|
ختامه مسك هذا القسم يحتفظ بالحوارات والنقاشات التي تم الانتهاء منها بشكل مميز. |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||
| ||
صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل ..2 ثانيا: البعد القومي تكشف الكتب الدراسية في إسرائيل عن مزج وخلط الحقائق التاريخية والجغرافية بالأساطير التوراتية والأهداف الصهيونية، بغية تكوين مفاهيم في وجدان الطلاب اليهود تخدم التوجهات اليهودية والصهيونية، مع تجاهل تام للتاريخ العربي والإسلامي. فمن الملاحظ أن هذه الكتب تسعى سعيا حثيثا نحو البحث عن أطر إقليمية بديلة عن الإطار العربي، فتتحدث عن إطارين محددين يمكن أن تدخل فيهما إسرائيل، وهما: "دول البحر الأبيض المتوسط" و"الشرق الأوسط" ليضما داخلهما دولاً غير عربية، ويكون لها فيهما موطئ قدم. ويمكن لهذين الإطارين استبعاد بعض الدول العربية[18]. ويلاحظ أيضا أن الكتب الدراسية تتضمن موضوعات عن الشرق الأوسط، تم فيها إدراج دول العالم العربي في آسيا العربية وإفريقيا العربية تحت اسم "الشرق الأوسط" وليس وفقا لمسمى الدول العربية في شمال أفريقيا وآسيا، وأُدرجت دول المملكة العربية السعودية واليمن وسلطنة عمان والكويت والعراق والأردن وسوريا وإسرائيل (بهدف ضمها إلى هذه المنظومة الشرق أوسطية) ومعها تركيا وإيران ومصر وقبرص لوضعها في إطار الإقليم الجغرافي "الشرق الأوسط". وهكذا كان إطار الشرق الأوسط إطارا يمكن أن يضم إسرائيل جنبا إلى جنب مع الدول العربية[19]. ويتكرر الأمر ذاته في كتب عدة دون ذكرٍ أو إشارةٍ مطلقا لأسماء الدول العربية والإسلامية بصفتها وهويتها القومية والدينية، ولم تنسب هذه الدول إلى مسمياتها الإقليمية القومية وفقا لما هو متعارف عليه عالميا كالوطن العربي ودول آسيا العربية ودول أفريقيا العربية والمغرب العربي وما إلى ذلك، بل استبدلت أسماء غير متفق عليها جغرافيا وإقليميا بأسمائها الإقليمية الدولية، فمثلا أطلق اسم حوض النيل على جمهوريتي مصر والسودان، وتم خلط دول آسيا العربية بدول إفريقيا العربية من قبل تجاهل انتمائها القومي العربي. ووضعت هذه الأقطار العربية في شقيها الآسيوي والإفريقي تحت اسم الشرق الأوسط دون أي اعتبار لاسم القارة[20]. وتستخدم الكتب الدراسية الأسماء الحديثة -مثل الشرق الأوسط– عند تناول أحداث تاريخية قديمة وقعت قبل أن تظهر هذه الأسماء بقرون عدة. ويلاحظ أيضا أن الكتب تتضمن خريطة لرحلة سيدنا إبراهيم الخليل انطلاقا من أور الكلدانية إلى حاران والنزول في أرض كنعان. وأعطى الكتاب وصفا جغرافيا لهذه الخريطة بأن سماها أقطار الشرق الأوسط مع أن هذا التعبير لم يكن مستخدما مطلقا في القرن التاسع عشر قبل الميلاد[21]. ثالثا: البعد الصهيوني تشير نتائج تحليل محتوى الكتب الدراسية في إسرائيل إلى حرصها على وضع خريطة جديدة لفلسطين وأطالس مختلقة تثبت بدورها يهودية المكان والزمان، من خلال إبراز الأماكن والمدن والقرى القديمة بأسمائها اليهودية التوراتية، وإلباس أسماء يهودية للمدن والقرى الحديثة. وقد باتت هذه الكتب تؤكد ضرورة وأهمية استبعاد الإنسان العربي من تاريخ فلسطين، والادعاء بالوجود الدائم والمتواصل لليهود في فلسطين. وفي أطر القيم الصهيونية تتضمن الكتب الدراسية نصوصا تحرّض على قتل الآخر، وتربط ذلك بالنصوص الدينية، والأمثلة التاريخية، وفتاوى الحاخامات؛ حتى تحول القتل إلى عبادة، لبناء جيل عسكري يؤمن باليهود وخصوصـيتهم، وأنهم "شعب الله المختار" ويؤمن "بأرض الميعاد" و"بناء الهيكل" و"المسيحانية التي تعني ظهور المسيح اليهودي المخلص"، إضافة إلى المحافظة على روح الكراهية اليهودية للأمم والمجتمعات الأخرى ويلاحظ أن الكتب الدراسية في إسرائيل تتحدث عن المستوطنات والهجرة و"أرض الأجداد" والقدس والحدود الآمنة و"قانون العودة" و"الحق التاريخي" و"إسرائيل الكبرى"، وتقديم الحرب على أنها ضرورة حتمية للمحافظة على اليهودية واليهود. ويلاحظ أن المؤلفين اليهود يستغلون الديانة لأهداف سياسية. ويتبين من التحليل أن ما تقدمه الكتب من مواد تعليمية للتلاميذ تغفل في كثير من المواطن القيم الإنسانية الشاملة، ولغة الخير والحوار والمحبة. فالفلسطينيون في نظر الطفل اليهودي أشرار متعطشون للدماء، يفضلون أن يموت أطفال اليهود بالإيدز، وهم يحرقون الغابات ويجرحون الأطفال بالحجارة. وتتجاهل هذه الكتب الحقوق المشروعة للفلسطينيين وحقهم في الدفاع عن أراضيهم في غزة والضفة الغربية وإقامة دولتهم عليها. ترفض إسرائيل هذه الحقوق في الوقت الذي يعترف فيه المجتمع الدولي بهذه الحقوق للفلسطينيين. وتؤكد المواضيع المقررة التي تمس العلاقة بين اليهود والآخرين قناعتهم بأن "إسرائيل مولود رباني لاهوتي ناشئ عن المرويات التوراتية"، وأن "الشعب اليهودي" لم يولد ولادة طبيعية، أي لم تكن هناك مشاركة وتفاعل بين عامل الجنس والأرض، بل بتفاعل التوراة والعهد الإلهي، ومن خلال نتائج النصوص التي تناولت هذا الجانب يمكن تحديد أهم القيم الصهيونية المتضمنة فيها، وهي: 1 - وحدة الجماعات اليهودية تؤكد الكتب الدراسية أن اليهود في العالم يشكلون وحدة واحدة مهما تعددت أماكن إقامتهم؛ فتتكرر العبارات التي تؤكد وحدة الجماعات اليهودية في مختلف أنحاء العالم القديم، وهو مفهوم معاصر تحاول الصهيونية ترسيخه دون أي اعتبار للمكان والزمان واللغة. وتطلق عليه "وحدة الشعب اليهودي"، فنجد تعبيرات مثل: "أمتنا"، و"آباؤنا" و"أرضنا"، و"أبناء إسرائيل"، و"أسباط إسرائيل"، و"أبناء يعقوب"، و"أصحاب الدين الواحد"، و"أبناء شعب واحد"، و"الشعب اليهودي"، و"الأمة الإسرائيلية[22]. 2 - تأكيد أحقية اليهود فيما يسمى "أرض إسرائيل" عرضت الكتب الدراسية في إسرائيل أساطير وخرافات، بدون تقديم وثائق على صحة الادعاءات، في محاولة لترسيخ وزرع أحقية اليهود فيما يسمى "أرض إسرائيل" (فلسطين). ويتضح من التحليل أن هناك تكريسا للجهود لتكوين صورة نمطية لدى الناشئة اليهود على أحقيتهم فيها، وذلك من خلال التكرار المتعمد لإيجاد مفهوم وجداني يعمل على الربط بين "الذات اليهودية" و"أرض الميعاد"[23]. ويلاحظ أيضا من خلال تحليل الكتب تضمينها "الخريطة الطبيعية لإسرائيل"، وهي تتكون من أربعة قطاعات جغرافية طبيعية تمتد على طولها من الشمال إلى الجنوب، وهذه القطاعات هي: قطاع ساحل البحر، قطاع الجبال، قطاع الوديان، قطاع هضبة الجولان وجبل الشيخ (الحرمون)[24]. ثم إنه يلاحظ أن الكتب الدراسية تستعين بالنصوص الدينية المستمدة من التوراة لتأكيد تلك المفاهيم، وتورد من النصوص ما يؤكد هذه الأمور، مثل: "وقال الرب لإبرام (اسم لنبي الله إبراهيم عليه السلام قبل العهد): "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريكَ، فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة، وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض"[25]. وتشير التحليلات إلى أن الكتب الدراسية في إسرائيل تؤكد على أحقية اليهود فيما يسمى بـ"أرض إسرائيل"، ذلك الأمر الذي نجده بجلاء في عنوان كتاب أطلق عليه اسم "يروشلايم يهودا فشومرون" (القدس والضفة الغربية، 1994م). وإلى جانب هذا صورة أحد أحياء الشطر الغربي من القدس التي ظهرت فيها بعض المؤسسات اليهودية، وفي القسم الخلفي من الغلاف عرض الكتاب صورا محددة للمقارنة بين ما عده تخلفا عربيا يقابله تقدم حضاري يهودي على أثر احتلال القدس والضفة الغربية، مع مخطط تنظيمي لبناء الهيكل الثالث المنتظر وقصور ملوك إسرائيل بهدف الإيحاء بأن كل ما في القدس من تطور وبناء وتراث وتاريخ مرده ومرجعه يهودي مرتبط بالوجود الإسرائيلي عبر التاريخ، هذا مع إغفال تام وتجاهل للحقب التاريخية العربية (الكنعانية واليبوسية) في هذه المدينة منذ 3500 سنة قبل الميلاد[26]. 3 - الارتباط الدائم بـ "أرض إسرائيل" تغرس الكتب الدراسية الإسرائيلية في عقل الطالب أنه رغم ابتعاد اليهود عن فلسطين لقرون طوال فإنها كانت في قلوبهم وعقولهم، وتؤكد النصوص الواردة في تلك الكتب أن أتباع الحركة الحسيدية (فريق خاص من اليهود شديدو التمسك باليهودية وتحقيق أطماع اليهود والصهيونية) ربطوا تقديس التوراة بتقديس أرض إسرائيل[27]. وتشير النصوص الواردة في الكتب الدراسية أيضا إلى أنه كان معروفا في الدول الأوربية أن يهود أرض إسرائيل يعيشون حياة فقر مدقع، ومع ذلك رغب البعض في ترك بلده لينضموا لجماعتهم في أرض إسرائيل. وكثير من المسنين جاءوا أملاً في أن يحظوا بالدفن - بعد موتهم - في الأرض المقدسة[28]. وتتضمن الكتب الدراسية نصوصا تحرص على إثبات التواصل اليهودي الدائم بأرض إسرائيل والتعلق بها. ومثال ذلك ذكر أن الحائط الغربي من أطلال الجدار الرئيسي الذي يرتكز عليه سور جبل الهيكل منذ ذلك العهد تحول إلى رمز يتوق إليه يهود البلاد ويهود العالم. فإليه حجوا على مدى أجيال وبكوا بجواره على الخراب وعبروا عن شوقهم لخلاص الشعب والبلاد[29]. 4 - استمرار الوجود اليهودي في أرض إسرائيل تتضمن الكتب الدراسية الكثير من النصوص التي تشدد على أن القدس يهودية مقدسة منذ التاريخ اليهودي القديم؛ للتأكيد على أن الوجود اليهودي في هذه البلاد متواصل ومستمر ولم ينقطع، وتورد من النصوص الدينية ما يؤكد هذه القدسية. والنص الآتي يعبر عن ذلك: "قدسية أورشاليم قديمة جدا، ونحن نعرفها في مخطوطات منذ عهد ملكي صادق، الذي كان معاصرا لإبراهيم أبينا. وهذا التراث استمر منذ ذلك التاريخ حتى الآن". وتستطرد الكتب في هذه النقطة وتوضح أن الملك داود حولها إلى مركز ديني واتخذها عاصمة أسباط بني إسرائيل كافة. وأقام ابنه سليمان فيها الهيكل المقدس. ومنذ أن دُمر الهيكل الأول عاد المسبيون من بابل إلى البلاد وأقاموا فيها الهيكل الثاني"[30]. 5 - اعتزال المجتمعات الأخرى يلاحظ في الكتب الدراسية حرصها على خصوصية اليهود وتفردهم وهو الأمر الذي يستدعي أن يكونوا منعزلين عن الآخرين؛ لأن الاقتراب من الآخرين يعد مفسدة لهم، والابتعاد عنهم منفعة وعصمة لهم[31]. ولتأكيد هذه الخصوصية تورد الكتب نصوصا تاريخية ودينية تعمق هذه الخصوصية، فكتب التاريخ تعرض لأول سبي لليهود، وهو السبي البابلي: "ورغم الترحاب بهم وحرية العمل والعبادة فإنهم فضلوا العيش متجاورين بمعزل عن البابليين". وقد أتاح لهم هذا الانعزال الحفاظ على الاحتفال بيوم السبت والأعياد". وفى فلسطين، بعد العودة من السبي، كان اختلاط اليهود بالأغيار سببا لفسادهم وابتعادهم عن دينهم والطريق المستقيم، بعدما تزوجوا منهم، وبعدما صارت لغتهم خليطا بين العبرية والأشدودية. ولكي تعاد الأمور إلى نصابها الصحيح لا بد من اعتزال بنى إسرائيل للمجتمعات الأخرى. وكان أول إجراء لتحقيق هذا الاعتزال هو فك الارتباط بين اليهود والأغيار، وقد تمثل هذا في تطليق الزوجات الأجنبيات اللاتي تزوجهن اليهود، والتعهد باجتناب الزواج من الأجنبيات، فكان هذا بمثابة تطهير من الآثام". وهكذا تم الربط في الكتب الدراسية بين الاختلاط بالأغيار والانهيار المادي والأخلاقي لليهود، وتأكيد أن اعتزالهم يعنى الازدهار المادي والأخلاقي[32]. وهذه الأفكار والممارسات ليس لها اسم سوى العنصرية التي يرفضها المجتمع الدولي وترفضها القوانين الدولية. 6 - الإحساس اليهودي بالتفوق والتميز كشفت نتائج تحليل محتوى الكتب الدراسية في إسرائيل حرصها على غرس فكرة تفوق اليهود وتميزهم. وأخذ هذا التفوق والنبوغ عدة صور: منها الادعاء بأن كتابهم الديني "التوراة" هو نفسه مصدر الإنجيل والقرآن، وأنه لنبوغهم لجأ إليهم المسلمون لإدارة شؤون دولتهم. وتشير النصوص الواردة في الكتب إلى "أن الخلفاء قد استعانوا برعايا الإمبراطورية اليهود والنصارى؛ فقد كان اليهود والنصارى يعرفون القراءة والكتابة، فاعتمد المحتلون المسلمون على إخلاصهم وأوكلوا لهم أعمالا إدارية كثيرة. وأدار هؤلاء الموظفون شؤون الإمبراطورية بلغة المكان الذي قطنوا فيه: اليونانية في دمشق بسوريا، والفارسية في العراق وفارس"[33]. ويتجاهل المؤلفون سماحة الإسلام وسماحة الحكام المسلمين في معاملة اليهود معاملة غير عنصرية. هل تعامل إسرائيل عرب إسرائيل نفسها المعاملة التي لقيها اليهود من الحكام المسلمين؟ هل يوجد وزير عربي في إسرائيل؟ وتوضح دلالات تحليل النصوص الواردة في الكتب تأكيدها أن شعور اليهود بالتفوق والتميز يضرب بجذوره في التاريخ القديم بسبب خصوصية علاقتهم بالرب وارتباطهم بالتوراة، هذا مع أنهم من "أصغر الشعوب". وتبين تلك النصوص للأغيار أن اليهود يتميزون في نمط حياتهم بالمقارنة بنمط حياة الأغيار، كما أن إيمانهم بالرب مختلف عن إيمان الأغيار بربهم، فعلى الرغم من الاختلاط بين اليهود والأغيار في الإسكندرية بمصر وفي قيصريا بفلسطين وبعض المدن في سوريا فإن اليهود لم يتعلموا السير على دروب الأغيار؛ فقد حافظوا على أعيادهم الخاصة، ولم يأكلوا من ذبائح الأغيار ولم يتزوجوا منهم".[34] هذا ويتبين من تحليل محتوى الكتب أنها تحرص على تأكيد أن اليهود يتصفون بالتفوق والعبقرية، وأن إسرائيل نور الأمم، وواحة الديمقراطية الغربية، ورائدة العالم الثالث. وعلى مستوى الأفراد تتحدث النصوص عن ذكاء اليهود، وعن النسبة غير العادية من اليهود الحاصلين على جوائز نوبل، وذلك لأن هذه الصفات الإيجابية نابعة من الخصوصية اليهودية[35]. 7 - الأغيار وعداؤهم لليهود من تحليل الكتب الدراسية في التعليم العام والديني يلاحظ أنها تعرض لعلاقات اليهود بالأغيار على أنها سلسلة من مظاهر الكراهية والعداء لليهود بدءا من السبي البابلي ودمار الهيكل الأول، مرورا بالمواجهات مع اليونان، وانتهاء بخراب الهيكل الثاني والسبي الروماني. وتعدد الكتب بعض مظاهر هذا العداء في نصوصها، "فبدلاً من التعلم من اليهود، نهض الأغيار ليصبوا كراهيتهم عليهم لإيمانهم الطاهر ونمط حياتهم المتفرد. وهكذا انتشرت كراهية اليهود بين الأغيار". ويتأكد هذا التصور اليهودي إذا عرفنا أن اليهود ربطوا أعيادهم الدينية بما يعتبرونه اضطهاد الأغيار لهم. فعيد الفصح مرتبط بخروج اليهود من مصر، أرض العبودية والذل، ويوم التاسع من آب يوم حريق الهيكل، وعيد يوم التاسع من تموز احترقت فيه أسوار القدس، ويوم الثالث من تشرين يوم مقتل الملك جدلياهو[36]. وتستطرد الكتب الدراسية في تأكيد هذا التوجه وتأكيد أن اليهود – كما يقدمهم الكتاب نفسه - يُواجَهون بالعداء والكراهية رغم ميلهم للسلام، فهم لم يستطيعوا مواجهة مضطهديهم من اليونان لأنهم غير مدربين على الحرب من ناحية وأنهم - من الزمن القديم - تعرضوا إلى ما يعدّه اليهود عداءً وكراهية من قبل الأغيار[37]. ثم يلاحظ أن الكتب الدراسية تؤكد أن اليهود هم دائما الضحية، وأنه قد تم طردهم من بلد إلى آخر واضطهادهم دون سبب واضح ودون رحمة أو شفقة. ونقول: إذا كان اليهود قد عانوا من الطرد على مر التاريخ ـ وهو ظلم ـ فلماذا يطردون الفلسطينيين من أرضهم وأرض أجدادهم؟! ورغم أن الكتب الدراسية قد ذكرت بعض المآثر والإيجابيات عن معاملة الخلفاء المسلمين لليهود وأنهم أهل ذمة، فإن إحساسهم الدائم بالاضطهاد جعلهم يقفون على أحداث بعينها والتعامل معها على أنها اضطهاد عربي إسلامي لليهود؛ فعلى سبيل المثال ذكرت بعض الكتب أن الخلفاء منحوا اليهود والنصارى مكانة الرعايا، وهذا جانب إيجابي، لكنها مضت لتقول إن الخلفاء قد فرضوا على اليهود قيودا مهينة. وتنسب هذه القيود تحديدا إلى الخليفة عمر الثاني (عمر بن عبد العزيز) (717-720م) وتطلق عليها قوانين عمر. وقد وضعت في هذه القوانين محظورات مختلفة: يحظر بناء المعابد أو الكنائس الجديدة، ويحظر أيضا ترميم ما تضعضع أو تهدم منها إلا بإذن خاص، ولا يسمح بإقامة مسيرات دينية في الشوارع، ويحظر تعلم القرآن، وكذلك لا يسمح بالإدلاء بشهادة ضد مسلم في المحكمة، ولا يسمح بركوب الخيل. وقد جاء أيضا في "قوانين عمر" أن اليهود والنصارى سيضعون على ملابسهم شارات خارجية )شارة صفراء لليهود، وشارة زرقاء للنصارى)[38]. ويلاحظ أن الكتب الدراسية تقدم نماذج لمعاملة الأغيار كأفراد لليهود، ثم تنتقل للحديث عن المعاملة الجماعية لليهود من خلال تخصيص فصولٍ كاملة عن معاداة الأغيار لليهود. فعند الحديث عن أحوال اليهود في روسيا يشار إلى أن السلطات الروسية حددت أماكن بعينها يقيم فيها اليهود ولا يخرجون منها. كما تم طردهم من القرى وفرض عليهم التجنيد الإجباري الذي يستمر العمر كله، كما أن المجندين يتعرضون لمحاولات الفتنة في دينهم وإبعادهم عن يهوديتهم. ووردت في الكتب نماذج أخرى لأفراد تعرضوا للاضطهاد، مثل: شخصية تيودور هرتسل الزعيم الصهيوني الذي عانى من الاضطهاد والعداء من جانب النصارى في الغرب؛ وهو الأمر الذي جعله يتجه بفكره إلى "الصهيونية" ويتزعمها ويصبح أبرز قادتها. 8 - خطر إبادة اليهود من تحليل الكتب الدراسية في التعليم الإسرائيلي تبين أنه على الرغم من أن مفهوم "الإبادة الجماعية" حديث فقد بدأ ظهوره في عام 1946م، حينما أعلنت الأمم المتحدة أن الإبادة الجماعية جريمة يدينها العالم، وعلى الرغم من أن الجمعية العامة أقرت عام 1948م ميثاقا يقضي بتحريم هذه الإبادة وإنزال أقصى العقوبة على من يرتكبها، ومع أن هذا الميثاق أصبح نافذ المفعول عام 1951م، فإن الكتب المدرسية الإسرائيلية تردده عند الحديث عن أحداث تاريخية موغلة في القدم. فالكتب تشير إلى أنه أثناء وجود اليهود في بابل إبان الحكم الفارسي كان خطر الإبادة يحدق حينئذ بكل اليهود الذين يقيمون في دولة فارس. ويموت هامان الشرير الذي فكر في إبادتهم وينقذ اليهود بمعجزة. ويتم الحديث في موضع آخر عن إبادة حقيقية "حدثت في جزيرة قبرص لليهود ولم يبق منهم شخص واحد"[39]. وإننا نلاحظ في بعض المناهج ربطا بين المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي وخطر إبادة اليهود! وهو الأمر الذي نلمسه في نصوص بعض الكتب التي تذكر أن جمهورا عربيا هاجم يهودًا في القدس فوقع منهم جرحى وقتلى. ومن خلال تحليل بعض الاقتباسات الواردة في الكتب الدراسية في هذا السياق نجد أنها تتمحور حول خطر إبادة اليهود من جانب الأغيار من قبيل عدائهم لليهود. وهدف هذه الكتب من طرح هذه الأفكار إثارة الأشجان والأحزان لدى اليهود من ناحية، وجعلهم في حالة من الاستعداد والقوة للدفاع عن أنفسهم في حالة وقوع أي خطر عليهم من ناحية أخرى. 9 - أسماء عبرانية للبلدان العربية لوحظ في الكتب التي تم تحليلها عملية (عبرنة) واضحة لأسماء البلدان العربية في فلسطين، وذلك حتى يتعرف عليها الطالب على أنها عبرية في الأصل وليس لها تسمية أخرى. ولكي تدعم الكتب الدراسية في إسرائيل هذا التوجه نجدها تورد خرائط عليها مدن وقرى وأماكن عربية بأسماء عبرية. فعلى سبيل المثال تخلو اللغة العبرية الحديثة من كلمة "فلسطين" إلا بالشكل الذي يتفق مع التصور اليهودي الصهيوني، وبذا يتم الربط بين الأرض واليهود والتاريخ اليهودي. ولهذا فكلما أشار يهودي إلى فلسطين، فإنه إنما يشير إلى "إرتس يسرائيل". وحتى لا يُحدث اسم فلسطين الذي يتردد الآن لبسًا في ذهن التلميذ الذي يعرفها بأنها أرض إسرائيل، تشير نصوص الكتب إلى أن اسم فلسطين اسم أطلقه الرومان على أرض إسرائيل لمحو اسم أرض إسرائيل؛ نكايةً في اليهود وانتقاما منهم: (أراد الرومان محو اسم اليهود من بلادهم؛ لذا أطلقوا اسم فلسطين على أرضنا نسبة إلى البلستيم القدماء). ويطلق مصطلح "يهودا والسامرة" على الضفة الغربية. ونجد أيضا هذه الكتب الدراسية تجمع بشكل تام على تسمية المسجد الأقصى بـ"الهيكل". كما تسمي حائط البراق بـ"الحائط الغربي أو "حائط المبكى" دون أية إشارة إلى علاقة المسلمين بهذا الحائط من قريب أو بعيد، وتدعي أن الحائط الغربي هو الأثر الوحيد الباقي من الهيكل وهو مركز الصلاة في القدس؛ فيرد في الكتب النص الآتي: (...حتى المسلمين فقد بنوا على جبل الهيكل قبة الصخرة والمسجد الأقصى). وتم إبدال الأسماء العبرية بالأسماء العربية للمدن والقرى والأنهار والأودية والجبال والسهول والمناطق[40]. 10 - الزعم بشراء أراض "أرض إسرائيل" تشير بعض الكتب الدراسية إلى أن الصهاينة اشتروا أرض فلسطين من محتليها الفلسطينيين، وتنص على أن الحاخامات شجعوا سكان البلاد اليهود على شراء أرض من الأغيار حتى تعود البلاد إلى الحوزة اليهودية. وقد علّموا الشعب ألا ييأس من عودته إلى أرضه "سيبنى الهيكل بسرعة" وتعود البلاد إلى كامل بهائها ومجدها[41]. ونقول في هذا الموقف إن كان بعض اليهود قد اشتروا بعض المساحات بدعم من الصندوق الصهيوني فإن الأغلبية العظمى من أرض فلسطين حصل الاستيلاء عليها بالغزو وبالقوة المسلحة. 11 - المشاركة في تحرير الأرض تستخدم بعض الكتب الدراسية تعبير "تحرير الأرض"، وتعبير "حرب التحرير" إشارة إلى حرب عام 1948م، كما يطلق عليها أيضا تعبير "حرب الاستقلال". من هنا تضفي هذه الكتب مسحة بطولية على التنظيمات العسكرية الصهيونية قبل قيام إسرائيل مثل: "هجانا"، "إيتسيل"، "ليحي" وغيرها. وقد بثت هذه التنظيمات الرعب في نفوس الفلسطينيين وشردتهم. وكما هو وارد في النص الآتي: "في عام 1939م قمع التمرد العربي بقوات مشتركة من البريطانيين واليهود". ونجد في نص آخر "استمر البريطانيون في التعاون مع اليهود ضد العرب بعد أن استؤنف التمرد العربي لدى سيطرة الثورات الفاشية والنازية على أوربا". ونجد تأكيداً على حقيقة التعاون البريطاني اليهودي لقمع العصيان والثورة العربية في فلسطين. فنجد النص الآتي: (قمع التمرد العربي في نهاية الأمر بواسطة قوات مشتركة من البريطانيين واليهود)[42]. وتحرص الكتب على تأكيد أن اليهود شاركوا مشاركة فاعلة على المستوى العسكري في تحرير أرض إسرائيل من أيدي الأتراك. وتذكر الكتب الدراسية أن ذلك قد حصل بعد أن أخفقت الجهود السلمية المتكررة -المستغلة للأزمات الاقتصادية التي مرت بها تركيا- التي بذلها تيودور هرتسل مع السلطان عبد الحميد بأن تتنازل تركيا للصهاينة عن أرض إسرائيل لليهود ولكن السلطان عبد الحمـيد رفض هذه المحـاولات[43]. وتؤكد الكتب أن المتطوعين اليهود وقفوا جنبا إلى جنب مع الجيش الإنجليزي في معاركه سواء في فلسطين أو خارجها. وللموضوع بقية
__________________ * هذا خطي فذكروني ... فلربما يأتي يوم لا تجدوني * |
#2
| ||
| ||
رد: صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل ..2
جزاك الله خيرا ماجد على الصورة
|
#3
| ||
| ||
رد: صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل ..2 وياك عثمان وشكر للمرورك
__________________ * هذا خطي فذكروني ... فلربما يأتي يوم لا تجدوني * |
#4
| ||
| ||
رد: صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل ..2 جزاك الله خير أخي ماجد على الموضوع
__________________ |
#5
| ||
| ||
رد: صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل ..2
وانت كذلك اخي ابو عبدالرحمن والف شكر على مرورك الي عطرنا
__________________ * هذا خطي فذكروني ... فلربما يأتي يوم لا تجدوني * |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل | ماجد السعودية | حوارات و نقاشات جاده | 28 | 05-11-2009 12:58 PM |
صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل .. اخر جزء | ماجد السعودية | حوارات و نقاشات جاده | 55 | 05-20-2007 10:43 PM |
صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل .. 3 | ماجد السعودية | ختامه مسك | 12 | 09-26-2006 07:38 PM |