناديق والحقائب الملقاة بإهمال ..
كان هناك ضوء أزرق خافت يأتي من أعلى سلم معلق .. توجهت نحوه ونظرت للأعلى ..
كانت هناك فتحة ربما تقود للخارج ولكنني لم أقم بأية مغامرات وعدت إلى المكان ثانية وبدأت بتنظيف موقع للجلوس فيه .. فكرت في تسليم نفسي للملك حتى أضع جاميان وجيرودا في الأمر الواقع لكنني خفت من غضب جاميان ..
لقد فعلا كل ذلك وانا في النهاية لم أقدر ذلك ورميت بنفسي في النار من جديد . . عدت إلى العمل وأزحت بعض الصناديق ثم رتبتها ..

عندما انتهيت من ترتيب مكان صغير جلست فيه وأنا أحاول التأقلم مع المكان الجديد، بعد قليل وضعت يدي تحت رأسي وذهبت في نوم قلق مليء بالكوابيس ..
********
استيقظت فجأة على صوت أقدام كثيرة تسير بسرعة فوق المخبأ، وسمعت أصوات الجند .. كانوا يبحثون عني ..
تسمرت في مكاني وانا أشعر بخوف شديد ، وركضت بهدوء واختبأت خلف صندوق كبير، ومن خلف الصندوق نظرت إلى الفتحة الأخرى وكانت المفاجأه عندما كسر الجنود الفتحة ونزل أحدهم وصاح قائلا :
- أنظروا .. لقد وجدت سردابا ..
نزل جنود آخرون وسمعت آخر يقول بصوت خشن:
- لا أظن أن أي شخص دخل ذلك المنزل إنه مليء بالغبار..
- دعنا نبحث هناك ..
- صحيح انه يصلح أن يكون مخبأ جيداً ...
اقترب الجندي كثيرا من الصندوق وقال آخر :
- دعونا نبحث داخل الصناديق ... وخلفها ..
ارتج قلبي بين ضلوعي وعرفت أنه سيكشف أمري ..
مضت دقائق وهم يحومون حولي وأنا أغمض عيني وادعي الله أن يخرجني من هذا المأزق ..
وبدون وعي مني صرخت وأنا أشعر بيدين تمسك بي بقوة .. فتحت عيني ونظرت في وجهه ، كان جنديا بانشيريا قويا وابتسم بانتصار قائلا :
- وجدتها .. لقد وجدتها .....
كان مذهولا لأنه وجدني وكنت مرتعبة وآلمتني معدتي من هول المفاجأة ..
نظر قائد الجند إلى .. كان هو روسو بعينيه الحمراوين وقال بصرامة:
- هيا نأخذها إلى الملك بسرعة .. أنا متعجب كيف وصلت بسرعة إلى هنا!!
أمسك الجنود بي بقسوة وسحبوني خلف روسو ..
تعجبت من قوتي الشديدة فقد كنت صامدة ولم أبكي أو أصرخ وسرت مع الجنود إلى مصيري الجديد ...
ترى كيف ستكون الأيام القادمة؟؟
ركبت في عربة الجنود وقاموا بوضع سلاسل في قدماي حتى لا أستطيع الهرب .. وجلس روسو أمامي وقال :
- من أحضرك إلى هنا .. أجيبي ؟؟ هل هو تالتن ؟؟
نظرت له ولم أرد ..
اقترب روسو مني ثم جلس إلى جواري وقال بصوت الهمس :
- لندا .. ارجوكي ... لا تخافي، كوني شجاعة كما قال عنك جامي .. لكن والدة جاميان وجيرودا ستقتل إن لم أسلمك إلى الملك.. هل سمعتي ؟؟
امتلأت عيناي بالدموع وقلت بدهشة وانا اخفض صوتي :
- لماذا يقتلها .. إنها امرأة طيبة القلب ولم تفعل شيئا ..
- لقد عرف انها تولت حمايتك وعرف أن تالتن هو الذي هربك .. أمر جاميان لم يكشف بعد .. لكنه حصل على اللقب الذهبي بسبب غياب تالتن عن المنافسة نهائيا ..
قلت باندهاش :
- وأين تالتن أقصد جيرودا .. أين هو الآن ؟؟
- لا أحد يعلم ..
ظللت صامتة طوال الطريق وأنا أنظر إلى ضوء النهار حتى اقتربنا من طائرة كبيرة ، علمت اننا سنعود للعاصمة ..
وبعد أن جلست بداخل الطائرة لم يتسن للجنود الدخول وخرجوا مرة ثانية وحصلت ضوضاء شديدة ثم سمعت صوت البنادق والمسدسات ..
لم اكن اعلم مالذي يجري لكنه لم يبق في الطائرة سواي انا والطيار الذي نظر إلى وقال مبتسما :
- مرحبا يا آنسة لندا .. تشرفت برؤيتك أدعى " سبيرسو" وأنا طيار مملكة بانشيبرا الأول ..
حاولت ان ابتسم وقلت أحاول التذكر:
- أشعر كأني سمعت اسمك من قبل ؟؟
ابتسم الطيار وتركني ثم توجه إلى قمرة القيادة وأغلق أبواب الطائرة وانتظر دقيقة أخرى ثم أقلع بالطاائرة وهي خالية ...
تعجبت كثيرا ولكنني ظللت صامته ولم أرى سوى كتف الطيار طوال الوقت حتى قال :
- أنا رجل مخلص لجاميان .. ولذلك فلن أسمح لهم بأن يأخذوك ..
قلت بانفعال:
- ولكن .. ماذا عن والدة تالتن ؟؟ ماذا سيحل بها ..؟؟
قال الطيار سبيرسو بعد فترة صمت :
- لم يعد هناك فائدة .. لقد قتلت .. قتلها الملك ..
فتحت فمي مندهشة وقلت غير مصدقة :
- لا يمكن ... لقد كنت معها بالامس .. ارجوك لا تكذب علي ..
- أنا لا أكذب يا آنسة ..
نزل الخبر علي كالصاعقة ولم أشعر إلا ودموعي تحرق جفوني ،، شعرت أنني فقدت أمي مرتين ..
فكرت في جاميان وجيرودا ... ماذا سيفعلان الآن .. لقد فقدا كل شيء!!
رغبة شديدة دفعتني لبكاء مرير .. ذكرني بذلك اليوم الذي نزل خبر موت والداي علي كالصاعقة ، هكذا بكيت .. بكاء مرا لم أذق مثيلا لمرارته وكأنه كأس من العلقم ..
خفق قلبي لأنني خذلت جيرودا وجاميان، أشعر بأنني قاتلة والدتهما ، حاولا إنقاذي فدفعا ثمن ذلك غاليا ... وغاليا جدا ...
ذرفت دموعي ولم أشعر بما حولي حتى ناولني أحدهم منديلا، رفعت رأسي رأيت الطيار سبيرسو .. الذي قال بابتسامة مغتالة :
- لا بأس ، لقد وصلنا ... سيكون جاميان بانتظارنا هنا..
- لا..
صرخت هكذا وأنا أمسح دموعي وقلت :
- لا يمكنني مقابلته .. أرجوك .. أنا حزينة ومستاءة ولا أحتمل النظر إلى أي شخص ..
مد سبيرسو يده إلي وقال بلطف:
- هيا يا آنسة لقد فعل ذلك من أجلك .. أنت لن تخذليه، صحيح؟؟ ولن تخذلي صديقه تالتن ؟؟ أليس كذلك ؟
حرك كلامه مشاعري وعلمت أن سبيرسو لا يعلم أن جاميان وتالتن \ جيرودا شقيقان فقمت مع سبيرسو ونزلت من الطائرة .. في تلك اللحظة رأيت مبناً ضخماً فضي اللون يرسخ بين الأشجار الكثيفة وقال سبيرسو:
- هذه أول منطقة دخلت فيها إلى بانشيبرا عندما حملك جاميان من الأرض وكنت في غيبوبة صناعية .. هنا تقطن المركبة البارعة " هينوا" ..

نظرت إلى المكان بفضول .. كانت عيناي مشوشتان بسبب الدموع التي لا تريد التوقف .. ونظرت إلى سببيرسو ..
كان شابا طويل القامة له شعر أخضر داكن قصير وعينان بنيتان ضيقتان .. وكان يرتدي زيا مميزا يذكرني بزي ضباط الجيش على الأرض ، كما أن وجهه غير مألوف ولكن صوته كان هادئا ومميزا ..

كان لطيفا جدا معي، وسرت بصحبته وسط الحشائش والأشجار حتى وصلنا إلى البوابة .. رقم سري وضعه سبيرسو وقمنا بالدخول ..

سرت خلف سبيرسو بهدوء وصعدنا درجا حديديا بسيطا ، شعرت كأنني أسير في محطة فضائية أو أي شيء من هذا القبيل!
وعندما وصلنا للدور العلوي، شاهدت جاميان.. كان يعطينا ظهره ويصلح شيئا ما .. واخذت نفسا عميقا قبل أن أواجهه ..
قال سبيرسو بعد أن تتنحنح لافتا نظر جاميان إلينا :
- هييه يا صديقي ، لقد وصلنا ..
التفت جاميان ينظر إلينا وعلى وجهه ابتسامة كبيرة واقترب قائلا ..:
- هذا رائع ، لقد كنت انتظر تالتن لم يكلمني منذ يومين .. لكنكم سبقتموه..
تأكدت من أن جاميان لم يعرف خبر موت والدته،، لأنه يبدو على طبيعته .. وقال سبيرسو :
- لا تعرف ماذا حصل للمسكين تالتن ، لقد قتل الملك والدته!!
شهقت ونظرت إلى سبيرسو بغضب لأنه أخبر جاميان.. وتحول وجه جاميان للون للأصفر وهو يقول باندهاش:
- ماذا تقول ؟؟ قتل من؟؟
قال سبيرسو بحزن :
- لقد قتل الملك والدة تالتن .. ورغم ذلك هاجم الجنود عندما ركبنا الطائرة .. إنه شاب قوي ..
وقف جاميان مبهوتا وتجمعت الدموع في عينيه .. لكنه كان صلبا جدا ولم تنزل من تلك الدموع ولا حتى قطره ونظر إلي بحزن،، دموعي عادت إلى الجريان من تلقاء نفسها ولم أستطع منع نفسي من البكاء فقال جاميان بخفوت :
- وأين هو ؟؟ أين تالتن الآن؟
- لا أعلم ..
رد سبيرسو بهدوء فاندفع جاميان ونزل إلى الأسفل وعندما نظرت إلى المركبة انعكست صورتي على المنيوم عاكس فرأيت أنفي وقد صار أحمرا ..
وتساءل سبيرسو :
- إلى أين ستذهب ؟؟ .. انتظرني
ثم ذهب خلفه، وبقيت في المكان بمفردي ... أتأمل المركبة ولكنني أفكر بعيدا .. بعيدا جدا .. ذلك الملك أمرجيز الخائن المتوحش، من يرى شفافية عيونه ورقة كلامه لا يصدق أبدا أنه بتلك الوحشية!!
كنت أتسائل دائما عن خبث الناس ومكرهم ،، ولكن ذلك العالم الجديد غريب جدا، فهو مليء بالألغاز ..
سمعت صوت أقدام خلفي فرأيت أن جاميان قد عاد مرة أخرى وكان صامتا، تبادلنا نظرة أخرى فقال جاميان :
- سننطلق حالما يصل تالتن، إنه في الطريق إلينا ..
اقتربت من جاميان، شعرت بأنفاسه المتسارعة .. دقات قلبه الحزين كأنها تنبض داخل قلبي أنا .. حاولت أن أقول شيئا ولكنني لم أستطع ووضعت يدي على كتفه فقط ونظرت إليه ..
ظل ينظر لي طويلا وفي عينيه ألف دمعه محبوسه .. فقلت أخيرا :
- جامي .. أنا آسفة من أجلك، كل هذا حصل بسببي .. فقدت والدتك لأنك حاولت مساعدتي أنت وشقيقك .. أرجوك سامحني .. أرجوك..
نزلت دمعات متتالية من عيني شعرت بحرارتها فقال جاميان برقة وهو يمسح دمعاتي بأصابعه :
- لقد علمت بقصتنا إذا ، حسنا لا بأس .. لا أريدك أن تزعجي نفسك أبدا، وذلك القاتل أمرجيز .. أعدك أنني لن أتركه حيا ..
بكيت بمرارة فضمني جاميان برقة ..

شعرت بأمان شديد و أغمضت عيني .. لكم أنت رائع يا جاميان .. ولكم شككت بك في الماضي وقلت أنك متوحش ،، لكن شعوري الحقيقي كان مختلفا عنك ..
قال قلبي لك .. صدقني يا جاميان .. انا لم أكرهك وكل الذي حام حولك كان بسبب ذكاؤك وروعتك .. وتلك الروح الشفافة التي خلقت بداخلك ..
قلت وأنا أذرف المزيد من الدموع جعلت صوتي مرتعشا :
- جاميان ... أنت قوي جدا، أنا لست مثلك .. عندما مات والداي بقيت فترة طويلة جدا أبكي حتى استوعبت الأمر .. بقيت سنينا لا أصدق ..
- لا لندا ... أنت قوية ، لقد كبرتي الآن عن السابق ولم تعودي طفله .. أم ماذا؟؟
أفلتني جاميان لينظر إلى وجهي فشعرت بارتباكه الشديد وحزنه وتساءلت بخوف :
- جيرودا ... أين هو .. أخشى أن يصيبه مكروه ..
لم تمض دقائق سمعنا صوت سبيرسو يصيح برعب:
- لقد وصل تالتن ... آآآ يا إلهي
أسرعت أنا وجاميان ونزلنا بسرعه لنفاجيء ..
أخطر صدمة على الأطلاق ..
لم أصدق ما راته عيناي وشهق جاميان بفزع ..
كان جيرودا يمشي مترنحا .. الدماء تغطي وجهه وشعره وملابسه ..
كان هناك خطان نظيفان غسلتهما الدموع على وجهه ..
لم يقل شيئا وظل يسير ببطء وهو يجر قدميه حتى وقف أمامي وأعطاني كتابا كبيرا غطته الدماء وقال بصوت مرتجف قتله التعب :
- خذيه .. لقد كانت أمي حريصة على وصوله إلى يديك قبل رحيلها ، إنها ... إنها وصيتها .. ال ... الأخيرااا ه ..
أمسكت الكتاب بسرعة منه فسقط على الأرض وركض جاميان وسبيرسو نحوه بسرعه ..
نظرت إلى الكتاب .. كان ذلك هو بعينه الكتاب الذي تكلمنا عنه قبل أن نفترق، "الكواكب الثلاثة : النظام المثلثي الكوني" وأمسكت بالكتاب المغطى بالدماء جيدا وبكيت وانا أنظر إلى جيرودا ، صرخ جاميان بفزع وهو يضم أخيه :
- جيرودا .. أجبني يا أخي .. أرجوك لا ترحل ..
وقف سبيرسو مندهشا أمام هول المفاجآت التي يسمعها فهو لا يعرف ان تالتن وجاميان شقيقين ، واقتربت من جيرودا وجسست نبضه وقلت بسرعة وأنا خائفة:
- مازال قلبه ينبض، أسرع يا جاميان علينا أن نقدم له مساعدة طبية ..
نظر إليّ جاميان فرأيت دموعه اللؤلؤيه أخيرا وصاح بخوف :
- ماذا أفعل ؟؟؟
- هيا .. يجب أن نوقف النزيف .. شاش ضمادات .. أي شيء..
ركض سبيرسو بسرعة وأسرع جاميان باتجاه مختلف .. وفتح جيرودا عينيه لينظر إلى وقال بخفوت :
- لندا .. لا فائدة .. يجب ان ألحق بأمي ، نحن لم نفترق أبدا .. والقلادة التي أضعها هنا ..
نظر باتجاه صدره بصعوبه وقال بألم :
- ف .. في جيبي ..
فتحت جيب سترته وأخرجت قلادة ذهبيه كبيره فقال :
- نعم .. أعطيها لجاميان ..أن ... آآآآه
تألم جيرودا فقلت بخوف :
- جيرودا .. أصمد أرجوك أنت بطل ..
ابتسم جيرودا بمراره وقال بتعب وصوته يتقطع:
- ليس هناك أبطال في الموت .. لندا ..آه .. جاميان لا تتخلي عن .. عنه .. إنه لم يحب في حياته سواك ..
صدمت وأنا أسمعه يقول ذلك وقلت بصرامة وأنا أدفع عبره في عيني :
- كف عن الكلام سوف تجهد نفسك ..
رأيت جاميان يجري بسرعه مقتربا وصحت بوجهه :
- لقد تأخرت ...
نظر جاميان بخوف كان العرق يبلل جبينه من الإجهاد والفزع وقد التصقت خصلات شعره بوجهه وبدأ يوقف معي نزيف جيرودا بسرعه .. قال جيرودا شيئا ولكننا لم نسمعه فاقترب جاميان بسرعه منه وقال بخوف :
- ماذا كنت تقول يا أخي ؟؟ جيرودا ...
حرك جاميان شقيقه بقوة وقد اتسعت عيناه بفزع وصرخ:
- جيروداااااا ..
كان يبدو جيرودا ساكنا جدا ... وتحسست نبضه ثم نظرت إلى جاميان بألم ..
قلت بخوف :
- نبضه ضعيف جدا .. إنه يحتاج إلى رعاية طبيه وإلا سنفقده ..
اقترب سبيرسو وهو يحمل أدوات طبية وقال بسرعة :
- لم لا نأخذه للمشفى ..
قال جاميان بعصبيه :
- هل نسيت أنه مطارد!!
لم يقل سبيرسو شيئا وقلت بسرعة :
- ألا تعرفان طبيبا .. سوف يموت ..
تركنا جاميان وخرج مسرعا من البوابة الكبيرة ، ونظرت إلى سبيرسو وقلت :
- هيا احمله معي يجب أن نضعه في مكان مريح ..
حملناه بصعوبة فقد كانت الجروح تملأ جسده وسقطت مني القلادة محدثة رنينا على الأرضية فنظر سبيرسو وقال ونحن نصعد الدرج :
- لا أصدق عيني أهذه ايموكيا الحقيقية أم انها قلادة تشبهها ..
قلت باستغراب وانا اتنفس بسرعة :
- ماذا .. تقصد بايموكيا .. أليست ملكا للدولة ؟؟
وضعنا جيرودا على أريكة مريحة ونزل سبيرسو بسرعة ليحضر الأدوات الطبية وطبعا القلادة والكتاب..
ونظرت إلى جيرودا بعد أن احضرت القليل من المياه والقطن وبدأت أمسح الدماء عن وجهه بعناية، طوال عمري وأنا أحب التمريض ..
عندما عاد سبيرسو قال مندهشا وهو يتفحص القلادة بعناية :
- لا أصدق أن تالتن قد حصل على إيموكيا.. الملك نفسه لا يحق له لمسها .. انه ليستطيع ان يهدد بها الكوكب بكامله ..
ضحكت ضحكة قصيرة وقلت بإعجاب :
- إنه قوي جدا ..
كانت القلادة ذهبيه ودائريه متوسطة الحجم في وسطها لؤلؤه شفافه رائعه بحجم حبة الزيتون ومفحور تحتها حروف غريبه، كانت القلادة قمة في الروعه والجمال رغم بساطتها .
ومضت فترة قصيرة من الصمت وسبيرسو يتأمل القلادة بعيني خبير ..
فقلت باستغراب وأنا أضمد جراح جيرودا :
- لكن من العجيب ألا يوجد حرس هنا حول مركبة مهمة ك "هينوا" ؟؟
ابتسم سبيرسو قائلا :
- لن تصدقي ما فعله جاميان مع عشرين جنديا كانوا هنا .. لقد اختفوا من على وجه الكوكب بكل عتادهم .. لكم أنا معجب به .!!
صمت سبيرسو ويبدو أنه يتذكر شيئا جيدا فلم أرد أن أقطع سكونه واستمريت بتضميد جراح جيرودا ..
توقف النزيف أخيرا بعد أن ضمدت جروحه كلها بعناية وساعدني سبيرسو .. تساءلت بقلق :
- أين جاميان؟؟ لقد تأخر ..
لم يجبني سبيرسو ولكنه وقف ونزل إلى الأسفل مجددا ..
كانت حالة جيرودا حرجة جدا وخشيت أن يكون مكروها قد حصل لجاميان .. شعرت بالقلق وكنت اتحسس نبض جيرودا في كل دقيقة ،، كانت حرارته مرتفعة جدا وقمت بوضع ضمادات قطنية مبلله بالماء على راسه..
تساءلت أين ذهب سبيرسو هو الآخر ؟؟

خرجت آهه قصيرة من حلق جيرودا فالتفت اليه بقلق وقلت وانا ابلل الضماد بالماء من جديد :
- جيرودا اصمد ارجوك .. لا تترك جاميان لوحده .. إنه يحبك وسوف تتدمر حياته اذا ابتعدت عنه ..
كنت اعرف ان جيرودا يسمعني رغم آلامه وتابعت أحاول بث الأمل في نفسه:
- أنت كل شيء بالنسبة لنا .. هيا جيرودا انا احترمك واحبك ، انت مثالا يحتذى به وقدوة للجميع .. أرجوك جيرودا لا تستسلم ..
فتح جيرودا عينيه بصعوبه .. فتحهما قليلا كان بالكاد يراني وحاول أن يتحدث ولكنه لم يستطع ..
شددت على يده وقلت :
- هيا كف عن اجهاد نفسك ، سيأتي جاميان قريبا ..
ظل ينظر جيرودا نحوي بتعب واستطاع ان ينطق أخيرا :
- أين .. جاميان.. اريد ان أراه قبل أن .. أ .. أموت ..
قلت بغضب جارف :
- لا .. لا تقل ذلك أرجوك ..
صمت جيرودا وعاد للنوم ، كنت أتحسس نبضه كل دقيقة بفزع ..
وضعت رأسي قليلا على الأريكة وكأنني غفوت ...
ولكنني فزعت في اللحظة عندما سمعت صوت أقدام خطوات خلفي .. فنظرت بسرعة ولكنني لم أر جاميان ..
ولم أر سبيرسو ...
لقد كان آخر شخص توقعت رؤيته في حياتي !!!!

نظرت باندهاش وأنا أرى الملك يقف أمامي وخلفه بعض الجنود ومعهم روسو..
لم أقل أي كلمة .. ولكنني تمسكت بإيموكيا جيدا والقيت نظرة على جيرودا النائم.. وظل الملك ينظر إلي وعلى وجهه ابتسامة غريبة ..
ثم قال فجأة:
- لندا .. انا لا أريد أذيتك .. هيا سلميني القلادة فورا ..
دخل المزيد من الجنود وامتلأ المكان بهم فقلت وانا أمسك القلاد جيدا :
- مستحيل!
ذهل الملك من ردة فعلي واقترب روسو مني فصحت:
- لا .. لاتقترب أكثر ..
رد روسو وهو يتابع الاقتراب ببطء:
- لا يمكنك استخدامها ضدنا .. أنت لا تعلمين كيف تعمل ..
- بلى أعرف .. لا تجعلني أتهور ..
أجبت بقوة وقلبي يرتجف من الخوف وتوقف روسو عن الاقتراب وهو مصاب بحالة من الذهول ..
ضحك الملك ضحكة شريرة وقال :
- أنت لا تفهمين أي شيء فأنت تعرضين حياته للخطر!
تساءلت بخوف:
- حياة من ؟؟ أنت قاتل .. لقد قتلت والدة تالتن..
نظر الملك باسما وقال:
- انا لم أقتلها .. إنها إشاعة، ولم أقتل راجوي ..
نظرت بذهول فتابع الملك مبتسما وهو يقول ببطء :
- ولم أقتل .. لوليانا ... ولم .... أقتل اوليسى ..
لم أصدق حديثه وقلت :
- أنت ملك ******************************** . .. و !
وفي الحال رأيت راجوي تصعد الدرج وخلفها لوليانا ..
شهقت بدهشه وسقطت ايموكيا من يدي محدثة رنينا على الأرض..
ثم ظهرت أوليسي خلفهما بعد لحظات .. لم أصدق ماتراه عيناي ثم صعدت والدة جاميان وجيرودا أيضا ..
كان الملك يراقب ردة فعلي وأشار خلفي فالتفت بسرعة لأرى جيرودا يقوم واقفا وهو ينظر الى بابتسامة ثم قال بقوة غريبه وهو يفتح عينيه جيدا:
- أنا .. لم أكن مصابا حقا .. أنا آسف،، لقد كانت مؤثرات جيدة ..
أحتبست الدماء في عروقي ونظرت إليهم بعدم فهم .. وألم ..
ماذا يحصل من حولي ..
لم أستطع ان أقول شيئا وعادت الدموع تشق طريقها فقال الملك وهو يقترب :
- لقد كنا نحاول اسعادك فحسب .. كانت مجرد دعابة كبيرة .. في الحقيقة أنا لست ملكا ...
هززت رأسي رافضة لما يحصل وقلت بصوت مرتعش :
- كل الخوف الذي عشت فيه ... كان دعابة .. سمجة و********************************ة ..
رأيت جاميان يصعد الدرج ونظر إلي ثم قال:
- أنا آسف لأنني اشتركت في هذا .. آسف لندا .. لقد كانت قصة جيدة،،
ثم أشار إلى جيرودا وتابع :
- إنه ليس أخي حقا .. يدعى كريس ...
قلت وأنا اشعر بالإهانه وتحول حزني إلى غضب شديد :
- كيف .. كيف تجرؤون على خداعي بتلك الطريقة ... أنا لن أسامحكم أبدا ..
اقترب جيرودا من خلفي وقال :
- لقد كنا نحاول مداعبتك فحسب .. لما لا تمتلكين روحا مرحه!
نظرت إلى الضمادات التي وضعتها لاوقف جروحه المزيفه ولم أستطع تمالك نفسي فصفعته ..
ثم استدرت ونظرت إلى لوليانا وراجوي .. وأوليسي ..
نظرت إلى جاميان والألم يعتصر قلبي وصرخت بوجهه:
- ممثل ******************************** .. أريد العودة إلى وطني ..
ابتسم جاميان ببرود وقال أمرجيز :
- في الحقيقة لقد ابتعدت بضعة كيلوات عن منزلك لا أكثر وإنما كانت هذه دعابة قويه من جيمس .. فقد كان ذلك استوديو مجهزا ..
شعرت بخطوات فنظرت خلفي ورأيت جيمس يقترب وعلى وجهه ابتسامه كبيره ..
وتمتمت :
- مجرد ******************************** يمتلك المال ويخدع الآخرين ... أقسم أنني سأريك ..

cao pi likes this.
__________________
A friend gives hope when life is low... A friend is a place when you have nowhere to go... A friend is honest... A friend is true... A friend is precious and that my friend is YOU
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور رائعة من الطبيعة لهاوي فلسطيني موهوب بسمة فوق شفاه ناعمة موسوعة الصور 23 03-22-2012 01:44 PM
رسومات رائعة فعلا بسمة فوق شفاه ناعمة موسوعة الصور 12 01-22-2011 06:51 PM
صور رائعة بسمة فوق شفاه ناعمة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 17 09-03-2009 11:33 PM
خلفيات رائعة script موسوعة الصور 29 12-30-2008 11:54 AM
مجوهرات رائعة من الذهب الأبيض و الأصفر...... أشواق وحنين حواء ~ 11 08-17-2007 06:59 PM


الساعة الآن 09:50 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011