عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي

روايات و قصص الانمي روايات انمي, قصص انمي, رواية انمي, أنمي, انيمي, روايات انمي عيون العرب

Like Tree90Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 01-31-2017, 05:16 PM
 
السلام عليكم
نتمنى ان لا تتاخري بالبارت الجديد
متشوقة للاحداث القادمة
في امان الله


سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم
Krustavia likes this.
__________________



نحن أمة لا تنتصر بالعدة والعتاد، ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا، وكثرة ذنوب الأعداء، فإن تساوت الذنوب انتصروا علينا بالعدة والعتاد.

الحمد لله الذي تواضع لعظمته كل شيء
الحمد لله الذي استسلم لقدرته كل شيء
الحمد لله الذي ذل لعزته كل شيء
الحمد لله الذي خضع لملكه كل شيء

اللهم صلي و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 03-01-2017, 03:44 AM
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك عزيزتي ميو تدليعك هههه
اذا ماكان عندك مانع أن شاء الله تكوني
في تمام الصحه والعافية وحالتك عال العال
واوووووووووووووووووو فصل جديد أحداث جديدة
أفكار جديدة كالعادة يابنت تبهريني المهم خلينا بالرواية الجميلة
حسنا أحببت تلك الفتاة ايلين حقا شخصيتها جميلة
وحين رأت صديقتها بتلك الحاله حقا مسكينة وذلك خطيبها كيف يتجرء
ويمد يده عليها حقا أفكارنا متشابهة عزيزتي ميو هههههههههه
حقا لو كنت مكانها لن إكتفي بالتكسير أيضا حقا والدتها لديها كل الحق
بهذا وبصنع غرفة خاصة لها ولنوبات غضبها
كروس يامسكينة ياعزيزتي ذهبتي لعذابك ولكن لماذا لم ينقذها جيو وانقذها
ذلك المغفل يولاند حسنا لدي اعترض يا ميو أدوار جيو قليلة لماااااااااااذا
فصل جديد جزء ثاني الايوجد حوار له اهئ ساقتلك حسنا لقد سلم كروس
ل يولاند اكيد عندو غاية ياجماعه لاتحقدو علية اييي اكيد فى شي بمنزل يولاند
لازم تكتشفو كروس بسرعه وانا واثق أن جيو ماراح يتركها بهاي السرعه في أشياء
كثيرة معلقة بيناتهم ،.....
أم ايلين فاعطاء الخاتم يستحقه ولكن من يكون من اتصل به خطابها هيستون حقا بدء
الحماس يقتلني وانتظرك على أحر من الجمر
بالمناسبة شعرت بأن هناك تغير في أسلوب الكتابة والتغيير الذي شعرت به
جميل جدا أم الهيدر فهو جميييييييييييييييييييييييييييييييييل جدااااااااااااااااااااا أحببته كثيرا
وكذلك الحال بالخلفية اعشق هذا اللون كثير وترك الفواصل بين مسافة وأخرى
أعجبتني حقا يااختي عن جد التنسيق طالع بيأخذ العقل واحلى ب 100 مره عن الجزء
الأول عن جد أشعر بالحماس والفضول لما سيحدث
لاتحريمينا من نشاطاتكي ولاتنسيني من روابطك الحلوى
ولروايتك اللي بتجننن
اتركك في رعاية الرحمن
في أمان الله
Krustavia likes this.
__________________
تفتحت اعين الربيع
واغمضت عينيك كالشتاء ولكن
انت لن تاتي ولن تعود
اشتقت لك
الله يرحمك بابا
الرجاء قراءة سورة الفاتحة
صدقه




ذات يوم نقول
وفي الكلام حروف قد تفيق
ماكتبة الله سيف على القلوب لا نعترض
ولكن القلب مشغول بالاشتياق
فارحمهم برحمتك الواسعة
وادخلهم جناتك يا رحيم
















رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-07-2017, 08:36 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://3rbseyes.com/backgrounds/1.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
وردة المودة

وعليكم السلام ورحمة الله
انا الحمد لله تمام وانت كيفك ان شاء الله بخير
دائماً أسعد برؤية ردودك ومتابعتك لي
مشكورة كثير
بالنسبة للتنسيق بقلكم هو مناسب للجزء بس لأنو
ما بين هالشيء في الفصل الأول بس
بوعدكم بأحداث وبتمنى تعجبكم
ذا اللي يهم أكثر شيء س3
وجيو ذاك انا بطلت أفهمه
يب طلع يولاند من ساعدها وكنت خائفة تقتلوني لهذا السبب
بس مرت سليمة
بتمنى ما تحرميني من ردودك في القادم ورأيك في كل بطل فصل بفصل
ودّي

__

snow

وعليكم السلام ورحمة الله
الحمد لله الباكا ميس بخير وبتسلم
كيفك انت ان شاء الله بخير
ههههههههههههههه
نحنا بنحب نلعب معك لهيك تحملي

ما بتعرفي قديش بحب أشوف ردودك
بتخليني أضحك دائماً
يب وانا كنت مفكرة اني ما رح نزل بهاي الفترة بس الظاهر ما قدرت
يا عم خلينا برة جو الدراسة على الأقل أربع ساعات في اليوم
ولا يهمك برجع أنا كسولة مثلها لفيو
النشاط بيجي مرة وبروح
المهم
كروستا العزيزة بكل حالتها بتظل بطلتي خ
حاولت تغير حالها ولساها بتحاول ولا أحد يعلم ما سيحصل لاحقاً
وجيو كمان مثل ما قلت لوردة خفت تقتلوني بس عدت على خير
وعبقريتك هذه تخرفن جبتيها والله
مبسوطة لأنو الشخصيات نالت اعجابك
والتقديم والتأخير هذه ما كنت منتبهة عليها لولا أنك قلتيلي عنها
بحب أكتب هيك وما أعتقد بتغير
والتصميم كمان مناسب ان شاء الله بس لأنو الفصل الأول
والخط الباكا ما رضي يزبط معي كل شيء علق
كبرته كثير بس طلع صغير ولو تجربي تدخلي للمنتدى بدون ما تكوني بعضويتك بتشوفي الخط كبير
جربت
على كل رح أطلب من المشرفات يزبطولي إياهم

وبتمنى ما تحرميني من ثرثرتك الجميلة
في انتظارك
دمتي بود
________


eugene

هلا والله يوجيني
انا الحمد لله تمام وكيفك انت؟
عرفت رح يعجبك هالشيء لأنو مو جيو اللي أنقذها
ليولاند ظهور لا بأس به لكن القصة تتمحور على غيره لهذا ربما لن تجدو له مداخلات كثيرة حالياً ولكن هذا لا يعني أنه لن يكون موجود في المستقبل
يا جماعة كل هالضغينة على جيو
شو بقول بتمنى يتغير رأيكم فيه
وكروس لها أسبابها في ما تفعله
ربما هي تمثل أو تدعي من يعلم؟
نورتيني بجد واسفة كثير لأني تأخرت عليكم
ان شاء الله بعجبك القادم
بتمنى ما تحرميني منك
دمتي بخير

________



أحلام هادئة

وعليكم السلام ورحمة الله
الحمد لله انا بخير وبتمنى تكوني كذلك
شكراً لك أنت لأنك لم تحرميني من ردودك وسعيدة جداً لأن الفصل عجبك
وبتمنى القادم يعجبك كمان
شكراً لردك
وبتمنى ما تحرميني منك لاحقاً
دمتي بود

________

love narusaku


وعيكم اللسلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله بخير وبتمنى تكوني كذلك أين ما كنت
وجودك معي بث السعادة في نفسي فشكراً لك بحجم السماء
ومبسوطة لأن الفصل عجبك بجد حب5
وبالنسبة لشكوكك التي هي أقرب لليقين
بتشوفي أجوبتها في الفصل القادم
وان شاء الله يعجبك كمان
وجودكم يدفعني دائماً للأمام
أسعدني ردك بالحجم الذي لا تتصورينه
أرجو أن تكوني بخير دائماً
ونراك في القريب العاجل
شكراً لك مرة أخرى على ردك
دمتي في حفظ الرحمن

___________

اون شان

اوني العزيزة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله انا بخير وانت كيفك
ان شاء تمام وما تشكي من شيء

هههههههههههههههه
يا عم هي اللي بتفهم جيو وما بتحاسبه على أفعاله
تعي لهون حب5حب5
يب جيو ما ظهر في الفصل لكن كما قلت
ما رح يصير إلا اللي يعجبك :" class="inlineimg" />
جيو ما بذهب بسهولة
سعيدة لأن الفصل أعجبك وكذلك شخصياته
والاجابات على تساؤلاتكم بتلاقوها في الفصل القادم
وسعيدة لان الأسلوب أعجبك ما زلت أحاول التطور وانتم أكبر محفز
كفك يا بنت
انا كمان بحب الرمادي وحاولت قد ما أقدر يكون التنسيق واضح
من الجيد أنه أعجبك
شكراً لك ولوجودك معي ولمتابعتك والأهم لأنك بتفهمي جيو
بتمنى تكوني بخير دائماً
سانكيو على ردك الجميل

ولا تحرمينا من طلتك
دمتي بخير أين ما كنتي


________

وشكراً لجميع المتابعين من خلف الكواليس زواراً وأعضاءً
الفصل اليوم ان شاء الله إذا زبط معي أدواة التنسيق
رايحة أعمل معهم معركة
دمتم بخير جميعاً


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________



"وَالعقلُ استَلهَمَ مِنّا عِصْيانَ الأفُقِ فَزال مُخلفّاً بُرودَة بلوتُو"
سبحان الله-الحمدلله-لا اله الا الله-الله اكبر


التعديل الأخير تم بواسطة Krustavia ; 03-08-2017 الساعة 02:31 PM
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 03-07-2017, 10:50 PM
 
~ رماد تختبئ تحته النار || 2


[TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at154530553649513.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]







[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT]
[TABLETEXT="width:100%;background-image:url(https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at154530553649513.png);"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








*2*








العقل يتشبث بمنطقه الخاص، وهذا ما كان عليه هو،

اعتمد مبدأ أن كن الأسبق تسود، لكن الأسبق بماذا؟!
بعض القرارات تصدر منا دون تفكير ودون اعادة النظر إلى النتائج..
تعلم درساً فيما مضى لكن الآن...

لن يكون بتلك الحماقة السابقة التي قطع بسببها الأمل الأخير
ليصبح قلبها نابضاً له بشكل كامل.....
كان هذا واقعه الذي بنى نفسه عليه لأجلها هي،

ولكن
كان عليه قبل كل شيء التخلص من العقبة

رغم أنه بات متيقناً أنها لن تبني مشاعرها لأيٍ كان

وكم أحب ذلك.....













تسللت يده إلى خصلات شعره وكما هي عادته أخذ يلعب بواحدة وعيناه الزرقاوان تحملقان بالشابة النائمة بسكينة حتى هذا الوقت....

لم يرد ازعاجها فهو يعلم متى استسلمت للنوم البارحة، وتساءل كثيراً عن سبب دخولها إلى مكتب والده في الساعات المتأخرة من الليل .... كاد يدخل لولا ظهور داركو في الجوار واعترف أن هذا أفضل شيء كان ليحدث...

ترجل عن الأريكة وتقدم نحوها بهدوء وليس في نيته سوى اطفاء هاتفها الذي كانت تنساب منه نغمات هادئة يعلن عن اتصال أحدهم، انحنى فوقها وانتشل الهاتف بسرعة والذي كان موضوعاً إلى جوار رأسها على السرير وقطع الاتصال سريعاً بعد أن رأى اسم المتصل

" إيلين".

" تلك المتوحشة."

تمتم بهدوء وهو يتذكر آخر لقاء جمعهما بالقرب من الشركة.... كادت تضربه بحذائها ولو أنه لم يغادر بسيارته سريعاً لكان أخذ نصيبه منه.....

اعترف لنفسه بأن أصابه الحنين للأيام الخوالي....

ولم يستطع منع نفسه من الابتسام وتلك السنوات الماضية تعود إلى ذاكرته... كانوا أصدقاء حقيقيين أيام الدراسة ولكن القدر أخفى لهم مفاجآت لم تكن بالحسبان...

ترك مكانه واتجه لباب الشرفة وتحركت يداه لتفتحا الستائر الحمراء سامحاً لنور الشمس بالدخول عبر الزجاج وقد قرر أخيراً ايقاظ الشابة النائمة...

.

.

تململت كروس في مكانها واعتلت جبينها تقطيبة انزعاج بين حاجبيها الأسودين وسرعان ما فتحت عيناها وهي تتمتم: " من هنا؟"

لم يبادر ليعطيها رداً وبقي صامتاً مكانه وقد انقلبت ملامحه للجمود فور وقوع نظراتها عليه وهي ترفع جسدها عن السرير....

وعندما اعتادت على الضوء ورأت يولاند يقف أمامها زفرت أنفاسها بحدة وصرخت:

" ما الذي تفعله هنا أيها الــ... أخرج حالاً"

" ألا يوجد صباح الخير عزيزتي؟"

تكلم بهدوء وهو يتقدم منها حتى توقف على بعد خطوات وأكمل: " أنظري إلى الساعة وستعلمين لماذا أنا هنا."

حدقت بوجهه ومن ثم نظرت إلى الساعة المعلقة أمامها ووجدتها تشير للحادية عشر صباحاً....

" أخرج من الغرفة يولاند."

" سأخرج ولكن لي عودة بعد نصف ساعة، هناك موضوع علينا مناقشته."

ابتسم لها وسار مبتعداً، تتبعته كروس بنظراتها وعندما خرج من الغرفة أعادت ظهرها ليستقر ورأسها على السرير وأخذت تحدق في السقف... لو كان الأمر بيدها لنامت اليوم بطوله...

ما هذا الصباح! استيقظت لتجد يولاند في غرفتها... حسناً ليست هذه المرة الأولى فقد اعتادت على تصرفاته وهذا ما يفسر ربما عدم دفعها له من أعلى الشرفة.... وبسبب صراخها ازداد صداع رأسها، كانت قد استيقظت قبل ساعتين لكنها لم تكن في حالة جيدة تسمح لها بالنهوض وأخذت مسكن لألم رأسها وعادت لنومها رغم أنها تعلم أن هذا لن ينفع وسوف تعاني طيلة اليوم من هذا الصداع....

تنهدت وأطبقت جفنيها راغبة بنوم ساعة اضافية ولكنها ما لبثت حتى أعادت فتح عينيها وهي تتمتم...

" سحقاً."

أخذت يدها تبحث عن هاتفها ولم تكلف نفسها عناء النظر حتى لكنها لم تجده بجوارها وعلمت مباشرة أن يولاند من عبث به...

" أيها الأحمق."

نطقت وهي تنزل رجليها على الأرض وسحبت هاتفها عن الطاولة الملحقة بسريرها

وردت على الاتصال بصوت ناعس: " صباح الخير إيلين."

وفوراً أتاها صوت إيلين الصارخ الذي جعلها تقطب حاجبيها..

" تافيا! لماذا قطعت الاتصال قبل دقائق؟ كدت أكسر هاتفي الجديد بسببك"

" كان يولاند."

تمتمت لتجيبها إيلين على عجل:

"أجل صحيح.. ماذا؟! يولاند الوغد من قطع الاتصال؟ لكن مهلاً! هل نهضتي من النوم لتوك؟!"

" أجل."

أجابت باختصار شديد ورفعت يدها تدلك بأناملها جانبي رأسها وأخذت تستمع لــ إيلين في صمت..

" حسناً على كلٍ، دعينا نلتقي بعد ثلاث ساعات، نتناول الغداء ونتحدث قليلاً."

" نلتقي بعد ثلاث ساعات إذن."

أغلقته وألقت به على السرير وزفرت الهواء بحدة فما من مجال الآن لتعود إلى نومها..

خطت ناحية الباب وأغلقته بالقفل لتضمن عدم دخول يولاند وأخذت منشفتها البيضاء من خزانتها ودلفت إلى الحمام....












" كم أنا سعيدة هستون."

ابتسم لها بهدوء وشعور بالراحة ينتابه بعد أن وضح الأمور لها أخيراً وبعد أن زالت كل الشكوك...

لكن هنا ستأتي مرحلة أخرى لم يكن لها حسبان... عليهما تعديل الخطط لتشمل إيلين معهما فهذه الأخيرة أصبحت ضمن دائرة الخطر وهستون ليس مستعداً لخسارتها...

" هل ستقابلينها اليوم؟"

سألها بهدوء وهو يناولها كأس عصير البرتقال وجلس مقابلاً لها على سريره...

ارتشفت إيلين القليل وعلقت: " أجل سنتناول الغداء معاً."

" أتمنى من كل قلبي ألا يتحكم لسانك بك ولو لثانية."

" هيه ما قصدك؟ هل تراني ثرثارة؟"

هتفت إيلين في غضب ونفخت خديها في حركة طفولية رامقة إياه بنظرات قاتلة انفجر على إثرها من الضحك....

" بالله عليكِ إيلين لا تفعلي هذا مجدداً."

" أصمت وإلا قذفت لك الخاتم."

" اوه ما هذا التهديد القاسي إيلين؟ حسناً سأصمت."

ابتسمت إيلين في رضا وأكملت ارتشاف عصيرها وهي تفكر فيما سمعته قبل ساعة من ذلك الشخص....

ازداد اعجابها بخاطبها أكثر... ولكن ما لم تفهمه هو سبب تسمية صديقه على الهاتف بـ يولاند!

المهم الآن أن هستون لم يكن يكلم يولاند، هذه الحقيقة وحدها سببت موجة كبيرة من التفاؤل لها....

" صحيح هستون.. لم تخبراني عن الملف الأزرق ومن هو ذاك الذي كان يقف معك تلك الليلة؟"
تنهد هستون بهدوء وأجابها:

" في الحقيقة لم أطلع على محتواه استجابة لطلبه، أما عن هوية ذلك الشخص فهو من أرسلته ليحضره لنا وانتهى دوره عندما سلمني إياه."

رفعت إيلين حاجبها الأيمن وتمتمت في تساؤل: " ما سره يا ترى؟"

" عندما يأتي سنبحث في أمره معاً."

" سأنتظر."

تجرعت ما تبقى في كأسها ومن ثم وضعته على الطاولة واسترخت على الأريكة أكثر...

" هيه هستون لماذا دونت رقم صديقك باسم يولاند؟"

لم تستطع منع نفسها من السؤال وعلى كل حال باتت تعرف كل شيء أو ربما بعض الشيء وهذه المعلومة البسيطة لن تقدم ولن تأخر...

" هذا بسببك يا آنسة... ما كنت لأتخلص من لسانك لو رأيتِ اسمه يضيء في شاشة هاتفي"

اعترفت له بعد أن تنهدت: " معك حق... ولكن لا تنسَ أننا كدنا ننفصل بسبب هذا الأمر."

ترجل عن السرير وخطا خطواته نحوها وهو يحدق بها في هدوء ثم جلس إلى جوارها وهي تنظر إليه تنتظر تعليقاً ما.....

" كنت أدعو يومياً ألا تقفز هذه الفكرة في بالك."

نظرت إليه نظرة جانبية وسألت بخبث: " أكل هذا لأنكَ تحبني ولا تستطيع العيش في مكان لا أتواجد به؟"

" أظنك تعرفين اجابتي على هذا السؤال أيتها المشاغبة."

علق وهو يقرص أنفها ويضحك في خفة...

" أحمق.."

أبعدت يده عن أنفها وعدلت جلستها فتبعها بهذه الحركة...

" إيلين متى ستتزوج روستا ؟"

لم تجبه مباشرة... تنفست الصعداء وأخذت تتذكر ما عليها فعله مع كروس وقت الغداء...

كانت مستغرقة في التفكير لكن هستون فهم الأمر وقرر ابعادها عن تفكيرها بحثِّها على الاجابة على سؤاله فأجابته هذه المرة بهمس:

" لا أعلم... اليوم موعد خطبتهما، ألا تعتقد أن عليكما الاسراع؟"

حرك رأسه موافقاً... بالفعل عليهم ذلك، لكن هناك ما أخر صديقه البارحة...
صحيح أنه لم يتكلم بخصوص هذا الأمر أمامهما لكنه علم الجزء البسيط مما يخبئه صديقه وهو حقيقة أنه وقع في مشكلة تحتاج حلاً سريعاً.... انهاؤه للاتصال مساءاً دفع الحيرة إلى نفس هستون وبخاصة طريقة كلامه الغريبة، وبمبدأ عدم التغيير المغلف لصديقه فإنه يعلم قطعاً أن هناك أمراً أعقد مما وصفه له مسبقاً....

تنهد وقد عاد إلى إيلين مجيباً عليها: " هذا ما نحاول فعله لكنه أيضاً لديه ظروفه."

رفعت حاجبها كتعليق على كلام هستون وسحبت هاتفها عن الطاولة ونظرت إلى التوقيت وأجابته متمتمه بعبوس:

" أية ظروف؟ لأصدقك القول صديقك هذا لم يعطني انطباع بالألفة معه... شعرت أن غموضاً بحتاً يشكل هالة قاتمة تغلفه."

" هذه طبيعته التي عهدتها.. من يعلم ربما يتغير!"

حرك كتفيهه بغير اهتمام وعلت بين حاجبيه تقطيبة انزعاج....

" في البداية ظننته مصدراً للمشاكل لكن ما لم أفهمه هو سبب اصراره على مساعدتها!"

" لماذا لم تسأليه بنفسك؟"

" هل تخبرني هكذا أنك أيضاً لا تعرف لماذا! يا لك من أحمق!"

ضربته على كتفه فأجابها وهو يمسد مكان ضربتها: " هيه قليلاً من الأنوثة يا آنسة..."

شعرت بثقل الكلمات على لسانه ما دفعها للالتفات إليه لتجده ينظر إلى الأمام بأعين نصف مفتوحة...

قرأت كلام عينيه الموجه إليها "أغربي أريد الراحة.."

عبست لهذا وسألت بنبرة انزعاج: " ألا تظن أنكَ تأخرت على شركتك؟"

أجابها وهو يعقد يديه خلف رأسه وعيناه أغلقتا بتلقائية:" لن أذهب اليوم، أحتاج للنوم ومن ثم سأخرج مع والديَّ في عشاء عمل."

حركت رأسها موافقة فقد بدا الارهاق متشبثاً في وجهه عند وصولها وقررت أخيراً الخروج لتركه يرتاح بينما هي عليها لقاء كروس فقد حانت اللحظة الخانقة!...












أطلت برأسها من أعلى الشرفة ليصبح يولاند بالإضافة لفتاة شقراء ضمن مستوى نظرها وسرعان ما ابتسمت في سخرية وهي تكمل التنصت إلى حديثهما... لطالما كرهت ابنة عمها بريتني وشعورها نحوها لن يتبدل... أرادت أن تنتقم منها لما فعلته قبل ثلاثة أيام وربما أصبح الوقت الآن مناسباً...

ابتسمت بشر وهي تلتقط وعاء الري الذي كانت منذ لحظات تسقي به زهورها على امتداد شرفتها....

وبدون لحظة تردد سكبت على غفلة منهما محتوياته فوق الشقراء لتنطلق صرخات غاضبة ومزعجة من الأسفل... لم تمنع كروس نفسها من الضحك بشماتة وهي ترفع الوعاء ليصبح تحت مرمى بصر صاحبة العيون الخضراء....

" أوبس أنا أعتذر منكِ بريتني لقد كان خطأً مني."

وشعرت بالدم يغلي في عروق ابنة عمها ولم تغب عنها ابتسامة يولاند المستمتع.... لم يكن شعوره يختلف عن شعور كروس تجاه اخته وشعر أنها أنقذته لتوها من موجة توسلات لها أول وليس لها آخر....

" اللعنة ما الذي فعلتِه أيتها البشعة!.."

تكلمت بريتني بصوت صارخ وقد اصطبغ وجهها باللون الأحمر وهي ترمي سهامها الحارقة لــ كروس المبتسمة بتكبر... ولتعكر مزاج الفتاة الشقراء أكثر هتفت بينما تسند ذقنها على أنامل يديها بعد أن أسندت مرفقيها على حافة الشرفة..

" بدا شعرك أجمل مع الملح عزيزتي.. هل ألقي لكِ مرآة"

ومباشرة أغلقت كروس أذنيها بحركة مستفزة عندما اتسعت عيناها وصرخت بصدمة: " ماذا؟ ملح!"

" ما الحماقة التي تحدث هنا يولاند!"

جذب صوت من بعيد نظر ثلاثتهم... كانت سيدة تمتلك شعراً بنياً سيظنها البعض في منتصف عقدها الثالث لكنها في الحقيقة قد تجاوزت الخمسين.. ترتدي ثياباً فاخرة عكست لون عينيها العسلي وزين عنقها الأبيض عقد من اللؤلؤ....

خطت على الطريق الحجري باتجاههم بوجهٍ متجهم.... ووقفت تقابل يولاند وقد كان الأخير يضع يديه في جيوب بنطاله واقفاً بهدوء يحدق بوالدته وعندما همت بالكلام جاءها صراخ ابنتها ودموع التماسيح كما تسميها كروس أخذت طريقها على وجنتيها...

" أمي أنظري إلى شعري وملابسي... لقد أفسدتها هذه الحمقاء.."

أشارت حيث تقف كروس ونظرت إليها السيدة ناردين بعيونها العسلية وملامح وجهها في جمود وأرادت كروس استفزازها هي الأخرى فأخذت تلوح لها بكفها وتحدثت باللهجة الكريهة كما تتحدث بريتني بغنج:

" مرحباً ناردين.. عليكِ اليوم أن تكوني في حالة جيدة... هل أنت كذلك؟"

قبضت ناردين يدها وتكلمت بين أسنانها: " الزمي حدودك يا هذه "

ابتسمت كروس وهتفت بنبرتها المعتادة هذه المرة لأن لسانها وعقلها لم يشعرا بالمودة مع تلك الطريقة المقرفة في الكلام:

" هل نسيتِ اسمي مرة أخرى ناردين... كروستافيا أرجو أن تتذكريه جيداً ليس من اللائق أن لا تعرفي اسم زوجة ابنك المستقبلية "

زفرت ناردين بضيق وحولت نظراتها إلى يولاند...

" سحقاً.... هل يرضيك هذا يولاند؟"

" كروس هيا بنا نذهب؟"

على عكس توقع السيدة تكلم يولاند بهدوء ما جعلها تعقد حاجبيها في غضب وفكرة أن تذهب لتلك الصغيرة وتدفع بها عن الشرفة استوطنت عقلها...

" يولاند!"

تجاهل يولاند تعليق والدته الحانق وخطا قليلاً ليصبح أقرب من كروس وتكلم ببرود: " الوقت ضيق كروستا."

أجابته وهي تضع أناملها تحت ذقنها في وضعية تفكير: " وهل قلت لكَ أنني سأذهب معكَ إلى أي مكان؟"

" ستذهبين كروس.."

أجابها وفي عينيه نظرات تحذيرية لكنها لم تبالي بها وعلقت: " لا أظن."

واختفت عن أنظارهم دون أن تضيف حرفاً وقد أدركت الآن أن عليها الذهاب وإلا ستأكلها إيلين عوضاً عن الوجبة....

" يولاند!"

هتفت السيدة ناردين مرة أخرى باسمه لكن يولاند استمر بتجاهلها وبقي محدقاً بالمكان الفارغ الذي خلفته كروس وفي عقله تتقافز الأفكار... كان عليه بحث تلك السألة معها الآن قبل أن يقدم على شيء....

" ألا يوجد أي أحد يستطيع ايقافها عند حدها؟"

سألت بريتني وأخذت تحملق في يولاند والذي كان يعطيها ظهره وعندما لم تجد اجابة منه علقت بحدة:

" هل حبك لتلك الحقيرة جعلكَ غبياً إلى هذه الدرجة؟"

لم تدري من أين أتتها الصفعة....

وقفت ناردين مذهولة من الموقف وقد انعقد لسانها بينما رفعت بريتني رأسها لتحدق بوجه أخيها وملامح وجهه تعكس للجميع طبيعة ما يشعر به...

" اخرسي بريتني لافغورد برودسكي وإياكِ أن تشتميها أمامي هكذا.."

جفلت بتأثير حدة صوته وتصنمت مكانها، وراح يشهر اصبعه في وجهها في حركة تحذيرية بينما استأنف الكلام من بين أسنانه:

" أقسم أنني سأقتلكِ لحظتها إن سمعتكِ تتفوهين بتلك الشتائم عليها أو تحاولين فعل مثل ذلك الأمر اللعين.."

ترقرقت الدموع هذه المرة في مقلتيها وكادت تعلق لولا أن قطع عليها ذلك بصراخه المخيف..

" قلتُ أقسم!"

" يا الهي كم كان هذا ممتعاً... أوه عزيزتي بريتني ظهرت آثار أصابع يولاند على وجنتك... كان مؤلماً صحيح... يا لكِ من مسكينة."

اتسعت نظرات بريتني صدمة وهي ترى كروس تقف حيث كانت منذ لحظات وهاتفها في يدها تلوح به وهذا لا يدل إلا على شيء واحد....

" أمي!"

لم تكن السيدة ناردين في وضع أفضل من بريتني فأن تضرب ابنتها من قبل شقيقها أمام تلك الشابة لهو أمرٌ فظيع....

استدار يولاند ليراها مرة أخرى وقد كان على يقين أنها لم تغادر بعد بل بقيت تستمع إليهم وقد توارت عن أنظارهم....

علم أن صفعته لـ بريتني لم تكن لتحدث وينتهي الأمر.... كان في الحقيقة قد ساعد كروس لتكمل انتقامها.....

~

كان موجوداً يراقب من بعيد تصرف شقيقته مع كروس تلك الليلة وهي تجلس أمام البركة تحت ضوء احدى المصابيح التي كانت تزين الحديقة.... كانت تجلس لوحدها تقرأ كتاباً في سكينة ولم يشأ ازعاجها واكتفى بالمراقبة...

بقي على هذا الحال حتى رأى من بعيد شقيقته تأتي خلسة على رؤوس أصابعها وفي يدها شيء ما لكنه لم يستطع تميز ماهيته وبينما هو يفكر تقدمت الأخيرة حتى توقفت خلف كروس المندمجة في كتابها وهمت بفتح العلبة التي كانت بيدها وأسقطت العقرب منها ليمشي على ظهر الكرسي مقترباً من ظهر كروس لكن.....

وقف عاجزاً أمام تلك الصدفة التي جعلتها تبتعد عن كرسيها ذلك الوقت!

سببٌ مجهولٌ جعلها تقف لحظتها وهي تلقي بالكتاب أرضاً وسارت إلى الأمام حيث البركة، وكأن حملاً ثقيلاً ألقي عن كاهله، ونسي للحظة شقيقته وهو يحصر بنظراته كروس وعيناها تراقبان سطح البركة...

تفكيرٌ متوارٍ عن الأعين كان يشغل بالها وما كانت لتنتهي في وقت قريب وهذا ما فهمه من جلوسها على الأرضية أمام البركة وعيناها تحملقان بها، جعلته هذه الغرابة يفكر في أن عزيزته ترى ما لا يراه أحد غيرها! هل جنت وباتت تتخيل ما هو غير حقيقي؟!

لم تشعر بالحركة من خلفها ولا به وهو يقترب من شقيقته وكان يود بشدة منحها مثل هذه الصفعة التي منحها إياها قبل لحظات أو ربما خنقها حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة لكنها شتمت بغضب بصوت هامس وهي تركض مبتعدة لتخفي نفسها عن الأنظار....

نظر يولاند إلى العقرب وهو يسير على الكرسي وضغط يده بشدة وقد بانت عروق رقبته واقترب حاجباه من بعضهما في عقدة بينت مدى غضبه.......

أمسك العلبة التي تركتها بريتني وحبس العقرب بها قبل أن يهرب....

وتركه على الطاولة بجوار الكرسي.......

راقبها وهي شاردة تحدق في سطح البركة وكاد يجن وإرادة شديدة تتملك عقله لمعرفة ما كانت تفكر به آن ذاك.... ولكن أياً كان ما تفكر به لا يمكنه عدم اقناع نفسه أنه أنقذها من ذلك العقرب السام... ولكنه سيبقى خلفها حتى يعرف كل الكلمات التي تتشكل بداخل عقلها...

وأقسم في ذلك الوقت إن كان ذلك المدعو جيو هو من يستولي على تفكيرها فسينفيه عن وجه الأرض.... سيقتله ويحرق جثته وينثر رماده في بقاع الأرض... هذا وعد قطعه على نفسه...

فقط إن وجد دليلاً صغيراً يؤكد له شكوكه....

~
استوعبت ناردين الأمر أخيراً ونظراتها انحصرت على هاتف كروس الذي كانت لا تزال تمسكه على وضعيتها السابقة وصرخت دون تفكير: " احذفي المقطع بسرعة كروستا.."

" وماذا سأستفيد إن فعلتها ناردين؟ كان علي اعطاءها درساً حتى لا تلعب تلك الألعاب السخيفة معي."

هذه المرة خرجت عن هدوئها عندما صرخت غاضبة وردت عليها ناردين محتجة: " ما الذي تتفوهين به؟"

" ابنتك العزيزة حاولت قتل كروس بعقرب يشبهها لكنها لم تنجح."

رفعت ناردين حاجبها في تساؤل وتمتمت: " أي عقرب؟ ما الذي تتكلمون عنه؟"

لم يجبها أحد فاستطردت في ضيق: " أجيبي بريتني هل هذا صحيح؟ "

" ليس صحيحاً إنهما....."

بترت بريتني جملتها فنظرت ناردين إلى يولاند لتجده يرمق بريتني بنظرات قاتلة ففهمت أنها من تكذب عليها وليس يولاند.....

وقررت التصرف الآن.... صرخت بها وهي تأمرها بالذهاب معها ففعلت بريتني والخوف قد دب في عروقها بسبب نظرات يولاند لها وغادرت من فورها مع ناردين تحت أنظار كروس التي هتفت وهي تلوح لهما:

" أراكما لاحقاً عزيزتاي."

وانفلتت ضحكات ساخرة من فمها وهي تراقب بريتني وملابسها المبللة وشكلها الذي باتت عليه....

تجعد شعرها الأشقر بعد كل ذلك العناء والوقت الذي أمضته في تصفيفه ولهذا السبب تحديداً قصدت كروس فعلتها... تعلم نقاط ضعف ابنة عمها وستعمل عليها بكل سرور...

حرف يولاند بصره عنهما بعد أن اختفيتا خلف أشجار الصنوبر ونظر إلى كروس بابتسامة جانبية وسألها ساخراً: " ماذا ستفعلين به كروستا؟"

علقت ببرود: " لن أهبط بمستواي يولاند وهذا المشهد سينفعني بين الحين والآخر... أراك مساءً."

" إلى أين؟"

سألها قبل أن تغيب عن أنظاره فأجابته بهدوء: " سأتناول الغداء في الخارج مع إيلين."

وغادرت بالفعل هذه المرة....














تأففت وألقت نظرة عاشرة إلى ساعتها ثم عادت تجول ببصرها بين رواد المطعم...

" تلك اللوحة وضعت حديثاً."

تمتمت بملل وهي تحدق بالحائط إلى يسارها... كان لون الحائط بنياً معلقة بوسطه لوحة كبيرة مرسومة بإتقان جذبت انتباهها ما دامت تأتي إلى هنا بشكل دوري وهذه المرة الأولى التي تراها بها....

مرت نصف ساعة أخرى وصديقتها لم تصل بعد....

كانت تتوعد لها في سرها وتأكدت الآن أن معدتها باتت تأكل نفسها... لم تتناول وجبة الإفطار مع والديها بسبب هستون ويبدو أنها ستتناول غداءها بمفردها الآن....

" أنسة إيلين ألن تطلبي شيئاً؟"

جاء صوت النادل من جانبها الأيمن فوجهت نظرها إليه.... كان شاباً ذو ملامح جميلة يمتلك شعراً بنياً وعيوناً رمادية ساحرة.... تعرفت عليه قبل شهر هنا في هذا المطعم عندما كانت برفقة كروس وأصبحت بينهم علاقة جيدة فهذا الشاب من النوع الذي يجذب محبة الناس إليه...

ابتسمت وأجابته بضجر: " أنتظر كروستا..."

صمتت قليلاً قبل أن تردف: "هل سأضعك في مشكلة إذا طلبت منك الجلوس جاك؟"

" المدير ليس هنا"

علق المدعو جاك وهو يجلس أمامها فضحكت وهي تتكلم: " كدت أتكلم مع اللوحة هناك."

ضحك بخفة وهو ينظر إلى تلك اللوحة ثم أعاد نظره إليها عندما سمعها تسأل...

" كيف هي جامعتك؟"

أجابها ببساطة وهو يرفع كتفيه: " جيدة... لست أطمح للتفوق.. أرغب فقط في الحصول على شهادة."

" أحمق.."

ابتسم لها ببلاهة وعلق: " فخرٌ لي أن تصفيني آنسة إيلين.."

" أنت أحمق وغبي.... وأنا جائعة"

تمتمت بعيون نصف مفتوحة ومررت نظرة أخرى إلى ساعتها ومن ثم حملت هاتفها تريد الاتصال بــ كروس... إن لم ترد المجيء فسوف تطلب طعامها حالاً....

لكنها توقفت قبل أن تضغط على كلمة "اتصال" على شاشة هاتفها عندما سمعت صوتاً من خلفها..

" مرحباً إيلين... وأنت جاك كيف حالك؟"

قفزت إيلين وهتفت وهي تضرب كفيها في حماس:

" وأخيراً... هيا هيا جاك اذهب واجلب المعتاد"

" مهلكِ يا فتاة.."
ضحك لتصرفاتها الطفولية وحركات يدها وهي تطلب منه الذهاب وكأنها تبعد عنها حشرة مزعجة....

ابتسمت كروس بهدوء وهي تأخذ مكانها أمام إيلين بينما جاك وقف وابتسامة عذبة تزين وجهه وهو يرد على كروس قبل أن يذهب...

" أنا بخير آنسة كروس أرجو أن تكوني كذلك..."

وانسحب من فوره عندما سمع زفرات التنين الجائع وترك كروس في مواجهتها...

" مبكرة على غير العادة آنسة تافيا"

وضعت كف يدها المستقرة على الطاولة أسفل ذقنها لتسنده وجعلت عيناها نصف مفتوحة وعبوس مضحك لاح على واجهها......

" دعيني مبتسمة قليلاً إيلين... لست في مزاج جيد للكلام."

" ولا أنا.. معدتي لا تسمح بذلك"

وعلت شفتيها ابتسامة رائعة وهي ترى جاك قادماً إليهما.......

عدلت جلستها وفركت كفيها والأطباق توضع على الطاولة أمامها...

كاد يسيل لعابها عندما رأت حساء الخضار اللذيذ وقطع اللحم الشهية المعدة باحترافية كما هو متوقع من هذا المطعم....

ولم تستطع المقاومة وبدأت تأكل دون أن تكترث لــ كروس التي كانت تراقبها وعلى وجهها ابتسامة هادئة ولم تنتظر الأخيرة كثيراً فشرعت هي الأخرى تتناول طعامها في هدوء....

.

.

" إذن ما هي أخباركِ إيلين؟"

" لا شيء جديد.. الأخبار كلها عندكِ أنتِ"

أعادت ظهرها ليستقر على ظهر الكرسي وعلقت نظراتها الجامدة بصديقتها حينها ظهرت إشارات استفهامية على وجه كروس عندما عقدت حاجبيها فكلام إيلين يدل على أن هناك أمراً ما......

ارتشفت من قهوتها القليل وتمتمت: " وضحي مقصدكِ إيلين!"

تنهدت إيلين وأمالت رأسها استعداداً لبدأ التحقيق، نظرت إلى عيني كروس مباشرة وسألتها بقسوة: " من هو جيوفينتوس تافيا؟"

اتسعت عيناها في صدمة، ثم شعرت بروحها تسحب وهي تحاول اختطاف الهواء لرئتيها وأخذت تسعل بقوة وهي تضع كف يدها اليمنى على رقبتها وصديقتها لم تبدِ أي تأثر.... وكأن شكوكها التي كانت تدور في رأسها أصبحت تلتمس الحقيقة....

جاء إليها جاك راكضاً وناولها كأس ماءٍ فشربت نصفه حتى عادت تنفساتها أخيراً إلى الحالة الطبيعية عدا ذلك فلم يعد....

رفعت رأسها لتنظر لــ إيلين التي كانت تنظر إليها بغرابة بنظرات ملؤها الدهشة... كيف عرفت؟ ومن أخبرها؟

لم تستمع ما قاله جاك وكل ما يدور بعقلها هو ما الذي سيحدث؟!

استحضرت بذهنها محاولات جيو كتم أنفاسها... أكل مرة سيظهر أو يتم ذكر اسمه سيحدث لها هذا؟!

لم يطل وقوف جاك فقد قرأ بعيني إيلين أمراً فتركهما وحدهما فوراً....

" من هذا الشاب تافيا؟"

سألت مرة أخرى بشكل جاد وبشيء من الحدة وكأن إيلين التي كانت قبل ساعة مجرد شبح أبله لـ إيلين الحقيقية...

بقيت كروس صامتة لدقيقة واحدة.... بماذا تجيبها؟! هل تقول لها الحقيقة؟

أخبرتها ما حدث معها باختصار وجيز عند عودتها ومعنى وجيز هنا هو حقيقة غيلبيرت وحقيقة القضية التي أغلقت وفُسرت بأن والدتها أجرمت في حق نفسها وحسب هكذا!

أي باتت إيلين تعرف أن يولاند وعائلته السبب في حرمان كروس من الابتسام بصدق عدا عن ذلك فهي لا تعرف سوى أنها قتلت غيلبيرت انتقاماً وهي في روسيا...

لم تتطرق لذكر ما عايشته هناك ما أزعج إيلين كثيراً وجعلها تحاول في كل مرة سحب الكلام منها لكنها لم تنجح حتى الآن... وللحقيقة هي لم تعد تريد المعرفة فظهور ذلك الشخص جعلها تخمن لوحدها ما حصل ولماذا كروس هنا بين هؤلاء المجرمين! بالإضافة إلى أنه أخبرها أشياء مختصرة فقد بدا لها متكتماً لسببٍ أو لآخر...

" ما الذي تعرفينه إيلين؟"

سحبت نفسها من أفكارها وأجابت بحدة على سؤال كروس المصدومة: " لا تجيبيني بسؤال"

وعدت نفسها أن لا تتذكر لكن وعدها ما كان ليصبح يوماً فكل يوم يعود لعقلها... تلقت صدمات متتالية وهي هناك وحقائق غامضة جعلت عقلها يدور في دهاليز لا نهائية ولم تشأ هذه التساؤلات البقاء حيث ولدت بل قررت المجيء معها... كل يومٍ تحاول البحث عن إجابة ما لتلك المعضلة وأكبر دليل هو بحثها عن ذلك الملف الذي أخبرها عنه العجوز داركو! عمها يخفيه وعليها ايجاده بأسرع وقت وإلا فإنها ستخسر الحرب بلا رجعة....

هتفت والحيرة بعينيها: " إيلين!"

قرأت إيلين تلك النظرات المتشتتة وشعرت بالشفقة على صديقتها وكادت تتوقف عما كانت تفعله لكنها نهرت نفسها وأقنعتها أن هذا كله لصالح صديقتها....

" أنتِ لم تخبريني بالحقيقة وكم يؤسفني هذا... ظننت أننا تخطينا مرحلة الكتمان منذ سنوات لكنك أثبت لي العكس... ما كنت يوماً لأخفي عنكِ أي شيء كروستافيا"
وقفت على رجليها ونظراتها القاسية توجهها نحو كروس والتي كانت تحدق بأنامل يديها الملتفة على بعضها وعيناها تعودان لذلك الفراغ مرة أخرى....

شدت إيلين قبضتها وخطت خطوة واحدة باتجاهها في تردد لكنها عادت إلى الوراء خطوتين....

وتمتمت قبل أن تتهور: " هذه النهاية بيننا تافيا"














[8:00 pm: ألمانيا – فرانكفورت- فندق تشاتيلوي]

بدأت هذه الأجواء تشعرها بالقرف... ترى تلك الوجوه المزيفة في كل زاوية تحرك رأسها ناحيتها وقد

امتلأت القاعة بالرجال والنساء أصحاب المراكز وذوي النفوذ في البلد... تراهم يبتسمون لبعضهم وكلها يقين أن ما من أحد منهم يصدق أن الابتسامة التي تصله من الآخر تصدر من قلب صادق....

كانت القاعة تتميز بتصميمها الفاخر الذي ينم عن ذوق رفيع... ثريات الكريستال التي تزين السقف واللون العام الذي غلب عليه البيج وتراوح كذلك بين البرتقالي الهادئ والبني في بعض الزوايا....

لم يكن مزاجها مناسباً لتأمل قاعة الفندق حيث سيتم اعلان الخطوبة.....

عاد صداعها قبل نصف ساعة ورغم لطافة الجو بحيث أنه لا يميل للبرودة ولا للحرارة إلا أنها بدأت تشعر بالبرد وكان هذا مؤشراً على أمرٍ واحد... عليها استقبال المرض ببساطة...

ابتعدت عن الزاوية التي كانت تقف بها وسارت بين الحضور وهي تخفض رأسها لكي لا ينتبه إليها أحد وسارت حيث دورة المياه....

دخلت وأغلقت الباب خلفها... تقدمت من المرآة الطويلة بشكل أفقي ووقفت تحدق بانعكاسها....

وصلت قبل ساعة فقط بعد أن أنهت لها المصففة تزيين وجهها بالقليل من مساحيق التجميل وكان البارز بينها هو لون شفاهها الأحمر، وجمعت لها خصلاتها السوداء ورفعتها في تسريحة بسيطة بينما تتدلى خصلتان صغيرتان على جانبي وجهها كشفت عن وجه ملائكي...

وبدت شابة ذات طابع غامض بفستانها الخمري... كانت في البداية تريد شراءه بلون نيلي لكنها وجدت أن أغلب ملابسها تمتلك هذا اللون وكنوع من التغيير اختارت الخمري لكنه كان يناسبها بشكل خيالي... وكأنه صمم خصيصاً لها...

اختارته طويلاً كما هي عادتها من الشيفون، يغطي كتفيها بشكل كامل من الأعلى وكان مفتوحاً من الأمام على شكل مثلث رأسه للأسفل... لطالما كانت محافظة بشأن ملابسها وهذا المنطق لم تخالفه يوماً....

اقتربت من المرآة أكثر وهي تتلمس عقد الماس الذي يلف رقبتها... كان هدية من والدتها بالإضافة لقرطين علقتهما بأذنيها ولطالما سألت نفسها لماذا لم تعطها السوار حتى تكتمل المجموعة عندها! هل أرادت الاحتفاظ بالسوار معها؟ أم هناك سبب آخر! لكنها دفنت هذه التساؤلات ذلك اليوم ولم تدقق على الموضوع برمته لكنها بعد عودتها إلى فرانكفورت بحثت عنه كثيراً بين أغراض والدتها لكنها لم تجده ما جعل الحيرة تنساب إلى داخل عقلها بشكل تدريجي خاصة بعد تذكرها لكلمات والدتها في ذات اليوم الذي قتلت به.... وكأنها كانت تعلم أنها ستموت قريباً!

~

تنهدت بأسى وقد عادت إلى مسامعها كلمات إيلين اليوم... لقد تركتها صديقتها قبل ساعات قليلة بسبب أمرٍ تافه.. لم تكن تقصد اخفاء أي شيء عنها لكنها حقاً كانت تريد النسيان... لماذا لا يحاول أحد فهمها؟ ربما إذا استطاعت فهم نفسها سيفهمها الآخرون!

عقدت حاجبيها ورفعت ظهر كفها إلى جبينها... استشعرت حرارته وكذلك جسدها وبدا على وجهها الشحوب فقط لمن يلاحظ ولا أحد بالخارج سيلاحظ هذا أكيد...

"متى سينتهي الحفل السخيف؟!"

تمتمت ومن ثم زفرت بتعب وهي تعاود الخروج حيث يجتمع أصحاب الوجوه المزيفة.....

وعندما كانت في طريقها للقاعة قفز في ذهنها سؤال إيلين عن جيو مرة أخرى..

بحق! كيف علمت عنه وهي التي لم يسبق لها ذكر اسمه على لسانها منذ عادت إلى فرانكفورت؟!

هناك حلقة ما لم تظفر بها وعليها أن تجدها... هل عليها التكلم مع هستون؟!

عادت إلى تلك الزاوية مرة أخرى متجنبة قدر الإمكان مقابلة أحدهم لأنها ليست في وضع يخولها للكلام مع أي كان وعادت تتأمل الحضور....

توزعوا على شكل مجموعات صغيرة أكبرها من خمسة أشخاص، يقفون حول طاولة زينت بإناء صغير يحمل مجموعة زهور بيضاء، وأغلبهم يحملون كؤوساً تراوحت محتوياتها بين عصائر لمن يحبها والمشروب الذي يعتبر الأهم في مثل هذه الأجواء لتلك الأصناف من الناس...

~

ومن بعيد أخذت تلك العينان العسلية ترمق كروس بنظرات غامضة من فوق كتف سيدة أخرى تقف مقابلة لها تثرثر في أمور عدة.... لم تكن ناردين تستمع إليها أصلاً واكتفت بالابتسام برسمية وتحريك رأسها لتوهم الأخرى أنها تصغي إليها وتؤيدها فيما تقول....

كانت تفكر بتلك الشابة التي ستصبح زوجة ابنها قريباً... لو طلبوا منها قتل ابنها لوافقت لكن أن تصبح تلك زوجته حقيقة لم يتقبل عقلها وجودها بداخله....

تحدثت مع زوجها لافغورد وطلبت منه إعادة النظر في قراره لكنه لم يكن ممن يبحثون في أمرٍ مرتين... كان هذا اقتراح يولاند ووافق والده عليه بما أن الأملاك لن تخرج من أيديهم....

لا تهمه كروس بقدر ما يهمه المال... ذلك الذي قتل شقيقه وزوجته لأجله......

" إلى ماذا تنظرين ناردين؟"

سألت السيدة وقد التفتت إلى الخلف لتصبح كروس الشاردة على مرمى بصرها في تلك الزاوية وبجوارها طاولة كالتي تنتشر في أنحاء القاعة.....

" تلك الجميلة كروستا!"

تمتمت وفوراً تركت مكانها وقصدت الذهاب إليها وعلى وجهها ابتسامة هادئة...

ولم تلبث ناردين بل تبعت تلك السيدة في محاولة لعدم ترك إي كان بمفرده مع كروس تحسباً..

~

" مرحباً كروس."

أدارت رأسها لتجد سيدة بدا عليها الكبر بالسن ووجدت نفسها تبتسم لها بهدوء..

" أهلاً سيدتي.."

أجابتها برقة ورأت ناردين قادمة صوبهما ولم تعرها اهتمامها لكنها تساءلت في داخلها أين يمكن أن تكون تلك الــ بريتني... كانت تريد رؤيتها لتشمت بها قليلاً لربما تجد شيئاً مسلياً هنا...

" تمتلكين جمالاً أخاذاً عزيزتي... لكن لماذا لا أجد يولاند معكِ؟"

تحدثت السيدة فأجابتها كروس وهي تشير إلى مكان آخر في القاعة: " إنه هناك يقف مع أحدهم.."

استدارت السيدة لتنظر حيث أشارت كروس فرأت يولاند يقف مع شاب آخر يمتلك شعراً أسوداً بملامح هادئة....

تعرفت عليه السيدة رغم أنها لم ترَ وجهه...

" إنه ابني آرين من يقف مع يولاند... كنت لأسعدَ لو كنتِ معه"

تحدثت السيدة وهي تضحك فابتسمت كروس رغماً عنها وهي تتخيل ذلك!... تعرف آرين ذاك فهو يكون صديق يولاند وقد التقت به عدة مرات فيما مضى وللحقيقة هي لم تحب طباعه المتعالية...

.

.

تقدم بخطواته الهادئة باتجاهها بعد أن ابتعدت عنها تلك السيدة ووالدته أخيراً....

كان يرتدي ملابس رسمية أنيقة تبدي مدى ثرائه وكانت خصلاته الشقراء تلمع تحت تلك الأضواء المتناثرة.........

لاحظ التعب في وجهها عندما نظرت باتجاهه قبل دقائق وقرر أن ينهي الحفلة لأجلها!

وقف أمامها وقبل أن تبدي تعليقها تكلم بهدوء:

" ساعديني حتى نعود باكراً."

فهمت قصده وقد علمت أنه لاحظ تعبها.... لا يمكنها انكار حقيقة أن يولاند كان شخصاً مهماً بالنسبة لها... لطالما كانت تجده عندما تكون بحاجة لأحد يساعدها لكنه خان الثقة عندما قتل والدتها بدم بارد.. لو أنه لم يفعل ذلك لكانت ربما ستكون سعيدة برفقته في مثل هذه اللحظات لكن القدر أعطى كلمته......

" دعنا نعجل رجاءً."

همست وهي تأخذ نفساً ثقيلاً فحثها على السير بجواره ليتقدم إلى وسط القاعة وقد أظلمت ملامحه فجأة!

بحث بعينيه الزرقاء عن والده ليجده قريباً مع مجموعة من الرجال....

نظرت كروس هي الأخرى ناحية ذلك الرجل... كان طويلاً ذو جسد رياضي لم يبدُ عليه التقدم في العمر كما زوجته، ولا أحد يستطيع انكار أنه كان وسيماً عندما كان في سن أصغر... كان شعره أشقر وبعض التجاعيد كد غزت وجهه لكنه بقي محافظاً على وقاره الكاذب...

اشمأزت كروس من النظر إليه فالتفتت عنه وأخذت تحدق بالحضور الذين بدأوا يوجهون أنظارهم إليهما في انتظار الإعلان....

حصل يولاند على الموافقة من لافغورد عندما حرك رأسه مؤيداً... وانطفأت الأنوار في أنحاء القاعة لتبقى الثرية الكريستالية فوقهما مضيئة....

هنا التفت الجميع يترقبون اللحظة ومن بعيد وقفت ناردين وبجوارها بريتني تكاد القاعة تشتعل من نظراتهما النارية المصوبة باتجاه كروس...

كانت بريتني قد حضرت لتوها لأنها تأخرت في تعديل شعرها الذي أفسدته كروس واشترت فستان آخر وردي قصير غير ذلك الذي أفسدته المياه....

ودت لو تركض حيث تقف كروس وتلقي على رأسها زجاجة مشروب كاملة لتتذوق الإهانة لكنها تراجعت بسبب يولاند... خوفها من شقيقها لا يضاهيه خوف....

أنهى يولاند كلامه الموجز أمام الجميع معلناً عن خطبتهما وسحب يدها بنعومة وبدأ بإدخال ذلك الخاتم الماسي بإصبَعها وكاد يغشى عليها حينها... ماذا لو فشلت؟... ماذا لو تهدمت كل خططها.. لا يمكنها التفكير بهذا حتى...

" تماسكي قليلاً بعد كروستا."

همس في أذنها عندما رأى اللون قد خُطف من وجهها...

ووصل إلى مسمعهما أصوات التصفيق القادمة من كل جهة في القاعة....

صفق الجميع عدا اثنتان تشتعلان بعيداً، وبدأت التهاني تصل لافغورد وكان رأسه مرفوعاً في فخر لما أنجزه حتى الآن وظهرت تلك الابتسامة الكريهة على شفتيه...

لم ترها كروس لأنها كانت تنظر إلى إصبعها والخاتم الذي أصبح يقيده....














ركضت السيدة كاميليا عندما رأت إيلين تدخل إلى القصر وقبل أن تتفوه بأي حرف سحبت يدها على عجل وشكرت الله أن خاتمها ما زال في اصبعها... لا تريد معرفة ما حدث فالمهم الآن أنها لا تزال تلبسه وتنهدت براحة تحت أنظار إيلين الهادئة..

" عزيزتي إيلين."

تمتمت وهي تحتضنها بقوة لكن إيلين لم تبدي أي ردة فعل فأبعدتها السيدة كاميليا عنها وحدقت بملامحها في ريبة... هل تسألها أم تتركها؟!

" أمي أنا متعبة"

" تعالي معي"

سحبتها من يدها وصعدت بها إلى غرفتها وقد قررت في النهاية أن تستجوبها...

أدخلتها الغرفة واقتادتها إلى الأريكة وطلبت منها الجلوس، أذعنت لطلب والدتها وجلست بجوارها...

" إيلين حبيبتي... أنا هنا للاستماع إليكِ.."

سحبت السيدة كاميليا يدي إيلين وحاصرتهما بكفيها وأكملت:

" أخبريني أي شيء ولو شئت الصراخ فلا بأس المهم أن لا أراكِ هكذا!"

" أمي..."

توقفت عن الكلام وهي تحاول منع شهقاتها من الخروج فحثتها كاميليا على الحديث وهي تشد على يديها...

سحبت إيلين يديها من يدي والدتها وارتمت في حضنها وقد انفلتت الشهقات على لسانها....

" أمي قابلت كروس اليوم"

نطقت إيلين بصوت مرتجف دفع والدتها إلى احتضانها أكثر وبدأت تلعب بخصلات شعرها وهي تنتظر منها الإكمال..

" لقد تركتها وحدها وهي في أمس الحاجة لوجود أحد إلى جوارها."

" ما السبب إيلين؟"

سألت بدهشة فأجابتها ابنتها وهي تبكي:

" لا أعلم.. أنا حقاً لا أعلم! هل يمكنني القول أنني تسرعت أم أنني حمقاء لأنني استمعت إليهما!"

" من هما؟!... لم أفهم بعد لماذا تشاجرتِ مع كروس!"

سألت كاميليا محتارة فردت عليها إيلين بأنها تريد النوم....

ابتعدت عن حضن والدتها وتوجهت رأساً إلى سريرها لتدفن نفسها تحت الأغطية تحت نظرات كاميليا المرتابة....

لم تفهم بعد ما بها ومن الواضح أنها لن تفهم!.... أخرجت الهواء من جوفها في أسى وتقدمت من سرير إيلين.... رفعت الغطاء عن رأسها وطبعت قبلة حنونة على جبينها وغادرت من فورها مغلقة الباب خلفها بعد أن أطفأت الأنوار.. فأن تحصل على تفسير من ابنتها لهو أمر شبه مستحيل حالياً ....

كانت إيلين تشهق وتبكي بألم وهي تتذكر صديقاتها العزيزة وما آلت إليه حالتها..

اعترضت في البداية على هذا الطلب العجيب لكنها وافقت في النهاية بطريقة ما من قبل ذلك الشخص....

بدأت اللعبة وعليها أن تكمل حتى النهاية، عليها مساعدتها بهذه الطريقة!

لكنها تعلم أن حالة كروس الآن ليست بحالة أفضل منها....

ستمرض بسببها فهي أكثر من يعرف التقلبات الشعورية التي تسبب حالة من الانحدار بنفسية صديقتها....

ورثت هذه الصفة من والدتها... عندما يمس أي شيء مشاعرها فإنها تمرض حتى من أتفه الأسباب... تلك الشابة ذات المناعة الضعيفة!

عادت تلك النظرات القاتمة إلى مخيلتها.. نظرات كروس عندما انعطفت إلى بُعدها الخاص بعدما ذكرت اسم جيو لها....

بسبب ردة فعلها خمنت مكنونات صديقتها بشأن ذلك الرجل! لم تفهم سبب تصرفه لأنه لم يوحِ لها بأي شيء... فقط ما تعرفه أنه يريد التدخل لسبب هو وحده يعلم ما هو!

وما زالت مستغربة من نفسها لماذا وثقت به بتلك السرعة... هل بسبب أن هستون أيضاً يثق به!

كانت قد رأته مرة فيما مضى في ألمانيا برفقة هستون لهذا تعرفت عليه عندما رأته على حاسوب خاطبها....



كانت قد رأته مرة فيما مضى في ألمانيا برفقة هستون لهذا تعرفت عليه عندما رأته على حاسوب خاطبها....
هل حقاً كروس وقعت له أم ماذا؟! وهل أحبها هو بدوره؟ لماذا كادت تختنق عندما ذكرت لها اسمه! تحتمل الاجابة عدة منحنيات... ربما لأنها أحبته أو بسبب أمرٍ ما حدث وهي لم تنساه بعد...
أخبرها بنفسه باختصار عن غيلبيرت رغم أنها سمعت هذا من كروس التي ذكرت لها أيضاً بإيجاز طبيعة العلاقة الحقيقية التي تجمعها بشقيقها المتبنى وذكرت لها أن شخصاً قد ساعدها في اكتشاف الحقيقة كلها ولم تكن لتنسى معروفه معها ولم تتطرق لذكر اسمه ولا حتى لما يخصه ولا للقاسم المشترك بينهما والسبب الذي جعله يساعدها لأجله!
لم يخبرها بما حصل بينهما ولا هي لكنها وثقت به... ما من أحد يعرض حياته للخطر لشخص عابر في حياته... تأكدت أن كلاهما يخبئان بجوفهما مشاعرة وليدة لكن ما من طرف يريد التنازل ليعترف...
ستثق بقدرته... استطاع من قبل مساعدتها وحمايتها ولا ريب في أنه سيتمكن من ذلك الآن!












انفرد يولاند أخيراً بــ كروس بعد ابتعاد الحضور عنهما...

" هذا اللون يليق بكِ كثيراً كروستافيا."

همس بابتسامة جانبية فأجابته كروس بتعالي: " أعلم ذلك"

رفع حاجبه الأيمن وتمتم: " يال غرورك"

" تعلمته منكم.."

همست بملل فأجابها وهو يحرك رأسه مؤيداً لكلامه:

" ذكية... أنتِ فتاة ذكية حقاً... ولسانك سليط كثيراً... هل تعلمين هذا يا آنسة؟"

" أنا أعلم بطبيعتي من غيري يولاند"

" ليس لدي شك.."

أنهى يولاند كلمته وسحب كأس مشروب من النادل الذي اقترب منهما.. ارتشف منه القليل ورفعه بوجهها وهو يحثها:

" جربيه لن تخسري"
ظهرت علامات الاشمئزاز على وجهها وتكلمت بقرف وهي تبعد الكأس عن وجهها:

" بل سأخسر الكثير إن شربت هذه الأشياء المقرفة"

أجابها بعد أن ارتشف المزيد:

" مقرفة؟! حقاً!! هل تسمين هذا المشروب المنعش شيء مقرف؟ أتعلمين... لقد عرفت لماذا لم يسبق لكِ تجربته"

قالت بسخرية: " حقاً! لماذا برأيك؟"

أجاب عليها بنبرة مستفزة: " يشربه فقط من يشعر بالانتصار ويحقق مبتغياته"

" وهل تخبرني هكذا بأنك تشعر بأنك انتصرت علي وحققت مبتغياتك!"

تكلمت بابتسامة باردة ليجيبها بهدوء: " أليس هذا ما حدث؟"

توقف عن الكلام وأمسك بيدها التي تلبس بها الخاتم ورفعها قليلاً وأكمل: " ألم أنتصر عليكِ بالفعل؟!"

سحبت يدها بقوة وقالت بغضب باهت: " سبق وحذرتكَ من لمسي"

سحب يولاند يده عندما رأى تعبها وقرر التحدث بهدوء أخيراً قبل أن يغادرا:

" كروستافيا... سأسألكِ سؤالاً وعليكِ أن تجيبي عليه بكل مصداقية"

حدقت بعينيه وهمست في سخرية رغم أن وضعها لا يسمح فهي في أي لحظة ستجد نفسها تعانق الأرضية: " حمستني لأعرف سؤالك"

" أما زال ذلك المدعو جيو في فكرك؟"

سألها مباشرة وهو ينظر إلى عينيها... وكانت ردة فعلها بأن رفعت حاجبها الأيسر من هذا السؤال الغريب الذي تكرر للمرة الثانية على التوالي اليوم... هل الجميع متفق مع عقلها على لدغها؟!

ابتسمت ساخرة فقد تجاوزت مرحلة الصدمة مع إيلين وأجابته:

" عقلي لا يتسع سوى لشيء واحد... وهو القضاء عليكم واحداً تلوَ الآخر"

" إجابة مطمئنة تخبرني أن هناك حماساً قادماً... بالمناسبة ماذا كنتِ تفعلين في مكتب والدي؟"

خرج صوته هادئاً بعد أن شرب المزيد من المشرب فأجابته بعد أن تنهدت وناظرته بأعين نصف مفتوحة: " أنت من كنت خلف الباب قبل العم داركو"

" أجل أنا"

أجاب بابتسامة جانبية فردت في هدوء وهي ترفع كفها إلى جبينها:

" ما دمت تريد المعرفة فسأخبرك... كنت أبحث عن دليل.."

" هل هذا القرار صادر عن عقلكِ فعلاً؟!"

سأل بغرابة وهو يتابع حركات يدها فردت عليه وهي تنزلها وترفع حاجبيها في تأكيد لما تقوله:

" في الحقيقة لا... بل كان صادراً عن الملل"

" اجابة مقنعة... خلت أنكِ قد فقدتِ عقلك!"

" ليس بعد"

هذا ما قالته رغم علمها بأنها تفقد عقلها أحياناً وأحياناً يعود إلى اتزانه معها...

زفرت بتعب وهي تمرر نظرها على الحضور وقد قل عددهم.... كانت ممتنة لهذا لأنها ستغادر قريباً...

"هل تشاجرتِ مع المتوحشة؟"

سمعت صوته الساخر فعادت بنظراتها إليه وقد قطبت حاجبيها في انزعاج وهي ترد عليه بحدة:

" لا أظن أن لك شأناً بهذا.."

" إذن فالإجابة هي أجل.."

اتسعت ابتسامته الساخرة أكثر... كانت تود ضربه بشدة لكنها لا تستطيع حالياً لهذا أجلت ذلك لوقت لاحق....

" فلتظن ما تشاء، رأيك لا يهمني من الأساس.. أريد المغادرة حالاً."

كانت تود الابتعاد لكنه أمسك بذراعها فتوقفت مكانها ولم تكلف نفسها عناء إعادة النظر إليه....

" هذا ما أسعى إليه... حرارتك ارتفعت أكثر وأظن أن صداعك لم يزُل بعد... بات علينا ايجاد حل نهائي له"

قال بشكل جاد وهو ينظر إلى جانب وجهها وأجابت عليه بدورها في سخرية: " لدي الحل النهائي"

سأل مترقباً سماع اجابتها التي توقعها ربما: " ما هو؟"

أجابته من بين أسنانها هامسة: " مسحكم عن وجه الأرض"

أظهر لها شبح ابتسامة بعدما سمع الاجابة وتمتم: " أوه... إذن نحن السبب في صداعك الدائم عزيزتي! هذه معلومة جديدة.."

حرك رأسه مؤيداً وأبدى على وجهه علامات الحيرة بطريقة درامية سرعان ما بدلها عندما نظر إلى والده المشغول مع بعض الرجال وكذلك والدته وشقيقته اللتان كانتا تقفان مع سيدتين وهن يضحكن فاغتنم الفرصة وقال لــ كروس هامساً في أذنها عندما شعر بأنها ستفقد وعيها: " هيا بنا.."

سارا معاً حتى خرجا من الفندق دون أن يلحظهما أحد.... وطلب من الحارس في الخارج احضار سيارته الرمادية سريعاً فنفذ الحارس ولم تمضِ دقيقة حتى أصبحت السيارة أمامهما...










[6:00 pm: -- كندا -- ]

اتصال واحد جعله يفكر في تغيير آخر للعبته... أن يعثروا عليها في هذه اللحظات كان أمراً خارجاً عن التخطيط... ظن أنها ستكون بأمان هنا في كندا لكنه أخطأ في اعتقاده هذا... فها هم رجال فيليب يعثرون عليها.....

" جيـنــا.... أين أنتِ؟"

هتف بصوت جهوري وهو ينظر بكل الاتجاهات من حوله في هذه الغابة... صدقاً!

كيف سيجدها بين هذه الأشجار الكثيفة قبل أن يعثروا عليها وفي مثل هذا الوقت؟!

فور أن أعلمته الخادمة باختفائها من المنزل حتى سارع في حجز تذكرة للسفر إلى كندا...

وعلم منها شخصياً منذ ساعة أنها استطاعت الهرب منهم وقد ضاعت في الغابة وطلب منها الحفاظ على هاتفها قدر الامكان ليتتبع مكانها...

لكنه فقدها منذ عشر دقائق.. خشي أن يكون قد أصابها مكروه... سيقتل نفسه إن حدث فهي أمانة عنده....

خلل أصابع يده اليمنى بخصلات شعره السوداء بينما يده الأخرى تحكم الامساك بالمسدس...

" اللعنة.."

تمتم ثم نادى بأعلى صوته مرة أخرى: " جينا...أجيبيني إن كنتِ تسمعين أنه أنا جيــو"

توقف مكانه عندما شعر بحركة غريبة في الأرجاء... ورفع مسدسه في استعداد لأي خطر.....

قطب حاجبيه عندما توقف الصوت وراح عقله يفكر في حيلة متتبعه وفي كل الاحتمالات لطريقة ظهوره...
لم يفكر طويلاً وتدارك الأمر سريعاً متجنباً برشاقة تلك الرصاصة التي كادت تخترق ظهره من طريده،

وكانت ثلاث رصاصات أودت بالرجل قتيلاً انطلقت من فوهة مسدس جيو، واحدة أصابت يده التي تحمل المسدس والأخيرتان اخترقتا صدره.

استقام جيو بوقفته عندما سقط ذلك الرجل جثة هامدة بلا روح...

" سحقاً"

تمتم بحنق وهو يعدل سترته الجلدية ولولا الحاجة لها لألقاها منذ زمن....

واستدار رغبة في إكمال البحث لكنه وقبل أن يبتعد خطرت بباله فكرة ربما تكون مجدية....

عاد وجثى إلى جوار جثة الرجل وأخذ يفتش في جيوبه حتى وجد ضالته...

وتسللت ابتسامة جانبية إلى محياه وهو ينظر للهاتف في يده وشعر بأنه قد أحرز تقدماً عندما وجده يرن....

وقف على رجليه ورد على الاتصال لكنه لم يتفوه بحرف وأخذ يستمع للطرف الآخر...

" أيها الأحمق أين أنت؟ الفتاة تختبئ في مكان قريب من هنا نريدك لتبحث معنا"

" بل تريدونني لأنهي حياتكم"

بالطبع لم يتفوه بها لكنها كان على وَشَك لولا أنه تدارك نفسه سريعاً.....

" هيه هل أكلم أبكم؟ قلت لكَ تعال إلينا"

اعتلت ملامحه علامات الانزعاج من صوت ذلك الرجل وشعر بالاشمئزاز من اللغة التي يتحدث بها لكنه وجد نفسه مجبراً على التحدث بالإنجليزية:

" إلى أين؟"

سأل وكان قد وضع يده على الهاتف محاولاً تغيير صوته ويبدو أن الأمر نجح فها هو الطرف الآخر يعلق بصراخ:

" هل تسأل حقاً؟ سحقاً لغبائك... ارجع إلى حيث كنت"

" وأين كنت؟ لقد ضعت هنا"

قال جيو وهو يتوعد في نفسه بتلقين هذا المزعج درساً فهو قد لوث مسمعه بصوته البشع..

" غبي.."

تمتم الرجل وأكمل بصوت هادئ: " سأطلق رصاصة في الهواء تتبع الصوت فقط"

" حسناً"

أغلق جيو الهاتف وكادت تنفلت منه ضحكات صاخبة لكنه كتم صوته ليسمع صوت الرصاصة.. ولم يطل انتظاره...

التفت إلى جانبه الأيسر وأخذ طريقه بالركض إلى هناك وعنصر الحذر لم يغب عن ذهنه....

بينما كان يفكر أنه لم يكذب عندما قال أنه أضاع طريقه فذاك الرجل ظهر من مكان والآخر دله على مكان آخر.....

ركض ما يقارب الخمس دقائق حتى توقف أخيراً خلف شجرة عملاقة وعلى مرأى بصره ستة رجال يقفون بأنحاء متفرقة عن بعضهم وكل واحد منهم ينظر في اتجاه....

لقد وجدهم لكنه لن يتسرع، قالوا أنها في مكان ما قريب منهم.. سينتظر قليلاً وكخطوة حذرة كتم صوت هاتف الرجل ووقف يراقب بصمت لدقيقة لكن ما من جديد...

مل من الوقوف فاستأنف عملية البحث عنها لكنه لم ينادي باسمها بل أكمل في صمت وحذر فقبل أن يخطو يتفقد الطريق أمامه ممرراً بصره في الأرجاء......

أين يمكن أن تكون؟ ابتعد عن المجموعة وأخذ يبحث عن مكان يمكن استعماله للاختباء لعله يجدها به...

سار بين الأشجار المتلاصقة والمكان بدأ يظلم..... نظر إلى ساعته ليجدها تشير للسادسة والنصف...

" هذا رائع.."

توقف مرة أخرى بين الأشجار ورمى نظرة إلى السماء وكما هو طبيعي لم يستطع رؤيتها بشكل جيد بسبب كثافة الأشجار..... أعاد نظره مرة أخرى إلى الأمام وأكمل السير بمهل.....

وتقدم أكثر حيث أخبره حدسه ليصل إلى مسامعه صوت جدول مياه... بالتأكيد ستكون هناك...

جينا شابة ذكية وستستخدم عقلها للهروب من هذه المشكلة....

ركض بسرعة ليصل إلى جدول المياه وبينما هو يركض رن الهاتف مرة أخرى.... توقف وأخرجه من الجيب الداخلي لسترته الجلدية.... كان ذلك الرجل نفسه...

فتح الخط ووضع الهاتف على أذنه وأكمل سيره ليكسب الوقت..

" أيها الأحمق لما لم تأتي بعد؟ فرصتنا في العثور عليها باتت ضئيلة.."

" أنا أبحث عنها أيضاً لن نستفيد شيئاً إن بقينا معاً.."
" وأين تبحث أنت؟"

" لا علم لي لكنني قريب منكم.."

" إن عثرت عليها أخبرنا.."

" بكل تأكيد"

سيكون هذا في حلمهم... فكر بملل وهو يغلق الهاتف ويعيده إلى جيبه...

المهم أنهم حتى الآن لم يعثروا عليها أو هذا ما يظنه!

وصل أخيراً إلى الجدول، توقف وجال ببصره في المكان باحثاً عن كوخ صغير أو ربما جبل أو أي مكان يساعد على الاختباء...

كان يسير على امتداد الجدول عندها سمع أصوات أقدام عديدة تقترب منه بسرعة....

قطب حاجبيه وأخذ يفكر... هل يعقل أن تكون جينا؟ لكن هناك أصوات عديدة.....

توقف ثانية واتسعت عيناها عندما أدرك أنه فوت جزءاً مهماً.....

لن يستعمل فيليب رجالاً حمقى لهكذا مهمة قطعاً....

وأخذ يركض سريعاً وهو ينادي عليها بأعلى صوته متعمداً.....

حتماً هذا ما حدث.... ما داموا انطلقوا في البحث عنها مرة أخرى فلا ريب في أنهم وجدوا جثة رفيقهم وأدركوا خدعته.....

هناك احتمال أن يكونوا قد عثروا على جينا من قبل وهم الآن يلاحقونه وهناك احتمال أنهم لم يعثروا عليها بعد ويلاحقونه هو.. في كلتا الحالتين تم اكتشافه وحان وقت المواجهة....

كان اتصالهم الأخير فقط ليصرفوه عن فكرة كونهم اكتشفوا أمره... كيف غاب عن عقله أن يكون فيليب قد عين رجالاً ماهرين في مثل هذه الأمور؟

لا فائدة الآن من اخفاء نفسه ولم يجد ضيراً في الصراخ باسمها فعاجلاً أم آجلاً عليه مقابلتهم وقتلهم جميعاً.. ورسم بعقله خطة سريعة ربما تكون عملية في مثل هذا الوقت داموا مجموعة من الرجال الفطنين!

أزال كل شيء احتاج إليه من سترته وكان متحمساً للفكرة لأنه أخيراً سيتخلص منها وأبقى على غرض واحد لاستعماله ونزعها عنه ليبقى بقميص قطني بلا أكمام أسود اللون ولف السترة على خصره واستمر بالركض....

~

" يا مرحباً بالبطل المغوار..."

توقف جيو مكانه وابتسامة جانبية ظهرت على محياه بينما ملامح وجهه باتت غامضة....

لقد عثروا عليه و يا لسعادته....

رفع يده ليبعد خصلات شعره المظلمة المتمردة عن وجهه واستدار ليرى رجلين يقفان على بعد ثلاثة أمتار منه...

وبقية الرجال دون أن يفكر حتى علم أين يمكن أن يكونوا....

نظر إلى يمينه ليجد الأربعة يقفون معاً يشكلون حاجزاً أمام شيء ما وعرف مباشرة ما الذي يخفونه...

استدار مرة أخرى للرجلين عندما سمع صوت ضحكات أحدهما وكان يمتلك شعراً أشقراً.. وخمن جيو ربما يكون هذا القائد لأن البقية يقفون كالتماثيل ولا يبدون أي ردات فعل...

" هل ظننت حقاً أننا مجموعة من المغفلين لنسمح لقط لا يمتلك عقلاً بأن يعبث معنا؟"

تكلم أشقر الشعر وقهقه ساخراً وهو يرمي جيو بنظرات استخفاف...

فهم جيو ما يرمي إليه ذلك الرجل فقد كان يقصد ملبسه وفي مثل هذا الجو في كندا...

" لن أخفي عليك فأنا ظننت ذلك فعلاً"

نطق مستهزئاً وهو يحكم قبضته اليسرى على مسدسه...

وابتسم الرجل الأشقر وقد بدا أنه يكبر جيو ربما بسبع أو ثماني سنوات وتحدث بشر:

" أعتذر حقاً لأننا خيبنا آمالك"

" من يعلم!"

نطق جيو وهو يرفع حاجبيه باستخفاف وشعر بأنه استفز الأشقر الذي قال بحدة:

" كنت أعلم منذ وصلني صوتك عبر الهاتف أنك شخص متطفل... وأخشى أن عليك دفع ثمن تطفلك"

" ومن قال لكَ أنني المتطفل هنا؟... لا يا صديق أنا هنا من سينهي حياتك"

قالها ببرود وقبل أن يسمع صوت الرجل مرة أخرى أراد انهاء هذه المهزلة قبل أن يظلم المكان أكثر فيزداد خطورة......

رفع مسدسه في الهواء ليطلق رصاصة لكن ما من رصاصة خرجت وبدل من ذلك انطلقت ضحكات قائدهم الساخرة ولم يعلم ما كان يجول في بال جيو...

" أوه كم هذا مؤسف... هل أنهيت رصاصاتك على أضعف رجالنا"

" وما شأني إن كان بعض البشر لا يحسنون استخدام عقولهم في بعض الأحيان؟ أؤكد لكَ أنني أدركت لتوي أنني منهم"

وليكمل دوره بشكل جيد أظهر تكشيرة درامية على وجهه وألقى مسدسه الفارغ على الأرض...

" أنا حقاً لا أعلم ما علي فعله الآن... انتظروا قليلاً لأفكر ورجاءً أخفضوا مسدساتكم عن وجهي فهي تربكني"

" يبدو أنكَ شخص ظريف جداً لكن مع الأسف ليس لدينا الوقت للعب معك"

" هذا غير عادل وأنا الذي ظننت نفسي ذكياً"

علق بتذمر أبله ومصطنع وزم شفتيه متضايقاً وعيناه تلاحقان حركات الأشقر أمامه والذي أخذ طريقه إليه وتكسوا شفتيه ابتسامة شر....

هنا حان الوقت....

رفع جيو يده اليمنى مبتسماً بمكر وبحركة خاطفة سحب السترة عن خصره ورماها بقوة في الهواء تحت نظرات الرجال المستغربين من فعله وبدون أن يلاحظوا المسدس في جيبه الأيسر من بنطاله أخرجه وهو متأكد أن عقولهم تحاول تحليل سبب ما قام به فها هو القائد يقف مكانه مقطباً حاجبيه وجميعهم اتخذوا من وقفاتهم وضعيات استعداد لأي هجوم....

ولأن الوقت لن يسعفه إن تأخر تسللت يده اليمنى وضغط على جهاز ما في جيب بنطاله ودوى صوت انفجار كبير في الهواء وتحولت سترته إلى أشلاء....

كل هذا كان في ثوانٍ معدودة واستغل فرصة تشتت الرجال وأطلق سراح رصاصاته ولم يحتج لأكثر من خمسة رصاصات لتصيبهم في مقتل....

لم يكن هدفه من تفجير سترته سوى تشتيتهم وقد نجح لكنه لم يسلم من رصاصة انطلقت من قائدهم......

عقد حاجبيه وشتم بغضب عندما اخترقت الرصاصة ذراعه اليمنى لكنه لم يبالِ بها واستمر برمي رصاصاته باتجاه القائد الأحمق الذي اختبئ خلف إحدى الأشجار في طريقه والبقية أخذوا نصيبهم من جيو....

خلف الانفجار دخاناً لا بأس به وحاول جيو استغلاله لصالحه.....

تبقت له ثلاث رصاصات إن خسرها فسيعلم أنها نهايته، والحكمة خير سلاح في هذا الوقت.....

أظلم المكان أكثر ولم يعد للقائد أي أثر...

بقي واقفاً مكانه يركز نظراته في تلك البقعة التي اختفى بها الأشقر وأخذ الدخان يتلاشى...

" سحقاً... أظهر نفسك أيها الفأر الجبان"
صرخ جيو حانقاً ولم يعد بوسعه تجاهل ألم ذراعه وقرر أخيراً التقدم غير مبالٍ بالعواقب...

إن كان يحضر له ذلك الرجل مكيدة فسيذهب لمقابلتها ولا بأس في ذلك...

" أظهر نفسك أيها الوغد"

صرخ من جديد وهو يتقدم بحذر إلى حيث لا يعلم....

" جـــيــــــو لا تقترب أكثر سيقتلك"

اتسعت عيناه في صدمة حال اختراق ذلك الصوت الباكي مسمعه، إنه صوت جينا! إذن هي معه؟

" جينا هل أنتِ بخير؟"

لم يستمع لتحذيرها وتقدم أكثر وكما توقع لم يسمح لها ذلك الرجل بالكلام أكثر وتسلل القلق إلى روحه.. خشي أن يصيبها مكروه....

تمكنوا من خداعه تماماً، لم تكن جينا خلف ذلك الجدار البشري كما توقع بل هي في مكان آخر...

يلعب مع شخصٍ محترف.... اعترف بداخله مغتاظاً وأخذته رجلاه إلى حيث سيكونان وجهز مسدسه لأي طارئ......

" لقد مللت يا رجل دعنا نرى من سيستطيع قتل الآخر ولننتهي"

هتف جيو بملل وتوقف عن التقدم....

نظر لساعة معصمه وكانت تشير للسابعة والنصف.....

أمضى ساعتين بين تلك الأشجار يبحث حتى أخذ من رؤيتها اكتفاءً يكفيه لسنة....

زفر بملل وكاد يصرخ غاضباً لكنه تراجع عندما قرر الآخر الظهور أخيراً...

" أجل أحدنا سيقتل الآخر وكن واثقاً أنني من سيقوم بذلك"

لم يركز على ابتسامته الشريرة، أخذ بصره طريقاً محدداً وانحصر على تلك الشابة الهزيلة وعلى وجهها الشاحب الباكي.... كانت تحاول التملص من الرجل عبثاً..

حاولت التكلم بإصرار لكنه لم يفهم ما تريد فذلك اللاصق يمنعها.....

ستنهار في أي لحظة وهو الأعلم بحالتها من غيره....

إن أصابها الإغماء حالياً فسيصب ذلك في صلحه لأن الرجل سيتركها على الأرض حالاً لكن السؤال هنا هل عليه انتظار حدوث ذلك؟

" أتركها أيها الحقير"

خرج صوته مشبعاً بالملل وأتاه رد الأشقر الساخر:" يا لك من مضحك وهل تريدني أن أسلمها لك "

" لا بأس في ذلك"

خرجت من بين أسنانه وما عاد بمقدوره الثبات أكثر....

تقدم خطوتين فصرخ به الرجل:" سأقتلك يا رجل"

" افعل ذلك إذاً"

تمتم جيو وهو يواصل التقدم ببطؤ ولاحظ التوتر على وجه الآخر ولتوه فهم ما يحدث وابتسم لهذا الأمر...

" لا تريد قتلي صحيح.... يريد منك سيدك أن تتركني على قيد الحياة ليقوم بقتلي بنفسه"

ابتسم جيو ببلاهة وهو يتقدم أكثر وجهز اصبعه ليطلق النار...

" الزم مكانك وإلا قتلتها"

صرخ الرجل غاضباً فأجابه جيو كمن يلقي الماء على النار:

" افعلها إن كنت تجرؤ"

واخترقت رصاصة جيو وسط رأسه بدقة رجل محترف في التصويب دون أن يؤذي جينا وركض لها ليحملها قبل سقوطها على الأرض مغشياً عليها....

أغمض عينيه متألماً عندما بذل جهداً وهو يرفعها بين يديه.... رغم أن ما من أحد يحتاج لذلك الجهد لكي يحمل هذه الهزيلة إلا أنه احتاج بسبب إصابته..

اصطبغت ذراعه المكشوفة باللون الأحمر، وانساب الدم بخطوط عشوائية على ساعده ليصل إلى أطراف أصابعه، أين بدأت الدماء تقطر على الحشائش القصيرة والأغصان اليابسة، ولوثت في طريقها بنطال جينا الذي كان أبيضاً قبل أن تغطيه أتربة الغابة.

ابتلع ريقه وتنفس الصعداء براحة وأزال اللاصق عن فمها بخفة وأخذ طريقه ليخرج من الغابة..

كانت تتمتم بما لم يفهمه جيو... دفعه هذا إلى النظر إلى وجهها المرهق ورق قلبه لحالتها التي آلت إليها منذ خمس سنوات في سان بطرسبورغ...

انقلبت حياتها رأساً على عقب وابتسم ساخراً لهذه الفكرة...

ليست جينا وحدها من انقلبت حياتها بل هو كذلك، منذ مقتل صديقه وحتى هذه اللحظة وهو يعيش حياة مزدحمة.

لم يعد جيو ذاك الذي كان يلهو بحياته دون هدف واضح وأصبح لديه مسؤولية لم يكن ليختارها لو طرحت عليه..

الزمن يخبئ لنا الكثير.. حقيقة أدركها في تلك السنة...

ظن أن هذه المعضلة ستنتهي بمجرد التخلص من فيليب لكن الأمر طال فذلك القط لم يشرف جيو بزيارة واحدة وحتى أن شكله ما زال مجهولاً له ومن الغباء الاعتقاد أن فيليب هو اسمه الحقيقي...

أسباب كافية لجعل المسألة تطول حتى هذا الوقت!

لم يكذب أو يبالغ من قال أن من بين ذراعيه شبيهة كروس فملامحها تشبه تلك الأخيرة على نحو عجيب، ولكن كان هناك فروق عديدة لمن يمتلك تلك النظرات الحادة الناقدة، كما هي حاله، حتى مناسا شقيقته لم تلاحظ الاختلاف في عيناهما، كروستا تمتلك عينين داكنتين متسعتين على خلاف جينا، وأنفاً أدق..... وشفاهاً مكتنزة!

أغمض عينيه في هذه اللحظة وأطاح تلك الأفكار من جنبات عقله!

كما لو كانت بحيرة المشاكل لا تكفيه لتظهر له معضلة جديدة والصدف التي يلاقيها تكاد تصيبه بالجنون.... كروستافيا! عزيزته التي سرقت تفكيره إلى حيث المجهول...







انتهى









[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]









__________________



"وَالعقلُ استَلهَمَ مِنّا عِصْيانَ الأفُقِ فَزال مُخلفّاً بُرودَة بلوتُو"
سبحان الله-الحمدلله-لا اله الا الله-الله اكبر


التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 03-08-2017 الساعة 07:41 PM
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 03-07-2017, 11:38 PM
 
حجز. لبارت خارق...!

أجدتِ
Nor*! likes this.
__________________
















إخوتي
إني أغضب لأجلكم و منكم
و أحزن لأجلكم و بسببكم
و أبتهج لأفراحكم و تفائلكم

فتحملوا أخوتي هذه
هي كل ما لدي لكم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مُستهّلٌّ ملائكيّ ~رماد تختبئ تحته النار~ Krustavia روايات الأنيمي المكتملة 221 01-21-2020 09:44 PM
حط صورة الانمي اللي تحبه وصف اللي تحبه فيه واكثر شخصيه تحبها فيه LAVANIT أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 11 01-21-2012 01:21 PM
انا اقول ان النار لا تخلف رماد ..انت ماذا تقول ..شاركني برايك لـواء حوارات و نقاشات جاده 4 08-07-2010 12:41 AM
المؤثرات البشريه حيث تختبئ الحقيقة المره *sousou* نور الإسلام - 0 07-02-2010 12:33 PM
رماد من تحته جمر مشتعل Mindhacker خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية 1 06-09-2008 02:08 PM


الساعة الآن 12:13 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011