عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-28-2015, 06:39 PM
oud
 
البيت الاسود

**************************************************************************
البيت الأسود الحزين

__________________________________________________________________________

مقدمة
_______________________________________________________________

لم يكن أحد يعرف السر الذي يكتنف ذلك البيت الكبير الأسود الرابض على ربوة عالية في إحدى القرى البعيدة، لم يكن سكان القرية يجرؤون على الاقتراب من ذلك البيت، كلهم يتذكرون المآسي في الأيام السالفة، حين سكنت هذا البيت عائلة السيد عبد الله نعمان، فماتت ابنته الصغيرة وأصيبت زوجته بالعمى، ثم خسر كل امواله. أو عائلة السيد عادل عزيز الذي سكنه مدة شهرين فقط فطلق زوجته ثم أصيب بالجنون، أو عائلة أسامة عبد الحميد الذي قتلته زوجته ثم وجدوها ميتة في الحديقة من دون سبب واضح.. أو عائلة فلان وفلان... والمآسي تتكرر.. ولكن الناس اعتقدوا أن السبب هو البيت الأسود المخيف الذي تنتهي قصص الأفراد الذين يقيمون فيه نهايات تعيسة حزينة.. لذا أطلق عليه أهل القرية اسم (البيت الحزين) وظل مهجورا لا يسكنه أحد..

__________________________________________________________________________
الفهرس :

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادي عشر

الفصل الثاني عشر

__________________

التعديل الأخير تم بواسطة Freesia | فريسيا ; 01-08-2016 الساعة 05:20 PM
  #2  
قديم 12-28-2015, 06:41 PM
oud
 
البيت الحزين (1)




الفصل الأول



شاهد أهل القرية أضواء ذات ليلة في البيت الحزين، فعرفوا أن عائلة جديدة قد أقامت أخيرا في ذلك البيت الموحش، فذهب جمعٌ من أهل القرية لتحذير ساكنيه الذين هم- بلا شك- لا يعرفون سر المنزل المخيف..
فتح الباب شابٌ في الخامسة والعشرين، أنيق الملابس، فسلموا عليه وقالوا:
- أيها السيد أ...
فقال:
- اسمي مصعب أيها السادة الكرام..
قال هذا.. ودعاهم إلى الدخول لكنهم رفضوا بشكل أثار عجبه ودهشته ثم قال أحدهم:
- أهلا بكم في قريتنا، إننا لاحظنا أنكم تقيمون في هذا البيت بعد أن ظل مغلقا مدة سبع سنوات..
- هذا صحيح، أقيم فيه مع صديقي هيثم.. لقد أتينا من مدينة منخفضة قرب النهر تسببت السيول والفيضانات الجارفة في فقداننا الغرفة الصغيرة التي كنا نستأجرها في منزل متهالك كنا نقيم فيه.. فأخذنا نبحث عن مأوى وعمل.. لكن الحظ لم يحالفنا في العاصمة مدة سنتين.. ثم وقع اختيارنا على هذا المنزل لأنه واسع ومريح وزهيد الأجر.. أرجو أن نجد في قريتكم عملا يناسبنا أيضا..
- على الرحب والسعة.. والبيت كما تقول حقا.. لكنه موحش و..
فقاطعه مصعب قائلا:
- تقصد بسبب المآسي والكوارث التي حدثت لكل من أقام فيه؟..
قالوا بصوت واحد:
- إذن أنت تعرف؟
- نعم وصديقي هيثم يعرف أيضا.. لكننا لا نخاف من شيء مثل هذا.. وما حدث لأولئك الأشخاص كان قضاء وقدرا، وما يقضي به الله نحن راضيان به إن شاء الله..
فقال له أكبرهم سناً:
- يا ولدي!! لا يأخذنكما غرور الشباب وحماسه، ويجعلكما غافلَين عما تخبئه الأيام، إن الأمر قَدَر كما تقول، لكن الله نهانا أن نلقي بأيدينا إلى التهلكة، فلا تبق مع صديقك في هذا البيت المشؤوم، وسوف تجدان بيتا أفضل منه بإذن الله..
فقال هيثم الذي ظهر في تلك اللحظة وسمع كلام الكهل:
- لا يا سيدي!.. إنني مع مصعب لقينا من المصاعب وخضنا من المغامرات والمفاجآت الشيء الكثير، ولا نبالي بالإقامة في بيت الأشباح إن لزم الأمر، فهو تحدٍ، وسنثبت لكما أن المنزل ليس هو سبب المشاكل فيما مضى من سنوات..
فترك الرجال الصديقين وشأنهما وقالوا لبعضهم:
- لقد حذرناهما وقمنا بما يجب علينا، وما على الرسول إلا البلاغ.
***

رشف هيثم رشفات متوالية من الشاي الساخن الذي أعده بنفسه ثم ابتسم وقال:
- ما اجمل هذا البيت، إنه مريح، وهذا الأثاث رائع أيضا، فهو يبدو جديدا..
فقال مصعب الذي كان يمد ساقيه على الأريكة:
- هذا صحيح، فآخر عائلة أقامت في هذا البيت أثثته بأفضل الأثاث وأغلاه ثم لم تُقم أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر كما قيل لي.
- ما رأيك في قصة هذا البيت يا مصعب؟
- إن الناس في الريف قوم بسطاء، ويحبون الحديث في هذه الأمور ويخلقون الأساطير حول كل شيء نتيجة الفراغ الذي يعيشونه، فيجدون نوعا من التسلية..
فقاطعه هيثم:
- أي تسلية يا مصعب؟!! .. إن الكوارث التي حدثت لسكان المنزل حقيقية ومؤلمة، فهل كل ذلك مصادفة وقضاء وقدر؟..
- إنها ليست مصادفة، إنه القدر يا صديقي.
- هل تظن أن ماحدث لهم سيحدث لنا؟!!...
فضحك مصعب وقال:
- وهل أنت خائف يا هيثم؟
- الأمر ليس الخوف يا مصعب، لكن هو الحذر أيضاً، ربما كان السبب هو الجو هنا على سبيل المثال، فهذا المنزل يقع كما ترى على ربوة عالية، والجو يصبح باردا ورطبا في الأماكن المرتفعة، وقد يؤثر ذلك على الصحة فيصاب سكان المنزل بالأمراض أو الحمى القاتلة.. فما رأيك في هذا التفسير؟..
فعقد مصعب حاجبيه مفكرا، ثم قال بعد لحظة صمت:
- ربما يكون كلامك صحيحا، لكن إذا بحثنا في المسألة بالتفصيل، فإن تفسيرك هذا يكون مقنعا في حالة الطفلة الصغيرة ابنه عبد الله نعمان التي ماتت بالحمى، أو عادل عزيز الذي ابتلي بالهلوسة، فالحمى تؤثر على خلايا الدماغ كما يقال. لكن بالنسبة للعمى وخسارة الأموال والقتل وحوادث العربات والموت تحت حوافر الخيل.. هل سبب ذلك هو الجو البارد؟
فرد هيثم متنهدا:
- معك حق، إن الأمر عجيب جدا، لكن مضى على إقامتنا هنا أكثر من شهر ومع ذلك لم يحدث شيء..
فغمغم مصعب:
- نعم.. نعم... لن يحدث شيء بإذن الله.. لن يحدث إلا الخير..

***

أفاق مصعب ذات صباح بعد أن لمس شيءٌ ناعم له رائحة طيبه خدَّه الأيسر، فلما نظر حوله لم يجد أحدا، لكنه وجد على صدره باقة من الزهور الندية، فابتسم وتساءل:
- ترى ما هو تاريخ اليوم، نعم إنه الرابع والعشرين من يوليو، لكن لا توجد مناسبة لتقديم هذه الزهور، ترى ماذا يقصد هيثم بهذه الحركة اللطيفة؟..
***

كان هيثم قد أعد مائدة الإفطار، فلما نزل مصعب من غرفة نومه وجد هيثما يبتسم ويقول:
- ماذا يا مصعب؟ أيها الفتى الماكر!!.. تتصنع النوم!!..
فقال مصعب مندهشاً:
- أنا أتصنع النوم؟ لماذا؟
- حتى لا أعرف متى وضعتَ الزهور على سريري..
- ماذا؟ زهور؟ لكن ألستَ أنت من وضع الزهور على سريري؟
فرد هيثم رافعا حاجبيه:
- أنا؟!!.. على سريرك أنت؟ ماذا تقول؟
فصعدا إلى غرفتيهما وأحضر كل منهما باقته، فوجدا أن الباقتين متشابهتين تماما فنظر كل منهما إلى الآخر، ولم يستطيعا الكلام.. كانت مفاجأة..
***

في المساء قال هيثم:
- إنني إلى الآن أفكر في حادثة هذا الصباح، ترى من وضع باقتَي الزهور على سرير كل منا؟؟.. من الذي دخل البيت ولم نشعر به؟.. ولماذا فعل ما فعل؟!!..
فرد مصعب متثاقلا:
- كنت أعتقد أن ما سيحدث كارثة وليس زهورا لطيفة..
- لكن ربما كان هذا أول الغيث.
فاعتدل مصعب في جلسته وقال:
- ماذا تقصد يا هيثم؟
- إنني فعلا لا أدري!! لكن ربما حدث هذا الشيء نفسه لكل من سكن المنزل.
- هل تظن ذلك؟ لم يقل أحد شيئا كهذا من أهل القرية..
- لعلهم لا يعرفون.. نحن مثلا لم نخبر أحدا بما حدث، لأن ما حدث غير جدير باهتمام أحد من أهل القرية..
- اسمع يا هيثم، يجب أن نسهر هذه الليلة..
- لا .. الرأي عندي أن يسهر كل منا ليلة وينام الآخر، وفي الليلة التي تليها نتبادل الأدوار..
- نعم الرأي..
***

مضى على حادثة الزهور أسبوعان، ولم يلاحظ الصديقان شيئا رغم المراقبة الشديدة التي بذلاها. لكنهما أقلعا في النهاية حين لم يجدا نتيجة لها..
وفي يوم من الأيام.. جاء هيثم يركض إلى حديقة المنزل حيث كان مصعب يسقي الزهور التي يحبها ويعتني بها، فقال مصعب:
- مالك يا هيثم؟ تبدو مرتبكاً!!
- وجدت هذه الصرّة من المال تحت وسادتي.. أنت من وضعها؟
- كلا طبعا، لكن ما هذا المال؟
- إنها جنيهات من الذهب البراق.
- عجيب.. هل تعتقد أن تحت وسادتي صرة مثلها كما حدث مع الزهور؟
- لقد بحثت تحت وسادتك ولم أجد شيئاً..
- غريب!!.. لماذا تحدث كل هذه الأشياء؟
- لا أعرف.. لكن ما أنا على يقين منه هو أن في هذا المنزل شخص غيري وغيرك..
***
__________________
  #3  
قديم 12-28-2015, 06:42 PM
oud
 
cالفصل الثاني

المصدر



]
جلس مصعب وحيدا في غرفته، وأخذ يفكر في موقف هيثم واحتفاظه بصرة المال، لقد قال إنه سوف يخبئها في مكان ما حتى إذا لم يعرفا سرها أنفقها فيما يحتاجان إليه..
الشيء الذي يعجب له هو أن الصرة تحت وسادة هيثم فقط، لكن ما أدراه أن صرة أخرى لم تكن تحت وسادته هو أيضا؟ أليس هيثم هو من قال ذلك؟ لماذا يدخل إلى غرفته ويبحث تحت وسادته وليس ذلك من حقه؟ كان الواجب أن يستأذن، ليس هناك تفسير إلا أن هيثم وجد صرة أخرى واحتفظ بها لنفسه. لكن لا... إن هيثم صديقه الوفي منذ كانا طفلين، كيف يمكن أن يخونه ويستأثر بالمال دونه؟... هذا مستحيل.. فليطرد هذا الخاطر عن ذهنه...
***

سمع مصعب صوتا ذات ليلة، ففتح ضوء مصباحه وأنصت لكن الصوت قد اختفى، فظن أنه يحلم، فأطفأ المصباح وعاد إلى فراشه، لكن بعد مرور فترة قصيرة سمع الصوت ذاته، فلم يضيء المصباح، لكنه قام من فراشه وخرج من غرفته بهدوء، ثم توقف ليسمع، فعاد الصوت بعد فترة، أنه يأتي من الطابق السفلي، فنزل السلم بهدوء وحذر، كان مستعدا لأي مفاجأة، ووسط الظلام الحالك الذي تعودت عليه عيناه استطاع أن يرى شيئا أبيض اللون يتحرك، فدهش، وسار بهدوء نحو ذلك الشيء، كان كأنه ستارة، لكن ليس في البيت ستائر ابدا، فلما اقترب من ذلك الشيء لم يجده، كان قد اختفى قبل أن يمد يده نحوه..
***

في الصباح لم يخبر مصعبُ صديقَه بما حدث، لأنه أخفى عنه مكان صرة جنيهات الذهب، فقرر ألا يخبره هو بما يحدث له..

وفي الليلة التالية كان مصعب ساهرا، وقد أطفأ نور المصباح وتصنع النوم، لكنه كان متيقظا لكل حركة أو صوت أو تنفس..
سمع دقات الساعة الثانية عشرة.. الواحدة.. الثانية.. وبعد مرور وقت ليس بالقصير على الدقة الأخيرة لساعة قاعة الجلوس، سمع صوت ارتطام شيء ما، كان الارتطام قويا فيما يبدو، لكن الصوت وصل إليه خافتا، مما جعله يشعر أن مصدر الصوت بعيد عنه..
فهب من فراشه وأخذ معه عصا غليظة كان قد وضعها مسبقا تحت سريره وخرج بهدوء من الغرفة وفي جيبه مصباح يعمل بالبطارية..
نزل إلى الطابق السفلي واتجه فورا إلى قاعة الجلوس وفتح إحدى النوافذ، وفجاة سمع صوتا خلفه، فالتفت مسرعا وفتح مصباحه ودار به في المكان، لكن لم ير شيئا..
فأغلق المصباح وخرج واتجه نحو السلم ليصعد إلى غرفته من جديد، لكنه سمع الارتطام مرة أخرى، استطاع هذه المرة أن يحدد مكان الصوت.. إنه الحديقة..
خرج مسرعا إلى الحديقة وسمع الصوت مرة ثالثة، كان صادرا من الاسطبل الخاص بالخيل، لكن هذا الاسطبل مقفل دائماً وليس لديهم مفتاح له، وليس فيه أحد، كان هناك مَن يضرب على باب الاسطبل الخشبي من الداخل بقوة وبطريقة غريبة، ضربة قوية واحدة ثم فترة من الصمت ثم ضربة أخرى كسابقتها وهكذا..
حاول فتح الباب، لكنه لم يستطع، فقال صارخا:
- هل في الاسطبل من أحد؟!..
لكن لم يتلق جواباً.. لقد ساد الهدوء...
***

استيقظ مصعب في وقت متأخر بعد أن سمع هيثما يناديه خلف الباب، فقال:
- نعم، نعم، أنا آتٍ، لقد أفقتُ..
ثم تذكر ما حدث له في الليلة الماضية، فقام مسرعا، ونزل بعد أن غسل وجهه وصلى بخجل لتأخره، وتناول إفطاره في عجلة، فتعجب هيثم منه وقال:
- مالك يا مصعب؟ هل أنت خارج أم مستعجل؟...
- لا أبداً، لكني تأخرت عن زهوري فقط، أنت تعلم اني أسقيها مبكرا.. هذا كل شيء..
فصمت هيثم، وعرف أن صديقه يخبئ شيئا ما، إنه لم يتعود ذلك منه، ما الأمر؟ لماذا يتصرف مصعب هكذا؟
بعد الإفطار خرج مصعب إلى الحديقة، وتوجّه فورا إلى الاسطبل وحاول فتحه، ثم أنصت علّه يسمع شيئا.. لكنه توقف عن ذلك وتصنع أنه يزيل الأعشاب عن باب الاسطبل ويبحث عن شيء وقع منه حين لاحظ هيثما قريبا منه.. فقال هيثم:
- عم تبحث يا مصعب؟ هل أساعدك؟
- لا شيء مهم..
ثم استدار وذهب ناحية زهوره وأخذ يسقيها شارد الذهن، فلحق به هيثم وقال:
- مالك يا مصعب؟ هل تخبئ عني شيئا؟
رد مصعب بامتعاض:
- كلا..
فتركه هيثم وهو مندهش جدا...
***

بقي مصعب ساهرا حتى دقت الساعة الثانية..
لا شك أن هيثما قد نام الآن..
أخذ مصباحه وخرج إلى الحديقة وطرق باب الاسطبل وهو يقول:
- هل يوجد أحد؟ مَن بالداخل؟
لكن لم يصدر أي صوت.. وحاول مصعب للمرة العاشرة فتح الباب، لكنه قوي جدا، فلما عجز عنه عاد أدراجه إلى غرفته. وحين جلس على سريره لاحظ وجود كيس صغير أحمر اللون على وسادته، ففتحه، فوجد مفتاحا جميلا من الذهب..
قفز إلى ذهنه باب الاسطبل المقفل، فنزل بسرعة وأدار المفتاح، لقد انفتح الباب، وبا لهول ما رأى...... فرس رائعة، كأنها من عالم الخيال أضاء المكان من نورها الأبيض الفتان، كانت تنظر إليه نظرةَ مَن يعرف صاحبه. مدّ نحوها يدا مرتجفة، ولمسها، كأنه يتأكد من وجودها أو أنها ليست سرابا يصوره له عقله.. فصهلت صهيلا جميلا أطرب قلبه.. فقال هامسا:
- يا حبيبتي.. إنك تساوين ثروة!!!...
__________________
  #4  
قديم 12-28-2015, 06:43 PM
oud
 
الفصل الثالث


المصدر



كان نور الصباح قد بدأ يتسلل إلى غرفة مصعب الذي لم يستطع النوم في تلك الليلة، لقد رأى شيئا عجيبا في الاسطبل، ولا يزال في شك مما رأى، هل هو حقيقة أم خيال؟ إنه حقيقة ولا شك... لأن المال كان حقيقيا والزهور كانت أيضا حقيقية، فلا بد أن الفرس حقيقة كذلك..
ارتدى مصعب ملابسه ونزل إلى الحديقة وفتح باب الاسطبل بالمفتاح الذهبي الذي لم يغادر جيبه، وأخرج الفرس في ضوء الصباح، فزاد الصباح جمالا ونورا.. قدم لها الأعشاب والماء.. فأخذت تأكل برشاقة أدهشت مصعب وصار يقول في نفسه:
- يا الله!! يالجمال هذه الفرس!! إن لونها الأبيض ناصع كالنور، وهذه الغرة القرمزية في جبينها تجعلها أكثر بهاء وجلالا.. لكن من الذي حبسها هنا؟ ومنذ متى كانت في الاسطبل؟ وكيف جاء المفتاح إلى وسادتي؟ ومن وضعه؟ ومن وضع كيس المال لهيثم؟ ومن وضع لنا الزهور؟ وما هو ذلك الشيء الأبيض الشفاف الذي رأيته تلك الليلة التي سمعت فيها صوت الطرقات على باب الاسطبل؟ هل كل هذه الهدايا الرائعة تكون في هذا البيت ويخاف الناس من السكن فيه؟!!... الأجدر أن يُسمى بيت الهدايا لا البيت الحزين...
في هذه اللحظة سمع مصعب صديقه يناديه بصوت مرتفع:
- أنا هنا يا هيثم في الحديقة تعال وانظر إلى المفاجأة..
فجاء هيثم متذمرا، فلما رأى الفرس رجع خطوتين إلى الوراء.. وظل صامتا يحدق فيها وهي تأكل الأعشاب... ثم التفت إلى صديقه فوجده يبتسم.. فقال له:
- ما هذا يا مصعب؟
- هذه فرس وضعت لي في الاسطبل كما وضع كيس المال تحت وسادتك و..
- ماذا تقول؟
ثم أردف بغضب:
- هذا غير صحيح.. إذا كانت قد وضعت في الاسطبل فهي لكلينا وليست لك وحدك لأن الاسطبل لا يخصك وحدك..
- بل هو يخصني كما يخصك كيس المال..
- سبحان الله!!.. كيس المال كان تحت وسادتي أنا في سريري أنا في غرفتي التي تخصني.. أما الاسطبـ..
فقاطعة مصعب قائلا:
- الفرس أيضا تخصني لأن مفتاح الاسطبل الذي كان مقفلا مذ أقمنا هنا وجدته فوق وسادتي.. فماذا يعني ذلك..
- هل تريد مني أن أصدق هذا الكلام؟ ربما وجدته في مكان ما ثم ادعيت أنه على وسادتك.. كنت تبحث عن شيء أمس تحت باب الاسطبل فلعلـ..
صرخ مصعب مقاطعا:
- ولماذا أدعي؟..
فأجابه هيثم بصراخ أعلى:
- حتى تمتلك الفرس دوني..
- إنك يجب أن تصدق ما أقول كما صدقت أنا ما قلته حول كيس المال.. لماذا لم أقل إنك وجدت تحت وسادتي كيسا آخر في ذلك الصباح ثم احتفظت به لنفسك وادعيت أنك لم تجد شيئا؟..
- أنا لا أفعل ذلك..
- أعرف أنك لا تفعل.. ويجب ان تعرف أيضا أنني لا أفعل..
- لكن أين الفرس من كيس المال الحقير؟
- مهما يكن الشيء ثمينا.. إن العبرة بالمعنى.. إما أن نملك الجميع.. أو يكون لكل منا ما يخصه..
ففكر هيثم وقد هدأ قليلا:
- إذن يكون كل شيء نجده لنا معا..
- أنا موافق..
- أنا... أنا آسف لأني رفعت صوتي يا مصعب.. أرجو أن تسامحني..
فوضع مصعب يده على كتف صديقه وهو يقول:
- لا بأس.. لم تعد بيننا مشاكل الآن..
***

بعد تناول الإفطار قال هيثم:
- ما رأيك أن نشتري للفرس سرجا ولجاما بالمال الذي وجدناه؟
فقال مصعب:
- افعل ما يحلو لك يا هيثم، فالفرس الآن لنا معا..
ففرح هيثم وقال:
- هل أمتطيها إذن؟
- طبعا.. لكن هل ستمتطيها من دون سرج؟..
- سأجرب..
قال هذا وانطلق إلى الاسطبل وأخرج الفرس وحاول امتطاءها، لكنها جمحت وصارت ترفع قائمتيها الأمامتين وتصهل صهيلا مزعجا.. فجاء مصعب على أثر سماعه صوتها وهو يقول:
- ما بها يا هيثم؟
فرد هذا غاضبا:
- إنها ترفض أن أمتطيها..
- رفقا بها يا صديقي .. فالخيول لها سياسة..
ثم حاول مصعب امتطاءها فلم يصدر منها أي رفض، بل أطاعت كأنها متعودة على ذلك.. فتعجب الاثنان.. وقال هيثم:
- إنها لا ترفضك..؟.. لماذا؟...
فرد مصعب مندهشا:
- الحق أنني لا أدري.. لكن لعلها هدأت... قم أنت بالتجربة الآن..
قال هذا ونزل من على ظهرها فاقترب منها هيثم، فجمحت أشد من المرة الأولى.. فغضب وقال:
- لاشك أنك وجدتها في الاسطبل منذ فترة ليست بالقصيرة.. ودربتها سرا حتى تعودت عليك.. لهذا ترفضني..
ثم انصرف إلى غرفته ساخطا...
حاول مصعب أن يفهم لماذا سمحت الفرس له بامتطائها ولم تسمح لصديقه، هل لأنها وضعت له فعلا؟ وسُمح له هو فقط بالاقتراب منها؟ أم لأنه من وجد المفتاح؟
ركب على ظهرها مرة أخرى، كانت هادئة ولم تتحرك، كأنما هي خادم مطيع تنتظر أوامره، لكزها بطرف حذائه برفق، فأخذت تسير بهدوء رافعة رأسها، مما جعله يُعجب بها أكثر، أحس وكأنما هو يرتفع عن الأرض.. نظر إلى أسفل فوجد أنه ارتفع كثيرا.. فارتاع من ذلك.. كانت كأنها تسير في الهواء..
***

كان هيثم ينظر إلى الحديقة من نافذة غرفته حين شاهد مصعبا يمتطي الفرس ويختال على ظهرها.. أحس بالغيرة منه قليلا.. ثم خيل إليه أنه يبالغ في مشاعره.. لا يمكن أن يكون مصعب قد درب فرسا كل هذا التدريب خفية عنه.. إن هذا محال.. كانت الفرس تمشي برشاقة وألفة مع فارسها وكأنما تعودت عليه شهورا.. قرر أن ينزل إلى صديقه ويعتذر .. أحس أن غضبه سخيف وبلا معنى.. ولكن حين رآه مصعب فوجئ به يصرخ قائلا:
- هيثم ساعدني..
- أساعدك؟ ماذا تقصد؟ تريد شيئا؟
فصرخ مصعب قائلا:
- ألا ترى أنني أطير في الهواء..
فقال هيثم ضاحكا:
- هذه دعابة سمجة يا صديقي.. أعلم أن الفرس غاية في الرشاقة لكن ليس لهذا الحد لتجد في نفسك غرورا وخيلاء يصل إلى الطيران..
لكن مصعب الذي كان شاحب الوجه استمر بالصراخ وهو مذعور وقال:
- إنني أطير .. ألا ترى؟... أوقف هذه الفرس الشيطانة بسرعة.. أنا خائف..
تعجب هيثم وأمسك بعنق الفرس، فجمحت وألقته على الأرض، لكنها توقفت أيضا، فقفز مصعب من على ظهرها بسرعة وهو يسب ويشتم..
بقيت الفرس هادئة، ثم بدأت بأكل عشب من الحديقة.. فقال هيثم:
- انظر ماذا صنعتْ فرسك الحمقاء..
فقال مصعب وهو يرتجف ويمسك بذراع هيثم:
- لا يا هيثم.. إنها ليست حمقاء.. إنها شيطانة بلا ريب.. سوف أعيدها إلى الاسطبل وأقفل عليها..
رد هيثم متعجبا:
- لماذا.. إنها لا تنفر منك ولا ترفضك..
فقال مصعب وهو يرتعش:
- قل لي.. أحقا لم ترني أطير؟
- هل أصابك الجنون؟.. كيف تطير؟!!.. إنك كنت تسير بالفرس فقط..
- لكن.. أنا متأكد أنني كنت أرى الأرض بعيدة عن قدمي.. كنت أحس أنني أطير صدقا..
***
__________________
  #5  
قديم 12-28-2015, 06:44 PM
oud
 
الفصل الرابع

المصدر



قدم هيثم قدح القهوة مساء ذلك اليوم بعد أن تناولا العشاء وهو يقول لمصعب:
- سوف تشعر الآن بالهدوء وتستطيع التفكير بشكل منطقي يا صديقي.. لقد أقسمت لك للمرة العاشرة أنني كنت أراقبك من النافذة، وعندما نزلت إلى الحديقة لم أرك تطير كما تزعم، لاشك أنك واهم..
رشف مصعب من قهوته وهو مغمض العينين وأخذ يفرك جبينه بأصابعه كمن أصيب بصداع وقال:
- نعم..!!.. لا شك أنك رأيتني على الأرض يا هيثم.. لا شك في صدقك.. كما أن من المستحيل ان تراني أطير ولا تبدو عليك الدهشة ولا المفاجأة.. أو القلق والخوف على صديقك.. أعرف أن هذا مستحيل قطعا..
- إذن هون عليك.. واعترف أنك كنت واهما..
فرد مصعب بهدوء:
- لست واهما أيضا..
- ماذا دهاك يا مصعب؟ إنه الخيال .. ألا تؤمن بشيء اسمه الخيال والوهم؟ حيث يتراءى لإنسان أنه فعل شيئا لم يفعله؟
- بلى أؤمن بذلك يا صديقي.. لكن.. أؤمن أيضا بشيء اسمه السحر...
توقف قدح القهوة في الطريق بينما كان هيثم يرفعه إلى شفتيه وهو يقول:
- ماذا قلت؟ السحر؟ .. لم أفهم..
- لم تفهم... لأنني أيضا لا أفهم شيئا... إن كل ما يحدث معنا هو أشبه بالسحر..
- هلاّ شرحتَ لي بمَ تفكر يا أخي!...
وضع مصعب قدمه عى الطاولة وعقد ذراعيه على صدره وقال بوجه جاد:
- حسنا... ألا ترى أن ما يحدث معنا ليس واضحا أبدا؟... كيف يمكن أن نجد الزهور على سريرينا دون أن يكون معنا أحد ثالث!!... والمال من أين جاء؟... هناك من وضعه لنا.. أو أن أحدنا يكذب..
سادت فترة قصيرة من الصمت.. ثم تابع مصعب حديثه قائلا:
- ثم الفرس الرائعة التي كانت في الاسطبل.. لقد حكيت لك كيف اكتشفت وجودها.. من الذي وضعها هناك؟ ومنذ متى؟ ومن كان يطعمها إذا كانت قد بقيت ليومين او ثلاثة؟ فكما قلت لك إنني سمعت ارتطام حوافرها بالباب وكأنها كانت تريد الخروج.. لماذا لم تحاول الخروج مسبقا؟.. لماذا لم تحاول في النهار؟... سمعت ذلك الليلة الماضية.. وربما كانت هناك قبل ذلك.. ثم لماذا رأيت المفتاح على وسادتي حين عدت إلى الغرفة؟.. لقد كان ذلك الاسطبل مقفلا منذ إقامتنا.. فمع من كان المفتاح؟ وهل كان مقفلا حين أقام فيه من جاؤوا قبلنا من الناس؟... لماذا لم يظهر إلا الآن؟ .. ولماذا ظهر لي فقط؟.. بينما ظهر المال لك أنت فقط؟.. لماذا لم يحدث كما حدث مع الزهور؟ هناك شيء واحد هو اللغز نفسه.. وهو الشيء الذي لم نفهمه يا عزيزي.. هو الشيء الذي يفتح لنا كُنه هذه الحيرة التي نغوص فيها.. وربما سيحدث أغرب مما حدث في الأيام القادمة..
ازدرد هيثم ريقه وهو يقول:
- هل تعني أن موت بعض أفراد العائلات تحت حوافر الخيل كان بسبب فرس جامحة مثلا؟..
- لا أدري صدقا كيف تم ذلك ولا أستطيع التخمين!!.. لكن الذي أعرفه يقينا أنني رأيتني أطير عن الأرض كما أرى أنك الآن جالس أمامي..
- الحقيقة أنه أمر محير فعلا يا مصعب!!... إذ كيف يمكن أن ترى شيئا وأرى أنا شيئا آخر؟!!...
- إنني أتوقع أن هذا الذي حدث لي مع الفرس، هو رغبة في إيصالي إلى الجنون.. ربما حدث هذا مع عادل عزيز أو حدث معه ما يشبه ذلك.. لكن علينا يا صديقي أن نتفق منذ الآن على أن يَصدُق ويُصدّق أحدنا صاحبه.. وأن تكون الثقة بيننا قوية.. حتى لا يكون بيننا صدام.. ونستطيع معرفة سر هذا البيت الشنيع.. ومن يقف وراء هذه الأفعال السخيفة..
***

في صباح اليوم التالي.. بينما كان الصديقان يتناولان إفطارهما قال هيثم:
- ألن تطلق الفرس لتأكل وتشرب؟ لا يجوز حبس البهائم كما تعلم...
- تركت لها دلو ماء وبعض الأعشاب قبل أن أحبسها.. وسأفعل ذلك اليوم أيضا.. لن أتركها من غير طعام.. لكن لن أطلقها أيضا.. من يدري ماذا يحدث..
- إذن .. فلنطعمها بعد تناول الإفطار..
ذهب الاثنان إلى الاسطبل.. وفتحه مصعب بالمفتاح الذهبي الذي كان يحتفظ به في جيبه منذ ذلك الحين ولم يفارقه.. لكنه .. لم يجد الفرس,,
ذهل الصديقان...
قال مصعب:
- إنني أقسم أغلظ الأيمان، أن مفتاح الاسطبل لم يغب عني لحظة، ولم يفارقني حتى في الحمام..
فقال هيثم مندهشا:
- لا يوجد مكان لتخرج منه الفرس غير الباب.. الاسطبل صغير كما ترى وليس له باب آخر.. يبدو أن لدى (ذلك الشخص) مفتاح احتياطي..
- ذلك الشخص؟
- نعم.. لابد من وجود شخص غيري وغيرك في هذا البيت..
- معك حق..
عندما عادا إلى داخل المنزل لم يكن لدى أحدهما شيء يقوله... كانت الحيرة وحدها من تتكلم..
في تلك الليلة لم ينم أحد منهما.. كان مصعب مستلقيا على سريره يحدق في السقف.. بينما هيثم كان قد فتح كتابا وأضاء مصباحه الصغير وأخذ يقرأ لعل النعاس يغلبه وينسى تلك الأفكار المخيفة التي تضرب رأسه كالمطرقة فتضيع عليه سطور الكتاب، ثم يعيد المقطع من جديد عشرات المرات..
كان الاثنان يجاولان النوم.. لكن النوم لم يجد سبيلا إلى أجفانهما..
التقطتْ أذن هيثم صوتا غريبا مثل صوت الخطوات.. فاعتقد أن مصعبا خرج من غرفته.. لكنه استغرب أنه يسمع خطواته.. ولم يسمع صوت باب غرفته التي تجاوره تماما.. فخرج ليتأكد.. لم يجد أحداُ في الممر أو الردهة في الطابق العلوي.. ثم ذهب إلى غرفة مصعب وطرق الباب... مرت لحظة ثم خرج مصعب في حذر.. وقال:
- هيثم؟!!.. مالك؟.. هل حدث شيء؟!..
- ألم تغادر غرفتك قبل قليل؟
- لا .. لم أفعل أبدا..
- لقد سمعت صوت خطوات في الممر.. كانت واضحة جدا..
عاد مصعب إلى داخل غرفته بسرعة وأخرج عصاه الغليظة من تحت السرير ومصباحه الذي يعمل بالبطارية ثم قال:
- لنر من يكون صاحب تلك الخطوات.. يبدو أننا سنعرفه الليلة..
سارا بحذر من دون أن يضيئا أنوار الطابق العلوي.. وفتشاه جيدا.. ثم نزلا إلى الطابق السفلي.. دخلا الطبخ.. غرفة المعيشة.. الحمامات.. غرفة الطعام.. غرفة الضيوف.. لم يكن هناك أي شيء يشير إلى وجود أحد.. لا صوت.. ولا رائحة.. ولم يتحرك شيء من مكانه.. فقال مصعب:
- لعلك سمعت شيئا آخر غير صوت الخطوات فحسبتها كذلك؟
- لا لا.. أنا متأكد أنها خطوات..
- لكن أليس من الغريب ان تسمع صوت خطوات بالذات يا هيثم!!..
- ماذا تعني؟
- الممر مفروش بالسجاد.. كيف يمكن أن تسمع الخطوات على السجاد..
فقال هيثم مندهشا:
- معك حق.. لعله مشى على أرض الردهة.. لكنني لم أكن أتخيل صدقني..
- أصدقك.. لكن الردهة بعيدة عنك لتسمع الخطوات عليها.. أظن أن صوت الخطوات مقصود لتسمعه عمدا..
- هل تظن أن ذلك الشخص أراد استدراجي لمكان معين فعمد إلى ذلك؟
- صه...!! أسمع صوتا قادما من المطبخ..
اندفعا بحذر نحو المطبخ.. كان الصوت يشبه صب ماء في كوب.. كان الصوت واضحا سمعه كلاهما.. لكن لم يكن في المطبخ أحد..
لاحظ هيثم وجود ضوء خافت تحت باب المستودع الصغير.. كان ذلك المستودع داخليا.. بحيث لا يمكنك دخوله إلا من خلال المطبخ.. فأشار إليه منبها مصعب دون أن يتكلم.. فتح مصعب باب المستودع بحذر.. كان الضوء لحظتئذٍ قد اختفى.. كان كل شيء في المكان لا يدل على وجود شخص ما.. وما من مكان يمكن الاختباء فيه.. خزانة مفتوحة ليس فيها الكثير من المؤونة.. وكيس قمح صغير لم يفتح بعد ملقى على الأرض.. كل شيء كان طبيعياً...
أطفأ مصعب مصباحه وقال:
- يبدو أنه يتلاعب بنا..
- انتظر يا مصعب.. عندما أطفأت المصباح الآن شعرت أن المكان فيه ضوء..
- لعل عيناك تعودتا الظلام..
- كلا.. أنا متأكد أن ضوءا خافتا في المكان يتحرك..
عاد الاثنان إلى المستودع وعيناهما تترصد مصدر الضوء المزعوم.. لكن كان حقيقة.. لاحظا أنه ينبعث من شق صغير في الأرض.. جثا مصعب ولعق سبابته وقربها من الشق الصغير.. شعر بهواء خفيف.. فقال:
- لعل تحت المستودع قبو!..
أحس هيثم بالمغص وهو يهمس:
- وكيف يفتح هذا القبو يا ترى؟.. هل هذا باب في رأيك؟
لمس مصعب الأرض بيديه متحسسا مكانا يمكن أن يكون بابا أو ممرا سريا.. وفعلا أحس أن تلك الشقوق الصغيرة تجتمع وتتقاطع لتكون مربعا.. فهمس:
- هيثم.. ناولني سكين المطبخ..
أسرع هيثم وأتى بالسكين.. ركزها مصعب في أحد الشقوق بينما كان هيثم يمسك بالمصباح.. لم يكونا يريدان فتح أنوار الكهرباء خوفا من هروب (ذلك الشخص) إذا أحس بهما.. وبعد فترة من المحاولة .. عرف مصعب أي الشقوق عليه أن يرفع من خلاله الباب بالسكين.. فتح ذلك الباب الصغير الذي كان يتسع لمرور شخص واحد.. سلط هيثم الضوء على الفتحة.. كانت أشبه بحفرة طويلة مربعة تتسع لقامة رجل..
من دون أدنى حذر قفز مصعب نازلا وسط الحفرة.. فقال هيثم:
- مصعب !! انتظر..
- لا عليك.. ناولني المصباح..
دهش مصعب حين وجد سلما يعلوه الغبار أمامه مباشرة حين أضاء المصباح المكان.. فقال هامسا:
- هيثم انظر.. إنه قبو فعلا كما ظننت.. توجد درجات سلم هنا.. تعال معي..
نزل مصعب السلم ببطء.. ونزل هيثم وراءه قابضا في يمينه سكين المطبخ تحسبا لأي مفاجأة.. كان السلم قصيرا، في نهايته باب يظهر تحت الفرجة السفلية منه ذلك الضوء الخافت، فتح بمجرد أن دفعه مصعب بيده..
كانت غرفة صغيرة مضاءة بشمعدان قديم.. وفي الغرفة قفص كأنمما وضع لحيوان شرس.. لكن لم يكن في المكان أحد.. قال هيثم:
- ما هذا؟ هل من المعقول وجود مكان كهذا في هذه الأيام؟!! كأنما أرى قصة من العصور الوسطى.. أيام كانت تحبس الوحوش والسحرة في الأقبية...
فرد مصعب باسما:
- إن الأعجب يا صديقي وجود شمعدان فيه ثلاث شمعات مشعلة من دون وجود حاجة لها.. فلا إنسان واحد في المكان..


***
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل تربي الاسود غير الاسود؟؟؟!!!! ...............سبحان الله☺ Heavens ❤ موسوعة الصور 15 06-04-2012 12:15 AM
اناقة الاسود للسهرات , فساتين سهرة باللون الاسود , صور اجدد فساتين سهرة باللون الاسود ملاك الرومنسيه حواء ~ 0 03-21-2012 10:46 PM
اخترنا لكم افضل 200 خلفية ( لعشاق اللون الاسود عاليه الدقه ) خلفيات باللون الاسود tarektop موسوعة الصور 26 03-04-2011 12:43 AM
حصريا لمحبى وعشاق اللون الاسود و بعد فلترة عدة مواقع اخترنا لكم افضل 200 صورة( لعشاق اللون الاسود عاليه الدقه) walidsamir موسوعة الصور 2 09-19-2010 04:10 AM
هل يعجبك اللون الاسود في البيت.....تفضل عدنا samir albattawi إقتصاد منزلي 12 09-19-2007 07:49 PM


الساعة الآن 09:28 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011