عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2008, 11:01 AM
 
الآفة المهلكة


الآفة المهلكة


إن الظنَّ مبني على التخمين، بسبب كلمة أو عمل محتمل، والظنُّ يجعل تصرف صاحبه خاضعًا لما في نفسه من تهمة لأخيه المسلم، فيتحكم الظن في التسويلات النفسية والاتجاهات القلبية، حتى تجد من يظنُّ السوء يحمل لمن يظن به أطنانًا من التهم بناها خياله، وكلّستها أوهامه نتيجة سوء ظنه بأخيه، بل إن تحيّة الإسلام إن كانت محفوفة بسوء الظنِّ؛ كانت شتيمة منكرة، وإن الابتسامة إن كانت مقرونة بسوء الظنِّ؛ فُسرت استهانة واستهزاءً، والعطاء والمدح يُفسران على وجه قد يقود إلى المعارك والاصطدام.

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مّنَ ٱلظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ} [الحجرات:12]. فدلَّ سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدُّم النهي عن الخوض فيه بالظنِّ، فإن قال الظانُّ: أبحث لأتحقق، قيل له: {وَلاَ تَجَسَّسُواْ}، فإن قال: تحققتُ من غير تجسس، قيل له: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا}.

{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مّنَ ٱلظَّنّ}، نداء للمؤمنين، يأمرهم أن لا يتركوا أنفسهم نَهْبًا لكل ما يهجس فيها حول الآخرين من ظنون وشبهات، وبهذا يطهّر القرآن الضمير من داخله أن يتلوّث بالظنِّ السيئ فيقع في الإثم، ويدعه نقيًّا بريئًا من الهواجس والشكوك، أبيض يُكِنُّ لإخوانه المودة التي لا يعكّرها ظن السوء، والبراءة التي لا تلوّثها الريب والشكوك، وما أروع الحياة في مجتمع بريء من الظنون، قال بعض العلماء: والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها أن كل ما لم تعرف له أمارةً صحيحة وسببًا ظاهرًا كان حرامًا واجب الاجتناب، وذلك إذا كان المظنون به ممن شوهد منه الستر والصلاح، وأُونست منه الأمانة في الظاهر، فظنُّ الفساد والخيانة به محرم؛ بخلاف من اشتهر عند الناس بتعاطي الريب والمجاهرة بالخبائث. ولذا ذهب كثير من العلماء إلى أن الظنَّ القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبح، عن سعيد بن المسيب قال: "كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرًا، وأنت تجد لها في الخير محملًا.


إن هذا المنهج يتأكد مع أهل الفضل والخير، وهذا من فقه المقاصد والنيات الذي قد يفوت إدراكه على بعض الناس، حين يحكمون على أخطاء الآخرين دون اعتبار حال الشخص ونيته ومقصده، فربما تكون زلةَ لسان ولا يقصد المعنى الخبيث، كما بيَّن ذلك ابن القيم-رحمه الله-حيث يقول: "والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه، وما يدعو إليه ويناظر عنه"، ولهذا لم يُحكم بالكفر على الذي أخطأ من شدة الفرح فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ لأنه لم يقصد تأليه نفسه. هذا شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-ينقل مقالة بعض المخالفين له ثم يقول: "هذا الكلام فيه إجمال، والمحق يحمله محملًا حسنًا، وغير المحق يدخل فيه أشياء" انتهى كلامه-رحمه الله-.
هذا هو المنهج السامق والتجرد الكامل الذي تربَّى عليه السلف الصالح، عدلٌ وإنصاف، رسمه للأمة علماء الملة، لقد حملوا العبارات المحتملة على الوجه الحسن، يغذِّي ذلك صدر سليم، وتجرُّد من الهوى مع سخاء نفس ونصح للأمة، فأين المسلمون من هذا المنهج؟!
ليس من منهج السلف الصالح تأويل الألفاظ، وليّ المعاني، والفرح بالعثرات، ومعاملة المسلمين بسوء الظن، ورحم الله القلاعي إذ يقول: "فقد يوحش اللفظ وكله ود، ويُكره الشيء وليس من فعله بد، هذه العرب تقول: لا أبا لك في الأمر إذا همّ، وقاتله الله، ولا يريدون الذم، وويل أمِّه للأمر إذا تم، ومن الدعاء: تربت يمينك، ولذوي الألباب أن ينظروا في القول إلى قائله، فإن كان وليًا فهو الولاء وإن خشن، وإن كان عدوًا فهو البلاء وإن حَسُن" انتهى كلامه-رحمه الله-.
ومن سوء الظن حمل أقوال الآخرين وأفعالهم على محمل سيئ بتضخيم السيئات، والنظر إليهم بمنظار الاتهام والإدانة دون البحث عن الأسباب أو التماس المعاذير، وتفسير كل قول أو فعل يحتمل وجهين: وجهَ خير ووجهَ شر بوجه الشر، فسبحان الله كيف يحكمون على النيات والمقاصد؟! إن علم خبايا النفوس وأسرارها والمحاسبة عليها من خصائص الله-سبحانه وتعالى- الذي يعلم السر وأخفى، أما الإنسان فليس له من أخيه إلا الظاهر من عمله، وهذا ما كان عليه سلف الأمة الصالح، الذين أشربت قلوبهم تعاليم الإسلام الصافية النقية، أخرج عبد الرزاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: سمعت عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-يقول: "إن ناسًا كانوا يُؤْخَذون بالوحي في عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمنَّاه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء، والله يحاسبه على سريرته، ومن أظهر لنا شرًا لم نأمَنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة"، فعلى المسلم أن يحاسب نفسه عن كل كلمة يتفوه بها أو حكم يطلقه، وليستحضر قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء:36].


نقلًا من موقع المنبر
للشيخ: عبد الباري بن عوض الثبيتي-حفظه الله-

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-04-2008, 07:21 PM
 
رد: الآفة المهلكة

مشكورة اختي ام يارا
موضوع مفيد والظن اصبح من الصفات والخصال الشائعة في مجتمعاتنا

فعلا انه آفة مهلكة
__________________
[SIPIC][/SIGPIC]
حسبي الله الذي لااله الاهو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-04-2008, 07:50 PM
 
رد: الآفة المهلكة

__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-04-2008, 11:50 PM
 
رد: الآفة المهلكة


وبارك الله فيكم على الموضوع والفوائد القيّمة
أخوكم في الله
فارس السنّة
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-05-2008, 10:14 AM
 
رد: الآفة المهلكة

جزاك الله خيرا على المرور الطيب
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية حب (دنياي عقبك ماسوت ربع ساعه) ملك عيون روايات و قصص بالعاميه 3 01-15-2009 10:24 PM
طريقة تحضير مخلل اللفت الشهي.... هيمو_العسل أطباق شهية 2 06-12-2007 09:41 PM


الساعة الآن 09:37 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011