عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-02-2008, 05:22 PM
 
Post الإيمان -13-

الإيمان



- 13-
الاستاذ:
عبد المجيد الزنداني



شهادة أحواله بصدق نبوته صلى الله عليه وسلم

ما من شخص يتصدى لأمر الناس إلا وسلط الناس أنظارهم عليه لدراسة أحواله ، فما تمر الأعوام إلا وقد انكشف على حقيقته ، وخاصة إذ انقلب بين أوضاع الضعف والقوة ، والخوف والأمن ، والفقر والغنى ، وقلة الأتباع وكثرتهم، والشدة والرخاء ، كما حدث في حياة محمد صلى الله عليه وسلم ، وإذا تأملنا أحواله وجدناها تشهد بأنها أحوال لا تكون إلا لنبي ، ومن أبرز هذه الأحوال:


1 الصدق :
لقد شهد له قومه بالصدق فسموه قبل أن يبعثه الله بالرسالة (الصادق الأمين) ولقد قال له أبو جهل : إنا لا نكذبك ، ولكن نكذب ما جئت به(60) فأنزل الله قوله : ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ (الأنعام: 33) . ولقد عرف عنه الصدق في كل أموره حتى في مزاحه صلى الله عليه وسلم الأمر الذي لا يتحقق إلا لنبي مرسل .


2 الالتزام الكامل بما يدعو الناس إليه :
إن النفس البشرية تكره أن يفرض عليها قيود الالتزام ، وخاصة إذا وصلت إلى درجة التمكن في المجتمع ، وإذا تأملنا حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدنا أن حاله يشهد بأنه أتقى الناس، وأكملهم خلقاً ، وأعظمهم عبادة ، كان يصوم حتى يقول أهله لا يفطر ، وكان يقوم الليل في صلاته حتى تفطرت قدماه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : (أفلا أكون عبداً شكوراً؟) (61) .
كان ينفق المال فلا يبقى في بيته شيئاً ، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي.
وما حفظ عنه من أذكار وأدعية يشهد أنه كان دائم الذكر لربه ليلاً ونهاراً، وعند كل عمل من الأعمال ، وكان مع ذلك هو الرسول ، المبلغ لدين الله ، قائد جيش المسلمين ، وكان المسلمون إذا حمي الوطيس احتموا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مضرب المثل في الشجاعة والإقدام .. ثبت يوم حنين مع مائة من أصحابه لأربعة آلاف من المشركين ، ونصرهم الله على عدوهم .
خيره المشركون في مكة بين إعطائه ما يريد من المال ، والجاه ، والسلطان ، مع ترك الدين وبين الحرب ، والتنكيل به إن أصر على دينه ، فاختار أن يبلغ ما أمره الله به ، وبعد أن خضعت له الدنيا ، نزل قول الله : ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ (الأحزاب : 28 ) . فاخترن جميعاً رسول الله ، وزهدن رضوان الله عليهن في الحياة الدنيا وزينتها .
لقد كان مثلاً أعلى للحكم بين الناس بالعدل ، فقال : (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها) (62) .
وكان مثلاً أعلى في كل شيء ، حتى أنك تجد كل أبناء أمته يحاول أن يتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في أي جانب ، فلا يستطيع أن يبلغ درجته ، فاجتماع المثل العليا في كل جانب لا يكون إلا لنبي مرسل، شهد له ربه بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (القلم: 4) ، وجعله أسوة للناس ، فقال سبحانه : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ (الأحزاب : 21).

3 قيامه بالرسالة وتبليغ الناس :
لقد أدى الرسول حق الرسالة والتبليغ ، فمرة باتصاله الشخصي ، ومرة بدعوة الناس إلى الطعام ، ومرة بعرض نفسه على القبائل صابراً ، والقبائل ترده واحدة بعد واحدة ، ومرة بدعوة الناس إلى الاجتماع ، ومرة بالتصدي للناس ، ومرة بإرسال الدعاة من أصحابه ، ومرة بإرسال الرسل إلى الملوك والأمراء، ومرة بجهاد الذين يصدون عن سبيل الله ، ولقد واجه الكفار هذه الدعوة وأهلها بألوان من القسوة والشدة ، والأذى ، فهذه قريش تهزأ برسول الله وأصحابه ، ثم تفتك ببعض المسلمين حرقاً ، وقتلاً ، وتعذيباً وتحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات في شعب أبي طالب ، حتى أكل المسلمون الجلد والشجر ويشتد الأذى فيهاجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين : إلى الحبشة فراراً بدينهم ، ثم إلى المدينة ، وتأخرت قريش على قتل رسول الله ، ولكن الله أمره بالهجرة ، للنجاة من كيدهم ، بلغ ما أمره به ربه حتى الذي فيه عتاب له من ربه مثل قوله تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى(5)فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6)وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى(7)وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى(8)وَهُوَ يَخْشَى(9)فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾(63) (عبس : 1-10) وذلك بسبب أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعض كبار الكفار ، فجاءه المسلم الأعمى ابن أم مكتوم يسأله ، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه لئلا يشغله بسؤاله عن دعوة كبراء القوم الذين إذا أسلموا كان إسلامهم خيراً للمسلمين ، فلم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن عبس بوجهه وابن أم مكتوم أعمى ، لا يرى وجه الرسول العابس ، فلا يؤذيه ذلك ، ولكن الله سبحانه أنزل عليه العتاب فبلغه الرسول كما نزل(64).
إن سعي محمد صلى الله عليه وسلم كان منصباً في حياته كلها على أن يبلغ ما أمره به ربه أن يبلغه مهما كانت المصاعب والعقبات ، وفي حجة الوداع، قال للمسلمين : (ألا هل بلغت)؟ فيشهدون له ، بأنه قد بلغ إليهم دين الله ، فيقول: (اللهم اشهد)(65) .
إن حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل جانب من جوانبها تشهد بأن صاحب هذه الأحوال لا يكون إلا نبياً رسولاً .


أحوال أتباعه وأعدائه الشاهد بصدق رسالته


أتباعه :
إن قدرة الأستاذ تظهر في تلاميذه ، ومهارة المدرب تظهر على من دربهم ، وصدق الرسول يظهر في أحوال أتباعه ، فهم الذين عاشوا معه، ورباهم ، وزكاهم ، وعلمهم ، ومن تأمل في أحوال الصحابة ، يجد مصداق وصف الله لهم: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ( آل عمران : 110) ، ولقد شهدت شعوب الأرض في ذلك الزمان للمسلمين بأنهم خير أمة عرفتها البشرية ، ذلك لأن القاعدة في معاملة الشعوب والدول أن أي شعب أو دولة تغزو دولة أخرى وشعباً آخر ينتج عن هذا الغزو كراهيةٌ وحقدٌ بين الشعوب . نرى شاهداً عليه إلى يومنا بين المستعمِرين ، والمستعمَرين ، لكن هذه القاعدة نقضت مع الفاتحين المسلمين ، الذين سادوا الأرض في زمنهم ، لقد أحدث الفتح الإسلامي حباً ونصراً ، وولاءً ، وامتزاجاً بين المسلمين وغيرهم ، وأصبحت تلك الشعوب المفتوحة تحمد الله على أن أرسل إليهم هؤلاء الفاتحين المسلمين ، وإذا بحثت عن السبب ستجد أن الصراع بين الناس يكون على الدنيا ، أما المسلمون فقد بذلوا دنياهم ، لإسعاد الناس في الآخرة ، لأنهم آمنوا بالآخرة حق الإيمان ، ولأن هذا الإيمان والسلوك كانا ثمرة الامتناع الكامل بالأدلة التي قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدق رسالته ، وبالسلوك العملي الذي تجسد فيه الإيمان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .


أعداؤه :
بعد طول العناد تحول الأعداء إلى أشد الأنصار ، وأسلم الكثير من أهل الكتب السابقة ، كل ذلك تصديقاً لرسول الله وإيماناً به .





=============
(60) - أخرجه الترمذي ، وقال ابن كثير : ورواه الحاكم من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق. ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
(61) - متفق عليه .
(62) - متفق عليه .
(63) - "عبس" قطب وجهه الشريف . "تولى" : أعرض . "يزكي" : أي يتطهر بتعليمك إياه من دنس الجهل . "تصدى" : أي تتعرض له بالإقبال عليه . "تلهى" : تتشاغل وتعرض .
(64) - رواه الترمذي وأبو يعلى : قال الحافظ العراقي : رجاله رجال الصحيح .
(65) - رواه أحمد ومسلم .





رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-04-2008, 02:21 PM
 
رد: الإيمان -13-

__________________
أنا جروح في صورة انسان

أنا ذكرى منسية

أنا دموع واحزان

بأختصار أنا قصة

طويلة ما يحفظها كتاب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-04-2008, 05:37 PM
 
رد: الإيمان -13-

شكراً جزيلاً على المرور
بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإيمان ينبوع السعادة حمزه عمر نور الإسلام - 10 12-23-2008 08:38 AM
الإيمان -2- حقيقة لا خيال نور الإسلام - 2 11-28-2008 08:39 PM
الإيمان -6- حقيقة لا خيال نور الإسلام - 4 11-24-2008 12:53 PM
الإيمان -1- متجدد حقيقة لا خيال نور الإسلام - 3 11-17-2008 05:55 PM
نواقض الإيمان @ طباز نور الإسلام - 9 09-27-2008 08:49 AM


الساعة الآن 11:37 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO
شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011